|
|||||||
| الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
كن عصاميا ولا تكن عظاميا مصطفى قاسم عباس كان أبي... كان جَدِّي... وفي كلِّ مجلس ومَحفلٍ: كان أبي وكان جَدِّي... وإذا ما تفاخَر ذوو الفخر وأُولو المجْد، نراه يتبجَّح بأعلى صوته ويقول دائمًا: كان أبي وكان جَدِّي... ويبقى السؤال: صحيحٌ أنهما كانا وكانا، ولكنْ مَن أنت؟ وهل تَسير على ذات الدَّرْب الذي سار عليه أبوك وجَدُّك؟ إذا كُنتَ كذلك - وكان الدرْبُ الذي ساروا عليه قبْلك دربَ أخلاقٍ وعِلم ورقيٍّ وسُموٍّ وأدبٍ - فأنت نِعْم الخلفُ لخير سلفٍ، ولكنَّ المُشكلةَ تَكمُن في مَن يَفتخر في كل مَجلس بأبيه وجَدِّه، وهو بعيد كلَّ البعد عن نهْج أبيه ونهْج جدِّه! وجميعنا نحفظُ بيت ابن الورْدي في لاميّته المشهورة عندما يقول: لَا تَقُلْ: أَصْلِي وَفَصْلِي أَبَدًا ![]() إِنَّمَا أَصْلُ الْفَتَى مَا قَدْ حَصَلْ [1] ![]() ونحن لا نُنكِر طبعًا أنَّ صلاحَ الآباء فيه صلاحٌ للأبناء؛ لأنَّ المتأمِّل في القرآن الكريم يرى أنَّ الله تعالى حَفظَ الأبناء لصلاح الأب، وذلك عندما قال في سورة الكهف: ﴿ وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْرًا ﴾ [الكهف: 82]. وجميعُنا نَعلم أنَّ أفضلَ شيء يَرثه الولدُ عن أبيه هو الصَّلاحُ والذكْرُ الحسنُ، وأنَّ على الولد الصالح أن يُحيِيَ فِعال أبيه، ويكونُ ذلك بأن يُتمَّ الولدُ بناء صرْح الأخلاق الحميدة الذي بدأ به أبوه؛ كما قال الشاعر: إِنَّمَا الْمَجْدُ مَا بَنَى وَالِدُ الصِّدْ ![]() قِ وَأَحْيَا فِعَالَهُ الْمَولُودُ ![]() وهُناك مِن الشُّعراء مَن قال في خِلافهِ: لَئِنْ فَخَرْتَ بآباءٍ ذوِي شرفٍ ![]() لَقْدْ صَدَقْتَ، وَلَكِنْ بِئْسَ مَا وَلَدُوا[2] ![]() وقريبٌ منه كذلك قولُ بعضهم: أَبُوكَ أَبٌ حُرٌّ، وَأُمُّكَ حُرَّةٌ ![]() وَقَدْ يَلِدُ الْحُرَّانِ غَيرَ نَجِيبِ ![]() فالإنسان هو الذي يَختار لنفسِه، فإمَّا أنْ يَكون الأولَ فيتابعُ بناءَ مجد أبيه، وإما أن يكون الثانيَ فلا يَبني لنفسِه مجدًا، بل لعلَّه يَهدِم بسوء فِعاله مجْد أبيه الذي بناه في سنوات وسنواتٍ! وكثيرًا ما يُطرح التساؤل التالي: أيُّهما أهمُّ: أدبُ الرجل أم حسَبُه؟ وهل الأدب يُغني عن رِفعَة النَّسَب والحسَب؟ أجاب بعضهم بالآتي: الأدبُ كالحسب، قيل: مَن نَهَض به أدبُه، لم يَقعُد به حسبُهُ. وقيل: شرفُ الحسَب يَحتاج إلى شرفِ الأدَب، وشرفُ الأدب مُستغنٍ عن شرَف الحسَب. وقال الأحنف: مَن لم يَكن له عِلمٌ ولا أدبٌ، لم يكن له حسَبٌ ولا نسَبٌ. وقال شاعرٌ: مَا ضَرَّ مَنْ حَازَ التَّأَدُّبَ وَالنُّهَى ![]() أَلَّا يَكونَ مِنَ الِ عَبْدِ مَنَافِ؟ [3] ![]() وكذلك قال الشاعِر: كُنِ ابْنَ مَنْ شِئْتَ وَاتَّخِذْ أَدَبًا ![]() يُغْنِيكَ مَحْمُودُهُ عَنِ النَّسَبِ ![]() إِنَّ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ: هَا أَنَا ذَا ![]() لَيْسَ الْفَتَى مَنْ يَقُولُ: كَانَ أَبِي [4] ![]() والإنسانُ العاقل اللبيب، حتَّى وإن كرُم حسبُهُ وطابت أرُومتُهُ، فإنه لا يتَّكل على أحسابه، ولا يَعتمِد على أنسابه، بل عليه أن يُكَوِّنَ لنفسِه شخصيَّةً فاعِلة مؤثِّرةً في المجتمع، ومِن جميل الشِّعر في هذا المعنى قولُ عبدِ اللّه بن معُاويةَ بنِ عبد اللّه بن جعفر: لَسْنَا وَإِنْ أَحْسَابُنَا كَرُمَتْ ![]() يَومًا عَلَى الْأَحْسَابِ نَتَّكِلُ ![]() نَبْنِي كَمَا كَانَتْ أَوَائِلُنَا ![]() تَبْنِي ونَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلُوا [5] ![]() يتبع
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |