![قديم](images/statusicon/xpost_old.gif.pagespeed.ic.Gc9m8m3QsE.png)
13-04-2020, 04:02 AM
|
![الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم](ximage.php,qs=088a6a56f8f0bc41d2dd5289c41527f6,au=280798,adateline=1557965664.pagespeed.ic.lpMd0L6fVi.jpg) |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,776
الدولة :
|
|
روضة الأعذار
روضة الأعذار
نبيل بن عبدالمجيد النشمي
قال - تبارك وتعالى -: ﴿ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 184].وقال - تبارك وتعالى -: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [البقرة: 185].وقال - تبارك وتعالى -: ﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾ [الحج: 78].وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا نسي أحدكم فأكل، أو شرب، فليتمَّ صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه))؛ متفق عليه[1].وعن أبي هريرة عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((دعوني ما تركتكم، إنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتُكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم))؛ رواه البخاري (4: 422) وكذا مسلم (7: 91).الكمال عزيز والنقص ملازِم لبني آدم لا ينفك عنهم، والشريعة رحمة وواقعيَّة، فلا تكليف بما لا يُطاق، ولا مؤاخذة على النسيان والخطأ، والنقل الصحيح لا يُخالِفه العقل السليم، ومن ذلك الباب كانت روضة الأعذار للصائم في رمضان حتى لا يقع في الحَرَج أو الأضرار.روضة الأعذار لها حالها الخاص وأحكامها، أنعم الله بها على مَن يتلبَّس بأسبابها من عباده، وأكرمهم، حتى لا يُقلِقهم حالهم أو يلومهم غيرهم.روضة الأعذار حقيقتها فسحة وتخفيف، ومقصودها مراعاة أحوال المكلَّف رحمة من رب العالمين، وهديها إعلام الأنام بيُسْر الإسلام.يدخلها عبادة من وقَع في دواعيها، لا فرْق بينه وبين غيره، ولا حرَج في دخوله، فهي لإسقاط المشقة، وتقدير الحال والتعامل مع الواقع بواقعيَّة، فالتكليف ليس للتعذيب، وإنما لتعبيد الخلق للخالق، والعمل بالرُّخص الشرعية عبودية، فالله يحب أن تؤتى رُخصُه كما تؤتى عزائمه، والخالق أعلم بخلقه.وهذه الروضة أسبابها متقلِّبة وأبوابها مختلفة بين سفر ومرض، ومنها ما يَخُص النساء من حيض ونفاس، فمن وقع في شيء من ذلك، فالشرع يقول له: أفطِر ولا تُجهِد نفسك، فالإسلام محتاج إلى قوتك، وإذا بلغ حدَّ الهلاك وجب على من به عُذر أن يُفطِر وإلا وقع في الإثم وإن أراد الأجر، ومَن استطاع الأمرين، فله الجواز، لكن اتباع الشرع أولى.وللتفصيل في فن هذه الروضة يُبحث في مظانها من كتب الفقه، غير أننا نشير إلى نعمة المولى الكريم على عباده في هذا الدين الجليل، وبما يَخُص هذا الشهر الكريم.روضة الأعذار في غير باب من أبواب العبادة، وليس في الصوم فقط، وكأنها تَرُد على أولي التنطُّع تنطُّعَهم؛ فالله بعباده أرحِم، وترفض توسِعة أهل البدع، فالإسلام يؤخذ من مصدره الأصل لا من ذوقيات ومنامات ما أنزل الله بها من سلطان.وبالمقابل مَن ترخَّص من غير رخصة وتلاعب بالفرائض فقد تعدَّى: ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1]، وهو على خطرٍ عظيم وباب من الفتنة كبير: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].روضة الأعذار تحقيق لقول الرحيم الرحمن: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ﴾ [البقرة: 286]، وتطبيقًا لقوله: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16].روضة الأعذار لأصحاب الأعذار حتى لا يدخلهم حزنٌ، ولا يعتريهم همٌّ بسبب ما يفوتهم من كمال الطاعات، فما هم فيه حُكم من الله - تبارك وتعالى- ولذلك وضع لهم أحكامًا خاصَّة تُخرِجهم من الحَرجِ وتريحهم من العناء والتعب، فصاحب المرض - مثلاً - رحمه الله - تبارك وتعالى - بأن خفَّف عنه الفرض، وأسقط عنه الوجوب الفوري، ومتى شفاه الله - تبارك وتعالى - ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]، وأما من لا يُرجى شفاؤه، ويدوم مرضه فليُطعِم عن كل يوم مسكينًا مقابل صومه، وهو بذلك قرير العين راضٍ بحكم الله - تبارك وتعالى - الحَكم العدل.روضة الأعذار نعمة تستحِقُّ الشكر، ودرسٌ لمن في عقله لسعة تغريب من مشقة الدين وصعوبة الأحكام أن الله - تبارك وتعالى - رخَّص لأصحاب الأعذار، لكن ما حيلتنا لمن في قلبه مرض وفي عقله ضربة من هذيان.روضة الأعذار هدية اللطيف الخبير بعباده، السميع المجيب، فاقبَلوا هديته - رحمكم الله.اللهم تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، وتُبْ علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم تقبَّل منا اليسير، وسامحنا على التقصير.
[1] البخاري (1797) مسلم (1952).
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|