|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثالث صـ 511 الى صـ 515 الحلقة (101) [ ص: 511 ] وقال الحاكم: هذه الآية تدل على أن من أكبر الذنوب عند الله أن يقال للعبد: اتق الله! فيقول عليك نفسك.... قال الزمخشري: ومنه رد قول الواعظ. وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى: وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير ولما أتم تعالى الإخبار عن هذا الفريق من الناس الضال، أتبعه بقسيمه المهتدي. ليبعث العباد على تجنب صفات الفريق الأول، والتخلق بنعوت الثاني فقال: القول في تأويل قوله تعالى: [207] ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد . ومن الناس من يشري نفسه أي: يبيعها ببذلها في طاعة الله: ابتغاء مرضات الله أي: طلب رضاه: والله رءوف بالعباد حيث أرشدهم لما فيه رضاه، وأسبغ عليهم نعمة ظاهرة وباطنة، مع كفرهم به، وتقصيرهم في أمره. لطيفة: قال بعضهم: كان مقتضى المقابلة للفريق الأول أن يوصف هذا الفريق بالعمل الصالح مع عدم الدعوى والتبجح بالقول، أو مع مطابقة قوله لعمله، وموافقة لسانه لما في جنانه! والآية تضمنت هذا الوصف وإن لم تنطق به. فإن من يبيع نفسه لله، لا يبغي ثمنا لها غير مرضاته، لا يتحرى إلا العمل الصالح، وقول الحق والإخلاص في القلب، فلا يتكلم بلسانين، [ ص: 512 ] ولا يقابل الناس بوجهين، ولا يؤثر على ما عند الله عرض الحياة الدنيا... وهذا هو المؤمن الذي يعتد القرآن بإيمانه... وقد أخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده، وابن أبي حاتم ورزين عن سعيد بن المسيب قال: أقبل صهيب مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاتبعه نفر من قريش، فنزل عن راحلته، وانتثل ما في كنانته ثم قال: يا معشر قريش! لقد علمتم أني من أرماكم رجلا. وايم الله! لا تصلون إلي حتى أرمي كل سهم معي في كنانتي، ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيء، ثم افعلوا ما شئتم، وإن شئتم دللتكم على مالي بمكة وخليتم سبيلي؟ قالوا: نعم! فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: « ربح البيع، أبا يحيى! ربح، أبا يحيى...! » ونزلت: ومن الناس من يشري نفسه الآية. وأخرج الحاكم في " المستدرك " نحوه من طريق ابن المسيب عن صهيب موصولا. وأخرجه أيضا من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس. وفيه التصريح بنزول الآية، وقال: صحيح على شرط مسلم وروي أنها نزلت في صهيب وغيره، كما روي في نزول الأولى روايات ساقها بعض المفسرين. ولا تنافي في ذلك، لأن قولهم: نزلت في كذا، تارة يراد به أن حالا ما كان سببا لنزولها، بمعنى أنها ما نزلت إلا لأجله، وهذا يعلم إما من إشعار الآية بذلك، أو من رواية صح سندها صحة لا مطعن فيه. وتارة يراد به أنها نزلت بعد وقوع شأن ما تشمله بعمومها. فيقول الراوي عقيب حدوث ذلك الشأن: نزلت في كذا، والمراد: أنها تصدق عليه لا أن ذلك الشأن كان سببا للنزول... وما روي في هذه الآية من هذا القبيل. وإلى هذا النوع أشار الزركشي في " البرهان " بقوله: قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم، لا أن هذا كان السبب في نزولها. فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية، لا من جنس النقل لما وقع.... [ ص: 513 ] وقد قدمنا أن سبب النزول مما يدخله الاجتهاد. وأن لا يعول منه إلا على ما صح سنده. وما نزل عنه وارتقى عن درجة الضعف بتفقه فيه.. فاحرص على هذا التحقيق. وقد أسلفنا في المقدمة البحث فيه مستوفى. وبالله التوفيق. القول في تأويل قوله تعالى: [208] يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين . يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم - بكسر السين وفتحها مع إسكان اللام، فيهما قراءتان سبعيتان - أي: في الإسلام. قال امرؤ القيس بن عابس: فلست مبدلا بالله ربا ولا مستبدلا بالسلم دينا ومثله قول أخي كندة: دعوت عشيرتي للسلم لما رأيتهم تولوا مدبرينا قال الرازي: أصل هذه الكلمة من الانقياد. قال الله تعالى: إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين والإسلام إنما سمي إسلاما لهذا المعنى. وغلب اسم السلم على الصلح وترك الحرب. وهذا أيضا راجع إلى هذا المعنى، لأن عند الصلح ينقاد كل واحد لصاحبه ولا ينازعه فيه. ومعنى الآية: ادخلوا في الاستسلام والطاعة، أي: استسلموا لله وأطيعوه ولا تخرجوا عن شيء من شرائعه: كافة حال من الضمير في ادخلوا: ولا تتبعوا خطوات الشيطان أي: طرقه التي يأمركم بها فـ: إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [ ص: 514 ] و: إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير وضم الطاء من خطوات وإسكانها لغتان: حجازية وتميمية. وقد قرئ بهما في السبع إنه لكم عدو مبين ظاهر العداوة أو مظهر لها. أي: بما أخبرناكم به في أمر أبيكم آدم عليه السلام وغيره، مما شواهده ظاهرة. القول في تأويل قوله تعالى: [209] فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فاعلموا أن الله عزيز حكيم . فإن زللتم أي: عن الدخول في السلم: من بعد ما جاءتكم البينات أي: الآيات الظاهرة على أن ما دعيتم إلى الدخول فيه هو الحق: فاعلموا أن الله عزيز غالب لا يعجزه الانتقام ممن زل، ولا يفوته من ضل: حكيم لا ينتقم إلا بحق. وقوله: فاعلموا إلخ نهاية في الوعيد ; لأنه يجمع من ضروب الخوف ما لا يجمعه الوعيد بذكر العقاب. وربما قال الوالد لولده: إن عصيتني فأنت عارف بي وأنت تعلم قدرتي عليك وشدة سطوتي. فيكون هذا الكلام - في الزجر - أبلغ من ذكر الضرب وغيره. فظهر تسبب الجزاء في الآية بما أشعر به من الزجر والتهديد على الشرط المشير إلى ذنبهم وجرمهم. هذا، ومن الوجوه المحتملة في الآية، أن يكون السلم المذكور فيها معناه: الصلح والمسالمة وترك المنازعة والاختلاف. فمعنى: ادخلوا في السلم كونوا متوافقين ومجتمعين في نصرة الدين، ولا تتبعوا خطوات الشيطان بأن يحملكم على طلب الدنيا والمنازعة مع الناس. فتكون الآية حينئذ كقوله تعالى: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم [ ص: 515 ] وقوله: واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وقوله: أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه والله أعلم. ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثالث صـ 486 الى صـ 490 الحلقة (96) وقال الإمام مالك في " الموطأ ": من حبس بعدو فجال بينه وبين البيت، فإنه يحل [ ص: 486 ] من كل شيء وينحر هديه، ويحلق رأسه حيث حبس، وليس عليه قضاء. قال: فهذا الأمر عندنا فيمن أحصر بعدو، كما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك أي: فمن كان منكم - معشر المحرمين - مريضا مرضا يتضرر معه بالشعر ويحوجه إلى الحلق، أو كان به أذى من رأسه - كجراحة وقمل - فعليه إن حلق، فدية من صيام أو صدقة أو نسك. وقد نزلت هذه الآية في كعب بن عجرة الأنصاري رضي الله عنه قال: حملت إلى النبي صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: « ما كنت أرى أن الجهد قد بلغ بك هذا..! أما تجد شاة؟ » قلت: لا! قال: « صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام واحلق رأسك » . فنزلت في خاصة وهي لكم عامة، رواه الشيخان وغيرهما، واللفظ للبخاري. وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون، وقد حصرنا المشركون، وكانت لي وفرة، فجعلت الهوام تساقط على وجهي. فمر علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: « أيؤذيك هوام رأسك؟ » قلت: نعم. فأمره أن يحلق. قال: ونزلت هذه الآية. قال ابن عباس: إذا كان " أو أو " فأية أخذت أجزأ عنك. وعامة العلماء: أنه يخير في هذا المقام: إن شاء صام وإن شاء تصدق بفرق - وهو ثلاثة آصع، لكل مسكين نصف صاع وهو مدان - وإن شاء ذبح شاة وتصدق بها على الفقراء، أي: ذلك فعل أجزأه. ولما كان لفظ القرآن في بيان [ ص: 487 ] الرخصة، جاء بالأسهل فالأسهل. ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن عجرة، بذلك أرشده أولا إلى الأفضل، فقال: « أما تجد شاة؟ » فكل حسن في مقامه، ولله الحمد والمنة. أفاده ابن كثير. تنبيه: استفيد من الآية أحكام: الأول: جواز الحلق من المحرم واللبس للمخيط للضرورة، ووجوب الفدية عليه، وذلك لبيان سبب النزول. الثاني: تحريم الحلق ولبس المخيط لغير عذر، وهذا مأخوذ من المفهوم ; لأنه مصرح به، وذلك إجماع. الثالث: أن الفدية الواجبة تكون من أجناس الثلاثة، وهي: الصيام أو الصدقة، أو النسك، وقد ورد بيانها في حديث كعب. الرابع: أن الفدية واجبة على التخيير كما بينا. قال الراغب: وظاهر الآية يقتضي أنه لا فرق بين قليل الشعر وكثيره، بخلاف ما قال أبو حنيفة رحمه الله، حيث لم يلزم إلا بحلق الثلث. وغيره لم يلزم إلا بحلق الربع. لطيفة: أصل النسك العبادة، وسميت ذبيحة الأنعام نسكا ; لأنها من أشرف العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى. قال أبو البقاء: والنسك - في الأصل - مصدر بمعنى المفعول ; لأنه من نسك ينسك، والمراد به ههنا المنسوك، ويجوز أن يكون اسما لا مصدرا، ويجوز تسكين السين. انتهى. فإذا أمنتم أي: كنتم آمنين من أول الأمر، أو صرتم بعد الإحصار آمنين: فمن تمتع بالعمرة أي: بإحرامه بها في أشهر الحج ليستفيد الحل حين وصوله إلى البيت، ويستمر حلالا في سفره ذلك: إلى الحج أي: إلى وقت الإحرام بالحج: فما [ ص: 488 ] أي: فعليه ما: استيسر أي: تيسر: من الهدي من النعم، يكون هذا الهدي لأجل ما تمتع به بين النسكين من الحل. وفي " النهاية " صورة التمتع أن يحرم بالعمرة في أشهر الحج، فإذا أحرم بالعمرة بعد إهلاله شوالا فقد صار متمتعا بالعمرة إلى الحج وسمي به ; لأنه إذا قدم مكة، وطاف بالبيت، وسعى بين الصفا والمروة. حل من عمرته وحلق رأسه، وذبح نسكه الواجب عليه لتمتعه، وحل له كل شيء كان حرم عليه في إحرامه من النساء والطيب، ثم ينشئ بعد ذلك إحراما جديدا للحج وقت نهوضه إلى منى، أو قبل ذلك، من غير أن يجب عليه الرجوع إلى الميقات الذي أنشأ منه عمرته، فذلك تمتعه بالعمرة إلى الحج، أي: انتفاعه وتبلغه بما انتفع به من حلق، وطيب، وتنظف، وقضاء تفث، وإلمام بأهله إن كانت معه. قال الإمام ابن القيم في " زاد المعاد ": وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ذبح هدي العمرة عند المروة، وهدي القران بمنى. وكذلك كان ابن عمر يفعل. ولم ينحر صلى الله عليه وسلم قط إلا بعد أن حل، ولم ينحره قبل يوم النحر ولا أحد من الصحابة البتة. فمن لم يجد الهدي: فصيام ثلاثة أيام في الحج أي: بعد الإحرام وقبل الفراغ من أعماله، والأولى سادس ذي الحجة وسابعه وثامنه. قال الراغب: إن قيل: كيف قال: في الحج ومتى أحرم يوم عرفة لا يمكنه صيام ثلاثة أيام في الحج لأنه منهي عنه في يوم النحر وأيام التشريق؟! قيل: الواجب على المتمتع أن يحرم بالحج على وجه يمكنه الإتيان بالصيام لثلاثة أيام. وذلك بتقديم الإحرام قبل يوم عرفة. وقد قال ابن عمر وعائشة: يصوم أيام التشريق، ويحملان النهي على صوم أيام منى على غير المتمتع. وسبعة إذا رجعتم أي: إلى أهليكم، أو إذا أخذتم في الرجوع بعد الفراغ من أعمال الحج. قال الراغب: وإطلاق اللفظ يحتمل الأمرين جميعا، فيصح حمله عليهما. [ ص: 489 ] إلا أن الذي يرجح الوجه الأول ما روي في الصحيحين من حديث ابن عمر الطويل وفيه: « فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله » . تلك عشرة فذلك حساب، أي: إجمال بعد تفصيل، وفائدتها: أن لا يتوهم أن الواو بمعنى أو وأن الكلام على التخيير. بل المجموع بدل الهدي..! وأن يعلم العدد جملة كما علم تفصيلا، فيحاط به من وجهين فيتأكد العلم، وفي المثل: علمان خير من علم. فإن أكثر العرب لا يعرف الحساب. فاللائق الخطاب الذي يفهمه الخاص والعام. وهو ما يكون بتكرار الكلام وزيادة الإفهام... وفائدة ثالثة: وهو أن المراد بالسبعة: هو العدد دون الكثرة فإنه يطلق لهما... وفائدة رابعة: أشار لها الراغب وهو: إن قوله: تلك عشرة كاملة استطراد في الكلام، وتنبيه على فضيلة علم العدد، ولذا قيل: العدد أول العلوم وأشرفها. أما أنه أول، فلأن ما عداه معدول منه، وبه يفصل ويميز. وأما كونه أشرف، فلأنه لا اختلاف فيه ولا تغير، بل هو لازم طريقة واحدة، فذكر العشرة ووصفها بالكاملة ; إذ هي عدد كمل فيه خواص الأعداد، فإن الواحد مبدأ العدد، والاثنين أول العدد، والثلاثة أول عدد فرد، والأربعة أول عدد زوج محدود - أي: مجتمع من ضرب عدد في نفسه - والخمسة أول عدد دائر، والستة أول عدد تام - أي: إذا أخذ جميع أجزائه لم يزد عليه ولم ينقص منه - والسبعة أول عدد أول - أي: لا يتقدمه عدد بعده - والثمانية أول عدد زوج الزوج - والتسعة أول عدد مثلث، والعشرة أول عدد ينتهي إليه العدد ; لأن ما بعده يكون مكررا بما قبله، فإذن العشرة هي العدد الكامل... [ ص: 490 ] كاملة صفة مؤكدة لـ (عشرة) تفيد المبالغة في المحافظة على العدد، ففيه زيادة توصية لصيامها، وأن لا يتهاون بها، ولا ينقص من عددها، كأنه قيل: تلك عشرة كاملة، فراعوا كمالها ولا تنقصوها ذلك أي: وجوب دم التمتع أو بدله لمن لم يجد: لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام أي: بل كان أهله على مسافة الغيبة منه. وأما من كان أهله حاضريه - بأن يكون ساكنا في مكة - فهو في حكم القرب من الله، فالله تعالى يجبره بفضله. هذا، وقال بعض المجتهدين: إن ذلك إشارة إلى التمتع المفهوم من قوله: فمن تمتع وليست للهدي والصوم، فلا متعة ولا قران لحاضري المسجد الحرام عنده. وروى ابن جرير عن قتادة قال: ذكر لنا أن ابن عباس كان يقول: يا أهل مكة! لا متعة لكم أحلت لأهل الآفاق وحرمت عليكم، إنما يقطع أحدكم واديا أو قال: يجعل بينه وبين الحرم واديا - ثم يهل بعمرة..! وروى عبد الرزاق عن طاووس قال: المتعة للناس لا لأهل مكة. ثم قال وبلغني عن ابن عباس مثل قول طاووس، والله أعلم. والأهل: سكن المرء من زوج ومستوطن. والحضور: ملازمة الموطن. واتقوا الله - في الجناية على إحرامه -: واعلموا أن الله شديد العقاب لمن جنى على إحرامه أكثر من شدة الملوك على من أساء الأدب بحضرته. وإظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة وإدخال الروعة. ![]()
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير "محاسن التأويل" محمد جمال الدين القاسمي سورة البقرة المجلد الثالث صـ 491 الى صـ 495 الحلقة (97) تنبيهات: الأول: في قوله تعالى: فمن تمتع بالعمرة الآية، دليل على مشروعية التمتع، كما جاء في الصحيحين عن عمران بن حصين قال: أنزلت آية المتعة في كتاب الله ففعلناها مع [ ص: 491 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم ينزل قرآن يحرمه، ولم ينه عنها حتى مات، قال رجل برأيه ما شاء. وروى مالك في " الموطأ " عن عبد الله عن عمر أنه قال: والله! لأن أعتمر قبل الحج وأهدي أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة..!. وفي الصحيحين: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها عمرة » . يعني كما فعل أصحابه صلى الله عليه وسلم عن أمره. الثاني: قال ابن القيم في " زاد المعاد ": قد ثبت أن التمتع أفضل من الإفراد لوجوه كثيرة: منها: أنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ الحج إليه، ومحال أن ينقلهم من الفاضل إلى المفضول الذي هو دونه. ومنها: أنه تأسف على كونه لم يفعله بقوله: « لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها متعة» . ومنها: أنه أمر به كل من لم يسق الهدي. ومنها: أن الحج الذي استقر عليه فعله وفعل أصحابه، القران ممن ساق الهدي، والتمتع لمن لم يسق الهدي. ولوجوه كثيرة غير هذه..!. الثالث: قال الراغب لا يجب الدم أو بدله في التمتع إلا بأربع شرائط: إيقاع العمرة في أشهر الحج والتحلل منها فيه. والثاني: أن يثني الحج من سنته. والثالث: أن لا يرجع إلى الميقات لإنشاء الحج. الرابع: أن لا يكون من حاضري المسجد الحرام. [ ص: 492 ] القول في تأويل قوله تعالى: [197] الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب . الحج أي: أوقات أعماله أشهر وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة. أي: عشره الأول. نزل منزلة الكل لغاية فضله. قال الثعالبي: وقد جاء في تفسير أشهر الحج وعشر ذي الحجة - وفي بعضها تسع - فمن عبر بالتسع أراد الأيام، ومن عبر بالعشر أراد الليالي، ولقوله صلى الله عليه وسلم: « الحج عرفة » . وقد تبينت أنه يفوت الوقوف بطلوع الفجر. وقوله: معلومات أي: قبل نزول الشرع عند الناس، لا يشكلن عليهم. وآذن هذا أن الأمر بعد الشرع على ما كان عليه: فمن فرض أي: أوجب على نفسه: فيهن الحج بإحرامه: فلا رفث أي: فمقتضى إحرامه أن لا يوجد جماع ولا مقدماته ولا فحش من القول: ولا فسوق أي: خروج عن حدود الشريعة بارتكاب محظورات الإحرام، وغيرها كالسباب والتنابز بالألقاب: ولا جدال أي: مماراة أحد من الرفقة والخدم والمكارين: في الحج أي: في أيامه، بل ينبغي أن يوجد فيها كل خير من خيرات الحج، والإظهار في مقام الإضمار لإظهار كمال الاعتناء بشأنه، والإشعار بعلة عدم الحكم ; فإن زيارة البيت المعظم، والتقرب بها إلى الله عز وجل، من موجبات ترك الأمور المذكورة، وإيثار النفي للمبالغة في النهي ; والدلالة على أن ذلك حقيق بأن لا يكون، فإن ما كان منكرا مستقبحا في نفسه، ففي تضاعيف الحج أقبح: كلبس الحرير في الصلاة. لطيفة: قال بعضهم: النكتة في منع هذه الأشياء على أنها آداب لسانية: تعظيم شأن الحرم، [ ص: 493 ] وتغليظ أمر الإثم فيه، إذ الأعمال تختلف باختلاف الزمان والمكان، فللملأ آداب غير آداب الخلوة مع الأهل. ويقال في مجلس الإخوان ما لا يقال في مجلس السلطان. ويجب أن يكون المرء في أوقات العبادة والحضور مع الله تعالى على أكمل الآداب، وأفضل الأحوال، وناهيك بالحضور في البيت الذي نسبه الله سبحانه إليه..! وأما السر فيها على أنها محرمات الإحرام، فهو أن يتمثل الحاج أنه بزيارته لبيت الله تعالى مقبل على الله تعالى، قاصد له، فيتجرد عن عاداته ونعيمه، وينسلخ من مفاخره ومميزاته على غيره، بحيث يساوي الغني الفقير، ويماثل الصعلوك الأمير، فيكون الناس من جميع الطبقات في زي كزي الأموات، وفي ذلك - من تصفية النفس، وتهذيبها، وإشعارها بحقيقة العبودية لله، والأخوة للناس - ما لا يقدر قدره، وإن كان لا يخفى أمره... وما تفعلوا من خير يعلمه الله حث على الخير عقيب النهي عن الشر، وأن يستعملوا مكان القبيح من الكلام الحسن، ومكان الفسوق البر والتقوى، ومكان الجدال الوفاق والأخلاق الجميلة..! وقد روي فيمن حج ولم يرفث ولم يفسق أنه يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه! وذلك، لأن الإقبال على الله تعالى بتلك الهيئة، والتقلب في تلك المناسك على الوجه المشروع، يمحو من النفوس آثار الذنوب وظلمتها. ويدخلها في حياة جديدة: لها فيها ما كسبت، وعليها ما اكتسبت..!: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى [ ص: 494 ] روى البخاري عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقولون: نحن المتوكلون! فإذا قدموا مكة سألوا الناس، فأنزل الله تعالى: وتزودوا فإن خير الزاد التقوى أي: وتزودوا ما تتبلغون به وتكفون به وجوهكم عن الناس، واتقوا الاستطعام وإبرام الناس والتثقيل عليهم: فإن خير الزاد التقوى أي: الاتقاء عن الإبرام والتثقيل عليهم..!. وقال ابن عمر: إن من كرم الرجل طيب زاده في السفر. وكان يشترط على من صحبه الجودة.. نقله ابن كثير. ويقال: في معنى الآية: وتزودوا من التقوى للمعاد. فإن الإنسان لا بد له من سفر في الدنيا، ولا بد فيه من زاد، ويحتاج فيه إلى الطعام والشراب والمركب ; وسفر من الدنيا إلى الآخرة، ولا بد فيه من زاد أيضا وهو تقوى الله، والعمل بطاعته، واتقاء المحظورات..! وهذا الزاد أفضل من الزاد الأول، فإن زاد الدنيا يوصل إلى مراد النفس وشهواتها، وزاد الآخرة يوصل إلى النعيم المقيم في الآخرة..! وفي هذا المعنى قال الأعشى: إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا ندمت على أن لا تكون كمثله وأنك لم ترصد لما كان أرصدا..! وثمة وجه آخر: وهو أن قوله تعالى: وتزودوا أمر باتخاذ الزاد، هو طعام السفر، وقوله: فإن خير الزاد التقوى إرشاد إلى زاد الآخرة، وهو استصحاب التقوى إليها بعد [ ص: 495 ] الأمر بالزاد للسفر في الدنيا، كما قال تعالى: وريشا ولباس التقوى ذلك خير لما ذكر اللباس الحسي نبه مرشدا إلى اللباس المعنوي وهو الخشوع والطاعة، وذكر أنه خير من هذا وأنفع. واتقون يا أولي الألباب أي: اتقوا عقابي وعذابي في مخالفتي وعصياني يا ذوي العقول والأفهام! فإن قضية اللب تقوى الله، ومن لم يتقه من الألباء فكأنه لا لب له..! كما قال تعالى: أولئك كالأنعام بل هم أضل وقد قرئ بإثبات الياء في: {اتقون } على الأصل، وبحذفها للتخفيف ودلالة الكسرة عليه. ![]()
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 20 ( الأعضاء 0 والزوار 20) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |