|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن110 مثنى محمد هبيان (وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰ تَهۡتَدُواْۗ قُلۡ بَلۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِۧمَ حَنِيفٗاۖ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ١٣٥ )[البقرة: 135] السؤال الأول:قوله تعالى في الآية: (قُلۡ بَلۡ مِلَّةَ إِبۡرَٰهِۧمَ حَنِيفٗاۖ) [البقرة:135] ما معنى (حنيفاً)، وما دلالتها؟ الجواب: الحَنفُ: هو الميل عن الضلال إلى الاستقامة، والحَنفُ: الميل في المشي عن الطريق المعتاد، وسُمِّيَ دينُ إبراهيم حنيفاً على سبيل المدح للمِلّة؛ لأنّ الناس يوم ظهور ملّة إبراهيم كانوا في ضلالة عمياء، فجاء دين إبراهيم مائلاً عنهم، فلُقّب بالحنيف لقب مدح. السؤال الثاني: ما الفرق بين الدين والملة والشريعة ؟ الجواب: 1ـ الملة: اسم لجملة الشريعة ، وأصل الملة في اللغة (الملُّ) وهو التكرار من قولك: طريق مليل، إذا تكرر سلوكه ، لذلك (الملة) تفيد استمرار أهلها عليها ، ويقول أحدنا : مللتُ من الأمر إذا كرره كثيراً . وقد وردت في القرآن الكريم ( 15 ) مرة بعدة صيغ ، منها : [ملتنا ـ ملتهم ـ ملتكم ] لكنها جاءت مفردة: ( ملة إبراهيم ـ ملة آبائي إبراهيم) (8) مرات . وجاءت الكلمة أيضاً بمعاني الإملاء من قبل الآخرين ، كما في الآيات : (وَلۡيُمۡلِلِ ٱلَّذِي عَلَيۡهِ ٱلۡحَقُّ ) [البقرة:282]. ( فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا) [الفرقان:5]. ومن ذلك قولهم : أمليت على فلان ، وكذلك مادة الإملاء في المدارس .وجاء في لسان العرب : قوله تعالى : ( حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ ) [البقرة:120] أي : سنتهم وطريقتهم. فكلمة ( ملة ) تستعمل في معنيين : آ ـ طريق يسلكه الناس دائماً . ب ـ أوامر وضوابط يلتزمها الناس ، وقد تم تلقيها من أناس آخرين كالآباء والأجداد ، سواء بالحق أو الباطل، لذا هناك ملة حق وملة باطل . 2ـ الدين: اسم لما عليه كل واحد من أهله، لذلك يقال: فلان حسن الدِّين، ولا يقال: حسنُ المِلَّةِ. والدين فيه معنى الطاعة والخضوع والإلزام ، والدين ما تُدين به نفسك فتخضع وتطيع . وإذا أُطلق الدين فهو الطاعة العامة التي يجازى عليها بالثواب، قال تعالى: (إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ) [آل عمران:19] وإذا قُيد اختلفت دلالته، وقد يسمى الدين والملة باسم الآخر في بعض المواقع لتقارب معنييهما، والدين ما يُطاع فيه المعبود، ولكل واحد منا دين. 3ـ الشريعة: لغة : مورد الماء الذي يؤخذ منه، وهي الطريقة المأخوذ فيها إلى الشيء، وسمي الطريق إلى الماء (الشريعة)، وقيل: (الشارع ) لكثرة الأخذ فيه . ومن هنا جاءت كلمة ( الشريعة ) في الإسلام ، لأنّ الناس تنهل وتأخذ منها كما ينهل الناس من مورد الماء , فهي كالماء للبشر . 4 ـ الملة لا تضاف إلا إلى نبي : ( ملة إبراهيم ) ولا يقال : ملة الله ، بل دين الله . ويقال : فلان حسن الدين ، ولا يقال : حسنُ الملة . وقيل : كل ملة دين ، وليس كل دين ملة . والله أعلم . السؤال الثالث: ما أهم نقاط هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ الآية رقم ( 135 ) ذكرت المخالفة الثلاثين (30 ) لليهود التي ذكرها الله تعالى في سورة البقرة من أصل (32 ) مخالفة ، وهي تحمل مضمون : دعوى أهل الكتاب أنّ الهداية في اتباع دين كل واحد منهما. 2ـ قوله تعالى : (حَنِيفٗاۖ) نصب على الحال من إبراهيم . 3ـ قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام : (وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ) فيه إشارة إلى أنّ كلا الفريقين من اليهود والنصارى مشرك بالله تعالى ، وفيه ثناء على ملة إبراهيم عليه السلام ، وأنها هي الحنيفية السمحة المائلة عن الشرك ، وفيه تعريض لليهود والنصارى بالذم ، وأنهم حرّفوا وبدلوا وأشركوا مع الله غيره . والله أعلم .
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن111 مثنى محمد هبيان ( قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ١٣٦ ) [البقرة: 136] السؤال الأول:جاء في نفس الآية: (أُنزِلَ) و (أُوتِيَ) فما الفرق بينهما في الدلالة ؟ الجواب: الإنزال يأتي من السماء ويستعمل للكتب، أمّا الإيتاء فهو يستعمل للكتب وغيره مثل المعجزات؛ لذلك (الإيتاء ) أوسع من (الإنزال) . في سورة البقرة نجد أنّ حجج موسى عليه السلام لم تكن في الكتاب، وإنما جاءه الكتاب بعدما أُوتي المعجزات . وجدير بالذكر أنه لم ترد في القرآن كله كلمة ( أنزل ) مطلقاً لموسى عليه السلام، وإنما استعملت معه كلمة (أُوتِيَ) . أمّا بالنسبة للرسول ﷺ فقد جاء الفعلان : (وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَٰكَ سَبۡعٗا مِّنَ ٱلۡمَثَانِي وَٱلۡقُرۡءَانَ ٱلۡعَظِيمَ٨٧ ) [الحِجر:87] وقوله : {وَٱلَّذِينَ يُؤۡمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ} [البقرة: ٤] . السؤال الثاني: قوله تعالى في آية البقرة [136] (وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ) وفي آية آل عمران [84] (وَٱلنَّبِيُّونَ) بدون الإيتاء، فلماذا ؟ الجواب: تقدّم آية آل عمران، قوله تعالى: (وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ) [آل عمران:81] فأغنى عن إعادة إيتائهم ثانياً، ولم يتقدم مثل ذلك في البقرة، فصرح به بإيتائهم ذلك . السؤال الثالث: ما الفرق بين (أُنزِلَ إِلَيۡنَا) و(أُنزِلَ عَلَيۡنَا) في آيتي البقرة [136] وآل عمران [84]؟ الجواب: أولاً : استعراض الآيات : (قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ١٣٦ ) [البقرة:136]. (قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ٨٤) [آل عمران:84]. ثانياً : البيان : 1ـ الحرف (إلى) يأتي للغاية أو الوصول، والحرف (على) فيه نوع من الاستعلاء، كما في قوله تعالى: (فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوۡمِهِۦ فِي زِينَتِهِۦ) [القصص:79]. 2ـ آية البقرة [136] فيها دعوة مباشرة لغير المسلمين أنْ يأتوا إلى الإسلام، فهو حديث بشر لبشر فقال المسلمون: (وما أُنزل إلينا) أي: هذا القرآن قد وصل إلينا وتسلمناه وهو خير مما عندكم، فجاءت (إلينا) بمعنى الوصول، ثم عُطف ما بعده عليه، فقال: (وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ) [البقرة:136] . 3ـ آية آل عمران [84] هي في أخذ الميثاق على الأنبياء أنْ يوصوا أتباعهم باتباع النبي محمد ﷺ الذي سيأتي ، وميثاق الله تعالى فيه علو ورفعة، فناسب (وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا) [آل عمران:84] . 4ـ أعاد في آية البقرة كلمة: أوتي (وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ) [البقرة:136] ولم يعدها في آية آل عمران، والسبب أنّ إيتاء النبيين ورد في آل عمران في الآية 81 قوله (لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم) فلم يكررها، بينما هناك لم يذكرها فكررها . السؤال الرابع: هل من زيادة في التفصيل في جواب السؤال السابق ؟ الجواب: قال في آية البقرة: (وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا) وكرر (أُوتِيَ) مرتين. وفي آية آل عمران: (وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا) ولم يكرر (أُوتِيَ). أولاً : معنى الأحرف : (على) موضوعة لكون الشيء فوق الشيء أومجيئه من علو، ومن معاني (إلى) المنتهى أو الانتهاء، كما تقول: سرت من الدار إلى السوق. ثانياً : البيـــان : 1ـ آية البقرة مصدرةٌ بخطاب المسلمين: (قُولُوٓاْ) فوجب أنْ يختار لهم (إلى)؛ فالمؤمنون لم ينزل الوحي عليهم من السماء، وإنما أُنزل على الأنبياء ثم انتهى من عندهم إليهم، فلمّا كان (قُولُوٓاْ) خطاباً لغير الأنبياء، وكان لأممهم كان اختيار (إلى) أولى من اختيار (على). ولمّا كانت سورة آل عمران قد صدّرت بما هو خطاب للنبي ﷺ وهو قوله : (قُلۡ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا) [آل عمران:84] كانت (على) أحق بهذا المكان؛ لأنّ الوحي أنزل عليه. 2ـ أنّ تكرار لفظ (أُوتِيَ) في البقرة يقتضيه التعبير لأكثر من سبب : آ ـ آية البقرة جاءت في سياق ذكر عدد من الأنبياء وأخبارهم، مثل إبراهيم وإسماعيل ويعقوب وبنيه وغيرهم من الأنبياء، فلمّا جرى ذكر الأنبياء السابقين ناسب ذلك تكرار الإيتاء لهم، بخلاف آية آل عمران فإنها ليست في مثل هذا السياق . ب ـ آية البقرة وردت بعد قوله تعالى: (وَقَالُواْ كُونُواْ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰ تَهۡتَدُواْۗ ) [البقرة:135] فلمّا جرى ذكر هاتين الملتين ناسب ذلك تخصيص نبيهما بالإيتاء. ج ـ آية آل عمران وردت بعد أخذ الميثاق من النبيين على الإيمان بسيدنا محمد ﷺ إنْ هم أدركوه، قال تعالى: (وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۧنَ لَمَآ ءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ٨١) [آل عمران:81] . كما وردت في سياق التأكيد على الإسلام والإيمان به فقد قال قبلها : (أَفَغَيۡرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبۡغُونَ وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَإِلَيۡهِ يُرۡجَعُونَ٨٣) [آل عمران:83] وقال بعدها :( وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ٨٥ ) [آل عمران:85] فناسب ذلك عدم تكرار الإيتاء للأنبياء فيها؛ وذلك لأنّ السياق فيما أوتي سيدنا محمد لا فيما أوتي الأنبياء الآخرون. لذلك لمّا كان السياق في البقرة في ذكر الأنبياء ذكر الإيتاء لهم، ولمّا كان السياق في آل عمران في الإيمان بمحمد ودينه وأخذ الميثاق من الأنبياء على الإيمان به ناسب عدم تكرار الإيتاء للأنبياء . د ـ إنّ مشتقات الإيتاء من نحو: آتى وآتينا وأوتي وغيرها، وردت في سورة البقرة في 34 موضعاً، وفي آل عمران 19 موضعاً، فاقتضى الجو التعبيري تكرار لفظ الإيتاء في البقرة دون آل عمران. والله أعلم . السؤال الخامس: في الآية الكثير من حرف العطف (الواو) فهل من فكرة عن حروف العطف في اللغة ؟ الجواب: حروف العطف تتوسط اسمين أو فعلين، ويكون للاسم أو الفعل الذي يليها نفس حكم الاسم أو الفعل الذي يسبقهما من حيث الإعراب، وهي تسعة أحرف : 1ـ حرف الواو : وهي لمطلق الجمع، وقد تأتي للترتيب كما في آية البقرة: 136، وآية الوضوء المائدة: 6، وقد تأتي بدون الترتيب، كما في آية البقرة: (قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ) [البقرة:136] فلا شك أنّ ما أنزل إلينا متأخر عما أنزل إلى باقي الآنبياء. والواو تستعمل مقرونة : بـ( إمّا ) و(لكن) و(لا)، وتستعمل في عطف الشيء على نفسه أو مرادفه أو لعطف العام على الخاص، كما في آية الحجر: 87، والبقرة: 136، ونوح: 28 . وأمّا عطف الخاص على العام، كما في آية البقرة: 98، والبقرة: 238 ، فلا تختص بها الواو بل قد يشاركها فيه غيرها نحو : مات الناس حتى الأنبياء . والتقديم والتأخير موضوع هام يرجى الرجوع إليه في باب التقديم والتأخير لبيان تفاصيله وأمثلته. 2ـ حرف الفاء : وتفيد الترتيب والتعقيب: وربما لا تفيد الترتيب، بل لعطف مفصّل على مجمل، نحو آية النساء: (فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ فَقَالُوٓاْ أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ) [النساء:153] فقوله: (أَرِنَا ٱللَّهَ جَهۡرَة) هو تفصيل لقوله: (فَقَدۡ سَأَلُواْ مُوسَىٰٓ أَكۡبَرَ مِن ذَٰلِكَ). ويمكن للفاء في القرآن أنْ لا تفيد التعقيب كما في آيتي الأعلى: (وَٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلۡمَرۡعَىٰ٤ فَجَعَلَهُۥ غُثَآءً أَحۡوَىٰ٥) [الأعلى: 4-:5] فالغثاء لا يعقب خروج المرعى بل يكون بعده بمدة، كما في آية الزمر: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ فَسَلَكَهُۥ يَنَٰبِيعَ فِي ٱلۡأَرۡضِ ثُمَّ يُخۡرِجُ بِهِۦ زَرۡعٗا مُّخۡتَلِفًا أَلۡوَٰنُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَجۡعَلُهُۥ حُطَٰمًاۚ) [الزُّمَر:21] فعبّر عن جعله حطاماً بـ (ثم). لكنْ يمكن القول : إنّ الأصل في الفاء أنْ تكون للتعقيب، وهذا التعقيب قد يكون حقيقياً (ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ٢١ ) [عبس:21] وقد يكون مجازياً الهدف منه تقصير المدة حسب المقام، فقد تقول: الدنيا قصيرة، في مقام، وتقول : الدنيا طويلة، في مقام آخر. وقد تفيد الفاء الدلالة على السبب، كقوله تعالى: (فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيۡهِۖ ) [القصص:15] وكذلك البقرة [22]، وربما لا تفيد السبب، كما في قوله تعالى: (فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ٢٦ فَقَرَّبَهُۥٓ إِلَيۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ٢٧) [الذاريات:26-27]. 3ـ الحرف (ثُمَّ) : يفيد الترتيب والتراخي : والتراخي إمّا للزمان وهي المهلة، أو للتباين في الصفات وغيرها من غير قصد مهلة زمانية. 4 ـ الحرف (حتَّى) : حرف عطف يفيد الغاية، وحتى للعطف لا تفيد ترتيباً، بل هي كالواو. 5ـ الحرف (أَمْ) : وهي متصلة ومنفصلة ، والمتصلة تنحصر في نوعين : آـ أنْ تتقدم عليها همزة يطلب بها وأم للتعيين، نحو: أخالد عندك أم محمد ؟ ب ـ أنْ تتقدم عليها همزة التسوية، كقوله تعالى: (سَوَآءٌ عَلَيۡهِمۡ ءَأَنذَرۡتَهُمۡ أَمۡ لَمۡ تُنذِرۡهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ٦) [البقرة:6]. والمنفصلة : تقع بين جملتين مستقلتين وتفيد الإضراب عن الكلام الأول، وقد يكون الاستفهام الذي تفيده إمّا حقيقياً أو غير حقيقي ويراد به الإنكار والتوبيخ، كقوله تعالى: (أَمۡ لَهُ ٱلۡبَنَٰتُ وَلَكُمُ ٱلۡبَنُونَ٣٩) [الطور:39] . 6ـ الحرف (أو) : وله عدة معان منها : آـ الشك: نحو قوله تعالى: (قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖ) [المؤمنون:113]. ب ـ الإبهام. ج ـ التخيير. د ـ الإباحة: إذا دخلت (لا) الناهية على التخيير أو الإباحة امتنع فعل الجميع، نحو قوله تعالى: {وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا٢٤} [الإنسان: ٢٤]. هـ ـ الإضراب: نحو قوله تعالى: (وَأَرۡسَلۡنَٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ يَزِيدُونَ١٤٧ ) [الصافات:147] وقيل: (أو) هنا للإبهام أو للتخيير، حسب ما يراه الرائي. وـ التقسيم: نحو: الناس مسلم أو كافر . زـ بمعنى الواو: كقوله ﷺ : «اسكن أُحُد، فما عليك إلا نبي أو صدّيق أو شهيد». 7 ـ الحرف (لكن) : تفيد الاستدراك، نحو: ما أقبل محمد لكنْ خالد، وتعطف بعد نفي أو نهي بشرط إفراد معطوفها. 8 ـ الحرف (بل) : حرف إضراب يدخل على المفردات والجمل ، فإنْ دخلت على جملة كان معنى الإضراب إمّا إبطالياً وإمّا إنتقالياً. الإضراب الابطالي : هو أنْ تأتي جملة تبطل معنى الجملة السابقة، كما في آية الأنبياء: (وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗاۗ سُبۡحَٰنَهُۥۚ بَلۡ عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ٢٦) [الأنبياء:26] . الإضراب الانتقالي : فهو أنْ تنتقل من غرض إلى غرض آخر مع عدم إبطال الكلام الأول، نحو قوله تعالى في آية الأعلى: (قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ١٤ وَذَكَرَ ٱسۡمَ رَبِّهِۦ فَصَلَّىٰ١٥ بَلۡ تُؤۡثِرُونَ ٱلۡحَيَوٰةَ ٱلدُّنۡيَا١٦ وَٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ وَأَبۡقَىٰٓ١٧ ) [الأعلى:14-15-16-17] . وحرف : (لا بل) فتفيد توكيد الإضراب نحو : جاء محمد لا بل خالد . 9ـ الحرف (لا) : وتفيد النفي وتعطف بثلاثة شروط: آ ـ أنْ يسبقها إثبات: أقبل محمد لا خالد . ب ـ أنْ لا تقترن بعاطف، فإذا قلت: ما جاء محمد ولا خالد، كانت الواو عاطفة و(لا) زائدة تفيد التوكيد. ج ـ أنْ يتعاند متعاطفاها، نحو : أقبل رجل لا امرأة، بخلاف: أقبلت هند لا امرأة؛ لأنّ هند امرأة . السؤال السادس: قوله تعالى في الآية : (لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ) فكيف تمّ عطف ( لا ) النافية على ما قبلها ؟ الجواب: انظر الجواب في حرف العطف ( لا ) في نهاية السؤال السابق . السؤال السابع: في الآية ذكر للأسباط والأبناء، فما منظومة الأبناء والأحفاد والذرية في اللغة والقرآن ؟ الجواب: البنون : تُطلق على الأطفال الصغار سواء كانوا أبناءك المباشرين أو أبناء أبنائك فكلهم بنون، وأبناء الأبناء فريقان: آ ـ الحفيد هو ابن الابن الذي يعيش مع جده. ب ـ الذين يعيشون بعيداً عن أجدادهم فيسمون بنين إذا كانوا صغاراً، فإذا كبروا يسمون أبناء. شواهد قرآنية : (ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ ) [الكهف:46] . حفــد : الحفد: جمع حافد، وهو الخادم المتطوع لخدمة المتقن لحرفته . الأحفاد هم أولاد الأولاد، ويقال لهم : بنون إذا كانوا صغاراً، وإذا كبروا صاروا أبناء . شواهد قرآنية : (وَجَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَزۡوَٰجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةٗ) [النحل:72]. الأسباط : السبط هو ولد البنت، مقابل الحفيد الذي هو ولد الابن ، فالأصل هم أبناء البنات، وتطلق أيضاً بشكل استثنائي على أحفاد الأنبياء سواء كانوا أبناء بنين أو أبناء بنات، أي: هم ذرية الأنبياء. والسبط في بني إسرائيل كالقبيلة في العرب . شواهد قرآنية : (وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ) [البقرة:136]. الذرية: مشتقة من ذرأ، أي: الإيجاد بكثرة، أو من الذَّرِّ: وهو التفريق أي تتفرق الأسر من كثرتها. النسل: هو الولد لكونه ناسلاً، قال تعالى: (ثُمَّ جَعَلَ نَسۡلَهُۥ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن مَّآءٖ مَّهِينٖ٨ ) [السجدة:8] . السلالة : قيل: للوليد سليل؛ لأنه سلّ من أبيه وأمه. شواهد قرآنية: (وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن سُلَٰلَةٖ مِّن طِينٖ١٢) [المؤمنون:12] السؤال الثامن: ما أهم نقاط هذه الآية ؟ الجواب: 1 ـ هذه الآية ردٌ على اليهود والنصارى حيت آمنوا بانبيائهم وكفروا بما جاء بعدهم ، وفرّقوا بينهم في الأديان . وقد اشتملت الآية على ضرورة الإيمان بجميع الرسل وجميع الكتب ، وأن لا يكون المؤمنون مثل اليهود والنصارى الذين قالوا: نؤمن ببعض ونكفر ببعض. وقد أمر الله المؤمنين أن يؤمنوا بهذه الكتب ويصدّقوها، ولا يعملوا بما فيها، لأنّ العمل فيها قد انتهى أمده ، وليس في وسع أحدٍ العمل بغير القرآن . عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ أهل الكتاب كانوا يقرؤون التوراة بالعبرية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة : (لا تصدّقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا : آمنا بالله وما أنزل إلينا ) صحيح البخاري . 2ـ قوله تعالى : (وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ) أي خاضعون مستسلمون ذليلون منقادون لربكم .والله أعلم .
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن113 مثنى محمد هبيان (صِبۡغَةَ ٱللَّهِ وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبۡغَةٗۖ وَنَحۡنُ لَهُۥ عَٰبِدُونَ) [البقرة: 138] السؤال الأول:ما دلالة (صِبۡغَةَ) في الآية ؟ الجواب: الصبغة هي إدخال لون على شيء بحيث يغيره بلون آخر، والصبغ ينفذ في المصبوغ خاصة إذا كان المصبوغ له شعيرات ومسام كالقطن أو الصوف، أمّا الألياف الصناعية فلا يمكن أنْ تصبغ. وأمّا الطلاء فهو طبقة خارجية تستطيع أنْ تزيلها مثل طلاء الأظافر للسيدات. قال ﷺ : «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» فكأنّ الإيمان صبغة موجودة بالفطرة، إنها صبغة الله فإنْ كان أبواه مسلمين ظل على الفطرة، وإنْ كان أبواه من اليهود أو النصارى فإنهما يهوِّدانه أو ينصرانه، أي: يأخذانه ويضعانه في ماء ويقولون صبغناه بماء المعمودية. ويريد الله أنْ يبين أنّ ما يفعلونه من تعميد للطفل لا يعطي صبغة؛ لأنّ الإيمان والدين لا يأتيان من خارج الإنسان وإنما يأتيان من داخله، وبالتالي فإنّ إيمان غير المسلمين هو طلاء خارجي وليس صبغة، وهذا الطلاء من عندهم هم، أمّا ديننا فهو صبغة الله تعالى. وهل هناك صبغة أحسن من صبغة الله؟ طبعاً: لا؛ لذلك فنحن له عابدون مطيعون لأوامره ومجتنبون لنهيه، هذه هي صبغة الله، إنها الصبغة التي تتخلل الشيء وتصبح هي وهو شيئاً واحداً لا يفترقان. وقيل : سُمي الدين صبغة لأنّ هيئته تظهر بالمشاهدة من أثر الطهارة والوضوء ، قال تعالى : (سِيمَاهُمۡ فِي وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ) [الفتح:29] . وفي قوله تعالى : (صِبۡغَةَ ٱللَّهِ) استعارة تصريحية شبّه الدين الإسلامي بالصبغة وحذف المشبه وأبقى المشبه به ، وسمّى الله الدين صبغة حيث تظهر أعماله وسمته على المتدين كما يظهر أثر الصبغ في الثوب. السؤال الثاني: ما إعراب (صِبۡغَةَ) ؟ الجواب: في نصب ( صبغة ) وجوه منها : - بدل من ( ملة) . - مفعول به بتقدير: ( الزموا صبغة الله ). - تمييز. السؤال الثالث: ما الفرق في الدلالة بين قوله تعالى في هذه الآية: (صِبۡغَةَ ٱللَّه) وبين قوله تعالى : (فِطۡرَتَ ٱللَّهِ) [الروم:30] ؟ الجواب: الفطرة جبلّة النفس وخصائص النفس, وهي ما فطرت عليه النفس, قال تعالى: (فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفٗاۚ فِطۡرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيۡهَاۚ لَا تَبۡدِيلَ لِخَلۡقِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلۡقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ) [الروم:30]. وخصائص النفس تتوافق توافقاً تاماً مع منهج الله وأحكام الدين , فإذا أقمت وجهك للدين، أي خضعت لكل أوامره، واجتنبت كل نواهيه , فهذه الأوامر، وهذه النواهي هي نفسها الفطرة التي جبلت عليها, بينما الفطرة كمال في الإنسان. قال ﷺ : «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» فكأنّ الإيمان صبغة موجودة بالفطرة، إنها صبغة الله فإنْ كان أبواه مسلمين ظل على الفطرة، وإنْ كان أبواه من اليهود أو النصارى فإنهما يهوِّدانه أو ينصرانه، أي: يأخذانه ويضعانه في ماء ويقولون صبغناه بماء المعمودية. وملخص الفرق في الدلالة بين الفطرة والصبغة : 1ـ الفطرة أن تحب الخير ، لكنّ الصبغة أن تكون خيراً . 2 ـ الفطرة أن تحب الرحمة ، لكنّ الصبغة أن تكون رحيماً . 3ـ الفطرة أن تحب العدل، لكنّ الصبغة أن تكون عادلاً . فالصبغة أكبر ثمرة من ثمرات الإيمان . والله أعلم .
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (116) مثنى محمد هبيان (سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ) [البقرة: 142] السؤال الأول:ما فائدة وصفهم بأنهم(مِنَ ٱلنَّاسِ) طالما كان ذلك معلوماً؟ الجواب: السفهاء جمع سفيه، وهو صفة مشبّهة تدل على أنّ السفه غدا سجيّة من سجايا الموصوف، وهذه الصفة لا تُطلق إلا على الإنسان، فلِمَ قال تعالى: (سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ) [البقرة:142] ولم يكتف بـ (سيقول السفهاء)؟ وما فائدة وصفهم بأنهم من الناس طالما كان ذلك معلوماً ؟ إنّ فائدة وصف السفهاء بأنهم من الناس - مع كون ذلك معلوماً - هو التنبيه على بلوغهم الحد الأقصى من السفاهة بحيث لا يوجد في الناس سفهاء غير هؤلاء، وإذا قُسِّم الناس أقساماً يكون هؤلاء قسم السفهاء، وفي هذا إيماء إلى أنه لا سفيه غيرهم للمبالغة في وسمهم بهذه السمة. ومنذ القدم والناس مراتب.. أصحاب عقول راجحة، ومتوسطي التفكير، وسفهاء، وأشدهم أذى السفهاء: ألسن حادة وعقول خالية. السؤال الثاني: ما دلالات هذه الآية؟ الجواب: 1ـ قوله تعالى : (سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ) اللفظ للمستقبل ، وهو إخبار من الرسول عليه السلام عن ربه فيكون إعجازاً لأنه غيب ، ويكون الجواب حاضراً حين يسمع النبي عليه السلام قول السفهاء فيرد عليهم مباشرة ، ولم يقل : (سيقولون) إظهاراً للوصف الذي استخفهم ، لأنّ السفيه يعمل بغير دليل . و ( السفه ) ضد الحلم وأصله الخفة والطيش. وقد أعلم الله سبحانه رسوله الكريم عليه السلام بالأمر مسبقاً في سياق تعداد نعمه عليه بما سيحدث من سفهاء الناس وجهّالهم وضعفاء العقول ممن سيعترض على ذلك من لا يعرف مصلحة نفسه ممن اتصف بالسفه والجهل والعناد وقلة العقل . 2ـ (ٱلسُّفَهَآءُ) : لفظ عموم دخل عليه الألف واللام ، ويدخل فيه كل من اتصف بالسفه من اليهود ومشركي العرب والمنافقين . 3 ـ ( القِبلة ) هي الجهة التي يستقبلها الإنسان ، وهي من المقابلة ، وإنما سُميت القِبلةُ قِبلةً لأنّ المصلي يقابلها وتقابله . 4ـ قوله تعالى : (مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ) هو استفهام على جهة الاستهزاء والتعجب ، ويقصدون بذلك تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة . 5 ـ قوله تعالى : (قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ) هو الجواب الأول عن تلك الشبهة ، وتقريره أنّ الجهات كلها لله مُلكاً ومِلكاً ، فلا يستحق منها لذاته لأنْ يكون قبلة ، بل إنما تصير قبلة لأنّ الله جعلها قبلة ، وإذا كان الأمر كذلك فلا اعتراض عليه بالتحويل من جهة إلى أخرى ، ولا يجب تعليل أحكام الله تعالى البتة ، وفي هذا إشعار بأنّ الشأن في هذا كله لله في امتثال أوامره فحيثما وجّهَنا توجّهنا .والمؤمن يتلقى أحكام الله بالقبول والتسليم والانقياد .قال تعالى : (وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ ) [الأحزاب:36] . 6 ـ قوله تعالى : (يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ١٤٢) الله سبحانه يدلّ على ما هو أصلح للعبادة والصراط المستقيم مما يؤدي بصاحبه إلى الجنة . 7 ـ الآية رقم ( 142 ) ذكرت المخالفة الواحدة والثلاثين (31 ) لليهود التي ذكرها الله تعالى في سورة البقرة من أصل (32 ) مخالفة ، وهي تحمل مضمون : التشكيك في الإسلام بسبب تحويل القبلة.والله أعلم .
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (121) مثنى محمد هبيان ( ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧) [البقرة:147] السؤال الأول:قال تعالى في هذه الآية من سورة البقرة [147] وفي آية الأنعام [114] وآية يونس [95]: (فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧) بينما قال في آية آل عمران [60] :( فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٦٠) [آل عمران:60] فما دلالة ذلك؟ الجواب: القاعدة اللغوية: يستعمل القرآن الكريم نون التوكيد بهدف التوكيد فيضعها في المكان الذي يحتاج إلى توكيد أكثر . وهنا أكد الفعل (تكونن) في آية البقرة والأنعام ويونس دون آية آل عمران؛ وذلك لأنّ المقام يقتضي التوكيد في كل موطن أكّد؛ وبيان ذلك : أولاً ـ الآيات : آيات البقرة: 142ـ147: (۞سَيَقُولُ ٱلسُّفَهَآءُ مِنَ ٱلنَّاسِ مَا وَلَّىٰهُمۡ عَن قِبۡلَتِهِمُ ٱلَّتِي كَانُواْ عَلَيۡهَاۚ قُل لِّلَّهِ ٱلۡمَشۡرِقُ وَٱلۡمَغۡرِبُۚ يَهۡدِي مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ١٤٢ وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣ قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ١٤٤ وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ١٤٥ ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡرِفُونَهُۥ كَمَا يَعۡرِفُونَ أَبۡنَآءَهُمۡۖ وَإِنَّ فَرِيقٗا مِّنۡهُمۡ لَيَكۡتُمُونَ ٱلۡحَقَّ وَهُمۡ يَعۡلَمُونَ١٤٦ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧ ) آيات الأنعام 111ـ 116: (وَلَوۡ أَنَّنَا نَزَّلۡنَآ إِلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَحَشَرۡنَا عَلَيۡهِمۡ كُلَّ شَيۡءٖ قُبُلٗا مَّا كَانُواْ لِيُؤۡمِنُوٓاْ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَجۡهَلُونَ١١١ وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّٗا شَيَٰطِينَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ يُوحِي بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورٗاۚ وَلَوۡ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُۖ فَذَرۡهُمۡ وَمَا يَفۡتَرُونَ١١٢ وَلِتَصۡغَىٰٓ إِلَيۡهِ أَفِۡٔدَةُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَلِيَرۡضَوۡهُ وَلِيَقۡتَرِفُواْ مَا هُم مُّقۡتَرِفُونَ١١٣ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ أَبۡتَغِي حَكَمٗا وَهُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ إِلَيۡكُمُ ٱلۡكِتَٰبَ مُفَصَّلٗاۚ وَٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ يَعۡلَمُونَ أَنَّهُۥ مُنَزَّلٞ مِّن رَّبِّكَ بِٱلۡحَقِّۖ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١١٤ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدۡقٗا وَعَدۡلٗاۚ لَّا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ١١٥ وَإِن تُطِعۡ أَكۡثَرَ مَن فِي ٱلۡأَرۡضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ هُمۡ إِلَّا يَخۡرُصُونَ١١٦ ) آيات يونس 94 ، 95: ﴿فَإِن كُنتَ فِي شَكّٖ مِّمَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ فَسَۡٔلِ ٱلَّذِينَ يَقۡرَءُونَ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكَۚ لَقَدۡ جَآءَكَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٩٤ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ فَتَكُونَ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ٩٥) آيات آل عمران 59ـ60: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ٥٩ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٦٠) ثانياً ـ البيان : 1ـ آية البقرة في تبديل القبلة وما صاحب ذلك من إرجاف وأقاويل وإعلان حرب نفسية على المسلمين حتى ارتد بعض ضعاف الإيمان، انظر الآيات: 143-144، ثم ذكر أنّ أهل الكتاب لن يتوجهوا إلى قبلة المسلمين مهما جئتهم بالبينات والحجج الواضحة، ثم قرّر أنّ هذا هو الحق الذي لا مرية فيه، فاحتاج كل ذلك إلى التوكيد، فقال: (ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ١٤٧) [البقرة:147] . ـ وتقدمها كذلك في آية البقرة: 144 (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ ) فناسب (فَلَا تَكُونَنَّ) فأوجب الازدواج إدخال النون في الكلمة فيصير التقدير :فلنولينك قبلة ترضاها فلا تكونن من الممترين ، والخطاب في الآيتين للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره. 2ـ سياق آية الأنعام في تكذيب الرسول وعدم الإيمان به، انظر الآيات 111 و 116 ، فاحتاج المقام إلى توكيد أنه على الحق وأنه عليه ألا يكون من الممترين فقال: (فَلَا تَكُونَنَّ) . 3ـ آية يونس : لمّا قال: (فَإِن كُنتَ فِي شَكّٖ) احتاج إزالة الشك إلى التوكيد، ثم انظر إلى المؤكدات في السياق: آ ـ التوكيد باللام وقد : (لَقَدۡ جَآءَكَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ) . ب ـ التوكيد بالنون :(فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٩٤) وقوله: (وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بَِٔايَٰتِ ٱللَّهِ) . ج ـ التوكيد بـ(إنّ) في قوله تعالى: (إنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتۡ عَلَيۡهِمۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ٩٦ ) [يونس:96] فاقتضى ذلك التوكيد، إذ السياق كله مؤكد. 4ـ أمّا في آية آل عمران فليس الأمر كذلك، فقد قال: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَۖ خَلَقَهُۥ مِن تُرَابٖ ثُمَّ قَالَ لَهُۥ كُن فَيَكُونُ٥٩ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُن مِّنَ ٱلۡمُمۡتَرِينَ٦٠) [آل عمران:59-60] فلم يحتج الموطن إلى توكيد . السؤال الثاني: ما دلالة هذه الآية؟ الجواب: وجّه الله سبحانه الخطاب لرسوله عليه السلام، والمُراد منه الثقلين الإنس والجن، في كل زمان ومكان، مؤكداً أنّ محمداً هو رسول الله صدقاً وعدلاً، فلا يحصل لكم أيها المؤمنون أي ريبة، ولا تختلفوا كما اختلفت اليهود والنصارى في أمر القبلة، حيث اليهود يستقبلوا بيت المقدس، والنصارى تستقبل مطلع الشمس، وأنت يا محمد تتوجه إلى الكعبة، فلا ترجو موافقتهم لك، والزم قبلتك التي أُمرت بها فإنها الحق .والله أعلم .
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (114) مثنى محمد هبيان (قُلۡ أَتُحَآجُّونَنَا فِي ٱللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمۡ وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُخۡلِصُونَ) [البقرة: 139] السؤال الأول:ما دلالة الاستفهام في هذه الآية ؟ الجواب: في قوله تعالى: (أَتُحَآجُّونَنَا) [البقرة:139] استفهام ولكنه خرج عن دلالته الأصلية وهو الاستفهام عن شيء مجهول إلى التعجب والتوبيخ. السؤال الثاني: قوله تعالى في الآية: (وَلَنَآ أَعۡمَٰلُنَا وَلَكُمۡ أَعۡمَٰلُكُمۡ) [البقرة:139] فلِمَ قال تعالى: (لنا أعمالنا) ولم يقل: (أعمالنا لنا) لا سيما أنَّ (لنا) متعلق بخبر محذوف للمبتدأ (أعمالنا)؟ الجواب: قدّم تعالى الجار والمجرور: (لنا) على قوله: (أعمالنا) للاختصاص، أي: لنا أعمالنا الخاصة بنا ولا قِبَل للآخرين بها، فلا تحاجّونا في أنكم أفضل منا.والمراد من هذا القول النصيحة لهم وإرشادهم للأصلح . السؤال الثالث: ما دلالة هذه الآية ؟ الجواب: المراد بالمحاجّة في هذه الآية هي المجادلة فيما تضمنته بعثة النبي صلى الله عليه وسلم من نسخ شريعتهم، وفضله وفضل أمته ، وهذا راجع إلى حسدهم، ولا يوجد مجادلة في ذات الله تعالى . وتكون المجادلة عادة بين خصمين في الأمور الخلافية، وكلٌ منهما يريد نصر حجته وإبطال حجة الطرف الآخر، والمطلوب أن تكون هذه المحاجة بالتي هي أحسن حتى يتضح الحق ويتبين الباطل وتصفو النفوس . والله أعلم .
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (115) مثنى محمد هبيان (أَمۡ تَقُولُونَ إِنَّ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطَ كَانُواْ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ قُلۡ ءَأَنتُمۡ أَعۡلَمُ أَمِ ٱللَّهُۗ وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن كَتَمَ شَهَٰدَةً عِندَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ١٤٠) [البقرة: 140] السؤال الأول:لماذا لا يذكر سيدنا إسماعيل مع إبراهيم وإسحاق ويعقوب في القرآن ؟ الجواب: انظر الجواب في آية البقرة[125]. السؤال الثاني: ما أهم الدلالات في هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ ( أمْ) عاطفة متصلة معادلة للهمزة ، أو منقطعة بمعنى ( بل ) . 2ـ هذه الآية دعوى أخرى ومحاجّة في رسل الله ، حيث يزعم اليهود أنهم أَوْلى برسل الله المذكورين في الآية من المسلمين ، فردّ الله عليهم بسؤالهم : هل أنتم أصدق أم الله ؟ وهذا لا يحتاج إلى جواب ، فهو في غاية الوضوح والبيان ، ولا أحد أظلم ممن جمع بين كتمان الحق وعدم النطق به، وأظهر الباطل ودعا إليه . لذلك جدالكم ـ أيها اليهود ـ في نسبة إبراهيم وذريته إلى اليهودية أو النصرانية ليس له مجال ، فلستم بأولى بهؤلاء الرسل الكرام من المسلمين ، وأَولى الناس بهم هم الذين سلكوا طريقهم ولم يحرفوا دينهم ، فإبراهيم لم يكن مشركاً ، ولذلك فإنّ أولى الناس بإبراهيم هو النبي محمد عليه السلام ومن آمن معه . 3ـ كتمانكم للحق وإظهار ضده ظلمٌ عظيم ، وأمركم لا يخفى على رب العالمين . 4 ـ قوله تعالى : (وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ) كلام جامع لكل وعيد . والله أعلم . (تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ لَهَا مَا كَسَبَتۡ وَلَكُم مَّا كَسَبۡتُمۡۖ وَلَا تُسَۡٔلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ١٤١ ) [البقرة: 141] السؤال الأول:لماذا كررت(تِلۡكَ أُمَّةٞ قَدۡ خَلَتۡۖ) في الآيتين 134 و 141 في نفس السـورة ؟ الجواب: انظر الجواب في الآية [134]. السؤال الثاني: ما دلالة هذه الآية ؟ الجواب: المعنى العام لهذه الآية : هذه أمةٌ من أسلافكم قد مضت ، فلا تتعلقوا بالمخلوقين ، ولا تغتروا بالانتساب إليهم ، فالعبرة بالإيمان والتقوى ، ومن كفر برسول فقد كفر بسائر الرسل . وكُررتْ الآية لأنّ الاختلاف موطنُ المحاجّة ، وإذا كان الأمر كذلك فاسلكوا طريق الإيمان بالله وحده وبخاتم الرسل محمد عليه السلام ، واتركوا الاتكال على آبائكم وأجدادكم ، فالإنسان ينتفع بعمله وليس بالانتساب إلى أصله وحسبه ونسبه . والله أعلم .
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (117) مثنى محمد هبيان (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيۡكُمۡ شَهِيدٗاۗ وَمَا جَعَلۡنَا ٱلۡقِبۡلَةَ ٱلَّتِي كُنتَ عَلَيۡهَآ إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣ ) [البقرة: 143] السؤال الأول:لِمَ جاء اسم الإشارة فى صدر الآية فى قوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ) [البقرة:143] ؟ الجواب: صدّرت الآية باسم الإشارة (وَكَذَٰلِكَ) لأنه يدل على البُعد للتنويه إلى تعظيم المقصودين وهم المسلمون، ومن هذا الباب قول أبي تمام: كذا فليَجِلَّ الخطبُ وليفدحِ الأمرُ فليس لِعَينٍ لم يَفِض ماؤُها عُذرُ السؤال الثاني: قوله تعالى (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) [البقرة:143] ما المقصود بالأمة الوسط؟ الجواب: (وسطاً) معناها: خياراً أو عدولاً، والوسط بين الإفراط والتفريط يكون خياراً وعدولاً، وعندما تقول: هو من أوسطهم، أي: من خيارهم، وهذا ما ذكره أبو سفيان عندما سُئِلَ عن الرسول ﷺ قال: هو من أوسطنا، أي: من خيارنا وأحسننا. وقوله تعالى: (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) [البقرة:143] أي: خياراً وعدولاً وبين الإفراط والتفريط، وهذا المقصود من معنى الوسطية. ولذا تأمل سر ورود قوله : (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) في سياق آيات القبلة للإشعار بأنّ الله تعالى اختار هذه الأمة لتكون خير أمة واختار لها خير قبلة. وللعلم فإنّ كلمة (وسطاً ) في (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ أُمَّةٗ وَسَطٗا) لم تتبع الموصوف من حيث التذكير والتأنيث، لأنّ كلمة (وسط) في الأصل هي اسم جامد يعني ليس مشتقاً ، وصف به فيبقى على حاله ولا يطابق ، كما لو وصفنا بالمصدر، نقول : رجل صوم وامرأة صوم ، فلا يقال (أمة وسطة )، وليس هو في الأصل وصف مشتق حتى يُذَكّر مثل : طويل وطويلة . السؤال الثالث: ذكر العائد في آية الزمر( 18) ، فقال: (هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ) [الزُّمَر:18] ولم يذكره في آية البقرة: (إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ) [البقرة:143]، ولم يذكره أيضاً في آية الأنعام( 90 )، فما دلالة ذلك ؟ الجواب: آيتا ( البقرة 143ـ الزمر 18) 1ـ هذا نوع من الحذف، ومن المعلوم أنّ الذِكر يفيد التوكيد، ولذلك يعتبر قوله تعالى (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ) [الزُّمَر:18] آكد من قوله تعالى: (ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ) [البقرة:143]؛ لأنه صرّح بذكر الضمير. 2ـ السياق في آية البقرة هو في تحويل القبلة، بينما السياق في آية الزمر يقتضي التوكيد أكثر؛ لأنها فيمن يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، وهؤلاء على درجة كبيرة من الهدى، فإنهم لا يكتفون باتباع الحسن وإنما يتبعون الأحسن . 3ـ جاء معها بالفاء (فَيَتَّبِعُونَ أَحۡسَنَهُۥٓ) [الزُّمَر:18] ولم يأت بــ (ثم)، والفاء تدل على الترتيب والتعقيب، فإنهم بمجرد سماع القول يتبعون الأحسن . 4ـ في آية الزمرالفعل (فَيَتَّبِعُونَ) مضارع (اتبع) بتضعيف التاء،ولم يقل ): يَتْبعون ) بالتخفيف، وهذه مرتبة عظيمة أعلى من مجرد اتباع القبلة؛ لأنّ اتباع القبلة إنما هو من استماع القول في واحد من الأمور المطلوبة . لذلك فإنّ هداية المذكورين في الزمر أعلى وآكد؛ لأنها تشمل ما ذكره في آية البقرة وغيره مما يريده الله تعالى، ولذا كان التوكيد في الزمر هو المناسب . آية الأنعام (90 ) : 1ـ وأمّا آية الأنعام (90 ) فهي في جمع ٍ من رسل الله وأنبيائه، وفيهم أولو العزم، ولا شك أنّ هؤلاء أعلى من المذكورين في آية الزمر. ولكن إذا كان الأمر كذلك فلماذا لم يذكر الضمير مع فعل الهداية مع أنهم أولى بالتوكيد من غيرهم ؟ الجواب: أنّ الله تعالى ذكر كل أحوال الهداية مع هؤلاء الذين ذكرهم في سياق آية الأنعام، واستعمل كل أنواع التعدية لفعل الهداية، وبيان ذلك: آ ـ عدّى الفعل إلى المفعول به مباشرة بأسمائهم الظاهرة، فقال: (وَنُوحًا هَدَيۡنَا مِن قَبۡلُۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِۦ دَاوُۥدَ وَسُلَيۡمَٰنَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ) [الأنعام:84] وعطف هؤلاء الرسل والأنبياء على نوح الذي هو مفعول (هدينا). ب ـ ثم عدّى الفعل إلى ضميرهم أيضاً، فقال: (وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ٨٧) [الأنعام:87] فقال: (وَهَدَيۡنَٰهُمۡ) [الأنعام:87] وزاد على ذلك الاجتباء . ج ـ ولم يكتف بذاك، بل قال أيضاً: (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ ) [الأنعام:90] وحذف مفعول (هدى) الضمير العائد على الرسل فجعل الكلام عن صورة المطلق فأطلق المعنى، وهذا التعبير يحتمل معنيين: ـ الأول : (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَىٰهُمُ ٱللَّهُۖ ) [الزُّمَر:18] وهو الأظهر. ـ الثاني : (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ) [الأنعام:90] بهم. ولا شك أنّ هذا المعنى الثاني أوسع من ذكر الضمير وأمدح لهم، وبذلك يكون ماذكره في آية الأنعام أكثر مما ذكره في آيتي الزمر والبقرة؛ لأنه ذكر فيها الهداية العامة المطلقة وذكر أنه هداهم إلى صراط مستقيم. 2ـ كما أنه تعالى أسند فعل الهداية مع رسل الله مرة بواسطة ضمير التعظيم، فقال: (وَنُوحًا هَدَيۡنَا) [الأنعام:84] وقال: (وَهَدَيۡنَٰهُمۡ) [الأنعام:87] ومرة أسنده إلى اسمه الجليل وهو اسمه العَلَم فقال: (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۖ) [الأنعام:90] . 3ـ هذا علاوة على ما ذكره من التعظيم لأنبيائه ما لم يذكره مع الآخرين، نحو قوله تعالى : (وَكُلّٗا فَضَّلۡنَا عَلَى ٱلۡعَٰلَمِينَ٨٦) [الأنعام:86] . (وَٱجۡتَبَيۡنَٰهُمۡ وَهَدَيۡنَٰهُمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ٨٧) [الأنعام:87] فزاد الاجتباء على الهداية. (أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ ءَاتَيۡنَٰهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحُكۡمَ وَٱلنُّبُوَّةَۚ) [الأنعام:89]. وقوله: (فَبِهُدَىٰهُمُ ٱقۡتَدِهۡۗ ) [الأنعام:90] . 4ـ قد تقول: وَلِمَ لَمْ يحذف الضمير في آية الزمر فيقول مثلاً : (أولئك الذين هدى الله) ليشمل الذين هداهم الله وهدى بهم فيكون أمدح لهؤلاء كما فعل في آية الأنعام ؟ والجواب أنّ ذكر الضمير ههنا من رحمة الله تعالى بنا، ولو حذفه لكانت البشرى لا تنال إلا من هداه الله وهدى به، فيكون ممن جمع بين الأمرين ، ولا تَنال من هداه الله ولم يَهد به، لذلك كان ذكر الضمير أنّ البشرى تنال من هداه الله، وأنّ ذلك كافٍ لأن تناله بشرى ربنا، وهذا من رحمته سبحانه بعباده، والله أعلم. السؤال الرابع: ما المقصود بالإيمان فى الآية (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] ؟ الجواب: عن ابن عباس رضي الله عنه قال: لما وُجّه النبي ﷺ إلى الكعبة،قالوا:يا رسول الله كيف لإخواننا الذين ماتوا وهم يصلّون لبيت المقدس؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ) [البقرة:143] . فالإيمان في الآية أُريد به الصلاة، والله سبحانه عدل عن ذكر الصلاة ولم يقل الصلاة وآثر أن يطلق الإيمان على الصلاة؛ للتنويه بعظم الصلاة وعظم قيمتها، فهي من أعظم أركان الإيمان. ولذا قوله تعالى :( وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ) يعني : صلاتكم ، وعبّر عن الصلاة بالإيمان لأن تاركها لا ينطبق عليه وصف الإيمان؟. السؤال الخامس: ما دلالة التوكيد بـ (إنّ) واللام في هذه الآية:( إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] فى سورة البقرة وعدم التوكيد فى سورة النور (إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ١٩ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ٢٠ ) [النور:19-20] ؟ الجواب: التوكيد بحسب ما يحتاجه المقام، مثلاً عندما يذكر الله تعالى النعم التي أنزلها علينا يؤكد ، وإذا لم يحتج إلى توكيد لا يؤكد، ولو احتاج لتوكيد واحد يؤكد بواحد. قال تعالى: (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] أكّد باللام وإنّ. وقوله تعالى: (إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ١٩ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ وَأَنَّ ٱللَّهَ رَءُوفٞ رَّحِيمٞ٢٠) [النور:19-20] ما أكّد باللام . في الآية الأولى كانوا في طاعة: (وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ) [البقرة:143] ويقولون هذه الآية نزلت لمّا تحولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة تساءل الصحابة عن الذين ماتوا هل ضاعت صلاتهم؟ وهل ضاعت صلاتنا السابقة؟ سألوا عن طاعة كانوا يعملون بها فأكدّ الله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) [البقرة:143] أمّا في الآية الثانية فهم في معصية: (يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ) [النور: 19] فلا يحتاج إلى توكيد. وفي تعداد النعم قال في آية الحج: (أَلَمۡ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱلۡفُلۡكَ تَجۡرِي فِي ٱلۡبَحۡرِ بِأَمۡرِهِۦ وَيُمۡسِكُ ٱلسَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ ٦٥ ) [الحج:65] فأكد مع تعداد النعم . ولذلك عندما يكونون في طاعة يؤكد ، وعندما يكونون في معصية لا يؤكد. السؤال السادس: ما أهم دلالات هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ قوله تعالى : (وَكَذَٰلِكَ جَعَلۡنَٰكُمۡ) الكاف للتشبيه ، والمعنى :أي ومثل ذلك الجعل العجيب الذي لا يقدر عليه أحد سواه جعلناكم أمة وسطاً . 2ـ قوله تعالى : (لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ) فيه إكرام لأمة محمد عليه السلام وتمييز لها عن سائر الأمم فتقبل شهادتهم على سائر الأمم ، ولا يقبل شهادة الأمم عليهم ، إظهاراً لعدالتهم وكشفاً عن فضيلتهم . 3ـ قوله تعالى : (إِلَّا لِنَعۡلَمَ مَن يَتَّبِعُ ٱلرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيۡهِۚ) اللام للتعليل ، والعلم هو ما يتعلق به تحقق الجزاء والثواب والعقاب ، وإلا فعلم الله أزلي. 4ـ قوله تعالى : (وَإِن كَانَتۡ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى ٱلَّذِينَ هَدَى ٱللَّهُۗ) الواو حالية ، (إنْ) مخففة من الثقيلة وتلزمها اللام ( لَكَبِيرَةً) والغرض منها توكيد المعنى في الجملة ، وتشير الآية إلى المؤمنين المهتدين الذين انتفعوا بهدى الله ، فذكرهم الله على طريق المدح فخصّهم بذلك . 5 ـ قوله تعالى : (إِنَّ ٱللَّهَ بِٱلنَّاسِ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ١٤٣) الرأفة مبالغة في رحمة خاصة وهي دفع المكروه وإزالة الضرر ، وأمّا الرحمة فإنها اسم جامع يدخل فيه ذلك المعنى ، ويدخل فيه الإفضال والإنعام، فذكر الرأفة أولا بمعنى أنه لا يضيع ثواب إيمانكم ، ثم ذكر الرحمة لتكون أعم وأشمل . 6 ـ قوله تعالى : (أُمَّةٗ وَسَطٗا) فيه ( كناية ) عن غاية العدالة ، كأنه الميزان الذي لا يميل مع أحد، وفيه ( تورية ) فالمعنى القريب الظاهر للوسط هو التوسط مع ما يعضده من توسط قبلة المسلمين ، ومعناه البعيد هو الخيار . وللعلم فإنّ آية البقرة رقم ( 143 ) التي نحن بصددها هي الآية الوسط في سورة البقرة المؤلفة من ( 286 ) آية ، فهي تمثل الوسط العددي والكتابي(أُمَّةٗ وَسَطٗا) . 7ـ قدّم ( شهداء ) على صلته وهي ( على الناس ) ، وأخّر ( شهيداً ) على صلته وهي ( عليكم ) لأنّ المنة عليهم في الجانبين ، ففي الأول بثبوت كونهم شهداء ، وفي الثاني بثبوت كونهم مشهوداً لهم بالتزكية، والمقدّم دائماً هو الأهم . 8ـ آية البقرة (143 ) في أمة محمد عليه السلام ، فقدّم كلمة ( الناس ) في الآية بينما أخرّها في آية الحج في قوله تعالى : (لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيۡكُمۡ وَتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِۚ ) [الحج: 78] لتقدم ذكر الرسل ، فقد ذكر إبراهيم عليه السلام أولاً ، ثم ذكر الرسول محمد عليه السلام ، وكان قد سبق ذلك أيضاً ذكر الرسل في قوله تعالى : (ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ ) [الحج: 75] . والله أعلم.
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (118) مثنى محمد هبيان (قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ فَوَلِّ وَجۡهَكَ شَطۡرَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِۚ وَحَيۡثُ مَا كُنتُمۡ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمۡ شَطۡرَهُۥۗ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعۡمَلُونَ١٤٤ ) [البقرة: 144] السؤال الأول:ما دلالة استخدام ( قد ) في هذه الآية علماً أنها تفيد التقليل؟ الجواب: 1ـ ( قد ) إذا دخلت على الماضي تفيد التحقيق، وإذا دخلت على المضارع فلها أكثر من معنى، منها التقليل: (قد يصدق الكذوب)، لكنْ قد تأتي للتكثير والتحقيق مع دخولها على المضارع، غير أن المشهور عند الطلبة أنها إذا دخلت على المضارع تكون للتقليل، وهذا جانب من جوانب معانيها، لكنْ (قد) تكون للتقليل وقد تكون للتحقيق: (قَدۡ يَعۡلَمُ مَآ أَنتُمۡ عَلَيۡهِ) [النور:64] أو للتكثير، ويضربون مثلاً بقوله تعالى: (قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ) [البقرة:144] أي: كثيراً ما تنظر إلى السماء. لذلك ( قد ) في الآية للتكثير بقرينة ذكر التقلب . 2ـ إذن (قد) إذا دخلت على الماضي تفيد التحقيق، وإذا دخلت على المضارع يكون من معانيها التقليل أو التحقيق أو التكثير. 3 ـ قوله تعالى : (قَدۡ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجۡهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِۖ ) قال : (وَجۡهِكَ) ولم يقل : (بصرك ) لزيادة اهتمامه ؛ ولأنّ تقليب الوجه مستلزم لتقليب البصر . السؤال الثاني: قوله تعالى في هذه الآية: (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبۡلَةٗ تَرۡضَىٰهَاۚ ) عبّر تعالى عن رغبة النبي ومحبته للكعبة بكلمة (تَرۡضَىٰهَاۚ ) دون كلمة (تحبها) أو (تهواها)، فلماذا؟ الجواب: للدلالة على أنّ ميله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الكعبة ميل لقصد الخير، بناء على أنّ الكعبة أجدر بيوت الله التي تدل على التوحيد، ولمّا كان الرضى مشعراً بالمحبة الناتجة عن التعقل اختار كلمة (تَرۡضَىٰهَاۚ ) دون (تحبها) أو (تهواها)، فالنبي ﷺ يربو أنْ يتعلق ميله بما ليس فيه مصلحة راجحة للدين والأمة. السؤال الثالث: أكّد القرآن الكريم قضية تحويل القبلة ثلاث مرات في ثلاث آيات متقاربة في الآيات [144، 149، 150]، فما دلالة ذلك ؟ الجواب: أكّد القرآن الكريم قضية تحويل القبلة ثلاث مرات متقاربة؛ لأنّ تحويل القبلة أحدث هزة عنيفة في نفوس المؤمنين، والله سبحانه يريد أنْ يُذهب هذا الأثر ويؤكد تحويل القبلة تأكيداً إيمانياً؛ لذلك جاء القرآن بثلاث آيات التي هي أقل الجمع لتأكيد الأمر. 1ـ الآية [144] وجاءت للمُتَّجِه إلى الكعبة وهو في داخل المسجد، وفيها إعلام بنسخ استقبال بيت المقدس للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولأمته. وهذه الآية جاءت استجابة لتقليب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجهه في السماء كأنه يدعوه بلسان الحال، فجاءت هنا في بيان الاستجابة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلسان الحال لا بلسان المقال. 2ـ الآية 149، جاءت للمُتَّجِه وهو خارج المسجد، وكذلك لبيان السبب وهو اتباع الحق، ولذلك قال: (وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ) . 3ـ الآية 150، وجاءت للمتجِه من الجهات جميعاً، لا أنّ ذلك مخصوص بجهة المدينة المنورة فقط. وهذه الآية هي رد على المنافقين واليهود والنصارى الذين حاولوا التشكيك في الإسلام، كما جاءت للتهوين من ثرثرة غير المسلمين والرد على احتجاجهم، فيقول لهم القرآن: إنّ تحويل القبلة ليس حجة للتشكيك؛ لأنّ الاتجاه إلى المسجد الحرام هو طاعة لأمر الله . لذلك يقول القرآن: (وَإِنَّهُۥ لَلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَۗ) [البقرة:149] أي: أنّ ما فعلتموه أيها المؤمنون من تحويل القبلة هو حقٌ جاءكم من الله تبارك وتعالى، فاطمئنوا أنكم على الحق واعلموا أنّ الله سبحانه محيط بكم في كل ما تعملون. السؤال الرابع: من أي الأدوات كلمة (حيثما) في قوله تعالى: (وَحَيۡثُ مَا) [البقرة:144] ؟ الجواب: (حيثما) من أدوات الشرط، وهي تدل على المكان وتلزمها ( ما ) إذا استعملت للشرط ، كما في هذه الآية البقرة (144). والفرق بين (حيث ) و( من حيث ) في تعبير القرآن أنّ: (حيث) : ظرف مكان مفعول به ملازم للظرفية وهو تعبير عام في القرآن ، أمّا إذا جاءت ( من حيث ) فالتعبير فيه دلالة التحديد للمكان؛ لأنّ ( من ) تفيد ابتداء الغاية كقوله : (مِنۡ حَيۡثُ لَا يَشۡعُرُونَ٢٥) [الزمر:25] أي من مكان لم يتوقعوه ، أمّا ( حيث ) فالتعبير فيه إطلاق كقوله : (يَتَبَوَّأُ مِنۡهَا حَيۡثُ يَشَآءُۚ) [يوسف:56] أي حيث أراد. السؤال الخامس: ما أهم دلالات هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ ( الشطر ) اسم مشترك يقع على معنيين : النصف نحو: ( شاطرتك مالي ) ، و تلقاءه وقصده ونحوه. قال الشاعر : ألا منْ مبلغٍ عمراً رسولاً=وما تغني الرسالةُ شطرَ عمرو 2ـ معنى ![]() 3ـ قوله تعالى : (وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ لَيَعۡلَمُونَ أَنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡۗ) يشمل : أحباراليهود وعلماء النصارى لعموم اللفظ ، والكتاب هو التوراة والإنجيل . 4 ـ قوله تعالى : ( أنه الحق ) : قيل إنّ قسماً من علماء اليهود كانوا يعرفون في كتب أنبيائهم خبر الرسول وخبر القبلة وأنه يصلي إلى القبلتين . وهناك قسم منهم يعلمون أنّ الكعبة هي البيت العتيق الذي جعله الله قبلة لإبراهيم وإسماعيل . وقسم آخر منهم يعلمون صدق نبوة النبي محمد عليه السلام ، ومتى علموا نبوته علموا أنّ كل ما أتى به فهو حق من الله ،ومن ذلك تحويل القبلة . 4 ـ قرأ ابن عمر وحمزة والكسائي ( تعملون ) بالتاء على الخطاب للمسلمين فهو وعد لهم والباقون بالياء (يَعۡمَلُونَ) على أنه راجع إلى اليهود فهو وعيد وتهديد لهم . للعلم فإنّ أول صلاة صلاها النبي عليه السلام باتجاه الكعبة صلاة الظهر في مسجد بني سلمة ( فسمي مسجد القبلتين ) ، وكانت أول صلاة كاملة صُليت إلى الكعبة بعد التحويل كانت صلاة العصرفي المسجد النبوي كما جاء في حديث البرآء عند البخاري وغيره ،وأمّا في مسجد قُباء فقد وصل الخبرُ في صلاة الفجر التالي كما جاء في الصحيحين . والله أعلم .
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() مختارات من تفسير من روائع البيان في سور القرآن (119) مثنى محمد هبيان (وَلَئِنۡ أَتَيۡتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ بِكُلِّ ءَايَةٖ مَّا تَبِعُواْ قِبۡلَتَكَۚ وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ وَمَا بَعۡضُهُم بِتَابِعٖ قِبۡلَةَ بَعۡضٖۚ وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ) [البقرة: 145] السؤال الأول:ما دلالة قوله تعالى في الآية: (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ) [البقرة:145] ؟ الجواب: اتباع القبلة مظهرٌ إيماني في الدين، وقوله تعالى (وَلَئِنۡ) فهذا قسم، فكأنّ الحق تبارك وتعالى أقسم أنه لو أتى رسول الله ﷺ أهلَ الكتابِ بكل آية ما آمنوا بدينه ولا اتبعوا قبلته. ولو كانوا يبحثون حقاً عن الدليل لوجدوه في كتبهم بأنه النبي الخاتم، فكأنّ الدليل عندهم ولكنهم يأخذون الأمر سفهاً وعناداً ومكابرة. وقوله: (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ) تفيد بأنّ المسلمين لن يعودوا مرة أخرى إلى الاتجاه نحو بيت المقدس ولن يحولهم الله إلى جهة ثالثة، ولكن يعلمنا الله سبحانه أنّ اليهود والنصارى سيكونون في جانب ونحن سنكون في جانب آخر، وأنه ليس هناك التقاء بيننا وبينهم؛ فالخلاف في القبلة سوف يستمر إلى يوم القيامة. وقول الحق: (وَلَئِنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَآءَهُم مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ١٤٥) [البقرة:145] المقصود به أمة الرسول ﷺ ولو كان الخطاب في شخصه ﷺ والسياق هو في التحذير من مهادنة أهل الكتاب، وإذا كان الله تبارك وتعالى لن يقبل هذا من رسوله وحبيبه فكيف يقبله من أي فرد من أمة محمد ﷺ؟!! إنّ الخطاب هنا يمس قمة من قمم الإيمان التي تفسد العقيدة كلها، والله يريدنا أن نعرف أنه لا يتسامح فيها ولا يقبلها حتى ولو حدثت من رسوله - ولو أنها لن تحدث - ولكن لنعرف أنها مرفوضة تماماً من الله على أي مستوى من مستويات الإيمان، حتى في مستوى القمة، فأمة محمد تبتعد عن مثل هذا الفعل تماماً. وللعلم فإنّ تبديل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة هو أول نسخ في القرآن الكريم. السؤال الثاني: إنْ قيل: كيف قال الله: (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ ) [البقرة:145] ولهم قبلتان: واحدة للنصارى والثانية لليهود ؟ الجواب: لما كانت القبلتان باطلتين مخالفتين لقبلة الحق كانت بحكم الاتحاد في البطلان قبلة واحدة . السؤال الثالث: قوله تعالى في هذه الآية: (مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ) [البقرة:145] وقال في الآية(120) : ( بَعۡدَ ٱلَّذِي جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ) [البقرة:120] ما السبب البلاغي في المغايرة بين التعبيرين (من بعد ما – بعد الذي )؟ الجواب: انظر الجواب في آية البقرة [120]. السؤال الرابع: ما الدروس المستفادة من هذه الآية ؟ الجواب: 1ـ هذه الآية تبين قطعَ الأطماع في اتّباع أهل الكتاب لخاتم النبيين عليه السلام . 2 ـ قوله تعالى : (وَمَآ أَنتَ بِتَابِعٖ قِبۡلَتَهُمۡۚ) جملة اسمية مؤكدة بحرف الجر في سياق النفي ، لاستحالة أن يتابع المؤمن حقًا أعداء الله ولا يأخذ بآرائهم وأفكارهم. 3 ـ إنما قال: (أَهۡوَآءَهُم) بلفظ الجمع؛ تنبيهًا على أنّ لكل واحد منهم هوى غير هوى الآخر، ثم هوى كل واحد منهم لا يتناهى. 4ـ قوله تعالى : (مِّنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ) ليس المقصود نفس العلم ، وإنما الدلائل والمعجزات ، من باب إطلاق اسم الأثر على المؤثر، بغرض المبالغة والتعظيم للعلم . ودلتْ الآية على أنّ توجه الوعيد على العلماء أشد من توجهه على غيرهم ، بدليل قوله تعالى : (إِنَّكَ إِذٗا لَّمِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ) والمُراد أنك لو فعلت ذلك لكنت في منزلة القوم في كفرهم وظلمهم لأنفسهم، والغرض من ذلك التهديد والزجر.( تفسير الرازي ) . والله أعلم .
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |