|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إشكاليات متعلم اللغة العربية في ظل التحديات الراهنة
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: إشكاليات متعلم اللغة العربية في ظل التحديات الراهنة
إشكاليات متعلم اللغة العربية في ظل التحديات الراهنة هاجر بوحشيشة • التنوع اللُّغوي وغياب التنسيق: كما نعلم فإن هناك لغةً، وهناك لهجات تتفرع عن هذه اللغة، والعالم العربيُّ يتَّخِذ اللغةَ العربية الفصيحة لغتَه الرسمية، بالإضافة إلى وجود عدة لهجات تختلف حسب كلِّ بلد ومنطقة، وفي علم اللغة الاجتماعيِّ ليس هناك تمييز بين اللغات واللهجات؛ لأن هدفه هو دراسةُ هذه اللغة أو اللهجة دراسةً اجتماعية، لكن هذا لا يعني أن اللغةَ العربية الفصيحة تعادل العاميات، وعلى الرغم مِن العَلاقة الوثيقة بين العربية الفصيحة والعاميات العربية، فإنَّ الفوارق بين هذينِ النمطين أو المستويين واضحةٌ جدًّا[8]. وهذا ما نجده متداوَلًا عند عامة الناس، فالطفل العربيُّ بمجرَّد وصوله إلى مرحلة النطق لا يتكلَّم سوى اللغة الأم التي يسمعها مِن أسرته والمجتمع الذي ترعرع فيه، وحين دخوله المدرسةَ يصعُبُ عليه إبدالُه بتلك اللغة الأم لغةً عربية فصيحة، خاصة وأن هذه المرحلة بدائيةٌ بالنسبة له، وبمجرد تدرُّجه في المستويات الدراسية تجده يعيش صِراعًا بين هذه الازدواجية[9]، خاصة مع وجود مدرِّسين يتحدثون العامية داخل المؤسسات التعليمية، كما يؤدي الإعلامُ دورًا سلبيًّا بالنسبة للمُتعلِّم؛ حيث نجد عدة برامج إذاعية وتلفزيونية بالعاميات (الإشهار والإعلانات...)، فكيف ستترسَّخ هذه اللغة في ذهن هذا المتعلِّم؟! هذا بالإضافة إلى مُشكِل الثنائية اللُّغوية[10] التي تجعل عقل المتعلِّم لا يستطيع أن يستوعب أية لغة، دون أن ننسى وضعَ سكان الأمازيغ الذين يعيشون صِراعًا لُغويًّا شديدًا بين لغتهم الأم "الأمازيغية" وما يتفرَّع عنها، واللغة الرسمية العربية الفصحى، والعامية، واللغات الأجنبية! إن هذا التعدُّد اللُّغويَّ - أو كما يسميه البعض: التشويشَ اللُّغوي - قد يُفقِد العربَ تلك النزعةَ القومية تجاه لغتهم، خاصة أن ليست هناك رقابة أو نظام لهذه اللغات التي تفرضها الفطرةُ مِن جهة، ويُروِّج لها البعض من جهة أخرى. • الوضع الاستعماري والسياسة الفَرنسية: كان للاستعمار الفَرنسي على المغرب أثرٌ كبير في انحطاط اللغة العربية؛ حيث "كانت الفَرنسية لغةَ المعلم، ولغة الكتاب والواجبات المدرسية"[11]، وليس هذا فحسب، بل حتى الآن تجد الإدارة المغربية - وبعض الأحيان تجد الناس في الشارع - يستعملون اللغة الفَرنسية! يقول فؤاد بوعلي: "وقد استطاعت الفرانكفونية المدجَّجة بالمعارف والاقتصاد أن تحقِّق لفَرنسا من خلال "الماكينة" الأدبية والصحافية، والصالونات والجوائز الأدبية، والمنح الدراسية، والشركات الأكاديمية - السيطرةَ على مصير كثيرٍ من بلدان العالَمينِ العربيِّ والإفريقي"[12]، فأنت تجدُ بعض الأحيان الموظفين في إدارة أو غيرها يتحدثون مع بعضهم البعض باللغة الفَرنسية، فكيف نفسِّر هذا؟ ومنذ استقلال المغرب سنة 1956 إلى الآن، لا تزال اللغة الفَرنسية مهيمنةً على المجتمع المغربي! • العولمة ومسخ الهُوِيَّة: تُشكِّل العَوْلَمة بأسلحتِها المباشرة وغيرِ المباشرة قطبيةً شاملة للعالم؛ فهي استطاعت أن تغزوَ جميع مجالات الحياة اليومية، بفضل ريادتها العالمية وتعدُّد وسائلها، فأصبح العالم العربيُّ تابعًا للغرب بكل الطرق، ومِن بين أوجه العَوْلَمة المتمركِزة نجدُ جعلَ الكثير مِن العلوم والمعارف بلغاتهم؛ كالطب والهندسة والعلوم، ونشرهم لمجموعةٍ مِن الادِّعاءات على اللغة العربية، وتشويه صورتها للمتعلم؛ كالصعوبة المتمثلة في الإعراب، بل المؤامرة بالدعوة إلى حذفه، بداعي الالتجاء إلى التسكين فقط! يقول كاشف جمال في هذا الصدد: "قد واجهَتِ اللغةُ العربية تحدِّياتٍ ضخمةً على مستويات عديدة في نظام العَوْلَمة باعتبارها وعاءً للثقافة العربية وللحضارة الإسلامية، فالعَوْلَمة هي مصطلح أكثر انتشارًا في كل مجالات الحياة، نعم اللغة أيضًا تأتي تحت دائرة التأثير لهذه الظاهرة"[13]. لقد كانت العَوْلَمة - ولا تزال - تهدد الاستقرار الحضاريَّ وصِبْغة الهُوِيَّة الإنسانية العربية، واللغةُ هي أيضًا إحدى ضحايا العَوْلَمة، من خلال ترويجِها للعامية بين أفراد المجتمع، ونشر اللغات الأجنبية! يقول كاشف جمال: "مِن المهم ألا تغفلَ بأن اللغة العربية تُواجِه أكبر خطورة في صورة التحديات الداخلية، وهذه التحديات تأتي مِن عامة الناس الذين يعيشون فيما بيننا، ويتحدَّثون باللغة العربية، ولكنَّهم يُطالبون بنَبْذها ويستبدلون بها العاميات شعار الواقعية، ويرغبون بشدةٍ في استخدام اللغة الإنجليزية في حياتهم العادية"[14]! وعلى العموم، فهناك مجموعةٌ مِن التحديات التي واجهَتْها اللغة العربية، ولا تزال تواجهها، فالعولَمة وغيرُها ليست هي أوَّلَ مواجهةٍ تقف أمام اللغة العربية، بل كانت هناك مِن قبلُ عدةُ مواجهات وعراقيلَ؛ منها في العصر العباسي عندما غزا المغول والتترُ العربَ، وأصاب اللغةَ ما أصاب الإنسان من الانهيار والإحباط، ثم سياسة التتريك، وبعدها ما قام به المستعمر الغربيُّ، والآن العولَمة. خاتمة: رغم كل هذه التحديات تبقى للغة العربية مكانةٌ سامية عند المسلمين؛ وذلك لأن تاريخَها مَجيدٌ، واستطاع علماؤها أن يُحصِّنوها ويدافعوا عنها؛ لأنها تُمثِّل هذه الحضارةَ العربية، وبالفعل وصلت هذه الحضارةُ إلى الرقيِّ والازدهار بفضل هذه اللغة؛ كما يقول عبدالسلام المسدي: "الحضارة العربية قد أدركَتْ تلك المرتبة، فكَّر أعلامها في اللغة العربية فاستنبطوا منظومتَها الكلية، وحددوا فروع دراستها بتصنيف لعلوم اللغة، وتبويب لمحاور كل منها، فكان مِن ذلك جميعًا تراثهم اللُّغوي في النحو والصرف والبلاغة والعَرُوض"[15]. إن ارتباطَ اللغة العربية بالجانب الدينيِّ جعل لها قيمةً معنوية لا تُعوَّض، فتراثها زاخر بالفكر، والعلم يشهد لها، وتبقى لغةً حية مبدعة ذات طاقة تعبيرية، كما يجب علينا - نحن أبناء هذه الأمة الممثِّلين لهذه الحضارة - ألا ننسى لغتنا؛ لأن مِن الغريب أن تجد أبناءَ هذه الأمة هم أنفسهم يتجاهلون لغتهم وحضارتهم. كما نرى مِن واجب المؤسسات التشريعية أن تحاول مِن جهتها الإصلاحَ قدرَ الإمكان؛ لأنها مسؤولة عن هذا. إن كلًّا مِن الحماية القانونية والتشريعية للغة العربية - باعتبارها لغةً رسمية - غائبةٌ؛ ففي فرنسا بعد أن نصَّت على اللغة الفَرنسية لغة رسمية في الدستور سنة 1992، أعادت الدولةُ مرة أخرى وأكدت على ضرورة استعمال هذه اللغة في كل المجالات، لكن السلطة في المغرب تتعامل بنوعٍ مِن التجاهل واللامبالاة - بل التسامح! - مع دعوات إقصاء العربية. ليس هذا فحسب، بل تلعَبُ المؤسسات التعليمية دورًا مهمًّا في هذا المجال. يجب أن يكون هناك تحفيزٌ وتربية على حب اللغة العربية وتعلُّمها، وإلا سيبقى مُتعلِّم هذه اللغة ينفِرُ منها! لائحة المصادر والمراجع الواردة في المقالة: • القرآن الكريم. 1 - أتكلَّم جميع اللغات لكن بالعربية؛ عبدالفتاح كيليطو، دار توبقال للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2013. 2 - أسباب ومسببات تدنِّي مستوى تعليم اللغة العربية في الوطن العربي، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دار التربية، تونس، 2010. 3 - أهمية اللغة العربية ومناقشة دعوى صعوبة النحو؛ أحمد بن عبدالله الباتلي. 4 - التفكير اللساني في الحضارة العربية، عبدالسلام المسدي، الدار العربية للكتاب، الطبعة الأولى، 1981. 5 - حماية اللغة العربية وتطويرها وتنمية استعمالها؛ الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الرباط، 24/ 6/2013. 6 - الخصائص؛ ابن جني، تحقيق محمد علي النجار، بيروت، عالم الكتب، ج1. 7- السياسة التعليمية بالمغرب ورهانات المستقبل؛ الحسن مادي، منشورات مجلة علوم التربية، 1999. 8 - اللغة العربية وتحدِّيات العصر الحاضر في ظل العولمة؛ كاشف جمال، مركز الدراسات العربية والإفريقية جامعة نهرو - نيو دلهي. 9 - النقاش اللُّغوي والتعديل الدستوري في المغرب؛ فؤاد بوعلي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012. [1] "الخصائص"؛ ابن جني، تحقيق محمد علي النجار، بيروت، عالم الكتب، ج1، ص33. [2] - "النقاش اللُّغوي والتعديل الدستوري في المغرب؛ "فؤاد بوعلي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ص 2. [3] المؤتمر السنوي الدولي الخامس 2017، "الإصلاح: مسارات ومآلات ما بعد الحراك العربي". [4] الرسمية يقصد بها اللغة التي يشير إليها الدستور، وتنظِّمها القوانين داخل دولة أو ولاية أو إمارة أو منظمة، كيفما كان نوعها. [5] "أسباب ومسببات تدني مستوى تعليم اللغة العربية في الوطن العربي"؛ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، دار التربية تونس 2010، الصفحة 13. [6] "السياسة التعليمية بالمغرب ورهانات المستقبل"؛ الحسن مادي، منشورات مجلة علوم التربية، 1999، الصفحة 48/49. [7] مذكرة بخصوص "حماية اللغة العربية وتطويرها وتنمية استعمالها"، الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، الرباط 2013/06/24، الصفحة: 6. [8] "أسباب ومسببات تدني مستوى تعليم اللغة العربية في الوطن العربي"، الصفحة 14. [9] الازدواجية هي وجود العربية العامية (المنطوقة أساسًا) إلى جانب العربية الفصيحة (المكتوبة)، التي هي اللغة القومية والدينية والحضارية والرسمية للأمة العربية. [10] الثنائية اللغوية هي وجود لغة أجنبية (غير وطنية) أو أكثر، إلى جانب العربية الفصيحة، والعربية العامية بطبيعة الحال. [11] "أتكلَّم جميع اللغات لكن بالعربية"؛ عبدالفتاح كيليطو، دار توبقال للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 2013، الصفحة 14. [12] "النقاش اللغوي والتعديل الدستوري في المغرب"؛ فؤاد بوعلي، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012، الصفحة: 3. [13] مقال "اللغة العربية وتحديات العصر الحاضر في ظل العولمة"؛ كاشف جمال، مركز الدراسات العربية والإفريقية، جامعة نهرو - نيو دلهي. [14] مقال "اللغة العربية وتحديات العصر الحاضر في ظل العولمة"؛ كاشف جمال. [15] "التفكير اللساني في الحضارة العربية"؛ عبدالسلام المسدي، الدار العربية للكتاب، الطبعة الأولى، 1981، الصفحة 24.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |