سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين - الصفحة 11 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1146 - عددالزوار : 129988 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 370035 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير > هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن
التسجيل التعليمـــات التقويم

هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-05-2024, 07:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين


سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل


13: سيرة أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي الأزدي (ت:59هـ)


صفاته وشمائله

كان أبو هريرة رجلاً جسيماً آدم، برّاق الثنايا، هيّناً ليّناً، سخيّاً بالعلم متواضعاً محبوباً، عظيم النصيحة للمسلمين، حريصاً على نشر العلم، صبوراً متعفّفاً، يقبل الهدية ولا يسأل ولو كان به خصاصة، بل ربما صُرع من الجوع ولا يسأل.
- قال أبو الوليد الطيالسي: حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثني ضمضم بن جوس قال: دخلت مسجداً لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإذا أنا بشيخ يضفّر رأسه برّاق الثنايا.
قلت: من أنت رحمك الله؟
قال: (أنا أبو هريرة). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال داود بن عبد الرحمن العطار: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن لبينة الطائفي أنه قال: أتيت أبا هريرة وهو في المسجد؛ فقال ابن خثيم لعبد الرحمن: صِفْهُ لي.
فقال: (رجلٌ آدم، بعيد ما بين المنكبين، ذو ضفيرتين، أفرق الثنيتين). رواه ابن سعد، وابن عساكر.
- وقال قرة بن خالد السدوسي: قلت لمحمد بن سيرين: أكان أبو هريرة مخشوشناً؟
قال: (لا، بل كان ليناً).
قلت: فما كان ثوبه؟
قال: (كان أبيض).
قلت: هل كان يخضب؟
قال: (نعم، نحو ما ترى).
قال: وأهوى محمد بيده إلى لحيته، وهي حمراء.
قلت: فما كان لباسه؟
قال: (نحو ما ترى).
قال: وعلى محمد ثوبان ممشقان من كتان.
قال: (وتمخَّط يوماً فقال: بخ بخ!! أبو هريرة يتمخط في الكتان). رواه ابن سعد، وابن عساكر.
وروى ابن أبي شيبة بعضه من طريق وكيع عن قرة.
- وقال روح بن عبادة القيسي: حدثنا حبيب بن الشهيد، عن محمد بن سيرين أنه كان يخضب بالحناء قال: فقبض يوماً على لحيته؛ فقال: (كأنّ خضابي خضاب أبي هريرة، ولحيتي مثل لحيته، وشعري مثل شعره، وثيابي مثل ثيابه)
وعليه ممصران. رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع قال: كان مروان ربما استخلف أبا هريرة على المدينة، فيركب حماراً قد شدَّه عليه قرطاطاً، وخطامه من ليف، وكان يقول: (الطريق قد جاء الأمير، الطريق قد جاء الأمير).
وكان ربما أتى الصبيان بالليل وهم يلعبون لعبة الغراب، فيجيء حتى يقع بينهم، ويضرب بيديه ورجليه الأرض؛ فيذعرون، ويذهبون.
قال: وربما دعاني إلى عَشائه بالليل؛ فيقول: دَعْ للأمير العُراق، فأذهبُ فأطلبُ، فلا أجد شيئاً، إنما هي ثريدة بزيت). رواه ابن سعد في الطبقات، وأبو عروبة الحراني في الطبقات.
- وقال يحيى بن أبي بكير: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أبي رافع أنَّ أبا هريرة قال: (ما من أحدٍ من الناس يُهدي إليَّ بهديّة إلا قبلتها، فأمَّا المسألة فإني لم أكن أسأل). رواه البيهقي في السنن الكبرى، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال عمرو بن زرارة: أخبرنا عبد الوهاب، سمع محمد بن فروخ أبا سهل صاحب الساج، عن محمد بن زياد قال: كان أبو هريرة إذا استثقل رجلاً قال: (اللهم اغفر لنا وله، وأرحنا منه).رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال عبد الواحد بن زياد البصري، عن الحجاج [بن أرطأة]، عن عطاء [بن أبي رباح] قال: (رأيت أبا هريرة لحيته صفراء).رواه ابن أبي خيثمة.

مرضه ووفاته
مرض أبو هريرة رضي الله عنه في آخر حياته مرضاً اشتدّ عليه حتى مات منه، وكان يحبّ أن يموت قبل وقوع فتن عظيمة أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد روي من طرق فيها ضعف أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة وأبي محذورة وسمرة بن جندب وجماعة معهم: ((آخركم موتاً في النار)).
- قال معاذ بن معاذ العنبري: حدثنا شعبة، عن أبي مسلمة، عن أبي نضرة، عن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعشرة من أصحابه: ((آخركم موتاً في النار)).
فيهم سمرة بن جندب.
قال أبو نضرة: (فكان سمرة آخرهم موتًا). رواه يعقوب بن سفيان، وقد أعلّت رواية أبي نضرة عن أبي هريرة بالانقطاع.
- وقال حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أوس بن خالد قال: كنتُ إذا قدمتُ على أبي محذورة سألني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عن أبي محذورة، فقلت لأبي محذورة: مالك إذا قدمت عليك تسألني عن سمرة، وإذا قدمت على سمرة سألني عنك؟
فقال: اني كنت أنا وسمرة وأبو هريرة في بيتٍ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: ((آخركم موتا في النار)).
قال: (فمات أبو هريرة، ثم مات أبو محذورة، ثم مات سمرة). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، والبخاري في التاريخ الصغير، ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ، والطبراني في المعجم الكبير.
قلت: علي بن زيد بن جدعان ضعيف الحديث، وشيخه أوس مجهول.
وروي في هذا أخبار واهية لا تصحّ من جهة الإسناد، وقد كان آخرهم موتاً سمرة بن جندب رضي الله عنه؛ أخذته شدّة البرد في مرضه الذي مات فيه؛ فأوقد له كانون عن يمينه، وآخر عن شماله، وآخر بين يديه، وآخر من خلفه؛ فلم تنفعه؛ فكان يُغلى له ماء في قدرٍ يتعالج بالقعود على سريرٍ فوقه فيخفّ عنه ما به، ثمّ إنه سقط مرّة في القدر وهي مملوءة ماء حاراً فمات فيه.
- قال ابن حجر العسقلاني: (فكان ذلك تصديقاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولأبي هريرة ولأبي محذورة: «آخركم موتا في النار»).
- وقال الذهبي: (إن صحّ هذا فيكون إن شاء الله قوله عليه السلام ((آخركم موتا في النار)) متعلقاً بموته في النار لا بذاته).
محبته للموت - قال روح بن عبادة: حدثنا الربيع بن صبيح قال: أخبرنا حبيب بن أبي فضالة أنَّ أبا هريرة ذكر الموت؛ فكأنه تمنّاه؛ فقال بعض أصحابه: وكيف تمنى الموت بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم «ليس لأحد أن يتمنى الموت، لا برّ ولا فاجر، أمّا بر فيزداد برا، وأما فاجر فيستعتب»؟
فقال: وكيف لا أتمنى الموت وأنا أخاف أن تدركني ستة: التهاون بالدم، وبيع الحكم، وتقاطع الأرحام، وكثرة الشرط، و[فشو] الخمر، ويتخذون القرآن مزامير). رواه ابن سعد.
- وقال روح بن عبادة: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، أنه قال: في كيسي هذا حديث لو حدثتكموه لرجمتموني، ثم قال: «اللهم لا أبلغنَّ رأس الستين».
قالوا: وما رأس الستين؟
قال: «إمارة الصبيان، وبيع الحكم، وكثرة الشرط، والشهادة بالمعرفة، ويتخذون الأمانة غنيمة والصدقة مغرماً، ونشوٌ يتخذون القرآن مزامير».
قال حماد: وأظنه قال: «والتهاون بالدم». رواه الطبراني في المعجم الأوسط.
- وقال محمد بن منصور الطوسي: حدثنا الحسن بن موسى قال: حدثنا حاتم بن راشد، عن عطاء، قال: قال أبو هريرة: (إذا رأيتم ستاً، فإن كانت نفس أحدكم في يده فليرسلها، فلذلك أتمنى الموت أخاف أن تدركني: إذا أمّرت السفهاء، وبيع الحكم، وتهون بالدم، وقطعت الأرحام، و[كثرت] الجلاوزة، ونشأ نشء يتخذون القرآن مزامير). رواه أبو نعيم في الحلية، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال أبو مسهر الغساني: حدثني صدقة بن خالد عن ابن جابر عن عمير بن هانئ قال: كان أبو هريرة يقول: (تشبّثوا بصدغي معاوية، اللهم لا تدركني سنة ستين).رواه أبو زرعة الدمشقي في تاريخ دمشق.
- قال معاذ بن معاذ العنبري، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، قال: دخلت على أبي هريرة وهو مريض فاحتضنته من خلفه وقلت: اللهم اشف أبا هريرة، فقال: «اللهم اشدد». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو عمرو الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: عدتُ أبا هريرة فسندته إلى صدري، ثم قلت: اللهم اشف أبا هريرة، فقال: «اللهم لا ترجعها».
ثم قال: «إن استطعتَ يا أبا سلمة أن تموت فمت».
فقلت: يا أبا هريرة! إنا لنحب الحياة.
فقال: « والذي نفس أبي هريرة بيده ليأتين على العلماء زمان الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر، ليأتين أحدكم قبر أخيه فيقول: ليتني مكانه». رواه الحاكم في المستدرك.
ورواه أبو نعيم في الحلية من طريق أيوب السختياني عن يحيى بن أبي كثير بنحوه.
- وقال بشر بن بكر التنيسي: حدثني الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: عدت أبا هريرة فسندته إلى صدري، ثم قلت: اللهم اشف أبا هريرة، فقال: «اللهم لا ترجعها».
ثم قال: «إن استطعت يا أبا سلمة أن تموت فمت».
فقلت: يا أبا هريرة! إنا لنحب الحياة.
فقال: (والذي نفس أبي هريرة بيده ليأتين على العلماء زمان الموت أحب إلى أحدهم من الذهب الأحمر، ليأتين أحدكم قبر أخيه فيقول: ليتني مكانه). رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال عبد الله بن شوذب، عن همام، قال: لما حضر أبا هريرة الموت جعل يبكي، قيل له: ما يبكيك يا أبا هريرة؟
قال: (قلة الزاد، وبعد القفار، وعقبة إما الجنة وإما النار).رواه أبو العباس الأصم، وأبو سليمان الربعي في وصايا العلماء عند الموت، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال يزيد بن هارون: أخبرنا ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن عبد الرحمن بن مهران، أن أبا هريرة، قال: حين حضره الموت: (لا تضربوا عليَّ فسطاطاً، ولا تتبعوني بمجمر، وأسرعوا بي، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا وضع الرجل الصالح على سريره قال: قدموني قدموني، وإذا وضع الرجل السوء على سريره قال: يا ويله أين تذهبون بي؟)).رواه أحمد، والبيهقي.
- وقال ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن عبد الرحمن بن مهران، أنَّ مروان جاء يعود أبا هريرة؛ فوجده في غميّة؛ فقال: عافاك الله، فرفع أبو هريرة رأسه، وقال: (اللهم اشدد واجدد).
فخرج مروان؛ فأدركه إنسانٌ عند أصحاب القطا؛ فقال: (قد قضى أبو هريرة). رواه ابن سعد في الطبقات.
- وقال معن بن عيسى القزاز: حدثنا مالك بن أنس، عن المقبري، عن أبي هريرة أنَّ مروان دخل عليه في شكوه الذي مات فيه؛ فقال: شفاك الله يا أبا هريرة، فقال أبو هريرة: (اللهم إني أحبّ لقاءك فأحب لقائي).
قال: (فما بلغ مروان أصحاب القطا حتى مات أبو هريرة). رواه ابن سعد في الطبقات، وابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وابن الجوزي في الثبات عند الممات.
تاريخ وفاته اختلف في سنة وفاته على أقوال:
القول الأول: مات سنة 59هـ ، وهو قول ابن إسحاق، والواقدي، وأبي عبيد القاسم بن سلام، وابن نمير، وأبي حفص الفلاس، وأبي عمر الضرير.
- قال ابن إسحاق: (مات سنة تسع وخمسين). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال الواقدي: (توفي أبو هريرة سنة تسع وخمسين، وله ثمان وسبعون سنة، وهو الذي صلى على عائشة في رمضان سنة ثماني وخمسين).
- وقال أبو حفص الفلاس: (مات أبو هريرة سنة تسع وخمسين).
- قال ابن عساكر: (وقال عمرو بن علي، والواقدي مات سنة تسع وخمسين، زاد الواقدي: وهو ابن ثمان وسبعين، وقال في ذي الحجة).
- وقال ابن عساكر: (وقال ابن نمير: مات سنة تسع وخمسين).
- وقال أبو عبيد القاسم بن سلام: (سنة تسع وخمسين فيها توفي أبو هريرة الدوسي بالمدينة، وصلى عليه الوليد بن عتبة بن أبي سفيان).
القول الثاني: مات سنة 58هـ، وهو قول أبي معشر المدني، وعبد الرحمن بن مغراء الدوسي، وضمرة بن ربيعة الفلسطيني، والهيثم بن عدي الطائي، ويحيى بن بكير، وأبي عيسى الترمذي، ورواية ابن أبي خيثمة عن المدائني.
- قال حجاج بن محمد الأعور: قال أبو معشر: (هلك أبو هريرة في خلافة معاوية سنة ثمان وخمسين). رواه ابن عساكر.
- وقال محمد بن إسحاق ابن خزيمة: سمعت يوسف بن موسى [القطان] يقول: سمعت عبد الرحمن بن مغراء الدوسي يقول: (مات أبو هريرة سنة ثمان وخمسين).رواه ابن عساكر.
- وقال الحسن عن ضمرة: (مات سنة ثمان وخمسين).رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال هارون بن معروف: أخبرنا ضمرة قال: (مات أبو هريرة سنة ثمان وخمسين، وعائشة فيها، يعني سنة ثمان وخمسين). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن أبي خيثمة عن المدائني قال: (مات أبو هريرة سنة ثمان وخمسين).رواه ابن عساكر.
- وقال أبو العباس أحمد بن يحيى الرَّقي: سمعت يحيى بن بكير يقول: (مات أبو هريرة سنة ثمان وخمسين). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن عساكر: (وقال أبو عيسى: مات سنة ثمان وخمسين، وقال الهيثم مثل أبي عيسى).
القول الثالث: مات سنة 57هـ، وهو قول هشام بن عروة، وعلي بن المديني، وخليفة بن خياط، ورواية عن المدائني.
- قال أحمد بن حنبل، عن علي بن المديني، عن سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة قال: (مات أبو هريرة وعائشة سنة سبع وخمسين).
- وقال أحمد بن أبي الطيب عن ابن عيينة عن هشام بن عروة قال: (مات أبو هريرة وعائشة رضي الله عنهما سنة سبع وخمسين). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال علي بن المديني: مات أبو هريرة سنة سبع وخمسين.
- وقال خليفة بن خياط: (وفيها - يعني سنة سبع وخمسين – ماتت أم المؤمنين عائشة وأبو هريرة).

مواعظه ووصاياه

- قال أبو غياث أصرم بن غياث: حدثني أبو سنان، عن هارون بن عميرة، قال: قال أبو هريرة: (إنَّ هذا العلم دين؛ فانظروا ممن تأخذونه). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال عمران بن زائدة بن نشيط الكوفي، عن أبيه، عن أبي خالد الوالبي، عن أبي هريرة قال: (إن الله يقول: يا ابن آدم، تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، وأسدّ فقرك، وإلا تفعل أملأ يديك شغلاً، ولا أسدّ فقرك)). رواه أحمد وابن أبي شيبة، والترمذي، وابن ماجة، وابن حبان.
- وقال أبو مالك الأشجعي، عن أبي حازم الأشجعي، عن أبي هريرة، قال: (لا يقبض المؤمن حتى يرى البشرى، فإذا قبض نادى؛ فليس في الدار دابّة صغيرة ولا كبيرة إلا هي تسمع صوته إلا الثقلين الجن والإنس: "تعجّلوا به إلى أرحم الراحمين"، فإذا وضع على سريره قال: ما أبطأ ما تمشون، فإذا أدخل في لحده أقعد، فأري مقعده من الجنة وما أعد الله له، وملئ قبره من روح وريحان ومسك قال: فيقول: يا رب! قدّمني.
قال: فيقال: لم يأنِ لك، إنَّ لك إخوةً وأخواتِ لما يلحقون، ولكن نم قرير العين.
قال أبو هريرة: « فوالذي نفسي بيده ما نام نائمٌ شابٌّ طاعم ناعم، ولا فتاة في الدنيا نومةً بأقصرَ ولا أحلى من نومته حتى يرفع رأسه إلى البشرى يوم القيامة».رواه ابن أبي شيبة.
- وقال مسعر بن كدام: حدثنا محمد بن عبد الرحمن مولى طلحة، عن عيسى بن طلحة، عن أبي هريرة، قال: «لا تطعم النارُ رجلاً بكى من خشية الله أبداً حتى يردّ اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبارُ في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجلٍ مسلمٍ أبداً».رواه ابن أبي شيبة، وروى أحمد في الزهد الجملة الأولى منه.
- وقال أبو مالك الأشجعي، عن أبي حازم، قال: مررت مع أبي هريرة على قبر دفن حديثاً، فقال: «لركعتان خفيفتان مما تحتقرون هنا أحب إليَّ من دنياكم». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال سفيان الثوري، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: (إذا مات الميّت تقول الملائكة: ما قدَّم؟ ويقول الناس: ما ترك؟). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال هدبة بن خالد القيسي: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة، عن أنس عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ألا أدلكم على غنيمة باردة؟
قالوا: ماذا يا أبا هريرة؟
قال: (الصوم في الشتاء). رواه عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب الزهد لأبيه، وأبو نعيم في الحلية،
- وقال كثير بن هشام الكلابي: حدثنا جعفر [بن برقان] قال: حدثنا يزيد بن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: (المكثرون في النار إلا من قال هكذا وهكذا، وأشار بكفيه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله).
ثم قال: (وقليل ما هم).
قال يزيد: (إن لم أكن سمعته من أبي هريرة - وأشار بإصبعيه إلى أذنيه - وإلا فصمتا).رواه أحمد في الزهد.
- وقال يزيد بن هارون، عن العوام بن حوشب، عن أبي حازم الأشجعي قال: قال أبو هريرة: «من كسا خَلَقاً كساه الله به حريراً، ومن كسا جديداً كساه الله به إستبرقا». رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو شيبة العلاء بن خالد البصري: حدثنا عطاء بن أبي رباح قال: رأيتُ أبا هريرة رضي الله عنه يطوف بهذا البيت ينادي: (لا صدقةَ إلا عن فضلِ العيال). رواه مسدد بن مسرهد كما في المطالب العالية، وابن المبارك في البر والصلة.
- وقال عمرو بن عاصم الكلابي: حدثنا إياس بن أبي تميمة قال: حدثنا عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (ما وَجَعٌ أحبّ إليَّ من الحمى؛ لأنها تعطي كل مفصل قسطه من الوجع، وإن الله يعطي كل مفصل قسطه من الأجر). رواه ابن سعد.
- وقال مسكين بن بكير الحراني، عن جعفر بن برقان الكلابي، عن يزيد بن الأصم قال: سمعت أبا هريرة يقول: (يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذل - أو الجذع - في عين نفسه). رواه البخاري في الأدب المفرد موقوفاً، ورواه ابن حبان والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن حِميَر القضاعي عن جعفر بن برقان بنحوه مرفوعاً، والموقوف أصحّ إسناداً.

الردّ على الطاعنين في أبي هريرة رضي الله عنه

- قال ابن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي زين؛ أنه رأى أبا هريرة يضرب بيده ثم يقول: (يا أهل العراق! تزعمون أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون لكم المهنأ وعليَّ المأثم؟!!).رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري في المستدرك: (وإنما يتكلم في أبي هريرة لدفع أخباره من قد أعمى الله قلوبهم فلا يفهمون معاني الأخبار، إما معطل جهمي يسمع أخباره التي يرونها خلاف مذهبهم الذي هو كفر، فيشتمون أبا هريرة، ويرمونه بما الله تعالى قد نزهه عنه تمويها على الرعاء والسفل، أن أخباره لا تثبت بها الحجة، وإما خارجي يرى السيف على أمة محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يرى طاعة خليفة، ولا إمام إذا سمع أخبار أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف مذهبهم الذي هو ضلال، لم يجد حيلة في دفع أخباره بحجة وبرهان كان مفزعه الوقيعة في أبي هريرة، أو قدري اعتزل الإسلام وأهله وكفر أهل الإسلام الذين يتبعون الأقدار الماضية التي قدرها الله تعالى، وقضاها قبل كسب العباد لها إذا نظر إلى أخبار أبي هريرة التي قد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم في إثبات القدر لم يجد بحجة يريد صحة مقالته التي هي كفر وشرك، كانت حجته عند نفسه أن أخبار أبي هريرة لا يجوز الاحتجاج بها، أو جاهل يتعاطى الفقه ويطلبه من غير مظانه إذا سمع أخبار أبي هريرة فيما يخالف مذهب من قد اجتبى مذهبه، وأخباره تقليدا بلا حجة ولا برهان كلم في أبي هريرة، ودفع أخباره التي تخالف مذهبه، ويحتج بأخباره على مخالفته إذا كانت أخباره موافقة لمذهبه، وقد أنكر بعض هذه الفرق على أبي هريرة أخبارا لم يفهموا معناها).

رواة القراءة والتفسير عن أبي هريرة رضي الله عنه
قرأ أبو هريرة على أبيّ بن كعب رضي الله عنهما، وقرأ عليه عبد الرحمن بن هرمز الأعرج.
وأما الحديث فقد روى عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين حتى روى عنه بعض كبار الصحابة.
- قال سعيد بن سفيان الجحدري: حدثنا شعبة، عن أشعث بن أبي الشعثاء، قال: سمعت أبي يحدث، قال: قدمت المدينة، فإذا أبو أيوب يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه، فقلت: تحدث عن أبي هريرة، وأنت صاحب منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «لأن أحدّث عن أبي هريرة أحبُّ إليَّ من أن أحدّث عن النبي صلى الله عليه وسلم». رواه الحاكم في المستدرك.
- وقال أبو عبد الله الحاكم النيسابوري: (بلغ عدد من روى عن أبي هريرة من الصحابة ثمانية وعشرين رجلاً، فأمّا التابعون فليس فيهم أجلّ ولا أشهر وأشرف وأعلم من أصحاب أبي هريرة).
وروى عنه في التفسير خلق كثير:
من الصحابة: ثوبان بن بجدد، وأنس بن مالك، وابن عباس.
ومن التابعين: سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد، وأبو صالح ذكوان بن عبد الله السمان، ومرة بن شراحيل الهمداني، وأبو عثمان النهدي، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وطاووس بن كيسان، وعطاء بن أبي رباح، وهمام بن منبه، ومحمد بن سيرين، وسعيد المقبري، والقاسم بن محمد، وأبو العلاء عبد الرحمن بن يعقوب الجهني، وعامر بن شراحيل الشعبي، وعبد الله بن رافع، وأبو زرعة بن عمرو البجلي، ومجاهد بن جبر، ومحمد بن كعب القرظي، وعكرمة مولى ابن عباس، وأبو أيوب يحيى بن مالك المراغي، وعبد الرحمن بن حجيرة.
وأرسل عنه: الحسن البصري، ومحمد بن قيس بن مخرمة، وأبو حازم سلمة بن دينار، ومكحول الدمشقي، وسالم بن أبي الجعد، ويحيى بن أبي كثير، وابن شهاب الزهري، ومحمد بن المنكدر، وأبو قلابة الجرمي، وقتادة السدوسي.

مما روي عنه في التفسير:
- قال سليمان التيمي، عن أبي صالح البصري، عن أبي هريرة، قال: «الصلاة الوسطى صلاة العصر». رواه سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير.
- وقال معمر، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن عبد الرحمن بن لبيبة الطائفي قال: جئت إلى أبي هريرة وهو جالس في المسجد الحرام، قلت: أخبرني عن الصلاة الوسطى.
قال: (أما سمعت الله يقول: {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر} الآية، {ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم} فذكر الصلوات كلها، ثم قال: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} ألا وهي العصر، ألا وهي العصر). رواه عبد الرزاق في مصنفه، والطحاوي في شرح معاني الآثار.
- وقال سليمان بن بلال المدني: حدّثني معاوية بن أبي مزرّدٍ، عن سعيد بن يسارٍ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: ((خلق اللّه الخلق، فلمّا فرغ منه قامت الرّحم، فأخذت بحقو الرّحمن، فقال له: مه.
قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة.
قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى يا ربّ.
قال: فذاك.
قال أبو هريرة: (اقرءوا إن شئتم: {فهل عسيتم إن تولّيتم أن تفسدوا في الأرض وتقطّعوا أرحامكم}). رواه البخاري.
- وقال شيبان، عن يحيى، قال: أخبرني أبو سلمة، قال: جاء رجلٌ إلى ابن عبّاسٍ وأبو هريرة جالسٌ عنده، فقال: أفتني في امرأةٍ ولدت بعد زوجها بأربعين ليلةً؟
فقال ابن عبّاسٍ: آخر الأجلين.
قلت أنا: {وأولات الأحمال أجلهنّ أن يضعن حملهنّ}.
قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عبّاسٍ غلامَه كريبًا إلى أمّ سلمة يسألها.
فقالت: «قُتل زوج سبيعة الأسلميّة وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلةً، فخطبت فأنكحها رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وكان أبو السّنابل فيمن خطبها». رواه البخاري.
- وقال محمد بن إسحاق: أخبرني سعيد بن يسار، قال: سمعت أبا هريرة، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا جمع الله العباد في صعيد واحد، نادى مناد: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، فيلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى الناس على حالهم، فيأتيهم فيقول: ما بال الناس ذهبوا وأنتم ها هنا؟ فيقولون: ننتظر إلهنا، فيقول: هل تعرفونه؟ فيقولون: إذا تعرف إلينا، عرفناه، فيكشف لهم عن ساقه فيقعون سجودا، فذلك قول الله تعالى: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون}يبقى كل منافق فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة). رواه الدارمي.
- وقال أبو كريب: حدثنا وكيع، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي هريرة، {فرت من قسورة} قال: (هو الأسد). رواه ابن جرير، وعلّقه البخاري في صحيحه.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-12-2024, 04:14 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين

سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل





17: أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري (ت:74هـ)
سيرة أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنصاري (ت:74هـ) رضي الله عنه
من أسنان عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وسمرة بن جندب.
روى عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه أنه قال: عُرضت يوم أحد علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن ثلاث عشرة؛ فجعل أبي يأخذ بيدي فيقول: يا رسول الله إنه عَبْل العظام، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصعّد فيَّ النظر ويصوبّه، ثم قال: (( ردَّه )) فردَّني.
واستشهد أبوه يوم أحد.
شهد الخندق وما بعدها من الغزوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- عن حنظلة بن أبي سفيان، عن أشياخه، قالوا: «لم يكن أحد من أحداث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أفقه من أبي سعيد الخدري» رواه ابن سعد.
- عن قتادة، عن هلال بن حصن، عن أبي سعيد الخدري، قال: أعوزنا مرة فقيل لي: لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته! فانطلقت إليه مُعْنِقا، فكان أول ما واجهني به:"من استعفَّ أعفَّه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن سألنا لم ندخر عنه شيئا نجده". قال: فرجعت إلى نفسي، فقلت: ألا أستعف فيعفني الله! فرجعت، فما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد ذلك من أمر حاجة، حتى مالت علينا الدنيا فغرقتنا، إلا من عصم الله). رواه ابن جرير، وأصله في الصحيحين من غير قصّة الحديث، وأنه وافق النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بهذا الحديث على المنبر.

من مروياته في التفسير:
أ: الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: {وهم في غفلة} قال: " في الدنيا) رواه الإمام أحمد.
ب: عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس، عن أبي سعيد الخدري، أنه نازع الأنصار في الماء من الماء، فقال لهم: " أرأيتم لو أني علمت أن ما تقولون كما تقولون، وأغتسل أنا، فقالوا له: لا والله حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم} ). رواه ابن المنذر.
ج: عن أبي حازم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: {فإن له معيشة ضنكا} قال: «يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه» رواه عبد الرزاق.

روى عنه في التفسير: ابن عباس، وابنه عبد الرحمن بن أبي سعيد، وأبو نضرة المنذر بن مالك العبدي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو صالح السمان، وعطاء بن يسار، وأبو المتوكل الناجي علي بن داوود، وعطية بن سعيد العوفي، وأبو الهيثم المصري سليمان بن عمرو الليثي، وعبد الرحمن بن أبي نعم البجلي، وزيد بن أسلم العدوي، وعبيد بن حنين، وهلال بن حصن.
وروى عنه من الضعفاء: أبو هارون عمارة بن جوين العبدي.
وأرسل عنه: وأبو البختري الطائي، ومسلم بن يسار، والقاسم بن مخيمرة، والحسن البصري، وقتادة، وأبو حازم سلمة بن دينار، وأبو النضر سالم بن أبي أمية.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 30-12-2024, 04:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



- وقال شعبة، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن ابن عمر قال: (خذوا بحظكم من العزلة). رواه ابن سعد.
- وقال أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك قال: (انطلقت مع ابن عمر إلى عبيد بن عمير وهو يقصّ على أصحابه، فنظرتُ إلى ابن عمر؛ فإذا عيناه تهراقان). رواه ابن سعد.
- وقال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي: حدثنا عكرمة بن عمار، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه أنه قرأ {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد} حتى ختم الآية، فجعل ابن عمر يبكي حتى لَثِقَت لحيته وجيبه من دموعه). رواه ابن سعد.
- وقال سليمان بن بلال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد قال: (رأيت ابن عمر عند القاصّ رافعاً يديه يدعو حتى تحاذيا منكبيه). رواه ابن سعد.
- وقال حفص بن غياث، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: دخل ابن عمر في أناس من أصحابه على عبد الله بن عامر بن كريز وهو مريض يزورونه، فقالوا له: أبشر فإنك قد حفرت الحياض بعرفات يشرع فيها حاج بيت الله، وحفرت الآبار بالفلوات، قال: وذكروا خصالا من خصال الخير.
قال: فقالوا: إنا لنرجو لك خيرا إن شاء الله، وابن عمر جالس لا يتكلم، فلما أبطأ عليه الكلام قال: يا أبا عبد الرحمن، ما تقول؟ فقال: «إذا طابت المكسبة زكت النفقة، وسترد فتعلم» رواه ابن أبي شيبة.
كان عبد الله بن عامر بن كريز أمير البصرة في خلافة عثمان بعد أبي موسى الأشعري.
- وقال قبيصة بن عقبة: حدثنا سفيان، عن أبي الوازع قال: قلت لابن عمر: لا يزال الناس بخير ما أبقاك الله لهم.
قال: فغضب، وقال: (إني لأحسبك عراقيا، وما يدريك ما يغلق عليه ابن أمك بابه). رواه ابن سعد.
- وقال عبد الله بن جعفر الرقي: حدثنا أبو المليح، عن ميمون بن مهران قال: (دخلت على ابن عمر فقومت كل شيء في بيته من فراش أو لحاف أو بساط وكل شيء عليه؛ فما وجدته يساوي مائة درهم). رواه ابن سعد.
- وقال أبو كعب يزيد بن عبد ربه، عن أنس بن سيرين، قال: أتى رجل ابنَ عمر بصرَّة؛ فقال: ما هذه؟
قال: هذا شيء إذا أكلت طعامَك فكربَك أكلتَ من هذا شيئاً فهضمه عنك.
قال: فقال ابن عمر: (ما ملأت بطني من طعام منذ أربعة أشهر). رواه ابن سعد.
- وقال معاوية بن قرة، عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن أباه، قال: (ما كنت بشيء بعد الإسلام أشد فرحا من أن قلبي لم يشربه شيء من هذه الأهواء المختلفة). رواه ابن سعد.
- وقال عبيد الله بن عمر، عن نافع، (أن ابن عمر كان يسمع بعض ولده يلحن فيضربه). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
- وقال محمد بن عبيد الطنافسي: حدثنا عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر (أنه وجد مع بعض أهله الأربع عشرة؛ فضرب بها رأسه). رواه ابن سعد.
قلت: الأربع عشرة لعبةٌ كان يُتلهّى بها؛ إما تخطّ خططاً على الأرض وإما على لوح من الخشب.
- وقال محمد بن مصعب القرقساني، عن عبد الله بن عمر، عن نافع قال: (كان ابن عمر يكسر النرد والأربعة عشر). رواه ابن سعد.
- وقال قرة بن خالد: قلت لمحمد بن سيرين: هل كانوا يتمازحون؟
فقال: ما كانوا إلا كالناس كان ابن عمر يمزح وينشد الشعر ويقول:

يحب الخمر من كيس الندامى ... ويكره أن تفارقه الفلوس).



رواه أبو نعيم.

- وقال عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع (أنَّ ابنَ عمر كان إذا فاتته صلاة العشاء في جماعة أحيا بقية ليلته). رواه ابن عساكر.
- وقال ابن أبي أويس: سمعت مالك بن أنس يقول سمعت نافعا يقول: (كان ابن عمر إذا فاتته صلاة في جماعة صلى إلى الصلاة الأخرى؛ فإذا فاتته العصر سبَّحَ إلى المغربِ، ولقد فاتته صلاة عشاء الأخيرة في جماعة فصلى حتى طلع الفجر). رواه ابن عساكر.

- وقال يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن القاسم بن محمد قال: (كان ابن عمر قد أتعب أصحابَه فكيف من بعدهم). رواه ابن عساكر.

مذهبه في الأعطيات والصلات:
- قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: سمعت عمر، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول: أعطه من هو أفقر إليه مني، فقال: «خذه، إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه، وما لا؛ فلا تتبعه نفسك» رواه البخاري من حديث الزهري عن سالم عن أبيه.
- وقال محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى عبد الله بن عمر أن ارفع إليَّ حاجتك.
قال: فكتب إليه عبد الله: (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ابدأ بمن تعول، واليد العليا خير من اليد السفلى)) وإني لأحسب اليد العليا المعطية، والسفلى السائلة، وإني غير سائلك شيئاً، ولا رادّ رزقاً ساقه الله إليَّ منك). رواه أحمد وابن سعد وأبو يعلى، وأصله في الصحيحين.
- وقال سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن نافع، قال: كان يرسل إلى عبد الله بن عمر بالمال؛ فيقبله، ويقول: (لا أسأل أحداً شيئاً، ولا أردّ ما رزقني الله). رواه ابن سعد.
- وقال جعفر بن محمد، عن نافع، قال: كان المختار يبعث بالمال إلى ابن عمر فيقبله ويقول: (لا أسأل أحدا شيئا، ولا أرد ما رزقني الله). رواه ابن سعد والبيهقي في شعب الإيمان.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، قال: (ما رد ابن عمر على أحد وصية ولا رد على أحد هدية إلا على المختار). رواه ابن سعد.
قلت: كان المختار بن أبي عبيد الثقفي أخو صفية زوجة عبد الله بن عمر؛ فلعلّ ابن عمر كان يقبل منه قبل أن يحدث المختار ما أحدث من مذهب السوء وسفك الدماء ثم كان يردّ هداياه بعد ذلك.

صفاته وشمائله:
كان ابن عمر رضي الله عنهما فيما يُذكر عنه قويّ الجسم طويلاً آدم، كريم المعشر، سخيّاً متواضعاً، عفيف اللسان.
وكان يشترط على من يصحبه في السفر ألا يصوم إلا بإذنه، وألا ينازعه الأذان؛ وكان يُكرِم من يصحبه ويخدمه.
وكان محبوباً في الناس، مشهوداً له بذلك، ورأى من دلائل ذلك ما كان يتعجّب منه.
وكان حريصاً على الألفة بين المسلمين، وإفشاء السلام، حتى روي عنه أنه قال: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأسلم على الناس ويسلمون علي.
- قال معن بن عيسى: حدثنا مالك بن أنس، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، قال: (كان أشبه ولد عمر بعمر عبد الله، وأشبه ولد عبد الله بعبد الله سالم). رواه ابن سعد.
قلت: لعلّه أراد الشبه في السجايا والخصال، والعمل والفضل؛ فكان عبد الله أفضل أولاد أبيه وأقربهم إلى الاتّساء به وإن لم يكن مثله، وكان سالم أفضل أولاد عبد الله وأقربهم إلى الاتّساء به، وإن لم يكن مثله.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا أبو معشر، عن سعيد المقبري، قال: قال ابن عمر: (إني لأخرج إلى السوق ما لي حاجة إلا أن أسلّم ويسلم علي). رواه ابن سعد.
- وقال شعبة بن الحجاج، عن عبيد الله بن عمران، أنه قال: سمعت مجاهدا، يقول: «صحبت ابن عمر لأخدمه، فكان هو يخدمني». رواه أبو بكر الخلال في السنة.
- وقال حماد بن زيد، عن خالد الحذاء، قال:( كان ابن عمر يشترط على من صحبه ألا تصحبنا ببعير جلال، ولا تنازعنا الأذان، ولا تصوم إلا بإذننا). رواه ابن سعد.
- وقال حماد بن سلمة، عن أبي ريحانة، قال: (كان ابن عمر يشترط على من صحبه في السفر الفطر والأذان والذبيحة) يعني الجزرة يشتريها للقوم. رواه ابن سعد.
- وقال جويرية بن أسماء، عن نافع، أنّ عبد الله بن عمر لم يكن يصوم في السفر، وكان معه صاحب له من بني ليث يصوم، فلم يكن عبد الله ينهاه، وكان يأمره أن يتعاهد سحوره. رواه ابن سعد.
- وقال مالك بن أنس عن حميد بن قيس عن مجاهد قال: كنت مع ابن عمر فجعل الناس يسلمون عليه حتى انتهى إلى دابته؛ فقال لي ابن عمر: (يا مجاهد! إنَّ الناسَ يحبونني حباً لو كنتُ أعطيهم الذهبَ والوَرِق ما زدت). رواه ابن سعد.

جوده وبذله في سبيل الله:
مما اشتهر عن ابن عمر كثرة صدقاته وعتقه وإنفاقه في سبيل الله، حتى ربما ذهل عن حاجة نفسه، وروي أنه أعتق أنفساً كثيرة، وأنه إذا أعجبه شيء من ماله قرّبه لله.
- قال يزيد بن هارون: أخبرنا محمد بن عمرو بن حماس، عن حمزة بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: (خطرت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، فما وجدت شيئا أحب إليَّ من جاريتي رميثة، فعتقتها، فلولا أني لا أعود في شيء جعلته لله لنكحتها، فأنكحتها نافعا؛ فهي أم ولده). رواه ابن سعد.
- وقال عاصم بن محمد العمري، عن أبيه قال: أُعطي ابنُ عمر بنافع عشرة آلاف - أو ألف دينار - فقلت: يا أبا عبد الرحمن فما تنتظر أن تبيع؟
قال: (فهلا ما هو خير من ذلك؟ هو حرّ لوجه الله تعالى). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال عبد العزيز بن أبي رواد: حدثني نافع أن عبد الله بن عمر، كان إذا اشتد عجبه بشيء من ماله قربه لربه، قال: فلقد رأيتنا ذات عشية، وكنا حجاجاً وراحَ على نجيبٍ له قد أخذه بمال؛ أعجبته روحته وسرَّه إناخته، ثم نزل عنه، ثم قال: (يا نافع! انزعوا زمامه ورحله، وجلّلوه وأشعِروه وأدخلوه في البُدْن). رواه ابن سعد.
- وقال عبد العزيز بن أبي رواد: أخبرني نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا رأى من رقيقه أمراً يعجبه أعتقه، فكان رقيقه قد عرفوا ذلك منه.
قال نافع: فلقد رأيت بعض غلمانه ربما شمر ولزم المسجد؛ فإذا رآه على تلك الحال الحسنة أعتقه، فيقول له أصحابه: والله يا أبا عبد الرحمن ما هم إلا يخدعونك!
قال: فيقول عبد الله: (من خدعنا بالله انخدعنا له). رواه ابن سعد.
- وقال جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران، عن نافع، قال: (أُتِي ابن عمر ببضعة وعشرين ألفاً؛ فما قام من مجلسه حتى أعطاها وزاد عليها).
قال: (لم يزل يعطي حتى أنفد ما كان عنده، فجاءه بعض من كان يعطيه؛ فاستقرض من بعض من كان أعطاه فأعطاه). رواه ابن سعد.
- وقال هشام بن سعد، عن أبي جعفر القارئ، قال: (خرجت مع ابن عمر من مكة إلى المدينة، وكان له جفنة من ثريد يجتمع عليها بنوه وأصحابه وكل من جاء حتى يأكل بعضهم قائما، ومعه بعير له عليه مزادتان فيهما نبيذ وماء مملوءتان؛ فكان لكل رجل قدح من سويق بذلك النبيذ حتى يتضلع منه شبعاً). رواه ابن سعد.
- وقال ابن علية عن أيوب، عن نافع، قال: كان ابن عمر لا يصوم في السفر، ولا يكاد يفطر في الحضر إلا أن يمرض أو أيامَ يقدم، فإنَّه كان رجلاً كريماً يحبُّ أن يؤكلَ عنده.
قال: وكان يقول: (ولأن أفطر في السفر فآخذ برخصة الله أحبّ إليَّ من أن أصوم). رواه ابن سعد وابن عساكر.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: حدثنا مسعر، عن معن، قال: كان ابن عمر إذا صنع طعاماً؛ فمرَّ به رجلٌ له هيئة لم يدْعُه ودعاه بنوه أو بنو أخيه، وإذا مرَّ إنسانٌ مسكين دعاه ولم يدعوه.
وقال: (يَدْعون من لا يشتهيه، ويَدَعون من يشتهيه). رواه ابن سعد.
- وقال يحيى بن حمزة: حدثنا برد بن سنان، أنه سمع نافعاً يحدّث قال: (إن كان ابن عمر ليقسم في المجلس الواحد ثلاثين ألف درهم، ثم يأتي عليه الشهر ما يأكل مزعة من لحم). رواه أبو داوود في الزهد.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، (أن ابن عمر، كان لا يكاد يتعشى وحده). رواه ابن سعد.
- وقال حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، أن ابن عمر، قال: (إني أشتهي حوتاً).
قال: فشووها ووضعوها بين يديه؛ فجاء سائل.
قال: (فأمر بها فدُفعت إليه). رواه ابن سعد.
- وقال جعفر بن برقان: حدثنا ميمون بن مهران أن امرأة ابن عمر عوتبت فيه؛ فقيل لها: ما تلطفين بهذا الشيخ؟!
قالت: وما أصنع به لا يصنع له طعام إلا دعا عليه من يأكله، فأرسلت إلى قوم من المساكين كانوا يجلسون بطريقه إذا خرج من المسجد؛ فأطعمتهم، وقالت: لا تجلسوا بطريقه، ثم جاء إلى بيته.
فقال: أرسلوا إلى فلان وإلى فلان، وكانت امرأته قد أرسلت إليهم بطعام، وقالت: إن دعاكم فلا تأتوه، فقال: (أردتم ألا أتعشّى الليلة) فلم يتعشَّ تلك الليلة. رواه ابن سعد وابن عساكر.

موقفه من الفتن:
كان ابن عمر رضي الله عنهما شديد التوقّي من الفتن، شديد الاحتياط لدينه، ملازماً لما كان عليه زمن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، بصيراً بالفتن وعواقبها، ولقد رُغّب ورُهّب فما ازداد إلا ثباتاً وتمسّكاً بما هو عليه من الاستقامة والاحتياط لدينه.
وقد أثنى عليه الصحابة والتابعون بحسن استقامته وسلامته من الفتن.
فكان يسير ما استبان له الأمر؛ فإذا وجد اشتباهاً توقّف واحتاط لدينه.
فلما حوصر عثمان لبس درعه ليقاتل دونه؛ لكنّ عثمان نهى عن القتال وعزم على كلّ من أراد أن يقاتل دونه أن يلقي سلاحه.
ولمّا حدثت الفتنة بعد مقتل عثمان اعتزلها؛ فلم يقاتل مع أي طائفة، ولزم ما كان عليه من العمل، وكان على بصيرة مما كان يفعله في زمان الفتنة، لا يتردد في اجتنابها، ولا يلتفت في ذلك إلى ترغيب ولا ترهيب.
ولقد عُرضت عليه الخلافة يوم التحكيم فأبى أن يقبلها إلا باتفاق من المسلمين، وقال: لو خالفني أهل فدك ما قبلتها.
ثمّ طُلب منه أن ينصّب نفسه خليفة في زمن الفتنة الثانية بعد يزيد بن معاوية؛ فقال: (ما يسرّني أن لي الدنيا وما فيها وأن يُقتل بسببي رجل واحد) أو كلاماً هذا معناه.
وأخباره في توقّي الفتن كثيرة.
- قال عبد الله بن عون، عن نافع أن ابن عمر لبس الدرع يوم الدار مرتين. رواه ابن سعد وابن عساكر.
- وقال الحافظ ابن أبي عمر: حدثنا سفيان [بن عيينة] عن عمر بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: بعث إليَّ علي بن أبي طالب؛ فأتيته؛ فقال: (يا أبا عبد الرحمن إنك رجل مطاع في أهل الشام، فسِرْ، فقد أمّرتك عليهم).
فقلت: أذكّرك اللهَ وقرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبتي إيّاه إلا ما أعفيتني، فأبى عليَّ، فاستعنتُ عليه بحفصةَ فأبى، فخرجتُ ليلاً إلى مكة.
فقيل له: إنه قد خرج إلى الشام؛ فبعث في أثري، فجعل الرجلُ يأتي المربدَ فيخطم بعيره بعمامته ليدركني؛ فأرسلت حفصة أنه لم يخرج إلى الشام إنما خرج إلى مكة). رواه ابن عساكر.
- وقال عبد الله بن إدريس عن ليث، عن نافع قال: (لما قتل عثمان جاء علي بن أبي طالب إلى ابن عمر فقال: إنك محبوب إلى الناس، فسر إلى الشام.
فقال ابن عمر: "بقرابتي وصحبتي النبي صلى الله عليه وسلم والرّحِم التي بيننا".
فلم يعاودْه). رواه الطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ دمشق.
- وقال سالم بن عبد الله وعكرمة بن خالد كلاهما عن ابن عمر، قال: دخلتُ على حفصة ونَسَواتها تنطُف.
قلت: قد كان من أمر الناس ما ترين، فلم يجعل لي من الأمر شيء.
فقالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة، فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: (من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر؛ فليطلع لنا قرنه، فلنحن أحق به منه ومن أبيه).
قال حبيب بن مسلمة: فهلا أجبته؟
قال عبد الله: (فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر منك من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع، وتسفك الدم، ويحمل عني غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان).
قال حبيب: (حفظت وعصمت). رواه البخاري.
قوله: (ونسواتها تنطف) وفي رواية معلّقة في الصحيح: (ونوساتها) هي غدائر شعرها، تقطر ماءً، سمّيت بذلك لأنها تنوس أي تتحرك، كناية عن أنها حديثة عهد بغسل.
- وقال مرحوم بن عبد العزيز: سمعت أبي يقول: (لما كانت فتنة يزيد بن المهلب انطلقت أنا ورجل إلى ابن سيرين فقلنا: ما ترى؟
فقال: «انظروا إلى أسعد الناس حين قُتِلَ عثمان فاقتدوا به»
قلنا: هذا ابن عمر، كفَّ يدَه) رواه أبو نعيم.
- وقال عبد الله بن عبيد بن عمير: قال ابن عمر: (إنما كان مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم كانوا يسيرون على جادّة يعرفونها؛ فبينا هم كذلك إذ غشيتهم سحابة وظلمة؛ فأخذ بعضنا يمينا، وبعضنا شمالا، وأخطأنا الطريق وأقمنا حيث أدركنا ذلك حتى تجلى عنا ذلك؛ حتى أبصرنا الطريق الأول فعرفناه فأخذنا فيه). رواه ابن سعد.
- وقال حميد بن مهران الكندي: أخبرنا سيف المازني قال: كان ابن عمر يقول: (لا أقاتل في الفتنة، وأصلّي وراء من غلب). رواه ابن سعد، وأبو يوسف الفسوي في مشيخته.
- وقال محمد بن مطرف، عن زيد بن أسلم، (أنَّ ابن عمر، كان في زمان الفتنةِ لا يأتي أميرٌ إلا صلّى خلفه وأدّى إليه زكاة ماله). رواه ابن سعد.
- وقال علي بن الأقمر: قال مروان بن الحكم لابن عمر: ألا تخرج إلى الشام فيبايعوك؟
قال: فكيف أصنع بأهل العراق؟
قال: تقاتلهم بأهل الشام.
قال: (والله ما يسرني أن يبايعني الناس كلهم إلا أهل فدك، وأني قاتلتهم فقتل منهم رجل واحد). رواه ابن سعد.
- وقال وهيب بن خالد: حدثنا أيوب، عن أبي العالية البرّاء، قال: (كنت أمشي خلف ابن عمر وهو لا يشعر، وهو يقول: (واضعين سيوفهم على عواتقهم يقتل بعضهم بعضاً، يقولون: يا عبد الله بن عمر أعط بيدك). رواه ابن سعد.
وأبو العالية البرّاء بتشديد الراء نسبة إلى بري النبال، مولى لقريش، من أهل البصرة، وكان ثقة من رجال الصحيحين، اختلف في اسمه فقيل: أذينة، وقيل: كلثوم، وقيل: زياد بن فيروز، وقيل: زياد بن أذينة.
- وقال الأسود بن شيبان: حدثنا خالد بن سمير، عن موسى بن طلحة [بن عبيد الله] قال: (يرحم الله عبد الله بن عمر - إما سماه وإما كناه - والله إني لأحسبه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي عهده إليه لم يفتن بعده، ولم يتغير والله ما استغرّته قريش في فتنتها الأولى). رواه ابن سعد.
- وقال أسود بن شيبان، عن خالد بن سمير، قال: لما قدم الكذاب الكوفة يعني المختار هرب ناس من وجوه أهل الكوفة؛ فقدموا علينا البصرة منهم موسى بن طلحة؛ فغشيته؛ فقال: (يرحم الله أبا عبد الرحمن - أو عبد الله بن عمر - والله إني لأحسبه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الذي عهد له). رواه ابن عساكر، وأصله في طبقات ابن سعد، وزاد قال موسى: (لم يفتن بعده، ولم يتغيَّر، والله ما استغرَّته قريش في فتنتها الأولى).

- وقال أبو المليح، عن ميمون بن مهران، قال: كتب ابن عمر إلى عبد الملك بن مروان فبدأ باسمه، فكتب إليه: أما بعد فـ {الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه} إلى آخر الآية، وقد بلغني أنَّ المسلمين اجتمعوا على البيعة لك، وقد دخلتُ فيما دخلَ فيه المسلمون والسلام). رواه ابن سعد.
- وقال مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أنه قيل له: كيف ترى عبد الله بن عمر لو ولي من أمر الناس شيئا؟
فقال أسلم: (ما رجل قاصد لباب المسجد داخل أو خارج بأقصدَ من عبد الله لعمل أبيه). رواه ابن سعد.

وفاته:
عُمّر ابن عمر حتى أدرك مقتل ابن الزبير، وحجّ في تلك السنة، وكان الحجاج قد غلب على مكّة، ونشر عسكره في المشاعر بأسلحتهم، وحجّ ابن عمر في تلك السنة؛ فأصابه رمح في رجله وهو يرمي الجمرات من الزحام؛ فكان ذلك سبب موته.
- قال سعيد بن جبير: كنت مع ابن عمر حين أصابه سنان الرمح في أخمص قدمه، فلزقت قدمه بالركاب، فنزلت، فنزعتها وذلك بمنى، فبلغ الحجاج فجعل يعوده، فقال الحجاج: لو نعلم من أصابك، فقال ابن عمر: «أنت أصبتني»
قال: وكيف؟
قال: «حملت السلاح في يوم لم يكن يُحمل فيه، وأدخلت السلاح الحرم ولم يكن السلاح يدخل الحرم» رواه البخاري.
- وقال سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص: دخل الحجاج على ابن عمر وأنا عنده، فقال: كيف هو؟
فقال: صالح.
فقال: من أصابك؟
قال: «أصابني من أمر بحمل السلاح في يوم لا يحل فيه حمله» يعني الحجاج). رواه البخاري.
مات بعد أن قضى نسكه، وأوصى أن يدفن خارج الحرم، فلم يقدروا على ذلك بسبب الحَجاج وجنده، وكانت الفتنة شديدة.
- قال ابنه سالم: (فدفناه بفخ في مقبرة المهاجرين نحو ذي طوى).
- قال نافع بن سرجس: (وإنما سميت مقبرة المهاجرين لأنه دفن فيها من مات ممن كان أتى المدينة، ثم حج وجاور فمات بمكة؛ فكان يدفن في هذه المقبرة، منهم أبو واقد الليثي، وعبد الله بن عمر وغيرهما). رواه الحاكم في مستدركه.
وكان موته رضي الله عنه سنة 74هـ على الصحيح، وله أربعة وثمانون عاماً.
- وقال عبد العزيز [بن أبي أويس] عن مالك بن أنس: (بلغ ابن عمر سبعا وثمانين سنة). ذكره البخاري في التاريخ الكبير.
- قال سعيد بن أبي عروبة عن قتادة، قال: قال سعيد بن المسيب: (لو كنت شاهداً لأحد حيّ أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر). رواه الإمام أحمد في فضائل الصحابة، وأبو بكر الخلال في السنة.
- وقال أبو هلال [الراسبي]: حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب قال: (لو شهدت لأحد أنه من أهل الجنة لشهدت لعبد الله بن عمر). رواه أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة، والخطيب البغدادي في تاريخه.
- وقال شعبة: سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب قال: (مات ابن عمر يوم مات، وما في الأرض أحد أحبّ إليَّ من أن ألقى الله بمثل عمله). رواه ابن عساكر.

مما روي عنه في التفسير:
أ: الزهري عن خالد بن أسلم، قال: خرجنا مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقال أعرابي: أخبرني عن قول الله: {والذين يكنزون الذهب والفضة، ولا ينفقونها في سبيل الله} قال ابن عمر: «من كنزها، فلم يؤد زكاتها فويل له، إنما كان هذا قبل أن تنزل الزكاة؛ فلما أنزلت جعلها الله طهرا للأموال» رواه البخاري.
ب: أيوب، عن نافع، عن ابن عمر قال: (كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله حتى نزلت علينا هذه الآية: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} فلما سمعناها كففنا عن الشهادة وأرجينا الأمور إلى الله). رواه ابن أبي حاتم.
ج: هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر في قوله: {خذ العفو} قال: (أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس). رواه ابن أبي حاتم.

رواياته:
أخذ عن النبي صلى الله عليه وسلم علماً غزيراً، ثم أخذ عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وحفصة وعائشة وابن مسعود وزيد بن ثابت وبلال بن رباح وصهيب الرومي وجماعة من أكابر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

رواة التفسير عنه:
روى عنه في التفسير: ابنه سالم، ومولاه نافع، وعبد الله بن دينار، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد، ومجاهد بن جبر، وسعيد بن جبير، ومحمد بن سيرين، وزيد بن أسلم العدوي مولى عمر، وأخوه خالد بن أسلم، وأبو عمرو الشيباني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وعامر الشعبي، وخالد بن معدان، ومحارب بن دثار الباهلي، وصدقة بن يسار، وأبو الزبير المكي، وبكر بن عبد الله المزني، وثوير بن أبي فاختة.
وأكثر من روى عنه في التفسير: مولاه نافع ثم عبد الله بن دينار، ثم سالم بن عبد الله.
وأرسل عنه: الزهري، ومحمد بن عون، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، وأبو قلابة الجرمي، وأبو حازم سلمة بن دينار، وأبو إسحاق السبيعي، وأبو الزناد، ومكحول، وعروة بن رويم، وعمرو بن مرة، والضحاك، وزيد العميّ.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 28-02-2025, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل





سير أعلام المفسرين من التابعين


1: أبو يزيد الربيع بن خثيم الثوري (ت: 61هـ)
الإمام العابد الزاهد المخبت؛ من المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام، ولم ير النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وهو ثقة جليل القدر كبير الشأن في التابعين، نزل الكوفة وصحب ابن مسعود؛ وتعلّم من علمه وهديه وسمته، وحصّل خيراً كثيراً.
قال بكر بن ماعز: كان عبد الله بن مسعود إذا رأى الربيع بن خثيم مقبلا قال : (بشر المخبتين! أما والله لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك). رواه ابن أبي شيبة.

وكان من العلماء الحكماء، عظيم الزهد في الدنيا، بصيراً بأمر دينه، ناصحاً للمسلمين، وله وصايا مأثورة، وحكم مشهورة، وأخبار وآثار اعتنى السلف بتدوينها وروايتها، وأفرد لها ابن أبي شيبة باباً في مصنفه في كتاب الزهد، ونقل منها طائفة ابن سعد
قال إبراهيم التيمي: (أخبرني من صحب ابن خثيم عشرين عاما ما سمع منه كلمة تُعاب). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
وقال ابن الكواء للربيع بن خثيم: ما نراك تذم أحدا ولا تعيبه!!
قال: ويلك يا ابن الكواء! ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذمي إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله على ذنوب العباد وأمنوا على ذنوبهم). رواه ابن أبي شيبة
- محمد بن فضيل عن أبيه عن سعيد بن مسروق عن الربيع بن خثيم أنه سُرق له فرس وقد أعطى به عشرين ألفا فاجتمع عليه حيُّه وقالوا: ادع الله عليه؛ فقال: (اللهم إن كان غنيا فاغفر له، وإن كان فقيراً فأغنه).

وكان شديد الخشية؛ ذكر الأعمش عمّن حدّثه أن الربيع بن خثيم مرّ بالحدّادين فنظر إلى الكير وما فيه فخرّ مغشيّاً عليه.
وكان حريصاً على تحقيق الإخلاص معتنياً به، قالت سرّيته: كان الربيع يدخل عليه الداخل وفي حجره المصحف يقرأ فيه فيغطيه). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
وكان يقول: (كل ما لا يراد به وجه الله يضمحلّ). رواه ابن سعد.
- سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه قال: كان إذا قيل للربيع بن خثيم: كيف أصبحتم؟ قال: ضعفاء مذنبين، نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
- قال نسير بن ذعلوق: كان الربيع بن خثيم يبكي حتى تبتل لحيته من دموعه ويقول: «أدركنا قوما كنا في جنوبهم لصوصا» رواه ابن سعد.

من وصاياه الجليلة:
- ما رواه ابن أبي شيبة من طريق سفيان بن سعيد الثوري عن أبيه عن بكر بن ماعز أن الربيع بن خثيم قال له:
«يا بكر، اخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك، فإني اتهمت الناس على ديني، أطع الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، ما خيركم اليوم بخيرٍ، ولكنه خيرٌ من آخر شر منه، ما تتبعون الخير كل اتباعه، ولا تفرون من الشر حق فراره، ما كل ما أنزل الله على محمدٍ أدركتم، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو، السرائر اللاتي يخفين على الناس هن لله بَوَادٍ، ابتغوا دواءها»
ثم يقول لنفسه: «وما دواؤها؟ أن تتوب ثم لا تعود»
- ما رواه ابن سعد من طريق الربيع بن المنذر الثوري عن أبيه، عن الربيع بن خثيم قال: «إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار تعرفه، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل تنكره» رواه ابن سعد.

روى عن: ابن مسعود
روى عنه: الشعبي، وسعيد بن مسروق الثوري أبو سفيان، وبكر بن ماعز، وأبو رزين، ومنذر الثوري، ونسير بن ذعلوق، وغيرهم.

من مروياته في التفسير:
أ: قال الأعمش:حدثنا مسعود أبو رزين، عن الربيع بن خثيم في قوله: {وأحاطت به خطيئته} ، قال: هو الذي يموت على خطيئته قبل أن يتوب). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
ب: قال نسير بن ذعلوق: سألت الربيع بن خثيم عن الصلاة الوسطى، قال: أرأيت إن علمتها كنت محافظا عليها ومضيعا سائرهن؟ قلت: لا! فقال: فإنك إن حافظت عليهن فقد حافظت عليها). رواه ابن جرير
ج: منصور بن المعتمر، عن أبي رزين، عن الربيع بن خثيم: {فليضحكوا قليلا}، قال: في الدنيا، {وليبكوا كثيرًا} قال: في الآخرة). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 26-04-2025, 10:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل




سيرة عَبيدة بن عمرو بن قيس السلماني المرادي (ت: 72هـ) رحمه الله
3: عبيدة بن عمرو بن قيس السَّلْماني المرادي (ت: 72هـ).
الإمام الفقيه المفسّر؛ من كبار التابعين وعلمائهم؛ أسلم عام الفتح في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يلقه، وأخذ العلم عن كبار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود.
لزم ابن مسعود في الكوفة حتى كان مقدّماً في أصحابه، ثمّ لمّا انتقل عليّ إلى الكوفة لزمه وأخذ عنه علماً غزيراً، وشهد معه وقعة الخوارج بالنهروان.
قال العجلي: (كان من أصحاب علي وعبد الله بن مسعود، وكان أعور، وكان أحد أصحاب عبد الله الذين يقرئون ويفتون).
قال ابن سيرين: (كان عبيدة عريف قومه). رواه ابن سعد.

وكان معدوداً من كبار فقهاء الكوفة، تولّى القضاء بها مدّة، وكان حسن الاستنباط والاجتهاد على ورع وتوقّي:
- قال محمد بن سيرين: (سألت عبيدة عن آية فقال: عليك باتقاء الله والسداد فقد ذهب الذين كانوا يعلمون فيما أنزل القرآن). رواه ابن سعد والخطيب البغدادي. .
- قال النعمان بن قيس: دعا عَبيدة بكتبه عند موته؛ فمحاها وقال: (أخشى أن يليها أحد بعدي فيضعوها في غير موضعها). رواه ابن سعد.
- قال يحيى بن معين: (عَبيدة ثقة لا يُسأل عنه).

روى عنه في التفسير: محمد بن سيرين فأكثر، وأخوه أنس بن سيرين، وإبراهيم النخعي، وأبو حسان الأعرج، وأبو الضحى، وغيرهم.

من مروياته في التفسير:
أ: إبراهيم النخعي عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع والماء والثرى على إصبع وسائر الخلائق على إصبع فيقول أنا الملك فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون }). رواه البخاري.
ب: هشام بن عروة عن محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني في قول الله تعالى : {وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة..} قال: هو الرجل يذنب الذنبَ فيستسلم، ويلقي بيده إلى التهلكة، ويقول: لا توبة له!). رواه ابن جرير.
ج: ابن علية عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عَبيدة، في قوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن} فلبسها عندنا ابن عون، قال: ولبسها عندنا محمد، قال محمد: ولبسها عندي عبيدة؛ قال ابن عون بردائه، فتقنع به، فغطى أنفه وعينه اليسرى، وأخرج عينه اليمنى، وأدنى رداءه من فوق حتى جعله قريبا من حاجبه أو على الحاجب). رواه ابن جرير.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 09-05-2025, 12:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل





سيرة أبي مريم زِرُّ بنُ حُبَيشِ بنِ حُباشةَ الأسديّ (ت: 82هـ) رحمه الله

5: أبو مريم زِرُّ بنُ حُبَيشِ بنِ حُباشةَ الأسديّ (ت: 82هـ)
الإمام المقرئ المفسّر، ثقة جليل القدر، من كبار التابعين المخضرمين، أدرك الجاهلية، ولبث فيها عمراً، وكان قد جاوز الأربعين من عمره لمّا هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما وفد على عمر في المدينة، ثم ارتحل إلى الكوفة، ولزم ابن مسعود، وقرأ عليه القرآن، وأخذ منهم علماً غزيراً، وكان زرّ من الفصحاء المذكورين؛ عالماً بالعربية.
قال عاصم بن أبي النجود: (كان زر بن حبيش أعرب الناس، وكان عبد الله [بن مسعود] يسأله عن العربية). رواه ابن سعد.
ووفد في خلافة عثمان إلى المدينة؛ ولزم عبد الرحمن بن عوف وأبيّ بن كعب، ملازمة حسنة، وقرأ على أبيّ وأكثر من سؤاله عن التفسير.
عن عاصم، عن زر قال: خرجت في وفد من أهل الكوفة، وايم الله إن حرضني على الوفادة إلا لقاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما قدمت المدينة أتيت أبيّ بن كعب، وعبد الرحمن بن عوف، فكانا جليسيَّ وصاحبيَّ، فقال أبيٌّ: يا زرّ ما تريد أن تدع من القرآن آية إلا سألتني عنها). رواه ابن سعد.
ولعله كان في عشر الستين في تلك الوفادة.
وكان مع فصاحته ومعرفته بالتفسير من الأئمة القراء؛ قال عاصم: (ما رأيت أقرأ من زر).
قرأ القرآن فجوّده، وعلم من التفسير والأحكام علماً غزيراً، وعمّر حتى أدرك خلافة عبد الملك بن مروان، ومات سنة 82هـ قبل وقعة الجماجم، وله من العمر 127سنة على قول أبي نعيم، و122 سنة على قول ابن حبّان.
قال إسماعيل بن أبي خالد: (رأيت زر بن حبيش وقد أتى عليه عشرون ومائة سنة وإن لحييه ليضطربان من الكبر). رواه ابن سعد.
وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث.

روى عن: علي بن أبي طالب، وعبد الله بن مسعود، وأبيّ بن كعب، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عباس.
وروى عنه في التفسير: عاصم بن أبي النجود وهو أكثرهم رواية عنه، والمنهال بن عمرو، والأعمش، ومنصور بن المعتمر، وعطاء بن أبي ميمونة.
وعطاء مختلف فيه لكن يروي عنه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف؛ فرواية علي بن زيد عن عطاء بن أبي ميمونة عن زر ضعيفة الإسناد.
وقرأ عليه القرآن: عاصم بن أبي النجود والأعمش ويحيى بن وثاب وغيرهم.

ومما روي عنه في التفسير:
أ: جرير بن حازم عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: (سألت عبد الله بن مسعود عن {الأواه}، قال: هو الدَّعاء). رواه ابن وهب.
ب: عن محمد بن عبيد الله عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: سألت عبد الله بن عباس: أفي ص سجدة، فقال: نعم، فقلت: إن ابن مسعود يقول: لا؛ قال: لو سمعها داود لسجد، وقد أمرنا الله أن نقتدي بهم). رواه ابن وهب.
ج: سفيان، عن عاصم، عن زِرّ {َما هوَ عَلَى الْغَيْبِ بِظَنِينٍ} قال: الظَّنين: المتَّهم، وفي قراءتكم: {بِضَنِينٍ} والضنين: البخيل، والغيب: القرآن). رواه ابن جرير.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 22-05-2025, 10:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل





سيرة أبي الأحوص عوف بن مالك بن نضلة الجشمي (ت: 85 هـ تقريباً) رحمه الله

7: أبو الأحوص عوف بن مالك بن نضلة الجشمي (ت: 85 هـ تقريباً)
وجشم بطن من هوازن.
روى أبو الأحوص عن أبيه مالك بن نضلة وكان صحابياً، وهو الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أنعم الله على عبد نعمة أحب أن يرى أثر نعمته عليه).
نزل الكوفة في خلافة عمر مع أوائل من نزلها، وتفقّه على عبد الله بن مسعود وأبي موسى الأشعري، وأبي مسعود البدري، وغيرهم.
وقاتل الخوارج مع عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، وروى أحداث وقعة النهروان.
قال علي بن الأقمر: سمعت أبا الأحوص يقول: (كنا ثلاثة إخوة. أما أحدهم فقتلته الحرورية. وأما الثاني فقتل يوم كذا وكذا. والثالث. يعني نفسه. لا يدري ما يصنع الله به).

وكان ثقة حافظاً كثير الحديث، حمل عن عبد الله بن مسعود علماً غزيراً، وحدّث عنه فأكثر وأطاب.
- الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن أبي الأحوص، قال: كنا في دار أبي موسى مع نفر من أصحاب عبد الله [بن مسعود] وهم ينظرون في مصحف؛ فقام عبد الله.
فقال أبو مسعود: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك بعده أعلم بما أنزل الله من هذا القائم.

فقال أبو موسى: (أما لئن قلت ذاك، لقد كان يشهد إذا غِبنا، ويُؤذن له إذا حُجِبنا). رواه مسلم.
سرده للحديث:
- قال شعبة لأبي إسحاق السبيعي: كيف كان أبو الأحوص يحدث؟

قال: كان يسكبها علينا في المسجد. يقول: قال عبد الله، قال عبد الله). رواه الفسوي وابن سعد.
وكان من القصّاص الثقات.
- قال عاصم بن أبي النجود: كنا نأتي أبا عبد الرحمن السلمي ونحن غلمة أيفاع. قال فكان يقول لنا: لا تجالسوا القصاص غير أبي الأحوص). رواه مسلم في مقدمة صحيحه، وابن سعد.
وفاته:
- قال ابن حبان: قتلته الخوارج في أيام الحجاج بن يوسف.

- وروى الفسوي في المعرفة عن أبي الزعراء قال: خرج أبو الأحوص إلى الأزارقة فقُتل.
وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخوارج: «طوبى لمن قتلهم وقتلوه» روي من حديث جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن عمر وعبد الله بن أبي أوفى وأنس بن مالك وأبو سعيد الخدري.

- ذكره البخاري في تاريخه فيمن مات ما بين الثمانين إلى التسعين.

مرويات أبي الأحوص في التفسير:

روى عنه في التفسير: أبو إسحاق السبيعي، وعلي بن الأقمر، ومالك بن الحارث، وعبد الله بن مرة، وعبد الملك بن عمير، وعطاء بن السائب، وعاصم بن أبي النجود، وإبراهيم الهجري، وحميد بن هلال العدوي، ويزيد بن أبي زياد، وسلمة بن كهيل، وغيرهم.

مما روي عنه في التفسير:
أ: إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، في قوله: {ومن الأنعام حمولة وفرشا}، قال: " الحمولة: ما قد حمل من الإبل، والفرش: صغار الإبل التي لم تحمل ). رواه سفيان الثوري وابن وهب وابن جرير.
ب: عن أبي إسحاق السبيعي، عن أبي الأحوص، أن عبد الله بن مسعود قرأ هذه الآية: {تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون} قال: «ألم تروا إلى الرأس المشيط بالنار قد قلصت شفتاه وبدت أسنانه؟» رواه عبد الرزاق وابن جرير.
ج: مالك بن مغول، عن علي بن الأقمر، عن أبي الأحوص، أنه تلا هذه الآية: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} ، ثم يقول: بريءٌ نبيكم صلى الله عليه وسلم منهم). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 17-06-2025, 05:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل





سيرة أبي محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي (ت:94هـ) رحمه الله
9: سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي القرشي (ت:94هـ)
الفقيه العالم الثبت الثقة؛ إمام المسلمين في زمانه.
ولد في خلافة عمر، وسمع منه شيئاً يسيراً لصغر سنّه، وأخذ عامّة علمه عن زيد بن ثابت وأبي هريرة؛ فحمل عنهما علماً كثيراً؛ فقد كان زيد من أفقه أهل المدينة وأعلمهم بالقرآن والأحكام والقضاء، وكان أبو هريرة من أعلمهم بالحديث وأحفظهم له؛ فاجتمع له منهما علم غزير على حين وفرة الصحابة في المدينة، وهو شابّ حسن الفهم قويّ الحفظ نجيباً حريصاً على العلم.
وأخذ عن جماعة آخرين من الصحابة رضي الله عنهم، واعتنى بحفظ ما يبلغه من فقه عمر بن الخطاب وأقضيته حتى قال يحيى بن سعيد الأنصاري: كان (يقال ابن المسيب راوية عمر).
قال الليث بن سعد: (لأنه كان أحفظ الناس لأحكامه وأقضيته).
قال علي ابن المديني: (لا أعلم في التابعين أوسع علما منه، هو عندي أجل التابعين).
أفتى في حضرة الصحابة، وكان من الصحابة من يسأله لعلمه وحفظه، وكان من أعبر الناس للرؤى، وله في ذلك أخبار كثيرة.
وكان على سعة علمه يتوقّى القول في القرآن برأيه إذا لم يكن لديه فيه علم حاضر.
قال ابن وهب: حدثني الليث بن سعد ومالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أنه كان إذا سئل عن القرآن قال: (إنا لا نقول في القرآن شيئا).
وقال ابن شوذب: حدثني يزيد بن أبي يزيد، قال: كنا نسأل سعيد بن المسيب عن الحلال والحرام، وكان أعلم الناس، فإذا سألناه عن تفسير آية من القرآن سكت، كأن لم يسمع). رواه ابن جرير.
قال ابن كثير: (فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه}، ولما جاء في الحديث المروي من طرق: "من سئل عن علم فكتمه، ألجم يوم القيامة بلجام من نار).
ولسعيد بن المسيب مرويات كثيرة في كتب التفسير؛ من أقواله ، ومما يرويه عن بعض الصحابة والتابعين.
أرسل سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومراسيله من أجود المراسيل في الجملة، وقد صححها بعض أهل العلم واحتجّوا بها، والراجح أنها تعتبر في الشواهد والمتابعات ولا يحتجّ بها.
وروى عن عمر وعثمان وعلي وعائشة وسعد بن أبي وقاص وأبيّ بن كعب وأبي هريرة، وزيد بن ثابت وأبي الدرداء وابن عمر وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وابن عباس وأبي سعيد الخدري، وكعب الأحبار وغيرهم.
وروى عن كعب الأحبار، ولذلك يكون في تفسيره بعض الإسرائيليات؛ فمنه ما يسنده عن كعب، ومنه ما لا يسنده عنه.
وأكثر ما يُروى عنه في التفسير تفسير آيات الأحكام.
وروى عنه: يحيى بن سعيد الأنصاري، والزهري، وسالم بن عبد الله، وقتادة، وعبد الرحمن بن حرملة، وداود بن أبي هند، وعمرو بن مرة، وغيرهم.
وروى عنه من الضعفاء: علي بن زيد بن جدعان.

من مروياته في التفسير:
أ: يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب في هذه الآية:"وما كان الله ليضيع إيمانكم" قال، صلاتكم نحو بيت المقدس. رواه ابن جرير.
ب: الزهري، عن سعيد بن المسيب، في قول الله تعالى: {والمحصنات من النساء} قال: ذوات الأزواج، ويرجع ذلك إلى أن الله عز وجل حرم الزنا). رواه ابن المنذر.
ج: سليمان بن بلال عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد بن المسيب أنه سمعه يقول في هذه الآية: {عتل بعد ذلك زنيم}، قال سعيد: وهو الملصق في القوم، ليس منهم). رواه ابن وهب.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 17-06-2025, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل




سيرة أبي محمد سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي (ت:95هـ) رحمه الله


10: أبو محمد سعيد بن جبير بن هشام الأسدي الوالبي مولاهم (ت:95هـ)
العالم الفقيه المفسّر؛ مفتي أهل الكوفة، وتلميذ ابن عباس النجيب، ولد سنة 46هـ، وكان من موالي بني أسد.
أخذ جلّ علمه عن ابن عباس وابن عمر وأخذ عن غيرهما من الصحابة وكبار التابعين، وكان حافظاً فَهِماً، وكان يسائل ابن عباس، ويحسن فهم مسائل العلم؛ فاعتنى به ابن عباس، وحدّثه فأكثر؛ حتى قال له: (لقد حفظت عني علماً كثيراً).
وكان سعيد يكتب في صحف له، وكان يسمع سؤالات أصحاب ابن عباس له فيتفهّمها ويحفظها؛ حتى حصّل علماً غزيراً، وأمره ابن عبّاس بالفتوى والتحديث،
وهو شابُّ.
- قال مجاهد :قال ابن عباس لسعيد بن جبير: حدّث.
فقال: أُحدِّث وأنت ها هنا !!
فقال: (أوليس من نعمة الله عليك أن تحدث وأنا شاهد؛ فإن أصبت فذاك، وإن أخطأت علَّمتك؟!!). رواه ابن سعد وابن أبي حاتم.
وكان عمره عند موت ابن عباس اثنان وعشرون عاماً.
- قال: جعفر بن أبي المغيرة: (كان ابن عباس بعدما عَمِي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه قال: تسألوني وفيكم بن أم دهماء) يعني سعيد بن جبير.
قال أشعث بن إسحاق: (كان يقال: سعيد بن جبير جهبذ العلماء). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
الجهبذ هو الناقد البصير؛ الذي يميّز الصحيح من غيره.
وكان حريصاً على ضبط العلم: ضبط صدر، وضبط كتاب، وضبط تمييز بين صحيحه وضعيفه.
- قال عفّان: حدّثنا شعبة عن أيوب عن سعيد بن جبير قال: كنت أسأل ابن عمر في صحيفة، ولو علم بها كانت الفيصل بيني وبينه، قال: فسألته عن الإيلاء؛ فقال: أتريد أن تقول: قال ابن عمر، وقال ابن عمر؟!
قال: قلت: نعم، ونرضى بقولك ونقنع.
قال: (يقول في ذلك الأمراء). رواه ابن سعد.
- قال وُهَيب: حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير قال: (كنا إذا اختلفنا بالكوفة في شيء كتبته عندي حتى ألقى ابن عمر فأسأله عنه). رواه ابن سعد.
وكان حريصاً على نشر العلم وبذله؛ فنشر علماً كثيراً؛ حتى عذله بعض أصحابه فقال: (إنّي أحدّثك وأصحابك أحبّ إليَّ من أن أذهب به معي إلى حفرتي).

- وقال عبد الواحد بن زياد: حدثنا أبو شهاب، قال: «كان سعيد بن جبير يقص لنا كل يوم مرتين بعد صلاة الفجر وبعد العصر» رواه ابن سعد.

- وروي من طرق عنه أنه كان يختم كلّ ليلتين من بعد مقتل الحسين إلا أن يكون مريضاً أو مسافراً.
- خرج مع ابن الأشعث على الحجاج بن يوسف، ولما هزموا في وقعة الجماجم سنة 83هـ هرب إلى مكّة، وتخفّى ثنتي عشرة سنة، وكان مع ذلك يحجّ ويفتي ويحدّث؛ إلى أن وشى به رجل إلى أمير مكّة خالد بن عبد الله القسري؛ فقيّده، وبعث به إلى الحجاج؛ فقتله سنة 95هـ.
قال ابن حبان: (قتله الحجاج بن يوسف سنة خمس وتسعين صبراً وله تسع وأربعون سنة).
ولم يمهل الحجّاج بعده إلا قليلاً، وروي أنه ندم على قتله وقال: ما لي ولسعيد بن جبير!!
قال إبراهيم النخعي: (ما خلف سعيد بن جبير بعده مثله).

مروياته في التفسير:
كان سعيد بن جبير من أكثر من يُروى عنهم التفسير من التابعين؛ له أقوال في التفسير، ومرويات رواها عن بعض الصحابة كابن عباس وابن عمر وأبي موسى الأشعري وأبي هريرة، وعمران بن الحصين.
وأرسل عن عمر بن الخطّاب وأبيّ بن كعب.
وروى عن بعض التابعين كأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي الهياج الأسدي، وأبي الصهباء البكري، وعمرو بن ميمون، وعكرمة، وغيرهم.
وروى أيضا عن نوف البكالي ابن امرأة كعب الأحبار، ولذلك قد تقع في مروياته بعض الإسرائيليات.
وروى عنه: أبو بشر جعفر بن أبي وحشية اليشكري، والمنهال بن عمرو، وحبيب بن أبي ثابت، وعزرة بن عبد الرحمن الخزاعي، وبكير بن شهاب، وعطاء بن السائب، ومسلم البطين، وخصيف، وعمار الدهني، وجعفر بن أبي المغيرة، وداوود بن أبي هند، وأبو إسحاق السبيعي، وعطاء بن دينار، وغيرهم.

من مروياته في التفسير:
أ: قيس، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في هذه الآية {كونوا ربانيين} قال: (هم الفقهاء المعلمون). رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم.
ب: قال هشيم: أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، قال: {الذي بيده عقدة النكاح}: هو الزوج.
قال: وقال مجاهد، وطاوس: «هو الولي»
قال: ( قلت لسعيد: فإن مجاهدا، وطاوسا يقولان: هو الولي.
قال سعيد: (أرأيت لو أنَّ الولي عفا وأبتِ المرأة أكان يجوز ذلك؟!!)
فرجعت إليهما فحدثتهما، فرجعا عن قولهما وتابعا سعيدا). رواه سعيد بن منصور، وابن جرير واللفظ له، والبيهقي.
ج: قال هشيم: أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: هم أهل الكتاب جزَّأوه أجزاء فآمنوا ببعضه وكفروا ببعضه يعني قول الله تعالى { الذين جعلوا القرآن عضين }). رواه البخاري.
د: قال ابن جريج : أخبرني عبد الله بن كثير، عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {كذلك كنتم من قبل} تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا الراعي بإيمانه). رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن أبي حاتم.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 27-06-2025, 06:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,819
الدولة : Egypt
افتراضي رد: سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين



سِيَر أعلام المفسّرين
من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين
عبد العزيز الداخل




سيرة أبي الضحى مسلم بن صُبيح القرشي (ت:100هـ) رحمه الله



12: أبو الضحى مسلم بن صبيح القرشي (ت:100هـ)
كان مولى لآل سعيد بن العاص القرشي؛ فكان يُنسب إليهم بالولاء، وعرف بكنيته "أبي الضحى".
قال البخاري في التاريخ الكبير: (سَمِعَ ابْنَ عُمَر وابْن عَبَّاس والنعمان بْن بشير).
وأخذ عن مسروق وعلقمة وأبي عبد الرحمن السلمي وغيرهم.
وأكثر ما يرويه في التفسير عن مسروق، وعامّة ما أخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما ما رواه عن مسروق، ولم يخرجا من غير هذا الطريق إلا نزراً يسيراً.
قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات.
وأمّا أقواله في التفسير ففيها بعض ما فيه نظر.

مروياته في التفسير:
له مرويات كثيرة في التفسير، وإذا صحّ الإسناد إليه ولم يكن منقطعاً بينه وبين الصحابي؛ فالغالب على مروياته الصحّة إلا روايته عن ابن عباس فعامّة ما يرويه عنه معلول.
وهو ثقة في الرواية، وأما أقواله في التفسير ففيها نظر.
وقد أرسل عن أبي بكر وعلي وابن مسعود وحذيفة.
وروى عن ابن عباس روايات ليست كثيرة.
وأكثر ما يروي التفسير عن مسروق بن الأجدع الهمداني، وروى عن غيره كأبي عبد الرحمن السلمي، وشريح القاضي، وشتير بن شكل، وجعدة بن هبيرة، وغيرهم.
وروى عنه: الأعمش، ومنصور بن المعتمر، والمغيرة بن مقسم، وعطاء بن السائب، وعمرو بن مرة، وسعيد بن مسروق الثوري أبو سفيان، والعلاء بن المسيب، والحسن بن عبيد الله النخعي، وغيرهم.

ومما روى عنه في التفسير:
أ: سليمان عن أبي الضحى، عن مسروق قال: قال عبد الله بن مسعود: التي في سورة النساء القصرى: {وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن}، بعد التي في سورة البقرة). رواه ابن وهب.
ب: عن عمرو بن مرة، عن أبي الضحى قال: سمعت ابن عباس يقول: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين} قال: لا رضاع إلا في هذين الحولين). رواه ابن جرير.
ج: قال هشيم: أخبرنا مغيرة، عن أبي الضحى في قوله:{واهجروهن في المضاجع}، قال: يهجر بالقول، ولا يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يريد). رواه ابن جرير.
د: الحسن بن عبيد الله، عن أبي الضحى، عن ابن عباس في قوله: {واهجروهن في المضاجع} أنها لا تترك في الكلام، ولكن الهجران في أمر المضجع). رواه ابن جرير.
قال البخاري: (لم أخرّج حديث الحسن بن عبيد الله لأن عامة حديثه مضطرب).
وقول أبي الضحى في هذه الآية مخالف لجمهور المفسّرين، وموافق لرواية أبي صالح عن ابن عباس، وهي ضعيفة، وقد رُوي عن ابن عباس من طرق جياد خلاف ذلك.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 0 والزوار 15)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 214.84 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 208.95 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (2.74%)]