أبناؤنا بين الرعاية والتربية - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أهمية تحقيق الأمن الغذائي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          القدوات وعمق التأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4592 - عددالزوار : 1298709 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4137 - عددالزوار : 826950 )           »          ولكم نصف ما ترك أزواجكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          الدعاة وثقافة الإنجاز المتجاوز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          الشرك الأصغر لايخرج من الملة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 71 )           »          موضع الوقوف بالجنازة وحكمته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          ماذا يفعل من دخل المسجد والإمام راكعٌ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 123 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 90 - عددالزوار : 33474 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-06-2023, 07:43 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 140,169
الدولة : Egypt
افتراضي أبناؤنا بين الرعاية والتربية

أبناؤنا بين الرعاية والتربية
الشيخ حسين شعبان وهدان


جلس الرجل السبعينيُّ بوقاره بين أقرانه ومَنْ هو أصغرُ منه سنًّا ومقامًا، وهو يُضارع الشمس في ضُحاها من شُهْرته وعلوِّ منصبه الذي انقضى زمانُه، يُحدِّث الحاضرين عن مجْدِه الشخصي وسموِّ أصله وكرم مَحْتِدِه، وعطَفَ بالبيانِ إلى التَّماجُدِ المفْرِطِ في سيرة أبنائه وبناته، وطفِق يذكر قصَصًا ومدائح طيبةَ المذاقَ على لسانه وأثيرة المعنى على قلبه، وممَّا أذاعه على الأسماع قوله في باب الرِّضا عن النفس: "ربيتُ أولادي وبناتي أفضلَ وأحسنَ تربية"، يقول ذلك القول ولا يجد فيه عِوَجًا ولا مبالغةً! وربما يُكذِّبه الواقعُ، وهو الذي على شفير قبره الموعود، ينتظر الإذن من الله العزيز الحميد.

أما بعد:
فلكُلِّ دعوى برهانٌ ودليلٌ صادقٌ يَرقى إلى مراتب القَبول عند العقلاء، فمَنِ ادَّعى أنه قام بتربية أبنائه وبناته، فليأتِ بدليلٍ عمليٍّ من واقع سيرتهم وحديث الناس عنهم، وشكرِهم أخلاقَهم وسلوكياتهم، لا من حديثه الشخصي، فإنهم بضاعتُه، وشهادتُه لهم مجروحةٌ لا تُقبَلُ في الشهادات؛ لأنه دومًا ينظر إليهم بعين الرِّضا، وعين الرِّضا كليلةٌ عن إدراك العيوب.

وحينما يكون مسلك التماجُد الشخصي في حُسْن تربية الأبناء والبنات قاسمًا مشتركًا بين جُلِّ شرائح المجتمع، فنحن في ورطةٍ حقيقيةٍ، وهل يُصَدِّقُ العاقلُ نفسَهُ وعَقْلَهُ فيما يرى ويسمع من آثار سوء التربية الطامِّ على المجتمع بأسره؟ أم يستمع إلى إلْحافِ الْمُتَماجِدينَ؟!

والظنُّ الذي يُشبه اليقين أنَّ تصوُّر أهل التماجُد في تربية ناشئتهم ناقصٌ وقياسٌ يفتقر إلى الصواب، ولا يُصدِّقُه الواقعُ المتخمُ بالجراحِ والعثارِ الدَّائِمِ، فقد تاهَت القيمُ وضحَلت الأخلاقُ، وتوارت جمالياتُ التعامُل بين أخلاط المجتمع؛ ليُعلِن القُبْحُ عن ذاته في فجاجِ الأرض بأنه سيد المواقف، فأين الأثر الحقيقي للتربية الصالحة وحُسْن المتابعة للآباء والأمهات؟! وأين ننفق بيانات المادحين لأنفسهم في تربيتهم أولادهم؟!

أما إنه من تضييعِ الحقائق أن يختصرَ الآباء والأمهات تربيتهم لأبنائهم وبناتهم في الجانب المادي، ولعلَّ هذا المعنى هو ما يقصده المصرِّحون بهذا التماجُد، وصورة التربية عندهم تكمُن في توفير الغذاء والدواء، وتغطية المطالب الحياتية والحوائج والكماليات التي تخدم البَدَن، حين تتوهَّم الأُمُّ أن كل مطالب بناتها وأبنائها تدورُ في هذا الجانب، وتختزل جهدها كله، بل ربما تُفني عمرَها في تلبية مطالبهم المادية، وبهذا تكون قد ربَّتْهم التربية المنشودة! لكنها في الحقيقة قامَتْ برعايتهم فقط، ومعها أمثال هذا المعلن لبيانات الرِّضا في التربية، وهو الذي لم ينزل ميدان التربية لأولاده وبناته بعد، إلا إذا كان له في باب الأمر والنهي مع أولاده بداياتٌ طيبةٌ ومآلاتٌ كريمةٌ وإقناعاتٌ مقبولةٌ.

فالعناية والاهتمام الماديُّ شيء، والتربية والتقويم شيءٌ آخَر.

التربية هي أن تقول لناشئتك في طور التعليم والتعلُّم: افْعَلْ ولا تَفْعَلْ، بين الأمر والنهي والفعل والترك؛ فعن عمر بن أبي سلمة رضي الله تعالى عنه قال: "كنتُ غلامًا في حجْرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكانتْ يدِي تَطِيشُ في الصَّحْفةِ، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا غلامُ، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينِكَ، وكلْ ممَّا يلِيكَ))، فما زالَتْ تلك طِعْمَتي بعدُ"؛ (صحيح البخاري 5376)، وفي ذات الميدان قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: ((مُروا أبناءَكُم بالصَّلاةِ لسَبْعِ سنينَ، واضرِبوهم عليها لعَشْرِ سِنينَ، وفرِّقوا بينَهُم في المضاجِعِ ...))؛ (أحمد شاكر في مسند أحمد 11 /36، وقال: إسناده صحيح عن جد عمرو بن شعيب رضي الله عنه).

التربية هي المتابعة الدائمةُ للأبناء لحفظهم من العِوَج والانحراف؛ لقوله الكريم صلى الله عليه وسلم: ((أكرِموا أولادَكم وأحسِنوا أدبَهم))؛ (المنذري في الترغيب والترهيب 3 /115، وقال: إسناده صحيح أو حسن أو ما يقاربهما، عن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما)، وقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [النور: 58].

وحتى لا يَنفرِط العقد، وينتهي زمنُ الاختيار، علينا أن نتذكَّرَ ولا ننسى أن قبول فروض التربية الحقيقية عند الناشئة تبدأ مع سن السابعة تقريبًا، وتنتهي مع بداية طور المراهقة؛ حيث يبدأ ما يُشبه المصاحبة والصداقة بين الوالد وولده، لينطلق بعد ذلك إلى تحقيق آماله ومآربه الطيبة في تحقيق ذاته.

وكل ما هو مطلوبٌ من الآباء والأمهات وأولياء الأمور، هو التركيز على: [أساليب تربية الطفل على المبادئ السامية والفضائل السلوكية، والمشاعر الوِجدانية التي يكتسبها الطفل منذ صغره، ويصبح فردًا ذا شخصية متكاملة سوية]؛ (د. إيمان عبدالله شرف، التربية الأخلاقية للطفل، ص22 ط1، 2008م، عالم الكتب، القاهرة).

أمَّا الرعاية فهي مجرد توفير الحاجات اليومية من غذاءٍ وكساءٍ ودواءٍ، وتجهيز أماكن النوم ومرافق الحياة المادية، وهذا قد ينوب فيه بعض الخَدَمِ أو الأقارب.

وخلاصة المعنى جمعًا باختصارٍ هي أن المجتمع الذي يُشكله الأفراد في ميدان التربية يخلطون تمامًا بين التربية المنشودة ويستبدلونها بمجرد الرعاية الظاهرية، ويُفنون أعمارهم رهن هذا المعنى، متوهِّمين أنهم بلغوا الكمال في الأداء؛ ومن ثم يَجتاحهم إعصارُ الرِّضا عن النفس، وهم الذين قدموا - في بعض الأحوال - عاهاتٍ للمجتمع وعواملَ نقصه وآياتِ شقائه؛ لأنهم ركَّزوا على الرعاية، وأهملوا التربية التي تُكسِب سعادة الدنيا ونعيم الآخرة.

وبهذا يظهر الفارق جليًّا، ويحتِّمُ علينا أن نقف على مفاصلةٍ حقيقيةٍ في الفهم بين الرعاية والتربية بأنَّ كلَّ فرد من المجتمع في زمن إعداده وهو صغيرٌ يحتاج إلى تربيةٍ وتأديبٍ وتهذيبٍ ومتابعةٍ، فوق ما يحتاجه من رعايةٍ بدنيةٍ ومطالب ماديةٍ.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 51.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.00 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.23%)]