|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بدع القبور أنواعها وأحكامها (1) تعريف القبر وصفته الشرعية جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن الذرائع المفضية إلى الشرك البدع المستحدثة في القبور من البناء عليها واتخاذها مساجد، فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هذا الحديث نجد أنَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كان أكثر النَّاسِ حِرصًا عَلى إِزالةِ آثارِ الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ لِمَا فِيها مِن إِضاعةِ المالِ والتَّفاخُرِ، وغيرِ ذلكَ مِمَّا لا يَليقُ بالدَّارِ الآخرَةِ، وَلا يُناسِبُ حالَ الموتِ والبِلا، وكَذلك كانَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حَريصًا عَلى إِرشادِ المُسلمينَ لِمَا فيهِ إظهارُ تَكريمِ بَعضِهم لبَعضٍ في المَحيا وبعْدَ المَماتِ، من هنا كان استعراضنا لبعض أبواب هذا البحث الذي بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها) للشيخ صالح العصيمي، نلخص بعضًا من تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء. تعريف القبر القبر حفرة في الأرض، يوارى فيها الميت، والقبر أصل صحيح، يدل على غموص وتطامن ، فهو مدفن الإنسان، وجمعه قبور وموضعها: المقبرة: بفتح الباء وضمها، قال الفراء أي: جعل له قبراً يوارى فيه إكراماً، ولم يجعله مما يلقى على الأرض تأكله الطير، وورد القبر في السنة لقوله - صلى الله عليه وسلم - «اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر..» الحديث، وقد وردت لفظة القبر في السنة فيما لا يحصى؛ ورد بعضها في هذه الرسالة، والقبر في لغة العرب له معان متعددة من أشهرها الضريح، ومنها ومنها الجدث، قال -تعالى-: {خُشَعًا أَبْصَرُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادُ منتشر} والقبر له في لغة العرب معان كثيرة أعرضت عنها خشية الإطالة.الحكمة من الدفن 1- ستر الميت: قال -تعالى-: {فَبَعَتَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِى سَوْءَةَ أَخِيهِ}، والسوءة هنا: إما العورة، وإما جسد الميت؛ لأن الحي إذا رآه على هذه الصورة ساءه المنظر وأوحشه. 2- تكريم الميت وصيانة حرمته؛ لأن تركه بدون دفن فيـه هتك لحرمته، وإساءة له. 3- حتى لا يؤذى الأحياء بجيفته؛ لأنه إذا تُرك على هيئته التي مات عليها، تأدّى الناس من رائحته. ولذا أجمع العلماء على وجوب دفن أموات المسلمين، كما حكاه ابن المنذر؛ حيث قال: «لم يختلف أحفظ عنهم من أهل العلم أن دفن الموتى واجب ولازم على الناس لا يسعهم ترك ذلك عند الإمكان ووجود السبيل إليه، ومن قام به سقط فرض ذلك عن سائر المسلمين». وقال النووي -رحمه الله-: «أما الأحكام ففيه مسائل، أحدها: دفن الميت فرض كفاية بالإجماع، قد عُلم أن فرض الكفاية إذا تعطل أثم به كل من دخل في ذلك الفرض دون غيرهم»، ولقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - الأمر في ذلك، فيما رواه أبو سعيد الخدري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اذهبوا فادفنوا صاحبكم»، والأحاديث في ذلك كثيرة؛ لذا شرع الله دفن الموتى، فأصبح من سنن المسلمين بعد أن ضلت عنه كثير من الأمم؛ فبعض الأمم البائدة في شرق الجزيرة كانوا يضعون أمواتهم في الفخار، وبعضهم يربطون موتاهم على هيئة القرفصاء، ويُجلسونهم في غرف مبنية على هيئة القباب وبعضهم يستعمل التابوت ومن الشعوب الضالة من يحرق جثث الموتى بالنار، وفي بعض الدول الغربية أفران خاصة لحرق جثث الموتى، ولذا فلا عجب أن يتميز الإسلام عن غيره في أسلوب الدفن. الصفة الشرعية للدفن (1) أن يُعمّق ويوسع وذلك لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «احفروا وأوسعوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر»، ولذا أوصى عمر رضي الله عنه أن يعمّق القبر قدر قامة وبسطة، وأن يوسع من قبل رجليه ورأسه، والمراد بقوله: (قامة وبسطة): أن يقف فيه رجل معتدل القامة ويرفع يديه إلى فوق رأسه ما أمكنه، وقال النووي: وقدَّر أصحابنا القامة والبسطة بأربعة أذرع ونصف، هذا هو المشهور في قدرهما، وبه قطع الجمهور، وذهب الحنابلة إلى أن التعميق ليس لـه حد؛ لأن الأحاديث لم تحدد مقدار العمق، وهناك من حددها بثلاثة أذرع ونصف، وهناك من حددها بقدر نصف القامة، وعلّة من حدّدوها؛ أن في ذلك صيانة للميت، وألا ينبشه سبع ولا تظهر رائحته، وأن يصعب نبشه على من يريد سرقة كفنه، والذي يظهر -والله أعلم- عدم تحديده بمقدار معين، ولأن في التحديد مشقة ظاهرة وتحكم بلا دليل قال مالك - رحمه الله -: «لم يبلغني في عمق قبر الميت شيء موقوف عليه، وأحبُّ إلي ألا يكون عميقة جدا، ولا قريبة من أعلى الأرض جدا». وأما ما ورد عن عمر أنه أوصى أن يعمق قبره قامة وبسطة، فهو ضعيف. كما مر معنا فلا يصح الاحتجاج به، والله أعلم.(2) توسيع القبر من قبل الرأس والرجلين (3) اللحد والشق (4) نصب الّلبن وتسويته على اللحد وقال النووي - رحمه الله -: «والسنة أن ينصب اللبن على المنفتح من اللحد؛ بحيث يسد جميع المنفتح، ويسد الفرج بقطع اللبن ونحوه، ويسد الفرج اللطاف بحشيش أو نحوه، وقال جماعة من أصحابنا: أو بطين، والله أعلم». وذلك لحديث سعد المتقدم وغيره من الأحاديث التي أعرضت عنها خشية الإطالة. كذلك، لا بأس من استخدام (الإذخر)، وذلك لما روي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «حرّم الله مكة فلم تحل لأحد قبلي، ولا أحد بعدي، أُحلّت لي ساعة من نهار، لا يُختلى خلاها، ولا يُعْضد شجرها، ولا يُنفّر صيدها، ولا تلتقط لقطتها إلا مُعَرِّف، فقال العباس - رضي الله عنه- الإِذْخِر، لصاغتنا، وقبورنا؟ فقال: «إلا الإذخر». (5) تسنيم القبر وتسطيحه وعدم الزيادة على ترابه والتسنيم أفضل؛ لأن الآثار فيما يظهر أنها لا تضاد بينها، قال ابن القيم -رحمه الله-: «وهذه الآثار لا تضاد بينها، والأمر بتسوية القبور إنما هي تسويتها بالأرض، وألا ترتفع مشرفة عالية، وهذا لا يناقض تسنيمها شيئاً يسيراً عن الأرض، ولو قدر تعارضها فحديث سفيان بن دينار التمار أصح من حديث القاسم»، قال المعلمي -رحمه الله-: «إن الهيئة المشروعة التسنيم، والظاهر أن تلك الحال هي التي وضعت عليها القبور؛ لأنه لم يثبت أنها كانت مسطّحة». (6) رفع القبر شبراً (7) وضع الحصباء على القبر الحصباء (8) رش الماء على القبر بعد دفن الميت (9) تعليم القبر حتى يُعرف وقد اختلف العلماء في جواز تعليم القبر إلا أنَّ الراجح في هذا الأمر هو جواز التعليم لما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم -، والحديث تعددت طرقه، وقد صححه أئمة أثبات ونص على هذه السنية من هم أغير منا على أحمد السنة؛ كالإمام رحمه الله، والسُّنة يعمل بها، ولو لم تثبت إلا مرة واحدة، وكون الرسول -صلى الله عليه وسلم - علم على قبر عثمان ولم يعلّم على قبر غيره فهذا ليس بحجة، وليس مدخلاً للطعن في ثبوت الحديث، وليس هناك تعارض بين الأمر بتسويتها وتعليمها، وكون الناس خالفوا في ذلك فليس في ذلك مدخل لتبديع وضع علامات على القبور إن كانت من جنس ما فعله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن ينبغي الابتعاد عما يخالف السنة من خلال مبالغات بعض الناس بالتعليم؛ وذلك كوضع ألوان، أو الإكثار من الأحجار، أو وضع أخشاب وحديد وأعلام، وما شابه ذلك؛ لأنها من الأمور التي لم تثبت عن الرسول - صلى الله عليه وسلم ، وهذه هي القبور المشروعة للمسلمين، وهذه هي الصفة الشرعية لها، وما عداها فيجب أن يُزال. فعن أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: «ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته»، وقال النووي: وفيه أن السنة أن القبر لا يرفع عن الأرض رفعاً كثيراً، وكان فضالة بن عبيد - رضي الله عنه - بأرض الروم، فتوفي صاحب له، فأمر بقبره فسوّي، ثم قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بتسويتها». اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() بدع القبور أنواعها وأحكامها (2) المخالفات خارج القبر جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن ذلك البدع المستحدثة في القبور من البناء عليها واتخاذها مساجد، ولقد حرص النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلى تحذير المسلمين من هذه البدع الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هنا كان استعراضنا لهذا البحث للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي وهو بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها)، لبيان تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء. وكنا قد تحدثنا في الحقلة الماضية عن تعريف القبر وصفته الشرعية، واليوم نتحدث عن نوع آخر من البدع والمخالفات المنتشرة التي تحدث خارج القبر.(1) التفريق بين قبر الرجل والمرأة (2) الكتابة على القبر القول الأول: كراهية الكتابة على القبور سواء اسم صاحب القبر أم غيره، وهذا قول جمهور العلماء، وحملوا النهي الوارد في الحديث على الكراهية. القول الثاني: بجواز الكتابة القول الثالث: تحريم الكتابة على القبر وقول الشوكاني -رحمه الله-: «وتحريم الكتابة على القبور، وظاهره عدم الفرق بين كتابة اسم الميت على القبر وغيرها»، وسئل الشيخ عبد الله أبا بطين، عن كتابة اسم الميت على القبر فقال: «داخل في عموم النهي عن الكتابة على القبور»، وقال المعلمي -رحمه الله-: النهي عن الكتابة لم يرد إلا في الروايات التي عنعن فيها ابن جريج، وهو مدلس، ولكن يؤخذ النهي عنها من الأحاديث بطريق القياس، وقال العلامة ابن باز -رحمه الله-: «لا يجوز أن يكتب على قبر الميت، لا آيات قرآنية، ولا غيرها لا في حديدة ولا لوح ولا في غيرهما...». القول الراجح: الكتابة على القبر لا تجوز (3) رفع القبر وقال النووي: يستحب ألا يزاد القبر على التراب الذي أخرجه منه، قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: «وإنما قلنا أنه يستحب ألا يزاد لئلا يرتفع القبر ارتفاعاً كثيراً». (4) التجصيص قال القرطبي في شرح مسلم: «التجصيص: هو البناء بالجص، هو القص والقصة، والجصاص، والقصاص واحد، فإذا خلط الجص بالرماد، فهو الجيار». أقوال العلماء في تجصيص القبر (5) وضع الستور على القبر قال النووي -رحمه الله-: عند تعليقه على الحديث: «وأما قوله -صلى الله عليه وسلم - حين جذب النمط وأزاله: إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين فاستدلوا على أنه يمنع من ستر الحيطان وتنجيد البيوت بالثياب، وهو منع كراهة تنزيه لا تحريم، هذا هو الصحيح. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن المحرمات العكوف عند القبر، والمجاورة عنده وسدانته وتعليق الستور عليه كأنه بيت الله الكعبة». خَدَمَة الأضرحة زين لهم الشيطان وسيلة إلى هدم الإسلام بدعة شنيعة منكرة العلَّة في تحريم تجصيص القبور - أن فيه نوعاً من الخيلاء، والخيلاء محرمة إلا في حالات، وليس الموت منها. - إضاعة للمال بلا فائدة بل إنها جالبة للمضرة. - أنها وسيلة وذريعة للشرك، ولذا نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها. اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() بدع القبور أنواعها وأحكامها (4) صفة البدع داخل القبر جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن ذلك البدع المستحدثة في القبور من البناء عليها واتخاذها مساجد، ولقد حذر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من هذه البدع الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هنا كان استعراضنا لهذا البحث للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي وهو بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها)، لبيان تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء. وكنا قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن صفة البدع داخل القبور وتوقفنا عند بدعة وضع المصاحف أو غيرها من الكتب مع الميت في قبره، وقلنا: إنَّها من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان.ولا تجعلوا في لحدي شيئاً ولعل مما يستأنس به في تحريم وضع المصاحف أو غيرها من الكتب مع الميت في قبره، ما أوصى به أبو موسى حين حضــره الموت فقال: إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المشي، ولا يتبعني مجمر، ولا تجعلوا في لحدي شيئاً يحول بيني وبين التراب، ولا تجعلوا على قبري بناء، وأشهدكم أنني بريء من كل حالقة، أو سالقة، أو خارقة، قالوا: أو سمعت فيه شيئاً؟ قال: نعم، من رسول الله - صلى الله عليه وسلم . فهذا الصحابي الجليل، يوصي بألا يجعل في لحـده شـيء.انتشار البدع التي توضع مع الأموات (١) أنه إذا مات الميت، يؤخذ من ملابسه ثوب، ويوضع فيـه مـن شـعره أو شعرها الذي يأتي بعد التميشط، ويوضع تحت رأس الميت في قبره. (2) ذبح جاموس أو غيره، ثم يؤتى بدم هذه الذبيحة، ويوضع مع الميت في قبره. (3) جعل وسادة أو نحوها تحت رأس الميت في القبر. (٤) في بعض البلدان إذا مات عندهم الميت يأخذون ثلاث طينات، ويجعلون الأولى تحت خده الأيمن، والثانية تحت فخذه، والثالثة تحت كعبه. (5) وضع الحناء مع الميت في القبر. (٦) في بعض البلدان إذا توفي الميت، ومضى على وفاته أربعون يومًا، تقوم الأسرة بزيارة القبر من نساء وولدان، فيقومون بفتح القبر، ومعهم حبوب وذرة ينشرونها على الميت، وما كان الصحابة يفتحون القبر إلا لحاجة، كأن ینسی العمال بعض أدوات الدفن، أو سقوط شيء له قيمة، أما عدا ذلك فلا يجوز. (7) أخذ حفنة من تراب القبر، وقراءة القرآن عليها، ثم حثوها على كفنه حتى لا يعذب في قبره. (8) وضع قطيفة مع الميت في قبره. دفن الميت في تابوت أو دفنه بجانب طفل تفاؤلاً به وقيل في حاشية رد المحتار: ولا بأس باتخاذ تابوت ولو من حجر أو حديد له عند الحاجة كرخاوة الأرض»، كما قال شارحه: «إلا في أرض رخوة فيخير بين الشق واتخاذ التابوت، ومثله في النهر، ومقتضى المقابلة أنه يلحد، ويوضع التابوت في اللحد، لأن العدول إلى الشق لخوف انهيار اللحد كما صرح به في الفتح، فإذا وضع التابوت في اللحد أمن انهياره على الميت فلو لم يمكن حفر اللحـد تعـين الشق ولم يحتج إلى التابوت إلا إن كانت الأرض ندية يسرع فيها بلاء الميت. قال في الحلية عن الغاية ويكون التابوت من رأس المال إذا كانت الأرض رخوة أو ندية، مع كون التابوت في غيرها مكروهاً في قول العلماء قاطبة» وقد يقال: «يوضع التابوت في الشق إذا لم يكن فوقه بناء لئلا يدمس الميت في التراب، أما إذا كان له سقف أو بناء معقود فوقه كقبور بلادنا ولم تكن الأرض ندية ولم يلحـد فيـكــره التابوت». وقد سئلت اللجنة الدائمة في المملكة العربية السعودية عن حكم هذه المسألة، فأجابت بعدم الجواز. وممن رأى عدم الجواز الشيخ عبد الله الجبرين، ونص على بدعيته. ليس من عادة أهل الإسلام دفن الميت بجانب طفل تفاؤلاً فقال رحمه الله: هذا الشيء لا أصل له، والإنسان في قبره يعذب أو ينعم، بحسب عمله لا بحسب من كان جاراً له، فلذلك لا أصل لهذه المسألة إطلاقاً، فالإنسان في الحقيقة في قبره يعذب أو ينعم بحسب أعماله، سواء كان جاره من أهل الخير أم من غير أهل الخير؛ فموقع القبر وجماله ومن بجواره لا يغير من عذاب الله شيئا، بل المانع من العذاب هو تقوى الله والعمل الصالح، أما الفرار من العذاب بمثل هذه الخرافات، فهذا تلبيس إبليس وتدليسه والله المستعان على ما يصفون. حكم الدفن في الصناديق فردت اللجنة إن تيسر أن يدفن الميت المسلم بلا تابوت ولا صندوق فهو السنة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل عنه ولا عن أصحابه -رضي الله عنهم- أنهم دفنوا ميتاً في صندوق، والخير إنما هو في اتباعهم، ولأن دفن الميت في صندوق تشبه بالكفار والمترفين من أهل الدنيا، والموت مدعاة للعبرة والموعظة، وإن لزم الأمر ولم يتم الموافقة على دفنه إلا بذلك فلا حرج، لقوله -تعالى-: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج}، وقوله: {وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}. اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() بدع القبور أنواعها وأحكامها (3) صفة البدع داخل القبر جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن ذلك البدع المستحدثة في القبور من البناء عليها واتخاذها مساجد، ولقد حرص النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلى تحذير المسلمين من هذه البدع الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هنا كان استعراضنا لهذا البحث للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي وهو بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها)؛ لبيان تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء. وكنا قد تحدثنا في الحلقتين الماضيتين عن تعريف القبر وصفته الشرعية، وعن البدع والمخالفات المنتشرة خارج القبر، واليوم نتحدث عن البدع داخل القبر.(1) أخذ حفنة من تراب القبور وحثوها على الكفن من الأمور المنكرة التي فشت بين الناس الكتابة على كفن الميت رجاء أن يغفر له؛ حيث يوصي بعضهم أقاربه أن يذكروا اسم الله على كفنه، ويكتب على جبهته أو على كفنه بسم الله الرحمن الرحيم، وحجتهم التي يعتمدون عليها، وأصولهم التي يعتدون بها قصص ورؤى فيجعلونها أصولاً، ومن ذلك حكاية أن رجلاً أوصى أن يكتب في جبهته وصدره بسم الله الرحمن الرحيم ففعل، ثم رؤي في المنام فسئل: فقال: لما وضعت في القبر، جاءتني ملائكة العذاب، فلما رأوا مكتوبا على جبهتي بسم الله الرحمن الرحيم» قالوا: أمنـت مـن عذاب الله.كتابة العهد على الكفن ومن صور هذا: ما يسمى كتابة العهد على الكفن وصيغته هو «لا إله إلا الله والله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، وقيل: إنه «اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم إني أعهد إليك في هذه الدنيا أني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمداً عبدك ورسولك، فلا تكلني إلى نفسي، تقربني من الشر وتبعدني من الخير، وأنا لا أثق إلا برحمتك، فاجعل لي عهداً عندك توفنيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد». وقد نص ابن الصلاح على عدم جواز أن يكتب على الكفن (يس) والكهف، ونحوهما، خوفاً من صديد الميت».كتابة الآيات القرآنية أو الأحاديث النبوية الانتفاع بالقرآن من البدع الحادثة التي لا تجوز ولو كانت كتابة الآيات تقي من عذاب القبر، لأرشد إلى ذلك خير البشر، ولفعل أصحابه ذلك من بعده، ولو كان فيه نفع في هذا الموضع، لسبقونا إليه؛ فنفع قراءة القرآن وذكر الله يحصل في زمن الحياة، ويحصل الأجر بعد الممات. (2) وضع المصاحف وغيرها داخل القبر بقصد التبرك - أولاً: لابد أن يعلم المسلم أنَّ الخير كله بيد الله: قال الله -تعالى-: {قُلْ اللَّهُمَّ مَلِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، قال ابن كثير -رحمه الله تعالى-: أنت المتصرف في خلقك، الفعال لما تريد، كما ردّ -تعالى- على من تحكم عليه في قوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}، أي: نحن نتصرف في خلقنا كما نريد بلا ممانع ولا مدافع، ولنا الحكمة والحجة في ذلك»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله -تعالى- يقول: يا آدم، فيقول لبيك وسعديك، والخير في يديك».ومن هنا يتبين لنا أن الخير كله في يد الله -سبحانه وتعالى- والبركة كلها من عند الله -تعالى-، وهو المبارك -جل وعلا-، فلا يجوز أن ينسب لشيء بركة، إلا إذا جاء الدليل بذلك، كما أن الشيء قد يكون مباركاً في موطن، ولا يكون في موطن آخر، كالدعاء على صعيد عرفات، مبارك في زمنه، وأما في غير زمنه فلا خصوصية في صعيد عرفات، قال ابن القيم - رحمه الله -: «كل كمال وخير في الموجودات، فهو من خير الله -تعالى- وكماله في نفسه، وهي تُستمد منه، وهو لا يستمد منها، وهي فقيرة إليه، وهو غني عنها، كل منها يسأله كماله ثم قال: «له كل كمال، ومنه كل خير له الحمد كله، وله الثناء كله وبيده الخير كله، وإليه يرجع الأمر كله تبارك اسمه، وتباركت أوصافه وتباركت أفعاله وتباركت ذاته، فالبركة كلها له، ومنه لا يتعاظم خير سُئله، ولا تنقص خزائنه على كثرة عطائه وبذله». الله -تعالى- اختص بعض خلقه بما شاء من الفضل التبرك في أصله مشروع في الإسلام فهذه الآيات كلها بينت بركة القرآن وما فيه من خير، ولكن لا يجوز أن يوضع القرآن مع الميت في قبره من أجل، بركته بحجة تثبيته وتطمينه؛ لأن هذا استخدام له في غير موضعه، وإهانة له؛ فبركة القرآن تعرف من خلال منهج الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسيرته، وسيرة السلف الصالح، وكل أمر لم يأت به الرسول - صلى الله عليه وسلم - فـهـو مردود على صاحبه، قال: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد». حكم كتابة القرآن وتعليقه من البدع التي ما أنزل الله بها من سلطان اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() بدع القبور أنواعها وأحكامها (5) – حكم تزيين القبور وتجميلها جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن ذلك البدع المستحدثة في القبور من البناء عليها واتخاذها مساجد، ولقد حذر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من هذه البدع الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي اله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هنا كان استعراضنا لهذا البحث للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي وهو بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها)، لبيان تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء. يعد تشجير المقابر، من البدع الحادثة التي انتشرت في بعض البلدان الإسلامية، فيلجأ إلى زراعة الأشجار داخل المقابر لأهداف مختلفة، منها:(1) تزيين المقبرة وتجميلها تزيين المقبرة وتجميلها ينافي الحكمة الشرعية في القبور، فالقبور ليست مكاناً للمترفين، ولا مأوى للمتنزهين، وإنما هي دار للمتعظين، وتزيين المقابر وتجميلها يؤدي لأن يفتن الناس بها وبأصحابها؛ حيث نجد من المسلمين اليوم من يحرصون على تزيين القبور، ويجعلونها مجالاً للتظاهر والتفاخر، ويمضي بعضهم في الشطط حتى يقيم الضريح على القبر إظهاراً للميت بأنه من أولياء الله.بـل نجـد مـن الأغنياء من يتباهى بتزيين المكان المعد لدفنه، أو المكان الذي دفن فيه والده أو قريبه؛ حيث يجعل بعضهم المكان الذي فيه قبور أقاربه تحفة من البناء والحدائق الغناء لا مثيل لها؛ حيث يقومون بترصيع الفسيفساء، والأحجار الكريمة على جدران المقبرة، ويقومون بوضع الرخام الضخم الباهظ الثمن في أراضيها، ولا شك أن فعل هؤلاء الأغنياء قد جاء الإسلام بتحريمه؛ لأن فيه إسرافاً ووضع الأموال في غير موضعها، وفيه مخالفة لجوهر الإسلام، وحكمة المقبرة، فشمخت القباب والأضرحة في أنحاء العالم الإسلامي، وسابقت المآذن، وأقيمت الموالد؛ ولذا عرف المستعمرون والمحتلون هذه النقطة من الضعف، فعنوا بتشييدها، وهذا يدل دلالة أكيدة على مخالفة هذا الفعل لأصل الإسلام وروحه، وسوف ألقي بإذن الله مزيــداً من التفاصيل في الفصل الخامس. (2) وضع الأشجار في المقابر بغرض شرعي القول بالخصوصية هو الصواب وخلاصة القول -من خلال استعراض أقوال أهل العلم-: إن تشجير المقابر أو وضع الزهور على القبور بدعة، ما أنزل الله بها من سلطان، ويشتد إثمها ويعظم وزرها إذا صاحبتها نية التخفيف عن الميت؛ فربما وضعت على قبر رجل أمن من عذاب القبر، يأتيه من نعيم الجنة وريحها، وربما وضعت على قبر من يسـام سـوء العذاب، يعرض على النار غدوا وعشيّاً، فمن أنبأ واضع الزهور والأشجار عن حال من في القبور؟ إن هذه البدعة مستوردة من اليهود والنصارى الذين يضعون على قبور موتاهم الزهور والورود. أما جعلها سنة عمن بُعِثَ رحمة للعالمين، فدونها ودون الحق خرط القتاد. (٣) وضع قفل على سور المقبرة (٤) أكل العيدان الموجودة في المقبرة (٥) وضع الطيب على القبور اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() بدع القبور أنواعها وأحكامها (6) صفة البدع داخل القبر جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن ذلك البدع المستحدثة في القبور، من البناء عليها واتخاذها مساجد، ولقد حذر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من هذه البدع الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هنا كان استعراضنا لهذا البحث للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي وهو بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها)، لبيان تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء. وكنا قد تحدثنا في الحلقة الماضية عن صفة البدع داخل القبور، وذكرنا منها: تزيين المقبرة وتجميلها، ووضع الأشجار في المقابر، ووضع قفل على سور المقبرة، ووضع الطيب على القبور، ونستكمل اليوم الحديث عن هذه البدع. إلقاء عرائض الشكوى على القبور إن من أعظم البدع ما يفعله العامة من تقديم عرائض الشكاوى وإلقائها داخل الضريح، زاعمين أن صاحب الضريح يفصل فيها، وبيده حلها وربطها، فلربما قدموا مع هذه الخطابات نقودا؛ من أجل تحفيزه، أو شعرًا من المعتدي من أجل أن يُحدث له صاحب الضريح ضرراً، فلا يعود الظالم بمثله، والغريب أن هذه العرائض ليست من العامة أو النساء الجاهلات فقط، بل قد تجد منهم من يحفظ القرآن الكريم، أو أستاذاً جامعياً أو مهندساً أو صاحب تخصص نادر.يخاطبون الميت خطاب الواثق التوسل بصاحب الضريح اعتقاد الجهال بهؤلاء الأموات (1) في عرض الله وعرضك سيدي البطل الشهير، أنا في عرض الله، وعرضك، وببركة الله وبركتك تبين لنا في هذه من سرق الديوك الرومي؟ وببركة الله وبركتك وإن الله حاكم عادل بيننا وبينه يصرف فيه هو الله لا إله إلا هو الحي القيوم وهو على كل شيء قدير، وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وحسبنا الله ونعم الوكيل على كل من سرق هذه الديوك تبين لنا فيه، الله يا سيدي يا إمـام يـا شافعي، تبين لنا في الذي أخذ هذا الديوك الرومي ولا إذا كان المدعو كاذبا تبين في هذا الشخص الذي ادعى هذا الكذب يا إمام يا شافعي.(2) الحضرة جناب السيد الإمام الشافعي (3) صاحب الكرامة والمجد العزيز (4) مددك يا سيدي يا إمام يا شافعي (5) إلى الإمام الشافعي وهكذا تلقى هذه العرائض على الأموات، ويهمل دعاء الجبار، ولا شك أنّ هذه الأمور من المنكرات الشنيعة والبدع المخيفة. فاللهم حفظك ورحمتك. اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() بدع القبور أنواعها وأحكامها (7) بناء المساجد على القبور والصلاة فيها جاءت شريعة الإسلام بالتوحيد الخالص من شوائب الشرك، وسدت كل ذريعة ووسيلة تفضي إليه، ومن ذلك البدع المستحدثة في القبور، من البناء عليها واتخاذها مساجد، ولقد حذر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المسلمين من هذه البدع الجاهليَّةِ، مِثل البِناءِ عَلى القُبورِ ورَفعِها؛ فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنه - أنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُجَصَّصَ القَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عليه، وَأَنْ يُبْنَى عليه»، من هنا كان استعراضنا لهذا البحث للشيخ: صالح بن عبدالله العصيمي وهو بعنوان: (بدع القبور أنواعها وأحكامها)، لبيان تلك البدع التي انتشرت بين المسلمين، وليست من الإسلام في شيء. البناء على القبور يعد من أعظم المنكرات التي عظم شرها، واشتد خطبها، وبان خطرها، وطم بلاؤها، وعم ضررها، فهناك من يبني المساجد علـى القبور، وهناك من يبني المقامات ويشيد الأضرحة. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وقد قسمت هذا الفصل إلى أربعة مباحث:بناء القباب والزوايا والمقامات على القبور من الأمور المسلم بها لدى الباحثين: هو أن القبة من العناصر المعمارية السابقة على الإسلام، ونظرا لوجود نماذج لها قديمة في أماكن عدة متباعدة، فإنه من الصعوبة بمكان التعرف على كيفية ظهورها، ولكن مما لا ريب فيه، أن العرب المسلمين قد اقتبسوا القبة واستخدموها في المباني التي شادوها، وأول قبة عرفت في الإسلام هي القبة المعروفة باسم القبة الصليبية، وتوجد في مدينة سامراء في العراق. أهداف بناء القباب واختلفت الأهداف التي من أجلها توضع القباب والزوايا والمقامات عنـد القبور، فلم يكن القصد من بناء المشاهد والترب، الدفن أو تخليد ذكرى من دفنوا تحتها فحسب، بل تعدى ذلك إلى مقاصد أخرى كثيرة؛ فقد أوصى بعضهم بجعل تربته على الطريق، قائلاً: لكي يمر بها الصادر والوارد فيترحم علىَّ، ومنهم من ألحق بتربته أماكن نزهة مؤنسة لا تخلو من الروعة والوقار، تنشرح لها الصدور، وتنبسط لها السرائر، بعيدة عن كآبة القبور ووحشة المقابر؛ فأضحت مثل هذه المشاهد والترب مقصد الناس للزيارة والتنزه. وعند تل توبة مشهد يزار ويتفرج فيه أهل الموصل كل ليلة جمعة وقيل: إذا ضاقت الصدور عليكم بزيارة القبور وقد حبذ الرسول الكريم زيارتها قائلا: «ألا إني قد نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، لأنها تذكر الموت». من عمل الشيطان وبناء القباب والزوايا والمقامات على الأضرحة من عمل الشيطان؛ ولذا اشتد نكير السلف الصالح على مثل هذه الأمور، فهذا ابن عمر - رضي الله عنهما- رأى فسطاطاً على قبر عبد الرحمن فقال: انزعه يا غلام، فإنما يظله عمله. قال الحافظ - رحمه الله -: «إن عبدالله قال للغلام: يا غلام، انزعه فإنما يظله عمله. قال الغلام تضربني مولاتي. قال: كلا. فنزعه»، -ويقصد بذلك عائشة - رضي الله عنها - قال الحافظ: أمرت بفسطاط على قبر أخيهـا ووكلـت بـه إنسـانا وارتحلت، وقد علق الشيخ ابن باز -رحمه الله- على الموضع نفسه بقوله: «هذا الأثر ضعيف من أجل الرجل المبهم، وعلى فرض صحته فالصواب ما فعله ابـن عمر، لعموم الأحاديث الدالة على تحريم البناء على القبور، وهي تشمل بنـاء القباب وغيرها، ولأن ذلك من وسائل الشرك بالمقبور فحرم فعله كسائر وسائل الشرك، والله أعلم». وأوصى أبو موسى - رضي الله عنه - «ألا يجعل على قبره بناء»، كذلك أوصى أبو هريرة - رضي الله عنه - ألا يضربوا على قبره فسطاطاً»، وعن سعيد بن المسيب أنه قال -في مرضه الذي مات فيه-: إذا ما مت فلا تضربوا على قبري فسطاطا، »وعن محمد بن كعب - رضي الله عنه - أنه قال: «هذه الفساطيط التي على القبور محدثة». أشبه ما تكون بمسجد الضرار وما ذاك إلا أنها أشبه ما تكون بمسجد الضرار، قال شيخ الإسلام رحمه الله-: «وكان مسجد الضرار قد بني لأبي عامر الفاسق الذي كان يقال له: أبو عامر الراهب، وكان قد تنصر في الجاهلية، وكان المشركون يعظمونه، فلما جاء الإسلام حصل له من الحسد ما أوجب مخالفته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقام طائفة من المنافقين يبنون هذا المسجد، وقصدوا أن يبنوه لأبي عامر هذا، والقصة مشهورة في ذلك: فلم يبنوه لأجل فعل ما أمر الله به ورسوله بل لغير ذلك، فدخل في معنى ذلك من بنى أبنية يضاهي بها مساجد المسلمين لغير العبادات المشروعة، من المشاهد وغيرها، ولاسيما إذا كان فيها من الضرار والكفر والتفريق بين المؤمنين، والإرصاد لأهل النفاق والبدع المحادين الله ورسوله ما يقوي بها شبهها، كمسجد الضرار». أسست على معصية الرسول إن القباب التي بنيت على القبور يجب على ولاة الأمر هدمها؛ لأنها أسست على معصية الرسول، ومخالفته، وكل بناء أسس على معصية الرسول ومخالفته فهو بالهدم أولى من مسجد الضرار، لأنه عليه السلام نهى عن البناء على القبور. القباب من عمل غير المسلمين إن عمارة المنارة، والقباب والهلال والزخرفة من عمل غير المسلمين ونقلت عنهم، وفي فعلنا هذا مشابهة لهم في أصل أعمالهم ببناء أماكن عبادتهم لذلك فإن المطالبة بهدم هذه القباب مطلب شرعي مُلح؛ لما فيه من الأخطار العظيمة ومن أهمها:
(1) قبة المنصور قلاوون تلك القبة التي تتكون من قاعدة مربعـة يوجد في وسطها ثمانية أعمدة أربعة منها من الجرانيت وهي متقابلة ومذهبة التيجان والأربعة الأخرى دعائم مبنية بأركان كل منها أربعة أعمدة من الرخام، ويجمع الجرانيتية والدعائم من أعلى أفريز رخامي دقيق الصنع، فوقه أفريـز بـه نقوش مذهبة، ويعلو ذلك كله أفريز ثالث به كتابات قرآنية وتاريخ تجديد القبـة وذلـك بحروف مذهبة على أرضية زرقاء. (2) قبة الإمام الشافعي تعد من أشهر القباب التي تهفو إليها قلوب من بلوا بعبادة الأضرحة؛ إذ تبلغ مساحتها أكثر من 15 متراً مربعاً من الداخل و 20.5 متراً مربعاً من الخارج، ومعنى ذلك أن سمك الحوائط يبلغ 2.75 من المتر مما يثبت متانة البناء ويؤهله لتحمل قبة من الحجر أو الآجر، ولذلك فإن إقامة قبة من الخشب كان وما يزال موضع الدهشة. ويتكون الضريح من الخارج من طابقين، الأول ويبلغ ارتفاعه (1062) من المتر، هذا بالإضافة إلى شرافة يبلغ ارتفاعها (1.08) من المتر، والطابق الثاني يبلغ ارتفاعه (616) من المتر بما في ذلك الشرافات، وعلى ذلك يبلغ ارتفاع الجدار كله (16.78) متراً من سطح الأرض. العديد من القباب ويوجد غيرها مئات من القباب، بعضها لملوك وبعضها لأولياء، وبعضها للأثرياء في كثير من بلاد العالم الإسلامي، كذلك توجد الزوايا، وقد اشتهرت في العالم الإسلامي الكثير من الزوايا التي توضع في بعضها الأضرحة وأصبحت محل زيارات ترمى عندها الحوائج وترفع الدعوات، وتسكب العبرات، وقد ذكر المقريزي -رحمه الله- جملة من الزوايا المعروفة، ومن هذه الزوايا زاوية الشيخ خضر؛ حيث بناها خارج القاهرة، ووقف عليها أحكاراً تغل في السنة، وينزل إليها في الأسبوع مرة أو مرتين، كما أن هناك ما يعرف بالمقام، والمقام: هو الموضع الذي تقيم فيه. وقيل: هو المنبر. من أشهر المقامات في العالم الإسلامي ومن أشهر المقامات في العالم الإسلامي مقام (أبي الدرداء)، المقام بشارع أبي الدرداء بالإسكندرية، وهو عبارة عن بناء مستطيل الشكل، يتوسطه ممر يقسم المستطيل إلى قسمين شرقي وغربي، ويتقدم الممر من طرفيهما عقد كبير نصف دائري يرتكز على عمودين ملتصقين من الرخام المجزع. وينقسم كل من القسمين الشرقي والغربي بكل من المقاصير الأربعة مقبرة مسماة باسم أبي الدرداء وأولاده وأحفاده وأصحابه، ويعلو كل مقصورة قبة ضحلة تكاد لا ترى من الخارج، والمبنى بحالة جيدة جداً تحرق فيه البخور باستمرار لكثرة الوافدين عليه من أهل الإسكندرية وغيرها، وبالرغم أن مرجعًا لم يذكر أن أبا الدرداء قد دفن في الإسكندرية، إلا أن بعض أهل الإسكندرية يعتقدون اعتقاداً لا يقبل المناقشة في أنه مدفون داخل ضريحه، ويسوغون ذلك بكثرة الكرامات التي تحدث لهم. حادث غريب ويذكرون على سبيل المثال ما حدث عندما أرادت بلدية الإسكندرية سنة 1947م نقل الضريح من مكان إلى آخر؛ حتى لا يتوسط الطريق فيعوق المرور، وبدأت فعلا في تنفيذ المشروع، ولكن واحدًا من العمال الذين يعملون في نقل الضريح توقفت يداه وأصيب بالشلل، فامتنع باقي العمال عن العمل، وأيقنوا أن الصحابي الجليل يأبى أن ينقل جثمانه من مرقده، هذا واضطرت البلدية أن ترضخ لاعتقاد العامة، وأبقت الضريح كما هو، وتحايلت لتوسيع الشارع من الجانبين ليسهل تسيير الترام. من الأساطير التي تروج لخداع العامة وهذه من الأساطير التي تروج لخداع العامة، وقد أخبرني بعض أعيان الإسكندرية أن أيدي الاستعمار الخفية هي التي أيدت بقاءه، وقاموا بصناعة تـرام (قطار) خاص صغير الحجم، ليتمكن من الانحراف عند الوصول إلى هذا الضريح؛ من أجل أن يبقى معول هدم لعقائد الناس، وتحقق لهم مرادهم، ويلحظ ذلك من يزور الإسكندرية، ويرى هذا الوثن شاهراً بارزاً معلماً، يقصده القاصي والداني، والله المستعان. اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |