|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
المقومات الأساسية لمعلم القرآن الناجح
دورة تدريبية أقامها مركز عبدالله ابن مسعود التابع لجمعية إحياء التراث – المقومات الأساسية لمعلم القرآن الناجح
أقام (مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم)، التابع لجمعية إحياء التراث الإسلامي، دورة تدريبية لمعلمي القرآن الكريم ومعلماته، بعنوان: (المقومات الأساسية لمعلم القرآن الناجح)، قدمها الداعية وأخصائي الإرشاد الأسري والتربوي محمود عمارة. في بداية الدورة بين عمارة أن الاشتغال بكتاب الله العظيم حفظاً، وفهماً، وعملاً، وتعليماً من أفضل القربات وأزكاها عند الله، وقد بُعث النبي رسولاً يتلو آيات الله، معلمًا ومزكيًا لنفوس الصحب الكرام، قال -تعالى-: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} (الجمعة: ٢). منزلة سامية في الإسلام ثم بين عمارة أن معلم القرآن يتبوأ منزلة في الإسلام هي أسمى مكانة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، وما ذلك إلا للدور المنوط به، ولا يمكن للمعلم أن يملك أدوات التأثير وهو ضعيف وأدواته قديمة غير متجددة. إن الزمن الذي نحن فيه يحتاج إلى الأدوات الفعالة لإحداث التغيير، فلابد له من امتلاك مجموعة من المقومات الأساسية التي لا تنفك عن معلم القرآن، وكلما اتصف المعلم بهذه المقومات، وجد الثمرة المرجوة من تحفيظ القرآن: وهي: (التوفيق، والإخلاص، والاحتساب، والوضوح من هدف تعلم القرآن، والتحلي بالرفق واللين، وأن يكون قدوة، وامتلاك قدر من العلم والمعرفة، وأن يألف ويؤلف، وأن يكون لديه القدرة على التشجيع والتحفيز، وأن يكون ملما بالخصائص العمرية للطلاب).
معية الله -تعالى- وهدايته ومدده والعبد المؤمن -في حله وترحاله وفي أي موقع- لا يستغني إطلاقا عن معية الله -تعالى- وهدايته ومدده، وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّكَ إِن تَكِلنِي إلى نفْسي تَكِلنِي إلى ضَعْفٍ، وَعَوْرَةٍ، وَذَنْبٍ، وَخَطِيئَةٍ، وَإِنِّي لا أَثِقُ إِلا بِرحمتِكَ، فَاغْفِرْ لِي ذُنوبِي كُلَّهَا، إِنَّهُ لا يَغفِرُ الذُّنوبَ إِلا أنتَ، وَتُبْ عليَّ إِنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحيمُ» (رواه أحمد 5 /191 عن زيد بن ثابت). حقيقة التوفيق وحقيقة «التوفيق» إمداد الله -تعالى- العبد بعونه وإعانته وتسديده وتيسير أموره وتسخير الأسباب المعينة عليها، والتوفيق بيده -سبحانه- هو لا بيد من سواه، وأعظم التوفيق: التوفيق إلى الحق وقبوله، وإلى الخير والعمل به، وتلك نعمة لا يملكها إلا رب العباد، ومقلب القلوب والأبصار، والذي يحول بين المرء وقلبه، قال -تعالى-: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بْاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود:88)؛ فالله -تعالى- يوفّق من يشاء، ويخذل من يشاء. خيركم من تعلم القرآن وعلمه إن من توفيق الله لك أن جعلك من خير الناس، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «خَيرُكُم من تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ»، فأنا أريدك أن تتأمل هذا الحديث بقلبك كأنه - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يحدثك، فأنت بوصفكَ معلما أو بوصفِكِ معلمة للقرآن، دخلت في هذه الخيرية، وهي تستلزم شكر الله -تعالى-، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا حسدَ إلا على اثنتينِ: رجلٌ آتاه اللهُ مالًا، فهو ينفقُ منه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ، ورجلٌ آتاه اللهُ القرآنَ، فهو يقومُ به آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ» فهذا محض نعمة من الله وتوفيق منه لك أن جعلك من أهل القرآن. الرفعة بالقرآن الكريم وقال - صلى الله عليه وسلم -: « إنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بهذا الكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ به آخَرِينَ»، فإذا كنت من أهل هذا الكتاب فأبشر بأنك مرفوع بإذن الله -تعالى-، وفي مكانة لا يصل إليها كثير من الناس، فلابد أن تستحضر هذه المعاني وأنت تقوم بتعليم أبناء المسلمين القرآن، فهنيئا لكم أن جعلكم الله من معلمي القرآن الكريم؛ فهي نعمة تستوجب الشكر كثيرا، قال - صلى الله عليه وسلم - «إنَّ للَّهِ أَهْلينَ منَ النَّاسِ قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، من هُم؟ قالَ: هم أَهْلُ القرآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وخاصَّتُهُ»، فأنت بوصفك معلما للقرآن من أهل الله وخاصته، فكل من استحضر هذه المعاني وهو يعلم القرآن، سواء كان رجلا أم امرأة لا شك أنها من أقوى المحفزات على الاستمرار، ومنها أن الله اختارك ووفقك وأعانك واصطفاك على غيرك؛ فهي في حد ذاتها محض نعمة تستوجب الشكر. بشريات لأهل القرآن قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ عَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ كَانَ لَهُ ثُوَابُهَا مَا تُلِيَتْ»، وقال - صلى الله عليه وسلم - «يَجِيءُ صاحِبُ القُرآنِ يومَ القِيامةِ، فيقولُ القرآنُ: يارَبِّ حُلَّهُ، فيَلْبسُ تاجَ الكرامةِ، ثُم يقولُ: ياربِّ زِدْه، فيَلبسُ حُلَّةَ الكرامةِ، ثُم يقولُ: ياربِّ ارْضَ عَنه، فيَرضَى عنه، فيُقالُ لهُ: اقْرأْ، وارْقَ، ويُزادُ بِكُلِّ آيةٍ حسنةً»، وأبشركم بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الدالَ على الخيرِ كفاعلِه»، قال - صلى الله عليه وسلم -: «يقالُ لصاحِبِ القرآنِ اقرَأ وارقَ ورتِّل كما كُنتَ ترتِّلُ في الدُّنيا فإنَّ منزلتَكَ عندَ آخرِ آيةٍ تقرؤُها».
وجه الله -تعالى- والدار الآخرة فعلى معلم القرآن الكريم أن يتحرَّى بعلمه وتعليمه وجه الله -تعالى- والدار الآخرة، لا مباهاة العلماء أو مماراة السفهاء أو مجاراة الأغنياء، وفي الحديث: «أوَّل من تُسعَّر بهم النار ثلاثة نفر: باذل للمال، وطالب للعلم، وخارج للقتال»، لكنهم لم يقصدوا بأعمالهم إلاَّ وجوه الناس وثناءهم، وقد وجدوا ما قصدوا إليه، فحرمهم القبول والثواب، وعن جابر بن عبد الله أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء ولا لتماروا به السفهاء ولا تخيروا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار». خصلة تواطأ عليها السلف والإخلاص خصلة تواطأ من كتب مِن سلف الأمة في آداب الْمُعلِّم على الوصاية بها، قال الحافظ ابن جماعة في أدب العالِم مع طلبته: أن يقصد بتعليمهم وتهذيبهم وجه الله -تعالى-، ونشر العلم، ودوام ظهور الحقِّ وخمول الباطل، ودوام خير الأمَّة بكثرة علمائها، واغتنام ثوابهم، وتحصيل ثواب من ينتهي إليه علمه. وقال الإمام النووي: ويجب على الْمُعلِّم أن يقصد بتعليمه وجه الله لِما سبق، وألاَّ يجعله وسيلة إلى غرضٍ دنيوي، فيستحضر الْمُعلِّم في ذهنه كون التعليم آكد العبادات، ليكون ذلك حاثا له على تصحيح النية، ومُحرِّضًا له على صيانته من مُكدِّراته ومن مكروهاته، مخافة فوات هذا الفضل العظيم والخير الجسيم.
يجمع بين الإخلاص والصبر والاحتساب يجمع الإخلاص والصبر وروح المبادرة إلى العمل الصالح، سواء كان النفع ذاتيا يتعلَّق بالعبد، أو كان النفع متعدياً يستهدف الآخرين، وهو في ذلك متبعاً هدي النبي - صلى الله عليه وسلم . والاحتساب أن يَعُدّ الإنسان صبره في المكاره وعمله الطاعة ضمن ما له عند الله - عز وجل -، فإن اكتفاء الإنسان بالله -تعالى- وثقته به واتكاله في نصرته على عونه، نوع من الاحتساب، كما أن رضا العبد بما قسم له مع الاكتفاء به. قال -تعالى-: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ} (التوبة: 59). والحِسْبَة احتساب الأجر عند الله، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه. الاحتساب طريق المخلصين فإذا استحضر معلم القرآن هذا المعنى العظيم في نفسه عند قيامه بمهمته فإنه سيدفع عن نفسه خواطر السوء من السمعة والرياء وطلبة المدح والثناء من الناس إلى غير ذلك من الآفات التي تحبط العمل أو تنقص الأجر؛ لأنه حصر همه في رضا الله وطلب الأجر منه. وعندئذ يفوز بالأجر العظيم والثواب الجزيل.
التعليم يسبق الحفظ إذًا لابد ألا يكون هدف معلم القرآن من الحلقة تحفيظ القرآن فقط، وإنما التعليم يسبق الحفظ، فكم طالب من أبنائنا حفظ القرآن ولم يهتد بتعاليمه ولم يلتزم ويستقم! وكم طالب حفظ القرآن ثم انحرف! الواقع يقول: كثير جدا من الأولاد الذين ختموا القرآن ولم يهتدوا إلى طريق الالتزام، والسبب أن الذين قاموا على تربيتهم ورعايتهم اهتموا فقط بتحفيظ آيات القرآن دون التعليم. دور معلم القرآن الكريم معلم القرآن الكريم دوره تحفيظ القرآن أولاً، ثم بجانب التحفيظ لابد أن تكون هناك برامج تربوية وتفسير لآيات القرآن، وتدبر معانيها؛ فالمعلم لابد أن يكون عنده دراية بمعاني القرآن ولو مجملة، وهذه القضية جوهرية؛ فكثير من الناس التي ليس لها أي توجهات كل هدفها أن الولد يختم، وهو أمر جيد؛ فبمجرد التحفيظ وقراءة القرآن وتكرار الآيات نؤجر عليه، لكن ما المانع أن نستقي هدفنا من قول الله -عزوجل-: {وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} (آل عمران: 48)، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «خَيرُكُم من تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ» وأيضا من كلام السلف: «كما نعلمهم القرآن الكريم»، فهو جزء مهم جدا ولابد أن يترجم عمليا، وأن يكون هناك برامج في كل مرحلة ولو على سبيل 80% تحفيظ ل20% تعليم، وهي أقل نسبة، فالمهم والواجب علينا أن نرفع الجهالة عن أبناء المسلمين من خلال تعليم القرآن. اعداد: الفرقان
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: المقومات الأساسية لمعلم القرآن الناجح
دورة تدريبية أقامها مركز عبدالله ابن مسعود التابع لجمعية إحياء التراث – المقومات الأساسية لمعلم القرآن الناجح (٢)
استكمالا لما بدأناه من عرض للدورة التي أقامها (مركز عبدالله بن مسعود لتعليم القرآن الكريم)، التي كانت بعنوان: (المقومات الأساسية لمعلم القرآن الناجح)، وقدمها الداعية وأخصائي الإرشاد الأسري والتربوي محمود عمارة؛ حيث استعرضنا أربعة مقومات من مقومات معلم القرآن الناجح وهي: التوفيق، والإخلاص، والاحتساب، ووضوح الهدف، واليوم نستكمل الحديث عن هذه المقومات المقوم الخامس: أن يتحلى بالرفق واللين وهذا المقوم مهم جدا في شخصية كل مربٍّ وكل داعية إلى الله -سبحانه وتعالى-، أن يتحلى بالرفق واللين؛ فالله -سبحانه- خاطب نبيه - صلى الله عليه وسلم - قائلا: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}، فالله -سبحانه وتعالى- يبين للنبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يربي أصحابه، ويرشده إلى هذا المقوم الأساسي الذي لا ينبغي أبدا لمن يقوم بالتربية أن يفتقده؛ لأن النتيجة الطبيعية للإنسان الفظ أن ينفض الناس من حوله، وكذلك النتيجة الطبيعية للمعلم الفظ أن ينفض الأولاد من حوله، ولذلك فقضية الرفق مهمة جدا، اهتم بها الشرع على أعلى مستوى في الجزء التربوي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - رغبنا كثيرا في قضية الرفق واللين وهي الأصل، وإن كنا نحتاج للحزم في بعض المواقف ونحتاج للعقاب في مواقف أقل. وهناك أحاديث شريفة يحثنا فيها النبي -صلى الله عليه وسلم - على الرفق واللين، قال - صلى الله عليه وسلم -»: ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه»، فأي شيء يفتقد الرفق واللين فهو مفتقد الصواب والبركة والخير، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «إذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق»، وعندما جاء رجل لرسول الله يسأل: يا رسول الله، كم أعفو عن الخادم؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يجبه، فكرر السؤال عليه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: في كل يوم سبعين مرة» وهذا أصل من الأصول المهمة. قال النووي -رحمه الله-: وينبغي للمعلم أن يشفق على الطالب، ويعتني بمصالحه كاعتنائه بمصالح ولده ومصالح نفسه، ويجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان؛ فإن الإنسان معرض للنقائص ولا سيما إن كان صغير السن. كان - صلى الله عليه وسلم - أرفق الناس لقد كان - صلى الله عليه وسلم - أرفق الناس بالناس، وكان - صلى الله عليه وسلم - يراعي نفسياتهم وأحوالهم، كيف لا؟ وهو الذي قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه»، وقال -عليه الصلاة والسلام-: «إن الله -عز وجل- يحب الرفق في الأمر كله»، والرفق هو: لين الجانب بالقول والفعل، والأخذ بالأسهل، وهو ضد العنف، والنفس البشرية تميل إلى الرفق ولين الجانب وطيب الكلام وتأنس به، وتنفر من الجفوة والغلظة؛ ولذا كان حريا بالمعلمين والمربين أن يعوا هذا الجانب ويطبقوه على تلاميذهم وطلابهم. المقوم السادس: أن يكون المعلم قدوة صالحة معلم القرآن الكريم كبير في عيون طلابه، والطلاب مولعون بمحاكاته والاقتداء به؛ لذلك كان لزامًا على المعلمين أن يتصفوا بما يدعو إليه العلمُ من الأخلاق والأعمال؛ فهم أحق الناس بذلك وأهلُه؛ لما تميزوا به من العلوم التي لم تحصل لغيرهم، ولأنهم قدوة للناس، فإذا كانوا كذلك أثَّروا على طلابهم، وانطبع من تحت أيديهم على أخلاق متينة، وعزائم قوية، ودين صحيح، وإن المعلم لا يستطيع أن يربي تلاميذه على الفضائل إلا إذا كان فاضلًا، ولا يستطيع إصلاحهم إلا إذا كان بنفسه صالحًا؛ لأنهم يأخذون عنه بالقدوة أكثر مما يأخذون عنه بالتلقين، ولقد كان السلف الصالح -رضي الله عنهم - يستعينون بالعمل على العلم؛ لأن العلم إذا عُمِل به نما، واستقر، وكثرت بركته، وإذا ترك العمل به ذهبت بركته، وربما صار وبالًا على صاحبه؛ فروح العلم، وحياته، وقوامه إنما هو بالقيام به عملًا، وتخلقًا، وتعليمًا، ونصحًا؛ فالشرف للعلم لا يثبت إلا إذا أنبت المحامد، وجلب السعادة، وأثمر عملًا نافعًا. المقوم السابع: أن يتحلى معلم القرآن بالأخلاق الكريمة نذكر منها على سبيل الحصر ما يلي: (1) العدل مع الطلاب إن من الصفات التي ينبغي على معلم القرآن الكريم التحلي بها، سواء كان يدرس في المسجد أم غيره: صفة العدل بين الطلاب، وإن من أسباب نجاح حلقات التحفيظ، أن يكون المعلم مهتما بجميع الطلاب، لا يحمله احترام شخص على أن يظلم الآخرين لأجله، أو يقدمه عليهم لشيء في نفسه، وفرق بين العناية بطالب من الطلاب، وبين أن يهضم آخرين حقهم، فمن حق الطالب المثابر الذي يداوم على الحضور أن يحظى بعناية المدرس واهتمامه، ولكن تكمن أهمية العدل بين الطلاب المتساويين في المثابرة والحضور، فينبغي هنا أن يراعي مسألة العدل بينهم. والعدل يكون بأمور:
المقوم الثامن: مراعاة الفروق الفردية بين الطلاب ومن الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها معلم القرآن أن يرى كل الطلاب بقدرات واحدة دون أن يأخذ تفاوت قدرات الطلاب بعين الاعتبار، ومن هدي معلم البشرية - صلى الله عليه وسلم - أنه كان شديد المراعاة بين المتعلِّمين من المخاطبين والسائلين، فكان يخاطب كل واحد بقدر فهمه، وبما يلائم منزلته، وكان -صلى الله عليه وسلم - يحافظ على قلوب المبتدئين، فلا يعلمهم ما يعلِّم المنتهين، ويجيب كل سائل عن سؤاله يما يهمه ويناسب حاله، ويوصي كل واحد - ممن طلبوا منه الوصية - بغير ما أوصى به الآخر، لاختلاف أحوالهم، وأعطى أجوبة حول أفضل الأعمال أو أحبها إلى الله -تعالى- بحسب، وهذا عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - الذي قال عنه - صلى الله عليه وسلم -: «إنك غليِّم معلَّم». والممارس لمهنة التعليم يلحظ فروقاً بارزة بين الطلاب، ومن مهام المدرس أن يستطيع معرفة نفسية كل طالب واستعداده، وما يقدر عليه، وهي خصيصة من خصائص المدرس الناجح، وقد قرر الآجري هذه القاعدة بقوله - عن مقرئ القرآن -: «وينبغي له أن يستعمل مع كل إنسان يلقنه القرآن ما يصلح لمثله»، ففي جانب حفظ القرآن الكريم تجد بعض الطلاب لديه قدرة على حفظ خمس آيات في اليوم، وبعضهم لديه قدرة على حفظ صفحة، وبعضهم لديه قابلية لحفظ ثلاثين آية أو أكثر، ولنا شاهد في عز الدين بن جماعة (ت: ٨١٩ هـ)، الذي كان يحفظ كل يوم حزبين من القرآن الكريم، فحفظه في شهر واحد. وفي جانب الفهم، تجد بعض المتعلمين يفهم بتقرير يسير من المدرس، وبعضهم يحتاج لبسط وتوضيح وإعادة، وبعضهم يحتاج لأمثلة بيانية. في جانب علم التجويد وفي جانب علم التجويد يكتفي بعض المتلقنين بما يلقى إليه من تقويم وتصحيح، وبعضهم عنده قابلية لحفظ القاعدة والأمثلة عليها، وبعضهم لديه قدرة على حفظ المتون المساعدة، كحفظ متن الجزرية، أو (تحفة الأطفال) للجمزوري، أو (لآلئ البيان في تجويد القرآن) للشيخ إبراهيم بن علي بن علي شحاتة السمنودي المعاصر، أو ما شابهها من المتون السائرة الشهيرة في هذا العلم. فعلى المعلِّم ملاحظة هذا التباين الواضح، ومراعاة الفروق البارزة بين المتعلمين، ومن الخطأ الجلي لدى بعض معلمي القرآن، المساواة بين الطلاب، وتحميل الضعيف حملاً عنيفاً ليبلغ إلى مستوى الطالب اليقظ النبيه، وهذا لا يعني ترك التحفيز أو رفع الهمم، أو مكافأة المحسن، وعقاب المقصر، بل المقصود أن ترك الأخذ بمبدأ مراعاة الفروق في التعليم والتوجيه، يوجد نشأً متفسخاً، ويبرز نوعيات من الطلبة نافرة، أو يؤدي إلى ظهور طبقة تحملت فوق ما تستوعب. المقوم التاسع: الحد الأدنى من العلوم الأساسية لمهمته معلم القرآن الناجح هو الذي يرتقي بنفسه علميا ولاسيما العلوم الأساسية كعلم التوحيد والاعتقاد، فيجب عليه أن يسعى دائمًا لطلب العلم الشرعي وتحصيله، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - « من سلك طريق يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة»، ويعدُّ العلم بأصول الاعتقاد الذي كان عليه السَّلف الصَّالح، وبراءة المرء من المُحدَثات والبدع مطلبا شرعيا، ومن أوَّلِ الصِّفات التي ينبغي أن يتحقَّق بها معلِّم القرآن ومتعلِّمه، فالعقيدة الصحيحة من المقوِّمات الأساسيَّة لمعلِّم القرآن، الذي يتصدَّى للتَّعليم والتَّربية في حَلَقات القرآن؛ لأنَّ ذلك يُثمر الاستقرار القلبي، فيصبح اعتقاده القلبي متوافقاً مع قوله اللَّفظي، وسلوكه العملي، فمعلم القرآن الكريم الذي لديه علم بهذه الأصول، يستطيع أن يحقِّق أهداف الحَلَقات القرآنيَّة، بغرس بذرة الإيمان في نفوس النَّاشئة، وبناء لبنة عقيدة التَّوحيد الخالصة؛ بحيث يجتمع تعلُّم القرآن مع نقاء الفطرة، فتنمو الثَّمرة، وتؤتي أكلها، فيحصل النَّفع بإذن الله. اعداد: الفرقان
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |