|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية - القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 10- الإنفاق لا يحتمل التأخير نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . الإنفاق لا يحتمل التأخير(1)، أي أن بَذْل المال ونحوِه لمن تجب النفقة عليهم من الأولاد والزوجة والوالدين، أو مما اؤتمن عليه من المال لصرفه إلى أهل الحاجة والعوز، لا يحتمل ولا ينبغي فيه التأخير . فالحاجة لا تحتمل التأخير في سدها، ولا يسوَغ التقاعس في أدائها بأعذار واهية، وما لا يحتمل التأخير يقدم، والنفقة الواجبة لا يحل تأخيرها عن وقت استحقاقها، والصرف على المحتاجين وقت النوازل والنكبات أولى من الأمور الثانوية التي يحتمل فيها التأخير، كإقامة المشاريع الخيرية؛ لأن الإنفاق في مثل ذلك الزمن لا يحتمل التأخير، فقد تهلك الأنفس وتسفك الدماء من الجوع، وتنتهك الأعراض . وكذلك النفقات الواجبة على الشخص نحو زوجته وأولاده الصغار؛ فإنه يجب عليه أن يعطيهم نفقتهم في موعد محدد وبمقدار يفي بالغرض، وليس له أن يؤخرها لتجدُّد الحاجات . وكذلك الوقف، فعلى ناظره أن لا يؤخر أداء حقوق المستحقين في الوقف، وعدم تأخيرها مطلقاً، إلا لضرورة تقتضي تأخير إعطائهم لحقوقهم: كحاجة الوقف إلى العمارة والإصلاح أو الوفاء بدين على الوقف؛ لأن هذا مقدم على الإعطاء للمستحقين(2). ولا يجوز كذلك للواقف أو للناظر أو المتولي للوقف أن يؤخر حق الانتفاع من عين الوقف للموقوف عليهم بلا ضرورة تقتضي ذلك، وعلى الناظر أن يتأكد من أداء حقوق المستحقين في الوقف، ويتأكد كذلك من أداء المتولين أمر صرف المستحقات. وعلى العاملين في المؤسسات الخيرية أن يتقوا الله فيما اؤتمنوا عليه من أعمال، فلا يؤخروها ويهملوها ويضيعوا بتقاعسهم أعداد الكشوفات ومتابعة صرف مستلزماتها . ومن التطبيقات الخيرية لهذه القاعدة: في حال النكبات والنوازل، فإن تقديم المساعدات الفورية من ماء وطعام ومكان لإيواء مقدم على ما دونه من الأعمال الخيرية؛ لأن في ذلك حفظ النفس . وكذلك الصرف على ما يحفظ دين الخلق لا يحتمل التأخير، وكذلك الإنفاق لحفظ الأعراض لا يحتمل التأخير، ومقدم على ما يحتمل التأخير. وفي حالة تفشي مرض ما، فإن الإنفاق لا يحتمل التأخير في العلاج وتوفير الدواء والتعقيم وأخذ الاحتياطات لحصر العدوى. ولا يؤخَّر صرف مستحقات أهل العوز والحاجة ، الذين يُصرف لهم مخصصات شهرية من المؤسسات الخيرية؛ لأن في ذلك ضرر عليهم . وكذلك صرف مستحقات العاملين في المؤسسات الخيرية، أمر لا يحتمل التأخير؛ لأنه يضر بنفسية الموظف، مما يؤثر على أداؤه وانجازه والذي يؤدي أحياناً إلى إهماله في إيصال المستحقات لأهل الحاجة والعوز. وإذا كفل الكافل اليتيم، فإن الإنفاق عليه كما هو متبع عرفاً - شهرياً - لا يحتمل التأخير . وجمع المال في المؤسسات الخيرية وتأخير أنفاقه لسنوات، ضرر لأصحاب الحاجة، بل وإثم إن كان من الزكاة أو ما حدده المتبرع وأوصى في سرعة إيصاله لمستحقيه. الهوامش: 1 - 1- المبسوط للسرخسي: (5/223). 2 - أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية، د.محمد الكبيسي، ( 2/198). اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 17- لكــل عمل رجــال نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . لكل عمل رجال(1)، فيقدم في كل ولاية الأقوم بمصالحها؛ كالفقيه على القارئ في الإمامة، والنساء على الرجال في الحضانة، والرجال على النساء في الوصول لأصحاب الحاجات في النوازل والكوارث في الأماكن التي يقل فيها الأمن وتمثل خطورة على النساء. فأعمالنا حتى تكون متقنة لا بد لها من إخلاص نية، وموافقة للشرع، وأن تؤدى من أصحاب الاختصاص، فلا المرأة تصلح لكل عمل ولا كذلك الرجل . والله تعالى لم يرسل رسلاً من النساء، وهذا يعني أن المرأة لا تصلح أن تكون نبيًا أو رسولاً، ومع ذلك فهنالك أعمال تصلح لها المرأة ولا يصلح لها الرجل، كبعض الأعمال النسائية النبيلة التي تخص المرأة وتقوى عليها، ولا يقوى عليها الرجال. وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الخازنَ المسلمَ الأمينَ، الذي يُنْفِذُ «وربما قال يُعطي» ما أُمرَ به، فيعطيه كاملاً مُوَفَّراً، طيبةً به نفسُهُ، فيدفعُه إلى الذي أُمر له به؛ أحدُ المتصدقين»(2). يخبرنا ويبشرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن الخازن المسلم المؤتمن، الذي عمل على حفظ الأمانة ورعاها، وأداها كما أَمر بذلك صاحبها، مع طيب نفس منه، فهو بهذا يكون أحد المتصدقين. والمؤتمن هو أحد المتصدقين، فالمتصدق طرف والمؤتمن على تلك الصدقة طرف آخر، وكلاهما ينالون من الله -تعالى- الأجر بهذا العمل، فالذي يرعى الصدقة ويحفظها ويوصلها إلى مستحقيها، ويصرفها في الوجه الصحيح الذي اشترطه صاحب الصدقة، وكان أميناً على ذلك المال فلا يحابي ولا يداهن، ولا يمنُ على أحد، فيعطيه كاملاً من دون أن يقتطع لنفسه منه، وهو في الوقت نفسه فرح مسرور بهذا العمل؛ لأنه نقل الأمانة من صاحبها إلى مستحقها . وكل من يعمل في المجال الخيري والوقفي والتطوعي هو مؤتمن، وناظر للوقف، مؤتمن على أصل ذلك الوقف وريعه، وكل من يعمل في المشروع الوقفي هو مؤتمن لذلك الأصل المحبوس. فالناظر للوقف هو خازن مؤتمن، مكلف برعاية ما اؤتمن به، فإن أدى هذه الأمانة موفرة كاملة، غير منقوصة أو مستغلة، مع طيب نفس ورضا وسرور منه، بهذا يكون هو أحد المتصدقين، أي له ثواب كالمتصدق؛ لأنه أعان صاحب المال على إيصال المال والصدقة إلى مستحقيها. ومن التطبيقات الخيرية لهذه القاعدة: لا يجوز إعطاء تنفيذ المشاريع الخيرية وبالأخص الإنشائية لمن ليس لديه أي خبرة بهذا الأمر، فإن ذلك سيضيع الأموال والأوقات، فالداعية يهتم بشؤون الدعوة، والمقاول يهتم بالإنشاء، والطبيب يعالج المرضى، والتقني ينجز الأمور الفنية والبرامج التي تساعد على سرعة تنفيذ الأعمال . ويقدم في دراسة الحالات وكشف أحوالها لمن هو مختص بهذا الشأن ولدية دراية شرعية واجتماعية في أحوال الناس . ويُكلف بحساب زكاة الأموال والذهب والشركات من أسهم غيرها لأصحاب الاختصاص، حتى يتم معرفة مقدار الزكاة، من الحصر والتقدير للقيمة في عروض التجارة واستيعاب جميع ما هو معد للتجارة وحساب الزكاة في ذلك عند تمام الحول. وكذلك السعي بصدقة الفطر إلى الفقراء والمساكين قبل صلاة العيد، هذا من الأعمال التي يكلف بها من هم أهل دراية وحرص؛ فلكل عمل رجال . وكذلك لا يصلح للكثير من الأعمال الوقفية إلا القوي الأمين، فناظر الوقف عليه بذلُ النفيس في تنفِيذ شروطِ الواقف وتحقيقها، وإقامة ضوابط الوقفِ وتعمير أصوله واستثمارِ محصولِه والسلوك بالمستفيدين ما يوجِب لهم الإكرام والإنعامَ، وأخذهم بطرائق الرحمة وسجيحِ الأخلاق وسُبُل الشفقة والإرفاق(3). ولا يوضع على خزانة مال الصدقة من هو ضعيف لا يقدر على مواجهة مطالبات الناس، ويُعطي بذلك من لا يستحق، ويمنعها عن أهل الحاجة والعوز . الهوامش: 1 - القواعد للمقري (الصلاة) 2/427، والفروق 2/157، 3/206. 2 - أخرجه البخاري في صحيحه، برقم (1438). ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب أجر الخازن الأمين برقم (1023) ، واللفظ لمسلم . 3- خطبة للشيخ ابن عثيمين بعنوان: الوصية والوقف. .ibnothaimeen.com . اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 11- الجزاء من جنس العمل نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع؛ الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . «الجزاء من جنس العمل»(1) قاعدة شرعية فقهية عدلية، مستقاةٌ من النصوص الشرعية؛ تدل على حكمة الله تعالى وعدله وإنصافه في أقضيته وأقداره؛ فالجزاء مماثل للعمل ومن جنسه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وكما تُجازِي تُجازَى، فهي سُنةٌ إلهيةٌ، قال ابن القيم - رحمه الله -: «الجزاء من جِنس العمل قاعدة مستقرَّة في الشريعة»(2). ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي عن تلك القاعدة إنها أصل من أصول الدين(3). والقاعدة مُرغِّبة مُرهِّبة، دافعة للأعمال الصالحة، ناهية عن الظلم، وأولى الناس بمعرفة هذه القاعدة وتطبيقاتها العاملون في المؤسسات الخيرية والأعمال التطوعية والدعوة إلى الله تعالى؛ فهم بحاجةٍ ماسةٍ إلى فهم هذه القاعدة وإلى اليقظة والحذر من التغافل عن عواقبها. فهي دافع للبذل والعطاء في أعمالهم، والسداد في تصرفاتهم، والصبر على ما يلاقوه من أصحاب الحاجة من شدة أو أذى، فلا بد من استحضار النية الصادقة الخالصة لله تعالى في كل عمل يعملوه، وأن تكون تلك القاعدة ماثلة أمامهم للمزيد من التضحية والاحتساب، والرضى بما يلقوه في سبيل الله تعالى، قال بعض السلف: إنَّ من ثواب الحسنةِ الحسنةَ بعدها، وإن من عقوبة السيئةِ السيئةَ بعدها. وقال الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: «ولذلك كان الجزاء مُماثلاً للعمل من جنسه في الخير والشر، فمن ستر مسلمًا ستره الله، ومن يسَّر على مُعسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن نفَّس عن مؤمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن أقال نادمًا أقال الله عثرتَه يوم القيامة، ومن تتبَّع عورة أخيه المسلم تتبَّع الله عورتَه، ومن ضارَّ مسلمًا ضارَّ الله به، ومن شاقَّ شاقَّ الله عليه، ومن خذَل مسلمًا في موضع يجب نصرتُه فيه خذَله الله في موضِع يجب نصرتُه فيه، ومَن سمَح سمَح الله له، والراحمون يرحَمهم الرحمن، وإنما يرحَم الله من عباده الرحماء، ومن أنفَق أنفَق الله عليه، ومن أوعى أوعى عليه، ومن عفا عن حقِّه عفا الله له عن حقِّه، ومن تجاوَز تجاوَز الله عنه، ومن استقصى استقصى الله عليه»(4). ومن أدلة هذه القاعدة قوله تعالى قوله تعالى: {جَزَاءً وِفَاقًا}(النبأ: 26). وقوله تعالى: {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}(الشورى: 40). ومن أدلة القاعدة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم قوله صلى الله عليه وسلم : «اعمل ما شئت فإنك مجزي به»(5). وقوله صلى الله عليه وسلم : «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه»(6). وقوله صلى الله عليه وسلم : «من ضار ضار الله به. ومن شاق شق الله عليه»(7). وقوله صلى الله عليه وسلم : «ولا يفتح عبد باب مسألةٍ إلا فتح الله له باب فقرٍ»(8). فالجزاء من جنس العمل. ولا شك أن اليقين بهذه القاعدة يمنح العاملين في المؤسسات الخيرية والوقفية والتطوعية وقودا إيمانيا مستمراً لمن سلك سبيل الله تعالى فوجد عقبات أو منغصات أو اضطهادات أو ظلما واستضعافا فيؤزه هذا اليقين بتلكم القاعدة على الصبر والثبات وثوقا بموعود الله الذي يمهل ولا يهمل، فجزاء العامل من جنس عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر. ومن التطبيقات الخيرية لهذه القاعدة: الذي يشق على أهل الحاجة بالطلبات حتى يساعدهم، ويعمد إلى إذلالهم فإنه ينال جزاؤه من جنس عمله . وكذلك الذي يضيق في الصرف على أهل الحاجة ويؤخر مستحقاتهم بلا مبرر، فإن الله تعالى يضيق عليه، فالجزاء من جنس العمل . ومن تتبّع عورات المسلمين وفضح المستور من عيوبهم فصحاً لهم، تتبّع الله عورته وأظهر عيوبه، ومن تتبع الله عورته فضحه ولو في قعر داره، ومن ستر عليهم ستره الله وأخفى عيوبه؛ لأن الجزاء من جنس العمل. وأن من تواضع للخلْق رفعه الله، ومن تكبّر عليهم وضعه الله؛ ومن لبس ثوب شُهرةٍ ألبسه الله يوم القيامة ثَوب مهانة؛ ومن تركَ شيئًا لله عوَّضَه الله خيرًا منه؛ ومن يسر على معسر يسر الله عليه، ومن فرَّج عن مسلم كُربة فرّج الله عنه كربة من كُرَبِ يوم القيامة، والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه، ومن سلك طريق يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة، ومن هدى الناسَ وعلّمهم هداه اللهُ. ومن أخذ من أموال الصدقات كقرض حسن ويريد أداءها أدّاها الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله، ومن ظلم قيد شبر من الأرض طُوِّقَهُ من سبع أرضين يوم القيامة. المقابلة بالمثل عدل، وسنة يعامل الله بها خلقه، وشرع نتعامل به بيننا، فمن أحب أن يقابل الله إساءته بالإحسان فليقابل هو إساءة أهل الحاجة وسوء أخلاق بعضهم إليه بالإحسان والكلمة الطيبة . وكذلك الذي يسيء لأهل العوز من الفقراء والمساكين والأرامل والأيتام والمرضي، بأن يشيع عنهم الشائعات بأنهم لا يستحقون تلك المساعدة بلا أدلة، فإن كذلك الجزاء من جنس العمل. منع الضرر والمضارة، وأنه «لا ضرر ولا ضرار»، فلا تفوت مصلحة لأصحاب الحاجة ، ولا تحصل مضرة للمستفيد بسبب إعانته، أو إذلال له أو إهانة. فمن ضار وشاق ضره الله وشق عليه، ومن أزال الضرر والمشقة عن المسلم فإن الله يجلب له الخير، ويدفع عنه الضرر والمشاق، جزاء وفاقا، سواء كان متعلقا بنفسه أو بغيره . الهوامش: 1- بهجة قلوب الأبرار وقرة عيون الأخيار في شرح جوامع الأخبار، للشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي، الطبعة الأولى مكتبة جرير 1424هـ-2003م ، ص 42. 2 - جَلاء الأفهام، ص (87- 88). 3- انظر : بهجة قلوب الأبرار ، للسعدي، ص 42. 4 - إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/214) 5 - صحيح الترغيب للألباني، برقم 824، وهو حسن لغيره . 6 - أخرجه مسلم في صحيحه، برقم 1828 . 7 - رواه الترمذي وابن ماجة ، وهو في صحيح الجامع برقم ( 6372) . 8 - صحيح الجامع، للألباني، برقم 3024. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 12- التنـزه عن مواطن الريبة أولى نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع، الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية. التنـزه عن مواطن الريبة أولى(1)، والتنـزه: هو البعد والتطهُّر، والريبة: هي التهمة. والمعنى: أن الجدير بالمسلم أن يبتعد عن مواضع التهم التي تسبب الشك فيه أو اتهامه. ويُسـتشـهَد على القـاعدة بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»(2). والحديث يرشد فيه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى اجتناب كل ما فيه شبهة وريبة، والتزام الحلال الواضح المتيقن منه. ولا شك أن الذي يعمل في العمل الخيري فإنه معرض للشك والاتهام، فمن باب أولى أن يتجنب مواطن الشبهة والريبة، وأن يكون ورعاً بعيداً عمّا قد يظن الناس فيه شراً؛ فالشك قد يدخله الموظف أو المتطوع في المؤسسات الخيرية في قلب غيره إن لم يحسن التصرف والتلفظ. ومن التطبيقات الخيرية لهذه القاعدة: من مواطن الريبة إطالة الحديث مع النساء من أصحاب العوز والحاجة، والدخول إلى بيوت أصحاب الحاجة منفرداً، أو استخدام ممتلكات الجمعية الخيرية في الاستخدامات الخاصة، أو شراء التبرعات العينية لنفسه، أو أن يدخل المساعدات الخاصة للمؤسسة الخيرية إلى بيته أو إلى سيارته، أو أن يخصص يوماً لإعطاء معارفه وأقاربه من المساعدات، وباقي المحتاجين في يوم آخر. وكذلك من مواطن الريبة التي ينبغي الحذر منها، عدم وضوح الدائرة المالية لحسابات المؤسسة، أو أن يمسك المسؤول عن المؤسسة الخيرية الدفاتر المالية بنفسه، أو أن يتجنب القائم على المشروع الخيري أن يشاركه أحد في معرفة المدخلات والمخرجات للمشروع. فالتنزه عن مواطن الريبة أولى، فهناك مواطن وأعمال وأوقات تكون مبعثاً للريبة والشك في الذي يعمل في المجال الخيري، كأن يوجد وسط النساء حين توزيع المساعدات، وكالذي يكثر الجلوس بين النساء، ويسمح بالاختلاط، ويتساهل في الأنشطة المختلطة. أو كالذي ينفذ بعض الأعمال الخاصة في مكتبه الذي خصص للأعمال الخيرية. أو أن يُرى عليه أثر النعمة المفاجئ بعد عمله في المؤسسة الخيرية، بلا توضيح من أين له هذا، أكان من تجارة أم ميراث ورثه أم غير ذلك. فالتنزه عن مواطن الريبة له أثر على راحة النفس وطمأنينة الروح، وحفظ العرض والسمعة. الهوامش: 1- المبسوط: (10/171). 2- سنن النسائي: (2/234)، سنن الترمذي: (2/48)، وقال حديث حسن. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية – القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 13 – لا ضرر ولا ضرار نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . لا ضرر ولا ضرار ، قاعدة من القواعد الخمس الكبرى، وهي ذات الصلة بالأعمال الخيرية والوقفية ؛ ومعناها: أنه لا يجوز الإضرار ابتداءً؛ لأنَّ الضـرر ظلـم والظلـم ممنـوع، كمـا لا يجـوز مقـابلة الضـرر بمثلـه؛ فليـس لأحد أن يُلـحِق ضـرراً بغيـره، وإذا وقـع الضـرر فـلا بـد أن يـُزال(1). ودليلها قوله صلى الله عليه وسلم : «لا ضرر ولا ضرار»(2). ولفظ الحديث نفى الضرر أولاً ، ثم نفى الضرار ثانياً ، ونفي الضرر قُصد به عدم وجود الضرر فيما شرعه الله لعباده من الأحكام، وأما نفي الضرار: فأُريد به نهي المؤمنين عن إحداث الضرر أو فعله . وبعض أهل العلم قال في معنى: «لا ضرر ولا ضِرار»، أن الإنسان لا يجوز له أن يضرّ بنفسه ولا بغيره. وقيل إنهما بمعنى واحد، وقيل: الضرر هو الذي يحصل بدون قصد أي إلحاق الضرر بالآخرين من دون قصد وإذا كان من قصد يسمى ضراراً. فقد حرّم الإسلام الضرار بكل أنواعه، حتى حرّم الإضرار بالآخرين منذ ولادتهم إلى حين وفاتهم، بل وبعد موتهم ، فحرّم إضرار الأم بولدها، كما قال الله تعالى: {لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا}(البقرة: 233)، وحرّم تغيير الوصية بعد سماعها، وحرّم إضرار الموصي في وصيّته، وحفظ للأموات حقوقهم حتى حرّم سب الأموات؛ فما أعظمها من شريعة، وما أحسنه من دين . والضرر يدفع بقدر الإمكان(3).قال علي حيدر: يعني: لو دخل عليك سارق مثلاً فادفعه عنك بقدر إمكانك، فإذا كان ممن يندفع بالعصا فلا تدفعه بالسيف(4). ومن التطبيقات المتعلقة بهذه القاعدة: لا يسوغ إيذاء أو إضرار أي جهة مسلمة، سواء بالفعل أم بالقول، بنشــر الشائعــات، أو الغيبة، أو انتقاص جهة مَّا، أو منافستها على موظفيها؛ ولو كان ذلك من باب مقابلة ما فَعَل، قال صلى الله عليه وسلم : «أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك»(5). لا يسوغ لأي جهة أن تعمل عملاً خيرياً يُلحِق بها أو بغيرها الضرر، فالضرر والضرار يجب رفعهما ويعاقب قاصد الإضرار. لا يجوز إعطاء أصحاب الحاجة والعوز طعاماً منتهي الصلاحية أو فيه ضرر على الصحة لإصابتها بإشعاعات خطرة، وغيرها من المواد العينية التي تضر بالصحة . كذلك لا يجوز للمؤسسة الخيرية مقابلة الضرر بمثله وهو الضرار، كما لو أضر شخص وأخذ من طعام الصدقة أو أضر بمبنى من مباني الوقف لا يجوز للمؤسسة الخيرية المتضررة أن تقابل ذلك الشخص بضرر، بل يجب عليها أن تراجع الحاكم ويطلب إزالة ضرره بالطريقة المشروعة. يجوز أخذ التبرعات من غير المسلمين إذا كان جانبهم مأموناً، ولم يكن في أخذها ضرر بالمسلمين بأن ينفذوا لهم أغراضاً في غير صالح المسلمين، أو يستذلوهم بها(6). على المؤسسات الخيرية أن تكلِّف بالعمل لديها من يحصل بهم مقصود المؤسسة بما لا يُلحِق ضرراً بعملها . لا مانع من بيع التبرعات العينية إذا كانت سريعة العطب، أو لعدم انتفاع المؤسسة الخيرية بها، أو لكونها غير صالحة لمن يُتَبَرع لهم ثم يُستبدَل بقيمتها غيرها؛ ما دام هذا يحقق المصلحة للمتبرَّع لهم؛ وذلك دفعاً لضرر تَلَفِها وعدم الانتفاع بها(7). يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام، أي إن الضرر العام الذي يصيب عموم الناس يزول، وإن حدث ضرر خاص، وهو الذي يصيب الفرد أو الفئة القليلة، كحالات الكوارث العامة يجوز تقديم الطعام والمأوى لمن يفتقد ذلك، ويتحمل الضرر الخاص، من أجل دفع ضرر عام، وكذلك يجوز التطوع بهدم البيوت والأشجار إذا حدث حريق، وأراد هذا الحريق أن يلتهم البلدة بأكملها(8). الهوامش: 1 - جامع العلوم والحكم لابن رجب: ص 267. وانظر» مجلة الأحكام العدلية، المادة (19)، وشرحها لعلي حيدر 1/32، 33. 2 - سنن الدار قطني: (85)، السنن الكبرى للبيهقي: (6/69)، المستدرك للحاكم: (2345)، وصححه ووافقه الذهبي، عن أبي سعيد الخدري. ورواه مالك في الموطأ: (2/571) مرسلاً. وابن ماجه في سننه: (2362) عن عبادة بن الصامت وعن ابن عباس. قال النووي له طرق يقوي بعضها بعضاً، وقال ابن الصلاح: مجموعها يقوي الحديث، ويحسنه وقد احتج به جماهير أهل العلم. 3 - مجامع الحقائق 323، ومجلة الأحكام العدلية، المادة (31). 4 - شرح المجلة لعلي حيدر 1/37. 5 - سنن أبي داود: (2/108)، سنن الترمذي: (1/238)، الدارمي: (2/264) عن أبي هريرة بسند حسن . 6- قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة، صفر عام 1408هـ. 7 - قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة وصفر عام 1408هـ . 8 - مدخل إلى الفقه الإسلامي ، د.عزت العزيزي، ص 229. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية -القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 14- العادة محكَّمة نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية. العادة محكمَّة، قاعدة من القواعد الخمس الكبرى، وهي ذات الصلة بالأعمال الخيرية والوقفية، والفقهاء يوردون لفظ العادة، وأحياناً يوردون العرف، وقولهم: «العادة محكمة» والمراد والعرف أيضاً؛ لأن بعض العلماء لا يرى التفريق بينهما.ومعنى محكَّمة: اسم مفعول بمعنى فاعل أي حاكمة فالمراد أن تكون العادة حَكَماً يرجع إليها عند الاختلاف، ويقضى لمن وافقها. ودليلها: قوله-تعالى-: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (البقرة:233)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لهند بنت عتبة: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» (1). والقاعدة أفادت أنه إذا جرت عادة الناس على أمر من الأمور فإن هذه العادة حجة معتبرة، بشرط ألا يخالف العرف أو العادة أصلاً أو نصاً شرعياً، أو قاعدة متفقاً عليها، أو إجماعاً. وهذه القاعدة من قواعد الفقه الكبرى التي سهلت أمور الناس ويسرت حاجاتهم، ومن الأدلة الناصعة على صلاحية الشريعة لكل زمان ومكان، والحكم بالعرف من أقدم مصادر القانون، كما يذكر ذلك المؤرخون، فكان هو حاكم حياتهم ومنظم شؤونهم. ولقاعدة العادة محكمة معنى آخر ذكره أهل العلم وهو: استعمال الناس حجة يجب العمل بها(2). ويدخل تحت هذه القاعدة قواعد كثيرة منها: الثابت بالعرف كالثابت بالنص، والثابت بالعرف كالثابت بدليل شرعي، والعرف كالشرط. وللقاعدة أهمية كبيرة في مجالات القضاء والإفتاء، وتخريج الأحكام، وتطبيق النصوص على جزئياتها، وأنها طريق صالحة لحل طائفة من المشكلات، وحسم ما يقع في بعضها من الخلاف والنزاع. ومن التطبيقات المتعلقة بهذه القاعدة: أن ألفاظ الواقفين المتبرعين تبنى على عرفهم(3). أن أنشطة العمل الخيري وترتيبه إذا لم تَستَقِم إلا بإجراءات معيَّنة مراعاةً لنظام عامٍّ؛ فلابد من مراعاتها، ولا يُنكَر التزامها. لو تبرع متبرع بوقود للتدفئة الخاصة بالمسجد، وزاد عن حاجة المسجد في الفصل الشتوي، فإن العرف يقتضي أن يبقى ما زاد للدورة الشتوية القادمة. وقف مدرسة لدرس الحديث، فمقصود درس الحديث يعرف من العرف(4). وجواز وقف المنقول مستقلا عن العقار إن جرى العرف بوقفه. الوعاء الذي يقدم فيه الطعام للفقراء، إن جرت العادة بإعادته أعاده، وإلا فهو صدقة معه. حرز المال المتصدق به يكون بما جرت العادة بحفظه، وكذلك الطعام يحفظ بما جرت فيه العادة في حفظ الطعام، ويلزم حفظ الوديعة فيما تحفظ فيه عادة. أن مقدار ما يُصرَف للمحتاج يختلف باختلاف الأحوال والبلدان، وإنما يُضبَط بمراعاة العرف والعادة. مقدار ما يعطى للعامل في المؤسسة الخيرية مما يُقتَطَع من الدخل، إنما يحدَّد بحسب أجرة المثل أو أقل، ويجري تحديده استناداً للعرف من قِبَل القائمين على المؤسسات كمجالس إدارتها أو جمعياتها العمومية، مثلاً (5). ومن أعطى لمؤسسة خيرية مالا فهو صدقة؛ لأن ذلك ما جرت عليه العادة، ويسقط إدعاؤه أن هذا المال قرض مرتجع. سن البلوغ لكفالة اليتيم يثبت بحكم العادة، أي ما جرت العادة على عده بالغاً. الهوامش: 1- أخرجه البخاري في صحيحه برقم2211. 2- مجامع الدقائق 308، ومجلة الأحكام العدلية، المادة (37). 3- ابن نجيم: الأشباه والنظائر، 117، حمزة: الفوائد البهية: 156- 158. 4- ابن نجيم: الأشباه: 119. 5- قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، صفر عام 1408هـ. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال 15 الخيرية والوقفية -المشقّة تجلب التيسير نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية. قاعدة: المشقة تجلب التيسير ، عدها الفقهاء من القواعد الكلية الخمس، وهي بمعنى: أن الأحكام التي ينشأ عن تطبيقها حرج على المكلَّف ومشقةٌ في نفسه أو ماله، فالشريعة تخففها(1). ودليلها: قوله - تعالى -: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ}(البقرة: 185)، وقوله - تعالى - {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}(الحج: 87). وقوله جل جلاله: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ .}(البقرة: 286)، ووجه الدلالة في تلك الآيات: أن الشريعة الإسلامية تتوخى دائما رفع الحرج عن الناس، وليس في أحكامها ما يجاوز قوى الإنسان الضعيفة، وهذه النصوص دلت على ذلك لعموم معناها، وانطلاقا منها استنبط الفقهاء تلك القاعدة، وجعلوها بمثابة نبراس يستضيئون به عند النوازل والوقائع، ويعالجون كثيرا من المسائل والقضايا على أساسها(2). وروى البخاري عن أنس رضي الله عنه مرفوعا: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»(3). وأيضا – عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم، أمرهم من الأعمال بما يُطيقون»(4). فدلت هذه الآيات والأحاديث على أن التيسير ركن من أركان الدين، وقاعدة أساسية تلازم كافة الأحكام الشرعية، فمتى وجدت المشقة وجد معها التيسير، غير أن المشقة يجب أن تكون حقيقية لا ظنية، مشقة مقبولة شرعا، لا مشقة دلال واستهتار وركون إلى الدعة. وفقه التيسير عند الفقهاء هو منهج علمي، ومدرسة فقهية، وطريق فُتيا وحياةٍ أمثل للمسلمين، فالتيسير ورفع الحرج عن المكلفين إذا لم يُصادم نصاً صريحاً أو إجماعاً معتَبَراً، وكان متفقاً مع أصول الشرع الكلية، ومقاصده العامة مراعياً تبدّل الأزمان والأماكن وتغيّر الظروف والأحوال؛ فهذا مما ينبغي العمل به، وجريان الفُتْيا عليه؛ فأزمان المحن والشدائد ليست كأزمان السعة والاستقرار وأحوال الخائفين ليست كأحوال الآمنين، ومن وقع في ضرورةٍ أو حاجةٍ ليس حاله كحال من هو في السّعة والطمأنينة. ومن التطبيقات المتعلقة بهذه القاعدة: لا مانع من استحداث نظم وآليات عمل في المؤسسات الخيرية تحقق التيسير لكل من يتعامل معها. وفي حال النوازل والكوارث ييسر على الناس استلام إغاثاتهم، وتخفف شروط المساعدة المتفق عليها عند الجهات الخيرية، فالوقت لا يسع لدراسة الحالات والكشف عن حاجاتها بدقة. وإذا تعذر على صاحب الصدقة إيصالها إلى مستحقيها، فإن ذلك ييسر بتسليمها لأصحاب المعرفة والدراية في أحوال الناس وحاجاتهم لإيصالها إليهم، أو التبرع بها لجهة خيرية لتقوم بإيصالها، وكذلك زكاة المال وزكاة الفطر والكفارات، وغيرها من الأموال المتبرع بها . وجواز استعانة الإنسان المكلَّف بعملٍ خيري بغيره؛ إذا تعذر عليه أن يقوم بذلك بنفسه، وجواز أن يكون هذا المكلَّف غير مسلم إذا شق وجود مسلم. ويجوز صرف تبرُّعٍ عُيِّن لجهة لغيره استثناءً؛ إذا حدثت ضرورة قصوى لا يمكن تلافيها دون ذلك؛ فيكون هذا خاصاً بحال الضرورة؛ لأن المشقة تجلب التيسير، ويتعيَّن أن يتولى تحديدَ الضرورة شخصيةٌ أو جهة مؤهَّلة لذلك(5). نظراً لأن الإسلام محارَب بالغزو الفكري والعقدي من جهات لها من يدعمها، وفي الغالب لا يوجد من يساعد في مواجهة هذا المد، فإن الدعوة إلى الله وما يعين على إعلاء كلمة الله وشريعة الإسلام يدخل في معنى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} (التوبة: 06)، في الآية الكريمة المحدِّدة لمصارف الزكاة(6). الهوامش: 1- الوجيز في إيضاح القواعد الكلية: ص 157. 2- «القواعد الفقهية» ص303. 3- أخرجه البخاري في صحيحه ، برقم 69. 4 - أخرجه البخاري في صحيحه ، برقم 20 5 - قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، صفر عام 1408هـ. 6- قرار المجمع الفقهي الإسلامي بمكة المكرمة، ربيع الآخر عام 1405هـ. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 16- «ما يخشى فواته أولى بالتقديم على ما لا يخشى فواته» نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . فقه الأولويات في العمل الخيري والوقفي يحتاجه كل من جند نفسه لهذا الخير العظيم، فالأهم مقدم على المهم، والأكبر مصلحة والأعم نفعاً والأبعد أثراً أولى من غيره، وكما قيل أفضل الصدقة ما كانت أكثر نفعاً في زمنها . فما يخشى فواته أولى بالتقديم على ما لا يخشى فواته، ولاشك أن فقه الأولويات ضابط أساس في الأعمال الخيرية والوقفية والتطوعية، وحتى تؤدي المؤسسات الخيرية دورها ورسالتها على الوجه الصحيح الذي يرقى بالمجتمع, وينهض بالأمة, لابد من أن تكون على بينة وبصيرة بفقه الأولويات الذي يجعلها تضع كلَّ شيء في موضعه بالقسطاس المستقيم دون زيادة أو نقصان؛ فالمحتاجون متفاوتون في حاجتهم, فمنهم الفقير, ومنهم الأفقر, ومنهم المحتاج, ومنهم الأحوج, ومنهم من حالته ملحة, ومنهم من حالته أكثر إلحاحا, ومنهم المحتاج إلى الضروريات, ومنهم المحتاج إلى الكماليات(1). ومن القواعد المهمة في هذا المجال: أن (تُقدّم المصلحة الدائمة على المصحلة العارضة أو المتقطعة)، وأن: (درء المفسدة مُقدّم على جلب المصلحة)، وتكملّها قاعدة مهمة وهي أن : (المفسدة الصغيرة تُغتفر من أجل المصلحة الكبيرة)، و(تغتفر المفسدة العارضة من أجل المصلحة الدائمة)، (ولا ُتترك مصلحة محققة من أجل مفسدة متوهمة). والعلم مقدم على العمل في المؤسسات الخيرية وغيرها، فلابد أن يخطط للأعمال الخيرية، وأن يبنى العمل وفق نظم ومنهجية تضمن رعاية الأصول الخيرية والوقفية، وتحقق الإدارة الرشيدة للأعمال والمشاريع المجتمعية، واستمرارية العطاء؛ فلا بعد لأي عمل خيري ووقفي التفكير قبل التنفيذ، ودراسة جدوى تلك المشاريع وتكاليفها ومخرجاتها، واستشارة أهل الإخلاص والاختصاص قبل المضي في صرف الأموال المؤتمنين عليها. ومن التطبيقات الخيرية لهذه القاعدة: تقديم إغاثة المنكوبين في النوازل، على الأمور التي يحتمل تأخيرها؛ فالإغاثة العاجلة أولى بالتقديم من إقامة الأوقاف والمشاريع، وكذلك حفظ الأنفس والأعراض من الضرورات، الأولى في الحفظ من الحاجيات كإقامة المشاريع التعليمية والتثقيفية. التنبيه على الأمور الشركية أولى من التنبيه على الأمور المكروهة، فكل فعل يخشى فواته يقدم على غيره من الأفعال التي يتسع مداها الزمني ولا يخشى فواتها. تقديم العمل الأطول نفعاً والأبقى أثراً، ومن ذلك الوقف، والوقف من الصدقة الجارية التي قال في محاسنه (شاه ولي الدهلوي): «وفيه من المصالح التي لا توجد في سائر الصدقات، فإن الإنسان ربما يصرف في سبيل الله مالاً كثيراً ثم يفنى، فيحتاج أولئك الفقراء تارة أخرى، ويجيء أقوام آخرون من الفقراء فيبقون محرومين، فلا أحسن ولا أنفع للعامة من أن يكون شيء حبساً للفقراء وابن السبيل يصرف عليهم منافعه، ويبقى أصله(2). تقديم العمل الأكثر نفعا من غيره؛ وعلى قدر نفعه للآخرين يكون فضله وأجره عند الله، والعمل الدائم مقدم على العمل المنقطع لحديث: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل»(3). قال عبد الرحمن السعدي : الوقف من أفضل القرب وأنفعها إذا كان على جهة بر، وسلم من الظلم، وأفضله: أنفعه للمسلمين(4). الهوامش: 1- انظر مقال فقه الأولويات في العمل الخيري، موقع مداد www.medadcenter.com . 2 - حجة الله البالغة 2/116 . 3 - أخرجه البخاري في صحيحه برقم 6465. 4 - منهاج السالكين، وتوضيح الفقه في الدين، باب الوقف، للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، ص 62-63. اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() سلسلة الأعمال الخيرية- القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية 17- لكــل عمل رجــال نكمل في هذا العدد ما بدأناه من ضوابط وقواعد للعمل الخيري والوقفي ليسهل على من جند نفسه لخدمة هذه الأعمال والمشاريع الأخذ بها، والالتزام بأحكامها التي استقيتها من الكتب الفقهية والتصانيف الوقفية والخيرية . لكل عمل رجال(1)، فيقدم في كل ولاية الأقوم بمصالحها؛ كالفقيه على القارئ في الإمامة، والنساء على الرجال في الحضانة، والرجال على النساء في الوصول لأصحاب الحاجات في النوازل والكوارث في الأماكن التي يقل فيها الأمن وتمثل خطورة على النساء. فأعمالنا حتى تكون متقنة لا بد لها من إخلاص نية، وموافقة للشرع، وأن تؤدى من أصحاب الاختصاص، فلا المرأة تصلح لكل عمل ولا كذلك الرجل . والله تعالى لم يرسل رسلاً من النساء، وهذا يعني أن المرأة لا تصلح أن تكون نبيًا أو رسولاً، ومع ذلك فهنالك أعمال تصلح لها المرأة ولا يصلح لها الرجل، كبعض الأعمال النسائية النبيلة التي تخص المرأة وتقوى عليها، ولا يقوى عليها الرجال. وفي الحديث عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الخازنَ المسلمَ الأمينَ، الذي يُنْفِذُ «وربما قال يُعطي» ما أُمرَ به، فيعطيه كاملاً مُوَفَّراً، طيبةً به نفسُهُ، فيدفعُه إلى الذي أُمر له به؛ أحدُ المتصدقين»(2). يخبرنا ويبشرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن الخازن المسلم المؤتمن، الذي عمل على حفظ الأمانة ورعاها، وأداها كما أَمر بذلك صاحبها، مع طيب نفس منه، فهو بهذا يكون أحد المتصدقين. والمؤتمن هو أحد المتصدقين، فالمتصدق طرف والمؤتمن على تلك الصدقة طرف آخر، وكلاهما ينالون من الله -تعالى- الأجر بهذا العمل، فالذي يرعى الصدقة ويحفظها ويوصلها إلى مستحقيها، ويصرفها في الوجه الصحيح الذي اشترطه صاحب الصدقة، وكان أميناً على ذلك المال فلا يحابي ولا يداهن، ولا يمنُ على أحد، فيعطيه كاملاً من دون أن يقتطع لنفسه منه، وهو في الوقت نفسه فرح مسرور بهذا العمل؛ لأنه نقل الأمانة من صاحبها إلى مستحقها . وكل من يعمل في المجال الخيري والوقفي والتطوعي هو مؤتمن، وناظر للوقف، مؤتمن على أصل ذلك الوقف وريعه، وكل من يعمل في المشروع الوقفي هو مؤتمن لذلك الأصل المحبوس. فالناظر للوقف هو خازن مؤتمن، مكلف برعاية ما اؤتمن به، فإن أدى هذه الأمانة موفرة كاملة، غير منقوصة أو مستغلة، مع طيب نفس ورضا وسرور منه، بهذا يكون هو أحد المتصدقين، أي له ثواب كالمتصدق؛ لأنه أعان صاحب المال على إيصال المال والصدقة إلى مستحقيها. ومن التطبيقات الخيرية لهذه القاعدة: لا يجوز إعطاء تنفيذ المشاريع الخيرية وبالأخص الإنشائية لمن ليس لديه أي خبرة بهذا الأمر، فإن ذلك سيضيع الأموال والأوقات، فالداعية يهتم بشؤون الدعوة، والمقاول يهتم بالإنشاء، والطبيب يعالج المرضى، والتقني ينجز الأمور الفنية والبرامج التي تساعد على سرعة تنفيذ الأعمال . ويقدم في دراسة الحالات وكشف أحوالها لمن هو مختص بهذا الشأن ولدية دراية شرعية واجتماعية في أحوال الناس . ويُكلف بحساب زكاة الأموال والذهب والشركات من أسهم غيرها لأصحاب الاختصاص، حتى يتم معرفة مقدار الزكاة، من الحصر والتقدير للقيمة في عروض التجارة واستيعاب جميع ما هو معد للتجارة وحساب الزكاة في ذلك عند تمام الحول. وكذلك السعي بصدقة الفطر إلى الفقراء والمساكين قبل صلاة العيد، هذا من الأعمال التي يكلف بها من هم أهل دراية وحرص؛ فلكل عمل رجال . وكذلك لا يصلح للكثير من الأعمال الوقفية إلا القوي الأمين، فناظر الوقف عليه بذلُ النفيس في تنفِيذ شروطِ الواقف وتحقيقها، وإقامة ضوابط الوقفِ وتعمير أصوله واستثمارِ محصولِه والسلوك بالمستفيدين ما يوجِب لهم الإكرام والإنعامَ، وأخذهم بطرائق الرحمة وسجيحِ الأخلاق وسُبُل الشفقة والإرفاق(3). ولا يوضع على خزانة مال الصدقة من هو ضعيف لا يقدر على مواجهة مطالبات الناس، ويُعطي بذلك من لا يستحق، ويمنعها عن أهل الحاجة والعوز . الهوامش: 1 - القواعد للمقري (الصلاة) 2/427، والفروق 2/157، 3/206. 2 - أخرجه البخاري في صحيحه، برقم (1438). ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب أجر الخازن الأمين برقم (1023) ، واللفظ لمسلم . 3- خطبة للشيخ ابن عثيمين بعنوان: الوصية والوقف. .ibnothaimeen.com . اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() الوقف.. منطلقات إصلاحية يمتاز الوقف الإسلامي بأنه زاخر بحقائق مدادها نظام رباني، وتطبيق نبوي، وسنة متبعة في العهود الإسلامية، كثر خيرها وتوافرت دررها منذ القرن الأول، وإلى يومنا الحاضر. وقد شُرع الوقف لتحقيق غايات ومقاصد من شأنها حفظ ضرورات الحياة بما يُصلح الدين والدنيا، وبما يوفر الحياة الكريمة ومتطلباتها وضروراتها، وأخرج بمؤسساته ومشاريعه وتطبيقاته على مر العهود الإسلامية نماذج وروائع يقف أمامها القارئ وقفة تقدير وإعجاب. حقائق الوقف الإسلامي حقائق مضيئة وإشراقات منيرة، ننتقيها لنحيي بها سنة الوقف التي سنها رسولنا صلى الله عليه وسلم ، وندفع بها الهمم والنفوس للبذل والعطاء، لاستئناف مسيرة الوقف الإسلامي من جديد، جمعناها وغايتنا نشر ثقافة الوقف، وإحياء سنتة، وترغيب المسلمين للإسهام في كل مجالاته ومساراته. حقائق شهد بها أهل العلم والاختصاص، ووثقها الرحالة والمؤرخون من المسلمين وغيرهم، لتحفظ لنا الذاكرة والتاريخ، لتبقى مفعمة بالخير والعطاء، وتثير الفخر في النفوس لاستمرار المشاريع الوقفية . في هذه الحلقات نظمنا بعضاّ منها في عقد درّته (الوقف الإسلامي ودوره الحضاري)، لحفظ كنوز الوقف وروائعه وإشراقاته وإبداعاته، ليبقى الوقف الإسلامي بتشريعاته وأحكامه وخصائصه ومخرجاته لبنة أساس في نهضة المجتمعات والأمم. وهذه الحلقة سنخصصها للحديث عن الوقف ودوره الإصلاحي: الوقف الإسلامي، من مآثر الإسلام ومفاخره؛ لما يحققه من إصلاح الفرد والمجتمع، فهو مصدر خير للمجتمع المسلم، وقد حرص الواقفون على تتبع مواضع الحاجات مهما دقت، فوقفوا لها الأوقاف التي من وفرتها وتنوعها – في العهود السابقة - خرجت عن حاجة الإنسان إلى حاجة ما دونه من حيوان ونبات وبيئة . الوقف الإسلامي كان له الدور الأكبر في الإصلاح السياسي والاقتصادي، والإداري، والتعليمي، والاجتماعي، والتنموي، وكان من نتاج مؤسساته إسهاماتها في مراحل الإصلاح في الأمة، وقد ترك الوقف بمؤسساته، ومخرجاته بصمات لا تُمحى في صفحات التاريخ الإسلامي، وكان له الدور الأكبر في المجالات التي تُصلح حياة العباد وحفظ البلاد. الوقف الإسلامي شمل في إصلاحه، وتغييره معظم شرائح المجتمع، وضم تحت جناحيه مختلف الطبقات من كل المستويات، وانضوى تحت لوائه المسلمون، وغير المسلمين، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا، فقراء وأغنياء، إلى جانب العلماء وطلاب العلم ، وصولًا إلى الأمراء والسلاطين، والولاة. الوقف الإسلامي عزز الجانب الأخلاقي والسلوكي في المجتمع، فصد منابع الانحراف، وعالج السلوكيات، والممارسات الخطأ، والمشكلات الاجتماعية الطارئة، ونشر الفضيلة، وحافظ على الأسرة – نواة المجتمع - وأعان الشباب على الزواج . الوقف الإسلامي له دور فاعل اقتصاديًا واجتماعيًا وعلميًا، وحقق في العهود الإسلامية إنجازات وخدمات لمئات السنين، وأسهم في توفير الحاجيات الأساسية، فقد عاشت الأمة المسلمة بنعمة الأمن الغذائي؛ بسبب كثرة الأوقاف وبركتها. الوقف الإسلامي يمتاز بخصائص تجعله قادرًا على تحمل أعباء توفير الخدمات للمجتمع، بأكفأ الطرق؛ فهو يخفف الأعباء على الدولة ويحقق التنمية الشاملة، التي لا تتحقق إذا لم يتماسك المجتمع؛ فللوقف مقاصد سامية ومصالح ملموسة في الحفاظ على المجتمع وإصلاحه. الوقف الإسلامي؛ بمؤسساته، ومخرجاته رصد، وعالج التغيرات السلبية في الأسرة والمجتمع، وأوجد الحلول، وعمل على توعية الأسرة من خلال برامج مختلفة لحل المشكلات الناتجة عن تلك التغيرات، وقد عالج المشكلات بما لا تستطيعه مؤسسات الدولة، فهو يسد الثغرات في نواحي الحياة التي لا تنفق عليها الدولة . الوقف الإسلامي قدم عبر العهود الممتدة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم وإلى عهد قريب نماذج رائعة لمؤسسات وقفية كان لها الدور الأكبر في الإصلاح والتغيير، وإصلاح ما أفسد الناس من أمور دينهم ودنياهم، فكان لخطب الجمعة، وحلِق العلم في المساجد، ودروس العلم العامة، دورٌ في تصحيح عقائد المسلمين وأفكارهم. الوقف الإسلامي بنجاحاته في الإصلاح والتغيير من خلال المؤسسات الوقفية – في فترات النهضة، والحضارة الإسلامية – كان حافزًا للعمل والاستمرار في وقف الأوقاف، والعمل من أجل إنجاحها، وإيجاد الجديد ليحقق المصالح التي من أجلها شرع نظام الوقف الإسلامي. الوقف الإسلامي نظام يدفع للإصلاح الديني والاجتماعي والاقتصادي، والسياسي، والعلمي، ليكون واقعًا متحققًا في الحياة طبقًا لما أمر الله به أو ندب إليه في الكتاب والسنة، فالشريعة الإسلامية جاءت لجلب المصالح وتكثيرها، ودرء المفاسد وتقليلها . اعداد: عيسى القدومي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |