شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 12 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 674 - عددالزوار : 115495 )           »          خَيرُ القُرُونِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 114 - عددالزوار : 55127 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 113 - عددالزوار : 58384 )           »          الاستهزاء.. لماذا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          حمد الله في الصلاة للعاطس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          حكم الإكثار من الحَلْف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الصلاة في الطائرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          شرح متن طالب الأصول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، المجيب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #111  
قديم 22-02-2022, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

المواضع التي نهي عن البول فيها
شرح سنن أبي داود [058]
الحلقة (89)

شرح سنن أبي داود [058]

لتطهير النجاسة كيفيات تختلف بحسب ما تصيبه، فقد تقع النجاسة على الأرض وقد تصيب ذيول ثياب النساء عند المشي، وقد تصيب النعال، فكل ذلك له كيفية خاصة في تطهيره.

طهور الأرض إذا يبست


شرح حديث ابن عمر: (وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في طهور الأرض إذا يبست. حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثني حمزة بن عبد الله بن عمر قال: قال ابن عمر رضي الله عنهما: (كنت أبيت في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله سلم، وكنت فتى شاباً عزباً، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب: في طهور الأرض إذا يبست].
هذه الترجمة -كما هو واضح- تتعلق بطهارة الأرض إذا يبست، ومن المعلوم أن الأرض قد تكون مكشوفة للسماء وينزل المطر عليها، فتطهر بذلك؛ لأن نزول المطر على الأرض المتنجسة يحصل به الطهارة لها، وقد تكون غير مكشوفة وتعلم النجاسة فيها، فإنه لا يطهرها حينئذٍ إلا الماء، بحيث يصب عليها ويكاثر حتى تحصل الطهارة بذلك، وقد سبق أن مر في الحديث في قصة الأعرابي الذي بال في المسجد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعد أن فرغ من بوله بأن يصب عليه سجل من ماء أو ذنوب من ماء تحصل به الطهارة، فالأرض إذا كانت متنجسة وأصابها المطر فإنها تطهر بذلك، وإن كانت متنجسة وعلمت النجاسة في مكان لا يتعرض للمطر، كأن تكون في حجرة من الحجر أو في جزء من البيت مستور ومسقوف، فإن مجرد يبسها لا يجعلها طاهرة، بل يصب عليها الماء ويكاثر حتى تحصل طهارتها. فهذا عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: إنه كان شاباً عزباً، وكان يبيت في المسجد، وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد، ولم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك.
والذي يتبادر من الحديث هو أن الكلاب كانت تبول في المسجد، لكن الصحيح أنها ما كانت تترك تبول في المسجد، لكن لو بالت في المسجد فإن الحكم هو أن يطهر ذلك المكان الذي بالت فيه، كما حصل بالنسبة للأعرابي الذي بال في المسجد وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يصب عليه ذنوب من ماء، فلو تحقق وجود النجاسة في المسجد بسبب الكلاب أو غيرها في بقعة من الأرض معلومة فإنه يجب تطهيرها بالماء وصب الماء عليها، والذي يظهر من الحديث أنها كانت تبول خارج المسجد، وتدخل المسجد وتخرج مارة مسرعة، والناس لا يتركونها تمكث في المسجد، لكن يمكن أن تمر ذاهبة وآيبة، ولا تعلم نجاسة حصلت للمسجد بسببها، وإذا علمت بقعة من الأرض وقع عليها بول من الكلاب أو غيرها في المسجد فيتعين غسلها، ولا يكفي أن تطهر بيبسها، فإن مجرد يبس النجاسة لا يدل على طهارتها، كالثوب تقع فيه النجاسة وتيبس يجب غسله، وكذلك الأرض تكون فيها النجاسة وتيبس وهي غير مكشوفة للسماء بحيث لا ينزل عليها المطر فيطهرها، فإنها تحتاج إلى غسلها بالماء.
إذاً: فالحديث ليس فيه أنهم كانوا يرشون المسجد لإقبال الكلاب وإدبارها فيه، لكن لو حصل أن النجاسة علمت في مكان من المسجد فلا تترك حتى يطهرها اليبس، وإنما يصب عليها ماء، كما فعل ذلك رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه في البول الذي حصل من الأعرابي، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يصب عليه ذنوب من ماء، وبذلك حصلت طهارته. إذاً: إذا يبست النجاسة ففيها تفصيل: إن كانت الأرض مكشوفة وينزل عليها المطر فطهارتها بالمطر الذي ينزل عليها، وإن كانت غير مكشوفة وقد يبست وبها نجاسة فإنها لا تطهر بذلك، وإنما يجب غسلها.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (وكانت الكلاب تبول وتقبل وتدبر في المسجد فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].
هو أحمد بن صالح المصري، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل.
[ عن عبد الله بن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حمزة بن عبد الله بن عمر ].
حمزة بن عبد الله بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم الأذى يصيب الذيل


شرح حديث أم سلمة في تطهير ذيل المرأة
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في الأذى يصيب الذيل. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنها سألت أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: (إني امرأة أطيل ذيلي وأمشي في المكان القذر، فقالت أم سلمة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطهره ما بعده) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة باب: [ في الأذى يصيب الذيل ]. والأذى هو ما يحصل من نجاسة أو غير نجاسة، والذيل هو ثوب المرأة الذي ترخيه وتجره وراءها، فهذا هو المقصود بالذيل الذي يصيبه الأذى، تعني: أنها كانت تمشي وترخي ذيل ثوبها بحيث تجره على الأرض وراءها، فيمر على الأرض وقد يكون فيها أذى. فأم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قالت لأم سلمة : (إني امرأة أطيل ذيلي) أي أنها تطيل الثوب بحيث تجره وراءها فيصيبه الأذى. فقالت أم سلمة رضي الله عنها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يطهره ما بعده)، وهذا محمول على أن المقصود بذلك الأرض اليابسة، بحيث إذا علق بذيلها تراب فيه نجاسة ومرت بمكان ليس فيه نجاسة فإنه يطهر بذلك، أما إذا كانت الأرض رطبة وكانت النجاسة محققة ثم انسحب عليها ذيل المرأة فإنه لا يطهره إلا الغسل، ولا يطهر بكون المرأة تمشي وهو متنجس فتسحبه على الأرض فيكون طاهراً؛ لأن النجاسة تكون في داخله وظاهره. وإذا مرت بماء في الطريق ولم يُتَحقق من أنه نجس فالأصل طهارة المياه التي تكون في الطرقات، ولكن إذا علم وتحقق من أن تلك المياه نجسة فعند ذلك يكون ما يصيبها متنجساً، فإذا كانت رطبة وأصابها البلل بتلك النجاسة فعند ذلك يتعين غسلها، ولا يطهرها كونها تنتقل من مكان إلى مكان؛ لأن النجاسة موجودة فيها.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في تطهير ذيل المرأة
قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ].
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم ].
محمد بن عمارة بن عمرو بن حزم صدوق يخطئ، أخرج حديثه أصحاب السنن.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
هو محمد بن إبراهيم التيمي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ].
أم ولد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال عنها في التقريب: إنها مقبولة، ولكن رمز لها بغير أبي داود . واسمها حميدة، وهي مقبولة، أخرج حديثها في مسند مالك . فما أدري هل هي هذه وسقط رمز الدال لأبي داود أم أنها امرأة أخرى وهي آخر امرأة في كتاب التقريب، فآخر واحدة هي أم ولد عبد الرحمن بن عوف، وقد رمز لها بالدال، وقال: لا تعرف؟! لكن الأخيرة هي أم ولد عبد الرحمن بن عوف، وهذه أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، وأم ولد عبد الرحمن رمز لها بالدال، وتروي عن أم سلمة ، أما التي في الإسناد فهي أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهي -أيضاً- هنا تروي عن أم سلمة ، لكن سقط الرمز. فيرجع إلى تهذيب الكمال؛ لأنه هو الذي يسمي الذين خرجوا للراوي من الأئمة. [ عن أم سلمة ]. أم سلمة هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إن لنا طريقاً إلى المسجد منتنة، فكيف نفعل إذا مطرنا...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي و أحمد بن يونس قالا: حدثنا زهير حدثنا عبد الله بن عيسى عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن امرأة من بني عبد الأشهل رضي الله عنها قالت: (قلت: يا رسول الله ! إن لنا طريقاً إلى المسجد منتنة، فكيف نفعل إذا مطرنا؟ قال: أليس بعدها طريق هي أطيب منها؟ قالت: قلت: بلى. قال: فهذه بهذه) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث امرأة من بني عبد الأشهل -وهي صحابية- سألت الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: [(إن لنا طريقاً إلى المسجد منتنة)]. تعني: فيها رائحة كريهة، وقد تكون تلك الرائحة الكريهة في نجاسة، وقد تكون في غير نجاسة. وقولها: [ (فكيف نفعل إذا مطرنا؟) ] يعني: كيف نفعل إذا جاء المطر وصارت الأرض مبتلة. فقال صلى الله عليه وسلم: [ (أليس بعدها أرض هي أطيب منها؟) ] قالت: بلى. [ (قال: فهذه بهذه) ]، يعني أن الأرض إذا كان فيها أذى من نجاسة أو غير نجاسة وحصل المطر فمن المعلوم أن المطر إذا نزل على الأرض فإنه يطهرها، والذيل إذا سحب على ذلك المكان الذي فيه الأذى ثم انتقل إلى مكان آخر فإنه يطهر بذلك، ولكنه -كما عرفنا- إذا كان المطر قد نزل على مكان متنجس فإنه يطهره وإن لم يحصل انتقال إلى مكان آخر، لكن إذا كانت الأرض فيها أذى وفيها أماكن أخرى ليس فيها أذىً وحصل الانتقال من مكان إلى مكان والأرض ممطورة فإن الذي لامس الأرض -سواء أكان نعلاً أم ذيلاً- يكون طاهراً ولا يكون نجساً.

تراجم رجال إسناد حديث (إن لنا طريقاً إلى المسجد منتنة، فكيف نفعل إذا مطرنا...)

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ و أحمد بن يونس ].
هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زهير ].
هو زهير بن معاوية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عيسى ].
هو عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن عبد الله بن يزيد ].
هو موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و ابن ماجه .
[ عن امرأة من بني عبد الأشهل ].
هذه المرأة من بني عبد الأشهل صحابية، وحديثها أخرجه أبو داود و ابن ماجه .

حكم الأذى يصيب النعل


شرح حديث (إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الأذى يصيب النعل. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو المغيرة. ح: وحدثنا عباس بن الوليد بن مزيد أخبرني أبي. ح: وحدثنا محمود بن خالد حدثنا عمر -يعني ابن عبد الواحد- عن الأوزاعي -المعنى- قال: أنبئت أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب: في الأذى يصيب النعل ].
فالمقصود من هذه الترجمة أن النعل إذا أصابه شيء من الأذى فإنه يطهر بالتراب إذا كان في أسفل النعل، أما إذا كان الأذى أصاب النعل في داخله وظاهره، فإنه يحتاج إلى أن يطهره، وأن تغسل النجاسة التي أصابت أسفل النعل وأعلاه. إذاً: إذا كان الأذى أسفل النعل وحصل السير عليه ودلكه فإنه يطهر بذلك؛ لأن الأذى الذي علق بالنعل أتى بعده شيء يزيله وينهيه، لاسيما إذا كان مر بماء بعد ذلك، فلا شك في أنه يطهر. وقد أورد فيه أبو داود . حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور) بمعنى أنه إذا مشى من مكان إلى مكان ودلك نعله على الأرض فإنه يطهر بذلك، وقد جاء -أيضاً- ما يدل على أن الإنسان عندما يأتي المسجد وفي نعله أذى فإنه يدلكه بالأرض، أو يدلك النعلين بعضهما ببعض، ثم بعد ذلك يصلي بهما.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له طهور)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].
هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو المغيرة ].
أبو المغيرة هو عبد القدوس بن الحجاج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح: وحدثنا عباس بن الوليد بن مزيد ].
عباس بن الوليد بن مزيد صدوق، أخرج حديثه أبو داود و النسائي .
[ عن أبيه ].
أبوه ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي .
[ ح: وحدثنا محمود بن خالد ].
هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ عن عمر -يعني ابن عبد الواحد- ].
عمر بن عبد الواحد ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ عن الأوزاعي ].
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ المعنى ].
يعني أن هؤلاء الذين مر ذكرهم في ثلاث طرق فيها ثلاثة شيوخ رواياتهم متفقة في المعنى مع اختلافها في الألفاظ. [ قال: أنبئت أن سعيد بن أبي سعيد ]. قوله: معناه أن هناك واسطة محذوفة، وتلك الواسطة غير معروفة في هذا الإسناد، ولكن جاء في الإسناد الذي بعده أنه يروي عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد، فتكون تلك الواسطة التي كانت غير معلومة علمت من الإسناد الثاني، وهو محمد بن عجلان المدني . و سعيد بن أبي سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
هو كيسان المقبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #112  
قديم 22-02-2022, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله


شرح حديث (إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثني محمد بن كثير -يعني الصنعاني - عن الأوزاعي عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه، قال: (إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب) ]. أورد أبو داود رحمه الله الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وطئ الأذى بخفيه فطهورهما التراب)
قوله: [ حدثنا أحمد بن إبراهيم ].
هو أحمد بن إبراهيم بن كثير الدورقي . وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجه .
[ عن محمد بن كثير -يعني الصنعاني - ].
محمد بن كثير الصنعاني صدوق كثير الغلط، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ عن الأوزاعي ].
الأوزاعي مر ذكره.
[عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة ].
قد مر ذكر الثلاثة.

إسناد آخر لحديث تطهير النعل من الأذى وتراجم رجاله
قال رحمه الله تعالى:
[ حدثنا محمود بن خالد حدثنا محمد -يعني ابن عائذ - حدثني يحيى -يعني ابن حمزة - عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد أخبرني -أيضاً- سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم بمعناه ]. ثم أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة، وهو بمعنى الحديث المتقدم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.
قوله: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا محمد -يعني ابن عائذ ].
محمود بن خالد مر ذكره. و محمد بن عائذ صدوق، أخرج حديثه أبو داود و النسائي .
[ عن يحيى -يعني ابن حمزة- ].
يحيى بن حمزة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأوزاعي عن محمد بن الوليد ].
الأوزاعي مر ذكره. و محمد بن الوليد هو الزبيدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ أخبرني -أيضاً- سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم ].
سعيد بن أبي سعيد مر ذكره. و القعقاع بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

الإعادة من النجاسة تكون في الثوب


شرح حديث عائشة (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه شعارنا...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الإعادة من النجاسة تكون في الثوب. حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثتنا أم يونس بنت شداد قالت: حدثتني حماتي أم جحدر العامرية أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن دم الحيض يصيب الثوب، فقالت: (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا شعارنا، وقد ألقينا فوقه كساء، فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الكساء فلبسه، ثم خرج فصلى الغداة ثم جلس، فقال رجل: يا رسول الله! هذه لمعة من دم؟ فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليها فبعث بها إلي مصرورة في يد الغلام، فقال: اغسلي هذه وأجفيها، ثم أرسلي بها إلي، فدعوت بقصعتي فغسلتها ثم أجففتها فأحرتها إليه، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف النهار وهي عليه) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [ باب: الإعادة من النجاسة تكون في الثوب ]. هذه الترجمة لا أدري ما المقصود بالإعادة فيها، هل هي إعادة الصلاة بسبب كون المصلي صلى وعليه ثوب متنجس؟ فإن هذا الحال لا تعاد فيه الصلاة؛ لأن الإنسان إذا صلى وعليه ثوب متنجس ولم يعلم إلا بعد فراغ الصلاة فإن صلاته صحيحة، والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه النعلان وفيهما أذى، فجاء جبريل فأخبره في الصلاة فنزع النعلين وأتم الصلاة، فلو كانت الصلاة لا تصح في الثوب الذي فيه نجاسة لأعاد النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة من أولها. فدل هذا على أن من صلى وعليه ثوب متنجس ولم يعلم إلا بعد فراغ الصلاة فإن صلاته صحيحة. إذاً: الإعادة هنا لا أدري ما المراد بها، أو أن المراد بها إعادة الثوب الذي تنجس ليغسل، فهذا يطابق الترجمة إذا كان المقصود بها إعادة الثوب المتنجس ليغسل، لكن إن كان المقصود بالإعادة إعادة الصلاة فليس في الحديث ما يدل على إعادة الصلاة، بل وجد في الأحاديث ما يدل على أن الصلاة لا تعاد إذا صلى الإنسان في ثوب متنجس، وإنما تعاد الصلاة لو صلى وهو على غير وضوء؛ لأن الإنسان لو صلى وهو على غير وضوء فلا تصح صلاته، أما كونه يصلي وعليه ثوب متنجس ولم يعلم إلا بعد أن فرغ من الصلاة فصلاته صحيحة وليس عليه الإعادة. تقول عائشة رضي الله عنها قالت:
[ (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا شعارنا، وقد ألقينا فوقه كساءً) ]. الشعار: هو الذي يلي الجسد، أما الكساء فهو الذي فوق الشعار. وقالت: [ (فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الكساء فلبسه، ثم خرج فصلى الغداة، ثم جلس فقال رجل: يا رسول الله! هذه لمعة من دم) ] فخلع ذلك الكساء وقبض على المكان المتنجس وصره بيده وأعطاه غلاماً وأمره أن يذهب به إلى عائشة لتغسله وتجففه ثم تعيده، فغسلته وجففته وأحارته -أي: أعادته- إليه، فجاء في نصف النهار وهو عليه. لكن ليس فيه شيء يدل على أنه أعاد الصلاة، وقد عرفنا أن الحكم أن الصلاة لا تعاد إذا كان الإنسان صلى وفي ثوبه نجاسة. وقولها: [ (فقال رجل: يا رسول الله! هذه لمعة من دم) ]. أي: أن هذا من دم الحيض الذي حصل من عائشة .
وقولها: [ (فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يليها فبعث بها إلي مصرورة في يد الغلام) ]. أي: أنه قبض أطرافه بحيث كان المتنجس بارزاً، وهو الذي يغسل. وقوله: [ (أجفيها) ] يعني: جففيه حتى ييبس. وقولها: [ (فأحرتها إليه) ]. أي: أعدتها إليه. فالحور هو الرجوع، كقوله تعالى: (( إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ))[ الانشقاق:14]، يعني: ظن أن لن يرجع. وقولها: [ (فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصف النهار وهي عليه) ]. أي: تلك التي غسلت وأعيدت إليه. والحاصل أن الترجمة غير واضحة، وإن كان المراد بها إعادة الصلاة فليس فيها شيء يتعلق بذلك، وإن كان المقصود إعادة الثوب بعد غسله فهذا الأمر فيه واضح، والحديث ضعيف؛ لأن فيه امرأتين مجهولتين في الإسناد.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة (كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه شعارنا...)

قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ].
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. ويأتي ذكره في بعض الأسانيد (محمد بن يحيى النيسابوري)، وهو نيسابوري، وفي بعضها:
(محمد بن يحيى بن عبد الله)، وفي بعضها:
(محمد بن يحيى بن فارس) و (فارس) جد من أجداده؛ لأنه محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد بن فارس، وهو هو الذهلي ، فيأتي بصيغ مختلفة وهو شخص واحد.
[ عن أبي معمر ].
أبو معمر هو عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج المقعد، كذا قال المزي في تحفة الأشراف. فما دام أن صاحب تحفة الأشراف عينه بهذا فيكون المقصود به عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الوارث ].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم يونس بنت شداد ].
أم يونس بنت شداد لا يعرف حالها، أخرج حديثها أبو داود .
[ قالت: حدثتني حماتي أم جحدر العامرية ].
قولها: [حماتي] تعنى به أم زوجها، وأم جحدر العامرية أيضاً مجهولة، أخرج حديثها أبو داود .
[ عن عائشة ].
عائشة رضي الله عنها قد مر ذكرها. ففي الحديث امرأتان مجهولتان، والحديث ضعيف.

حكم البصاق يصيب الثوب


شرح حديث (بزق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبه وحك بعضه ببعض)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: البصاق يصيب الثوب. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا ثابت البناني عن أبي نضرة قال: (بزق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبه وحك بعضه ببعض) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب: في البصاق يصيب الثوب ]. يعني أنه شيء من القذر، ولكنه ليس بنجس، وإنما منظره كريه ولا يستحسن أن يرى ويشاهد؛ لأن منظره مستقذر، وحكمه أن يحك الثوب ويدلك بعضه ببعض حتى يذهب أثره، ولو كان نجساً لاحتاج الأمر إلى أن يغسل، فدلكه يدل على طهارته، وأنه ليس بنجس.

تراجم رجال إسناد حديث (بزق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبه وحك بعضه ببعض)

قوله: [ قال: حدثنا موسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حماد ].
هو حماد بن سلمة، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت البناني ].
هو ثابت بن أسلم البناني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي نضرة ].
أبو نضرة هو المنذر بن مالك، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. والحديث مرسل هنا، لكن الحديث الذي بعده موصول، وهو دال على ما دل عليه. والبزاق والبصاق بمعنى واحد.

إسناد آخر لحديث (بزق رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبه) وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله ]. ثم أورد حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل المتن السابق، وهو أنه بصق أو بزق في ثوبه فحك بعضه ببعض، فالحديث هذا متصل، وهو دال على ما دل عليه الأول. قوله:
[ حدثنا موسى بن إسماعيل عن حماد عن حميد ].
حميد هو حميد بن أبي حميد الطويل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
هو أنس رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من الأسانيد الرباعية لأبي داود ، وهو أعلى الأسانيد عند أبي داود، حيث يكون بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص، وبهذا يكون قد انتهى كتاب الطهارة. والله تعالى أعلم.

الأسئلة


حكم النظر إلى المخطوبة عبر الصورة الفوتوغرافية
السؤال: شخص يريد أن يخطب امرأة، ولكن لا يستطيع الذهاب إلى بلاده لرؤيتها، فهل يجوز في هذه الحالة أن ترسل له صورة شمسية حتى يتمكن من النظر إليها؟

الجواب: لا يجوز، وإنما إذا أراد أن يذهب لينظر إليها فليذهب وينظر إليها هو إذا كان يريد النظر، أما أن ترسل له الصورة فلا يصلح أن تؤخذ صور النساء وتعطى للأزواج؛ لأن الصورة تبقى وقد يستنسخ منها وتنتشر، أما إذا رآها فإن رؤيته لها تنتهي، فإن أعجبته تزوجها وإلا تركها، أما أن تكون الصورة بيد الرجل فيحتفظ بها أو يعطيها لغيره ويطلع غيره عليها فلا يجوز ذلك.

موضع التورك في الصلوات المكتوبة
السؤال: متى يشرع التورك في الصلاة؟

الجواب: التورك في الصلاة يكون في الصلاة التي لها تشهدان وفي التشهد الأخير منهما، ويكون في جميع الصلوات المكتوبة ما عدا صلاة الفجر، فالتورك يكون في التشهد الأخير من الرباعية والثلاثية.

حكم خروج المذي أثناء الصوم

السؤال: هل خروج المذي يبطل الصوم؟

الجواب: خروج المذي لا يبطل الصوم، وإنما الذي يبطله خروج المني.

حكم تحية المسجد عند طلوع الشمس وعند غروبها
السؤال: ما حكم صلاة تحية المسجد عند طلوع الشمس وعند غروبها؟

الجواب: وقت طلوع الشمس ووقت غروبها وعند قيام قائم الظهيرة هذه الأوقات الضيقة لا يصلى فيها ولا يدفن فيها الموتى، وهو وقت يسير جداً.

الحكم على حديث: (لا تنسنا يا أخيّ من دعائك)
السؤال: ما مدى صحة الحديث الذي فيه أنه عندما أراد عمر رضي الله عنه العمرة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنسنا يا أخيّ من دعائك).

الجواب: الحديث فيه كلام، لكن لا أدري بدرجة هذا الحديث، وأذكر أن فيه ضعفاً.

حكم خطأ ابن حجر والنووي وأمثالهما في بعض مسائل العقيدة
السؤال: هل الحافظ ابن حجر والإمام النووي وأمثالهما من الأئمة ممن أخطأ في بعض مسائل العقيدة يعدون من أئمة أهل السنة والجماعة؟
لاشك في أنهم من أئمة أهل السنة والجماعة، وأخطاؤهم التي حصلت مغمورة في جنب صوابهم الكثير، والعلماء يعولون على كلامهم ويرجعون إلى كلامهم، فهم من أهل السنة الذين أخطئوا وحصل منهم أخطاء، والله تعالى يتجاوز عنهم، وقبلهم البيهقي رحمه الله صاحب السنن، فعنده أخطاء في العقيدة وهو من أهل السنة.
معنى حديث ابن عمر في دخول الكلاب المسجد وتركهم رش أثرها

السؤال: في حديث ابن عمر الذي فيه أنه كان يبيت في المسجد قلتم: إن حديث ابن عمر لا يدل على أن الكلاب تبول في المسجد، وظاهر الحديث: أنها كانت تبول وتقبل وتدبر فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك)؟

الجواب: ليس هناك نص على أنها كانت تبول في المسجد، ولو بالت في المسجد فلا يعقل أن الناس يتركون البول ولا يطهرونه بالماء، وقد طهر النبي صلى الله عليه وسلم بول الأعرابي بالماء، والكلب أخبث نجاسة وأشد نجاسة من الإنسان. أما قول ابن عمر : (فلم يكونوا يرشون شيئاً من ذلك) فظاهره -والله أعلم- أنهم لم يكونوا يرشون المكان الذي تمر فيه؛ لأن النجاسة غير متحققة. ثم إن الكلاب لا تترك لتدخل وتبول في المسجد، لكن قد تكون بالت خارج المسجد وبقي فيها آثار شيء يتقاطر، لكن كونها تقف وتبول في المسجد بعيد، ولو حصل ذلك فإنه لا يقال: إنه يترك بولها حتى ييبس ويطهر؛ لأنه لو كان اليبس لترك الرسول صلى الله عليه وسلم بول الأعرابي حتى ييبس.

موضع بصر المصلي عند الركوع وغيره
السؤال: أين يقع بصر المصلي عند الركوع؟

الجواب: يكون بصر المصلي إلى موضع سجوده عند الركوع وغير الركوع.

حكم تزوج الرجل بمن حملت منه من الزنا وإلحاق الولد به
السؤال: إذا تزوج الرجل بامرأة وهي حبلى من الرجل نفسه من الزنا فهل يصح نكاحهما؟ وهل لهما أحكام الإرث؟

الجواب: من زنى بامرأة وحملت منه ثم أراد أن يعقد عليها أو عقد عليها فالولد ليس له ولا ينسب إليه؛ لأنه ابن زنا، ولا يعتبر من أولاده، ولا توارث بينه وبينه، وأما زواج الزاني من الزانية فيصح وذلك لقوله تعالى: الزَّانِيَةُ لا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ [النور:3] الزَّانِي لا يَنكِحُ إلَّا زَانِيَةً [ النور:3]، فكل واحد منهما يصلح للثاني، فبدلاً من أن يفعلا الحرام فليكن ذلك في الحلال، لكن كونه يتزوج وهي حبلى منه من الزنا ويقول: إن الولد هذا له غير صحيح، فليس الولد له أبداً، ولا يصلح أن يتزوج بها وهي حبلى، وإنما يتزوجها بعد ذلك. والله تعالى أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #113  
قديم 22-02-2022, 10:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [059]
الحلقة (90)
شرح سنن أبي داود [059]

لقد فرض الله عز وجل الصلوات الخمس في السماء خمسين صلاة، ثم خففت إلى خمس صلوات في اليوم والليلة مع بقاء أجر الخمسين. والصلاة هي أعظم ركن بعد الشهادتين، وهي عمود الدين، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، وهي آخر وصية للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي حق لازم محتم على العبد لله تعالى، فعلى العبد أن يقدرها قدرها، ويؤديها في وقتها؛ لينال بذلك رضى الله تعالى عنه.

كتاب الصلاة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الصلاة]. هذا هو الكتاب الثاني من الكتب التي اشتمل عليها كتاب السنن لأبي داود ، وأول كتاب هو كتاب الطهارة، وكما قد عرفنا فيما مضى أن الأبواب المتعلقة بالطهارة -سواءٌ كانت إزالة نجاسة أم رفع الحدث الأصغر أم رفع الحدث الأكبر أم الاغتسال من الحيض- كلها أوردها تحت هذا الكتاب الذي هو كتاب الطهارة، وبعض أهل العلم يقسم هذا الكتاب إلى عدة كتب، فيذكر كتاب الوضوء على حدة، وكتاب غسل الجنابة على حدة، وكتاب الحيض على حدة، كما فعل الإمام البخاري رحمه الله تعالى. وجرت عادة العلماء من محدثين وفقهاء أنهم في كتب الأحكام يبدءون بالطهارة؛ ولأنه شرط للصلاة، ولأنها لا تصح الصلاة إلا إذا وجدت الطهارة من رفع الحدث الأصغر بالماء الذي هو الوضوء، أو الأكبر بالاغتسال، أو التيمم عندما لا يوجد الماء، أو يوجد ولكن يكون هناك ضرر باستعماله، ثم إنه بعد ذلك أتى بكتاب الصلاة، وهو الكتاب الثاني كما قد عرفنا.

معنى الصلاة لغة واصطلاحاً
الصلاة في اللغة: الدعاء، والدعاء لا شك في أنه من جملة ما اشتملت عليه الصلاة، فالتعريف اللغوي تعريف للصلاة بذكر شيء مما هو موجود تحتها، وقد تكون المعاني اللغوية أوسع وأعم وتكون المعاني الشرعية جزءاً من جزئيات المعاني اللغوية، وقد يكون المعنى الشرعي مشتملاً على المعنى اللغوي وزيادة على ذلك؛ لأن الصلاة هنا في اللغة الدعاء، والصلاة الشرعية -كما هو معلوم- هي أفعال وأقوال تشتمل على الدعاء وعلى غير الدعاء، لكن الدعاء موجود فيها بكثرة، فعند دخول الإنسان في الصلاة يقول: (الله أكبر)، وهو دعاء وعبادة، ثم يأتي بالاستفتاح، وهو دعاء وعبادة، أو دعاء مسألة، مثل قوله: (سبحانك -اللهم- وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك) فهذا دعاء عبادة، وقوله: (اللهم! باعد بيني وبين خطاياي ...) هذا دعاء مسألة، ثم بعد ذلك الركوع فيه دعاء، والرفع من الركوع فيه دعاء، والسجود فيه دعاء، وبين السجدتين هناك دعاء، وفي التشهدين دعاء عبادة ودعاء مسألة، فالدعاء في الصلاة يوجد بكثرة، بل إن أقوال الصلاة هي إما دعاء عبادة وإما دعاء مسألة. أما الصلاة في الاصطلاح فهي أقوال وأفعال مخصوصة مبتدأة بالتكبير ومختتمة بالتسليم. هذا هو تعريف الصلاة الشرعي. فهي مبدوءة بـ (الله أكبر) ومختومة بـ (السلام عليكم ورحمة الله)، كما قال عليه الصلاة والسلام: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم). أما المعنى الثاني -وهو كون المعاني اللغوية واسعة، بحيث يكون المعنى الشرعي جزءاً من جزئيات المعنى اللغوي- فمثل الصيام، فالصيام في اللغة: الإمساك، فأي إمساك يقال له: صيام.
وفي الشرع: إمساك مخصوص وهو الامتناع عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. وفي اللغة يقال لأي إمساك: صيام، فالإمساك عن الكلام صيام، والإمساك عن الأكل صيام، والدواب إذا أمسكت يقال عنها: إنها صيام، كما قال الشاعر: خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وخيل تعلك اللجما فالصيام في اللغة لفظ عام يشمل كل إمساك، وفي الشرع إمساك مخصوص. والحج لغة: القصد مطلقاً، فأي قصد يقال له: حج. وفي الشرع: قصد مخصوص، وهو قصد البيت للإتيان بأعمال مخصوصة.
والعمرة لغة: الزيارة. فأي زيارة يقال لها: عمرة، وفي الشرع: زيارة البيت لأفعال مخصوصة، وعلى هذا فإن المعاني اللغوية أحياناً تكون أشمل وأوسع، ويكون المعنى الشرعي جزءاً من جزئيات المعنى اللغوي، وأحياناً يكون المعنى الشرعي أشمل أوسع ويكون أطلق عليه المعنى الشرعي لأن المعنى اللغوي موجود فيه، فالدعاء موجود في الصلاة بكثرة في ركوعها وسجودها وجلوسها وقيامها.
مكانة الصلاة وعظمتها في الإسلام
إن الصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، والإسلام بني على خمسة أركان،كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل وفي حديث ابن عمر وغيرهما، ففي حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان). وفي حديث جبريل أنه قال: (أخبرني عن الإسلام. قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً)، فالصلاة هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، والشهادتان هما الأساس وهما الركن الركين الذي كل عمل أو كل ركن سواه لا ينفع إلا إذا كان مستنداً إليه مبنياً عليه؛ لأنه إذا لم توجد الشهادتان فأي عمل من الأعمال لا قيمة له، أو وجدت شهادة أن لا إله إلا الله ولم توجد شهادة أن محمداً رسول الله معها من حين بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة؛
فإن أي عمل لا ينفع صاحبه ما دام أنه لم يستند على هذا الأساس الذي هو الشهادة لله بالوحدانية ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، والصلاة شأنها عظيم في الإسلام، وقد جاءت آيات وأحاديث تدل على عظم شأنها وأن شأنها أركان الإسلام بعد الشهادتين. فمما ورد في بيان عظم شأنها: أن الله تعالى فرضها على نبيه صلى الله عليه وسلم وهو في السماء، ولم يفرضها عليه وهو في الأرض وإنما فرضت عليه وهو في السماء -صلوات الله وسلامه وبركاته عليه- ليلة المعراج، وفرضت عليه أولاً خمسين صلاة، وقد استسلم وانقاد وسلم الأمر لله ونزل لينفذ الذي أمر به، ولكنه لما مر بموسى بن عمران وهو في السماء السادسة عرض عليه وأشار عليه بأن يرجع إلى الله عز وجل ويسأله التخفيف، وقال: إنه قد كُلِّف بنو إسرائيل بأشياء ومع ذلك ما قاموا بها، فأشار عليه أن يرجع ويسأل التخفيف، فحصل ذلك، وتكررت المراجعة حتى صارت خمساً، وقال الله عز وجل:
(هن خمس في العمل وخمسون في الأجر)، وذلك لأن الحسنة بعشر أمثالها، فيصلي الإنسان خمس صلوات في اليوم والليلة وتكون عن خمسين صلاة. إذاً: فرضت عليه وهو في السماء صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ونسخ العدد من خمسين إلى خمس قبل التمكن من الامتثال، وهذا يبين مدى استسلام الرسول صلى الله عليه وسلم وانقياده لأمر ربه، وأنه لما فرض عليه خمسين صلاة استعد للتنفيذ، ولكن الله خفف قبل أن يحصل التكليف على الناس، فخففت من خمسين إلى خمس والرسول صلى الله عليه وسلم في السماء قبل أن ينزل إلى الأرض، ففي هذا دليل على النسخ قبل التمكن من الامتثال. ومثل هذا قصة الذبيح إسماعيل، حيث نسخ الأمر بالذبح قبل التمكن من الامتثال وقد حصل الاستسلام والانقياد من الذابح والمذبوح، وكل منهما استسلم لله عز وجل، ففائدة ذلك هو حصول وظهور استسلام الرسولين المكلفين بذلك، وهما نبينا محمد عليه الصلاة والسلام حيث استسلم وانقاد للقيام بخمسين صلاة فرضت عليه، وكذلك إبراهيم الخليل حيث أمر بذبح ابنه فأقدم على ذلك ونسخ الحكم قبل التنفيذ. إذاً: فائدة ذلك -كما عرفنا- هو الاستسلام والإذعان والاستعداد للتنفيذ، وظهور الطاعة والقيام بتنفيذ ما طلب تنفيذه،
فمما يدل على عظم شأن الصلاة أنها فرضت ورسول الله صلى الله عليه وسلم في السماء. ومما يدل على عظم شأنها أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر بأنها عمود الإسلام، وذلك في حديث معاذ بن جبل الطويل الذي فيه عدة أمور، حيث قال له: (ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، وقوله: إنها عمود الإسلام يدل على عظم شأنها؛ إذ أن البنيان لا يتم ولا يقوم إلا على عمد، وكذلك الخيمة لا تقوم إلا على عمود أو على أعمدة، وإذا نزع العمود أو سقط العمود سقط البناء الذي عليها، كل هذا يدلنا على عظم شأن الصلاة في الإسلام.
ومما يدل على عظم شأنها أن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أنها آخر ما يفقد من الدين في هذه الحياة، حيث يقول: (أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة) والشيء إذا فقد أوله بقي منه شيء، لكن إذا فقد آخره لا يبقى منه شيء. ومما يدل على عظم شأن الصلاة: ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، حيث يقول: (أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله الصلاة)، فإن حصل النجاح في تلك المحاسبة فما سواها تابع لها، وإن حصلت خسارة فإنه يكون فيما سوى ذلك أخسر. ومما يدل على عظم شأن الصلاة أن النبي صلى الله عليه وسلم وصى بها في آخر حياته، يقول علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مرض موته: (الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم) يعني أنه يحث ويحرض على القيام بالصلاة وعلى الإحسان إلى من هم في ملك اليمين. ثم يقول علي رضي الله عنه: (وهؤلاء الكلمات هن آخر شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أي: أن علياً رضي الله عنه بعد أن سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا الكلام لم يسمعه بعد ذلك. ومما يدل على عظم شأن الصلاة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) فهذا يدل على عظم شأن الصلاة وأن تركها كفر.
ومما يدل على عظم شأنها أن الله تعالى أخبر أن الذين يدخلون سقر عندما يدخلون فيها ويسألون: ما الذي أوصلكم إلى سقر؟ يجيبون في أول ما يجيبون بأنهم لم يكونوا يصلون، قال عز وجل: (( كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ [المدثر:38-43]، فهذا من الأسباب التي توصل إلى سقر والعياذ بالله.
والحاصل أن أمر الصلاة عظيم وشأنها كبير، وقد جاءت النصوص الكثيرة الدالة على عظم شأنها، ثم هي تكون في اليوم والليلة خمس مرات، وهي صلة وثيقة بين العبد وبين ربه، وهي علامة الإيمان وعلامة الاستسلام والانقياد لأمر الإسلام، والإنسان إذا صاحب إنساناً يستطيع أن يعرف أنه من أولياء الله أو أنه من أعداء الله خلال أربع وعشرين ساعة،
فإن رآه يصلي فهي علامة خير، وإن رآه لا يصلي فهي علامة شر، بخلاف بقية الأركان، فإنه لا يعرف حال الإنسان فيها كما يعرف في الصلاة؛ لأن الزكاة لا تجب في السنة إلا مرة واحدة، ولا تجب إلا على الأغنياء، والصيام لا يجب في السنة إلا شهراً واحداً، والحج لا يجب في العمر إلا مرة واحدة، لكن الصلاة في اليوم والليلة خمس مرات، فهي صلة وثيقة بين العبد وبين ربه، فهذا كله يبين لنا عظم شأن الصلاة وأهميتها، وأنها رأس مال المسلم، وأن عليه أن يحافظ عليها وأن يعنى بها وأن لا يتهاون فيها؛ لأنها أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وقد عرفنا جملة من الأدلة الدالة على عظيم شأنها وعظم منزلتها في الإسلام.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #114  
قديم 22-02-2022, 10:09 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

فرض الصلاة


شرح حديثي طلحة بن عبيد الله في فرض الصلاة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الصلاة. باب: فرض الصلاة. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه يقول: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة. قال: هل عليّ غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع. قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام شهر رمضان، قال: هل علي غيره؟ قال: لا إلا أن تطوع. قال: وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة، قال: فهل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع. فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلح إن صدق).
حدثنا سليمان بن داود حدثنا إسماعيل بن جعفر المدني عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر بإسناده بهذا الحديث، قال: (أفلح -وأبيه- إن صدق، دخل الجنة -وأبيه- إن صدق) ]. قوله: [باب فرض الصلاة] المقصود بفرض الصلاة بيان أنها مفروضة، وليس المقصود بفرض الصلاة ابتداء فرضها؛ لأن ابتداء فرضها حصل ليلة المعراج، ولكن المقصود بالترجمة التي عقدها المصنف وأورد الحديث تحتها بيان أنها مفروضة وأن الله عز وجل فرضها، وأنها حق لازم متحتم لله تعالى، بل هي -كما عرفنا- أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين.
قوله: [ (جاء رجل من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوي صوته ولا يفقه ما يقول، حتى دنا فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خمس صلوات في اليوم والليلة.
قال: هل علي غيرهن؟ قال: لا، إلا أن تطوع) ] بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة، وبين له أن الذي يبدأ به بعد الدخول في الإسلام هو الصلاة، ولهذا جاء في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن يبدأ بدعوتهم إلى الصلاة بعد الدخول في الإسلام، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنك تأتي قوماً أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أجابوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)، فبدأ بالصلاة.
إذاً: أول شيء يدعى إليه بعد التوحيد هو الصلاة التي هي عمود الإسلام، وهذا -أيضاً- مما يبين لنا عظم شأن الصلاة وأنها أول شيء يدعى إليه بعد الدخول في الإسلام. فهي خمس صلوات فرضها الله عز وجل في اليوم والليلة، فقال لهذا الرجل: [ (خمس صلوات في اليوم والليلة. قال: هل علي غيرهن؟ فقال: لا، إلا أن تطوع)] وهذا فيه دليل على أن الفرض الذي فرضه الله هو هذه الصلوات الخمس، وأن الوتر ليس بواجب محتم، ولكنه من آكد النوافل، ومن المعلوم أن الإنسان إذا تهاون بالنوافل فإنه يتهاون بالفرائض، والنوافل هي كالسياج وكالوقاية للفرائض، فينبغي أن لا يحصل تساهل فيها وتهاون، بل يؤدي الإنسان الفرائض ويأتي بالنوافل، والنوافل تكمل بها صلاة الفرض إذا حصل فيها نقص، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعلى الإنسان أن يحافظ على الفرائض ويحرص على النوافل، وقد قال الله عز وجل في الحديث القدسي
: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه)، ومن المعلوم أن الاقتصار على الفرائض هو الاقتصاد، ولكن السبق بالخيرات يكون بالإتيان بالواجبات وبالمفروضات وبالمنافسة في الخير وبالإتيان بالنوافل التي يتقرب بها العبد إلى الله عز وجل، ولهذا جاء في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به..) إلى آخر الحديث، فالإنسان عليه أن يحرص على الفرائض ويحرص على النوافل، ولا يتهاون بالنوافل؛ لأن التهاون بالنوافل قد يؤدي إلى التهاون بالفرائض، وقد جاء في الحديث: (أن الإنسان إذا كان في صلاته نقص فإنه وكان له نوافل فإنه يكمل بها ذلك النقص الذي حصل في صلاته. إذاً: فالصلوات المفروضة في اليوم والليلة خمس صلوات، والحديث يدل على أن الوتر ليس بفرض، ولكنه متحتم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ على الوتر وعلى ركعتي الفجر في الحضر والسفر، فما كان يترك الوتر ولا ركعتي الفجر حتى في أسفاره صلى الله عليه وسلم، ويقول الإمام أحمد : إن الذي لا يصلي الوتر رجل سوء. وفي الحديث -أيضاً- دليل على أن الجمعة فرض وأنها لازمة؛ لأنها من صلوات اليوم والليلة؛ [ (خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة) ] والجمعة هي فرض ذلك اليوم الذي هو يوم الجمعة. قوله رسول الله صلى الله عليه وسم: [ (وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام رمضان،
قال: هل علي غيره؟ قال: لا، إلا أن تطوع، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع، فأدبر الرجل وهو يقول: والله لا أزيد على هذا ولا أنقص. معناه أنه يقتصر على الواجبات. وقوله: [ (أفلح إن صدق) ] يدل على أن القيام بالواجبات هو الذي يسلم به الإنسان من الوقوع في الإثم؛ لأن الواجب يثاب فاعله ويعاقب تاركه، وأما المندوب فيثاب فاعله ولا يعاقب تاركه، فقوله: [ (أفلح إن صدق) ] يعني:
أتى بما يؤدي به إلى الفلاح، وبما يسلم به من عذاب الله عز وجل، ولكنه إذا زاد على ذلك بأن أتى بالنوافل يكون خيراً له وبركة، ويكون نوراً مضافاً إلى نور، وخيراً إلى خير، وقوله: [ (أفلح إن صدق) ] معناه: إن صدق فيما يقول وفيما حلف عليه أنه يأتي بما فرض الله عليه لا يزيد ولا ينقص فإنه يكون مفلحاً وآخذاً بسبب الفلاح، وهو القيام بما أوجبه الله جل وعلا عليه.
أقوال العلماء في معنى: (أفلح وأبيه) وحكمها
جاء هنا في الحديث: [ (أفلح وأبيه إن صدق، دخل الجنة وأبيه إن صدق) ]، وهذا فيه لفظ قسم، وقد جاء في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن الحلف بغير الله عز وجل، حيث قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك)، وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)، وقوله: (ولا تحلفوا إلا بالله) يعني: قصر الحلف على الله تعالى وأسمائه وصفاته، وليس المقصود أن يكون بلفظ الجلالة فقط، وإنما المقصود أن يكون الحلف بالله وبالرحمن وبالرحيم وبالسميع وبالبصير، فهذا حلف بالله؛ لأن من حلف بأسمائه فهو مثل الحالف بالله؛ لأن الله تعالى من أسمائه الرحمن، و(الرحيم) و(السلام) و(القدوس) وهكذا، فأي اسم ثبت لله عز وجل فإن الإنسان يجوز له أن يحلف به، فيحلف بالله وأسمائه وصفاته، ولا يحلف بغير ذلك، ولهذا قال: (ولا تحلفوا إلا بالله) يعني: لا تحلفوا بغير الله؛ لأن كل ما سوى الله مخلوق، والحلف إنما هو بالخالق دون المخلوق. وقد جاء أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت) يعني:
لا يحلف، وإن كان حالفاً فحلفه يجب أن يكون بالله عز وجل. وهنا يقول: [ (أفلح وأبيه إن صدق) ]، وقد أجاب العلماء عما ورد في هذا الحديث بأن قالوا: إن هذا كان قبل النهي. ومنهم من قال: إن هذا من الألفاظ التي هي جارية على الألسنة ولا يراد بها القسم، وإنما هي من لغو اليمين، مثل قول القائل: لا والله، وبلى والله. فهذه اليمين لا تنعقد إلا إذا أرادها الإنسان وعزم عليها، كأن يقول: والله لأفعلن كذا وكذا. أما إذا كان اليمين شيئاً ما قصده الإنسان وما أراده، وإنما جرى على لسانه مثل: (لا والله) فـ )بلى بالله) فإن هذا من لغو اليمين الذي ليس فيه كفارة ولا تنعقد معه اليمين، فكذلك كلمة (وأبيه) يقال:
إنها من الشيء الذي يجري على الألسنة ولا يراد به اليمين ولا يراد به القسم، مثل ما جرى في كلمات أخرى، كقوله: (عقرى حلقى) وقولهم: (تربت يمينك) و(تربت يداك)، فهو شيء يجري على الألسنة ولا يراد، ومن العلماء من قال: إن هذه الرواية شاذة مخالفة للروايات التي لم يذكر فيها (وأبيه)، فهي زيادة شاذة. والحاصل أن الحلف بغير الله لا يجوز، وأن ما ورد في الحديث لا يقال: إنه دليل على جواز الحلف بغير الله؛ لأنه قد جاء ما يدل على المنع من ذلك؛ حيث قال: (لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد، ولا تحلفوا إلا بالله، ولا تحلفوا إلا وأنتم صادقون)، وقال ذلك لما سمع عمر يقول: (وأبي)، فعند ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكلام، فقال عمر رضي الله عنه: (والله لا أحلف بذلك ذاكراً ولا آثراً) يعني:
لا يحلف ذاكراً بأن يكون منه ولا آثرا ذلك عن غيره. وهذا فيه استسلام الصحابة وانقيادهم لما يأتي عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الأحكام. ثم إن الحلف بغير الله أمره خطير، فقد جاء عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: (لأن أحلف بالله كاذباً أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقاً) وذلك لأن الحلف بالله توحيد والكذب معصية، والحلف بغير الله شرك، ومن المعلوم أن المعصية دون الشرك، والذنب الذي يوصف بأنه شرك أو كفر يكون أعظم من غيره وأشد.
تراجم رجال إسناد حديثي طلحة في فرض الصلاة
قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة ].
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمه أبي سهيل بن مالك ].
وعمه أبو سهيل هو نافع بن مالك بن أبي عامر الأصبحي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو مالك بن أبي عامر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أنه سمع طلحة بن عبيد الله ].
طلحة بن عبيد الله رضي الله تعالى عنه هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سليمان بن داود ].
هو أبو الربيع الزهراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[عن إسماعيل بن جعفر المدني ]. إسماعيل بن جعفر المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سهيل نافع بن مالك بن أبي عامر بإسناده بهذا الحديث].
قد مر ذكره."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #115  
قديم 22-02-2022, 10:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [060]
الحلقة (91)

شرح سنن أبي داود [060]

لقد جعل الله تعالى للصلاة مواقيت مخصوصة وأناطها بأمارات يعرفها الناس ويدركونها، ولكل فرض من فروض الصلاة وقت مخصوص له بداية ونهاية، والوقت بينهما، ولبعض الفروض وقت اختياري ووقت آخر اضطراري يصلي فيه من زال عذره من أهل الأعذار وتكون صلاته أداءً، وليحرص المرء على الصلاة أول الوقت، ولا ينبغي له أن يؤخر فرضاً إلى آخر وقته؛ لأن ذلك قد يكون سبباً في خروج الوقت قبل أداء الصلاة.

ما جاء في المواقيت


مقدمة فيما جاء في المواقيت

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في المواقيت]. هذا باب ما جاء في المواقيت، وقد عرفنا أن الله عز وجل جعل مواقيت العبادة أموراً معلومة مشاهدة معاينة يعرفها الخاص والعام، وليست بحاجة إلى حذق وإلى فطنة وإلى دقة وإلى ذكاء، وإنما هي أمور معلومة معروفة مشاهدة للخاص والعام وللحاضر والبادي، يعرف ذلك الحضري في قريته والبدوي في فلاته، وليس فيها خفاء، ومن هذه العبادات الصلوات الخمس، فقد حددت أوقاتها بأمور مشاهدة معاينة، فالظهر إذا زالت الشمس وتحول الظل من جهة الغرب إلى جهة الشرق، فعندما يحصل انكسار الفيء بعد انتصاف النهار يبدأ وقت الظهر إلى أن يكون ظل الشيء مثله، وكان عليه الصلاة والسلام يأمر بتأخير صلاة الظهر إذا اشتد الحر حتى تنكسر حدة الشمس، والعصر يصليها إذا انتهى وقت الظهر بحيث يكون ظل كل شيء مثله، وانتهاء وقت صلاة العصر حين يكون ظل الشيء مثليه، أو ما لم تصفر الشمس،
أو كون الشمس حية مرتفعة نقية، وهذا هو الوقت الاختياري الذي للإنسان أن يؤخر إليه، ولكن -كما هو معلوم- ينبغي للإنسان ألا يعرض نفسه لتأخير الصلاة عن وقتها الاختياري؛ لأن تأخيرها إلى قرب الوقت قد يحصل معه الفوات، فعلى الإنسان أن يحتاط لدينه ويأتي بالصلاة في أول وقتها أو بعد ما يمضي شيء من الوقت، لكن لا يكون الوقت قريباً من الانتهاء والانصرام؛ لأن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والذي يقرب من انتهاء الوقت قد يحصل منه الخروج من الوقت، فالاحتياط للإنسان في دينه أن لا يؤخرها، وأما وقت الاضطرار فإنه من حين اصفرار الشمس إلى الغروب، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
(من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب فقد أدرك الصلاة) يعني: أدركها مؤداة في وقتها، ما دام أنه أدرك منها مقدار ركعة، وكذلك من أدرك قبل طلوع الشمس ركعة يكون قد أدرك الفجر، أما المغرب فإن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصليها إذا غربت الشمس وجاء وقت إفطار الصائم، وجاء أن آخر وقتها إذا غاب الشفق أو ما لم يغب الشفق، ويأتي بعدها وقت صلاة العشاء مباشرة من غير فاصل، ويمتد وقتها إلى نصف الليل، وهذا هو الوقت الاختياري، وليس للإنسان أن يؤخرها إلى آخر الوقت بحيث يكون الوقت عرضة للخروج، ولكن ما دام أنه صلاها قبل نصف الليل فإنه يكون بذلك قد أداها، ومن نصف الليل إلى طلوع الفجر يكون الوقت الاضطراري؛ لأن الإنسان إذا نام ولم يستيقظ إلا بعد انتصاف الليل فإنه يصليها، وتكون مؤداة؛ لأنه أداها في الوقت الاضطراري. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة).
وكل الصلوات أوقاتها متصلة بعضها ببعض إما اختياراً وإما اضطراراً إلا الفجر، فإن آخر وقتها طلوع الشمس، والزمن من طلوع الشمس إلى الزوال ليس وقتاً لأي صلاة من الصلوات، ولا للظهر؛ لأن صلاة الظهر لا بد من أن تكون بعد الزوال، وصلاة الفجر لا يجوز أن تؤخر عن طلوع الشمس، ولو أخرت عن طلوع الشمس -سواءٌ أكان ذلك اختياراً أم اضطراراً- فإنها تعتبر مقضية؛ لأنها فعلت في غير وقتها، إلا أن الإنسان إذا صلى بعد طلوع الشمس مضطراً غير مفرط فإنه يكون قد أدى ما عليه قضاءً، ولكنه لا يأثم، أما إذا كان مفرطاً وحصل التأخير عن طلوع الشمس بتفريط منه فإن عليه أن يصلي، ولكنه أثم بكونه قصد التأخير أو أنه وجد منه التفريط الذي حصل بسببه التأخير.

شرح حديث ابن عباس في المواقيت
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان حدثني عبد الرحمن بن فلان بن أبي ربيعة -قال أبو داود : هو عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة - عن حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمّني جبريل عليه السلام عند البيت مرتين، فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك، وصلى بي العصر حين كان ظله مثله، وصلى بي -يعني المغرب- حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء حين غاب الشفق، وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم، فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله، وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه، وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم، وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل، وصلى بي الفجر فأسفر،
ثم التفت إلي فقال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين) ]. هذه الأوقات التي تؤدى فيها الصلاة، ولا تؤدى قبلها ولا بعدها، إلا إذا كانت قضاءً بحيث يكون الإنسان قد حصل له نوم أو حصل له نسيان، فإنه يصلي الصلاة إذا ذكرها، وإلا فإن الواجب إيقاع الصلاة في أوقاتها، والله عز وجل لما شرع العبادات جعل لها مواقيت واضحة بينة لا تحتاج إلى أن يعرفها أناس مختصون، بل جعلت المواقيت للعبادات من الأمور المشاهدة التي يعرفها الحاضر والبادي؛ لأنها منوطة بطلوع الفجر، وبالزوال، وبكون ظل الشيء مثله أو مثليه، وبغروب الشمس، وبمغيب الشفق. إذاً: المواقيت ليست من الأمور الدقيقة التي لا يعرفها إلا أناس عندهم حذق وعندهم فطنة، بل كل الناس يعرفونها؛ لأنها أمور مشاهدة ومعاينة.
فالصلوات حددت أوقاتها بأمور مشاهده تحصل في اليوم والليلة، فهي تتعلق بالشمس وبطلوعها وغروبها، وكذلك الشفق الذي يكون وراءها، وبطلوع الفجر، وكذلك بالنسبة لرمضان، فهو شهر يعرف دخوله عن طريق رؤية الهلال في السماء، والصيام يبدأ من طلوع الفجر وينتهي بغروب الشمس. والحج كذلك يكون في أوقات معلومة، وتكون مبنية على معرفة الشهر ودخوله، بحيث يكون الوقوف بعرفة يوم التاسع من ذي الحجة ويوم النحر يوم العاشر،
والأيام التي بعده شأنها كذلك. إذاً: المواقيت تعرف عن طريق المشاهدة والمعاينة، وعن طريق رؤية الهلال، والمواقيت أمور مشاهدة يعرفها الخاص والعام والحضري في الحضر والبدوي في الفلاة، فإذا غابت الشمس جاء وقت الإفطار، وإذا طلع الفجر جاء وقت الإمساك وجاء وقت صلاة الفجر، وإذا زالت الشمس جاء وقت الظهر، وإذا كان ظل الشيء مثله انتهى وقت الظهر وبعد ذلك يبدأ وقت العصر، وهكذا.

أول مواقيت الصلوات الخمس
قوله: [ (أمني جبريل عند البيت مرتين) ] أي: مرة في اليوم الأول، وكان ذلك في أول الوقت، ومرة في اليوم الثاني، وكان ذلك في آخر الوقت. قوله: [ (الصلاة بين هذين الوقت) ] يعني: هذا أول الوقت وهذا آخره، ووقت الصلاة من هذه البداية إلى هذه النهاية. فجبريل أم النبي صلى الله عليه وسلم مرتين: مرة في أول الوقت ومرة في آخر الوقت، والصلاة تؤدى بين الوقتين الذين هما بداية الوقت ونهايته، فمن أوله إلى آخره تؤدى بين ذلك. وكان مجيء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدما فرضت عليه الصلوات الخمس في السماء، فنزل عليه جبريل وصلى به الظهر في يوم من الأيام حتى جاء الفجر في أول الوقت،
وفي اليوم الثاني بدأ بالظهر حتى الفجر في آخر الوقت، وفي هذا بيان أول الوقت وآخر الوقت. قوله: [ (عند البيت)] المقصود بالبيت الكعبة. قوله: [ (فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك) ]. الشمس تطلع من جهة الشرق والفيء يكون إلى جهة الغرب، فإذا توسطت واتجهت إلى جهة الغرب بدأ الظل يتجه إلى جهة الشرق، فإذا زالت الشمس عن الرأس وانكسر الفيء بحيث يصير الظل إلى جهة الشرق عند ذلك يبدأ وقت الظهر. قوله: [ (وكانت قدر الشراك) ] يعني أن ظلها يكون شيئاً يسيراً تحت الجدران مثل سير النعل الذي يكون على ظاهر النعل، وهذا هو أول وقت الظهر. قوله: [ (وصلى بي العصر حين كان ظله مثله) ].
يعني: عند انتهاء وقت الظهر؛ لأن أول وقت العصر إذا كان ظل الشيء مثله، بحيث تكون الصلاة بعد ذلك، وأما الظهر فيكون قبله، وصلاة العصر متصلة بصلاة الظهر ليس بينهما وقت، فإذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه؛ لأنه لا فاصل بينهما، فصلاة الظهر ما لم تحضر العصر، كما جاء في بعض الأحاديث: (ما لم تحضر العصر). وقوله: [ (حين كان ظل الشيء مثله) ]، ليس معنى ذلك أن وقت صلاة العصر يوافق آخر الظهر، بل إذا انتهى وقت الظهر دخل وقت العصر، لا أن الصلاتين متداخلتان، بحيث تكون هذه تؤدى في وقت هذه، وإنما إذا صار ظل الشيء مثله يكون الإنسان قد انتهى من صلاة الظهر. قوله: [ (وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم) ].
يعني: عندما غربت الشمس؛ لأن إفطار الصائم يكون عند غروب الشمس. قوله: [ (وصلى بي العشاء حين غاب الشفق) ]. الشفق هو الحمرة التي تكون بعد غروب الشمس، بحيث يأتي الظلام الذي يكون بعد النهار، فإذا جاء ذلك الوقت دخل وقت العشاء. قوله: [ (وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم) ].
يعني: عند طلوع الفجر؛ لأن طلوع الفجر تدخل به الصلاة ويحرم الأكل والشرب للصائم؛ لأن الأكل والشرب قبل طلوع الفجر جائز، والصلاة لا يؤتى بها قبل طلوع الفجر، وإنما يؤتى بها بعد طلوع الفجر، ومعنى هذا أن طلوع الفجر تحل به صلاة الفجر ويحرم به الأكل والشرب في حق الصائم؛ لأن عليه الإمساك من حين يدخل الوقت حين يوجد انفلاق الصبح الذي هو طلوع الفجر الثاني المعترض في الأفق الذي يستمر شيئاً فشيئاً حتى طلوع الشمس، فعندما يوجد ذلك الوقت يأتي أول وقت صلاة الفجر، وعنده ينتهي الأكل والشرب في حق من يريد الصيام.
إذاً: هذه مواقيت الصلوات التي صلاها في اليوم الأول، ففي اليوم الأول صلى الظهر عند زوال الشمس بعد الزوال حين صار الظل قدر الشراك، والعصر حين صار ظل الشيء مثله، والمغرب حين غربت الشمس، والعشاء حين غاب الشفق، والفجر حين طلع الفجر، هذه هي بداية الأوقات.
آخر مواقيت الصلوات الخمس
قوله: [ (فلما كان الغد صلى بي الظهر حين كان ظله مثله) ]. يعني: عندما يكون ظل الشيء مثله، بحيث يبدأ وقت العصر، وليس معنى ذلك التداخل بحيث يكون وأن آخر وقت هذه هو أول وقت هذه، بل عندما تنتهي هذه تبدأ هذه. قوله: [ (وصلى بي العصر حين كان ظله مثليه) ]. يعني: أن العصر يبدأ من كون الظل مثله إلى كون الظل مثليه. قوله: [ (وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم) ]. ليس في هذا الموضع ذكر للوقت الثاني؛ لأنه في اليوم الأول صلى حين أفطر الصائم وفي اليوم الثاني صلى حين أفطر الصائم، ومن هنا أخذ بعض العلماء أن صلاة المغرب ليس لها إلا وقت واحد، وأن وقتها ليس بطويل،
ولكن جاءت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن وقت المغرب إلى وقت العشاء، ووقت العشاء إذا غاب الشفق، فدلت الأحاديث الأخرى على أن صلاة المغرب لها وقت له بداية وله نهاية، فبدايته غروب الشمس ونهايته مغيب الشفق وحضور وقت صلاة العشاء، كما سيأتي في بعض الأحاديث الدالة على ذلك. قوله: [ (وصلى بي العشاء إلى ثلث الليل) ]. في هذه الرواية ذكر ثلث الليل ولكن جاء في الروايات الأخرى أنها إلى نصف الليل، وسيأتي ذكر بعض الأحاديث الدالة على ذلك، ولعل التفاوت بين الثلث والنصف سببه أن شخصاً قدر بالثلث وشخصاً آخر قد بالنصف،
لكن جاءت الروايات المتعددة محددة ذلك بنصف الليل، وهذا هو الوقت الاختياري، ولكن -كما هو معلوم- ينبغي للإنسان أن يحرص على أن يؤدي الصلاة في أول الوقت؛ لأن تأخيرها إلى آخر الوقت قد يؤدي إلى خروجها عن وقتها، ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، والذي يحوم حول آخر الوقت يوشك أن يخرج الوقت وهو لم يصل، فيكون بذلك قد أخرج الصلاة عن وقتها ويكون مفرطاً، ولكنه إذا بادر إلى الصلاة في أول وقتها يكون بذلك قد بادر إلى الشيء الذي كلف به. قوله: [ (وصلى بي الفجر فأسفر) ]. يعني: صلى حتى حصل الإسفار، وجاء في بعض الأحاديث: أن وقت الفجر ما لم تطلع الشمس، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أدرك ركعة من الصلاة قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها أخرى) يعني: ويكون بذلك قد أدى الصلاة في وقتها، فوقت الفجر إلى طلوع الشمس، ولكن ينبغي للإنسان المسلم أن يؤديها بغلس وأن يؤديها في أول وقتها كما جاء ذلك عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، لكنها حيث أديت من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس تكون قد أديت في وقتها.
إذاً: على الإنسان أن لا يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت؛ لأن ذلك فيه قرب من النهاية، وقد يؤدي ذلك إلى التفريط وإخراج الصلاة عن وقتها، ثم إن من الصلوات ما لها وقت اضطراري ووقت اختياري، فصلاة العصر لها وقت اختياري ووقت اضطراري، فالاختياري يمتد إلى أن يكون ظل الشيء مثليه أو إلى اصفرار الشمس، أما الاضطراري فإلى غروب الشمس، بمعنى: أنه لو نام إنسان ولم يستيقظ إلا قبل غروب الشمس فإنه يصلي العصر في وقتها،
وهو الوقت الاضطراري، وكذلك بالنسبة للعشاء، فامتداد وقتها إلى نصف الليل اختياري، وبعده إلى طلوع الفجر اضطراري؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يأتي وقت الصلاة التي بعدها). قوله: [ (ثم التفت إلي فقال: يا محمد! هذا وقت الأنبياء من قبلك، والوقت ما بين هذين الوقتين) ]. أي: وقت الصلاة بين هذين الوقتين: الوقت الأول الذي حصل في اليوم الأول، والوقت الثاني الذي حصل في اليوم والثاني، فوقت الصلاة بين هذين الوقتين، وهي أوقات اختيارية كما هو واضح.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في المواقيت
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ عن يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن فلان بن أبي ربيعة ].
هو عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[ عن حكيم بن حكيم ].
حكيم بن حكيم صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن نافع بن جبير بن مطعم ].
نافع بن جبير بن مطعم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (نزل جبريل فأخبرني بوقت الصلاة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سلمة المرادي حدثنا ابن وهب عن أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره أن عمر بن عبد العزيز كان قاعداً على المنبر فأخر العصر شيئاً، فقال له عروة بن الزبير : أما إن جبريل صلى الله عليه وسلم قد أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بوقت الصلاة، فقال له عمر . اعلم ما تقول، فقال عروة : سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نزل جبريل صلى الله عليه وسلم فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه،
ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه ثم صليت معه -يحسب بأصابعه خمس صلوات-، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين تزول الشمس، وربما أخرها حين يشتد الحر، ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة، فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس، ويصلي المغرب حين تسقط الشمس، ويصلي العشاء حين يسود الأفق، وربما أخرها حتى يجتمع الناس، وصلى الصبح مرة بغلس، ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات، ولم يعد إلى أن يسفر) ].
قوله: [ أخبره أن عمر بن عبد العزيز كان قاعداً على المنبر فأخر العصر شيئاً -يعني: بعض التأخير- فقال له عروة بن الزبير : أما إن جبريل قد أخبر محمداً صلى الله عليه وسلم بوقت الصلاة. فقال له عمر: [ اعلم ما تقول ] يعني: ينبغي أن تكون متحققاً مما تقوله ومتثبتاً منه. ولعل المقصود من قوله: (اعلم ما تقول) يتعلق بذكر إخبار جبريل، وإلا فإن عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه لا يخفى عليه أن الصلاة لها وقت له بداية وله نهاية، وأن تأخيره إنما هو تأخير مبني على أن الوقت باق، فقوله: [ اعلم ما تقول ] قيل: إنه يتعلق بكون عروة أخبر أن جبريل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بوقت الصلاة، فعند ذلك حدث عروة بن الزبير بإسناده إلى أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه.
قوله: [ قال عروة : سمعت بشير بن أبي مسعود يقول: سمعت أبا مسعود الأنصاري يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نزل جبريل صلى الله عليه وسلم فأخبرني بوقت الصلاة، فصليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه، ثم صليت معه) ]. يعني أنه أخبره بالفعل وبالقول؛ لأنه أمه في أول الوقت في اليوم الأول وفي اليوم الثاني أمه في الصلوات الخمس في آخر الوقت، أي: الوقت الاختياري بالنسبة للصلاة التي لها وقت اختياري ووقت اضطراري.
ففيه إخبار بالقول وإخبار بالفعل؛ لأنه صلى به وقال له: (الوقت ما بين هذين الوقتين) وهنا ذكر الصلوات الخمس وعدها ولم يذكر التفصيل، وإنما ذكر ذلك مجملاً بقوله: [ (صليت معه ثم صليت معه ...) ]. فتحقق الإخبار من جبريل للرسول صلى الله عليه وسلم قد حصل، وأنه أخبره بالوقت وصلى معه، وإخباره به كان قولاً وفعلاً. قوله: [ (فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم) ] يعني: فرآه يصلي الأوقات على هذا النحو الذي ذكره، وهذا ليس فيه بيان الشيء الذي فعله جبريل، وإنما فيه إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بأن جبريل أخبره بالوقت وأنه صلى معه خمس صلوات، ثم قال أبو مسعود : رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل كذا وكذا. أي: مما شاهده وعاينه، ومن المعلوم أن ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مبني على ما علّمه جبريل وبما أوحى الله إليه بعد ذلك فيما فيه زيادة على ما حصل في تعليم جبريل له صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قد جاء في حديث جبريل أنه صلى المغرب وقتاً واحداً،
ولكن جاء من قوله صلى الله عليه وسلم: (وقت المغرب ما لم يغب الشفق -أو: ما لم يحضر وقت العشاء-) فدل ذلك على أن هناك زمناً أطول من الزمن الذي ذكر فيه أنه صلى المغرب عند غروب الشمس في اليومين الأول والثاني، وعلى هذا فحديث أبي مسعود فيه الإخبار بصلاة جبريل به وإخبار جبريل له بوقت الصلاة، ثم إن أبا مسعود أخبر عما شاهده وعاينه من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر حين تزول الشمس) ].
يعني: حين يحصل الزوال، وهو رجوع الفيء من جهة الغرب إلى جهة الشرق، وإن كان شيئاً يسيراً، كما سبق أن مر في حديث ابن عباس أنه مثل شراك النعل. والمهم أنه إذا وجد الزوال وتحقق وجود الفيء وإن كان شيئاً يسيراً فذلك هو بداية صلاة الظهر، ولا يجوز أن تؤدى قبل الزوال، ولو أديت قبل الزوال لكانت باطلة غير صحيحة، ومن صلاها قبل الزوال فتبين له أن الزوال لم يحصل يجب عليه أن يعيدها؛ لأن الصلاة قبل وقتها لا تصح ولا تعتبر. قوله: [ (وربما أخرها حين يشتد الحر) ].
يعني أنه كان يؤخرها إذا اشتد الحر، وقد جاء ذلك من فعله، وجاء من قوله: (إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة -أو عن الصلاة-؛ فإن شدة الحر من فيح جهنم). قوله: [ (ورأيته يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل أن تدخلها الصفرة) ] يعني: لم تقرب من الغروب ولم يتغير لونها، بل لونها على صفائه وعلى بياضه لم يتغير بصفرة للقرب من الغروب، وإنما هي بيضاء في شدة وهجها مع وجود حرارتها، وهذا هو آخر الوقت الاختياري. قوله: [ (فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس) ]. يعني: يمشي إلى ذي الحليفة قبل غروب الشمس، وهذا فيه تقدير بالسير.
قوله: [ (ويصلي المغرب حين تسقط الشمس) ]. يعني: يصلي المغرب حين تغيب وتذهب عن الأبصار، وهو الوقت الذي يحل فيه الأكل للصائم حيث يفطر، ويحل فيه أداء صلاة المغرب. قوله: [ (ويصلي العشاء حين يسود الأفق) ]. يعني: يصلي العشاء حين تذهب حمرة الشفق الذي كان من آثار النهار، ويسود الأفق بالظلام الدامس الذي ليس معه شيء من علامات النهار، والشفق هو الذي يأتي بعد غروب الشمس ويتبعها ويذهب بضوئها شيئاً فشيئاً حتى يأتي الظلام الشديد. قوله: [ (وربما أخرها حتى يجتمع الناس) ]. كان من هديه صلى الله عليه وسلم في العشاء أنه إذا رآهم بكروا وعجلوا بالحضور عجل حتى لا يشق عليهم، وإذا رآهم أخروا أو لم يكتمل حضورهم فإنه يؤخر، وقد جاء في بعض الأحاديث أن وقتها إلى ثلث الليل، وفي بعضها إلى نصف الليل، أي: خروج الوقت الاختياري.
قوله: [ (وصلى الصبح مرة بغلس) ]. يعني: في الظلام بعد طلوع الفجر في أول الوقت. قوله: [ (ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها) ]. يعني: حين وضح النهار وتبين الإسفار. قوله: [ (ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات ولم يعد إلى أن يسفر) ]. يعني أنه كان يحافظ على الصلاة في أول وقتها ولم يعد إلى الإسفار، وإنما فعله في بعض الأحيان لبيان الجواز ولبيان أن ذلك سائغ، ولكن الذي داوم عليه والمعروف من فعله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصليها بغلس.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #116  
قديم 22-02-2022, 10:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (نزل جبريل فأخبرني بوقت الصلاة)

قوله: [حدثنا محمد بن سلمة المرادي ].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري ، ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أسامة بن زيد الليثي ].
أسامة بن زيد الليثي صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة بن الزبير ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، ثقة، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن بشير بن أبي مسعود ].
بشير بن أبي مسعود له رؤية، وقيل: إنه من ثقات التابعين. أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري الأنصاري رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حديث (نزل جبريل فأخبرني بوقت الصلاة ...) من طرق أخرى وتراجم رجال الإسناد

قوله: [ قال أبو داود : روى هذا الحديث عن الزهري معمر و مالك و ابن عيينة و شعيب بن أبي حمزة و الليث بن سعد وغيرهم، لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه ]. أي: روى هذا الحديث عدد من أصحاب الزهري ، وهم: معمر و الليث ، و مالك ، و ابن عيينة ، و شعيب بن أبي حمزة لم يذكروا الوقت ولم يفسروه، أي: لم يبينوا أنه من كذا إلى كذا، وإنما ذكروه مجملاً، لا كما مر في أول الحديث في قوله: [ (صليت معه ثم صليت معه ...) ].
قوله: [روى هذا الحديث عن الزهري معمر ]. معمر هو معمر بن راشد الأزدي البصري ، ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ و ابن عيينة ].
هو سفيان بن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و شعيب بن أبي حمزة ]. هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ و الليث بن سعد ].
هو الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وكذلك -أيضاً- روى هشام بن عروة و حبيب بن أبي مرزوق عن عروة نحو رواية معمر وأصحابه، إلا أن حبيباً لم يذكر بشيراً ]. أي أن هشام بن عروة رواه عن أبيه نحو رواية معمر ، وكذلك حبيب بن أبي مرزوق رواه عن عروة نحو رواية معمر وأصحابه، يعني الذين ذكرهم بعده كما مر ذكرهم، إلا أن حبيباً لم يذكر بشير بن أبي مسعود ، بل رواه عن عروة عن أبي مسعود. [ وكذلك -أيضاً- روى هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. قوله: [و حبيب بن أبي مرزوق ]. حبيب بن أبي مرزوق ثقة، أخرج حديثه الترمذي و النسائي ، وما ذكر رواية أبي داود عنه، ولعل الرواية التي تذكر في التعليقات لا يرمز لرواتها، وإنما يرمز للذين رووا في الأصول.
ذكر روايات متعلقة بمواقيت الصلاة وتراجم رجالها

قوله: [وروى وهب بن كيسان عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المغرب، قال: (ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس -يعني من الغد- وقتاً واحداً)]. رواية وهب بن كيسان عن جابر هي فيما يتعلق بالمغرب، حيث جاءه في اليوم الثاني وصلى به المغرب وقتاً واحداً كما صلى في اليوم والأول. إذاً: رواية جابر رضي الله عنه فيها أن وقت المغرب وقت واحد في اليومين الأول والثاني، وقد عرفنا أنه جاء في الأحاديث ما يدل على أن المغرب ليس وقته واحداً، بل وقته ممتد ما لم يحضر وقت العشاء حين مغيب الشفق. قوله: [ وهب بن كيسان ]. وهب بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال أبو داود : وكذلك روي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثم صلى بي المغرب -يعني من الغد- وقتاً واحداً) ]. هذا الذي جاء عن أبي هريرة هو -كذلك- فيما يتعلق بصلاة المغرب، وأن اليومين اللذين صلى فيهما جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم المغرب كان وقتهما واحداً.
قوله: [ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
قوله: [ وكذلك روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص من حديث حسان بن عطية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. أي: وكذلك روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص مثل الذي جاء عن جابر وعن أبي هريرة ، وهو أن وقت المغرب كان واحداً، وقال: إنه من رواية حسان بن عطية عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قوله: [ من حديث حسان بن عطية ]. حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن شعيب ].
هو عمرو بن شعيب صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، صدوق أيضاً، أخرج له البخاري في جزء القراءة والأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن جده ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وعلى هذا فهؤلاء الثلاثة الذين هم جابر و أبو هريرة و عبد الله بن عمرو بن العاص جاء عنهم ما يدل على أن وقت المغرب واحد. وقد سبق أن مر في حديث ابن عباس أيضاً أنه قال: (وقتاً واحداً)، وقد جاء عن عبد الله بن عمرو بن العاص -وسيأتي-: (أن وقت المغرب ما لم يحضر وقت العشاء -أو ما لم يغب الشفق-).
شرح حديث: (الوقت فيما بين هذين)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود حدثنا بدر بن عثمان حدثنا أبو بكر بن أبي موسى عن أبي موسى رضي الله عنه: (أن سائلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليه شيئاً، حتى أمر بلالاً رضي الله عنه فأقام الفجر حين انشق الفجر، فصلى حين كان الرجل لا يعرف وجه صاحبه، أو أن الرجل لا يعرف من إلى جنبه، ثم أمر بلالاً فأقام الظهر حين زالت الشمس، حتى قال القائل: انتصف النهار. وهو أعلم، ثم أمر بلالاً فأقام العصر والشمس بيضاء مرتفعة، وأمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس، وأمر بلالاً فأقام العشاء حين غاب الشفق، فلما كان من الغد صلى الفجر وانصرف، فقلنا:
أطلعت الشمس؟ فأقام الظهر في وقت العصر الذي كان قبله، وصلى العصر وقد اصفرت الشمس -أو قال: أمسى-، وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وصلى العشاء إلى ثلث الليل، ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ الوقت فيما بين هذين)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن سائلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوقت فلم يجبه بالقول والتفصيل، ولكنه أراد أن يوقفه بالفعل على أوقات الصلاة، فهو تعليم بالفعل، وبعد ذلك قال له:
[ (الوقت بين هذين الوقتين) ] بعد أن صلى معه يومين وشاهد وعاين وعرف الوقت الذي يصلى فيه، فكان بيانه صلى الله عليه وسلم له بالفعل، بحيث يشاهد ويعاين صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت في أوله وفي آخره، ثم بعد ذلك قال له: [ (الصلاة بين هذين الوقتين) ].

وقت الصلوات في اليوم الأول
قوله: [ (أمر بلالاً فأقام الفجر حين انشق الفجر) ]. يعني: في اليوم الأول حين طلع الفجر وبدأ أول الوقت أمره بأن يقيم الصلاة فأقام وصلى. قوله: [ (وصلى حين كان الرجل لا يعرف وجه صاحبه، أو أن الرجل لا يعرف من إلى جنبه) ]. يعني أنه من الظلام كان الرجل لا يعرف وجه صاحبه، حيث صلى مبكراً في أول الوقت.
قوله: [ (ثم أمر بلالاً فأقام الظهر حين زالت الشمس، حتى قال القائل: انتصف النهار) ]. يعني أنه صلى في أول الوقت، وليس معناه الشك أو التردد في كون النهار قد انتصف، ولكن هذا إشارة إلى أنه صلى في أول الوقت. قوله: [ (وهو أعلم) ] المقصود بذلك أنه يعلم أنه قد انتصف النهار، وليس هناك تردد في أنه انتصف أو لم ينتصف؛ لأنه لا يجوز أن تصلى الصلاة في وقت مشكوك فيه، بل الواجب أن يؤتى بالصلاة بعد تحقق دخول الوقت وليس في الشك، وإنما هذا فيه إشارة إلى المبادرة إلى الصلاة في أول الوقت، مثل ما جاء في قضية صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في مزدلفة، حيث قيل في حديثها (هل طلع الفجر -أو أطلع الفجر-) وكذلك قول عائشة :
(كان يصلي ركعتي الفجر حتى أقول: هل قرأ فيهما بأم القرآن؟) وهذه إشارة إلى تقليلها، وليس معنى ذلك الشك في أنه أكمل الفاتحة أو لم يكملها، فهذه العبارات يراد بها الإشارة إلى التقليل. قوله: [ (ثم أمر بلالاً فأقام العصر والشمس بيضاء مرتفعة، وأمر بلالاً فأقام المغرب حين غابت الشمس) ]. يعني أنه صلاهما في أول الوقت. قوله: [ (وأمر بلالاً فأقام العشاء حين غاب الشفق) ]. يعني: حين ذهب ذهبت الحمرة التي بعد غروب الشمس وجاء الظلام الشديد.
وقت الصلوات في اليوم الثاني
قوله: [ (فلما كان من الغد صلى الفجر وانصرف فقلنا: أطلعت الشمس؟) ]. يعني: كادت أن تطلع بعد فراغه من الصلاة، وهذا في آخر الوقت. قوله: [ (فأقام الظهر في وقت العصر الذي كان قبله) ]. يعني أول الوقت، وليس المقصود منه تداخل الوقتين، وإنما المقصود منه أنه بعد انتهاء وقت الظهر دخل وقت العصر؛ لأن الوقتين لا فاصل بينهما، وليس هناك تداخل في الوقت بحيث يكون آخر الظهر وقتاً لصلاة الظهر ولصلاة العصر معاً، بل حين ينتهي وقت صلاة الظهر يدخل مباشرة وقت صلاة العصر بدون فاصل من الوقت بينهما. ومعناه أنه أخر الظهر إلى آخر وقت الظهر الذي يليه مباشرة أول وقت العصر. قوله: [ (وصلى العصر وقد اصفرت الشمس) ]. يعني: في آخر وقتها الذي هو الوقت الاختياري.
قوله: [ (أو قال: أمسى) ]. يعني أنه جاء المساء. قوله: [ (وصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق) ]. يعني: قرب صلاة العشاء؛ لأن وقت العشاء عند مغيب الشفق، وهذا فيه أن المغرب لها وقت طويل. قوله: [ (وصلى العشاء إلى ثلث الليل) ]. يعني: صلى العشاء إلى ثلث الليل، وجاء في بعض الروايات الصحيحة الثابتة أنه إلى نصف الليل، فيكون الوقت الاختياري منتهياً بنصف الليل، ونصف الليل يتحدد بغروب الشمس وطلوع الفجر، ويطول الليل ويقصر، والحد الذي يمكن أن يعرف به مقدار الليل ومقدار نصفه بمقدار المدة التي بين غروب الشمس وطلوع الفجر، فنصفها نصف الليل، سواءٌ أطال الليل أم قصر،
ولا تؤخر عن نصف الليل إلا إذا كان الإنسان مضطراً إلى ذلك بسبب نوم أو نسيان أو غفلة، وإلا فلا يجوز للإنسان أن يتعمد تأخيرها عن نصف الليل الذي هو آخر الوقت الاختياري. قوله: [ (ثم قال: أين السائل عن وقت الصلاة؟ الوقت فيما بين هذين) ]. أي: لما سأل ذلك السائل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجبه بتفصيل وبيان لفظي أراد أن يوقفه على ذلك بالفعل، وصلى معه يومين، ففي اليوم الأول صلى في أول الوقت، وفي اليوم الثاني صلى في آخر الوقت، ثم قال له: (الوقت فيما بين هذين الوقتين).

تراجم رجال إسناد حديث: (الوقت فيما بين هذين)
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا عبد الله بن داود ].
هو عبد الله بن داود الخريبي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا بدر بن عثمان ].
بدر بن عثمان ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجه في التفسير.
[ حدثنا أبو بكر بن أبي موسى ].
أبو بكر بن أبي موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى ].
هو أبو موسى الأشعري ، واسمه عبد الله بن قيس الأشعري ، صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
طريق أخرى عن جابر في المواقيت، وتراجم رجال إسنادها

[ قال أبو داود : روى سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب بنحو هذا، قال: (ثم صلى العشاء)، قال بعضهم: إلى ثلث الليل، وقال بعضهم: إلى شطره) ]. قوله: [ في المغرب بنحو هذا ]. يعني أنه صلى المغرب قبل أن يغيب الشفق، وهذا يدل على أن لها وقتاً طويلاً. قوله: [ (وقال بعضهم: إلى شطره) ]. يعني: نصف الليل. قوله: [ روى سليمان بن موسى ]. هو سليمان بن موسى الأشدق ، صدوق في حديثه بعض لين، أخرج حديثه مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر قد مر ذكره. قوله: [ وكذلك روى ابن بريدة رضي الله عنه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. يعني: روى ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما تقدم في وقت المغرب ووقت العشاء. وقوله: [ ابن بريدة ] لا أدري هل هو عبد الله أو سليمان ، و عبد الله و سليمان كل منهما ثقة، إلا أن عبد الله أخرج له أصحاب الكتب الستة، و سليمان أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو بريدة بن الحصيب الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن قتادة سمع أبا أيوب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفر الشمس، ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق، ووقت العشاء إلى نصف الليل، ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وفيه بيان أواخر الأوقات، و بقوله صلى الله عليه وسلم: [ (وقت الظهر ما لم تحضر العصر) ]. يعني أن وقت الظهر متصل بوقت العصر، فإذا انتهى وقت الظهر دخل وقت العصر، فالوقتان متصلان وليسا متداخلين. قوله: [ (ووقت العصر ما لم تصفر الشمس) ].
يعني أن الوقت الاختياري ما لم تصفر الشمس، أي: ما دامت بيضاء مرتفعة نقية قبل أن يحصل اصفرارها وتغير لونها، فهذا هو آخر الوقت الاختياري للعصر. قوله: [ (ووقت المغرب ما لم يسقط فور الشفق) ]. فور الشفق شدته، وهو الحمرة. قوله: [ (ووقت العشاء إلى نصف الليل) ]. هذا هو آخر الوقت الاختياري. قوله: [ (ووقت صلاة الفجر ما لم تطلع الشمس) ]. يعني: إلى طلوع الشمس. فهذا بيان أواخر الأوقات.
معنى أثر: (لا يستطاع العلم براحة الجسد)
هذا الحديث في مواقيت الصلاة رواه مسلم في صحيحه من عدة طرق من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، ثم بعد ذلك روى أثراً بإسناده عن يحيى بن يحيى التميمي عن عبد الله بن يحيى بن أبي كثير اليمامي قال: سمعت أبي يقول: (لا يستطاع العلم براحة الجسم). فهذا الأثر جاء في كتاب الصلاة عند ذكر المواقيت، وبعد ذكر الطرق المتعددة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في بيان الأوقات. قال النووي في الشرح: ولعل مسلماً لما رأى هذه الطرق المتعددة لحديث عبد الله بن عمرو تذكر أن العناية بالعلم والاشتغال به وتحصيل الطرق الكثيرة إنما يحصل بالتعب والنصب والمشقة روى هذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير حيث قال:
لا يستطاع العلم براحة الجسم. يعني: من أراد أن يحصل علماً فإنه لن يحصله بالإخلاد إلى الراحة وبالكسل والخمول، وإنما يحصله بالجد والاجتهاد ويحصله بالنصب والتعب، كما يقولون: ملء الراحة لا يدرك بالراحة. أي أن الشيء القليل لا يحصل بدون مقابل وبدون بذل جهد وبدون جد واجتهاد، فلا بد من النصب ومن التعب، ولا بد من المشقة، فمن أراد أن يحصل شيئاً فليبذل أشياءً، ومن أراد أن يحصل العلم فليبذل النفس والنفيس، ويشغل الوقت بالتحصيل ويجد ويجتهد، وبذلك يحصل العلم، ويقول الشاعر: لولا المشقة ساد الناس كلهو الجود يفقر والإقدام قتال فقوله: (لولا المشقة) يعني: لولاها لصار كل الناس سادة، وإذا كان السؤدد يحصل بدون تعب ومشقة فلن يبقى أحد غير سيد، بل كل يصير سيداً، لكن لما كان السؤدد لا يحصل إلا بالمشقة وليس كل واحد يصبر على المشقة تميز بذلك من هو سيد ومن ليس بسيد، وتميز بذلك من يكون سيداً ومن يكون مقدماً ومرجعاً يستفاد منه، وكل ذلك لا يحصل إلا بالتعب والنصب والمشقة: وقوله: (الجود يفقر) يعني أن الإنسان عندما يكون عنده المال يخشى الفقر فلا يبذل،
فليس كل واحد يصبر على هذا ويقدم على هذا؛ لأن من الناس من يكون عنده المال ولكنه يمسكه خشية الفقر. وقوله: (والإقدام قتال) أي أن الإقدام في الوغى فيه الموت، وليس كل واحد يعرض نفسه للموت. والحاصل أن هذا الأثر عن يحيى بن أبي كثير اليمامي رحمة الله عليه يدل على أن تحصيل العلم لا يحصل إلا بالتعب، ومن المعلوم أن من عرف بالعلم من المتقدمين الذين خلد الله ذكرهم ونفع الله بعلمهم وبمؤلفاتهم ما حصلوا ما حصلوا إلا بتعب ونصب ومشقة، وما خلفوا ما خلفوا من التراث والعلم إلا بتعب ونصب ومشقة، ويختلف التعب في ذلك الزمن والنصب والمشقة عن هذا الزمن؛ إذ ما كان عند الناس وسائل الراحة، وما كان عندهم تصوير الكتب، وليس عندهم المطابع، وإنما يعولون على الكتابة ويكتبون بأيديهم، ومع الكتابة مقابلة،
حتى يتحقق بأن الفرع مطابق للأصل، ومع ذلك كتبوا هذه الكتب العظيمة الواسعة الكثيرة التي لا نستطيع أن نقرأها مجرد قراءة، وهم قاموا بجمعها وترتيبها وتنظيمها وتدقيقها وتحقيقها، وأعمارهم مثل أعمارنا، فلم تكن عندهم أعمار طويلة بذلوها في ذلك، لكن ليس إلا التوفيق من الله عز وجل، والجد والاجتهاد وبذل الوسع والنفس والنفيس، بل إن منهم من ألف المؤلفات وخلف من العلم الواسع وعمره ليس بطويل، كما ذكروا عن أبي بكر الحازمي أنه توفي وعمره خمس وثلاثون سنة، وعنده المؤلفات العظيمة الكثيرة، منها: (كتاب الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار)، ومنها: (شروط الأئمة الخمسة)، وله كتب متعددة.
قال عنه الذهبي لما ذكره في كتابه: (من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) مات وعمره خمس وثلاثون سنة، مات شاباً طرياً. ومثله في المعاصرين الشيخ حافظ الحكمي رحمة الله عليه، مات وعمره خمس وثلاثون سنة وعنده المؤلفات الواسعة نظماً ونثراً في الفقه وفي العقيدة وفي المصطلح وفي الحديث، وكذلك الإمام النووي له المؤلفات الواسعة، منها المجموع، وهو من أوسع كتب الفقه، أي: من الكتب التي جمعت فقه الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، فكتابه (المجموع شرح المهذب)،
وكتاب المغني لابن قدامة من أوسع الكتب التي تعنى بالفقه وجمع كلام الفقهاء من صحابة وتابعين وغيرهم، والمجموع هو كتاب واسع، ولم يتمه، وله المؤلفات الكثيرة الواسعة، ومات وعمره خمس وأربعون سنة. وكذلك الإمام الشافعي مات وعمره أربع وخمسون سنة، وكذلك عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه معروف في فضله وفي علمه وفي عدله، ومات وعمره أربعون سنة. فالحاصل أن العلم يحصل بالجد والاجتهاد، والأمر كما قال يحيى بن أبي كثير اليمامي : لا يستطاع العلم براحة الجسم.
تراجم رجال إسناد حديث: (وقت الظهر ما لم تحضر العصر...)
قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ].
هو عبيد الله معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[ حدثنا أبي ].
أبوه هو معاذ بن معاذ العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمع أبا أيوب ].
أبو أيوب هو يحيى بن مالك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره، والله تعالى أعلم."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #117  
قديم 22-02-2022, 10:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [061]
الحلقة (92)

شرح سنن أبي داود [061]


في هذه الأحاديث بيان وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم للصلوات الخمس، وأنه كان يراعي حال الناس ولا يشق عليهم، فكان في العشاء إذا تأخروا عنها أخر حتى يجتمعوا، وإن تقدموا وكثروا عجل بها، وكان يصلي الفجر في الغلس، وكان يصلي الظهر في أول وقتها بعد الزوال ويبرد بها ويأمر بذلك في شدة الحر، وكان يصلي العصر في أول وقتها والشمس حية، وكان يصلي المغرب في أول وقتها فينصرف الصحابة وإن أحدهم ليرى موضع نبله من التبكير بها، فعلى العبد أن يعلم هذه المواقيت وأن يبادر بالصلاة في أول وقتها ليحصل له الأجر الجزيل من الله تعالى.
وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصليها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصليها. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن عمرو -وهو ابن الحسن بن علي بن أبي طالب - قال: (سألنا جابراً عن وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كان يصلي الظهر بالهاجرة، والعصر والشمس حية، والمغرب إذا غربت الشمس، والعشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا أخر، والصبح بغلس) ]. قوله: [ باب: في وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف كان يصليها ] هذه الترجمة تتعلق بالأوقات، والمصنف رحمه الله على طريقته في ذكر التراجم المختلفة واختيارها وإيراد الأحاديث تحتها أتى بهذه الترجمة، وهي تتعلق بالأوقات، وكان يمكن أن تدخل تحت ما تقدم في أوقات الصلاة؛ لأن الأحاديث مشتملة على أوقات الصلاة،
ولكن لأنه جاء فيها ذكر وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالترجمة من أجل ذلك، وإلا فإنها مثل الترجمة السابقة المتعلقة بمواقيت الصلاة. وأورد أبو داود رحمه الله حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أنه سأله محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب عن وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقال(كان يصلي الظهر بالهاجرة) يعني: في وسط النهار عندما تزول الشمس. قوله: (والعصر والشمس حية) يعني: بيضاء نقية من شدة وهجها وصفاء لونها.
قوله: (والمغرب إذا غربت الشمس). يعني: إذا غربت الشمس وغاب قرصها فإنه يصليها، وهذا أول وقتها. قوله: (والعشاء إذا كثر الناس عجل). يعني: إذا كثر الناس بعد دخول وقتها -هو مغيب الشفق- عجل. قوله: (وإذا قلوا أخر) يعني: لانتظارهم، وذلك لأن وقتها موسع، وتأخيرها ورد ما يدل على فضله، فكان إذا كثروا عجل حتى لا يشق عليهم، وإذا قلوا فإنه يؤخرها قليلاً. قوله: (والصبح بغلس). يعني: في الظلام بعد طلوع الفجر في أول وقتها.

تراجم رجال إسناد حديث: (سألنا جابراً عن وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ...)
قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ].
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن إبراهيم ].
عن سعد بن إبراهيم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمرو ].
هو محمد بن عمرو بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[ قال: سألنا جابراً ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن أبي المنهال عن أبي برزة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس، ويصلي العصر وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس حية، ونسيت المغرب، وكان لا يبالي تأخير العشاء إلى ثلث الليل.
قال: ثم قال: إلى شطر الليل. قال: وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها، وكان يصلي الصبح وما يعرف أحدنا جليسه الذي كان يعرفه، وكان يقرأ فيها من الستين إلى المائة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه في بيان وقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس) ]. يعني: عندما يوجد الزوال في أول وقتها. قوله: (ويصلي العصر وإن أحدنا ليذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس حية). يعني: أنه يصليها في أول وقتها ويذهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس حية. يعني أنه ما زال وقت العصر موجوداً. قوله: (قال: ونسيت المغرب). يعني أنه نسي الوقت الذي كان يصليها فيه، والذي نسب إليه النسيان هو أحد الرواة، وهو أبو المنهال سيار بن سلامة كما جاء في بعض الروايات. قوله: (قال: وكان لا يبالي تأخير العشاء إلى ثلث الليل). يعني أنه كان يستحب تأخيرها، ولكن خشية أن يشق على الناس كان إذا رآهم كثروا عجل. قوله: (قال: ثم قال: إلى شطر الليل).
يعني: إلى نصف الليل، وشطر الليل الذي هو نصفه هو حد الوقت الاختياري لصلاة العشاء، ونصف الليل يكون تقديره بمعرفة وقت الغروب ووقت طلوع الفجر، ومجموع ما بين هذين الوقتين نصفه هو منتصف الليل. قوله: (قال: وكان يكره النوم قبلها). يعني: قبل صلاة العشاء، وذلك لأن النوم قبلها يؤدي إلى تفويت صلاة العشاء، إما تفويتها بأن يخرج وقتها الاختياري، أو تفويت صلاة الجماعة.
قوله: (والحديث بعدها) يعني السمر والحديث بعدها إذا كان لغير فائدة ولغير مصلحة، كعلم أو أمر فيه مصلحة تعود على الناس بالخير، فإذا كان الأمر كذلك فإنه لا بأس، لكن المهم هو أن لا يكون ذلك سبباً في التأخر عن صلاة الفجر، وذلك بأن ينام ثم لا يقوم لصلاة الفجر، فإذا كان الأمر كذلك فإن الحديث بعدها ولو كان في أمر مستحب لا يسوغ؛ لأن الاشتغال بما هو نافلة إذا كان سيفوت فريضة لا يجوز. وقد قال بعض أهل العلم: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور. بمعنى أن الإنسان بعد صلاة العشاء لو كان في أمر مستحب من علم أو مصلحة عامة وكان ذلك يؤدي إلى فوات الفجر فإن ذلك لا يجوز، بل على الإنسان أن ينام مبكراً حتى يستيقظ مبكراً ويؤدي صلاة الفجر في وقتها مع جماعة المسلمين. قوله: (وكان يصلي الصبح وما يعرف أحدنا جليسه الذي كان يعرفه).
يعني أنه يدخل في الصلاة مبكراً ويخرج منها وقد حصل الإسفار، بحيث يحصل معرفة الإنسان جليسه الذي كان يعرفه. قوله: (وكان يقرأ فيها من الستين إلى المائة). يعني: كان يقرأ فيها من ستين آية إلى مائة آية.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس...)
قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].
هو حفص بن عمر بن الحارث بن سخبرة، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي .
[ حدثنا شعبة عن أبي المنهال ].
شعبة قد مر ذكره، و أبو المنهال هو سيار بن سلامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي برزة ].
هو أبو برزة الأسلمي، وهو نضلة بن عبيد الأسلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا من الأسانيد الرباعية، فبين أبي داود ورسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أربعة أشخاص، وهم: حفص بن عمر ، و شعبة ، وأبو المنهال ، و أبو برزة الأسلمي .
وقت صلاة الظهر


شرح حديث: (كنت أصلي الظهر مع رسول الله فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفي...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت صلاة الظهر. حدثنا أحمد بن حنبل و مسدد قالا: حدثنا عباد بن عباد حدثنا محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارث الأنصاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كنت أصلي الظهر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفي أضعها لجبهتي أسجد عليها لشدة الحر) ]. قوله: [ باب: في وقت صلاة الظهر ].
لما ذكر فيما مضى جملة من الأحاديث التي فيها ذكر الصلوات الخمس وبيان مواقيتها ابتداء وانتهاء، ثم ذكر وقت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وذكر جملة من الأحاديث بدأ بذكر الأبواب لكل صلاة من الصلوات الخمس، فبدأ بالظهر، وختم بالفجر، وبدأ بالظهر لأن جبريل حين أم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات الخمس بدأ بالظهر وختم بالفجر، وذلك بعد أن عرج برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء وفرضت عليه الصلوات الخمس، فنزل جبريل في وقتها وبدأ بها، حيث صلى في اليوم الأول في أول الوقت وفي اليوم الثاني صلى في آخر الوقت بدءاً بالظهر وختماً بالفجر، فهذا هو السبب الذي جعل العلماء عندما يذكرون الصلوات يبدءون بالظهر فيقدمونها على غيرها، ولا يبدءون بالفجر مع أن الفجر هي أول صلوات النهار، ولا يبدءون بالمغرب مع أنها أول صلوات الليل، وإنما يبدءون بالظهر لأنها هي أول ما صلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم من الصلوات. ثم بعد ذلك أورد بعض الأحاديث في وقت صلاة الظهر،
فأورد حديث جابر رضي الله تعالى عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم وكانت الأرض شديدة الحرارة، وكان يشق عليهم السجود على الأرض، فكان يأخذ قبضة من الحصباء ويقبض عليها بيده حتى تبرد وتذهب حرارتها ثم يلقيها في موضع سجوده، وذلك لتخف عليه الحرارة؛ لأنه إذا سجد والحرارة شديدة يشغله ذلك عن الصلاة وعن الخشوع في الصلاة، فكان يفعل ذلك، وقد جاء في بعض الأحاديث أنهم كانوا يسجدون على أطراف ثيابهم يتقون حرارة الشمس.
تراجم رجال إسناد حديث: (كنت أصلي الظهر مع رسول الله فآخذ قبضة من الحصى لتبرد في كفي...)
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].
هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ و مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا عباد بن عباد ].
هو عباد بن عباد المهلبي، ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن عمرو ].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن الحارث الأنصاري ].
سعيد بن الحارث الأنصاري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ].
جابر بن عبد الله قد مر ذكره.

شرح حديث: (كانت قدر صلاة رسول الله في الصيف ثلاثة أقدام...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبيدة بن حميد عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق عن كثير بن مدرك عن الأسود أن عبد الله بن مسعود قال: (كانت قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام إلى سبعة أقدام) ]. قوله: (كانت قدر صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام). يعني: كان يصلي الظهر عليه الصلاة والسلام في الصيف من ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء من خمسة إلى سبعة؛ لأن الظل يطول في الشتاء ويقصر في الصيف.
تراجم رجال إسناد حديث: (كانت قدر صلاة رسول الله في الصيف ثلاثة أقدام...)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا عبيدة بن حميد ].
عبيدة بن حميد صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبي مالك الأشجعي سعد بن طارق ].
أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن كثير بن مدرك ].
كثير بن مدرك وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي .
[ عن الأسود ].
هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو صحابي مشهور، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (... إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)
قال المصنف رحمه الله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا شعبة أخبرني أبو الحسن -قال أبو داود : أبو الحسن هو مهاجر - قال: سمعت زيد بن وهب يقول: سمعت أبا ذر يقول: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد المؤذن أن يؤذن الظهر فقال: أبرد. ثم أراد أن يؤذن فقال: أبرد. مرتين أو ثلاثاً، حتى رأينا فيءَ التلول، ثم قال: إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه، وهو يتعلق بالإبراد بصلاة الظهر في شدة الحر، وذلك بأن تؤخر ولا تصلى في أول الوقت، وعلى هذا فإن الظهر تصلى في أول وقتها إلا إذا اشتد الحر فإنه يبرد بها، وكذلك العشاء تصلى في أول وقتها إلا أنه إذا أمكن أن تؤخر ولم يكن هناك مشقة فلا بأس، وبقية الصلوات تصلى في أول وقتها، فالفجر في أول وقتها، والعصر في أول وقتها، والمغرب في أول وقتها، والتأخير إنما جاء للعشاء وللظهر.
وحديث أبي ذر رضي الله عنه جاء في أن المؤذن أراد أن يؤذن كالعادة في أول الوقت، فقال له صلى الله عليه وسلم: [ (أبرد) ] يعني: أخر الأذان حتى يحصل الإبراد وتخف الحرارة. قوله: (حتى رأينا فيء التلول) التلول هي الرمال المنبطحة التي ليست قائمة كالجدار، ومن المعلوم أن ظلها إذا وجد فمعناه أنه مضى شيء من الوقت؛ لأن الذي يأتي ظله بسرعة هو القائم كالجدار، وأما التلول -وهي الكثير من الرمل وشبهه- فإنه لا يأتي ظلها إلا بعد وقت طويل. قوله: (إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة) يعني أنها تؤخر عن أول وقتها الذي فيه شدة الحرارة وكون الشمس على الرءوس حتى تميل بعد ذلك، والإبراد بها حتى تخف الحرارة عن الناس أمر مطلوب. قوله: (إن شدة الحر من فيح جهنم) فسر هذا القول بتفسيرين: أحدهما: أن ذلك حقيقة، وأن هذا الذي يوجد من شدة الحر إنما هو من جهنم، وما يوجد من شدة البرودة في الشتاء إنما هو من زمهرير جهنم.
وقيل: إن المقصود من ذلك التشبيه، أي أن ذلك يشبه فيح جهنم، وهو ما يظهر وينتشر، فإن ذلك فيه حرارة كما أن ذاك فيه حرارة، لكن -كما هو معلوم- قد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نار جهنم أعظم من نار الدنيا بسبعين مرة، بمعنى أن النار التي عند الناس في هذه الحياة الدنيا جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم في الحرارة، أي أن حرارتها في غاية الشدة وفي أعلى ما يكون من الشدة، وإذا كانت هذه النار التي في الدنيا يشاهدها الناس جزءاً من سبعين جزءاً من نار جهنم فكيف تكون نار الآخرة مع أنها تعدل سبعين ضعفاً بنار الدنيا؟!
تراجم رجال إسناد حديث: (...إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة)
قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ].
هو هشام بن عبد الملك، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ]. شعبة مر ذكره.
[ أخبرني أبو الحسن -قال أبو داود : أبو الحسن هو مهاجر- ].
أبو الحسن مهاجر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ سمعت زيد بن وهب ].
زيد بن وهب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت أبا ذر ].
هو أبو ذر الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه جندب بن جنادة ، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
طريق أخرى لحديث: (إذا ا شتد الحر فأبردوا بالصلاة...) وتراجم رجال إسنادها
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الهمداني و قتيبة بن سعيد الثقفي أن الليث حدثهما عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب و أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة -قال ابن موهب: بالصلاة، فإن شدة الحر من فيح جهنم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة، وهو مثل حديث أبي ذر المتقدم، وذكره عن شيخين: أحدهما يزيد بن خالد بن موهب، والثاني قتيبة بن سعيد، وأحدهما قال: (فأبردوا عن الصلاة) وهو قتيبة ، والثاني قال: (فأبردوا بالصلاة) وهو ابن موهب .
قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الهمداني ].
يزيد بن خالد بن موهب الهمداني ، أبو داود رحمه الله أحياناً يذكره ويقلل نسبه، وأحياناً يطوله، كما سبق أن مر في بعض الأحاديث أنه قال: (حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن يزيد بن موهب الهمداني)
وهنا قال: [حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني]
وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن الليث حدثهما ].
هو الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهو من الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة.
[ وأبي سلمة ]
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وعلى هذا فالإسناد فيه واحد من الفقهاء السبعة باتفاق، وواحد من الفقهاء السبعة على قول في السابع منهم،
وهو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف .
[عن أبي هريرة ] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
شرح حديث: (أن بلالاً كان يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما (أن بلالاً رضي الله عنه كان يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس) ]. أورد المصنف رحمه الله حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه [(أن بلالاً كان يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس) ] يعني: إذا زالت الشمس.. فالمقصود بالدحوض هنا الزوال، يعني أنه كان يؤذن في أول وقتها.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن بلالاً كان يؤذن الظهر إذا دحضت الشمس)
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سماك بن حرب ].
سماك بن حرب صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن جابر بن سمرة ].
جابر بن سمرة رضي الله عنه حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والإسناد رباعي، حيث يروي فيه موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة.
وقت صلاة العصر


شرح حديث: (أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية...) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت صلاة العصر. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه أخبره: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية، ويذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب: في وقت صلاة العصر ] وفيه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس بيضاء مرتفعة حية، ويذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة)] يعني أنه كان في العصر يذهب الذاهب إلى أقصى المدينة ويرجع والشمس مرتفعة. قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك هو خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والباقون مر ذكرهم.
شرح أثر الزهري في مقدار مسافة العوالي ومكانها وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال: والعوالي على ميلين أو ثلاثة. قال: وأحسبه قال: أو أربعة ]. ذكر في الحديث السابق العوالي، وأن الرجل عندما كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر قد يذهب بعدها إلى العوالي والشمس مرتفعة، فأراد الزهري أن يبين مقدار مسافة العوالي، والعوالي هي أعلى المدينة من جهة نجدها، أي: من جهة الأماكن العالية؛ لأن النجد المقصود به المكان المرتفع، وهو في الجهة الشرقية الجنوبية، وتهامتها أسفلها الذي في الجهة الشمالية الغربية، فبين الزهري مقدار مسافة العوالي أنها على ميلين أو ثلاثة من المدينة. قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري مر ذكره.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #118  
قديم 22-02-2022, 10:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح أثر خيثمة في معنى (والشمس حية) وتراجم رجال إسناده
قال المصنف رحمه الله تعالى:[ حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير عن منصور عن خيثمة قال: حياتها أن تجد حرها ]. أورد المصنف أثراً عن خيثمة بن عبد الرحمن ، وقد أورد أولاً أثراً عن الزهري بين فيه مسافة العوالي، ثم أورد أثراً عن خيثمة بين فيه معنى (والشمس حية)، حيث قال: [حياتها أن تجد حرها] يعني أن تكون الحرارة موجودة.
قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ].
يوسف بن موسى صدوق أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خيثمة ].
هو خيثمة بن عبد الرحمن، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي قال: قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب: قال عروة : (ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة>(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر) أي: أنها لم ترتفع، وذلك أنه كان يصليها في أول وقتها، وكانت الحجرة صغيرة وجدرانها قصيرة، فكانت الشمس تدخلها ثم يصلي العصر والشمس لم ترتفع منها.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر)
قوله: [ حدثنا القعنبي ].
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ قال: قرأت على مالك بن أنس ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب مر ذكره.
[ قال عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ ولقد حدثتني عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (قدمنا على رسول الله المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير حدثنا محمد بن يزيد اليمامي حدثني يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه عن جده علي بن شيبان قال: [(قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن شيبان رضي الله عنه الذي قال فيه: (قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية) يعني أنه عليه الصلاة والسلام كان يؤخر العصر ما لم تصفر الشمس؛ لأنه إذا جاءت الصفرة فإنه يبدأ الوقت الاضطراري، وكون الشمس بيضاء نقية هو الوقت الاختياري.
تراجم رجال إسناد حديث: (قدمنا على رسول الله المدينة فكان يؤخر العصر ما دامت الشمس بيضاء نقية)
قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري ].
محمد بن عبد الرحمن العنبري ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير ].
إبراهيم بن أبي الوزير صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن يزيد اليمامي ].
محمد بن يزيد اليمامي مجهول، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثني يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان ].
يزيد بن عبد الرحمن بن علي بن شيبان مجهول أيضاً، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عبد الرحمن بن علي بن شيبان، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و ابن ماجة .
[ عن جده علي بن شيبان ].
علي بن شيبان رضي الله عنه هو صحابي، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و ابن ماجة.
شرح حديث: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة و يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: حبسونا) أي: المشركون من الأحزاب الذين تجمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه. قوله: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر) هذا فيه بيان أن الصلاة الوسطى هي العصر، وهي التي ورد الحديث فيها ثابتاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها العصر، وهناك أقوال بأنها الظهر وبأنها العصر وبأنها العشاء وبأنها مجموع الصلوات، ولكن أصحها هو الذي جاء في هذا الحديث أنها صلاة العصر. قوله: (ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً) هذا دعاء عليهم بأن يصيبهم العذاب في الدنيا وفي الآخرة.
تراجم رجال إسناد حديث: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر...)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. مر ذكره.
[ حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ].
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ و يزيد بن هارون ]. هو يزيد بن هارون الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن حسان ].
هشام بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن سيرين ].
محمد بن سيرين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيدة ].
هو عبيدة بن عمرو السلماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة رضي الله عنها أنه قال: (أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً، وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]. فلما بلغتها آذنتها، فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين. ثم قالت عائشة : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها الذي فيه: أنها أملت على مولاها: (فأملت علي: حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين). وذلك أن عائشة أمرت مولاها أبا يونس أن يكتب لها مصحفاً، وأمرته إذا وصل إلى قوله تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] بأن يخبرها، فلما وصل إلى الآية أعلمها فأملت عليه وأضافت [ (وصلاة العصر) ] وهذا فيه التنصيص على صلاة العصر والقيام لها، وقالت: إنها سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن هذه القراءة شاذة وليست متواترة، والذي أثبت في المصحف: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ [البقرة:238].

تراجم رجال إسناد حديث: (حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا لله وصلاة العصر قانتين...)
قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن القعقاع بن حكيم ].
القعقاع بن حكيم وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي يونس مولى عائشة ].
أبو يونس مولى عائشة ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ أمرتني عائشة ]. عائشة قد مر ذكرها.
شرح حديث: (كان رسول الله يصلي الظهر بالهاجرة...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثني محمد بن جعفر حدثنا شعبة حدثني عمرو بن أبي حكيم قال: سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشدَّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها؛ فنزلت: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه الذي فيه: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة، ولم يكن يصلي صلاة أشدّ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها). يعني أنه لم تكن صلاة أشد على أصحاب الله صلى الله عليه وآله وسلم منها؛ لأنها في وقت شدة الحرارة.
قوله: (فنزلت: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، وقال: قبلها صلاتين وبعدها صلاتين). هذا يفهم منه أن الصلاة الوسطى هي الظهر، لكن الذي ثبت النص فيها هي صلاة العصر، كما في الحديث الذي سبق أن مر، وهو قوله: (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر) وهذا ليس فيه تنصيص على أنها صلاة الظهر، بل هي صلاة العصر، ولكن السياق قد يفهم منه ذلك. قوله: (قبلها صلاتين وبعدها صلاتين) إذا كان المقصود بذلك الظهر فإن قبلها صلاة نهارية وهي الفجر؛ لأنها من النهار، والنهار يبدأ بطلوع الفجر، وصلاة ليلية، وهي العشاء، وبعدها صلاة نهارية، وهي العصر، وصلاة ليلية، وهي المغرب؛
لأنها في أول الليل بعد غروب الشمس، لكن الوسطى هي صلاة العصر. ولعل المقصود بكونها وسطى الإشارة إلى تعظيم شأنها وأنها فضلى، وأنها أفضل من غيرها وأعظم من غيرها، أو أنها الصلاة الوسطى بعد فرض الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم بالليل، لأنه يكون قبلها صلاتان وبعدها صلاتان، قبلها الفجر والظهر وبعدها المغرب والعشاء، فهي الوسطى بالنسبة للصلوات بعد الفرض، ولكن عرفنا أن جبريل ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم إلا في الظهر.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يصلي الظهر بالهاجرة...)
قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ].
هو محمد بن المثنى العنزي الملقب بالزمن أبو موسى البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثني محمد بن جعفر ].
هو محمد بن جعفر الملقب غندر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة مر ذكره.
[ حدثني عمرو بن أبي حكيم ]
عمرو بن أبي حكيم ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي .
[ سمعت الزبرقان ].
هو الزبرقان بن عمرو وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ عن عروة بن الزبير ].
عروة بن الزبير مر ذكره.
[ عن زيد بن ثابت ].
زيد بن ثابت رضي الله عنه، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن الربيع حدثني ابن المبارك عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس عن أبي هريرة رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك، ومن أدرك من الفجر ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك) ]. هذا الحديث فيه بيان لآخر وقت العصر وآخر وقت الفجر، ووقت العصر هنا هو الوقت الاضطراري، فالإنسان إذا أدرك ركعةً قبل أن تغرب الشمس يكون قد أدرك وقت صلاة العصر، ويصلي بعدها ثلاثاً. قوله: (ومن أدرك ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك) يعني أنه أدرك صلاة الفجر مؤداة، ويضيف إليها أخرى.
تراجم رجال إسناد حديث: (من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك...)
قوله: [ حدثنا الحسن بن الربيع ].
الحسن بن الربيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني ابن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ]. معمر مر ذكره.
[ عن ابن طاوس ]. هو عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ] هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم،
وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره.
شرح حديث: (تلك صلاة المنافقين...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه قال: (دخلنا على أنس بن مالك بعد الظهر فقام يصلي العصر، فلما فرغ من صلاته ذكرنا تعجيل الصلاة -أو ذكرها- فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين، تلك صلاة المنافقين؛ يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان -أو على قرني الشيطان- قام فنقر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً) ].
أورد المصنف حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان عنده جماعة بعد الظهر وقام لصلاة العصر في أول وقتها، فلما ذكروا التعجيل أشار إلى أن التعجيل هو الذي ينبغي؛ لأن فيه المبادرة إلى إبراء الذمة، وأما التأخير إلى أن يخرج الوقت الاختياري ويبدأ الوقت الاضطراري الذي هو عند اصفرار الشمس فقال عنه:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (تلك صلاة المنافقين) يعني: الذين يفرطون ويقصرون ويخرجون الصلاة عن وقتها، فإذا اصفرت الشمس وكانت قريبة من الغروب قام الواحد منهم ونقر صلاة العصر أربعاً لا يذكر الله فيها إلا قليلاً. قوله: (يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس فكانت بين قرني شيطان). فسر هذا بأن الشيطان يكون عند غروبها مقارناً لها؛ ليكون سجود من يسجد لها له، ومن المعلوم أن من يعبد غير الله إنما يعبد الشيطان، وعبادته عبادة لغير الله عز وجل، والذين يعبدون الشمس هم يعبدون غير الله، ولكنه يريد من الذين يسجدون للشمس أن يكون سجودهم له، ولهذا جاء النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند قيامها في الظهيرة وعند غروبها، وذلك لأنها تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان، ففسر ذلك بهذا، وفسر بغير هذا أيضاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (تلك صلاة المنافقين...)
قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن ].
العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن.
[ دخلنا على أنس بن مالك ]. قد مر ذكره، والحديث رباعي.
شرح حديث: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر الذي فيه: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)، يعني: سلبهم وأخذوا منه وبقي وحيداً فرداً ليس له أهل ولا مال، ومعنى هذا أنه كما أن المرء يحذر من أن يفقد أهله وماله، ويهمه ذلك كثيراً، فعليه أن يحذر من أن يتهاون بصلاة العصر حتى تفوته.
والمقصود هو إما أن تفوته بخروج وقتها الاختياري، وإما أن تفوته بخروج وقتها الاضطراري. ويمكن أن يكون المقصود أنه تفوته صلاة الجماعة.
تراجم رجال إسناد حديث: (الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)
قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك ].
عبد الله بن مسلمة ومالك مر ذكرهما.
[ عن نافع ] هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ] هو عبد الله بن عمر بن الخطاب، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة من الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
اختلاف الرواة في لفظة (وتر) وتراجم رجال الإسناد
[ قال أبو داود : وقال عبيد الله بن عمر أوتر) واختلف على أيوب فيه، وقال الزهري : عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وتر) ] قوله: (أوتر) هو بدل (وتر)، وجاء بحذف الواو (أتر)، وهي مثل: (أقت) و(وقت)، و(أرخ) و(ورخ)، و(أكد) و(وكد)، فالهمزة تأتي بدل الواو. قوله: [ عبيد الله بن عمر ].
هو عبيد الله بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ واختلف على أيوب فيه ]. أي: أيوب السختياني اختلف عليه فيه، فروي عنه (أوتر) وروي عنه (وتر) بالهمزة وبالواو، فجاء عنه هذا وجاء عنه هذا. قوله: [ وقال الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وتر) ]. قوله: [ (وتر) ] بالواو، والمقصود من هذا ترجيح رواية (وتر) على (أتر)؛ لأن الرواة لها أكثر. وقوله: [ عن سالم ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح أثر الأوزاعي في تفسير فوات صلاة العصر
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد قال: قال أبو عمرو -يعني الأوزاعي -: وذلك أن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن الأوزاعي في تفسير الفوات؛ لأن قوله: [ وذلك ] أي: فوات العصر. قوله: [ بأن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ]. يعني أنه يصفر ما تقع عليه الشمس من الأرض، والمقصود من ذلك فوات الوقت الاختياري لصلاة العصر، بحيث تصلى في حال اصفرار الشمس بعد خروج وقتها الاختياري، فيكون ما جاء في الحديث من بيان الخسارة الفادحة والمضرة الكبيرة التي حصلت لمن فاتته صلاة العصر أن ذلك في حق من فاته أداؤها في الوقت الاختياري، وذلك أن الأوزاعي رحمه الله: [ وذلك ] أي: الفوات الذي مر في الحديث السابق.
[ أن ترى ما على الأرض من الشمس صفراء ] يعني: أن الشمس قد اصفرت وأن ما على الأرض يكون مصفراً باصفرارها. ومعنى هذا أن الإنسان إذا أدى الصلاة في الوقت الاضطراري وأخرجها عن الوقت الاختياري يكون آثماً؛ لأنه أخرجها عن الوقت الذي حدد لها، وهو ما لم تصفر الشمس.
تراجم رجال إسناد أثر الأوزاعي في تفسير فوات صلاة العصر
قوله: [ حدثنا محمود بن خالد ]. هو محمود بن خالد الدمشقي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
[ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ قال: قال أبو عمرو -يعني: الأوزاعي- ]. هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو ، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو نوع من أنواع علوم الحديث: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة هذا النوع من علوم الحديث أن لا يظن التصحيف فيما لو جاء (ابن) بدل (أبو) أو (أبو) بدل (ابن)، فلو جاء في بعض الروايات عبد الرحمن أبو عمر فذلك صحيح؛ لأن كنيته أبو عمرو واسمه عبد الرحمن بن عمرو . فالذي لا يعرف أن كنيته أبو عمرو لو وجده مكتوباً (عبد الرحمن أبو عمرو) سيقول: (أبو) مصحفة عن (ابن)؛ لأنه عبد الرحمن بن عمرو ، مع أنها ليست مصحفة؛ لأن كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو ، فلا تصحيف. وهو ثقة، فقيه الشام ومحدثها، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وقت صلاة المغرب


شرح حديث: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت المغرب. حدثنا داود بن شبيب حدثنا حماد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله) ]. قوله: [ باب: في وقت المغرب ].
عرفنا فيما مضى أن وقت صلاة المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق حيث يحضر وقت العشاء، وعرفنا أنه ليس هناك فاصل بين وقت المغرب ووقت العشاء، بل إذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه، كما أن العصر وقتها متصل بوقت الظهر، فإذا خرج وقت هذه دخل وقت هذه. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نصلي المغرب مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله) يعني: بعد فراغهم من الصلاة يكون هناك ضياء النهار، ومعناه أنهم يبادرون بأدائها في أول وقتها، بحيث يفرغون منها وإن الواحد منهم إذا أرسل السهم يرى المكان الذي يقع فيه، وذلك لوجود الضياء الذي يكون موجوداً بعد غروب الشمس، وهذا فيه إشارة إلى أن الأولى والأفضل أنه يبادر بها في أول وقتها، وأما الوقت فإنه ليس وقتاً واحداً، بل هو وقت واسع، ولكنه من غروب الشمس إلى ما قبل مغيب الشفق الأحمر الذي يأتي عند سقوطه ومغيبه وقت صلاة العشاء، وقد سبق أن مرت بنا الأحاديث العديدة في ذلك الدالة على أول الوقت وعلى آخره.
ومما يدل على سعة وقت المغرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ مرة فيها بالأعراف، والأعراف جزء وربع، وقراءة الرسول صلى الله عليه وسلم مرتلة، ومعنى هذا أن وقتها طويل؛ لأن إيقاعها فيها وهي جزء وربع، وكون الرسول صلى الله عليه وسلم أداها في يوم من الأيام على هذا النحو يدلنا على أن وقتها واسع، وأنه ليس وقتاً واحداً كما جاء في بعض الروايات في حديث جبريل أنه في اليومين صلاها بعد غروب الشمس، بل قد جاء في الأحاديث بعد ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن وقتها إلى مغيب الشفق.
تراجم رجال إسناد حديث: ( كنا نصلي المغرب مع النبي ثم نرمي فيرى أحدنا موضع نبله )
قوله: [ حدثنا داود بن شبيب ]. داود بن شبيب وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و ابن ماجة .
[ حدثنا حماد ]. حماد هنا غير منسوب، ويحتمل أن يكون أحد الحمادين: حماد بن زيد و حماد بن سلمة ، وذلك لأن داود بن شبيب يروي عنهما جميعاً، وهما جميعاً يرويان عن ثابت بن أسلم البناني، لكن حماد بن سلمة معروف بالإكثار عن ثابت البناني، فيحتمل أن يكون هو، وعلى كل حال فإن كلاً منهما ثقة، فسواء علم أحدهما وعين أو لم يعلم ولم يعين، فما دام أن الأمر دائر بين الحمادين وكل منهما ثقة فلا يضر عدم معرفة أحدهما، وإنما الذي يضر لو كان أحد الراويين ثقة والثاني ضعيفاً، هذا هو الذي يضر؛ لأنه يحتمل أن يكون الضعيف، لكن حيث يكون المروي عنهما هما حماد بن زيد و حماد بن سلمة وكل منهما ثقة فإن ذلك لا يؤثر.
ولا أدري هل جاء في بعض الطرق أو الروايات الأخرى تسمية أحدهما أم لا، ومعلوم أن من الطرق التي يمكن أن يعرف بها تعيين أحد الشخصين أن ينظر في الأسانيد في الكتب المختلفة، فإنه قد يأتي تسمية أحدهما عند بعض المؤلفين الذين يروون هذا الحديث نفسه، بأن يذكر أحدهما فيقال: حماد بن زيد، أو: حماد بن سلمة. وما دام أن تعين أنه حماد بن سلمة وهو مكثر من الرواية عن ثابت بن أسلم البناني، فيكون المقصود حماد بن سلمة، و حماد بن سلمة ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك ] هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأنه رباعي، وأعلى الأسانيد عند أبي داود الرباعيات، وهذا منها.

شرح حديث: ( كان النبي يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن علي عن صفوان بن عيسى عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس، إذا غاب حاجبها)]. أورد أبو داود رحمه الله حديث سلمة بن الأكوع ، وهو يدل على المبادرة بصلاة المغرب، وفيه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها) يعني: حاجبها الأخير؛ لأنها عند طلوعها يبدو حاجبها المقدم، وعند غروبها يغيب حاجبها المؤخر؛
لأنه يغيب بعضها ثم يبقى بعضها، أو يطلع بعضها ثم يلحقه بعضها الآخر فتظهر كلها، فعند طلوعها يظهر حاجبها المقدم، وعند غروبها يغيب أو يسقط حاجبها المؤخر، وهو طرفها أو مؤخرها، والمقصود هو المبادرة إلى الإتيان بالصلاة، وأنها حين تغرب الشمس ويسقط حاجبها، أي: يذهب آخرها وهو حاجبها الذي يكون آخر شيء يغيب منها.
تراجم رجال إسناد حديث: ( كان النبي يصلي المغرب ساعة تغرب الشمس إذا غاب حاجبها )
قوله: [ حدثنا عمرو بن علي ]. هو عمرو بن علي الفلاس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن صفوان بن عيسى ]. صفوان بن عيسى ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد بن أبي عبيد ]. يزيد بن أبي عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن الأكوع ]. هو سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا يزيد بن زريع حدثنا محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله قال: (لما قدم علينا أبو أيوب رضي الله عنه غازياً و عقبة بن عامر رضي الله عنه يومئذ على مصر فأخر المغرب، فقام إليه أبو أيوب فقال له: ما هذه الصلاة يا عقبة؟! فقال: شغلنا. قال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تزال أمتي بخير -أو قال: على الفطرة- ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم)].
أورد أبو داود رحمه الله حديث مرثد بن عبد الله أن أبا أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه قدم مصر و عقبة بن عامر أمير عليها، فأخر المغرب، فقال له أبو أيوب : ما هذه الصلاة؟ فقال: شغلنا. فقال: أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم) يعني: إلى أن تظهر النجوم وتبدو لوجود الظلام، ومن المعلوم أن النجوم تتضح قبل دخول وقت العشاء، لكن المقصود من ذلك هو المبادرة إلى الصلاة في أول وقتها،
وإلا فإن وقت المغرب يمتد إلى مغيب الشفق، ولكن الذي أنكره أبو أيوب هو تأخير الصلاة عن أول وقتها وعن المبادرة إليها في أول وقتها. وقول عقبة : [ (شغلنا) ] يعني: عن المبادرة إليها في أول وقتها. وليس المقصود إخراجها عن وقتها، وإنما تأخيرها عن أول وقتها الذي هو الأولى.
تراجم رجال إسناد حديث: ( ... لا تزال أمتي بخير ما لم يؤخروا المغرب إلى أن تشتبك النجوم )
قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر ]. هو عبيد الله بن عمر القواريري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي .
[ حدثنا يزيد بن زريع ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق يدلس، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني يزيد بن أبي حبيب ]. هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مرثد بن عبد الله ]. هو مرثد بن عبد الله اليزني المصري، وهو ثقة، وكنيته أبو الخير ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ قدم علينا أبو أيوب ] هو أبو أيوب الأنصاري، وهو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #119  
قديم 22-02-2022, 10:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [062]
الحلقة (93)

شرح سنن أبي داود [062]

لقد جاءت أحاديث كثيرة تحض على المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، وقد رتب الشرع على ذلك أحكاماً، منها: أن من حافظ عليها لوقتها كان له عند الله عهد أن يغفر له، أما من لم يحافظ عليها فليس له عند الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، وكذلك وردت أحاديث تبين فضل الصلاة في أول وقتها، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون بعده أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، وأرشد المتبع لهديه أن يصليها في وقتها ثم يصليها معهم لتحصل الفضيلتان: فضيلة الصلاة في أول وقتها، وفضيلة جمع الكلمة ووحدة الصف.

وقت صلاة العشاء


شرح حديث: (... كان رسول الله يصليها لسقوط القمر لثالثه)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت العشاء الآخرة. حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة-، (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها لسقوط القمر لثالثة) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب: في وقت صلاة العشاء الآخرة ] وكلمة (الآخرة) المقصود بها تمييزها عن المغرب؛ لأن المغرب تكون في وقت العشي، والعشي يقال للوقت الذي بين العشاءين، فهي العشاء الآخرة بالنسبة للعشاء التي هي المغرب. وأورد أبو داود رحمه الله حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال: أنا أعلم الناس بوقت هذه الصلاة -صلاة العشاء الآخرة- (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها عند سقوط القمر لثالثة) يعني: إذا غاب القمر في ليلة الثالث فقد دخل وقت العشاء، فهذا تحديد وتقدير بالقمر ومغيبه، وذلك في أول الشهر حين يكون ابن ثلاث ليال، فإذا غاب فإنه يدخل وقت صلاة العشاء. وقد عرفنا في الأحاديث الماضية أنه إذا غاب الشفق الأحمر -وهو الحمرة التي تكون بعد مغيب الشمس عندما تذهب ويكون الظلام الدامس الشديد- عند ذلك يبدأ وقت صلاة العشاء.
وفي حديث النعمان بن بشير هذا بيان من وجه آخر لوقت العشاء، وأنه عند مغيب القمر ليلة الثالث من الشهر. وهذا في أول الوقت، وإلا فإن آخر الوقت الاختياري هو نصف الليل، وآخر الوقت الاضطراري طلوع الفجر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس في النوم تفريط، إنما التفريط أن يؤخر الصلاة حتى يأتي وقت الصلاة التي بعدها). ومن المعلوم أن تأخير الصلاة عن نصف الليل هو تفريط؛ لأنه لا يجوز تأخيرها عن نصف الليل إلا في حال الاضطرار، فإنها في حال الاضطرار تقع مؤداة إلى طلوع الفجر.
تراجم رجال إسناد حديث: (... كان رسول الله يصليها لسقوط القمر لثالثة)
قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ عن أبي عوانة ]. هو وضاح بن عبد الله اليشكري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته.
[ عن أبي بشر ]. أبو بشر هو جعفر بن إياس المشهور بابن أبي وحشية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بشير بن ثابت ]. بشير بن ثابت وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي.
[ عن حبيب بن سالم ]. حبيب بن سالم لا بأس به، أي: صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن النعمان بن بشير ]. النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وقد توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، فهو من صغار الصحابة، ولكنه تحمل عن النبي صلى الله عليه وسلم في حال صغره وأدى في حال كبره، وعند المحدثين إذا تحمل الصغير في حال الصغر وأدى في حال الكبر فهو معتبر. وكذلك الكافر إذا تحمل في حال كفره وأدى في حال إسلامه، فإن ذلك معتبر، كما جاء في قصة أبي سفيان مع هرقل عظيم الروم، فإنه حكى ما حصل له معه في حال كفره، وقد حكاه في حال إسلامه، وكذلك النعمان بن بشير تحمل في حال صغره وأدى في حال كبره، وقد جاء عنه بعض الأحاديث التي يصرح فيها بالسماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الحديث المشهور الذي في صحيح البخاري و مسلم وغيرهما يقول فيه النعمان بن بشير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بين وإن الحرام بين).
شرح حديث: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله لصلاة العشاء فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله أم غير ذلك، فقال حين خرج: أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تثقُل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة. ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:
[ مكثنا ذات ليلة ] يعني: ليلة من الليالي، [ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء، فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده، فلا ندري أشيء شغله أم غير ذلك] يعني: هل شغل عليه الصلاة والسلام أو أنه أراد التأخير ولم يشغله شاغل. فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليهم وسلم وقال: [ (أتنتظرون هذه الصلاة؟ لولا أن تثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة) ] يعني: لولا أن يكون في ذلك مشقة عليهم بالتأخير لصلاها في وقت متأخر، في وقتها الاختياري؛
لأن الوقت إلى نصف الليل كله داخل في الوقت الاختياري الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذا دليل على أن تأخير الصلاة إذا لم يكن فيه مشقة جائز، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعه من ذلك إلا حصول المشقة وخشية المشقة على أمته صلى الله عليه وسلم. ومن المعلوم -كما مر معنا- أن النبي صلى الله عليه وسلم بالنسبة للعشاء كان إذا رآهم في العشاء كثروا عجل وإذا رآهم قلوا أخر، من أجل انتظارهم، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث: (مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله لصلاة العشاء فخرج إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده ...)
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثم الرازي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ]. هو منصور بن المعتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة
[ عن عبد الله بن عمر ] عبد الله بن عمر رضي الله عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (اعتموا بهذه الصلاة؛ فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا أبي حدثنا حريز عن راشد بن سعد عن عاصم بن حميد السكوني أنه سمع معاذ بن جبل رضي الله عنه يقول: (أبقينا النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العتمة، فأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج، والقائل منا يقول: صلى.
فإنا لكذلك حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له كما قالوا، فقال لهم: اعتموا بهذه الصلاة؛ فإنكم قد فُضَّلتم بها على سائر الأمم، ولم تصلها أمة قبلكم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قال: [ (أبقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: انتظرناه لصلاة العشاء. قوله: [ في صلاة العتمة ] وهي العشاء، وقد جاء ما يدل على أنه لا يقال للعشاء: العتمة. وإنما يقال لها: العشاء، كما جاء ذلك في القرآن وكما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونهم يقولونه يدل على الجواز، لكن إطلاق العشاء هو الأولى. [ فأخر حتى ظن الظان أنه ليس بخارج ]. يعني: حتى ظن الظان أنه ليس بخارج عليهم.
قوله: [ والقائل منا يقول: صلى ] يعني أنه مر وقت طويل، ولم يكن معهوداً عنه صلى الله عليه وسلم أن يؤخر هذا التأخير. قوله: [ فإنا لكذلك حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا له كما قالوا ] أن واحداً قال كذا، وواحداً قال كذا. قوله: [ (اعتموا بهذه الصلاة) ] يعني: أخروها في العتمة، والعتمة وهي الظلام، أي: مضي شيء من الليل. قوله: [ (فإنكم قد فضلتم على سائر الأمم بهذه الصلاة، ولم تصلها أمة قبلكم) ]. يحتمل أن يكون المقصود أنهم فضلوا بصلاة العشاء، وأن تلك الأمم لم تفرض عليهم صلاة العشاء، ويحتمل أن يكون المقصود التأخير إلى هذا الوقت، وقد سبق أن مر في حديث جبريل لما ذكر له الأوقات أنه قال: (هذا وقت الأنبياء من قبلك) وهذا يدلنا على أن الصلوات الخمس فرضت على الأمم السابقة، ولكن كيفيتها الله تعالى أعلم بها.
فهذا الذي جاء في الحديث -وهو أن هذه الأمة فضلت بها- إذا فسر بأنها تعتم بها وتؤخرها فلا تنافي بينه وبين الحديث الذي سبق أن مر، ومعنى هذا أن هذه الصلاة كانت على الأمم السابقة، ولكن فضلت هذه الأمة بها بكونهم يؤخرونها، بخلاف الأمم السابقة، فإنها لم تكن تؤخرها مثل هذا التأخير.
تراجم رجال إسناد حديث: (اعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم بها على سائر الأمم ...)
قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ]. هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ، صدوق، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ حدثنا أبي ] هو عثمان بن سعيد بن كثير الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ حدثنا حريز ]. هو حريز بن عثمان الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن راشد بن سعد ]. هو راشد بن سعد الحمصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[ عن عاصم بن حميد السكوني ]. عاصم بن حميد السكوني صدوق مخضرم، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجه .
[ أنه سمع معاذ بن جبل ]. هو معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. وكان قد سكن الشام ومات بها سنة ثمان عشرة من الهجرة، ورجال الاسناد كلهم شاميون، والذين قبل معاذ كلهم حمصيون، ولا أدري هل معاذ سكن حمص فيكون رجال الاسناد كلهم حمصيين أم لا.
شرح حديث: (صلينا مع رسول الله صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل حدثنا داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عن قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل، فقال: خذوا مقاعدكم. فأخذنا مقاعدنا، فقال: إن الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم، وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة، ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل) ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العتمة، فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل) . يعني: قريب من نصف الليل في آخر وقتها الاختياري. وقوله: [فقال: خذوا مقاعدكم، (فأخذنا مقاعدنا) ] يعني: استووا للصلاة. قوله: [فقال: (إن الناس قد صلوا ) ] يعني: غيركم. قوله: [ (وأخذوا مضاجعهم) ] يعني: ناموا. قوله: [ (وإنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة) ]. يعني: هذه المدة التي تنتظرون فيها الصلاة أنتم بها في صلاة، والإنسان إذا دخل المسجد وجلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة ما انتظر الصلاة. قوله: [ (ولولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل) ]. هذا مثل الذي تقدم في قوله صلى الله عليه وسلم: (لولا أن تثقل على أمتي لأخرتها إلى هذه الساعة).

تراجم رجال إسناد حديث: (صلينا مع رسول الله صلاة العتمة فلم يخرج حتى مضى نحو من شطر الليل ...)
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل ]. بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا داود بن أبي هند ]. داود بن أبي هند ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي نضرة ]. أبو نضرة هو المنذر بن مالك ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقت صلاة الصبح


شرح حديث: (إن كان رسول الله ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في وقت الصبح. حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس) ]. قوله: [ باب: في وقت الصبح ] يعني: باب في وقت صلاة الصبح، وهذه آخر الصلوات، وذكر وقتها آخر الأوقات لأنه بدأ بالظهر كما سبق أن مر، وقلت: إن السبب في ذلك أن جبريل أول ما نزل صلى بالرسول صلى الله عليه وسلم الظهر، فبدأ بالظهر وانتهى بالفجر، وهذه آخر الأحاديث المتعلقة بأوقات الصلوات الخمس. وأورد أبو داود رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه : [ (إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن أحد من الغلس) ] أي: أنه عليه الصلاة والسلام كان يصلي الصلاة في أول وقتها، وأن النساء كن ينصرفن بعد الصلاة وهن ملتفات بثيابهن ما يعرفهن أحد من الغلس؛
لأن الظلام موجود. وقد سبق أن مر أن الواحد كان يعرف جليسه، وهنا قالت: [ (ما يعرفن من الغلس) ]، ومن المعلوم أن هناك فرقاً بين من يكون إلى جانب المرء ومن يكون بعيداً منه. وهذا الحديث يدل على أن الصلاة تصلى في أول وقتها، وفيه جواز خروج النساء للصلاة في الليل والنهار.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن كان رسول الله ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس)
قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه .
[ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرة بنت عبد الرحمن ]. هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم لأجوركم)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أصبحوا بالصبح؛ فإنه أعظم لأجوركم -أو أعظم للأجر-) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث رافع بن خديج [ (أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم أو أعظم للأجر) ] وقد ورد في بعض الروايات: (أصبحوا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر) وهي مروية بالمعنى،
وقوله: [ (أصبحوا بالصبح) ] قال بعض أهل العلم: هذا يوافق الأحاديث الدالة على أن الصلاة تصلى في أول وقتها؛ لأنه قال: [ (أصبحوا) ] يعني: صلوها في وقت الصبح، والصبح إنما يكون بطلوع الفجر، أي أن الصلاة تصلى في أول وقتها باعتبار أن القراءة تطال فيها، فيدخل فيها في أول الوقت، وإذا أطال القراءة فلا يخشى خروج وقتها عند الفراغ منها.
تراجم رجال إسناد حديث: (أصبحوا بالصبح فإنه أعظم لأجوركم)
قوله: [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل ]. هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود وحده.
[ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عبد الله المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان ]. عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمود بن لبيد ]. محمود بن لبيد صحابي صغير، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن رافع بن خديج ] رافع بن خديج رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
المحافظة على وقت الصلوات


شرح حديث: (خمس صلوات افترضهن الله تعالى)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في المحافظة على وقت الصلوات. حدثنا محمد بن حرب الواسطي حدثنا يزيد -يعني ابن هارون - حدثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن الصنابحي قال: (زعم أبو محمد أن الوتر واجب، فقال عبادة بن الصامت : كذب أبو محمد ؛ أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (زعم أبو محمد خمس صلوات افترضهن الله تعالى، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له، ومن لم يفعل فليس له على الله عهد،
إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) ]. قوله: [ باب في المحافظة على وقت الصلوات ] يعني: المحافظة على الإتيان بالصلاة في أوقاتها وعدم تأخيرها عن أوقاتها، والمقصود من ذلك الحث والترغيب على المحافظة على الأوقات. وقد أورد أبو داود رحمه الله جملة من الأحاديث، أولها حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه أنه لما بلغه أن أبا محمد -وهو رجل من الأنصار قيل: إنه صحابي- كان يقول: إن الوتر واجب قال: [ كذب أبو محمد) ] والمقصود بقوله: [ كذب ] أي: أخطأ، وليس المقصود أنه أتى بشيء خلاف الواقع وأنه أخبر بخبر غير مطابق للواقع، وإنما اجتهد في زعمه أن الوتر واجب، لكنه -كما هو معلوم- ليس واجباً كوجوب الصلوات، وإنما هو من الأمور المتأكدة التي كان عليه الصلاة والسلام لا يتركها في حضر ولا في سفر، وكذلك ركعتا الفجر ما كان يتركهما في حضر ولا في سفر. ولاشك في أن الوتر ليس من الصلوات المفروضة اللاتي فرضهن الله،
وهن خمس صلوات فرضن ليلة المعراج، وهن خمس في العمل وخمسون في الأجر، ولكن الوتر متأكد، وهو آكد السنن مع ركعتي الفجر. وقد جاء عن الإمام أحمد أنه قال: إن الذي لا يصلي الوتر رجل سوء. ومن المعلوم أن من يتهاون بالنوافل قد يتهاون بالفرائض، ومن يحافظ على النوافل من باب أولى أن يحافظ على الفرائض، فهي كالسياج للفرائض، فلا يتساهل المرء فيها؛ لئلا يحصل التساهل فيما وراءها، أي: الفرائض. والحاصل أن (كذب) تأتي بمعنى (أخطأ) وليست بمعنى الافتراء والكذب، وقد جاء في الحديث: (صدق الله وكذب بطن أخيك) في قصة الذي شرب العسل. وقد جاء في مواضع منها حديث عائشة رضي الله عنها: (من حدثكم أن محمداً رأى ربه فقد كذب) تعني: أنه قد أخطأ، وهناك عبارات تأتي من هذا القبيل. قوله: [ قال عبادة : كذب أبو محمد ؛ أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (خمس صلوات افترضهن الله تعالى) ].
يعني: خمس صلوات ليس فيهن الوتر. إذاً: هو ليس بواجب، ولكنه متأكد، بل هو آكد النوافل مع ركعتي الفجر. قوله: [ (من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان له على الله عهد أن يغفر له) ]. يعني كونه أتى بالشرط الذي هو الوضوء، بحيث أحسنه وأتقنه وأتى به على الوجه المطلوب. قوله: [ (وصلاهن لوقتهن وأتم ركعهن سجودهن وخشوعهن) ]هو محل الشاهد، وهو المحافظة على وقت الصلاة، يعني: لم يؤخرهن عن أوقاتهن. قوله: [ (كان له عهد على الله أن يغفر له، ومن لم يفعل) ] يعني: لم يحصل منه ذلك (فليس له على الله عهد) يعني: كالأول [ (إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) ].
تراجم رجال إسناد حديث: (خمس صلوات افترضهن الله تعالى)

قوله: [ حدثنا محمد بن حرب الواسطي ]. محمد بن حرب الواسطي صدوق، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود.
[ حدثنا يزيد -يعني ابن هارون - ]. هو يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن مطرف ]. محمد بن مطرف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن الصنابحي ]. عبد الله الصنابحي قيل: هو صحابي. وقيل: هو عبد الرحمن بن عسيلة المخضرم الذي قال عنه بعض أهل العلم كاد أن يكون صحابياً؛ لأنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما كان في الجحفة في الطريق إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جاءه الخبر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم توفي، فلم يكن بينه وبين الصحبة إلا شيء يسير.
والأحاديث التي باسم عبد الله الصنابحي جاءت عند أبي داود و النسائي و ابن ماجه. وأما عبد الرحمن بن عسيلة الذي هو أبو عبد الله الصنابحي فحديثه عند أصحاب الكتب الستة. فقال: [ عبادة بن الصامت ]. عبادة بن الصامت رضي الله عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وجه الاحتجاج على عدم كفر تارك الصلاة بقوله: (ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه)
[ (ومن لم يفعل فليس له على الله عهد، إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) ]. هذا لا يدل على عدم كفر تارك الصلاة؛ لأنه ذكر أموراً فيها الإحسان وفيها إتمام الركوع والسجود، فمعناه أن الذي يحصل منه التمام والكمال هو الذي له عهد عند الله أن يغفر له، أما من لم يحصل منه التمام والكمال وحصل منه الإخلال فليس له ذلك العهد عند الله، بل أمره إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
شرح حديث: (سئل رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي و عبد الله بن مسلمة قالا: حدثنا عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة رضي الله عنها قالت: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها). قال الخزاعي في حديثه: عن عمة له يقال لها: أم فروة قد بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أم فروة الأنصارية رضي الله تعالى عنها قالت: [ (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها) ]. وهذا يدل على المحافظة على الصلاة في وقتها، بل في أول وقتها؛ لأن الإنسان إذا أداها في أول وقتها فقد بادر إلى إبراء الذمة، بخلاف الإنسان الذي يؤخرها إلى آخر الوقت، فقد تخرج عن الوقت، فيكون بذلك قد عرض صلاته لخروجها عن الوقت. إذاً: المبادرة إليها فيها إبراء للذمة، وعدم تعريض الصلاة للتأخير عن وقتها.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #120  
قديم 22-02-2022, 10:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,978
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله


تراجم رجال إسناد حديث: (سئل رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة في أول وقتها)
قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الله الخزاعي ]. هو محمد بن عبد الله بن عثمان الخزاعي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و ابن ماجه . [ و عبد الله بن مسلمة ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، مر ذكره.
[ حدثنا عبد الله بن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري ، وهو ضعيف، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
[ عن القاسم بن غنام ]. القاسم بن غنام صدوق مضطرب الحديث، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي .
[ عن بعض أمهاته ]. أي: أمهات القاسم بن غنام ، وهذا على رواية القعنبي . وفي رواية محمد بن عبد الله الخزاعي
[ عن عمة له يقال لها: أم فروة ، ومعنى هذا: أن القاسم بن غنام يروي عن أم فروة وأنها عمة له. وقال الحافظ : لا يعرف اسمها ولا حالها، وأخرج لها أبو داود وحده. [ عن أم فروة ]. أم فروة أنصارية أخرج حديثها أبو داود و الترمذي .

شرح حديث: (لا يلج النار رجل صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن إسماعيل بن أبي خالد حدثنا أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة عن أبيه رضي الله عنه قال: (سأله رجل من أهل البصرة فقال: أخبرني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول: (لا يلج النار رجل صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب) قال: أنت سمعته منه -ثلاث مرات-؟ قال: نعم. كل ذلك يقول: سمعته أذناي، ووعاه قلبي. فقال الرجل: وأنا سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ]. أورد أبو داود رحمه الله الحديث من طريق صحابيين أحدهما: عمارة بن رؤيبة ، والثاني: رجل من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم
. قوله: [ سأله رجل من أهل البصرة فقال: أخبرني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يلج النار رجل صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب) ] أراد بذلك صلاة العصر وصلاة الفجر. قوله: [ أنت سمعته منه -ثلاث مرات-؟ قال: نعم. كل ذلك يقول: سمعته أذناي ووعاه قلبي ] يعني أنه متأكد وأنه ضابط للشيء، ومثل هذه العبارات تدل على الضبط والإتقان، ومثله حديث أبي شريح الخزاعي لما جاء إلى عمرو بن سعيد الأشدق وهو يجهز الجيوش لغزو ابن الزبير فقال: (ائذن لي -أيها الأمير- أن أحدث بحديث سمعته أذناي ووعاه قلبي ورأته عيناي وهو يحدث به...) وذكر حديث حجة الوداع وما قال صلى الله عليه وسلم في يوم النحر من أن الله حرم مكة، فهذا يدل على التثبت.
قوله: [ فقال الرجل: وأنا سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ] أي أنه لا أراد أن يتأكد منه أنه سمعه، وعند ذلك قال: وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذاً: جاء هذا الحديث من طريق صحابيين صحابي معلوم، وهو عمارة بن رؤيبة والصحابي الآخر الذي سأله، وقال: إنه -أيضاً- سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو يتعلق بصلاة الفجر وصلاة العصر والمحافظة عليهما، فهما الصلاتان قبل طلوع الشمس وقبل غروبها.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا يلج النار رجل صلى قبل طلوع الشمس وقبل أن تغرب)
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسماعيل بن أبي خالد ]. إسماعيل بن أبي خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة ]. أبو بكر بن عمارة بن رؤيبة مقبول، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي.
[ عن أبيه ]. أبوه هو عمارة بن رؤيبة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي .
شرح حديث: (... حافظ على العصرين ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون أخبرنا خالد عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عبد الله بن فضالة عن أبيه رضي الله عنهما قال: (علمني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فكان فيما علمني: وحافظ على الصلوات الخمس. قال: قلت: إن هذه ساعات لي فيها أشغال، فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلته أجزأ عني. فقال: حافظ على العصرين. وما كانت من لغتنا، فقلت: وما العصران؟! فقال: صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها) ]
. أورد أبو داود رحمه الله حديث فضالة الليثي رضي الله تعالى عنه أنه قال: [ علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان فيما علمني: [ (وحافظ على الصلوات الخمس) ]. قال: قلت: يا رسول الله! إن هذه ساعات لي فيها أشغال؛ فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلته أجزأ عني. فقال عليه الصلاة والسلام: [ (حافظ على العصرين )]. قال: وما كانت من لغتنا. فقلت: وما العصران يا رسول الله؟ فقال: [ (صلاة قبل طلوع الشمس، وصلاة قبل غروبها) ] يعني بذلك صلاتي الفجر والعصر، والحديث -كما ترجم له المصنف- دال على المحافظة على الصلوات.
حيث قال له: [ (حافظ على الصلوات الخمس) ] فلما قال: [ إن هذه ساعات لي فيها أشغال فمرني بأمر جامع ] أرشده النبي صلى الله عليه وسلم إلى أفضل الصلوات، وليس المقصود من ذلك أن الصلوات الأخرى يتهاون بها، ولكنه ذكر المحافظة على الجميع، ثم أرشد إلى ما له ميزة وفضل على غيره من الصلوات الخمس، وهما العصر والفجر، وذلك لأن هاتين الصلاتين هما اللتان تجتمع فيهما ملائكة الليل وملائكة النهار الذين ينزلون ويصعدون، ويجتمع الصاعدون والنازلون في صلاة العصر وصلاة الفجر.
ولهذا جاءت أحاديث كثيرة تدل على فضل هاتين الصلاتين، وهما صلاة العصر وصلاة الفجر. [وما كانت من لغتنا] يعني أنه ما فهم لفظ العصرين، ومن المعلوم أن بعض الكلمات قد تخفى على بعض العرب، ويكون عندهم كلمة مشهورة حيث يكون لها معنى آخر عند بعض القبائل العربية، فلما قال: [ (حافظ على العصرين) ] لم يفهم المراد بهما، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بأنهما الفجر والعصر. وقيل للفجر والعصر: العصران تغليباً لإحدى الكلمتين على الأخرى، كما يقال:
العُمَرَان ويراد بذلك أبو بكر و عمر ، ويقال: الأبوان ويراد بذلك الأب والأم، ويقال: القمران ويراد بذلك الشمس والقمر. فيغلب أحد اللفظين فتحصل التثنية به، وإن كانت الكلمة الأخرى تطلق بلفظ آخر، أعني الشمس و أبا بكر والأم والفجر، فصار التغليب لأحد اللفظين فقيل: العصران؛ لأن هذه تكون في أول النهار وهذه في آخره. والعصر هو متكون من الليل والنهار، فقيل لهما: العصران لأن هذه تقع في آخر النهار وهذه تقع في أول النهار.
تراجم رجال إسناد حديث: (... حافظ على العصرين ...)
قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. هو عمرو بن عون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا خالد ] هو خالد بن عبد الله الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن داود بن أبي هند ]. داود بن أبي هند ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي حرب بن أبي الأسود ]. أبو حرب بن أبي الأسود ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن فضالة ]. عبد الله بن فضالة له رؤية، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن أبيه ]. أبوه هو فضالة الليثي ، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود .
شرح حديث: (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري حدثنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد حدثنا عمران القطان حدثنا قتادة و أبان كلاهما عن خليد العصري عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة: من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن، وصام رمضان، وحج البيت إن استطاع إليه سبيلاً، وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه، وأدى الأمانة، قالوا: يا أبا الدرداء ! وما أداء الأمانة؟ قال: الغسل من الجنابة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة) ] يعني: من جاء بهذه الخمس وهو مؤمن.
لأن أي عمل من الأعمال بدون الإيمان لا عبرة به ولا قيمة له، كما قال الله عز وجل: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، ويحتمل أن يكون المقصود بالإيمان هو التصديق، مثل قوله: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). ثم ذكر الخمس : [ (من حافظ على الصلوات الخمس على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن) ] والمقصود من الترجمة قوله: [ (مواقيتهن) ] أي: المحافظة عليها في أوقاتها، ثم ذكر صيام شهر رمضان والحج والزكاة وأداء الأمانة، فهذه هي الخمس. قوله: [ (وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه) ]. يعني أنه يؤديها وهو منشرح الصدر طيبة بها نفسه، ولا يؤديها وهو كاره، أو يؤديها وفي نفسه شيء من إخراجها. وسئل أبو الدرداء عن الأمانة فقال: [ (الغسل من الجنابة) ] والغسل من الجنابة هو جزء من جزئيات الأمانة، وهذا -كما يقولون-: تفسير بالمثال؛ لأنه ليس المقصود بأداء الأمانة الغسل من الجنابة فقط، بل هذا مما هو داخل تحت الأمانة، وهو من النوع الذي يسمونه التفسير بالمثال وليس التفسير بالحصر، وكثير من تفسيرات السلف لآيات القرآن الكريم هي من قبيل اختلاف التنوع،
إما تفسير بالمثال وإما بلفظ مقارب يؤدي المعنى ويوضحه، فإذا جاء هذا بلفظ وهذا بلفظ وهذا بلفظ كان ذلك كله حقاً. إذاً: فقول أبي الدرداء : [ (الغسل من الجنابة) ] هو من الأمثلة التي تندرج تحت أداء الأمانة، وليس المقصود من ذلك أن غسل الجنابة هو الأمانة أو أداء الأمانة؛ لأن أداء الأمانات يكون في حقوق الله عز وجل وحقوق العباد، فهذه كلها أمانات، يقول عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا [النساء:58] فهو شامل لكل ما هو أمانة، وليس بمقصور على شيء دون شيء.
تراجم رجال إسناد حديث: (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة)

قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحمن العنبري ]. محمد بن عبد الرحمن العنبري ثقة، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثنا أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد ] أبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عمران القطان ]. هو عمران بن داور القطان ، صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
[ حدثنا قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ و أبان ]. هو أبان بن أبي عياش ، متروك، أخرج له أبو داود وحده.
[ عن خليد العصري ]. هو خليد بن عبد الله العصري منسوب إلى جماعة من بني عبد القيس بن ربيعة ، وهو صدوق يرسل، أخرج حديثه مسلم و أبو داود .
[ عن أم الدرداء عن أبي الدرداء ]. أم الدرداء هي الصغرى، واسمها هجيمة ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة وأما أم الدرداء الكبرى فليس لها رواية في الكتب الستة، فإذا جاء ذكر أم الدرداء في الكتب الستة فالمقصود بها أم الدرداء الصغرى واسمها هجيمة .
[ عن أبي الدرداء ] وهو عويمر رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إني فرضت على أمتك خمس صلوات ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حيوة بن شريح الحمصي حدثنا بقية عن ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني أخبرني ابن نافع عن ابن شهاب الزهري قال: قال سعيد بن المسيب : إن أبا قتادة بن ربعي رضي الله عنه أخبره قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال الله تعالى: إني فرضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وهو حديث قدسي يقول الله عز وجل فيه مخاطباً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم: [ (إني فرضت على أمتك خمس صلوات، وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي) ] والمقصود منه المحافظة على الصلاة في أوقاتها، والحديث دال على ذلك، وهو من الأحاديث القدسية.
تراجم رجال إسناد حديث: (إني فرضت على أمتك خمس صلوات ...)
قوله: [ حدثنا حيوة بن شريح الحمصي ]. حيوة بن شريح الحمصي ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجه.
[ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد الحمصي ، وهو صدوق كثير التدليس على الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني ]. ضبارة بن عبد الله بن أبي سليك الألهاني مجهول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و النسائي و ابن ماجه.
[ أخبرني ابن نافع ]. ابن نافع هو دويد بن نافع ، مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ عن ابن شهاب الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ثقة فقيه، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[إن أبا قتادة بن ربعي ]. هو الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنه، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
حكم تأخير الإمام الصلاة عن الوقت


شرح حديث: (كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت. حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران -يعني الجوني - عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أبا ذر ! كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة، -أو قال: يؤخرون الصلاة؟- قلت: يا رسول الله! فما تأمرني؟ قال: صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصلها فإنها لك نافلة) ]. قوله: [ باب: إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت ] يعني: فما الحكم؟ هل يؤخر المرء الصلاة إلى أن يصلي مع الإمام، أم أنه يصلي الصلاة في وقتها ويصلي معه، وتكون الصلاة الأخيرة نافلة؟ والمقصود بالتأخير عن الوقت هو التأخير عن الوقت الاختياري إلى الوقت الاضطراري، كأن تؤخر صلاة العصر إلى اصفرار الشمس، وتؤخر صلاة العشاء إلى ما بعد نصف الليل، وليس المقصود التأخير بها عن وقت الصلاة، كأن يؤخرون صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس،
أو العصر يؤخرونه إلى ما بعد الغروب، وإنما المقصود أنهم يؤخرونها عن الوقت الاختياري ويوقعونها في الوقت الاضطراري، والسنة جاءت بأن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها وتكون هي الفريضة، وإذا أدركها معهم فإنه يصليها معهم نافلة، ويكون في ذلك جمع بين الإتيان بالصلاة في وقتها الاختياري وبين جمع الكلمة وعدم الفرقة ومتابعة الأئمة في الصلاة.
فالأولى هي الفريضة والثانية هي النافلة، وكون الإنسان يؤدي الفرض ثم يصلي الصلاة مرة أخرى لسبب من الأسباب كوجود جماعة ثانية لا بأس بذلك؛ لأن السنة جاءت بأن الإنسان إذا صلى صلاة ثم وجدت جماعة فإنه يصلي معها ولو كان ذلك الوقت وقت نهي، مثل بعد صلاة الفجر أو بعد صلاة العصر، وقد جاء في الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام صلى الفجر، فلما صلى رأى رجلين لم يصليا في ناحية المسجد، فدعا بهما فجيء بهما ترتعد فرائصهما، فقال: (ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا.
فقال: لا تفعلا، إذا صلى أحدكم في رحله ثم أدرك الإمام ولم يصل فليصل معه، فإنها له نافلة) أما كون الإنسان يصلي صلاتين متعمداً بحيث يزيد عن الخمس الصلوات فهذا لا يجوز؛ لأن الصلوات خمس، ولكن حيث يصلي الفرض ثم يجد جماعة ويصلي معها فإن تلك تكون له نافلة. إذاً: هذه الصلاة الأخرى إذا كان لها سبب سائغ لا بأس بها ولو كان ذلك في أوقات النهي؛ لأن هذا مما يستثنى من قوله: (لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس). وقوله [ (أو قال: يؤخرون الصلاة؟) ] هو شك من الراوي، ومعنى: (يميتونها) يؤخرونها عن وقتها الاختياري.
تراجم رجال إسناد حديث: (كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يميتون الصلاة ...)
قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ]. حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عمران -يعني الجوني -]. أبو عمران الجوني هو عبد الملك بن حبيب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن الصامت ]. عبد الله بن الصامت ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي ذر ]. هو جندب بن جنادة رضي الله تعالى عنه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها؟ ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم الدمشقي حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني حسان -يعني ابن عطية - عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قدم علينا معاذ بن جبل رضي الله عنه اليمن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا، قال: فسمعت تكبيرة مع الفجر رجل أجش الصوت، قال: فألقيت عليه محبتي، فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتاً، ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده، فأتيت ابن مسعود رضي الله عنه فلزمته حتى مات، فقال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها؟ قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله؟! قال: صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة) ].
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وهو مثل حديث أبي الدرداء أن الأمراء إذا صلوا الصلاة لغير ميقاتها -يعني الاختياري- فينبغي للإنسان أن يصلي الفرض في الوقت ويصلي معهم، وتكون سبحة، يعني: نافلة، ولهذا يقال: (سبحة الضحى) ويقال: (جمع بين الصلاتين ولم يسبح بينهما) أي: ولم يتنفل؛ لأن السبحة هي النافلة.
إذاً: قوله: [ (واجعل صلاتك معهم سبحة) ] يعني: نافلة، وذلك فيه جمع بين المصلحتين: بين مصلحة أداء الصلاة في وقتها، وبين جمع الكلمة وعدم الفرقة ومتابعة الأئمة. قوله: [ (فسمعت تكبيرة مع الفجر رجل أجش) ] يعني: غليظ الصوت. قوله: [ (فألقيت عليه محبتي) يعني: ألقى الله تعالى محبته في قلبه فلازمه حتى مات ودفنه بالشام، ثم بحث عن رجل يكون فقيهاً، فسار إلى عبد الله بن مسعود ولازمه حتى مات، وكان مما حدثه به ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [ (كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها؟! )] قال: قلت: فما تأمرني يا رسول الله؟ قال: [ (صل الصلاة لميقاتها، واجعل صلاتك معهم سبحة ) ].
تراجم رجال سناد حديث: (كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير ميقاتها؟ ...)
قوله [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم الدمشقي ]. دحيم هذا لقب، فالمصنف رحمه الله ذكر اسمه ولقبه، و(دحيم) مأخوذ من (عبد الرحمن)؛ لأن بعض الألقاب تؤخذ من الأسماء، فيقال: دحيم بن عبد الرحمن، وعباد بن عبد الله، وكذلك عبدان بن عبد الله، وهكذا تجد بعض الألقاب تؤخذ من الأسماء، ودحيم ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجه .
[ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الأوزاعي ]. هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني حسان -يعني ابن عطية -]. حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن سابط ]. عبد الرحمن بن سابط صدوق ثقة، أخرج له مسلم و أصحاب السنن.
[ عن عمرو بن ميمون الأودي ]. عمرو بن ميمون الأودي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن مسعود ]. ابن مسعود رضي الله تعالى عنه صحابي جليل مشهور من فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وكانت وفاة معاذ في الشام سنة ثماني عشرة، ووفاة عبد الله بن مسعود سنة اثنتين وثلاثين.
شرح حديث: (إنها ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن قدامة بن أعين حدثنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثنى عن ابن أخت عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه. ح: وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سفيان -المعنى- عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثنى الحمصي عن أَبي أُبيَّ ابن امرأة عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها، فصلوا الصلاة لوقتها. فقال رجل: يا رسول الله! أصلي معهم ؟ قال: نعم إن شئت) وقال سفيان : (إن أدركتها معهم أأصلي معهم؟ قال: نعم إن شئت) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه، وهو مثل ما تقدم من الأحاديث، وفيه أن الإنسان يصلي الصلاة لوقتها إذا أخرها الأمراء عن وقتها الاختياري، وأنه إذا أدركها معهم فإنه يصليها، ولكنها تكون له نافلة. وقوله: [ ( فقال رجل: يا رسول الله أأصلي معهم؟ قال: نعم إن شئت) ] الذي يبدو أنه إذا لم يترتب على تركها معهم مضرة فالأمر إليه؛ لأنه أدى الواجب الذي عليه، ولكن إذا كان يترتب على تركها معهم مضرة فإنه يصلي معهم وتكون له نافلة.

تراجم رجال إسناد حديث: (إنها ستكون عليكم بعدي أمراء تشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها ...)


قوله: [ حدثنا محمد بن قدامة بن أعين ]. هو محمد بن قدامة بن أعين المصيصي ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي .
[ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ]. هو منصور بن معتمر الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هلال بن يساف ]. هلال بن يساف ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي المثنى ]. هو ضمضم أبو المثنى الأملوكي الحمصي ، وثقه العجلي ، وأخرج له أبو داود و ابن ماجه .
[ عن ابن أخت عبادة بن الصامت ]. في الإسناد الذي سيأتي أنه ابن امرأته، وهو أبو أبي بن أم حرام ، وهو صحابي، أخرج حديثه أبو داود و ابن ماجه .
[ عن عبادة بن الصامت ] عبادة بن الصامت رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. قوله: [ ح: وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود وحده.
[ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ المعنى ] يعني أن المعنى واحد والألفاظ مختلفة.
[ عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي المثنى الحمصي عن أبي أبي ابن امرأة عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت ]. قد مر ذكرهم جميعاً.

شرح حديث: (يكون عليكم أمراء بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا أبو هاشم -يعني الزعفراني - حدثني صالح بن عبيد عن قبيصة بن وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة، فهي لكم وهي عليهم، فصلوا معهم ما صلوا القبلة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث قبيصة بن وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ (يكون عليكم أمراء من بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم) ] أي: إذا كنتم تصلون الصلاة لوقتها وتصلون معهم فهي لكم نافلة وعليهم إثم التأخير؛ لأنهم إن أحسنوا فالإحسان لكم ولهم، وإن أساءوا فالإساءة عليهم وليس عليكم، وقد جاء مثل هذا عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه كما جاء في صحيح البخاري في (باب إمامة المفتون والمبتدع) أنه لما كان محصوراً في داره قيل له: يا أمير المؤمنين! إنك إمام عامة، وهذا الذي يصلي بالناس إمام فتنة، فماذا تأمرنا؟ قال:
يا ابن أخي! الصلاة من خير ما يفعل الناس، فإن أحسنوا فأحسن معهم، وإن أساءوا فاجتنب إساءتهم). وكذلك ورد في الحديث الآخر مثل هذا الحديث: (يصلون لكم -يعني الأمراء- فإن أحسنوا فلكم ولهم، وإن أساءوا فلكم وعليهم). وقوله: [ (فصلوا معهم ما صلوا القبلة) ] يعني: ما دام أنهم مسلمون ويصلون إلى القبلة فصلوا معهم.
تراجم رجال إسناد حديث: (يكون عليكم أمراء بعدي يؤخرون الصلاة فهي لكم وهي عليهم ...)
قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. هو هشام بن عبد الملك ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو هاشم -يعني الزعفراني -]. هو عمار بن عمارة لا بأس به، أخرج حديثه أبو داود .
[ حدثني صالح بن عبيد ]. صالح بن عبيد مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن قبيصة بن وقاص ]. قبيصة بن وقاص صحابي، أخرج حديثه أبو داود ."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 33 ( الأعضاء 0 والزوار 33)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 306.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 300.81 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.90%)]