شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 14 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير قوله تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه...} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          المبالغة في تشقيق العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كشف الأستار بشرح قصة الثلاثة الذين حبسوا في الغار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 5 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (اللطيف، الخبير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          {يغشى طائفة منكم} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          جوامع الكلم النبوي: دراسة في ثراء المعاني من حديث النغير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          حتى لا تفقد قلبك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وفاة ملكة جمال الكون! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الإمام أبو بكر الصديق ثاني اثنين في الحياة وبعد الممات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          حقوق الحيوان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-10-2022, 08:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [068]
الحلقة (99)


شرح سنن أبي داود [068]


دخول المشرك إلى المسجد جائز للحاجة، وقد استقبل الرسول صلى الله عليه وسلم وفوداً من المشركين في المسجد، وبهذا يتبين لنا أن نجاسة المشرك ليست في ذاته، ولا تجوز الصلاة في المقبرة والحمام؛ لأن الصلاة في المقبرة ذريعة إلى الشرك، أما الحمام فإنه محل للنجاسات والقاذورات.

ما جاء في المشرك يدخل المسجد


شرح حديث: (دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال: أيكم محمد؟ ..)

قال رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في المشرك يدخل المسجد. حدثنا عيسى بن حماد حدثنا الليث عن سعيد المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول: (دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد، ثم عقله، ثم قال: أيكم محمد؟ ورسول الله صلى الله عليه وسلم متكئ بين ظهرانيهم، فقلنا له: هذا الأبيض المتكئ، فقال له الرجل: يا ابن عبدالمطلب! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: قد أجبتك، فقال له الرجل: يا محمد! إني سائلك..) وساق الحديث ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: باب ما جاء في دخول المشرك المسجد يعني: أن ذلك سائغ للحاجة، فيجوز أن يدخل الكافر المسجد للحاجة، وذلك أن الكافر ليست نجاسته نجاسة ذاتية، بمعنى أنه إذا دخل تحصل النجاسة في المسجد؛ لأن نجاسة الكافر حكمية، وهي نجاسة الكفر وخبث النحلة والعقيدة، وكونه يشرك بالله عز وجل ويعبد مع الله غيره ولا يؤمن بالله سبحانه وتعالى، وإنما يعبد مع الله غيره ويشرك بالله غيره، فهذه هي النجاسة التي في الكفار، وقد قال الله عز وجل: إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [التوبة:28] والمقصود بالنجاسة هنا هي: النجاسة الحكمية، وهي نجاسة الكفر وليست نجاسة الذات، فليست ذواتهم نجسة بمعنى أنه إذا مس أحدهم شيئاً فإنه يكون نجساً، فدخوله المسجد سائغ وجائز، وقد جاءت في ذلك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذكر أبو داود جملة منها، وهناك أحاديث في غير أبي داود ، منها: قصة الرجل الذي ربطه النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، ثم بعد ذلك فتح الله عليه ومنَّ الله عليه بالإسلام، فأطلقه الرسول صلى الله عليه وسلم، وذهب واغتسل وجاء، وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فكان قد ربطه في المسجد في سارية. أورد أبو داود رحمه الله جملة من الأحاديث، أولها حديث أنس بن مالك رضي الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالساً مع أصحابه في المسجد بين ظهرانيهم وهم محيطون به أو حوله، فجاء رجل مشرك على راحلته، فأناخها في المسجد وعقلها، وجاء في الحديث الآخر الذي بعد هذا أنه أناخها على باب المسجد وعقلها، ودخول الدابة إلى المسجد للحاجة لا بأس به، مثلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وطاف بالبيت وهو راكب على بعير، ويمس صلى الله عليه وسلم الحجر بمحجن، أيضاً الإبل وغيرها مما يؤكل لحمه أرواثها وأبوالها لو وقعت فإنها طاهرة ليست نجسة، فالدخول للحاجة جائز، لكن هذا أدخل الراحلة إلى المسجد لغير حاجة، ولكن في الرواية الثانية أنه أناخها بالباب، ويحتمل أن تكون القصة واحدة، أو أن المقصود بالمسجد قرب المسجد أو في باب المسجد، فأطلق عليه أنه في المسجد. وفي الحديث: (أنه دخل إلى النبي صلى الله عليه وسلم)، وهذا هو محل الشاهد، يعني: كون الكافر يدخل المسجد، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه، فقال: (أيكم محمد؟ فقالوا: هو هذا المتكئ الأبيض)، وكان عليه الصلاة والسلام لتواضعه لا يعرف، فإذا كان بين أصحابه الذي لا يعرفه لا يميزه، فأشاروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فخاطبه وقال: (يا محمد! فقال: قد أجبتك) يعني: قل ما تريد، فسأله وساق الحديث، يعني: أن أبا داود اختصر الحديث وأتى بأوله الذي يدل على محل الشاهد للترجمة، ثم أشار إلى أن الراوي ساق الحديث إلى آخره وسأله الأسئلة التي سأله إياها، ولكن المقصود من الحديث هو دخول المشرك المسجد، فإن هذا رجل كافر دخل المسجد، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه، والمتكي هو الذي يكون جالساً ومتمكناً في الجلوس، والمتربع يقال له: متكئ، وأيضاً يقال لمن كان معتمداً على أحد شقيه: متكئ، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى الثاني في حديث: (ألا أخبركم بأكبر الكبائر وكان متكئاً فجلس) يعني: أنه كان متمايلاً على شيء وبعدها جلس، أراد أن يبين لهم هذا الأمر الخطير وهذا الأمر العظيم وهذا الأمر الفظيع الذي هو قول الزور وشهادة الزور، قال: (فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)، فالمتكئ يطلق على الذي يجلس متربعاً أو متمكناً على وطاء أو على فراش، ويطلق على من كان متكئاً على أحد شقيه، فسواء كان الإنسان متكئاً على شيء أو متكئاً على ذراعه أو على مرفقه فإن هذا يقال له: اتكاء، يعني. معتمد على أحد جنبيه. والحاصل: أن الحديث دال على دخول المشرك أو الكافر إلى المسجد، وقد ذكرنا أن ذلك لا مانع منه، وأن نجاسة الكفار ليست عينية، وإنما هي حكمية. قوله: (فقال له الرجل: يا ابن عبدالمطلب!). يعني: أنه خاطب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: (قد أجبتك) يعني: هات ما عندك.

تراجم رجال إسناد حديث: (دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله، ثم قال: أيكم محمد؟)

قوله: [ حدثنا عيسى بن حماد ]. هو عيسى بن حماد التجيبي الأنصاري الملقب زغبة وهو ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الليث ]. هو الليث بن سعد المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد المقبري ]. هو سعيد بن أبي سعيد المقبري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ]. شريك بن عبد الله بن أبي نمر صدوق يخطئ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي فإنه أخرج عنه في الشمائل وليس في السنن، ومن أخطائه التي جاءت في صحيح البخاري أخطاؤه في حديث الإسراء الطويل الذي ساقه البخاري ، وفيه أوهام جاء بها شريك ، واعتبروها من أخطائه ومن أوهامه، وهي من الأمور التي لم يوجد عنها جواب فيما أورد البخاري في صحيحه؛ لأن كثيراً من الأحاديث التي انتقدت على البخاري أجيب عنها بأجوبة والحق فيها أو في كثير منها مع البخاري ، لكن هذا الذي جاء في حديث شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس في قصة الإسراء مشتمل على أوهام كثيرة انفرد بها شريك ، وقد ذكرها ابن كثير في تفسير سورة الإسراء وقال: إن شريكاً وهم. يعني: أن فيها ضعفاً وأن ما جاء من طريق شريك هو مما انفرد به وهو ضعيف، أما مسلم رحمه الله فإنه أورد الحديث من طريق ثابت بن أسلم عن أنس ثم أتى بطريق شريك ولم يسق لفظه، وإنما قال: فزاد ونقص وقدم وأخر، يعني: أن مسلماً رحمه الله أشار إلى حديث شريك إشارة وأن فيه زيادات ونقصاناً وتقديماً وتأخيراً، ولم يسق لفظه، وإنما ساق لفظ ثابت البناني أما البخاري فإنه ساقه بلفظه، وهذا الحديث من الأحاديث التي خالف فيها غيره، وفيه أشياء حصروها وذكروها وعدوها، وهي مذكورة في تفسير ابن كثير في سورة الإسراء، وفي كتاب الحافظ ابن حجر فتح الباري. وكما هو معلوم أن شريك بن أبي نمر و شريكاً القاضي مختلفان في الطبقة؛ لأن هذا من طبقة التابعين يروي عن أنس وأما شريك القاضي فهو من طبقة شيوخ أصحاب الكتب الستة في طبقة متأخرة، فلا يلتبس هذا بهذا؛ لأن أحدهما يأتي في آخر الإسناد والآخر يأتي في أول الإسناد. [ أنه سمع أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


شرح حديث: (بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عمرو حدثنا سلمة حدثني محمد بن إسحاق حدثني سلمة بن كهيل و محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب عن ابن عباس قال: (بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم عليه فأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله، ثم دخل المسجد... فذكر نحوه، قال: فقال: أيكم ابن عبد المطلب؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا ابن عبد المطلب، قال: يا ابن عبد المطلب....) وساق الحديث ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأبو داود رحمه الله أورده بعد الحديث الأول، والذي يفهم منهما أن القصة واحدة إلا أن هذه الرواية جاءت عن ابن عباس والأولى جاءت عن أنس ، وهذه الرواية فيها أنه أناخ البعير في باب المسجد، بخلاف الرواية السابقة ففيها أنه أناخه في المسجد، وأنه دخل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخاطبه، والحديث فيه أن الكافر دخل المسجد، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث تحت هذه الترجمة، ولم يسق باقي الحديث؛ لأن المقصود منه الاختصار والاقتصار على محل الشاهد للترجمة، وهو دخول الكافر أو المشرك المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: (بعث بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة إلى رسول الله ...)

قوله: [ حدثنا محمد بن عمرو ]. محمد بن عمرو الملقب زنيج ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا سلمة ]. هو سلمة بن الفضل وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة في التفسير. [ حدثني محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني سلمة بن كهيل ]. سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و محمد بن الوليد بن نويفع ]. محمد بن الوليد بن نويفع مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن كريب ]. هو كريب مولى ابن عباس وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (أن اليهود أتوا النبي وهو جالس في المسجد ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري حدثنا رجل من مزينة ونحن عند سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في أصحابه، فقالوا: يا أبا القاسم! في رجل وامرأة زنيا منهم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد في شأن رجل وامرأة زنيا منهم)، والمفهوم من ذلك أن اليهود دخلوا المسجد، وأنهم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث، يعني: أن الكافر المشرك دخل المسجد، وهذا الحديث دال على ما دل عليه الذي قبله، ولكن الحديث في إسناده رجل مبهم، وهو رجل من مزينة، والحديث ضعفه الألباني ، ولعله ضعفه بسبب هذا الرجل المبهم. وقصة اليهودي الذي زنى ثابتة في الصحيحين، ولكن الكلام في قصة الدخول في المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن اليهود أتوا النبي وهو جالس في المسجد ...)

قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا رجل من مزينة ]. لم نجد له تسمية، حتى في تهذيب التهذيب لما ذكر الزهري وذكر الذين روى عنهم مع الإبهام لم يذكر هذا معهم. [ عن أبي هريرة ]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عنه صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق فرضي الله عنه وأرضاه، و سعيد بن المسيب ليس من رجال الإسناد في الحديث، وإنما ذكر أنهم كانوا عنده.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-10-2022, 08:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

ما جاء في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة


شرح حديث: (جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً)

[ قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد عن عبيد بن عمير عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة بعنوان: باب في المواضع التي لا تجوز فيها الصلاة، والأصل أن الأرض كلها مكان للصلاة، وأنه يصلى في أي مكان من الأرض إلا ما عرف أن فيه نجاسة وما عرفت نجاسته، أو ورد نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يصلى في هذا المكان، وإلا فإن الأصل هو صحة الصلاة في أي مكان، ولهذا سبق أن مر في حديث عثمان بن أبي العاص الذي قال فيه: (إن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طواغيتهم)، والحديث هذا في إسناده من ضعف به، ولكن كون الطواغيت هذه أزيلت، واتخذ مكانها مسجد لا بأس بذلك؛ لأن الأصل هو صحة الصلاة في أي مكان طاهر من الأرض، إلا ما جاء النهي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً)، يعني: يتيمم فيها وتكون الطهارة لأرضها وترابها أو أي شيء منها، وجعلت مسجداً يصلى فيه، وجاء في حديث آخر: (فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فعنده مسجده وطهوره) يعني: أنه يتيمم ويصلي أينما أدركته الصلاة. قوله: (جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً) هذا يفيد بأن أي جزء من الأرض يتيمم به، وأنه لا يختص الأمر بالتراب والأرض الترابية، وليس معنى ذلك أن الإنسان إذا كان في أرض جبلية وأرض حجرية أو أرض ليس فيها تراب أنه لا يتيمم حتى يحصل تراباً، بل يتيمم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً)، فيتيمم الإنسان على الحصى ويتيمم على الحجارة ويتيمم على أي شيء من الأرض، وعموم الحديث يدل على ذلك، وما جاء في بعض الأحاديث أنه قال: (تربتها) فهذا لا يدل على اختصاص الحكم بالتربة دون غيرها، لأن هذا يدخل تحت القاعدة المشهورة: إذا جاء لفظ عام ثم جاء فرد من أفراد العام بحكم العام فإنه لا يخصص العام؛ لأن قوله: (جعلت الأرض طهوراً وجعلت تربتها طهوراً)، يدل على أن التربة هي جزء من الأرض، يعني: أنه جاء حكم عام للأرض، وجاء حكم خاص لشيء من الأرض، ووجود هذا الخاص لا يبطل العموم، ولكن أكثر ما يمكن أن يقال: إن هذا الخاص ذكر مرتين: مرة مندرجاً تحت اللفظ العام الذي هو التراب، ومرة جاء منصوصاً عليه بخصوصه، ومن القواعد الأصولية: أن إفراد فرد من أفراد العام بحكم العام لا يقصر عمومه عليه، يعني: لا يلغي العموم ثم يقصر الحكم على هذا النوع الذي جاء ببعض الألفاظ، سواءً كان مخصصاً أو محدداً وهو هنا التربة، ولهذا اختلف العلماء في هذا، فمنهم من قال: التيمم لا يكون إلا بالتراب ولا يكون إلا بالصعيد، ومنهم من قال: التيمم يكون بجميع أجزاء الأرض وأن الإنسان في أي مكان كان فإنه يتيمم ويصلي، ولو لم يكن عنده في الأرض رمل وتراب، لو كانت الأرض حجرية، فإنه يتيمم بالغبار الذي على الحجارة، مما يعلق بها، فإنه يكفي. ومثل ذلك الحديث الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الشفعة في كل شيء) ثم جاء حديث يبين ما يتعلق بالأرض والحدود والطرق، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا وضعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) فبعض العلماء يجعل الحكم بالشفعة إنما هو في العقار وفي الأرض، ومنهم من يرى عمومه في كل شيء، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (الشفعة في كل شيء)، أي: سواء كان عقاراً أو غير عقار، فإذا كان لشخصين سيارة وأحد الشريكين باع نصيبه من السيارة فللآخر حق الشفعة، وكذلك إذا كان لاثنين بعير مشترك بينهما وأحد الشخصين باع حصته من البعير على شخص آخر، فلشريكه حق الشفعة، لعموم قوله: (الشفعة في كل شيء)، وقوله: (إذا وضعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة) فالحديث الذي جاء في العقار لا يخصص الحكم بالعقار، وإنما أكثر ما في الأمر أن العقار ذكر في بعض الأحاديث، فلا يقصر عموم الشفعة في كل شيء عليه. وكذلك الحديث الذي فيه: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، هذا لفظ عام، وجاء في بعض الروايات: (إذا ابتاع الرجل سلعة ووجدها عند رجل قد أفلس فهو أحق بها من غيره) فقوله: (إذا ابتاع) يعني: أن السلعة دخلت عليه عن طريق البيع، وهذا لا يقصر الحكم قوله: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء) يعني: أنه إذا كان وصل إليه عن طريق البيع فهذا هو الذي يصير أحق، وليس معنى ذلك أنه وصل إليه من أي طريق أخرى فإنه لا يكون أحق به، بل العموم باقٍ على عمومه، وإفراد فرد من أفراد العام لحكم العام لا يقصر عموم حكمه عليه. والخاص يخرج من العام، لكن هناك حمل المطلق على المقيد، لكن القاعدة هذه فيها ذكر الخاص، يعني: أنه أفرد لكنه داخل تحت اللفظ العام، فكأنه ذكر مرتين: مرة على سبيل الانفراد، ومرة على سبيل دخوله مع غيره، فإفراد فرد منه لا يقصر عمومه عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مجاهد ]. هو مجاهد بن جبر المكي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد بن عمير ]. عبيد بن عمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي ذر ]. هو جندب بن جنادة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إن حبي نهاني أن أصلي في المقبرة ...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن داود ، أخبرنا ابن وهب حدثني ابن لهيعة و يحيى بن أزهر عن عمار بن سعد المرادي عن أبي صالح الغفاري أن علياً رضي الله عنه مر ببابل وهو يسير، فجاءه المؤذن يؤذنه بصلاة العصر، فلما برز منها أمر المؤذن فأقام الصلاة، فلما فرغ قال: (إن حبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة، ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (إن حبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في المقبرة، ونهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة) والمقبرة جاء فيها حديث سيأتي، وفيه أنه لا يصلى في المقبرة، والنهي عن الصلاة في المقبرة هو لما يترتب على ذلك من التعلق بأصحاب القبور وصرف شيء لهم من دون الله عز وجل، ولهذا جاء في الحديث: (أن البيوت لا تتخذ قبوراً)، يعني: أنها لا تكون مثل المقبرة لا يصلى فيها، بل الناس يصلون في بيوتهم ولا يجعلونها مثل المقبرة ليست مكاناً للصلاة، وهذا فيه دليل على أن المقبرة ليست مكاناً للصلاة، وأنه لا يصلى في المقبرة، وليس المقصود هو النجاسة، نعم إذا كان هناك أي مكان متنجس فإنه لا يصلى فيه، ولكن المقصود هو سد الذرائع التي توصل إلى الشرك؛ لأن المقبرة إذا صلي بها واتخذت القبور مساجد تكون مكاناً للصلاة، فمعنى هذا: أن هؤلاء الموتى يصرف لهم شيء من حق الله، أو أن ذلك الفعل قد يؤدي إلى أن يحصل ذلك الأمر المحذور، فالمقبرة جاء فيها شيء غير حديث علي رضي الله عنه، جاءت فيها أحاديث عديدة. وأرض بابل هي كغيرها من الأرض، والأصل في الأرض الطهارة، ولا يصار إلى ترك شيء إلا بدليل، وهذا الحديث الذي ورد فيه مقال من جهة أن أبا صالح الغفاري لم يسمع من علي رضي الله عنه، ففيه انقطاع، وعلى هذا فهو غير ثابت، هذا بالإضافة إلى الذين فيهم كلام في رجاله مثل ابن لهيعة وغيره ممن وصف بأنه مقبول، لكن العلة القوية هي علة الانقطاع.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن حبي نهاني أن أصلي في المقبرة ...)

قوله: [ حدثنا سليمان بن داود ]. هو أبو الربيع المصري المهري وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ أخبرنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني ابن لهيعة ]. هو عبد الله بن لهيعة المصري وهو صدوق، احترقت كتبه فتغير حفظه أو اختلط، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وأما النسائي فهو لم يخرج له، وقد مر بنا في سنن النسائي كثيراً أن النسائي إذا جاء معه غيره في الإسناد لا يسميه، وإنما يذكر من يريد أن يخرج عنه ويقول: أخبرنا أبو فلان ورجل آخر، فيحافظ على ذكر ما جاء في الإسناد فلا يحذف الشخص الذي جاء في الإسناد، ولكنه يبهمه، فيقول: ورجل آخر، وعمدته في ذلك الذي أظهره؛ لأنه لا يحتج بابن لهيعة ولا يروي عنه في كتابه، ولهذا لم يذكر فيمن خرج له النسائي . [ و يحيى بن أزهر ]. يحيى بن أزهر صدوق، أخرج له أبو داود. [ عن عمار بن سعد المرادي ]. عمار بن سعد المرادي مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ عن أبي صالح الغفاري ]. هو سعيد بن عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ أن علياً ]. علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، أبو الحسنين صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، فرضي الله تعالى عنه وأرضاه.


طريق أخرى لحديث: (إن حبي نهاني أن أصلي في المقبرة ...) وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أزهر و ابن لهيعة عن الحجاج بن شداد عن أبي صالح الغفاري عن علي رضي الله عنه بمعنى سليمان بن داود قال: فلما خرج، مكان: فلما برز ]. أورد أبو داود الحديث عن علي رضي الله عنه من طريق أخرى، وأحال فيها على الطريق السابقة، وذكر الفرق بين ما في الرواية الأولى وما في هذه الرواية وهي أن في الرواية الأولى (برز) وفي هذه الرواية (خرج) يعني: فلما خرج قال للمؤذن، وفي الأولى: لما برز قال للمؤذن. قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أزهر و ابن لهيعة عن الحجاج بن شداد ]. الحجاج بن شداد مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن أبي صالح الغفاري عن علي ]. قد مر ذكرهما.


شرح حديث: (الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ح وحدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال موسى في حديثه فيما يحسب عمرو : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة). أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة)، وهذا فيه استثناء المقبرة والحمام، وقد ذكرنا أن المقصود من ذلك أنها ليست مكاناً للصلاة، وأنه منع من الصلاة فيها لما يترتب على ذلك من الأمور الخطيرة والأمور العظيمة، ويستثنى من ذلك صلاة الجنازة فإنه يمكن أن يصلى على الجنازة في المقبرة، وهذه الصلاة لا محذور فيها، لأن هذا شيء يتعلق بالميت والصلاة على الميت، وإنما المقصود هو الصلاة التي هي ذات ركوع وسجود، سواء كانت صلاة فرض أو نفل. والحمام هو مكان الاستحمام؛ فإنه يكون فيه غالباً النجاسات، وليس المقصود بالحمام مكان الخلاء؛ فإنه أيضاً لا يكون محلاً للصلاة، وإنما تكون الصلاة في الأماكن الطاهرة والأماكن النظيفة والتي هي بعيدة عن النجاسات.

تراجم رجال إسناد حديث: (الأرض كلها مسجد إلا الحمام والمقبرة)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ ح وحدثنا مسدد ]. ح هي للتحول من إسناد إلى إسناد، ومسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عبد الواحد ]. هو عبد الواحد بن زياد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن يحيى ]. هو عمرو بن يحيى بن عمارة المازني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو يحيى بن عمارة المازني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد ]. هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه سعد بن مالك بن سنان وهو مشهور بكنيته ونسبته، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم."
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21-10-2022, 08:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [069]
الحلقة (100)


شرح سنن أبي داود [069]


للصلاة أحكام شرعية تخصها، منها: النهي عن أدائها في معاطن الإبل؛ لأنه لا يتمكن المصلي من الخشوع فيها لنفور الإبل وشدتها وغلظ طباعها، وقد يلحق به الضرر بذلك، ومن أحكامها أمر الصبيان بها عند بلوغ السابعة وضربهم عليها عند العاشرة، ليتعودوا عليها وليعلموا أحكامها قبل أن يكلفوا بها.

النهي عن الصلاة في مبارك الإبل


شرح حديث: (سئل رسول الله عن الصلاة في مبارك الإبل ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في مبارك الإبل فقال: لا تصلوا في مبارك الإبل؛ فإنها من الشياطين. وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم، فقال: صلوا فيها؛ فإنها بركة). أورد أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن الصلاة في مبارك الإبل، والمقصود من هذه الترجمة هو بيان أن الأماكن التي تبرك فيها الإبل وتكون مقراً لها وتعطن فيها لا يصلى فيها، وليس ذلك لنجاسة أبوالها وأرواثها، فإنها طاهرة، وبول وروث كل ما يأكل لحمه طاهر، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم أرشد العرنيين إلى أن يشربوا من أبوال الإبل وألبانها، وكذلك أدخل البعير في المسجد ليطوف عليه، وفي هذا دلالة على أن بوله وروثه ليس بنجس، ولكن المنع من ذلك والنهي عن ذلك إنما هو لما في الإبل من الشدة ولما فيها من الغلظة وأنها لو حصل منها شرود أو نفور فإنها تلحق الضرر بمن يصلي حولها، أو -على الأقل- تشوش عليه في صلاته، فيكون مشغولاً بما يحصل من نفورها أو شرودها، فيتشوش فكره وذهنه فينشغل عن صلاته، بخلاف الغنم فإنها ليست كذلك لهدوئها وسكينتها، ولو حصل منها نفور أو شرود فإنه لا يحصل الضرر لمن يصلي حولها، وإنما الضرر يكون من الإبل، ولهذا فإن أصحاب الإبل تغلب عليهم الشدة والغلظة، وتكون طباع الإبل وغلظتها وشدتها مؤثرة فيهم، بخلاف أصحاب الغنم، فإنه يكون عندهم السكينة والهدوء؛ لأن شأن الغنم كذلك. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصلاة في مبارك الإبل فقال: (لا تصلوا في مبارك الإبل فإنها من الشياطين). وقوله: [(فإنها من الشياطين)] المقصود من ذلك ما في الإبل من الشدة والغلظة ونفرة الطباع، وهذه الشدة والغلظة صفات من صفات الشياطين، وليس معنى ذلك أن مادتها كمادة الشياطين؛ لأن الشياطين خلقت من نار والإنس أصل مادتهم من تراب. فإذاً: ليس كونها من الشياطين بمعنى أنها خلقت من مادة الشياطين، وإنما المقصود من ذلك أنها من جملة الشياطين أو من جنس الشياطين المتمردة، والمتمرد من الإنس والجن يقال له: شيطان، فالإنس فيهم شياطين والجن فيهم شياطين، وهم المتمردون الذين عندهم الخبث وعندهم السوء وعندهم الشدة وعندهم الغلظة وعندهم الأذى. فإذاً: هذا هو المقصود بكونها من الشياطين، ولهذا فإنه إذا حصل منها شيء والناس حولها يصلون في معاطنها وفي مباركها فإنه يحصل لهم بسببها ما يحصل من الضرر، وكذلك لو كانت ليست في مباركها ومعاطنها فيمكن أن تأتي والناس يصلون في معاطنها ومباركها فيحصل التأثير، وعلى هذا فإن المنع من الصلاة في مبارك الإبل ليس لنجاسة أبوالها وأرواثها، فإنها طاهرة، ولكن لما جاء فيها من وصف الشدة وأنها من الشياطين، أي: فيحصل منها الأذى ويحصل منها الضرر لمن يصلي في مباركها ومعاطنها، سواء أكانت موجودة فيها أم كانت في طريقها إليها أم كانت حولها، فإنه إذا صلى فيها أحد قد تأتي إلى مباركها فيحصل لمن يصلي حولها التشويش على الأقل في صلاته إن لم يحصل له شيء من الضرر بكونها تخبطه أو يحصل له ضرر بفعلها. وقوله: [(وسئل عن الصلاة في مرابض الغنم، فقال: صلوا فيها فإنها بركة)] يعني أنها فيها الهدوء وفيها السكينة، ولا يحصل ضرر على من يصلي في أماكنها؛ لأنها ولو حصل منها نفور فلن يحصل منها أنها تؤذي صاحبها أو من يكون حولها، بخلاف الإبل، فإنها تقتله وتهلكه وتقضي عليه. والغنم وردت فيها بعض الأحاديث، ومنها الحديث الذي فيه ذكر العزلة، وأنه سيأتي زمان يكون فيه خير مال المرء غنيمة يتتبع بها شعف الجبال يفر من الفتن، ولكن المقصود هنا أن الغنم فيها هدوء وفيها سكينة وصاحبها يكون فيه تواضع، والإبل فيها شدة وأصحابها فيهم شدة، ولهذا جاءت الأحاديث في أصحاب الإبل تصفهم بالغلظة والشدة وتصف أصحاب الغنم بالهدوء والسكينة.

تراجم رجال إسناد حديث: (سئل رسول الله عن الصلاة في مبارك الإبل ...)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا أبو معاوية ]. أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عبد الله الرازي ]. عبد الله بن عبد الله الرازي صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند علي و ابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن البراء بن عازب ]. هو البراء بن عازب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

متى يؤمر الغلام بالصلاة


شرح حديث (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب متى يأمر الغلام بالصلاة؟ حدثنا محمد بن عيسى -يعني: ابن الطباع - حدثنا إبراهيم بن سعد عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب متى يأمر الصبي بالصلاة؟] والمقصود من ذلك الوقت الذي يؤمر فيه الصغير بالصلاة، ولا فرق بين الذكر والأنثى، فإن ذكر الصبي أو ذكر الغلام ليس معناه اختصاص الأمر بالذكور دون الإناث، وإنما المقصود من ذلك الأولاد، ولهذا جاء في رواية أو في طريق من الطرق: (مروا أولادكم بالصلاة) والأولاد لفظ يشمل الذكور والإناث. والمقصود من قوله: [متى يأمر الغلام بالصلاة] يعني: حتى يتمرن وحتى يتعود وحتى يكون على علم بالصلاة وكيفيتها، وما هو مطلوب فيها وما مطلوب لها، وما يتعلق بشروطها وأركانها والأمور التي يكون بها أداؤها، حتى إذا جاء سن التكليف يكون على علم سابق بما هو مكلف به، لا أن يترك حتى يبلغ ثم يُعَلم ويمرن، وإنما يمرن قبل أن يبلغ، يمرن وهو صغير، لكن متى؟ هل يؤمر وهو صغير جداً أم أن هناك حداً جاء أمر الآباء والأمهات بأن يأمروا عنده أبناءهم أو أولادهم بالصلاة؟ وردت الأحاديث في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه يؤمر وهو ابن سبع، فإذا بلغ سبعاً فإنه يأمره أبوه وأمه بالصلاة. وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين، وإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها) يعني أنه يؤمر كلاماً وترهيباًً وحثاً إذا بلغ سبع سنين، والأمر بالصلاة يكون بتعليمه إياها وكيفيتها وكذلك ما يسبقها من وضوء وما إلى ذلك، وإذا بلغ عشر سنين وحصل منه تهاون فيها أو امتناع عن أدائها فإنه يضرب على ذلك ضرباً غير مبرح ينفعه ولا يضره، ينفعه في الزجر والتخويف والردع، ولا يضره بأن يلحق به ضرراً في جسمه أو في أعضائه، فيضرب ضرباً غير مبرح ينفع ولا يضر؛ لأنه لا يكلف إلا إذا بلغ، ولكن هذا من أجل التعويد والتمرين والترويض حتى يكون على علم سابق قبل أن يصل إلى البلوغ، حتى إذا بلغ يكون قد عرف ما يتعلق بالصلاة وما هو مطلوب منه، فهو أمر للتمرين وللتعويد وليس لأنه مكلف؛ لأن القلم رفع عن الصغير حتى يبلغ، كما جاء في الحديث: (رفع القلم عن ثلاثة: المجنون حتى يفيق، والصغير حتى يبلغ، والنائم حتى يستيقظ) يعني أن هؤلاء مرفوع عنهم القلم، وعلى هذا فأمر الصبي إنما هو من أجل تعويده لا من أجل أنه مكلف. قال بعض أهل العلم: وكون الغلام يضرب على الصلاة وهو لم يبلغ يدل على أن العقوبة إذا حصل البلوغ أشد. قالوا: وليس هناك أشد من الضرب إلا القتل. أي: أن القتل هو الذي يأتي وراء الضرب. وقد اختلف العلماء في حكم تارك الصلاة هل يقتل حداً أو يقتل ردةً أو أنه لا يقتل ولكنه يسجن، على أقوال في ذلك، ولكن أرجحها أن من ترك الصلاة متعمداً فإنه يكون كافراً، وقد جاءت في ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تدل على ذلك، ومنها قوله: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وقوله: (بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة) وكذلك ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج على الأئمة أنه لا يخرج عليهم إلا إذا وجد كفر بواح عند الناس فيه من الله برهان، وجاء أنهم لا ينابذوا ما صلوا، أي أنه إذا كانوا يصلون لا يخرج عليهم؛ لأنهم مسلمون، وإذا لم يصلوا فإنه يخرج عليهم، فكل هذه الأحاديث تدل على كفر تارك الصلاة. والحاصل أن ما جاء في الحديث من ذكر الضرب لمن بلغ العشر وهو غير مكلف يدل على أنه إذا كلف تكون العقوبة أشد.

تراجم رجال إسناد حديث: (مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ...)
قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى يعني: ابن الطباع ]. محمد بن عيسى بن الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و الترمذي في الشمائل و ابن ماجة . وكلمة [يعني: ابن الطباع] قالها من دون أبي داود ؛ لأن أبا داود لا يحتاج إلى أن يقول: (يعني)، وإنما الذي يقول ذلك هو من دونه. [ حدثنا إبراهيم بن سعد ]. إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة ]. عبد الملك بن الربيع بن سبرة وثقه العجلي ، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. أبوه هو الربيع بن سبرة، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن جده ]. جده هو سبرة بن معبد الجهني رضي الله عنه، صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن.


شرح حديث: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مؤمل بن هشام -يعني: اليشكري -حدثنا إسماعيل عن سوار أبي حمزة -قال أبو داود : وهو سوار بن داود أبو حمزة المزني الصيرفي -عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع). ] أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع)]. وهنا قال: [(مروا أولادكم)] وهذا يشمل الذكور والإناث، كما قال الله عز وجل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، فذكر الأولاد وأن ميراثهم للذكر مثل حظ الأنثيين، وذكر الأولاد يشمل الذكور والإناث، فقوله: [(أولادكم)] يعني ذكورهم وإناثهم. وقوله: [(مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين)]، متفق مع حديث سبرة بن معبد الذي قبله، وهنا زيادة: [(وفرقوا بينهم في المضاجع)] يعني أنهم لا يضطجع بعضهم مع بعض؛ حتى لا يحصل شيء من دواعي الشر أو شيء من الشيطان بحيث يحرك بعضهم على بعض، فلا يكون هناك اضطجاع من بعضهم مع بعضهم، وإنما يكون هناك تفريق، سواء أكانوا ذكوراً وإناثاً أم ذكرواً فقط أم إناثاً فقط؛ لأنه عندما يحصل التقارب يحصل بسببه شيء من تحريك الشهوة أو الفتنة أو ما إلى ذلك، فجاءت السنة بأن يمرنوا على ذلك، وأن يعودوا على ذلك وهم صغار، بحيث يبتعد بعضهم عن بعض، ولا يكون هناك تلاصق وتقارب بحيث يحصل معه شيء لا تحمد عقباه.


تراجم رجال إسناد حديث: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ...)

قوله: [ حدثنا مؤمل بن هشام -يعني اليشكري- ]. مؤمل بن هشام اليشكري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . وكلمة [يعني: اليشكري] هي ممن دون أبي داود ؛ لأن مؤمل بن هشام شيخه، فلا يحتاج إلى أن يقول فيه (يعني) وإنما الذي يحتاج إليه هو من دونه. [ حدثنا إسماعيل ]. هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم، المشهور بابن علية، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سوار أبي حمزة- قال أبو داود : وهو سوار بن داود أبو حمزة المزني الصيرفي ]. لما ذكر أبو داود رحمه الله هذا الراوي الذي يروي عنه إسماعيل بن علية، وهو سوار أبو حمزة المذكور باسمه وكنيته أراد أن يوضح اسمه واسم أبيه ونسبته؛ لأنه حصل هناك اختلاف في ذكر اسمه في التقديم والتأخير، ووهم بعضهم في ذكر اسمه، فأراد المصنف أن يوضح اسمه ونسبه على الصواب؛ حتى يتبين بعد ذلك أن ما جاء خلاف ما نبه عليه غير صحيح، وأن الصحيح هو هذا، والذي جاء في هذه الرواية صحيح لكنه مختصر، ففي السند أنه سوار أبو حمزة ، ولم يذكر اسم أبيه ولا نسبته، فذكرها المصنف وقال: [ وهو سوار بن داود أبو حمزة الصيرفي ] فأبو داود أراد أن يوضح هذا الشخص الذي ذكر باسمه وكنيته فقط؛ لأنه سينبه فيما بعد على أنه حصل خطأ من بعض الرواة في ذكر اسمه بالتقديم والتأخير بينه وبين أبيه، وبعضهم، وهم في اسمه كما سينبه على ذلك، فهذا هو السبب الذي جعل أبا داود يذكر في الإسناد واسمه واسم أبيه وكنيته ونسبته. وهو صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و ابن ماجة. [ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ]. هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن، وهو يروي عن أبيه شعيب بن محمد بن عبد الله ، وهو -أيضاً- صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وفي الأدب المفرد وأصحاب السنن الأربعة، وهو يروي عن جده، والمراد بالجد هو عبد الله بن عمرو بن العاص ، والمقصود من ذلك أن شعيباً يروي عن جده وليس عن أبيه، والمقصود بالجد هو عبد الله بن عمرو جد شعيب ، وهو -أيضاً- يكون جد عمرو بن شعيب ، ولكن ليس المقصود أن الجد هو جد عمرو ؛ فإنه سيكون محمداً وليس عبد الله بن عمرو ، وإذا كان كذلك فإنه يكون مرسلاً؛ لأن محمداً تابعي، وليس له رواية عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والحديث متصل لا انقطاع فيه ولا إرسال، فعمرو يروي عن شعيب و شعيب يروي عن عبد الله، وليس عن محمد ، ولهذا قال الحافظ ابن حجر صح سماعه من جده عبد الله بن عمرو . يعني: صح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما صحابي جليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عباس. ويقولون في الإسناد الذي فيه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إنه يكون حسناً إذا صح الإسناد إلى عمرو . فإذا صح الإسناد وإذا استقام الإسناد إلى عمرو فهو من قبيل الحسن؛ لأنه صدوق وأبوه صدوق، فالإشكال هو فيما إذا كان الضعف دون عمرو، وأما إذا وصل الإسناد إليه واستقام إليه فحديثه حسن.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21-10-2022, 10:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ...) من طريق أخرى
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا وكيع حدثني داود بن سوار المزني بإسناده ومعناه وزاد: (وإذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة). قال أبو داود : وهم وكيع في اسمه، وروى عنه أبو داود الطيالسي هذا الحديث فقال: حدثنا أبو حمزة سوار الصيرفي ]. هنا وقع قلب في الإسناد، فداود بن سوار هو سوار بن داود ، ولهذا فإن أبا داود رحمه الله لما قال في أثناء الإسناد المتقدم: [ وهو سوار بن داود أبو حمزة الصيرفي ] أراد أن يبين أنه سيأتي في هذا الإسناد اسمه مقلوباً. وقوله: [ بإسناده ومعناه وزاد: (وإذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة) ]. يعني: أنه بمعنى الحديث المتقدم، وفيه زيادة: [(وإذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة)] لأن ذلك عورة، والمقصود بالخادم هنا الأمة، فإذا كان الإنسان له أمة وهي ملك يمين كما هو معلوم فله أن يجامعها وأن يستمتع بها ويطلع على عورتها وتطلع على عورته. فإذا زوجها: فلا ينظر إلى ما فوق الركبة ودون السرة؛ لأن بضعها خرج من ملكه، وانتقل من كونه حلالاً له إلى كونه حلالاً لغيره وحراماً عليه؛ لأن الأمة التي تكون في عصمته هي التي تكون عنده يجامعها، ثم بعدما يستبرؤها ويزوجها يحرم عليه الاستمتاع بها ويحرم عليه النظر إلى عورتها، وكذلك أيضاً يمكن أن يكون الضمير في قوله: [(لا ينظر)] عائداً على الخادم، يعني: لا تنظر إلى السيد؛ لأنه صار حراماً؛ لأن في الحديث: (احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك)، وهي بالنسبة لملك اليمين خرجت عنه من حيث منفعة الاستمتاع إذا زوجها، وإنما تكون منفعة الاستمتاع له حيث لا تكون مزوجة، فإذا كانت كذلك فهو الذي يستمتع بها ويرى عورتها وترى عورته، لكن إذا زوجها صار الزوج هو الذي حل محله في ذلك بحيث يرى عورتها وترى عورته. وقوله: (إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره) يعني: غلامه الذي هو مملوك له، أو شخصاً أجيراً عنده، أي أنه حر، لكنه استأجره ليخدمه بالأجرة، فإذا زوجه أمته فليس للسيد أن ينظر إلى عورة الأمة؛ وليس له أن ينظر إلى بضعها ولا إلى عورتها، وكذلك الأمة لا تنظر إلى عورة سيدها؛ لأن الاستمتاع ليس له وإنما هو لغيره.

تراجم رجال إسناد حديث (مروا أولادكم بالصلاة ..) من طريق أخرى

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. زهير بن حرب هو أبو خيثمة النسائي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وقد أكثر عنه الإمام مسلم ، قال الحافظ في التقريب : روى عنه مسلم أكثر من ألف حديث، والأحاديث التي رواها عنه مسلم تبلغ ألفاً ومائتين وزيادة، وأكثر منه أبو بكر بن أبي شيبة ، فإن مسلماً أكثر من الرواية عنه، والأحاديث التي رواها عنه تزيد على ألف وخمسمائة حديث. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني داود بن سوار المزني ]. داود بن سوار المزني هو سوار بن داود، وقد مر ذكره. وقوله: [ قال أبو داود : وهم وكيع في اسمه، وروى عنه أبو داود الطيالسي هذا الحديث فقال: حدثنا أبو حمزة سوار الصيرفي ]. يعني: وهم وكيع في اسمه حيث قلبه، فذكر أن اسمه داود، وهو ليس اسمه داود وإنما اسمه سوار ، واسم أبيه داود وليس سوار بن داود ، وهذا هو الذي جعل أبا داود في أثناء الإسناد المتقدم يذكر اسمه واسم أبيه ونسبته؛ حتى يبين الوهم الذي حصل ممن رواه مقلوباً، وذلك بعد ذكر اسمه على الصواب مختصراً. فإذاً: الذي في الإسناد داود بن سوار ، وهو سوار بن داود ، وإنما حصل خطأ، وليس هو شخصاً آخر غير الشخص الأول، وإنما هو الشخص الأول نفسه، ولهذا قال أبو داود : [ وهم وكيع في اسمه ] حيث قلبه وجعل اسمه لأبيه واسم أبيه له، فصار مقلوباً. والحديث فيه أن الأجير هو الذي تزوج، والعبد هو الذي تزوج، والمقصود بالخادم في هذا الحديث الأمة، والسيد لا ينظر إلى عورة العبد، ولكن ينظر إلى عورة الأمة، لأنها حلال له، فله أن ينكحها ويستمتع بها، كما قال صلى الله عليه وسلم: (احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك)، وكما قال الله عز وجل: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ [المؤمنون:5-6] يعني: الزوجات والإماء. والسيد لا ينظر إلى عورة الأمة إذا تزوجت، والأمة كذلك لا تنظر إلى عورة السيد؛ لأن الاستمتاع بينهما انتهى، وصار الاستمتاع بين هذه الأمة المزوجة وزوجها، سواءٌ أكان ذلك الزوج عبداً مثلها أو أجيراً استأجره سيدها، ومن المعلوم أن الحر لا ينكح الأمة إلا بالشرط الذي ذكره الله عز وجل في القرآن: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:25]. وقوله: [ قال أبو داود : وهم وكيع في اسمه، وروى عنه أبو داود الطيالسي ]. يعني: رواه عن سوار ، و أبو داود الطيالسي هو سليمان بن داود أبو داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. فرواه على الصواب، ولكن فيه اختصار، حيث قال: [حدثنا أبو حمزة سوار الصيرفي وهذا صحيح مستقيم؛ لأنه هو أبو حمزة سوار الصيرفي ]، ولكن لم يذكر اسم أبيه، ولم يهم فيه كما وهم وكيع .

شرح حديث: (... إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن داود المهري حدثنا ابن وهب حدثنا هشام بن سعد حدثني معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني قال: دخلنا عليه فقال لامرأته: متى يصلي الصبي؟ فقالت: كان رجل منا يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك فقال: (إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث رجل من الصحابة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الصبي متى يؤمر بالصلاة فقال: [(إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة)]، وهذا مخالف لما جاء في الأحاديث السابقة التي فيها أن الأمر منوط بالسن وليس بمعرفة اليمين والشمال؛ لأن معرفة اليمين والشمال يمكن أن تحصل قبل بلوغ السنة السابعة، فيمكن للإنسان أن يعرف اليمين من الشمال في سن مبكرة، فالعبرة ليست في تعليق ذلك بمعرفة اليمين من الشمال، وإنما هي ببلوغ سبع سنين كما جاء بذلك حديث سبرة وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما. فهذا الحديث فيه بيان أن الأمر بالصلاة منوط بمعرفة اليمين والشمال، ولكن الحديث غير صحيح وغير ثابت، والصحيح الثابت هو ما تقدم من إناطة ذلك بالسن وتعليقه بالسن وبلوغ الغلام سبع سنين.

تراجم رجال إسناد حديث: (... إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة)

قوله: [ حدثنا سليمان بن داود المهري ]. سليمان بن داود المهري هو أبو الربيع المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام بن سعد ]. هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني ]. معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني صدوق ربما وهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ قال: دخلنا عليه ]. في عون المعبود قال: إن هشاماً قال: دخلنا عليه. يعني: على معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني فقال لامرأته...، وعلى هذا فالمدخول عليه مسمى في الحديث، لكن فيه إشكال من حيث الإسناد؛ لأنه قال: حدثني معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهني قال: دخلنا عليه فقال لامرأته .... ومعنى هذا أن معاذاً ليس من رجال الإسناد، وأنهم سمعوا من امرأته، وأن امرأته هي التي قالت كذا وكذا، والإسناد هو عن هذه المرأة، وهذه المرأة ترويه عن الرجل الذي منهم، فيكون المعنى أنهم دخلوا عليه وأنه قال لامرأته وأخبرهم بما قالت، يعني: ما كانوا يسمعون الكلام بينه وبين امرأته، وإنما سألها وأخبرهم، وعلى هذا يكون التحديث على بابه. لكن إذا كانوا دخلوا عليه وسأل امرأته فأجابت فهو إذاً ليس من رجال الإسناد، وإنما دخلوا عليه وهو سأل امرأته، وامرأته أخبرت عن رجل منهم -من جهينة- أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك فقال: [(إذا عرف يمينه من شماله فإنه يؤمر بالصلاة)] فالعبارة فيها إشكال من ناحية قوله: (حدثني) فإذا كان المقصود أنه من رجال الإسناد وأنهم لم يسمعوا امرأته وإنما كان هو يخبرهم عما حصل بينه وبين امرأته فعند ذلك يكون حدث هو عن امرأته، وامرأته حدثت عن الرجل الذي أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك. وإذا كان ليس من رجال الإسناد فمعناه أنهم دخلوا عليه، وأنهم سمعوا كلامه من امرأته ورووا عن امرأته. وامرأته لا أعرف عنها شيئاً، والإسناد -كما هو معلوم- فيه هذا الخفاء وفيه هذا الإبهام، ثم إن هذا الحديث مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في إناطة ذلك بالسن وليس بمعرفة الشمال من اليمين؛ لأن معرفة الشمال من اليمين قد تحصل في زمن مبكر قبل سن السابعة والسادسة، فقد يكون الولد يعرف اليمين من الشمال قبل ذلك، وعلى هذا فيكون الناس متفاوتين في ذلك، ولا يكون هناك ميزان متساوٍ بين الناس، بل كل واحد يُسأل: هل يعرف الشمال من اليمين؟ وعند ذلك يؤمر، وأما إذا كان الاعتبار بالسن لحديث: (مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين) فكل من بلغه حديث السن يجعل الحد الفاصل هو العمر، وليس معرفة اليمين من الشمال.

بدء الأذان


شرح حديث: (اهتم النبي صلى الله عليه وسلم كيف يجمع الناس للصلاة ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب بدء الأذان. حدثنا عباد بن موسى الختلي و زياد بن أيوب -وحديث عباد أتم- قالا: حدثنا هشيم عن أبي بشر قال: قال زياد : أخبرنا أبو بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار، قال: (اهتم النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً. فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القنع -يعني: الشبور، وقال زياد : شبور اليهود- فلم يعجبه ذلك وقال: هو من أمر اليهود. قال: فذكر له الناقوس، فقال: هو من أمر النصارى. فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه وهو مهتم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له: يا رسول الله! إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوماً، قال: ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ما منعك أن تخبرني؟ فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بلال ! قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله. قال: فأذن بلال رضي الله عنه، قال أبو بشر : فأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذ مريضاً لجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً) ]. أورد أبو داود رحمه الله [باب: بدء الأذان] أي: حصول بدء الأذان، وكيف بدأ الأذان. والأذان في اللغة: الإعلام. وفي الشرع: الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. والألفاظ المخصوصة هي: الله أكبر الله أكبر.. إلى آخره، فهذا هو المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، والمعنى الشرعي هو جزء من جزئيات المعنى اللغوي، وغالباً ما تأتي المعاني الشرعية بصورة أجزاء من المعاني اللغوية، حيث إن المعنى اللغوي عام والمعنى الشرعي خاص، أي أنه جزء منه. مثل ذلك: الحج، فالحج لغة: القصد، وشرعاً: القصد إلى بيت الله الحرام لفعل أعمال مخصوصة. والعمرة لغة: الزيارة -أيّ زيارة-، وفي الشرع: زيارة البيت الحرام للطواف به والسعي بين الصفا والمروة. فالعمرة في الشرع: زيارة مخصوصة وليست كأي زيارة. وكذلك الصيام، فهو في اللغة: الإمساك، أي إمساك عن أي شيء كالكلام والأكل وغيرهما، فهذا يقال له في اللغة: إمساك. وفي الشرع: إمساك مخصوص عن الأكل والشرب وسائر المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. إذاً المعاني اللغوية أوسع في الغالب، والمعاني الشرعية تكون جزءاً من جزئيات المعنى اللغوي، وقد يأتي المعنى الشرعي أعم من المعنى اللغوي، مثل: الصلاة، فهي في الشرع أعم منها في اللغة؛ لأن الصلاة لغة: الدعاء، وأما في الشرع فهي أقوال وأفعال مخصوصة مبتدأة بالتكبير ومختتمة بالتسليم، فـ(تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فالأذان في اللغة: الإعلام وهو معنىً عام، وفي الشرع هو: الإعلام بدخول وقت الصلاة بألفاظ مخصوصة. وكيف بدأ الأذان؟ إن الأذان أول ما بدأ كان عندما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، ومكة لم يكن فيها أذان، بل كان هناك سرية بسبب الإيذاء، حيث كانوا إذا جهروا بالصلاة آذاهم المشركون، ولهذا جاء في القرآن: وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا [الإسراء:110]، فكانوا يؤذونهم إذا رفعوا أصواتهم بالقراءة، وبعدما جاءوا المدينة بدأ الأذان. وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بأمر إعلام الناس بدخول الوقت، فتكلم مع أصحابه في ذلك، فبعضهم أشار بأن تنصب راية إذا دخل الوقت فإذا رآها الناس يخبر بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، ومن المعلوم أن وضع الراية وإن كان يمكن أن يستفاد منه في النهار فلا يستفاد منه بالليل؛ لأن الراية لا تُرى في الليل، فذكر له ما كان يفعله اليهود فلم يعجبه، ثم ذكر له ما عند النصارى فلم يعجبه، وكان عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه قد اهتم كما اهتم الناس باهتمام النبي صلى الله عليه وسلم، فنام وجاءه في منامه آت وألقى عليه الأذان كما سيأتي مبيناً في الأحاديث القادمة أنه أخبره وقال: ألا أدلك على شيء. فألقاه عليه بهذه الألفاظ التي هي خمس عشرة جملة، والتي سيأتي بيانها في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه في باب: (كيف الأذان) والذي فيه ذكر ألفاظه، وترتيبه، وبيان الرؤيا التي رآها، وكيف رآها. فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنها رؤيا حق إن شاء الله)، وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم واعتبرها وجاءه الوحي في ذلك، فأمر عبد الله بن زيد بن عبد ربه أن يلقي ذلك على بلال ؛ لأنه أندى منه صوتاً، وليس لكون عبد الله بن زيد مريضاً كما جاء في آخر الحديث، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (القه على بلال ؛ لأنه أندى منك صوتاً)، فأذن بلال وجاء عمر وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى نفس الرؤيا، فتواطأت رؤياهما، فقال له: [(لماذا لم تخبرني؟ فقال: سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت)]. وقوله: [ قال: فذكر له القنع يعني: الشبور ]. القنع والشبور هو البوق، وهو من فعل اليهود. ثم أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بلالاً بأن يأخذ ألفاظ الأذان من عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رضي الله عنه فأذن في الناس. قوله: [ قال أبو بشر -وهو الراوي عن أبي عمير بن أنس بن مالك - : فأخبرني أبو عمير أن الأنصار تزعم أن عبد الله بن زيد لولا أنه كان يومئذٍ مريضاً لجعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذناً ] ليس بصحيح، لكن الأمر كما في الرواية التي ستأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إن بلالاً أندى منك صوتاً فألق الأذان عليه)، فأذن بلال رضي الله عنه بتلك الألفاظ التي أريها عبد الله بن زيد بن عبد ربه في المنام.

تراجم رجال إسناد حديث: (اهتم النبي صلى الله عليه وسلم كيف يجمع الناس للصلاة)

قوله: [ حدثنا عباد بن موسى ]. عباد بن موسى الختلي ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ وزياد بن أيوب ]. زياد بن أيوب ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ وحديث عباد أتم ]. عباد هو الشيخ الأول، وقد ساق أبو داود الحديث على روايتي عباد و زياد . [ قالا: حدثنا هشيم ]. هو هشيم بن بشير الواسطي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بشر ]. أبو بشر هو جعفر بن أبي وحشية وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال زياد : أخبرنا أبو بشر ]. هذا يعني أن عباداً جاء عنده الإسناد في رواية هشيم عن أبي بشر بالعنعنة فقال: عن أبي بشر وأما في رواية زياد فقال: أخبرنا أبو بشر . وذلك أن هشيماً مدلس، والأول روى بالعنعنة، والثاني صرح بالتحديث، فالتدليس هنا ليس فيه محذور ما دام أنه وجد التصريح بالتحديث أو بالإخبار في إحدى الطريقين، فهذا هو السبب الذي جعل أبا داود رحمه الله يبين اختلافهم في صيغة الأداء، وفيها فائدة، وهي أن التدليس لا يؤثر ما دام أنه قد وجد التصريح بالسماع. [ عن أبي عمير بن أنس ]. هو أبو عمير بن أنس بن مالك ، وقيل: اسمه: عبد الله وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عمومة له من الأنصار ]. لا أعرف من هم، ولكن ذلك لا يؤثر؛ لأنه غالباً يكون المقصود أنهم صحابة، وقوله: [عن عمومة له ..] المقصود به ابن أنس بن مالك، فهم صحابة وهو تابعي ابن صحابي. وكأنه يعني بالعمومة شخصاً واحداً من أعمامه.

الأسئلة


راوي حديث: (إذا عرف يمينه من شماله)

السؤال: جاء في الحديث: كان رجل منا يذكر عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك فقال: (إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة)، فمن هو راوي هذا الحديث، أو من هو هذا الرجل؟

الجواب: هذا الرجل مجهول."
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21-10-2022, 10:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [070]
الحلقة (101)


شرح سنن أبي داود [070]


الأذان شعيرة من شعائر الدين، وهو إعلام بدخول وقت الصلاة، وأن تكون الصلاة في المسجد لا في البيت، وهو دال على صلاة الجماعة، وقد تعددت الروايات الثابتة في ألفاظه وألفاظ الإقامة، وكلها حق، ويحسن في المؤذن أن يكون ندي الصوت جهوراً فيه، حتى يسمع الناس الأذان ليقصدوا المساجد ولينتبه الغافل منهم.

كيفية الأذان


شرح حديث: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف الأذان. حدثنا محمد بن منصور الطوسي حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال: حدثني أبي: عبد الله بن زيد قال: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوساً في يده، فقلت: يا عبد الله! أتبيع الناقوس؟ قال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة، قال: أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟! فقلت له: بلى. قال: تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله. قال: ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: ثم تقول إذا أقمت الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله. فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال: إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به؛ فإنه أندى صوتاً منك، فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو في بيته، فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق -يا رسول الله- لقد رأيت مثلما رأى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلله الحمد) ]. قوله: [ باب كيف الأذان ]. المقصود من هذه الترجمة بيان كيفية الأذان، أي: ألفاظه، وصيغه، وكيفية أدائه، وبيان كيف يؤذن المؤذن، والألفاظ التي يؤذن بها، وهل يرفع صوته بذلك، واستحباب اختيار من يكون صوته ندياً، فإنه يكون مقدماً على غيره في ذلك، كل هذا هو المقصود من الترجمة. وقد أورد المصنف رحمه الله جملة من الأحاديث التي فيها بيان كيفية الأذان، وهي بصيغ مختلفة في الزيادة والنقصان، وكذلك الإقامة، وما صح من ذلك فإن الاختلاف فيه من قبيل اختلاف التنوع، فكلها حق، وإذا أخذ المؤذن بأي صيغة مما ورد وثبت فإن ذلك يكون صحيحاً ويكون حقاً، وهو مثل ألفاظ التشهد وألفاظ الاستفتاح التي جاءت بصيغ مختلفة، فأي واحد منها يُعمل به فإنه يكون حقاً ما دام أنه ثابت، ويسمى الاختلاف هنا اختلاف تنوع، واختلاف التنوع لا يؤثر، والألفاظ المختلفة أو الأقوال المختلفة أو المتعددة كلها أنواع للحق لا اختلاف بينها ما دام أنها ثبتت كلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست من قبيل اختلاف التضاد الذي يكون فيه أحد الطرفين مصيباً والآخر مخطئاً، والذي ليس فيه كل مجتهد مصيب، بل المصيب واحد؛ لأن الحق واحد، فمن أصاب الحق حصّل أجرين، ومن أخطأه حصّل أجراً واحداً؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا أجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) أي أن المجتهدين ينقسمون إلى مصيب، ومخطئ، وإنما يصيب الحق من يصيبه ويخطئه من يخطئه، والكل مأجور مع التفاوت في الأجر، ولكن يصلح أن يقال: كل مجتهد مصيب أجراً، ولا يعدم المجتهد الأجر أو الأجرين، ولكن ليس كل مجتهد مصيباً حقاً؛ لأن الحق لا يتنوع إلا في اختلاف التنوع، أما اختلاف التضاد فلا، كأن يكون الأمر حلالاً وحراماً، أو تبطل به الصلاة، وتصح به الصلاة، أو ينقض الوضوء ولا ينقض الوضوء، فكل هذا من قبيل اختلاف التضاد، والمصيب فيه واحد فقط. وأما اختلاف التنوع كاختلاف ألفاظ الأذان، واختلاف ألفاظ التشهد، واختلاف ألفاظ الاستفتاح، فكل ما صح وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الألفاظ فإن كل ذلك حق، وهو من قبيل اختلاف التنوع، وكلها أنواع وأوجه للحق. وأورد المصنف رحمه الله حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رضي الله تعالى عنه في شأن الأذان... وقد مرّ في الحديث الماضي أن النبي صلى الله عليه وسلم اهتم بشأن الأذان، أي: اهتم بشأن ما يكون وسيلة إلى إعلام الناس بدخول الوقت، وذُكر له نصب الراية عند دخول الوقت، حتى إذا رأوها يُذَكِّر بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، ثم ذُكر له شبور اليهود فلم يعجبه ذلك، ثم ذُكر له ناقوس النصارى فلم يعجبه ذلك، ولكنه مال إلى استعماله، وأراد أن يأمر به مع كونه كارهاً له، وقبل أن يَنفُذَ ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم رأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه في منامه أنه أتاه آتٍ فعلّمه الأذان، كما مرّ آنفاً، وهو خمس عشر جملة، فيها التربيع للتكبير أولاً، ثم الشهادة لله بالوحدانية والإلهية مرتين، والشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة مرتين، ثم (حي على الصلاة) مرتين، و(حي على الفلاح) مرتين، و(الله أكبر) في آخر الأذان مرتين، وفي الختام: (لا إله إلا الله)، فيكون المجموع خمس عشرة جملة. ثم علمه الإقامة، وهي إحدى عشر جملة، فلما أصبح غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمره أن يلقي الأذان على بلال لأنه أندى منه صوتاً، وصاحب الرؤيا لم يكن هو المؤذن، بل لأن بلالاً أندى منه صوتاً، أي: أرفع منه صوتاً، فألقاه عليه وأذن به بلال ، ولما سمع عمر رضي الله عنه أذان بلال بهذه الألفاظ وكان عمر قد رآها في المنام، وطاف به طائف في المنام مثلما طاف بعبد الله بن زيد ، جاء عمر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه قد رأى مثل الذي رأى عبد الله بن زيد ، فقال عليه الصلاة والسلام: (فلله الحمد). إذاً: ثبت أن من ألفاظ الأذان والإقامة أن تكون ألفاظ الأذان خمس عشرة جملة، وأن تكون ألفاظ الإقامة إحدى عشرة جملة. فهذا نوع من ألفاظ الأذان، وهو حق وثابت عن رسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنها رؤيا حق)، وأقرها واعتبرها، وجاءه الوحي بذلك، فأمر بأن يؤذن بهذا الأذان، وأن تكون الإقامة كذلك بهذه الصيغة التي جاءت عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه. وقد جاءت ألفاظ الأذان كلها ذكراً لله عز وجل وثناء عليه، وتوحيداً له، ودعوة إلى الصلاة وإلى الفلاح، وما يترتب على الصلاة من فلاح ونجاح وخير في الدنيا والآخرة. فجاء في أول الأذان: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر) وجاء في صحيح مسلم : أنه يقول: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر) أي: يقول كل تكبيرتين في نَفَس واحد، ويؤتى بهما جملة واحدة، كما جاء في الصحيح: (إذا قال المؤذن: الله أكبر الله أكبر يقول أحدكم: الله أكبر الله أكبر وإذا قال: الله أكبر الله أكبر، يقول أحدكم: الله أكبر الله أكبر، وإذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله قال: أشهد أن لا إله إلا الله..) إلى آخر الأذان، فكان ذكر الأربع التكبيرات في جملتين، أي: في نَفَسين، وأكثر ألفاظ الأذان هي التكبير؛ لأن التكبير جاء أربع مرات في أول الأذان، ومرتين في آخره قبل (لا إله إلا الله) فهذه ست جُمل كلها بلفظ التكبير، وفي ذلك تعظيم لله عز وجل وثناء عليه، وأنه أكبر من كل شيء، وأنه الذي يرجع إليه كل شيء سبحانه وتعالى. ثم بعد ذلك الشهادة لله بالوحدانية مرتين (أشهد أن لا إله إلا الله) وهي شهادة بتوحيده سبحانه وتعالى، فهو الواحد في إلاهية وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته، ففي ذلك إعلان الشهادة بالتوحيد. ثم بعد ذلك الشهادة لمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ومن المعلوم أنه لابد من الشهادتين معاً، والشهادتان متلازمتان، لا تنفع أحدهما بدون الأخرى من حين بعث الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، ولن ينفع أحداً أن يشهد أن لا إله إلا الله دون أن يشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلابد من الشهادة لله بالوحدانية ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة -يهودي ولا نصراني- ثم لا يؤمن بالذي جئت به إلا كان من أصحاب النار)، فالشهادة لله بالوحدانية ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة جاءت في ألفاظ الأذان، وكل منهما مكررة، فكررت (أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين، وكررت (أشهد أن محمداً رسول الله) مرتين. ومعنى (لا إله إلا الله) أي: لا معبود بحق سواه، فهو الإله الحق، والآلهة التي تُعبد من دون الله كلها باطلة، وصرف العبادة لها شرك بالله عز وجل يبطل العمل ويحبطه، ولا ينفع مع الشرك عمل؛ لقول الله عز وجل عن الكافرين المشركين: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [الفرقان:23]، فإذا فقد شرط الإخلاص وحصل الشرك ودعوة غير الله معه وجعل الإنسان لله شريكاً في العبادة فعند ذلك يكون عمله مردوداً ما دام أنه مبني على الشرك وليس مبنياً على التوحيد، فلابد من الإخلاص لله وحده. ولابد -أيضاً- من شهادة أن محمداً رسول الله، وهي تعني: تصديقه في جميع أخباره، وامتثال جميع أوامره، واجتناب نواهيه، وأن لا نعبد الله إلا طبقاً لما شرعه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. ولهذا فإن اليهود والنصارى الذين يقولون: إن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم رسول إلى العرب خاصة ولم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم كفار ومصيرهم إلى النار، ولا ينفعهم أي عمل يعملونه ولا أي قربة يتقربون بها؛ لأنه لابد من أن تكون الأعمال مستندة إلى التوحيد وإلى متابعة النبي الكريم محمد صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ثم بعد ذلك (حي على الصلاة) وهذا هو المقصود من الأذان، لأن ما قبل ذلك وما بعده ثناء على الله عز وجل وتوحيد

تراجم رجال إسناد حديث: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ...)

قوله: [ حدثنا محمد بن منصور الطوسي ]. محمد بن منصور الطوسي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي . والذين يقال لهم: محمد بن منصور في الكتب الستة اثنان: أحدهما: محمد بن منصور الطوسي ، والآخر: محمد بن منصور الجواز المكي ، الذي يروي عنه النسائي بكثرة، وهو يروي عن سفيان بن عيينة المكي و الجواز ليس من رجال أبي داود، وإنما هو من رجال النسائي وحده، ولهذا فإن الذي يأتي عند أبي داود ممن يسمى محمد بن منصور إنما هو الطوسي هذا؛ لأن محمد بن منصور الجواز من رجال النسائي وحده كما قلنا، وقد أكثر عنه النسائي ، فيذكره كثيراً، ولا سيما في الرواية عن سفيان بن عيينة عن الزهري . [ حدثنا يعقوب ]. هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. هو إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن الأربعة. [ حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ]. وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في (خلق أفعال العباد) مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه، وهو صحابي مشهور، أخرج حديثه البخاري في (خلق أفعال العباد)، وأصحاب السنن.


اختلاف الرواة في بعض ألفاظ حديث: (لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ...)

[ قال أبو داود : هكذا رواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد ، وقال فيه ابن إسحاق عن الزهري : الله أكبر الله أكبر. الله أكبر الله أكبر، وقال معمر و يونس عن الزهري فيه: الله أكبر الله أكبر، لم يثنيا ]. أورد أبو داود رحمه الله عدة روايات لهذا الحديث، فرواية الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه جاءت مثل اللفظ الذي جاء عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو بتربيع التكبير في الأول، ومثله -أيضاً- رواية محمد بن إسحاق عن الزهري أيضاً؛ لأن فيها التربيع، فالروايتان عن محمد بن إسحاق متفقتان على تربيع التكبير في الأول أربع مرات: (الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر) وجاء عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه مثل ما جاء في الطريقة السابقة، بل إن محمد بن إسحاق قد جاء عنه من طريق أخرى ما يوافق هذه الطريقة السابقة التي فيها تربيع التكبير.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21-10-2022, 10:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث (لما أمر رسول الله بالناقوس...) المختلفين في بعض الألفاظ
قوله: [ قال أبو داود : هكذا رواية الزهري ]. الزهري هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن زيد ]. وقد مر ذكره. [ وقال معمر ]. هو: معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ويونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري فيه ]. يعني: في هذا الحديث: (الله أكبر الله أكبر). وقوله: [ لم يثنيا ]. أي: ليس فيه تربيع، والمحفوظ هو التربيع؛ لأنه هو الذي جاء بالروايات المختلفة وبالطرق المتعددة، فهي المحفوظة، مع أنها كلها قصة واحدة وتتعلق برؤيا عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، فالمعتمد والمعتبر هو ما جاء من التربيع دون ما جاء من التثنية.

شرح حديث: (يا رسول الله علمني سنة الأذان ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله! علمني سنة الأذان. قال: فمسح مقدم رأسي وقال: (تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر. ترفع بها صوتك، ثم تقول: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله. تخفض بها صوتك، ثم ترفع صوتك بالشهادة: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح. فإن كان صلاة الصبح قلت: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم، الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله) ]. أورد المصنف رحمه الله حديث أبي محذورة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان صفة الأذان وكيفيته، وهو يشتمل على كيفية أخرى للأذان، وهي مثل الطريقة السابقة التي جاءت عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، إلا أن فيها ترجيعاً، ويكون الترجيع للشهادتين بأن يؤتى بها أولاً بخفض الصوت، ثم يؤتى بها برفع الصوت، فتكون الصيغ تسع عشرة جملة، وفي حديث عبد الله بن زيد خمس عشرة جملة، لأنه ليس فيه ترجيع، وحديث أبي محذورة فيه الترجيع. والترجيع أربع كلمات أو جمل هي (أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله)، تذكر مرتين: مرة في البداية بخفض صوت، ثم مرة أخرى برفع صوت، فتكون الألفاظ تسع عشرة جملة بإضافة الأربع التي هي بسبب الترجيع، والترجيع معناه أنه يرجع إلى اللفظ الذي قاله أولاً بخفض صوت فيأتي به برفع صوت. فحديث أبي محذورة مثل حديث عبد الله بن زيد إلا أن فيه زيادة الترجيع ويكون الترجيح عند هذه الكلمات الأربع، أي: الشهادة لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة أربع مرات بخفض الصوت وأربع مرات برفع الصوت. وإذا كان في أذان الصبح يضيف إلى ذلك: (الصلاة خير من النوم) مرتين، ويؤتى بها في ذلك الوقت لبيان أن الصلاة خير من هذا النوم الذي تلذذ فيه المتلذذون، وطاب لهم فيه فراش، وحصل لهم الارتياح والاطمئنان والهدوء، ومن المعلوم أنه ليس هناك تناسب بين الصلاة والنوم، فالصلاة عبادة لله عز وجل، والنوم إذا كان بنية التقوّي على عبادة أو على أمر ينفع فهذا شيء طيب، وأما إذا لم يكن كذلك فإنه قد يترتب عليه مضرة بأن ينام عن الصلاة، أو أن يؤخر الصلاة، ويترتب على ذلك ضرر. فالمقصود من قول (الصلاة خير من النوم) هو أن ما تدعون إليه خير مما أنتم فيه، فهبُّوا من نومكم، وقوموا من فُرشكم، وتوضئوا واستعدوا للصلاة، وهلموا إلى المساجد لأداء الصلاة. ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر)؛ لأن صلاة العشاء تأتي في أول الليل حيث يكون الناس بحاجة إلى الراحة والنوم بعد التعب والكدح في النهار، وصلاة الفجر تأتي في الوقت الذي طاب فيه الفراش وحصل الاستغراق في النوم والارتياح والتلذذ به، فجاء عند ذلك النداء: الصلاة خير من النوم لبيان أن ما يدعون إليه خير مما هم فيه. قوله: [ قلت: يا رسول الله! علمني سنة الأذان ]. القائل هو أبو محذورة رضي الله عنه، والسنة في اللغة: الطريقة، كما في الحديث: (عليكم بسنتي)، يعني: طريقتي ومنهجي. فمعنى سنة الأذان: طريقة الأذان، أو الكيفية التي يكون بها الأذان. فعلمه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجمل التسع عشرة، ويضاف إليها في الفجر (الصلاة خير من النوم) مرتين، فيكون المجموع إحدى وعشرين جملة في أذان الفجر، وفي غير الفجر تكون تسع عشرة جملة. قوله: [ قال: فمسح مقدّم رأسي ]. هذا أبلغ في التعليم، كما جاء في حديث عبد الله بن عمر : (أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي وقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)؛ لأن هذا يكون أبلغ وأمكن في النفس، وكما فعل جابر بن عبد الله لمحمد بن علي بن الحسين في قصة حجة الوداع، لما جاء إليه جماعة، وطلبوا منه أن يحدثهم، فسألهم عن أسمائهم، حتى عرف من بينهم محمد بن علي بن الحسين فقربه وجعل يده على صدره، وجعل يحدثهم بحديث صفة حج الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أطول حديث في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، الذي جاء من طريق محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الملقب بالباقر رحمة الله عليه. فهذه الطريقة في التعليم تجعل الحفظ يكون أمكن، وتساعد الإنسان على أن يتذكر الشيء الذي قيل له، ويعرف الهيئة التي كانت عند التحديث.

تراجم رجال إسناد حديث: (يا رسول الله علمني سنة الأذان ...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو ابن مسرهد البصري، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا الحارث بن عبيد ]. هو الحارث بن عبيد الإيادي ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و الترمذي . [ عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة ]. وهو مقبول، أخرج حديثه أبو داود وحده. [ عن أبيه ]. وهو عبد الملك بن أبي محذورة، وهو مقبول، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن جده ]. أي: عن أبي محذورة ، وقد اختلف في اسمه كثيراً، لكن أظن أنه أوس كما قدم الحافظ ابن حجر في اسمه أنه أوس ، وذكر عدة أسماء، فقال: اسمه أوس، وقيل: سمرة. وقيل: سلمة. وقيل: سلمان. وأبوه معير ، لكنه مشهور بكنيته أبي محذورة الجمحي ، وحديثه أخرجه البخاري في (الأدب المفرد)، و مسلم وأصحاب السنن الأربعة. والحديث في سنده من هو مقبول، لكنه قد جاء من طرق يقوي بعضها بعضاً.


شرح حديث: (الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو عاصم و عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عثمان بن السائب أخبرني أبي و أم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا الخبر، وفيه: (الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم) في الأولى من الصبح. وقال أبو داود : وحديث مسدد أبين، قال فيه: (وعلمني الإقامة مرتين مرتين: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله). قال أبو داود : وقال عبد الرزاق : (وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة. أسمعت؟) قال: فكان أبو محذورة رضي الله عنه لا يجزّ ناصيته ولا يفرقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليها ]. أورد الحديث من طريق أخرى بنحو هذا الخبر المتقدم، وفيها قول (الصلاة خير من النوم) مرتين في الأولى، أي: يحتمل أن يكون في الأذان الأول الذي هو قبل دخول الوقت، ويسمى الأذان الذي هو عند دخول الوقت بالأذان الأول بالنسبة للإقامة؛ لأن الأذان عند دخول الوقت يقال له: الأذان الأول، والإقامة يقال لها: الأذان الثاني، كما يقال في الأذان الذي زاده عثمان : الأذان الثالث؛ لأن الأصل أذانان: الإقامة، والأذان الذي عند صعود الخطيب المنبر، ولهذا عبروا عنه بالثالث. وقوله: [ قال أبو داود : وحديث مسدد أبين، قال فيه: (وعلمني الإقامة مرتين مرتين) ]. هذا فيه أنه تعلم الإقامة، وقد ذكرنا أن في حديث أبي محذورة جاء الأذان تسع عشرة جملة، والإقامة سبع عشرة جملة؛ لأنه ليس فيها ترجيع، وليس فيها تربيع، وفيها زيادة (قد قامت الصلاة)، مرتين فيها. وقوله: [ (وعلمني الإقامة مرتين مرتين: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا ال،له أشهد أن محمداً رسول الله أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة حي على الصلاة، حي على الفلاح حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله) ]. هذه ثلاث عشرة جملة، بدون: (قد قامت الصلاة). وقوله: [ وقال عبد الرزاق : (وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة) ]. سيأتي في بعض الروايات أن الأذان تسع عشرة جملة والإقامة سبع عشرة جملة، وعلى هذه الرواية تصير خمس عشرة جملة مثل ألفاظ الأذان أو بعدد ألفاظ الأذان المذكورة في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه . ورواية عبد الرزاق فيها ذكر: (قد قامت الصلاة) وجملة (قد قامت الصلاة) جاءت في حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، وأيضاً جاءت في حديث: (أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة) أي: إلا قد قامت الصلاة. وقوله: [ وقال عبد الرزاق : (وإذا أقمت فقلها مرتين: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، أسمعت ؟) ]. يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم خاطب أبا محذورة بقوله: (أسمعت؟) يعني: هذا الذي قلته لك في هذه الألفاظ. وقوله: [ فكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح عليها ]. يعني: لا يقصها ولا يفرقها، يعني: لا يجعل قسماً إلى اليمين وقسماً إلى الشمال، وهذا هو الفرق، بحيث يكون هناك خط في الوسط فيكون بعض نصف الرأس على الجهة اليمنى ونصفه على الجهة اليسرى، وقد ذكر الألباني أن الحديث صحيح من دون هذه الزيادة، ولعل السبب أن هذه ما جاءت إلا من طريق، بخلاف ألفاظ الأذان فإنها جاءت من طرق أخرى غير هذه الطريق.

تراجم رجال إسناد حديث: (... الصلاة خير من النوم في الأولى من الصبح)
قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا أبو عاصم ]. هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وعبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عثمان بن السائب ]. عثمان بن السائب مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. هو السائب، وهو مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ و أم عبد الملك بن أبي محذورة ]. أم عبد الملك بن أبي محذورة هي زوجة أبي محذورة، وهي مقبولة، أخرج حديثها أبو داود و النسائي . [ عن أبي محذورة ]. هو أبو محذورة رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21-10-2022, 10:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [071]
الحلقة (102)


شرح سنن أبي داود [071]


لقد جاءت الروايات في كيفية الأذان في صورة متعددة، وما صح منها فإن للمؤذن أن يأخذ به ولا حرج، والأذان هو حالة من حالات التحول في الصلاة في حياة المسلمين، وذلك أنهم كانوا يصلون فرادى فجمعهم النبي صلى الله عليه وسلم بالأذان، وكله ألفاظ خير وذكر لله تعالى وتعظيم له، وما أعظمه من شعيرة!
(تابع) كيفية الأذان


شرح حديث تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة الأذان والإقام وبيان عدد كل منهما

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عفان و سعيد بن عامر و حجاج -والمعنى واحد- قالوا: حدثنا همام حدثنا عامر الأحول حدثني مكحول أن ابن محيريز حدثه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة، والإقامة سبع عشرة كلمة: الأذان: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله. والإقامة: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله) كذا في كتابه في حديث أبي محذورة ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي محذورة من طريق أخرى عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة رضي الله عنه، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة جملة، والإقامة سبع عشرة جملة، الأذان على ما تقدم من ذكر الجمل التي في حديث عبد الله بن زيد مع زيادة الترجيع الذي هو شهادة أن لا إله إلا الله مرتين وأن محمداً رسول الله مرتين، فيكون المجموع تسع عشرة جملة. والإقامة سبع عشرة جملة، التكبير في الأول أربع مرات والشهادتان أربع مرات على ما عليه بدون ترجيع، فيكون المجموع خمس عشرة جملة، ويضاف إلى ذلك (قد قامت الصلاة) مرتين، فتصير سبع عشرة جملة، وهي مثل ألفاظ الأذان إلا أنه سقط منها الترجيع للشهادتين. قوله: [ كذا في كتابه في حديث أبي محذورة ] يعني: في كتاب همام بن يحيى العوذي الذي هو شيخ شيوخ شيخه، من رواية عبد الله بن محيريز.

تراجم رجال إسناد حديث تعليم النبي صلى الله عليه وسلم أبا محذورة الأذان والإقام وبيان عدد كل منهما

قوله: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عفان ]. الحسن بن علي مر ذكره، و عفان هو عفان بن مسلم الصفار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و سعيد بن عامر ]. سعيد بن عامر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حجاج ]. هو حجاج بن محمد المصيصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و حجاج بن محمد المصيصي هو الذي كثيراً ما يأتي في شيوخ أبي داود وكذلك النسائي ، ولا أدري هل هو هذا أو ابن منهال ؟ لكن كل منهما أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكل منهما ثقة. [ والمعنى واحد ]. يعني: هؤلاء الشيوخ الذين هم عفان و سعيد و حجاج الذين هم شيوخ الحسن المعنى واحد في الرواية عنهم، ولكن هناك اختلاف في الألفاظ بينهم. [ حدثنا همام ]. هو همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عامر الأحول ]. هو عامر بن عبد الواحد الأحول، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني مكحول ]. هو مكحول الشامي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن محيريز ]. هو عبد الله بن محيريز، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو يروي عن أبي محذورة، ولهذا قال: [ كذا في كتابه في حديث أبي محذورة].

وجه قوله: (أن ابن محيريز حدثه أن رسول الله علمه) وبيان عود الضمير

قوله: [ أن ابن محيريز حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه ]. سيأتي في الطرق الأخرى عن ابن محيريز عن أبي محذورة؛ لأن حديث أبي محذورة يصل إسناده إلى عبد الله بن محيريز ، لكن عن أبي محذورة، أي: أن أبا محذورة حدث ابن محيريز أن النبي علم أبا محذورة الأذان، فالضمير في قوله: [ علمه ] يرجع إلى أبي محذورة لا إلى ابن محيريز؛ لأن ابن محيريز من التابعين. ففيه الاكتفاء أبي محذورة في الآخر، أو أن هناك سقطاً، وعلى كل فسواءٌ أكان أبو محذورة موجوداً في آخر السند أم غير موجود فوجوده في الآخر كاف في صحة حديث أبي محذورة.

شرح حديث (ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج أخبرني ابن عبد الملك بن أبي محذورة -يعني عبد العزيز - عن ابن محيريز عن أبي محذورة رضي الله عنه قال: (ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه، فقال: قل: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله مرتين مرتين، قال: ثم ارجع فمد من صوتك: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وفيه ذكر أبي محذورة ، وفيه ذكر الأذان بالترجيع.

تراجم رجال إسناد حديث (ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو بنفسه)


قوله: [حدثنا محمد بن بشار ]. محمد بن بشار هو الملقب ببندار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، كلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [ حدثنا أبو عاصم ]. (أبو عاصم مر ذكره وهو النبيل . [ حدثنا ابن جريج أخبرني ابن عبد الملك بن أبي محذورة -يعني عبد العزيز - ]. ابن جريج مر ذكره، و عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ عن ابن محيريز عن أبي محذورة ]. ابن محيريز و أبو محذورة قد مر ذكرهما.

شرح حديث (ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفاً حرفاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال: سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يذكر أنه سمع أبا محذورة رضي الله عنه يقول: (ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفاً حرفاً: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح. قال: وكان يقول في الفجر: الصلاة خير من النوم) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي محذورة من طريق أخرى وفيه ذكر صيغ الأذان التي علمه النبي صلى الله عليه وسلم إياها حرفاً حرفاً فذكرها حتى انتهى من قوله: حي على الفلاح، ثم قال: (وكان يقول في صلاة الفجر: الصلاة خير من النوم) يعني: مرتين، واختصر الحديث فلم يذكر ما وراء: (الصلاة خير من النوم)، وهو: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.

تراجم رجال إسناد حديث (ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفاً حرفاً)


قوله: [ حدثنا النفيلي ]. النفيلي هو عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة ]. إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة مجهول، وضعفه الأزدي ، وحديثه أخرجه أبو داود . [ قال: سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يذكر أنه سمع أبا محذورة ]. عبد الملك بن أبي محذورة مقبول، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد)، و أبو داود و الترمذي و النسائي.

شرح حديث أبي محذورة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن داود الإسكندراني حدثنا زياد -يعني ابن يونس - عن نافع بن عمر -يعني الجمحي - عن عبد الملك بن أبي محذورة أخبره عن عبد الله بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان، يقول: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله) ثم ذكر مثل أذان حديث ابن جريج عن عبد العزيز بن عبد الملك ومعناه ]. ذكر أبو داود حديث أبي محذورة من طريق أخرى وفيه ذكر التكبير في الأول مرتين، ولكن المحفوظ والثابت هو التربيع وليس التثنية فقط.

تراجم رجال إسناد حديث أبي محذورة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان)

قوله: [ حدثنا محمد بن داود الإسكندراني ]. هو محمد بن داود بن ناجية الإسكندراني، ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا زياد يعني ابن يونس ]. زياد بن يونس ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ عن نافع بن عمر -يعني الجمحي-]. نافع بن عمر الجمحي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد الله بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة ]. قد مر ذكرهم.

شرح حديث ذكر تثنية التكبير في أذان أبي محذورة


[ قال أبو داود : وفي حديث مالك بن دينار قال: (سألت ابن أبي محذورة قلت: حدثني عن أذان أبيك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر فقال: الله أكبر، الله أكبر قط) وكذلك حديث جعفر بن سليمان عن ابن أبي محذورة عن عمه عن جده، إلا أنه قال: (ثم ترجع فترفع صوتك: الله أكبر، الله أكبر) ]. وهذا فيه ذكر التكبير اثنتين في الأول، وكذلك الترجيع في التكبير، وكل ذلك غير صحيح؛ لأن الترجيع إنما هو في الشهادتين: أشهد أن لا إله الله مرتين، وأشهد أن محمداً رسول الله مرتين، هذه هي الألفاظ التي فيها الترجيع، أما (الله أكبر الله أكبر) فلا ترجع، إلا إن كان المقصود أنها تعاد مرتين مثل: (الله أكبر الله أكبر) بحيث تصير تربيعاً، فليس هناك إشكال، أما أن يرجع ويمد صوته ويخفض صوته في (الله أكبر الله أكبر)، ثم يرجع ويمد صوته بها مرة أخرى فهذا غير مستقيم، فالترجيع إنما هو في الشهادتين، وأما التكبير فهو أربع مرات.
تراجم رجال إسناد حديث ذكر تثنية التكبير في أذان أبي محذورة

قوله: [ قال أبو داود : وفي حديث مالك بن دينار ]. مالك بن دينار صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة. [ قال: سألت ابن أبي محذورة قلت: حدثني عن أذان أبيك ]. ابن أبي محذورة هو عبد الملك بن أبي محذورة مقبول، أخرج له. قوله: [ وكذلك حديث جعفر بن سليمان عن ابن أبي محذورة ]. جعفر بن سليمان صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن أبي محذورة عن عمه ]. يعني: أن ابن أبي محذورة يروي عن عمه عن أبي محذورة ، ولا أدري من هو هذا العم. لعله إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة، أو إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة، يروي عن عمه عبد العزيز عن جده.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 21-10-2022, 10:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث ابن أبي ليلى في إحالات الصلاة والصيام

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى ح: وحدثنا ابن المثنى حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى قال: (أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال، قال: وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين -أو قال: المؤمنين- واحدة، حتى لقد هممت أن أبث رجالاً في الدور ينادون الناس بحين الصلاة، وحتى هممت أن آمر رجالاً يقومون على الآطام ينادون المسلمين بحين الصلاة، حتى نقسوا أو كادوا أن ينقسوا. قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله! إني لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلاً كأن عليه ثوبين أخضرين، فقام على المسجد فأذن، ثم قعد قعدة، ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: .قد قامت الصلاة، ولولا أن يقول الناس -قال ابن المثنى : أن تقولوا -لقلت: إني كنت يقظاناً غير نائم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، -وقال: ابن المثنى-: لقد أراك الله عز وجل خيراً -ولم يقل عمرو: لقد أراك الله خيراً- فمُر بلالاً فليؤذن. قال: فقال عمر رضي الله عنه: أما إني قد رأيت مثل الذي رأى، ولكن لما سبقت استحييت). قال: وحدثنا أصحابنا قال: (وكان الرجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته، وإنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم). قال ابن المثنى : قال عمرو : وحدثني بها حصين عن ابن أبي ليلى حتى جاء معاذ رضي الله عنه -قال شعبة: وقد سمعتها من حصين- فقال: (لا أراه على حال... إلى قوله: كذلك فافعلوا). قال أبو داود : ثم رجعت إلى حديث عمرو بن مرزوق قال: (فجاء معاذ فأشاروا إليه -قال شعبة : وهذه سمعتها من حصين- قال: فقال معاذ : لا أراه على حال إلا كنت عليها. قال: فقال: إن معاذاً قد سن لكم سنة، كذلك فافعلوا). قال: وحدثنا أصحابنا: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أنزل رمضان وكانوا قوماً لم يتعودوا الصيام، وكان الصيام عليهم شديداً، فكان من لم يصم أطعم مسكيناً، فنزلت هذه الآية: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185]، فكانت الرخصة للمريض والمسافر فأمروا بالصيام). قال: وحدثنا أصحابنا قال: (وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى يصبح، قال: فجاء عمر بن الخطاب فأراد امرأته فقالت: إني قد نمت. فظن أنها تعتل فأتاها، فجاء رجل من الأنصار فأراد الطعام فقالوا: حتى نسخن لك شيئاً. فنام، فلما أصبحوا أنزلت عليه هذه الآية: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187]) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: [حدثنا أصحابنا]. وهذا يحتمل أن يكون الذين حدثوه صحابة ويحتمل أن يكونوا من التابعين، ولكن قد جاء في بعض المصنفات مثل مصنف ابن أبي شيبة وغيره أنه قال: (حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) وعلى هذا فيكون من حدثه صحابة، وبهذا يثبت الحديث ويكون مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طريق الصحابة، وليس مرسلاً أو عمن هو مبهم من التابعين. فإذاً: هذا هو المقصود بقوله: أصحابنا. ومعلوم أن جهالة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم لا تؤثر، وإنما الجهالة تؤثر في غيرهم؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم، ولأن المقصود من معرفة الأشخاص هو معرفة العدالة والثقة، والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عدول لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين ولا إلى توثيق الموثقين؛ لأنه قد حصل لهم من الله ومن رسوله صلى الله عليه وسلم الثناء.
بين الإحالة الأولى

قوله: [ (أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال) ]. يعني: حولت من حال إلى حال أخرى، أو غيرت ثلاثة تغييرات. قوله: [ (وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين أو قال المؤمنين واحدة) ]. هذه هي الحال الأولى من الأحوال الثلاث، وهي أنهم كانوا يصلون فرادى، وبعد ذلك رأى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجمعهم على إمام واحد، وأن يصلوا صلاة واحدة في جماعة، فعند ذلك اهتم بشأن الطريقة التي بها يجمعون. قوله: [ (حتى لقد هممت أن أبث رجالاً في الدور ينادون الناس بحين الصلاة) ]. يعني: حتى لقد هم أن يبعث أناساً ينادون في المحلات والأحياء، وليس المقصود البيوت التي هي المساكن؛ لأن كل بيت يقال له: دار، ولكن الدار تطلق أيضاً على المحلة وعلى الحي. قوله: [ (وحتى هممت أن آمر رجالاً يقومون على الآطام ينادون المسلمين بحين الصلاة) ]. الآطام: هي الحصون المرتفعة؛ فهؤلاء ينادون بالصلاة وبدخول وقت الصلاة. قوله: [ (حتى نقسوا أو كادوا ينقسوا) ]. يعني: من الأشياء التي فكروا فيها استعمال الناقوس، وقد سبق أن مر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يأمرهم بالناقوس، فهم كادوا أن يستعملوا الناقوس الذي تستعمله النصارى لإخبار الناس بدخول الوقت. قوله: [ (قال: فجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله! إني لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلاً كأن عليه ثوبين أخضرين) ]. يعني: حين رجعت من عندك وقد أهمني ما أهمك لاهتمامك بهذا الأمر رأيت رجلاً عليه ثوبان أخضران. قوله: [ (فقام على المسجد فأذن، ثم قعد قعدة ثم قام فقال مثلها، إلا أنه يقول: قد قامت الصلاة) ]. وهذا فيه أنه رأى الرجل أذن على المسجد وقعد قعدة ثم قال مثلها إلا أنه قال: قد قامت الصلاة. يعني الإقامة، وهذا كما سبق أن مر في الروايات أنه قال: (فقولوا كذا وكذا) يعني: كأنه هناك ألقاه عليه، وهنا حصل منه التأذين على مكان مرتفع. قوله: [ (ولولا أن يقول الناس -قال ابن المثنى : أن تقولوا-) ]. يعني: يقول عبد الله بن زيد : (ولولا أن يقول الناس) وهذا لفظ الشيخ الأول عمرو بن مرزوق، والثاني ابن المثنى قال: (أن تقولوا) فالأول كان تعبيره بالغيبة وهذا تعبيره بالخطاب. قوله: [ (لقلت: إني كنت يقضاناً غير نائم) ]. يعني: لولا أن يقولوا: كذب لقلت: إني كنت بين النائم واليقظان كما سبق أن مر، ولكن معناه أنه تحققه كأنه يشاهده ويعاينه وكأنه يقظان. قوله: [ (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم -وقال ابن المثنى-: لقد أراك الله عز وجل خيراً -ولم يقل: عمرو : لقد أراك الله خيراً-) ]. يعني أن أحد الشيخين قال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لقد أراك الله خيراً) يخاطب عبد الله بن زيد ، والثاني لم يقل هذه الجملة. قوله: [ (فمر بلالاً فليؤذن) ]. يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن زيد : (فمر بلالاً فليؤذن) فأذن بلال بهذه الألفاظ التي سمعها عبد الله بن زيد في منامه. قوله: [ (قال: فقال عمر رضي الله عنه: أما إني قد رأيت مثل الذي رأى ولكن لما سبقت استحييت) ]. هذا فيه أن عمر رضي الله عنه أيضاً رأى هذه الرؤيا، وهي رؤيا التأذين في المنام، وقد سبق أن مر في الطريق الأولى ذكر قصة عمر، وكذلك في طريق أخرى بعدها.
بيان الإحالة الثانية

قوله: [ (قال: وحدثنا أصحابنا قال: وكان الرجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته) ]. وهذه الحالة الثانية من الأحوال الثلاث، فالحال الأولى فيها: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعجبه أن يجتمع الناس للصلاة، ففكر في الطريقة التي يتم بها الاجتماع، ثم عند ذلك جاء ذكر الطريقة التي يتم بها إخبار الناس وهي الأذان، ثم بعدما صار الناس يصلون جماعة وتحولوا من كونهم فرادى إلى كونهم جماعة جاءت حالة أخرى، وهي أن الإنسان عندما يأتي وقد سبق بالصلاة يسأل فيخبر بالإشارة إنه فات كذا وبقي كذا، فكان يصلي ما فاته ثم يدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (وإنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. يعني: الناس كانوا يصلون ما سُبِقُوا به ثم يلحقون ويدخلون مع النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (فقال معاذ : لا أراه على حال إلا كنت عليها)] أي: ثم بعد ذلك جاء معاذ رضي الله عنه ولم يفعل مثل ما فعل غيره، وقال: لا أراه على حال إلا فعلت مثل ما فعل ثم قضيت الذي سبقت به، يعني أنه لا يحتاج إلى سؤال ولا يشتغل بقضاء الذي فاته قبل أن يدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن يأتي ويدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم وإذا فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قام وأتى بالشيء الذي سبق به، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن معاذاً قد سن لكم سنة، كذلك فافعلوا) يعني أن الإنسان يدخل مع الإمام إذا جاء، وبعد فراغ الإمام يقوم من فاته شيء فيقضيه ويتمه، ولا يحتاج إلى أن يسأل ولكنه يصلي، كما جاء في الحديث: (ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا). فإذاً: حصل التغير من حال إلى حال، وهذه هي الحالة الثانية من الأحوال الثلاث. قوله: [ قال: (وكان الرجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته، وإنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن المثنى : قال عمرو : وحدثني بها حصين عن ابن أبي ليلى: حتى جاء معاذ. قال شعبة : وقد سمعتها من حصين) ]. يعني أن عمرو بن مرة يروي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ويروي -أيضاً- عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، أي أنه يروي بواسطة وبغير واسطة. وكذلك شعبة قد سمعها من حصين كما سمعها من عمرو بن مرة. قوله: [ (فقال: لا أراه على حال... إلى قوله: كذلك فافعلوا) ]. يعني: فقال معاذ : لا أراه على حال إلا فعلت كما فعل، وفي آخر الأمر قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كذلك فافعلوا) مثل فعل معاذ . [ قال أبو داود : ثم رجعت إلى حديث عمرو بن مرزوق ]. يعني: بعدما ذكر هذا الذي جاء عن عمرو بن مرة و شعبة وذكر حصيناً قال: (ثم رجعت إلى حديث عمرو بن مرزوق). قوله: [ (قال: فجاء معاذ فأشاروا إليه) ]. يعني: أشاروا إليه يخبرونه بالذي بقي عليه، أشاروا إليه بالعدد إما بركعتين أو بركعة أو بثلاث بالأصابع. قوله: [ قال شعبة : وهذه سمعتها من حصين ]. يعني: هذا سمعته في قصة معاذ. قوله: [ (فقال معاذ : لا أراه على حال إلا كنت عليها) ]. يعني: لا أرى النبي صلى الله عليه وسلم على حال إلا كنت عليها، إن كان راكعاً ركعت معه، وإن كان ساجداً سجدت معه، وإن كان جالساً جلست معه، وإن كان قائماً قمت معه. ثم بعد ذلك يقضي ما فاته. قوله: [ (قال: فقال: (إن معاذاً قد سن لكم سنة، كذلك فافعلوا) ]. أي أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لهم أن هذا الذي فعله معاذ هو الذي يصار إليه، وهو الذي يعول عليه، ويترك الناس ما كانوا عليه من قبل من كونهم يتعرفون على ما سبقوا به بالإشارة، ثم يفعلونه قبل أن يدخلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدخلون مع النبي صلى الله عليه وسلم ويسلمون معه، ولكنهم يختلفون معه في البداية، فما فعله معاذ يجعلهم يتفقون معه فيما فعله وبعد أن يسلم يأتون بالذي سبقوا به.
بيان الإحالة الثالثة

الحالة الثالثة من الأحوال التي تتعلق بالصلاة ستأتي بعد ذلك في طريق أخرى، وفيها التعبير بقوله: الحال الثالث، وهي أنهم كانوا يصلون إلى بيت المقدس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يرجو أن يحول إلى الكعبة، فحول إلى الكعبة وتغير الأمر. وهذه الأحوال الثلاثة التي قال عنها في: [أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال:] الأول منها يتعلق بكونهم يصلون فرادى، ثم فكر النبي صلى الله عليه وسلم في طريقة الاجتماع كيف تكون، وانتهى الأمر إلى أن يكون الاجتماع بالأذان. وبعدما وجدت الجماعة كان الواحد يأتي ويتعرف على ما سبق به، ثم يأتي به قبل أن يدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم. ثم غير الأمر إلى ما فعله معاذ . والحال الثالث أنهم كانوا يستقبلون بيت المقدس فغير الحال إلى أن يستقبلوا الكعبة.
بيان إحالات الصيام

وهنا ذكر أن الصيام له ثلاثة أحوال، حيث قال: (وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام، ثم أنزل رمضان، وكانوا قوماً لم يتعودوا الصيام، وكان الصيام عليهم شديداً، فكان من لم يصم أطعم مسكيناً، فنزلت هذه الآية: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة:185]، فكانت الرخصة للمريض والمسافر فأمروا بالصيام) ]. يعني أنه صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ثم بعد ذلك أمروا بصيام رمضان، ولكن لم يكن صيام رمضان على الإلزام؛ لأن الصيام كان عليهم شديداً، فأمروا بأن يصوموا رمضان، ومن أراد أن لا يصوم فإنه يطعم عن كل يوم مسكيناً، ومع ذلك رغّبوا بأن الصيام خير لهم، ثم بعد ذلك نسخ الأمر وحصل التحول إلى حال ثالث، وهو أن من شهد الشهر يتحتم عليه صيامه، وأنه لا يفطر الإنسان إلا إن كان مسافراً أو مريضاً، وبقي الإطعام في حق الشيخ الكبير ومثله المريض الذي مرضه لا يرجى برؤه، فإنه بدل الصيام يأتي بالفدية التي هي إطعام مسكين عن كل يوم. وجاء أنه حصل للناس حال أخرى، وهي أنه إذا جاء وقت الإفطار وكان الواحد منهم لم يأكل شيئاً ثم نام فإنه لا يأكل تلك الليلة ويواصل الصيام من الغد، ثم بعد ذلك نسخ بأن من نام فإن له إذا قام من الليل أن يأكل وله أن يجامع. قوله: [ (قال: وحدثنا أصحابنا قال: وكان الرجل إذا أفطر فنام قبل أن يأكل لم يأكل حتى يصبح) ]. يعني: إذا جاء وقت الإفطار ولم يأكل شيئاً ثم نام فإنه لا يأكل شيئاً بعد استيقاظه من النوم حتى يصبح، ويواصل اليوم الذي وراءه. قوله: [ (قال: فجاء عمر بن الخطاب فأراد امرأته، فقالت: إني قد نمت) ]. يعني: جاء عمر إلى امرأته وأرادها، فقالت: إني قد نمت، ومعنى هذا أنه من نام ثم استيقظ فإنه لا يأكل ولا يجامع حتى يأتي الصباح ويواصل الصيام حتى يأتي الليل الآخر فيأكل قبل أن ينام. قوله: [ (فظن أنها تعتل) ] يعني: ظن أنها تعتذر للتخلص، أو أنها لا تريد ذلك الشيء، فلم يطمئن إلى قولها، أو ظن أنها تريد أن تعتذر فأتاها. قوله: [ (فجاء رجل من الأنصار فأراد الطعام فقالوا: حتى نسخن لك شيئاً. فنام) ]. يعني: جاء رجل من الأنصار وقد جاء وقت الإفطار، فطلب منهم أن يقدموا له شيئاً، فقالوا: حتى نسخن. فاضطجع وجاءه النوم، فلما استيقظ لم يتمكن من الأكل؛ لأنهم ممنوعون من أن يأكلوا إذا ناموا. قوله: [ (فلما أصبحوا أنزلت عليه هذه الآية: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187]) ]. يعني: لما أصبحوا أنزلت الآية: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187] إلى قوله: حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187] أي أن من نام واستيقظ في الليل فإن له أن يأكل وله أن يجامع، ونسخ ما كانوا عليه أولاً.

تراجم رجال إسناد حديث ابن أبي ليلى في إحالات الصلاة والصيام


قوله: [ حدثنا عمرو بن مرزوق ]. عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج حديثه البخاري و أبو داود . [ أخبرنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن مرة ]. هو عمرو بن مرة المرادي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت ابن أبي ليلى ]. هو عبد الرحمن بن أبي ليلى الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح: وحدثنا ابن المثنى ]. الحاء للتحول من إسناد إلى إسناد، وابن المثنى هو محمد بن المثنى، لقبه الزمن، وكنيته أبو موسى العنزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة بدون واسطة. [ حدثنا محمد بن جعفر ]. هو محمد بن جعفر الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة عن عمرو بن مرة سمعت ابن أبي ليلى ]. قد مر ذكرهم في الإسناد الأول."
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 21-10-2022, 10:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الصلاة
شرح سنن أبي داود [072]
الحلقة (103)


شرح سنن أبي داود [072]


الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، وهو إعلام الناس بدخول وقت الصلاة، ولذا يستحب فيه رفع الصوت، وقد جاء أنه يغفر للمؤذن مدى صوته، ويشهد له بذلك يوم القيامة كل رطب ويابس سمع صوته، ويفر الشيطان من سماعه وله ضراط، وعلى المؤذن أن يحرص على تعاهد الوقت والعناية به، ويسن له أن يلتفت يميناً وشمالاً عند الحيعلتين في الآذان، فإذا فرغ من أذانه فليغنم المسلم الوقت بينه وبين الإقامة، فإن الدعاء فيه مستجاب.

ما جاء في رفع الصوت بالأذان


شرح حديث: (المؤذن يغفر له مدى صوته...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب رفع الصوت بالأذان. حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان عن أبي يحيى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤذن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة، ويكفر عنه ما بينهما) ]. أورد الإمام أبو داود رحمه الله: [ باب رفع الصوت بالأذان ] رفع الصوت بالأذان مطلوب، وذلك لأن الغرض منه هو إبلاغ الناس، ورفع الصوت يكون به الإبلاغ على وجه التمام، وعلى وجه يصل النداء إلى الناس، بحيث إذا لم يحصل رفع الصوت بالأذان لم يصل إليهم. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (المؤذن يغفر له مدى صوته) يعني أن المؤذن يحصل له مغفرة ذنوبه على التمام والكمال بحصول نهاية صوته. وقيل: إن في ذلك تشبيهاً، وإنه لو كانت الذنوب كثيرة وتصل إلى مكان الصوت لكثرتها فإنه يغفر له بسبب ذلك. وعلى كل فإن رفع الصوت يحصل به إبلاغ الناس، وكل من بلغه صوت ذلك المؤذن واستفاد بسبب هذا الصوت وبهذا النداء فإن المؤذن يؤجر ويثاب ويغفر له بسبب ذلك. قوله: [ (ويشهد له كل رطب ويابس) ] يعني: يشهد للمؤذن يوم القيامة كل رطب ويابس بلغه صوته. قوله: [ (وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة ويكفر عنه ما بينهما) ] يعني أن الذي يشهد الصلاة ويستجيب لهذا النداء يحصل أجراً عظيماً، وهو أن له بتلك الصلاة خمساً وعشرين صلاة، ويغفر له ما بين الصلاتين. ومن المعلوم أن المؤذن هو شاهد للصلاة وحاضر في المسجد ومحصل أجر صلاة الجماعة، وكذلك أيضاً يكفر له ما بين الصلاتين، فالذي يحصل للذين استجابوا لندائه هو حاصل له، ومع ذلك يثاب بكونه المتسبب في دعوتهم وفي وصولهم إلى المسجد، فكل هذه الأمور التي جاءت في الحديث حاصلة له من جهة أنه يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس، وهو شاهد الصلاة فيحصل بالصلاة خمساً وعشرين صلاة، ويكفر له ما بين الصلاتين، وأيضاً الذين استجابوا لندائه يثاب على كونه دعاهم، وكونه كان سبباً في وصولهم إلى المسجد.

تراجم رجال إسناد حديث: (المؤذن يغفر له مدى صوته...)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ]. حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن موسى بن أبي عثمان ]. موسى بن أبي عثمان مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجه . [ عن أبي يحيى ]. هو أبو يحيى المكي، وهو مقبول، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) و أبو داود و النسائي و ابن ماجه . [ عن أبي هريرة ]. هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنه وأرضاه، والحديث ثابت وله شواهد.

شرح حديث: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين، فإذا قضي النداء أقبل، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر، حتى إذا قضي التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، ويقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: [ (إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين) ] وذلك لأن النداء بالأذان فيه دعوة الناس إلى الخير وإقبالهم على الله، واتجاههم إلى المساجد لعبادة الله، والشيطان مهمته أن يصرف الناس عن عبادة الله، ومهمته أن يَكْثُرَ الغاوون والهالكون الذين يكونون معه في النار، فهو إذا سمع هذا النداء العالي الذي فيه دعوة الناس إلى الخير فإنه يدبر مسرعاً وله ضراط؛ لأنه يشق عليه أن يسمع هذا النداء الذي فيه دعوة الناس إلى الخير، وقيل: إن هذا الذي يحصل منه من الضراط بسبب أنه يحصل له تأثر عظيم فيحصل منه ذلك. وقيل: إنه يحصل منه ذلك حتى يشتغل بسماعه عن سماع الأذان. وقيل غير ذلك. وفيه أن الشيطان يفر من ذكر الله عز وجل، لاسيما الذكر الذي منفعته عظيمة وفائدته كبيرة، مثل النداء بأصوات مرتفعة بأن يتجه الناس إلى الصلاة، وأن يأتوا إلى المساجد لعبادة الله عز وجل. قوله: [ (فإذا قضي النداء أقبل) ] وذلك لأن فراره من جهة الصوت الذي سمعه يريد أن لا يسمعه. قوله: [ (فإذا ثوب بالصلاة أدبر) ] يعني: إذا أقيمت الصلاة وحصل النداء مرة ثانية، والتثويب: هو الرجوع؛ لأنه حصل نداء فشرد وهرب، ثم أقبل لما فرغ من النداء، حتى إذا رجع إلى النداء مرة أخرى من أجل إقامة الصلاة فر -أيضاً- حتى لا يسمع. فإذاً: قوله: [ (ثوب) ] يعني: أقيمت الصلاة ورُجِع إلى الذكر وإلى الأذان؛ لأن الإقامة أذان، إلا أن الأذان إعلام بدخول الوقت، والإقامة إعلام بالقيام إلى الصلاة، ولهذا كان بين الأذان والإقامة فرق من جهة أن الأذان تكون ألفاظه كثيرة؛ لأن المقصود من ذلك هو أن تتردد الكلمات حتى يسمعها من يسمعها من الناس، ولو فات بعضها بعض الناس فإنه يتمكن من سماع باقيها، وأيضاً يرفع الصوت بالأذان أكثر من الإقامة؛ لأن الأذان إعلام للناس في بيوتهم حتى يحضروا، والإقامة فيها الإسراع والحدر بأن يؤتى بها متتابعة، بخلاف الأذان فإنه يؤتى به بالترسل والتمهل، فكل من الأذان والإقامة أذان وذكر لله عز وجل، والشيطان يفر منهما. أما الإقامة فهي دعوة الحاضرين وإخبار الحاضرين بأن الصلاة قد قامت، فيهبون ويقومون من مجالسهم ومن أماكنهم لكي يصفوا ويسووا صفوفهم ثم يدخلون في الصلاة. قوله: [ (حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه، ويقول: اذكر كذا اذكر كذا) ]. يعني: إذا فُرِغ من الإقامة رجع حتى يخطر بين الإنسان وبين نفسه أو قلبه، فيذكره أشياء ما كان يذكرها ويتابعها بفكره وبذهنه حتى ينشغل عن صلاته، وحتى ينسى الركعات وأعداد الركعات. قوله: [ (حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى) ] يعني: حتى ينسى أعداد صلاته فلا يدري هل صلى ثلاثاً أو أربعاً أو اثنتين. والحاصل أن الشيطان عدو للإنسان، وهو يسعى في غوايته وإضلاله، والصلاة التي هي عمود الإسلام والتي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين إذا دخل المصلي فيها جاء الشيطان ليحول بينه وبينها، وليشغله عنها بتذكيره بأمور يريد منه أن تكون شغله الشاغل، وأن ينصرف عن صلاته حتى يئول أمره إلى أنه لا يدري كم صلى من الركعات.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط حتى لا يسمع التأذين...)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. القعنبي مر ذكره، واسمه عبد الله بن مسلمة ، ويأتي ذكره أحياناً باسمه واسم أبيه، ويأتي أحياناً بنسبته، فيقال: عبد الله بن مسلمة أو القعنبي فقط. [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. هو عبد الله بن ذكوان المدني أبو عبد الرحمن، ولقبه أبو الزناد وهو لقب على صيغة الكنية وليس بكنية، بل الكنية أبو عبد الرحمن و أبو الزناد لقب له، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. قد مر ذكره. قوله: [ (حتى يضل) ]. إذا كانت بالضاد فهي بمعنى (ينسى)؛ لأن كلمة (يضل) تأتي بمعنى النسيان، وذلك كقوله تعالى: أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى [البقرة:282]، وأيضاً تأتي بمعنى الخطأ والضلال عن الشيء والتيه عنه، يعني أنه يعمى عن صلاته أو يخطئ في مقدار صلاته. أما بالظاء: (حتى يظل) فالمعنى: يصير.

ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت


شرح حديث: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن رجل عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن، اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين). حدثنا الحسن بن علي حدثنا ابن نمير عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح أنه قال: ولا أراني إلا قد سمعته منه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب: ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت ] يعني أن المؤذن مؤتمن على الوقت وهو الذي عليه أن يحافظ على الوقت؛ لأن الناس يعولون على أذانه، ويجب أن يكون أذانه في الوقت لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه كثيراً؛ لأنه لو تقدم عليه أدى ذلك إلى أن الناس -لا سيما أصحاب البيوت والنساء- يصلون قبل الوقت، والصلاة قبل الوقت لا تجوز. وإذا أخر الأذان عن الوقت وعن أوله قد يترتب على ذلك أن يأكل من يريد الصيام في نهار رمضان؛ لأن الإمساك يكون عند طلوع الفجر والأذان علامة عليه. فإذاً: يجب على المؤذن أن يتعاهد الوقت، وأن يكون عارفاً به، وأن يكون أذانه عند دخول الوقت، لا يتقدم عليه فيترتب على ذلك صلاة الناس قبل الوقت، ولا يتأخر عنه فيترتب على ذلك أن يحصل منهم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر بالنسبة للصائمين. وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [ (الإمام ضامن) ] يعني أنه راع ومحافظ على الصلاة بالإتيان بأفعالها والمأمومون تبع له، فهو ضامن. قوله: [ (والمؤذن مؤتمن) ] يعني أنهم يعولون على أذانه في صيامهم وفي صلاتهم، وفي أعمالهم التي تبنى على الأذان وتترتب على الأذان، فهو مؤتمن. قوله: [ (اللهم أرشد الأئمة) ] يعني: أن يدلهم على القيام بما هو واجب عليهم من هذه المسئولية وهذه التبعة، التي وصف الإمام بأنه ضامن فيها. قوله: [ (واغفر للمؤذنين) ] يعني: ما يحصل منهم من خطأ فيما يتعلق بالوقت من تقدم أو تأخر، من غير قصد ومن غير تعمد ومن غير تفريط.


تراجم رجال إسناد حديث: (الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن..)

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل ]. يعني: غير مسمى مبهم. [ عن أبي صالح ]. هو ذكوان السمان ، واسمه ذكوان ولقبه السمان وكنيته أبو صالح ، ويأتي ذكره كثيراً بالكنية، يروي عن أبي هريرة ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، وقد مر ذكره. [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا ابن نمير ]. هو عبد الله بن نمير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش قال: نبئت عن أبي صالح ]. و(نبئت) معناها: أخبرت، وعلى هذا فهو مثل الذي قبله، أي: بينه وبين أبي صالح واسطة؛ لأنه لم يسمع منه. وعلى هذا فيكون هناك واسطة مبهمة، ولكن جاء الحديث من طريق أخرى عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه، وكذلك أيضاً جاء عن الأعمش أنه قال: ولا أراني إلا قد سمعته من أبي صالح . يعني أنه قد سمعه بدون واسطة. وقد رجح الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على الحديث في جامع الترمذي اتصاله، وأنه قد جاء عن الأعمش من غير شك ومن غير تردد، وقد جاء -أيضاً- من غير طريق الأعمش ، من رواية سهيل بن أبي صالح عن أبيه أبي صالح السمان ، وهي شاهد لطريق الأعمش ، والحديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الأذان فوق المنارة


شرح حديث: (كان بيتي من أطول بيت حول المسجد وكان بلال يؤذن عليه الفجر...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: الأذان فوق المنارة. حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن امرأة من بني النجار رضي الله عنها قالت: (كان بيتي من أطول بيت حول المسجد، وكان بلال يؤذن عليه الفجر، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينظر إلى الفجر فإذا رآه تمطى ثم قال: اللهم إني أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك. قالت: ثم يؤذن، قالت: والله ما علمته كان تركها ليلة واحدة) تعني هذه الكلمات. ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب الأذان فوق المنارة ] يعني أن الأذان يكون على مكان مرتفع؛ لأن المقصود منه إبلاغ الناس، وكونه على مكان عال مع رفع الصوت كل هذه من الأسباب التي توصل الصوت إلى ما لا يصل إليه فيما لو كان في مكان منخفض، أو كان بغير رفع صوت. والمنارة: هي مكان عال مرتفع، والمسلمون بنوا المآذن والمنارات لصعود المؤذنين عليها ولرفع الصوت منها، وأيضاً هي علامة على المساجد ودلالة على المساجد ويعرف بها المساجد من الأماكن البعيدة. وأورد أبو داود رحمه الله حديث المرأة من بني النجار التي كان بيتها من أطول بيت في المدينة، وفيه أن بلالاً كان يأتي إلى هذا البيت المرتفع ويصعد عليه في السحر يرقب الصبح وينظر للفجر، فإذا طلع أذن على هذا المكان العالي المرتفع، وكان يقول هذه الكلمات التي ذكرتها المرأة عنه [ اللهم أني أحمدك وأستعينك على قريش أن يقيموا دينك ] وهذا كلام وليس بأذان، وإنما كان يقوله وتسمعه هي؛ لأنها صاحبة البيت. والمقصود أن الأذان يكون على المكان المرتفع، وأن المسلمين اتخذوا المنارات على المساجد في تحقيق هذا الغرض الذي كان بلال يفعله، حيث يختار ذلك المكان الذي هو أرفع بيت حول المسجد فيؤذن عليه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 21-10-2022, 10:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,359
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (كان بيتي من أطول بيت حول المسجد وكان بلال يؤذن عليه الفجر...)
قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن أيوب ]. أحمد بن محمد بن أيوب صدوق، أخرج حديثه أبو داود . [ حدثنا إبراهيم بن سعد ]. إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن جعفر بن الزبير ]. محمد بن جعفر بن الزبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة بن الزبير ]. هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن امرأة من بني النجار ]. وهي صحابية لم تسم، وحديثها أخرجه أبو داود واحده.

استدارة المؤذن في أذانه


شرح حديث أبي جحيفة: (أتيت النبي بمكة وهو في قبة حمراء من أدم ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المؤذن يستدير في أذانه. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا قيس -يعني ابن الربيع -، ح: وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سفيان جميعاً عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم، فخرج بلال فأذن فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا، قال: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه حلّة حمراء برود يمانية قطري. وقال موسى : قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فأذن فلما بلغ: (حي على الصلاة حي على الفلاح) لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر، ثم دخل فأخرج العنزة) وساق حديثه ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة وهي: [ باب في المؤذن يستدير في أذانه ] يعني: عندما يؤذن يستدير، وهذه الاستدارة لا تكون بجسده كله بحيث ينحرف عن القبلة ويكون اتجاهه إلى جهة اليمين أو جهة الشمال بكليته، بل يكون مستقبل القبلة في أذانه من أوله إلى آخره، ولكنه عندما يأتي إلى قوله: (حي على الصلاة حي على الفلاح) يستدير برأسه وبعنقه، أي: يلوي عنقه مع اتجاهه إلى القبلة وعدم انصرافه عنها، وإنما مع اتجاهه إلى القبلة يستدير برأسه لا بكليته، هذا هو المقصود من الاستدارة بالرأس وليس بالجسد كله، ولهذا جاء في بعض الروايات بأنه لم يستدر، وهو عبر هنا بالاستدارة، والمقصود أن المنفي هو الاستدارة بالجسم كله، وذلك لا ينفي الاستدارة ببعض الجسم وهو أعلاه الذي هو الرأس حيث يلتفت يميناً وشمالاً عند قول: (حي على الصلاة حي على الفلاح). وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي رضي الله تعالى عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وهو في قبة حمراء من أدم) يعني: في خيمة مكونة من أدم، والأدم هو: الجلد من الأديم. قوله: [ فخرج بلال فأذن فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا ]. وهذا هو المقصود بالاستدارة في الأذان، وقوله: [ فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا ]، يعني: يمينه وشماله، وهذا لا يكون إلا بالاستدارة، ولكنها استدارة -كما هو معلوم- ليست بالكل، فالإنسان يتجه إلى القبلة في أذانه ويستدير برأسه يميناً فيذهب صوته يميناً ويستدير شمالاً فيذهب صوته شمالاً، وذلك عندما يقول: (حي على الصلاة حي على الفلاح) وليس في كل الأذان يستدير المؤذن، وإنما يستدير عند قوله: (حي على الصلاة حي على الفلاح) لأن هذا هو المقصود بالأذان؛ لأن الأذان هو دعوة الناس إلى الصلاة، وقوله: (حي على الصلاة حي على الفلاح) معناه: هلموا وأقبلوا، فيلتفت يميناً وشمالاً يدعوهم إلى أن يقبلوا إلى الصلاة وأن يتجهوا إلى المساجد لأداء الصلاة، وليس في هذا الحديث الذي هنا ذكر: (حي على الصلاة حي على الفلاح)، ولكن جاء في صحيح مسلم بلفظ: (أتتبع فاه ههنا وههنا يميناً وشمالاً يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح) يعني أن هذه الاستدارة وهذا الالتفات يميناً وشمالاً يكون عند قوله: (حي على الصلاة حي على الفلاح). وقوله: [ (ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء برود يمانية قطري) ]. يعني أن هذه الحلة مكونة من برود يمانية، وقوله: (قطري) أي أنها منسوبة إلى مكان في البحرين يقال له: قطر، وقيل: المعنى: كأنه قطري. يعني أنه شبهها بالقطري، وبهذا يستقيم كونها يمانية وأنها قطري؛ لأن كونها يمانية غير القطري. وقوله: [ وقال موسى : قال: رأيت بلالاً خرج إلى الأبطح فأذن فلما بلغ: (حي على الصلاة حي على الفلاح) لوى عنقه يميناً وشمالاً ولم يستدر ]. الأبطح هو المكان الذي نزله الرسول صلى الله عليه وسلم في حجته قبل الحج وبعد الحج؛ لأنه عليه الصلاة والسلام في حجه نزل بالأبطح أربعة أيام قبل الحج وبعد الحج عندما أراد أن يسافر إلى المدينة نزل بالأبطح أيضاً بعدما رجع من منى. وقوله: (فأذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه)، وهذا فيه أن هذا الالتفات في الأذان إنما يكون عند قول المؤذن: (حي على الصلاة حي على الفلاح)، وقد جاء ذلك في صحيح مسلم في حديث أبي جحيفة حيث قال: (أتتبع فاه ههنا وههنا يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح). وقوله: (لوى عنقه) يعني أنه التفت يميناً وشمالاً. وقوله: (ولم يستدر) يعني: ولم يستدر بكليته، فلا ينفي استدارته برأسه؛ لأن الاستدارة بالرأس جاء ما يدل عليها في الرواية السابقة حيث قال: (فكنت أتتبع فمه ههنا وههنا يميناً وشمالاً يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح). وقوله: [ ثم دخل فأخرج العنزة ]. العنزة هي العصا التي في رأسها حديدة، وكانت تنصب لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تكون سترة له يصلي إليها.

تراجم رجال إسناد حديث أبي جحيفة: (أتيت النبي بمكة وهو في قبة حمراء من أدم ...)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا قيس يعني ابن الربيع ]. قيس بن الربيع صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجه . [ وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود وحده. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، ثقة فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ جميعاً عن عون بن أبي جحيفة ]. عون بن أبي جحيفة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو أبو جحيفة ، واسمه: وهب بن عبد الله السوائي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حكم التفات المؤذن عند الإقامة
والتفات المؤذن عند قوله: (حي على الصلاة حي على الفلاح) الذي يبدو أنه في الأذان فقط؛ لأنَّه عند الإقامة يكون الناس موجودين حاضرين بخلاف الأذان، فالأذان هو الذي يحتاج إلى أن يلتفت المؤذن فيه ويرفع صوته.

سبب نزول النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح
واختلف العلماء في سبب نزول النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح، فمنهم من قال: إنه حصل اتفاقاً، يعني أنه لم يكن مقصوداً، وإنما كان مكاناً مهيئاً من جهة دخول منى ومن جهة الذهاب إلى المدينة، ومنهم من قال: إنه كان مقصوداً وإن هذا المكان هو الذي تعاقدت فيه قريش على مقاطعة بني هاشم لما قاطعوهم مع النبي صلى الله عليه وسلم. وكما هو معلوم لا يقال: إن هذا من سنن الحج ومن الأمور المطلوبة في الحج، سواءٌ نزل الناس الأبطح أو لم ينزلوا فالحج ليس له علاقة بهذا.

ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة



شرح حديث: (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة: حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زيد العمي عن أبي إياس عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [ باب ما جاء في الدعاء بين الأذان والإقامة ] يعني: في فضله، وأن ذلك من أسباب قبول الدعاء أو من الأوقات التي يقبل فيها الدعاء، وذلك أن الإنسان عندما يكون بين الأذان والإقامة ينتظر الصلاة هو في صلاة وفي عبادة وفي إقبال على الله عز وجل وبعد عن مشاغل الدنيا والحديث فيها والتعلق بها، فيكون ذلك من الأوقات التي يقبل فيها الدعاء ويرجى فيها قبول الدعاء. وقد أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة) ] يعني أنه يقبل.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يرد الدعاء بين الأذان والإقامة)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان هو الثوري ، وقد مر ذكره، و سفيان الثوري متقدم، ولكن محمد بن كثير كانت وفاته سنة (228هـ) ومات وعمره تسعون سنة، و الثوري توفي سنة (161هـ) فالثوري متقدم الوفاة إلا أن محمد بن كثير كان عمره طويلاً، فقد بلغ تسعين سنة، وكان من كبار شيوخ البخاري وشيوخ أبي داود ؛ لأنه روى له البخاري وروى له أبو داود بغير واسطة، فهو من كبار الشيوخ ومعمر، ولهذا أدرك الثوري وروى عن الثوري مع أن الثوري كانت وفاته سنة (161هـ) [ عن زيد العمي ]. هو زيد بن الحواري العمي، ضعيف، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبي إياس ]. أبو إياس هو معاوية بن قرة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده زيد العمي ، ولكنه جاء من طرق أخرى، فهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على فضل الدعاء في هذا الوقت.

الأسئلة


وجوب صلاة الجماعة على من لم يسمع الأذان إذا علم بوقت الصلاة

السؤال: من لم يسمع الأذان ولكن يعلم أن وقت الصلاة قد حان هل تكون صلاة الجماعة واجبة عليه؟

الجواب: يجب على الإنسان أن يحرص على الجماعة، وأن ينتبه للأذان، وأن يرتب نفسه على أساس أنه يكون في ذلك الوقت الذي هو وقت الأذان منتبهاً، وإذا كان نائماً يوصي من يوقظه، أو يجعل ما ينبهه، ولا يكون الأمر أنه لا يقوم إلا إذا سمع الأذان، بل عليه أن يتنبه وأن يتحرى، لا أن يغفل ويعرض.

وسوسة الشيطان في الصلاة

السؤال: إذا كان الشيطان يفر من ذكر الله فكيف يأتي في الصلاة فيوسوس؟

الجواب: الأذان نداء عام يسمعه ما شاء الله عز وجل من خلقه، ولهذا ذكر صلى الله عليه وسلم أنه يشهد للمؤذن كل رطب ويابس بلغه ذلك الأذان، وقد قيل: من أسباب هروب الشيطان عند الأذان أنه لا يريد أن يكون من الذين يسمعون ويكون من الشاهدين للمؤذن فيما حصل منه، ومن المعلوم أن الأذان صوت مرتفع بذكر الله عز وجل وذلك يسوءه، وكونه يأتي ويشغل الإنسان في صلاته يريد بذلك أن يصده عن الذكر، وأما المؤذن فلا يمكن له أن يلهو عن الأذان أو يشغل عن الأذان؛ لأن الأذان حاصل، ولكن الذي يريد هو إشغال الإنسان عن الصلاة، فبعد أن استجاب الناس لنداء المنادي وجاءوا إلى الصلاة ودخلوا فيها فإنه يريد أن يفسدها عليهم.


بيان ضعف حديث معاذ في كون النبي صلى إلى بيت المقدس ثلاثة عشر شهراً

السؤال: ذكر أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، وهذا غير ما ذكر في حديث معاذ ، فهل ما جاء في حديث معاذ رواية شاذة؟

الجواب: الثابت هو ما جاء في الصحيحين، وأما هذه الرواية التي جاءت عن معاذ فهي تعتبر ضعيفة من جهة أن فيها انقطاعاً، وليس لها ما يشهد لها، ومن جهة أن في إسنادها أحد الأشخاص فيه كلام، وعلى هذا فما في الصحيحين من أنه صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً هو الثابت، وأما رواية ثلاثة عشر شهراً فهي غير ثابتة.

حكم إجابة المؤذن في الإقامة

السؤال: هل نجيب الإقامة كما نجيب الأذان؟

الجواب: نعم يجاب المؤذن في الإقامة كما يجاب في الأذان، ولا فرق بين الأذان والإقامة؛ لأن كل ذلك داخل تحت قوله: (إذا سمعتم النداء فقولوا مثلما يقول المؤذن).


وقت القيام إلى الصلاة

السؤال: متى يقام إلى الصلاة حين إقامتها؟

الجواب: إذا سمع صوت المؤذن بدأ ينادي بالإقامة فإنه يقوم، وبعض العلماء يقول: إنه يقوم عند قوله: قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. والذي يبدو أن الإقامة ما دام أنها شرعت للإخبار بالقيام إلى الصلاة فإذا سمعها الإنسان أو سمع البداية بها يقوم إلى الصلاة.

المفاضلة بين الأذان والإمامة

السؤال: أيهما أفضل الأذان أو الإمامة؟

الجواب: كلاهما فيه خير كثير، لكن المسئولية في الإمامة أكبر من المسئولية في الأذان، ولهذا جاء في حديث مالك بن الحويرث : (ليؤذن أحدكم وليؤمكم أكبركم).

علاقة الإفطار والإمساك بالأذان

السؤال: هل الإفطار والإمساك عن الطعام مرتبطان بأذان المؤذن؟

الجواب: إذا كان المؤذن يحافظ على الوقت ويعتمد عليه الناس في ضبط الوقت فإنهم يمسكون عند سماع الأذان؛ لأن الأذان يكون عند دخول الوقت، والإمساك عن الأكل والشرب يكون عند دخول الوقت، ولهذا جاء في الحديث: (إذا أذن المؤذن والإناء في يد أحدكم فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه).

حكم إعادة الأذان إذا أذن قبل الوقت

السؤال: أذن مؤذن خطأً قبل حلول الوقت بساعة كاملة، فهل يعاد الأذان مرة أخرى؟

الجواب: نعم يعاد الأذان؛ لأن الأذان حصل قبل دخول الوقت، والأذان إنما يكون عند دخول الوقت، أو يعاد حتى يتنبه الناس؛ لأن بعض الناس قد يصلي، ولكنه إذا سمع الأذان مرة أخرى عرف أنه حصل خطأ، فإذا كان قد صلى فإنه يعيد الصلاة، خاصة النساء في البيوت.

كفارة اليمين الغموس

السؤال: رجل كلف رجلاً آخر بشيء يعمله فجاء على الموعد فقال له: أين هذا الذي كلفتك به؟ فقال له: والله إنه في السيارة، وهو كاذب في يمينه؛ لأنه يعرف أنه لم يعمل ذلك العمل، فما هي الكفارة في حقه؟

الجواب: هذه يمين غموس؛ لأنه حلف على خبر ولم يحلف على أمر يفعل في المستقبل بحيث يحنث أو لا يحنث؛ لأن اليمين التي لها كفارة هي التي تكون على أمر مستقبل بأنه سيفعل ثم لا يفعل، أو يريد أن لا يفعل ثم يفعل، فحصل الحنث فتحصل الكفارة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إلا أني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير)، وأما اليمين على خبر كاذب فهذه هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، وليس فيها إلا كون الإنسان يتوب إلى الله عز وجل ويندم ويستغفر من هذا الذنب، وليس فيها كفارة اليمين التي هي العتق أو الإطعام أو الكسوة لعشرة مساكين أو الصيام لمن لم يستطع، فلا هذا ولا هذا ولا هذا، ليس فيها إلا الاستغفار من هذا الكذب وهذا الذنب العظيم.

حكم إضافة بعض الأدعية قبل الأذان أو بعده

السؤال: في بعض البلاد الإسلامية بعض المؤذنين يقولون بعض الأدعية قبل الأذان، فما حكم ذلك؟

الجواب: لا يجوز أن يضاف إلى الأذان شيء قبله ولا بعده، ولا أن يسمع الناس عن طريق المؤذن شيئاً من الكلام قبله أو بعده؛ لأن ألفاظ الأذان محصورة، وليس للإنسان أن يسمع الناس أو ينادي بأشياء يصنعها إلا الكلمات التي شرعت في الأذان. ولا يصح الاستدلال بفعل بلال ؛ لأنه كان يقول شيئاً لا علاقة له بالأذان، وبشيء لم يسمعه الناس، وإنما سمعته صاحبة البيت.

حكم من أخر صيام رمضان لضعف لعدة سنوات

السؤال: امرأة بلغت سن الحيض وهي لا تطيق الصيام، وبقيت سنتين تعالج في الصوم شدة ويغشى عليها فتفطر، وقد بلغت قرابة أربعين سنة، فما حكم السنتين المذكورتين؟
الجواب: تقضي المقدار الذي أفطرته لضعفها أو لمرضها، ولكونها أخرت ما عليها حتى جاء رمضان آخر فيلزمها مع صيام كل يوم أن تطعم معه مسكيناً.

سبب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمؤذنين بالمغفرة وللأئمة بالرشاد

السؤال: لماذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم للأئمة بالرشاد، وللمؤذنين بالمغفرة؟

الجواب: قيل: إن الدعاء بالإرشاد إنما هو لأنهم تحملوا شيئاً ووصفوا بأنهم ضامنون له، ويحتاجون إلى العون والتيسير والدلالة على أن يؤدوا هذه المهمة على الوجه الذي يسلمون فيه من التبعة، وأما المؤذنون فالقضية هي إخبارهم بالوقت، وهو شيء متعلق بالأمانة، ولهذا إذا حصل منهم شيء من الخطأ غير المقصود جاء الدعاء بأن يتجاوز الله عنهم ذلك الخطأ.

فرار الشيطان عند الإقامة
السؤال: هل يحصل للشيطان عند الإقامة ما يحصل له عند الأذان ؟

الجواب: نعم. يحصل له عند الإقامة مثلما يحصل له عند الأذان، فإذا ثوب إلى الصلاة أدبر وله ضراط، حتى لا يسمع الإقامة، كما جاء ذلك في الحديث."




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 356.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 350.71 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.65%)]