|
ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
السيرة النبوية والشمائل المحمدية الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر الحلقة(11) أهمية السيرة وبواعث دراستها (3-12) 2-محبته صلى الله عليه وسلم: إن حب النبي صلى الله عليه وسلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وليس الحب فقط، بل مرتبة أعلى، وهي إيثاره صلى الله عليه وسلم بالحب، بمعنى أن يتفوق حب المؤمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم، على حبه لنفسه وأهله وماله والناس أجمعين، قال تعالى: (قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [ سورة التوبة /24 ]. وكفى بهذا حضا وتنبيها ودلالة وحجة على إلزام محبته، ووجوب فرضها، وعظم خطرها، واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرع تعالى من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وأوعدهم بقوله تعالى: (فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ)، ثم فسقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضل ولم يهده الله(1). وعن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)(2). وعن أنس أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)(3). وروى البخاري بسنده إلى أبي عقيل زهرة بن سعيد أنه سمع جده عبدالله بن هشام قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفسك)، فقال له عمر: والله لأنت أحب إلي من نفسي فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الآن يا عمر))(4). والتعبير بقوله " أحب " في الآية والأحاديث السابقة، تعني أن يكون الله ورسوله أشد محبوبية عند المؤمن من كل محبوب سواهما. (1) الشفا للقاضي عياض 2/ 563. (2) الحديث رواه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب حب الرسول من الإيمان، ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب وجوب محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الأهل والوالد والناس أجمعين، بتقديم الولد على الوالد. (3) الحديث رواه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان(16) وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بمهن وجد حلاوة الإيمان (165). (4) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم (6632). وليس الجديد عند عمر هو حصول تلك المحبة الراجحة للنبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الجديد هو إدراكه لتلك المحبة والتفاته إليها. تقرير ذلك: أنه كان في أول الأمر قد امتحن نفسه أمام حب المال والولد والزوج والعشيرة والمسكن والتجارة فوجد حبه لهذه الأشياء كلها مرجوحا بجانب حبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن قد جرى بعد في خاطره حديث المقارنة بين حبه له – صلى الله عليه وسلم – وحبه لنفسه، فلم يجرؤ أن يحكم فيه بشيء بل استثنى نفسه من تلك المقارنة سكوتا عن الحكم بما لم يختبره لا حكما بعد ذلك بالرجحان، فلما نبهه النبي صلى الله عليه وسلم فكر وقارن وتحسس قلبه، فإذا هو يجد من رجحان محبته للرسول صلى الله عليه وسلم عن محبته لنفسه ما كان غافلاً عنه لا ما كان خلوا منه، فقوله صلى الله عليه وسلم: الآن يا عمر – معناه: الآن أصبت في قولك وأحسنت التعبير عما في نفسك. انظر: المختار من كنوز السنة للدكتور دراز ص 343- 344.
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
__________________
|
#13
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
السيرة النبوية والشمائل المحمدية الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر الحلقة(13) أهمية السيرة وبواعث دراستها (5 - 12 ) وقد استجمع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – موجبات المحبة، بما له من كمال الخلق ونقاء الفطرة، وتمام العصمة، وقد ذكر القاضي عياض – رحمه الله – كاملا جميلاً في معنى المحبة وموجباتها، ثم بين اجتماع دواعيها كلها في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (المحبة في حقيقتها هي ميل القلب إلى ما يوافق الإنسان، إما بموجب الطبع أو بمقتضى الشرع). فقد يحب الإنسان الشيء إما لجماله وحسن صورته، كحب الصور الجميلة، والأصوات الحسنة، والأطعمة والأشربة اللذيذة لحسن مذاقها، فهذه الأشياء وأشباهها يحبها الإنسان لجمالها الظاهري المحسوس بواحدة أو أكثر من الحواس الخمسة. وإما أن يكون حبة للشيء لجمال باطنه وحسن فعاله، كحب العلماء وأهل الصلاح، لما لهم من السيرة الحسنة والأفعال الكريمة، وقد يحبهم الإنسان ويشغف بهم إلى درجة التعصب لهم، وهجر الأوطان لمتابعتهم والقرب منهم. وقد يكون حب الإنسان لغيره نتيجة إحسانه له وإنعامه عليه، فقد جبلت النفوس على حب من أحسن إليها(1). وحينما ننظر في تلك الدواعي الثلاثة للمحبة، نجد أن – صلى الله عليه وسلم – قد استجمعها كلها، فله جمال المنظر وحسن الطلعة. قال أبو هريرة رضي الله عنه: ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. كأن الشمس تجري في وجهه، وإذ ضحك يتلألأ في الجدر(2). وقالت أم معبد في بعض ما وصفته به: أجمل الناس من بعيد، وأحلاه وأحسنه من قريب(3). وفي حديث ابن أبي هاله: يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر(4). وقال علي رضي الله عنه في آخر وصفه له: من رآه بديهة هابه، ومن خالطه معرفة أحبه، يقول عنه ناعته، لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم(5). وله – صلى الله عليه وسلم – كمال الخُلق وصفاء الباطن وحسن الفعال، فهو أكمل الناس خلقا وخلقا، وحسبه تزكية الله له في قوله: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ). (1) الشفا 2/ 579. (2) الحديث أخرجه ابن حبان في صحيحه (8/74) وموارد الظمآن (2118)، وأحمد في مسنده (2/350، 380) والترمذي في الشمائل ص 115. (3) الحديث أخرجه البيهقي في الدلائل (1/279) وأسناده حسن كما قال ابن كثير، وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/9-10) وقال: هذا حديث الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال: صحيح. (4) الحديث أخرجه الترمذي في الشمائل رقم (7)، والبيهقي في الدلائل (1/ 286) وسنده منقطع لأن فيه راويان مجهولان. (5) الحديث أخرجه الترمذي في الشمائل رقم (6) ص 21 وفيه عمر بن عبدالله مولى غفره، قال عنه ابن حجر في التقريب ص 65، ضعف وكان كثير الإرسال.
__________________
|
#14
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
السيرة النبوية والشمائل المحمدية الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر الحلقة(14) أهمية السيرة وبواعث دراستها (6 - 12 ) وإذا كان الناس حين يمدحون إنسانا بحسن الخلق ، ونبل الصفات ، وجمال الفعال ، فإنهم يمدحونه ، لأنهم عرفوا الصفات ، وقيموها ببشريتهم ، وتقييم البشر للأشياء خاضع لعلمهم بهذه الأشياء ، لكن الحق حين يقول لرسوله (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فليس المقصود هنا الخلق المتواضع عليه عند البشر ، ولكنه الخلق المطلوب لله ، ورسول الله اجتاز هذه المنزلة ، فكان صاحب الخلق العظيم بتقييم الله العظيم(1). وليس بعد ثناء الله ثناء ، ومن شهد له القرآن فهو حسبه ولله در من قال : يا مصطفى من قبل نشأة آدم والكون لم تفتح له أغــلاق أيروم مخلوق ثناءك بعدمــا أثنى على أخلاقك الخـلاق وله صلى الله عليه وسلم كذلك ، مزيد الإحسان وفرض الإنعام على أمته ، فليس هناك من هو أرحم بالأمة منه ، ولا أشفق عليهم منه ، ولا أحرص على هدايتهم منه ، وكل نعمة وصلت إلى الأمة ، إنما كانت موصولة به – صلى الله عليه وسلم – وأي نعمة أجل من إخراج الأمة من الظلمات إلى النور ، ومن الضلال إلى الهدى ، ومن الحيرة إلى الرشاد ، بل أي نعمة أجل من استنقاذهم من النار وغضب الجبار وإدخالهم الجنة والفوز برضا الرحمن جل وعلا . يقول الله تعال مبينا حال الأمة قبل مجيئه : (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا) [سورة آل عمران /103]، (وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) [سورة آل عمران /164] فلما جاء وتمت به النعمة وكمل به الدين تبدل حالهم ، وصاروا هداة أعزة ، وقال الله فيهم : (فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) وقال: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) [ سورة آل عمران /110 ]. قال قتادة : (كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذلا ، وأشقاه عيشا ، وأجوعه بطونا ، وأعراه جلودا ، وأبينه ضلالا ، من عاش منهم عاش شقيا ، ومن مات منهم ردى في النار ، يؤكلون ولا يأكلون ، والله ما نعلم قبيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم حتى جاء الله بالإسلام ، فمكن به في البلاد ، ووسع به في الرزق ، وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس ، وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم فاشكروا الله على نعمه فإن ربكم منعم يحب الشكر ، وأهل الشكر في مزيد من الله)(2). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : (لقد هدى الله الناس ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به من البينات والهدي هداية جلت عن وصف الواصفين ، وفاقت معرفة العارفين ، حتى حصل لأمته المؤمنين به عموما ، ولأولى العلم منهم خصوصا من العلم النافع ،والعمل الصالح ،والأخلاق العظيمة ،والسنن المستقيمة ،ما لو جمعت حكمة سائر الأمم علما وعملا – الخالصة من كل شوب – إلى الحكمة التي بعث بها ، لتفاوتا تفاوتاً يمنع معرفة قدر النسبة بينهما ، فلله الحمد والمنة كما يحب ربنا ويرضى)(3). وبذا يكون – صلى الله عليه وسلم – مستوجبا للمحبة عقلا وشرعا ، بل وتكون محبته فوق كل محبة في حياة الناس . ويا عجبا أي عجب ، إذ كان الإنسان يحب من أحسن إليه مرة أو مرتين ، أو من أنقذه من ورطة ، أو أنجاه من تهلكه ، فكيف لا يحب من غمره بإحسانه وحماه من كل شر طيلة حياته ؟ . وإذا كان الإنسان يحب ملكا لحسن سيرته ، أو حاكما لعدله في رعيته ، أو عالما لفرط علمه ، أو عابدا لفرط عبادته ، أو زاهدا لفرط ورعه ، فكيف لا يحب من هو قدوة هؤلاء جميعا ، وكلهم ملتمسون منه غرفا من البحر أو رشفا من الديم ؟ . أليس من بلغ مراتب الكمال في كل ذلك أحق بالحب وأولى الاتباع ؟ - بلى فداه نفسي وأبي وأمي – صلى الله عليه وسلم . (1) لبيك اللهم لبيك للشيخ الشعراوي ص 96. (2) تفسير ابن كثير ( 2/300 ) . (3) اقتضاء الصراط المستقيم ص 3.
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
السيرة النبوية والشمائل المحمدية الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر الحلقة(16) أهمية السيرة وبواعث دراستها ( 8 - 12 ) وليعلم المسلم أن محبة رسول الله صلى الله وعليه وسلم ليست شيئا رخيصا يشتري بالثمن البخس أو التقديم البسيط أو أداء القليل من السنن والنوافل، وإنما ثمنه أن يترسم في حياته منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخلاقه، وأن تصبح مرضاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونصرة دينه همه في ليله ونهاره، وفي صحوه ومنامه، وفي سره وعلنه. إن الصحابة الكرام ما نالوا محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن القليل... لقد تركوا من أجله – في الله – المال والولد والأهل والوطن، وتركوا الراحة والزعامة ورضوا بالمواجع واستقبلوا المنغصات راضين مسرورين. في سبيل الله ورسوله كان يحلو عندهم المر، ويسهل الصعب،ويقرب البعيد، وتجمل المهالك، ويعذب الموت، وإن من يقرأ أخبارهم في غزوهم سواء كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أم كانوا وحدهم في سراياهم يدرك أنهم ما كانوا في غزو أبدا،وإنما كانوا في متنزه يسعد قلوبهم. لقد كان حب المصطفى صلى الله عليه وسلم يمسح على جراحاتهم وآلامهم، ويهون لهم المصاعب، ويحبب إليهم لقاء العدو، ويرطب لهم جو الصحراء، وكان حبه صلى الله عليه وسلم واحة يأوون إليها من هجير الكفاح وسهام العدو. وطئ أبو بكر بن أبي قحافة في مكة يوما بعد ما أسلم، وضرب ضربا شديدا، ودنا منه عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ويحرفهما لوجهه، ونزا على بطن أبي بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه، وحملت بنو تيم أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه منزله ولا يشكون في موته، فتكلم آخر النهار فقال: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فمسوا منه بألسنتهم وعذلوه، ثم قاموا وقالوا لأمه أم الخير: انظري أن تطعميه شيئا أو تسقيه إياه، فلما خلت به ألحت عليه، وجعل يقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت:والله ما لي علم بصاحبك، فقال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه. فخرجت حتى جاءت أم جميل فقالت: إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله. قالت:ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك ذهبت،قالت: نعم. فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعا دنفا، فدنت أم جميل وأعلنت بالصياح وقالت: والله إن قوما نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر.وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم، قال: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هذه أمك تسمع ! قال: فلا شيء عليك منها. قالت: سالم صالح ! قال: أين هو؟ قالت: في دار ابن الأرقم، قال: فإن لله علي أن لا أذوق طعاما ولا أشرب شرابا أو آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمهلتا حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتكئ عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم(1). وخرجت امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيراً، هو بحمد الله كما تحبين! قالت: أروينه حتى أنظر إليه. فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل(2)، تريد صغيرة. وقال أبو سفيان لزيد بن الدثنة وهو يقدم للقتل: أنشدك الله يا زيد، أتحب أن محمداً عندنا الآن في مكانك نضرب عنقه، وأنك في أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه، وأني جالس في أهلي. قال أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً كحب أصحاب محمد محمداً(3). وقال زيد بن ثابت : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أطلب سعد بن الربيع فقال لي: إن رأيته فأقرئه مني السلام، قل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تجدك؟ قال: فجعلت أطوف بين القتلى فأتيته وهو بآخر رمق، وفيه سبعون ضربة ما بين طعنة رمح وضربة سيف ورمية بسهم، فقلت: يا سعد، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام ويقول لك: أخبرني كيف تجدك؟ فقال: على رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام، قل له: يا رسول الله أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خُلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف، وفاضت نفسه من وقته(4). (1) البداية والنهاية: 3/30. (2) السيرة لابن هشام ( 2/99 ) والبيهقي في الدلائل ( 3/302 ) بسند ابن اسحاق إلى سعد بن أبي وقاص، وسنده حسن. (3) السيرة النبوية لابن هشام ( 3/181 ). (4) أخرجه الحاكم في المستدرك ( 3/201) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
السيرة النبوية والشمائل المحمدية الدكتور فالح بن محمد بن فالح الصغيّر الحلقة(17) أهمية السيرة وبواعث دراستها ( 9 - 12 ) وقال عروة بن مسعود لقريش واصفا حب الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم : (والله لقد وفدت على الملوك ووفدت على قيصر وكسرى والنجاشي، والله إن رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً، والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فذلك بها وجهه وجلدة، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون النظر إليه تعظيما له)(1). وقدم أبو سفيان المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة، فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه، فقال : يا بنية، ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني، قالت : بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رجل مشرك نجس، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : والله لقد أصابك يا بنية بعدي شر(2). هؤلاء هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم!. لقد وسع حب رسول الله صلى الله عليه وسلم آفاقهم وساحات قلوبهم وأغوار نفوسهم، فغدوا بشرا من نمط ممتاز لا يعرف التاريخ أمثالهم أبدا، يكفي فيهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (النجوم أمنة للسماء... وأصحابي أمنة لأمتي)(3). ومن يصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه الأمان فقد كفاه ذلك عزا وفخرا وشرفا وعلوا وسبقا في الصالحين وقربا من الله عز وجل. ويوم أحب الصحابة الكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفهموا ذلك الحب متعا ومشاعر وأشواقا باهتة مبتورة، وإنما فهموه خروجا عن الذات في سبيل نصرة الإسلام، ولم يروا أن قضية الإسلام ينقضي شأنها بالشهور والأيام، وإنما عرفوا أن هذا الإسلام قد اختاره الله سبحانه خطابا أخيرا للإنسانية، خطابا يحمِّلهم ورقة عمل تمتد منذ لحظة إعلان إسلامهم إلى آخر لحظة في حياتهم، بل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.... هنالك شدوا الحيازيم وعرفوا أن أمامهم رحلة تحليق تمتد إلى آخر عمرهم ارتفعوا فيها فوق شهواتهم وفوق ثقلة الأرض ومطالب الجسد وآلام الأرض وأفراحها وأحزانها.... ارتفعوا إلى حيث المثل والفضيلة والعطاء، ونكران الذات والتجرد والثقة والثبات والتضحية والجهاد. لقد علمهم حب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحملوا الإسلام رسالة حب إلى الإنسانية، وعرفهم أن هذه البشرية الضائعة هي أحق بالرحمة والعطف منها بالانتقام والعقوبة، فخرجوا إليها يحملون لها الهداية على مراكب الرحمة والمحبة في سلمهم وحربهم.... ترى أي حب هو أعظم مما تؤديه هذه المفاهيم التي ذكرها ربعي بن عامر وهو يخاطب رستم يوم توجه المسلمون إلى فتح فارس... قائلا : (الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام)(4). أي حب – ترى – أعظم من هذا الحب ؟ إنسان يترك مألوف حياته ويترك الأهل والوطن ويضحي بروحه، يعرضها للموت ليخرج إلى أمة لا تربطه بها رابطة أبدا من أجل أن يبلغها رسالة الإسلام ويخرجها من الظلمات إلى النور. إن هذه النوايا الطيبة وهذا الحب العظيم لشيء يجل عن الوصف وتعجز عنه اللغة حقا، فمهما أحبت الشعوب الفاتحين المسلمين، ومهما أحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خرجهم من مدرسته فهو حب قليل في موازين الشكر والجزاء(5). (1) أخرجه البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب وكتابه الشروط، رقم (2731-2732). (2) السيرة لابن هشام (4/ 38). (3) أخرجه مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه، وبقاء أصحابه أمان للأمة، رقم (6466). (4) حياة الصحابة (1/203). (5) انظر : مختصر الجامع في السيرة (1/17).
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
رد: السيرة النبوية والشمائل المحمدية **متجددة إن شاء الله
السيرة النبوية والشمائل المحمدية ا.د.فالح بن محمد الصغير الحلقة(20) أهمية السيرة وبواعث دراستها (12-12) ومن ثم أجمع أهل التأويل وعلماء الأمة على أن طاعة النبي صلى الله عليه وسلم – تعني: الالتزام بسنته ، والسير على طريقته ، والتسليم لما جاء به ، فينزل المرء على حكمه ، وينقاد لشرعه ، فمن لم يطعه في شريعته ، ويأبي النزول على حكمه ، ويستهين به أو بشرعه فهو كافر في ملته ، ومشكوك في عقيدته ، قال تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [ سورة النساء /65 ]. وجامع الأمر في طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هو قوله: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [ سورة الحشر / 7 ]. وقد روي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من أطاعني فقد أطاع الله ، ومن عصاني فقد عصا الله ،ومن أطاع أميري فقد أطاعني ، ومن عصى أميري فقد عصاني)(1). وروي البخاري أيضا عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى)(2). هذه بعض الأدلة التي وردت في الكتاب والسنة تؤكد على وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره. من ثم وجب معرفة أوامره ونواهيه النبي صلى الله عليه وسلم ، والوقوف على أقواله ، وأفعاله ، وتقريراته ، وأخلاقه ، وسائر أحواله وذلك مرهون بدراسة سيرته ومعرفة سائر أخباره، ومن هنا تأتي فرضية دراسة السيرة. يقول القاضي عياض: " أعلم أن من أحب شيئا آثره وآثر موافقته ، وإلا لم يكن صادقا في حبه وكان مدعيا ، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه ، وأولها الاقتداء به ، واستعمال سنته ، واتباع أقواله وأفعاله ، وامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، والتأدب بآدابه في عسره ويسره ، ومنشطه ومكرهه(3). (1) أخرجه البخاري ،كتاب الأحكام ، باب قول الله تعالى: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ) (7137). (2) أخرجه البخاري، كتاب الاعتصام ، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم (7280). (3) الشفا (2/ 517).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |