|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#21
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (21) صـ 138 إلى صـ 144 {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ: 7 - 8.] . وَأَمَّا مَنِ اعْتَقَدَ أَنْ مِنَّتَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْهِدَايَةِ دُونَ الْكَافِرِينَ ظُلْمٌ مِنْهُ، فَهَذَا جَهْلٌ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا تَفَضُّلٌ [مِنْهُ] (1) ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 17] . وَكَمَا قَالَتِ الْأَنْبِيَاءُ: {إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 11] ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 53] . فَتَخْصِيصُ هَذَا بِالْإِيمَانِ كَتَخْصِيصِ هَذَا بِمَزِيدِ عِلْمٍ، وَقُوَّةٍ، وَصِحَّةٍ، وَجَمَالٍ (2) ، وَمَالٍ. قَالَ تَعَالَى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 32] . وَإِذَا خَصَّ أَحَدَ الشَّخْصَيْنِ بِقُوَّةٍ، وَطَبِيعَةٍ تَقْضِي غِذَاءً صَالِحًا خَصَّهُ بِمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ مِنَ الصِّحَّةِ، [وَالْعَافِيَةِ] (3) ، وَإِذَا (4) لَمْ يُعْطِ الْآخَرَ ذَلِكَ (5) نَقَصَ عَنْهُ، وَحَصَلَ لَهُ ضَعْفٌ، وَمَرَضٌ. (1) مِنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) أ، ب: وَحَالٍ. (3) وَالْعَافِيَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) ب (فَقَطْ) : وَإِنْ. (5) ذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (أ) ************* وَالظُّلْمُ. (1) وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، فَهُوَ لَا يَضَعُ الْعُقُوبَةَ إِلَّا فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يَسْتَحِقُّهَا لَا يَضَعُهَا (2) عَلَى مُحْسِنٍ أَبَدًا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ (3) عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: ( «يَمِينُ اللَّهِ مَلْأَى لَا يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَالْقِسْطُ بِيَدِهِ الْأُخْرَى يَقْبِضُ، وَيَبْسُطُ» .) (4) فَبَيَّنَ (5) أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُحْسِنُ، وَيَعْدِلُ، وَلَا يَخْرُجُ فِعْلُهُ عَنِ الْعَدْلِ، وَالْإِحْسَانِ، وَلِهَذَا قِيلَ: كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ، وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ. وَلِهَذَا يُخْبِرُ أَنَّهُ تَعَالَى يُعَاقِبُ النَّاسَ بِذُنُوبِهِمْ، وَأَنَّ إِنْعَامَهُ عَلَيْهِمْ إِحْسَانٌ مِنْهُ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْإِلَهِيِّ: «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: (يَا عِبَادِي [إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا] (6) إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ (1) لَمْ يَذْكُرِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِيمَا سَبَقَ إِلَّا وَجْهًا وَاحِدًا وَلَعَلَّ مَا يَلِي فِيهِ بَيَانٌ لِلْوَجْهِ الثَّانِي. (2) أ، ب: لَا يَضَعُ الْعُقُوبَةَ. (3) ن: وَفِي الصَّحِيحِ. (4) فِي اللِّسَانِ: سَحَّ الدَّمْعُ وَالْمَطَرُ وَالْمَاءُ يَسِحُّ سَحًّا وَسُحُوحًا أَيْ: سَالَ مِنْ فَوْقُ وَاشْتَدَّ انْصِبَابُهُ. وَفِي الْحَدِيثِ: يَمِينُ اللَّهِ سَحَّاءُ. أَيْ دَائِمَةُ الصَّبِّ وَالْهَطْلِ بِالْعَطَاءِ. وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الْبُخَارِيُّ 9/122 - 123، 124 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ، وَبَابُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) ؛ مُسْلِمٌ 3/690 - 691 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ الْحَثِّ عَلَى النَّفَقَةِ.) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 1/71 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْمَعَارِفِ) 16/43 - 44 (ط. الْحَلَبِيِّ) 2/500 - 501. وَرَوَى ابْنُ خُزَيْمَةَ الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ " التَّوْحِيدِ " ص 47، الْقَاهِرَةَ 1353. (5) أ، ب: فَتَعَيَّنَ. (6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . **************************** وَجَدَ خَيْرًا، فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ، فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ.» ) (1) . وَقَدْ قَالَ (2) تَعَالَى: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 79] أَيْ مَا أَصَابَكَ مِنْ نِعَمٍ تُحِبُّهَا كَالنَّصْرِ، وَالرِّزْقِ، فَاللَّهُ أَنْعَمَ بِذَلِكَ عَلَيْكَ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ نِقَمٍ (3) تَكْرَهُهَا، فَبِذُنُوبِكَ، وَخَطَايَاكَ، فَالْحَسَنَاتُ، وَالسَّيِّئَاتُ هُنَا (4) أَرَادَ بِهَا النِّعَمَ، وَالْمَصَائِبَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 68] ، وَكَمَا قَالَ [تَعَالَى] (5) : {إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 50] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 120] .وَمِثْلُ هَذَا قَوْلُهُ [تَعَالَى] (6) : {وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ} [سُورَةُ الرُّومِ: 36] . فَأَخْبَرَ أَنَّ مَا يُصِيبُ بِهِ النَّاسَ مِنَ الْخَيْرِ فَهُوَ رَحْمَةٌ مِنْهُ أَحْسَنَ بِهَا إِلَى (1) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 4/1994 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ) ؛ سُنَنَ التِّرْمِذِيِّ 4/67 - 68 (كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ، بَابُ 15 حَدِيثٌ رَقْمُ 2613: حَدَّثَنَا هَنَّادٌ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ) ؛ سُنَنَ ابْنِ مَاجَهْ 2/1422 (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ ذِكْرِ التَّوْبَةِ) ؛ الْمُسْنَدَ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/154، 160، 177. (2) ن، م: وَقَالَ. (3) ن، م: نِقْمَةٍ. (4) هُنَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (5) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) . (6) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) . ************************* عِبَادَهُ، وَمَا أَصَابَهُمْ [بِهِ] (1) مِنَ الْعُقُوبَاتِ، فَبِذُنُوبِهِمْ، وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ (2) . وَكَذَلِكَ الْحِكْمَةُ أَجْمَعُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِالْحِكْمَةِ لَكِنْ تَنَازَعُوا فِي تَفْسِيرِ ذَلِكَ. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الْحِكْمَةُ تَرْجِعُ إِلَى عِلْمِهِ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ، وَإِيقَاعِهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَلَمْ يُثْبِتُوا إِلَّا الْعِلْمَ وَالْإِرَادَةَ وَالْقُدْرَةَ. وَقَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَغَيْرُهُمْ: بَلْ هُوَ حَكِيمٌ فِي خَلْقِهِ، وَأَمْرِهِ، وَالْحِكْمَةُ لَيْسَتْ مُطْلَقَ الْمَشِيئَةِ إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ كُلُّ مُرِيدٍ حَكِيمًا، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِرَادَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى مَحْمُودَةٍ وَمَذْمُومَةٍ، بَلِ الْحِكْمَةُ [تَتَضَمَّنُ] (3) مَا فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ مِنَ الْعَوَاقِبِ الْمَحْمُودَةِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْبُوبَةِ، وَالْقَوْلُ بِإِثْبَاتِ هَذِهِ الْحِكْمَةِ لَيْسَ هُوَ قَوْلَ الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَطْ، بَلْ هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ. فَأَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ مُتَّفِقُونَ عَلَى إِثْبَاتِ الْحِكْمَةِ وَالْمَصَالِحِ فِي أَحْكَامِهِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُنَازِعُ. (4) فِي ذَلِكَ (1) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) م، أ، ب: مَوْضِعٌ آخَرُ. وَانْظُرْ مَثَلًا رِسَالَتَهُ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ " نَشَرَهَا الشَّيْخُ حَامِدٌ الْفِقِيُّ تَحْتَ عُنْوَانِ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ وَمَوْقِفِ الْعَبْدِ عِنْدَهُمَا، ضِمْنَ مَجْمُوعَةِ شَذَرَاتِ الْبِلَاتِينِ، ص 165/292، الْقَاهِرَةِ، 1375/1956. (3) تَتَضَمَّنُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) أ، ب: يَتَنَازَعُ. ********************** طَائِفَةٌ مِنْ نُفَاةِ الْقِيَاسِ (1) . وَغَيْرُ نُفَاتِهِ، وَكَذَلِكَ مَا فِي خَلْقِهِ مِنَ الْمَنَافِعِ وَالْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ لِعِبَادِهِ مَعْلُومٌ. وَأَصْحَابُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ كَجَهْمِ [بْنِ صَفْوَانَ وَمُوَافِقِيهِ] : كَالْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ (2) مِنَ الْفُقَهَاءِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ لَامُ التَّعْلِيلِ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ، بَلْ لَيْسَ فِيهِ إِلَّا لَامُ الْعَاقِبَةِ. وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: بَلْ (3) لَامُ التَّعْلِيلِ دَاخِلَةٌ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى، [وَأَحْكَامِهِ] (4) . وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى (5) ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ (6) ، وَنَحْوِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَإِنْ كَانُوا [قَدْ] (7) يَقُولُونَ بِالْأَوَّلِ، فَهُمْ يَقُولُونَ بِالثَّانِي أَيْضًا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ، وَكَذَلِكَ أَمْثَالُهُمْ مِنَ الْفُقَهَاءِ [أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَغَيْرِهِمَا] (8) . (1) أ، ب: الْقَدَرِ. (2) ن، م: الْأَوَّلُ كَالْأَشْعَرِيِّ وَجَهْمٍ وَمَنْ وَافَقَهُ (3) بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (4) وَأَحْكَامِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) أَبُو يَعْلَى مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفِ بْنِ الْفَرَّاءِ مِنْ كِبَارِ الْحَنَابِلَةِ وَعَالِمٌ فِي الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ. وُلِدَ سَنَةَ 380 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 458. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ (لِابْنِهِ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدٍ) 2/193، 230 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 2/256 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/306 - 307 ; الْوَافِي بِالْوَفِيَّاتِ 3/7 ; الْأَعْلَامِ 6/331 ; بُرُوكِلْمَانَ gal الْمُلْحَقِ 3/503. (6) ب: أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّعْفَرَانِيِّ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغُونِيِّ هُوَ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ نَصْرٍ السِّرِّيُّ (وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ) وُلِدَ سَنَةَ 455 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 527. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/180 - 184 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/80 - 81 ; الْأَعْلَامِ 5/124 - 125. (7) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) . (8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . *************************** وَأَمَّا ابْنُ عَقِيلٍ (1) . وَالْقَاضِي. (2) فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ، وَأَبُو خَازِمِ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى (3) ، وَأَبُو الْخَطَّابِ (4) ، فَيُصَرِّحُونَ بِالتَّعْلِيلِ وَالْحِكْمَةِ فِي أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى مُوَافَقَةً لِمَنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ. وَالْحَنَفِيَّةُ هُمْ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ الْقَائِلِينَ بِالْقَدَرِ، وَجُمْهُورُهُمْ يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ (* وَالْمَصَالِحِ، وَالْكَرَّامِيَّةُ (5) ، وَأَمْثَالُهُمْ هُمْ (6) أَيْضًا مِنَ الْقَائِلِينَ (1) أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيُّ بْنُ عَقِيلِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ الْبَغْدَادِيُّ، مِنَ الْحَنَابِلَةِ الَّذِينَ خَالَفُوا الْمَذْهَبَ وَلَجَأُوا إِلَى التَّأْوِيلِ مِثْلُ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، كَانَ يُعَظِّمُ الْحَلَّاجَ فَأَرَادَ الْحَنَابِلَةُ قَتْلَهُ. وُلِدَ سَنَةَ 431 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 513. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/142 - 163 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/35 - 40 ; لِسَانِ الْمِيزَانِ 4/243 - 244 ; الْأَعْلَامِ 5/129 ; بُرُوكِلْمَانَ GAL الْمُلْحَقِ 3/503. (2) وَالْقَاضِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (3) أ، ب: وَأَبُو حَازِمِ بْنُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى ; ن، م: وَأَبُو حَازِمٍ. وَالصَّوَابُ أَبُو خَازِمٍ. وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَّاءِ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 527. انْظُرِ الذَّيْلَ لِابْنِ رَجَبٍ 1/184 - 185. (4) ن، م: وَأَبُو الْخَطَّابِ الصَّغِيرُ. وَهُوَ خَطَأٌ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ " وَأَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ " وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَرَّاءِ أَبُو الْحُسَيْنِ صَاحِبُ كِتَابِ " طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ ". انْظُرِ الذَّيْلَ 1/176 - 178. (5) الْكَرَّامِيَّةُ هُمْ أَتْبَاعُ مُحَمَّدِ بْنِ كَرَّامٍ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ السِّجِسْتَانِيِّ الْمُتَوَفَّى فِي الْقُدْسِ سَنَةَ 255 (انْظُرْ شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/131) . وَالْكَرَّامِيَّةُ يُوَافِقُونَ السَّلَفَ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَلَكِنَّهُمْ يُبَالِغُونَ فِي ذَلِكَ إِلَى حَدِّ التَّشْبِيهِ وَالتَّجْسِيمِ، وَهُمْ يُوَافِقُونَ السَّلَفَ أَيْضًا فِي إِثْبَاتِ الْقَدَرِ وَالْقَوْلِ بِالْحِكْمَةِ، وَلَكِنَّهُمْ يُوَافِقُونَ الْمُعْتَزِلَةَ فِي وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْعَقْلِ وَفِي أَنَّ الْعَقْلَ يُحَسِّنُ وَيُقَبِّحُ قَبْلَ الشَّرْعِ. كَمَا يَعُدُّهُمُ الْأَشْعَرِيُّ وَابْنُ حَزْمٍ مِنَ الْمُرْجِئَةِ لِقَوْلِهِمْ إِنَّ الْإِيمَانَ هُوَ الْإِقْرَارُ وَالتَّصْدِيقُ بِاللِّسَانِ دُونَ الْقَلْبِ. انْظُرِ الْمَقَالَاتِ 1/205 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 4/5، 111، 5 - 75، الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/99 - 104 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ 130 - 137 ; التَّبْصِيرَ فِي الدِّينِ 65 - 70 ; اعْتِقَادَاتِ فِرَقِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ 67. (6) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . ************************ بِالْقَدَرِ الْمُثْبِتِينَ لِخِلَافَةِ الْخُلَفَاءِ الْمُفَضِّلِينَ لِأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَهُمْ أَيْضًا يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ *) (1) ، وَالْحِكْمَةِ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِ[مَالِكٍ] (2) ، وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يَقُولُونَ بِالتَّعْلِيلِ، وَالْحِكْمَةِ، وَبِالتَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ [الْعَقْلِيَّيْنِ] (3) كَأَبِي بَكْرٍ الْقَفَّالِ (4) ، وَأَبِي عَلِيٍّ ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ (5) ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ (6) ، وَأَبِي الْخَطَّابِ (7) مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ. وَفِي الْجُمْلَةِ النِّزَاعُ فِي تَعْلِيلِ أَفْعَالِ اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ مَسْأَلَةٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْإِمَامَةِ أَصْلًا. وَأَكْثَرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْحِكْمَةِ وَالتَّعْلِيلِ. وَلَكِنِ الَّذِينَ أَنْكَرُوا ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ (8) احْتَجُّوا بِحُجَّتَيْنِ: (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) فَقَطْ. (2) مَالِكٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) الْعَقْلِيَّيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) هُوَ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْقَفَّالُ الشَّاشِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 365 هـ. انْظُرِ ابْنَ خِلِّكَانَ 3/338 - 339 ; تَبْيِينَ كَذِبِ الْمُفْتَرِي لِابْنِ عَسَاكِرَ 182، 183. (5) هُوَ أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 345. انْظُرِ ابْنَ خِلِّكَانَ 1/358 ; الْأَعْلَامَ 2/202. (6) ن، م: وَالتَّمِيمِيِّ. وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ أَسَدٍ التَّمِيمِيُّ، مِنْ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ. وُلِدَ سَنَةَ 317 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 371. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 2/139 ; الْمُنْتَظِمِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 7/110 ; الْأَعْلَامِ 4/139. (7) ن، م: وَابْنِ الْخَطَّابِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ أَبُو الْخَطَّابِ مَحْفُوظُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْكَلْوَذَانِيُّ، إِمَامُ الْحَنَابِلَةِ فِي عَصْرِهِ، وُلِدَ بِبَغْدَادَ سَنَةَ 432 وَتُوُفِّيَ بِهَا سَنَةَ 510. مِنْ كُتُبِهِ التَّمْهِيدُ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 2/258 ; الذَّيْلِ لِابْنِ رَجَبٍ 1/116 - 127 ; شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/27 - 28 ; الْأَعْلَامِ 6/178. وَانْظُرْ: دَرْءَ تَعَارُضِ الْعَقْلِ وَالنَّقْلِ 9 - 62. (8) عِبَارَةُ " مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ " سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) .
__________________
|
#22
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (22) صـ 145 إلى صـ 151 إِحْدَاهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ (1) لِعِلَّةٍ، فَتِلْكَ الْعِلَّةُ أَيْضًا حَادِثَةٌ، فَتَفْتَقِرُ إِلَى عِلَّةٍ إِنْ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ حَادِثٍ عِلَّةٌ. وَإِنْ عُقِلَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى إِثْبَاتِ عِلَّةٍ، فَهُمْ يَقُولُونَ: إِنْ أَمْكَنَ الْإِحْدَاثُ بِغَيْرِ عِلَّةٍ لَمْ يُحْتَجْ إِلَى عِلَّةٍ، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَبَثًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وُجُودُ الْإِحْدَاثِ إِلَّا لِعِلَّةٍ، فَالْقَوْلُ فِي حُدُوثِ الْعِلَّةِ كَالْقَوْلِ فِي حُدُوثِ الْمَعْلُولِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ التَّسَلْسُلَ. الْحُجَّةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: مَنْ فَعَلَ لِعِلَّةٍ كَانَ مُسْتَكْمَلًا بِهَا ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ حُصُولُ الْعِلَّةِ أَوْلَى مِنْ عَدَمِهَا لَمْ تَكُنْ عِلَّةً، وَالْمُسْتَكْمَلُ بِغَيْرِهِ نَاقِصٌ بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ عَلَى اللَّهِ. وَأَوْرَدُوا عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ حُجَّةً تَقْطَعُهُمْ عَلَى أُصُولِهِمْ، فَقَالُوا: الْعِلَّةُ الَّتِي فَعَلَ لِأَجْلِهَا إِنْ كَانَ وُجُودُهَا وَعَدَمُهَا بِالنِّسْبَةِ (2) إِلَيْهِ سَوَاءً امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ عِلَّةً، وَإِنْ كَانَ وُجُودُهَا أَوْلَى، فَإِنْ كَانَتْ مُنْفَصِلَةً عَنْهُ لَزِمَ أَنْ يُسْتَكْمَلَ بِغَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِهِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ. وَأَمَّا الْمُجَوِّزُونَ لِلتَّعْلِيلِ، فَهُمْ مُتَنَازِعُونَ، فَالْمُعْتَزِلَةُ وَأَتْبَاعُهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ تُثْبِتُ مِنَ التَّعْلِيلِ مَا لَا يُعْقَلُ، وَهُوَ أَنَّهُ فَعَلَ لِعِلَّةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنِ الْفَاعِلِ مَعَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا [بِالنِّسْبَةِ] (3) إِلَيْهِ سَوَاءً. وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ الْقَائِلُونَ بِالتَّعْلِيلِ، فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ(1) أ، ب: فَعَلَهُ. (2) بِالنِّسْبَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (3) بِالنِّسْبَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَبِهَا يَتِمُّ الْمَعْنَى. ******************************** ، وَيَرْضَى كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَيَقُولُونَ: إِنَّ الْمَحَبَّةَ وَالرِّضَا أَخَصُّ مِنَ الْإِرَادَةِ، وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِ الْأَشْعَرِيِّ، فَيَقُولُونَ: إِنَّ (1) الْمَحَبَّةَ، وَالرِّضَا وَالْإِرَادَةَ سَوَاءٌ، فَجُمْهُورُ أَهْلِ السُّنَّةِ يَقُولُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَلَا يَرْضَاهُ، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِي مُرَادِهِ، كَمَا دَخَلَتْ سَائِرُ الْمَخْلُوقَاتِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْفَاعِلِ، فَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى شَخْصٍ يَكُونُ عَدِيمَ الْحِكْمَةِ، بَلْ لِلَّهِ فِي الْمَخْلُوقَاتِ حِكَمٌ قَدْ يَعْلَمُهَا بَعْضُ النَّاسِ، وَقَدْ لَا يَعْلَمُهَا. وَهَؤُلَاءِ يُجِيبُونَ عَنِ التَّسَلْسُلِ بِجَوَابَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يُقَالَ: هَذَا التَّسَلْسُلُ فِي الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَةِ (2) لَا فِي الْحَوَادِثِ الْمَاضِيَةِ، فَإِنَّهُ إِذَا فَعَلَ فِعْلًا لِحِكْمَةٍ كَانَتِ الْحِكْمَةُ حَاصِلَةً بَعْدَ الْفِعْلِ، فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الْحِكْمَةُ يُطْلَبُ مِنْهَا حِكْمَةٌ أُخْرَى بَعْدَهَا كَانَ تَسَلْسُلًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ. وَتِلْكَ الْحِكْمَةُ الْحَاصِلَةُ مَحْبُوبَةٌ لَهُ وَسَبَبٌ لِحِكْمَةٍ ثَانِيَةٍ، فَهُوَ لَا يَزَالُ سُبْحَانَهُ يُحْدِثُ مِنَ الْحِكَمِ مَا يُحِبُّهُ وَيَجْعَلُهُ سَبَبًا لِمَا يُحِبُّهُ. قَالُوا: وَالتَّسَلْسُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ جَائِزٌ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِ أَهْلِ الْمِلَلِ (3) ، فَإِنَّ نَعِيمَ الْجَنَّةِ [وَعَذَابَ] (4) النَّارِ دَائِمَانِ (5) مَعَ تَجَدُّدِ الْحَوَادِثِ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ ذَلِكَ الْجَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ، (1) إِنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (2) ن، م: فِي الْحَوَادِثِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ. (3) ن، م: مِنْ أَهْلِ الْمَلِكِ وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) وَعَذَابَ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَبِهَا يَتِمُّ الْمَعْنَى. (5) أ: دَائِمًا ; ب: دَائِمٌ، وَهُوَ خَطَأٌ. ***************************** فَزَعَمَ أَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ يَفْنَيَانِ، وَأَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ (1) زَعَمَ أَنَّ حَرَكَاتِ [أَهْلِ] (2) الْجَنَّةِ، وَالنَّارِ تَنْقَطِعُ (3) ، وَيَبْقَوْنَ فِي سُكُونٍ دَائِمٍ. وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا اعْتَقَدُوا أَنَّ التَّسَلْسُلَ فِي الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ فِي الْمَاضِي، وَالْمُسْتَقْبَلِ قَالُوا هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي ضَلَّلَهُمْ بِهِ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ. وَأَمَّا تَسَلْسُلُ الْحَوَادِثِ فِي الْمَاضِي، فَفِيهِ أَيْضًا قَوْلَانِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ: لِأَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ وَغَيْرِهِمْ. فَمَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ تَعَالَى (4) لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ يَزَلْ، فَعَّالًا إِذَا شَاءَ أَفْعَالًا (5) تَقُومُ بِنَفْسِهِ - بِقُدْرَتِهِ (6) ، وَمَشِيئَتِهِ - شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ - يَقُولُ: إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ، وَيَفْعَلُ بِمَشِيئَتِهِ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ مَعَ قَوْلِهِ: إِنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ [مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ] (7) ، وَإِنَّهُ لَيْسَ فِي (1) أَبُو الْهُذَيْلِ مُحَمَّدُ بْنُ الْهُذَيْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَكْحُولٍ الْعَبْدِيُّ الْعَلَّافُ، شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ الْبَصْرِيِّينَ، وَرَأْسُ الطَّائِفَةِ الْهُذَيْلِيَّةِ، وُلِدَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ 135 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 226 أَوْ 227 أَوْ 235 عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ. قَالَ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلُ وَالنِّحَلُ 1/54) : إِنَّ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ أَبُو الْهُذَيْلِ عَنْ سَائِرِ الْمُعْتَزِلَةِ قَوْلَهُ: إِنَّ حَرَكَاتِ أَهْلِ الْخُلْدَيْنِ تَنْقَطِعُ وَإِنَّهُمْ يَصِيرُونَ إِلَى سُكُونٍ دَائِمٍ خُمُودًا، وَتَجْتَمِعُ اللَّذَّاتُ فِي ذَلِكَ السُّكُونِ لِأَهْلِ الْجَنَّةِ، وَتَجْتَمِعُ الْآلَامُ فِي ذَلِكَ السُّكُونِ لِأَهْلِ النَّارِ. وَهَذَا قَرِيبٌ مِنْ مَذْهَبِ جَهْمٍ إِذْ حَكَمَ بِفَنَاءِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. انْظُرْ تَرْجَمَةَ أَبِي الْهُذَيْلِ وَالْكَلَامَ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي: لِسَانِ الْمِيزَانِ 5/413 - 414 ; ابْنِ خِلِّكَانَ 3/396 - 397 ; تَارِيخِ بَغْدَادَ 3/366 - 370 ; الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/53 - 56 ; الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ 73 - 79 ; الْمَقَالَاتِ 1/217، 224، 225 ; عَلِيُّ مُصْطَفَى الْغُرَابِي: أَبُو الْهُذَيْلِ الْعَلَّافُ، الْقَاهِرَةِ، 1949. (2) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهَا. (3) ن، م، أ: يَنْقَطِعَانِ. (4) أ، ب: إِنَّ اللَّهَ. (5) أ، ب: وَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالًا. (6) أ، ب: وَقُدْرَتِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ. (7) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . *********************** الْعَالَمِ شَيْءٌ قَدِيمٌ مُسَاوِقٌ لِلَّهِ، كَمَا تَقُولُهُ الْفَلَاسِفَةُ الْقَائِلُونَ بِقِدَمِ الْأَفْلَاكِ، وَأَنَّهَا مُسَاوِقَةٌ لِلَّهِ فِي وُجُودِهِ، فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ أَقْوَالِ الْمُسْلِمِينَ. [الاستطراد في الرد على قول الفلاسفة بقدم العالم] [مجمل الرد على قول الفلاسفة بقدم العالم] وَقَدْ بَيَّنَّا فَسَادَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ فِي [غَيْرِ] (1) هَذَا الْمَوْضِعِ، وَبَيَّنَّا أَنَّ قَوْلَهُمْ بِأَنَّ الْمُبْدِعَ عِلَّةٌ تَامَّةٌ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ هُوَ نَفْسُهُ يَسْتَلْزِمُ فَسَادَ قَوْلِهِمْ، فَإِنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ تَسْتَلْزِمُ مَعْلُولَهَا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا. فَالْحَوَادِثُ مَشْهُودَةٌ فِي الْعَالَمِ، فَلَوْ كَانَ الصَّانِعُ مُوجِبًا بِذَاتِهِ عِلَّةً تَامَّةً مُسْتَلْزِمَةً لِمَعْلُولِهَا لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ مِنَ الْحَوَادِثِ فِي الْوُجُودِ إِذِ الْحَادِثُ يَمْتَنِعُ (2) أَنْ يَكُونَ صَادِرًا عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ، فَلَوْ كَانَ الْعَالَمُ قَدِيمًا لَكَانَ مُبْدِعُهُ عِلَّةً تَامَّةً، وَالْعِلَّةُ التَّامَّةُ لَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا، فَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَحْدُثَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ، فَحُدُوثُ الْحَوَادِثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَهَا لَيْسَ بِعِلَّةٍ تَامَّةٍ فِي الْأَزَلِ، وَإِذَا (3) انْتَفَتِ الْعِلَّةُ التَّامَّةُ فِي الْأَزَلِ بَطَلَ الْقَوْلُ بِقِدَمِ شَيْءٍ مِنَ الْعَالَمِ لَكِنَّ هَذَا لَا يَنْفِي أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ يَزَلْ حَيًّا فَعَّالًا لِمَا يَشَاءُ. [مناقشة الفلاسفة تفصيلا على قولهم بقدم العالم] وَعُمْدَةُ الْفَلَاسِفَةِ عَلَى قِدَمِ الْعَالَمِ هُوَ قَوْلُهُمْ يَمْتَنِعُ (4) حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ، فَيَمْتَنِعُ تَقْدِيرُ ذَاتٍ مُعَطَّلَةٍ (5) عَنِ الْفِعْلِ لَمْ تَفْعَلْ، ثُمَّ فَعَلَتْ مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ سَبَبٍ.وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَدُلُّ عَلَى قِدَمِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنَ الْعَالَمِ لَا الْأَفْلَاكِ، وَلَا (1) غَيْرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ. (2) أ: فِي الْوُجُودِ الْحَادِثِ مُمْتَنِعٌ، ب: مِنَ الْحَوَادِثِ فَالْمَوْجُودُ الْحَادِثُ يَمْتَنِعُ. (3) ن، م: فَإِذَا. (4) ن، م: امْتِنَاعُ. (5) ن، م: تَقْدِيرَاتٍ مُعَطَّلَةٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. ************************ غَيْرِهَا إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فَعَّالًا، وَإِذَا (1) قُدِّرَ أَنَّهُ فَعَّالٌ لِأَفْعَالٍ تَقُومُ بِنَفْسِهِ أَوْ مَفْعُولَاتٍ حَادِثَةٍ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ وَفَاءً بِمُوجِبِ هَذِهِ الْحُجَّةِ مَعَ الْقَوْلِ بِأَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ مُحْدَثٌ [مَخْلُوقٌ] (2) بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، [كَمَا أَخْبَرَتِ الرُّسُلُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ] (3) ، وَإِنْ كَانَ النَّوْعُ لَمْ يَزَلْ مُتَجَدِّدًا، كَمَا فِي الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كُلٌّ مِنْهَا حَادِثٌ [مَخْلُوقٌ] (4) ، وَهِيَ لَا تَزَالُ تَحْدُثُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. قَالَ هَؤُلَاءِ: وَاللَّهُ قَدْ (5) أَخْبَرَ أَنَّهُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ، وَلَا يَكُونُ الْمَخْلُوقُ إِلَّا مَسْبُوقًا [بِالْعَدَمِ] (6) ، فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ (7) مَا سِوَى اللَّهِ مَخْلُوقٌ مَفْعُولٌ مُحْدَثٌ. فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ مُقَارِنًا لِلَّهِ تَعَالَى، كَمَا يَقُولُهُ [دَهْرِيَّةُ] (8) الْفَلَاسِفَةِ: إِنَّ الْعَالَمَ مَعْلُولٌ لَهُ، وَهُوَ مُوجِبٌ لَهُ مُفِيضٌ لَهُ، وَهُوَ مُتَقَدِّمٌ (9) عَلَيْهِ بِالشَّرَفِ، وَالْعَلِيَّةِ (10) ، وَالطَّبْعِ، وَلَيْسَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ بِالزَّمَانِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ (1) أ، ب: وَإِذَا. (2) مَخْلُوقٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) مَخْلُوقٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) قَدْ: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) . (6) بِالْعَدَمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ. (7) كُلَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (8) دَهْرِيَّةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (9) ن، م: مُقَدَّمٌ. (10) ن: وَالْغَلَبَةُ. ********************************* عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبَةً يَقْتَرِنُ بِهَا مَعْلُولُهَا - كَمَا زَعَمُوا - لَمْ يَكُنْ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ مُحْدَثٌ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُحْدَثَ لَا يَحْدُثُ عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ يُقَارِنُهَا مَعْلُولُهَا، فَإِنَّ الْمُحْدَثَ الْمُعَيَّنَ لَا يَكُونُ أَزَلِيًّا. وَسَوَاءٌ قِيلَ. إِنَّهُ حَدَثَ بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِ وَسَطٍ (1) - كَمَا يَقُولُونَ: إِنَّ الْفَلَكَ تَوَلَّدَ عَنْهُ بِوَسَطِ عَقْلٍ، أَوْ عَقْلَيْنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُقَالُ - فَإِنَّ كُلَّ قَوْلٍ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ (2) مِنَ الْعَالَمِ قَدِيمًا لَازِمًا لِذَاتِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ كَوْنَ الْبَارِئِ مُوجِبًا بِالذَّاتِ بِحَيْثُ يُقَارِنُهُ (3) مُوجَبِهِ إِذْ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَارَنَهُ بِذَلِكَ الشَّيْءِ، وَلَوْ كَانَ مُوجِبًا بِالذَّاتِ لَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ مُوجَبِهِ وَمُقْتَضَاهُ، فَكَانَ يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْعَالَمِ شَيْءٌ مُحْدَثٌ. [بطلان القول بأن البارئ موجب بذاته للفلك] وَلَوْ قِيلَ: إِنَّهُ مُوجِبٌ بِذَاتِهِ لِلْفَلَكِ، وَأَمَّا حَرَكَاتُ الْفَلَكِ، فَيُوجِبُهَا شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ كَانَ هَذَا بَاطِلًا مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَتْ حَرَكَةُ الْفَلَكِ لَازِمَةً لَهُ - كَمَا هُوَ قَوْلُهُمْ - امْتَنَعَ إِبْدَاعُ الْمَلْزُومِ دُونَ لَازِمِهِ، وَكَوْنُهُ مُوجِبًا بِالذَّاتِ عِلَّةً تَامَّةً لِلْحَرَكَةِ مُمْتَنِعٌ ; لِأَنَّ الْحَرَكَةَ تَحْدُثُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَالْعِلَّةُ (* التَّامَّةُ الْمُوجِبَةُ لِمَعْلُولِهَا [فِي الْأَزَلِ] (4) لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهَا شَيْءٌ مِنْ مَعْلُولِهَا، فَلَا تَكُونُ الْحَرَكَةُ مَعْلُولَةً (1) أ، ب: بِوَاسِطَةٍ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ. (2) ن، م: أَنْ يَكُونَ كُلُّ شَيْءٍ. . . (3) ن، م: يُفَارِقُهُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (4) فِي الْأَزَلِ: سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . ************************** لِلْمُوجَبِ بِذَاتِهِ فِي الْأَزَلِ *) (1) الَّذِي يَلْزَمُهُ (2) مَعْلُولُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً [لَهُ] (3) فَهِيَ حَادِثَةٌ، فَتَقْتَضِي سَبَبًا وَاجِبًا (4) حَادِثًا، وَذَلِكَ بِالْحَادِثِ لَا يَحْدُثُ عَنِ الْعِلَّةِ التَّامَّةِ الْأَزَلِيَّةِ إِذِ الْمُوجَبُ بِذَاتِهِ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ مُوجَبُهُ. وَلِهَذَا كَانَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ الْحَوَادِثَ صَادِرَةً عَنْ عِلَّةٍ تَامَّةٍ أَزَلِيَّةٍ لَا يَحْدُثُ فِيهَا، وَلَا مِنْهَا شَيْءٌ أَشَدَّ فَسَادًا مِنْ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ حَدَثَتْ عَنِ الْقَادِرِ بِدُونِ سَبَبٍ حَادِثٍ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَثْبَتُوا فَاعِلًا. وَلَمْ يُثْبِتُوا سَبَبًا حَادِثًا، وَأُولَئِكَ (5) يَلْزَمُهُمْ نَفْيُ الْفَاعِلِ لِلْحَوَادِثِ ; لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّامَّةَ الْمُوجِبَةَ بِذَاتِهَا فِي الْأَزَلِ لَا تَكُونُ مُحْدِثَةً لِشَيْءٍ أَصْلًا. وَلِهَذَا كَانَتِ الْحَوَادِثُ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا تَحْدُثُ بِحَرَكَةِ الْفَلَكِ، وَهُمْ لَا يَجْعَلُونَ فَوْقَ الْفَلَكِ شَيْئًا أَحْدَثَ حَرَكَتَهُ، بَلْ قَوْلُهُمْ فِي حَرَكَاتِ الْأَفْلَاكِ وَسَائِرِ الْحَوَادِثِ مِنْ جِنْسِ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ فِي أَفْعَالِ الْحَيَوَانِ، وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ أَنَّهَا تَحْدُثُ بِلَا مُحْدِثٍ، لَكِنَّ الْقَدَرِيَّةَ خَصُّوا ذَلِكَ بِأَفْعَالِ الْحَيَوَانِ، وَهَؤُلَاءِ قَالُوا ذَلِكَ فِي كُلِّ حَادِثٍ عُلْوِيٍّ وَسُفْلِيٍّ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الْفَاعِلَ سَوَاءٌ كَانَ قَادِرًا، أَوْ مُوجِبًا بِذَاتِهِ، أَوْ قِيلَ: هُوَ قَادِرٌ يُوجِبُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْدُومًا عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ إِذِ الْمَعْدُومُ لَا يَفْعَلُ مَوْجُودًا، وَنَفْسُ (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ب) فَقَطْ. (2) أ، ب: يَلْزَمُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ. (4) وَاجِبًا: زِيَادَةٌ فِي (ن) فَقَطْ. (5) ن، م: فَأُولَئِكَ.
__________________
|
#23
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (23) صـ 152 إلى صـ 158 إِيجَابِهِ وَفِعْلِهِ، وَاقْتِضَائِهِ، وَإِحْدَاثِهِ لَا [بُدَّ أَنْ] يَكُونَ (1) ثَابِتًا بِالْفِعْلِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ الْمُوجَبِ الْمُحْدَثِ (2) فَلَا يَكُونُ فَاعِلًا حَقِيقَةً إِلَّا مَعَ وُجُودِ الْمَفْعُولِ. فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ فَعَلَهُ وَاقْتَضَاهُ (3) ، فَوُجِدَ (4) بَعْدَ عَدَمٍ لَلَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ (5) ، وَإِيجَابُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَفْعُولِ الْمُوجَبِ، وَعِنْدَ عَدَمِهِ، فَلَا إِيجَابَ، وَلَا فِعْلَ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَالْمُوجِبُ لِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ يَفْعَلُ الثَّانِيَ بَعْدَ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْدُثَ لَهُ حَالٌ يَكُونُ بِهَا فَاعِلًا [لِلثَّانِي] (6) . كَانَ الْمُؤَثِّرُ التَّامُّ مَعْدُومًا عِنْدَ وُجُودِ الْأَثَرِ، وَهَذَا مُحَالٌ، فَإِنَّ حَالَهُ عِنْدَ وُجُودِ الْأَثَرِ وَعَدَمِهِ سَوَاءٌ، وَقَبْلَهُ كَانَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لَهُ، فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ، أَوْ يُقَالُ: قَبْلَهُ لَمْ يَكُنْ فَاعِلًا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُ.إِذْ لَوْ جُوِّزَ أَنْ يَحْدُثَ الْحَادِثُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ حَالٍ لِلْفَاعِلِ بِهَا (7) صَارَ فَاعِلًا لَزِمَ حُدُوثُ الْحَوَادِثِ كُلِّهَا بِلَا سَبَبٍ، وَتَرْجِيحُ الْفَاعِلِ لِأَحَدِ طَرَفَيِ الْمُمْكِنِ - بَلْ لِوُجُودِ الْمُمْكِنِ - بِلَا مُرَجِّحٍ ; لِأَنَّ حَالَهُ قَبْلَ وَمَعَ وَبَعْدَ (8) سَوَاءٌ، فَتَخْصِيصُ بَعْضِ الْأَوْقَاتِ بِذَلِكَ الْحَادِثِ تَخْصِيصٌ بِلَا مُخَصِّصٍ، فَإِنْ كَانَ هَذَا جَائِزًا جَازَ حُدُوثُ كُلِّ الْحَوَادِثِ بِلَا سَبَبٍ(1) ن، م: لَا يَكُونُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (2) الْمُحْدَثِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (3) ب: أَنَّ فِعْلَهُ اقْتَضَاهُ ; أ: أَنَّهُ فَعَلَهُ وَاقْتَضَتْهُ. (4) أَيِ الْفَلَكِ. (5) أَيْ فِعْلُ الْفَاعِلِ وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ. (6) لِلثَّانِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (7) أ، ب: لَهَا، وَهُوَ خَطَأٌ. (8) أ، ب: قَبْلَ وَبَعْدَ وَمَعَ. ************************** حَادِثٍ، وَبَطَلَ (1) قَوْلُهُمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَائِزًا بَطَلَ أَيْضًا قَوْلُهُمْ، فَثَبَتَ بُطْلَانُ قَوْلِ هَؤُلَاءِ الْمُتَفَلْسِفَةِ الدَّهْرِيَّةِ عَلَى تَقْدِيرِ النَّقِيضَيْنِ، وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ بُطْلَانَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَالْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ إِذَا قَطَعَ مَسَافَةً، وَكَانَ قَطْعُهُ لِلْجُزْءِ الثَّانِي. مَشْرُوطًا بِالْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَطَعَ الْأَوَّلَ حَصَلَ لَهُ أُمُورٌ تَقُومُ بِهِ مِنْ قُدْرَةٍ أَوْ إِرَادَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا (2) [تَقُومُ بِذَاتِهِ] (3) بِهَا صَارَ (4) حَاصِلًا فِي الْجُزْءِ الثَّانِي. لَا أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ (5) عَدَمِ الْأَوَّلِ صَارَ قَاطِعًا لِلثَّانِي. فَإِذَا شَبَّهُوا فِعْلَهُ لِلْحَوَادِثِ بِهَذَا لَزِمَهُمْ أَنْ يَتَجَدَّدَ لِلَّهِ أَحْوَالٌ تَقُومُ بِهِ عِنْدَ إِحْدَاثِ الْحَوَادِثِ، وَإِلَّا فَإِذَا (6) كَانَ هُوَ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ حَالٌ، وَإِنَّمَا. وُجِدَ [الْحَادِثُ الثَّانِي. بِمُجَرَّدِ] عَدَمِ الْأَوَّلِ (7) ، فَحَالُهُ قَبْلَ وَبَعْدَ سَوَاءٌ، فَاخْتِصَاصُ أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ بِالْإِحْدَاثِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ مُخَصِّصٍ، وَنَفْسُ صُدُورِ الْحَوَادِثِ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ فَاعِلٍ، وَالتَّقْدِيرُ أَنَّهُ عَلَى حَالٍ وَاحِدَةٍ مِنَ الْأَزَلِ إِلَى الْأَبَدِ، فَيَمْتَنِعُ مَعَ هَذَا التَّقْدِيرِ اخْتِصَاصُ وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ بِشَيْءٍ، أَوْ(1) أ، ب: فَبَطَلَ. (2) أ، ب: مِنْ قُدْرَةٍ وَإِرَادَةٍ وَغَيْرِهِمَا (3) تَقُومُ بِذَاتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) ن، م: يَصِيرُ. (5) ن، م: مُجَرَّدِ. (6) ن، م: إِذَا. (7) فِي النُّسَخِ الْأَرْبَعِ: وَإِنَّمَا وَجَدَ عَدَمَ الْأَوَّلِ، وَالْكَلَامُ هَكَذَا لَا يَسْتَقِيمُ، وَلَعَلَّ مَا أَثْبَتْنَاهُ يَتِمُّ بِهِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ. **************** أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا لِلْحَوَادِثِ، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ وَلَا (1) يَفْعَلُ هَذَا الْحَادِثَ، وَهُوَ الْآنَ كَمَا كَانَ، فَهُوَ الْآنَ لَا يَفْعَلُ هَذَا الْحَادِثَ. وَابْنُ سِينَا وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْقَائِلِينَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ بِهَذَا احْتَجُّوا عَلَى [أَهْلِ الْكَلَامِ مِنْ] (2) الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْجَهْمِيَّةِ، [وَمَنْ وَافَقَهُمْ] (3) ، فَقَالُوا: إِذَا كَانَ فِي الْأَزَلِ، وَلَا يَفْعَلُ، وَهُوَ الْآنَ عَلَى حَالِهِ، فَهُوَ الْآنَ لَا يَفْعَلُ، وَقَدْ فَرَضَ فَاعِلًا هَذَا خُلْفٌ، وَإِنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ مِنْ تَقْدِيرِ ذَاتٍ مُعَطَّلَةٍ عَنِ الْفِعْلِ. فَيُقَالُ لَهُمْ: هَذَا بِعَيْنِهِ (4) حُجَّةٌ عَلَيْكُمْ فِي إِثْبَاتِ ذَاتٍ بَسِيطَةٍ لَا يَقُومُ بِهَا فِعْلٌ وَلَا وَصْفٌ مَعَ صُدُورِ الْحَوَادِثِ عَنْهَا، فَإِنْ (5) كَانَ بِوَسَائِطَ لَازِمَةٍ لَهَا، فَالْوَسَطُ اللَّازِمُ لَهَا قَدِيمٌ بِقِدَمِهَا، وَقَدْ قَالُوا: إِنَّهُ يَمْتَنِعُ صُدُورُ الْحَوَادِثِ عَنْ قَدِيمٍ هُوَ عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ، كَمَا كَانَ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هُمْ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْوَاجِبَ (6) فَيَّاضٌ دَائِمُ الْفَيْضِ، وَإِنَّمَا يَتَخَصَّصُ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ بِالْحُدُوثِ لِمَا يَتَجَدَّدُ مِنْ حُدُوثِ الِاسْتِعْدَادِ وَالْقَبُولِ، وَحُدُوثُ الِاسْتِعْدَادِ وَالْقَبُولِ هُوَ سَبَبُ حُدُوثِ الْحَرَكَاتِ. وَهَذَا كَلَامٌ بَاطِلٌ، فَإِنَّ هَذَا إِنَّمَا يُتَصَوَّرُ إِذَا كَانَ الْفَاعِلُ (7) الدَّائِمُ الْفَيْضِ لَيْسَ هُوَ الْمُحْدِثَ لِاسْتِعْدَادِ الْقَبُولِ، كَمَا يَدَّعُونَهُ فِي الْعَقْلِ(1) ن، م: كَانَ لَا. 1 (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (4) ن، (فَقَطْ) : هَذَا بِفِعْلِهِ بِعَيْنِهِ. (5) أ، ب: وَإِنْ (6) ن، م: الْمُوجَبُ. (7) أ، ب: الْفَعَّالُ. ******************* الْفَعَّالِ، فَيَقُولُونَ: إِنَّهُ دَائِمُ الْفَيْضِ، وَلَكِنْ يُحْدِثُ اسْتِعْدَادَ الْقَوَابِلِ بِسَبَبِ حُدُوثِ الْحَرَكَاتِ الْفَلَكِيَّةِ وَالِاتِّصَالَاتِ الْكَوْكَبِيَّةِ، وَتِلْكَ لَيْسَتْ صَادِرَةً عَنِ الْعَقْلِ الْفَعَّالِ، وَإِنَّمَا. (1) فِي الْمُبْدِعِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ الْمُبْدِعُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، فَعَنْهُ يَصْدُرُ الِاسْتِعْدَادُ وَالْقَبُولُ وَالْقَابِلُ وَالْمَقْبُولُ. وَحِينَئِذٍ فَيُقَالُ: إِذَا كَانَ عِلَّةً تَامَّةً مُوجِبًا بِذَاتِهِ، وَهُوَ دَائِمُ الْفَيْضِ لَا يَتَوَقَّفُ فَيْضُهُ عَلَى [شَيْءٍ] (2) غَيْرِهِ أَصْلًا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا يَصْدُرُ عَنْهُ بِوَاسِطَةِ أَوْ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ (3) لَازِمًا لَهُ قَدِيمًا بِقِدَمِهِ، فَلَا يَحْدُثُ عَنْهُ شَيْءٌ لَا بِوَسَطٍ وَلَا بِغَيْرِ وَسَطٍ ; لِأَنَّ فِعْلَهُ وَإِبْدَاعَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى اسْتِعْدَادٍ أَوْ قَبُولٍ (4) يَحْدُثُ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَكِنْ هُوَ الْمُبْدِعُ لِلشَّرْطِ وَالْمَشْرُوطِ وَالْقَابِلِ وَالْمَقْبُولُ وَالِاسْتِعْدَادِ، وَمَا يَفِيضُ عَلَى الْمُسْتَعِدِّ، وَإِذَا كَانَ وَحْدَهُ هُوَ الْفَاعِلَ لِذَلِكَ كُلِّهِ امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً تَامَّةً أَزَلِيَّةً مُسْتَلْزِمَةً لِمَعْلُولِهَا ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُولُهُ كُلُّهُ أَزَلِيًّا قَدِيمًا بِقِدَمِهِ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَعْلُولٌ لَهُ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا سِوَاهُ قَدِيمًا أَزَلِيًّا، وَهَذَا مُكَابَرَةٌ لِلْحِسِّ. وَمَنْ تَدَبَّرَ هَذَا وَفَهِمَهُ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ فَسَادَ قَوْلِ هَؤُلَاءِ مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ بَعْدَ التَّصَوُّرِ التَّامِّ. [النتائج التي أدى إليها امتناع المتكلمين عن القول بحوادث لا أول لها] وَإِنَّمَا عَظُمَتْ حُجَّتُهُمْ، وَقَوِيَتْ شَوْكَتُهُمْ عَلَى أَهْلِ الْكَلَامِ الْمُحْدَثِ [الْمُبْتَدَعِ] (5) الَّذِي ذَمَّهُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ، وَمَنْ (1) أ، ب: وَأَمَّا. (2) شَيْءٍ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) أ، م: بِوَسَطٍ أَوْ بِغَيْرِ وَسَطٍ. (4) ن، م: وَقَبُولٍ. (5) أ، ب: الْمُبْدَعِ. وَالْكَلِمَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ. ************************** وَافَقَهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيَّةِ وَالْكَرَّامِيَّةِ وَالشِّيعَةِ، وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ لَمَّا اعْتَقَدُوا (1) أَنَّ الرَّبَّ فِي الْأَزَلِ كَانَ يَمْتَنِعُ مِنْهُ الْفِعْلُ وَالْكَلَامُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ - وَكَانَ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا فِي الْأَزَلِ عَلَى الْكَلَامِ وَالْفِعْلِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ مُمْتَنِعًا لِنَفْسِهِ، وَالْمُمْتَنِعُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْمَقْدُورِ - صَارُوا (2) حِزْبَيْنِ: حِزْبًا قَالُوا: إِنَّهُ صَارَ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ قَادِرًا عَلَيْهِ [لِكَوْنِهِ صَارَ الْفِعْلُ وَالْكَلَامُ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ (3) مُمْتَنِعًا، وَإِنَّهُ انْقَلَبَ مِنْ الِامْتِنَاعِ الذَّاتِيِّ إِلَى الْإِمْكَانِ الذَّاتِيِّ] (4) ، وَهَذَا قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ، وَالْجَهْمِيَّةِ، وَمَنْ. وَافَقَهُمْ مِنَ الشِّيعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْكَرَّامِيَّةِ، وَأَئِمَّةِ الشِّيعَةِ كَالْهَاشِمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ. [وَحِزْبًا] قَالُوا (5) : صَارَ الْفِعْلُ مُمْكِنًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُمْتَنِعًا مِنْهُ، وَأَمَّا الْكَلَامُ، فَلَا يَدْخُلُ (6) تَحْتَ الْمَشِيئَةِ، وَالْقُدْرَةِ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ لَازِمٌ لِذَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كُلَّابٍ (7) ، وَالْأَشْعَرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا.(1) أ: لِمَا قَالُوا اعْتَقَدُوا ; ب: لَمَّا قَالُوا وَاعْتَقَدُوا. (2) ن، م: وَصَارُوا. (3) ن، م: وَغَيْرُهُمْ وَقَالُوا. (4) ن (فَقَطْ) : بَعْدَ مَا كَانَ. (5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) . (6) ن (فَقَطْ) : فَلَا بُدَّ يَدْخُلُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (7) ابْنُ كُلَّابٍ (بِضَمِّ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ) هُوَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ كُلَّابِ الْقَطَّانُ الْمُتَوَفَّى بَعْدَ سَنَةِ 240 بِقَلِيلٍ. عَدَّهُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ (الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/85) وَالْأَشْعَرِيُّ (الْمَقَالَاتِ 1/325) وَابْنُ طَاهِرٍ الْبَغْدَادِيُّ (أُصُولَ الدِّينِ، ص 254) مِنْ مُتَكَلِّمِي أَهْلِ السُّنَّةِ، وَقَالَ عَنْهُ ابْنُ حَزْمٍ (الْفِصَلَ 5/77) إِنَّهُ شَيْخٌ قَدِيمٌ لِلْأَشْعَرِيَّةِ. وَمَقَالَةُ ابْنِ كُلَّابٍ فِي كَلَامِ اللَّهِ ذَكَرَهَا الْأَشْعَرِيُّ فِي الْمَقَالَاتِ 2/202، 233، 245. وَانْظُرْ أَيْضًا عَنِ ابْنِ كُلَّابٍ وَمَذْهَبِهِ: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 2/299 - 300 ; الْفِهْرِسْتَ لِابْنِ النَّدِيمِ ص 180 ; لِسَانَ الْمِيزَانِ 3/290 - 291 ; الْخُطَطَ لِلْمَقْرِيزِيِّ 2/358، 259 ; مَقَالَاتِ الْأَشْعَرِيِّ 1/298 - 299، 2/52، 54، 112، 202 - 203، 231 ; نِهَايَةَ الْإِقْدَامِ، ص 181، 203 ; الْمِلَلَ وَالنِّحَلَ 1/148 ; أُصُولَ الدِّينِ، ص 89، 90، 97، 104، 109، 113، 123، 132، 222، 254 ; الْفِصَلَ لِابْنِ حَزْمٍ 2/289، 5/77. ***************************** أَوْ قَالُوا: إِنَّهُ (1) حُرُوفٌ، أَوْ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ قَدِيمَةُ الْأَعْيَانِ لَا تَتَعَلَّقُ بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ (2) ، وَيُعْزَى ذَلِكَ إِلَى السَّالِمِيَّةِ (3) ، وَحَكَاهُ (4) الشَّهْرَسْتَانِيُّ عَنِ السَّلَفِ، وَالْحَنَابِلَةِ، وَلَيْسَ هُوَ (5) قَوْلَ جُمْهُورِ أَئِمَّةِ الْحَنَابِلَةِ، وَلَكِنَّهُ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ كَانَ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ [أَصْحَابِ جَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ] (6) ، وَأَبِي الْهُذَيْلِ الْعَلَّافِ وَنَحْوِهِمَا (7) قَالُوا: لِأَنَّ الدَّلِيلَ قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ دَوَامَ(1) أ، ن، م: أَوْ قَالَ إِنَّهُ ; ب: أَوْ أَنَّهُ. وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ. (2) ن، م: وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ. (3) أَتْبَاعُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ (الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 297) وَابْنِهِ أَبِي الْحَسَنِ أَحْمَدَ بْنِ سَالِمٍ (الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 350) . وَقَدْ تَتَلْمَذَ مُحَمَّدُ بْنُ سَالِمٍ عَلَى سَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ. وَأَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ وَأَبُو الْحَكَمِ بْنُ بُرْجَانِ مِنْ أَشْهَرِ رِجَالِ السَّالِمِيَّةِ. وَيَجْمَعُ السَّالِمِيَّةُ فِي مَذْهَبِهِمْ بَيْنَ كَلَامِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَكَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ مَعَ مَيْلٍ إِلَى التَّشْبِيهِ وَنَزْعَةٍ صُوفِيَّةٍ اتِّحَادِيَّةٍ. انْظُرْ: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 3/36 ; مَاسِينْيُونَ: دَائِرَةَ الْمَعَارِفِ الْإِسْلَامِيَّةِ، مَادَّةَ: السَّالِمِيَّةِ ; أَبُو نَصْرٍ السَّرَّاجُ: اللُّمَعَ، ص 472 - 476، الْقَاهِرَةِ، 1960 ; الْفَرْقَ بَيْنَ الْفِرَقِ، ص 157، 202 ; طَبَقَاتِ الصُّوفِيَّةِ، ص 414 - 416 ; الطَّبَقَاتِ الْكُبْرَى لِلشَّعْرَانِيِّ، ص 99 - 100. (4) أ، ب: وَنَقَلَهُ. (5) هُوَ: لَيْسَتْ فِي (أ) ، (ب) . (6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (7) ب (فَقَطْ) : وَغَيْرِهِمَا. ********************** الْحَوَادِثِ مُمْتَنِعٌ، وَأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ لِلْحَوَادِثِ مَبْدَأٌ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا، كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. قَالُوا: فَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا تُقَارِنُهُ الْحَوَادِثُ مُحْدَثًا، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْبَارِئُ لَمْ يَزَلْ فَاعِلًا مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ، وَقُدْرَتِهِ (1) . بَلْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَى الْمُمْتَنِعِ مُمْتَنِعَةٌ، فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى دَوَامِ الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. [رد أئمة الفلاسفة وأئمة أهل الملل على المتكلمين] قَالُوا: وَبِهَذَا يُعْلَمُ حُدُوثُ الْجِسْمِ ; لِأَنَّ الْجِسْمَ لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ، وَمَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ. وَلَمْ يُفَرِّقْ هَؤُلَاءِ بَيْنَ مَا لَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ الْحَوَادِثِ، وَبَيْنَ مَا لَا يَخْلُو عَنْ عَيْنِ الْحَوَادِثِ (2) ، وَلَا فَرَّقُوا فِيمَا لَا يَخْلُو عَنِ الْحَوَادِثِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولًا مَعْلُولًا. أَوْ أَنْ يَكُونَ فَاعِلًا. وَاجِبًا بِنَفْسِهِ (3) . فَقَالَ. (4) لِهَؤُلَاءِ أَئِمَّةِ الْفَلَاسِفَةِ، وَأَئِمَّةِ [أَهْلِ] (5) الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ: فَهَذَا الدَّلِيلُ الَّذِي أَثْبَتُّمْ بِهِ حُدُوثَ الْعَالَمِ (6 هُوَ يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ حُدُوثِ الْعَالِمِ 6) (6) ، وَكَانَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ إِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مَا قَصَدْتُمُوهُ. وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَادِثَ إِذَا حَدَثَ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ (7) مُحْدَثًا، فَلَا بُدَّ أَنْ(1) وَقُدْرَتِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (2) أ، ب: الْحَادِثِ. (3) أ، ب: وَأَنْ يَكُونَ وَاجِبًا بِنَفْسِهِ. (4) أ، ب: فَيُقَالُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (5) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (6) (6 - 6) : سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) ، (ب) . (7) يَكُنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (أ) فَقَطْ.
__________________
|
#24
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
__________________
|
#25
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (25) صـ 166 إلى صـ 172 قديم العين متفقون على أنه لم يتكلم بمشيئته وقدرته، سواء قالوا: هو معنى واحد قائم بالذات، أو قالوا: هو حروف، أو حروف وأصوات قديمة أزلية الأعيان. بخلاف أئمة السلف الذين قالوا: إنه يتكلم بمشيئته، وقدرته، وإنه لم يزل متكلما إذا شاء، وكيف شاء، (1 فإن هؤلاء يقولون: الكلام قديم النوع، وإن كلمات الله لا نهاية لها، بل لم يزل متكلما بمشيئته، وقدرته، ولم يزل يتكلم كيف شاء إذا شاء 1) (1) ، ونحو ذلك من العبارات، والذين قالوا: إنه يتكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه حادث بالغير (2) قائم (3) بذاته، أو مخلوق منفصل عنه يمتنع عندهم أن يكون قديما. فقد اتفقت الطوائف كلها على أن المعين القديم الأزلي لا يكون مقدورا مرادا بخلاف ما كان نوعه لم يزل موجودا شيئا بعد شيء، فهذا مما يقول أئمة السلف وأهل السنة والحديث: إنه يكون بمشيئته وقدرته، كما يقول ذلك جماهير الفلاسفة الأساطين الذين يقولون بحدوث الأفلاك وغيرها وأرسطو، وأصحابه الذين يقولون بقدمها. فأئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة يقولون: إن الأفلاك محدثة كائنة بعد أن لم تكن مع قولهم: إنه لم يزل النوع المقدور المراد موجودا شيئا بعد شيء.ولكن كثيرا من أهل الكلام يقولون: ما كان مقدورا مرادا يمتنع أن(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) . (2) ن: بالعين ; م: العين، وهو تحريف. (3) ن، م: قديم. ******************************** يكون لم يزل شيئا بعد شيء، ومنهم من يقول بمنع ذلك في المستقبل أيضا. وهؤلاء هم الذين ناظرهم الفلاسفة القائلون بقدم العالم، ولما ناظروهم واعتقدوا أنهم قد خصموهم وغلبوهم اعتقدوا أنهم قد خصموا أهل الملل مطلقا لاعتقادهم الفاسد الناشئ عن جهلهم بأقوال أئمة أهل الملل بل وبأقوال أساطين الفلاسفة القدماء وظنهم أنه (1) ليس لأئمة الملل وأئمة الفلاسفة قول إلا قول هؤلاء المتكلمين، وقولهم أو قول المجوس والحرانية (2) ، أو قول من يقول بقدم مادة بعينها، ونحو ذلك من الأقوال التي قد يظهر فسادها للنظار، وهذا مبسوط في موضع آخر. والمقصود هنا أن عامة العقلاء مطبقون على أن العلم بكون الشيء المعين مرادا مقدورا يوجب العلم بكونه حادثا كائنا بعد أن لم يكن، بل هذا عند العقلاء من المعلوم بالضرورة (3) ، ولهذا كان مجرد تصور العقلاء أن الشيء مقدور للفاعل مراد له فعله بمشيئته وقدرته موجب للعلم (4) بأنه حادث، بل مجرد تصورهم كون الشيء مفعولا. أو مخلوقا أو مصنوعا أو نحو ذلك من العبارات يوجب العلم بأنه محدث كائن بعد أن لم يكن، ثم بعد هذا قد ينظر في أنه فعله بمشيئته وقدرته، وإذا (1) أ، ب: أن. (2) يقصد ابن تيمية بالمجوس هنا المعتزلة (لقولهم بأن الخير من الله والشر من الإنسان) . ويقصد بالحرانية الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام وخاصة الفارابي الذي تعلم الفلسفة من الصابئة المشركين في حران (انظر الرد على المنطقيين، ص [0 - 9] 87 - 288) . (3) ن، م: من العلوم الضرورية. (4) أ، ب: يوجب العلم. ********************************** علم أن الفاعل لا يكون فاعلا إلا بمشيئته وقدرته، وما كان مقدورا مرادا، فهو محدث كان هذا أيضا دليلا ثانيا (1) على أنه محدث. ولهذا [كان] (2) كل من تصور من العقلاء أن الله تعالى خلق السماوات والأرض أو خلق (3) شيئا من الأشياء كان هذا مستلزما لكون ذلك المخلوق محدثا كائنا بعد أن لم يكن. وإذا قيل لبعضهم: هو قديم مخلوق، أو قديم [محدث] (4) ، وعنى بالمخلوق والمحدث ما يعنيه هؤلاء المتفلسفة الدهرية المتأخرون الذين يريدون بلفظ المحدث أنه معلول، ويقولون: إنه قديم أزلي مع كونه معلولا ممكنا يقبل الوجود والعدم، فإذا تصور العقل [الصريح] (5) هذا المذهب جزم بتناقضه، وأن أصحابه جمعوا بين النقيضين حيث قدروا مخلوقا محدثا معلولا مفعولا ممكنا أن يوجد وأن يعدم، وقدروه مع ذلك قديما أزليا واجب الوجود بغيره يمتنع عدمه. وقد بسطنا هذا في مواضع في الكلام على المحصل وغيره، وذكرنا أن ما ذكره الرازي (6) عن أهل الكلام من أنهم يجوزون وجود مفعول(1) ن، م: أ: ثابتا. (2) كان: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) ن، م: وخلق. (4) محدث: ساقطة من (ن) ، (م) ، (أ) . (5) الصريح: ساقطة من (ن) فقط. (6) أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين الرازي، فخر الدين، المعروف بابن الخطيب، المتوفى سنة 606، من أئمة الأشاعرة الذين مزجوا المذهب الأشعري بالفلسفة والاعتزال. ومن أهم مؤلفاته " محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين من العلماء والحكماء والمتكلمين ". طبع بالقاهرة سنة 1323. ولابن تيمية كتاب بعنوان " شرح أول المحصل " ذكره ابن عبد الهادي في: " العقود الدرية، ص [0 - 9] 7، طبع القاهرة، 1356/1938 ; وابن القيم في: " أسماء مؤلفات ابن تيمية، ص 19، طبع دمشق، 1953 (بتحقيق الدكتور صلاح المنجد) . وانظر ترجمة الرازي في ابن خلكان 3/381 - 385 ; شذرات الذهب 5/21 ; طبقات الشافعية 8/81 - 96 ; لسان الميزان 4/246 - 249 ; الأعلام 7/203. ****************************** معلول أزلي للموجب بذاته لم يقله (1) أحد منهم، بل هم متفقون على أن كل مفعول، فإنه لا يكون إلا محدثا. وما ذكره هو وأمثاله موافقة لابن سينا من أن الممكن وجوده وعدمه قد يكون قديما أزليا قول باطل عند جماهير العقلاء من الأولين والآخرين. حتى عند أرسطو وأتباعه القدماء والمتأخرين، فإنهم موافقون لسائر العقلاء في أن كل ممكن يمكن وجوده وعدمه لا يكون إلا محدثا كائنا بعد أن لم يكن، وأرسطو إذا قال: إن الفلك قديم لم يجعله مع ذلك ممكنا يمكن وجوده وعدمه. والمقصود أن العلم بكون الشيء مقدورا مرادا يوجب العلم بكونه محدثا، بل العلم بكونه مفعولا يوجب العلم بكونه محدثا، فإن الفعل والخلق والإبداع والصنع ونحو ذلك لا يعقل إلا مع تصور حدوث المفعول. وأيضا، فالجمع بين كون الشيء مفعولا وبين كونه قديما أزليا مقارنا لفاعله. (2) في الزمان جمع بين المتناقضين، ولا يعقل قط في الوجود (1) ب (فقط) : أنه لم يقله. (2) أ، ب: للفاعل. ************************* فاعل قارنه مفعوله المعين (1) سواء سمي [علة] فاعلة، أو لم يسم (2) ، ولكن يعقل كون الشرط مقارنا للمشروط. [المعنى الصحيح للتقدم والتأخر] والمثل (3) الذي يذكرونه من قولهم حركت يدي، فتحرك خاتمي، أو كمي (4) ، أو المفتاح (5) ، ونحو ذلك حجة عليهم لا لهم، فإن حركة اليد ليست هي العلة التامة، ولا الفاعل لحركة الخاتم، [بل الخاتم] (6) مع الإصبع كالإصبع مع الكف، فالخاتم متصل (7) بالإصبع، والإصبع متصلة بالكف لكن الخاتم يمكن نزعها بلا ألم بخلاف الإصبع، وقد يعرض بين الإصبع والخاتم خلو يسير (8) بخلاف أبعاض الكف. ولكن حركة الإصبع شرط في حركة الخاتم، كما أن حركة الكف شرط في حركة الإصبع أعني في الحركة المعينة التي مبدؤها من اليد بخلاف الحركة التي تكون للخاتم، أو للإصبع ابتداء، فإن هذه [متصلة] (9) منها إلى الكف كمن يجر إصبع غيره، فيجر معه كفه. وما يذكرونه من أن التقدم والتأخر يكون بالذات والعلة كحركة(1) أ، ب: ولا يعقل قط في الوجود مقارنة مفعوله المعين. (2) ن، م: سواء سمي فاعله أو لم يسم. (3) ن، م: والمثال. (4) أ، ب: فمي، وهو خطأ. (5) انظر ابن سينا: (الشفاء: الإلهيات، 1/165، القاهرة، 1380/1960 ; الإشارات والتنبيهات، 3/105، القاهرة، 1948) حيث يتكلم عن ارتباط حركة المفتاح بحركة اليد. (6) بل الخاتم: ساقطة من (ن) ، (م) . (7) أ، ب: متصلة. (8) أ، ب: ولكن يفرق بين الإصبع والخاتم بيسير. (9) أ، ب: منفصلة ; ن، م: متصل. والصواب ما أثبتناه، ويكون المعنى: فإن هذه الحركة متصلة من إلى الإصبع الكف. ***************************** الإصبع، ويكون بالطبع كتقدم الواحد على الاثنين، و [يكون] بالمكانة (1) كتقدم العالم على الجاهل، و [يكون] بالمكان (2) كتقدم الصف الأول على الثاني: وتقدم مقدم المسجد على مؤخره، ويكون بالزمان كلام مستدرك. فإن التقدم والتأخر المعروف هو التقدم والتأخر بالزمان، [فإن قبل] (3) وبعد ومع ونحو ذلك، معانيها لازمة للتقدم والتأخر الزماني، وأما التقدم بالعلية (4) ، أو الذات مع المقارنة في الزمان، فهذا لا يعقل ألبتة، ولا له مثال مطابق في الوجود، بل هو مجرد تخيل لا حقيقة له. وأما تقدم الواحد على الاثنين، فإن عنى به الواحد المطلق، (5 فهذا لا وجود له في الخارج، ولكن في الذهن، والذهن يتصور الواحد المطلق 5) (5) قبل الاثنين المطلق، فيكون متقدما في التصور تقدما زمانيا، وإن لم يعن به هذا فلا تقدم، بل الواحد شرط في الاثنين مع كون الشرط لا يتأخر عن المشروط، بل (6) قد يقارنه وقد يكون معه، فليس هنا تقدم واجب (7) غير التقدم الزماني. وأما التقدم بالمكان، فذاك نوع آخر، وأصله من التقدم بالزمان، فإن(1) ن، م: وبالمكانة. (2) ن، م: وبالمكان. (3) عبارة " فإن قبل ": ساقطة من (ن) ، (م) . (4) ن: بالغلبة، وهو تحريف. (5) (5 - 5) : ساقط من (أ) ، (ب) . (6) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) . (7) ن، م: تقدما واجبا، وهو خطأ. ****************************** مقدم المسجد تكون فيه الأفعال المتقدمة بالزمان على مؤخره، فالإمام يتقدم فعله بالزمان لفعل المأموم، فسمي محل الفعل المتقدم متقدما، وأصله هذا. وكذلك التقدم بالرتبة، فإن أهل الفضائل مقدمون في الأفعال الشريفة والأماكن (1) ، وغير ذلك على من هو (2) دونهم، فسمي ذلك تقدما، وأصله هذا. وحينئذ فإن كان الرب هو الأول المتقدم على كل ما سواه (3) كان كل شيء متأخرا عنه، وإن قدر أنه لم يزل فاعلا فكل فعل معين ومفعول معين هو متأخر عنه. [الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة] وإذا قيل: الزمان مقدار الحركة، فليس هو مقدار حركة معينة كحركة الشمس، أو الفلك (4) ، بل الزمان المطلق مقدار الحركة المطلقة، وقد كان قبل أن يخلق الله (5) السماوات والأرض والشمس والقمر حركات وأزمنة، وبعد أن يقيم الله القيامة، فتذهب الشمس، والقمر تكون في الجنة حركات وأزمنة (6) ، كما قال تعالى: {ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا} [سورة مريم: 62] . وجاء في الآثار أنهم يعرفون الليل والنهار بأنوار تظهر من جهة (1) أ، ب: والأمكنة. (2) هو: ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) أ، ب: فإذا كان الرب هو الأول كالمتقدم على ما سواه. إلخ. (4) ب:. حركة معينة للشمس أو الفلك ; أ: حركة معينة الشمس أو الفلك. (5) لفظ الجلالة ليس في (أ) ، (ب) . (6) وأزمنة: ساقطة من (أ) ، (ب) .
__________________
|
#26
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (26) صـ 173 إلى صـ 178 العرش، وكذلك لهم في الآخرة يوم المزيد يوم الجمعة يعرف بما يظهر فيه من الأنوار الجديدة القوية، وإن كانت الجنة كلها نورا يزهر، ونهرا يطرد (1) لكن يظهر بعض الأوقات نور آخر يتميز به النهار عن الليل (2) . فالرب تعالى إذا [كان] (3) لم يزل متكلما بمشيئته، فعالا بمشيئته كان مقدار كلامه وفعاله (4) الذي لم يزل هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث من مفعولاته، وهو سبحانه متقدم على كل ما سواه التقدم الحقيقي المعقول (5) . ولا نحتاج أن نجيب عن هذا بما ذكره الشهرستاني والرازي وغيرهما: من أن في أنواع التقدمات تقدم أجزاء الزمان على بعض، وأن هذا نوع آخر، وأن تقدم الرب على العالم هو من هذا الجنس. فإن هذا قد يرد لوجهين: أحدهما: أن تقدم بعض أجزاء الزمان على بعض هو بالزمان، فإنه(1) أ، ب: يطرب، وهو خطأ. وسقطت عبارة " ونهرا يطرد " من (م) . ونقل ابن قيم الجوزية في كتابه " حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح "، ص [0 - 9] 02، الطبعة الثانية، القاهرة، 1938، عن سنن ابن ماجه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ألا هل مشمر للجنة، فإن الجنة لا حظر لها، هي ورب الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد. " الحديث (وقد رواه المنذري في الترغيب والترهيب 5/475 - 476، القاهرة، 1352/1933) . وفي اللسان: وجدول مطرد: سريع الجرية، والأنهار تطرد أي تجري، وفي حديث الإسراء: وإذا نهران يطردان أي يجريان وهما يفتعلان. (2) ب: يتميز به الليل والنهار ; أ: يتميز به عن الليل والنهار. (3) كان: ساقطة في النسخ الأربع، وأضفتها ليستقيم الكلام. (4) ب: وفعله. (5) ن، م: هو الوقت الذي يحدث فيه ما يحدث وهو من مفعولاته، متقدم سبحانه على كل ما سواه التقدم الحقيقي المفعول. وسقطت " وهو " من (م) . ************************* ليس المراد بالتقدم بالزمان أن يكون هناك (1) زمان خارج عن التقدم والمتقدم وصفاتهما، بل المراد أن المتقدم يكون قبل المتأخر (2) القبلية المعقولة كتقدم اليوم على غد، وأمس على اليوم، ومعلوم أن تقدم طلوع الشمس، وما يقارنه من الحوادث على الزوال نوع واحد، فلا فرق بين تقدم نفس الزمان المتقدم على المتأخر، وبين تقدم ما يكون في الزمان المتقدم على ما يكون في الزمان المتأخر. الوجه الثاني: أن يقال: أجزاء (3) الزمان متصلة متلاحقة ليس فيها فصل (4) عن (5) الزمان، ومن قال: إن الباري لم يزل غير فاعل، ولا يتكلم بمشيئته، ثم صار. [فاعلا. و] متكلما (6) بمشيئته وقدرته يجعل بين هذا وهذا من الفصل (7) ما لا نهاية له، فكيف يجعل هذا بمنزلة تقدم أجزاء الزمان بعضها على بعض (8) ؟ . وبالجملة فالعلم بأن الفاعل بمشيئته وقدرته، بل الفاعل مع قطع النظر عن كونه إنما يفعل بمشيئته، وقدرته - وإن كان هذا لازما له في نفس الأمر - فالعلم (9) بمجرد كونه فاعلا للشيء المعين يوجب العلم بأنه (1) هناك ; ساقطة من (أ) ، (ب) . (2) أ، ب: التقدم يكون قبل التأخر. (3) ن (فقط) : آخر، وهو تحريف. (4) ن: فضل، وهو تحريف. (5) أ، ب: غير. (6) ن: ثم صار متكلما ; م: ثم صار فاعلا متكلما. (7) ن: الفضل، وهو تحريف. (8) ن: إلى بعض. (9) فالعلم: ساقطة من (ن) ، (م) . *********************** أبدعه، وأحدثه، وصنعه، (1 ونحو ذلك من معاني العبارات التي تقتضي أن المفعول كان بعد أن لم يكن 1) (1) (2 وأن ما فعله بقدرته وإرادته كان بعد أن لم يكن، وإن قدر دوام كونه فاعلا بقدرته، وإرادته 2) (2) . فعلم أن إرادته لشيء معين في الأزل [ممتنع] (3) ; لأن إرادة وجوده تقتضي إرادة وجود لوازمه ; لأن وجود الملزوم بدون [وجود] (4) اللازم محال، فتلك الإرادة القديمة لو اقتضت وجود مراد معين في الأزل لاقتضت وجود لوازمه، وما من وجود معين من المرادات إلا. وهو مقارن لشيء آخر (5) من الحوادث كالفلك الذي لا ينفك عن الحوادث، وكذلك العقول والنفوس التي يثبتها هؤلاء الفلاسفة هي لا تزال مقارنة للحوادث، وإن قالوا: إن الحوادث معلولة لها، فإنها ملازمة مقارنة لها على كل تقدير. وذلك أن الحوادث مشهودة في العالم، فإما أن تكون لم تزل مقارنة للعالم، أو تكون حادثة فيه بعد أن لم تكن، فإن لم تزل مقارنة له ثبت أن العالم لم يزل مقارنا للحوادث، وإن قيل: إنها حادثة فيه بعد أن لم تكن كان العالم خاليا عن الحوادث، ثم حدثت فيه، وذلك يقتضي حدوث الحوادث بلا سبب حادث، وهذا ممتنع على ما تقدم، وكما سلموه هم.(1) (1 - 1) : الكلام الذي يقابل هذا السطر في نسخة: ن (فقط) (ص 16) ناقص ومضطرب. (2) (2 - 2) بدلا من هذه العبارة جاء في أ، ب: وأن (ب: وأنه) فعله بقدرته وإرادته. (3) ممتنع: ساقطة من (ن) فقط. (4) وجود: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) آخر: ساقطة من (م) ، (أ) ، (ب) . ****************************** فإن (1) قيل: إن هذا جائز أمكن (2) وجود العالم بما فيه من الحوادث مع القول بأن الحوادث حدثت بعد أن لم تكن حادثة أعني نوع الحوادث، وإلا فكل حادث معين فهو حادث بعد أن لم يكن. [الأقوال الثلاثة في دوام أنواع الحوادث أزلا وأبدا] وإنما النزاع في نوع الحوادث هل يمكن دوامها في المستقبل والماضي، أو في المستقبل فقط، أو لا يمكن دوامها لا في الماضي ولا في المستقبل (3) على ثلاثة أقوال معروفة عند أهل (4) النظر من المسلمين وغيرهم أضعفها قول من يقول: لا يمكن دوامها لا في الماضي، ولا في المستقبل كقول جهم بن صفوان (5) ، وأبي الهذيل العلاف، وثانيها قول من يقول: يمكن دوامها في المستقبل دون الماضي كقول كثير من أهل الكلام من الجهمية والمعتزلة، ومن وافقهم من الكرامية والأشعرية والشيعة، ومن وافقهم من الفقهاء وغيرهم، والقول الثالث قول من يقول: [يمكن] (6) دوامها في الماضي والمستقبل. كما يقوله أئمة أهل الحديث وأئمة الفلاسفة وغيرهم. لكن القائلون بقدم الأفلاك كأرسطو، وشيعته يقولون. بدوام حوادث الفلك، وأنه ما من دورة إلا وهي (7) مسبوقة بأخرى لا إلى أول وأن الله (1) ن، م: وإن. (2) ن، م: لكن. (3) أ، ب: أو في الماضي فقط، وهو خطأ. (4) ن، م: لأهل. (5) ن، م: كقول الجهم. (6) يمكن: ساقطة من (ن) فقط. (7) وهي: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) . **************************** لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام، [بل حقيقة قولهم: إن الله لم يخلق شيئا، كما بين في موضع آخر] (1) ، وهذا كفر باتفاق أهل الملل: المسلمين، واليهود والنصارى. وهؤلاء القائلون بقدمها يقولون. بأزلية الحوادث في الممكنات، وأما الذين يقولون: إن الله خالق كل شيء، [وربه، ومليكه] (2) ، وما سواه مخلوق محدث كائن بعد أن لم يكن، فهم يفرقون بين الخالق الواجب، والمخلوق الممكن في دوام الحوادث وهذا قول أئمة أهل الملل وأئمة الفلاسفة [القدماء] (3) ، فهم وإن قالوا: إن الرب لم يزل متكلما إذا شاء، ولم (4) يزل حيا فعالا فإنهم يقولون: إن ما سواه مخلوق حادث بعد أن لم يكن. والمقصود هنا أن الفلاسفة القائلين بقدم العالم إن جوزوا حدوث الحوادث بلا سبب حادث بطلت عمدتهم في قدم العالم، وإن منعوا ذلك امتنع خلو العالم عن الحوادث، وهم [لا] يسلمون (5) أنه لم يخل من الحوادث. وإذا كان [كل] (6) موجود معين من مرادات الله التي يخلقها، فإنه مقارن (7) (1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (2) وربه ومليكه: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) أ، ب: وهذا قول أئمة الفلاسفة القدماء وأئمة الملل. (4) أ، ب: أو لم. (5) ن، م، أ: وهم يسلمون. (6) كل: ساقطة من (ن) فقط. (7) ن (فقط) : مفارق. ****************************** للحوادث مستلزم لها امتنع إرادته دون إرادة لوازمه التي لا ينفك عنها، والله رب كل شيء، وخالقه لا رب غيره، فيمتنع أن يكون بعض ذلك بإرادته، وبعضه بإرادة غيره، بل الجميع بإرادته. وحينئذ فالإرادة الأزلية القديمة (1) إما أن تكون مستلزمة لمقارنة مرادها لها، وإما أن لا تكون كذلك، فإن كان الأول لزم أن يكون المراد ولوازمه قديما أزليا، والحوادث لازمة لكل مراد مصنوع، فيجب أن تكون مرادة له، وأن تكون قديمة أزلية (2) ، إذ التقدير أن المراد مقارن للإرادة، فيلزم أن تكون جميع الحوادث المتعاقبة قديمة أزلية، وهذا ممتنع لذاته. [اعتراض يشبه قول ابن ملكا والرد عليه] وإن قيل: إنه أراد القديم بإرادة قديمة، وأراد الحوادث المتعاقبة عليه (3) بإرادات متعاقبة، كما قد يقوله طائفة من الفلاسفة، وهو يشبه قول صاحب المعتبر (4) . (1) أ، ب: القديمة الأزلية. (2) أ، ب: فيجب أن يكون مراده وإن تكرر قديما أزليا (أ: قديمة أزلية) ، والصواب ما أثبتناه، وهو الذي في (ن) ، (م) . وتقدير الكلام: فيجب أن تكون هذه الحوادث مرادة وأن تكون في نفس الوقت قديمة أزلية. (3) ن، م: عليها. (4) وهو أبو البركات هبة الله بن ملكا صاحب كتاب " المعتبر في الحكمة " اختلف في اسمه فسماه بعض المؤرخين: هبة الله بن علي، وقال بعضهم: ابن ملكا، وقال آخرون: ابن ملكان، كما اختلفوا في سنة وفاته فجعلها بعضهم 547، وقال آخرون: إنها 560 أو 570، وهو طبيب وفيلسوف كان يهوديا وأسلم، يعرف بأوحد الزمان وبفيلسوف العراقين. طبع كتابه " المعتبر " في حيدر آباد سنة 1357. انظر ترجمته والكلام عن كتابه في: آخر الجزء الثالث من كتابه " المعتبر " ص [0 - 9] 30 - 252 ; طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة (ط. بيروت) 2/296 - 300 ; أخبار الحكماء لابن القفطي، ص [0 - 9] 43 - 346 ; تاريخ حكماء الإسلام لظهير الدين البيهقي، ص 152 - 154 ; نكت الهميان للصفدي، ص 304 ; وفيات الأعيان 5/124، 125 ; الأعلام 9/63.
__________________
|
#27
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
__________________
|
#28
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (28) صـ 186 إلى صـ 192 وإنما يقدر وجود شيء من الممكنات، فكيف يعقل أن أحد الممكنين الجائزين اللذين لم يوجد واحد منهما هو الذي أوجب في الذات البسيطة أن يوجد هذا دون هذا ويجعل هذا قديما دون هذا مع أنها واحدة بسيطة نسبتها إلى جميع الممكنات نسبة واحدة. وإذا قيل: ماهية الممكن أوجبت ذلك دون وجوده. قيل: الجواب من وجهين: أحدهما: أن الماهية المجردة عن الوجود إنما تعقل في العلم الذي يعبر عنه بالوجود الذهني دون الوجود الخارجي، والعلم تابع للمعلوم، فإن لم يكن من الذات الفاعلة سبب (* يقتضي تخصيص ماهية دون ماهية بالوجود، بل كانت بسيطة لا اختصاص لها بشيء من الماهيات لم يعقل *) (1) اختصاص إحدى الماهيتين بالوجود دون الأخرى، ومعلوم أن الفاعل إذا تصور ما يريد فعله قبل أن يفعله، فلا بد من أن يكون فيما يراد. (2) فعله سبب يوجب تخصيصه بالإرادة، والعبد لإرادته أسباب خارجة عنه (3) توجب التخصيص، وأما الرب تعالى، فلا يخرج عنه إلا ما هو منه، وهو مفعوله، فإن لم يكن في ذاته ما يوجب التخصيص امتنع التخصيص منه، فامتنع الفعل. الثاني: أن يقال: هب أن ماهية الممكن ثابتة في الخارج لكن القول في (4) تخصيص تلك الماهيات المقارنة لوجودها بالوجود دون(1) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . (2) ن، م: يريد. (3) عنه: ساقطة من (ب) فقط. (4) القول في: ساقطة من (أ) ، (ب) . *************************** بعض، كالقول في تخصيص وجودها إذ (1) كان كل ما يقدر وجوده فماهيته مقارنة له. وإن قيل: إن الماهيات أمر محقق في الخارج غني عن الفاعل، فهذا تصريح بأنها واجبة بنفسها مشاركة للرب في إبداع (2) الوجود، وهذا باطل، وهذا يتوجه على القول بأن المعدوم ليس بشيء، وهو الصواب، [و] على قول (3) من قال: إنه شيء في الخارج أيضا. [البرهنة على صحة هذا الدليل من وجوه شتى] (فصل) (4) ثم إنه يمكن تحرير (5) هذا الدليل بطريق التقسيم على كل تقدير تقوله طائفة من طوائف المسلمين. مثل أن يقال (6) : [إن] (7) الحوادث إما أن يمتنع دوامها، ويجب أن يكون لها ابتداء، وإما أن لا يمتنع دوامها، بل يجوز حوادث لا أول لها. فإن كان الأول: لزم وجود الحوادث عن القديم الواجب الوجود بنفسه من غير حدوث شيء من الأشياء، كما يقول ذلك كثير من أهل الكلام (1) ب (فقط) : إن. (2) أ، ب: الإبداع. (3) ن (فقط) : وهو الصواب على قول. (4) فصل: زيادة في (أ) ، (ب) . (5) أ، ب: تجويز. (6) في جميع النسخ: يقول. ولعل الصواب ما أثبته. (7) إن: زيادة في (أ) ، (ب) . ************************** سواء قالوا (1) : إنها تصدر عن القادر (2) المختار، ولم يثبتوا له إرادة قديمة، كما تقوله المعتزلة والجهمية، أو قالوا: إنها تصدر عن القادر المختار المريد بإرادة قديمة أزلية، كما تقوله الكلابية والأشعرية والكرامية. وعلى هذا القول فيمتنع قدم شيء من العالم، (3 فإنه ما من شيء من العالم 3) (3) إلا. وهو مقرون بالحوادث لم يسبقها سواء جعل كل (4) ذلك جسما، أو قيل: إن هناك عقولا ونفوسا ليست أجساما، فإنه لا ريب أنها مقارنة للحوادث، فإنها (* فاعلة (5) مستلزمة لها، فإذا امتنع وجود حوادث لا أول لها امتنع أن يكون للحوادث *) (6) علة مستلزمة لها سواء كانت ممكنة أو واجبة، وعلى هذا التقدير فالإرادة القديمة لا تستلزم وجود المراد معها لكن يجب وجود المراد في الوقت المتأخر عن الإرادة. وإن قيل: إنه يمكن دوام الحوادث، وأن لا يكون لها ابتداء. فيقال: على هذا التقدير يمتنع أن يكون شيء من العالم قديما أزليا لا الأفلاك ولا العقول ولا النفوس ولا المواد (7) العنصرية ولا الجواهر المفردة (8) ، ولا غير ذلك ; لأن كل ما كان قديما من العالم أزليا، فلا بد أن (1) ن، م: قال. (2) في (أ) الفاعل. وكتب في الهامش: " والأصل: القادر ". (3) (3 - 3) : ساقط من (أ) ، (ب) . (4) كل: ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) م: علة. (6) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) . (7) ن: المراد، وهو تحريف. (8) أ: المنفردة، ب: الفردة. ************************ يكون فاعله موجبا له بالذات سواء سمي علة تامة، أو مرجحا تاما، أو سمي قادرا مختارا. لكن وجود الموجب بالذات. [في الأزل] (1) محال ; لأنه يستلزم أن يكون موجبه ومقتضاه أزليا، وهذا ممتنع لوجوه: منها: أن المفعول المعين [للفاعل] (2) يمتنع أن يكون مقارنا له في الزمان أزليا معه، لا سيما إذا اعتبر مع ذلك أن يكون فاعلا بإرادته وقدرته، فإن مقارنة مقدوره المعين له بحيث يكون أزليا معه محال، بل هذا [محال] (3) ممتنع فيما يقدر قائما به، فإنه يمتنع كونه (4) مرادا أزليا، فلأن يكون ممتنعا فيما هو منفصل عنه بطريق الأولى. ومنها: أنه إذا قدر علة تامة موجبا بذاته لزم أن يقارنه معلوله مطلقا، فيكون كل شيء من العالم أزليا، وهذا محال خلاف المشاهدة وإجماع العقلاء. [القول بأن بعض العالم أزلي وبعضه ليس بأزلي يقتضي بطلان قولهم من وجوه] وإذا قيل: إن بعض العالم أزلي كالأفلاك ونوع الحركات، وبعضه ليس بأزلي كآحاد الأشخاص، والحركات. قيل: هذا يقتضي بطلان قولهم من وجوه: أحدها: أنه إذا جاز كونه فاعلا للحوادث شيئا بعد شيء أمكن أن يكون كل ما سواه حادثا، فالقول بقدم شيء معين من العالم قول بلا حجة. (1) في الأزل: ساقطة من (ن) ، (م) . (2) للفاعل: ساقطة من (ن) ، (م) . (3) محال: ساقطة من (ن) فقط. (4) ن، م: قائما به يمتنع أن يكون. **************************** الثاني: أن كونه محدثا للحوادث شيئا بعد شيء بدون قيام سبب به يوجب الإحداث ممتنع، فإن الذات إذا كان حالها قبل هذا، وبعد هذا، ومع هذا. (1) واحدة امتنع أن تخص هذا بالإحداث دون هذا، بل امتنع أن تحدث شيئا. الثالث: [أنه] (2) إن (3) جوز أن تحدث شيئا بدون سبب يقوم بها جاز أن يكون لجميع الحوادث ابتداء، فلا يكون في العالم شيء قديم، وإن لم يجوز ذلك (4) بطل قولهم بأنها تحدث الحوادث بدون سبب يقوم بها. الرابع: أن إحداث الحوادث إن لم يجز بدون سبب يقوم بها بطل قولهم، وإن (5) افتقر إلى سبب يقوم بها لزم أن يقوم بها تلك الأمور دائما شيئا بعد شيء، فلا تكون فاعلة قط إلا مع قيام ذلك بها، فيمتنع أن يكون لها مفعول معين أزلا وأبدا ; لأن صدور ذلك عن ذات تفعل ما يقوم بها شيئا بعد شيء ممتنع ; لأن ما تفعل بهذه الواسطة لا يكون فعلها إلا شيئا بعد شيء، فيمتنع أن يكون لها فعل معين لازم لها، وإذا امتنع ذلك امتنع أن يكون لها مفعول معين لازم لها. الخامس: أنه إذا قدر أن شيئا من معلولاتها لازم لها أزلا وأبدا لم يكن ذلك إلا لكون الذات علة تامة موجبة له، ومعلوم أن المعين (1) أ، ب، م: أو بعد هذا أو مع هذا. (2) أنه: ساقطة من (ن) . (3) أ، ب: إذا. (4) أ، ب: إن لم يجوزوا ذلك. (5) ن، م: فإن. ************************ مخصوص بقدر وصفة وحال (1) ، وهذا التخصيص الذي فيه يستلزم أن يكون الاختصاص في علته، وإلا فالعلة التي لا اختصاص لها لا توجب ما هو مختص بقدر وحال وصفة. ومعلوم أنه إذا قدر أن الفاعل هو الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة عليها سواء قيل: إنه لا يقوم بها الأحوال، أو قيل: إنها تقوم بها لكن على التقديرين (2) لا تكون موجبة لشيء قديم أزلي إلا لمجرد الذات المجردة عن الأحوال المتعاقبة ; لأن الأحوال المتعاقبة آحادها موجودة شيئا بعد شيء، فيمتنع أن تكون موجبة (3) لشيء قديم أزلي، فإن الموجب القديم المعين الأزلي أولى أن يكون قديما أزليا معينا، والأحوال المتعاقبة ليس منها (4) شيء قديم معين (5) أزلي، فيمتنع أن يكون الموجب المشروط بها قديما أزليا. فإذا قدر أنه قديم أزلي لم يكن ذلك إلا بتقدير أن تكون الذات المجردة هي الموجبة والذات المجردة ليس فيها اختصاص يوجب تخصيص الفلك دون غيره بكونه معلولا بخلاف ما إذا قيل: إنه حدث بعد أن لم يكن لأسباب أوجبت الحدوث، والتخصيص، فإن هذا السؤال يندفع، وهذا دليل مستقل في المسألة، ولم يتقدم بعد ذكره في هذا الكتاب.(1) أ، ب: وحالة. (2) أ، ن، م: على التقدير. والمثبت من (ب) . (3) ن (فقط) : فيمتنع أن تكون قديمة موجبة. (4) أ، ب: فيها. (5) ن، م: معين قديم. *********************** السادس: أنه إذا كانت الأحوال لازمة لها كان بتقدير فعلها بدون الأحوال تقديرا ممتنعا، وحينئذ فالذات المستلزمة للأحوال المتعاقبة لا تفعل بدونها، وإذا كان الفاعل لا يفعل إلا بأحوال متعاقبة امتنع قدم شيء من مفعولاته ; لأن القديم يقتضي علة تامة أزلية، وما يستلزم الأحوال المتعاقبة لا يكون اقتضاؤه في الأزل لشيء معين تاما أزليا، بل إنما يتم اقتضاؤه لكل مفعول عند وجود الأحوال التي بها يصير فاعلا. السابع: أنه إن جاز أن يقوم بالفاعل الأحوال المتعاقبة جاز، بل وجب حدوث كل ما سواه، وإن لم يجز ذلك، فإما أن يقال: يمتنع حدوث شيء، ومعلوم وجود الحوادث، وإما أن يقال: بل تحدث بلا سبب حادث في الفاعل، وحينئذ فيلزم جواز حدوث كل ما سوى الله تعالى، فإنه إذا جاز أن يحدث الحوادث دائما بلا سبب يقتضي حدوثها، فلأن تحدث جميعها بلا سبب يقتضي حدوثها أولى، فإن هذا أقل محذورا، فإذا جاز الحدوث مع المحذور الأعظم، فمع الأخف أولى. وأيضا، فالأول إن كان مستلزما لتلك الحوادث كان الجميع قديما، وهو ممتنع كما تقدم (1) ، وإن لم يكن مستلزما لتلك الحوادث كانت حادثة بعد أن لم تكن، فيلزم حدوث الحوادث بدون سبب حادث، [وإن كان مستلزما لنوعها دون الآحاد، فقد عرف بطلان ذلك من وجوه] (2) ، ولو (3) جاز حدوث الحوادث بدون سبب حادث لجاز حدوث العالم،(1) أ: تقدر ; ب: تقرر. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (3) أ، ب: إذا.
__________________
|
#29
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (29) صـ 193 إلى صـ 199 وإذا جاز حدوث العالم امتنع قدمه ; لأنه [لا] (1) يكون قديما إلا لقدم العلة الموجبة له. وإذا قدر أن ثم علة موجبة [له] (2) ، فإنه يجب القدم، ويمتنع الحدوث، وإذا جاز حدوثه امتنع قدمه، فكذلك إذا جاز قدمه امتنع حدوثه، فإنه لا يجوز قدمه إلا لقدم موجبه، ومع ذلك يمتنع حدوثه، فكما أن الممكن الذهني الذي يقبل الوجود والعدم إذا حصل المقتضى التام. وجب وجوده، وإلا وجب عدمه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وليس في الخارج إلا ما وجب وجوده بنفسه أو بغيره، أو ما امتنع وجوده بنفسه أو بغيره، فكذلك (3) القول في قدم الممكن وحدوثه: ليس في الخارج إلا ما يجب قدمه، أو يمتنع قدمه، فإذا حصل موجب قدمه بنفسه أو بغيره، وإلا امتنع قدمه، ولزم إما دوام عدمه، وإما حدوثه، فمع القول بجواز حدوثه يمتنع قدم العلة الموجبة له، فيمتنع قدمه، فلا يمكن أن يقال: إنه يجوز حدوثه مع إمكان أن يكون قديما، بل (4) إذا ثبت جواز حدوثه ثبت امتناع قدمه. ولهذا كان كل من جوز حدوث الحوادث (5) بدون سبب حادث يقول بحدوثه، ومن قال بقدمه لم يقل أحد منهم بجواز حدوث الحوادث بدون سبب حادث - وإن كان هذا القول مما يخطر بالبال تقديره بأن(1) لا: ساقطة من (ن) فقط. (2) له: ساقطة من (ن) فقط. (3) ن، م: وكذلك. (4) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) ن، م: الحادث. *************************** يقال: يمكن حدوث الحوادث بلا سبب حادث ; لأن [الفاعل] القادر المختار (1) يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح، ويمكن مع ذلك قدم العالم بأن يكون المختار رجح قدمه بلا مرجح - فإن هذا القول لظهور بطلانه لم يقله أحد من العقلاء فيما نعلم ; لأنه مبني على مقدمتين كل منهما باطلة في نظر (2) العقول - وإن كان من العقلاء من التزم بعضهما (3) ، فلا يعرف من التزمهما معا (4) . إحداهما: كون الفاعل المختار يرجح بلا سبب، فإن أكثر العقلاء يقولون: إن فساد هذا معلوم بالضرورة، أو [هو] (5) قطعي غير ضروري. والثانية: كون القادر المختار يكون فعله مقارنا له لا يحدث شيئا بعد شيء، فإن هذا أيضا مما يقول العقلاء، - أو جمهورهم -: إن فساده معلوم بالضرورة، أو قطعا، بل جمهور العقلاء يقولون: إن مفعول الفاعل لا يكون مقارنا له أبدا. [موضع الارتباط بين الاستطراد في مسألة قدم العالم وبين الكلام في مشكلة القدر] ثم من النظار من قال بإحدى المقدمتين دون الأخرى، فالقدرية وبعض الجهمية يقولون بالأولى، وبعض الجبرية يقولون بالأولى في حق الرب دون العبد، وأما الثانية فلم يقل بها إلا من جعل الفاعل مريدا، أو جعل (6) بعض العالم قديما كأبي البركات ونحوه. (1) ن، م: لأن القادر المختار ; أ، ب: لأن الفاعل المختار. (2) أ: ظن ; ب: ظاهر. (3) ن، م، أ: بعضها. والصواب ما في (ب) . (4) أ: فلم يعرف من التزمها جميعا ; ب: فلم يعرف من التزمهما جميعا ; م: فلم يعرف من التزمهما مع. (5) هو: ليست في (ن) ، (م) . (6) ن، م: وجعل. ******************************** [. وأما القائلون بقدم شيء من العالم، فلا يقولون: بأن الفاعل مريد] (1) ، وهؤلاء (2) قولهم أفسد من قول أبي البركات وأمثاله، فإن كون (3) المفعول المعين لم يزل مقارنا لفاعله هو مما يقول جمهور العقلاء إنه معلوم الفساد بالضرورة، فإذا قيل: مع ذلك إن الفاعل غير مريد كان زيادة ضلال، ولم يكن هذا مما يقوي قولهم، بل نفس كون الفاعل فاعلا لمفعوله المعين يمنع مقارنته له، وما يذكرونه من حركة الخاتم مع اليد، وحركة الشعاع مع الشمس (4) ، وأمثال ذلك ليس فيه أن المفعول قارن فاعله، وإنما قارن شرطه، وليس في العالم فاعل لم يزل مفعوله مقارنا له. وأما سائر القائلين بقدم شيء من العالم، فلا يقولون. بأن الفاعل مريد.ثم كل من الطائفتين من أعظم الناس إنكارا لمقدمة القدرية، وهو أن الفاعل المختار يرجح بلا مرجح حادث، ومتى جوزوا ذلك بطل قولهم بقدم شيء من العالم، فإن أصل قولهم إنما هو أن الفاعل يمتنع أن يصير فاعلا بعد أن لم يكن لامتناع حدوث الحوادث بلا سبب، فيمتنع أن يكون معطلا. ثم يصير فاعلا. بل إذا قدر أنه كان معطلا لزم دوام تعطيله،(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . (2) ن، م: فهؤلاء. (3) ن، م: فكون. (4) ن، م: من حركة اليد وحركة الخاتم والشعاع مع الشمس. ******************************** (1 فإذا قدر أنه فاعل لزم دوام فعله، وعندهم يمتنع ما قاله أولئك المتكلمون من جواز تعطيله 1) (1) ، ثم فعله، (2 فمتى جوزوا أن يكون معطلا لم يفعل لم يمكنهم نفي 2) (2) ما قاله أولئك، ولا القول بقدم شيء من العالم. لكن غاية من جوز هذا أن يصير شاكا يقول: هذا ممكن، وهذا ممكن، ولا أدري أيهما الواقع، وحينئذ فيمكن أن يعلم أحدهما بالسمع، ومعلوم أن الرسل صلوات الله عليهم أخبرت بأن الله خالق كل شيء، وأنه خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستة أيام، فمن قدر أن عقله جوز الأمرين، فبقي (3) شاكا أمكنه أن يعلم، وقوع أحد الجائزين بالسمع. والعلم بصدق الرسول ليس موقوفا على العلم بحدوث العالم، وهذه طريقة صحيحة لمن سلكها، فإن المقدمات الدقيقة [الصحيحة] (4) العقلية قد لا تظهر لكل أحد، والله تعالى قد وسع طريق (5) الهدى لعباده، فيعلم أحد المستدلين المطلوب بدليل، ويعلمه الآخر بدليل آخر، ومن علم صحة الدليلين [معا] (6) كان كل منهما يدله على المطلوب، وكان(1) (1 - 1) : ساقط من (أ) ، (ب) . (2) (2 - 2) : هذه العبارة في (ن) ، (م) محرفة. (3) ن، م: فيهن، وهو تحريف. (4) الصحيحة: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) أ، ب، م: طرق. (6) معا: ساقطة من (ن) ، (م) . *************************** اجتماع الأدلة يوجب قوة العلم، وكل منهما يخلف الآخر إذا عزب (1) الآخر عن الذهن. [دليل آخر على بطلان القول بقدم العالم] ولكن مع كون أحد من العقلاء لم يعلم أنه قال: هذا، ومع كون نقيضه [مما] (2) يعلم بالسمع، فنحن نذكر دلالة العقل على فساده أيضا، فنقول: كما أنه ما يثبت قدمه امتنع عدمه، فما جاز عدمه امتنع قدمه، فإنه لو كان قديما لامتنع عدمه، والتقدير أنه جائز العدم، فيمتنع قدمه، وما جاز حدوثه لم يمتنع عدمه، بل جاز عدمه، وقد تقدم أن ما جاز عدمه امتنع قدمه ; لأنه لو كان قديما لم يجز عدمه، بل امتنع عدمه. وتلك المقدمة متفق عليها بين النظار متكلمهم، ومتفلسفهم وغيرهم، وبيان صحتها: أن ما يثبت قدمه، فإما أن يكون قديما بنفسه، أو بغيره، فالقديم بنفسه واجب بنفسه، والقديم بغيره واجب بغيره، ولهذا كان كل من قال: إن العالم أو شيئا منه قديم، فلا بد من أن يقول هو واجب بنفسه، أو بغيره، ولا يمكنه مع ذلك أن يقول: ليس هو بواجب بنفسه، ولا بغيره، فإن القديم بنفسه لو لم يكن واجبا بنفسه لكان ممكنا مفتقرا إلى غيره، فإن كان محدثا لم يكن قديما، وإن كان قديما بغيره لم يكن قديما بنفسه، وقد فرض أنه قديم بنفسه، فثبت أن ما هو قديم بنفسه، فهو واجب بنفسه. وأما القديم بغيره، فأكثر العقلاء يقولون: يمتنع أن يكون شيء قديما بفاعل، ومن جوز ذلك فإنه يقول: قديم بقدم موجبه الواجب بنفسه،(1) أ، ب: يخلفه الآخر إذا غاب الآخر عن الذهن. (2) مما: ساقطة من (ن) ، (م) . ********************** ففاعله لا بد أن يوجبه فيكون علة موجبة أزلية إذ لو لم يوجبه، بل جاز وجوده، وجاز عدمه - وهو من (1) نفسه ليس له إلا العدم - لوجب عدمه، ومع وجوب العدم يمتنع وجوده فضلا عن قدمه، فما لم يكن موجودا بنفسه، ولا قديما بنفسه إذا لم يكن له في الأزل ما يوجب وجوده لزم عدمه، فإن المؤثر التام إذا حصل لزم وجود الأثر، وإن لم يحصل لزم عدمه. وإذا قيل: التأثير أولى به مع إمكان عدم التأثير قيل: هذه مقدمة باطلة كما تقدم، وأنتم تسلمون صحتها، والذين ادعوا صحتها لم يقولوا بباطل قولكم، فلم يجمع أحد بين هذين القولين الباطلين. ونحن في مقام الاستدلال، فإن قلتم: نحن نقول هذا على طريق الإلزام لمن قال هذا من الجبرية، والقدرية الذين يجوزون ترجيح القادر المختار بدون مرجح تام يوجب الفعل، فنقول لهم هلا قلتم بأن الرب فاعل مختار، وهو مع هذا. (2) فعله لازم له. قيل لكم (3) : هؤلاء يقولون: إن الفعل القديم ممتنع لذاته، ولو قدر أن الفاعل غير مختار، فكيف إذا كان الفاعل مختارا. فقد علم أن فعل القادر المختار يمتنع أن يكون مقارنا له. ويقولون: لا يعقل الترجيح إلا مع الحدوث، ويقولون: إن الممكن لا يعقل ترجيح وجوده على عدمه إلا مع كونه حادثا، فأما الممكن المجرد بدون الحدوث (4) فلا يعقل كونه مفعولا. بل يقولون: إن هذا معلوم(1) ب: في. (2) ن، م: ومع هذا. (3) ن، م، أ: قيل لهم، وهو خطأ. (4) ن: الحدث. **************************** بالضرورة، وهو كون (1) الممكن مما يمكن وجوده بدلا من عدمه، وعدمه بدلا من وجوده، وهذا إنما يكون فيما يمكن أن يكون [موجودا، ويمكن أن يكون] (2) معدوما، وما وجب قدمه بنفسه أو بغيره امتنع أن يكون معدوما، فيمتنع أن يكون ممكنا. قالوا: وهذا ما اتفق عليه جماهير العقلاء حتى أرسطو وأتباعه القدماء يقولون: إن الممكن لا يكون إلا محدثا، وكذلك ابن رشد الحفيد، وغيره من متأخريهم. وإنما قال إن الممكن يكون قديما طائفة [منهم] (3) كابن سينا، وأمثاله، واتبعه على ذلك الرازي، وغيره، ولهذا ورد على هؤلاء من الإشكالات ما ليس [لهم] (4) عنه جواب صحيح، كما أورد بعض ذلك الرازي في (محصله) ، ومحققوهم لا يقولون: إن المحوج إلى الفاعل هو مجرد الحدوث حتى يقولوا إن المحدث في حال بقائه غني عن الفاعل، بل يقولون: إنه محتاج إلى الفاعل في حال حدوثه وحال بقائه، وإن الممكن لا يحدث ولا يبقى إلا بالمؤثر. فهذا الذي عليه جماهير المسلمين، بل عليه جماهير (5) العقلاء لا يقولون: إن شيئا من العالم غني عن الله في حال بقائه، بل يقولون: متى قدر أنه ليس بحادث امتنع أن يكون مفعولا محتاجا إلى المؤثر، فالقدم (1) ن، م:. بالضرورة ويقولون الممكن يمكن. . إلخ. (2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) فقط. (3) منهم: ساقطة من (ن) ، (م) . (4) لهم: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) ن، م: بل وجماهير.
__________________
|
#30
|
||||
|
||||
رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله
منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد الاول الحلقة (30) صـ 200 إلى صـ 206 عندهم ينافي الحاجة إلى الفاعل (1) ، وينافي كونه مفعولا فالحدوث (2) عندهم من لوازم كون الشيء مفعولا فيمتنع عندهم أن يكون مفعول قديما، وهذا ليس قول القدرية والجبرية فقط، بل هذا (3) قول جماهير العقلاء من أهل الملل وغير [أهل الملل] (4) ، وهو قول جماهير أئمة الفلاسفة. وأما (5) كون الفلك مفعولا قديما، فإنما هو قول طائفة قليلة من الفلاسفة، وعند جمهور العقلاء أنه معلوم الفساد بالضرورة، ولهذا كل من تصور من العقلاء أن الله خلق السماوات والأرض تصور أنها كانت بعد أن لم تكن، وكل من تصور أن شيئا من الموجودات مصنوع مفعول لله تصور أنه حادث، فأما تصور أنه مفعول، وأنه قديم، فهذا إنما تتصوره العقول تقديرا له، كما تتصور الجمع بين النقيضين تقديرا له، والذي يقول ذلك يتعب تعبا كثيرا في تقدير إمكان ذلك، وتصويره، كما يتعب سائر القائلين بأقوال ممتنعة، ثم مع هذا فالفطر ترد ذلك وتدفعه، ولا تقبله (6) . وأعجب من ذلك تسمية هؤلاء (7) العالم محدثا، ويعنون بكونه محدثا(1) ن، م: الحاجة في الفاعل. (2) ن، م: فالحدث. (3) هذا: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) ن، م: من أهل الملل وغيرهم. (5) ن، م: فأما. (6) ن: فالفطن يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله ; م: فالفطر يرد ذلك ويدفعه ولا يقبله. (7) أ، ب: هذا. *********************** أنه معلول العلة القديمة، وإذا سئل أحدهم: هل العالم محدث أو قديم؟ يقول: هو محدث وقديم، ويعني بذلك أن الفلك قديم بنفسه (1) لم يزل، وأنه محدث يعنون بكونه محدثا له أنه معلول (2) علة قديمة. [بطلان الاحتجاج بالأفول على الإمكان والحركة] وهذه العبارة يقولها ابن سينا وأمثاله من الباطنية، فإنهم يأخذون عبارات المسلمين، فيطلقونها على (3) معانيهم، كما قال مثل ذلك في لفظ (الأفول.) ، فإن أهل الكلام المحدث لما احتجوا بحدوث الأفعال على حدوث الفاعل الذي قامت به الأفعال، وزعموا أن إبراهيم الخليل احتج بهذا، وأن المراد بالأفول (4) الحركة والانتقال، وأنه استدل بذلك على حدوث المتحرك والمنتقل. نقل ابن سينا هذه المادة إلى أصله، وذكر هذا في (إشاراته) فجعل هذا (5) الأفول عبارة عن الإمكان، وقال: إن ما هوى في حظيرة الإمكان هوى في حظيرة الأفول (6) ، ولفظه: (7) (فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) . وذلك أنه أراد أن يقول بقول سلفه الفلاسفة مع قوله بما يشبه طريقة المتكلمين، والمتكلمون استدلوا على حدوث الجسم بطريقة التركيب، (1) ن، م: في نفسه. (2) أ، ب: وأنه محدث بمعنى أنه معلول، م: وأنه محدث يعني معلول. . (3) ن، م: في. (4) ن، م: بالأقوال، وهو تحريف. (5) ن، م، أ: هو. (6) ن، م: إن كل ممكن هاو في حضيرة الأفول والإمكان هوى في حضيرة الأفول ; أ: كل ممن هاوى في حظيرة الأفول هوى في حظيرة الأفول. (7) في: الإشارات والتنبيهات 3، 4/532 تحقيق د. سليمان الدنيا، ط. المعارف، القاهرة 1958. ************************** فجعل هو التركيب دليلا على الإمكان، والمتكلمون جعلوا دليلهم هو دليل إبراهيم الخليل بقوله: {لا أحب الآفلين} [سورة الأنعام: 76] وفسروه بأن الأفول هو الحركة، فقال ابن سينا: (1) (قال قوم إن هذا الشيء المحسوس موجود لذاته واجب لنفسه لكنك إذا تذكرت ما قيل (2) في شرط واجب الوجود لم تجد هذا المحسوس. واجبا، وتلوت (3) قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} ، فإن الهوى في حظيرة الإمكان أفول ما.) . ويريد بالشرط أنه ليس بمركب، وأن المركب ممكن ليس بواجب، والممكن آفل لأن الإمكان أفول ما (4) ، والآفل (5) عندهم هو الذي يكون موجودا بغيره، ويقولون: نحن نستدل بإمكان الممكنات على الواجب، ونقول: العالم قديم لم يزل ولا يزال، ونجعل معنى قوله تعالى: {لا أحب الآفلين} أي (6) لا أحب الممكنين، وإن كان الممكن واجب الوجود بغيره قديما أزليا (7) لم يزل ولا يزال. ومعلوم أن كلا القولين من باب تحريف الكلم عن مواضعه، وإنما الأفول هو المغيب (8) ، والاحتجاب ليس هو الإمكان، ولا الحركة(1) المرجع السابق 3، 4/531 - 532. (2) الإشارات 3، 4/532: ما قيل لك. (3) ن: ويكون، وهو تحريف. (4) ما: ساقطة من (أ) ، (ب) . (5) ن، م: والأفول. (6) أي: زيادة في (ن) ، (م) . (7) أزليا: ساقطة من (أ) ، (ب) ومكانها كلمة " لدليل ". (8) ب (فقط) : الغيب، وهو تحريف. ***************************** وإبراهيم الخليل (1) لم يحتج بذلك على حدوث الكواكب، ولا على إثبات الصانع، وإنما احتج بالأفول على بطلان عبادتها، فإن قومه كانوا مشركين يعبدون الكواكب، ويدعونها من دون الله لم يكونوا يقولون: إنها هي التي خلقت السماوات والأرض، فإن هذا لا يقوله عاقل، ولهذا قال: {ياقوم إني بريء مما تشركون} [سورة الأنعام: 78] وقال: {أفرأيتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الأقدمون - فإنهم عدو لي إلا رب العالمين} [سورة الشعراء: 75 - 77] وقد بسط [الكلام على] (2) هذا في غير هذا الموضع (3) . والمقصود هنا أن هؤلاء [القوم] (4) يأخذون عبارات المسلمين التي عبروا بها عن معنى، فيعبرون بها عن معنى آخر يناقض دين المسلمين ليظهر بذلك أنهم موافقون للمسلمين في أقوالهم، [وأنهم] (5) يقولون: العالم محدث، وأن كل ما سوى الله فهو عندنا آفل محدث بمعنى أنه معلول له، وإن كان قديما أزليا معه واجبا به لم يزل ولا يزال. وإذا كان جماهير العقلاء يقولون: إن المفعول لا يكون إلا حادثا، لا سيما المفعول لفاعل باختياره، فإذا كان من هؤلاء من قال: إنه يفعل بدون سبب حادث، وإنه يرجح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح لم (1) الخليل: زيادة في (ن) ، (م) . (2) عبارة " الكلام على " ساقطة من (ن) ، (م) . (3) انظر مثلا: شرح حديث النزول، ص 194 - 197، مطبعة الإمام، القاهرة، 1366/1947 ; السبعينية، ص 69 - 77. (4) القوم: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) وأنهم: ساقطة من (ن) ، (م) . ***************************** يلزمه أن يقول مع هذا (1) : إن مفعوله قديم رجحه بلا مرجح، فإنه يقول: إن (2) هذا القول باطل، وقولي الآخر إن كان باطلا فلا أجمع بين قولين باطلين، وإن كان حقا، فقول الحق لا يوجب علي (3) أن أقول الباطل، فإن الحق لا يستلزم الباطل، بل الباطل قد يستلزم الحق، وهذا لا يضر [الحق] (4) ، فإنه إذا وجد الملزوم وجد اللازم، فالحق لازم سواء قدر وجود الباطل أو عدمه أما الباطل فلا يكون لازما للحق ; لأن لازم الحق حق، والباطل لا يكون حقا، فلا يلزم من قال الحق أن يقول الباطل، وهذا ظاهر. والمقصود هنا أنه متى قيل بجواز (5) حدوث الحوادث بدون (6) سبب حادث أمكن أن يفعل الفاعل الحوادث بعد أن لم يكن فاعلا بدون سبب حادث، كما يقول ذلك من يقوله من طوائف النظار من متكلمة المسلمين وغيرهم من القدرية والجبرية وغيرهم، ومتى كان ذلك ممكنا في نفس الأمر لم يجب دوام الفاعل فاعلا. وأمكن حدوث الزمان والمادة وغير ذلك، كما يقول ذلك من يقوله من النظار من أهل الكلام، والفلسفة، ومتى كان ذلك ممكنا بطل كل ما يحتج به على قدم شيء من العالم، فبطل القول بقدم العالم، وعلم أيضا امتناع قدمه ; لأنه لا يكون (1) أ، ب: مع هذا أن يقول. (2) إن: ساقطة من (أ) ، (ب) . (3) أ، ب: فقولي لا يوجب علي. . . إلخ. (4) الحق: ساقطة من (ن) ، (م) . (5) أ، ب: يجوز. (6) أ، ب: بلا. ************************** قديما إلا إذا كان واجبا بنفسه، أو كان (1) الفاعل مستلزما بنفسه (2) له، فإذا لم يكن هناك فاعل مستلزم له امتنع أن يكون قديما، وكان كل من حجج القائلين بالحدوث والقائلين بالقدم مبطلة لهذا القول. أما (3) القائلون بالقدم، فعمدتهم أن المؤثر التام يستلزم (4) أثره، فيمتنع عندهم القول بمفعول قديم من غير علة تامة موجبة ; لأنه أثر عن غير مؤثر تام. وأما القائلون بالحدوث، فعمدتهم أن الفاعل المختار (5) ، بل الفاعل مطلقا لا يكون مفعوله إلا حادثا، وأن مفعولا قديما ممتنع (6) . فصار عمدة هؤلاء وهؤلاء مبطلة لهذا القول الذي لم يقله أحد، ولكن يقال على سبيل الإلزام لكل من الطائفتين إذا التزمت فاسد (7) قولها دون صحيحه (8) ، فإذا التزمت (القدمية) جواز حدوث الحوادث بلا سبب، وأن الأثر لا يحتاج إلى مؤثر تام، بل القادر يرجح أحد مقدوريه بلا مرجح، والتزمت (الحدوثية) أن المفعول مطلقا أو المفعول بالقدرة والاختيار لم يزل قديما أزليا مع فاعله مقارنا له لزم من هذين اللازمين إمكان أن يكون الفاعل قادرا مختارا يرجح بلا مرجح، ومفعوله مع هذا قديما (1) ن، م: وكان. (2) بنفسه: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (م) . (3) ن: وأما ; م: فأما. (4) ن، م: مستلزم. (5) أ، ب: بالاختيار. (6) أ: وإن كان مفعولا قديما ممتنع ; ب: وأن كون مفعول قديم ممتنع. (7) فاسد: ساقطة من (أ) ، (ب) . (8) ب (فقط) : صحته. *********************** [بقدمه] (1) . لكن أحد من العقلاء لم يلتزم هذين فيما علمناه، وإن قدر أنه التزم ذلك، فقد التزم ملزومين باطلين كل منهما باطل بالبرهان، والجمع بينهما لم يقله أحد من العقلاء، وكان كل من العقلاء يرد عليه ببرهان قاطع، ولكن هو يعارض كلام كل طائفة بكلام الطائفة الأخرى، وغايته فساد بعض قول هؤلاء وفساد بعض قول هؤلاء، لكن لا يلزم أن يسلم له الجمع بين فساد كل من القولين ولا الجمع بين هذا الفساد وهذا الفساد، بل هذا يكون أبلغ في رد قوله. وأيضا فإن كلا من الطائفتين فرت من أحد الفسادين، وظنت الآخر ليس بفاسد، ولم تهتد إلى الجمع بين الصحيح كله والسلامة من الفاسد كله، فليس له أن يلزمها ما علمت فساده مع ما لم تعلم فساده، فيلزمها الفاسد كله ويخرجها من الصحيح كله، فإن غاية (2) قولها أبلق أن يكون (3) فيه بياض وسواد، [والأبلق خير من الأسود] (4) . فإن الطائفة التي قالت: إن القادر يمكنه ترجيح أحد مقدوريه على الآخر بلا مرجح إنما قالته لما علمت (5) أن القادر الفاعل لا بد أن يكون فعله حادثا، وأن (6) كونه فاعلا مع كون الفعل قديما جمع بين المتناقضين، ولم يهتدوا إلى الفرق بين نوع الفعل، وبين عينه، بل (1) ن، م: ومفعوله مع هذا قديم. (2) ن (فقط) : عامة. (3) أن يكون: ساقطة من (أ) ، (ب) . (4) ما بين المعقوفتين ساقطة من (ن) ، (م) وفي " لسان العرب ": " والبلق: سواد وبياض ". (5) أ، ب: علمته. (6) ن، م: فإن.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |