الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة . - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خروج النبي من المسجد مُسْرِعاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          شرح دعاء: اللهم اجعلني يوم القيامة فوق كثير من خلقك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          ثلاث حالات للناس عند الابتلاء؛ تحدث في آن واحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          كيف تؤثر الصلاة في حياتنا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          طارق بن زياد.. والعبور إلى الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          أنماط الشخصية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          التعريف بكتاب الإحكام لابن حزم رحمه الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          اليقين ضد الشك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 680 )           »          الدعاة وقواعد الحكم على المخالفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الصمد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 11-12-2011, 11:32 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .

ومنها :- إنه لا يجوز لأحد أن يمنع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تدخل الأسواق التي يكون فيها اختلاط بين الجنسين ، الذكور والإناث ، لأن في هذا المنع من المفاسد ما الله به عليم والله تعالى قد عصم العامة برجال الهيئة في هذه الأماكن من كثير من الفساد ، فوجودهم فيها مهم جدا ، حتى يكون قاطعا لمادة الفساد من التبرج والسفور والمعاكسات ، والخطأ حاصل من الجميع لكن لا يجوز أن يقضى على الخير كله من أجل خطأ حصل من بعض الأفراد ، بل وإنني أناشد أن لا يعطى صاحب السوق ترخيصا لفتح سوقه إلا ويشترط عليه أن لا يمنع رجال الحسبة من دخوله فيكون السماح لهم بالدخول والإنكار من جملة الشروط الأساسية لافتتاح السوق ، وأقسم بالله العظيم إن في ذلك من الخير ما لا يحصى ، وفيه من البركة التي تعود على الأفراد والمجتمع بأسره ما لا يحصى ، وأقسم بالله العظيم أن في منعهم من دخول الأسواق من الشر والبلاء على الأمة ما لا يحصى ، فهذه كلمة حق نقولها في وقت كثر فيه الكلام على الهيئات وأريد بها الشر ، وأريد إبعاد رجالاتها عن الساحة ، لما حقق الله تعالى بهم من الخير والبركة والمصالح ، ودفع بهم من الفحشاء والسوء الشيء الكثير ، فإعمالا لقاعدة سد الذرائع نقول :- لا يجوز منع رجال الهيئة من دخول الأسواق العامة التي يختلط فيه الذكور بالإناث ، وقد حدثني بعض من هداه الله تعالى من معاكسات النساء بأنهم كانوا يقصدون الأسواق التي لا يسمح للهيئة بالدخول فيها ، لأنهم يجدونها مرتعا خصبا لاصطياد فريستهم من النساء بلا تعب ولا مخالفة ولا مراقبة ، وهذا يؤكد على ما قلته في هذا الأمر ، والله أعلم .
ومنها
:- الميسر كله حرام ، بكل صوره ومختلف أشكاله ، قال تعالى }إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {فالميسر كله حرام ، لا يحل منه شيء ، والعلة في تحريمه أنه ذريعة لأكل أموال الناس بالباطل ، وقد تقرر عندنا أن كل ذريعة تفضي إلى هلاك المال في غير وجه حق فهي محرمة ، ويدخل تحت الميسر تحريم ما يسمى بمسابقة اليانصيب ، ويدخل فيها المسابقات التي يكون العوض من الطرفين جميعا ، ويكون المتسابق فيه دائر بين الغرم والغنم ، فهذا كله من الميسر المحرم ، لأنه من أكل المال بالباطل ، والمتقرر عندنا أن كل مغالبة مبنية على المخاطرة فهي حرام وميسر ، إلا في الخف والنصل والحافر ، لحديث (( لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر )) ويدخل فيها جميع أنواع التأمين التجاري ، على مختلف أنواعه وتباين أشكاله ، وأما التأمين التعاوني فالقول الصحيح فيه أنه لا بأس به ، ولا ينبغي التسهيل في هذه الأمور لأن الناس لا يقفون عند منتهى فيها ، فالقول بسد الذريعة يقضي علينا القول بتحريم كل مغالبة مبنية على المخاطرة , محافظة على المال ، وحماية له من العبث المفضي إلى هلاكه وضياعه ، والله أعلم .
ومنها
:- القول الصحيح الذي لا ينبغي الخلاف فيه هو حرمة افتتاح دور السينما في البلاد الإسلامية ، وأعني بها تلك الدور التي يختلط فيها الرجال بالنساء ، سدا لذريعة الفساد ، وحماية لجناب الأعراض ، ودرأ للفتنة ، وتعطيلا للمفسدة ، والسعيد من وعظ بغيره ، والرقابة في هذه الدور لا تفي بالغرض ، فإغلاق الباب من أصله هو الأسلم ، والوقاية خير من العلاج ، والدفع أقوى من الرفع ، وقد أفتى بذلك جمع من أهل العلم رحمه الله أمواتهم وثبت أحياءهم ، والله أعلم .
ومنها
:- القول الحق أنه لا يجوز تغيير رسم المصحف عن ما هو عليه الآن ، وقد أفتت بذلك اللجنة الدائمة للبحوث العلمية في المملكة العربية السعودية ، فلا يكتب القرآن على قواعد الإملاء الحديثة ، لأنها قد تتغير وتتبدل ، والقرآن لا يجوز أن يكون عرضة للتبديل والتغيير ، فلا يجوز أن تتجرأ عليه يد التغيير ولو في كتابة حروفه فقط ، لأن هذا سيكون ولا بد ذريعة للجرأة على التبديل والتحريف ، وإسقاط هيبة التبديل من النفوس ، فالأسلم سد هذا الباب ، قطعا لذريعة امتداد يد التبديل والتغيير في كتاب الله تعالى ، والله أعلم .
ومنها
:- لقد أمر أهل السنة رحمهم الله تعالى بهجر أهل البدع من باب الزجر بالهجر ، ولكن من مقاصد أهل السنة أيضا سد باب تمكين أهل البدع من مخالطة العامة فيفسدوا عليهم عقيدتهم ولذلك شدد أهل السنة رحمهم الله تعالى في مسألة الجلوس عند أهل البدع ، أو مناظرة أهل البدع والدخول معهم في مهاترات الكلام ، من باب سد ذريعة سماع الشبه التي قد تعرض للقلب فتضره ولا تمر بسلام عليه ، لضعف في العلم أو اليقين ، أو لأن هذا المبتدع ليس بليغ في الكلام ، والمهم أن من مقاصد هجر أهل البدع حماية العامة منهم ، وسد ذريعة الاختلاط بهم وسماع الشبه التي قد تكون سببا لفساد العقيدة ، فهذا الباب مفرع على قاعدة سد الذريعة .
ومنها
:- لقد رخص أهل العلم رحمهم الله تعالى للمرأة التي يكون بينها وبين الماء فساق ، لا تصل للماء إلا بالمرور عليهم ، رخصوا لها في التيمم , وذلك لسد ذريعة هتك عرضها ، ومن مقاصد الشرع حفظ الأعراض ، والله أعلم .
ومنها
:- لقد حرم الشرع تخبيب الرجل على امرأته والمرأة على زوجها ، لأن هذا التخبيب يوجب الطلاق ، ولو بعد حين ، قال أبو داود في سننه حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِيسَى عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَبْدًا عَلَى سَيِّدِهِ )) فلما كان التخبيب في الأعم الأغلب يفضي إلى ما لا تحمد عقباه من المشاكل الزوجية التي لا تكاد تنتهي إلى بالفرقة ، حرمه الشارع ، وشدد فيه , وجعله من جملة الكبائر ، لأن المتقرر أن كل ذنب قيل في حق فاعله ( ليس منا ) فإنه من الكبائر ، والله أعلم .
ومنها
:- الأدلة الواردة في تحريم النميمة ، فإنها حرمت لسد ذريعة الفرقة بين المسلمين ، ولسد ذريعة القتل بغير الحق ، ولسد ذريعة الظلم والتطاول في الأعراض بلا وجه حق ، ولذلك فقد عدها الشرع نوعا من السحر ، لأنها تحقق ما يريده الساحر بعقده ونفثه ، فالساحر إنما يريد التفريق والنمام يحقق ذلك بلا كلفة , وإنما بنقل الكلام على وجه الإفساد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم (( لا يدخل الجنة نمام )) وقال عليه الصلاة والسلام في حديث صاحبي القبرين (( أما أحدهما فكان لا يستتر من بوله وأم الآخر فكان يمشي بالنميمة )) فهذا الباب مسدود لسد الذرائع والله أعلم .
ومنها
:- اعلم رحمك الله تعالى أن القاعدة المتقررة في الفقه في باب التضمين تقول ( لا يضمن الأمين تلف العين بلا تعد أو تفريط ، والظالم يضمن مطلقا ) وإنما قال الفقهاء :- إن الأمين لا يضمن تلف العين إلا بالتعدي والتفريط سدا لذريعة إغلاق باب الإحسان ، لأن الأمناء إن علموا سيضمنون تلف العين مطلقا ، لانسد باب الإحسان ، ولخاف الأمناء على أنفسهم من الضمان وتهربوا من قبول الأمانات خوفا من ضمانها عند التلف ، فيقع الناس في الحرج والضيق الذي لا يطاق ، فسدا لذريعة الوقوع في الحرج والضيق نفت الشريعة الضمان على الأمناء، إلا في حالة التعدي والتفريط ، والله أعلم .
ومنها
:- الأسلم للعبد في دينه وعياله أن لا يدخل ما يسمى بالدش ، لا للأخبار ولا لغيرها ، لأن من أدخله لهذا المقصد أسفر آخر أمره عن متابعة لقنوات السوء والفساد ، وانقلبت عليه نفسه الأمارة بالسوء إلى ما لا تحمد عقباه ، فسدا للذريعة نقول :- بأنه لا يجوز للمسلم إدخال هذا الجهاز في بيته ، ولأن ما يريد من الأخبار إن كان صادقا فيما يقول يمكنه متابعته في القنوات الإسلامية التي لا يستقبل جهازها إلا هي فقط ، كقناة المجد ونحوها ، والمهم أن التحجج بأنه إنما أدخله لإرادة متابعة الأخبار فقط لا يكون مسوغا لإدخاله لما في ذلك من كبير المفاسد وعظيم الخطر ، والسلامة لا يعدلها شيء ، والله أعلم .
ومنها
:- القول الصحيح أن الرجعة لا تصح مع نية المضارة ، بل لا بد من نية الإصلاح والإحسان قال تعالى }وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ {فسدا لذريعة الاعتداء والظلم حرم الشارع الرجعة مع هذه النية الفاسدة ، والله أعلم .
ومنها
:- القول الصحيح أن وكيل البيع لا يجوز البيع لنفسه , ووكيل الشراء لا يجوز له الشراء من نفسه ، لأن النفس مجبولة على الطمع ، فلو باع لنفسه لبخس ثمن السلعة بخسا ظاهرا ، ولو اشترى من نفسه لزاد في ثمن السلعة زيادة ظاهرة , فسدا لذريعة دخول حظوظ النفوس وبعدا عن الظلم والاعتداء والغش والمحاباة التي تتضمن بخس الموكل ، نقول :- لا يجوز ذلك والله اعلم .
ومنها
:- القول الصحيح أن المحجور عليه لو أقر بدين زائد على ديون الغرماء الذين حجر عليه لحفظ حقوقهم فإن هذا الإقرار لاغ ، إلا ببينة ظاهرة مقبولة في مجلس القضاء ، وذلك حتى لا يكون إقراره ذريعة للتصرف في أموال هذا المحجور بحيلة ، فيتفق مع بعض الناس بأن يقر له عند الحاكم بأن له عليه كذا وكذا من المال ، وبعد استلام المبلغ يرجع عليه فيأخذه منه ، فسدا لهذه الذريعة قلنا :- لا يقبل هذا الإقرار إلا ببينة مقبولة في مجلس التقاضي ، والله أعلم .
ومنها
:- الأفضل والأحسن عندنا لمن أفطر لعذر في نهار رمضان وكان عذره خفيا أن لا يتجاهر بفطره أمام أعين الناس ، وذلك لسد ذريعة أخذ الناس في عرضه واتهامهم له بالسوء ، فإن الناس لا يدرون عن حقيقة هذا العذر ، فالأحسن الاستتار بالفطر والله أعلم .
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.



التعديل الأخير تم بواسطة أبو الشيماء ; 12-12-2011 الساعة 03:31 PM.
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 12-12-2011, 03:35 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .


ومنها:- القول الصحيح والرأي الراجح المليح استحباب أداء صلاة الظهر خفية لمن تخلف عن الجمعة لعذر ، دفعا لتهمة التقصير وضعف الديانة القادحة في العدالة ، وهذا الاستحباب مفرع على قاعدة سد الذرائع .

ومنها :- لقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم خيارا لحبان بن منقذ أسماه أهل العلم من الفقهاء والمحدثين بخيار المسترسل ، وهو الذي يخدع في البيوع بسبب أنه لا يماكس ، أو بسبب علة في رأسه مثلا ، فهذا الخيار ثابت لمدة ثلاثة أيام كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وجعل له الخيار ثلاثة أيام ، وأمره إذا بايع أن يقول ( لا خلابة ) أي لا خديعة ولا غش ، فمن كان في حال حبان رضي الله عنه فهو داخل معه في هذا الحكم ، لأن المتقرر أن كل حكم ثبت في حق واحد من الأمة ، فإنه يثبت في حق الأمة تبعا إلا بدليل الاختصاص ، وهذا الحكم ثابت في الشرع من باب سد ذريعة تلاعب التجار وطمعهم في أموال الضعفاء والمساكين في فهمهم وإدراكهم وضعف مماكستهم ، وهذا من كمال هذه الشريعة زادها الله تعالى شرفا ورفعة ، والله أعلم .

ومنها:- القول الصحيح أنه يجوز التطعيم قبل نزول المرض ، إن غلب على الظن الابتلاء به ، فهذا لا بأس به ، من باب دفع الضرر ، فسدا لذريعة لحوق المرض بالأصحاء فلا حرج عليهم أن يحتاطوا لصحتهم بالتطعيم المبكر ، والحافظ على الحقيقة هو الله تعالى ، ولكن الأخذ بالأسباب المشروعة هو من باب كمال التوكل ، والله أعلم .

ومنها :- القول الصحيح أن الدولة يجوز لها انتزاع الملكية الخاصة إن كان في عدم انتزاعها ضرر عام ، كالطريق يمتد على أرض بعض المواطنين ، فيأبى وتكون في مراعاة رأيه انحراف في الطريق ويشكل خطرا على السالكين عليه ، فهنا تنتزع الملكية الخاصة بالتثمين العادل الذي لا وكس فيه ولا شطط ، وذلك سدا للضرر العام وحماية لجانب الأرواح ، وتحملا لأخف المفسدتين ، وأهون الضررين ، والله أعلم .

ومنها :- القول الصحيح أن الشك بعد الفعل غير معتبر , وهكذا لا يعتبر الشك من كثير الشكوك بل هذه قاعدة نسير عليها ، تقول ( لا يعتبر الشك بعد الفعل ومن كثير الشك ) وهي مبنية على سد الذرائع ، ذلك لأننا لو فتحنا باب الاستجابة للشك بعد الفراغ من العبادة لما سلم لأحد تعبده ولبقي كثير من الناس في حيرة من أمرهم ، وذلك لكثرة الوساوس والشكوك ، ولشدة حرص الشيطان على إفساد العبادات ، فسدا لباب الوجع على النفس ، وسدا لكثرة الحيرة والتردد في باب العبادات ، قلنا :- لا يعتبر الشك بعد الفراغ من الفعل ، ولأن الأصل أن المسلم قد أوقع العبادة على الوجه المأمور به شرعا ، وأما عدم اعتباره من كثير الشك فلأن كثير الشك لا يعالج بمثل الالتهاء عن شكه وعدم الالتفات إليه ، فإن مما جاء به الإسلام حفظ الصحة ، والتفاته إلى شكه وعمله به المرة بعد المرة ، كما أنه يفضي إلى الحيرة والتردد في أمر العبادات فكذلك يفضي به إلى ازدياد عليته ، واستحكام مرضه فيه بحيث قد لا يشفى منه بعد ذلك ، فمحافظة على صحته، وسدا لباب الوسوسة عنه قلنا :- لا يعتبر الشك من كثير الشكوك ، لأنه مريض ولا بد أن يراعى، وينظر له نظر المريض لا نظر الصحيح المعافى ، فصارت هذه القاعدة تدور حول باب سد الذرائع ، والله أعلم .

ومنها :- الحق أن ثوب الشهرة محرم ، فلا يجوز للإنسان أن يلبس ثوب شهرة ، سواء الشهرة باعتباره من الثياب الفاخرة الغالية ، أو الشهرة باعتباره من الثياب الدنيئة الساقطة التي لا تليق بمثله والحديث فيها معروف (( من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة )) وما هذا إلا لأن هذه الشهرة توجب التفات الناس له وتعظيمهم له , وهذا من أعظم الأسباب التي تفسد القلوب وتدخل الرياء في القلب ، وتجعل العبد يتطلع منها إلى المزيد ، ولا يكون همه في ارتداء ثوب الشهرة هذا إلا مراءات الناس فقط ، وهذا أمر خطير ، فسدا لهذا الباب الموجب لحبوط العمل والإعجاب بالنفس قال الشرع :- لباس الشهرة لا يجوز ، والله أعلم .

ومنها:- وفي سؤال وجه إلى اللجنة الدائمة في المملكة عن إمكانية الفسح للسجاد في المساجد إن كان مكتوبا عليه لفظ الجلالة ، فقالوا (لا يجوز الفسح للسجاد الذي كتب عليه لفظ الجلالة ، أو اسم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لما يترتب على ذلك من الإهانة بافتراشها والصلاة عليها ، وكونها توضع على الجدران لا يلتزم به كل من كانت عنده هذه السجاد ، بل من الناس من وضعها على الحائط ومنهم من يفرشها في الأرض ، ومن القواعد المقررة في الشريعة سد الذرائع الموصلة إلى انتهاك محارم الله ) ففرعوا هذا المنع على قاعدة سد الذريعة .

ومنها :- وفي بحث لهيئة كبار العلماء في شأن الاستعاضة عن ذبح الهدي بدفع النقود صدر القرار بالمنع مفرعا هذا المنع على قاعدة سد الذرائع ، فقالوا ( الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد :بناء على ما تقرر في الدورة السابعة لهيئة كبار العلماء المنعقدة في الطائف في النصف الأول من شعبان عام 1395هـ من إدراج موضوع ( هدي التمتع والقران ) في جدول أعمال الدورة الثامنة وإعداد بحث في ذلك فقد اطلعت الهيئة في الدورة الثامنة المنعقدة بمدينة الرياض في النصف الأول من شهر ربيع الثاني عام 1396هـ على البحث الذي أعدته اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في وقت الذبح ومكانه وحكم الاستعاضة عن الهدي بالتصدق بقيمته وعلاج مشكلة اللحوم , وبعد تداول الرأي تقرر بالإجماع ما يلي : 1- لا يجوز أن يستعاض عن ذبح هدي التمتع والقران بالتصدق بقيمته لدلالة الكتاب والسنة والإجماع على منع ذلك مع أن المقصود الأول من ذبح الهدي هو التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدماء كما قال تعالى } لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ { ولأن من القواعد المقررة في الشريعة سد الذرائع والقول بإخراج القيمة يفضي إلى التلاعب بالشريعة فيقال مثلا : تخرج نفقة الحج بدلا من الحج لصعوبته في هذا العصر ، ولأن المصالح ثلاثة أقسام : مصلحة معتبرة بالإجماع ، ومصلحة ملغاة بالإجماع ومصلحة مرسلة ، والقول بإخراج القيمة مصلحة ملغاة لمعارضتها للأدلة ، فلا يجوز اعتبارها ) والله أعلم .

ومنها :- القول الصحيح أنه يجوز التسعير عند إغلاء التجار الأسعار وتواطئهم على رفع السعر بقصد ضرر المستهلكين ، فهنا يجب تدخل ولي الأمر لرفع الضرر بالعدل الذي هو من متطلبات وحقوق الرعية على الراعي ؛ فإن التسعير في هذه الحالة مصلحة عامة ، ولأن القول بالتسعير عند تجاوز التجار ثمن المثل في البيع يحقق مصلحة الأمة بإرخاء الأسعار للناس وحمايتهم من جشع التجار واستغلالهم ، ولأن القول بالتسعير فيه سد للذرائع ومن الثابت أن سد الذرائع من الأدلة المعتبرة في الفقه الإسلامي وأصل من أصوله المعتمدة ، وسد الذرائع هو المنع من بعض المباحات لإفضائها مفسدة ، ومن المسلم به أن ما يؤدي إلى الحرام يكون حراما ، فترك الحرية للناس في البيع والشراء بأي ثمن دون تسعير هو أمر مباح في الأصل ، ولكنه قد يؤدي إلى الاستغلال والجشع والتحكم في ضروريات الناس ، فيقضي هذا الأصل الشرعي بسد هذا الباب بتقييد التعامل بأسعار محددة , فإن قيل إن التسعير فيه تقييد لحرية التجار في البيع وهذا ضرر بهم والضرر منهي عنه شرعا , فنقول: إن الضرر الحاصل من منع التسعير أعظم بكثير من الضرر الناتج من إجبار التجار على البيع بسعر, ولا شك أن الضرر الأكبر يدفع بالضرر الأصغر ، وأن المفسدة الكبرى تراعى بارتكاب المفسدة الصغرى ، وأن الضرر يزال ، فالأصل ولا شك عدم التسعير ، إلا في هذه الحالة التي قررناها لك والله أعلم .

ومنها :- قال ابن القيم رحمه الله تعالى في ضمن سياقه لأدلة سد الذرائع ( أن الله تعالى حرم خطبة المعتدة صريحا ، حتى حرم ذلك في عدة الوفاة ، وإن كان المرجع في انقضائها ليس إلى المرأة ؛ فإن إباحة الخطبة قد تكون ذريعة إلى استعجال المرأة بالإجابة والكذب في انقضاء عدتها ) .

ومنها :- وقال ابن القيم أيضا ( أن الله تعالى حرم عقد النكاح في حال العدة وفي الإحرام ، وإن تأخر الوطء إلى وقت الحل ؛ لئلا يتخذ العقد ذريعة إلى الوطء ، ولا ينتقض هذا بالصيام ؛ فإن زمنه قريب جدا ، فليس عليه كلفة في صبره بعض يوم إلى الليل ) .

ومنها :- أن أهل العلم رحمهم الله تعالى منعوا الرقية بغير الكلام العربي ، لأنه قد يدخل العجمي فيها ما لا يجوز الرقية به لأنه من أمور الشرك ، كالاستعانة بغير الله تعالى أو الدعاء بما لا يجوز الدعاء به ، فسدا لذريعة ذلك قال أهل العلم :- لا يجوز الرقية بغير الكلام العربي .
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
  #23  
قديم 12-12-2011, 03:36 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .


ومنها :- أنقل لك كلام الشيخ عبدالعزيز رحمه الله تعالى في مسألة حكم الأسورة النحاسية التي يراد بها علاج الروماتيزم قال رحمه الله تعالى ( من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ... سلمه الله وتولاه ، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد : فقد وصلني كتابكم الكريم وصلكم الله برضاه، وأشرفت على الأوراق المرفقة المتضمنة بيان خصائص الأسورة النحاسية التي حدثت أخيرًا لمكافحة الروماتيزم، وأفيدكم أني درست موضوعها كثيرًا، وعرضت ذلك على جماعة كثيرة من أساتذة الجامعة ومدرسيها، وتبادلنا جميعًا وجهات النظر في حكمها، فاختلف الرأي: فمنهم من رأى جوازها لما اشتملت عليه من الخصائص المضادة لمرض الروماتيزم، ومنهم من رأى تركها لأن تعليقها يشبه ما كان عليه أهل الجاهلية، من اعتيادهم تعليق الودع والتمائم والحلقات من الصفر وغير ذلك من التعليقات التي يتعاطونها، ويعتقدون أنها علاج لكثير من الأمراض، وأنها من أسباب سلامة المُعَلَّق عليه من العين، ومن ذلك ما ورد عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( مَنْ تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتَمَّ اللهُ لَهُ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللهُ لَهُ )) وفي رواية (( مَنْ عَلَّقَ تَمِيمَةً فَقَدْ أَشْرَكَ )) وعن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ فَقَالَ (( مَا هَذِهِ؟ )) قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ، قَالَ (( انْزَعْهَا فَإِنَّهَا لا تَزِيدُكَ إِلا وَهْنًا؛ فَإِنَّكَ لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا )) وفي حديث آخر: عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه في بعض أسفاره أرسل رسولاً يتفقد إبل الركب ويقطع كل ما علق عليها من قلائد الأوتار التي كان يظن أهل الجاهلية أنها تنفع إبلهم وتصونها. فهذه الأحاديث وأشباهها يؤخذ منها أنه لا ينبغي أن يعلق شيئًا من التمائم أو الوَدَع أو الحلقات، أو الأوتار أو أشباه ذلك من الحروز كالعظام والخرز ونحو ذلك لدفع البلاء أو رفعه .والذي أرى في هذه المسألة: هو ترك الأسورة المذكورة، وعدم استعمالها سدًا لذريعة الشرك، وحسماً لمادة الفتنة بها والميل إليها، وتعلق النفوس بها، ورغبة في توجيه المسلم بقلبه إلى الله سبحانه ثقة به، واعتمادًا عليه واكتفاءً بالأسباب المشروعة المعلومة إباحتها بلاشك، وفيما أباح الله ويسر لعباده غنية عما حرم عليهم، وعما اشتبه أمره. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (( مَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ؛ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ )) وقال صلى الله عليه وسلم (( دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ )) ولا ريب أن تعليق الأسورة المذكورة يشبه ما تفعله الجاهلية في سابق الزمان؛ فهو إما من الأمور المحرمة الشركية، أو من وسائلها، وأقل ما يقال فيه: إنه من المشتبهات، فالأولى بالمسلم والأحوط له أن يترفع بنفسه عن ذلك، وأن يكتفي بالعلاج الواضح الإباحة، البعيد عن الشبهة. هذا ما ظهر لي ولجماعة من المشايخ والمدرسين وأسأل الله عز وجل أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، وأن يمن علينا جميعًا بالفقه في دينه والسلامة مما يخالف شرعه؛ إنه على كل شيء قدير، والله يحفظكم ) فالمنع هنا من لبس هذه الأسورة النحاسية ممنوع لسد الذرائع ، والله أعلم .

ومنها :- لقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في سلام الرجل على المرأة ، والقول الصحيح إن شاء الله تعالى هو أنه إن سلم عليهن مجتمعات في مكان فلا حرج ، قالت أسماء بنت يزيد:- إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يوما ، وعصبة من النساء قعود ، فألوى بيده بالتسليم وأشار عبد الحميد بيده . وإن كانت المرأة منفردة ، فلا يخلو :- إما أن تكون من القواعد ، وإما أن تكون شابة ، فإن كانت من القواعد فلا حرج ، وأما إن كانت شابة فالأسلم للمرء في دينه ألا يسلم عليها ، ولا ترد عليه ، خوفا من ثوران داعي الفتنة ، وسدا لذريعة التعلق بها ، والله أعلم .

ومنها:- القول الصحيح أنه لا يجوز للمرأة التي هي حامل من الزنا أن تسقط جنينها ، بل يلزمها أن تبقيه إلى أن تلده ، ولا يجوز لها التعرض له قال الله تبارك وتعالى }وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى { أي لا تتحمل نفس وزر غيرها مما لم يكن لها يد في كسبه أو التسبب فيه ، ولا مسوغ في الشرع للتضحية بحياة بريء من أجل ذنب اقترفه غيره ، والمعروف أن أول شيء تفكر فيه الزانية هو التخلص من هذا الحمل الذي يعرضها للفضيحة والعار والشنار ، ولما رواه مسلم عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه قال: فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني . وأنه ردها ، فلما كان الغد قالت يا رسول الله لم تردني لعلك أن تردني كما رددت ماعزا فوالله إني لحبلى قال (( إما لا فاذهبي حتى تلدي )) فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة ، وقالت: هذا وقد ولدته ، قال (( اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه )) فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز ، فقالت: هذا يا نبي الله قد فطمته وقد أكل الطعام ، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها, وأمر الناس فرجموها ، فيقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فتنضح الدم على وجه خالد فسبها فسمع النبي صلى الله عليه وسلم سبه إياها ، فقال (( مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له )) ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت . فهذه الواقعة تبين مدى اهتمام الشريعة الإسلامية بذلك الجنين حيث أخر النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على أمه حفاظا على حياته ، ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بأن يولد الولد بل رد أمه مرة أخرى لترضعه حتى يعتمد على نفسه ، ثم دفع به إلى من يقوم بتربيته ورعايته , ولقد أجمع الفقهاء على تأخير إقامة الحد على الحامل حتى تلد وليدها وترضعه استدلالا بهذا الحديث ، ولأن في القول بجواز إسقاط الزانية حملها المتكون من الزنا مناقضة صريحة لما تقضي به قاعدة سد الذرائع ، وذلك لأن من أهم العقبات المانعة للمرأة من ارتكاب الزنا نشوء الحمل الذي يعرضها للفضيحة والعقاب ، فإذا زالت عن طريقها هذه العقبة كان ذلك تشجيعا لها لارتكاب الفاحشة ، وهذا بلا شك مخالف لمقاصد الشريعة التي من أهدافها حفظ الكليات الخمس فيكون الإجهاض في هذه الحالة من أسباب ارتكاب الفاحشة ، وارتكاب الفاحشة حرام ، وما أدى إلى الحرام فهو حرام ، فلهذا حرمت الشريعة الإسلامية الإجهاض ، سواء كان الحمل عن طريق شرعي كالنكاح أو بطريق غير شرعي من سفاح والله أعلم

ومنها :- القول الصحيح أنه لا يجوز الوقوف على الديار التي نزل العذاب من الله تعالى على أهلها إلا في حال كون الإنسان باكيا ، معتبرا بما حصل ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وعلل النهي عن ذلك بأن لا يصيب الداخل بغير هذا الشرط ما أصاب القوم المعذبين ، وهو تعليل بسد الذرائع ، فعن ابن عمرَ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ لأصْحَابِهِ يعْني لَمَّا وَصَلُوا الحِجْرَ - دِيَارَ ثَمُودَ - (( لاَ تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلاَءِ المُعَذَّبِينَ إِلاَّ أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَإنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَلاَ تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ، لاَ يُصِيبُكُمْ مَا أصَابَهُمْ )) متفقٌ عَلَيْهِ ، وفي روايةٍ قَالَ : لَمَّا مَرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِالحِجْرِ ، قَالَ (( لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ ، أنْ يُصِيبَكُمْ مَا أصَابَهُمْ ، إِلاَّ أنْ تَكُونُوا بَاكِينَ )) ثُمَّ قَنَّع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم رَأسَهُ وأسْرَعَ السَّيْرَ حَتَّى أجَازَ الوَادِي ... وعليه :- فلا يجوز البتة أن تجعل هذه الديار التي عذب أهلها مكانا للسياحة العامة ، ومحلا للاستمتاع والفرجة ، لأنه مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل في ذلك الدخول في الأهرامات ، أو زيارة مواضعها استمتاعا وأنسا وسياحة ، أو الدخول على ديار ثمود ، أو الدخول في ديار أصحاب الأخدود ، ونحو هذه الديار ، فإن الدخول في ديارهم ممنوع شرعا إلا في حال كون العبد باكيا متضرعا إلى الله تعالى أن لا يصيبه ما أصابهم ، ولا حق لأحد أن يخالف الأمر الشرعي بحجة النزهة والاستمتاع والفرجة وإحياء الآثار أو السياحة في البلد ، فكل ذلك من تحليل الحرام وتجويز مخالفة الشريعة ، فالحذر الحذر ، ولا تغتر بكثرة الهالكين ، وأما العبرة في الناجي ، كيف نجا ، والحديث وإن كان قد ورد في ديار ثمود ، إلا أن المتقرر أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، والمتقرر أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما ، والمتقرر أن الشريعة لا تفرق بين متماثلين ولا تجمع بين مختلفين ، والله أعلم .
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
  #24  
قديم 12-12-2011, 03:38 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .

ومنها :- القول الصحيح أن الزوجة التي أسلمت وطمعت في إسلام زوجها الذي ظل كافرًا بعدها بأن لا تمكنه من الوطء ولا تساكنه في خلوة سدا لذرائع الفساد ، وهي زوجته ما دامت في العدة وتدعوه إلى الإسلام، وتكون معه كأم حكيم مع عكرمة كلما دعاها إلى الفراش وهما باليمن تأبى وتقول أنت كافر وأنا مسلمة فقال: إن أمرًا منعك مني لأمر كبير، كما روى ذلك ابن مردويه والدارقطني والحاكم وإن لم يسلم حتى خرجت من العدة فإن شاءت تزوجت، وإن أحبت انتظرته بشرط عدم ملامسته لها المجمع على تحريمه , والله أعلم .
ومنها :- القول الحق الذي نقل بعض أهل العلم الإجماع عليه هو حرمة تتبع الرخص ، لما في ذلك من إحياء شهوات النفوس ، ولما فيه من جمع الأقوال الشاذة المخالفة للأدلة ، ولما في ذلك من فتح أبواب الشر والفساد ، ولما فيه من تسخير الدين لنيل مبتغى النفوس ، والحق أنه لا يتحقق إيمان العبد إلا إن كان هواه تبعا لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا أن يجهل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم هو التابع لهواه ، والله أعلم .
ومنها
:- الحق أنه لا يجوز بيع أشرطة الفيديو الماجنة ولا الإعلان عنها لأن الإعلان عن المبيعات يجب أن يخلو من الوجوه المحّرمة، وعن كل وسائل الإثارة والإغراء بالمفاسد وذلك في عباراته وما اشتمل عليه من الصور ، فلا تظهر فيه العورات أو المفاتن أو التصرفات المحرمة المنافية للآداب الإسلامية ، ويجب على الجهات المسؤولة عن الترخيص بالإعلانات أن تمنع عرض مثل هذه الإعلانات ، كما يحرم على صاحب المحل ذلك , ومشاهدة العروض الحية لهذه المشاهد الفاتنة الماجنة حرام ، لأنه نظر إلى العورات وتعرض للفساد ، كما يحرم النظر إلى صورها حيث يتعرض المشاهد للفتنة والوقوع في الفساد ، لأن ما أدى إلى الحرام فهو حرام فيجب الامتناع عن ذلك سداً لذرائع الفساد , والله أعلم .
ومنها
:- قال الشيخ عبدالعزيز رحمه الله تعالى ( فقد نشرت صحيفة الرياض في عددها الصادر في 21 \ 10 \1412 هـ مقالا بقلم : س . د تحت عنوان ( ترميم بيت الشيخ محمد بن عبد الوهاب بحريملاء ) وذكر أن الإدارة العامة للآثار والمتاحف أولت اهتماما بالغا بمنزل مجدد الدعوة السلفية الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في حي غيلان بحريملاء ؛ حيث تمت صيانته وأعيد ترميمه بمادة طينية تشبه مادة البناء الأصلية . إلى أن قال : وتم تعيين حارس خاص لهذا البيت . إلخ وقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية على المقال المذكور ورأت أن هذا العمل لا يجوز , وأنه وسيلة للغلو في الشيخ محمد رحمه الله وأشباهه من علماء الحق والتبرك بآثارهم والشرك بهم , ورأت أن الواجب هدمه وجعل مكانه توسعة للطريق سدا لذرائع الشرك والغلو , وحسما لوسائل ذلك وطلبت من الجهة المختصة القيام بذلك فورا , ولإعلان الحقيقة والتحذير من هذا العمل المنكر جرى تحريره وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه ) فمنع الشيخ رحمه الله تعالى من هذا العمل سدا للذريعة ، والله أعلم .
ومنها
:- منع كثير من السلف رحمهم الله تعالى الدخول على السلطان إلا فيما لا بد منه من أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أو إيصال حاجة من لا يستطيع الدخول عليه ، لا سيما للعالم ، فإن من فتنة العالم الدخول على السلاطين ، فالأسلم للعالم في دينه وعلمه وقوة جانبه أن لا يدخل على السلطان ، وذلك لأن الدخول على السلطان فتنة عظيمة قد تجر إلى السكوت عن أخطائه ، أو الركون إليه فيما يفعله من الظلم ، أو تسويغ ما لا يجوز له شرعا ، وقد يجر ذلك إلى سقوط هيبة العالم عند السلطان ، وذهاب هيبة العلم من قلبه ، وناهيك عن تسلط السلطان إن ذهبت هيبة العلماء من قلبه ، وقد يكون الدخول عليه سببا لقبول شيء من أعطياته للعالم ، فتكون له على أهل العلم منة ، بها يقرر ما يشاء مما يخالف الشرع بلا خوف ولا وجل من أهل العلم ، فإن من وقف عند أبواب السلاطين افتتن ، فلا أسلم للعالم خاصة من مجانبة السلطان إلا في الضرورة أو الحاجة الملحة ، لغيره لا له ، فالعالم لا يزال ذا هيبة عند السلطان ما لم يطأ البساط أو يأخذ المال, والتاريخ فيه عبر وشواهد على أن سد الذريعة في هذه المسألة هو الذي ينبغي للعالم أن يعمل به ، فلسد ذرائع الفساد نقول :- الأسلم للعالم أن يبتعد عن أبواب السلاطين ما استطاع إلى ذلك سبيلا, والله أعلم .
ومنها
:- قرر أهل العلم رحمهم الله تعالى أنه لا يجوز للمسلم له في عقد السلم أن يبيع المسلم فيه قبل قبضه إلا بما اشتراه به من الثمن فقط ، وذلك سدا لذريعة أن يربح فيما لا يدخل في ضمانه قاله أبو العباس رحمه الله تعالى .
ومنها
:- قرر جمع من أهل العلم رحمهم الله تعالى أنه لا يجوز إبقاء آنية الذهب والفضة في البيت على هيئتها ، إلا إن كسرت وأخرجت عن كونها آنية إلى قطع ذهب وفضة ، وذلك سدا لذريعة استعمالها فيما يستقبل من الزمان ، فإن النفوس قد تضعف عن تطبيق الحكم ، ويزين لها الشيطان الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة ، فسدا لذريعة استعمالها قرروا أنه لا يجوز اتخاذها ، والله أعلم .
ومنها
:- منع الفقهاء رحمهم الله تعالى في عقد السلم اشتراط الأجود أو الأردأ ، لأنه هذا الشرط يفضي إلى التنازع والاختلاف والمخاصمة ، لأنه ما من أجود إلا وفيه أجود منه ، ولا أردأ إلا وفيه أردأ منه ، فلما كان اشتراط الأجود والأردأ يفضي إلى فساد أخوة الإيمان لإفضائه إلى النزاع والخصام منعه الفقهاء رحمهم الله تعالى سدا للذرائع ، والله أعلم .
ومنها
:- لقد منع أهل العلم رحمهم الله تعالى كثرة الخوض في باب القدر ، وما ذلك إلا لأن كثرة الخوض فيه والتعمق فيما لا دليل عليه ، وكثرة طرح الأسئلة التي ما أنزل الله تعالى من سلطان مما يفضي بالعبد إلى كثرة الحيرة والشكوك في هذا الباب ، أو التكذيب أحيانا كثيرة بشيء من مسائل القدر ، فلا يجوز الخوض في باب القدر والتنطع والتعمق فيه لأنه يفضي في الغالب إلى ما لا تحمد عقباه ، فيمنع ذلك من باب سد الذرائع ، والله أعلم .
ومنها
:- قرر أهل العلم رحمهم الله تعالى أنه لا يجوز ركوب البحر حال هيجانه واضطرابه وشدة الريح ، خوفا من الهلاك ، وذهاب النفوس ، وحصول الضرر ، فمنعوه من باب سد الذرائع ، والله أعلم .
ومنها
:- القول الصحيح منع الجماعة الثانية إن كانت مقصودة ، أعني إقامة جماعة ثانية في مسجد الحي ، لا في مسجد السفر ، فالأصل هو وجوب حضور الجماعة الأولى ، ولا يجوز إقامة الجماعة الثانية إن كان يراد بها التحرر عن الجماعة الأولى ، وأما ما كان عرضا بلا قصد فلا حرج فيه إن شاء الله تعالى ، ولكن المقصود أن تقام جماعة ثانية في مسجد الحي من باب المضارة بالجماعة الأولى أو بعض أهل الحي لا يريد أن يصلي خلف بعض ، فالجماعة الثانية هذه لا تجوز ، لأنها من الإحداث في الدين ، ولأنها ستكون سببا في الفرقة والتعصب ، واختلاف القلوب ، وفساد أخوة الإيمان ، وتبعثر الصف الإسلامي ، وذهاب الريح ، كما قال تعالى } وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ { فسدا لذلك كله نقول :- لا تجوز إقامة جماعة ثانية في مسجد الحي ، وأعني بها الجماعة المقصودة الدائمة ، لا الجماعة العارضة ، وكان الإمام مالك رحمه الله عليه ومن وافقه من السلف يشددون في الجماعة الثانية من باب سد الذرائع، ومن أصول المالكية سد الذريعة؛ لأن عصورهم كان فيها أهل بدع وأهواء يتخلفون عن جماعة أهل السنة ويحدثون الجماعة الثانية فخشي أن يفتح لأهل البدع والأهواء ما يفعلونه من التخلف عن الجماعة واستحداث جماعة ثانية حتى تكون شعاراً لهم، قالوا: ولأنه لو حدثت الجماعة الثانية لتقاعس الناس عن الجماعة الأولى والله أعلم .
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
  #25  
قديم 12-12-2011, 03:40 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .


ومنها :- قال صاحب زاد المستقنع في مبحث ما لا يجب على العاقلة تحمله من الدية قال رحمه الله [ولا اعترافاً لم تصدقه به] يعني لو اعترف بجناية وقال: أنا قتلت فلاناً خطأً، والعاقلة لا تصدقه بهذا قالوا: إنه لا تحمل العاقلة هذا الاعتراف الذي تنكره، إذا كان لإنكارها وجه؛ لأنه قد يتواطأ هذا الشخص مع أولياء المقتول، في أنه يضغط على جماعته وقرابته وقبيلته، ثم يقتسم ذلك بينه وبين من يدعي زوراً وكذباً أنه اعتدى على صاحبهم أو سفك دمه، وهذا من باب سد الذرائع، والله أعلم .

ومنها :- القول الحق أنه لا يجوز تمثيل الأنبياء في وسائل الإعلام في المسلسلات والقصص التاريخية هذا لا يجوز البتة ، لما فيه من المفاسد الكثيرة ، فيمنع سدا لذريعة الفساد ، فمن مفاسده :- تشكيك المؤمنين في عقائدهم، وتبديد ما وقر في نفوسهم من تمجيد هذه المثل العليا، إذ أنهم قبل رؤية هذه المشاهد يؤمنون حقا بعظمة الأنبياء ورسالتهم، ويتمثلونهم حقا في أكمل مراتب الإنسانية وأرفع ذراها , إذا هم بعد العرض قد هانت في نفوسهم تلك الشخصيات الكريمة، وهبطت من أعلى درجاتها إلى منازل العامة والأخلاط، وقد تقمصهم الممثلون في صور وأشكال مصطنعة مما يتقلص معه ظل الدين والأخلاق ، ومن هذه المفاسد :- إثارة الجدل والمناقشة والنقد والتعليق حول هذه الشخصيات الكريمة وممثليها من أهل الفن والمسرح تارة، ومن النظارة تارة أخرى، وها نحن أولا نرى صفحات للفن والمسرح ومجادلات في التعليق والنقد، وأنبياء الله ورسله مثل كلام الله عز وجل، فوق النقد والتعليق. ومن هذه المفاسد :- التهاب المشاعر، وتحزب الطوائف، ونشوب الخصام والقتال بين أهل الأديان كما وقع بين المسلم واليهودي في العصر النبوي، وما أحوجنا إلى الأمن والاستقرار وإطفاء الفتن وتسكينها لا إثارتها وإشعالها, ومن هذه المفاسد :- الكذب على الله ورسله؛ لأن التمثيل أو التخييل ليسا إلا ترجمة للأحوال والأقوال والحركات والسكنات، ومهما يكن فيهما من دقة وإتقان فلا مناص من زيادة أو نقصان، وذلك يجر طوعا أو كرها إلى الكذب والضلال، والكذب على الأنبياء كذب على الله تعالى، وهو محرم ، وما أفضى إلى الحرام فهو حرام ومن هذه المفاسد :- أنه قد يتقمص شخصية النبي من لا خلاق له من العلم والدين ، وممن يخرج في مسلسلات أخرى في دور من ذهب حياؤه وقل دينه ، وعاشر بالحرام ، ونحو ذلك ، أفهذا بالله عليك يصلح للقيام بدور نبي ؟ ومن هذه المفاسد :- أن تمثيل دور الأنبياء من بعض الممثلين يوجب انطباع صورة هذا الممثل في أذهان الناس عند ذكر اسم النبي الذي تقمص شخصيته ، وهذا أمر محسوس ومجرب ، فإنه قد حدثني البعض أنه إن قرأ عن خالد بن الوليد فإنه لا ينطبع في ذهنه إلا صورة الممثل الفلاني الذي كان رآه في بعض المسلسلات يمثل على أنه هو خالد بن الوليد ، ويقول لي :- وإني أريد أن أخرج هذه الصورة من ذهني إلا أنني لم أقدر ، فما إن يذكر اسم خالد ابن الوليد إلا وتأتي مباشرة في ذهني هذه الصورة ، فكيف والحال أنه مثل دور نبي من الأنبياء ، فلا والله ، إنه فعل محرم ، ووالله إنه لمحرم ، ووالله إنه لمحرم ، ولا يجوز الإفتاء بالجواز أصلا ، ومن عرف أنه يفتي بالجواز فالواجب مناصحته ، وتبيين أوجه الفساد في ذلك الفعل المشين القبيح ، والذي بلغ في القبح غايته ومنتهاه ، ومن المفاسد أيضا :- أن هذا الممثل الفاشل الأحمق سيقول في المسلسل :- أنا رسول الله ، أو نبي الله ، وهذا من ادعاء النبوة ، وقد اتفق أهل العلم رحمهم الله تعالى أن ادعاء النبوة كفر أكبر ، وكونه يقولها من باب التمثيل ، هذا ليس بعذر له في قولها وادعائها ، لأن المتقرر عند أهل العلم أن من وقع في ناقض من نواقض الدين فإنه لا ينفعه أن يكون مازحا أو هازلا أو جادا أو .. أو ...أو .. كل ذلك لا ينفع ، والتمثيل لا يحل حراما ولا يحرم حلالا ، وناهيك بهذه المفسدة للقول بالتحريم ، فكيف وقد كثرت المفاسد وتعددت البلايا ، ومن المفاسد أيضا :- أن الممثلين معه ، لزاما سيقرون له - من باب التمثيل - أنه رسول الله ، أو نبي الله ، ويدعون للإيمان به ، ويتحلقون حوله ليستمعوا منه ما يقرره من الشرع ، وهذا من الكفر البواح ، ولا ينفعهم أنهم كانوا يمثلون ، وأن الناس يعلمون حقيقة فعلهم ، فهذا كله ليس بعذر ، والترخيص في مثل هذا تلاعب بالدين ، والله المستعان ، وبالجملة :- فالمفاسد من تمثيل دور الأنبياء كثيرة لا تكاد تحصر وبناء على ذلك :- لا يجوز هذا الفعل ، ولا يجوز الإفتاء والترخيص فيه ، وأن المرخص فيه معين على هدم الدين ، فسدا لذريعة ذلك كله ، نقول بالتحريم ، والله أعلم .

ومنها:- قرر بعض أهل العلم رحمهم الله تعالى أن تحريم النكاح بأكثر من أربع من باب سد الذرائع ، وذلك لسد باب الجور ، لأن غالب ما يحتمله الإنسان في العدل أربع زوجات ، ولسد باب زيادة النفقة عليه والتي تؤدي به إلى أكل الحرام من رشوة أو سرقة ونحوهما ، فسدا للذريعة قال الشرع بحرمة النكاح بأكثر من أربع ، وأما حال النبي صلى الله عليه وسلم فإن النكاح بأكثر من أربع من جملة خصائصه صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم .
ومنها :- لقد حرم الله تعالى شفاعة السوء ، قال } وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُن لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا { وما ذلك إلا لسد ذريعة الفساد ، فمن هذه المفاسد :- تقديم المفضول على الفاضل ، ومن لا يستحق على من هو مستحق ، وهذا ظلم واعتداء على الحقوق ، ومن هذه المفاسد :- التلاعب بالحقوق وضياعها ، ومن المفاسد :- فساد النظام الإداري ، ومن المفاسد :- غش المسلمين في تولية من لا يصلح عليهم في أمورهم بسبب أن عنده واسطة ، ومن المفاسد :- حرمان المسلمين من الأكفأ ، لأنه لا واسطة عنده ، ومن المفاسد :- مخالفة التعاميم والأنظمة الصادرة عن ولي الأمر لأن هذه الشفاعات السيئة إنما يراد بالكثير منها تجاوز النظام ، ومخالفة التعاميم ، وطاعة ولي الأمر واجبة ، إلا في معصية الله ، فكيف إن خولف ولي الأمر بالمعصية ؟ لا شك أنه أعظم إثما وأكبر جرما ، ومن المفاسد :- المداهنة فيما يجب وارتكاب ما لا يجوز من أجل رد هذه الشفاعة ، لأن كثيرا من هذه الشفاعات السيئة إنما هي مبينة على المصالح المتبادلة ، كما يقول العامة ( لا يخدم بخيل ) يعني :- سأشفع لك فيما يخصك في دائرة عملي على أن تشفع لي فيما يخصني في دائرة عملك ، وهذا موجب للفساد وجالب للضرر العام على الأمة ، والمفاسد كثيرة ، فمن أجل ذلك حرمها الله تعالى بنص القرآن ، كما ذكرنا في الآية السابقة ، فالمرجو من ولاة الأمر وفقهم الله تعالى لكل خير الانتباه لمثل هذه الشفاعات السيئة والقضاء عليها في مهدها ، ومعرفة من يتعامل بها ومعاقبته العقوبة البليغة التي تردعه وأمثاله عن معاودة مثل هذا الفعل المشين القبيح ، والله المستعان .
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
  #26  
قديم 12-12-2011, 03:41 PM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .


ومنها :- إن الاتجار بالمخدرات بيعاً وشراء وتهريباً وتسويقاً أمر حرام كحرمة تناول المخدرات لأن الوسائل في الشريعة تأخذ حكم المقاصد، ويجب سد الذرائع إلى المحرمات بمختلف الإمكانات والطاقات؛ لأن التاجر يسهِّل رواج المخدرات وتعاطيها، فيكون الثمن حراماً، والمال سُحْتاً، والعمل ضلالاً، والاتجار بها إعانة على المعصية، والبيع باطل، قال الله تعالى } وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ { ويكون النهي عن بيع الخمر والحكم ببطلانه شاملاً المخدرات لما في ذلك من الإعانة على المعصية، والتواطؤ على إفساد الناشئة والأمة، وتدمير أخلاقها وقيمها وتخريب اقتصادها وإضعافها أمام غيرها, ويكون الربح التجاري المغري سبباً واضحاً في التآمر على وجود الأمة وضعضعة كيانها وتحطيم جهود أبنائها، وخيانتها، والإسهام في تخلفها وهزِّ بنيتها.

ومنها :- لو شهد في مجلس الحاكم دون أربعة من الرجال بزنا أحد الناس يقام عليهم الحد في الأظهر , وذلك لأن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أقام الحد على الثلاثة الذي شهدوا على المغيرة بن شعبة بالزنا رضي الله عنه كما ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه , ولم يخالفه أحد من الصحابة رضوان الله عليهم ولئلا يتخذ الناس صورة الشهادة ذريعة إلى الوقيعة في أعراض الناس ولا يقام عليهم الحد فهو من باب سد الذرائع .

ومنها :- الحق أنه يجب على ولي الأمر في البلاد الإسلامية أن يأخذ الحيطة والتدابير الواقية لأهل البلاد من الوقوع في براثن المواقع على الشبكة العنكبوتية والإعلام المرئي ، وذلك باستحداث أجهزة تمنع الوصول إلى مثل هذه المواقع والقنوات الفاسدة التي تدمر الأخلاق وتهلك القيم ، وتنشر الفاحشة في أوساط المسلمين ، فلا بد من منعها بما يراه ولي الأمر محققا للمصلحة ودافعا للمفسدة وإن هذه المملكة وفقها الله تعالى لتبذل قصارى جهدها في صد عدوان المفسدين عن أهل هذه البلاد ، وهذه كلمة حق نقولها ، ونشهد بها ، والكمال لله تعالى ، وجوانب النقص قليلة في جوانب الكمال ، وإذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ، والمقصود أن هذا الوجوب على ولي الأمر مفرع على قاعدة سد الذرائع ، والله أعلم .

ومنها:- قال ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد على حديث النهي عن الانتباذ في الأوعية ( فيه النّهْيُ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ وَهَلْ تَحْرِيمُهُ بَاقٍ أَوْ مَنْسُوخٌ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ , وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى نَسْخِهِ بِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ الّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ فِيهِ (( وَكُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ الْأَوْعِيَةِ فَانْتَبِذُوا فِيمَا بَدَا لَكُمْ وَلَا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا )) وَمَنْ قَالَ بِإِحْكَامِ أَحَادِيثِ النّهْيِ وَأَنّهَا غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ قَالَ هِيَ أَحَادِيثُ تَكَادُ تَبْلُغُ التّوَاتُرَ فِي تَعَدّدِهَا وَكَثْرَةِ طُرُقِهَا وَحَدِيثُ الْإِبَاحَةِ فَرْدٌ فَلَا يَبْلُغُ مُقَاوَمَتَهَا وَسِرّ الْمَسْأَلَةِ أَنّ النّهْيَ عَنْ الْأَوْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ بَابِ سَدّ الذّرَائِعِ ، وَقِيلَ بَلْ النّهْيُ عَنْهَا لِصَلَابَتِهَا وَأَنّ الشّرَابَ يُسْكِرُ فِيهَا وَلَا يُعْلَمُ بِهِ بِخِلَافِ الظّرُوفِ غَيْرِ الْمُزَفّتَةِ فَإِنّ الشّرَابَ مَتَى غَلَا فِيهَا وَأَسْكَرَ انْشَقّتْ فَيُعْلَمُ بِأَنّهُ مُسْكِرٌ فَعَلَى هَذِهِ الْعِلّةِ يَكُونُ الِانْتِبَاذُ فِي الْحِجَارَةِ وَالصّفْرِ أَوْلَى بِالتّحْرِيمِ وَعَلَى الْأَوّلِ لَا يَحْرُمُ إذْ لَا يُسْرِعُ الْإِسْكَارُ إلَيْهِ فِيهَا كَإِسْرَاعِهِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ وَعَلَى كِلَا الْعِلّتَيْنِ فَهُوَ مِنْ بَابِ سَدّ الذّرِيعَةِ كَالنّهْيِ أَوّلًا عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ سَدًا لِذَرِيعَةِ الشّرْكِ فَلَمّا اسْتَقَرّ التّوْحِيدُ فِي نُفُوسِهِمْ وَقَوِيَ عِنْدَهُمْ أَذِنَ فِي زِيَارَتهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَقُولُوا هَجْرًا . وَهَكَذَا قَدْ يُقَالُ فِي الِانْتِبَاذِ فِي هَذِهِ الْأَوْعِيَةِ إنّهُ فَطَمَهُمْ عَنْ الْمُسْكِرِ وَأَوْعِيَتِهِ وَسَدّ الذّرِيعَةَ إلَيْهِ إذْ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِشُرْبِهِ فَلَمّا اسْتَقَرّ تَحْرِيمُهُ عِنْدَهُمْ وَاطْمَأَنّتْ إلَيْهِ نُفُوسُهُمْ أَبَاحَ لَهُمْ الْأَوْعِيَةَ كُلّهَا غَيْرَ أَنْ لَا يَشْرَبُوا مُسْكِرًا فَهَذَا فِقْهُ الْمَسْأَلَةِ وَسِرّهَا ) والله أعلم .

ومنها :- أن القول الراجح أنه لا بد من الإشهاد على اللقطة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك في قوله (( وليشهد عليها )) وما هذا إلا لحفظ المال على صاحبه ، ولسد ذريعة كتمانها من قبل من أخذها ، لكن لو علم أن غيره قد شهد عليها وقد عرف أنها معه ، فإن هذا الإشهاد أدعى إلى الاعتراف بها ، وأدائها إلى أصحابها ، فالإشهاد على اللقطة مبدؤه حفظ المال على صاحبه وسد ذريعة كتمانه ، والله أعلم .

ومنها :- لقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التحديث بالرؤيا المزعجة ، والتي يكرهها الرائي ، والحديث في النهي عنها معروف ، وما ذلك إلا لسد ذريعة انقلاب الرؤيا من عالم المنامات إلى عالم الحقيقة المشاهدة ، لأن الرؤيا على جناح طائر ، فإن أولت وقعت ، فسدا لذريعة وقوع الأمر بالمكروه بالمسلم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن التحديث بما يكره من الرؤى ، والله أعلم.

ومنها :- أننا قررنا في كتابنا ( الإفادة الشرعية في المسائل الطبية ) حكم الاستنساخ البشري، وبينا أنه محرم من أوجه كثيرة ، والذي يخصنا هنا هو تفريع التحريم على قاعدة سد الذرائع ، فقلت هناك ( إنه قد تقرر شرعاً أن سد الذرائع المفضية إلى الممنوع أصل من أصول هذا الدين الحنيف فأي وسيلة تفضي إلى الوقوع في الحرام فإنها حرام, والاستنساخ البشري يفضي إلى استئجار الأرحام وهو حرام , ويفضي إلى ضياع النسب وهو حرام ويفضي إلى إهانة الإنسان وهو حرام ويفضي إلى ترك التزوج وليس ترك الزواج من دين الإسلام في شيء ويفضي إلى تعطيل النفقة الواجبة لأن هؤلاء المستنسخين لا يعرفون لهم أباً ولا أماً, فمن الذي سينفق عليهم, وهذا وقوع في إهمالهم وعدم وجود من يراعيهم ولا يتفطن لأحوالهم فيبقون همجاً رعاعاً عالة على المجتمع وهذا كله لا يجوز, ويفضي أيضاً إلى الانتساب لغير الأب وهو محرم التحريم القاطع في شريعتنا ويفضي أيضاً إلى انقطاع العلائق بين الأصول والفروع فلا تراحم ولا توادد ولا شفقة ولا إحسان, ويفضي أيضاً إلى تفكك المجتمع لنشؤ شريحة فيه لا يعرفون لهم أباً ولا أماً, وهذا يفضي إلى تصدع نواة المجتمع الإسلامي ووهنه وضعفه وذهاب هيبته وكلمته, ويفضي أيضاً إلى تعطيل المواريث أو إعطائها من لا يستحقها شرعاً ويفضي إلى انتهاك حرمة المرأة وإهانتها وكشف عورتها لزرع هذه اللقيحات فيها ويفضي إلى افتتان العقول الضعيفة في شأن انفراد الله تعالى بالخلق والإيجاد فهذه بعض ما يفضي له الاستنساخ البشري وحيث كان يفضي إلى هذه الأشياء فلاشك حينئذٍ في تحريمه التحريم المؤكد القاطع ) ومن أراد النظر في بقية الأوجه فلينظرها هناك . والله أعلم .

ومنها :- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد خصص في مسجده بابا للنساء وبابا للرجال ، وما ذلك إلا لسد ذريعة الاختلاط ، وأنت تعرف ما فيه من المفاسد .

ومنها :- أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجال بعد الصلاة أن يبقوا في أماكنهم حتى يخرج النساء ، وما ذلك إلا لسد ذريعة الاختلاط ، والله أعلم .

ومنها :- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (( قال الله تعالى إن أمتك لا يزالون يقولون ما كذا ما كذا ، حتى يقولوا هذا خلق الله الخلق ، فمن خلق الله عز وجل )) وقال عليه الصلاة والسلام (( لا يزال الناس يتساءلون عن العلم حتى يقولوا :- هذا الله خلق كل شيء فمن خلق الله عز وجل )) وهذا يشبه والله أعلم التنطع في الأسئلة التي هي من وراء الغيب ، والتي لا يجوز السؤال عنها ، فما كان يفضي إليها من الأسئلة فالواجب سده ، وزجر السائل عنها ، فالغلو في كثرة الأسئلة عن أمور الغيب لا تجوز ، كالأسئلة الخاصة بأمور كيفية الصفات ، والأسئلة الخاصة بأمور القدر ، أعني التنطع فيها والغلو فيها بحيث يسأل العبد عن ما لم يخلق له ، فسدا لذريعة انفتاح مثل هذه الأسئلة التي في الغالب تفضي إلى أمور لا تحمد عقباها وهي هذه النهاية الأليمة المخزية وهي السؤال عن من خلق الله عز وجل ، فسدا لذريعة ذلك نقول بالمنع من كل سؤال يفضي بصاحبه إلى الحيرة والشك ، والنظر فيما لا يحل له النظر فيه ، والسؤال عن أمور الغيب بقصد استكشاف حقيقة كنهها ، ونقول بحرمة السؤال عن ما يخص كيفيات صفات الله تعالى ، وأنه لا يجوز إعمال العقل في باب الكيفيات ، لأن مرد ذلك إلى الوصول إلى ما لا تحمد عقباه من أسئلة لا جواب لها إلا التسليم بما وردت به الأدلة بلا كثير مناقشة ولا كبير جدل ، فالله الله أيها الأحباب في سد هذا الباب فإنه باب خطير جدا ، إن فتح على القلب والروح فإنه لا يكاد يغلق إلا بكلفة ، والله أعلم .

ومنها :- أن الإنسان إن كان يمشي في الشارع فسمع صوت غناء فإنه لا يجب عليه سد أُذنه إذا سمع الصوت وهو لا يريد استماعه إذا كان يمشي في الشارع ، فسمع صوت غناء، أو سمع صوت موسيقى وهو لا يريد استماعها، لا يجب عليه سد أذنيه، إلا إذا خاف السكون إليه والإنصات فإنه حينئذٍ يجب عليه سد أُذنيه لتجنب سماعه من باب سد الذرائع .

ومنها :- القول الصحيح أنه لا يجوز للمرأة أن تدرس في تخصص تكون عاقبة وظيفتها بعد إنهاء الدراسة في مكان لا يحل لها البقاء فيه ، كالدراسة التي تخرجها مرشدة سياحية ، أو الدراسة التي تخرجها سكرتيرة ، ونحو ذلك ، فما كان مفض بها إلى مثل هذه النهاية الممنوعة شرعا فإنه ممنوع في الشرع من باب سد الذرائع ، والله أعلم .

ومنها :- لا جرم أن المتقرر في التجارات أن الأصل فيها الحل والإباحة ، إلا ما ورد الدليل بمنعه ولكن بناء على أصل سد الذرائع نقول :- لا يجوز للعبد أن يتاجر بافتتاح وكالة سفريات ، وذلك لأنه يغلب على الظن أن هذه الوكالة ستكون سببا لنقل الناس إلى البلاد الكفرية التي يعاقرون فيها شرب الخمور والفواحش ، ولا يسلم في الغالب مثل هذه الوكالات من أن تكون من الأسباب المعينة لأهل الشر والفساد على تيسير أمورهم ، وقد قال الله تعالى } وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ { وكما حرم أهل العلم بيع العصير لمن يتخذه خمرا ، وكما حرموا بيع السلاح في الفتنة ، ولا حجة لصاحب الوكالة أن يقول :- أنا لا أجزم أنه سيرتكب الفساد في تلك البلاد ، لأننا سنقول :- هذا تخف وراء النوايا الحسنة التي لا يساعدها ظاهر الحال ، والأمر دائر مع غلبة الظن ، فمن غلب على الظن أنه لا يريد تلك البلاد إلا لمعاقرة الفساد بأنواعه فإن هذه الوكالة لا يجوز لها إعانته على تلك السفرة ، لأن ما سيرتكبه من الإثم عقوبته عليه ، وعلى كل من أعانه على الوصول إليه ، والأسلم ترك المتاجرة في هذه الوكالات ، لأن الأعم الأغلب فيها أنها لا يرتادها إلا من يريد بالسفر ما لا يرضي الله تعالى ، ولا أعني أنني أشكك في المجتمع ، بل هذه الحقيقة ، وليست مجرد شك ، ولو اطلعت على أحوال هذه الوكالات في الإجازات لأمسكت رأسك من الهم ، ولضاق صدرك ممن يهربون من بلاد الإسلام ومحافظتها إلى البلاد الإباحية الكافرة باسم السياحة ، وهي كلمة تخفي وراءها قلة الحياء وضياع الصلوات عند الكثير ، وخلع الحجاب ومخالطة الأخدان ، وارتكاب الذنوب والآثام عند الكثير ، مع أن السفر إلى بلاد الكفر أصلا ممنوع إلا بشروط قد ذكرناها سابقا ، وليس منها مجرد السياحة والاطلاع على جمال الطبيعة ، فلينتبه أصحاب هذه الوكالات من هذا الأمر ، فإنهم إن يسروا أمور الحرام فهم في حكم الشرع متعاونون مع صاحب المنكر ، وباب الأرزاق أوسع من أن يضطر المسلم إلى الكسب من هذه التجارات المشبوهة ، والله أعلم .

ومنها :- القول الصحيح تحريم العمليات الجراحية التحسينية ، لما فيها من التعرض للأضرار بلا مسوغ شرعي ، ولما فيها من كشف العورات بلا مقتض من الشرع ، ومن أراد المسألة بكمالها فليراجع ( الإفادة الشرعية ) والله أعلم .

******
والفروع كثيرة جدا ، لا تكاد تحصر إلا بكلفة ، ولعل ما ذكرناه فيه الكفاية لمن أراد فهم هذه القاعدة ، فأسأل الله تعالى أن ينفع بها ويبارك فيه ، وأن يشرح لها الصدور ، ويفتح لها الأفهام ويجعلها عملا صالحا نافعا متقبلا مبرورا ، وكم سترى عينك فيها من جوانب النقص ، ولكن أرجو منك العفو والمعذرة ، وأشهد الله تعالى ومن حضرني من عباده الصالحين ، ومن يقرأها من الناس أنها وقف لله تعالى ، لا حظ لأحد فيها ، لا من والد ولا من ولد ، فإنها من العلم المبذول للجميع وقد حرصت على إكثار التفريع حتى قاربت فروعها المائتين ، فيا أخي في الله ، أقسم بالله أنه ما دفعني إلى الإطالة في التفريع إلا إرادة التفهيم والتوضيح ، لما أعلمه من أهمية هذه القاعدة الطيبة وإنني ما أحببت أن أبحثها على طريقة الأصوليين ، وإنما أحببت أن أشرحها على طريقة الفقهاء لأنها أوضح وأقرب في الفهم ، فلا داعي إلى الإطالة في قيل وقال ، واعترض وأجاب ، بل المقصود أن نبين للناس وندربهم على كيفية تخريج الفروع الفقهية عليها ، فأرجو منك أيها الأخ الحبيب إن وجدت فيها ما ينفعك أن تدعو لأخيك بدعوة صادقة في ظهر الغيب ، لعلها أن تنفع عبدا قد كثرت ذنوبه وعظت بلاياه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، وقد وقع الفراغ منها بعد صلاة المغرب ليلة الجمعة الموافق للرابع من شهر الله المحرم عام ثلاثين وأربعمائة وألف ، وأستغفر الله تعالى وأتوب إليه ، وأستغفر الله تعالى وأتوب إليه ، وأستغفر الله تعالى وأتوب إليه .

تم بحمد الله تعالى.

منقول لفائدة.
__________________
الحمد لله الذي أمـر بالجهاد دفاعـاً عن الدين، وحرمة المسلمين، وجعله ذروة السنام، وأعظـم الإسلام، ورفعـةً لأمّـة خيـرِ الأنـام.
والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد ، وعلى آلـه ، وصحبه أجمعيـن ، لاسيما أمّهـات المؤمنين ، والخلفاء الراشدين،الصديق الأعظم والفاروق الأفخم وذي النورين وأبو السبطين...رضي الله عنهم أجمعين.


رد مع اقتباس
  #27  
قديم 09-03-2012, 09:16 PM
الصورة الرمزية على خطى السلف
على خطى السلف على خطى السلف غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
مكان الإقامة: اطمع بالسكن في الفردوس الاعلي
الجنس :
المشاركات: 2,147
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .

بارك الله فيك اخي الفاضل وفي المجهود الرائع
موضوع قيم اسأل الله ان يثقل به موازينك
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 12-07-2012, 08:20 AM
الصورة الرمزية أبــو أحمد
أبــو أحمد أبــو أحمد غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
مكان الإقامة: صــنعاء
الجنس :
المشاركات: 25,992
الدولة : Yemen
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .

جزاك الله خير اخي الكريم
والله يعطيك العافية على جهودك الطيبة
ووفقك الله إلى ما يحب ويرضى
وفي أمان الله
__________________
__________________
أَلاَ بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 12-07-2012, 01:06 PM
هدي السلف هدي السلف غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
مكان الإقامة: المغرب
الجنس :
المشاركات: 10
الدولة : Morocco
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيكم اخي ابو الشيماء وزادنا الله وإياك علما وفقها في دينه وسهل علينا الوصول به إلى مراضيه إنه ولي ذلك و القادر عليه .
و أذكر نفسي و إياك بالإخلاص قولا وعملا و ان يجعل هذا العمل خالص لوجهه الكريم ويكون لك دخرا ليوم الدين يوم يقوم الناس لرب العالمين يومها لا ينفع مال ولا بنون إلى من أتى الله بقلب سليب
حقا سعدت بعد غيبة طويلة ان يكون او ما ابدأبه هو موضوعكم المبارك تقبله الله منكم اللهم أمين .

ونظرا لأهمية هذا الباب ألى وهو باب سد الدرائع فهو من ادق أبواب العلم إلا أن البعض أساء إستخدامه وتوسع في العمل به و الله المستعان , بل اصبح يتلاعب بهذه القاعدة على نحو يسيء إلى الاسلام وأهله , ومن هذا المنطلق لي طلب عندكم أخي أبوا الشيماء أن يتم إخراج هذا العمل كمطوية حول قاعدة سد الدرائع تشتمل على التعريف لهذه القاعدة و أراء المذاهب فيها و أقوال العلماء السابقين و الاحقين بخصوصها وعمل بها وحكم التوسع فيها,مع بيان ما يشابهها من قواعد .
والله أسأل ان يجعل ما قلنا زاد الى حسن المصير إليه وعتاد إلى يمن القدوم عليه إنه بكل جميل كفيل هو نعم المولى ونعم النصير
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 05-09-2012, 06:14 PM
ابو صعلوك ابو صعلوك غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
مكان الإقامة: اوديسا اوكرانيا
الجنس :
المشاركات: 5
الدولة : Ukraine
افتراضي رد: الحصون المنيعة في شرح قاعدة سد الذريعة .

بارك الله فيك
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع



مجموعة الشفاء على واتساب


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 146.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 140.38 كيلو بايت... تم توفير 5.83 كيلو بايت...بمعدل (3.99%)]