رجل الفكر والايمان ( حسن البنا ) - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         خطبة عيد الأضحى (1445 هـ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أحاديث صحيحة مختصرة في الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 234 - عددالزوار : 28043 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4478 - عددالزوار : 985319 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4014 - عددالزوار : 503765 )           »          عيد أضحى مبارك ، كل عام وانتم بخير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 134 )           »          سفرة إفطار عيد الأضحى.. كبدة مشوية بخطوات سهلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 111 )           »          9 نصائح لمطبخ نظيف خلال عزومات عيد الأضحى.. التهوية أساسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 98 )           »          فتياتنا وبناء الذات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          إضاءات سلفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 91 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #21  
قديم 26-08-2010, 04:41 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

حسن البنا
و

الطريقة الحصافية:

وفي المسجد الصغير رأيت” الإخوان الحصافية” يذكرون الله تعالى عقب صلاة العشاء من كل ليلة، وكنت مواظبا على حضور درس الشيخ زهران رحمه الله بين المغرب والعشاء، فاجتذبني حلقة الذكر بأصواتها المنسقة ونشيدها الجميل وروحانيتها الفياضة، وسماحة هؤلاء الذاكرين من شيوخ فضلاء وشباب صالحين، وتواضعهم لهؤلاء الصبية الصغار الذين اقتحموا عليهم مجلسهم ليشاركوهم ذكر الله تبارك وتعالى، فواظبت عليها هي الأخرى. وتوطدت الصلات بيني وبين شباب هؤلاء الإخوان الحصافية ومن بينهم الثلاثة المقدمون: الشيخ شلبي الرجال والشيخ محمد أبو شوشة والشيخ سيد عثمان، والشبان الصالحون الذين كانوا أقرب الذاكرين إلينا في السن: محمد أفندي الدمياطي وصاوي أفندي الصاوي وعبد المتعال أفندي سنكل، وأضرابهم. وفي هذه الحلبة المباركة التقيت لأول مرة بالأستاذ أحمد السكري - وكيل الإخوان المسلمين - فكان لهذا اللقاء أثره البالغ في حياة كل منا. ومنذ ذلك الحين أخذ اسم الشيخ الحصافي يتردد على الأذن فيكون له أجل وقع في أعماق القلب وأخذ الشوق والحنين إلى رؤية الشيخ والجلوس إليه والأخذ عنه يتجدد حينا بعد حين، وأخذت أواظب على الوظيفة الروحية صباحا ومساء، وزادني بها إعجابا أن الوالد قد وضع عليها تعليقا لطيفا جاء فيه بأدلة صيغها جميعا تقريبا من الأحاديث الصحيحة وسمى هذه الرسالة تنوير الأفئدة الزكية بأدلة أذكار الرزوقية ولم تكن هذه الوظيفة أكثر من آيات من الكتاب الكريم، وأحاديث من أدعية الصباح والمساء التي وردت في كتب السنة تقريبا، ليس فيها شئ من الألفاظ الأعجمية أو التراكيب الفلسفية أو العبارات التي هي إلى الشطحات أقرب منها إلى الدعوات.
وفي هذه الأثناء وقع في يدي كتاب المنهل الصافي في مناقب حسنين الحصافي وهو شيخ الطريقة الأول - ووالد شيخها الحالي السيد الجليل الشيخ عبد الوهاب الحصافي مد الله في عمره ونفع الله به - والذي توفي ولم أره حيث كانت وفاته الخميس 17 من جمادى الآخرة 1328 الهجرية، وكنت إذ ذاك في سن الرابعة عشرة فلم أجتمع به على كثرة تردده على البلد فأقبلت على القراءة فيه وعرفت منه كيف كان السيد حسنين رحمه الله عالما أزهريا تفقه على مذهب الإمام الشافعي ودرس علوم الدين دراسة واسعة وامتلأ منها وتضلع فيها ثم تلقى بعد ذلك الطريق على كثير من شيوخ عصره، وجد واجتهد في العبادة والذكر والمداومة على الطاعات حتى إنه حج أكثر من مرة وكان يعتمر مع كل حجة اكثر من عمرة. وكان رفقاؤه وأصحابه يقولون ما رأينا أقوى على طاعة الله وأداء الفرائض والمحافظة على السنن والنوافل منه - رحمه الله - حتى في آخر أيام حياته وقد كبرت سنه ونيف عن الستين. ثم أخذ يدعو إلى الله بأسلوب أهل الطريق، ولكن في استنارة وإشراق وعلى تواعد سليمة قويمة، فكانت دعوته مؤسسة على العلم والتعليم، والفقه والعبادة والطاعة والذكر، ومحاربة البدع والخرافات الفاشية بين أبناء هذه الطرق والانتصار للكتاب والسنة على أية حال والتحرز من التأويلات الفاسدة والشطحات الضارة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبذل النصيحة على كل حال حتى إنه غير كثيرا من الأوضاع التي اعتقد أنها تخالف الكتاب والسنة، ومما كان عليه مشايخه أنفسهم. وكان أعظم ما أخذ بمجامع قطبي وملك على لبى من سرته رض اله عنه شدته في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه كان لا يخشى في ذلك لوم لائم ولا يدع الأمر والنص مهما كان في حضرة كبير أو عظيم. ومن نماذج ذك أنه زار رياض باشا حين كان رئيس الوزارة، فدخل أحد العلماء وسلم على الباشا وانحنى حتى قارب الركوع فقام الشيخ مغضبا وضربه على خديه بمجمع يده ونهره بشدة قائلا: استقم يا رجل فإن الركوع لا يجوز إلا لله، فلا تذلوا الدين والعلم فذلكم اله. ولم يستطع العالم ولا الباشا أن يؤاخذاه بشيء. ودخل أحد الباشوات من أصدقاء رياض باشا وفي إصبعه خاتم من الذهب وفي يده عصا مقبضها من الذهب كذلك، فالتفت إليه الشيخ وقال: يا هذا إن استعمال الذهب في الحلية هكذا حرام على الرجال حلال للنساء فأعط هذين لبعض نسائك، ولا تخالف عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأراد الرجل أن يعترض، فتدخل رياض باشا وعرف بعضهما ببعض والشيخ مصر على أنه لا بد من خلع المقبض والخاتم معا حتى يزول هذا المنكر.
ودخل مرة على الخديوي توفيق باشا مع العلماء في بعض المقابلات فسلم على الخديوي بصوت مسموع فرد عليه الخديوي بالإشارة بيده، فقال له في عزم وتصميم: رد السلام يكون بمثله أو بأحسن منه،. فقل وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، والرد بالإشارة وحدها لا يجوز ). فلم يسع الخديوي إلا أن يرد عليه باللفظ ويثنى على موقفه وتمسكه بدينه.
وزار مرة بعض مريديه من الموظفين في بعض دوائر المساحة فرأي على مكتبه بعض تماثيل من الجبس فسأله: ما هذا يا فلان؟ فقال: هذه تماثيل نحتاج إلها في عملنا. فقال: إن ذلك حرام. وأمسك بالتمثال وكسر عنقه، ودخل المفتش الإنجليزي في هذه اللحظة ورأي هذا المنظر فناقش الشيخ فيما صنع. فرد عليه ردا جميلا وأفهمه أن الإسلام إنما جاء ليقيم التوحيد الخالص وليقضي على كل مظهر من مظاهر الوثنية في أية صورة من صورها ولهذا حرم التماثيل حتى لا يكون بقاؤها ذريعة لعبادتها. وأفاض في هذا المعنى بما طلب له المفتش الذي كان يظن أن في الإسلام لوثة من الوثنية، وسلم للشيخ وأثنى عليه.
وزار مسجد السيد الحسين رضى الله عنه مع بعض مريديه ووقف على القبر يدعو الدعاء المأثور: السلام على أهل الديار من المؤمنين ) فقال له بعض المريدين: يا سيدنا الشيخ سل سيدنا الحسين يرضى عني، فالتفت إليه منضبا وقال: “ يرضى عنا وعنك وعنه: الله ) وبعد أن أتم زيارته شرح لإخوانه أحكام الزيارة وأوضح لهم الفرق بين البدعية والشرعية منها.
وحدثني الوالد أنه اجتمع بالشيخ رحمه الله في منزل وجيه من وجهاء المحمودية هو حسن بك أبو سيد حسن رحمه الله، مع بعض الإخوان فدخلت الخادم، وهي فتاة كبيرة، تقدم له القهوة وهي مكشوفة الذراعين والرأس فنظر إليها الشيخ منضبا وأمرها بشدة أن تذهب فتستتر وأبى أن يشرب القهوة وألقى على صاحب المنزل درسا مؤثراً في وجوب احتشام الفتيات وإن كن خدما وعدم إظهار الرجال الأجانب علين.
وله رحمه الله في ذلك أمور في غاية الكثرة والدقة معا وكذلك شأنه دائما.
هذه الناحية هي التي أثارت في نفسي أعظم معاني الإعجاب والتقدير وكان الإخوان يكثرون من الحديث عن كرامات الشيخ الحسية فلم أكن أجد لها من الوقع في نفسي بقدر ما أجده لهذه الناحية العملية، وكنت أعتقد أن أعظم كرامة أكرمه الله بها هي هذا التوفيق لنشر دعوة الإسلام على هذه القواعد السليمة وهذه الناحية العملية على محارم الله تبارك وتعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وكل ذلك ولم تتجاوز سني الثانية عشرة.
وزادني تعلقا بالشيخ الجليل رحمه الله - أنني رأيت في هذه الأثناء، وعلى أثر تكراري للقراءة في المنهل، فيما يرى النائم: أنني ذهبت إلى مقبرة البلد فرأيت قبرا ضخما يهتز ويتحرك، ثم زاد اهتزازه واضطرابه حتى انشق فخرجت منه نار عالية امتدت إلى عنان السماء وتشكلت فصارت رجلاً هائل الطول والمنظر واجتمع الناس عليه من كل مكان فصاح فيهم بصوت واضح مسموع وقال لهم: أيها الناس: إن الله قد أباح لكم ما حرم عليكم، فافعلوا ما شئتم. فانبريت له من وسط هذا الجمع وصحت في وجهه” كذبت” والتفتُّ إلى الناس وقلت لهم: “ أيها الناس هذا إبليس اللعين وقد جاء يفتنكم عن دينكم ويوسوس لكم فلا تصغوا إلى قوله ولا تستمعوا إلى كلامه” فغضب وقال: “ لا بد من أن نتسابق أمام هؤلاء الناس فإن سبقتني ورجعت إليهم ولم أقبض عليك فأنت صادق”. فقبلت شرطه وعدوت أمامه بأقصى سرعتي. وأين خطوي الصغير من خطوه الجبار، وقبل أن يدركني ظهر الشيخ - رحمه الله - من طريق معترض وتلقاني في صدره واحتجزني بيساره ورفع يمناه مشيرا بها إلى هذا الشبح صائحا في وجهه: اخسأ يا لعين، فولى الأدبار واختفي، وانطلق الشيخ بعد ذلك، فعدت إلى الناس وقلت لهم: أرأيتم كيف أن هذا اللعين يضلكم عن أوامر الله.
واستيقظت وكلي شوق و تقدير وترقب لحضور السيد عبد الوهاب الحصافي نجل الشيخ - رحمه الله - لأراه وأتلقى عنه الطريق ولكنه لم يحضر هذه الفترة.
*
ويذكرني حديث المقبرة بما كان لأخينا في الله الشيخ محمد أبو شوشة التاجر بالمحمودية علينا من فضل في التربية الروحية، إذ كان يجمعنا عشرة أو نحوها ويذهب بنا إلى المقبرة حيث نزور القبور ونجلس بمسجد الشيخ النجيلى نقرأ الوظيفة ثم يقص علينا من حكايات الصالحين وأحوالهم ما يرقق القلوب ويسيل العبرات، ثم يعرض علينا القبور المفتوحة ويذكرنا بمصرنا إليها، وظلمة القبر ووحشته ويبكى فنبكي معه، ثم نجدد التوبة في خشوع وحرارة واستحضار عجيب وندم وعزم، ثم كثيرا ما كان يربط لكل واحد منا حول معصمه سوارا من الخيط الغليظ” الدوبارة” ليكون ذكرى التوبة، ويوصينا بأن أحدنا إذا حدثته نفسه بالمعصية أو غلبه الشيطان فليمسك بهذا السوار، وليتذكر أنه تاب إلى الله وعاهده على طاعته وترك معصيته، وكنا نستفيد من هذه النصيحة كثيراً وجزاه الله عنا خيرا.
وظللت معلق القلب بالشيخ - رحمه الله - حتى التحقت بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور وفيها مدفن الشيخ وضريحه وقواعد مسجده الذي لم يكن تم حينذاك، وتم بعد ذلك، فكنت مواظبا على الحضرة في مسجد التوبة في كل ليلة وسألت عن مقدِّم الإخوان فعرفت أنه الرجل الصالح التقي الشيخ بسيوني العبد التاجر، فرجوته أن يأذن لي بأخذ العهد عليه ففعل، ووعدني بأنه سيقدمني للسيد عبد الوهاب عند حضوره، ولم أكن إلى هذا الوقت قد بايعت أحدا في الطريق بيعة رسمية وإنما كنت محبا وفق اصطلاحهم.
وحضر السيد عبد الوهاب - نفع الله به - إلى دمنهور وأخطرني الإخوان بذلك فكنت شديد الفرح بهذا النبأ، وذهبت إلى الوالد الشيخ بسيوني ورجوته أن يقدمني للشيخ ففعل، وكان ذلك عقب صلاة العصر من يوم 4 رمضان سنة 1341 الهجرية وإذا لم تخني الذاكرة، فقد كان يوافق يوم الأحد حيث تلقيت الحصافية الشاذلية عنه وأدبني بأدوارها ووظائفها.
وجزى الله عنا السيد عبد الوهاب خير الجزاء، فقد أفادتني صحبته أعظم الفائدة وما علمت عليه في دينه وطريقه إلا خيرا، وقد امتاز في شخصيته وإرشاده ومسلكه بكثير من الخصال الطيبة: من العفة الكاملة عما في أيدي الناس، ومن الجد في الأمور والتحرر من صرف الأوقات في غير العلم أو التعلم أو الذكر أو الطاعة أو التعبد سواء أكان وحده أم مع إخوانه ومريديه، ومن حسن التوجيه لهؤلاء الإخوان وصرفهم عمليا إلى الأخوة والفقه وطاعة الله. وأذكر من أساليبه الحكيمة في التربية أنه لم يكن يسمح للإخوان المتعلمين أن يكثروا الجدل في الخلافيات أو المشتبهات من الأمور، أو يرددوا كلام الملاحدة أو الزنادقة أو المبشرين مثلا أمام العامة من الإخوان ويقول لهم اجعلوا هذا في مجالسكم الخاصة تتدارسونه فيما بينكم. أما هؤلاء فتحدثوا أمامهم بالمعاني المؤثرة العملية التي توجههم إلى طاعة الله، فقد تعلق بنفس أحدهم الشبهة ولا يفهم الرد فيتشوش اعتقاده بلا سبب، وتكونون أنتم السبب في ذلك. وأذكر أن من كلماته التي لا أزال أحفظها والتي وجهها إلى وإلى الأخ الأستاذ أحمد السكري في بعض هذه الجلسات ما معناه: إنني أتوسم أن الله سيجمع عليكم القلوب ويضم إليكم كثيرا من الناس، فاعلموا أن الله سيسألكم عن أوقات هؤلاء الذين سيجتمعون عليكم أفدتموهم فيها، فيكون لهم الثواب ولكم مثلهم، أم انصرفت هباء، فيؤاخذون وتؤاخذون؟.. وهكذا كانت توجيهاته كلها إلى الخير وما علمنا عليه إلا خيرا (وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين)
وفي هذه الأثناء بدا لنا أن نؤسس في المحمودية جمعية إصلاحية هي” جمعية الحصافية الخيرية” واختير أحمد أفندي السكري التاجر بالمحمودية رئيسا لها وانتخبت سكرتيرا لها، وزاولت الجمعية عملها في ميدانين مهمين: الميدان الأول: نشر الدعوة إلى الأخلاق الفاضلة، ومقاومة المنكرات والمحرمات الفاشية كالخمر والقمار وبدع المآتم. والميدان الثاني: مقاومة الإرسالية الإنجيلية التبشيرية التي هبطت إلى البلد واستقرت فيها، وكان قوامها ثلاث فتيات رأسهن مسز” ويت”، وأخذت تبشر بالمسيحية في ظل التطبيب وتعليم التطريز وإيواء الصبية من بنين وبنات، وقد كافحت الجمعية في سبيل رسالتها مكافحة مشكورة وخلفتها في هذا الكفاح جمعية” الإخوان المسلمين” بعد ذلك.
واستمرت صلتنا على أحسن حال بشيخنا السيد عبد الوهاب حتى أنشئت جمعيات الإخوان المسلمين وانتشرت، وكان له فيها رأي ولنا فيها رأي، وانحاز كل إلى رأيه، ولا زلنا نحفظ للسيد - جزاه الله عنا خيرا - أجل ما يحفظ مريد محب مخلص لشيخ عالم عامل تقي، نصح فأخلص النصيحة وأرشد فأحسن الإرشاد.
__________________
رد مع اقتباس
  #22  
قديم 28-08-2010, 04:33 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

رأي حسن البنا في التصوف:


ولعل من المفيد أن أسجل في هذه المذكرات بعض خواطر - حول التصوف والطرق في تاريخ الدعوة الإسلامية - تتناول نشأة التصوف وأثره وما صار إليه وكيف تكون هذه الطرق نافعة للمجتمع الإسلامي. وسوف لا أحاول الاستقصاء العلمي أو التعمق في المعاني الاصطلاحية فإنما س مذكرات تكتب عفو الخاطر فتسجل ما يتوارد في الذهن وما تتحرك به المشاعر، فإن تكن صوابا فمن الله ولله الحمد، وإن تكن غير ذلك فالخير أردت ولله الأمر من قبل ومن بعد.

حين اتسع عمران الدولة الإسلامية في صدر القرن الأول، وكثرت فتوحاتها وأقبلت الدنيا على المسلمين من كل مكان، وحببت إليهم ثمرات كل شيء، وكان خلفيتهم بعد ذك يقول للسحابة في كبد السماء: شرقي أو غربي فحيثما وقع قطرك جاءني خراجه. وكان طبيعيا أن يقبلوا على هذه الدنيا يتمتعون بنعيمها ويتذوقون حلاوتها وخيراتها في اقتصاد أحيانا وفي إسراف أحيانا أخرى، وكان طبيعيا أمام هذا التحول الاجتماعي، من تقشف عصر النبوة الزاهر إلى لين الحياة ونضارتها فيما بعد ذلك، أن يقوم من الصالحين الأتقياء العلماء الفضلاء دعاة مؤثرون يزهدون الناس في متاع هذه الحياة الزائل، ويذكرونهم بما قد يسره من متاع الآخرة الباقي: “وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون” ومن أول هؤلاء الذين عرفت عنهم هذه الدعوة - الإمام الواعظ الجليل - الحسن البصري، وتبعه على ذلك كثير من أضرابه الدعاة الصالحين، فكانت طائفة في الناس معروفة بهذه الدعوة إلى ذكر الله واليوم الآخر. والزهادة في الدنيا، وتربية النفوس على طاعة الله وتقواه.

وطرأ على هذه الحقائق ما طرأ على غيرها من حقائق المعارف الإسلامية فأخذت صورة العلم الذي ينظم سلوك الإنسان ويرسم له طريقا من الحياة خاصا: مراحله الذكر والعبادة ومعرفة الله، ونهايته الوصول إلى الجنة ومرضاة الله.

وهذا القسم من علوم التصوف، واسمه” علوم التربية والسلوك”، لا شك أنه من لب الإسلام وصميمه، ولا شك أن الصوفية قد بلغوا به مرتبة من علاج النفوس ودوائها، والطب لها والرقي بها، لم يبلغ إليها غيرهم من المربين، ولا شك أنهم حملوا الناس بهذا الأسلوب على خطة عملية من حيث أداء فرائض الله واجتناب نواهيه، وصدق التوجه إليه، وإن كان ذلك لم يخل من المبالغة في كثير من الأحيان تأثراً بروح العصور التي عاشت فيها هذه الدعوات: كالمبالغة في الصمت والجوع والسهر والعزلة.. ولذلك كله أصل في الدين يرد إليه، فالصمت أصله الإعراض عن اللغو، والجوع أصله التطوع بالصوم، والسهر أصله قيام الليل، والعزلة أصلها كف الأذى عن النفس ووجوب العناية بها.. ولو وقف التطبيق العملي عند هذه الحدود التي رسمها الشارع لكان في ذلك كل الخير.

ولكن فكرة الدعوة الصوفية لم تقف عند حد السلوك والتربية، ولو وقفت عند هذا الحد لكان خيرا لها وللناس، ولكنها جاوزت ذلك بعد العصور الأولى إلى تحليل الأذواق والمواجد، ومزج ذلك بعلوم الفلسفة والمنطق ومواريث الأمم الماضية وأفكارها، فخلطت بذلك الدين بما ليس منه، وفتحت الثغرات الواسعة لكل زنديق أو ملحد أو فاسد الرأي والعقيدة ليدخل من هذا الباب باسم التصوف والدعوة إلى الزهد والتقشف، والرغبة في الحصول على هذه النتائج الروحية الباهرة وأصبح كل ما يكتب أو يقال في هذه الناحية يجب أن يكون محل نظر دقيق من الناظرين في دين الله والحريصين على صفائه ونقائه.

وجاء بعد ذلك دور التشكل العملي للفكرة فنشأت فرق الصوفية وطوائفهم، كل على حسب أسلوبه في التربية. وتدخلت السياسة بعد ذلك لتتخذ من هذه التشكيلات تكأة عند اللزوم، ونظمت الطوائف أحيانا على هيئة النظم العسكرية، وأخرى على هيئة الجمعيات الخاصة.. حتى انتهت إلى ما انتهت إليه من هذه الصورة الأثرية التي جمعت بقية ألوان هذا التاريخ الطويل، والتي ممثلها الآن في مصر مشيخة الطرق الصوفية ورجالها وأتباعها.

ولا شك أن التصوف والطرق كانت من اكبر العوامل في نشر الإسلام في كثير من البلدان وإيصاله إلى جهات نائية ما كان ليصل إليها إلا على يد هؤلاء الدعاة، كما حدث ويحدث في” بلدان أفريقيا وصحاريها ووسطها، وفي كثير من جهات آسيا كذلك.

ولا شك أن الأخذ بقواعد التصوف في ناحية التربية والسلوك له الأثر القوي في النفوس والقلوب، ولكلام الصوفية في هذا الباب صولة ليست لكلام غيرهم من الناس.. ولكن هذا الخلط أفسد كثيرا من هذه الفوائد وقضى عليها. ومن واجب المصلحين أن يطيلوا التفكير في إصلاح هذه الطوائف من الناس، وإصلاحهم سهل ميسور، وعندهم الاستعداد الكامل له، ولعلهم أقرب الناس إليه لو وجهوا نحوه توجيها صحيحا، وذلك لا يستلزم اكثر من أن يتفرغ نفر من العلماء الصالحين العاملين، والوعاظ الصادقين المخلصين لدراسة هذه المجتمعات، والإفادة من هذه الثروة العلمية، وتخليصها مما علق بها، وقيادة هذه الجماهير بعد ذلك قيادة صالحة.

وأذكر أن السيد توفيق البكري رحمه الله فكر في ذلك، وقد عمل دراسات علمية عملية لشيوخ الطرق وألف لهم فعلا كتابا في هذا الباب، ولكن المشروع لم يتم ولم يهتم به من بعده الشيوخ، وأذكر من ذلك أن الشيخ عبد الله عفيفي رحمه الله كان معنيا بهذه الناحية وكان ييل الحديث فيها مع شيوخ الأزهر وعلماء الدين، ولكنه كان مجرد تفكير نظري لا أثر للتوجه إلى العمل فيه، ولو أراد الله والتقت قوة الأزهر العلمية بقوة الطرق الروحية بقوة الجماعات الإسلامية العملية، لكانت أمة لا نظير لها: توجه ولا تتوجه، وتقود ولا تنقاد، وتؤثر في غيرها ولا يؤثر شيء فيها، وترشد هذا المجتمع الضال إلى سواء السبيل.
__________________
رد مع اقتباس
  #23  
قديم 28-08-2010, 08:05 PM
الصورة الرمزية أبو جهاد المصري
أبو جهاد المصري أبو جهاد المصري غير متصل
قلم فضي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 4,681
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

رائع اخي الحبيب

احسنت
__________________
مدونتي ميدان الحرية والعدالة
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 29-08-2010, 04:41 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )


حسن البنا

أيام دمنهور:





كانت أيام دمنهور ومدرسة المعلمين أيام الاستشراق في عاطفة التصوف والعبادة، ويقولون إن حياة الإنسان تنقسم إلى فترات، منها هذه الفترة التي صادفت السنوات التي أعقبت الثورة المصرية مباشرة من سنة 1920 إلى سنة 1923 م. وكانت سني إذ ذاك من الرابعة عشرة إلا أشهرا إلى السابعة عشرة إلا أشهرا كذلك، فكانت فترة استغراق في التعبد والتصوف، ولم تخل من مشاركة فعلية في الواجبات الوطنية التي ألقيت على كواهل الطلاب.
نزلت دمنهور مشبعا بالفكرة الحصافية. ودمنهور مقر ضريح الشيخ السيد حسنين الحصافي شيخ الطريقة الأول، وفيها نخبة صالحة من الأتباع الكبار للشيخ. فكان طبيعيا أن أندمج في هذا الوسط، وأن أستغرق في هذا الاتجاه. وضاعف في هذا الاستغراق أن أستاذنا الحاج حلمي سليمان - والذي لا يزال إلى الآن مدرسا بدمنهور - كان مثالا من أمثلة التعبد والصلاح والتقوى والتأدب بأدب الطريق، وكانت بيني وبينه رابطة روحية خاصة لهذا السبب، وأن زميله وصديقه الأستاذ الشيخ حسن خزبك رحمه الله - وكان مدرسا بدمنهور أيضا - كان يعقد كثيرا من الاجتماعات العلمية والوعظية في بيته، وكان يدرس” الإحياء” قبل صلاة الفجر من رمضان في مسجد الجشي، و كان الحاج حلمي يصحبني معه إلى تلك الاجتماعات، فأجد نفسي وأنا الطالب الصغير مع رجال كبار فيهم الأساتذة الذين يدرسون لي في المدرسة، وغيرهم من العلماء والفضلاء، وكلهم يشجعونني ويشجعون أمثالي من الشباب على السمير في هذه الطريق، طريق طاعة الله، فكانت هذه كبها عوامل للتشجيع والثبات على هذه الخطة التعبدية الصوفية.
ولست أنسى مناقشاتي الطويلة مع أستاذنا الشيخ عبد الفتاح أبو علام، أستاذ الشريعة والتفسير والحديث في المدرسة، حول ما يثار من اعتراضات على الطرق والأولياء والصوفية، وكان الرجل يبتسم في النهاية، ويشجعني على طاعة الله ويوصيني بالدراسة العميقة، وإطالة النظر في أسرار التشريع الإسلامي وتاريخه، وتاريخ المذاهب والفرق والطوائف لينكشف لي وجه الحق: والحقيقة بنت البحث. ومع اختلافنا في الرأي في كثير من الأحيان فقد كنت أشعر بعاطفة الأستاذ تغمرني، ورغبته الصادقة في حسن توجيهي، فكنت أحبه وأقدره، ولا يتجاوز النقد حد الإدلاء بالحجة، والرغبة في تعرف الحق.
__________________
رد مع اقتباس
  #25  
قديم 29-08-2010, 04:53 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

حسن البنا


وليالي الجيشي:




ولست أنسى في دمنهور ليالي مسجد الجيشي، أو مصلى الخطاطبة عند كوبري إفلاقة، فلقد تطور حضور درس الأستاذ الشيخ حسن خزبك قبل فجر رمضان إلى اعتكاف ليال بطولها مع لفيف من الإخوان الحصافية الصالحين في هذا المسجد: نصلى العشاء ثم نتناول قليلا من الطعام بحضرة الشيخ محمد عامر أو الأستاذ حسين فوزي أفندي المقيم بالقاهرة الآن، ثم نذكر الله بعض الوقت، وننام قليلا، ونقوم نحو منتصف الليل للتهجد إلى الفجر، ثم قراءة الوظيفة والأوراد، والانصراف بعد ذلك إلى المدرسة، إلى الوعظ للطلاب وإلى العمل لغيرهم.

وكثيرا ما كنا نستيقظ ونحن في بيوتنا قبل الفجر بوقت طويل، لم تكن المساجد قد فتحت أبوابها فيه، فنمض إلى مصلى على شاطئ ترعة الخطابة عند كوبري إفلاقة، حيث نصلى إلى قبل الفجر ونسرع إلى المسجد لندرك الجماعة.
__________________
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 30-08-2010, 11:24 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

حسن البنا

و


الزيارات والصلات:



وكنا في كثير من أيام الجمع التي يتصادف أن نقضيها في دمنهور، نقترح رحلة لزيارة أحد الأولياء الأقربين من دمنهور، فكنا أحيانا نزور دسوق فنمشي على أقدامنا بعد صلاة الصبح مباشرة، حيث نصل حوالي الساعة الثامنة صباحاً، فنقطع المسافة ني ثلاث ساعات وهي نحو ع!ثرين كيلو مترا، ونزور ونصل الجمعة، ونسترح بعد الغداء، ونصل العصر ونعود أدراجنا إلى دمنهور حيث نصلها بعد المغرب تقريباً.

وكنا أحيانا نزور عزبة النوام حيث دفن في مقبرتها الشيح سيد سنجر من خواص رجال الطريقة الحصافية والمعروفين بصلاحهم وتقواهم، ونقض هناك يوماً كاملاً ثم نعود.


حسن البنا

و


أيام الصمت والعزلة:


وكانت لنا أيام ننذر فيها الصمت والبعد عن الناس، فلا يتكلم أحدنا إلا بذكر أو قرآن. وكان الطلبة على عادتهم ينتهزونها فرصة للمعاكسة فيتقدمون إلى الناظر أو الأساتذة مبلغين أن فلانا الطالب قد أصيب في لسانه، ويأتي الأستاذ ليستوضح الأمر، فكنا نجيبه بآية من القرآن فينصرف. وأذكر بالخير أستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، الذي كان يحترم هذه الحالة فينا و”يزجر الطلاب، ويوصى بقية الأساتذة ألا يحرجوننا بالأسئلة في فترة صمتنا، وكانوا يعلمون حقا أن ذلك ليس هرباً من إجابة أو تخلصاً من امتحان، إذ كنا متقدمين دائما في الدروس مجيدين لها إجادة تامة. وما كنا نعرف الحكم الشرعي في هذا ولكننا كنا نفعل، هذا الصمت تأديبا للنفس وفرارا من اللغو وتقوية للإرادة حتى يتحكم الإنسان في نفسه ولا تتحكم فيه.

ولقد كانت هذه الحالة تتطور في بعض الأحيان حتى تصل إلى نفور من الناس يدعو إلى العزلة وقطع للعلائق. حتى أنني أذكر أن خطابات بعض الأصدقاء كانت تأتيني إلى المدرسة فلا أحاول أن أقرأها أو أفتحها، ولكن أتركها كما هي حتى لا يكون فيها تعلق بشيء جديد، والصوفي متخفف يجب عليه أن يقطع علائقه بكل ما سوى الله، وأن يجاهد في هذه السبيل ما أمكنه من ذلك.



حسن البنا

و




الشعائر في المدرسة:



ومع هذه الحال التي كانت تطرأ في كثير من الأحيان فقد كانت النزعة إلى الدعوة تتغلب في كثير من الأحيان، فكنت أؤذن الظهر والعصر في مصلى المدرسة، وكنت أستأذن المدرس، إذ كان وقت العصر يصادف حصة من الحصص، لأداء الأذان، وكنت أعجب لماذا لا تكون نظم الحصص خاضعة للمواقيت ونحن في مدارس إسلامية. وكان بعض الأساتذة يسمح وهو مسرور، وبعضهم يريد المحافظة على النظام فأقول له: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وأناقشه مناقشة حادة لا يرى معها بداً من السماح حتى يتخلص منها ومني. ولم أكن أذهب إلى المنزل في فترة الظهر، بل كان مقري فيها المصلى وفناء المدرسة لدعوة الزملاء إلى الصلاة حتى إذا أذنت الفريضة جلست مع الأخ العزيز الأستاذ محمد شريف - المدرس بوزارة المعارف الآن - نقرأ القران معا هو يقرأ وأنا أستمع، أو أنا أقرأ وهو يستمع حتى يجيء موعد الدخول.

حسن البنا

و



مشكلة حول الزي:


وأذكر أفي في يوم من الأيام، وقد دخلت حجرة ناظر مدرسة المعلمين لأسلم ورقة الغياب، إذ كنت المنوط بذلك في الفصل، رأيت عنده مدير التعليم، وهو الأستاذ السيد راغب - الذي كان في أوائل هذأ العام مراقبا مساعدا بوزارة المعارف - فلفت زيي نظر مدير التعليم، إذ كنت ألبس عمامة ذات عذبة، ونعلا كنعل الإحرام في الحج ورداءً أبيض فوق الجلباب. فسألني لماذا ألبس هذا الزي؟ فقلت: لأنه السنة فقال: وهل عملت كل السنن ولم يبق إلا سنة الزي؟ فقلت لا ونحن مقصرون كل التقصير، ولكن ما نستطيع أن نفعله نفعله. قال: وبهذا الشكل خرجت عن النظام المدرسي. فقلت له ولم يا سيدي؟ إن النظام المدرس مواظبة وأنا بر أغب عن الدروس أبدا، وسلوك وأخلاق، وأساتذتي راضون عني والحمد لله، وعلم ودراسة، وأنا أو ل فرقتي. ففيم الخروج عن النظام المدرسي إذن؟ فقال: ولكنك إذا تخرجت وأصررت على هذا الزي فسوف لا يسمح مجلس المديرية بتعيينك مدرساً، حتى لا يستغرب التلاميذ هذا المظهر. فقلت: على كل حال هذا لم يجيء وقته بعد، وحين يجيء وقته يكون للمجلس الحرية ويكون لي الحرية كذلك، والأرزاق بيد الله ليست بيد المجلس ولا الوزارة. فسكت المدير وتدخل الناظر في الأمر، فقدمني إلى المدير بكلمة طيبة وصرفني فانصرفت وانتهت المشكلة بسلام.

حسن البنا

و


الحركة الوطنية:


كانت الثورة المصرية سنة 1919 م. وكنت إذ ذاك تلميذا بالإعدادية بالمحمودية في سن الثالثة عشرة. ولا زالت تتراءى أمام عيني مناظر المظاهرات،الجامعة والإضراب الشامل الذي كان ينتظم البلد كله من أوله إلى آخره، ومنظر أعيان البلد ووجهائه وهم تقدمون المظاهرات ويحملون أعلامها ويتنافسون في ذلك. ولا زلت أحفظ تلك الأناشيد العذبة التي كان يرددها المتظاهرون في قوة وحماس:

حب الأوطان من الإيمان وروح الله تنادينـــا

إن لم يجمعنا الاستقلال ففي الفردوس تلاقينـا

ولا زلت أذكر منظر بعض الجنود الإنجليز، وقد هبطوا القرية، وعسكروا في كثير من نواحيها، واحتك بعضهم ببعض الأهالي، فأخذ يعدو خلفه بحزامه الجلدي.. حتى انفرد الوطني بالإنجليزي فأوسعه ضرباً ورده على أعقابه خاسئا وهو حسير. ولا زلت أذكر الحرس الأهلي الذي أقامه أهل القرية من أنفسهم وأخذوا يتناوبون الحراسة ليالي متعددة حتى لا يقتحم الجنود البريطانيون المنازل ويهتكوا حرمات الناس.

وكان حظنا من هذا كله كطلاب أن نضرب في بعض الأحيان، وأن نشترك في هذه المظاهرات، وأن نصغي إلى أحاديث الناس حول قضية الوطن وظروفها وتطوراتها.
__________________
رد مع اقتباس
  #27  
قديم 31-08-2010, 12:37 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

حسن البنا
و

ذكريات وشعر:

ولا زلت أذكر يوم دخل علينا أستاذنا الشيخ محمد خلف نوح - المدرس بالمعارف بالإسكندرية الآن - والدموع تترقرق في عينيه فسألناه الخبر فقال: مات اليوم “فريد بك”. وأخذ يحدثنا عن سيرته، وكفاحه وجهاده في سبيل الوطن حتى أبكانا جميعاً، وأوحت إلي هذه الذكرى ببضعة أبيات لا زلت أحفظ مطلعها وشطرا آخر:
أفريد نم بالأمن والايمان أفريد لا تجزع عل الأوطان
أفريد تفديك البلاد بأسرها ...............
ولا زلت أذكر أحاديث الناس حول لجنة ملنر وإجماع الأمة على مقاطعتها، وكيف كان هذا الشعور فياضاً غامراً حتى إنه يدفع بتلميذ في الثالثة عشرة إلى أن يقول في قصيدة طويلة لا أذكر منها إلا هذين البيتين:
يا ملنر ارجع ثم سل وفدا بباريس أقام
وارجع لقومك قل لهم لا تخدعوهم يا لئام
ولقد جمعت من هذه البواكير الوطنية الفجة ديواناً كبيراً. كان نصيبه الحرق الكامل بعد ذلك في فترة التصوف التي لازمت عهد مدرسة المعلمين. كما كان الإهمال حظ مؤلفات في الفقه على المذاهب الأربعة، والأدب على نمط قصة تودد الجارية، كتبتها مع الأخ الأستاذ محمد على بدء في “صندرة” الجامع الصغير، ثم أضاعها عهد العمل الذي كنت أرى فيه أن الاشتغال بالعلم الكثير معطل عن العمل النافع والتفرغ لعبادة الله، وحسب الإنسان لدينه أن يتعرف ما يصحح به أحكامه، وحسب الإنسان لدنياه أن يتعرف ما يحصل به على رزقه، ثم عليه بعد ذلك أن ينصرف بكليته وجهده ووقته إلى العبادة والذكر والعمل.

حسن البنا
و



إضرابات ومظاهرات:

وبعد الانتقال إلى مدرسة المعلمين كانت حركة الثورة قد هدأت قليلاً ولكن بقيت الذكريات تتجدد فتجددت معها الإضرابات والمظاهرات والاشتباك مع البوليس. وكذلك كان شأننا في دمنهور، وكانت التبعات تقع أول ما تقع على الظاهرين من الطلاب والمتقدمين منهم كنت رغم اشتغالي بالتصوف والتعبد أعتقد أن الخدمة. الوطنية جهاد مفروض لا مناص منه. فكنت بحسب هذه العقيدة وبحسب وضعي بين الطلاب إذ كنت متقدما فيهم - ملزما بأن أقوم بدور بارز في هذه لحركات وكذلك كان.
ولست أنسى أستاذنا الشيخ الدسوقي موسى ناظر المدرسة، الذي كان يخشى هذه التبعات كثيرا، وتد أخذ بيدنا إلى مدير البحيرة حينذاك - محمود باشا عبد الرازق - وألقى مسئولية إضراب الغير علينا وقال: إن هؤلاء هم الذين يستطيعون أن يقنعوا الطلاب بالعدول. عن إضرابهم. وعبثا حاول محمود باشا أن يقنعنا بالوعد أو بالوعيد أو بالنصح، ثم صرفنا على أن نتدبر الأمر. فكان تدبيرنا أن أوعزنا إلى الطلاب جميعا بالتفرق في الحقول المجاورة طول اليوم - وكان يوم 18 ديسمبر ذكرى الحماية البريطانية - وذهبنا نحن إلى المدرسة، وسلمنا أنفسنا لإدارتها، وانتظرت.. وانتظرنا من يجيء ولا من مجيب، فانصرفنا بعد فترة، وتم الإضراب وانتهي اليوم بسلام.
ولست أنسى يوم أضرب الطلاب في يوم من الأيام الثائرة، واجتمعت اللجنة في سكننا في منزل الحاجة خضرة شعيرة بدمنهور، وداهم البوليس المجتمعين واقتحم البيت يسأل عنهم، فكان جوابها: أنهم خرجوا منذ الصباح الباكر ولم يعودوا وأنها مشغولة كما رآها” بتنقية البقلة” ولكن هذا الجواب غير الصادق لم يرقني فخرجت إلى الضابط السائل وصارحته بالأمر - وكان موقف الحاجة خضرة حرجاً للغاية - وناقشته بحماس وقلت له: إن واجبه الوطني يفرض عليه أن يكون معنا، لا أن يعطل عملنا، ويقبض علينا، ولا أدري كيف كانت النتيجة أنه استجاب لهذا القول فعلاً، فخرج وصرف عساكره وانصرف معهم بط أن طمأننا، ورجعت إلى الزملاء المختبئين وأنا أقول لهم هذه بركة الصدق، ولا بد أن نكون صادقين ونتحمل تبعة عملنا، ولا لزوم للكذب أبدا مهما كانت الأحوال.
__________________
رد مع اقتباس
  #28  
قديم 31-08-2010, 02:02 PM
الصورة الرمزية دمعة الاحلام
دمعة الاحلام دمعة الاحلام غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
مكان الإقامة: غزة الابية
الجنس :
المشاركات: 194
الدولة : Palestine
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
مجهود رائع
بارك الله فيك أخي الكريم
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 31-08-2010, 04:30 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )



__________________
رد مع اقتباس
  #30  
قديم 02-09-2010, 12:37 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )



حسن البنا

بين المحمودية ودمنهور:





كنت أمضي الأسبوع المدرسي في دمنهور، وأعود ظهر الخميس إلى المحمودية حيث أمضى ليلة الجمعة وليلة السبت، ثم أعود صباح السبت إلى المدرسة فأدرك الدرس الأول، في موعده. وكانت لي في المحمودة مآرب كثيرة تقضى في هذه الفترة، يخر زيارة الأهل وقضاء الوقت معهم، فقد كانت الصداقة بيني وبين الأخ أحمد أفندي السكري قد توثقت أواصرها إلى درجة أن أحدنا ما كان يصبر أن يغيب عن الآخر هذه الفترة أسبوعا كاملاً دون لقاء.يضاف إلى ذلك أن ليلة الجمعة في منزل الشيخ شلبي الرجال بعد الحضرة يتدارس فيها كتب التصوف من” الإحياء” وسماع أحوال الأولياء والياقوت والجواهر وغيرها، ونذكر الله إلى الصباح كانت من أقدس مناهج حياتنا، وكنت قد تقدمت في صناعة الساعات وفي صناعة التجليد أيضا، أقضي فترة النهار في الدكان صانعاً وفترة الليل مع الإخوان الحصافية ذاكراً، ولهذه المآرب جميعاً لم اكن أستطيع أن أتخلف عن الحضور يوم الخميس إلا لضرورة قاهرة، وكنت أنزل من قطار الدلتا إلى الدكان مباشرة، فأزاول عملي في الساعات إلى قبيل المغرب حيث أذهب إلى المنزل لأفطر إذ كان من عاداتنا صوم الخميس والاثنين، ثم إلى المسجد الصغير بعد ذلك للدرس والحضرة ثم إلى منزل الشيخ شلبي الرجال أو منزل أحمد أفندي السكري للمدارسة والذكر، ثم إلى المسجد لصلاة الفجر، وبعد ذلك استراحة يعقبها الذهاب إلى الدكان وصلاة الجمعة والغذاء، والدكان إلى المغرب فالمسجد فالمنزل وفي الصباح إلى المدرسة. وهكذا دواليك في ترتيب لا أذكر أ نه تخلف أسبوعاً إلا لضرورة طارئة.

حسن البنا

في الإجازة الصيفية:





وكانت الإجازة الصيفية ظرفا مناسبا لتطبيق هذا المنهاج يوميا، ويدخل عليه عمل جديد هو المذاكرة كل صباح من طلوع الشمس تقريباً إلى الضحوة الكبرى مع أستاذنا الشيخ محمد خلف نوح في منزله، حيث بدأنا بألفية ابن مالك نحفظها ونقرأ عليها شرح ابن عقيل، ونتدارس فيها كتبا أخرى في الفقه والأصول والحديث مما كان له أكبر الأثر في تهيئة دخولي لدار العلوم، مع أنني لم أكن أفكر في دخولها حينذاك وإنما كنا نقول نطلب العلم لمجرد العلم.



حسن البنا
نداء الصباح:


وكان من أعمالنا بالمحمودية خلال الإجازة الصيفية أو في صباح الجمعة أن نتقاسم أحياء القرية وكنا ثلاثة أو نزيد في بعض الأحيان ة الأخ محمد أفندي الدمياطي والأخ عبد المتعال سنكل لنوقظ الناس لصلاة الصبح قبل الفجر بقليل وبخاصة الإخوان، منهم، وكنت أجد سعادة كبرى وارتياحاً غريباً حين أوقظ المؤذنين لأذان الصبح، ثم أتف بعد ذلك لي هذه اللحظة السحرية الشاعرة على نبر النيل وأصغي إلى الأذان ينطلق من حناجرهم في وقت وأحد إذ كانت المساجد على مسافات متقاربة في القرية، ويخطر ببالي أنني سأكون سببا ليقظة هذا العدد من المصلين، وأن لي مثل ثوابهم مصادقة لقول الرسول ص: “ من دعا إلى هدىً فله أجره، وأجر من عمل به إلى يوم القيامة، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً” وكان يضاعف هذه السعادة أن أذهب بعد ذلك إلى المسجد فأرى نفسي أصغر الجالسين فيه، في هذا الوقت سناً، فأحمد الله وأسأله أن يديم التوفيق..

حسن البنا

التهيؤ لدخول دار العلوم:




كانت أيام مدرسة المعلمين في سنواتها الثلاث أيام استغراق في التصوف والتعبد، ولكنها مع ذلك لم تخل من إقبال على الدروس وتحصيل العلم خارج حدود المناهج المدرسية. ومرد ذلك إلى أمرين فيما أظن أولهما: مكتبة الوالد.وتشجيعه إياي على القراءة والدرس وإهدائه إياي كتباً لا أزال أحتفظ ببعضها ومن أعمقها أثراً في نفسي: “ الأنوار المحمدية للنبهاني” و “مختصر المواهب اللدنية للقسطلاني” و “نور اليقين في سيرة سيد المرسلين للشيخ الخضري” وقد كونت لي - بناء على هذا التوجيه، وما تولد منه من شغف بالمطالعة وإقبال عليها - مكتبة خاصة فيها مجلات قديمة وكتب متنوعة. وكنت وأنا في المحمودية في المدرسة الإعدادية أترقب الشيخ حسن الكتبي يوم السوق بفارغ الصبر لأستأجر كتبا بالأسبوع لقاء مليمات زهيدة ثم أردها إليه لآخذ غيرها وهكذا.
وكان من أشد هذه الكتب في هذا الدور وأعمقها أثرا” في نفس قصة الأميرة ذات الهمة. وإذ ذكرت ما كنا نطالع من قصص كلها حماسة وشجاعة وذود عن الوطن، واستمساك بالدين وجهاد في سبيل الله وكفاح لنيل العلا والمجد، ثم ذكرت ما يطالع شباب اليوم وناشئوه من روايات كلها ميوعة وخنوثة وضعف ولين، وأدركت مدى التطور الغريب بين ثقافة الأمس العامة وثقافة اليوم العامة كذلك، وأعتقد أننا في أشد الحاجة إلى غربلة هذا الغذاء الثقافي الذي يقدم إلى الجمل الجديد، في صورة كتب أو روايات أو صحف أو مجلات.
وكان العامل الثاني: أن مدرسة المعلمين حينذاك قد جمعت نخبة من فضلاء الأساتذة - مثل أستاذنا عبد العزيز عطية ناظر مدرسة المعلمين بالإسكندرية الآن ورئيس الإخوان بها، وأستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، وأستاذنا الشيخ عبد الفتاح أبو علام، وأستاذنا الحاج على سليمان، وأستاذنا الشيخ البسيوني جزاهم الله خيرا - امتازوا بالصلاح والخير وتشجيع طلابهم على البحث والدرس وكانت لي بحضراتهم صلة روحية كنت أجد فيها الكثير من التشجيع. ولا زلت أذكر أن الأستاذ عبد العزيز عطية، وقد كان يدرس لنا التربية العملية، وقد أجرى لنا اختبارا شهرياً فأعجبته إجابتي فكتب على الورقة أحسنت جداً ولو كان هناك زيادة على النهاية لأعطيتك. وحجز الورقة بيده عند توزيع الأوراق، ثم طلبني وسلمها إلى و زودني بكثير بن عبارات النصح والتشجيع والحث على القراءة والدر!ن والمطالعة، واختصني بتصحيح بعض” بروفات كتابة”المعلم” ني التربية الذي كان يطبع إذ ذاك بمطبعة المستقبل بدمنهور.
كان لهذه العوامل أثرها في نفس فحفظت وأنا في هذه المرحلة من التعليم خارج المناهج المدرسية كثيراً من المتون في العلوم المختلفة فحفظت ملحة الإعراب للحريري ثم الألفية لابن مالك والياقوتية في المصطلح والجوهرة في التوحيد والرجبية في الميراث وبعض متن السلم في المنطق وكثيرا من متن القدوري في فقه إلى حنيفة ومن متن الغاية والتقريب لأبي شجاع في فقه الشافعية، وبعض منظومة ابن عامر في مذهب المالكية. ولست أنسى أبدا توجيه الوالد لي بالعبارة المأثورة” من حفظ المتون حاز الفنون” و لقد كان أثرها في نفسي عميقا إلى درجة أفي حاولت حفظ متن الشاطبية في القراءات مع جهلي التام بمصطلحاتها، وحفظت مقدماتها فعلا ولا زلت أحفظ -بعضها إلى الآن.
ومن الطرائف أن بعض المفتشين زارنا في حصة من حصص اللغة العربية بالسنة الثالثة الإعدادية ولم أكن أحفظ حينذاك إلا ملحة الإعراب للحريري فسأل عن علامة الاسم وعلامة الفعل في القواعد، ثم سأل عن علامة الحرف فانتدبني الأستاذ للإجابة - وهو الأستاذ الشيخ محمد على النجار حينذاك - فكان ا الجواب بيتا من الملحة وهو قول الحريري:
والحرف ما ليست له علامة فقس عل قولي تكن علامة
فابتسم الرجل وقال حاضر يا سيدي سأقيس على قولك لأكون علامة، وشكر الأستاذ وانصرف.
هذه الثروة العلمية وجهت نظر بعض إخواننا الذين كانوا يعدون أنفسهم للتقدم إلى دار العلوم العليا في ذلك الوقت. من مدرس المدرسة الأولية الملحقة بالمعلمين إلى أن يعرضوا على أن نذاكر معا لنتقدم معا وفي مقدمتهم الأخ العزيز الشيخ على نوفل، حينذاك، والأستاذ على نوفل الآن. وقد رغب في أن نذاكر معاً ونتقدم معاً إلى دار العلوم العليا وكانت دار العلوم حينئذ قسمين: القسم التجهيزي، وهذا يتقدم إليه من شاء من طلاب الأزهر ومدارس المعلمين، والقسم العالي المؤقت ويتقدم إليه من شاء كذلك من هؤلاء الطلاب ويرنون غالباً قد حصلوا على الشهادة الثانوية الأزهرية، وكان القسم العالي هذا لم يبق للتقدم إليه إلا هذا العام: عام 23 – 24 الدراسي. ثم يلغى ليحل محله القسم العالي الذي يستمد من التجهيزي، وقد أراد بعض إخواننا من طلاب المعلمين أن يتقدم إلى هذا القسم التجهيزي وكثر الإقبال على القسم العالي المؤقت على اعتبار أنها الفرصة الوحيدة لمن يريدون اللحاق به. أراد الأستاذ الشيخ على نوفل أن نذاكر معا، وكنت في السنة الثالثة، أي في السنة التي سأؤدي فيها امتحان شهادة الكفاءة للتعليم الأولي، وكان هو مدرساً بالملحقة للمعلمين. فاعتذرت عن المذاكرة معه ولكنه دخل علي من باب حقوق الأخوة ووجوب معاونة الإخوان والاستماع لرأيهم فلم أر بدا من الإصغاء إليه.



__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 115.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 109.45 كيلو بايت... تم توفير 5.83 كيلو بايت...بمعدل (5.06%)]