رجل الفكر والايمان ( حسن البنا ) - الصفحة 4 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         يوم الرحمة والعتق والتجلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          حتى يكون حجنا مبرورا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          مضامين خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          لغير الحاج.. كيف نستقبل يوم عرفه؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          الأدب بين زخارف الأقوال وعبودية ذي الجلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          عيد الأضحى المبارك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 233 - عددالزوار : 27514 )           »          مؤسسة تكوين الفكر العربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 355 )           »          اليهود قرآننا يلعنهم وأفعالهم تفضحهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          العليم القدير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #31  
قديم 05-09-2010, 12:31 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )


رأي حسن البنا في العلم والشهادات:





كان لي في هذه الأيام رأي في العلم وطلبه والشهادات والحصول عليها، كان أثراً من آثار مطالعتي للإحياء: لقد كنت محباً للعلم حباً جماً، وكنت شديد الميل إلى القراءة والاستزادة من العلم، وكنت مؤمناً بفائدة العلم للفرد وللجماعة -ووجوب نشره بين الناس حتى إني أذكر أنني عزمت على إصدار مجلة شهرية أسميتها “الشمس” وكتبت منها العددين الأول والثاني تقليداً لأستاذنا الشيخ محمد زهران الذي كان يصدر مجلة” الإسعاد” الشهرية وتشبهاً بمجلة” المنار” التي كنت كثير المطالعة فيها. ولكن طريقة الغزالي وأسلوبه في ترتيب العلوم والمعارف وطلب العلم كانت قد أثرت في نفسي تأثيرا شديداً فكنت في صراع عنيف: هذه الرغبة الملحة تدعوني إلى الاستزادة من طلب العلم، وإرشادات الإمام الغزالي، وتعريفه العلم الواجب بأنه العلم المحتاج إلهه في أداء الفرائض وكسب العيش، ثم الانصراف بعد ذلك إلى العمل، تدعوني إلى الأخذ بالضروري وترك ما سواه وعدم ضياع الوقت فيه.
وجاءت فكرة التقدم إلى دار العلوم وما يتبعها من بعثة إلى الخارج للمتقدمين الأوائل في دبلومها، فاشتد هذا الصراع وقوي. وكنت أقول لنفسي دائماً: لماذا تريد أن تدخل دار العلوم؟ هل للجاه حتى يقول الناس إنك مدرس عال لا مدرس أولي – وهذا حرام لأن طلب الجاه والحرص عليه داء من أدواء النفس وشهوة من شهواتها يجب مقاومتها – أو للمال حتى يتضاعف مرتبك وتجمع الأموال وتلبس الملابس الفاخرة وتطعم المطاعم اللينة وتركب المراكب الفارهة؟ وهذا شر ما يعمل له إنسان و” تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذ شيك فلا انتفش” وصدق الله العظيم: “ زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث: ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الثواب. قل أؤنبئكم بخير من ذلكم: للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها” الآيات - أو للتكاثر بالعلم والمعرفة لتنافس العلماء أو تماري الجهلاء أو تستعلي على الناس وأول من تسعر به النار يوم القيامة: من تعلم لغير الله ولم يعمل بعلمه. وأشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه. وقد تقول لك نفسك إنك تتعلم لتكون عالما تنفع الناس وأن الله وملائكته يصلون على معلمي الناس الخير، وإنما بعث رسول الله ص معلماً فقل لها إذا كنت صادقة في أنك تريدين العلم لإفادة الناس ابتغاء مرضاة الله فلم تريدين
دخول دار العلوم والعلم في الكتب وعند الشيوخ والعلماء؟ والشهادة فتنة، وهي المطية إلى الدنيا وإلى الحياة والمال، وهما سم قاتل، محبط للأعمال، مفسد للقلوب والجوارح. فتعلمي من الكتب ولا تعلقي بالشهادات المدرسية ولا بالدبلومات الرسمية. كادت هذه الفلسفة تتغلب على نفسي، بل هي قد تغلبت فعلاً. فلم أذاكر مع الأخ الأستاذ علي نوفل تذمماً. ولكن أستاذنا الشيخ فرحات سليم رحمه الله، وكان يحبني حباً جماً ويظهر عطفه علي في كل مناسبة، وينزل من نفسي منزلة كريمة استطاع بلباقة ولطف أن يدفعني إلى المذاكرة بجد، وإلى التقدم إلى دار العلوم فعلاً. وكان من قوله: إنك الآن على أبواب شهادة الكفاءة والعلم لا يضر، وتقدمك إلى امتحان دار العلوم تجربة للامتحانات الكبيرة، وهذه فرصة لا تعوض، فتقدم لتحفظ لنفسك حقها، وأنا واثق من نجاحك إن شاء الله، ثم أمامنا بعد ذلك مجال تفكر فيه كما تشاء ولك أن ترفض أو تدخل. وهكذا استطاع بتأثيره القوى أن يدفعني دفعاً إلى التقدم بطلبي مع المتقدمين فتقدمت، وكان الامتحان قبل امتحان شهادة الكفاءة بفترة قليلة.




__________________
رد مع اقتباس
  #32  
قديم 06-09-2010, 04:00 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )



حسن البنا

و

طريقتان:





وأحب أن أسجل هنا ذكريان إحداهما عملية والأخرى نظرية، أعجبت بهما واسترعتا تفكيري فترة من الوقت.
أما أولاهما فذكرى العلامة المفضال الشيخ أحمد الشرقاوي الهوريني رحمه الله، والذي لم أره إلا مرة واحدة: حين زار أبناءه وطلابه ومريديه وأحباءه بدمنهور، وتفقد شئونهم في منازلهم وبيوتهم، وقضى معنا ليلة لم يخرج فيها عن طبعه المألوف. وعرفت عن الرجل ما جعلني أكبره ولا أزال أذكره. عرفت عنه أنه أحب العلم والتعليم من كل قلبه فدفع إليه أهل بلدته، وكان يعين غير القادر على نفقات التعليم من ماله الخاص حتى يتم تعليمه، ثم بعد أن يتخرج يعمل على أن ينفق على طالب آخر من غير القادرين حتى يرد الدين - لا نقداً، ولكن علماً ومعرفة - وبهذه الطريقة لم يكن في هورين عاجز عن التعليم مهما كان أهله فقراء، ففد أغناهم جميعاً هذا التكافل العلمي، فضلاً عن تلك الرابطة الروحية التي كانت تجمع بين هؤلاء المتعلمين جميعا. وكانت متعة الرجل الوحيدة أن يتجمعوا من حوله، في الإجازة الصيفية فيرى عشرين أزهريا إلى جوار عشرين درعمياً - كما كان يسمى طلاب دار العلوم - إلى جانب خمسين من طلاب دار المعلمين الأولية.. إلى أعداد كثيرة من طلاب المعاهد على اختلاف أنواعها، يذاكرهم ويسامرهم ويورد عليهم الألغاز والاعتراضات، ويتلقى منهم الأسئلة والإجابات، ويشحذ بذلك الأذهان والهمم إلى الدرس والعلم والمعرفة، ومن هنا كان طلاب المعلمين الأولية بدمنهور الهورينيون عدداً عظيما، و قد زارهم زيادة تشجيعية قضاها في هذه النكات والمحاورات العلمية ولم أنج من أسئلته واعتراضاته وألغازه وإيراداته رحمه الله وأفسح له في جنته.
والذكرى الثانية ذكرى الشيخ صاوي دراز رحمه الله، وهو شاب فلاح، كان حينذاك لم يتجاوز الخامسة والعشرين من عمره، وقد توفي بعد ذلك إلى رحمة الله، ولكنه كان نادرا في الذكاء ودقة الفهم، وتصوير الأمور، أخذنا نتحدث عن الأولياء والعلم، وتطرق بنا الحديث إلى سيدي إبراهيم الدسوقي المجاور لبلدهم، ثم إلى سيدي أحمد البدوي بطنطا فقال: أتدري ما نبأ سيدي أحمد البدوي؟ فقلت له لقد كان ولياً كريماً وتقياً صالحا وعالما فاضلا فقال: ذلك فقط؟ هذا ما نعلم، فقال: اسمع وأنا أحدثك.
جاء السيد البدوي إلى مصر من مهجره من مكة وكان أهله من المغرب، ولما نزل مصر كانت محكومة بالمماليك، مع أن ولايتهم لا تصح لأنهم ليسوا أحراراً وهو سيد علوي اجتمع له النسب والعلم والولاية، وأهل البيت يرون الخلافة حقاً لهم وقد انقرضت الخلافة العباسية وانتهي أمرها في بغداد، وتفرقت أمم الإسلام دويلات صغيرة يحكمها أمراء تغلبوا عليها بالقوة، ومنهم المماليك هؤلاء. فهناك أمران يجب على السيد أن يجاهد في سبيلهما: إعادة الخلافة واستخلاص الحكم من أيدي المماليك الذين لا تصح ولايتهم. كيف يفعل هذا؟ لا بد من ترتيب خاص. فجمع بعض خواصه ومستشاريه -- ومنهم سيدي مجاهد وسيدي عبد العال وأمثالهما—واتفقوا على نشر الدعوة وجمع الناس على الذكر والتلاوة وجعلوا اشارات هذا الذكر السيف الخشي أو العصا الغليظة لتقوم مقام السيف والطبل يجتمعون عليه، والبيرق ليكون علماً لهم والدرقة - وهذه شعائر الأحمدية - فإذا اجتمع الناس على ذكر الله وتعلموا أحكام الدين استطاعوا بعد ذلك أن يشعروا وأن يدركوا ما عليه مجتمعهم من فساد في الحكم وضياع في الخلافة فدفعتهم النخوة الدينية، واعتقاد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى الجهاد في سبيل تصحيح هذه الأوضاع وكان هؤلاء الأتباع يجتمعون كل سنة. واختار السيد طنطا مركزا لحركته - لتوسطها في البلدان العامرة في مصر، ولبعدها عن مقر الحكم - فإذا اجتمع الأتباع سنوياً على هيئة” مولد” استطاع هو أن يدرك إلى أي مدى تأثر الناس بالدعوة. ولكنه لا يكشف لهم عن نفسه بل يعتكف فوق السطح ويضرب اللثام مضاعفاً ليكون ذلك أهيب في نفوسهم، وهذا هو عرف ذاك الزمان، حتى كان أتباعه يشيعون أن النظرة بموته فمن أراد أن ينظر إلى القطب فليستغن عن حياته في سبيل هذه النظرة. وهكذا انتشرت هذه الدعوة حتى أجتمع عليها خلق كثير.
ولكن الظروف لم تكن مواتية لتنجح هذه الحركة، فقد تولى مصر الظاهر بيبرس البندقداري، فانتصر على الصليبيين مرات، وانتصر على التتار مع المظفر قطز. ولمع اسمه وارتفع نجمه وأحبه العامة، ولم يكتف بذلك بل استقدم أحد أبناء العباسيين وبايعه بالخلافة فعلاً، فقضى على المشروع من أساسه، ولم يقف عند هذا الحد، بل أحسن السياسة مع السيد واتصل به ورفع من منزلته، وكلفه بأن يكون القيم على توزيع الأسرى حين تخليصهم من بلاد الأعداء لأهليهم لما في ذلك من تكريم وإعزاز، وكل ذلك قبل تمام هذا المشروع الخطير، واستمر الملك والحكم فعليا في المماليك، و إسميا لهذا الخليفة الصوري حيناً من الدهر. كنت أسمع هذا التعليل والتسلسل في تاريخ السيد البدوي وأنا أعجب لعقلية هذا الشاب الفلاح الذي لم يتعلم اكثر من التعليم الأولي في القرية، و كم في مصر من ذكاء مقبور، وعقل موفور لو وجد من يعمل على إظهاره من حيز القوة إلى حيز الفعل؟؟.. ولا زالت كلمات الشيخ الصاوي دراز رحمه الله تتمثل لي كأنما أسمعها الآن، وفيها عبرة وفيها طرافة والأمور بيد الله، إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
__________________
رد مع اقتباس
  #33  
قديم 14-09-2010, 08:52 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )



حسن البنا

إلى القاهرة:






وأعود فأقول إنني تقدمت إلى دار العلوم وأخطرت بعد ذلك بموعد الكشف الطبي والامتحان. وكان على أن أستجيب للدعوة و أن أسافر إلى القاهرة لأدائهما.وكان ذلك في رمضان. أراد الوالد أن يصحبني فلم أر لذلك موجباً، واكتفيت بأن زودني بالدعوات الطيبات، ووصف لي الطريق وأعطاني خطاباً إلى صديق له من كبار تجار الكتب الميسورين بالقاهرة، طالما قام له الوالد بخدمات جليلة معتقداً فيه الصلاح والوفاء والخير.



ووصلت إلى القاهرة لأول مرة في حياتي، وكان سني حينذاك قد أربت على السادسة عشرة بشهور، ونزلت في باب الحديد مع العصر تقريباً، وركبت الترام إلى العتبة، ثم السوارس إلى سيدنا الحسين حيث نزلت وقصدت دكان هذا التاجر وسلمته الخطاب فلم يكترث به ولم يعبأ بما فيه، وكل الذي فعله أنه كلف أحد عمال المحل بملاحظتي. وكان العامل رجلا صالحاً كريماً، وللوالد ولي به معرفة سابقة، فرحب بي و أكرمني وأخذني إلى منزله فافطرنا، وخرجنا نقضي بعض الوقت وعدنا إلى المنزل للسحور، ونمت بعد صلاة الصبح، واستيقظت مبكرا أطالب صاحبي بأن يدلني على مدرسة دار العلوم حيث قد سبقني إليها بعام الصديق الحميم والأخ الكريم الأستاذ محمد شرف حجاج - المدرس بالمعارف الآن - لألقاه لأستوضح منه طريقة الكشف الطبي والامتحان. وقد دلني العامل الطيب على طريقة لموصول إلى دار العلوم، فركبت السوارس إلى العتبة ثم الترام إلى شارع قصر العيني مقابل دار العلوم، وانتظرت خروج الطلاب حيث لقيت صديقي وتعانقنا، وأخذ بيدي إلى منزله في حارة عبد الباقي ببركة الفيل بالدور الثاني حيث كان يسكن مع فريق من الطلاب. كان عملي في اليوم الثاني منذ الصباح أن قصدت إلى ذلك التاجر الكتبي،بعد أن ذهب صديقي إلى المدرسة، ليدلني على صانع نظارات ليصنع لي نظارة. طبية استعداداً للكشف، ولكنه أعرض كعادته فلم أشأ أن أضيع الوقت، وذهبت من فوري إلى الأزهر ودخلته لأول مرة وراعني ما رأيته من سعته وبساطته، وحلق الطلاب فيه يدرسون ويذاكرون ووقفت على الحلق واحدة فواحدة، ثم رأيت حلقة يتحدث أهلها عن دخول دار العلوم، وفهمت أنهم متقدمون لامتحانها الذي سيكون بعد نحو عشرة أيام، وللكشف الذي سيتم بعد ثلاثة أيام تقريباً فاندمجت فيهم، وتحدثت إليهم عن رغبتي وعن حاجتي إلى من يرشدني إلى طبيب لأصنع نظارة طبية، فتطوع معي أحدهم وقام من فوره إلى عيادة دكتورة يونانية فيما أظن ولكنها متمصرة، وصفها بالحذق والمهارة، وأنها صنعت له نظارة مناسبة مع اعتدال القيمة، وعندما وصلنا إليها بدأت عملها وأخذت في نظير الكشف خمسين قرشاً ودلتنا على محل النظارات الذي أخذ بدوره ثمناً للنظارة مائة وخمسين قرشاً وأنجز النظارة فوراً، وبذلك لم يبق أمامي إلا انتظار الكشف بعد يومين.
__________________
رد مع اقتباس
  #34  
قديم 14-09-2010, 08:54 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )


حسن البنا

و

الكشف الطبي:





ولست أبالغ حين أقول إن التوفيق حالفني في هذا الكشف محالفة عجيبة في الوقت الذي رأيت بعض من أعرف يخونهم الحظ “وسبحان من قسم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامة”. لقد كان الأطباء ثلاثة، وكنت آخر اسم في كشف أولهم وهو أطيبهم وأيسرهم كشفاً. وكان الأخ الأستاذ علي نوفل من نصيب ثالثهم. وهو أقساهم قلباً وكشفاً. وبقدر ما كانت نسبة النجاح عند طبيبي عالية، كانت نسبة الرسوب عند هذا الآخر أعلى. فنجحت مع شكي التام في النجاح، ورسب هو مع تأكده التام من سلامة بصره وبدنه ومع استعداده الكامل لهذا النجاح. وأوصاه الطبيب بعمل نظارة يعيد بها الكشف ففعل، ولكن خبث هذا حال بينه وبين النجاح مرة ثانية فضاعت منه الفرصة، ولكنه بعد ذلك انتسب إلى كلية الآداب قسم اللغة العربية وثابر على هذا الانتساب حتى ظفر بالليسانس منها، وصاحب الهمة لا يعجزه شيء.
__________________
رد مع اقتباس
  #35  
قديم 14-09-2010, 08:55 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )



حسن البنا

و

أسبوع في الأزهر:






ظهرت نتيجة الكشف وكانت في الحقيقة مفاجأة لي أن كنت من الناجح ولذلك واجهت مهمة الامتحان في جد لا هزل معه فلم يكن إلا الجد ولم يبق إلا أسبوع واحد فلا ينفع إلا التبتل، وقد كان. فقد حملت أمتعتي وكتبي ويممت شطر الأزهر المعمور وهناك، في القبلة القديمة بالضبط، حططت رحالي. وتعرفت إلى بعض الزملاء المتقدمين إلى دار العلوم، ونوينا الاعتكاف هذا الأسبوع للعلم وللبركة معاٌ: نتناوب الخروج لإحضار طعام الإفطار والسحور، ونتناوب الحراسة في النوم فلا ننام إلا غراراً. وقاتل الله علم العروض فلم أكد أفقه شيئا من زحافه وعلله وضروبه وقوافيه وكان جديداً علي بكل معنى الكلمة، ولكنني أخذت أستذكر والسلام، وما كنت أخشى العلوم الرياضية والمدنية ولكني كنت أخشى النحو والصرف إذ كنت أتصور أني لا أشق فيهما غبار الطلاب المتقدمين من الأزهر بين الذين جاوزوا الشهادة الأهلية ودرسوا في السنوات العالية. نعم إنني أحفظ الألفية، وقرأت لنفسي شرح ابن عقيل عليها، وشاركني الوالد في بعض هذه الشئون، ولكنها لم تكن الدراسة المنظمة التي تهدأ معها النفس، ويسكن إليها القلب.
وجاءت أيام الامتحان ومرت بسلام، ولا زلت أذكر بيت العروض الذي امتحنا فيه وأذكر أنه طلب إلينا أن نقطعه ونذكر ما فيه من علل وزحاف ومن أي بحر هو: لو كنت من شيء سوى بشر كنت المنور ليلة البدر
__________________
رد مع اقتباس
  #36  
قديم 24-09-2010, 12:58 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )



حسن البنا
و

رؤيا صالحة:



وإن من فضل الله تبارك وتعالى أنه يطمئن ويسكن نفوس عباده وإذا أراد أمرا هيأ له الأسباب فلا زلت أذكر أن ليلة امتحان النحو والصرف “وليس الجبر كما جاء في بعض القول” رأيت فيما يرى النائم: أنني أركب زورقاً لطيفاً مع بعض العلماء الفضلاء الأجلاء يسير بنا الهوينا في نسيم ورخاء على صفحة النيل الجميلة، فتقدم أحد هؤلاء الفضلاء، وكان في زي علماء الصعيد، وقال لي: أين شرح الألفية لابن عقيل؟ فقلت: ها هو ذا. فقال: تعالى نراجع فيه بعض الموضوعات، هات صفحة كذا، وصفحة كذا، لصفحات عينها. وأخذت أراجع موضوعاتها حتى استيقظت منشرحاً مسروراً. وفي الصباح جاء الكثير من الأسئلة حول هذه الموضوعات فكان ذلك تيسيرا من الله تبارك وتعالى، والرؤيا الصالحة عاجل بشرى المؤمن والحمد لله رب العالمين.
__________________
رد مع اقتباس
  #37  
قديم 24-09-2010, 01:00 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )



حسن البنا

و



مدرسة خربتا بحيرة:





عدت من القاهرة بعد الامتحان. وبعد- قليل أديت امتحان كفاءة التعليم الأولى. وظهرت النتيجة فكنت الأول في المدرسة، والخامس في القطر وظهرت نتيجة امتحان دار العلوم فكنت من الناجحين، وكان هذا النجاح مفاجأة لي كذلك فإني لأذكر في هذه اللحظة أستاذنا أحمد بدير، وقد كان ممن يمتحنون شفهياً، و كان كثير الدعابة فيما يشبه الغلظة لمن لم يعرفه، وقد جلست أمامه فقال: أنت تتقدم للقسم العالي؟ فقلت: نعم يا سيدي. فنظر إلي شزراً ثم قال: دار العلوم حتصغر إنت سنك كام؟” فقلت له: ستة عشر عاماً ونصف. فقال لماذا لم تنتظر حتى تكبر؟ فقلت له: تفوت الفرصة. فقال: إذن فاقرأ باب جمع التكسير، ألست تحفظ الألفية، فقلت: نعم، فقال: إقرأ. وكان زميله في الامتحان الأستاذ عبد الفتاح عاشور ولم أكن ألفت مثل هذه المداعبات مع من لم أعرف - وكانت سني تلفت إلى نظر الزملاء حتى كان بعضهم يقول: امتحان القسم التجهيزي في الجهة المقابلة. فأقول له إني متقدم إلى القسم العالي فينظر وينصرف - فتأثرت بدعابة الأستاذ بدير وكدت أتوقف عن الإجابة لولا أن الأستاذ عاشور تدخل فزجر الأستاذ بدير في دعابة وأخذ يستمع لي وأنا أقرأ، ثم جاء دور المطالعة والمحفوظات والمناقشة الشفهية فدعا لي الأستاذ بدير بخير وشجعني وانصرفت. وكان امتحان القرآن الكريم أمام الأستاذ أحمد بك زناتي رحمه الله فكان ظريفا متلطفا. ولكني مع هذا لم أكن واثقاً من النجاح فكان ظهور النتيجة مفاجأة. وكانت مفاجأة ثالثة أن مجلس مديرية البحيرة عينني فعلاً مدرسا بمدرسة خربتا الأولية، ودعيت إلى تسلم عملي عقب الأجازة الصيفية مباشرة. فكان علي بناء على هذا أن أختار بين الوظيفة أو العودة إلى طلب العلم بدار العلوم، ولكني في النهاية فضلت أن أستمر في سلك التعلم، وأن أشد الرحال إلى القاهرة، حيث دار العلوم، وحيث المقر الرسمي لشيخنا السيد عبد الوهاب الحصافي ولم يكن يقلقني إلا شيء واحد هو الشعور بطول الغيبة عن المحمودية، وفيها الصديق الحميم، والأخ الحبيب أحمد أفندي السكري، ولكننا اتفقنا على إنفاذ هذا العزم، ما دام هو الأفضل ثم نتزاور بعد ذلك أو نتكاتب والعلم نوع من الجهاد، علينا أن نضحي في سبيله مهما كانت التضحية عزيزة غالية.
__________________
رد مع اقتباس
  #38  
قديم 24-09-2010, 01:01 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )


حسن البنا

في

السنة الأولى بدار العلوم:




انتهت الأجازة الصيفية، وقدمت إلى القاهرة وسكنت مع بعض الاخوة الأعزاء بالمنزل رقم 18 بشارع مراسينة بحي السيدة زينب رضي الله عنها، وكان أول منزل سكناه.
وغدوت يوم افتتاح الدراسة إلى دار العلوم، وكلي شوق إلى العلم، وقد وجهني الله إلى الدرس توجيهاً حميداً، ولا أنسى الحصة الأولى، ولم نكن قد تسلمنا الكتب والأدوات بعد، وقد وقف أستاذنا الشاعر البدوي الشيخ محمد عبد المطلب أغدق الله عليه شآبيب الرحمة والرضوان - أمام السبورة على المنصة بقامته المديدة يحيي الطلبة الجدد، ويتمنى لهم النجاح والتوفيق، ثم كتب على السبورة:
قال عبيد بن الأبرص:
ولنا دار ورثنا مجدها الـ أقدم القدموس عن عم وخــــال
منـــزل منــه آبــاؤنا الــ مورثونا المجد في أولي الليالي ثم أمسك بطوق جبته الأعلى، على عادته - رحمه الله - وقرأهما في جرس يحمل معنى الفخار والاعتزاز، ثم طالبنا بإعرابهما، فقلت في نفسي” بدأنا بالجد من أول يوم” وأخذت أتساءل: ما هذا القدموس؟ ولماذا قال منه وكان في وسعه أن يقول أسسه؟! وما زلنا ننحت في إعراب البيتين حتى نقلنا الحوار إلى الكلام عن عبيد بن الأبرص والحياة العربية وما فيها من خشونة ولين، وأيام العرب وأوابدها وأدواتها في حربها وسلمها، وأنواع الرماح والسيوف والسهام إلى السهم المريش والذي لا ريش له، واستشهد الأستاذ بالبيت المعروف:
ومتى بسهم ريشه الكحل لم يضر ظواهر جلدي وهو للقلب جارح وأخذ يرسم على السبورة السهام بأنواعها، وأنا مأخوذ بهذا النوع من الاستطراد والتوسع في البحث، أتابعه بشغف وشوق، وزادني هذا الأسلوب للعلم حباً، ولدار العلوم وأساتذتها احتراماً وتقديراً وعجباً.
__________________
رد مع اقتباس
  #39  
قديم 24-09-2010, 01:02 PM
الصورة الرمزية ahmed1954
ahmed1954 ahmed1954 غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
مكان الإقامة: ***********
الجنس :
المشاركات: 934
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رجل الفكر والايمان ( حسن البنا )

حسن البنا

في

السنة الأولى بدار العلوم:




انتهت الأجازة الصيفية، وقدمت إلى القاهرة وسكنت مع بعض الاخوة الأعزاء بالمنزل رقم 18 بشارع مراسينة بحي السيدة زينب رضي الله عنها، وكان أول منزل سكناه.
وغدوت يوم افتتاح الدراسة إلى دار العلوم، وكلي شوق إلى العلم، وقد وجهني الله إلى الدرس توجيهاً حميداً، ولا أنسى الحصة الأولى، ولم نكن قد تسلمنا الكتب والأدوات بعد، وقد وقف أستاذنا الشاعر البدوي الشيخ محمد عبد المطلب أغدق الله عليه شآبيب الرحمة والرضوان - أمام السبورة على المنصة بقامته المديدة يحيي الطلبة الجدد، ويتمنى لهم النجاح والتوفيق، ثم كتب على السبورة:
قال عبيد بن الأبرص:
ولنا دار ورثنا مجدها الـ أقدم القدموس عن عم وخــــال
منـــزل منــه آبــاؤنا الــ مورثونا المجد في أولي الليالي ثم أمسك بطوق جبته الأعلى، على عادته - رحمه الله - وقرأهما في جرس يحمل معنى الفخار والاعتزاز، ثم طالبنا بإعرابهما، فقلت في نفسي” بدأنا بالجد من أول يوم” وأخذت أتساءل: ما هذا القدموس؟ ولماذا قال منه وكان في وسعه أن يقول أسسه؟! وما زلنا ننحت في إعراب البيتين حتى نقلنا الحوار إلى الكلام عن عبيد بن الأبرص والحياة العربية وما فيها من خشونة ولين، وأيام العرب وأوابدها وأدواتها في حربها وسلمها، وأنواع الرماح والسيوف والسهام إلى السهم المريش والذي لا ريش له، واستشهد الأستاذ بالبيت المعروف:
ومتى بسهم ريشه الكحل لم يضر ظواهر جلدي وهو للقلب جارح وأخذ يرسم على السبورة السهام بأنواعها، وأنا مأخوذ بهذا النوع من الاستطراد والتوسع في البحث، أتابعه بشغف وشوق، وزادني هذا الأسلوب للعلم حباً، ولدار العلوم وأساتذتها احتراماً وتقديراً وعجباً.

__________________
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 98.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 92.86 كيلو بايت... تم توفير 5.39 كيلو بايت...بمعدل (5.49%)]