|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (411) صـ 107 إلى صـ 116 وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَوْمَ السَّقِيفَةِ: «بَلْ أَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - [1] . وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ مَا اسْتَفَاضَ فِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ مَوَدَّةُ الْإِسْلَامِ»" [2] . فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ أَحَقُّ بِمَحَبَّتِهِ وَمَوَدَّتِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ، وَمَا كَانَ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهُوَ أَحَقُّ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ، الَّذِينَ يُحِبُّونَ مَا أِحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ [كَمَا أَحَبَّ اللَّهُ وَرَسُولُهُ] [3] . وَالدَّلَائِلُ الدَّالَّةُ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْمَوَدَّةِ كَثِيرَةٌ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الْمَفْضُولَ تَجِبُ مَوَدَّتُهُ، وَإِنَّ الْفَاضِلَ لَا تَجِبُ مَوَدَّتُهُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "إِنَّ مُخَالَفَتَهُ تُنَافِي الْمَوَدَّةَ، وَامْتِثَالُ [4] أَوَامِرِهِ هُوَ مَوَدَّتُهُ [5] ، فَيَكُونُ وَاجِبَ الطَّاعَةِ، وَهُوَ مَعْنَى [6] الْإِمَامَةِ" . فَجَوَابُهُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: إِنْ كَانَ الْمَوَدَّةُ تُوجِبُ الطَّاعَةَ فَقَدْ وَجَبَتْ مَوَدَّةُ ذَوِي الْقُرْبَى فَتَجِبُ طَاعَتُهُمْ، فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ أَيْضًا إِمَامًا، وَإِنْ كَانَ هَذَا بَاطِلًا فَهَذَا [7] مِثْلُهُ. الثَّانِي: أَنَّ الْمَوَدَّةَ لَيْسَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلْإِمَامَةِ فِي حَالِ وُجُوبِ الْمَوَدَّةِ، فَلَيْسَ (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/518 (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/512 (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ. (4) ب: وَبِامْتِثَالِ. (5) م: بِمَوَدَّتِهِ ; ب: تَكُونُ مَوَدَّتُهُ (6) م: وَمَعْنَى. (7) ن، م: وَإِذَا كَانَ هَذَا بَاطِلًا فَذَاكَ. مَنْ وَجَبَتْ مَوَدَّتُهُ كَانَ إِمَامًا حِينَئِذٍ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ تَجِبُ مَوَدَّتُهُمَا قَبْلَ مَصِيرِهِمَا إِمَامَيْنِ، وَعَلِيٌّ تَجِبُ مَوَدَّتُهُ [1] فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَكُنْ إِمَامًا، بَلْ تَجِبُ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ إِمَامَتُهُ إِلَى مَقْتَلِ عُثْمَانَ. الثَّالِثُ: أَنَّ وُجُوبَ الْمَوَدَّةِ إِنْ كَانَ مَلْزُومَ الْإِمَامَةِ، [وَانْتِفَاءُ الْمَلْزُومِ] [2] يَقْتَضِي انْتِفَاءَ اللَّازِمِ، فَلَا تَجِبُ الْمَوَدَّةُ إِلَّا مَنْ يَكُونُ إِمَامًا مَعْصُومًا. فَحِينَئِذٍ لَا يَوَدُّ أَحَدًا [3] مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُحِبُّهُمْ، فَلَا تَجِبُ مَوَدَّةُ أَحَدٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا مَحَبَّتِهِ إِذَا لَمْ يَكُونُوا أَئِمَّةً: لَا شِيعَةَ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرَهُمْ. وَهَذَا خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَخِلَافُ مَا عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ. الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: "وَالْمُخَالَفَةُ تُنَافِي الْمَوَدَّةَ" . يُقَالُ: مَتَى؟ إِذَا كَانَ ذَلِكَ وَاجِبَ الطَّاعَةِ أَوْ مُطْلَقًا؟ الثَّانِي مَمْنُوعٌ، وَإِلَّا لَكَانَ [4] مَنْ أَوْجَبَ عَلَى غَيْرِهِ شَيْئًا لَمْ يُوجِبْهُ اللَّهُ عَلَيْهِ إِنْ خَالَفَهُ فَلَا يَكُونُ مُحِبًّا لَهُ، فَلَا يَكُونُ مُؤْمِنٌ [5] مُحِبًّا لِمُؤْمِنٍ حَتَّى يَعْتَقِدَ وُجُوبَ طَاعَتِهِ، وَهَذَا مَعْلُومُ الْفَسَادِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَيُقَالُ [6] : إِذَا لَمْ تَكُنِ الْمُخَالَفَةُ قَادِحَةً فِي الْمَوَدَّةِ إِلَّا إِذَا كَانَ وَاجِبَ الطَّاعَةِ، فَحِينَئِذٍ يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ أَوَّلًا وُجُوبُ الطَّاعَةِ، حَتَّى تَكُونَ مُخَالَفَتُهُ قَادِحَةً فِي مَوَدَّتِهِ. فَإِذَا ثَبَتَ [7] وُجُوبُ الطَّاعَةِ بِمُجَرَّدِ وُجُوبِ الْمَوَدَّةِ (1) ن، م، س: إِمَامَتُهُ وَهُوَ خَطَأٌ. (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (3) م: أَحَدٌ. (4) م: كَانَ. (5) ن، م، س: مُؤْمِنًا. (6) ن، س: أَنْ يُقَالَ. (7) ن، س، ب: أَثْبَتَ. بَاطِلًا، وَكَانَ ذَلِكَ دَوْرًا مُمْتَنِعًا، فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَقْدَحُ فِي الْمَوَدَّةِ حَتَّى يَعْلَمَ وُجُوبَ الطَّاعَةِ، وَلَا يَعْلَمُ وُجُوبَ الطَّاعَةِ إِلَّا إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ إِمَامٌ، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ إِمَامٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّ مُخَالَفَتَهُ تَقْدَحُ فِي مَوَدَّتِهِ [1] . الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: الْمُخَالَفَةُ تَقْدَحُ فِي الْمَوَدَّةِ إِذَا أُمِرَ بِطَاعَتِهِ أَمْ لَمْ يُؤْمَرْ [2] ؟ وَالثَّانِي مُنْتَفٍ ضَرُورَةً. وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَأْمُرِ النَّاسَ بِطَاعَتِهِ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ. السَّادِسُ: يُقَالُ: هَذَا بِعَيْنِهِ يُقَالُ: "فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، فَإِنَّ مَوَدَّتَهُمْ وَمَحَبَّتَهُمْ وَمُوَالَاتَهُمْ وَاجِبَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَمُخَالَفَتُهُمْ تَقْدَحُ فِي ذَلِكَ. السَّابِعُ: التَّرْجِيحُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّ الْقَوْمَ دَعُوا النَّاسَ إِلَى وَلَايَتِهِمْ وَطَاعَتِهِمْ وَادَّعَوُا الْإِمَامَةَ، وَاللَّهُ أَوْجَبَ طَاعَتَهُمْ، فَمُخَالَفَتُهُمْ [3] [4] تَقْدَحُ فِي مَوَدَّتِهِمْ، بَلْ تَقْدَحُ فِي مَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَعَ الرَّفْضَ لَمْ يَكُنْ مُحِبًّا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، بَلْ كَانَ [5] عَدُوًّا [6] لِلَّهِ. وَهَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ بِمَنْزِلَةِ النَّصَارَى مَعَ الْمُسْلِمِينَ، فَالنَّصَارَى يَجْعَلُونَ الْمَسِيحَ إِلَهًا، وَيَجْعَلُونَ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَمُحَمَّدًا أَقَلَّ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ عِيسَى. وَهَؤُلَاءِ يَجْعَلُونَ عَلِيًّا هُوَ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ، أَوْ هُوَ [7] النَّبِيُّ أَوْ إِلَهٌ [8] ، وَالْخُلَفَاءُ الْأَرْبَعَةُ [9]" (1) م: الْمُخَالِفَةُ تَقْدَحُ فِي الْمَوَدَّةِ. (2) ن، س: وَلَمْ يُؤْمَرْ، م: وَإِذَا لَمْ يُؤْمِنْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) ب: فَمُخَالِفُهُمْ. (4) سَاقِطٌ مِنْ (س) (ب) . (5) سَاقِطٌ مِنْ (س) (ب) . (6) س، ب: عَدُوٌّ، وَهُوَ خَطَأٌ. (7) س، ب: وَهُوَ. (8) م: أَوِ الْإِلَهُ. (9) الْأَرْبَعَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . أَقَلُّ مِنْ [1] مِثْلِ الْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ [2] وَأَمْثَالِهِ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ. وَلِهَذَا كَانَ جَهْلُهُمْ وَظُلْمُهُمْ أَعْظَمَ مِنْ أَنْ يُوصَفَ: وَيَتَمَسَّكُونَ بِالْمَنْقُولَاتِ الْمَكْذُوبَةِ، وَالْأَلْفَاظِ الْمُتَشَابِهَةِ، وَالْأَقْيِسَةِ الْفَاسِدَةِ، وَيَدَعُونَ الْمَنْقُولَاتِ الصَّادِقَةَ بَلْ [3] الْمُتَوَاتِرَةَ، وَالنُّصُوصَ الْبَيِّنَةَ، وَالْمَعْقُولَاتِ الصَّرِيحَةَ. [فصل البرهان الثامن "وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ: [4] "الْبُرْهَانُ الثَّامِنُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 7 - 2] . قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ خَلَّفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ [5] لِقَضَاءِ دُيُونِهِ وَرَدِّ الْوَدَائِعِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُ، وَأَمَرَهُ [6] لَيْلَةَ خَرَجَ إِلَى الْغَارِ، وَقَدْ أَحَاطَ الْمُشْرِكُونَ بِالدَّارِ، أَنْ يَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَالَ لَهُ: «يَا عَلِيُّ، اتَّشِحْ بِبُرْدِي الْحَضْرَمِيِّ الْأَخْضَرِ [7] ، وَنَمْ عَلَى فِرَاشِي، فَإِنَّهُ لَا يَخْلُصَ [8] إِلَيْكَ مِنْهُمْ مَكْرُوهٌ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ" (1) ن، س: مِنْهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) س، ب: النَّخَفِيِّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَسَبَقَتْ عِبَارَةٌ مُمَاثِلَةٌ فِيمَا مَضَى 2/55 (3) بَلْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (4) فِي (ك) ص 153 (م) ، 154 (م) . (5) ك، م: بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (6) م: وَأَمَرَ. (7) س، ب: الْأَخْضَرِ الْحَضْرَمِيِّ. (8) ك: لَا يَصِلُ. [تَعَالَى] [1] ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى [2] إِلَى جِبْرِيلَ [3] وَمِيكَائِيلَ أَنِّي قَدْ آخَيْتُ بَيْنَكُمَا، وَجَعَلْتُ عُمُرَ أَحَدِكُمَا [4] أَطْوَلَ مِنَ عُمُرِ الْآخَرِ، فَأَيُّكُمَا يُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِالْحَيَاةِ؟ فَاخْتَارَ كِلَاهَمَا الْحَيَاةَ، فَأَوْحَى اللَّهُ. [5] إِلَيْهَا: أَلَا كُنْتُمَا مِثْلَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، آخَيْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَبَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ وَيُؤْثِرُهُ بِالْحَيَاةِ؟ اهْبِطَا إِلَى الْأَرْضِ فَاحْفَظَاهُ مِنْ عَدُّوِهِ. فَنَزَلَا، فَكَانَ جِبْرِيلُ [6] عِنْدَ رَأْسِهِ، وَمِيكَائِيلُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: بَخٍ بَخٍ [7] مَنْ مِثْلُكَ يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ يُبَاهِي [8] اللَّهُ بِكَ الْمَلَائِكَةَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي شَأَنِ عَلِيٍّ [9] : {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ} » [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 207] . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّمَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ [10] لَمَّا هَرَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْغَارِ، وَهَذِهِ (1) تَعَالَى: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) ، وَفِي (ك) : عَزَّ وَجَلَّ. (2) ك: فَأَوْصَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، ن، م: فَأَوْحَى اللَّهُ. (3) ك: جِبْرَئِيلَ. (4) ن، م: أَحَدُهُمَا. (5) ك: اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. (6) ك: جِبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (7) ك: بَخٍ بَخٍ لَكَ يَا عَلِيُّ. (8) س، ب: بَاهَى. (9) ك: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (10) ك ص 154 م: فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. فَضِيلَةُ [1] لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ عَلِيٍّ عَلَى [2] جَمِيعِ الصَّحَابَةِ [3] ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ ". الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا النَّقْلِ. وَمُجَرَّدُ نَقْلِ الثَّعْلَبِيِّ وَأَمْثَالِهِ لِذَلِكَ، بَلْ رِوَايَتِهِمْ، لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِاتِّفَاقِ طَوَائِفِ [أَهْلِ] [4] السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. لِأَنَّ هَذَا مُرْسَلٌ [5] مُتَأَخِّرٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ إِسْنَادَهُ، وَفِي نَقْلِهِ مِنْ [6] هَذَا الْجِنْسِ لِلْإِسْرَائِيلِيَّاتِ وَالْإِسْلَامِيَّاتِ أُمُورٌ يُعْلَمُ أَنَّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ هُوَ لَمْ يَتَعَمَّدِ [7] الْكَذِبَ. ثَانِيهَا: أَنَّ هَذَا الَّذِي نَقَلَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ [8] كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالسِّيرَةِ [9] ، وَالْمَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فِي هَذَا الْبَابِ. الثَّالِثُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا هَاجَرَ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْقَوْمِ غَرَضٌ فِي طَلَبِ عَلِيٍّ، وَإِنَّمَا كَانَ مَطْلُوبُهُمُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبَا بَكْرٍ، وَجَعَلُوا فِي كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَتَهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ الَّذِي لَا يَسْتَرِيبُ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي صِحَّتِهِ [10] ، وَتَرَكَ عَلِيًّا فِي [11]" (1) ك: فَضِيلَةٌ لَهُ. (2) ن، س، ب: فَضِيلَةِ عَلِيٍّ عَلَى، ك: أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى. . . (3) س، ب: أَصْحَابِهِ. (4) أَهْلِ: زِيَادَةٌ فِي (ب) . (5) م: مِنْ مَثَلٍ وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (6) مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (7) ن، م، س: يَعْتَمِدِ. (8) ن، س: عَنِ الْوَجْهِ، ب: عَلَى هَذَا الْوَجْهِ. (9) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ فِي كِتَابِ الْحَدِيثِ وَالسِّيرَةِ، وَانْظُرْ مَا يَلِي فِي الصَّفَحَاتِ التَّالِيَةِ. (10) سَيَرِدُ الْحَدِيثُ مُفَصَّلًا فِيمَا بَعْدُ فِي الْجُزْءِ الثَّامِنِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ 5/58 - 60 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ هِجْرَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَسَيَرِدُ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّ سُرَاقَةَ بْنَ جَعْشَمٍ قَالَ: جَاءَنَا رُسُلُ كُفَّارِ قُرَيْشٍ يَجْعَلُونَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ دِيَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِمَنْ قَتَلَهُ أَوْ أَسَرَهُ. (11) ن، م: عَلِيٌّ. فِرَاشِهِ لِيَظُنُّوا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْبَيْتِ فَلَا يَطْلُبُوهُ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَجَدُوا عَلِيًّا فَظَهَرَتْ خَيْبَتُهُمْ، وَلَمْ يُؤْذُوا عَلِيًّا، بَلْ سَأَلُوهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَوْفٌ عَلَى عَلِيٍّ مِنْ أَحَدٍ [1] ، وَإِنَّمَا كَانَ الْخَوْفُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَدِيقِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُمْ فِي عَلِيٍّ غَرَضٌ لَتَعَرَّضُوا لَهُ لَمَّا وَجَدُوهُ، فَلَمَّا لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ [2] لَا غَرَضَ لَهُمْ فِيهِ، فَأَيُّ فِدَاءٍ هُنَا بِالنَّفْسِ؟ . وَالَّذِي كَانَ يَفْدِيهِ بِنَفْسِهِ بِلَا رَيْبٍ، وَيَقْصِدُ أَنْ يَدْفَعَ بِنَفْسِهِ عَنْهُ، وَيَكُونَ الضَّرَرُ بِهِ دُونَهُ ; هُوَ أَبُو بَكْرٍ. كَانَ يَذْكُرُ الطَّلَبَةَ فَيَكُونُ خَلْفَهُ، وَيَذْكُرُ الرُّصَّدَ فَيَكُونُ أَمَامَهُ، وَكَانَ يَذْهَبُ فَيَكْشِفُ لَهُ الْخَبَرَ. وَإِذَا [كَانَ] [3] هُنَاكَ مَا يَخَافُ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ بِهِ لَا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَدْ فَدَاهُ بِنَفْسِهِ فِي مُوَاطِنِ الْحُرُوبِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ شُلَّتْ يَدُهُ، كَطَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ. فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ فِدَاءٌ بِالنَّفْسِ لَكَانَ هَذَا مِنَ الْفَضَائِلِ الْمُشْتَرِكَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَوْفٌ عَلَى عَلِيٍّ؟ . قَالَ: ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "السِّيرَةِ" - مَعَ أَنَّهُ مِنَ الْمُتَوَلِّينَ [4] لَعَلِيٍّ الْمَائِلِينَ إِلَيْهِ - وَذَكَرَ خُرُوجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَنْزِلِهِ، وَاسْتِخْلَافَ عَلِيٍّ عَلَى فِرَاشِهِ لَيْلَةَ مَكَرَ الْكُفَّارُ بِهِ، قَالَ [5] : "«فَأَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -" (1) س، ب: خَوْفٌ عَلَى أَحَدٍ. (2) ن، م: عَلَى أَنَّهُ. (3) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) (4) ن: الْمُتَوَالِينَ. (5) الْمُقَابَلَةُ عَلَى النَّصِّ التَّالِي مَعَ سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 2/126 - 128 فَقَالَ لَهُ [1] : لَا تَبِتْ هَذِهِ اللَّيْلَةَ عَلَى فِرَاشِكَ الَّذِي كُنْتَ تَبِيتُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا كَانَتْ عَتَمَةُ اللَّيْلِ [2] اجْتَمَعُوا عَلَى بَابِهِ يَرْصُدُونَهُ مَتَى [3] ، يَنَامُ، فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامَهُمْ قَالَ لِعَلِيٍّ [4] : نَمْ عَلَى فِرَاشِي وَاتَّشِحْ [5] بِبُرْدِي هَذَا الْحَضْرَمِيِّ الْأَخْضَرِ، فَنَمْ فِيهِ [6] ، فَإِنَّهُ لَنْ يَخْلُصَ [7] إِلَيْكَ شَيْءٌ تَكْرَهُهُ مِنْهُمْ» . وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ [8] قَالَ: «لَمَّا اجْتَمَعُوا لَهُ، وَفِيهِمْ: أَبُو جَهْلٍ [9] ، فَقَالَ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّكُمْ إِنْ تَابَعْتُمُوهُ عَلَى أَمْرِهِ كُنْتُمْ مُلُوكَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ [مِنْ] [10] بَعْدِ مَوْتِكُمْ، فَجُعِلَتْ لَكُمْ جَنَّاتٌ كَجَنَّاتِ [11] الْأُرْدُنِّ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا كَانَ لَهُ فِيكُمْ ذَبْحٌ، ثُمَّ بُعِثْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ، فَجُعِلَتْ [12] لَكُمْ نَارٌ تُحْرَقُونَ فِيهَا. قَالَ: وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهِمْ [13] ، فَأَخَذَ حَفْنَةً [14] (1) سِيرَةُ ابْنِ هِشَامٍ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ. (2) سِيرَةُ ابْنِ هِشَامٍ: عَتَمَةٌ مِنَ اللَّيْلِ. (3) ب: حَتَّى. (4) ابْنُ هِشَامٍ: مَكَانَهُمْ قَالَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ. (5) ابْنُ هِشَامٍ: وَتَسَجَّ. (6) فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) (س) (7) م: لَا يَخْلُصَ. (8) ابْنُ هِشَامٍ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ، فَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ. (9) ابْنُ هِشَامٍ: أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ. (10) مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) ، وَأَثْبَتُّهَا مِنْ (م) ، ابْنُ هِشَامٍ. (11) ابْنُ هِشَامٍ: جِنَانٌ كَجِنَانِ. (12) ابْنُ هِشَامٍ: ثُمَّ جُعِلَتْ. (13) سَقَطَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ (م) ، "وَفِي ابْنِ هِشَامٍ" : وَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (14) ن: حَفِيَّةً، م: حَصَاةً. مِنْ تُرَابٍ فِي يَدِهِ، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ [1] أَنَا أَقُولُ ذَلِكَ، أَنْتَ [2] أَحَدُهُمْ. وَأَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَبْصَارِهِمْ عَنْهُ، فَلَا يَرَوْنَهُ [3] . . . وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ رَجُلًا إِلَّا وَضَعَ عَلَى [4] رَأْسِهِ تُرَابًا، ثُمَّ انْصَرَفَ [5] إِلَى حَيْثُ أَرَادَ أَنْ يَذْهَبَ، فَأَتَاهُمْ آتٍ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ فَقَالَ: مَا تَنْتَظِرُونَ هَاهُنَا؟ قَالُوا [6] : مُحَمَّدًا. قَالَ: خَيَّبَكُمُ اللَّهُ! قَدْ وَاللَّهِ خَرَجَ عَلَيْكُمْ مُحَمَّدٌ، ثُمَّ مَا تَرَكَ مِنْكُمْ رَجُلًا إِلَّا وَقَدْ وَضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، وَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ [7] ، أَفَمَا تَرَوْنَ مَا بِكُمْ [8] ؟ قَالَ: فَوَضَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ، فَإِذَا عَلَيْهِ تُرَابٌ، ثُمَّ جَعَلُوا يَطَّلِعُونَ [9] فَيَرَوْنَ عَلِيًّا عَلَى الْفِرَاشِ مُسَجَّى [10] بِبُرْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ إِنَّ هَذَا لَمُحَمَّدٌ نَائِمًا، عَلَيْهِ بُرْدَةٌ. فَلَمْ يَبْرَحُوا كَذَلِكَ حَتَّى أَصْبَحُوا. فَقَامَ عَلِيٌّ عَنِ الْفِرَاشِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ صَدَقَنَا الَّذِي كَانَ حَدَّثَنَا [11] وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ [مِنَ الْقُرْآنِ] ذَلِكَ الْيَوْمَ [12] : (1) نَعَمْ: لَيْسَتْ فِي "ابْنِ هِشَامٍ" . (2) ن، س، ب: وَأَنْتَ. (3) بَعْدَ عِبَارَةِ فَلَا يَرَوْنَهُ تُوجَدُ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ فِي "ابْنِ هِشَامٍ" اخْتَصَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَةَ. (4) م: إِلَّا وَضَعَ اللَّهُ عَلَى. . . ابْنُ هِشَامٍ: إِلَّا قَدْ وَضَعَ عَلَى. . . (5) ن: انْصَرَفُوا. (6) س، ب: فَقَالُوا. (7) م: ثُمَّ انْصَرَفَ وَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ، س، ب: وَانْطَلَقَ إِلَى حَاجَتِهِ. (8) م: أَمَامَكُمْ. (9) ابْنُ هِشَامٍ: يَتَطَلَّعُونَ. (10) ابْنُ هِشَامٍ: مُتَسَجِّيًا. (11) م: وَاللَّهِ لَقَدْ صَدَقَنَا الَّذِي كَانَ حَدَّثَنَا، ابْنُ هِشَامٍ: وَاللَّهِ لَقَدْ كَانَ صَدَقَنَا الَّذِي حَدَّثَنَا. (12) ن، س، ب: وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ ذَلِكَ الْيَوْمَ، ابْنُ هِشَامٍ 2/128: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْقُرْآنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَمَا كَانُوا أَجْمَعُوا لَهُ. وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 30] وَقَوْلُهُ: {أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} الْآيَةَ [سُورَةُ الطُّورِ: 30] وَأَذِنَ اللَّهُ لِنَبِيِّهِ [1] فِي الْهِجْرَةِ عِنْدَ ذَلِكَ [2] » . فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْقَوْمَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ غَرَضٌ فِي عَلِيٍّ أَصْلًا. وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [3] قَدْ قَالَ: "اتَّشِحْ بِبُرْدِي هَذَا الْأَخْضَرِ، فَنَمْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَنْ يَخْلُصَ إِلَيْكَ مِنْهُمْ رَجُلٌ بِشَيْءٍ تَكْرَهُهُ" . فَوَعَدَهُ - وَهُوَ الصَّادِقُ - أَنَّهُ لَا يَخْلُصُ إِلَيْهِ مَكْرُوهٌ، وَكَانَ طُمَأْنِينَتُهُ بِوَعْدِ الرَّسُولِ [- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] [4] . الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ فِيهِ مِنَ الدَّلَائِلِ عَلَى كَذِبِهِ مَا لَا يَخْفَى، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا يُقَالُ فِيهِمْ مِثْلَ هَذَا الْبَاطِلِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِمْ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا جَائِعًا فَيُؤْثِرُهُ الْآخَرُ بِالطَّعَامِ، وَلَا هُنَاكَ خَوْفٌ فَيُؤْثِرُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِالْأَمْنِ [5] ، فَكَيْفَ يَقُولُ اللَّهُ لَهُمَا: أَيُّكُمَا يُؤْثِرُ صَاحِبَهُ بِالْحَيَاةِ؟ وَلَا لِلْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الْمَلَائِكَةِ أَصْلٌ، بَلْ جِبْرِيلُ لَهُ عَمَلٌ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ مِيكَائِيلَ، وَمِيكَائِيلُ لَهُ عَمَلٌ يَخْتَصُّ بِهِ دُونَ جِبْرِيلَ، كَمَا جَاءَ فِي الْآثَارِ أَنَّ الْوَحْيَ وَالنَّصْرَ لِجِبْرِيلَ، وَأَنَّ الرِّزْقَ وَالْمَطَرَ لِمِيكَائِيلَ. (1) ابْنُ هِشَامٍ: ذَكَرَ الْآيَةَ التَّالِيَةَ 31 مِنْ سُورَةِ الطُّورِ ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَسْطُرٍ اخْتَصَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَةَ ثُمَّ قَالَ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَأَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي (س) (ب) : فَأَذِنَ. (2) ابْنُ هِشَامٍ: عِنْدَ ذَلِكَ فِي الْهِجْرَةِ. (3) ن، م: فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (4) ن: بِوَعْدِ الرَّسُولِ س، ب: بِوَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ. (5) م: بِالْآخَرِ.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (412) صـ 117 إلى صـ 126 ثُمَّ إِنْ كَانَ اللَّهُ قَضَى بِأَنَّ عُمُرَ أَحَدِهِمَا أَطْوَلُ مِنَ الْآخَرِ فَهُوَ مَا قَضَاهُ، وَإِنْ قَضَاهُ لِوَاحِدٍ وَأَرَادَ مِنْهُمَا أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تَعْيِينِ الْأَطْوَلِ، أَوْ يُؤْثِرَ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرُ، وَهُمَا رَاضِيَانِ بِذَلِكَ، فَلَا كَلَامَ. وَأَمَّا إِنْ كَانَا يَكْرَهَانِ ذَلِكَ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِحِكْمَةِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ أَنْ يُحَرِّشَ بَيْنَهُمَا، وَيُلْقِي بَيْنَهُمَا الْعَدَاوَةَ؟ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ حَقًّا - تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ - ثُمَّ هَذَا الْقَدَرُ لَوْ وَقَعَ مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ، فَكَيْفَ تَأَخَّرَ مِنْ حِينِ خَلَقَهُمَا اللَّهُ قَبْلَ آدَمَ إِلَى حِينِ الْهِجْرَةِ؟ وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ عَقِبَ خَلْقِهِمَا. الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤَاخِ عَلِيًّا وَلَا غَيْرَهُ، بَلْ كُلُّ مَا رُوِيَ فِي هَذَا فَهُوَ كَذِبٌ. وَحَدِيثُ الْمُؤَاخَاةِ الَّذِي يُرْوَى فِي ذَلِكَ - مَعَ ضَعْفِهِ وَبُطْلَانِهِ - إِنَّمَا فِيهِ مُؤَاخَاتِهِ لَهُ فِي الْمَدِينَةِ، هَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ [1] ، فَأَمَّا بِمَكَّةَ فَمُؤَاخَاتُهُ لَهُ بَاطِلَةٌ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. وَأَيْضًا فَقَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِدَاءٌ بِالنَّفْسِ وَلَا إِيثَارٌ بِالْحَيَاةِ بِاتِّفَاقِ عُلَمَاءِ النَّقْلِ. السَّادِسُ: أَنَّ هُبُوطَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لِحِفْظِ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ (1) أَشَرْتُ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ فِيمَا مَضَى 4/32 وَذَكَرْتُ هُنَاكَ أَنَّ ابْنَ تَيْمِيَةَ سَيَتَكَلَّمُ كَلَامًا مُفَصَّلًا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا يَلِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ (7/361) وَأَمَّا حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ فَهُوَ فِيهِ 5/300 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، مَنَاقِبُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، بَابُ 85) وَنَصُّهُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ عَلِيٌّ تَدْمَعُ عَيْنَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ آخَيْتَ بَيْنَ أَصْحَابِكَ وَلَمْ تُؤَاخِ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحَدٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَنْتَ أَخِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ" ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَفِيهِ عَنْ زَيْنِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ". وَذَكَرَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي" ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ "2/14 وَذَكَرَ السُّيُوطِيُّ:" ت (التِّرْمِذِيُّ) ، ك (الْحَاكِمُ) ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ "، وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ:" ضَعِيفٌ جِدًّا "وَذَكَرَهُ التِّبْرِيزِيُّ فِي" مِشْكَاةِ الْمَصَابِيحِ "3/243 - 244" أَعْظَمِ الْمُنْكَرَاتِ ; فَإِنَّ اللَّهَ يَحْفَظُ مَنْ شَاءَ [1] مِنْ خَلْقِهِ بِدُونِ هَذَا. وَإِنَّمَا رُوِيَ هُبُوطُهُمَا يَوْمَ بَدْرٍ لِلْقِتَالِ، وَفِي مِثْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ [2] الْعِظَامِ، وَلَوْ نَزَلَا لِحِفْظِ وَاحِدٍ [3] مِنَ النَّاسِ لَنَزَلَا لِحِفْظِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَدِيقِهِ، اللَّذَيْنِ كَانَ الْأَعْدَاءُ يَطْلُبُونَهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَدْ بَذَلُوا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دِيَتَهُ، وَهُمْ عَلَيْهِمَا غِلَاظٌ شِدَادٌ سُودُ الْأَكْبَادِ. السَّابِعُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنَّمَا نَزَلَتْ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ، لَمْ تَنْزِلْ وَقْتَ هِجْرَتِهِ [4] . وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا نَزَلَتْ لَمَّا هَاجَرَ صُهَيْبٌ وَطَلَبَهُ الْمُشْرِكُونَ، فَأَعْطَاهُمْ مَالَهُ، وَأَتَى الْمَدِينَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رَبِحَ الْبَيْعُ أَبَا يَحْيَى" . وَهَذِهِ الْقِصَّةُ مَشْهُورَةٌ فِي التَّفْسِيرِ، نَقَلَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ [5] . وَهَذَا مُمْكِنٌ ; فَإِنَّ صُهَيْبًا هَاجَرَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [6] : "اخْتَلَفَ [7] أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ [فِيهِ] [8] ، وَمَنْ عُنِيَ بِهَا" (1) س، ب: مَنْ يَشَاءُ. (2) س: وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ الْأُمُورِ، ب: وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ. (3) م: أَحَدٍ. (4) ن: بَعْدَ هِجْرَتِهِ، س، ب: قَبْلَ هِجْرَتِهِ. (5) الْحَدِيثُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 3/398 وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَنَسَبَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ هَذَا الْكَلَامَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَالَ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي صُهَيْبٍ ; وَكَذَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَلَكِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَسَاقَ بِسَنَدِهِ وَذَكَرَ خَبَرَ هِجْرَةِ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى أَنْ قَالَ: حَتَّى قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: رَبِحَ صُهَيْبٌ مَرَّتَيْنِ، وَانْظُرْ: "زَادُ الْمَسِيرِ" لِابْنِ الْجَوْزِيِّ. (6) فِي تَفْسِيرِه ط. الْمَعَارِفِ 4/247 - 248 (7) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: ثُمَّ اخْتَلَفَ. (8) فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ن (م) ، (س) فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَعُنِيَ بِهَا الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ". وَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا الْقَوْلَ [1]" وَعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ [2] "وَرَوَى عَنِ" الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ [3] ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ [4] ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ [5] ، عَنْ عِكْرِمَةَ [6] قَالَ: «نَزَلَتْ فِي صُهَيْبٍ وَأَبِي ذَرٍّ جُنْدَبٍ [7] ، أَخَذَ أَهْلُ أَبِي ذَرٍّ [أَبَا ذَرٍّ] [8] فَانْفَلَتَ [9] مِنْهُمْ، فَقَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَلَمَّا رَجَعَ مُهَاجِرًا عَرَضُوا لَهُ، وَكَانُوا [10] بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، فَانْفَلَتَ [11] أَيْضًا حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ [12] ، وَأَمَّا صُهَيْبٌ فَأَخَذَ أَهْلَهُ، فَافْتَدَى مِنْهُمْ بِمَالِهِ، ثُمَّ خَرَجَ مُهَاجِرًا فَأَدْرَكَهُ قُنْفُذُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ [13] ، (1) انْظُرْ 4/247 (2) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: نَزَلَتْ فِي رِجَالٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بِأَعْيُنِهِمْ. (3) ن، م، س: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ. (4) م، س، ب: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ، تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ. (5) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ. (6) بَعْدَ عِكْرِمَةَ أَوْرَدَ الطَّبَرِيُّ الْآيَةَ. (7) ن، م، س: فِي صُهَيْبٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَجُنْدَبٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: فِي صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ وَأَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ جُنْدَبِ بْنِ السَّكَنِ. (8) أَبَا ذَرٍّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) (9) م، س: فَانْقَلَبَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (10) ن، م، س: وَكَانَ. (11) 11) م، س: فَانْقَلَبَ. (12) 12) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: حَتَّى قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (13) 13) ن، م، س: سَعْدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جُدْعَانَ، ب: مُنْقِذُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ جُدْعَانَ، وَذَكَرَ الْأُسْتَاذُ مَحْمُود مُحَمَّد شَاكِر فِي تَعْلِيقِهِ 4/248 ت [0 - 9] : أَنَّ الْمَطْبُوعَةَ كَانَتْ مُحَرَّفَةً إِلَى: مُنْقِذِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَتَكَلَّمَ عَلَى قُنْفُذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. فَخَرَجَ لَهُ مِمَّا [1] بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَخَلَّى [2] سَبِيلُهُ [3] » . وَقَالَ آخَرُونَ: عُنِيَ [4] [بِذَلِكَ] [5] كُلَّ شَارٍ نَفْسَهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ [6] وَجِهَادٍ [7] فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمْرٍ [8] بِمَعْرُوفٍ ". وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلُ إِلَى عُمَرَ بَلْ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَنْ صُهَيْبًا كَانَ سَبَبَ النُّزُولِ [9] . الثَّامِنُ: أَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ مُطْلَقٌ، لَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ. فَكُلٌّ مَنْ بَاعَ نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَقَدْ دَخَلَ فِيهَا. وَأَحَقُّ مَنْ دَخَلَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَدِيقُهُ فَإِنَّهُمَا شَرَيَا نَفْسَهُمَا [10] ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ، وَهَاجَرَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْعَدُوُّ يَطْلُبُهُمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. التَّاسِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ:" هَذِهِ فَضِيلَةٌ لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ [فَدَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ] [11] فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ "[12] ." (1) ن، م، س: بِمَا. (2) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: وَخَلَّى (3) تَرَكَ ابْنُ تَيْمِيَةَ تِسْعَةَ أَسْطُرٍ مِنْ تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ بَعْدَ كَلِمَةِ "سَبِيلُهُ" . (4) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: بَلْ عُنِيَ (5) م: عُنِيَ بِهَا، وَسَقَطَتْ "بِذَلِكَ" مِنْ (ن) ، (س) (6) ن، س: فِي سَبِيلِ اللَّهِ. (7) س، ب: وَجَاهَدَ. (8) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: أَوْ أَمْرٍ. (9) انْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ 4/250 - 251 (10) م: أَنْفُسَهُمَا. (11) عِبَارَةُ "فَدَلَّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ" فِي (م) فَقَطْ، وَسَبَقَ كَلَامُ الرَّافِضِيِّ (ص 112) ، وَفِيهِ: تَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ عَلِيٍّ عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ. (12) عِبَارَةُ "فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ" : سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . فَيُقَالُ [1] : لَا رَيْبَ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الَّتِي حَصَلَتْ لِأَبِي بَكْرٍ فِي الْهِجْرَةِ لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، فَتَكُونُ هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةُ ثَابِتَةً لَهُ دُونَ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامُ. فَهَذَا هُوَ الدَّلِيلُ الصِّدْقُ الَّذِي لَا كَذِبَ فِيهِ. يَقُولُ اللَّهُ: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] . وَمِثْلُ هَذِهِ الْفَضِيلَةِ لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ قَطْعًا، بِخِلَافِ الْوِقَايَةِ بِالنَّفْسِ، فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ. وَهَذَا وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ، لَيْسَ مِنَ الْفَضَائِلِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْأَكَابِرِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَالْأَفْضَلِيَّةُ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِالْخَصَائِصِ لَا بِالْمُشْتَرِكَاتِ. يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ عَلِيًّا أُوذِيَ فِي مَبِيتِهِ [2] عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ، وَقَدْ أُوذِيَ غَيْرُهُ فِي وِقَايَتِهِمُ [3] النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَارَةً بِالضَّرْبِ، وَتَارَةً بِالْجَرْحِ، وَتَارَةً بِالْقَتْلِ. فَمَنْ فَدَاهُ وَأُوذِيَ أَعْظَمُ مِمَّنْ فَدَاهُ وَلَمْ يُؤْذِ. وَقَدْ قَالَ الْعُلَمَاءُ: مَا صَحَّ لِعَلِيٍّ مِنَ الْفَضَائِلِ فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ، شَارَكَهُ فِيهَا غَيْرُهُ، بِخِلَافِ الصِّدِّيقِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ فَضَائِلِهِ - وَأَكْثَرِهَا - خَصَائِصٌ لَهُ، لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ [4] . (1) ن: الْعَاشِرُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) م: فِي بَيْتِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) ب: وِقَايَتِهِ. (4) س، ب: فِي مَوْضِعِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [فصل البرهان التاسع "فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ التَّاسِعُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 61] . نَقَلَ الْجُمْهُورُ كَافَّةً أَنَّ" أَبْنَاءَنَا "إِشَارَةٌ إِلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَ" نِسَاءَنَا "إِشَارَةٌ إِلَى فَاطِمَةَ. وَ" أَنْفُسَنَا "إِشَارَةٌ إِلَى عَلِيٍّ [2] . وَهَذِهِ الْآيَةُ دَلِيلٌ [3] عَلَى ثُبُوتِ الْإِمَامَةِ لِعَلِيٍّ لِأَنَّهُ تَعَالَى \ قَدْ جَعَلَ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالِاتِّحَادُ مُحَالٌ، فَيَبْقَى الْمُرَادُ بِالْمُسَاوَاةِ لَهُ الْوِلَايَةُ [4] . وَأَيْضًا لَوْ كَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مُسَاوِيًا لَهُمْ وَأَفْضَلَ [5] مِنْهُمْ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لِأَمْرِهِ تَعَالَى بِأَخْذِهِمْ مَعَهُ لِأَنَّهُ فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ، وَإِذَا كَانُوا هُمُ الْأَفْضَلُ تَعَيَّنَتِ الْإِمَامَةُ فِيهِمْ [6] . وَهَلْ تَخْفَى دَلَالَةُ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى الْمَطْلُوبِ إِلَّا [عَلَى] [7] مَنِ اسْتَحْوَذَ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ بِمَجَامِعِ" (1) فِي (ك) ص 154 (م) . (2) ك: إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (3) ك: أَدَلُّ دَلِيلٍ. (4) ك: فَيَبْقَى الْمُرَادُ: الْمُسَاوِي، وَلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ، فَكَذَا الْمُسَاوِيَةُ. (5) ك: أَوْ أَفْضَلَ. (6) ك: فِيهِمْ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. (7) عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) قَلْبِهِ، وَحُبِّبَتْ إِلَيْهِ الدُّنْيَا [1] الَّتِي لَا يَنَالُهَا إِلَّا بِمَنْعِ أَهْلِ الْحَقِّ مِنْ [2] حَقِّهِمْ؟ ". وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ:" أَمَّا أَخْذُهُ عَلِيًّا [وَفَاطِمَةَ] [3] وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فِي الْمُبَاهَلَةِ فَحَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ [4] : «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 61] [5] دَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي» . وَلَكِنْ لَا دَلَالَةَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْإِمَامَةِ وَلَا عَلَى الْأَفْضَلِيَّةِ. وَقَوْلُهُ:" قَدْ جَعَلَهُ اللَّهُ نَفْسَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالِاتِّحَادُ مُحَالٌ، فَبَقَى الْمُسَاوَاةُ لَهُ [6] ، وَلَهُ الْوِلَايَةُ الْعَامَّةُ، فَكَذَا الْمُسَاوِيَةُ "[7] . قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ إِلَّا الْمُسَاوَاةُ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، لِأَنَّ أَحَدًا لَا يُسَاوِي رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا عَلِيًّا [8] وَلَا غَيْرَهُ" (1) ك: وَخُيِّلَ لَهُ حُبُّ الدُّنْيَا. (2) ك: عَنْ. (3) وَفَاطِمَةُ سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (4) الْحَدِيثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: مُسْلِمٍ 4/1871 "كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" وَهُوَ حَدِيثٌ طَوِيلٌ أَوَّلُهُ: "أَمَّرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟" الْحَدِيثَ، وَالْكَلَامُ الَّذِي أَوْرَدَهُ ابْنُ تَيْمِيَةَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ. (5) فِي "مُسْلِمٍ" ذَكَرَ جُزْءً مِنَ الْآيَةِ حَتَّى قَوْلِهِ "وَأَبْنَاءَكُمْ" فَقَطْ. (6) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (7) م، س: فَكَذَا الْمُسَاوَاةُ، ن: فَكَذَا الْمُسَاوِيَةُ. (8) ن، م، س: لَا عَلِيٌّ. وَهَذَا اللَّفْظُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَا يَقْتَضِي الْمُسَاوَاةَ. قَالَ تَعَالَى فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} [سُورَةُ النُّورِ: 12] ، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ مُتَسَاوِينَ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 54] ، أَيْ: يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَلَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونُوا مُتَسَاوِينَ، وَلَا أَنْ يَكُونَ مَنْ عَبَدَ الْعِجْلَ مُسَاوِيًا لِمَنْ لَمْ يَعْبُدْهُ. وَكَذَلِكَ قَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 29] أَيْ: لَا يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُتَسَاوِينَ. وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 11] : أَيْ لَا يَلْمِزُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ; فَيَطْعَنُ عَلَيْهِ وَيَعِيبُهُ. وَهَذَا نَهْيٌ لِجَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْ لَا يَفْعَلَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضِ هَذَا الطَّعْنَ وَالْعَيْبَ، مَعَ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَسَاوِينَ لَا فِي الْأَحْكَامِ، وَلَا فِي الْفَضِيلَةِ وَلَا الظَّالِمُ كَالْمَظْلُومِ، وَلَا الْإِمَامُ كَالْمَأْمُومِ. وَمِنْ هَذَا الْبَابِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 85] : أَيْ يَقْتُلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا. وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ فِي قَوْلِهِ: {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} كَاللَّفْظِ فِي قَوْلِهِ: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 11] ، {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} [سُورَةُ النُّورِ: 12] وَنَحْوَ ذَلِكَ، مَعَ أَنَّ التَّسَاوِيَ هُنَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ بَلْ مُمْتَنِعٍ، فَكَذَلِكَ هُنَاكَ وَأَشَدُّ. بَلْ هَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى الْمُجَانَسَةِ وَالْمُشَابَهَةِ. وَالتَّجَانُسُ وَالْمُشَابَهَةُ يَكُونُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي [بَعْضِ الْأُمُورِ، كَالِاشْتِرَاكِ فِي] الْإِيمَانِ [1] ، فَالْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فِي الْإِيمَانِ، وَهْوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا} [سُورَةُ النُّورِ: 12] ، وَقَوْلُهُ: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 11] . وَقَدْ يَكُونُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الدِّينِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِمُ الْمُنَافِقُ، كَاشْتِرَاكِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْإِسْلَامِ الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ مَعَ ذَلِكَ الِاشْتِرَاكُ فِي النَّسَبِ فَهُوَ أَوْكَدُ. وَقَوْمُ مُوسَى كَانُوا أَنْفُسَنَا [2] بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 61] أَيْ رِجَالَنَا وَرِجَالَكُمْ، أَيِ الرِّجَالُ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جِنْسِنَا فِي الدِّينِ وَالنَّسَبِ، وَالرِّجَالُ الَّذِينَ هُمْ مِنْ جِنْسِكُمْ. أَوِ الْمُرَادُ [3] التَّجَانُسُ فِي الْقَرَابَةِ فَقَطْ ; لِأَنَّهُ قَالَ: {أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ} فَذَكَرَ الْأَوْلَادَ وَذَكَرَ [النِّسَاءَ] [4] وَالرِّجَالَ، فَعُلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ الْأَقْرَبِينَ إِلَيْنَا مِنَ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، مِنَ الْأَوْلَادِ وَالْعَصَبَةِ. وَلِهَذَا دَعَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ مِنَ الْأَبْنَاءِ، وَدَعَا فَاطِمَةَ مِنَ النِّسَاءِ، وَدَعَا عَلِيًّا مِنْ رِجَالِهِ [5] ، وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَحَدٌ أَقْرَبُ إِلَيْهِ نَسَبًا مِنْ هَؤُلَاءِ، وَهُمُ الَّذِينَ أَدَارَ عَلَيْهِمُ الْكِسَاءَ. وَالْمُبَاهَلَةُ إِنَّمَا تَحْصُلُ بِالْأَقْرَبِينَ إِلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَوْ بَاهَلَهُمْ بِالْأَبْعَدِينَ فِي (1) ن، س: يَكُونُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي جَمِيعِ الْإِيمَانِ، ب: يَكُونُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي الْإِيمَانِ، م: يَكُونُ بِالِاشْتِرَاكِ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ، فَالِاشْتِرَاكُ فِي الْإِيمَانِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ. (2) م: وَأَنْفُسًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) س، ب: وَالْمُرَادُ. (4) النِّسَاءَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (5) م: مِنْ رِجَالٍ. النَّسَبِ، وَإِنْ كَانُوا أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ، لَمْ يَحْصُلِ الْمَقْصُودُ ; فَإِنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَدْعُونَ الْأَقْرَبِينَ، كَمَا يَدْعُو هُوَ [1] الْأَقْرَبَ إِلَيْهِ. وَالنُّفُوسُ تَحْنُو عَلَى أَقَارِبِهَا مَا لَا تَحْنُو عَلَى غَيْرِهِمْ، وَكَانُوا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَيَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ إِنْ بَاهَلُوهُ نَزَلَتِ الْبَهْلَةُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى أَقَارِبِهِمْ، وَاجْتَمَعَ خَوْفُهُمْ [2] عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى أَقَارِبِهِمْ، فَكَانَ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي امْتِنَاعِهِمْ، وَإِلَّا فَالْإِنْسَانُ قَدْ يَخْتَارُ أَنْ يَهْلَكَ وَيَحْيَا ابْنُهُ، وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ قَدْ يَخْتَارُ الْمَوْتَ إِذَا بَقِيَ أَقَارِبُهُ فِي نِعْمَةٍ وَمَالٍ. وَهَذَا مَوْجُودٌ كَثِيرٌ. فَطَلَبَ مِنْهُمُ الْمُبَاهَلَةَ بِالْأَبْنَاءِ وَالنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَالْأَقْرَبِينَ مِنَ الْجَانِبَيْنِ، فَلِهَذَا دَعَا هَؤُلَاءِ. وَآيَةُ الْمُبَاهَلَةِ نَزَلَتْ سَنَةَ عَشْرٍ ; لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ، وَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ بَقِيَ مِنْ أَعْمَامِهِ إِلَّا الْعَبَّاسُ، وَالْعَبَّاسُ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، وَلَا كَانَ لَهُ بِهِ اخْتِصَاصٌ كَعَلِيٍّ. وَأَمَّا بَنُو عَمِّهِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مِثْلُ عَلِيٍّ، وَكَانَ جَعْفَرُ قَدْ قُتِلَ قَبْلَ ذَلِكَ. فَإِنَّ الْمُبَاهَلَةَ كَانَتْ لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ سَنَةَ تِسْعٍ أَوْ عَشْرٍ، وَجَعْفَرُ قُتِلَ بِمُؤْتَةَ سَنَةَ ثَمَانٍ، فَتَعَيَّنَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَكَوْنُهُ تَعَيَّنَ لِلْمُبَاهَلَةِ ; إِذْ لَيْسَ فِي الْأَقَارِبِ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ، لَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، بَلْ وَلَا أَنْ يَكُونَ [3] أَفْضَلَ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ مُطْلَقًا، بَلْ لَهُ بِالْمُبَاهَلَةِ نَوْعُ فَضِيلَةٍ، (1) ن، س: هَؤُلَاءِ وَهُوَ خَطَأٌ. (2) ن، س، ب: فَاجْتَمَعَ الْخَوْفُ. (3) س، ب: بَلْ وَلَا يَكُونُ.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (413) صـ 127 إلى صـ 136 وَهِيَ مُشْتَرِكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ، لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامَةِ، فَإِنَّ خَصَائِصَ الْإِمَامَةِ لَا تَثْبُتُ لِلنِّسَاءِ، وَلَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَنْ بَاهَلَ بِهِ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، كَمَا لَمْ يُوجِبْ أَنْ تَكُونَ فَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ أَفْضَلَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ. وَأَمَّا قَوْلُ الرَّافِضِيِّ: "لَوْ كَانَ غَيْرُ هَؤُلَاءِ مُسَاوِيًا لَهُمْ، أَوْ أَفْضَلَ مِنْهُمْ فِي اسْتِجَابَةِ الدُّعَاءِ لَأَمَرَهُ تَعَالَى بِأَخْذِهِمْ مَعَهُ ; [لِأَنَّهُ] [1] فِي مَوْضِعِ الْحَاجَةِ" . فَيُقَالُ فِي الْجَوَابِ: لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ إِجَابَةَ الدُّعَاءِ، فَإِنَّ دُعَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحْدَهُ كَافٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِمَنْ يَدْعُوهُ مَعَهُ أَنْ يُسْتَجَابَ دُعَاؤُهُ ; لَدَعَا الْمُؤْمِنِينَ [2] كُلَّهُمْ وَدَعَا بِهِمْ، كَمَا كَانَ يَسْتَسْقِي بِهِمْ وَكَمَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ، وَكَانَ يَقُولُ: "وَهَلْ [3] تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ؟ بِدُعَائِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ" [4] . وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ هَؤُلَاءِ، وَإِنْ كَانُوا مُجَابِينَ، فَكَثْرَةُ الدُّعَاءِ [5] أَبْلَغُ فِي الْإِجَابَةِ. لَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ لِإِجَابَةِ دُعَائِهِ [6] ، بَلْ لِأَجْلِ الْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الْأَهْلِ وَالْأَهْلِ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (1) لِأَنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) (س) (2) ن، م، س: الْمُؤْمِنُونَ، وَهُوَ خَطَأٌ. (3) س، ب: فَهَلْ. (4) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/782 - 483 (5) م: الدَّاعِي. (6) م: لَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ دَعْوَةَ مَنْ دَعَاهُ إِجَابَةَ دُعَائِهِ ; ب: لَكِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَقْصُودُ مِنْ دَعْوَةِ مَنْ دَعَاهُ إِجَابَةَ دُعَائِهِ. وَسَلَّمَ - لَوْ دَعَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، وَابْنَ مَسْعُودٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ وَغَيْرَهُمْ لِلْمُبَاهَلَةِ، لَكَانُوا مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ اسْتِجَابَةً لِأَمْرِهِ، وَكَانَ دُعَاءُ هَؤُلَاءِ وَغَيْرِهِمْ أَبْلَغَ فِي إِجَابَةِ الدُّعَاءِ، لَكِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِأَخْذِهِمْ [مَعَهُ] [1] ; لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ. فَإِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ أُولَئِكَ يَأْتُونَ بِمَنْ يُشْفِقُونَ عَلَيْهِ طَبْعًا [2] ، كَأَبْنَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَرِجَالِهِمُ الَّذِينَ هُمْ أَقْرَبُ النَّاسِ إِلَيْهِمْ. فَلَوْ دَعَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْمًا أَجَانِبَ لَأَتَى أُولَئِكَ بِأَجَانِبَ، وَلَمْ يَكُنْ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ نُزُولُ الْبَهْلَةِ بِأُولَئِكَ الْأَجَانِبِ، كَمَا يَشْتَدُّ عَلَيْهِمْ نُزُولُهَا بِالْأَقْرَبِينَ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّ طَبْعَ الْبَشَرِ يَخَافُ عَلَى أَقْرِبَيْهِ [3] ، مَا لَا يَخَافُ عَلَى الْأَجَانِبِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَدْعُوَ قَرَابَتَهُ، وَأَنْ يَدْعُوَا أُولَئِكَ قَرَابَتَهُمْ. وَالنَّاسُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ تَقُولُ كُلُّ طَائِفَةٍ لِلْأُخْرَى: أَرْهِنُوا عِنْدَنَا أَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَكُمْ، فَلَوْ رَهَنَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَجْنَبِيًّا لَمْ يَرْضَ أُولَئِكَ، كَمَا أَنَّهُ لَوْ دَعَا النَّبِيُّ الْأَجَانِبَ لَمْ يَرْضَ أُولَئِكَ الْمُقَابِلُونَ لَهُ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَهْلُ الرَّجُلِ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ إِذَا قَابَلَ بِهِمْ لِمَنْ يُقَابِلُهُ بِأَهْلِهِ. فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْآيَةَ لَا دَلَالَةَ فِيهَا أَصْلًا عَلَى مَطْلُوبِ الرَّافِضِيِّ، لَكِنَّهُ وَأَمْثَالَهُ مِمَّنْ فِي قَلْبِهِ زَيْغٌ، كَالنَّصَارَى الَّذِينَ يَتَعَلَّقُونَ بِالْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ وَيَدَعُونَ النُّصُوصَ الصَّرِيحَةَ، ثُمَّ قَدْحَهُ [4] فِي خِيَارِ الْأُمَّةِ بِزَعْمِهِ الْكَاذِبِ، (1) مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) (س) ، (ب) . (2) طَبْعًا سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (3) م: أَقَارِبِهِ. (4) ب: ثُمَّ قَدَحَ. حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَنْفُسِ: الْمُسَاوُونَ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُسْتَعْمَلِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: "نِسَاءَنَا" لَا يَخْتَصُّ بِفَاطِمَةَ، بَلْ مَنْ دَعَاهُ مِنْ بَنَاتِهِ كَانَتْ بِمَنْزِلَتِهَا فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إِذْ ذَاكَ إِلَّا فَاطِمَةُ، فَإِنَّ رُقَيَّةَ وَأُمَّ كُلْثُومٍ وَزَيْنَبَ كُنَّ قَدْ تُوُفِّينَ قَبْلَ ذَلِكَ. فَكَذَلِكَ "أَنْفُسَنَا" لَيْسَ مُخْتَصًّا بِعَلِيٍّ، بَلْ هَذِهِ [1] صِيغَةُ جَمْعٍ، كَمَا أَنَّ "نِسَاءَنَا" صِيغَةُ جَمْعٍ وَكَذَلِكَ "أَبْنَاءَنَا" صِيغَةُ جَمْعٍ، وَإِنَّمَا دَعَا حَسَنًا وَحُسَيْنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ [2] بِالْبُنُوَّةِ سِوَاهُمَا، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا إِذْ ذَاكَ فَهُوَ طِفْلٌ لَا يُدْعَى، فَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ هُوَ ابْنُ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ [الْمُقَوْقِسُ] [3] صَاحِبُ مِصْرَ، وَأَهْدَى لَهُ الْبَغْلَةَ وَمَارِيَةَ وَسِيرِينَ، فَأَعْطَى سِيرِينَ لِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ، وَتَسَرَّى مَارِيَةَ فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَاشَ بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَمَاتَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تُتِمُّ إِرْضَاعَهُ» [4]" (1) ن، س، ب: هَذَا. (2) ن، س: إِلَيْهِمَا، وَهُوَ خَطَأٌ. (3) لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، الْمُقَوْقِسُ، سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) (4) رَضَاعَهُ: كَذَا فِي (س) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: رَضَاعَتَهُ، وَالْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ تَقْرِيبًا عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: (الْمُسْنَدِ ط الْحَلَبِيِّ 4/283، 297، 304 وَوَجَدْتُ حَدِيثًا مُقَارِبًا عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 4/1808 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابُ رَحْمَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصِّبْيَانَ وَالْعِيَالَ وَتَوَاضُعِهِ وَفَضْلِ ذَلِكَ) ، وَأَوَّلُهُ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِيهِ: قَالَ عَمْرُو (بْنُ سَعِيدٍ وَهُوَ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ) ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي، وَإِنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ، وَإِنَّ لَهُ ظِئْرَيْنِ تُكْمِلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ" . مَاتَ فِي الثَّدْيِ: أَيْ مَاتَ وَهُوَ فِي سِنِّ رَضَاعِ الثَّدْيِ، وَالظِّئْرُ هِيَ الْمُرْضِعَةُ وَلَدَ غَيْرِهَا، وَالْحَدِيثُ فِي: الْمُسْنَدِ (ط الْحَلَبِيِّ) 3/112 وَجَاءَ حَدِيثَانِ ضَعِيفَانِ فِيهِمَا أَنَّ رَضَاعَةَ إِبْرَاهِيمَ تَتِمُّ فِي الْجَنَّةِ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/484 (كِتَابُ الْجَنَائِزِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرِ وَفَاتَهُ) . وَكَانَ إِهْدَاءُ الْمُقَوْقِسِ بَعْدَ [1] الْحُدَيْبِيَةِ، بَلْ بَعْدَ حُنَيْنٍ. [فصل البرهان العاشر "فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ" والجواب عليه] فَصْلٌ. قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ الْعَاشِرُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 37] . رَوَى [الْفَقِيهُ] [3] ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ [4] الشَّافِعِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ [5] مِنْ رَبِّهِ فَتَابَ عَلَيْهِ. قَالَ: سَأَلَهُ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ [6] ، فَتَابَ عَلَيْهِ» . وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَمْ يَلْحَقْهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فِيهَا، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ لِمُسَاوَاتِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوَسُّلِ بِهِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا النَّقْلِ، فَقَدْ عُرِفَ أَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَةِ [7] ابْنِ الْمَغَازِلِيِّ [8] لَا يَسُوغُ الِاحْتِجَاجُ بِهَا بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. (1) س: وَكَانَ هَذَا الْمُقَوْقِسُ بَعْدَ، ب: وَكَانَ هَذَا بَعْدَ. (2) فِي (ك) ص 154 (م) ، 155 (م) . (3) الْفَقِيهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (4) ب: ابْنُ الْمُغَازِيِّ. (5) ك: آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (6) ك: وَالْحُسَيْنِ إِلَّا تُبْتَ عَلَيَّ (7) ن، س: أَنَّ مُجَرَّدَ صِحَّةِ رِوَايَةِ. (8) ب: ابْنِ الْمُغَازِيِّ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ" عَنْ طَرِيقِ الدَّارَقُطْنِيِّ [1] ، فَإِنَّ لَهُ كُتُبًا [2] فِي الْأَفْرَادِ وَالْغَرَائِبِ [3] . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: "تَفَرَّدَ بِهِ عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي الْمِقْدَامِ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ حَسَنٍ [4] الْأَشْقَرِ. قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: عَمْرُو بْنُ ثَابِتٍ لَيْسَ ثِقَةً وَلَا مَأْمُونًا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانٍ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الْأَثْبَاتِ" . الثَّالِثُ: أَنَّ الْكَلِمَاتِ الَّتِي تَلَقَّاهَا آدَمُ قَدْ جَاءَتْ مُفَسَّرَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 23] . وَقَدْ رُوِيَ عَنِ السَّلَفِ هَذَا وَمَا يُشْبِهُهُ [5] ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ النَّقْلِ الثَّابِتِ عَنْهُمْ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْقَسَمِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مَنْ هُوَ دُونَ آدَمَ مِنَ الْكُفَّارِ وَالْفُسَّاقِ إِذَا تَابَ أَحَدُهُمْ إِلَى اللَّهِ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُقْسِمْ عَلَيْهِ بِأَحَدٍ. فَكَيْفَ يَحْتَاجُ آدَمُ فِي تَوْبَتِهِ إِلَى مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْمُذْنِبِينَ لَا مُؤْمِنٌ وَلَا كَافِرٌ. وَطَائِفَةٌ قَدْ رَوَوْا أَنَّهُ تَوَسَّلَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى قَبْلَ تَوْبَتِهِ، وَهَذَا كَذِبٌ. وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ حِكَايَةٌ فِي خِطَابِهِ لِلْمَنْصُورِ، وَهُوَ كَذِبٌ عَلَى مَالِكٍ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرَهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي "الشِّفَاءِ" . (1) لَمْ أَسْتَطِعِ الْعُثُورَ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ فِي كِتَابِ الْمَوْضُوعَاتِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ. (2) ن، م: كِتَابًا. (3) ذَكَرَ سِزْكِينُ مِنْ كُتُبِ الدَّارَقُطْنِيِّ الْمَخْطُوطَةِ كِتَابَ الْفَوَائِدِ الْأَفْرَادِ وَكِتَابَ الْفَوَائِدِ الْمُنْتَقَاةِ الْغَرَائِبِ الْحِسَانِ، انْظُرْ سِزْكِينَ م 1 ج [0 - 9] ص [0 - 9] 22 وَسَبَقَتْ تَرْجَمَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ 1/534 (4) م: حُسَيْنٍ. (5) انْظُرْ فِي هَذَا زَادَ الْمَسِيرِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 1 تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ "ط الشَّعْبِ" 1/116 الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا بِالتَّوْبَةِ بِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ، بَلْ وَلَا أَمَرَ أَحَدًا بِمِثْلِ هَذَا الدُّعَاءِ فِي تَوْبَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، بَلْ وَلَا شَرَّعَ لِأُمَّتِهِ أَنْ يُقْسِمُوا عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ وَلَوْ كَانَ هَذَا الدُّعَاءُ مَشْرُوعًا لِشَرْعِهِ لِأُمَّتِهِ. السَّادِسُ: أَنَّ الْإِقْسَامَ عَلَى اللَّهِ بِالْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ أَمْرٌ لَمْ يَرِدْ بِهِ كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ، بَلْ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ - كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِمَا - عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ. وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ. السَّابِعُ: أَنَّ هَذَا لَوْ كَانَ مَشْرُوعًا فَآدَمُ نَبِيٌّ كَرِيمٌ، كَيْفَ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ بِمَنْ هُوَ أَكْرَمُ عَلَيْهِ مِنْهُ؟ وَلَا رَيْبَ أَنَّ نَبِيَّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ آدَمَ، لَكِنَّ آدَمَ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ. الثَّامِنُ: أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْأَئِمَّةِ، فَإِنَّهَا قَدْ ثَبَتَتْ لِفَاطِمَةَ. وَخَصَائِصُ الْأَئِمَّةِ لَا تَثْبُتُ لِلنِّسَاءِ. وَمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ خَصَائِصِهِمْ لَمْ يَسْتَلْزِمِ الْإِمَامَةَ، فَإِنَّ دَلِيلَ الْإِمَامَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَلْزُومًا لَهَا، يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ اسْتِحْقَاقُهَا، فَلَوْ كَانَ هَذَا دَلِيلًا عَلَى الْإِمَامَةِ لَكَانَ مَنْ يَتَّصِفُ بِهِ يَسْتَحِقُّهَا، وَالْمَرْأَةُ لَا تَكُونُ إِمَامًا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ. [فصل البرهان الحادي عشر "إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِي [1] : "الْبُرْهَانُ الْحَادِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} " (1) فِي (ك) ص 155 (م) . [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 124] . رَوَى الْفَقِيهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ [1] الشَّافِعِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ [2] ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيَّ وَإِلَى عَلِيٍّ، لَمْ يَسْجُدْ أَحَدُنَا لِصَنَمٍ قَطُّ، فَاتَّخِذْنِي نَبِيًّا وَاتَّخِذْ عَلِيًّا وَصِيًّا» . وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ ". وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا كَمَا تَقَدَّمَ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ [3] . وانظر: زاد المسير 1 139 - 141، الدر المنثور للسيوطي 1 118. الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ:" انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيْنَا "كَلَامٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ إِنْ أُرِيدَ: أَنَّهَا لَمْ تُصِبْ مَنْ قَبْلَنَا كَانَ مُمْتَنِعًا ; لِأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ دَخَلُوا فِي الدَّعْوَةِ. قَالَ تَعَالَى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ} [سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ: 72 - 73] وَقَالَ تَعَالَى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 2] . وَقَالَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [سُورَةُ السَّجْدَةِ: 24] " (1) ب: ابْنُ الْمُغَازِيِّ. (2) ك: بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ. (3) بِالْحَدِيثِ لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَةِ "1 \ \ 237 237 - 242" ط. الشَّعْبِ "، وَقَالَ فِي تَفْسِيرِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ إِمَامًا سَأَلَ اللَّهَ أَنْ تَكُونَ الْأَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ، فَأُجِيبَ إِلَى ذَلِكَ، وَأُخْبِرَ أَنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ ظَالِمُونَ، وَأَنَّهُ لَا يَنَالُهُمْ عَهْدُ اللَّهِ، وَلَا يَكُونُونَ أَئِمَّةً فَلَا يُقْتَدَى بِهِمْ "" وَقَالَ: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ} [سُورَةُ الْقَصَصِ: 5، 6] . فَهَذِهِ عِدَّةُ نُصُوصٍ مِنَ الْقُرْآنِ فِي جَعْلِ اللَّهِ [أَئِمَّةً] [1] مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ قَبْلَ أُمَّتِنَا. وَإِنْ أُرِيدَ: انْتَهَتِ الدَّعْوَةُ إِلَيْنَا: أَنَّهُ لَا إِمَامَ بَعْدَنَا، لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَلَا غَيْرُهُمَا أَئِمَّةً، وَهُوَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ [2] . ثُمَّ التَّعْلِيلُ بِكَوْنِهِ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ [هُو] [3] هُوَ عِلَّةٌ مَوْجُودَةٌ فِي سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَهُمْ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ كَوْنَ الشَّخْصِ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ فَضِيلَةٌ يُشَارِكُهُ فِيهَا جَمِيعُ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ، مَعَ أَنَّ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ أَفْضَلُ مِنْهُ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ الْمَفْضُولُ مُسْتَحِقًّا لِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ دُونَ الْفَاضِلِ؟ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوْ قِيلَ أَنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ لِصَنَمٍ لِأَنَّهُ أَسْلَمَ قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَلَمْ يَسْجُدْ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، فَهَكَذَا كَلُّ مُسْلِمٍ، وَالصَّبِيُّ غَيْرُ مُكَلَّفٍ. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَسْجُدْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ فَهَذَا النَّفْيُ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَلَا قَائِلُهُ مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ. وَيُقَالُ: لَيْسَ كُلُّ مَنْ لَمْ يَكْفُرْ أَوْ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِكَبِيرَةٍ أَفْضَلُ مِمَّنْ تَابَ عَنْهَا مُطْلَقًا بَلْ قَدْ يَكُونُ التَّائِبُ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفُسُوقِ أَفْضَلَ مِمَّنْ لَمْ يَكْفُرْ وَلَمْ يَفْسُقْ، كَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ [الْعَزِيزُ] [4] فَإِنَّ اللَّهَ فَضَّلَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا عَلَى الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا، وَأُولَئِكَ كُلُّهُمْ أَسْلَمُوا بَعْدَ [الْكُفْرِ] [5] . وَهَؤُلَاءِ فِيهِمْ مَنْ وُلِدَ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَفَضَّلَ (1) أَئِمَّةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) (2) بِالْإِجْمَاعِ سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) هُوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، وَفِي (س) : وَهُوَ. (4) الْعَزِيزُ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (5) ن، س، ب: أَسْلَمُوا مِنْ بَعْدِ. السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ عَلَى التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَأُولَئِكَ آمَنُوا بَعْدَ الْكُفْرِ، وَ [أَكْثَرُ] التَّابِعِينَ [1] وُلِدُوا عَلَى الْإِسْلَامِ. وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ لُوطًا آمَنَ لِإِبْرَاهِيمَ، وَبَعَثَهُ اللَّهُ نَبِيًّا. وَقَالَ شُعَيْبٌ: {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 89] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ: 13] . وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ إِخْوَةِ يُوسُفَ بِمَا أَخْبَرَ، ثُمَّ نَبَّأَهُمْ بَعْدَ تَوْبَتِهِمْ، وَهُمُ الْأَسْبَاطُ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نُؤْمِنَ بِمَا أُوتُوا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَالنِّسَاءِ. وَإِذَا كَانَ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ صَارَ نَبِيًّا، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ. وَهَذَا مِمَّا تُنَازِعُ فِيهِ الرَّافِضَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَيَقُولُونَ: مَنْ صَدَرَ مِنْهُ ذَنْبٌ لَا يَصِيرُ نَبِيًّا. وَالنِّزَاعُ فِيمَنْ أَسْلَمَ أَعْظَمُ، لَكِنَّ الِاعْتِبَارَ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَالَّذِينَ مَنَعُوا مِنْ هَذَا عُمْدَتُهُمْ أَنَّ التَّائِبَ مِنَ الذَّنْبِ يَكُونُ نَاقِصًا مَذْمُومًا لَا يَسْتَحِقُّ النُّبُوَّةَ، وَلَوْ صَارَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ طَاعَةً. وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ الَّذِي نُوزِعُوا فِيهِ، وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَ [الْإِجْمَاعُ] يَدُلُّ [2] عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِهِمْ فِيهِ. [فصل البرهان الثاني عشر "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "الْبُرْهَانُ الثَّانِي عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} " (1) ن، س: وَالتَّابِعِينَ، ب: وَالتَّابِعُونَ. (2) ن، س: وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلُّ، ب: وَالْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ يَدُلَّانِ. (3) فِي (ك) ص 155 (م) . . . . إِلَخْ [سُورَةُ مَرْيَمَ: 96] رَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ [1] بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ نَزَلَتْ فِي عَلَيٍّ. وَالْوُدُّ مَحَبَّةٌ فِي الْقُلُوبِ الْمُؤْمِنَةِ. وَفِي تَفْسِيرِ [2] الثَّعْلَبِيِّ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ [3] : يَا عَلِيُّ قُلْ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي عِنْدَكَ عَهْدًا، وَاجْعَلْ لِي فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ [4] مَوَدَّةً. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} » [سُورَةُ مَرْيَمَ: 96] ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ [5] ". وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ الْمَنْقُولِ، وَإِلَّا فَالِاسْتِدْلَالُ [6] بِمَا لَا تَثْبُتُ مُقَدِّمَاتُهُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ، وَهُوَ مِنَ الْقَوْلِ بِلَا عِلْمٍ وَمِنْ قَفْوِ الْإِنْسَانِ بِمَا لَيْسَ لَهُ بِهِ عِلْمٌ، وَمِنَ الْمُحَاجَّةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ. وَالْعَزْوُ الْمَذْكُورُ لَا يُفِيدُ [7] الثُّبُوتَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مِنَ الْكَذِبِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ [8] ." (1) الْأَصْبَهَانِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) . (2) ك: عَلَيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: الْوُدُّ مَحَبَّتُهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. وَمِنْ تَفْسِيرِ. (3) ك: لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (4) م: الْعَالَمِينَ. (5) ك: لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنْهُمْ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ. (6) م: الْمَنْقُولُ فِي الِاسْتِدْلَالِ. (7) ن، س، ب: لَا يَقْبَلُ. (8) لَمْ أَجِدْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "زَادِ الْمَسِيرِ" 5/266 266 مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ وَلَمْ يُعَلِّقْ عَلَى ذَلِكَ.
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (414) صـ 137 إلى صـ 146 الثَّالِثُ: أَنَّ [1] قَوْلَهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 96] عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهَا بِعَلِيٍّ، بَلْ هِيَ مُتَنَاوِلَةٌ لِعَلِيٍّ وَغَيْرِهِ [2] ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ [3] الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ تُعَظِّمُهُمُ الشِّيعَةُ دَاخِلُونَ فِي الْآيَةِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ الْإِجْمَاعُ عَلَى عَدَمِ اخْتِصَاصِهَا بِعَلِيٍّ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: "وَلَمْ يَثْبُتْ مِثْلُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ" فَمَمْنُوعٌ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّهُمْ خَيْرُ الْقُرُونِ، فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِيهِمْ أَفْضَلُ مِنْهُمْ فِي سَائِرِ الْقُرُونِ، وَهُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمْ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ قَرْنٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ. الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَجْعَلُ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وُدًّا. وَهَذَا وَعْدٌ مِنْهُ صَادِقٌ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِلصَّحَابَةِ مَوَدَّةً فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ، لَا سِيَّمَا الْخُلَفَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لَا سِيَّمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ; فَإِنَّ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يَوَدُّونَهُمَا [4] ، وَكَانُوا [5] خَيْرَ الْقُرُونِ. وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِيٌّ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ (1) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَةِ وَانْظُرِ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ، وَهُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُنَادِي فِي السَّمَاءِ، ثُمَّ يُنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةَ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا، قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ:" وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. (3) ن، س: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ، ب: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ. (4) ن، م، س: يَوَدُّوهُمَا. (5) م: وَهُمَا. وَيَسُبُّونَهُ وَيُقَاتِلُونَهُ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَدْ أَبْغَضَهُمَا وَسَبَّهُمَا الرَّافِضَةُ وَالنَّصِيرِيَّةُ وَالْغَالِيَةُ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةُ. لَكِنْ مَعْلُومٌ أَنَّ الَّذِينَ أَحَبُّوا ذَيْنِكَ [1] أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ، وَأَنَّ الَّذِينَ أَبْغَضُوهُمَا أَبْعَدُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَأَقَلُّ، بِخِلَافِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ الَّذِينَ أَبْغَضُوهُ وَقَاتَلُوهُ هُمْ خَيْرٌ مِنَ الَّذِينَ أَبْغَضُوا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، بَلْ شِيعَةُ عُثْمَانَ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيُبْغِضُونَ عَلِيًّا، وَإِنْ كَانُوا مُبْتَدِعِينَ ظَالِمِينَ، فَشِيعَةُ عَلِيٍّ الَّذِينَ يُحِبُّونَهُ وَيُبْغِضُونَ عُثْمَانَ أَنْقَصُ مِنْهُمْ عِلْمًا وَدِينًا، وَأَكْثَرُ جَهْلًا وَظُلْمًا. فَعُلِمَ أَنَّ الْمَوَدَّةَ الَّتِي جُعِلَتْ لِلثَّلَاثَةِ أَعْظَمُ. وَإِذَا قِيلَ: عَلِيٌّ قَدِ ادُّعِيَتْ [2] فِيهِ الْإِلَهِيَّةُ وَالنُّبُوَّةُ. قِيلَ: قَدْ كَفَّرَتْهُ الْخَوَارِجُ كُلُّهَا، وَأَبْغَضَتْهُ الْمَرْوَانِيَّةُ. وَهَؤُلَاءِ خَيْرٌ مِنَ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ يَسُبُّونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَضْلًا عَنِ الْغَالِيَةِ [3] . [فصل البرهان الثالث عشر "إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] : "الْبُرْهَانُ الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} [سُورَةُ الرَّعْدِ: 7] مِنْ كِتَابِ" الْفِرْدَوْسِ "عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [5] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا" (1) ن، م، س: أُولَئِكَ. (2) ن، ب: أُدْغِيَتْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) س، ب: الْغَالِيَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (4) فِي (ك) ص 155 (م) 156 (م) . (5) ك: وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. الْمُنْذِرُ [1] وَعَلِيٌّ الْهَادِي، بِكَ [2] يَا عَلِيُّ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ» . وَنَحْوُهُ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي ثُبُوتِ الْوِلَايَةِ وَالْإِمَامَةِ [3] "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّتِهِ، فَلَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ [بِهِ] [4] . وَكِتَابُ "الْفِرْدَوْسِ" لِلدَّيْلَمِيِّ [5] فِيهِ مَوْضُوعَاتٌ كَثِيرَةٌ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ كَوْنِهِ رَوَاهُ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الْحَدِيثِ، وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ لَا تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ [6] ، فَيَجِبُ تَكْذِيبُهُ وَرَدُّهُ. (1) ك: أَنَا النَّذِيرُ. (2) ك: وَبِكَ. (3) ك: فِي ثُبُوتِ الْإِمَامَةِ وَالْوِلَايَةِ لَهُ. (4) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) هُوَ أَبُو شُجَاعٍ شِيرَوَيْهِ بْنُ شَهْرَدَارَ بْنِ فَنَاخِسْرُو الدَّيْلَمِيُّ الْهَمَذَانِيُّ، مُؤَرِّخٌ وَمُحَدِّثٌ وُلِدَ سَنَةَ 445 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 509 لَهُ كِتَابُ فِرْدَوْسِ الْأَخْبَارِ "كِتَابٌ كَبِيرٌ فِي الْحَدِيثِ، اخْتَصَرَهُ ابْنُ شَهْرَدَارَ ثُمَّ اخْتَصَرَ الْمُخْتَصَرَ ابْنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلَانِيُّ، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 7/111 - 112 (وَقَالَ: وَكَانَ يُلَقَّبُ إِلْكِيَا) الْأَعْلَامِ 3/268 مُعْجَمِ الْمُؤَلِّفِينَ 4/313، كَشْفِ الظُّنُونِ 1254" (6) رَوَى الطَّبَرِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ فِي تَفْسِيرِهِ "ط الْمَعَارِفِ" 16/357 فَقَالَ "حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ بَيَّاعُ الْهَرَوَى، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ" إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ "وَضَعَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، فَقَالَ: أَنَا الْمُنْذِرُ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَنْكِبِ عَلِيٍّ، فَقَالَ:" أَنْتَ الْهَادِي يَا عَلِيُّ، بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ بَعْدِي ". قَالَ أُسْتَاذِي الْأُسْتَاذُ مَحْمُود مُحَمَّد شَاكِر فِي تَعْلِيقِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ:" وَالْحَسَنُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيُّ الْعُرَنِيُّ كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: "الْعَرَنِيُّ" لِأَنَّهُ كَانَ يَكُونُ فِي مَسْجِدِ "حَبَّةِ الْعَرَنِيِّ" ، كَانَ مِنْ رُؤَسَاءِ الشِّيعَةِ، لَيْسَ بِصَدُوقٍ، وَلَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانٍ: "يَأْتِي عَنِ الْأَثْبَاتِ بِالْمُلَزَّقَاتِ، وَيَرْوِي الْمَقْلُوبَاتِ وَالْمَنَاكِيرَ" . مُتَرْجَمٌ فِي ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ 1/2 \ 6 وَمِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/225 وَلِسَانِ الْمِيزَانِ 2/98 1 وَمُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ بَيَّاعُ الْهَرَوَى، لَمْ يُذْكَرْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ "بَيَّاعِ الْهَرَوَى" فِي غَيْرِ التَّفْسِيرِ، وَالْهَرَوَى ثِيَابٌ تُنْسَبُ إِلَى هَرَاةَ، وَجَعَلَهَا فِي الْمَطْبُوعَةِ، "حَدَّثَنَا الْهَرَوَى" فَأَفْسَدَ الْإِسْنَادَ إِفْسَادًا. وَمُعَاذُ بْنُ مُسْلِمٍ مَجْهُولٌ، هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَهُوَ مُتَرْجَمٌ فِي ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ 4 248 وَمِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/178، وَلِسَانِ الْمِيزَانِ 6 وَهَذَا خَبَرٌ هَالِكٌ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ وَابْنُ حَجَرٍ فِي تَرْجَمَةِ "الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ الْأَنْصَارِيِّ" قَالَا بَعْدَ أَنْ سَاقَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِ وَلَفْظِهِ وَنِسْبَتِهِ لِابْنِ جَرِيرٍ أَيْضًا: "مُعَاذٌ نَكِرَةٌ، فَلَعَلَّ الْآفَةَ مِنْهُ" ، وَأَقُولُ: بَلِ الْآفَةُ مِنْ كِلَيْهِمَا: الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، وَمُعَاذِ بْنِ مُسْلِمٍ ". وَانْظُرْ مَا ذُكِرَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فِي" مُخْتَصَرِ التُّحْفَةِ الِاثْنَى عَشْرِيَّةَ "ص 157" الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ قَوْلَهُ: «أَنَا الْمُنْذِرُ وَبِكَ يَا عَلِيُّ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ» ، ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ بِكَ يَهْتَدُونَ دُونِي، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ ; فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ النِّذَارَةَ وَالْهِدَايَةَ مَقْسُومَةٌ بَيْنَهُمَا، فَهَذَا نَذِيرٌ لَا يُهْتَدَى بِهِ، وَهَذَا هَادٍ [وَهَذَا] [1] لَا يَقُولُهُ مُسْلِمٌ. الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ مُحَمَّدًا هَادِيًا فَقَالَ: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ - صِرَاطِ اللَّهِ} [سُورَةُ الشُّورَى: 52 - 53] فَكَيْفَ يُجْعَلُ الْهَادِي مَنْ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ دُونَ مَنْ وُصِفَ بِهِ؟ ! الْخَامِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ: "بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ" ظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ مَنِ اهْتَدَى مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ فَبِهِ اهْتَدَى، وَهَذَا كَذِبٌ بَيِّنٌ ; فَإِنَّهُ قَدْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْقٌ كَثِيرٌ، وَاهْتَدَوْا بِهِ، وَدَخَلُوا الْجَنَّةَ، وَلَمْ يَسْمَعُوا مِنْ عَلِيٍّ كَلِمَةً وَاحِدَةً، وَأَكْثَرُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاهْتَدَوْا بِهِ لَمْ يَهْتَدُوا بِعَلِيٍّ فِي شَيْءٍ. وَكَذَلِكَ لَمَّا فُتِحَتِ الْأَمْصَارُ وَآمَنَ وَاهْتَدَى النَّاسُ بِمَنْ سَكَنَهَا مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ، كَانَ جَمَاهِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يَسْمَعُوا مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: بِكَ يَهْتَدِي الْمُهْتَدُونَ؟ ! (1) وَهَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . السَّادِسُ: أَنَّهُ قَدْ قِيلَ مَعْنَاهُ: إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَنْ قَالَ: أَنْتَ نَذِيرٌ وَهَادٍ لِكُلِّ قَوْمٍ، قَوْلٌ ضَعِيفٌ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ مَعْنَاهَا: إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ كَمَا أُرْسِلَ مِنْ قَبْلِكَ نَذِيرٌ [1] ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ نَذِيرٌ يَهْدِيهِمْ أَيْ يَدْعُوهُمْ [2] ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} [سُورَةُ فَاطِرٍ: 24] وَهَذَا قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ مِثْلَ قَتَادَةَ وَعِكْرِمَةَ وَأَبِي الضُّحَى وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدٍ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ [3] : "حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا [4] يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ [5] حَدَّثَنَا [وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا] [6] سُفْيَانَ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ. وَمَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى:" {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} [7] {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} "قَالَا: مُحَمَّدٌ هُوَ الْمُنْذِرُ وَهُوَ الْهَادِي" . "حَدَّثَنَا يُونُسُ [8] ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ [9] ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لِكُلِّ قَوْمٍ نَبِيٌّ [10] ." الْهَادِي "النَّبِيُّ [11] وَالْمُنْذِرُ النَّبِيُّ أَيْضًا [12] . وَقَرَأَ: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ} " (1) ب: كَمَا أَرْسَلَ مِنْ قَبْلِكَ نَذِيرًا. (2) م: يَهْدِيهِمْ وَيَدْعُوهُمْ، س: يَهْدِي لَهُمْ أَيْ يَدْعُو لَهُمْ، ب: يَهْدِي لَهُمْ أَيْ يَدْعُو. (3) فِي تَفْسِيرِهِ (ط. الْمَعَارِفِ) 16/353 - 354 (4) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ:. . بِشْرٌ قَالَ حَدَّثَنَا. (5) أَدْمَجَ ابْنُ تَيْمِيَةَ السَّنَدَيْنِ مَعًا 20138، 20139 (6) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ، وَفِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ: قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ (7) س، ب: نَذِيرٌ. (8) "حَدَّثَنَا يُونُسُ" هَذِهِ الْعِبَارَةُ وَمَا بَعْدَهَا فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ 16/356 وَفِيهِ: حَدَّثَنِي يُونُسُ. (9) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ. (10) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ قَالَ: لِكُلِّ قَوْمٍ نَبِيٌّ. (11) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (12) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: أَيْضًا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. [سُورَةُ فَاطِرٍ: 24] . وَقَرَأَ [1] : {نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 56] قَالَ: نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. "حَدَّثَنَا بَشَّارٌ [2] ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ [3] ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ:" الْمُنْذِرُ "[4] مُحَمَّدٌ [5] ،" {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} "قَالَ: نَبِيٌّ." وَقَوْلُهُ: {يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 71] ; إِذِ الْإِمَامُ [هُوَ] [6] الَّذِي يُؤْتَمُّ بِهِ، أَيْ يُقْتَدَى بِهِ. وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُوَ اللَّهُ الَّذِي يَهْدِيهِمْ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِعَلِيٍّ فَإِنَّهُ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهُ قَالَ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هَادِي هَؤُلَاءِ غَيْرَ هَادِي هَؤُلَاءِ، فَيَتَعَدَّدُ الْهُدَاةُ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ عَلِيٌّ هَادِيًا [7] لِكُلِّ قَوْمٍ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ؟ ! السَّابِعُ: أَنَّ الِاهْتِدَاءَ بِالشَّخْصِ قَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ تَأْمِيرِهِ عَلَيْهِمْ، كَمَا يُهْتَدَى بِالْعَالِمِ. وَكَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ: «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ فَبِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» [8] "فَلَيْسَ هَذَا صَرِيحًا فِي أَنَّ الْإِمَامَةَ [9] كَمَا زَعَمَهُ هَذَا الْمُفْتَرِي." (1) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: قَالَ. (2) عِبَارَةُ حَدَّثَنَا بَشَّارٌ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ قَبْلَ الْكَلَامِ السَّابِقِ 16/355 وَفِيهِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: (3) س، ب: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ. (4) س، ب: النَّذِيرُ. (5) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (6) هُوَ: فِي (م) فَقَطْ. (7) م: فَكَيْفَ يَحْصُلُ هَادِيًا. (8) قَالَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ نَاصِرُ الدَّيْنِ الْأَلْبَانِيُّ فِي كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي "سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ وَالْمَوْضُوعَةِ" 1/78 - 79 (حَدِيثُ رَقْمِ 58) إِنَّهُ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَابْنِ حَزْمٍ فِي هَذَا الصَّدَدِ. وَانْظُرِ الْأَحَادِيثَ التَّالِيَةَ: 59، 60، 61، 62 فَهِيَ مُقَارِبَةٌ فِي الْمَعْنَى وَكُلُّهَا أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ. (9) ن، س: فِي أَنَّ الْأُمَّةَ، ب: فِي ثُبُوتِ الْإِمَامَةِ. الثَّامِنُ: أَنَّ قَوْلَهُ: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَى مُعَيَّنٍ، فَدَعْوَى دَلَالَةِ الْقُرْآنِ عَلَى عَلِيٍّ بَاطِلٌ، وَالِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ لَيْسَ احْتِجَاجًا بِالْقُرْآنِ، مَعَ أَنَّهُ بَاطِلٌ. التَّاسِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: كُلُّ قَوْمٍ صِيغَةُ عُمُومٍ. وَلَوْ أُرِيدَ أَنَّ هَادِيًا وَاحِدًا لِلْجَمِيعِ لَقِيلَ: لِجَمِيعِ النَّاسِ هَادٍ [1] . لَا يُقَالُ: (لِكُلِّ قَوْمٍ) ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ [غَيْرُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ] [2] ، وَهُوَ لَمْ يَقُلْ: لِجَمِيعِ الْقَوْمِ، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ، بَلْ أَضَافَ "كُلًّا" إِلَى نَكِرَةٍ، لَمْ يُضِفْهُ إِلَى مَعْرِفَةٍ. كَمَا فِي قَوْلِكَ: "كُلُّ النَّاسِ يَعْلَمُ أَنَّ هُنَا [3] قَوْمًا وَقَوْمًا مُتَعَدِّدِينَ، وَأَنَّ كُلَّ قَوْمٍ لَهُمْ هَادٍ لَيْسَ هُوَ هَادِيَ الْآخَرِينَ" . وَهَذَا يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: [إِنَّ] [4] الْهَادِيَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَدَلَالَتُهُ عَلَى بُطْلَانِ قَوْلِ مَنْ يَقُولُ: "هُوَ عَلِيٌّ أَظْهَرُ." [فصل البرهان الرابع عشر "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [5] : "الْبُرْهَانُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: 24] مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ [6] عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} عَنْ وِلَايَةِ عَلِيٍّ. وَكَذَا فِي كِتَابِ" الْفِرْدَوْسِ "عَنْ أَبِي" (1) ن، س: وَلَوْ أُرِيدَ أَنَّ هَادِيًا وَاحِدًا لِجَمِيعِ النَّاسِ لَقِيلَ: لِجَمِيعِ النَّاسِ هَادِيًا، ب: وَلَوْ أُرِيدَ أَنَّ هَادِيًا وَاحِدًا لِجَمِيعِ النَّاسِ لَقِيلَ لِجَمِيعِ النَّاسِ هَادٍ. (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (3) م: هَذَا. (4) إِنَّ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (5) فِي (ك) ص 156 (م) . (6) ك: الْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ. سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [1] . وَإِذَا سُئِلُوا عَنِ الْوِلَايَةِ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ ثَابِتَةً لَهُ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ [2] ، وَالْعَزْوُ إِلَى "الْفِرْدَوْسِ" وَإِلَى أَبِي نُعَيْمٍ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِالِاتِّفَاقِ [3] . الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ - وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ - وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ - وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ - أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ - أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ - قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ - فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ - وَقَالُوا يَاوَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ - هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ - احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ - مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ - وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ - مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ - بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ - وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ - قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ - قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ - وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ - فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ - فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ - فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ - إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ - إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ - وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ - بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ} (1) ك: عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ. (2) ن، م، س: الْمُطَالَبَةُ بِالنَّقْلِ. (3) فِي "مُخْتَصَرِ التُّحْفَةِ الِاثْنَى عَشْرِيَّةَ" ، ". . وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَاقِعَةٌ فِي فِرْدَوْسِ الدَّيْلَمِيِّ الْجَامِعِ لِلْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ الْوَاهِيَةِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدَ وَقَعَ فِي سَنَدِهَا الضُّعَفَاءُ وَالْمَجَاهِيلُ الْكَثِيرُونَ." [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: 12 - 37] . فَهَذَا خِطَابٌ عَنِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ، وَهَؤُلَاءِ يُسْأَلُونَ عَنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَالْإِيمَانِ بِرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَأَيُّ مَدْخَلٍ لِحُبِّ عَلِيٍّ فِي سُؤَالِ هَؤُلَاءِ تُرَاهُمْ لَوْ أَحَبُّوهُ مَعَ هَذَا الْكُفْرِ وَالشِّرْكِ أَكَانَ ذَلِكَ يَنْفَعُهُمْ أَوْ تُرَاهُمْ لَوْ أَبْغَضُوهُ أَيْنَ كَانَ بُغْضُهُمْ لَهُ فِي بُغْضِهِمْ لِأَنْبِيَاءِ اللَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَدِينِهِ؟ وَمَا يُفَسِّرُ الْقُرْآنَ بِهَذَا، وَيَقُولُ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَّرَهُ بِمِثْلِ هَذَا - إِلَّا زِنْدِيقٌ مُلْحِدٌ مُتَلَاعِبٌ بِالدِّينِ قَادِحٌ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَوْ مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ، لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ حُبِّ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ؟ ! وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عَنْ حُبِّ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ أَبْعَدَ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: عَنْ حُبِّ عَلِيٍّ، وَلَا فِي الْآيَةِ [1] مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ أَرْجَحُ، بَلْ دَلَالَتُهَا [2] عَلَى ثُبُوتِهِمَا وَانْتِفَائِهِمَا [3] سَوَاءٌ، وَالْأَدِلَّةُ الدَّالَّةُ [4] عَلَى وُجُوبِ حُبِّ أَبِي بَكْرٍ أَقْوَى. الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ "مَسْئُولُونَ" لَفْظٌ مُطْلَقٌ لَمْ يُوصَلْ [بِهِ] ضَمِيرٌ [5] يَخُصُّهُ بِشَيْءٍ، وَلَيْسَ فِي السِّيَاقِ مَا يَقْتَضِي ذِكْرَ حُبِّ عَلِيٍّ، فَدَعْوَى الْمُدَّعِي دَلَالَةَ اللَّفْظِ عَلَى سُؤَالِهِمْ عَنْ حُبِّ عَلِيٍّ مِنْ أَعْظَمِ الْكَذِبِ وَالْبُهْتَانِ. (1) ن، م: الْوِلَايَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) ن: دَلَالَتُهُمَا. (3) س: عَلَى ثُبُوتِهَا وَانْتِفَائِهَا، م: عَلَى ثُبُوتِهَا وَانْتِفَائِهِمَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) الدَّالَّةُ: زِيَادَةٌ فِي (ن) . (5) ن، س: لَمْ يُوصَلِ الضَّمِيرُ، ب: لَمْ يُوصَلْ بِضَمِيرٍ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَوِ ادَّعَى مُدَّعٍ أَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عَنْ حُبِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَمْ يَكُنْ [1] إِبْطَالُ ذَلِكَ بِوَجْهٍ إِلَّا وَإِبْطَالُ السُّؤَالِ عَنْ حُبِّ عَلِيٍّ أَقْوَى وَأَظْهَرُ. [فصل البرهان الخامس عشر "وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} [سُورَةُ مُحَمَّدٍ: 30] . رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [3] بِإِسْنَادِهِ عَنْ [4] أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} قَالَ: بِبُغْضِهِمْ عَلِيًّا. وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، فَيَكُونَ أَفْضَلَ مِنْهُمْ، فَيَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ" . وَالْجَوَابُ: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ أَوَّلًا. وَالثَّانِي: أَنَّ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ [5] . الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ، فَمُجَرَّدُ قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ قَوْلُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقَوْلُ الصَّاحِبِ إِذَا خَالَفَهُ صَاحِبٌ آخَرُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ بِاتِّفَاقِ (1) ن، س، ب: لَمْ يُمْكِنْ. (2) فِي (ك) ص 156 (م) . (3) ك: أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ. (4) ك: إِلَى. (5) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِلْآيَةِ: "وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ" : أَيْ فِيمَا يَبْدُو مِنْ كَلَامِهِمُ الدَّالِّ عَلَى مَقَاصِدِهِمْ، يَفْهَمُ الْمُتَكَلِّمَ مِنْ أَيِّ الْحِزْبَيْنِ هُوَ بِمَعَانِي كَلَامِهِ وَفَحْوَاهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ لَحْنِ الْقَوْلِ، كَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا أَسَرَّ أَحَدٌ سَرِيرَةً إِلَّا أَبْدَاهَا اللَّهُ عَلَى صَفَحَاتِ وَجْهِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ. وَانْظُرْ: زَادَ الْمَسِيرِ 7/411
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (415) صـ 147 إلى صـ 156 أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَدْ عُلِمَ قَدْحُ كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ فِي عَلِيٍّ، وَإِنَّمَا احْتُجَّ عَلَيْهِمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَا بِقَوْلِ آخَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ. الرَّابِعُ: أَنَّا نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ عَامَّةَ الْمُنَافِقِينَ لَمْ يَكُنْ مَا يُعْرَفُونَ بِهِ مِنْ [1] لَحْنِ الْقَوْلِ هُوَ بُغْضَ عَلِيٍّ، فَتَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِهَذَا فِرْيَةٌ ظَاهِرَةٌ. الْخَامِسُ: أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ أَعْظَمَ مُعَادَاةً لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنْ عُمَرَ، بَلْ * وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَذَّوْنَ مِنْهُ كَمَا يَتَأَذَّوْنَ مِنْ عُمَرَ، بَلْ وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَذَّوْنَ مِنْهُ إِلَّا وَكَانَ بُغْضُهُمْ لِعُمَرَ أَشَدَّ * [2] . السَّادِسُ: أَنَّهُ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «آيَةُ الْإِيمَانِ حُبُّ الْأَنْصَارِ [3] ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الْأَنْصَارِ» . وَقَالَ: «لَا يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ رَجُلٌ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» [4] . فَكَانَ مَعْرِفَةُ الْمُنَافِقِينَ فِي لَحْنِهِمْ بِبُغْضِ الْأَنْصَارِ أَوْلَى. فَإِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَصَحُّ مِمَّا يُرْوَى «عَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ: [إِنَّهُ] [5] لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ إِلَيَّ أَنَّهُ لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» . فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ مُسْلِمٍ، وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَلِيٍّ [6] ، وَالْبُخَارِيُّ أَعْرَضَ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، بِخِلَافِ أَحَادِيثِ الْأَنْصَارِ، (1) ن، س، ب: فِي. (2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ فِي (م) ، وَلَكِنْ فِيهَا فَكَانَ بُغْضُهُمْ إِلَخْ، وَفِي (ن) ، (س) وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَذَّوْنَ مِنْ عُمَرَ، بَلْ وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَذَّوْنَ مِنْهُ، فَكَانَ بُغْضُهُمْ لِعُمَرَ أَشَدَّ، وَفِي (ب) وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَأَذَّوْنَ مِنْهُ فَكَانَ بُغْضُهُمْ لِعُمَرَ أَشَدَّ. (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/297 (4) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/297 (5) إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) (ب) . (6) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/396 فَإِنَّهَا مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الصَّحِيحِ كُلُّهُمْ: الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ يَقِينًا [1] أَنَّ النَّبِيَّ قَالَهُ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ قَدْ شَكَّ فِيهِ بَعْضُهُمْ. السَّابِعُ: أَنَّ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ كَثِيرَةٌ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ» [2] . فَهَذِهِ عَلَامَاتٌ ظَاهِرَةٌ. فَعُلِمَ أَنَّ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ لَا تَخْتَصُّ بِحُبِّ شَخْصٍ أَوْ طَائِفَةٍ وَلَا بُغْضِهِمْ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنَ الْعَلَامَاتِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ عَلِيًّا لِلَّهِ بِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْمَحَبَّةِ لِلَّهِ، فَذَلِكَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى إِيمَانِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ ; لِأَنَّهُمْ نَصَرُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ إِيمَانِهِ، وَمَنْ أَبْغَضَ عَلِيًّا وَالْأَنْصَارَ لِمَا فِيهِمْ مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ ; فَهُوَ مُنَافِقٌ. وَأَمَّا مَنْ أَحَبَّ الْأَنْصَارَ أَوْ عَلِيًّا أَوْ غَيْرَهُمْ لِأَمْرٍ طَبِيعِيٍّ مِثْلِ قَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا، فَهُوَ كَمَحَبَّةِ أَبِي طَالِبٍ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَذَلِكَ لَا يَنْفَعُهُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَنْ غَلَا فِي الْأَنْصَارِ، أَوْ فِي عَلِيٍّ أَوْ فِي الْمَسِيحِ أَوْ فِي نَبِيٍّ فَأَحَبَّهُ وَاعْتَقَدَ فِيهِ فَوْقَ مَرْتَبَتِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُحِبَّهُ فِي الْحَقِيقَةِ، إِنَّمَا أَحَبَّ مَا لَا وُجُودَ لَهُ، كَحُبِّ النَّصَارَى لِلْمَسِيحِ، فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ. وَهَذِهِ الْمَحَبَّةُ لَا تَنْفَعُهُمْ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَنْفَعُ الْحُبُّ لِلَّهِ، لَا الْحُبُّ مَعَ اللَّهِ. قَالَ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} (1) يَقِينًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/82 وَمَنْ قُدِّرَ أَنَّهُ سَمِعَ عَنْ بَعْضِ الْأَنْصَارِ أَمْرًا يُوجِبُ [1] بُغْضَهُ فَأَبْغَضَهُ لِذَلِكَ، كَانَ ضَالًّا مُخْطِئًا، وَلَمْ يَكُنْ مُنَافِقًا بِذَلِكَ. وَكَذَلِكَ مَنِ اعْتَقَدَ فِي بَعْضِ الصَّحَابَةِ اعْتِقَادًا غَيْرَ مُطَابِقٍ، وَظَنَّ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا فَأَبْغَضَهُ لِذَلِكَ كَانَ جَاهِلًا ظَالِمًا وَلَمْ يَكُنْ مُنَافِقًا. وَهَذَا مِمَّا يُبَيَّنُ بِهِ كَذِبُ مَا يُرْوَى عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ كَجَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: "مَا كُنَّا نَعْرِفُ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا بِبُغْضِهِمْ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ" فَإِنَّ هَذَا النَّفْيَ مِنْ أَظْهَرِ الْأُمُورِ كَذِبًا، لَا يَخْفَى بُطْلَانُ هَذَا النَّفْيِ عَلَى [آحَادِ النَّاسِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَخْفَى مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى] [2] جَابِرٍ أَوْ نَحْوِهِ. فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ عَلَامَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَصِفَاتِهِمْ أُمُورًا مُتَعَدِّدَةً، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بُغْضُ عَلِيٍّ. كَقَوْلِهِ [3] {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 49] . وَقَوْلِهِ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 58] . وَقَوْلِهِ: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 61] . وَقَوْلِهِ: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} (1) ب: مَا يُوجِبُ (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ، وَسَقَطَ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (3) ن، م، س: وَكَقَوْلِهِ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 75] إِلَى قَوْلِهِ {وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 77] . إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي يَصِفُ بِهَا الْمُنَافِقِينَ [1] ، وَذَكَرَ عَلَامَاتِهِمْ وَذَكَرَ الْأَسْبَابَ الْمُوجِبَةَ لِلنِّفَاقِ. وَكُلُّ مَا كَانَ مُوجِبًا لِلنِّفَاقِ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَيْهِ وَعَلَامَةٌ لَهُ. فَكَيْفَ يَجُوزُ لِعَاقِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَكُنْ لِلْمُنَافِقِينَ عَلَامَةٌ [يُعْرَفُونَ بِهَا] [2] غَيْرُ [3] بُغْضِ عَلِيٍّ؟ وَقَدْ كَانَ مِنْ عَلَامَتِهِمُ التَّخَلُّفُ عَنِ الْجَمَاعَةِ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ حَافِظُوا عَلَى [هَؤُلَاءِ] [4] الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ [5] ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى، وَإِنَّ اللَّهَ [6] شَرَعَ لِنَبِيِّهِ سُنَنَ الْهُدَى، وَإِنَّكُمْ لَوْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ، [7] وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ [8] لَضَلَلْتُمْ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا [9] إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ [10] "" (1) ن، س، ب: الَّتِي وُصِفَ بِهَا الْمُنَافِقُونَ. (2) يُعْرَفُونَ بِهَا: زِيَادَةٌ فِي (م) . (3) م: إِلَّا. (4) هَؤُلَاءِ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (5) س، ب: إِلَيْهِنَّ. (6) ن، س، ب: وَاللَّهُ. (7) سَاقِطٌ مِنْ (م) . (8) سَاقِطٌ مِنْ (م) . (9) ن، س: مِنْهَا. (10) الْأَثَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: مُسْلِمٍ 1/453 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، بَابُ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى) ، وَجَاءَ الْأَثَرُ مَرَّتَيْنِ 256، 257، وَهُوَ مُطَوَّلٌ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ، وَأَوَّلُهُ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ) وَالْأَثَرُ فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/255 - 216 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابٌ فِي التَّشْدِيدِ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 2/84 (كِتَابُ الْإِمَامَةِ، بَابُ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/255 - 256 (كِتَابُ الْمَسَاجِدِ وَالْجَمَاعَاتِ، بَابُ الْمَشْيِ إِلَى الصَّلَاةِ) ، الْمُسْنَدِ (ط الْحَلَبِيِّ) 1/382، 414 - 415، 419، 455 وَعَامَّةُ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ وَأَسْبَابِهِ لَيْسَتْ فِي أَحَدٍ مِنْ أَصْنَافِ الْأُمَّةِ أَظْهَرَ مِنْهَا فِي الرَّافِضَةِ، حَتَّى يُوجَدَ فِيهِمْ مِنَ النِّفَاقِ الْغَلِيظِ الظَّاهِرِ مَا لَا يُوجَدُ فِي غَيْرِهِمْ. وَشِعَارُ دِينِهِمْ "التَّقِيَّةُ" الَّتِي هِيَ أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ، وَهَذَا عَلَامَةُ النِّفَاقِ. كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ - وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 166 - 167] . وَقَالَ تَعَالَى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 74] [1] . وَقَالَ تَعَالَى: {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 10] وَفِيهَا قِرَاءَتَانِ [2] : يَكْذِبُونَ، وَيُكَذِّبُونَ [3] . وَفِي الْجُمْلَةِ [فَعَلَامَاتُ] [4] النِّفَاقِ مِثْلُ الْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ وَإِخْلَافِ [5] الْوَعْدِ وَالْغَدْرِ لَا يُوجَدُ فِي طَائِفَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا فِي الرَّافِضَةِ. وَهَذَا مِنْ صِفَاتِهِمُ الْقَدِيمَةِ، حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَغْدِرُونَ بِعَلِيٍّ وَبِالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ (1) زَادَتْ (ن) ، (س) ، (ب) : وَمَا نَقَمُوا. (2) س، ب: قِرَاءَاتٌ. (3) انْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) 1/284 (4) فَعَلَامَاتُ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (5) ن، س: وَاخْتِلَافِ، م: وَاخْتَلَفَ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ [1] ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» [2] . وَهَذَا لِبَسْطِهِ مَوْضُوعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ: لَا عَلَامَةَ لِلنِّفَاقِ إِلَّا بُغْضُ عَلِيٍّ، وَلَا يَقُولُ هَذَا أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنَّ الَّذِي قَدْ يُقَالُ: إِنَّ بُغْضَهُ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ، كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ: «لَا يُبْغِضُنِي إِلَّا مُنَافِقٌ» [3] ، فَهَذَا يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ، فَإِنَّهُ مَنْ عَلِمَ مَا قَامَ بِهِ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِهِ، ثُمَّ أَبْغَضَهُ عَلَى ذَلِكَ، فَهُوَ مُنَافِقٌ. وَنِفَاقُ مَنْ يُبْغِضُ الْأَنْصَارَ أَظْهَرُ ; فَإِنَّ الْأَنْصَارَ قَبِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لَهُمْ مَدِينَةٌ، وَهُمُ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِ الْمُهَاجِرِينَ، وَبِالْهِجْرَةِ إِلَى دَارِهِمْ عَزَّ الْإِيمَانُ، وَاسْتَظْهَرَ أَهْلُهُ، وَكَانَ لَهُمْ مِنْ نَصْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَا لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ مَدِينَةٍ غَيْرِهِمْ، وَلَا لِقَبِيلَةٍ سِوَاهُمْ، فَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَّا مُنَافِقٌ. وَمَعَ هَذَا فَلَيْسُوا بِأَفْضَلَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، بَلِ الْمُهَاجِرُونَ أَفْضَلُ مِنْهُمْ. فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ بُغْضِ الشَّخْصِ مِنْ عَلَامَاتِ النِّفَاقِ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ. وَلَا يَشُكُّ مَنْ عَرَفَ أَحْوَالَ الصَّحَابَةِ أَنَّ عُمَرَ كَانَ أَشَدَّ عَدَاوَةً لِلْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ مِنْ عَلِيٍّ، وَأَنَّ تَأْثِيرَهُ فِي نَصْرِ الْإِسْلَامِ وَإِعْزَازِهِ (1) م: خَلَفَ. (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/375 (3) أَوَّلُ الْحَدِيثِ "إِنَّهُ لَعَهْدُ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ: لَا يُحِبُّنِي إِلَّا مُؤْمِنٌ، وَلَا يُبْغِضُنِي. . إِلَخْ، وَسَبَقَ فِيمَا مَضَى 4/296" وَإِذْلَالِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ أَعْظَمُ مِنْ تَأْثِيرِ عَلِيٍّ، وَأَنَّ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ أَعْدَاءَ الرَّسُولِ يُبْغِضُونَهُ أَعْظَمَ مِمَّا يُبْغِضُونَ عَلِيًّا. وَلِهَذَا كَانَ الَّذِي قَتَلَ عُمَرَ كَافِرًا يُبْغِضُ دِينَ الْإِسْلَامِ، وَيُبْغِضُ الرَّسُولَ وَأُمَّتَهُ فَقَتَلَهُ بُغْضًا لِلرَّسُولِ وَدِينِهِ وَأُمَّتِهِ. وَالَّذِي قَتَلَ عَلِيًّا كَانَ يُصَلِّي وَيَصُومُ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَقَتَلَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُحِبُّ قَتْلَ عَلِيٍّ، وَفَعَلَ ذَلِكَ مَحَبَّةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ - فِي زَعْمِهِ - وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَالًّا مُبْتَدِعًا. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ النِّفَاقَ فِي بُغْضِ عُمَرَ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي بُغْضِ عَلِيٍّ. وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ الرَّافِضَةُ مِنْ أَعْظَمِ الطَّوَائِفِ نِفَاقًا كَانُوا يُسَمُّونَ عُمَرَ فِرْعَوْنَ الْأُمَّةِ. وَكَانُوا يُوَالُونَ أَبَا لُؤْلُؤَةَ - قَاتَلَهُ اللَّهُ - الَّذِي هُوَ مِنْ أَكْفِرِ الْخَلْقِ وَأَعْظَمِهِمْ عَدَاوَةً لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ [1] . [فصل البرهان السادس عشر "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : الْبُرْهَانُ السَّادِسَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ - أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [سُورَةُ الْوَاقِعَةِ: 10 - 11] [3] . رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ [4] عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [5] فِي هَذِهِ الْآيَةِ: سَابِقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ (1) ن: وَرَسُولِهِ س، ب: وَرَسُولِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (2) فِي (ك) ص 156، (م) ، 157 (م) . (3) ن، م، س: "الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ" "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ" . (4) ك: أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ. (5) ن، س، ب: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:. عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. رَوَى [1] الْفَقِيهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ [2] الشَّافِعِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ} قَالَ: سَبَقَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ إِلَى مُوسَى، وَسَبَقَ مُوسَى إِلَى هَارُونَ، وَسَبَقَ صَاحِبُ يس إِلَى عِيسَى، وَسَبَقَ عَلِيٌّ إِلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [3] . وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ لَمْ تَثْبُتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ [4] "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، فَإِنَّ الْكَذِبَ كَثِيرٌ فِيمَا يَرْوِيهِ هَذَا وَهَذَا. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلَوْ صَحَّ عَنْهُ [5] لَمْ يَكُنْ حُجَّةً إِذَا خَالَفَهُ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ [6] . الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 100] (1) ك: وَرَوَى. (2) ب: ابْنُ الْمُغَازِيِّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) ك: سَبَقَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسَبَقَ مُوسَى إِلَى فِرْعَوْنَ، وَصَاحِبُ يس إِلَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَسَبَقَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ. (4) ك: فَيَكُونُ أَفْضَلَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ. (5) عَنْهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (6) قَالَ شَاهْ عَبْدُ الْعَزِيزِ الدَّهْلَوِيُّ (مُخْتَصَرُ التُّحْفَةِ الِاثْنَى عَشْرِيَّةَ ص 158 - 159) "وَمَدَارُ إِسْنَادِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْقَرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: هُوَ شِيعِيٌّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعًا إِذْ فِيهِ مِنْ أَمَارَاتِ الْوَضْعِ أَنَّ صَاحِبَ يَاسِينَ لَمْ يَكُنْ أَوَّلَ مَنْ آمَنَ بِعِيسَى بَلْ بِرُسُلِهِ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ الْكِتَابِ. . . إِلَخْ" . وَقَالَ تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} الْآيَةَ [سُورَةُ فَاطِرٍ: 32] . وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ هُمُ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلُوا، الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ مِمَّنْ أَنْفَقَ مِنْ بَعْدِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ وَدَخَلَ فِيهِمْ أَهْلُ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ، وَكَانُوا أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ سَابِقَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَاحِدٌ؟ ! الرَّابِعُ: قَوْلُهُ: "وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ لَمْ تَثْبُتْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ" مَمْنُوعٌ ; فَإِنَّ النَّاسَ مُتَنَازِعُونَ فِي أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، فَقِيلَ: أَبُو بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ أَسْلَمَ، فَهُوَ أَسْبَقُ إِسْلَامًا مِنْ عَلِيٍّ. وَقِيلَ: إِنَّ عَلِيًّا أَسْلَمَ قَبْلَهُ. لَكِنْ عَلِيٌّ كَانَ صَغِيرًا، وَإِسْلَامُ الصَّبِيِّ فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ إِسْلَامَ أَبِي بَكْرٍ أَكْمَلُ وَأَنْفَعُ، فَيَكُونُ هُوَ أَكْمَلَ سَبْقًا بِالِاتِّفَاقِ، وَأَسْبَقَ عَلَى الْإِطْلَاقِ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ. فَكَيْفَ يُقَالُ: عَلِيٌّ أَسْبَقُ مِنْهُ بِلَا حُجَّةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ. الْخَامِسُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فَضَّلَتِ السَّابِقِينَ [1] الْأَوَّلِينَ، وَلَمْ تَدُلَّ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ أَسْبَقَ إِلَى الْإِسْلَامِ كَانَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ. وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّابِقِينَ أَفْضَلُ - قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: 10] ، فَالَّذِينَ سَبَقُوا إِلَى الْإِنْفَاقِ وَالْقِتَالِ قَبْلَ الْحُدَيْبِيَةِ أَفْضَلُ مِمَّنْ بَعْدَهُمْ، فَإِنَّ الْفَتْحَ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْحُدَيْبِيَةِ. وَإِذَا كَانَ أُولَئِكَ السَّابِقُونَ قَدْ سَبَقَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَيْسَ (1) س، ب: أَنَّ هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةَ لِلسَّابِقِينَ. فِي الْآيَتَيْنِ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مُطْلَقًا، بَلْ قَدْ يَسْبِقُ [1] إِلَى الْإِسْلَامِ مَنْ سَبَقَهُ غَيْرُهُ إِلَى الْإِنْفَاقِ وَالْقِتَالِ. وَلِهَذَا كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِمَّنْ أَسْلَمَ بَعْدَ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَكْثَرِهِمْ بِالنُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ، وَبِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَا عَلِمْتُ أَحَدًا قَطُّ قَالَ: إِنَّ الزُّبَيْرَ وَنَحْوَهُ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ، وَالزُّبَيْرُ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ. وَلَا قَالَ مَنْ يُعْرَفُ مِنْ أَهْلِ [الْعِلْمِ] [2] : إِنَّ عُثْمَانَ أَفْضَلُ مِنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانُ أَسْلَمَ قَبْلَ عُمَرَ. وَإِنْ كَانَ الْفَضْلُ بِالسَّبْقِ إِلَى الْإِنْفَاقِ وَالْقِتَالِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَخَصُّ بِهَذَا، فَإِنَّهُ لَمْ يُجَاهِدْ قَبْلَهُ أَحَدٌ: لَا بِيَدِهِ وَلَا بِلِسَانِهِ، بَلْ هُوَ مِنْ حِينِ آمَنَ بِالرَّسُولِ يُنْفِقُ مَالَهُ وَيُجَاهِدُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَاشْتَرَى مِنَ الْمُعَذَّبِينَ فِي اللَّهِ غَيْرَ وَاحِدٍ، وَكَانَ يُجَاهِدُ مَعَ الرَّسُولِ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ [3] وَبَعْدَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ [4] . كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 52] فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَسْبَقَ النَّاسِ وَأَكْمَلَهُمْ فِي أَنْوَاعِ الْجِهَادِ بِالنَّفْسِ وَالْمَالِ. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ [5] فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ - أَبُو بَكْرٍ» [6] . وَالصُّحْبَةُ بِالنَّفْسِ، وَذَاتُ الْيَدِ هُوَ الْمَالُ، فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ أَمَنُّ النَّاسِ عَلَيْهِ فِي النَّفْسِ وَالْمَالِ. (1) م: سَبَقَ. (2) الْعِلْمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (3) سَاقِطٌ مِنْ (م) . (4) سَاقِطٌ مِنْ (م) . (5) م، س، ب: عَلَيْنَا. (6) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/512 - 513
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (416) صـ 157 إلى صـ 166 [فصل البرهان السابع عشر "الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ السَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ} الْآيَاتِ [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 20] . رَوَى رَزِينُ بْنُ مُعَاوِيَةَ [2] فِي" الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ "أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ لَمَّا افْتَخَرَ طَلْحَةُ بْنُ شَيْبَةَ وَالْعَبَّاسُ. وَهَذِهِ لَمْ تَثْبُتْ [3] لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ [4] ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَرَزِينٌ [5] قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَشْيَاءَ لَيْسَتْ فِي الصِّحَاحِ. الثَّانِي: أَنَّ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ لَيْسَ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ رَزِينٍ، بَلِ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ مَا رَوَاهُ [6] «النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَجُلٌ: لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ أَسْقِيَ الْحَاجَّ. وَقَالَ آخَرُ لَا أُبَالِي أَنْ لَا أَعْمَلَ عَمَلًا بَعْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا أَنْ (1) فِي (ك) ، ص 157 (م) . (2) ك: زَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ. (3) ك: وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَمْ تَحْصُلْ. (4) ن، س، ب: فَيَكُونُ هُوَ أَفْضَلَ. (5) أَبُو الْحَسَنِ رَزِينُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ الْعَبْدَرِيُّ السَّرَقُسْطِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ، تُوُفِّيَ سَنَةَ 535 وَكَانَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَمِنْ تَصَانِيفِهِ "التَّجْرِيدُ لِلصِّحَاحِ السِّتَّةِ" انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 4/106 رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ، ص 286، مُعْجَمِ الْمُؤَلِّفِينَ 4/155 - 156، الْأَعْلَامِ 3/46 (6) ن، س، ب: مَا رَوَى. أُعَمِّرَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ. وَقَالَ آخَرُ: الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَفْضَلُ مِمَّا قُلْتُمْ. فَزَجَرَهُمْ عُمَرُ، وَقَالَ: لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنْ إِذَا صَلَّيْتُ الْجُمْعَةَ دَخَلْتُ فَاسْتَفْتَيْتُهُ فِيمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا» [1] [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 19] أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ [2] . وَهَذَا الْحَدِيثُ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ الَّذِي فَضَّلَ بِهِ الْجِهَادَ عَلَى السَّدَانَةِ وَالسِّقَايَةِ - أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ فَضَّلَ السَّدَانَةَ وَالسِّقَايَةَ، وَأَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَعْلَمَ بِالْحَقِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِمَّنْ نَازَعَهُ فِيهَا. وَهَذَا صَحِيحٌ. وَعُمَرُ قَدْ وَافَقَ رَبَّهُ فِي عِدَّةِ أُمُورٍ، يَقُولُ شَيْئًا وَيَنْزِلُ الْقُرْآنُ بِمُوَافَقَتِهِ. «قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوِ اتَّخَذْتَ مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى، فَنَزَلَتْ: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 125] ، وَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَدْخُلُ عَلَيْهِنَّ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، فَلَوْ أَمَرْتَهُنَّ بِالْحِجَابِ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الْحِجَابِ. وَقَالَ: {عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ} ، فَنَزَلَتْ كَذَلِكَ» [3] . وَأَمْثَالُ ذَلِكَ. وَهَذَا كُلُّهُ ثَابِتٌ فِي الصَّحِيحِ. وَهَذَا أَعْظَمُ مِنْ تَصْوِيبِ عَلِيٍّ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ. وَأَمَّا التَّفْضِيلُ بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ، فَهَذَا ثَابِتٌ لِجَمِيعِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا، فَلَيْسَ هَاهُنَا فَضِيلَةٌ اخْتَصَّ بِهَا عَلِيٌّ، حَتَّى يُقَالَ: إِنَّ هَذَا لَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ. (1) س، ب: إِلَخْ. (2) الْحَدِيثُ عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 3/1449 (كِتَابُ الْإِمَارَةِ، بَابُ فَضْلِ الشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/269 وَانْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) 14/25 - 26 (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 6/22 وَأَوَّلُهُ: "وَافَقْتُ رَبِّي فِي ثَلَاثٍ" . . . الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ اخْتَصَّ بِمَزِيَّةٍ فَهَذِهِ لَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِ الْإِمَامَةِ، وَلَا مُوجِبَةً لِأَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مُطْلَقًا. فَإِنَّ الْخَضِرَ لَمَّا عَلِمَ ثَلَاثَ مَسَائِلَ لَمْ يَعْلَمْهَا مُوسَى لَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ مِنْ مُوسَى مُطْلَقًا، وَالْهُدْهُدُ لَمَّا قَالَ لِسُلَيْمَانَ: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ} [سُورَةُ النَّمْلِ: 22] لَمْ يَكُنْ أَعْلَمَ مِنْ سُلَيْمَانَ مُطْلَقًا. الرَّابِعُ: أَنَّ عَلِيًّا كَانَ يَعْلَمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ لَمْ يَعْلَمْهَا؟ فَدَعْوَى اخْتِصَاصِهِ بِعِلْمِهَا بَاطِلٌ، فَبَطَلَ الِاخْتِصَاصُ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. بَلْ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ جِهَادَ أَبِي بَكْرٍ بِمَالِهِ أَعْظَمُ مِنْ جِهَادِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ مُوسِرًا، قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ كَمَالِ أَبِي بَكْرٍ» [1] وَعَلِيٌّ كَانَ فَقِيرًا، وَأَبُو بَكْرٍ أَعْظَمُ جِهَادًا بِنَفْسِهِ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى [2] -. [فصل البرهان الثامن عشر "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "الْبُرْهَانُ الثَّامِنَ عَشَرَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} " (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/21 وَجَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ ضِمْنَ حَدِيثٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/270 - 271 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ. .، بَابُ 52) وَنَصُّهُ: "مَا لِأَحَدٍ عِنْدَنَا يَدٌ إِلَّا وَقَدْ كَافَيْنَاهُ، مَا خَلَا أَبَا بَكْرٍ، فَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا يَدًا يُكَافِيهِ اللَّهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَا نَفَعَنِي مَالُ أَحَدٍ قَطُّ مَا نَفَعَنِي مَالُ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، أَلَا وَإِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ" . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. (2) س، ب: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. (3) فِي (ك) 157 (م) . [سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: 12] [1] مِنْ طَرِيقِ الْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ كَلَامَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا بِتَقْدِيمِ الصَّدَقَةِ، وَبَخِلُوا أَنْ يَتَصَدَّقُوا قَبْلَ كَلَامِهِ، وَتَصَدَّقَ عَلِيٌّ، وَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُهُ. وَمِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَانَ لَعَلِيٍّ ثَلَاثَةٌ لَوْ كَانَتْ لِي وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ: تَزْوِيجُهُ فَاطِمَةَ، وَإِعْطَاؤُهُ [2] الرَّايَةَ يَوْمَ خَيْبَرَ، وَآيَةُ النَّجْوَى. وَرَوَى رَزِينُ بْنُ مُعَاوِيَةَ فِي "الْجَمْعِ بَيْنَ الصِّحَاحِ السِّتَّةِ" عَنْ عَلِيٍّ: مَا عَمِلَ بِهَذِهِ الْآيَةِ غَيْرِي، وَبِي خَفَّفَ اللَّهُ [3] عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَتِهِ عَلَيْهِمْ، فَيَكُونُ هُوَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ "[4] ." وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا الَّذِي ثَبَتَ فَهُوَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَصَدَّقَ وَنَاجَى، ثُمَّ نُسِخَتِ الْآيَةُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا غَيْرُهُ [5] ، لَكِنَّ الْآيَةَ لَمْ تُوجِبِ الصَّدَقَةَ عَلَيْهِمْ، لَكِنْ أَمَرَهُمْ إِذَا نَاجَوْا أَنْ يَتَصَدَّقُوا، فَمَنْ لَمْ يُنَاجِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ. وَإِذَا لَمْ تَكُنِ الْمُنَاجَاةُ وَاجِبَةً، لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مَلُومًا إِذَا تَرَكَ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَمَنْ كَانَ فِيهِمْ [6] عَاجِزًا عَنِ الصَّدَقَةِ وَلَكِنْ لَوْ قَدَرَ لَنَاجَى (1) ك:. . صَدَقَةً الْآيَةَ. (2) ك: وَإِعْطَاءُ. (3) لَفْظُ الْجَلَالَةِ لَيْسَ فِي س، (ب) . (4) ك: عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَكُونُ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ. (5) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِآيَةِ 12 مِنْ سُورَةِ الْمُجَادَلَةِ: "وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِهَذِهِ الْآيَةِ قَبْلَ نَسْخِهَا سِوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ" ، ثُمَّ قَالَ: "وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا. . . نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً - إِلَى - فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) . كَانَ الْمُسْلِمُونَ يُقَدِّمُونَ بَيْنَ يَدَيِ النَّجْوَى صَدَقَةً، فَلَمَّا نَزَلَتِ الزَّكَاةُ نُسِخَ هَذَا" . (6) ب: مِنْهُمْ. فَتَصَدَّقَ، فَلَهُ نِيَّتُهُ وَأَجْرُهُ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ سَبَبٌ يُنَاجِي لِأَجْلِهِ لَمْ يُجْعَلْ نَاقِصًا، وَلَكِنْ مَنْ عَرَضَ لَهُ سَبَبٌ اقْتَضَى الْمُنَاجَاةَ فَتَرَكَهُ بُخْلًا، فَهَذَا قَدْ تَرَكَ الْمُسْتَحَبَّ. وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُشْهَدَ عَلَى الْخُلَفَاءِ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ هَذَا الضَّرْبِ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَاثَتُهُمْ [1] حَاضِرِينَ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ، بَلْ يُمْكِنُ غَيْبَةُ بَعْضِهِمْ، وَيُمْكِنُ حَاجَةُ بَعْضِهِمْ، وَيُمْكِنُ عَدَمُ الدَّاعِي إِلَى الْمُنَاجَاةِ. وَلَمْ يَطُلْ زَمَانُ عَدَمِ نَسْخِ الْآيَةِ، حَتَّى يُعْلَمَ أَنَّ الزَّمَانَ الطَّوِيلَ لَا بُدَّ أَنْ تَعْرِضَ فِيهِ حَاجَةٌ إِلَى الْمُنَاجَاةِ. وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمْ تَرْكَ الْمُسْتَحَبَّ، فَقَدْ بَيَّنَّا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مُسْتَحَبًّا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ مُطْلَقًا. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ "فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ:" فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمْ جِنَازَةً؟ "قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ:" هَلْ فِيكُمْ مَنْ عَادَ مَرِيضًا؟ "قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ:" هَلْ فِيكُمْ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ؟ "فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ:" مَا اجْتَمَعَ لِعَبْدٍ هَذِهِ الْخِصَالُ إِلَّا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» [2] . وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ لَمْ يُنْقَلْ مِثْلُهَا لِعَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ فِي يَوْمٍ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ دُعِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَإِنْ كَانَ مِنْ (1) ب: أَنَّهُمْ ثَلَاثَتُهُمْ كَانُوا. (2) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 2/713 (كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ مَنْ جَمَعَ الصَّدَقَةَ وَأَعْمَالَ الْبِرِّ) . أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ ". فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا؟ قَالَ:" نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ» [1] . وَلَمْ يُذْكَرْ هَذَا لِغَيْرِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا، فَالْتَفَتَتْ إِلَيْهِ [2] فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ ". فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ بَقَرَةٌ تَتَكَلَّمُ! ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: * فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ" وَ [مَا] هُمَا ثَمَّ» [3] . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - * [4] : «بَيْنَمَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهَا الذِّئْبُ، فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ، فَقَالَ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لَيْسَ [لَهَا] [5] رَاعٍ غَيْرِي؟ ". فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" فَإِنِّي أُؤْمِنُ بِذَلِكَ: أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ "وَهُمَا ثَمَّ» [6] ." (1) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 3/24 (كِتَابُ الصَّوْمِ، بَابُ الرَّيَّانِ لِلصَّائِمِينَ) 4/26 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ فَضْلِ النَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) 4/119 (كِتَابُ بَدْءِ الْخَلْقِ، بَابُ صِفَةِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ) 5/6 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ بَابُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ. . .) ، مُسْلِمٍ 2/711 - 713 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ مَنْ جَمَعَ الصَّدَقَةَ وَأَعْمَالَ الْبِرِّ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/376 - 277 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ. . .، بَابُ 60) وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَالْمُوَطَّأِ وَالْمُسْنَدِ. (2) ن: الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ، م: الْتَفَتَتْ عَلَيْهِ. (3) ن: وَهُمَا ثَمَّ. (4) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س) (ب) . (5) لَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) (ب) . (6) الْحَدِيثُ بِشِقَّيْهِ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 3 - 104 (كِتَابُ الْوِكَالَةِ بَابُ اسْتِعْمَالِ الْبَقَرِ لِلْحِرَاثَةِ) 4/174 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ بَابُ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ) 5/5 - 6 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. .، بَابُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ) مُسْلِمٍ 4/1857 - 1858 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ. .، بَابُ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/279 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ بَابُ رَقْمِ 64) ، الْمُسْنَدِ "ط. الْمَعَارِفِ" 13/71 وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا نَفَعَنِي مَالٌ كَمَالِ أَبِي بَكْرٍ» [1] . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي اخْتِصَاصِهِ بِهَذِهِ الْفَضِيلَةِ، لَمْ يُشْرِكْهُ فِيهَا عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، لَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ. لَا يَبْقَيَنَّ بَابٌ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا سُدَّ، إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ» [2] . وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: "أَمَا إِنَّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي» [3]" (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ قَبْلَ صَفَحَاتٍ قَلِيلَةٍ (ص 159 (2) سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي هَذَا الْجُزْءِ قَبْلَ صَفَحَاتٍ قَلِيلَةٍ (ص 156 (3) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/295 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي الْخُلَفَاءِ) ، وَنَصُّ الْحَدِيثِ: "أَتَانِي جِبْرِيلُ فَأَخَذَ بِيَدِي، فَأَرَانِي بَابَ الْجَنَّةِ الَّذِي تَدْخُلُ مِنْهُ أُمَّتِي" . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَكَ حَتَّى أَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَا إِنَّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي" . قَالَ الْمُحَقِّقُ رَحِمَهُ اللَّهُ: "أَبُو خَالِدٍ الدَّالَانِيُّ: اسْمُهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَعَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ نَحْوُهُ، وَقَالَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ إِذَا وَافَقَ الثِّقَاتِ فَكَيْفَ إِذَا انْفَرَدَ عَنْهُمْ بِالْمُعْضِلَاتِ" ، وَالْحَدِيثُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 3 وَقَالَ الْحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ" ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ: خ م (أَيْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ) ، رَوَاهُ الْمُحَارِبِيُّ عَنْهُ "، وَلَكِنْ ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي" الْجَامِعِ الصَّغِيرِ "أَنَّ الْحَدِيثَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالْمُسْتَدْرَكِ، وَضَعَّفَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي" ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ "1/71." وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ «عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، قَالَ: أَمَرَنَا [1] رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نَتَصَدَّقَ، فَوَافَقَ [2] مِنِّي مَالًا، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ. قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قُلْتُ: مِثْلُهُ. وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ. فَقَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟" قَالَ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ. قُلْتُ: لَا أُسَابِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا» [3] . وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: «كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتِهِ [4] ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ فَسَلِمَ" . وَقَالَ: إِنَّهُ [5] كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ، فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي، فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ، فَقَالَ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ ثَلَاثًا. ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَسَأَلَ [6] : أَثَمَّ أَبُو بَكْرٍ؟ قَالُوا: لَا. فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [فَسَلَّمَ عَلَيْهِ] [7] فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتَمَعَّرُ، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ، فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَقَالَ: (1) م: أَمَرَ. (2) م: وَوَافَقَ. (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/52 (4) س: حَتَّى إِذَا أَبْدَى عَنْ رُكْبَتَيْهِ. (5) ن، م، س: إِنِّي. (6) ن، م، س: فَقَالَ. (7) فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فِي (ب) فَقَطْ. يَا رَسُولَ اللَّهِ، [وَاللَّهِ] [1] أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ [2] . وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقَ [3] ، وَوَاسَانِي بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ فَهَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي صَاحِبِي؟ فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا" وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: " [إِنِّي] [4] قُلْتُ [: أَيُّهَا النَّاسُ] [5] إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: صَدَقْتَ» [6] ." وَفِي التِّرْمِذِيِّ مَرْفُوعًا: «لَا يَنْبَغِي لِقَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَؤُمَّهُمْ غَيْرُهُ» [7] . وَتَجْهِيزُ عُثْمَانَ بِأَلْفِ بَعِيرٍ أَعْظَمُ مِنْ صَدَقَةِ عَلِيٍّ بِكَثِيرٍ كَثِيرٍ، فَإِنَّ الْإِنْفَاقَ فِي الْجِهَادِ كَانَ فَرْضًا، بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ أَمَامَ النَّجْوَى فَإِنَّهُ مَشْرُوطٌ بِمَنْ يُرِيدُ النَّجْوَى [8] ، فَمَنْ لَمْ يُرِدْهَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ. وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِي بَعْضِ الْأَنْصَارِ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 9] (1) وَاللَّهِ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) . (2) م: كَذَبَ. (3) أ، س، ب: صَدَقْتَ. (4) إِنِّي: زِيَادَةٌ فِي (م) . (5) أَيُّهَا النَّاسُ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (6) ن: صَدَقَ، وَالْحَدِيثُ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/5 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ بَابُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ) 6/60 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْأَعْرَافِ، بَابُ "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ" ) وَسَبَقَ الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 26 (7) الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/276 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، مَنَاقِبِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، بَابُ رَقْمِ 59) ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَذَكَرَهُ السُّيُوطِيُّ فِي "الْفَتْحِ الْكَبِيرِ" 3/373 وَقَالَ: إِنَّهُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ، وَقَالَ الْأَلْبَانِيُّ فِي "ضَعِيفِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ وَزِيَادَتِهِ" 6/96 "ضَعِيفٌ جِدًّا" . (8) س، ب: بِمُرِيدِ النَّجْوَى. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي مَجْهُودٌ. فَأَرْسَلَ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقَالَتْ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ نَبِيًّا [1] مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ. ثُمَّ إِلَى أُخْرَى فَقَالَتْ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى قُلْنَ كُلُّهُنَّ مِثْلَ ذَلِكَ: لَا [2] وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدِي إِلَّا مَاءٌ. فَقَالَ: "مَنْ يُضِيفُهُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ؟" فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَالَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. وَانْطَلَقَ [3] بِهِ إِلَى رَحْلِهِ [4] ، فَقَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَلْ عِنْدَكَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ: لَا إِلَّا قُوتُ صِبْيَانِنَا. فَقَالَ: فَعَلِّلِيهِمْ بِشَيْءٍ، فَإِذَا دَخَلَ ضَيْفُنَا فَأَطْفِئِي السِّرَاجَ، وَأَرِيهِ أَنَّا نَأْكُلُ، فَإِذَا أَهْوَى [5] لِيَأْكُلَ [6] فَقُومِي إِلَى السِّرَاجِ حَتَّى تُطْفِئِيهِ [7] . قَالَ: فَقَعَدُوا [فَأَكَلَ الضَّيْفُ] [8] فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا عَلَى [9] رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: "قَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ صُنْعِكُمَا بِضَيْفِكُمَا اللَّيْلَةَ" . وَفِي رِوَايَةٍ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} » [سُورَةُ الْحَشْرِ: 9] ) [10] . (1) م: نَبِيًّا سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (3) ن، م: فَانْطَلَقَ. (4) م: رَاحِلِهِ. (5) ن، س، ب: فَإِذَا هَوَى. (6) لِيَأْكُلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (7) ن، س: تُطْفِيهِ. (8) فَأَكَلَ الضَّيْفُ فِي (م) فَقَطْ. (9) م: إِلَى. (10) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - فِي الْبُخَارِيِّ 5 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ" ) 6/148 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ بَابُ سُورَةِ الْحَشْرِ) ، مُسْلِمٍ 3/1624 - 1625 (كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ، بَابُ إِكْرَامِ الضَّيْفِ وَفَضْلِ إِيثَارِهِ) .
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (417) صـ 167 إلى صـ 176 وَبِالْجُمْلَةِ فَبَابُ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَغَيْرِهِ، لَكَثِيرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فِيهِ مِنَ الْفَضِيلَةِ مَا لَيْسَ لِعَلِيٍّ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. [فصل البرهان التاسع عشر "وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : الْبُرْهَانُ التَّاسِعَ عَشَرَ: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 45] قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَيْضًا [2] : «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ جَمَعَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ [3] ثُمَّ قَالَ: سَلْهُمْ يَا مُحَمَّدُ عَلَامَ بُعِثْتُمْ؟ قَالُوا: بُعِثْنَا [4] عَلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَلَى الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّتِكَ وَالْوِلَايَةِ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ» . وَهَذَا صَرِيحٌ بِثُبُوتِ الْإِمَامَةِ لِعَلِيٍّ [5] "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ بِالصِّحَّةِ. وَقَوْلُنَا فِي هَذَا الْكَذِبِ الْقَبِيحِ وَأَمْثَالِهِ: الْمُطَالَبَةُ بِالصِّحَّةِ، لَيْسَ بِشَكٍّ مِنَّا فِي أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ مِنْ أَسْمَجِ الْكَذِبِ وَأَقْبَحِهِ، لَكِنْ عَلَى طَرِيقِ التَّنَزُّلِ فِي الْمُنَاظَرَةِ، وَأَنَّ هَذَا لَوْ [لَمْ] يُعْلَمْ [6] أَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ حَتَّى يَثْبُتَ صِدْقُهُ ; فَإِنَّ (1) فِي (ك) ص 157 (م) 158 (م) . (2) ك ص 158 م: أَيْضًا قَالَ. (3) ك: الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ. (4) ك:. . بُعِثْتُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: عَلَى مَاذَا بُعِثْتُمْ يَا أَنْبِيَاءَ اللَّهِ؟ فَقَالُوا: بُعِثْنَا. . (5) ك: فِي ثُبُوتِ الْإِمَامَةِ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. (6) ن، س: لَوْ يُعْلَمُ، هُوَ خَطَأٌ. الِاسْتِدْلَالَ بِمَا لَا تُعْلَمُ صِحَّتُهُ لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، فَإِنَّهُ قَوْلٌ بِلَا عِلْمٍ، وَهُوَ حَرَامٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مِثْلَ هَذَا مِمَّا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى [1] أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ [2] . الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا مِمَّا يَعْلَمُ مَنْ لَهُ عِلْمٌ وَدِينٌ أَنَّهُ [3] مِنَ الْكَذِبِ الْبَاطِلِ الَّذِي لَا يُصَدِّقُ بِهِ مَنْ لَهُ عَقْلٌ وَدِينٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِقُ مِثْلَ هَذَا أَهْلُ الْوَقَاحَةِ وَالْجَرَاءَةِ فِي الْكَذِبِ، فَإِنَّ الرُّسُلَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - كَيْفَ يُسْأَلُونَ عَمَّا لَا يَدْخُلُ فِي أَصْلِ الْإِيمَانِ؟ وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَوْ آمَنَ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَطَاعَهُ، وَمَاتَ فِي حَيَاتِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ. فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَكَيْفَ يُقَالُ: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْإِيمَانُ بِوَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؟ ! وَاللَّهُ تَعَالَى قَدْ أَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَيْهِمْ لَئِنْ بُعِثَ مُحَمَّدٌ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ. هَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ، كَمَا [4] قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 81] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 81] [5] . (1) عَلَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) (ب) . (2) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ. (3) م: أَنَّ هَذَا. (4) كَمَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (5) الْأَثَرُ بِمَعْنَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي: تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ "ط. الْمَعَارِفِ" 6/555 - 557 تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ (ط. الشَّعْبِ) 2/56 زَادِ الْمَسِيرِ 1/414 - 415 فَأَمَّا الْإِيمَانُ بِتَفْصِيلِ مَا بُعِثَ بِهِ [مُحَمَّدٌ] [1] فَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ، فَكَيْفَ يُؤْخَذُ عَلَيْهِمْ مُوَالَاةُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ؟ الرَّابِعُ: أَنَّ لَفْظَ الْآيَةِ: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 45] . لَيْسَ فِي هَذَا سُؤَالٌ لَهُمْ بِمَاذَا بُعِثُوا؟ [2] . الْخَامِسُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: إِنَّهُمْ بُعِثُوا بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ. إِنْ أَرَادَ أَنَّهُمْ لَمْ يُبْعَثُوا إِلَّا بِهَا، فَهَذَا كَذِبٌ عَلَى الرُّسُلِ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهَا أُصُولُ مَا بُعِثُوا بِهِ، فَهَذَا أَيْضًا كَذِبٌ فَإِنَّ أُصُولَ الدِّينِ الَّتِي بُعِثُوا بِهَا: مِنَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَأُصُولَ [3] الشَّرَائِعِ، [أَهَمُّ] [4] عِنْدَهُمْ مِنْ ذِكْرِ الْإِيمَانِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيٍّ غَيْرِهِمْ، بَلْ وَمِنَ الْإِقْرَارِ بِنُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِمُحَمَّدٍ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مُجْمَلًا، كَمَا يَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الْإِقْرَارُ بِنُبُوَّاتِهِمْ مُجْمَلًا، لَكِنْ مَنْ أَدْرَكَهُ مِنْهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِيمَانُ بِشَرْعِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ كَمَا يَجِبُ عَلَيْنَا. وَأَمَّا الْإِيمَانُ بِشَرَائِعِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ، فَهُوَ (1) مُحَمَّدٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِلْآيَةِ: وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: "وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ" أَيْ: جَمِيعُ الرُّسُلِ دَعَوْا إِلَى مَا دَعَوْتَ النَّاسَ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَنَهَوْا عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَالْأَنْدَادِ، كَقَوْلِهِ جَلَّتْ عَظَمَتُهُ: "وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ" . وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: وَاسْأَلْهُمْ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ جُمِعُوا لَهُ، وَانْظُرْ زَادَ الْمَسِيرِ 7/318 - 320 (3) م: بِأُصُولِ. (4) أَهَمُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . وَاجِبٌ عَلَى أُمَمِهِمْ، [فَكَيْفَ يَتْرُكُونَ ذِكْرَ مَا هُوَ وَاجِبٌ عَلَى أُمَمِهِمْ] [1] وَيَذْكُرُونَ مَا لَيْسَ هُوَ الْأَوْجَبَ؟ الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ كَانَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِمُدَّةٍ. قِيلَ: إِنَّهَا سَنَةٌ وَنِصْفٌ. وَقِيلَ: إِنَّهَا خَمْسُ سِنِينَ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَكَانَ عَلِيٌّ صَغِيرًا لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ، لَمْ يَحْصُلْ لَهُ هِجْرَةٌ وَلَا جِهَادٌ وَلَا أَمْرٌ يُوجِبُ أَنْ يَذْكُرَهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ. وَالْأَنْبِيَاءُ لَمْ [يَكُنْ] [2] يُذْكَرُ عَلِيٌّ فِي كُتُبِهِمْ أَصْلًا، وَهَذِهِ كُتُبُ الْأَنْبِيَاءِ [الْمَوْجُودَةِ] [3] الَّتِي أَخْرَجَ النَّاسُ مَا فِيهَا مِنْ ذِكْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ عَلِيٍّ، بَلْ ذَكَرُوا أَنَّ فِي التَّابُوتِ الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْدَ الْمُقَوْقِسِ صُوَرُ الْأَنْبِيَاءِ - صُورَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ مَعَ صُورَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَّهُ بِهَا يُقِيمُ اللَّهُ أَمْرَهُ. وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ ذُكِرَ عَلِيٌّ عِنْدَهُمْ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ كُلًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بُعِثُوا بِالْإِقْرَارِ بِوِلَايَةِ [عَلِيٍّ] [4] وَلَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ لِأُمَمِهِمْ وَلَا نَقَلَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ؟ [فصل البرهان العشرون "وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [5] : "الْبُرْهَانُ الْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [سُورَةُ الْحَاقَّةِ: 12] فِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ" (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) (ب) . (2) يَكُنْ: فِي (م) فَقَطْ. (3) الْمَوْجُودَةِ فِي (م) فَقَطْ. (4) ن، م: بِوِلَايَتِهِ. (5) فِي (ك) ص 158 (م) . - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَأَلْتُ اللَّهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَجْعَلَهَا أُذُنَكَ يَا عَلِيُّ» [1] . وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [يَا عَلِيُّ] [2] إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ [3] وَأُعَلِّمَكَ، [4] يَا عَلِيُّ إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُدْنِيَكَ وَأُعَلِّمَكَ [5] لِتَعِيَ، وَأُنْزِلَتْ عَلَيَّ [6] هَذِهِ الْآيَةُ: {وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} فَأَنْتَ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ» [7] . وَهَذِهِ الْفَضِيلَةُ لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: بَيَانُ صِحَّةِ الْإِسْنَادِ. وَالثَّعْلَبِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ يَرْوِيَانِ مَا لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ [8] 348. الثَّالِثُ: أَنَّ قَوْلَهُ: {لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ - لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} [سُورَةُ الْحَاقَّةِ: 11 - 12] لَمْ يُرَدْ بِهِ أُذُنُ وَاحِدٍ مِنَ النَّاسِ فَقَطْ، فَإِنَّ هَذَا خِطَابٌ لِبَنِي آدَمَ. وَحَمْلُهُمْ فِي السَّفِينَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْآيَاتِ. قَالَ تَعَالَى: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ - وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ} [سُورَةُ يُونُسَ: [9] (1) ك: يَا عَلِيُّ: قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَمَا نَسِيتُ شَيْئًا بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ لِي أَنْ أَنْسَاهُ. (2) يَا عَلِيُّ: فِي (م) ، (ك) فَقَطْ. (3) ك: أُؤْذِنُكَ. (4) سَاقِطٌ مَنْ (م) ، (س) (ك) . (5) سَاقِطٌ مَنْ (م) ، (س) (ك) . (6) س، ب: وَأُنْزِلَ عَلَيَّ، وَسَقَطَتْ "عَلَيَّ" مِنْ (م) . (7) ك: وَاعِيَةٌ لِلْعِلْمِ. (8) ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِآيَةِ 12 مِنْ سُورَةِ الْحَاقَّةِ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ ثُمَّ قَالَ: "وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سَهْلٍ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ مَكْحُولٍ بِهِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ" ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الثَّانِيَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا، ثُمَّ قَالَ: "وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ آدَمَ بِهِ، ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ عَنْ دَاوُدَ الْأَعْمَى عَنْ بُرَيْدَةَ بِهِ، وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا" . وَانْظُرْ: زَادَ الْمَسِيرِ (9) م: ذُرِّيَّاتِهِمْ. 41 - ، 42] وَقَالَ: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَةِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آيَاتِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [سُورَةُ لُقْمَانَ: 31] ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ لِيَعِيَ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنَ النَّاسِ؟ نَعَمْ أُذُنُ عَلِيٍّ مِنَ الْأُذُنِ الْوَاعِيَةِ، كَأُذُنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَغَيْرِهِمْ. وَحِينَئِذٍ فَلَا اخْتِصَاصَ لِعَلِيٍّ بِذَلِكَ. وَهَذَا مِمَّا يُعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ: أَنَّ الْآذَانَ الْوَاعِيَةَ لَيْسَتْ أُذُنَ عَلِيٍّ وَحْدَهَا. أَتَرَى أُذُنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ وَاعِيَةً؟ وَلَا أُذُنَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ وَعَمَّارٍ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَسَهْلِ بْنِ حَنِيفٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ يُوَافَقُونَ عَلَى فَضِيلَتِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ؟ وَإِذَا كَانَتِ الْأُذُنُ الْوَاعِيَةُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةُ لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الرَّافِضِيَّ الْجَاهِلَ الظَّالِمَ يَبْنِي أَمْرَهُ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ بَاطِلَةٍ ; فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ فِي طَوَائِفِ أَهْلِ الْبِدَعِ أَوْهَى مِنْ حُجَجِ الرَّافِضَةِ، بِخِلَافِ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ، فَإِنَّ لَهُمْ حُجَجًا وَأَدِلَّةً قَدْ تُشْبِهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ. أَمَّا الرَّافِضَةُ فَلَيْسَ لَهُمْ حُجَّةٌ قَطُّ تَنْفُقُ إِلَّا عَلَى جَاهِلٍ أَوْ ظَالِمٍ صَاحِبِ هَوًى، يَقْبَلُ مَا يُوَافِقُ هَوَاهُ، سَوَاءٌ كَانَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا. وَلِهَذَا يُقَالُ فِيهِمْ لَيْسَ لَهُمْ عَقْلٌ وَلَا نَقْلٌ، وَلَا دِينٌ صَحِيحٌ، وَلَا دُنْيَا مَنْصُورَةٌ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ: لَوْ عَلَّقَ حُكْمًا بِأَجْهَلِ النَّاسِ لَتَنَاوَلَ الرَّافِضَةَ، مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ: إِنِّي أَبْغَضُ أَجْهَلَ النَّاسِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَأَمَّا لَوْ وَصَّى لَأَجْهَلِ النَّاسِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ ; لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا قُرْبَةً فَإِذَا وَصَّى لِقَوْمٍ يَدْخُلُ فِيهِمُ الْكَافِرُ جَازَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَعَلَ الْكُفْرَ وَالْجَهْلَ جِهَةً وَشَرْطًا فِي الِاسْتِحْقَاقِ. ثُمَّ الرَّافِضِيُّ يَدَّعِي فِي شَيْءٍ أَنَّهُ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ. ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ، وَقَدْ تَكُونُ مِنَ الْفَضَائِلِ الْمُشْتَرَكَةِ ; فَإِنَّ فَضَائِلَ عَلِيٍّ الثَّابِتَةَ [1] عَامَّتُهَا مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، بِخِلَافِ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَإِنَّ عَامَّتَهَا خَصَائِصُ لَمْ يُشَارَكَا فِيهَا. ثُمَّ يَدَّعِي أَنَّ تِلْكَ الْفَضِيلَةَ تُوجِبُ الْإِمَامَةَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَضِيلَةَ الْجُزْئِيَّةَ فِي أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ لَيْسَتْ مُسْتَلْزِمَةً لِلْفَضِيلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَا لِلْإِمَامَةِ، وَلَا مُخْتَصَّةً بِالْإِمَامِ [2] ، بَلْ تَثْبُتُ لِلْإِمَامِ وَلِغَيْرِهِ، وَلِلْفَاضِلِ الْمُطْلَقِ وَلِغَيْرِهِ. فَبَنَى [3] هَذَا الرَّافِضِيُّ أَمْرَهُ عَلَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَاتِ الثَّلَاثِ، وَالثَّلَاثُ بَاطِلَةٌ [4] . ثُمَّ يُرْدِفُهَا بِالْمُقَدِّمَةِ الرَّابِعَةِ، وَتِلْكَ فِيهَا نِزَاعٌ، لَكِنْ نَحْنُ لَا نُنَازِعُهُ فِيهَا، بَلْ نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَنْ كَانَ أَفْضَلَ كَانَ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ، لَكِنَّ الرَّافِضِيَّ لَا حُجَّةَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ [5] . (1) ن، س، ب: بِالْإِمَامَةِ. (2) س، ب: وَغَيْرِهِ. (3) ب: فَيَبْنِي. (4) س: الثَّلَاثُ بَاطِلَةٌ، ب: الثَّلَاثُ وَهِيَ بَاطِلَةٌ. (5) س، ب: عَلَى ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [فصل البرهان الحادي والعشرون "سورة هل أتى" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ: سُورَةُ هَلْ أَتَى فِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ مِنْ طُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ قَالَ: «مَرِضَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ [2] ، فَعَادَهُمَا جَدُّهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَامَّةُ الْعَرَبِ، فَقَالُوا [3] : يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَوْ نَذَرْتَ عَلَى وَلَدَيْكَ. فَنَذَرَ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَكَذَا نَذَرَتْ [4] أُمُّهُمَا فَاطِمَةُ وَجَارِيَتُهُمْ فِضَّةٌ، فَبَرِئَا، وَلَيْسَ عِنْدَ آلِ مُحَمَّدٍ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ [5] ، فَاسْتَقْرَضَ عَلِيٌّ ثَلَاثَةَ آصُعٍ [6] مِنْ شَعِيرٍ، فَقَامَتْ فَاطِمَةُ إِلَى صَاعٍ فَطَحَنَتْهُ، وَخَبَزَتْ [7] مِنْهُ خَمْسَةَ أَقْرَاصٍ، لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قُرْصًا [8] ، وَصَلَّى عَلِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ فَوُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ ; إِذْ أَتَاهُمْ [9] مِسْكِينٌ، فَقَالَ [10] : السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى" (1) فِي (ك) ص 158 (م) ، 160 (م) . (2) ك: وَالْحَسَنُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمَا. (3) ك: الْعَرَبُ وَالْعَجَمُ فَقَالَ. (4) نَذَرَتْ: لَيْسَتْ فِي (ك) . (5) ك: وَلَا كَثِيرٌ مِنَ الطَّعَامِ. (6) ك: أَصْوُعَ. (7) ك: وَاخْتَبَزَتْ. (8) ب: قُرْصٌ. (9) ب: فَأَتَاهُمْ. (10) ك: ص 159 م مِسْكِينٌ فَوَقَفَ بِالْبَابِ فَقَالَ. اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مِسْكِينٌ مِنْ مَسَاكِينِ الْمُسْلِمِينَ، أَطْعِمُونِي أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ. فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِعْطَائِهِ، فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ وَمَكَثُوا يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ لَمْ يَذُوقُوا شَيْئًا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّانِي قَامَتْ فَاطِمَةُ فَخَبَزَتْ [1] صَاعًا، وَصَلَّى عَلِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ [2] فَوُضِعَ [3] الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَتَاهُمْ يَتِيمٌ، فَوَقَفَ بِالْبَابِ، وَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَتِيمٌ مِنْ أَوْلَادِ الْمُهَاجِرِينَ اسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ الْعَقَبَةِ، أَطْعِمُونِي أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ، فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِعْطَائِهِ، فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ، وَمَكَثُوا يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ [4] لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا [5] الْمَاءَ الْقَرَاحَ. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ قَامَتْ فَاطِمَةُ إِلَى الصَّاعِ الثَّالِثِ، فَطَحَنَتْهُ وَخَبَزَتْهُ [6] ، وَصَلَّى عَلِيٌّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ أَتَى الْمَنْزِلَ فَوُضِعَ الطَّعَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ، إِذْ أَتَى أَسِيرٌ فَقَالَ: أَتَأْسِرُونَنَا [7] وَتُشَرِّدُونَنَا وَلَا تُطْعِمُونَنَا، أَطْعِمُونِي فَإِنِّي أَسِيرُ مُحَمَّدٍ أَطْعَمَكُمُ اللَّهُ مِنْ مَوَائِدِ الْجَنَّةِ. فَسَمِعَهُ عَلِيٌّ، فَأَمَرَ بِإِعْطَائِهِ، فَأَعْطَوْهُ الطَّعَامَ، (1) 1) ك: فَاخْتَبَزَتْ. (2) 2) ك: وَصَلَّى عَلِيٌّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فَأَتَى الْمَنْزِلَ. (3) ن، س، ب: فَوَضَعُوا. (4) وَلَيْلَتَيْنِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) . (5) ك: لَمْ يَذُوقُوا شَيْئًا. (6) ك: وَاخْتَبَزَتْهُ. (7) ك: إِذْ أَتَاهُمْ أَسِيرٌ، فَوَقَفَ بِالْبَابِ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ مُحَمَّدٍ، تَأْسِرُونَنَا. وَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا [1] لَمْ يَذُوقُوا شَيْئًا إِلَّا الْمَاءَ الْقَرَاحَ. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ ; وَقَدْ وَفَّوْا نُذُورَهُمْ [2] ، أَخَذَ عَلِيٌّ الْحَسَنَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى [3] ، وَالْحُسَيْنَ بِيَدِهِ [4] الْيُسْرَى، وَأَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهُمْ يَرْتَعِشُونَ كَالْفِرَاخِ مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، فَلَمَّا بَصَرَهُمَا [5] النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: يَا أَبَا الْحَسَنِ، مَا أَشَدَّ مَا يَسُوءُنِي [6] مَا أَرَى بِكُمْ، انْطَلِقْ بِنَا إِلَى مَنْزِلِ [7] ابْنَتِي فَاطِمَةَ، فَانْطَلَقُوا إِلَيْهَا، وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا [8] ، قَدْ [9] لَصَقَ بَطْنُهَا بِظَهْرِهَا [10] مِنْ شِدَّةِ الْجُوعِ، وَغَارَتْ عَيْنَاهَا، فَلَمَّا رَآهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: وَاغَوْثَاهُ، بِاللَّهِ [11] أَهْلُ بَيْتِ مُحَمَّدٍ يَمُوتُونَ جُوعًا! فَهَبَطَ جِبْرِيلُ [12] عَلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، خُذْ (1) ك: وَلَيَالِيهَا. (2) ن، م، س: وَقَدْ فَانَدَهُمْ (وَهُوَ تَحْرِيفٌ) ، ب: وَنَفَدَ مَا عِنْدَهُمْ، وَهُوَ خَطَأٌ. (3) ن، س: أَخَذَ عَلِيٌّ بِيَدِ الْحَسَنِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ب: أَخَذَ عَلِيٌّ يَدَ الْحَسَنِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ك: أَخَذَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ الْحَسَنَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْيَدِ الْيُمْنَى. (4) ك: بِالْيَدِ. (5) س: فَلَمَّا بَصَرَهُمَا، ب: فَلَمَّا أَبْصَرَهُمَا، ك: فَلَمَّا بَصَرَ بِهِ. (6) ب: يُسِيئُنِي، س: يُسِيئُونِي. (7) مَنْزِلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) . (8) ك: مِحْرَابِهَا. (9) ك: وَقَدْ. (10) ك: ظَهْرُهَا بِبَطْنِهَا. (11) 11) ن، س: يَا اللَّهُ، ب: يَا لَلَّهِ. (12) 12) ك ص 260 م: جِبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (418) صـ 177 إلى صـ 186 مَا هَنَّأَكَ اللَّهُ فِي أَهْلِ بَيْتِكَ. فَقَالَ: "مَا آخُذُ يَا جِبْرِيلُ؟ فَأَقْرَأَهُ: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ} » [1] [سُورَةُ الْإِنْسَانِ: 1] ." وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى فَضَائِلَ جَمَّةٍ لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهَا أَحَدٌ، وَلَا يَلْحَقْهُ أَحَدٌ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، كَمَا تَقَدَّمَ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ الثَّعْلَبِيِّ وَالْوَاحِدِيِّ وَأَمْثَالِهِمَا لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. وَلَوْ تَنَازَعَ اثْنَانِ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْأَحْكَامِ وَالْفَضَائِلِ، وَاحْتَجَّ أَحَدُهُمَا بِحَدِيثٍ [2] لَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ، إِلَّا رِوَايَةَ الْوَاحِدِ مِنْ هَؤُلَاءِ لَهُ فِي تَفْسِيرِهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ وَلَا حُجَّةً عَلَى مُنَازِعِهِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ. وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَادَتِهِمْ يَرْوُونَ مَا رَوَاهُ غَيْرُهُمْ، وَكَثِيرٌ [3] مِنْ ذَلِكَ لَا يَعْرِفُونَ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ ضَعِيفٌ، وَيَرْوُونَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ مَا يَعْلَمُ غَيْرُهُمْ أَنَّهُ بَاطِلٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ; لِأَنَّ وَصْفَهُمُ [4] النَّقْلَ لِمَا نُقِلَ أَوْ حِكَايَةَ أَقْوَالِ النَّاسِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنْ هَذَا وَهَذَا - بَاطِلًا، وَرُبَّمَا تَكَلَّمُوا عَلَى صِحَّةِ بَعْضِ الْمَنْقُولَاتِ وَضَعْفِهَا، وَلَكِنْ لَا يَطَّرِدُونَ هَذَا وَلَا يَلْتَزِمُونَهُ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، الَّذِي هُمْ أَئِمَّةُ هَذَا الشَّأْنِ وَحُكَّامُهُ. وَقَوْلُ هَؤُلَاءِ هُوَ الْمَنْقُولُ فِي (1) حِينٌ: لَيْسَتْ فِي (ك) ، وَفِي (م) : حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ. (2) م: بِالْحَدِيثِ. (3) ن، م، س: وَكَثِيرُونَ. (4) ب: وَظِيفَتَهُمْ. هَذَا الْبَابِ، وَلِهَذَا لَمْ يُرْوَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي النَّقْلِ [1] ، لَا فِي الصِّحَاحِ، وَلَا فِي الْمَسَانِدِ [2] ، وَلَا فِي الْجَوَامِعِ، وَلَا السُّنَنِ [3] ، وَلَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُونَ فِي الْفَضَائِلِ، وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَتَسَامَحُونَ فِي رِوَايَةِ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ، كَالنَّسَائِيِّ فَإِنَّهُ صَنَّفَ [4] خَصَائِصَ عَلِيٍّ، وَذَكَرَ فِيهَا [5] عِدَّةَ أَحَادِيثَ ضَعِيفَةٍ، وَلَمْ يَرْوِ [6] هَذَا وَأَمْثَالَهُ [7] . وَكَذَلِكَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "الْخَصَائِصِ" [8] ، وَخَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ [9] ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي "جَامِعِهِ" رَوَى أَحَادِيثَ كَثِيرَةً فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ، كَثِيرٌ مِنْهَا ضَعِيفٌ، وَلَمْ يَرْوِ مِثْلَ هَذَا لِظُهُورِ كَذِبِهِ. وَأَصْحَابُ السِّيَرِ، كَابْنِ إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ، يَذْكُرُونَ مِنْ فَضَائِلِهِ أَشْيَاءَ ضَعِيفَةً، وَلَمْ يَذْكُرُوا مِثْلَ هَذَا، وَلَا رَوَوْا مَا قُلْنَا فِيهِ: إِنَّهُ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ النَّقْلِ، مِنْ أَئِمَّةِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، الَّذِينَ يَنْقُلُونَهَا بِالْأَسَانِيدِ الْمَعْرُوفَةِ، كَتَفْسِيرِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَسَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَعَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، (1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ. (2) م: الْمَسَانِيدِ. (3) م: وَلَا الْجَوَامِعِ وَلَا السُّنَنِ، وَلَا فِي الْجَوَامِعِ وَلَا فِي السُّنَنِ. (4) صَنَّفَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، وَفِي (ب) : رَوَى. (5) م: لَهَا. (6) م: وَلَمْ يَرَوْا. (7) ذَكَرَ سِزْكِينُ (م [0 - 9] ج [0 - 9] ص [0 - 9] 30) هَذَا الْكِتَابَ وَنُسَخَهُ الْخَطِّيَّةَ، وَهُوَ مَطْبُوعٌ فِي الْقَاهِرَةِ سَنَةَ 1308. (8) م: فِي الْفَضَائِلِ: وَأَبُو نُعَيْمٍ هُوَ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الْأَصْبَهَانِيُّ "أَبُو نُعَيْمٍ" حَافِظٌ مُؤَرِّخٌ وُلِدَ بِأَصْبَهَانَ سَنَةَ 326 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 430 لَهُ حِلْيَةُ الْأَوْلِيَاءِ وَطَبَقَاتُ الْأَصْفِيَاءِ، وَدَلَائِلُ النُّبُوَّةِ وَطَبَقَاتُ الْمُحَدِّثِينَ وَالرُّوَاةِ، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: وَفِيَّاتِ الْأَعْيَانِ 1، مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 1/111، لِسَانِ الْمِيزَانِ 1/201، طَبَقَاتِ الشَّافِعِيَّةِ 4/18 - 25، الْأَعْلَامِ 1/150. (9) ن، س: وَحَثْمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ب: وَابْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ خَيْثَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ حَيْدَرَةَ الْقُرَشِيُّ الطَّرَابُلُسِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ 250 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 343، وَكَانَ مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَلَهُ كِتَابٌ كَبِيرٌ فِي "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" وَآخَرُ فِي "فَضَائِلِ الصِّدِّيقِ" ذَكَرَ سِزْكِينُ أَنَّ مِنْهُمَا نُسْخَةً خَطِّيَّةً فِي الظَّاهِرِيَّةِ، انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 2/365، لِسَانِ الْمِيزَانِ 2/411 - 412، الْأَعْلَامِ 2/374، مُعْجَمِ الْمُؤَلِّفِينَ 4/131 سِزْكِينَ م [0 - 9] ج 1 ص 368، 369. وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ وَتَفْسِيرِ بَقِيِّ بْنِ مَخْلَدٍ وَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَسْلَمَ الطُّوسِيِّ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْأَكَابِرِ، الَّذِينَ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ [1] لِسَانُ صِدْقٍ، وَتَفَاسِيرُهُمْ مُتَضَمِّنَةٌ لِلْمَنْقُولَاتِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي التَّفْسِيرِ. الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ الدَّلَائِلَ عَلَى كَذِبِ هَذَا كَثِيرَةٌ. مِنْهَا: أَنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا إِلَّا بَعْدَ غَزْوَةِ بَدْرٍ، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الصَّحِيحِ. وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وُلِدَا بَعْدَ ذَلِكَ، سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ، وَالنَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَتَزَوَّجْ فَاطِمَةَ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ وَلَدٌ إِلَّا بِالْمَدِينَةِ. وَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ الْمُتَوَاتِرِ، الَّذِي يَعْرِفُهُ [كَلُّ] [2] مَنْ عِنْدَهُ طَرَفٌ مِنَ الْعِلْمِ [3] بِمِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ. وَسُورَةُ "هَلْ أَتَى" مَكِّيَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ التَّفْسِيرِ وَالنَّقْلِ، لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ: إِنَّهَا مَدَنِيَّةٌ. وَهِيَ عَلَى طَرِيقَةِ السُّوَرِ الْمَكِّيَّةِ فِي تَقْرِيرِ أُصُولِ الدِّينِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَذِكْرِ الْخَلْقِ وَالْبَعْثِ. وَلِهَذَا [قِيلَ:] [4] إِنَّهُ كَانَ النَّبِيُّ [5] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَؤُهَا مَعَ: (ألم تَنْزِيلُ) [6] (1) م: فِي الْأُمَّةِ. (2) كُلُّ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (3) س، ب: طَرَفٌ مِنْ عِلْمٍ. (4) قِيلَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (5) النَّبِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (6) وَهِيَ سُورَةُ السَّجْدَةِ. فِي فَجْرِ يَوْمِ الْجُمْعَةِ ; لِأَنَّ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَفِيهِ تَقُومُ السَّاعَةُ. وَهَاتَانِ السُّورَتَانِ مُتَضَمِّنَتَانِ لِابْتِدَاءِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَخَلْقِ الْإِنْسَانِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فَرِيقٌ الْجَنَّةَ وَفَرِيقٌ النَّارَ. وَإِذَا كَانَتِ السُّورَةُ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ، تَبَيَّنَ أَنَّ نَقْلَ [1] أَنَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ مَرَضِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ مِنَ الْكَذِبِ وَالْمَيْنِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ سِيَاقَ هَذَا الْحَدِيثِ وَأَلْفَاظَهُ مِنْ وَضْعِ جُهَّالِ الْكَذَّابِينَ. فَمِنْهُ قَوْلُهُ: "فَعَادَهُمَا جَدُّهُمَا وَعَامَّةُ الْعَرَبِ" فَإِنَّ عَامَّةَ [2] الْعَرَبِ لَمْ يَكُونُوا بِالْمَدِينَةِ، وَالْعَرَبُ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَأْتُونَهُمَا يَعُودُونَهُمَا. وَمِنْهُ قَوْلُهُ: "فَقَالُوا [3] : يَا أَبَا الْحَسَنِ، لَوْ نَذَرْتَ عَلَى وَلَدَيْكَ" . وَعَلِيٌّ لَا يَأْخُذُ الدِّينَ مِنْ أُولَئِكَ الْعَرَبِ، بَلْ يَأْخُذُهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ كَانَ هَذَا أَمْرًا بِطَاعَةٍ فَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَقُّ أَنْ يَأْمُرَهُ بِهِ مِنْ أُولَئِكَ الْعَرَبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ طَاعَةً لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ يَفْعَلُ مَا يَأْمُرُونَ بِهِ. ثُمَّ كَيْفَ يُقْبَلُ مِنْهُمْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةٍ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ؟ ! الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ «نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ: إِنَّهُ [4] لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ» [5] "." (1) ن، م: أَنَّ مَنْ نَقَلَ. (2) ن: وَعَامَّةُ. وَسَقَطَتْ عِبَارَةُ "فَإِنَّ عَامَّةَ الْعَرَبِ" مِنْ (م) ، (س) . (3) ن، س: فَقَالَ. (4) إِنَّهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (5) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 8/124 - 125 (كِتَابُ الْقَدَرِ بَابُ إِلْقَاءِ الْعَبْدِ النَّذْرَ إِلَى الْقَدَرِ) ، وَنَصُّهُ فِيهِ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ النَّذْرِ، قَالَ: (( إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ الْبَخِيلِ )) مُسْلِمٍ 3/1260 - 1261 (كِتَابُ النَّذْرِ، بَابُ النَّهْيِ عَنِ النَّذْرِ، وَأَنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا) وَجَاءَتْ بِهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ (الْأَحَادِيثُ رَقْمَ 2، 3، 4) مِنْهَا الرِّوَايَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ، وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي "إِرْوَاءِ الْغَلِيلِ" 8/208 - 209 رَقْمَ 2585. وَفِي طَرِيقٍ آخَرَ: «إِنَّ النَّذْرَ يَرُدُّ ابْنَ آدَمَ إِلَى الْقَدَرِ * فَيُعْطَى عَلَى النَّذْرِ مَا لَا يُعْطَى غَيْرُهُ» [1] . وَإِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَنْهَى عَنِ النَّذْرِ وَيَقُولُ: إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يَرُدُّ ابْنَ آدَمَ إِلَى الْقَدَرِ * [2] . فَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَسَائِرُ أَهْلِهِمَا [3] لَمْ يَعْلَمُوا مِثْلَ هَذَا، وَعَلِمَهُ عُمُومُ الْأُمَّةِ، فَهَذَا قَدْحٌ فِي عِلْمِهِمْ، فَأَيْنَ الْمُدَّعِي لِلْعِصْمَةِ؟ وَإِنْ كَانُوا [4] عَلِمُوا ذَلِكَ، وَفَعَلُوا مَا لَا طَاعَةَ فِيهِ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ، وَلَا فَائِدَةَ لَهُمَا فِيهِ، بَلْ قَدْ نَهَيَا عَنْهُ: إِمَّا نَهْيَ تَحْرِيمٍ، وَإِمَّا نَهْيَ تَنْزِيلٍ - كَانَ هَذَا قَدْحًا إِمَّا [5] فِي دِينِهِمْ [6] وَإِمَّا فِي عَقْلِهِمْ وَعِلْمِهِمْ. فَهَذَا الَّذِي يَرْوِي مِثْلَ هَذَا فِي فَضَائِلِهِمْ جَاهِلٌ، يَقْدَحُ فِيهِمْ مِنْ حَيْثُ يَمْدَحُهُمْ، وَيُخْفِضُهُمْ مِنْ حَيْثُ يَرْفَعُهُمْ، وَيَذُمُّهُمْ مِنْ حَيْثُ يَحْمَدُهُمْ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَيْتِ لِلرَّافِضَةِ مَا مَعْنَاهُ: إِنَّ مَحَبَّتَكُمْ لَنَا صَارَتْ مَعَرَّةً عَلَيْنَا. وَفِي الْمَثَلِ السَّائِرِ [7] "عَدُوٌّ عَاقِلٌ خَيْرٌ مِنْ صَدِيقٍ جَاهِلٍ" (1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثِ. (2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ، وَسَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) وَ (ب) . (3) ب: وَأَهْلِهِمَا. (4) ن، م: وَإِنْ (بِدُونِ كَانُوا) . (5) إِمَّا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) ، (س) . (6) س: فِي دِينِهِمَا. (7) السَّائِرِ: زِيَادَةٌ فِي (ن) . وَاللَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا مَدَحَ عَلَى الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ، لَا عَلَى نَفْسِ عَقْدِ النَّذْرِ، وَالرَّجُلُ يُنْهَى عَنِ الظِّهَارِ، وَإِنْ ظَاهَرَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ لِلظِّهَارِ، وَإِذَا عَاوَدَ مُدِحَ [1] عَلَى فِعْلِ * الْوَاجِبِ، وَهُوَ التَّكْفِيرُ، لَا عَلَى نَفْسِ الظِّهَارِ الْمُحَرَّمِ. وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَفَارَقَهَا بِالْمَعْرُوفِ، مُدِحَ عَلَى فِعْلِ مَا أَوْجَبَهُ الطَّلَاقُ، لَا نَفْسِ الطَّلَاقِ الْمَكْرُوهِ. وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ أَوِ اشْتَرَى فَأَعْطَى مَا عَلَيْهِ، مُدِحَ عَلَى فِعْلِ * [2] مَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ، لَا عَلَى نَفْسِ الْعَقْدِ الْمُوجِبِ. وَنَظَائِرُ هَذَا كَثِيرَةٌ. الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّ عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا جَارِيَةٌ اسْمُهَا فِضَّةٌ، بَلْ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَقَارِبِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَا نَعْرِفُ أَنَّهُ كَانَ بِالْمَدِينَةِ جَارِيَةٌ اسْمُهَا فِضَّةٌ، وَلَا ذَكَرَ ذَلِكَ [أَحَدٌ مِنْ] [3] أَهْلِ الْعِلْمِ، الَّذِينَ ذَكَرُوا أَحْوَالَهُمْ: دَقَّهَا وَجُلَّهَا. وَلَكِنْ فِضَّةٌ هَذِهِ بِمَنْزِلَةِ ابْنِ عَقِبِ الَّذِي يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ مُعَلِّمَ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ، وَأَنَّهُ أُعْطِيَ تُفَّاحَةً كَانَ فِيهَا عِلْمُ الْحَوَادِثِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الَّتِي تَرُوجُ [4] عَلَى الْجُهَّالِ. وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُمَا [5] لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مُعَلِّمٌ، وَلَمْ يَكُنْ [6] فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ: ابْنُ عَقِبٍ. وَهَذِهِ الْمَلَاحِمُ الْمَنْظُومَةُ [7] الْمَنْسُوبَةُ إِلَى ابْنِ عَقِبٍ، هِيَ مِنْ نَظْمِ بَعْضِ (1) ن، م: وَإِذَا عَادَ وَمُدِحَ، س: وَإِذَا عَاوَدَ وَمُدِحَ. (2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) (3) أَحَدٌ مِنْ: فِي (م) فَقَطْ. (4) س، ب: تَجُوزُ. (5) ن، م: أَنَّهُ. (6) ن، م: وَلَا كَانَ. (7) الْمَنْظُومَةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . مُتَأَخِّرِي الْجُهَّالِ [الرَّافِضَةِ] [1] ، الَّذِينَ كَانُوا زَمَنَ نُورِ الدِّينِ وَصَلَاحِ الدِّينِ، لَمَّا كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الشَّامِ بِأَيْدِي النَّصَارَى، وَمِصْرُ بِأَيْدِي الْقَرَامِطَةِ الْمَلَاحِدَةِ بَقَايَا بَنِي عُبَيْدٍ، فَذُكِرَ مِنَ الْمَلَاحِمِ مَا يُنَاسِبُ تِلْكَ الْأُمُورَ بِنَظْمٍ جَاهِلٍ عَامِّيٍّ. وَهَكَذَا هَذِهِ الْجَارِيَةُ فِضَّةٌ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ «أَنَّ فَاطِمَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَادِمًا، فَعَلَّمَهَا أَنْ تُسَبِّحَ عِنْدَ الْمَنَامِ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَتُكَبِّرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَتَحْمَدَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ. وَقَالَ: "هَذَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ خَادِمٍ" قَالَ عَلِيٌّ: فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قِيلَ لَهُ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلَا لَيْلَةَ صِفِّينَ» ". وَهَذَا خَبَرٌ صَحِيحٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ [2] ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَمْ يُعْطِهَا خَادِمًا. فَإِنْ كَانَ بَعْدَ [3] ذَلِكَ حَصَلَ خَادِمٌ [4] فَهُوَ مُمْكِنٌ، لَكِنْ [لَمْ يَكُنْ] [5] اسْمُ خَادِمِهَا فِضَّةً بِلَا رَيْبٍ." الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ بَعْضِ الْأَنْصَارِ أَنَّهُ آثَرَ (1) الرَّافِضَةِ فِي (م) فَقَطْ. (2) الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ يَسِيرٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 5/19 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . . بَابُ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ) 3/65 (كِتَابُ النَّفَقَاتِ، بَابُ خَادِمِ الْمَرْأَةِ) ، مُسْلِمٍ 4/2091 - 2092 (كِتَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ. . .، بَابُ التَّسْبِيحِ أَوَّلَ النَّهَارِ وَعِنْدَ النَّوْمِ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/430 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابٌ فِي التَّسْبِيحِ عِنْدَ النَّوْمِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/142 (كِتَابُ الدَّعَوَاتِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ عِنْدَ النَّوْمِ) . (3) بَعْدَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (4) س، ب: خَادِمًا (5) لَمْ يَكُنْ فِي (ب) فَقَطْ. ضَيْفَهُ بِعَشَائِهِمْ، وَنَوَّمَ الصِّبْيَةَ، وَبَاتَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ طَاوِيَيْنِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 9] [1] . وَهَذَا الْمَدْحُ أَعْظَمُ مِنَ الْمَدْحِ بِقَوْلِهِ: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا} [سُورَةُ الْإِنْسَانِ: 8] ، فَإِنَّ هَذَا كَقَوْلِهِ: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 177] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ سُئِلَ: أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "أَنْ تَصَدَّقَ [2] وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَأْمُلُ الْبَقَاءَ، وَتَخَافُ الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلُ، حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ، قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ» [3] .." وَقَالَ تَعَالَى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 92] . فَالتَّصَدُّقُ بِمَا يُحِبُّهُ الْإِنْسَانُ جِنْسٌ تَحْتَهُ أَنْوَاعٌ كَثِيرَةٌ. وَأَمَّا الْإِيثَارُ [4] مَعَ الْخَصَاصَةِ فَهُوَ أَكْمَلُ مِنْ مُجَرَّدِ التَّصَدُّقِ مَعَ الْمَحَبَّةِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مُتَصَدِّقٍ مُحِبًّا مُؤْثِرًا، وَلَا كُلُّ مُتَصَدِّقٍ يَكُونُ بِهِ خَصَاصَةٌ، بَلْ قَدْ يَتَصَدَّقُ بِمَا يُحِبُّ، مَعَ اكْتِفَائِهِ بِبَعْضِهِ، مَعَ مَحَبَّةٍ لَا تَبْلُغُ بِهِ الْخَصَاصَةَ. (1) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ قَبْلَ صَفَحَاتٍ (ص 166 (2) س: أَنْ تَصَدَّقْتَ. (3) الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ -، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 2/716 (كِتَابُ الزَّكَاةِ، بَابُ بَيَانِ أَنَّ أَفْضَلَ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الصَّحِيحِ الشَّحِيحِ) ، سُنَنِ النَّسَائِيِّ 5/51 (كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ "أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ" ) 6/198 (كِتَابُ الْوَصَايَا، الْكَرَاهِيَةُ فِي تَأْخِيرِ الْوَصِيَّةِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/903 (كِتَابُ الْوَصَايَا، بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامِ 7159، 7401، 9367، 9767. (4) م: وَأَمَّا الْإِنْفَاقُ. فَإِذَا كَانَ اللَّهُ مَدَحَ الْأَنْصَارَ بِإِيثَارِ الضَّيْفِ لَيْلَةً بِهَذَا الْمَدْحِ، وَالْإِيثَارُ الْمَذْكُورُ فِي قِصَّةِ أَهْلِ الْبَيْتِ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَدْحُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ، إِنْ كَانَ هَذَا مِمَّا يُمْدَحُ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْدَحُ عَلَيْهِ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمَنَاقِبِ. الثَّامِنُ: أَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ مَا لَا يَنْبَغِي نِسْبَتُهُ إِلَى عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ; فَإِنَّهُ خِلَافُ الْمَأْمُورِ بِهِ الْمَشْرُوعِ، وَهُوَ إِبْقَاءُ الْأَطْفَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ جِيَاعًا، وَوِصَالُهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. وَمِثْلُ هَذَا الْجُوعِ قَدْ يُفْسِدُ الْعَقْلَ وَالْبَدَنَ وَالدِّينَ. وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ قِصَّةِ الْأَنْصَارِي ; فَإِنَّ ذَلِكَ [1] بَيَّتَهُمْ لَيْلَةً وَاحِدَةً بِلَا عَشَاءٍ، وَهَذَا قَدْ يَحْتَمِلُهُ الصِّبْيَانُ، بِخِلَافِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا. التَّاسِعُ: أَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ الْيَتِيمَ قَالَ: "اسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ الْعَقَبَةِ" وَهَذَا مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ، فَإِنَّ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَكُنْ فِيهَا قِتَالٌ، وَلَكِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَايَعَ الْأَنْصَارَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقِتَالِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ، مَعَ أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ مِنْ كَذِبِ أَجْهَلِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَلَوْ قَالَ: "اسْتُشْهِدَ وَالِدِي يَوْمَ أُحُدٍ" لَكَانَ أَقْرَبَ. الْعَاشِرُ: أَنْ يُقَالَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَكْفِي أَوْلَادَ مَنْ قُتِلَ مَعَهُ. وَلِهَذَا قَالَ لِفَاطِمَةَ لَمَّا سَأَلَتْهُ خَادِمًا: "لَا أَدَعُ يَتَامَى بَدْرٍ وَأُعْطِيكِ" . (1) ن، م: ذَاكَ. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّهُ كَانَ مِنْ يَتَامَى الْمُجَاهِدِينَ الشُّهَدَاءِ مَنْ لَا يَكْفِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كَذِبٌ عَلَيْهِ وَقَدْحٌ فِيهِ. الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَدِينَةِ قَطُّ أَسِيرٌ يَسْأَلُ النَّاسَ، بَلْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَقُومُونَ بِالْأَسِيرِ الَّذِي يَسْتَأْسِرُونَهُ. فَدَعْوَى الْمُدِّعِي أَنَّ أَسْرَاهُمْ كَانُوا مُحْتَاجِينَ إِلَى مَسْأَلَةِ النَّاسِ كَذِبٌ عَلَيْهِمْ وَقَدْحٌ فِيهِمْ. وَالْأُسَرَاءُ الْكَثِيرُونَ [إِنَّمَا] [1] كَانُوا يَوْمَ بَدْرٍ، قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَبَعْدَ ذَلِكَ فَالْأَسْرَى فِي غَايَةِ الْقِلَّةِ. الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ صَحِيحَةً، وَهِيَ مِنَ الْفَضَائِلِ، لَمْ تَسْتَلْزِمْ أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهَا أَفْضَلَ النَّاسِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ دُونَ غَيْرِهِ. فَقَدْ كَانَ جَعْفَرٌ أَكْثَرَ إِطْعَامًا لِلْمَسَاكِينِ مِنْ غَيْرِهِ، حَتَّى قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي» . [2] ، 5 - 29 وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ: مَا احْتَذَى النِّعَالَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَعْفَرٍ، يَعْنِي فِي الْإِحْسَانِ إِلَى الْمَسَاكِينِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَضَائِلِ. فَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ [3] أَفْضَلَ مِنْ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحِقًّا لِلْإِمَامَةِ. الثَّالِثَ عَشَرَ: أَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ إِنْفَاقَ الصِّدِّيقِ أَمْوَالَهُ أَعْظَمُ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّ إِطْعَامَ الْجَائِعِ [4] مِنْ جِنْسِ الصَّدَقَةِ الْمُطْلَقَةِ، الَّتِي يُمْكِنُ كُلُّ وَاحِدٍ فِعْلَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، بَلْ وَكُلُّ أُمَّةٍ يُطْعِمُونَ جِيَاعَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَتَقَرَّبُونَ إِلَى اللَّهِ بِذَلِكَ، بِخِلَافِ الْمُؤْمِنِينَ، (1) إِنَّمَا فِي (م) فَقَطْ. (2) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ سَبَقَ فِيمَا مَضَى 4 (3) ن، ب: وَلَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ، س: وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ. (4) ن، م: الْجِيَاعِ.
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (419) صـ 187 إلى صـ 196 فَإِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِوَجْهِ اللَّهِ، بِهَذَا تَمَيَّزُوا. كَمَا قَالَ تَعَالَى عَنْهُمْ: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} [سُورَةُ الْإِنْسَانِ: 9] . وَأَمَّا إِنْفَاقُ الصِّدِّيقِ وَنَحْوُهُ، فَإِنَّهُ كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، لِتَخْلِيصِ مَنْ آمَنَ، وَالْكُفَّارُ يُؤْذُونَهُ أَوْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ مِثْلَ اشْتِرَائِهِ بِمَالِهِ سَبْعَةً كَانُوا يُعَذَّبُونَ فِي اللَّهِ، مِنْهُمْ بِلَالٌ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ: أَبُو بَكْرٍ سَيِّدُنَا وَأَعْتَقَ سَيِّدَنَا، يَعْنِي بِلَالًا [1] . وَإِنْفَاقُهُ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ وَفِي [2] نَصْرِ الْإِسْلَامِ، حَيْثُ كَانَ أَهْلُ الْأَرْضِ قَاطِبَةً أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ. وَتِلْكَ النَّفَقَةُ مَا بَقِيَ يُمْكِنُ مِثْلُهَا. وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ: «لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُمْ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ» [3] وَهَذَا فِي النَّفَقَةِ الَّتِي اخْتُصُّوا بِهَا، وَأَمَّا جِنْسُ إِطْعَامِ الْجَائِعِ مُطْلَقًا، فَهَذَا مُشْتَرَكٌ يُمْكِنُ فِعْلُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. [فصل البرهان الثاني والعشرون "وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] : "الْبُرْهَانُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 33] . مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} " (1) ذَكَرَ هَذَا الْإِسْنَادَ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي "حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ" 1/147. (2) س، ب: الْإِيمَانِ فِي. . . (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/21 (4) فِي (ك) ص 160 (م) . [: مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلُهُ] [1] {وَصَدَّقَ بِهِ} : قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَمِنْ طَرِيقِ الْفَقِيهِ الشَّافِعِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ [2] : {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} قَالَ: جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَدَّقَ بِهِ عَلِيٌّ. وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ اخْتُصَّ بِهَا، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا لَيْسَ مَنْقُولًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ وَحْدَهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ يَجِبُ اتِّبَاعُهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، لَوْ كَانَ [3] هَذَا النَّقْلُ صَحِيحًا عَنْهُ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا عَنْهُ؟ ! فَإِنَّهُ قَدْ عُرِفَ بِكَثْرَةِ [4] الْكَذِبِ. وَالثَّابِتُ عَنْ مُجَاهِدٍ [5] خِلَافُ هَذَا، وَهُوَ أَنَّ الصِّدْقَ هُوَ الْقُرْآنُ، وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ هُوَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي عَمِلَ بِهِ، فَجَعَلَهَا عَامَّةً. رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ [وَغَيْرُهُ] [6] عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ [7] : هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ يَجِيئُونَ [بِهِ] [8] يَوْمَ الْقِيَامَةِ، (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (ك) فَقَطْ. (2) ك:. . مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى. . . (3) س، ب: وَلَوْ كَانَ وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) ن، م، س: كَثْرَةِ. (5) أَبُو الْحَجَّاجِ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ الْمَكِّيُّ، تَابِعِيٌّ، مُفَسِّرٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، وُلِدَ سَنَةَ 21 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 104 قَالَ الذَّهَبِيُّ فِي "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ" ، "الْإِمَامُ شَيْخُ الْقُرَّاءِ الْمُفَسِّرِينَ. .، قَالَ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْتُ لِلْأَعْمَشَ: مَا بَالُهُمْ يَتَّقُونَ تَفْسِيرَ مُجَاهِدٍ؟ قَالَ: كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّهُ يَسْأَلُ أَهْلَ الْكِتَابِ. قَالَ ابْنُ خِرَاشٍ: أَحَادِيثُ مُجَاهِدٍ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ مَرَاسِيلُ" ، انْظُرْ تَرْجَمَةَ مُجَاهِدٍ فِي "سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ" 4/449 - 457، طَبْعَةِ مُؤَسَّسَةِ الرِّسَالَةِ، بَيْرُوتَ 1401 1981، مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 3/439 - 440 حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ 3/279 - 310 الْأَعْلَامِ 6/161. (6) وَغَيْرُهُ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (7) فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (ط. بُولَاقَ) 24/4 (8) بِهِ: فِي (ن) وَفِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ. فَيَقُولُونَ [1] : هَذَا الَّذِي أَعْطَيْتُمُونَا قَدِ اتَّبَعْنَا [2] مَا فِيهِ. وَرَوَاهُ [3] أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فَذَكَرَهُ، وَحَدَّثَنَا الْمُحَارِبِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ: وَصَدَّقَ بِهِ. قَالَ: الْمُؤْمِنُونَ جَمِيعًا. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {وَصَدَّقَ بِهِ} . قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [4] -. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مُعَارَضٌ بِمَا هُوَ أَشْهَرُ مِنْهُ عِنْدَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ، وَهُوَ أَنَّ الَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ: مُحَمَّدٌ، وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ: أَبُو بَكْرٍ، فَإِنَّ هَذَا يَقُولُهُ طَائِفَةٌ، وَذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى عَلِيٍّ. قَالَ [5] : جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ وَصَدَّقَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ. وَفِي هَذَا حِكَايَةٌ ذَكَرَهَا بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ جَعْفَرٍ غُلَامِ أَبِي بَكْرٍ الْخَلَّالِ: أَنَّ سَائِلًا سَأَلَهُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ، فَقَالَ لَهُ هُوَ - أَوْ بَعْضُ الْحَاضِرِينَ [6]: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ. فَقَالَ السَّائِلُ: بَلْ فِي عَلِيٍّ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بْنُ جَعْفَرٍ: اقْرَأْ مَا بَعْدَهَا: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 33] إِلَى قَوْلِهِ [7] {لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 35] الْآيَةَ، فَبُهِتَ السَّائِلُ. الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: لَفْظُ الْآيَةِ عَامٌّ مُطْلَقٌ لَا يَخْتَصُّ بِأَبِي بَكْرٍ وَلَا بِعَلِيٍّ، (1) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: يَقُولُونَ. (2) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ فَاتَّبَعْنَا. (3) ن، س، ب: رَوَاهُ. (4) انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ (ط. الشَّعْبِ) 7/89 - 90، زَادَ الْمَسِيرِ 7/182 (5) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ 24/3 (6) كَذَا فِي (م) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ: الْمُهَاجِرِينَ. (7) عِبَارَةُ "إِلَى قَوْلِهِ" : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . بَلْ كُلُّ مَنْ دَخَلَ فِي عُمُومِهَا دَخَلَ فِي حُكْمِهَا. وَلَا رَيْبَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيًّا أَحَقُّ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالدُّخُولِ فِيهَا، لَكِنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِهِمْ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ - وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 32 - 33] الْآيَةَ، فَقَدْ ذَمَّ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الْكَاذِبَ عَلَى اللَّهِ وَالْمُكَذِّبَ بِالصِّدْقِ، وَهَذَا ذَمٌّ عَامٌّ. وَالرَّافِضَةُ أَعْظَمُ أَهْلِ الْبِدَعِ دُخُولًا فِي هَذَا الْوَصْفِ الْمَذْمُومِ ; فَإِنَّهُمْ أَعْظَمُ الطَّوَائِفِ افْتِرَاءً لِلْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، وَأَعْظَمُهُمْ تَكْذِيبًا بِالصِّدْقِ لِمَا [1] جَاءَهُمْ، وَأَبْعَدُ الطَّوَائِفِ عَنِ الْمَجِيءِ بِالصِّدْقِ وَالتَّصْدِيقِ بِهِ. وَأَهْلُ السُّنَّةِ الْمَحْضَةِ أَوْلَى الطَّوَائِفِ بِهَذَا ; فَإِنَّهُمْ يَصْدُقُونَ وَيُصَدِّقُونَ بِالْحَقِّ فِي كُلِّ مَا جَاءَ بِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ هُوًى إِلَّا مَعَ الْحَقِّ. وَاللَّهُ تَعَالَى مَدَحَ الصَّادِقَ فِيمَا يَجِيءُ بِهِ وَالْمُصَدِّقَ بِهَذَا الْحَقِّ. فَهَذَا مَدْحٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلِكُلِّ مَنْ آمَنَ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَقُلْ: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَالَّذِي صَدَّقَ بِهِ، فَلَمْ يَجْعَلْهُمَا صِنْفَيْنِ، بَلْ جَعَلَهُمَا [2] صِنْفًا وَاحِدًا ; لِأَنَّ الْمُرَادَ مَدْحُ النَّوْعِ الَّذِي يَجِيءُ بِالصِّدْقِ وَيُصَدِّقُ بِالصِّدْقِ، فَهُوَ مَمْدُوحٌ عَلَى اجْتِمَاعِ الْوَصْفَيْنِ، عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ مِنْ شَأْنِهِ إِلَّا أَنْ يَجِيءَ بِالصِّدْقِ، وَمِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُصَدِّقَ بِالصِّدْقِ. وَقَوْلُهُ: {جَاءَ بِالصِّدْقِ} اسْمُ جِنْسٍ لِكُلِّ صِدْقٍ، وَإِنْ كَانَ الْقُرْآنُ أَحَقَّ بِالدُّخُولِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ، وَلِذَلِكَ صَدَّقَ بِهِ أَيْ بِجِنْسِ الصِّدْقِ [3] . وَقَدْ (1) س، ب: لِلصِّدْقِ وَلِمَا. (2) ن، م، س: بَلْ جَعَلَهُمْ. (3) ب: مَنْ يُحْسِنُ الصِّدْقَ. يَكُونُ الصِّدْقُ الَّذِي صُدِّقَ بِهِ لَيْسَ [1] هُوَ عَيْنَ الصِّدْقِ الَّذِي جَاءَ بِهِ، كَمَا تَقُولُ: فُلَانٌ يَسْمَعُ الْحَقَّ، وَيَقُولُ الْحَقَّ وَيَقْبَلُهُ، وَيَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَيَعْمَلُ بِهِ. أَيْ هُوَ مَوْصُوفٌ بِقَوْلِ الْحَقِّ لِغَيْرِهِ، وَقَبُولِ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالْعَدْلِ وَالْعَمَلِ بِهِ. وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْعَدْلِ الَّذِي يَأْمُرُ بِهِ لَيْسَ هُوَ عَيْنَ الْعَدْلِ الَّذِي يَعْمَلُ بِهِ. فَلَمَّا ذَمَّ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مَنِ اتَّصَفَ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ: الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، وَالتَّكْذِيبِ بِالْحَقِّ، إِذْ كَلٌّ مِنْهُمَا يَسْتَحِقُّ بِهِ [2] الذَّمَّ، مَدَحَ ضِدَّهُمَا الْخَالِيَ عَنْهُمَا، بِأَنْ يَكُونَ يَجِيءُ بِالصِّدْقِ لَا بِالْكَذِبِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعَ ذَلِكَ مُصَدِّقًا بِالْحَقِّ، لَا يَكُونُ مِمَّنْ يَقُولُهُ هُوَ، وَإِذَا قَالَهُ غَيْرُهُ لَمْ [3] يُصَدِّقْهُ، فَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَصْدُقُ وَلَا يَكْذِبُ، لَكِنْ يَكْرَهُ: أَنَّ غَيْرَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ فِي ذَلِكَ حَسَدًا وَمُنَافَسَةً، فَيُكَذِّبُ غَيْرَهُ فِي صِدْقِهِ أَوْ لَا يُصَدِّقُهُ، بَلْ يُعْرِضُ عَنْهُ. وَفِيهِمْ مَنْ يُصَدِّقُ طَائِفَةً فِيمَا قَالَتْ، قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا قَالُوهُ: أَصِدْقٌ هُوَ أَمْ كَذِبٌ؟ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى لَا يُصَدِّقُهَا [4] فِيمَا تَقُولُ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا، بَلْ إِمَّا أَنْ يُصَدِّقَهَا وَإِمَّا أَنْ يُعْرِضَ عَنْهَا [5] . وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي عَامَّةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ: تَجِدُ كَثِيرًا مِنْهُمْ صَادِقًا فِيمَا يَنْقُلُهُ، لَكِنْ مَا يَنْقُلُهُ عَنْ طَائِفَتِهِ يُعْرِضُ عَنْهُ، فَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي الْمَدْحِ، بَلْ فِي الذَّمِّ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُصَدِّقْ بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَهُ. (1) لَيْسَ سَاقِطَةٌ مِنْ (س) (ب) . (2) بِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) م: لَا. (4) س، ب: لَا تُصَدِّقُهَا. (5) س، ب: بَلْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقَهَا وَإِمَّا أَنْ تُعْرِضَ عَنْهَا. وَاللَّهُ قَدْ ذَمَّ الْكَاذِبَ وَالْمُكَذِّبَ بِالْحَقِّ ; لِقَوْلِهِ فِي غَيْرِ آيَةٍ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: 68] وَقَالَ: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 21] . وَلِهَذَا لَمَّا كَانَ مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَنْبِيَاءَ، الَّذِينَ هُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، أَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ يَجِيءُ بِالصِّدْقِ فَلَا يَكْذِبُ، فَكُلٌّ مِنْهُمْ صَادِقٌ فِي نَفْسِهِ مُصَدِّقٌ لِغَيْرِهِ. وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ: (وَالَّذِي) صِنْفًا مِنَ الْأَصْنَافِ لَا يُقْصَدُ [1] بِهِ وَاحِدٌ بِعَيْنِهِ، أَعَادَ الضَّمِيرَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ فَقَالَ: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 33] . وَأَنْتَ تَجِدُ كَثِيرًا مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى عِلْمٍ وَدِينٍ لَا يَكْذِبُونَ فِيمَا يَقُولُونَهُ [2] ، بَلْ لَا يَقُولُونَ إِلَّا الصِّدْقَ، لَكِنْ لَا يَقْبَلُونَ مَا يُخْبِرُ بِهِ غَيْرَهُمْ مِنَ الصِّدْقِ، بَلْ يَحْمِلُهُمُ الْهَوَى وَالْجَهْلُ عَلَى تَكْذِيبِ غَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا إِمَّا تَكْذِيبِ نَظِيرِهِ وَإِمَّا تَكْذِيبِ [3] مَنْ لَيْسَ مِنْ طَائِفَتِهِ. وَنَفْسُ تَكْذِيبِ الصَّادِقِ هُوَ مِنَ الْكَذِبِ، وَلِهَذَا قَرَنَهُ بِالْكَاذِبِ [4] عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 32] فَكِلَاهُمَا كَاذِبٌ: [هَذَا كَاذِبٌ] [5] فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنِ اللَّهِ، وَهَذَا كَاذِبٌ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ عَنِ الْمُخْبِرِ عَنِ اللَّهِ. (1) س، ب: لَا يُصَدِّقُ بِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ. (2) ب: فِيمَا يَقُولُونَ. (3) م: إِمَّا بِكَذِبِ نَظِيرِهِ، وَإِمَّا بِكَذِبِ. (4) م: بِالْكَذِبِ. (5) عِبَارَةُ "وَهَذَا كَاذِبٌ" فِي (ب) فَقَطْ. وَالنَّصَارَى يَكْثُرُ فِيهِمُ الْمُفْتَرُونَ لِلْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، وَالْيَهُودُ يَكْثُرُ فِيهِمُ الْمُكَذِّبُونَ بِالْحَقِّ. وَهُوَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ الْمُكَذِّبَ بِالصِّدْقِ نَوْعًا ثَانِيًا ; لِأَنَّهُ أَوَّلًا لَمْ يَذْكُرْ جَمِيعَ أَنْوَاعِ الْكَذِبِ، بَلْ ذَكَرَ مَنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ. وَأَنْتَ إِذَا تَدَبَّرْتَ هَذَا، وَعَلِمْتَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَالتَّكْذِيبِ بِالصِّدْقِ مَذْمُومٌ، وَأَنَّ [1] الْمَدْحَ لَا يَسْتَحِقُّهُ إِلَّا مَنْ كَانَ آتِيًا بِالصِّدْقِ مُصَدِّقًا لِلصِّدْقِ، عَلِمْتَ أَنَّ هَذَا مِمَّا هَدَى اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ إِلَى صِرَاطِهِ الْمُسْتَقِيمِ. إِذَا تَأَمَّلْتَ هَذَا تَبَيَّنَ لَكَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الشَّرِّ - أَوْ أَكْثَرَهُ - يَقَعُ مِنْ أَحَدِ هَذَيْنِ [2] ، فَتَجِدُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، أَوِ الرَّجُلَيْنِ [3] مِنَ النَّاسِ، لَا يَكْذِبُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ مِنَ الْعِلْمِ، لَكِنْ لَا يَقْبَلُ مَا تَأْتِي بِهِ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى، فَرُبَّمَا [4] جَمَعَ بَيْنَ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَالتَّكْذِيبِ بِالصِّدْقِ. وَهَذَا وَإِنْ كَانَ يُوجَدُ فِي عَامَّةِ الطَّوَائِفِ شَيْءٌ مِنْهُ فَلَيْسَ فِي الطَّوَائِفِ أَدْخَلَ فِي ذَلِكَ مِنَ الرَّافِضَةِ ; فَإِنَّمَا أَعْظَمُ الطَّوَائِفِ كَذِبًا عَلَى اللَّهِ، وَعَلَى رَسُولِهِ، وَعَلَى الصَّحَابَةِ [5] وَعَلَى ذَوِي الْقُرْبَى. وَكَذَلِكَ هُمْ مِنْ أَعْظَمِ الطَّوَائِفِ تَكْذِيبًا بِالصِّدْقِ، فَيُكَذِّبُونَ بِالصِّدْقِ الثَّابِتِ الْمَعْلُومِ مِنَ الْمَنْقُولِ الصَّحِيحِ وَالْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ. فَهَذِهِ الْآيَةُ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - مَا فِيهَا مِنْ مَدْحٍ فَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى الصَّحَابَةِ الَّذِينَ افْتَرَتْ عَلَيْهِمُ الرَّافِضَةُ وَظَلَمَتْهُمْ، فَإِنَّهُمْ جَاءُوا بِالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ، (1) م: فَإِنَّ. (2) م: مِنْ أَحَدٍ مِنْ هَذَيْنِ. (3) س، ب: وَالرَّجُلَيْنِ. (4) م: وَرُبَّمَا. (5) م: وَعَلَى أَصْحَابِهِ. وَهُمْ مِنْ أَعْظَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ دُخُولًا فِي ذَلِكَ، وَعَلِيٌّ مِنْهُمْ، وَمَا فِيهَا مِنْ ذَمٍّ فَالرَّافِضَةُ أَدْخَلُ النَّاسِ فِيهِ، فَهِيَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ مِنَ الطَّرَفَيْنِ [1] ، وَلَيْسَ فِيهَا حُجَّةٌ عَلَى اخْتِصَاصِ عَلِيٍّ دُونَ الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ بِشَيْءٍ، فَهِيَ [2] حُجَّةٌ [عَلَيْهِمْ] [3] مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهَا بِحَالٍ. [فصل البرهان الثالث والعشرون "هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] : الْبُرْهَانُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 62] مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: مَكْتُوبٌ عَلَى الْعَرْشِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ [5] ، مُحَمَّدٌ عَبْدِي وَرَسُولِي أَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [6] ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي كِتَابِهِ: ( {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} ، يَعْنِي بِعَلِيٍّ [7] ، وَهَذِهِ مِنْ أَعْظَمِ الْفَضَائِلِ الَّتِي لَمْ تَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ [8] ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." (1) ن: مِنَ الطَّرِيقَيْنِ. (2) م: فَهَذِهِ. (3) عَلَيْهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) . (4) فِي (ك) ص 160 (م) . (5) ك: أَنَا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لِي. (6) ك: وَأَيَّدْتُهُ بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (7) ك: بِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (8) مِنَ الصَّحَابَةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْعَزْوِ إِلَى رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ فَلَيْسَ [1] حُجَّةً بِالِاتِّفَاقِ. وَأَبُو نُعَيْمٍ لَهُ كِتَابٌ مَشْهُورٌ فِي "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" [2] ، وَقَدْ ذَكَرَ قِطْعَةً مِنَ الْفَضَائِلِ فِي أَوَّلِ "الْحِلْيَةِ" ، فَإِنْ كَانُوا يَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَاهُ، فَقَدْ رَوَى فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مَا يُنْقِضُ بُنْيَانَهُمْ وَيَهْدِمُ أَرْكَانَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا [لَا] [3] يَحْتَجُّونَ بِمَا رَوَاهُ فَلَا يَعْتَمِدُونَ عَلَى نَقْلِهِ، وَنَحْنُ نَرْجِعُ فِيمَا رَوَاهُ - هُوَ وَغَيْرُهُ - إِلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْفَنِّ وَالطُّرُقِ الَّتِي بِهَا يُعْلَمُ صِدْقُ الْحَدِيثِ وَكَذِبُهُ، مِنَ النَّظَرِ فِي إِسْنَادِهِ وَرِجَالِهِ، وَهَلْ هُمْ ثِقَاتٌ سَمِعَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ أَمْ لَا؟ وَنَنْظُرُ إِلَى شَوَاهِدِ الْحَدِيثِ وَمَا يَدُلُّ [عَلَيْهِ] [4] عَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ، لَا فَرْقَ عِنْدَنَا بَيْنَ مَا يُرْوَى فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ أَوْ فَضَائِلِ غَيْرِهِ، فَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ صِدْقٌ صَدَّقْنَاهُ، وَمَا كَانَ كَذِبًا كَذَّبْنَاهُ. فَنَحْنُ نَجِيءُ بِالصِّدْقِ وَنُصَدِّقُ بِهِ، لَا نَكْذِبُ، وَلَا نُكَذِّبُ صَادِقًا. وَهَذَا مَعْرُوفٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ. وَأَمَّا مَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ [5] بِالْحَقِّ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُكَذِّبَهُ فِي كَذِبِهِ وَتَكْذِيبِهِ لِلْحَقِّ، كَأَتْبَاعِ مُسَيْلِمَةَ (1) ن، م، س: فَلَيْسَتْ. (2) سَبَقَتْ تَرْجَمَةُ أَبِي نُعَيْمٍ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيِّ قَبْلَ صَفَحَاتٍ، وَذَكَرَ الزِّرِكْلِيُّ فِي "الْأَعْلَامِ" 1/150 أَنَّ لَهُ كِتَابَ "مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ" كَبِيرٌ، بَقِيَتْ مِنْهُ أَجْزَاءٌ فِي مُجَلَّدٍ وَاحِدٍ مَخْطُوطٍ. وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ" عَنْهُ: "قَالَ الْخَطِيبُ: رَأَيْتُ لِأَبِي نُعَيْمٍ أَشْيَاءَ يَتَسَاهَلُ فِيهَا، مِنْهَا أَنَّهُ يُطْلِقُ فِي الْإِجَازَةِ أَخْبَرَنَا وَلَا يُبَيِّنُ. قُلْتُ: هَذَا مَذْهَبٌ رَآهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ التَّدْلِيسِ، وَكَلَامُ ابْنِ مَنْدَهْ فِي أَبِي نُعَيْمٍ فَظِيعٌ لَا أُحِبُّ حِكَايَتَهُ، وَلَا أَقْبَلُ قَوْلَ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الْآخَرِ، بَلْ هُمَا عِنْدِي مَقْبُولَانِ، لَا أَعْلَمُ لَهُمَا ذَنْبًا أَكْثَرَ مِنْ رِوَايَتِهِمَا الْمَوْضُوعَاتِ سَاكِتَيْنِ عَنْهَا" . (3) لَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) . (4) عَلَيْهِ: فِي (ب) فَقَطْ. (5) س، ب: وَكَذَّبَ. الْكَذَّابِ وَالْمُكَذِّبِينَ بِالْحَقِّ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَاتَّبَعَهُ عَلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ: صِدِّيقُهُ الْأَكْبَرُ وَسَائِرُ الْمُؤْمِنِينَ. وَلِهَذَا نَقُولُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ [1] . وَهَذَا الْحَدِيثُ - وَأَمْثَالُهُ - مِمَّا جَزَمْنَا أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ نَشْهَدُ أَنَّهُ [2] كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، فَنَحْنُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ - نَعْلَمُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا فِي قُلُوبِنَا، لَا سَبِيلَ لَنَا إِلَى دَفْعِهِ، أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ [كَذِبٌ] [3] مَا حَدَّثَ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَهَكَذَا نَظَائِرُهُ [4] مِمَّا نَقُولُ فِيهِ مِثْلَ ذَلِكَ. وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَارِفًا بِعِلْمِ الْحَدِيثِ وَبِدِينِ الْإِسْلَامِ يَعْرِفُ، وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بِذَلِكَ عِلْمٌ لَا يَدْخُلُ مَعَنَا، كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِالصَّرْفِ يَحْلِفُونَ عَلَى مَا يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مَغْشُوشٌ، وَإِنْ كَانَ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْمَغْشُوشِ وَالصَّحِيحِ. الثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 62 - 63] . وَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ عَدَدٌ مُؤَلَّفٌ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَعَلِيٌّ وَاحِدٌ [مِنْهُمْ] [5] لَيْسَ لَهُ قُلُوبٌ يُؤَلَّفُ بَيْنَهَا. وَالْمُؤْمِنُونَ [6] صِيغَةُ [7] جَمْعٍ، فَهَذَا نَصٌّ صَرِيحٌ لَا يَحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ وَاحِدًا (1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ. (2) س، ب: يَشْهَدُ لَهُ، ن: نَسْهَدُ (غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ) لَهُ. (3) كَذِبٌ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (4) س، ب: نَظِيرُهُ. (5) مِنْهُمْ: فِي (م) فَقَطْ. (6) س، ب: وَالْمُؤْمِنِينَ. (7) ب: صِفَةُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (420) صـ 197 إلى صـ 206 مُعَيَّنًا، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُرَادُ بِهَذَا عَلِيٌّ وَحْدَهُ؟ الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ وَالتَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ قِيَامُ دِينِهِ بِمُجَرَّدِ مُوَافَقَةِ عَلِيٍّ، فَإِنَّ عَلِيًّا كَانَ [1] مِنْ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، فَكَانَ الْإِسْلَامُ ضَعِيفًا، فَلَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَى مَنْ هَدَاهُ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ وَالنُّصْرَةِ، لَمْ يَحْصُلْ بِعَلِيٍّ وَحْدَهُ شَيْءٌ مِنَ التَّأْيِيدِ، وَلَمْ يَكُنْ [2] إِيمَانُ النَّاسِ وَهِجْرَتُهُمْ وَلَا نُصْرَتُهُمْ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مُنْتَصِبًا: لَا بِمَكَّةَ وَلَا بِالْمَدِينَةِ لِلدَّعْوَةِ إِلَى الْإِيمَانِ، كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ مُنْتَصِبًا لِذَلِكَ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ أَحَدٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، لَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَلَا مِنَ الْأَنْصَارِ، بَلْ لَا نَعْرِفُ أَنَّهُ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَكِنْ لَمَّا بَعَثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْيَمَنِ قَدْ يَكُونُ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ [3] مَنْ أَسْلَمَ، إِنْ كَانَ وَقَعَ ذَلِكَ وَلَيْسَ أُولَئِكَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ عَلَى يَدِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَا كَانَ يَدْعُو الْمُشْرِكِينَ وَيُنَاظِرُهُمْ، كَمَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُوهُمْ وَيُنَاظِرُهُمْ، وَلَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَخَافُونَهُ، كَمَا يَخَافُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ. بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ وَالْمَغَازِي، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ النَّاسُ، أَنَّهُ «لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ، صَعِدَ أَبُو سُفْيَانَ عَلَى [4] الْجَبَلِ وَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ [أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟] [5] فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (1) كَانَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) س، ب: وَلَا يَكُونُ. (3) عَلَى يَدَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) وَفِي (ن) : عَلَى يَدِهِ. (4) س، ب: إِلَى. (5) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ. "لَا تُجِيبُوهُ" . فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُجِيبُوهُ" فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ ابْنُ الْخَطَّابِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُجِيبُوهُ" . فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: أَمَّا هَؤُلَاءِ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُمْ. فَلَمْ يَمْلِكْ عُمَرُ [1] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نَفْسَهُ أَنْ قَالَ: كَذَبْتَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ، إِنَّ الَّذِينَ عَدَدْتَ [2] لَأَحْيَاءٌ، وَقَدْ بَقِيَ لَكَ مَا يَسُوءُكَ. فَقَالَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ. فَقَالَ عُمَرُ: لَا سَوَاءٌ، قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ. ثُمَّ أَخَذَ أَبُو سُفْيَانَ يَرْتَجِزُ وَيَقُولُ: اعْلُ هُبَلْ. . اعْلُ هُبُلْ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ [3] ؟" فَقَالُوا: وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ" فَقَالَ: إِنَّ لَنَا الْعُزَّى وَلَا عُزَّى لَكُمْ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَلَا تُجِيبُوهُ [4]" فَقَالُوا: وَمَا نَقُولُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ" فَقَالَ: سَتَجِدُونَ فِي الْقَوْمِ مُثْلَةً لَمْ آمُرْ بِهَا وَلَمْ تَسُؤْنِي» [5] . فَهَذَا جَيْشُ الْمُشْرِكِينَ إِذْ ذَاكَ لَا يَسْأَلُ إِلَّا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَلَوْ كَانَ الْقَوْمُ خَائِفِينَ مِنْ عَلِيٍّ أَوْ عُثْمَانَ أَوْ طَلْحَةَ أَوِ الزُّبَيْرِ أَوْ نَحْوِهِمْ، أَوْ كَانَ لِلرَّسُولِ تَأْيِيدٌ بِهَؤُلَاءِ، كَتَأْيِيدِهِ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، لَكَانَ يُسْأَلُ عَنْهُمْ كَمَا يُسْأَلُ عَنْ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلسُّؤَالِ [6] قَائِمٌ، وَالْمَانِعُ (1) م حَمْزَةُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (2) م: ذَكَرْتَ. (3) ب: أَجِيبُوهُ. (4) ب: أَجِيبُوهُ. (5) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 1/523 (6) ن، س: لِلرَّسُولِ، وَهُوَ خَطَأٌ. مُنْتَفٍ، وَمَعَ وُجُودِ الْقُدْرَةِ وَالدَّاعِي وَانْتِفَاءِ الصَّارِفِ [1] يَجِبُ مَعَهُ [2] وُجُودُ الْفِعْلِ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ فِي الْإِسْلَامِ أَثَرٌ حَسَنٌ، إِلَّا وَلِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلُهُ، وَلِبَعْضِهِمْ آثَارٌ أَعْظَمُ مِنْ آثَارِهِ. وَهَذَا مَعْلُومٌ لِمَنْ عَرَفَ السِّيرَةَ الصَّحِيحَةَ الثَّابِتَةَ بِالنَّقْلِ. وَأَمَّا مَنْ يَأْخُذُ بِنَقْلِ الْكَذَّابِينَ وَأَحَادِيثِ الطُّرُقِيَّةِ، فَبَابُ الْكَذِبِ مَفْتُوحٌ، وَهَذَا الْكَذِبُ [3] يَتَعَلَّقُ بِالْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: 68] . وَمَجْمُوعُ الْمَغَازِي الَّتِي كَانَ فِيهَا الْقِتَالُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِسْعُ مَغَازٍ، وَالْمَغَازِي كُلُّهَا بِضْعٌ وَعِشْرُونَ غَزَاةً [4] ، وَأَمَّا السَّرَايَا فَقَدْ قِيلَ: إِنَّهَا تَبْلُغُ سَبْعِينَ [5] . وَمَجْمُوعُ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ فِي غَزَوَاتِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْلُغُونَ أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ، وَلَمْ يَقْتُلْ [عَلِيٌّ] [6] مِنْهُمْ عُشْرَهُمْ وَلَا نِصْفَ عُشْرِهِمِ، وَأَكْثَرُ السَّرَايَا لَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ فِيهَا. وَأَمَّا بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَشْهَدْ شَيْئًا مِنَ الْفُتُوحَاتِ: لَا هُوَ وَلَا عُثْمَانُ وَلَا طَلْحَةُ، (1) س: الصِّدْقِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، ب: الضِّدِّ. (2) مَعَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) . (3) م: الْمُكَذِّبُ. (4) م: غَزِيَّةً. (5) م: تِسْعِينَ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَانْظُرْ عَنْ عَدَدِ غَزَوَاتِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَرَايَاهُ وَبُعُوثَهُ، زَادَ الْمَعَادِ 1/129 - 130، جَوَامِعَ السِّيرَةِ، ص 16 - 21، صَحِيحَ مُسْلِمٍ 3/1447 - 1448 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيرَةِ، بَابُ عَدَدِ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) . (6) عَلِيٌّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) وَلَا الزُّبَيْرُ، إِلَّا أَنْ يَخْرُجُوا مَعَ عُمَرَ حِينَ خَرَجَ [1] إِلَى الشَّامِ. وَأَمَّا الزُّبَيْرُ فَقَدْ شَهِدَ فَتْحَ مِصْرَ، وَسَعْدٌ شَهِدَ فَتْحَ الْقَادِسِيَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ فَتْحَ الشَّامِ. فَكَيْفَ يَكُونُ تَأْيِيدُ الرَّسُولِ بِوَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ [2] دُونَ سَائِرِهِمْ وَالْحَالُ هَذِهِ؟ وَأَيْنَ تَأْيِيدُهُ بِالْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ بَايَعُوهُ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ؟ وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ ثَلَاثَمِائَةٍ وَثَلَاثَ عَشَرَ، وَيَوْمَ أُحُدٍ نَحْوَ [3] سَبْعِمِائَةٍ، وَيَوْمَ الْخَنْدَقِ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، وَيَوْمَ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ أَلْفًا وَأَرْبَعَمِائَةٍ، وَهُمُ الَّذِينَ شَهِدُوا فَتْحَ خَيْبَرَ، وَيَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا: تِلْكَ الْعَشَرَةُ [4] ، وَالطُّلَقَاءُ أَلْفَانِ. وَأَمَّا تَبُوكُ فَلَا يُحْصَى مَنْ شَهِدَهَا، بَلْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ [أَلْفًا] [5] . وَأَمَّا حَجَّةُ الْوَدَاعِ فَلَا يُحْصَى مَنْ شَهِدَهَا مَعَهُ، وَكَانَ قَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَهْدِهِ [6] أَضْعَافُ [7] مَنْ رَآهُ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَأَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ فِي حَيَاتِهِ بِالْيَمَنِ وَغَيْرِهَا. وَكُلُّ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ، بَلْ كُلُّ مَنْ آمَنَ وَجَاهَدَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ دَخَلَ فِي هَذَا الْمَعْنَى [8] . (1) س، ب: يَخْرُجُ. (2) س، ب: مِنَ الصَّحَابَةِ. (3) نَحْوَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (4) ن، س: عَشَرَةٌ. (5) أَلْفًا: فِي (م) فَقَطْ. (6) س، ب: عَلَى عَهْدِهَا. (7) ب: أَصْنَافُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (8) س، ب:. . الْمَعْنَى: وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. [فصل البرهان الرابع والعشرون "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 64] . مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ [2] . وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ لَمْ تَحْصُلْ لِأَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ غَيْرَهُ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَنْعُ الصِّحَّةِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هَذَا الْكَلَامُ [3] مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 64] مَعْنَاهُ: أَنَّ [4] اللَّهُ حَسْبُكَ وَحَسْبُ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ وَحْدَهُ كَافِيكَ وَكَافِي مَنْ مَعَكَ [5] مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. وَهَذَا كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: حَسْبُكَ وَزَيْدًا دِرْهَمٌ. وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكَ سَيْفُ مُهَنَّدِ (1) فِي (ك) ص 160 (م) 161 (م) . (2) ك: عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (3) ن، س، ب: كَلَامٌ. (4) أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (5) م: مَنِ اتَّبَعَكَ. وَذَلِكَ أَنَّ "حَسْبَ" مَصْدَرٌ، فَلَمَّا أُضِيفَ لَمْ يَحْسُنِ الْعَطْفُ عَلَيْهِ إِلَّا بِإِعَادَةِ الْجَارِّ، فَإِنَّ الْعَطْفَ بِدُونِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ قَلِيلٌ، وَإِعَادَةُ الْجَارِّ أَحْسَنُ وَأَفْصَحُ، فَعَطَفَ عَلَى الْمَعْنَى، وَالْمُضَافُ إِلَيْهِ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوبِ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: "فَحَسْبُكَ وَالضَّحَّاكَ" [مَعْنَاهُ: يَكْفِيكَ وَالضَّحَّاكَ] [1] . وَالْمَصْدَرُ يَعْمَلُ عَمَلَ الْفِعْلِ، لَكِنْ إِذَا أُضِيفَ عَمِلَ فِي غَيْرِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَلِهَذَا إِنْ أُضِيفَ إِلَى الْفَاعِلِ نَصَبَ الْمَفْعُولَ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى الْمَفْعُولِ رَفَعَ الْفَاعِلَ، فَتَقُولُ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ، وَهَذَا وَجْهُ الْكَلَامِ. وَتَقُولُ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الثَّوْبِ الْقَصَّارُ. وَمِنَ النُّحَاةِ مَنْ يَقُولُ: إِعْمَالُهُ مُنَكَّرًا أَحْسَنُ مِنْ إِعْمَالِهِ مُضَافًا ; لِأَنَّهُ بِالْإِضَافَةِ قَوِيَ شَبَهُهُ بِالْأَسْمَاءِ. وَالصَّوَابُ أَنَّ إِضَافَتَهُ إِلَى أَحَدِهِمَا وَإِعْمَالَهُ فِي الْآخَرِ أَحْسَنُ مِنْ تَنْكِيرِهِ وَإِعْمَالِهِ فِيهِمَا. فَقَوْلُ الْقَائِلِ: أَعْجَبَنِي دَقُّ الْقَصَّارِ الثَّوْبَ. أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِهِ: دَقُّ الثَّوْبِ الْقَصَّارُ، فَإِنَّ التَّنْكِيرَ أَيْضًا مِنْ خَصَائِصِ الْأَسْمَاءِ، وَالْإِضَافَةُ أَخَفُّ ; لِأَنَّهُ اسْمٌ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنْ يُضَافَ وَلَا يُعْمَلَ، لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَتْ إِضَافَتُهُ إِلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ جَمِيعًا، أُضِيفَ إِلَى أَحَدِهِمَا، وَأُعْمِلَ فِي الْآخَرِ [2] . وَهَكَذَا فِي الْمَعْطُوفَاتِ: إِنْ أَمْكَنَ إِضَافَتُهَا إِلَيْهَا كُلَّهَا [3] ، كَالْمُضَافِ إِلَى الظَّاهِرِ، فَهُوَ أَحْسَنُ. كَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ" (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (س) ، وَفِي (ب) بَدَلًا مِنْ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ "مَصْدَرٌ" . (2) م: وَعَمِلَ لَهُ فِي الْآخَرِ. (3) س، ب: إِنْ أُضِيفَ إِلَيْهَا كُلِّهَا. الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ [وَالدَّمِ] [1] وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ» "[2] ." وَكَقَوْلِهِمْ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ الْمَلَاقِيحِ وَالْمَضَامِينِ وَحَبَلِ [3] الْحَبَلَةِ» . وَإِنْ تَعَذَّرَ لَمْ يَحْسُنْ ذَلِكَ، كَقَوْلِكَ: حَسْبُكَ وَزَيْدًا دِرْهَمٌ، عَطْفًا عَلَى الْمَعْنَى. وَمِمَّا يُشْبِهُ هَذَا قَوْلُهُ: {وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: 96] [4] ، نُصِبَ هَذَا [5] عَلَى مَحَلِّ اللَّيْلِ الْمَجْرُورِ، فَإِنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ كَالْمَصْدَرِ، وَيُضَافُ تَارَةً وَيَعْمَلُ تَارَةً أُخْرَى [6] . (1) وَالدَّمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (2) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 3/84 (كِتَابُ الْبُيُوعِ، بَابُ بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالْأَصْنَامِ) ، وَأَوَّلُهُ: "إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ" ، الْحَدِيثَ، وَهُوَ فِي: مُسْلِمٍ 3/1207 (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ، بَابُ تَحْرِيمِ بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ، وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/732 (كِتَابُ التِّجَارَاتِ، بَابُ مَا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ) الْمُسْنَدِ "ط. الْحَلَبِيِّ" 3/324، 326. (3) م: وَجَعْلِ. (4) ن، س: وَجَاعِلُ اللَّيْلِ. . .، وَفِيهِمَا وَفِي (ب) كَلِمَةُ "ذَلِكَ" بَعْدَ كَلِمَةِ "حُسْبَانًا" وَهِيَ مِنَ الْآيَةِ. (5) ن، س، ب: نَصَبَ عَلَى هَذَا. (6) فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ 11/556 - 557 "وَأَمَّا قَوْلُهُ" وَجَاعِلُ اللَّيْلَ سَكَنًا "، فَإِنَّ الْقِرَاءَةَ اخْتَلَفَتْ فِي قِرَاءَتِهِ، فَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ،" وَجَاعِلُ اللَّيْلِ "بِالْأَلِفِ عَلَى لَفْظِ الِاسْمِ، وَرَفَعَهُ عَطْفًا عَلَى" فَالِقُ "وَخَفَضَ" اللَّيْلِ "بِإِضَافَةِ" جَاعِلُ "إِلَيْهِ، وَنَصَبَ" الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ "، عَطْفًا عَلَى مَوْضِعِ اللَّيْلِ لِأَنَّ اللَّيْلَ وَإِنْ كَانَ مَخْفُوضًا فِي اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ فِي مَوْضِعِ النَّصْبِ، لِأَنَّهُ مَفْعُولُ" جَاعِلُ "وَحَسُنَ عَطْفُ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى" اللَّيْلِ "لَا عَلَى لَفْظِهِ، لِدُخُولِ قَوْلِ:" سَكَنًا "بَيْنَهُ وَبَيْنَ" اللَّيْلِ ". . . .، وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفِيِّينَ" وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ "، عَلَى" فَعَلَ "بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمَاضِي، وَنَصْبِ" اللَّيْلَ "." وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الْغَالِطِينَ [1] أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ: أَنَّ اللَّهَ وَالْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ، وَيَكُونُ: {مَنِ اتَّبَعَكَ} [2] رَفْعًا عَطْفًا عَلَى اللَّهِ، وَهَذَا خَطَأٌ قَبِيحٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلْكُفْرِ [3] ; فَإِنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ حَسْبُ جَمِيعِ الْخَلْقِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 173] * أَيِ: اللَّهُ وَحْدَهُ كَافِينَا كُلَّنَا. وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ: قَالَهَا إِبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَقَالَهَا مُحَمَّدٌ حِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * [4] [5] . فَكُلٌّ مِنَ النَّبِيِّينَ قَالَ: حَسْبِي اللَّهُ، فَلَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ غَيْرَهُ فِي كَوْنِهِ حَسْبَهُ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ حَسْبُهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [سُورَةُ الزُّمَرِ: 36] ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 59] الْآيَةَ، فَدَعَاهُمْ إِلَى أَنْ يَرْضَوْا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَإِلَى أَنْ يَقُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ، وَلَا يَقُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ ; لِأَنَّ الْإِيتَاءَ [6] يَكُونُ بِإِذْنِ الرَّسُولِ، كَمَا قَالَ: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 7] (1) ن، س، ب: الْعَارِفِينَ وَهُوَ خَطَأٌ. (2) ن، م، س: مَنْ مَعَكَ. (3) م: الْكُفْرِ. (4) الْأَثَرُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْبُخَارِيِّ 6/39 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ) ، بَابُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمُ. . . الْآيَةَ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ 2/147. (5) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) (6) ن، م، س: الْإِتْيَانَ. وَأَمَّا الرَّغْبَةُ فَإِلَى اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ - وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [سُورَةُ الشَّرْحِ: 7] . وَكَذَلِكَ التَّحَسُّبُ الَّذِي هُوَ التَّوَكُّلُ عَلَى اللَّهِ وَحْدَهُ. فَلِهَذَا أُمِرُوا أَنْ يَقُولُوا: حَسْبُنَا اللَّهُ، وَلَا يَقُولُوا وَرَسُولُهُ. فَإِذَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ * حَسْبَ الْمُؤْمِنِ، كَيْفَ يَكُونُ الْمُؤْمِنُونَ مَعَ اللَّهِ حَسْبًا لِرَسُولِهِ؟ ! وَأَيْضًا فَالْمُؤْمِنُونَ مُحْتَاجُونَ إِلَى اللَّهِ، كَحَاجَةِ الرَّسُولِ إِلَى اللَّهِ * [1] ، فَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ حَسْبِهِمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعُونَتُهُمْ وَقُوَّتُهُمْ مِنَ الرَّسُولِ وَقُوَّةُ الرَّسُولِ مِنْهُمْ ; فَإِنَّ هَذَا يَسْتَلْزِمُ الدَّوْرَ، بَلْ قُوَّتُهُمْ مِنَ اللَّهِ، وَقُوَّةُ الرَّسُولِ مِنَ اللَّهِ، [فَاللَّهُ] وَحْدَهُ [2] يَخْلُقُ قُوَّتَهُمْ، وَاللَّهُ وَحْدَهُ يَخْلُقُ قُوَّةَ الرَّسُولِ. فَهَذَا كَقَوْلِهِ: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ - وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ} [سُورَةُ الْأَنْفَالِ: 62 - 63] ، فَإِنَّهُ وَحْدَهُ هُوَ الْمُؤَيِّدُ لِلرَّسُولِ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: نَصْرُهُ الَّذِي يَنْصُرُ بِهِ [3] ، وَالثَّانِي: بِالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَتَى بِهِمْ. وَهُنَاكَ قَالَ: حَسْبُكَ اللَّهُ، وَلَمْ يَقُلْ: نَصْرُ اللَّهِ. فَنَصْرُ اللَّهِ مِنْهُ، كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ [4] مَخْلُوقَاتِهِ أَيْضًا، فَعَطَفَ مَا مِنْهُ عَلَى مَا مِنْهُ، إِذْ كِلَاهُمَا مِنْهُ. وَأَمَّا هُوَ سُبْحَانَهُ فَلَا يَكُونُ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي إِحْدَاثِ شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ، بَلْ هُوَ وَحْدَهُ الْخَالِقُ لِكُلِّ مَا سِوَاهُ، وَلَا يَحْتَاجُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ. وَإِذَا [5] تَبَيَّنَ هَذَا، فَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ رَتَّبُوا جَهْلًا عَلَى جَهْلٍ، فَصَارُوا فِي (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) (2) س: مِنَ اللَّهِ وَحْدَهُ، وَفِي (م) : مِنَ اللَّهِ، وَاللَّهُ وَحْدَهُ. (3) سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (4) : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (5) س، ب: فَإِذَا. ظُلُمَاتٍ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، فَظَنُّوا أَنَّ قَوْلَهُ: {حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} مَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ حَسْبُكَ، ثُمَّ جَعَلُوا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ هُمْ [1] عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَجَهْلُهُمْ [فِي] [2] هَذَا أَظْهَرُ مِنْ جَهْلِهِمْ فِي الْأَوَّلِ، فَإِنَّ الْأَوَّلَ قَدْ يَشْتَبِهُ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ، وَأَمَّا هَذَا فَلَا [3] يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ وَحْدَهُ [مِنَ الْخَلْقِ] [4] كَافِيًا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا عَلِيٌّ لَمَا أَقَامَ دِينَهُ. وَهَذَا عَلِيٌّ لَمْ يُغْنِ عَنْ نَفْسِهِ وَمَعَهُ أَكْثَرُ جُيُوشِ الْأَرْضِ، بَلْ لَمَّا حَارَبَهُ مُعَاوِيَةُ مَعَ أَهْلِ الشَّامِ، كَانَ مُعَاوِيَةُ مُقَاوِمًا لَهُ أَوْ مُسْتَظْهِرًا، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِقُوَّةِ قِتَالٍ أَوْ قُوَّةِ مَكْرٍ وَاحْتِيَالٍ [5] ، فَالْحَرْبُ خُدْعَةٌ: الرَّأْيُ قَبْلَ شَجَاعَةِ الشُّجْعَانِ ... هُوَ أَوَّلٌ وَهِيَ الْمَحَلُّ الثَّانِي فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِنَفْسٍ مَرَّةً بَلَغَتْ [6] مِنَ الْعَلْيَاءِ كُلَّ مَكَانِ [7] . فَإِذَا لَمْ يُغْنِ عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَاتِّبَاعِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْأَرْضِ لَهُ، فَكَيْفَ يُغْنِي عَنِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَهْلُ الْأَرْضِ كُلُّهُمْ أَعْدَاؤُهُ؟ ! وَإِذَا قِيلَ: إِنَّ عَلِيًّا إِنَّمَا لَمْ يَغْلِبْ مُعَاوِيَةَ وَمَنْ مَعَهُ لِأَنَّ جَيْشَهُ لَا يُطِيعُونَهُ، بَلْ كَانُوا مُخْتَلِفِينَ عَلَيْهِ. (1) : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) : فِي (ب) فَقَطْ. (3) ، م: فَمَا. (4) الْخَلْقِ: زِيَادَةٌ فِي (م) فَقَطْ. (5) : وَاحْتِيَارٍ، س، ب: وَاخْتِبَارٍ. (6) ، س، ب: فَإِذَا هُمَا اجْتَمَعَا لِعَبْدٍ مَرَّةً: بَلَغَا. (7) الْبَيْتَانِ لِلْمُتَنَبِّي فِي مَطْلَعِ قَصِيدَةٍ يَمْدَحُ بِهَا سَيْفَ الدَّوْلَةِ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ سَنَةَ 345 انْظُرْ: شَرْحَ دِيوَانِ الْمُتَنَبِّي 4/307 وَضْعَ الْأُسْتَاذِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبُرْقُوقِيِّ، ط. دَارِ الْكِتَابِ الْعَرَبِيِّ، بَيْرُوتَ.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |