شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 43 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         لحماية طفلك من التحرش والابتزاز.. 4 خطوات لدعم خصوصيته على الإنترنت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيفية الحفاظ على أمان أطفالك على الإنترنت.. نصائح مهمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          تعرف على هجمات البرامج الضارة على أجهزة ماك لحماية أطفالك.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          خطوات للحصول على أمان شامل للإنترنت مع أطفالك.. تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          احمى طفلك من الإنترنت .. 3 تطبيقات أكثر أمانا لاستخدام الويب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مشاركة صور أطفالك على الإنترنت .. فكر جيدًا قبل هذه الخطوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          مخاطر استخدام الإنترنت للأطفال.. 4 مشكلات كبيرة أبرزها التنمر الإلكترونى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          تُسهّل لقطات شاشة البكسل البحث عن الصور في هاتفك.. ما مدى أمانها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          هل طفلك مستعد لدخول عالم السوشيال ميديا الآن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          اختر ماذا يشاهد ابنك.. الأطفال بمصر ضمن قائمة الأكثر حبا لمشاهدة يوتيوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #421  
قديم 19-02-2025, 05:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

كيفية الرضعات المحرمات

وعلى القول برضاع الكبير فلا تلزم المباشرة في الرضاعة، بل يمكن أن يحلب له في إناء ويشربه عدة شربات أو في عدة مرات. وأما كيفية حساب الرضعة الواحدة من الخمس فالرضعة فإنها تحسب بكونه يمسك الثدي ويرضع ثم يطلقه، فهذه رضعة، فقد تكون الخمس الرضعات في جلسة واحدة، وقد تكون في مجالس متعددة. وأما كونهن مشبعات فما أعلم شيئاً يدل على أنها مشبعة، فالمهم أن تكون خمس رضعات، والمهم هو وصول اللبن، سواء كان عن طريق المص أم عن طريق الشرب من إناء. وقوله: (كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً ، وكان من تبنى رجلاً في الجاهلية دعاه الناس إليه، وورث ميراثه حتى أنزل الله سبحانه وتعالى في ذلك: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ [الأحزاب:5]، أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان قد تبنى زيد بن حارثة ، فكان يقال له: زيد بن محمد ، ولما أنزل الله عز وجل الآية: ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5] ردوا إلى آبائهم في النسبة، فمن لم يعلم له أب كان مولىً وأخاً في الدين، كما قال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ . قوله سهلة: (ويراني فضلى) أي: أنها في ثياب المهنة التي تكون في البيت. قوله: (فبذلك كانت عائشة رضي الله عنها تأمر بنات أخواتها وبنات إخوتها أن يرضعن من أحبت أن يراها ويدخل عليها) أي: استناداً إلى هذا كانت عائشة ترى أن رضاع الكبير يحرم.

تراجم رجال إسناد حديث رضاع سالم مولى أبي حذيفة


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في (الشمائل). [ حدثنا عنبسة ]. هو عنبسة بن خالد الأيلي ، وهو وهو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود . [ حدثني يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة عن عائشة و أم سلمة ]. عروة و عائشة و أم سلمة قد مر ذكرهم.
الأسئلة



حكم إرضاع الكبير الأجنبي ليحل له دخول البيت


السؤال: طالبا علم لهما مكتبة واحدة في بيت أحدهما، فوجدا الحرج في دخول كل منهما بيت صاحبه عند عدم وجوده، فأفتيا أنفسهما برضاعة كل منهما من زوجة الآخر، ليدخل متى شاء بيت صاحبه، وحين أنكر عليهما احتجا بحديث رضاعة سالم، فما الحكم في هذا؟


الجواب: هذا ليس بصحيح، فرضاع الكبير لا ينفع، والمكتبة إما أن يخرجاها إلى مكان خارج البيتين، أو أن الذي هي عنده يتفق مع الآخر على أوقات معينة بحيث يأتي ويستفيد منها، وأما أن يرضعا من الزوجتين من أجل أن يصيرا محارم لزوجتيهما فهذا ليس بصحيح.

ما يفعله الأب تجاه ابنه التارك للصلاة


السؤال: ماذا يفعل الأب إذا وجد ابنه تاركاً للصلاة تكاسلاً وقد بلغ سن الزواج؟


الجواب: يجتهد في نصحه وتوجيهه ودعوته وأمره بالصلاة، ويسوقه إلى المسجد، ويدعوه ويرشده ويخوفه ويحذره من مغبة ذلك ومن العقوبة على ذلك.

حكم سؤال الناس لأجل الزواج

السؤال: هل تحل المسألة لمن له راتب يكفيه في الطعام والملبس دون الزواج؟


الجواب: إذا كان مضطراً إلى الزواج ويجد نفسه في مشقة فله أن يسأل.

حكم تساقط بعض شعر اللحية بسبب العبث بها


السؤال: بعض الإخوة يعبث بلحيته فيؤدي ذلك إلى تساقط بعض الشعر، فهل هو آثم على هذا الفعل؟


الجواب: إذا كان يقصد تساقط الشعر فإنه يأثم، وأما إذا كان لا يقصد هذا ولكنه حصل منه شيء من غير قصد ومن غير إرادة فلا يأثم.

ما يفعله القريب مع قريبته الزانية


السؤال: أختي رفضت الزواج، والآن لها ولدان من الزنا، فماذا أفعل، هل أبعدها عني؟


الجواب: اجتهد في حثها على الزواج، ولتبحث عن أحد يتزوجها ويعفها ويبعدها عن الوقوع في المحرم.

وجه ترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامة الحد على البغي عناق


السؤال: لماذا لم يقم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الحد على عناق ؛ فإنه يفهم من الحديث أنها كانت مسلمة؛ إذ ليس للمسلم أن يتزوج الكافرة؟


الجواب: مجيء مرثد الذي كان يأتي بالأسارى يبدو أنه كان قبل الفتح، ومعنى ذلك أنها كانت في مكة ولم تكن تحت سلطته وولايته.

حكم الدعاء بقوله: ( اللهم كن معي حيّاً وميتاً )

السؤال: هل يجوز أن أقول في الدعاء: اللهم! كن معي حياً وميتاً؟



الجواب: على المرء أن يدعو بالأدعية المأثورة ويحرص على الأدعية التي جاءت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والأدعية التي يأتي بها الناس من عند أنفسهم وتكون سليمة ليس فيها بأس، وعلى الداعي أن يحرص على أن يكون دعاؤه بالشيء المأثور، أو بشيء ليس فيه إشكال.

حكم زواج الزاني بمن زنى بها

السؤال: رجل زنى بامرأة وحملت منه، وأراد ذلك الزاني أن يتزوجها، فهل ذلك جائز؟



الجواب: يجوز، ولكن بعد الولادة، ولا يتزوجها وفي بطنها حمل؛ لأن هذا الحمل زنا وليس بنكاح، وإنما يتزوجها بعدما تضع.

الأفضل في توبة الزاني حين لا يُعلم بفعله


السؤال: إذا زنى الشخص ولم يعلم أحد، ولم تكن هناك سلطة شرعية تقيم الحدود، فهل من الأحسن أن يتوب فيما بينه وبين ربه، أو يعلن؟


الجوب: يتوب ويحرص على أن يبتعد عن هذا العمل القبيح، ويندم على ما قد حصل، ويعزم على ألا يعود إليه، والله تعالى قد ستره فعليه أن يستتر وأن يتوب إلى الله عز وجل، فالتوبة تجب ما قبلها، ولا يفضح نفسه.


حكم تحريض المرأة على زوجها حتى يطلقها ثم الزواج بها

السؤال: رجل حرض امرأة على زوجها فطلقت منه، ثم تزوجها هذا الرجل، فما حكم هذا الزواج؟



الجواب: هذا العمل منكر، وأما الزواج فلا أعلم دليلاً يمنعه، لكن العمل هذا منكر ومحرم.

حكم إيقاع الطلقة الأخرى على الرجعية المعتدة

السؤال: رجل طلق زوجته طلقة رجعية، وفي أثناء العدة طلقها طلقة ثانية، فهل يقع الطلاق؟



الجواب: نعم يقع.

حكم نكاح المسلم البوذية

السؤال: ما حكم نكاح المسلم للمرأة البوذية؟



الجواب: المرأة البوذية كافرة ومشركة، فليس لمسلم أن يتزوج مشركة، قال تعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ [البقرة:221].

حكم جعل المهر من غير المنافع المالية


السؤال: هل يجوز أن يجعل غير العتق وغير المال صداقاً للمرأة؟



الجواب: يجوز، مثل التعليم الذي جاء في حديث: (أنكحتها بما معك من القرآن) في قصة الواهبة التي وهبت نفسها للرسول صلى الله عليه وسلم فلم يرد زواجها، فقال رجل: زوجنيها، وليس معه شيء، فقال له: ابحث، فبحث فلم يجد شيئاً، فسأله عما يحفظ من القرآن فزوجه على أن يعلمها شيئاً من القرآن.

إدخال الزوجة أشياء بيت زوجها بغير إذنه

السؤال: هل للمرأة أن تحضر بعض الأشياء البسيطة من بيت أهلها إلى بيت زوجها من غير إذنه؟

الجواب: لا بأس بذلك.
التفضيل بين الذكر وحضور حلقة العلم بعد عصر الجمعة


السؤال: هل الأفضل للإنسان أن يصلي عصر الجمعة ويبقى في مصلاه حتى المغرب أو أن يحضر مجلس علم؟


الجواب: كل ذلك خير، فمجلس العلم فيه خير، وإذا جلس في مصلاه يذكر الله عز وجل فذلك خير أيضاً.


المقصود بقول المعلق على سنن أبي داود: قال الشيخ


السؤال: نرى المعلق على سنن أبي داود عزت عبيد الدعاس يقول في بعض الأحيان: قال الشيخ. فمن يريد؟


الجواب: يقصد الخطابي .
هل يحرم ما دون خمس رضعات


شرح حديث: ( كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب هل يحرم ما دون خمس رضعات. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهن مما يقرأ من القرآن ]. قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب هل يحرم ما دون خمس رضعات ، وقد اختلف العلماء في الرضاع المحرم على ثلاثة أقوال: القول الأول: هو ما بلغ خمس رضعات فأكثر، والدليل على ذلك هذا الحديث الذي أورده أبو داود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن فنسخن بخمس معلومات يحرمن فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن ]. واحتجوا أيضاً بالحديث الذي سبق أن مر في رضاع الكبير حيث قال فيه: (أرضعيه خمس رضعات)، وهو حديث صحيح، ولكنه -كما عرف- خاص بسالم مولى أبي حذيفة ، وقد جاء فيه ذكر الخمس، فهو دليل على أن المعتبر في الرضاع هو ما بلغ الخمس رضعات. القول الثاني: أن المحرم هي ثلاث رضعات فأكثر، ويستدل على ذلك بالحديث الذي سيأتي، وهو قوله: (لا تحرم المصة ولا المصتان) ، قالوا: فمفهومه يدل على أنه إذا زاد على ذلك فإنه يحرم. القول الثالث: أن الرضاع قليله وكثيره يحرم؛ لأنه جاء مطلقاً في بعض النصوص، كقوله تعالى: وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ [النساء:23]، فجاء مطلقاً، قالوا: فيحرم القليل والكثير. والقول الصحيح والراجح من هذه الأقوال هو القول بأن المحرم هي خمس رضعات؛ لأنه قد جاء ما يدل عليه من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث الذي أورده أبو داود، والحديث الذي سبق أن تقدم في رضاع الكبير. وأورد أبو داود هنا حديث عائشة [ كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات يحرمن، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن ]. قوله: (وهن) أي: الخمس؛ لأن الإشارة إلى الخمس، وليس في القرآن خمس رضعات يحرمن، لكن هذا فيه إشارة إلى قرب التحريم من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن بعض الناس الذين لم يبلغهم النسخ استمروا على القراءة حتى بلغهم النسخ، وذلك لقربه من وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، فالنسخ جاء متأخراً.

أنواع النسخ في القرآن الكريم


هذا الحديث دليل على أن التحريم إنما يكون بخمس رضعات، وهو أيضاً دليل لنوعين من أنواع النسخ في القرآن الكريم؛ لأن النسخ بالنسبة للتلاوة والحكم ثلاثة أقسام: الأول: نسخ التلاوة والحكم جميعاً. الثاني: نسخ الحكم مع بقاء التلاوة. الثالث: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم. وهذا الحديث فيه مثال لقسمين هما: نسخ التلاوة والحكم في مسألة عشر رضعات معلومات يحرمن؛ لأنه نسخ الحكم والتلاوة، فالحكم منسوخ والتلاوة منسوخة. وخمس رضعات يحرمن نسخت فيها التلاوة وبقي الحكم. ومثال القسم الثالث -نسخ الحكم مع بقاء التلاوة- آية اعتداد المتوفى عنها بسنة كاملة، وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] فهذه منسوخة الحكم باقية التلاوة، والذي نسخها هو الآية التي قبلها، وهي تربص أربعة أشهر وعشراً، فعلى هذا تكون أقسام النسخ بالنسبة للتلاوة والحكم ثلاثة: نسخ تلاوة وحكم، ونسخ تلاوة مع بقاء الحكم، والحديث الذي معنا شاهد للاثنين. والقسم الثالث: نسخ الحكم مع بقاء التلاوة آية.

تراجم رجال إسناد حديث: ( كان فيما أنزل الله عز وجل من القرآن عشر رضعات يحرمن )


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ]. عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرة ]. هي عمرة بنت عبد الرحمن ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: ( لا تحرم المصة ولا المصتان )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا إسماعيل عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تحرم المصة ولا المصتان) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تحرم المصة ولا المصتان) يعني الرضعة والرضعتين، وهذا منصوص عليه هنا، ولكن قولها: (فنسخن بخمس معلومات يحرمن) دل على أن ما دونها لا يحرم، سواءٌ الواحدة أو الثنتان المنصوصتان عليهما في هذا الحديث، أو الثالثة والرابعة اللتان لم ينص عليهما في الحديث، ولكنها دون الخمس التي جاء في الحديث أنها تحرم.
تراجم رجال إسناد حديث: ( لا تحرم المصة ولا المصتان )

قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد ]. هو مسدد بن مسرهد ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إسماعيل ]. هو إسماعيل بن علية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي مليكة ]. هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الزبير ]. هو عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله علية وسلم، وهم: عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عباس رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين. [ عن عائشة ]. قد مر ذكرها.
الرضخ عند الفصال


شرح حديث بيان إذهاب مذمة الرضاعة بالغرة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرضخ عند الفصال. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا أبو معاوية . ح: وحدثنا ابن العلاء حدثنا ابن إدريس عن هشام بن عروة عن أبيه عن حجاج بن حجاج عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: قلت: يا رسول الله! ما يذهب عني مذمة الرضاعة؟ قال: (الغرة العبد أو الأمة). قال النفيلي : حجاج بن حجاج الأسلمي . وهذا لفظه ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب الرضخ عند الفصال ]، والرضخ هو ما تعطاه المرضعة عند تمام الإرضاع، حيث تنتهي مهمتها وتنتهي علاقتها بمن أرضعت لهم، فيعطونها أجرتها ويرضخون لها شيئاً غير متفق عليه، فمن تمام الإحسان وتمام المعاملة أنهم يكرمونها ويتحفونها بشيء غير الأجرة التي اتفقوا معها عليها، فهذا هو المقصود بالرضخ، أي أنها تعطى شيئاً غير الذي اتفق عليه على أنه أجرة لها. وقد جاء في هذا حديث حجاج بن حجاج الأسلمي عن أبيه أنه قال: [ يا رسول الله! ما يذهب عني مذمة الرضاعة؟ ]، ومذمة الرضاع حقه وذمامه، والمقصود به الحق والمعروف الذي حصل من المرضعة، فما الذي يذهبه عني إذا فعلته؟ وهو إحسان في مقابل إحسان؟ قال: (غرة) يعني: عبداً؛ لأنه كما أنها قامت بالإحسان إلى الطفل في حال صغره وقامت بإرضاعه فإنها تعطى شيئاً يذهب ذلك الحق، ويكون الإنسان قد أدى الحق الذي عليه. فإذا كان المقصود به الطفل الذي أرضع فهذا لا يكون عند الفصال، بل لا يكون إلا متأخراً، أعني إذا أراد الرضيع أن يحسن فهو لن يحسن إلا بعد زمن متأخر، فالرضخ عند الفصال يقصد به أنه من المستأجر الذي هو والد الطفل أو أم الطفل أو عم الطفل أو قريب الطفل، وهنا كأنه يشعر بأن المقصود بذلك أن الذي أرضع يريد أن يحسن إلى أمه من الرضاعة، ويؤدي لها الحق الذي عليه، وذلك بأن يعطيها عبداً أو أمة تخدمها؛ لأنها قامت بالإحسان إليه في حال صغره، وقد بلغت من الكبر ما بلغت، فكونه يعطيها من يخدمها ويقوم بالإحسان إليها مكافأة لها على ذلك هو المقصود من الحديث. وهذا الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده حجاج بن الحجاج ، وهو مقبول لا يحتج بحديثه إلا إذا توبع، وليس له هنا متابع، فالحديث غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث بيان إذهاب مذمة الرضاعة بالغرة

قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح: وحدثنا ابن العلاء ]. قوله: [ ح ] للتحول من إسناد إلى إسناد، و ابن العلاء هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، وهو ثقة، أخرج أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس الأودي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ]. هو هشام بن عروة بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حجاج بن حجاج ]. حجاج بن حجاج مقبول، أخرج حديثه أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبيه ]. أبوه صحابي، أُخرج له هذا الحديث الواحد فقط، وقد أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . قوله: [ قال النفيلي : حجاج بن حجاج الأسلمي ]. النفيلي هو شيخه الأول، يعني: أنه نسبه فقال: الأسلمي ، ثم قال أبو داود : [وهذا لفظه] أي: هذا الحديث هو سياق الشيخ الأول وهو النفيلي . فيمكن أن يكون المراد بالحديث كلَّه، أو أن المقصود أنَّ هذه الزيادة هي لفظه."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #422  
قديم 19-02-2025, 05:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [238]
الحلقة (269)





شرح سنن أبي داود [238]

لقد منع الشرع من الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها؛ لما في ذلك من وجود الشحناء والبغضاء التي تؤدي إلى القطيعة والتدابر بين الأقارب، وهذا من حكمة الشرع في سد أبواب الفساد والشر. وقد جاء أن علياً أراد أن ينكح بنت أبي جهل، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيباً وبين أن فاطمة بضعة منه، وأنه يخاف عليها من ذلك أن تفتن في دينها، وهذا فيه أيضاً سد أبواب الفتن والفساد على العباد بلْهَ عن الأقارب.

ما يكره أن يجمع بينهن من النساء


شرح حديث: ( لا تنكح المرأة على عمتها )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا داود بن أبي هند عن عامر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى) ]. أورد أبو داود ما يكره من أن يجمع بينه من النساء، يعني: ما يحرم؛ لأن الكراهة عند المتقدمين بمعنى التحريم، كما قال تعالى: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا [الإسراء:38] بعد ذكر عدد من المحرمات. فقوله تعالى (مَكْرُوهًا) أي: محرماً. وأما في اصطلاح الفقهاء فإنهم يجعلون المكروه هو الذي جاء النهي عنه على وجه لا جزم فيه، وهو ما يثاب تاركه ولا يعاقب فاعله، وطلب الشارع تركه طلباً غير جازم، والمحرم هو ما يثاب تاركه ويعاقب فاعله، وطلب الشارع تركه طلباً جازماً، فالكراهة هنا بمعنى التحريم؛ لأن الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها محرم وليس مكروهاً تنزيهاً بمعنى أنه يجوز أن يفعل مع الكراهة، وإنما هو ممنوع فلا يجوز الجمع، ولو حصل وجب التفريق، ولو أنه وجد ثم تبين أن هذه عمة أو خالة أو حصل جهل بذلك فإنه يجب التفريق بينهما، فتترك الأخيرة التي جاءت أخيراً؛ لأن العقد على الأولى صحيح، والعقد على الثانية غير صحيح، فتترك الأخيرة. والمقصود من هذه الترجمة بيان ما يحرم أن يجمع بينه من النساء، والجمع المحرم إنما هو بين النساء القريبات المحرم الجمع بينهن، كأن تكونا أختين، كما جاء في القرآن: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:23] سواءٌ أكان في الزواج أم في ملك اليمين، فلا يُجمع بين الأختين في الزواج فإذا تزوج إحدى الأختين فلا تحل له أختها إلا إذا طلقها وانتهت من العدة، حتى في حال عدتها لا يجوز له أن يتزوجها؛ لأن المطلقة الرجعية زوجة، فلو تزوج أختها في حال عدتها فإنه يكون بذلك قد جمع بين الأختين، وإنما يتزوج بالثانية عندما تخرج الأولى من العدة، ومعلوم أن العدة على النساء، والرجال يعتدون في حالتين يطلق عليهما عدة على سبيل الإلغاز، فالرجل يعتد إذا كانت عنده امرأة فيريد أن يتزوج أختها، فليس له أن يتزوج أختها حتى تفرغ من العدة، فهو نفسه يتربص هذه المدة فلا يتزوج بأختها. والمسألة الثانية: إذا كان عنده أربع وأراد أن يتخلص من واحدة وينكح مكانها أخرى، فليس له أن يتزوج بدل الرابعة إلا إذا فرغت الرابعة من العدة؛ لأنه لو تزوج بدلها وهي في العدة فقد جمع بين خمس، فالرجعية زوجة، فهاتان الصورتان يلغزون بهما ويقولون: الرجل يعتد. وكذلك في ملك اليمين لا يجمع بين أختين في الوطء، وأما أن يجمع بينهما في الملك فجائز، لكن الوطء ليس له أن يجمع فيه بينهما. وقوله تعالى بعدما ذكر المحرمات من النسب ومن الرضاعة ومن المصاهرة: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ [النساء:24] يشمل إباحة الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها، فجاءت السنة واستثنت من ذلك الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها.

قاعدة ما يحرم فيه الجمع بين النساء


القاعدة عند العلماء فيما يحرم من الجمع هي أنه لو فرض أن إحداهما ذكر لم يكن له أن يتزوج الأخرى، فهذه القاعدة توضح من لا يجوز له الجمع بينهن من النساء، فالمرأة وعمتها لو فرض أن العمة كانت رجلاً فإنها تصير بنت أخيه، فليس له أن يتزوجها. وكذلك لو كانت بنت الأخ ابناً فليس له أن يتزوج عمته أخت أبيه؛ إذ هو ابن أخيها فليس له أن يتزوجها. فالقاعدة هي أنه إذا فرض أن إحدى المرأتين اللتين لا يصح الجمع بينهما ذكرٌ لم يكن له أن يتزوج بالمرأة الأخرى، فهذه هي ضابط ما لا يجوز. ويستثنى من ذلك الجمع بين ابنة الرجل ومطلقته غير أمها، فإن الجمع بينهما جائز، فالجمع بين امرأة وضرة أمها التي طلقها أبوها أو مات عنها جائز؛ لأنه ليس هناك قرابة نسبية بين هذه وهذه، مع أنه لو فرض أن البنت ذكراً لم يكن له أن يتزوج زوجة أبيه، فلو فرض أن إحداهما ذكر فإنه لم يكن له أن يتزوج الأخرى، فهذه مستثناة من القاعدة. وأورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنكح المرأة على عمتها) يعني: إذا كانت العمة موجودة فلا تنكح ابنة أخيها عليها. قوله: (ولا العمة على بنت أخيها)، يعني: أنه إذا كان متزوجاً ببنت الأخ أولاً فليس له أن يضيف إليها العمة. قوله: [ (ولا المرأة على خالتها) ]. فإذا كانت الخالة أخت الأم عند الرجل فليس له أن يتزوج ببنت أختها، أو العكس، بأن تكون بنت الأخت موجودة عنده فليس له أن يتزوج عليها خالتها، فالأولى التي عنده لا يضيف إليها الثانية، سواءٌ أعنده الكبرى أو الصغرى، فإن كانت عنده الكبرى فلا يضف إليها الصغرى، وإن كانت عنده الصغرى فلا يضف إليها الكبرى، ثم أتى بعد ذلك بكلام يرجع إلى الاثنين، فلا الكبرى تنكح على الصغرى ولا الصغرى تنكح على الكبرى. قوله: [ (ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى) ]. فقوله: [ (لا تنكح الكبرى على الصغرى) ] سواءٌ من العمات أو الخالات، أي: من جانب الأم أو من جانب الأب، [ (ولا الصغرى على الكبرى) ] كذلك من الجانبين.

تراجم رجال إسناد حديث: ( لا تنكح المرأة على عمتها )


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي عن زهير ]. زهير هو ابن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا داود بن أبي هند ]. داود بن أبي هند ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عامر ]. هو عامر بن شراحيل الشعبي ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين المرأة وخالتها )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عنبسة أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني قبيصة بن ذؤيب رضي الله عنه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يجمع بين المرأة وخالتها، وبين المرأة وعمتها) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه النهي عن أن يجمع الرجل بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها، والعمة هنا هي أي عمة سواءٌ أكانت عمة قريبة أم بعيدة، كأن تكون أخت الأب أو أخت الجد، أخت أبيها أو أخت جدها؛ لأن عمة أبيها عمة لها، فلا يجمع بينها وبين عمتها، ولا بينها وبين خالتها، سواءٌ أكانت أخت أمها أم أخت جدتها التي هي خالة أمها.

تراجم رجال إسناد حديث: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين المرأة وخالتها )

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عنبسة ]. هو عنبسة بن خالد ، وهو صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود . [ أخبرني يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني قبيصة بن ذؤيب ]. قبيصة بن ذؤيب له رؤية، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ أنه سمع أبا هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره.

شرح حديث: ( كره أن يجمع بين العمة والخالة، وبين الخالتين والعمتين )


قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا خطاب بن القاسم عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كره أن يجمع بين العمة والخالة، وبين الخالتين والعمتين ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كره أن يجمع بين العمة والخالة، وبين العمتين والخالتين، والمقصود من الجمع -كما عرفنا- هو نسبة المرأة إلى المرأة، وعلى هذا فإن هذا الحديث مثل الذي سبق من الأحاديث، فمعناه مع ما قبله من الأحاديث أنه لا يجمع بين المرأة وعمتها أو عمتيها، ولا بينها وبين خالتها أو خالتيها. فقوله: [ (بين العمة) ] يعني: بين المرأة وعمتها، [ (والخالة) ] أي: بين المرأة وخالتها، وليس المقصود من ذلك أنه يجمع عمة امرأة وخالتها؛ لأنه قد تكون هذه أجنبية عن هذه؛ لأن أمها من قبيلة وعمتها من قبيلة، فيمكن أن يأتي رجل أجنبي ويأخذ عمتها ويأخذ خالتها؛ لأن خالة المرأة من جهة وعمتها من جهة، فالجمع بينهما لا مانع منه. فالمقصود بالنسبة إلى المرأة التي يجمع بينها وبين امرأة أخرى، أي: بين المرأة ومن هي عمة لها، وبين المرأة ومن هي خالة لها، أو بين المرأة ومن هما خالتان لها، أو المرأة ومن هما عمتان لها، والخالتان هما خالة المرأة وخالة أمها، فخالة أمها خالتها، أي: أخت أمها وأخت جدتها، فلا يجمع بين المرأة وخالتيها. وكذلك لا يجمع بين المرأة وعمتيها، سواء بين عمة واحدة أو عمتين، وهما العمة القريبة والعمة البعيدة، هذا هو الذي يظهر في معنى الحديث، وأن الجمع إنما يكون بين المرأة وبين نساء ينسبن إليها. إذاً فالحديث معناه متوافق مع القاعدة المعروفة والأحاديث التي تقدمت أنه لا يجمع بين المرأة وعمتها إذا كانت عمتها واحدة، ولا مع عمتيها حيث يكون لها عمتان: أخت أبيها وأخت جدها، ولا بين المرأة وخالتها حيث يكون لها خالة واحدة، ولا بينها وبين خالتيها حيث يكون لها خالتان: أخت أمها وأخت جدتها أم أمها. ويتضح الأمر بأن تنسب المرأة إلى المرأة، فالمرأة التي كانت عنده لا يضيف إليها واحدة قريبة لها، سواءٌ أكانت عمة أم عمتين، وخالة أم خالتين، أو عمة وخالة بأن يجمع إليها عمتها وخالتها، فكل واحدة منهما على انفرادها لا تجوز، فكذلك عند اجتماعهما من باب أولى لا يجوز ذلك؛ لأنه فعل المحرم من جهتين: من جهة العمة ومن جهة الخالة. وأما مسألة الأجنبية فليس فيها إشكال، فيجوز لأخيك من أبيك أن يتزوج أختك من أمك، وذلك في مثل امرأة تزوجها رجل وولدت له بنتاً، ثم مات عنها أو طلقها فتزوجها رجل آخر وجاءت منه بولد، فيكون أخاً لأولاد أمه من الأم وأخاً لأولا أبيه من الأب، فأخوه من أبيه يجوز أن يتزوج أخته من أمه، وأخوه من أمه يجوز أن يتزوج أخته من أبيه؛ لأنهم أجانب فيما بينهم، فأخوك من أبيك يجوز له أن يتزوج أختك من أمك، وتصير أنت عمّاً وخالاً في آن واحد، عماً من جهة الأب وخالاً من جهة الأم، أي أن الزوج أخوك من أبيك، والمرأة أختك من أمك.

تراجم رجال إسناد حديث: ( كره أن يجمع بين العمة والخالة, وبين الخالتين والعمتين )


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا خطاب بن القاسم ]. خطاب بن قاسم ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن خصيف ]. هو خصيف بن عبد الرحمن ، وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له أصحاب السنن. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث ضعفه الألباني ولعله من جهة خصيف بن عبد الرحمن ، وقد عرفنا معنى الحديث والمراد به.

شرح تفسير عائشة لقوله تعالى: (( وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى... ))

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أنه سأل عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قول الله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:3] قالت: يا ابن أختي! هي اليتيمة تكون في حجر وليها فتشاركه في ماله فيعجبه مالها وجمالها، فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثلما يعطيها غيره، فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن من الصداق، وأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن. قال عروة : قالت عائشة : ثم إن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد هذه الآية فيهن فأنزل الله عز وجل: وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ [النساء:127]، قالت: والذي ذكر الله أنه يتلى عليهم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله سبحانه فيها: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:3]، قالت عائشة : وقول الله عز وجل في الآية الآخرة: وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ [النساء:127] هي رغبة أحدكم من يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن. قال يونس : وقال ربيعة في قول الله عز وجل: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى [النساء:3] قال: يقول: اتركوهن إن خفتم؛ فقد أحللت لكم أربعاً ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها في نزول قول الله عز وجل: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:3]، وأنهم كانوا إذا كان الرجل عنده ابنة عم وهي ذات جمال ومال فهو لا يريد أن يزوجها غيره رغبة في مالها وأن يتزوجها، ويكون هو الذي يستفيد من مالها، ولا يعطونهن ما يستحققن من المهر، فيرغب فيها من أجل مالها ولا يعطيها حقها، فأنزل الله هذه الآية فقال: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى [النساء:3] يعني: بأن لا تعطوهن ما يستحققن من المهر فاتركوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء سواهن مثنى وثلاث ورباع، فجواب الشرط: (إن خفتم) محذوف دل عليه ما قبله، وقد جاءت الإشارة إليه في الحديث: (اتركوهن وانكحوا ما طاب لكم) أي: اتركوهن لا تتزوجوهن، وكما أنكم إذا كن قليلات المال لا ترغبون فيهن فكذلك إذا كن كثيرات المال لا تتزوجوهن إلا إذا أعطيتموهن ما يستحققن، ثم أيضاً لابد من أن ترضى به أن يتزوجها ويعطيها ما تستحق من المهر. وعلى هذا فمعنى الآية الأولى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ [النساء:3] إذا كان عند الواحد منكم امرأة هو وليها أو هو ابن عمها ولها مال وهي جميلة وأراد أن يتزوجها ولا يريد أن يتزوجها غيره فإنه إذا تزوجها وكان ذلك بموافقتها أن يعطيها المهر كاملاً ولا ينقصها، وكما أنها لو كانت غير ذات مال وغير ذات جمال يرغب عنها فكذلك إذا رغب فيها عليه أن يعطيها ما تستحق، وفي الآية الثانية: وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ [النساء:127]، ومعناها محتمل أن يكون المراد به: (ترغبون عنهن) أو (ترغبون فيهن)، فهم يرغبون فيهن إذا كن ذات مال وجمال، ويرغبون عنهن إذا كن مقلات وغير جميلات، فكما أنكم لا ترغبون فيهن إذا كن مقلات وغير جميلات فكذلك إذا كن ذات أموال وجميلات إن تزوجتموهن فأعطوهن ما يستحققن من المهر، وإلا فاتركوهن وتزوجوا ما طاب لكم من النساء اثنتين اثنتين، أو ثلاثاً ثلاثاً، أو أربعاً أربعاً. والحديث ليس واضحاً في الدلالة على الترجمة.

تراجم رجال إسناد تفسير عائشة لقوله تعالى: (( وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ...))


قوله: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري ]. أحمد بن عمرو بن السرح المصري ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير ]. مر ذكرهم. [ أنه سأل عائشة ]. عائشة رضي الله تعالى عنها مر ذكرها.

شرح خُطبته صلى الله عليه وسلم حين أراد علي نكاح بنت أبي جهل


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثني أبي عن أبي الوليد بن كثير حدثنا محمد بن عمرو بن حلحلة الدؤلي أن ابن شهاب حدثه أن علي بن الحسين رضي الله عنهما حدثه أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما لقيه المسور بن مخرمة رضي الله عنهما فقال له: هل لك إلي من حاجة تأمرني بها؟ قال: فقلت له: لا، قال: هل أنت معطي سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فإني أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله! لئن أعطيتنيه لا يخلص إليه أبداً حتى يبلغ إلى نفسي، إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب بنت أبي جهل على فاطمة رضي الله عنها، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم، فقال: (إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها)، قال: ثم ذكر صهراً له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال: (حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وإني لست أحرم حلالاً ولا أحل حراماً، ولكن والله! لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبنت عدو الله مكاناً واحداً أبداً) ]. أورد أبو داود حديث مسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنهما أن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب لما قدم المدينة بعد مقتل الحسين لقيه المسور وقال: [ هل لك إلي من حاجة؟ ] أي: أنه يعرض عليه، وهذا مثلما يعرضون اليوم فيقولون: أي خدمة، أي: هل من خدمة تريد أن أقوم بها؟ فقال المسور: هل لك من حاجة تكلها إلي؟ فقال: لا، فقال: [ هل أنت معطيَّ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ] يعني: حتى أحافظ عليه، فأنا أخشى أن يخلص إليه وأنك لا تستطيع الإبقاء عليه، فأنا أحفظه وأخفيه فلا يصل إليه أحد، ثم إنه أتى بقصة كون علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب ابنة أبي جهل ، فقال: [ إن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خطب بنت أبي جهل على فاطمة رضي الله عنها، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يخطب الناس في ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال: (إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها) ]. فأخبر المسور أن علياً رضي الله عنه خطب ابنة أبي جهل ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب وقال: (إن فاطمة مني، وأنا أتخوف أن تفتن في دينها)، وذلك أنها إذا تزوج عليها علي ابنة أبي جهل فقد يحصل لها الغيرة ويحصل لها شيء من الضرر، وقد يحصل لها فتنة في دينها، وهي بضعة منه يريبه ما رابها، ويسره ما سرها، وأنها لا تجتمع هي وبنت عدو الله، وعدو الله هو أبو جهل ، وهذا فيه بيان أن السوء الذي يحصل من الآباء فإنه مذمة وإن كان الابن أو البنت في حالة الاستقامة وفي حالة السلامة، إلا أن ذلك فيه ضرر، والنسبة إليه نسبة مذمومة؛ لأنه شخص مذموم، فلا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله في واحد. ومعنى: [ (أن تفتن في دينها) ] أي: أن يحصل لها من الغيرة وغيرها ما يؤثر عليها في دينها ودنياها. قال: [ ثم ذكر صهراً له من بني عبد شمس فأثنى عليه في مصاهرته إياه فأحسن، قال: (حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي) ]. وهذا الصهر هو أبو العاص بن الربيع زوج زينب رضي الله عنها، وهو الذي أثنى عليه، وكان من بني عبد شمس، وكان قد أسر يوم بدر وأطلق، وطلب منه النبي أن يرسل ابنته فأرسلها إليه؛ لأنه وعده وصدقه في وعده، ثم إنه جاء مسلماً وأعادها إليه بالزواج الأول، فأثنى على ذلك الصهر الذي عامله معاملة طيبة. قوله: [ (وإني لست أحرم حلالاً ولا أحل حراماً) ]. يعني: أن زواج علي سائغ، ولكن فاطمة بضعة منه يريبه ما أرابها. قوله: [ (ولا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله مكاناً واحداً أبداً) ]، وقد كانت بنت أبي جهل مسلمة، فخطبها وهي مسلمة.

تراجم رجال إسناد خُطبته صلى الله عليه وسلم حين أراد علي نكاح بنت أبي جهل

قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ]. يعقوب بن إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. أبوه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد بن كثير ]. حدثنا الوليد بن كثير صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن عمرو بن حلحلة ]. محمد بن عمرو بن حلحلة ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ أن ابن شهاب حدثه ]. ابن شهاب مر ذكره. [ أن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهما حدثه ] هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والمسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

إسناد آخر لحديث خطبة علي لبنت أبي جهل، وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة، وعن أيوب عن ابن أبي مليكة بهذا الخبر، قال: فسكت علي عن ذلك النكاح ]. أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وفيه زيادة: [فسكت علي عن ذلك النكاح] أي: الذي كان يفكر فيه، وأعرض عن ذلك. قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، وهوثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري عن عروة، وعن أيوب عن ابن أبي مليكة ]. الزهري و عروة مر ذكرهما، و أيوب هو ابن أبي تميمة السختياني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و ابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ بهذا الخبر، قال: فسكت علي عن ذلك النكاح ]. أي: بالخبر الذي مر ذكره في السياق السابق، وفيه الزيادة: [ فسكت علي عن ذلك النكاح ] يعني: أنه أعرض عنه لما سمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.

طريق أخرى لقصة خطبة علي السابقة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس و قتيبة بن سعيد المعنى، قال أحمد : حدثنا الليث حدثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة القرشي التيمي أن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر يقول: (إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني أن ينكحوا ابنتهم من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فلا آذن، ثم لا آذن، ثم لا آذن، إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها) والإخبار في حديث أحمد ]. أورد أبو داود حديث مسور بن مخرمة من طريق أخرى، وفيه أن مما قاله النبي صلى الله عليه وسلم أن بني هشام بن المغيرة استأذنوه، وهم آل تلك المرأة التي خطبها علي ، فقد جاءوا يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم في أن يزوجوا علياً ، فالنبي صلى الله عليه وسلم خطب وقال: [ (لا آذن، ثم لا آذان، ثم لا آذن، إلا إذا أراد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي وينكح ابنتهم، فإنما ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها) ]. وقول المصنف: [الإخبار في حديث أحمد ]، يعني به: قوله أحمد بن يونس : [حدثنا الليث ]، أي أنه رواه بلفظ التحديث، ومعنى هذا أن حديث قتيبة إنما هو بالعنعنة، فالإخبار موجود في رواية أحمد بن يونس، وهو شيخه الأول. قوله: [حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وقتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال أحمد : حدثنا الليث ]. هو الليث بن سعد المصري ، هو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة أن المسور بن مخرمة ]. قد مر ذكرهما."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #423  
قديم 19-02-2025, 05:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [239]
الحلقة (270)





شرح سنن أبي داود [239]

جعل الله تبارك وتعالى الزواج مودة ورحمة بين الزوجين، ولذا كان المقصود من النكاح الدوام والبقاء، ولتحقيق هذا الغرض حرم الشرع أنواعاً من الأنكحة تفضي إلى النزاع وتنتهي بالفراق غالباً، فلا تحقق المقصد الشرعي من الزواج، ومن ذلك: نكاح المتعة، ونكاح الشغار، ونكاح التحليل، وقد حث الشرع الخاطب على النظر إلى المخطوبة؛ لأن ذلك أحرى أن يؤدم بينهما.

نكاح المتعة


شرح حديث سبرة في تحريم متعة النساء


قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في نكاح المتعة. حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الوارث عن إسماعيل بن أمية عن الزهري قال: كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء، فقال له رجل يقال له: ربيع بن سبرة : أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عنها في حجة الوداع ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في نكاح المتعة] أي: في تحريمه، ونكاح المتعة هو النكاح إلى أجل، فإذا جاء الأجل انتهى العقد، وقد كان ذلك سائغاً ثم نسخ وصار محرماً لا يجوز فعله. والنكاح المشروع هو النكاح غير المؤقت الذي يدخل فيه على التأبيد دون أن يكون له أجل ينتهي إليه، وإنما يبقى إلى أن يحصل طلاق أو تحصل وفاة، وأما أن يكون له أجل ينتهي إليه فهذا هو نكاح المتعة الذي كان حلالاً ثم حرم. وأورد أبو داود حديث الزهري أنهم كانوا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكروا نكاح المتعة، قال: [فقال له رجل يقال له: ربيع بن سبرة : أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها في حجة الوداع]، والمعروف والمشهور أن تحريم المتعة إنما كان عام الفتح، والشيخ الألباني رحمه الله قال: إن هذا شاذ، والمحفوظ أن ذلك عام الفتح؛ لأن هذا جاء من رواية إسماعيل بن أمية عن الزهري ، وقد خالفه غيره عن الزهري ، فذكرو أن ذلك كان عام الفتح وليس في عام حجة الوداع. وهذا الحديث دليل على تحريمها وأنها كانت مباحة أولاً ثم حرمت، أي: المتعة.
حكم النكاح بنية الطلاق

وهناك نكاح آخر هو النكاح بنية الطلاق، وهو ليس من قبيل نكاح المتعة؛ لأن نكاح المتعة يتفق فيه بين الطرفين على أن ينتهي الزواج بالأجل، وأما النكاح بنية الطلاق فهو أن الزوج قد يتزوج وهو ينوي أن يطلق، فهذا ليس من قبيل المتعة، ولكنه لا يليق ولا ينبغي، وكثيرٌ من العلماء أجازوه؛ لأنه ليس نكاح متعة، ولكن الأولى عدم فعله وعدم الإقدام عليه، فالإنسان يتزوج بنية الدوام وإذا بدا له أن يتخلص منها لأمر من الأمور فيمكنه ذلك بالطلاق. فالإنسان -كما هو معلوم- لا يرضى النكاح بنية الطلاق لبنته ولا لأخته، فعليه أن يعامل الناس كما يحب أن يعاملوه به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)، فالإنسان إذا أراد أن يتزوج فليتزوج، لكن لا يضمر في نفسه عند الزواج أنه سيطلق، وإنما يكون في نفسه أنه يتزوج، ثم إن رأى أن الأمر يحتاج إلى الاستمرار لما وجده فيها من أمور تقتضي ذلك استمر وإلا طلق، وأما كونه عند العقد يضمر بأنه سيطلق، فهذا ليس من نكاح المتعة، ولكنه لا يليق بالرجل، وهو خلاف الأولى.
تراجم رجال إسناد حديث سبرة في تحريم متعة النساء

قوله: [حدثنا مسدد بن مسرهد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [حدثنا عبد الوارث ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن أمية ]. إسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ فقال له رجل يقال له: ربيع بن سبرة ]. ربيع بن سبرة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ أشهد على أبي أنه حدث ]. أبوه هو سبرة بن معبد ، وهو صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن.

شرح حديث سبرة في تحريم متعة النساء من طريق ثانية وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ربيع بن سبرة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرم متعة النساء ]. أورد هنا حديث سبرة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم متعة النساء، وهذا اللفظ مطلق وليس فيه تقييد بالزمن الذي حصل فيه التحريم. قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري عن ربيع بن سبرة عن أبيه ]. قد مر ذكر الثلاثة.
الشغار


شرح حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن الشغار


قال رحمه الله تعالى: [ باب في الشغار. حدثنا القعنبي عن مالك . ح: وحدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى عن عبيد الله كلاهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار). زاد مسدد في حديثه: قلت لنافع : ما الشغار؟ قال: ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق، وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق ]. أورد أبو داود [ باب في الشغار ] أي: في نكاح الشغار، وهو الذي يكون فيه التزويج بشرط التزويج، أي: لا يُزوَّج إلا إذا زَوَّج، كأن يزوج هذا بنته على أن يزوجه الآخر بنته، فهناك شرط بين الطرفين أنه لا يُزوَّج إلا إذا وافق على أن يُزوِّج، فهو مبادلة، وهذا لا يجوز، ومن العلماء من قال: إذا كان بدون صداق فهو حرام، وأما إذا كان بصداق فإنه لا بأس به. والذي يظهر أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأت عنه ما يدل على أن ذلك مقيد بالصداق، ومجيء التقييد بالصداق هو من تفسير نافع مولى ابن عمر أحد رواة الحديث، وأما الرسول صلى الله عليه وسلم فما جاء عنه في الأحاديث ما يدل على أنه مقيد بالصداق، وما جاء في الأحاديث فهو لفظ مطلق، فيشمل ما كان بصداق وما كان بدون صداق، ولو وجد الصداق فإن هذا فيه الإضرار بالنساء، وهو أن الإنسان يزوج من أجل رغبته لا رغبة موليته، ومن أجل مصلحته لا مصلحتها، فالولي ينظر إلى مصلحته لا إلى مصلحة موليته، فيضعها في محل غير مناسب من أجل مصلحته. ثم -أيضاً- قد يترتب على ذلك الخلاف في الزواج من أحد الطرفين، فيترتب على ذلك بالمقابل التخلص من الزواج الثاني بناءً على المشاكل التي حصلت في أحد الزواجين، كل ذلك يترتب على هذا الاشتراط، فكون الإنسان يزوج بدون أن يشترط، وبدون أن يكون هناك ربط زواج بزواج هو الذي يظهر جوازه، وأما تقييده بالصداق وأنه إذا وجد صداق فإنه لا بأس به فإنه ليس بصحيح؛ لأن الحديث الذي سيأتي فيه: أن معاوية رضي الله عنه أمر بالتفريق وقد جعلوا صداقاً، وهو يدل على أنه إذا كان هناك صداق فالحكم واحد فيما يبدو ويظهر. ولشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة في مسائل في النكاح مخالفة للشرع ومنها مسألة الشغار، وقد تكلم فيها على هذه المسألة، وبين أن الأدلة لم يأت فيها ما يدل على قصره على عدم الصداق، بل قد جاء فيها ما يدل على أنه ولو وجد الصداق فإنه يكون شغاراً، وأنه يمنع منه، وأنه يفرق بسببه الزواج وإن وجد كما جاء في حديث معاوية رضي الله تعالى عنه وأرضاه الذي سيأتي. قوله: [ ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق، وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق ]. هذه أمثلة لزواج لشغار، وسواءٌ أكانت المقابلة بين أخت وأخت، أم بين بنت وبنت، أم بين أخت وبنت، فالمهم أن يكون فيه اشتراط زواج بزواج، وأنه لا يُزوِّج إلا إذا زُوِّج. وأما إذا خطب أناس من غيرهم وأعطوهم المهر، ثم جاء أولئك وخطبوا منهم وأعطوهم المهر دون اشتراط فهذا لا بأس به.

تراجم رجال إسناد حديث نهيه صلى الله عليه وسلم عن الشغار


قوله: [حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ ح: وحدثنا مسدد بن مسرهد ]. قوله: [ ح ] للتحول من إسناد إلى إسناد. و مسدد بن مسرهد مر ذكره. [ عن يحيى ] . هو يحيى بن سعيد القطان البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث إبطال معاوية رضي الله تعالى عنه نكاح الشغار


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أن العباس بن عبد الله بن العباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبد الرحمن ابنته، وكانا جعلا صداقاً، فكتب معاوية رضي الله عنه إلى مروان يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه: هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ]. أورد أبو داود حديث معاوية رضي الله عنه أنه لما حصل التزويج بين طرفين كل منهما قد زوج الآخر ابنته وقد جعلوا صداقاً كتب معاوية إلى مروان للتفريق بينهما، وقال: [هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم] فدل هذا على أنه ولو وجد الصداق فإن المحاذير موجودة. ثم إن الصداق قد يقل فيه، وقد تبخس النساء حقوقهن بسبب ذلك، فهو وإن وجد الصداق لكنه مربوط ومقيد بشرط وهو: أنه لا زواج إلا بزواج، فإنه لا يصح ولو وجد الصداق، وهذا الحديث يدل على ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث إبطال معاوية رضي الله تعالى عنه نكاح الشغار

قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا يعقوب بن إبراهيم ]. هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. هو إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ]. عبد الرحمن بن هرمز الأعرج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وذكر هنا باسمه ولقبه. والصحابي راوي الحديث هو معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
التحليل


شرح حديث: (لعن الله المحلل والمحلل له)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التحليل. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثني إسماعيل عن عامر عن الحارث عن علي رضي الله عنه -قال إسماعيل : وأراه قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم- أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لعن الله المحلَّل والمحلَّل له) ]. أورد أبو داود [باب في التحليل]، وهو تحليل المطلقة ثلاثاً لزوجها الأول، وذلك بأن ينكحها شخص لا يريد الزواج ولكن يريد أن يرجعها أو يحللها للزوج الأول الذي طلقها ثلاثاً وحرم عليه الزواج منها حتى تنكح زوجاً غيره، فهذا هو التحليل، وقد جاءت السنة بتحريمه وأنه لا يجوز، فالزوج الثاني الذي يتزوجها لا يتزوجها للتحليل وإنما يتزوجها زواج رغبة، ثم إن بدا له أن يطلق طلق، وأما أن يتزوج من أجل التحليل -سواءٌ أكان متفقاً مع الزوج الأول أم لم يكن متفقاً معه ولكنه أراد أن يتزوج من أجل أن يحللها له - فإن هذا لا يجوز، وهو محرم، وقد جاء حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لعن الله المحلل والمحلل له)]، والمحلل والمحلل له إذا كانا متفقين على التحليل فكل منهما ملعون؛ لأن هذا أقدم على هذا العمل المحرم، وذاك سعى إلى أن يوجد هذا العمل المحرم، أعني الزوج الأول الذي اتفق مع الثاني على التحليل. وأما إذا كان الزوج الأول لا يعلم بذلك وأن النية كانت مضمرة عند الزوج الثاني فإنه لم يحصل من الزوج الأول شيء يقتضي لعنه؛ لأنه لا يعرف شيئاً، وما اتفق مع الثاني ولا طلب منه ولا أشار إليه، وإنما حصل أن شخصاً تزوج ثم طلقها وهو لا يعرف أنه قصد التحليل، فلا يكون ملعوناً، وإذا علم وعرف بأنه تزوجها من أجل التحليل فلا يتزوجها، أعني الزوج الأول. وهناك مسألة أخرى في هذا الباب وهي: إذا تزوجها الزوج الثاني ليحللها للأول ثم أعجبته فأراد أن يمسكها فإن عليه أن يعيد العقد؛ لأن عقده الأول وزواجه الأول بها محرم لا يجوز، فيعقد عليها من جديد.

تراجم رجال إسناد حديث: (لعن الله المحلل والمحلل له)


قوله: [حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني إسماعيل ]. هو إسماعيل بن أبي خالد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر ]. هو عامر بن شراحييل الشعبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحارث ]. هو الحارث بن عبد الله الهمداني الأعور ، وفي حديثه ضعف، وحديثه أخرجه أصحاب السنن. [ عن علي ]. هو علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة، والحديث جاء من طريق أخرى ليست من طريق الحارث.

طريق أخرى لحديث: (لعن الله المحلل والمحلل له)، وتراجم رجالها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن حصين عن عامر عن الحارث الأعور عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم -قال: فرأينا أنه علي عليه السلام- عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه ]. أورد المصنف الحديث السابق من طريق أخرى وهي بمعنى الحديث الذي قبله: (لعن الله المحلل والمحلل له). قوله: [حدثنا وهب بن بقية ]. هو وهب بن بقية الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [عن خالد ] هو خالد بن عبد الله الواسطي الطحان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حصين ]. هو حصين بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر عن الحارث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ]. الرجل هو علي ، ولذلك قال: [ فرأينا أنه علي ].
نكاح العبد بغير إذن مواليه


شرح حديث: (أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في نكاح العبد بغير إذن مواليه. حدثنا أحمد بن حنبل و عثمان بن أبي شيبة وهذا لفظ إسناده، وكلاهما عن وكيع حدثنا الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر) ]. أورد أبو داود [باب في نكاح العبد بغير إذن مواليه] يعني أن ذلك لا يجوز؛ لأن العبد ملك لسيده، ومنافعه مملوكة لسيده، فرقبته مملوكة، ومنافعه مملوكة، فليس له أن يتصرف في نفسه بزواج ولا بغيره، وإذا حصل منه الزواج بغير إذن سيده فإنه عاهر، أي: زان، فحكمه حكم الزاني، أي أن ذلك لا يجوز.

تراجم رجال إسناد حديث: (أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر)


قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ و عثمان بن أبي شيبة ]. هو عثمان بن أبي شيبة الكوفي ، ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي في (عمل اليوم والليلة) و ابن ماجة . [ كلاهما عن وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن بن صالح ]. هو الحسن بن صالح بن حي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن محمد بن عقيل ]. عبد الله بن محمد بن عقيل صدوق في حديثه لين، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه باطل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا أبو قتيبة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه باطل). قال أبو داود : هذا الحديث ضعيف، وهو موقوف، وهو قول ابن عمر رضي الله عنهما ]. أورد حديث أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أيما رجل نكح بغير إذن مواليه فنكاحه باطل)]، وقال أبو داود : إنه ضعيف، وهو أيضاً موقوف، والضعف فيه من جهة عبد الله بن عمر العمري المكبر أخو عبيد الله ، فهو ضعيف.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه باطل)

قوله: [حدثنا عقبة بن مكرم ]. عقبة بن مكرم ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو قتيبة ]. هو سالم بن قتيبة الشعري ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن عمر ]. هو عبد الله بن عمر العمري المكبر، وهو ضعيف، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ عن نافع عن ابن عمر ]. قد مر ذكرهما.

كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه



شرح حديث أبي هريرة: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية أن يخطب الرجل على خطبة أخيه. حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: كراهية وهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه؛ وذلك أن يتقدم شخص لخطبة امرأة ولا يردونه، وإنما يمهلونه أو يعدونه على أن يخبروه برأيهم، فإذا علم أحد بأنه تقدم للخطبة لا يجوز له أن يتقدم حتى يعرف أنه تَرك أو أنه تُرِك، فإذا لم يكن كذلك فإنه لا يجوز؛ لأن فيه سعياً للحيلولة بينه وبين ما أقدم عليه، فهم لم يرفضوه، فيكون في ذلك إفساد لما بينهم وبين ذلك الرجل، فلا يجوز لأحد علم تقدمه بالخطبة أن يخطب تلك المرأة، وأما إذا كان لا يعلم فليس هناك محذور؛ لأن الغيب لا يعلمه إلا الله عز وجل، وإنما المحذور فيما إذا كان عن علم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #424  
قديم 19-02-2025, 05:57 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه)

قوله: [حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [حدثنا سفيان ]. هو سفيان ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري مر ذكره. [عن سعيد بن المسيب ] سعيد بن المسيب ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله صلى الله علي وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث ابن عمر: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه، ولا يبع على بيع أخيه إلا بإذنه) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر قال: قال عليه الصلاة والسلام: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، ولا يبع على بيع أخيه إلا بإذنه)]. قوله: [ (لا يخطب على خطبة أخيه) ] عرفنا معناه سابقاً وهو محل الشاهد في الترجمة. ثم قال: (ولا يبع على بيع أخيه)] وهذا يتعلق بالبيوع، والبيع على بيع أخيه يكون فيما إذا كان هناك بيع فيه شرط خيار بينهما على أن كلاً منهما له الخيار لمدة ثلاثة أيام أو خمسة أيام وما إلى ذلك، فيأتي شخص إلى المشتري ويقول له: افسخ العقد وأنا أبيعك سلعة أخرى مثلها بأرخص منها، فهذا هو البيع على بيع الأخ، وهذا لا يجوز. قوله: [ (إلا بإذنه) ]. يعني: إذا كان البائع الذي له مدة خيار قال: أنا لا أرغب في البيع وترك البيع وأراد الآخر أن يبيع للمشتري فلا بأس بذلك، ولا يعتبر أنه قد باع على بيعه؛ لأنه قد ترك وأذن له.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه...)

قوله: [حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [حدثنا عبد الله بن نمير ]. عبد الله بن نمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. قد مر ذكرهما.

الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد أن يتزوجها



شرح حديث: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها. حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا محمد بن إسحاق عن داود بن حصين عن واقد بن عبد الرحمن -يعني ابن سعد بن معاذ - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)، قال: فخطبت جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب في الرجل ينظر إلى المرأة وهو يريد تزويجها]، والمقصود من ذلك أن الخاطب له أن ينظر إلى المخطوبة إلى وجهها ويديها، فوجهها يعرف منه جمالها، ويداها يعرف منهما خصوبة جسمها، وسواءٌ أكان ذلك بعلمها أم بدون علمها، فكل ذلك سائغ، وقصة جابر التي أوردها المصنف فيها أنه اختبأ لها، فصار ينظر إليها وهي لا تعلم، ولكن سواءٌ أكان بعلمها أم بدون علمها فكل ذلك جائز، فلو جاء بها وليها ودخلت ورآها الخاطب فإنه يحصل المقصود، وإذا لم يحصل هذا ولكنه نظر إليها من ثقب أو من مكان معين فإنه لا بأس بذلك؛ لأن مثل هذا العمل فيه مصلحة، ولأنه قد يكون فيها شيء يقتضي التخلص منها قبل الدخول وقبل الزواج، ولا شك أن هذا أسهل وأخف من أن يكون هناك نكاح وإعلان له ثم يحصل طلاق، فهذا أهون وأخف، والشريعة جاءت بجواز ذلك. وقد أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا خطب أحدكم امرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل) ]، وقوله: [ (فإن استطاع) ] يدل على أن الأمر للإرشاد والتوجيه وليس بلازم، فليس المعنى أنه لابد من أن ينظر إليها، بل يمكن أن يتزوجها دون أن ينظر إليها قال جابر : فخطبت امرأة فكنت أختبئ لها، فرأيتها ورأيت منها ما يدعو إلى تزوجها فتزوجتها، أي أنه نفذ ما أرشد إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)


قوله: [حدثنا مسدد عن عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق مر ذكره. [عن داود بن حصين ]. داود بن حصين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن واقد بن عبد الرحمن ]. هو واقد بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ ، وقال في (تحفة الأشراف): المعروف أنه واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ . قال الحافظ : ورجاله ثقات، وأعله ابن القطان بواقد بن عبد الرحمن ، وقال: المعروف واقد بن عمرو ، ورواية الحاكم فيها: واقد بن عمرو ، وكذا رواية الشافعي و عبد الرزاق . وفي (تحفة الأشراف): كذا قال، واقد بن عبد الرحمن ، والمعروف واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، ويؤيده سياق الحاكم في المستدرك، لكن المزي فرق بينهما في تهذيبه، وزاد التفرقة بينهما وأكدها الحافظ في (تهذيب التهذيب) أيضاً. قاله الشيخ الألباني . و واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما ] قد مر ذكره.
الأسئلة


اختباء جابر رضي الله عنه لرؤية من أراد خطبتها هل هو في زواجه الأول

في الحديث أن جابراً كان يختبئ ليرى التي يريد الزواج بها، فهل هي التي سأله النبي صلى الله عليه وسلم عنها عندما قال: (تزوجت؟


قال: نعم، قال: بكراً أم ثيباً؟ قال: ثيباً يا رسول الله!)، أم أنها قصة زواج آخر لجابر ؟ الجواب: ليس هناك شيء يدل على أنها هي، فيمكن أن تكون هي أو غيرها.

ما ينظر إليه من بدن المخطوبة

السؤال: ما هو الذي ينظر إليه من المخطوبة؟ وهل يجوز النظر إلى غير الوجه والكفين؟


الجواب: ينظر إلى الكفين والوجه فقط ولا يزيد على ذلك، وهناك خلاف، فبعض العلماء يقول: ينظر إلى شعرها، وبعضهم يرى النظر إلى أكثر من ذلك، وهو المنقول عن ابن حزم .

حكم استئذان أبناء عم المرأة عند قصد نكاحها


السؤال: عند بعض القبائل أن من أراد أن يتزوج امرأة فيجب عليه أن يستأذن أبناء عمومتها، فما حكم هذا؟


الجواب: هذا من أمور الجاهلية، فأبناء عمومتها لا يملكونها، وليس لهم أن يمنعوها من الزواج ممن تريد.


حكم كتابة بعض الآيات في إناء لتسقى بمائه من تعسرت ولادتها

السؤال: قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ويجوز أن يكتب للمصاب وغيره من المرضى شيء من كتاب الله وذكره بالمداد المباح، ويغسل ويسقى كما نص على ذلك أحمد وغيره، قال عبد الله ابن الإمام أحمد : قرأت على أبي: حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا سفيان عن محمد بن أبي ليلى عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إذا عسر على المرأة ولادتها فليكتب: (باسم الله، لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا [النازعات:46]، كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ [الأحقاف:35]. قال أبي: حدثنا أسود بن عامر بإسناده بمعناه، وقال: يكتب في إناء نظيف فيسقى. قال أبي: وزاد فيه وكيع : فتسقى، وينضح ما دون سرتها. قال عبد الله : رأيت أبي يكتب للمرأة في إجان أو شيء نظيف... إلى آخره. نقل هذا الكلام شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى). فعلم مما نقله أنه يكتب للمرأة في إناء نظيف فتسقى وينضح به ما دون سرتها؛ لأجل تيسير الولادة، ونقله عن أحمد، فهل يصح هذا الفعل؟



الجواب: هذا الإسناد غير صحيح عن ابن عباس ما دام أن فيه محمد بن أبي ليلى ، وأما ما جاء عن بعض السلف كما ذكر ابن تيمية وكذلك ابن القيم في كتاب (زاد المعاد) في كتابة آيات في مناسبات وفي أحوال متعددة فيبدو -والله أعلم- أن ترك ذلك هو الأولى؛ لأنه لا دليل عليه.

مراد الحافظ ابن حجر باشتراطه الصحة أو الحسن فيما نقله من أمهات المسانيد والجوامع
وغيرها في الفتح

السؤال: قال الحافظ رحمه الله تعالى في مقدمة (هدي الساري): ثم أستخرج ثانياً ما يتعلق به غرض صحيح في ذلك الحديث من الفوائد المتنية والإسنادية من تتمات وزيادات، وكشف غامض، وتصريح مدلس بسماع، ومتابعة سامع من شيخ اختلط قبل ذلك، منتزعاً كل ذلك من أمهات المسانيد والجوامع والمستخرجات والأجزاء والفوائد بشرط الصحة أو الحسن فيما أورده من ذلك. اهـ. فما مراد الحافظ بقوله: بشرط الصحة أو الحسن، فهل كل ما أورده الحافظ في الفتح يحكم عليه بهذا الحكم كما هو مشتهر بين طلبة العلم أم أن الحكم مقتصر على ما فصله رحمه الله من فوائد وتتمات وزيادات متعلقة بالحديث المشروح والمتكلم عليه؟



الجواب: هذا الكلام يفهم منه أنه إذا تكلم عليه بضعف أو بصحة فقد حصل المقصود بكلامه المحدد، ولكنه إذا سكت عنه ولم يذكر شيئاً فمقتضى هذا الكلام أنه يكون صحيحاً أو حسناً على حسب كلامه رحمه الله تعالى.

حكم ترك المسنون لتأليف القلوب

السؤال: هل يجوز ترك المسنون لمصلحة الدعوة، ولتأليف القلوب؟



الجواب: تأليف القلوب يكون باتباع السنة والدعوة إليها، وليس بترك السنن من أجل أن يحصَّل شيئاً وقد لا يحصله، فيكون بذلك قد خسر هذا وهذا.

حكم السلام على المرأة حال الحاجة إلى تكليمها


السؤال: الرجل قد يضطر إلى أن يتكلم مع المرأة الشابة لأمر من الأمور من وراء حجاب، فهل يبدأ الحديث بالسلام ويختمه بالسلام؟



الجواب: بداية الكلام هو السلام، لكن الكلام مع الشابة أو مع غير الشابة إنما يكون في حدود المقصود والمطلوب، مثل أن يتصل بالهاتف فترد امرأة، فأولاً يسلم، ثم يسأل عن الشخص هل هو موجود أو غير موجود؟ وينتهي عند هذا الحد، ولا يكون هناك استرسال في الكلام أخذاً وعطاءً.

توضيح القاعدة: (لا إنكار في مسائل الخلاف)

السؤال: ما قولكم فيمن يقول بأنه لا إنكار في مسألة الغناء بالموسيقى، وكذلك مسألة التمثيل بحجة أن اختلاف الأمة رحمة وبالقاعدة الفقهية: لا إنكار في مسائل الخلاف؟


الجواب: ليس كل خلاف يكون معتبراً، والمعول عليه هي الأدلة، وإذا اتضح الدليل وكان موجوداً فلا تجوز مخالفته، ولا يجوز ترك الإنكار من أجل أن هناك من خالف في ذلك؛ لأن المعتبر هو ثبوت الدليل وظهور الحق ولو قال بخلافه من قال، فإنه لا يترك الحق من أجل أن فيه خلافاً، ولو كان الأمر أن كل شيء فيه خلاف لا يتكلم فيه لما كان هناك بيان للحق، بل المسائل الخلافية منها ما يكون القول الآخر ليس عليه دليل، أو هو اجتهاد في مقابل نص، أو قياس في مقابل نص واضح جلي، فلابد من الإيضاح والبيان.

حكم ضرب الدف في الأعراس للرجال

السؤال: هل يجوز ضرب الدفوف في حفل الزواج للرجال؟



الجواب: لا يجوز ذلك للرجال، وإنما يجوز للنساء فقط؛ لأنه ورد في حق النساء ولم يرد في حق الرجال.

حكم الولائم قبل العرس

السؤال: ما يفعله بعض الناس من الولائم قبل النكاح مما يسمى الشَّبْكة وغيرها هل يعتبر من الإسراف؟


الجواب: لا شك أنها من التكلف ومن الأشياء التي تثقل كاهل الزوج، وعدم فعل هذه الأشياء والاكتفاء بوليمة واحدة مع عدم المبالغة فيها هو الذي ينبغي.

مدى صحة القول بدفن عيسى عليه السلام بجوار النبي صلى الله عليه وسلم


السؤال: يقول بعض الناس: إن عيسى عليه الصلاة والسلام يدفن بجوار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فما مدى صحة هذا الكلام؟


الجواب: لا أعرف شيئاً عن صحته.

معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (وأنا أمنة لأصحابي)

السؤال: جاء في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي) فما المقصود بقوله: (أنا أمنة لأصحابي)؟


الجواب: معناه أن وجوده بينهم أمنة لهم من الخلاف الذي حصل بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، والحديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الجواب عن حديث تمتع بعض الصحابة إلى عهد عمر رضي الله عنه


السؤال: جاء في الحديث: (كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى نهى عنه عمر )، فما الجواب عن هذا الحديث؛ إذ إنه يدل على أن المتعة تأخر النهي عنها؟


الجواب: قال ابن القيم في (زاد المعاد في هدي خير العباد رحمه الله تعالى: فإن قيل: فما تصنعون بما رواه مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و أبي بكر رضي الله عنه حتى نهى عنها عمر رضي الله عنه في شأن عمرو بن حريث ، وفيما ثبت عن عمر أنه قال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا أنهى عنهما: متعة النساء، ومتعة الحج. قيل: الناس في هذا طائفتان: طائفة تقول: إن عمر هو الذي حرمها ونهى عنها، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باتباع ما سنه الخلفاء الراشدون، ولم تر هذه الطائفة تصحيح حديث سبرة بن معبد في تحريم المتعة عام الفتح، فإنه من رواية عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده، وقد تكلم فيه ابن معين ، ولم ير البخاري إخراج حديثه في صحيحه مع شدة الحاجة إليه، وكونه أصلاً من أصول الإسلام، ولو صح عنده لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به. قالوا: ولو صح حديث سبرة لم يخف على ابن مسعود رضي الله عنه حتى يروي أنهم فعلوها ويحتج بالآية، وأيضاً ولو صح لم يقل عمر : إنها كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أنهى عنها وأعاقب عليها، بل كان يقول: إنه صلى الله عليه وآله وسلم حرمها ونهى عنها، قالوا: ولو صح لم تفعل على عهد الصديق وهو عهد خلافة النبوة حقاً. والطائفة الثانية رأت صحة حديث سبرة ، ولو لم يصح فقد صح حديث علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرم متعة النساء، فوجب حمل حديث جابر على أن الذي أخبر عنها بفعلها لم يبلغه التحريم، ولم يكن قد اشتهر حتى كان زمن عمر رضي الله عنه، فلما وقع فيها النزاع ظهر تحريمها واشتهر، وبهذا تأتلف الأحاديث الواردة فيها، وبالله التوفيق. وهذا يوضح المقصود، وأنه يبلغهم، وبعد ذلك اشتهر وظهر في عهد عمر رضي الله عنه وأرضاه، ويشبه هذا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن) مع أنهن منسوخة، ولكن لقرب العهد كان بعض الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يقرءونها ولم يعلموا بالنسخ، فهذا من هذا القبيل كما قال ابن القيم .

حكم اشتراط الولي على الزوج ترك الزواج على موليته


السؤال: هل لولي المرأة أن يشترط في العقد ألا يتزوج الزوج على ابنته؟


الجواب: لا بأس بذلك؛ لأنه يريد أن بنته لا تضار ولا يحصل لها يضرها، والإنسان الذي لا يريد هذا الشيء عليه أن يبحث عن غيرها، والأمر فيه سعة، ولكن المحذور هو أن تكون المرأة موجودة ثم تأتي امرأة وتشترط طلاق الموجودة التي حصل لها رزق وخير، وأما ما ذكر في السؤال فلا بأس به.

حكم منع الخاطب من النظر إلى مخطوبته

السؤال: عندنا عادة وهي أننا لا نسمح للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة، وإذا طلب نمنعه، فهل علينا شيء من الإثم؟



الجواب: حصول الإثم لا أعلم به، والنظر ليس بلازم، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن استطعت أن تنظر) يدل على أنه يمكن أن يكون زواج بدون نظر.

كلمة توجيهية لطلبة العلم في أيام الإجازة


السؤال: نظراً لانتهاء الدراسة لهذا العام وكون كل الطلبة يرجعون إلى بلدانهم نرجو توجيهكم للطلبة في الدعوة إلى الله جل وعلا؟



الجواب: إن هذه الإجازة فرصة على الإنسان أن يغتنمها ويستفيد منها، وألا تضيع عليه بدون فائدة، وذلك بأن يفعل ما يمكنه فعله مما يعود عليه بالخير ومما يعود على غيره بالخير، وذلك بالقراءة والمطالعة وقراءة بعض الكتب النافعة المفيدة، أو القيام بالدعوة إلى الله عز وجل والدعوة إلى الخير، أو تدريس بعض الناس الذين هم بحاجة إلى تدريسه، فيعلمهم أمور دينهم ويفقههم فيها، وهذا من الدعوة إلى الله عز وجل؛ لأن الدعوة إلى الله تكون بالتعليم وتكون بالتذكير، وتكون لأناس يعلمهم ولأناس يذكرهم، فكل ذلك من الدعوة إلى الله عز وجل، فالمهم في الأمر أن الإنسان يستفيد من الإجازة، وألا يضيع الفرصة على نفسه دون أن يستغلها فيما يعود عليه وعلى غيره بالخير. وإذا كان الإنسان ليس عنده إمكانٌ أن يقوم بالدعوة إلى الله عز وجل وأن يعلم غيره فلا أقل من أن يقرأ بعض الكتب النافعة والمفيدة مثل كتاب (إعلام الموقعين) لابن القيم ، وهو كتاب نفيس مشتمل على علم عظيم، وعلى ذكر قواعد في الشريعة، وعلى حكم الأحكام الشرعية، وهو مشتمل على أصول وعلى فروع، وكذلك أيضاً كتاب (زاد المعاد في هدي خير العباد)، فهو كتاب عظيم، فإذا قرأ مثل هذه الكتب وخرج من الإجازة وقد قرأ مثل هذه الكتب فإنه يكون قد خرج بربح وفائدة، وإذا لم يوطن نفسه على أن يعمل مثل هذا العمل فإن الإجازة ستنتهي ولم يربح فيها شيئاً ولم يحصَّل فيها طائلاً؛ لأنه فوت الفرصة على نفسه، ولكنه إذا عقد العزم من أول الأمر على أن يجتهد ويستفيد من العطلة فإنه سيحصل وسيستفيد دون أن تضيع عليه سدىً بلا فائدة، هذه نصيحة مختصرة أحب أن أقولها في هذه المناسبة.

الموقف من كتاب الأساس في التفسير ومؤلفه

السؤال: ما رأيكم في كتاب الأساس في التفسير لسعيد حوى ، وما رأيكم في مؤلفه؟


الجواب: لا أعرف الكتاب، لكن أعرف أن صاحب الكتاب مخلط، وأنه لا يصلح أن يقرأ شيء من كتبه لما فيها من التخليط، وعلى الإنسان أن يقرأ الكتب المأمونة والكتب النافعة التي يخرج منها بفائدة، مثل الكتابين اللذين أشرت إليهما: كتاب (إعلام الموقعين) و(زاد المعاد)، ومثل تفسير الشيخ ابن سعدي ، فالإنسان إذا أراد أن يقرأ تفسيراً مأموناً وتفسيراً واضحاً يمكنه أن يقرأه ويكمله وهو بعبارات واضحة، جلية فعليه بتفسير الشيخ عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، فهو تفسير قيم وعظيم يصلح للعامة والخاصة؛ لأنه بعبارات واضحة يفهمها الخاص والعام، فليس فيه: (قيل كذا وقيل كذا وقيل كذا)، فهذه أشياء قد تشوش على العامة، فإن عباراته واضحة جلية، فهو يحلل الآيات ويبين معانيها بعبارات واضحة جلية مفهومة، فعلى القارئ أن يقرأ لأناس عندهم سلامة من التخليط، ويكونون أهل علم وليسوا أهل مناهج جديدة منحرفة عن الجادة.

ما يصنع بعد زواج الشغار مع الجهل


السؤال: إذا تزوج اثنان عن طريق الشغار مع الجهل بالحكم فهل يفرق بينهما؟



الجواب: إذا حصل التراضي والوفاق فإن العقد يجدد.

وقت النظر إلى المخطوبة

السؤال: هل النظر إلى المخطوبة يكون قبل الخطبة أم بعدها؟



الجواب: قال بعض أهل العلم: إنه يكون قبل الخطبة، فإذا عزم على أن يخطبها فإنه ينظر إليها قبل أن يخطبها، وقالوا: إنه لو خطبها ثم رآها بعد ذلك فقد لا يرغب فيها، وهذا لا يكون إلا عن طريق الاختباء، وأما عن طريق الطلب فلا سبيل إلى رؤيتها إلا أن يكون خاطباً."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #425  
قديم 19-02-2025, 06:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [240]
الحلقة (271)





شرح سنن أبي داود [240]

الزواج من أعظم الأمور التي ضبطها الإسلام، وجعلها حصناً لحفظ الأعراض والحد من انتشار الفواحش، وقد اشترط الشرع في الزواج أن يصدر من ولي المرأة، وأبطل النكاح إذا كان بغير إذن الولي.

الولاية في النكاح


شرح حديث (أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الولي. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان أخبرنا ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل -ثلاث مرات- فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في الولي]. أي: الولي الذي يتولى عقد النكاح للزوج على امرأة، فإنه لابد من وجود ولي لها يتولى ذلك، ولا تتولى هي ذلك بنفسها، ولا يتولاه أجنبي عنها ليس من مواليها إلا بتوكيل من الولي، والولاية في النكاح كانت موجودة في الجاهلية، كما جاء في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أنهم كانوا في الجاهلية يأتي الرجل إلى الرجل فيخطب وليته منه فيزوجها إياه، فكان هذا الحكم الذي هو لزوم الولي في النكاح من الأمور التي كانت في الجاهلية وأقرها الإسلام.

الحكمة في اعتبار الولي في النكاح وأدلة اشتراطه في الكتاب والسنة


ومعلوم أن سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تكون بالقول والفعل والتقرير، وقد جاءت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم باشتراط الولي كما في الحديث الذي أورده أبو داود وغيره، وجاء ذلك في القرآن الكريم أيضاً، وجاء أيضاً التقرير لهذا الحكم الذي كان في الجاهلية، وأنه من الأحكام التي كانت موجودة وأقرها الإسلام. وهو شيء محمود؛ لأن في ذلك إبعاد المرأة عن الظهور بالاشتغال بالزواج والحياء يغلب عليهن، فكان أن جاء الكتاب والسنة باشتراط الولي في النكاح، وأنه لابد من ولي للمرأة يعقد النكاح لها على من يتزوجها، وقد جاء في القرآن الكريم ما يدل على ذلك، وذلك في قول الله عز وجل: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ [البقرة:232]، وهو خطاب للأولياء، فلو كانت المرأة يمكنها أن تعقد لنفسها أو يقوم بذلك أحد من غير أوليائها لما كان هناك حاجة إلى أن ينهى الأولياء عن العضل، حين يعضلونهن أن ينكحن أزواجهن، وذلك أن الآية نزلت في معقل بن يسار رضي الله عنه، وكان له أخت زوجها من قريب لها ثم طلقها، ولما انتهت عدتها جاء يخطبها، فحلف معقل أن لا يزوجها إياه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية: فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ أي: الذين طلقوهن وانتهت عدتهن. أما إذا كان طلقها وهي باقية في العدة فالأمر إلى الزوج؛ لأن له حق الرجعة، ولكنه إذا خرجت المرأة من العدة صار خاطباً من الخطاب إن شاءت أن تعود إليه فوليها لا يمنعها من ذلك، وإن شاءت أن لا تقبله ورغبت في شخص آخر سواه فإن لها ذلك. فهذه الآية الكريمة فيها نهي الأولياء عن العضل، وهو امتناعهم عن أن يزوجوا الأزواج المطلقين إذا رضيت النساء بهؤلاء الأزواج الذين طلقوهن، فيلزم الولي بأن يعقد لها على زوجها الذي طلقها وانتهت عدتها وأراد أن يتزوجها مرة أخرى، فالآية واضحة الدلالة على أن الولاية لازمة؛ لأنها لو لم تكن لازمة لما كان هناك حاجة إلى أن ينهوا، بل هي تتصرف في نفسها لو كان الأمر إليها، وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم جاء فيها من الأحاديث ما أورده أبو داود في هذا الباب، فقد أورد أحاديث تدل على أنه لابد من الولي في النكاح. فأورد أولاً حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل -ثلاث مرات-) ] أي أنه قال: باطل، باطل، باطل. كرر ذلك للتأكيد، قال: (فإن دخل بها فلها المهر بما أصاب منها، فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له)]. فقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل)] يدل على أن الولاية شرط في النكاح، وأن العقد إذا عقد من غير ولي فإنه يكون باطلاً، وكون المرأة تعقد لنفسها أو توكل أحداً يعقد لها وهي التي تتولى ذلك بغير إذن الموالي فإنه يكون باطلاً كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يدل على العموم، والمعنى أن أي امرأة حصل لها ذلك بغير ولي فإن النكاح يكون باطلاً، ويكون لاغياً كأنه لم يكن؛ لأنه فقد هذا الشرط الذي هو الولي في النكاح. والمقصود بقوله: [ (إذن مواليها) ] كونهم يعقدون أو يأذنون لأحد أن يعقد، أي: إما أن يعقد الولي بنفسه أو يأذن لأحد أن يعقد نيابة عنه. فالمقصود به أن النكاح لا يصح إذا لم يكن من ولي أو وكيل لولي، وليس المقصود به أن المرأة لها أن تزوج نفسها بإذن وليها؛ لأنها ليست لها الولاية في عقد الزواج لنفسها. والولي هو الذي يكون من عصبتها الأولى فالأولى، أي: الأب، ثم الجد، ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم ابن الأخ لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن العم الشقيق، ثم ابن العم لأب، وهكذا على حسب الترتيب، وغير العصبة لا يكونون أولياء، لا ذوو الأرحام ولا الذين يرثون بالفرض كالإخوة لأم. ولابد في الولي الذي يتولى العقد من البلوغ، ويقدم الأصول على غيرهم، ويقدم الفروع على الحواشي، ولو عقد الولي الأدنى مع وجود الأعلى صح إذا أقره، فإذا تنازل من له الحق لمن هو دونه صح العقد.
إبطال العقد الخالي عن الولي

ثم قال: [ (فإن دخل بها) ] يعني: إن دخل عليها بهذا العقد الذي هو غير صحيح [ (فلها المهر بما أصاب منها) ] يعني: هذا الذي دفعه لها مهراً لا يرجع إليه ما دام أنه أصابها وجامعها؛ لأن لها ذلك بما استحل من فرجها. وإذا اشتجر الأولياء -بمعنى أنهم اختلفوا أو عضلوا- فإن الولاية تنتقل إلى السلطان [ (فالسلطان ولي من لا ولي له) ]، وهذا يدلنا -أيضاً- على أن المرأة لا حق لها في عقد النكاح؛ إذ جعل الشرع الحق في ذلك للأولياء، ثم تنتقل للسلطان ولا تنتقل إليها، فالأمر يرجع إلى الأولياء، ثم إن كانوا لا يوجدون أو يوجدون ولكنهم عاضلون وممتنعون من تحقيق رغبتها وتزويجها بمن هو أهل للزواج منها فإن ذلك الأمر ينتقل إلى السلطان، لقوله: [ (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له) ].
تراجم رجال إسناد حديث (أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل)

قوله: [حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان بن موسى ]. سليمان بن موسى صدوق، أخرج له مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن الزهري ]. وهو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والفقهاء السبعة هم: عروة بن الزبير و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود و خارجة بن زيد بن ثابت و سليمان بن يسار و سعيد بن المسيب و القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق و أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ؛ لأن الستة الأولين متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: هو سالم بن عبد الله بن عمر . وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام . وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف . فعروة بن الزبير أحد فقهاء المدينة السبعة الذين اشتهروا بهذا الاصطلاح، ويأتي ذكرهم به للاختصار إذا كانوا متفقين، وذلك بدلاً من قولهم: فلان وفلان... إلخ. كما ذكروا في زكاة العروض، حيث قالوا فيها: قال بها الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة. أي: قال بوجوب الزكاة في عروض التجارة الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة، وكلمة (الفقهاء السبعة) تطلق على هؤلاء السبعة لتغني عن سرد أسمائهم. [ عن عائشة ]. عائشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة و ابن عمر و ابن عباس و أنس بن مالك و أبو سعيد الخدري و جابر بن عبد الله الأنصاري وأم المؤمنين عائشة ، ستة رجال وامرأة واحدة، هؤلاء هم الذين عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها ...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي حدثنا ابن لهيعة عن جعفر -يعني ابن ربيعة - عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه. قال أبو داود : جعفر لم يسمع من الزهري ، كتب إليه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وقال: [ بمعناه ] يعني: بمعنى اللفظ السابق؛ لأن كلمة (بمعناه) تعني أنه موافق في المعنى وليس مطابقاً في الألفاظ، بخلاف ما إذا قيل: (مثله) أو (بمثله) فإنه مطابق في اللفظ والمعنى، فأحال إلى المتن السابق ولكن قال: [ بمعناه ]، أي: بمعنى المتن السابق وليس بألفاظه. ويعتبر هذا الإسناد مقوياً للأول ومسانداً له.

تراجم رجال إسناد حديث (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها...) من طريق ثانية


قوله: [حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [حدثنا ابن لهيعة ]. هو عبد الله بن لهيعة المصري ، وهو صدوق، اختلط لما احترقت كتبه، ولكن ذكر العلماء أن من الرواة من سمع منه قبل الاختلاط، ومنهم العبادلة الأربعة: عبد الله بن مسلمة و عبد الله بن وهب و عبد الله بن المبارك و عبد الله بن يزيد المقرئ المكي ، هؤلاء الأربعة سماعهم منه أو روايتهم عنه صحيحة؛ لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط، وهنا الرواية لأحد هؤلاء الأربعة، ومن الذين صح سماعهم عنه قتيبة بن سعيد أيضاً. و ابن لهيعة صدوق اختلط لما احترقت كتبه، وحديثه أخرجه مسلم مقروناً و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وأما النسائي فإنه لا يخرج له مستقلاً، بل ولا يسميه عندما يكون موجوداً في إسناد مقروناً بغيره، فيبهمه فيقول: (حدثنا فلان حدثنا فلان عن فلان ورجل آخر) فهو لم يخرج له مستقلاً، وإذا ذكر إسناداً فيه ابن لهيعة لا يسمي ابن لهيعة ، بل يقول: (ورجل آخر). [ عن جعفر ]. هو جعفر بن ربيعة ، وهو المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وزيادة: (يعني ابن ربيعة ) -كما هو معلوم- زادها من دون تلميذ جعفر هذا؛ لأن تلميذه الذي هو ابن لهيعة قال: (جعفر )، وما زاد، لكن الذي دونه والذي قبله -وهو عبد الله بن مسلمة أو أبو داود أو من دون أبي داود - هو الذي أتى بزيادة (يعني ابن ربيعة) لأن كلمة (يعني) فعل مضارع له فاعل وله قائل، ففاعله ضمير مستتر يرجع إلى ابن لهيعة التلميذ، وقائله من دون ابن لهيعة . وهذا من دقة المحدثين وعنايتهم واهتمامهم بالمحافظة على الألفاظ وعلى الصيغ التي تأتي؛ لأن من دون ابن لهيعة لو قال: (جعفر بن ربيعة ) لظن أن هذا كلام ابن لهيعة ، و ابن لهيعة ما قال: (جعفر بن ربيعة ) بل قال: (جعفر ) فقط، فمن دون ابن لهيعة أراد أن يوضح هذا المهمل، وهذا يسمى في علم المصطلح (المهمل) حيث يذكر اسمه ولا يذكر اسم أبيه، أو اسمه واسم أبيه ولا يذكر اسم جده، أو نسبته إذا كان ملتبساً بغيره، فهذا يسمونه (المهمل)، وهذا -كما قلت- من عناية العلماء ودقتهم، وأنهم يحافظون على الألفاظ، وإذا أراد من دون التلميذ أن يوضح ذلك الشخص المهمل فإنه يأتي بكلمة (يعني) حتى يعرف أنها ليست من التلميذ. قوله: [ عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. ابن شهاب وعروة وعائشة قد مر ذكرهم جميعاً.

الكتابة واعتبارها في التحمل عند علماء الحديث


قوله: [ قال أبو داود : جعفر لم يسمع من الزهري ، كتب إليه ]. معلوم أن هذا الإسناد يقوي ويؤيد الإسناد الأول السابق الذي قبل هذا، وقوله: [لم يسمع من الزهري ، كتب إليه] لا يؤثر؛ لأن الكتابة معتبرة؛ لأنه وإن لم يسمع فيكفي أن يكون كتب إليه، والكتابة كانت معتبرة عند المحدثين، وقد كان ذلك موجوداً عند الصحابة، كما في حديث المغيرة بن شعبة و معاوية في قصة كاتبه وراد في الذكر بعد الصلاة، فإنه قال: (كتب إليه). وكذلك البخاري استعملها في موضع واحد عن شيخه محمد بن بشار حيث قال: (كتب إلي محمد بن بشار )، فالكتابة طريق معتمدة للرواية لكنها ليست سماعاً. فهذا الكلام ليس فيه قدح في الرواية، ولكن فيه بيان للواقع، وأن الرواية ليست عن طريق السماع وإنما هي عن طريق الكتابة.
شرح حديث (لا نكاح إلا بولي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن قدامة بن أعين حدثنا أبو عبيدة الحداد عن يونس و إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي). قال أبو داود : وهو يونس عن أبي بردة ، و إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة ]. أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي)] يعني: لا يعتبر النكاح ولا يصح النكاح إلا بولي. وهذا نفي للصحة، وأنه لا يعتبر ولا يعتد به إلا إذا كان من ولي، وهو دليل من جملة الأدلة على اعتبار الولي، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة، وهذا من أدلة السنة على اعتبار الولي في النكاح، وأنه لا يصح إلا بولي، ولا ينعقد النكاح إلا بولي للمرأة يتولى عقد نكاحها. والولاية في النكاح يعتبرها الجمهور، وبعض الفقهاء يقول بجواز تزويج المرأة نفسها، لكن هذا مخالف لهذه الأحاديث، ومخالف -أيضاً- لما جاء في القرآن في آية فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ [البقرة:232].

تراجم رجال إسناد حديث (لا نكاح إلا بولي)


قوله: [حدثنا محمد بن قدامة بن أعين ]. محمد بن قدامة بن أعين ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو عبيدة الحداد ]. عبد الواحد بن واصل ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [عن يونس ]. هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [و إسرائيل ]. هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق ]. هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بردة ]. هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ، وهو مشهور بكنيته، قيل: اسمه عامر . وقيل غير ذلك، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي موسى ]. هو عبد الله بن قيس الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مشهور بكنيته، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. قوله: [ قال أبو داود : وهو يونس عن أبي بردة ، و إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة ]. معناه أن يونس يروي عن أبي بردة من غير واسطة أبي إسحاق ، وأما إسرائيل فهو يروي عن أبي إسحاق عن أبي بردة ، وهذا لا يؤثر، فقد قالوا: إن يونس سمع من أبي بردة . ومعنى هذا أنه متصل، فالطريق الأولى فيها علو والطريق الثانية فيها نزول، والطريق النازلة أقوى من الطريق العالية؛ لأن إسرائيل في روايته عن جده أبي إسحاق مقدم على أبيه، إذ إنه ثقة وأبوه صدوق يهم قليلاً.

شرح حديث تزويج النجاشي أم حبيبة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أم حبيبة رضي الله عنها أنها كانت عند ابن جحش فهلك عنها، وكان فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، فزوجها النجاشي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي عندهم ]. أورد أبو داود حديث أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنهما: أن النجاشي زوجها للرسول صلى الله عليه وسلم وكانت عندهم بأرض الحبشة. ومحل الشاهد من إيراد الحديث في باب الولي قوله: [ وزوجها النجاشي ] يعني أنه كان هو ملك الحبشة وكان هو السلطان، وليس لها ولي، فزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل عمرو بن أمية الضمري ، وهو الذي وكله في قبول الزواج عنه صلى الله عليه وسلم، فيكون النجاشي هو الولي، ويكون الذي قبل الزواج للرسول صلى الله عليه وسلم هو عمرو بن أمية الضمري ، فمحل الشاهد منه قوله: [فزوجها النجاشي ] وهذا يدل على اعتبار الولي، وأيضاً هو مثل ما تقدم (فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له). وقوله: [ عن أم حبيبة أنها كانت عند ابن جحش فهلك عنها ]. يعني: كانت مع عبيد الله بن جحش ، وكان مسلماً كما كانت هي مسلمة، و هاجر إلى أرض الحبشة، ثم تنصر زوجها وهلك نصرانياً -والعياذ بالله- بعد أن ارتد عن الإسلام، وبقيت هناك، فزوجها النجاشي للنبي صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث تزويج النجاشي أم حبيبة رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه وسلم


قوله: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري عن عروة ]. مر ذكرهما. [عن أم حبيبة ]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، واسمها رملة بنت أبي سفيان ، حديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

بيان وتوضيح لحديث طلب أبي سفيان زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنته أم حبيبة


وقد جاء حديث في صحيح مسلم فيه أن أبا سفيان طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، قال: تؤمرني أن أقاتل الكفار كما قاتلت المسلمين، وتجعل معاوية كاتباً بين يديك، وتتزوج أم حبيبة . وهذا يخالف ما جاء في الحديث الذي بين أيدينا. فإن النجاشي زوجها برسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أبا سفيان كان مشركاً، وليس له حق الولاية، والكافر ليس له حق الولاية على المسلمة، فالمرأة إذا كان أبوها كافراً فليس له أن يعقد النكاح لابنته المسلمة، فولاية المسلمة هي للمسلم، ولا يليها كافر ويعقد نكاحها وهو كافر. وهذا الحديث الذي ذكر فيه قول أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم تكلم فيه العلماء، وأوضح الكلام فيه ابن القيم وقال: إن هذا خطأ، وإن الرواية فيها غلط؛ لأن أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها تزوجت إما سنة ست وإما سنة سبع، و أبو سفيان لم يسلم إلا عام الفتح في السنة الثامنة، فهو غير مستقيم، ولهذا اعتبروه من الأحاديث التي هي خطأ في صحيح مسلم . والصحيح أن الذي زوجها النجاشي ، وأنها تزوجت قبل أن يسلم أبوها، وتكلم العلماء كلاماً كثيراً ذكره ابن القيم ورده، وقال: إن هذا ليس بصحيح، وإنما الذي يظهر أنه يقال: الأقرب فيه أنه خطأ. وذكر أوجهاً لتأويله وقال: إنها بعيدة جداً لا تصح، وقد ذكر ذلك ابن القيم في كتابه (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام)؛ لأنه ذكر عند ذكر الآل في قوله: (اللهم! صل على محمد وعلى آل محمد) تراجم مختصرة لأمهات المؤمنين؛ لأنهن من جملة الآل، وعند كلامه على أم حبيبة وترجمته لها ذكر هذا الحديث الذي في صحيح مسلم ، وذكر كلام العلماء فيه، وكذلك -أيضاً- ذكره في تهذيب السنن.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #426  
قديم 19-02-2025, 06:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

العضل


شرح حديث معقل بن يسار في قصة عضله أخته


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في العضل. حدثنا محمد بن المثنى حدثني أبو عامر حدثنا عباد بن راشد عن الحسن حدثني معقل بن يسار رضي الله عنه قال: كانت لي أخت تخطب إلي، فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه، ثم طلقها طلاقاً له رجعة، ثم تركها حتى انقضت عدتها، فلما خطبت إلي أتاني يخطبها فقلت: لا والله لا أنكحها أبداً. قال: ففي نزلت هذه الآية: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ [البقرة:232] الآية. قال: فكفرت عن يميني فأنكحتها إياه ]. أورد أبو داود باب العضل، يعني عضل الأولياء، وعضل الأولياء هو منع الأولياء مولياتهم من الزواج، حين يتقدم لهن كفؤ فيمتنع لأي غرض من الأغراض، إما لأنه يريد أن يضارها، أو يريد أن يحصل مالاً، أو يريد أن يختارها لمن يريد خلاف رغبتها وخلاف رأيها، هذا هو العضل، فهو منع الولي المرأة من الزواج، وهو يكون من الأولياء كما هو معلوم. وقد أورد أبو داود فيه حديث معقل بن يسار رضي الله عنه أنه كان له أخت، وكانت تخطب، فخطبها ابن عم لها فزوجها إياه، ثم إنه طلقها ابن عمها طلاقاً رجعياً فتركها حتى خرجت من العدة، ولما خرجت من عدتها تقدم من تقدم لخطبتها، وكان من جملة الخطاب زوجها الأول ابن عمها فحلف أن لا يزوجها إياه، كأنه غضب عليه لكونه يزوجها إياه ثم يطلقها ثم يرجع إليها، فأراد أن لا يزوجها إياه، فنزلت الآية في ذلك: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ [البقرة:232]. فقوله تعالى: (( فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ )) يعني: خرجن من العدة، لأنه إذا كانت المطلقة في العدة فمن حق الزوج أن يراجعها، ولكنها تخرج من عصمته إلى أن يكون أمرها بيدها إذا خرجت من العدة. وقوله تعالى: (( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ )) يعني: إذا رغبن أن يعدن إلى أزواجهن إذا خطبوهن. وقوله: (( أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ )) هو باعتبار ما كان، أي: أزاوجهن الذين طلقوهن. فكفر معقل بن يسار عن يمينه التي حلف أن لا يزوجها ابن عمها هذا وزوجها إياه، وانتهى عن هذا الذي كان مصراً عليه وحالفاً عليه. وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاستسلام والانقياد لحكم الله، وأنه إذا جاءهم النص وجاءتهم السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعدونها ولا يتجاوزونها، ولو كانت تخالف ما يرغبون وما يشتهون؛ لأن هذا الذي جاء به القرآن مخالف لرغبته التي حلف عليها، وهي أن لا يزوجها؛ لأنه غضب على ذلك القريب لها، ولكنه لما جاء النص وجاء الحكم الشرعي استسلم وانقاد لحكم الله، فهذا دال على فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونبلهم رضي الله عنهم وأرضاهم. وقد ذكر بعض أهل العلم أن أوضح دليل على اشتراط الولي، أو من أوضح الأدلة على اشتراط الولي هذه الآية؛ لأنه لو كان الأمر بيدها وهي ترغب في الزواج وأخوها يمنعها لما احتاجت إلى أخيها، بل ستزوج نفسها أو تعمل عملاً يوصلها إلى زوجها، ولكن المسألة صارت مرتبطة بهذا الولي، ولا سبيل إلى الوصول إلا عن طريق الولي، فنزل القرآن في نهي الأولياء عن العضل. ومن عضل الأولياء مولياتهم ما يفعله بعض الآباء اليوم من المغالاة في المهور فيرجع الخطاب بسبب هذه المغالاة، وإذا لم تجد المرأة استجابة لرغبتها في زواجها من قبل وليها جاز لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ليصبح هو وليها وتنتقل الولاية من أبيها، وللحاكم أن يزوجها.

تراجم رجال إسناد حديث معقل بن يسار في قصة عضله أخته


قوله: [حدثنا محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن البصري العنزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [حدثني أبو عامر ]. هو أبو عامر العقدي ، وهو عبد الملك بن عمرو ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عباد بن راشد ]. عباد بن راشد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن الحسن ]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني معقل بن يسار ]. هو معقل بن يسار صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
إنكاح الوليين


شرح حديث (أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما)


قال رحمه الله تعالى: [ باب إذا أنكح الوليان. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام . ح: وحدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام . ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -المعنى- عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما، وأيما رجل باع بيعاً من رجلين فهو للأول منهما) ]. أورد أبو داود [باب إذا أنكح الوليان]. أي: إذا أنكح وليان فما الحكم؟ هل يفسخ النكاح مطلقاً أو يبطل نكاح أحدهما دون الآخر؟ هذا هو المقصود من الترجمة. وأورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه: [ (أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما) ] لأنه ما دام حصل العقد عليها فإنها صارت زوجة بذلك، فإذا حصل عقد آخر بعد ذلك فمعناه أنه جاء في غير محله، فتكون للأول منهما، لكن إذا حصل التزويج ولم يكن فيه متقدم ولا متأخر فإنه يكون لاغياً، ولكن حيث يكون أحدهما متقدماً والآخر متأخراً فإن الحكم يكون للمتقدم والآخر يكون عقده لاغياً. والحديث في إسناده الحسن عن سمرة ، ورواية الحسن عن سمرة فيها خلاف بين أهل العلم، والصحيح فيها أن حديث العقيقة ثابت سماعه منه، وأما غير ذلك فهو غير ثابت. فالشيخ الألباني رحمه الله ضعف الحديث بسبب هذا، ولكن معناه صحيح، قال الترمذي : لا نعلم أحداً من أهل العلم قال بخلاف ذلك. أي أنه متفق عليه، وهو كون العقد للأول. وقوله: [ (وأيما رجل باع بيعاً من رجلين فهو للأول منهما) ]. معناه أنه إذا كان عند إنسان سلعة فباعها لرجل ثم باعها للثاني فهي للأول؛ لأن بيعها للثاني لم يكن في محله، فهي لم تعد في ملك البائع، وحينها باع ما لا يملك؛ فهي للأول منهما، لأن العقد تم فاستحقه الأول، والثاني جاء والعقد في غير محله. ومعنى قوله: [ (من رجلين) ] أي: على رجلين.
تراجم رجال إسناد حديث (أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما)

قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ح وحدثنا محمد بن كثير ]. [ ح ] هي للتحول من إسناد إلى إسناد. و محمد بن كثير العبدي ثقة، مر ذكره. [أخبرنا همام ]. هو همام بن يحيى العوذي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ح وحدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ؛ لأن حماداً إذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عنه فالمراد به حماد بن سلمة ، وهذا الذي يسمونه (المهمل) في علم المصطلح، يذكر الشخص باسمه ولا يذكر معه اسم أبيه فيلتبس بغيره. ويطلق اسم حماد على حماد بن زيد و حماد بن سلمة ، وهما في زمن واحد وفي بلد واحد، ومتماثلان في الشيوخ والتلاميذ، ولكن حيث جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد فإنه يحمل على حماد بن سلمة وليس على حماد بن زيد . و حماد بن سلمة ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. وقوله: [المعنى] معناه أن هؤلاء الرواة ليسوا متفقين في الألفاظ، وإنما روايتهم متفقة في المعنى؛ لأنها ثلاث طرق، وهذه الطرق الثلاث متفقة في المعنى. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، مر ذكره. [ عن سمرة ]. هو سمرة بن جندب رضي الله عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله تعالى: (لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن)


شرح حديث تفسير ابن عباس لآية إرث النساء كرهاً وعضلهن


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب قوله تعالى: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ [النساء:19]. حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الشيباني عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما -قال الشيباني : وذكره عطاء أبو الحسن السوائي ، ولا أظنه إلا عن ابن عباس - في هذه الآية: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ قال: كان الرجل إذا مات كان أولياؤه أحق بامرأته من ولي نفسها، إن شاء بعضهم زوجها أو زوجوها، وإن شاءوا لم يزوجوها، فنزلت هذه الآية في ذلك ]. أورد أبو داود [ باب قوله تعالى: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ] والمقصود من ذلك بيان تفسير هذه الآية وبيان سبب نزولها، وأنه كان من عادات الجاهلية أن من تزوج امرأة ثم مات عنها فإن ورثته أحق بها من نفسها، وكانوا يمسكونها فيتزوجها من أراد منهم أو يزوجونها، فجاء الإسلام وأبطل ذلك، فإذا مات زوجها رجع الأمر إلى وليها، فيرجع الأمر إلى ما كان عليه قبل الزواج الأول، لا أن تنتقل الولاية إلى أهل الزوج فيرثون بضعها بأن يتزوجها أحدهم أو يزوجها، وإنما يرجع إلى أوليائها وإليها هي حيث تختار من ترضاه فيزوجها وليها. فهذا من عادات الجاهلية التي أبطلها الإسلام، والجاهلية كان فيها أمور أقرها الإسلام، ومنها أن الولي كان معتبراً في الجاهلية وجاء الإسلام واعتبره، كما جاء في حديث عائشة في صحيح البخاري . وفي هذا الحديث يذكر بعض الأمور التي كانت في الجاهلية في مسألة الولاية فألغاها الإسلام وأبطلها، حيث حرم عليهم أن يرثوا بضعها ويرثوا الولاية عليها، بل عندما يموت زوجها يرجع الأمر إلى ما كان عليه قبل الزواج، حيث تكون الولاية لوليها، وليس لأولياء الزوج تسلط عليها. قوله: [ كان الرجل إذا مات كان أولياؤه أحق بامرأته من ولي نفسها ]. ولي نفسها هو أبوها أو أخوها أو الذي يزوجها. قوله: [ إن شاء بعضهم زوجها أو زوجوها ]. أي: إن شاء بعضهم زوجها غيره أو تزوجها هو، أو هم يتولون تزويجها. فمعناه أن الأمر يرجع إلى ورثته، وهم الذين يتولون التصرف فيها إما بتزوجها وإما بتزويجها من يشاءون ويأخذون مهرها. وقوله: [ وإن شاءوا لم يزوجوها ]. أي: إن شاءوا عضلوها ومنعوها من الزواج.

تراجم رجال إسناد حديث تفسير ابن عباس لآية إرث النساء كرهاً وعضلهن


قوله: [حدثنا أحمد بن منيع ]. أحمد بن منيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أسباط بن محمد ]. هو أسباط بن محمد القرشي ، ثقة ضعف في الثوري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا الشيباني ]. هو سليمان بن أبي سليمان الشيباني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال الشيباني : وذكره عطاء أبو الحسن السوائي ]. هذه طريق أخرى، عطاء أبو الحسن السوائي مقبول أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي .

شرح حديث ابن عباس في تفسير آية إرث النساء كرهاً وعضلهن من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن ثابت المروزي حدثني علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [النساء:19] وذلك أن الرجل كان يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها، فأحكم الله عن ذلك ونهى عن ذلك ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن ابن عباس ، وفيه أنه كان في الجاهلية يرث الرجل امرأة قريبه، فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه المهر، ومعناه أنهم كانوا يتصرفون فيها وأمرها إليهم وليس إلى ولي نفسها. قوله: [ فأحكم الله عن ذلك ونهى عن ذلك ]. معناه أنه أحكم هذا الأمر وأنزل الشيء الذي فيه القضاء عليه والنهي عنه، وأن الأمر يرجع إلى ما كان عليه قبل التزويج، حيث ترجع الولاية إلى الذين لهم حق تزويجها شرعاً.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في تفسير آية إرث النساء كرهاً وعضلهن من طريق ثانية


قوله: [حدثنا أحمد بن ثابت المروزي ]. هو أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ، وهو ابن شبويه الذي سيأتي في الإسناد الذي بعد هذا، وهو ثقة أخرج له أبو داود . [حدثني علي بن حسين بن واقد ]. علي بن حسين بن واقد صدوق، يهم أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [عن أبيه]. أبوه ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد النحوي ]. هو يزيد بن أبي سعيد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن عكرمة عن ابن عباس ]. وقد مر ذكرهما.

شرح حديث ابن عباس في تفسير آية إرث النساء من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن شبويه المروزي حدثنا عبد الله بن عثمان عن عيسى بن عبيد عن عبيد الله مولى عمر عن الضحاك بمعناه، قال: فوعظ الله ذلك ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه قال: [فوعظ الله ذلك] أي: وعظ في ذلك، يعني: أنزل شيئاً فيه وعظ الناس وتذكيرهم وإخبارهم بما يجب عليهم أن يسلكوه، حيث قال تعالى: (( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا )) هذا هو المقصود بقوله: [فوعظ الله ذلك] أي: وعظ في ذلك. وقد تكون كلمة (وعظ) قد ضمنت معنى (منع).

تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس في تفسير آية إرث النساء من طريق ثالثة


قوله: [حدثنا أحمد بن شبويه المروزي ]. هو أحمد بن محمد بن ثابت المروزي الذي مر في الإسناد السابق، وهو منسوب إلى جده ثابت في الإسناد الأول؛ لأنه قال: أحمد بن ثابت وهو: [أحمد بن محمد بن ثابت ]. وإذا رجع المتأمل إلى التقريب للبحث عن أحمد بن ثابت لا يجد أحداً روى له أبو داود بهذا الاسم، وإنما يجد شخصاً واحداً روى له ابن ماجة هو أحمد بن ثابت . فالشخص قد يكون منسوباً إلى جده كما حصل هنا، لأنه منسوب إلى جده، فإذا بحث عنه وحصل اسم أبيه فإنه يجد الترجمة عند ذكر اسم أبيه. ويقال له: أحمد بن شبويه كما جاء في الإسناد الثاني؛ لأن أحمد بن ثابت هو أحمد بن شبويه فهو شخص واحد عبر عنه في الإسناد بأحمد بن ثابت منسوباً إلى جده وعبر عنه بابن شبويه بهذا الذي اشتهر به، وهو ثقة أخرج له أبو داود . [حدثنا عبد الله بن عثمان ]. هو عبد الله بن عثمان المروزي ، ولقبه عبدان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن عيسى بن عبيد ]. عيسى بن عبيد صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عبيد الله مولى عمر ]. هو عبيد الله مولى عمر بن مسلم الباهلي ، وهو مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن الضحاك بن مزاحم ]. الضحاك بن مزاحم صدوق كثير الإرسال، أخرج له أصحاب السنن. ولكن هذه الطريق هي بمعنى الطرق السابقة، فكونها فيها مجهول أو فيها صدوق كثير الإرسال لا يؤثر فيها؛ لأن معناها مطابق لما جاء في الروايات السابقة، فالذي فيها موجود في الروايات السابقة الثابتة.
الأسئلة



الإذن في الوكالة عن الولي في الزواج


السؤال: هل يلزم الوكيل عن الولي أن يحصل على الإذن من الولي في التوكيل؟



الجواب: الوكيل لا يكون وكيلاً إلا بإذن من الولي، والوكالة العامة هنا لا تكفي، فتولي العقد للمرأة يحتاج إلى توكيل خاص.

حكم الدخول بالمعقود عليها دون ولي

السؤال: إذا أصاب رجل امرأة قد عقد عليها بدون ولي فهل يفسخ العقد ويعيده مرة أخرى مع وجود الولي، أو إن رضي الولي كفى العقد الأول؟


الجواب: لا يكفي العقد الأول، بل لو تزوجت بغير إذن مواليها فنكاحها باطل، فهي لو زوجت نفسها فلا يصح لها ذلك؛ لأن هذا مخالف لما جاءت به السنة ولما جاء في القرآن الكريم، ولكنه يكون -كما هو معلوم- نكاح شبهة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: (فإن دخل بها فلها المهر بما أصاب منها).

حكم ولاية الابن لأمه في الزواج

السؤال: هل الابن يكون ولياً لأمه؟



الجواب: نعم يكون ولياً إذا كان بالغاً؛ لأنه من عصبتها.

استواء الولاية على البكر والولاية على الثيب


السؤال: هل يفرق في الولاية بين البكر والثيب؟


الجواب: ولي البكر هو ولي الثيب، والولاية على الثيب والولاية على البكر واحدة.

حكم ولاية تارك الصلاة

السؤال: إذا كان أبو المرأة تاركاً للصلاة فهل يكون ولياً؟



الجواب: لا يكون ولياً إذا كان تاركاً للصلاة، بل تنتقل الولاية إلى غيره.

حكم عقد الرجل النكاح لأخت زوجته وما يصنع فيه

السؤال: لي عمة في جِدَّة لم يعقد لها وليها، وإنما عقد لها زوج أختها، وهو أجنبي عنها، ولها الآن بنت عمرها ثمان سنوات، وإخوانها خارج المملكة، وقد مات أبوها ولا ابن لها، فمن يعقد لها؟ وهل يجوز لي أن أعقد لها؟


الجواب: يرجع الأمر في هذا إلى المحكمة، وهي التي تتخذ ما تراه حول الزواج السابق وحول الذي حصل وحول ما يستقبل.

حكم تزويج القاضي المرأة لرجل رفضه وليها

السؤال: تزوج رجل من امرأة بغير إذن وليها، وكان القاضي هو وليها، والسبب أن وليها رفض الزواج بسبب التزامه وأنه ذو لحية، فهل يصح هذا النكاح؟



الجواب: إذا كان القاضي قد زوجها فالزواج صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فالسلطان ولي من لا ولي له) وإذا كان العضل قد حصل من الأب لأشياء معينة في الزوج فليراجع في ذلك القاضي، وإذا كان هناك اعتراض على هذا فليراجع من فوق القاضي.

الترتيب في ولاية الأولياء


السؤال: قوله صلى الله عليه وسلم: (أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما)، أليس فيه اعتبار الترتيب بين الأولياء كالأب والأخ مثلاً؟



الجواب: الأصل هو اعتبار الترتيب، فليس لأحد أن يتعدى، لكن من حيث العموم فالأخ يعتبر ولياً، ولكن ولايته متأخرة."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #427  
قديم 19-02-2025, 06:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [241]
الحلقة (272)





شرح سنن أبي داود [241]

حفظ الإسلام حق المرأة في اختيار الزوج والرضا به، فلا يجوز إجبارها على أن تنكح رجلاً لا ترضاه، بل يجب على الولي أن يستأذنها في أمر نكاحها، ويكفي للدلالة على رضا البكر سكوتها.

استئمار الثيب والبكر في النكاح


شرح حديث (لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر إلا بإذنها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الاستئمار. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان حدثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر إلا بإذنها. قالوا: يا رسول الله! وما إذنها؟ قال: أن تسكت) ]. يقول الإمام أبو داود رحمه الله: [باب في الاستئمار]. والاستئمار هو طلب الأمر من المرأة حين يعرض عليها الأزواج بأن توافق أو ترفض. والاستئمار غالباً يأتي مع الثيبات؛ لأنهن اللاتي لابد لهن من أن ينطقن وأن يتكلمن بما يردنه من الرغبة فيمن يعرض عليهن أو الرفض، وأما الأبكار فقد جاء كثيراً التعبير في حقهن بالاستئذان، وجاء في بعض الأحاديث الاستئمار، لكن لا يلزم في حق البكر أنها تنطق كما هو مطلوب من الثيب، وإنما يكفي أن تصمت وأن تسكت؛ لأن الأبكار يغلب عليهن الحياء؛ لأن هذا شيء جديد عليهن، بخلاف الثيبات، فقد سبق لهن أن عاشرن الأزواج واتصلن بالأزواج فصارت الثيب يعبر عن طلب رأيها بالاستئمار، وأنه لابد من نطقها بما تريد، وأما الأبكار فيعبر في حقهن بالاستئذان، ويعبر بالاستئمار، لكنه لا يلزمها ما يلزم الثيب من النطق، بل إن نطقت فقد تبين مرادها بنطقها، وإن لم تنطق ولكنها سكتت لما يغلب عليها من الحياء فإن ذلك يكون كافياً، كما جاء بيان ذلك في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد أورد الإمام أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر إلا بإذنها. قالوا: يا رسول الله! وما أذنها؟ قال: أن تسكت)، فهذا الحديث فيه الحكم المتعلق بالثيبات والحكم المتعلق بالأبكار، وفيه التفريق بين الثيبات والأبكار؛ لأن الثيبات مطلوب نطقهن وإفصاحهن بما يردن من الرغبة أو الامتناع، وأما الأبكار فإن حصل منهن النطق فقد اتضح مرادهن بنطقهن، وإن لم يحصل منهن وسكتن فسكوتهن يعتبر دليلاً على رضاهن. وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن إذنها أن تصمت، وأنه لا يلزم أن تنطق كما يلزم في حق الثيب، وعلى هذا فالحديث واضح في التفريق بين الثيبات والأبكار؛ لأن الثيبات لابد لهن من النطق، ولهذا يأتي التعبير بالاستئمار أو بالأمر بأنها تستأمر، وأما الأبكار فإنه يأتي التعبير في حقهن بالإذن والتعبير بالاستئمار أو بالأمر، ولكن نطقهن ليس بلازم، بل يكفي السكوت والصمت، فهو دليل على موافقتها وعدم امتناعها، وأما إن رفضت وتكلمت وقالت: إنها لا تريد فإنها لا تجبر ولا تلزم.

تراجم رجال إسناد حديث (لا تنكح الثيب حتى تستأمر ولا البكر إلا بإذنها)


قوله: [حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن يحيى ]. هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو مدني ثقة، من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (تستأمر اليتيمة في نفسها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد -يعني ابن زريع -. ح: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -المعنى- حدثني محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (تستأمر اليتيمة في نفسها، فإن سكتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها) والإخبار في حديث يزيد ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (تستأمر اليتيمة في نفسها)]، والمقصود باليتيمة التي مات أبوها ووليها غيره، فإنه يستأمرها، يعني: يطلب منها أن تخبر بالرغبة فيمن يعرض عليها من الأزواج أو الرفض، والمقصود باليتيمة باعتبار ما كان؛ لأنها لا تستأذن وهي في حال يتمها، ولكنه باعتبار ما كان لها من اليتم، وإنما يكون ذلك بعد البلوغ، فبعد بلوغها تستأمر وتستأذن، ولا يلزم أن تنطق، بل يكفي أن تصمت، وعبر عنها باليتم باعتبار ما كان، وهو ما قبل البلوغ؛ لأن هذا الوصف كان معها، فعوملت بعد بلوغها معاملة ما كان قبل البلوغ من إطلاق اليتم عليها. وهذا نظير قول الله عز وجل: وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ [النساء:2]، ومعلوم أن اليتيم لا يعطى ماله إلا بعد أن يبلغ ويرشد، ولهذا يقول الله عز وجل: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، ومعناه أنه بعد البلوغ، ولكنه أطلق اليتم باعتبار ما كان لا باعتبار الحال، أي أنه كان يتيماً فيما مضى فاستعمل معه هذا الوصف بعد البلوغ. قوله: [ (تستأمر اليتيمة في نفسها فإن سكتت فهو إذنها) ]. هذا يدل على أن سكوت الأبكار إذن منهن، وأنه لا يلزم النطق، وهذا فيه -كما أشرت- أن الاستئمار يطلق أيضاً في حق من لا يلزمه النطق. قوله: [ (وإن أبت فلا جواز عليها) ]. يعني: لا تجبر على الزواج، فما دام أنها رفضت وأنها لم توافق وامتنعت عن الزواج بمن عرض عليها فإنه لا جواز عليها، فلا يجوز أن تجبر على تزويجها.

تراجم رجال إسناد حديث (تستأمر اليتيمة في نفسها)


قوله: [حدثنا أبو كامل ]. هو فضيل بن حسين ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن يزيد -يعني ابن زريع - ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح: وحدثنا موسى بن إسماعيل ]. قوله: [ ح ] هي للتحول من إسناد إلى إسناد. و موسى بن إسماعيل هو التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حماد ]. هو حماد بن بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. و حماد هنا مهمل غير منسوب، والشخص إذا ذكر باسمه دون اسم أبيه يقال له: (مهمل) أو ذكر باسمه واسم أبيه ولكنه لم يؤت بما يزيد توضيحه فإنه -كذلك- يقال له: (مهمل)، أي أنه أهمل من أن يتميز عن غيره ممن يشابهه ويماثله. و موسى بن إسماعيل إذا جاء يروي عن حماد وهو غير منسوب فالمراد به حماد بن سلمة وليس حماد بن زيد . والمزي في تحفة الأشراف لما ذكر ترجمة حماد بن سلمة بعد ترجمة حماد بن زيد وهما متجاورتان في تهذيب الكمال ذكر فصلاً في تمييز هذا من هذا، وذلك بمعرفة الرواة الذين يروون عنه، فإذا روى فلان وفلان عن فلان فهو حماد بن زيد ، وإذا روى فلان وفلان وفلان عن حماد غير منسوب فهو حماد بن سلمة . قوله: [المعنى ]. أي: المعنى واحد. يعني: الطريق التي فيها أبو كامل عن يزيد بن زريع والطريق الثانية التي فيها موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة المعنى فيهما واحد، فهاتان طريقان متفقتان في المعنى مع الاختلاف في الألفاظ. [حدثني محمد بن عمرو ]. هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكرهما في الإسناد الذي قبل هذا.
شرح قوله (والإخبار في حديث يزيد)

قوله: [والإخبار في حديث يزيد ]. يعني أن لفظ الإخبار -وهو قوله: حدثني محمد بن عمرو - جاء في الطريق الأولى طريق يزيد بن زريع الذي هو شيخ شيخ أبي داود في الإسناد الأول. والطريق الثانية التي لم يسق لفظها هي بالعنعنة، والعنعنة -كما هو معلوم- لا تؤثر في رواية الأشخاص الذين لا يعرفون بالتدليس. ولكن هذا من دقة المحدثين وعنايتهم ببيان كون راو قال: (حدثني) أو (أخبرني) وآخر قال: (عن)، والمقصود من ذلك بيان الواقع والحقيقة. ولهذا نجد في بعض الأحاديث أنه إذا كان الفرق بين الراويين بأن قال أحدهما: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) والثاني قال: (قال النبي صلى الله عليه وسلم) فإنهم يميزون بين هذا وهذا، وهذا كله من العناية بالضبط والتحديث بما سمعوه، وأنهم يتقيدون بالألفاظ حتى في التفريق بين كون هذا عبر بالرسول وهذا عبر بالنبي، مع أن التعبير بالنبي والتعبير بالرسول واحد، فيستوي قوله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا)، وقوله: (قال النبي صلى الله عليه وسلم كذا)، ولا فرق، لكن هذا من العناية والدقة منهم رحمة الله عليهم.
شرح حديث استئمار اليتيمة من طريق ثانية وتراجم رجاله

[ قال أبو داود : وكذلك رواه أبو خالد سليمان بن حيان و معاذ بن معاذ عن محمد بن عمرو ]. أبو خالد سليمان بن حيان هو أبو خالد الأحمر ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و معاذ بن معاذ ]. هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو ]. مر ذكره .

شرح حديث استئمار اليتيمة من طريق ثالثة وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن العلاء حدثنا ابن إدريس عن محمد بن عمرو بهذا الحديث بإسناده، زاد فيه قال: (فإن بكت أو سكتت)، زاد (بكت). قال أبو داود : وليس (بكت) بمحفوظ، وهو وهم في الحديث، والوهم من ابن إدريس أو من محمد بن العلاء ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه ذكر البكاء، حيث قال: [ (فإن بكت) ]، وهذا لم يرد في الروايات الأخرى، ولهذا قال أبو داود : إنه غير محفوظ. والمحفوظ ذكر الصمت والسكوت، وأما البكاء فلم يأت إلا في هذه الرواية، وقال: إنه وهم. وقال: إن الوهم من محمد بن العلاء أو من شيخه عبد الله بن إدريس . قوله: [حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن إدريس ]. هو عبد الله بن إدريس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو بهذا الحديث بإسناده ]. محمد بن عمرو مر ذكره.

شرح حديث (سكاتها إقرارها)


[ قال أبو داود : ورواه أبو عمرو ذكوان عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله! إن البكر تستحيي أن تتكلم! قال: (سكاتها إقرارها) ]. هذا موافق لما تقدم من أن البكر إذنها صماتها كما سبق أن مر في الحديث الأول، حيث قالوا: وما إذنها؟ قال: (أن تسكت)، وأنه لا يلزم نطقها.
تراجم رجال إسناد حديث (سكاتها إقرارها)

قوله: [ورواه أبو عمرو ذكوان ]. أبو عمرو ذكوان هو مولى عائشة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وإسناد هذا الحديث معلق.

شرح حديث (آمروا النساء في بناتهن)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن إسماعيل بن أمية حدثني الثقة عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (آمروا النساء في بناتهن) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (آمروا النساء في بناتهن)]. أي: أمهات البنات اللاتي يراد تزويجهن يرجع إلى أمهاتهن ويؤخذ رأيهن في المتقدمين للخطبة وهل يوافقن أو لا يوافقن. هذا هو المقصود من الحديث، والحديث غير ثابت؛ لأن فيه هذا المبهم الذي قال عنه إسماعيل بن أمية : [حدثني الثقة]. وما ذكر في الحديث من أخذ رأي الأمهات هو من حسن العشرة ومن تطييب النفس، فهذا لا بأس به، لكن ليس بلازم مثل لزومه في حق البنات حيث يستأمرن ويستأذنَّ ويطلب منهن الموافقة. فلا يلزم أن توافق الأمهات، ولكن كونهن يستشرن وكونهن يذكر لهن ذلك ويؤخذ رأيهن لا بأس به، فإن وافقت الأم فذاك، وإن كانت المصلحة في التزويج فإنه لا يلزم لو امتنعت أن يحصل الامتناع عن التزويج بسبب امتناعها، لكنه من تطييب الخاطر والمعاملة الطيبة فهذا أمر مطلوب، ولكن لا يكون متعيناً ولازماً بحيث لو رفضت لا يكون زواج ولا يَتِمُّ، وأن الأمر معها كالأمر مع البنت في أنها تستأمر. والحديث -كما عرفنا- فيه مبهم، والرواية ولو كانت بلفظ التوثيق في المبهم فإنها لا تعتبر؛ لأنه قد يكون ثقة عنده مجروحاً عند غيره، ولو ذكره وبينه فإنه قد يعرف أنه غير ثقة، فالتوثيق مع الإبهام غير معتبر، والسر في ذلك أنه قد يكون ثقة عنده ومجروحاً عند غيره.

تراجم رجال إسناد حديث (آمروا النساء في بناتهن)


قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. هو عثمان بن أبي شيبة الكوفي ، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي ، وأخرج له النسائي في (عمل اليوم والليلة). [حدثنا معاوية بن هشام ]. معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سفيان ]. هو الثوري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن أمية ]. إسماعيل بن أمية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني الثقة عن ابن عمر ]. ابن عمر هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم: عبد الله بن عمر و عبد الله بن الزبير و عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمرو بن العاص وهو -أيضاً- أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها


شرح حديث تخيير النبي صلى الله عليه وسلم للجارية التي زوجها أبوها كرهاً


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا حسين بن محمد حدثنا جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [باب في البكر يزوجها أبوها ولا يستأمرها] يعني: ما حكمه؟ هل ذلك سائغ أو غير سائغ؟ ومطابقته للترجمة من جهة أن الأب زوجها دون أن يستأمرها، ولكن خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل هذا على أن الأمر يحتاج إلى استئمار حتى من الأب، فإنه يستأذنها، وإن زوجها من غير استئمار ورفعت الأمر إلى القاضي فإن لها الخيار كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أورد أبو داود حديث ابن عباس : (أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة، فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم) ]، فجعل الأمر إليها، أي: إن أرادت أن تبقى على نكاحها بقيت، وإن أرادت أن تتخلص منه فإنه لها التخلص منه. وهذا يدلنا على أن الأبكار يستأذن ولو كان الولي هو الأب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير هذه الجارية في البقاء من عدمه، فدل على أنه يحتاج إلى استئمار حتى لا يحتاج إلى التخلص بهذه الطريقة التي هي تخييرها فيما بعد. والتقييد بالبكر لا يعني أن الثيب تزوج بغير رضاها، بل الثيب لابد في حقها من الاستئمار، وعرفنا فيما مضى أنه لابد من أن تنطق أيضاً، ولا يكفي أن تسكت. وإنما المقصود أن البكر هي التي قد يكون أمرها مختلفاً باعتبار أنها تستحي وأنه قد يتساهل في أمرها ويتهاون في أمرها، بخلاف الثيب فإنه لابد من استئذانها ولابد من نطقها أيضاً، ولكن هنا لبيان أن البكر التي يغلب عليها الحياء والتي يكفي في حقها أن تصمت لابد من استئذانها، وأنها لو زوجت من غير موافقتها فإنها مخيرة فيما بعد.

تراجم رجال إسناد حديث تخيير النبي صلى الله عليه وسلم للجارية التي زوجها أبوها كرهاً


قوله: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن حسين بن محمد ]. حسين بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا جرير بن حازم ]. جرير بن حازم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

إسناد آخر لحديث تخيير النبي صلى الله عليه وسلم للجارية التي زوجها أبوها كرهاً وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بهذا الحديث. قال أبو داود : لم يذكر ابن عباس ، وكذلك رواه الناس مرسلاً معروف ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى مرسلاً ليس فيه ذكر ابن عباس ، وقال: إن جميع الروايات من غير هذه الطريق إنما هي بالإرسال. ولكن قد علم أنه إذا تعارض الوصل والإرسال فإن الوصل يكون زيادة من ثقة، فتكون مقبولة ويقدم الوصل على الإرسال، فيكون الحديث ثابتاً ولا يؤثر كونه جاء من طرق أخرى مرسلاً. وكلام أبي داود رحمه الله فيه إشارة إلى تضعيفه؛ لأنه قال: [ وكذلك رواه الناس مرسلاً معروف ]. لكن الحديث رجاله ثقات. قوله: [حدثنا محمد بن عبيد ]. هو محمد بن عبيد بن حساب ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم و أبو داود و النسائي . [حدثنا حماد بن زيد ]. هو حماد بن زيد بن درهم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب عن عكرمة ]. وقد مر ذكرهما.

استئمار الثيب في النكاح



شرح حديث (الأيم أحق بنفسها من وليها)


قال رحمه الله تعالى: [ باب في الثيب. حدثنا أحمد بن يونس و عبد الله بن مسلمة قالا: أخبرنا مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها، وإذنها صماتها) وهذا لفظ القعنبي ]. أورد أبو داود هذه الترجمة [ باب في الثيب ]. يعني أنها تستأمر، وأنها أحق بنفسها من جهة أنه لابد من إذنها، ويفهم منه أن البكر ليست كذلك، لكن هذه دلالة مفهوم، وقد جاءت الأحاديث الأخرى دالة على استئذانها وعلى استئمارها، فلا يترك المنطوق من أجل المفهوم، ولكن نص على الثيب بأنها أحق بنفسها لأنها قد حصل لها المعرفة وحصل لها العشرة مع الأزواج، فيكون استئذانها متعيناً. لكن هذا لا ينفي أن تستأذن البكر التي يكفي في حقها أن تصمت، وأما الثيب فإنها تستأمر ولابد من النطق، وتلك تستأمر ولكن إن نطقت فذاك وإن لم تنطق فيكفي السكوت، والأيم هنا يراد بها الثيب؛ لأنها قوبلت بالبكر، مع أن (الأيم) يأتي لغير مزوجة مطلقاً، فكل من كانت غير مزوجة يقال لها: أيم. لكن هنا يراد به خصوص الثيب. قوله: [ (الأيم أحق بنفسها من وليها) ] يعني أنه لابد من استئذانها ولابد من أمرها وإذنها بذلك، وهذا يدل على أنه لابد من استئذانها كما جاء في الأحاديث الأخرى أنه لابد من نطقها، ولا دلالة فيه على أن البكر بخلاف ذلك؛ لأنها دلالة مفهوم، والمنطوق يُخالفه، ولا يعول على المفهوم وإنما يعول على المنطوق. ثم -أيضاً- لا دلالة فيه على أن المرأة تتولى تزويج نفسها وأنها أحق من وليها بأن تزوج نفسها؛ لأن هذا مخالف للأحاديث الأخرى التي فيها أنه لابد من الولي وأنه الولي مشترط.

تراجم رجال إسناد حديث (الأيم أحق بنفسها من وليها)

قوله: [حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عبد الله بن مسلمة ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ قالا: أخبرنا مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الفضل ]. عبد الله بن الفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع بن جبير ]. هو نافع بن جبير بن مطعم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. وقد مر ذكره. قوله: [وهذا لفظ القعنبي ]. يعني أن هذا لفظ الشيخ الثاني؛ لأنه ساقه على لفظ الشيخ الثاني الذي هو عبد الله بن مسلمة القعنبي .

شرح حديث (الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأمرها أبوها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل بإسناده ومعناه، قال: (الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها). قال أبو داود : (أبوها) ليس بمحفوظ ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه التعبير بالثيب بدل الأيم، حيث قال: (الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها)]. وهذا فيه أن البكر يأتي معها الاستئمار ولكن لا يلزم في حقها ما يلزم في حق الثيب؛ فليس في حقها لازماً النطق بل يمكن أن تنطق ويمكن أن تسكت، وسكوتها كاف في إذنها. ولفظ (أبوها) قال عنه أبو داود : [ليس بمحفوظ]. لكن جاء في صحيح مسلم (يستأمرها أبوها) وهذا يدل على ثبوته، وهو لا ينافي ما جاء في الروايات بأنها تستأذن؛ لأن كل الأولياء يستأذنونها، سواءٌ الأب أو غير الأب، حتى الأب يستأذنها، ولعل التنصيص على الأب على اعتبار أنه إذا كان يستأذنها فغيره من باب أولى. فالرواية ثابتة وهي لا تنافي ما يأتي من الإطلاق في أنها تستأمر؛ لأن كلمة (تستأمر) لفظ عام يشمل الأب وغير الأب. فمجيء استئمار البكر بدون أن يُنصَ على ذكر الأب لا ينافي رواية ذكر الأب؛ لأن الأب هو من جملة المستأمرين، فهو فرد من الأولياء، وكلمة (تستأمر) تدل على أن جميع الأولياء يستأمرون، وكلمة (أبوها) التي جاءت في بعض الروايات تدل على أن الاستئذان لازم، وأنه إذا كان أبوها يستأمرها فإن غيره من باب أولى. فإذاً: لا تنافي بين رواية (تستأمر) وبين رواية (يستأمرها أبوها) ولا تعارض بينهما؛ لأنه في حال عدم ذكر الأب فالأولياء كلهم يستأمرون وفيهم الأب، وفي حالة ذكر الأب تكون الإشارة إلى أن الأب إذا كان يستأمر مع أنه أقرب الأولياء وأولى الأولياء فإن غيره يكون من باب أولى.

تراجم رجال إسناد حديث (الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأمرها أبوها)


قوله: [حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زياد بن سعد ]. زياد بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن الفضل بإسناده ومعناه ]. أي: بإسناده ومعناه الذي تقدم.

شرح حديث (ليس للولي مع الثيب أمرٌ)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن صالح بن كيسان عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (ليس للولي مع الثيب أمر، واليتيمة تستأمر، وصمتها إقرارها) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (ليس للولي مع الثيب أمر). يعني أن الأمر إنما هو إلى الثيب، وذلك لأنه لابد من أن تستأمر ولابد من نطقها. قال: [ (واليتيمة تستأمر، وصمتها إقرارها) ]. وهو مثل ما تقدم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #428  
قديم 19-02-2025, 06:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث (ليس للولي مع الثيب أمر)

قوله: [الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح بن كيسان ]. صالح بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع بن جبير ]. نافع بن جبير وابن عباس مر ذكرهما.

شرح حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم نكاح من زوجها أبوها ثيباً كارهة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن و مجمع ابني يزيد الأنصاريين عن خنساء بنت خذام الأنصارية رضي الله عنها: (أن أباها زوجها وهي ثيب فكرهت ذلك، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت ذلك له فرد نكاحها) ]. أورد أبو داود حديث خنساء بنت خذام رضي الله عنها أن أباها زوجها وهي ثيب، وقد جاء في بعض الروايات: (وهي بكر) ولكن الرواية الثابتة في البخاري ألها ثيب، فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها. أي: أن الثيب لابد في حقها من الاستئمار، وأنه لو حصل تزويجها بغير إذنها فإن الأمر إليها، فإن أرادت أن تمضيه وأن يبقى العقد على حاله ووافقت فلا بأس بذلك، وإن رفضت فإن نكاحها يرد. والحكم كذلك في حق البكر.

تراجم رجال إسناد حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم نكاح من زوجها أبوها ثيباً كارهة


قوله: [حدثنا القعنبي عن مالك ]. قد مر ذكرهما. [عن عبد الرحمن بن القاسم ]. عبد الرحمن بن القاسم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن و مجمع ابني يزيد الأنصاريين ]. الأول هو عبد الرحمن بن يزيد الأنصاري ، قيل: ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم. وهو من ثقات التابعين، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن. وأخوه هو مجمع بن يزيد الأنصاري ، وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . و خنساء بنت خذام هي صحابية، أخرج حديثها البخاري و أبو داود و النسائي .
الأسئلة



حكم المدخول بها بعد عقد ليس فيه ولي

السؤال: إذا تزوجت امرأة بغير ولي ثم أنجبت أولاداً فما الحكم؟



الجواب: هو نكاح شبهة، ولا يقال إنه زنا. وإنما هو نكاح شبهة، ولكن لابد من تجديد العقد عن طريق الولي بحضور شاهدين.

ولاية السلطان على من ولدت من زنا

السؤال: المرأة التي ولدت من زنا هل السلطان يكون ولياً لها وما معنى السلطان هنا؟


الجواب: في الحديث (السلطان ولي من لا ولي له)، فالمرأة التي ولدت من زنا يكون وليها السلطان. والسلطان هو ولي الأمر ومن ينوب عنه، مثل القضاة فإنهم هم الذين يرجع إليهم في ذلك. والدول الكافرة إذا كان فيها مسلمون لهم مرجع يرجعون إليه فإنه يعتبر بمثابة السلطان؛ لأن الكفار لا ولاية لهم على المسلمين.

التعبير في النصوص الشرعية باعتبار ما كان وما سيكون


السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تستأمر اليتيمة في نفسها) عبر فيه باليتم باعتبار ما كان، فهل يأتي في النصوص الشرعية التعبير باعتبار ما سيكون؟


الجواب: نعم يأتي ذلك في النصوص الشرعية، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (لقنوا موتاكم لا إله إلا الله)، فإنه أطلق أنه مات لأنه على وشك الموت، فأعطي معنى ما يقاربه أو ما يتصل به. ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (المغرب وتر النهار)، مع أن صلاة المغرب في الليل وليست في النهار، ولكن لقربها من النهار ولاتصالها بالنهار قيل لها وتر النهار، وإلا فهي ليست في النهار، بل هي من صلوات الليل، ولذلك فهي من الصلوات الجهرية. وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (شهرا عيد لا ينقصان)، مع أن العيد ليس في رمضان، وإنما هو في شوال، وأطلق الشهر وأضيف إليه وهو ليس منه؛ لأنه من شهر شوال، فهذا من جنس ما ذكر.

حكم تزويج الأب ابنته غير البالغة دون استئذانها


السؤال: وردت الأحاديث في استئذان البكر إذا كانت بالغة، فإن كانت دون البلوغ فهل لأبيها أن يزوجها دون استئذانها؟



الجواب: بعض أهل العلم يقول بهذا إذا كان قد تقدم لها الكفؤ وخشي فواته، لكن ليس هناك شيء يدل على هذا إلا تزويج الرسول صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها، فإنه تزوجها وهي صغيرة دون البلوغ، ومعلوم أن تزويج أبي بكر للرسول صلى الله عليه وسلم غنيمة لا يماثلها غنيمة. فبعض أهل العلم قال: إذا رأى الأب المصلحة في الزواج وعدم تفويت ذلك الكفؤ الذي تقدم لها فإنه يزوجها وهي صغيرة دون البلوغ. لكن الذي يبدو ويظهر من النصوص أن الأبكار لا يزوجن إلا باستئذان. وعلى كل حال فإنه إن زوجها فالتزويج صحيح، ولكن إذا اعترضت على ذلك فلها حق التخلص من الزوج.

حكم استئمار الثيبات

السؤال: هل استئمار الثيبات شرط في صحة العقد؟



الجواب: ليس بشرط في صحة العقد، ولكنه أمر واجب ولازم، ولو حصل فإن الأمر يرجع إليهن، ولا يقال: إن العقد يبطل. بل إذا وافقن وأقررن الذي قد حصل فإنه لا بأس بذلك، والذي يفعل التزويج من غير استئذان لاشك في أنه آثم؛ لأنه مخالف لهذه الأوامر.

أثر طلاق المرأة بعد الخلوة بها دون جماع


السؤال: هل تعتبر المرأة ثيباً إذا طلقها زوجها قبل أن يدخل بها؟



وما حكم المرأة التي دخل بها زوجها ولم يجامعها وإنما أرخى الستر، فهل تعامل معاملة الثيب أم البكر؟ الجواب: المرأة إذا خلا بها زوجها وتمكن منها فإنها تستحق المهر كما هو معلوم، وتعامل معاملة الثيبات من ناحية الاستئذان وإن لم يجامعها، ولكنه حصل الاستمتاع والاتصال بالرجل، وقد يكون استمتع بها بغير الجماع. فمثل هذه لا يقال لها بكر، بل تستأذن ولابد من نطقها.


حكم تزويج البكر بدون استئذانها

السؤال: إذا زوجت البكر بدون استئذانها فهل يصح العقد؟



الجواب: يصح العقد، ولكنها إذا اعترضت فلها الخيار في أن تمضي العقد أو تبطله.


حكم تزويج البنت بغير رضاها تعللاً برضاها بطول العشرة


السؤال: هناك من يزوج ابنته وهي غير راضية بالزوج، ويقول: سترضى مع مرور الزمن والمعاشرة. فهل هذا الكلام صحيح؟


الجواب: ليس بصحيح، وليس له أن يزوجها إلا برضاها.

حكم إرغام البنت على الزواج بمن فيه خير وصلاح


السؤال: إذا كان الأب يرى أن الرجل فيه خير وصلاح فأراد أن لا يفوت الخير على ابنته، فأرغمها على الزواج به لمعرفته بصلاحه وتقواه، فهل له ذلك؟


الجواب: الأصل أن التزويج يكون لمن كان كفؤاً ومرضياً، أما غير المرضي فلا يصلح أن يختار، ولكن لابد من أخذ رضاها.

حكم الدعوة إلى الطعام عند حصول النعم

السؤال: رجل أنعم الله جلا وعلا عليه بنعمة فأراد أن يدعو إخوانه وزملاءه إلى الطعام شكراً لله، فهل يجوز هذا؟


الجواب: لا مانع من ذلك.

حكم زواج الرجل دون إذن أبيه


السؤال: أريد أن أتزوج، ولكن والدي يريد أن يؤخر زواجي، فهل يجوز لي الزواج من غير استئذان والدي؟



الجواب: لك أن تتزوج، ولكن الأولى لك أن تجمع بين الأمرين: بأن تسترضيه وأن تقنعه، وإذا كنت قادراً على الزواج ومتمكناً من الزواج فلك أن تتزوج وإن لم يرض أبوك؛ لأنك صاحب الحق، وأنت الذي تحتاج إلى أن تعف نفسك وأن تبتعد عن الشيء الذي فيه مضرة لك، ولكن من الأولى والأفضل أن الإنسان يسعى لاسترضاء أبيه وإقناعه، ببيان المخاطر التي تترتب على عدم الزواج، وأن هذا يترتب عليه مفاسد، وأنه يعرض نفسه للحرام.

حكم الحديث المتصل السند مع وجود صدوق له أوهام في رجاله


السؤال: ما حكم السند المتصل الذي فيه صدوق له أوهام وباقي رجاله ثقات؟


الجواب: يعتبر الحديث ثابتاً إذا كان الحديث ليس من أوهامه التي عدت عليه أنه أخطأ فيها.

معنى (لا بأس به) عند الحافظ ابن حجر

السؤال: ما حكم السند الذي فيه صدوق أو قال عنه الحافظ : لا بأس به؟


الجواب: (لا بأس به) هي بمعنى (صدوق) عند الحافظ ابن حجر بلا فرق، وبعض العلماء يجعل (لا بأس به) تعادل (ثقة) وهذا مشهور عن يحيى بن معين ؛ لأن (لا بأس به) عند يحيى بن معين توثيق، وهذا اصطلاح للإمام يحيى بن معين رحمة الله عليه.

السن الذي تزوج فيه الفتاة

السؤال: هل هناك سن محدد شرعاً في زواج الفتاة؟



الجواب: ليس هناك سن محدد، وإنما إذا بلغت تزوج.

الرد على القول بتخصيص حديث (الأيم أحق بنفسها) لعموم أحاديث اشتراط الولي

السؤال: لو قال قائل: إن الأحاديث التي ورد فيها اشتراط الولي عامة، وحديث (الأيم أحق بنفسها) خاص، فما الجواب؟



الجواب: الجواب أنه جاء في حق الأبكار نصوص خاصة وجاء في حق الثيبات -أيضاً- نصوص خاصة، فحديث الأيم الدلالة فيه دلالة مفهوم، والأحاديث الأخرى فيها دلالة منطوق، ودلالة المنطوق مقدمة على دلالة المفهوم.

السن الذي تحجب فيه الفتاة عن الرجال


السؤال: ما هو السن الذي تحجب فيه الفتاة؟



الجواب: إذا صارت محلاً للشهوة ومحلاً للفتنة، والنساء في ذلك يتفاوتن.

الحديث المسلسل بقراءة سورة الصف

السؤال: يقول شيخ الإسلام : إن صح مسلسل في الدنيا فهو المسلسل بقراءة سورة الصف. فما هو الحديث المسلسل بقراءة سورة الصف، وأين يمكن أن نجده؟


الجواب: يمكن أن يرجع إلى تفسير ابن كثير في تفسير سورة الصف، أو إلى تفسير ابن جرير فإذا كان هناك شيء خاص بسورة الصف وبقراءتها فيرجع إلى كتب التفسير التي تعنى بالآثار، مثل تفسير ابن جرير وتفسير ابن كثير عند تفسير سورة الصف.

محل رفع المصلي يديه عند قيامه من التشهد الأول


السؤال: رفع اليدين بعد التشهد الأول هل يفعله المصلي إذا كبر وهو جالس أم إذا اعتدل قائماً؟


الجواب: التكبير -كما هو معلوم- هو بين الركنين، بين الجلوس وبين القيام، فهو يكبر في حال كونه بين جلوسه وقيامه، ويكون ذلك عند نهايته في حال قيامه.

المراد بسفيان الراوي عن معاوية بن هشام

السؤال: هل إذا روى معاوية بن هشام عن سفيان فهو الثوري ؟



الجواب: هذا يعرف بمعرفة الشيوخ، فإذا كان معاوية بن هشام قد وجد في ترجمته أنه لا يروي عن سفيان بن عيينة فمعناه أنه إذا جاء يروي عن سفيان فالمقصود به الثوري . وإذا كان يروي عن الاثنين يكون سفيان محتملاً، لكن الغالب أنه إذا كان متقدماً فهو الثوري فسفيان الثوري متقدم على سفيان بن عيينة ، وإن كان سفيان بن عيينة -أيضاً- أدرك المتقدمين؛ لأنه عُمّر، وهو يروي عن الزهري ، بل هو المشهور بالرواية عن الزهري ، و سفيان الثوري لا يعرف بالرواية عن الزهري ، مع أن الزهري متقدم وهو من صغار التابعين، ومع ذلك أدركه سفيان بن عيينة ، وكانت وفاة سفيان بن عيينة بعد مائة وتسعين.

تعليل تأخير مسلم زيادة (أبوها) في حديث استئمار البكر


السؤال: ذكر أبو داود في حديث استئذان البكر أن زيادة (أبوها) ليست محفوظة، والإمام مسلم قد ذكرها، فما رأيكم فيمن يقول: إن مسلماً أخر زيادة (أبوها) إلى آخر الباب يريد إعلالها؟



الجواب: القول بأنه أخرها إلى آخر الباب يريد إعلالها ليس بصحيح، بل هل ثابتة. ثم إن إثباتها ليس فيه إشكال؛ لأن لفظة (تستأمر) يدخل فيها الأب وغير الأب، وذكر الأب للإشارة إلى أن الاستئمار لابد منه، فإذا كان الأب يستأمر فغيره من باب أولى، فلا تنافي بين هذه وهذه. وقد أوضح هذا الحافظ ابن حجر في فتح الباري.

ترجمة خطبة الجمعة ومتى تكون

السؤال: إذا كان هناك ترجمة لخطبة الجمعة فمتى تكون؟ هل تكون قبل الصلاة أم بعدها؟


الجواب: تكون بعدها، ولا تكون قبل الصلاة، فالخطبة معروف أنها قبل الصلاة. وإذا كان الخطيب قد أعد الخطبة وأعطاها أحداً يترجمها إذا فرغ من الصلاة فلا بأس بذلك. وإذا كان الخطيب متمكناً فيمكن أن يأتي بالترجمة بالعربية أولاً ثم يأتي بها بالترجمة أخيراً. أما إذا كان الخطيب لا يعرف إلا العربية فالطريقة أنه يعطيها لشخص يترجمها وبعدما تنتهي الصلاة يأتي بالترجمة. وإذا كان الخطيب يتكلم بجملة من الكلام ثم يسكت ليترجم المترجم بعده فهذا لا بأس به؛ لأن فيه تحقيقاً للمصلحة؛ لأنه إذا كان العجم يحضرون ثم يؤتى بكلام عربي لا يفهمونه فالمقصود من الجمعة لم يحصل. ولا شك في أن الإتيان -في هذه الحالة- بالعربية وغير العربية هو الذي ينبغي وهو المطلوب، ولا يؤتى بها كلها بغير العربية. إلا إذا كانوا كلهم عجماً ليس فيهم أحدٌ يفهم العربية فلا بأس؛ لأن المقصود من الخطبة الفهم، لكن إذا كان فيهم عرب وعجم فلابد من أن يستفيد هذا وهذا، ويبدأ بالأصل الذي هو العربية ويؤتى بعد ذلك بالترجمة.

حكم الزواج بالمتوفى عنها زوجها قبل إتمام العدة


السؤال: مات رجل وترك زوجته فتزوجها أخوه الصغير قبل إتمام العدة ودخل بها، فماذا عليهما؟ وهل العقد باطل؟



الجواب: العقد لا يصح، وإذا كانا فعلاه على علم بالحكم فإنهما يؤدبان، وإذا كان عن جهل فإنه لابد من تجديد العقد، وكذلك لابد من تجديده إذا حصل مع علمهما بالحكم؛ لأن المرأة في حال عدتها لا يجوز عقد الزواج عليها، بل ولا يجوز التصريح بخطبتها، وأما التعريض فلا بأس به كما جاء في القرآن.

وضوء من به سلس دائم


السؤال: من كان به سلسل دائم، هل يتوضأ إذا أحدث، أم عند دخول الوقت؟



الجواب: الذي عنده مرض دائم كسلس بول أو ريح فإنه يتوضأ عند دخول الوقت، فإذا دخل الوقت وأراد أن يذهب للصلاة فإنه يتوضأ، ولا يتوضأ قبل دخول الوقت.


حكم وعد الأب غيره بتزويجه ابنته الصغيرة

السؤال: ما حكم وعد الأب للرجل بأن يزوجه ابنته الصغيرة؟



الجواب: هذه مواعيد، ولكن في المستقبل لابد من رضاها إذا بقوا على ذلك، ولابد أن يكون -أيضاً- كفؤاً لها. فالأمر يتضح وقت طلب الزواج، فإذا كان أهلاً ورضيت به فلا بأس، وقد ينصرف عنها ويرغب عنها هو، وقد ترغب عنه هي فلا تريده. وكون الأب قد وعد لا يصح اعتباره تزويجاً، وإنما هو وعد،وهذا يحصل من كثير من الناس ويلتزمون به ولو كان وعداً، وهذا لا يصح ولا يجوز إلا إذا كان برضاها وكان الزوج كفؤاً لها. وبعض الجهال في البادية يحجر على ابنة عمه ويقول: لن يتزوجها إلا أنا، ومن تزوجها غيري سأفعل به وأفعل به، فهذه من العادات الجاهلية. وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه له من قديم الزمان رسالة باسم تحريم الشغار وغيره، وذكر فيها مسألة الشغار، وذكر فيها هذا التحجير الذي يكون في بعض الأعراف، حيث يحجر الرجل على بنت عمه فيقول: ابنة عمي هذه لا أحد يأخذها والذي سيأخذها سأقتله، وبين أن هذا من العادات السيئة الخبيثة التي لا يجوز إقرارها.

حكم النكاح بغير تسمية المهر

السؤال: هل يجوز النكاح بغير أن يسمي شيئاً؟



الجواب: نعم يجوز، ولكن لا بد من أن يعين المهر، فلا يجوز النكاح بشرط أن لا صداق، ولكن كونه يعقد دون أن يسمي صداقاً يجوز، ثم يرجع في ذلك إلى مهر المثل.

الجمع بين اختلاف الحديثين في طلب طارق بن المرقع ما جعله مهراً لابنته


السؤال: أخرج أبو داود في حديث أن طارق بن المرقع طلب رمحاً، وفي حديث آخر أنه طلب نعلين، فهل هما قضيتان أم أن هذا من الاضطراب؟


الجواب: يمكن أن يكون قد طلب الأمرين. والحديث أن طارق بن المرقع جعل مهر ابنته التي ستولد رمحاً أو نعلين، فقد يقال: إن هذا يدل على أن المرأة كانت زهيدة عندهم. والجواب أن الحديث غير ثابت، فوجوده مثل عدمه، ولكن يمكن أن يقال: إن ذلك ترغيب وحث ليحقق رغبته.

توضيح لمبالغة الإمام البخاري في ثمن القلم حين انكسر قلمه


السؤال: يذكرون أن البخاري رحمه الله كان في مجلس علم فانكسر قلمه فقال: من يعطيني قلماً بكذا درهماً؟ فتناثرت عليه الأقلام، فما هو تفسير هذا؟


الجواب: هذا إذا ثبت فيمكن أن يكون المقصود منه اهتمامه بالوقت واشتغاله بالكتابة وأن لا يضيع عليه شيء من الوقت بدون كتابة؛ لأن الكتابة عندهم والعناية بالحديث كانت غالية الثمن، وليست رخيصة ولا سهلة، فالجلسة الواحدة عنده تساوي شيئاً كثيراً، فما أراد أن يفوت عليه العلم بسبب القلم الذي انكسر."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #429  
قديم 19-02-2025, 06:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [242]
الحلقة (273)





شرح سنن أبي داود [242]

الكفاءة في الدين معتبرة في النكاح، وكذلك الكفاءة في الحرية، وأما الكفاءة في النسب والحرفة ونحو ذلك ففيها خلاف، والأحاديث تدل على أنها غير معتبرة.

الكفاءة في الزواج


شرح حديث (يا بني بياضة أنكحوا أبا هند)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الأكفاء. حدثنا عبد الواحد بن غياث حدثنا حماد حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا هند رضي الله عنه حجم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في اليافوخ، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا بني بياضة! أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه)، وقال: (وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الأكفاء ]. أي: الأكفاء في النكاح، يعني كون الزوج يكون كفؤاً للزوجة وكذلك الزوجة، فالكفاءة هي كون كل من الزوجين كفؤاً للآخر، بحيث يكون هناك تكافؤ وتماثل بين الأزواج. والكفؤ: هو المثيل والنظير، وجمعه: أكفاء، كما بوب المصنف، وبعض الناس قد يخطئ فيجمعه على (أَكِفَّاء) وهو خطأ؛ لأن أَكِفَّاء جمع كفيف، وإنما جمع كفؤ أكْفَاء. فالكفؤ هو: المثيل والنظير والشبيه، ولهذا فقول الله عز وجل في سورة الإخلاص: وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ [الإخلاص:4] يعني: ليس له مثيل وليس له نظير؛ لأنه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] فالسورة الكريمة فيها إثبات الأحدية والصمدية، وتنزيه الله عز وجل عن الأصول والفروع والنظراء والأمثال، فتنزيهه عن الفروع في قوله تعالى: لَمْ يَلِدْ [الإخلاص:3] وتنزيهه عن الأصول في قوله تعالى: وَلَمْ يُولَدْ [الإخلاص:3]، فلم يكن متفرعاً عن أحد ولم يكن أحد متفرعاً عنه، فهو منزه عن الأصول والفروع والنظراء والأمثال.
الكفاءة المعتبرة شرعاً

فالكفؤ هو المثيل والشبيه أو المثيل والنظير. والكفاءة في الدين لا شك أنها معتبرة، وقد اتفق عليها. والحرية لا شك في أنها معتبرة كذلك، وقد جاء ما يدل على اعتبارها من جهة أن الحر لا يتزوج الأمة إلا إذا كان مضطراً، فيجوز الزواج بها اضطراراً ولا يجوز اختياراً؛ لقول الله عز وجل: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:25]، أي: فليتزوج أمة؛ لكن هذا مقيد بعدم القدرة على تزوج الحرة، فالحرية معتبرة. ولهذا جاء أن الزوج والزوجة إذا كانا من الأرقاء ثم عتقت الزوجة وبقي الزوج على رقه فإن الزوجة مخيرة، كما حصل لبريرة مع مغيث ، فإنها لما عتقت خيرها النبي صلى الله عليه وسلم وأشار عليها أن تبقى معه، وذلك لشدة تعلق مغيث بها. فالمكافأة في الحرية جاء ما يدل عليها، وتتجاوز للحاجة وللضرورة كما جاء في سورة النساء في الآية الكريمة.

الكفاءة في النسب وحكم اعتبارها في الزواج


ومن العلماء من أضاف الكفاءة في النسب، فالعربي يتزوج العربية، والأعجمي يتزوج الأعجمية، والمولى يتزوج المولاة، ولكن ليس هناك شيء يدل على ذلك، ولكن أكثر العلماء على اعتبار الكفاءة في الدين والحرية والنسب، وكذلك الصناعة كما سيأتي. ولا أعلم دليلاً يدل على منع تزوج العربي بالأعجمية، ولكنه إذا كان هناك مفاسد وأضرار يمكن أن تنشأ عن هذا، بأن يحصل من القبيلة شيء من المخاوف التي تخشى فإنه لا يفعل ذلك؛ لأن دفع الضرر الأكبر مطلوب، فترك زواج شخص من امرأة أهون من حصول فتنة، وحين لا يخشى شيء من ذلك فإنه ليس هناك مانع يمنع، وقد جاء ما يدل على ذلك، أي: على أن ذلك سائغ. ولكن -كما قلت- إذا كان هناك أضرار تترتب على ذلك فإنه يترك ذلك التزويج. ومما ذكروه التكافؤ والتماثل في الصناعة، وقد ذكر بعض أهل العلم أن هذه الأمور الأربعة التي هي الدين، والحرية، والنسب، والصناعة معتبرة. والصناعة شأنها شأن النسب، فإذا لم يترتب على الزواج مع اختلاف الحرفة مضرة فإنه لا مانع يمنع من الزواج. ولكن إذا كان سيترتب على ذلك مضرة من القبيلة التي لا يوجد فيها تلك الحرفة، كأن يكون هناك من يعمل في الفحم -مثلاً- ثم أتى ليتزوج من أناس يكرهون هذا وخشي حصول فتنة، فإنه لا يصار إلى ذلك؛ لأن هذا شيء فيه مضرة، ومعلوم أن حصول الضرر الأشد ينبغي أن يتخلص من الوصول إليه بارتكاب ما هو دونه، وذلك إذا كان سيؤدي إلى ما هو أشد وإلى ما هو أخطر كما هو الحال في النسب كما أشرت إليه آنفاً.

متى تتجاوز الكفاءة في الحرية


وعلى هذا فإن الذي جاءت به النصوص هو الكفاءة في الدين، وكذلك الكفاءة في الحرية جاء ما يدل عليها، ولكن يجوز تجاوزها عند الاضطرار وعند الحاجة كما عرفنا في كون الحر يتزوج الأمة إذا لم يقدر على الحرة. ويدل عليه كذلك أن الأمة إذا عتقت وزوجها باق على الرق فإنها تكون مخيرة. والرقيق لا يتزوج الحرة ابتداءً، ولكن تمكن الاستدامة، وهذا من قبيل ما يجوز في الاستدامة ولا يجوز في الابتداء. لكن كونه أعلى منها -أي أنه حر- فله أن يتزوج ابتداءً عند الضرورة حين لا يستطيع الزواج بالحرة التي هي مكافئة ومماثلة له.
حكم تزويج أصحاب المهن الرديئة

وأورد أبو داود رحمه الله تحت هذه الترجمة حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: (أن أبا هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ)، واليافوخ هو الذي يكون فيه مجتمع ملتقى مقدم الرأس مع مؤخره، ويكون رقيقاً حال الأشهر الأولى من الولادة، فإذا كبر المولود ضخم واشتد حتى يصير مثل بقية الرأس، ولكنه في حال الصغر عندما يولد المولود إذا لمسه الإنسان يجد شيئاً رقيقاً ليس مثل بقية الرأس، فهذا يقال له: اليافوخ. فأبو هند حجم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المكان. فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: [ (يا بني بياضة! أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه) ]. يعني: زوجوه وتزوجوا منه. وهذا محل الشاهد للترجمة؛ لأنه حجام، وهي مهنة ليست بشريفة، فليست من المهن الشريفة، بل هي من المهن الدنيئة، وذلك لأن لها علاقة بالدم، وكانوا فيما مضى يعتبرون الحجامة فيها شيء من عدم النظافة؛ لأنه يمص المحاجم، وقد يدخل الدم السيئ الفاسد إلى حلقه بسبب هذا المص، ولهذا جاء في الحديث: (أفطر الحاجم والمحجوم)؛ لأن الحاجم قد يفطر بسبب المص الذي قد يصل إلى حلقه. ثم بعد ذلك استخدمت الآلات التي يحجم بها بدون مص، وعلى هذا يفطر المحجوم دون الحاجم. فلما كانت الحجامة فيها مص وقد ينتقل إليه شيء من الدم الفاسد اعتبرت مهنته مهنة سيئة ومهنة رديئة. لهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (كسب الحجام خبيث) يعني: رديء، وليس معناه أنه محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم واعطى الحجام أجره، ولو كان حراماً لم يعطه، ولكن وصفه بأنه خبيث معناه أنه ليس من المكاسب الشريفة، بل من المكاسب الرديئة، كما قال الله عز وجل: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ [البقرة:267] يعني الرديء، فقوله تعالى: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ [البقرة:267] يعني: رديء الطعام ورديء الأشياء. فالخبث لا يطلق على المحرم فقط، بل قد يطلق على الشيء الرديء من الشيء المباح الذي لا حرمة فيه، ومنه قوله: (كسب الحجام خبيث)، ولا يلزم من ذلك أنه محرم؛ يقول ابن عباس : ولو كان حراماً لم يعطه. إذاً قوله: (خبيث) أي: رديء. وقوله صلى الله عليه وسلم: [ (يا بني بياضة! أنكحوا أبا هند) ] معناه أنه ليس من أنفسهم، وكأنه مولىً لهم؛ لأنه إذا كان مولى يقال له: مولاهم، وإذا كان منهم قيل: من أنفسهم. مثلما قالوا في ترجمة البخاري و مسلم ، حيث يقولون في مسلم : مسلم بن الحجاج القشيري ، ثم يقولون بعد القشيري: (من أنفسهم) أي أنه منهم، فنسبته إليهم نسبة أصل. ولهذا يميز بين نسبة الأصل بأن يقال: (من أنفسهم) ونسبة الولاء بأن يقال: (مولاهم). وفي ترجمة البخاري يقال: محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن بردزبه البخاري الجعفي ، مولاهم. أي: مولى الجعفيين، فنسبته إلى الجعفيين نسبة ولاء وليست نسبة أصل، وأما نسبة مسلم إلى القشيريين فهي نسبة أصل.
التداوي بالحجامة وحكمه

ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (وإن كان في شيء مما تداوون به خير فالحجامة) ]. يعني أن الحجامة هي من العلاج الذي تكون فيه فائدة وتترتب عليه مصلحة، وذلك لأن فيها إخراج دم فاسد، فيترتب على ذلك شفاء بإذن الله، وقد جاء في الحديث ما يتعلق بالعسل والحجامة، وكذلك الكي، وأنه يكون فيها شفاء بإذن الله عز وجل، فهذا فيه إرشاد إلى الحجامة لمن احتاج إليها علاجاً، ولكن لا يقال: إنها سنة وإن الإنسان يحتجم ولو لم يكن بحاجة إلى الحجامة. فهذا علاج وتداوٍ، والتداوي يصار إليه عند الحاجة، ولا يتداوى من غير حاجة، فالذي يحتاج إلى الحجامة يحتجم، والذي لا حاجة له إلى الحجامة فليحمد الله على العافية. وقوله: [ (وإن كان في شيء) ] ليس معنى ذلك التردد، وإنما هو إثبات؛ لأن هذا التعبير يكون في الإثبات كما يكون في التردد، ومعلوم أن كثيراً من الأدوية فيها شفاء، كما في الحديث: (ما أنزل الله من داء إلا وجعل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله)، ولكن هذا فيه بيان عظم نفعها وعظم الفائدة من ورائها، وذلك لما فيها من استخراج الدم الفاسد وحصول العلاج بذلك وحصول النفع بذلك.

تراجم رجال إسناد حديث (يا بني بياضة أنكحوا أبا هند)


قوله: [ حدثنا عبد الواحد بن غياث ]. عبد الواحد بن غياث صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا حماد ]. حماد هو ابن سلمة ، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. وقولهم: (حماد) هو من قبيل المهمل في علم المصطلح، حيث يذكر اسم الراوي ولا يذكر اسم أبيه فيلتبس بغيره، والالتباس يكون بين حماد بن زيد و حماد بن سلمة ، وذلك يعرف بالشيوخ والتلاميذ، و المزي في تهذيب الكمال ذكر بعد ترجمة حماد بن سلمة فصلاً في ضوابط المراد بحماد إذا كان مهملاً هل هو ابن زيد أو ابن سلمة ، وذلك بالتنصيص على بعض التلاميذ الذين إذا ذكروا كان حماد هو ابن زيد أو إذا ذكر آخرون كان حماد هو ابن سلمة ، وهنا جاء مهملاً. و عبد الواحد بن غياث روى عن الحمادين، روى عن حماد بن زيد و حماد بن سلمة ، لكن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص هذا روى عنه حماد بن سلمة دون حماد بن زيد ، فيكون المراد حماد بن سلمة. [ حدثنا محمد بن عمرو ]. هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

أسباب إكثار أبي هريرة رضي الله تعالى عنه من رواية الحديث


ومعلوم أن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر، وذلك في السنة السابعة، ومع ذلك فهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه، وما روي عن أحد من الصحابة مثلما روي عنه، وهو متأخر الإسلام؛ لأنه لم يسلم إلا عام خيبر في السنة السابعة، ويرجع إكثاره من الحديث إلى أمور: منها: أنه كان مقيماً في المدينة والصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كثيرٌ منهم تفرقوا في البلدان، وانتقالهم إنما هو للدعوة إلى الله عز وجل وبيان شرائع الإسلام للناس وتعليم الناس، وليس خروجهم من المدينة رغبة عنها، وإنما كان لمصلحة رأوها، وهي كونهم يبذلون النفع، ولو تجمعوا في المدينة وبقوا فيها لما حصلت الفائدة للآخرين الذين هم في البلاد الأخرى، فكونهم ينتقلون إلى بلاد مختلفة هذا إلى البصرة وهذا إلى الكوفة وهذا إلى مصر وهذا إلى الشام وهذا إلى كذا فيه فائدة عظيمة، وهي نشر الإسلام، ونشر تعاليم الدين، وتبصير الناس بالحق والهدى. فكان من أسباب إكثار أبي هريرة أنه كان مقيماً في المدينة، فكان يكثر الواردون إليها فيأخذون منه ويأخذ منهم، وإذا جاء أحد من الصحابة إلى المدينة أخذ منه، وإذا جاء إلى المدينة أناس من التابعين أو من الصحابة أخذوا عنه، فهذا من أسباب إكثاره. ومن أسباب إكثاره أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالحفظ، فكان يحفظ الحديث. ومن أسبابه أنه من حين أسلم كان ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم، يأكل من طعامه، ويسير معه حيث سار، ويجلس معه حيث جلس، ويشاركه في طعامه، فكان ملازماً له، وكثير من الصحابة يذهبون للبيع والشراء ولمزارعهم وبساتينهم ولأشغالهم، وأما هو فاختار ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت هذه الملازمة سبباً في كثرة التحمل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحدث بالحديث وهو حاضر، وقد دعا له بأن يحفظ، والناس يسألون النبي صلى الله عليه وسلم وهو حاضر، فكان هذا من أسباب إكثاره رضي الله تعالى عنه وأرضاه. فلا غرابة في أن يكون أكثر الصحابة حديثاً مع تأخر إسلامه؛ لأن هذه الأسباب واضحة الدلالة على حصول إكثاره، وأنه لا يعاب بذلك، ولا يوصف بأمر يقدح فيه لكونه متأخراً وكون المهاجرين الأولين السابقين للإسلام روي عنهم من الحديث أقل مما روي عنه بكثير.
تزويج من لم يولد


شرح حديث ميمونة بنت كردم في تزويج من لم تولد


قال رحمه الله تعالى: [ باب في تزويج من لم يولد حدثنا الحسن بن علي و محمد بن المثنى المعنى قالا: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي من أهل الطائف حدثتني سارة بنت مقسم أنها سمعت ميمونة بنت كردم رضي الله عنها قالت: (خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدنا إليه أبي وهو على ناقة له، فوقف له واستمع منه، ومعه درة كدرة الكتاب، فسمعت الأعراب والناس وهم يقولون: الطبطبية، الطبطبية، الطبطبية. فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه فأقر له ووقف عليه واستمع منه، فقال: إني حضرت جيش عثران -قال ابن المثنى : جيش غثران- فقال طارق بن المرقع : من يعطيني رمحاً بثوابه؟ قلت: وما ثوابه؟ قال: أزوجه أول بنت تكون لي. فأعطيته رمحي ثم غبت عنه حتى علمت أنه قد ولد له جارية وبلغت، ثم جئته فقلت له: أهلي جهزهن إلي، فحلف أن لا يفعل حتى أصدقه صداقاً جديداً غير الذي كان بيني وبينه، وحلفت لا أصدق غير الذي أعطيته، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وِبقَرْنِ أيِّ النساء هي اليوم؟ قال: قد رأت القتير! قال: أرى أن تتركها، قال: فراعني ذلك، ونظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلما رأى ذلك مني قال: لا تأثم ولا يأثم صاحبك) ]. قال أبو داود : والقتير: الشيب. أورد أبو داود هذه الترجمه، وهي في تزويج من لم يولد، أي: تزويج من يكون عند التزويج غير مولود، أي: تزويج المعدوم الذي لم يوجد، وهذا -كما هو معلوم- غير جائز ولا يصح، وهو من جنس بيع المعدوم، فكل ذلك لا يجوز، فتزويج المعدوم غير جائز وبيع المعدوم غير جائز. والحديث الذي أورده أبو داود في هذا ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه من هو مجهول، فلا يعتد به ولا يحتج به فلا حجة فيه، فهو غير ثابت، وأيضاً من حيث المعنى فيه تزويج لمعدوم، وتزويج المعدوم لا يصح فهو مثل بيع المعدوم. وأورد أبو داود حديث ميمونة بنت كردم أنها قالت: [ خرجت مع أبي في حجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدنا إليه أبي وهو على ناقة له، فوقف له واستمع منه ومعه درة كدرة الكتاب ]. تخبر ميمونة بنت كردم أنها حجت مع الرسول صلى الله عليه وسلم هي وأبوها، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليه أبوها ودنا منه ومعه درة -والدرة هي السوط- كدرة الكتاب، أي: كالسوط أو العصا الذي يكون مع معلم الصبيان. قالت: [ فسمعت الأعراب والناس وهم يقولون: الطبطبية، الطبطبية، الطبطبية ]. فسر هذا بأن الطبطبية يراد بها صوت المشي والحركة، وفسر بأنه صوت الدرة التي إذا حركت صار لها صوت. قالت: [ فدنا إليه أبي فأخذ بقدمه فأقر له ووقف عليه واستمع منه ]. أي: أقر له بما أخبر به وبما دعا إليه وبما بينه صلى الله عليه وسلم. قالت: [ فقال: إني حضرت جيش عثران -قال ابن المثنى : جيش غثران- ]. معنى هذا أن أبا داود له شيخان: أحدهما الحسن بن علي الحلواني قال: (عثران) بالعين المهملة، والثاني ابن المثنى قال: (غثران) بالغين المعجمة، فلما ساقه على لفظ الشيخ الأول الذي هو الحسن بن علي الحلواني وكان محمد بن المثنى لا يتفق معه في هذه اللفظة لأنها بالعين وإنما يرويها بالغين نبه على ذلك وقال: [ وقال ابن المثنى : غثران ]. قوله: [ فقال طارق بن المرقع : من يعطيني رمحاً بثوابه؟ قلت: وما ثوابه؟ قال: أزوجه أول بنت تكون لي ]. يعني أنهم كانوا في ذلك الجيش، فقال: من يعطيني رمحاً بثوابه؟ فقال: وما ثوابه؟ قال: أزوجه أول بنت تولد لي. فأعطاه رمحه. وكان هذا الجيش في الجاهلية قبل الإسلام. قوله: [ فأعطيته رمحي ثم غبت عنه حتى علمت أنه قد ولد له جارية وبلغت، ثم جئته فقلت له: أهلي جهزهن ] يعني: غاب عنه مدة طويلة وجاءه بعد خمس عشرة سنة أو أكثر وقال: جهز لي أهلي؛ لأنه كان قد تزوجها قبل أن تولد. فقال طارق : والله لا أفعل حتى تصدقني. أي: صداقاً غير الرمح الذي أخذته في ذلك الوقت. فحلف كردم أن لا يعطيه شيئاً. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [ (وبقرن أي النساء هي اليوم؟) ]. أي: كم سنها اليوم؟ لأن القرن هم الذين يكونون متقاربين في السن. قال: [ قد بلغت القتير ] يعني: الشيب، أي: تقدمت بها السن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ (أرى أن تتركها) ]. يقوله لهذا الذي يطالب بها ويريد أن تجهز له. قوله: [ قال: فراعني ذلك ]. يعني: ظهر عليه التألم والتأثر لكون النبي صلى الله عليه وسلم أشار عليه بالترك فقال له: [ (أرى أن تتركها) ]. قوله: [ ونظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما رأى ذلك مني قال: (لا تأثم ولا يأثم صاحبك) ]. يعني أن الترك هو لئلا تأثم ولا يأثم صاحبك، لكون الزواج كان بمعدوم، وأيضاً حتى لا يترتب على ذلك مفاسد ومشاكل وأضرار وسوء اختلاف. فكونه يتخلص من هذا الذي فيه ما فيه لا شك أن فيه السلامة. وليس المراد بقوله: [ (لا تأثم ولا يأثم صاحبك) ] الحنث في اليمين؛ إذ اليمين أمرها يسهل بالتكفير، والذي يظهر أنه يقصد غير الحنث في اليمين وهو ما أشرنا إليه. والحديث -كما هو معلوم- ضعيف، ومثل ذلك الزواج لا يصح ولا يجوز، وقد عرفنا فيما مضى أن المرأة لابد من أن تستأذن، ولابد من أن تأذن، إن كانت ثيباً فلابد من أن تنطق، وإن كانت بكراً فيكفي أن تصمت، وليس القضية قضية تزويج دون أن يكون للمرأة رأي فيها.

تراجم رجال إسناد حديث ميمونة بنت كردم في تزويج من لم تولد


قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا النسائي . [ و محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى أبو موسى العنزي ، الملقب بالزمن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، رووا عنه مباشرة بدون واسطة. [ حدثنا يزيد بن هارون ]. هو يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي ]. هو عبد الله بن يزيد بن مقسم الثقفي ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثتني سارة بنت مقسم ]. سارة بنت مقسم مجهولة، أخرج لها أبو داود . [ سمعت ميمونة بنت كردم ]. ميمونة بنت كردم صحابية، أخرج حديثها أبو داود و ابن ماجة .

شرح حديث ميمونة بنت كردم من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني إبراهيم بن ميسرة أن خالته أخبرته عن امرأة -قالت: هي مصدقة امرأة صدق- قالت: بينا أبي في غزاة في الجاهلية إذ رمضوا، فقال رجل: من يعطيني نعليه وأنكحه أول بنت تولد لي؟ فخلع أبي نعليه فألقاهما إليه، فولدت له جارية فبلغت. وذكر نحوه لم يذكر قصة القتير ]. أورد الحديث من طريق أخرى، ولكنه هنا أبهم المرأة التي تحكي القصة، وقال من روى عنها: [ هي مصدقة امرأة صدق ] أي: ذات صدق، فهي مبهمة ولكن وصفت بأنها مصدقة وذات صدق، وهي ميمونة بنت كردم التي مرت في الحديث السابق. والحديث هنا يبين أن الغزاة إنما كانت في الجاهلية. وفيه أن الشيء الذي حصل به الوعد غير الرمح، حيث ذكر أنهم رمضوا فقال: من يعطيني نعلين وأزوجه أول بنت تولد لي؟ فأعطاه نعليه. فالذي ليس له نعلان تضره الرمضاء لشدة حرارتها، فقولها: [ رمضوا ] معناه: أصابهم شدة حرارة الرمضاء، ولهذا جاء في الحديث: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال) يعني: حين تصيبها حرارة الشمس، والفصال هي أولاد الإبل، ومعناه شدة الضحى، يعني أن خير أوقات صلاة الضحى وأفضل أوقاتها في وقت شدة الحرارة وشدة الرمضاء، ومعلوم أن وقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال، ولكن أولاه وأفضله هو هذا الوقت، ومنه قول الشاعر: المستجير بعمرو عند كربته كالمستجير من الرمضاء بالنار


تراجم رجال إسناد حديث ميمونة بنت كردم من طريق ثانية


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جرير المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني إبراهيم بن ميسرة ]. إبراهيم بن ميسرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن خالته أخبرته ]. خالته هذه لا تعرف، فهي مجهولة، أخرج لها أبو داود ، وهي مثل سارة التي مرت في الإسناد السابق. فكل إسناد من الإسنادين به مجهول. [ عن امرأة قالت: هي مصدقة، امرأة صدق ]. القائلة هي خالة إبراهيم بن ميسرة ، يعني أنها تروي عن امرأة ذات صدق ولم تسمها، وقال الحافظ ابن حجر : هي ميمونة بنت كردم ."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #430  
قديم 19-02-2025, 06:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,921
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب النكاح
شرح سنن أبي داود [243]
الحلقة (274)



شرح سنن أبي داود [243]

من الأمور التي تجب بالنكاح أن تعطى المرأة صداقها، وخير المهور أيسرها، ولم يرد في الشرع تحديد أقل المهر ولا أكثره؛ لكن جاء ما يدل على الإرشاد إلى التقليل منه، وأنه يجوز أن يكون عملاً يقوم به الزوج للمرأة كتعليم القرآن ونحوه.

الصداق


شرح حديث عائشة رضي الله عنها في إصداق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الصداق. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا عبد العزيز بن محمد حدثنا يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة أنه قال: (سألت عائشة رضي الله عنها عن صداق النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم؟ قالت: ثنتا عشرة أوقية ونش. فقلت: وما نش؟ قالت: نصف أوقية) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب الصداق ] يعني أن الصداق هو من الأمور التي لابد منها في الزواج، فلا يكون الزواج بدون صداق، وإنما يكون بصداق ولو كان قليلاً، مثل ما جاء في الحديث الذي سيأتي: (التمس ولو خاتماً من حديد). ثم لم يجد ولا خاتماً من حديد، فزوجه إياها في مقابل عمل يعمله لها، وهو أن يعلمها شيئاً من القرآن فيكون صداقها؛ لأن تعليمها شيئاً من القرآن له مقابل، وكونه يؤدي لها عملاً له مقابل، فيكون ذلك صداقاً يقوم مقام النقود، إذ لا تحصل النقود إلا بالعمل. فالصداق من الأمور التي لابد منها في الزواج وإن قل أو كثر، وإن لم يسم فإنه يرجع إلى مهر المثل، فإذا حصل الزواج بدون تعيين الصداق يصح العقد ولكن يرجع فيه إلى مهر المثل، وليس معناه أنه يصح بدون صداق، بل لا بد من صداق، فإن سمي في العقد وعند الاتفاق فهو الصداق المسمى، وإن لم يسم شيء فإنه يتعين صداق المثل. والأصدقة المشروع فيها التسامح والتساهل وعدم المبالغة، وعدم تعريض الخاطبين للترك والرغبة عن المرأة، وتعريض البنات لأن يبقين بدون أزواج بسبب قصد الحصول على مبلغ كبير وعلى مال كثير، فإن الكفؤ إذا جاء وهو أهل لأن يزوج فلا يوقف التزويج على حصول صداق كثير أو مال كثير، فإن الكفؤ يعتبر غنيمة، ولا يرد الكفؤ من أجل المال ومن أجل كثرة المال؛ لأن الإعفاف وحصول الزوج الكفؤ هو المهم في الأمر. وقد يترتب على صد الخطاب أن تبقى المرأة بدون زوج فتكبر وتتقدم بها السن ولا يتقدم لها من ترغب أن يتقدم لها، وتضطر إلى أن تتزوج بمن لا ترغبه، وتكون الفرصة قد فاتتها بسبب رغبة وليها في كثرة الصداق، أو رغبتها هي في كثرة المال، وما إلى ذلك. فالصداق التيسير فيه والتسهيل وعدم المبالغة من الأمور المطلوبة؛ لأن فيه تسهيل أمر الزواج، وإعفاف الشباب والشابات لحصول استغناء بعضهم ببعض، حتى لا يتعرضوا للحرام ولا للأمور التي لا تسوغ. وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: [ (ثنتا عشرة أوقية ونش) ]. والأوقية أربعون درهماً، فتكون الثنتا عشرة منها أربعمائة وثمانين درهماً، والنش نصف أوقية، فيكون عشرين درهماً، والنش اسم لنصف الأوقية، وهو عشرون درهماً، فيكون مجموع الاثنتي عشرة أوقية والنش معها خمسمائة درهم، هذا هو صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخبرت به عائشة رضي الله عنها وأرضاها، وهو دال على التيسير وعدم المبالغة.

تراجم رجال إسناد حديث عائشة في إصداق النبي صلى الله عليه وسلم نساءه


[ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد العزيز بن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يزيد بن الهاد ]. يزيد بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إبراهيم ]. هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وقد مر ذكره. [ سألت عائشة ]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي أحد سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث عمر في قدر صداق نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته


قال المصنف رجمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد عن أبي العجفاء السلمي قال: خطبنا عمر رحمه الله ورضي الله عنه فقال: (ألا لا تغالوا بصدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية) ]. أورد أبو داود حديث عمر رضي الله عنه أنه خطب الناس وقال: لا تغالوا في مهور النساء، فلو كانت مكرمة أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشر أوقية. والاثنتا عشرة أوقية أربعمائة وثمانون درهماً، والذي مر في حديث عائشة اثنتا عشر أوقية ونش، فهذا لا يدل على التعارض، إذ يمكن أن يكون ذكر الشيء التام بدون ذكر الكسر، فلا يقال: إن هذا مخالف لهذا؛ لأن عائشة تقول: خمسمائة، وهو يقول: أربعمائة وثمانون؛ فإنه قد يحذف الكسر، حيث يذكر الشيء التام الذي لا كسر فيه، فيكون هذا هو وجه التوفيق بين ما جاء عن عمر في هذا الحديث وما جاء عن عائشة في الحديث المتقدم، ومعلوم أن عائشة ذات خبرة، و عمر صاحب خبرة؛ لأن عائشة هي إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، و عمر هو والد زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، فهو والد حفصة ، فكل منهما صاحب خبرة. والحديث يدل على عدم المغالاة في المهور، كما نهى عن ذلك عمر رضي الله عنه وأرضاه فقال: لا تغلوا في مهور النساء، ولو كانت مكرمة عند الله أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أصدق واحدة من نسائه ولا أصدقت واحدة من بناته أكثر من ثنتي عشر أوقية.

تراجم رجال إسناد حديث عمر في قدر صداق نساء النبي صلى الله عليه وسلم وبناته


قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. هو محمد بن عبيد بن حساب ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا حماد بن زيد ]. هو حماد بن زيد بن درهم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد ]. هو محمد بن سيرين ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي العجفاء السلمي ]. هو هرم بن مسيك ، وهو مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ خطبنا عمر ]. هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، ثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. والحديث وإن كان فيه من هو مقبول إلا أنه يتفق مع ما جاء في حديث عائشة ، والفرق بينهما الكسر.

شرح حديث إصداق النجاشي أم حبيبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي حدثنا معلى بن منصور حدثنا ابن المبارك حدثنا معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة رضي عنها أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة فزوجها النجاشي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمهرها عنه أربعة آلاف، وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع شرحبيل بن حسنة . قال أبو داود : حسنة هي أمه ]. أورد أبو داود حديث أم حبيبة رضي الله عنها -وهي رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين- أن النجاشي زوج الرسول صلى الله عليه وسلم إياها وأمهرها أربعة آلاف، أي: أربعة آلاف درهم، وبعث بها إليه مع شرحبيل بن حسنة. قال أبو داود : [ و حسنة هي أمه ] يعني أن هذا الرجل منسوب إلى أمه، يعني: ليس اسم أبيه حسنة، وإنما هو اسم لأمه، ومعلوم أن كثيراً نسبوا إلى أمهاتهم لأنهم اشتهروا بذلك، مثل ابن علية ، وكذلك ابن أم مكتوم ، وكذلك أبي بن سلول ، وعدد غيرهم. قوله: [ عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش فمات بأرض الحبشة ]. أم حبيبة كانت تحت عبيد الله بن جحش ، وكان هاجر معها إلى الحبشة، فتنصر ومات نصرانياً - والعياذ بالله- وبقيت هناك، فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل يخطبها، فزوجها النجاشي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصدقها -أي: النجاشي - عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم. وهذا لا يعارض ما تقدم؛ لأن هذا إنما حصل من النجاشي إكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم، فلا يعارض ما جاء من أنه ما أصدق واحدة من نسائه فوق خمسمائة درهم، فالنجاشي دفع ذلك إكراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا ينافي ما جاء عن عمر رضي الله عنه مما تقدم؛ لأن هذا لم يكن من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من النجاشي إكراماً للنبي صلى الله عليه وسلم. وفيه دليل على أن الصداق يمكن أن يدفعه غير الزوج، وأنه يمكن أن يتحمله غير الزوج، فليس بلازم أن يكون الزوج هو الذي يدفع الصداق، فيمكن أن يدفعه غيره لهذا الحديث الذي فيه أن النجاشي أصدقها أربعة آلاف درهم. وفيه دليل على جواز الصداق ولو كان كثيراً، لكنه خلاف الأولى، فالتسامح فيه والتساهل أولى، وإذا دفع شيئاً كثيراً فإنه لا مانع منه ولا بأس به. قوله: [ وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شرحبيل بن حسنة ]. شرحبيل لم يكن محرماً لها، لكن بعث بها معه ضرورة.

تراجم رجال إسناد حديث إصداق النجاشي أم حبيبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم


قوله: [ حدثنا حجاج بن أبي يعقوب الثقفي ]. هو حجاج بن أبي يعقوب الثقفي ، ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا معلى بن منصور ]. معلى بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة ]. هو عروة بن الزبير بن العوام ، ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم حبيبة ]. هي أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان رضي الله تعالى عنها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث إصداق النجاشي أم حبيبة أربعة آلاف درهم من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع حدثنا علي بن الحسن بن شقيق عن المبارك عن يونس عن الزهري ( أن النجاشي زوج أم حبيبة بنت أبي سفيان من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على صداق أربعة آلاف درهم، وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقبل) ]. أورد الحديث من طريق أخرى مرسلاً في قصة زاوج أم حبيبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم على صداق أربعة آلاف درهم. قال: [ وكتب بذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقبل ]. أي: كتب بذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقبل فيما يتعلق بالأربعة الآلاف، وهي موجودة في الرواية السابقة المتصلة، وهذه الرواية فيها زيادة: [ فكتب بذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقبل ]. يعني: كأن القبول حصل من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن كتب له بذلك، ولكن قيل: إنه صلى الله عليه وسلم أرسل عمرو بن أمية الضمري وكيلاً عنه في قبول الزواج، فكان النجاشي هو الذي زوجها، والذي قبل الزواج لرسول الله صلى الله عليه وسلم هو عمرو بن أمية الضمري .

تراجم رجال إسناد حديث إصداق النجاشي أم حبيبة أربعة آلاف درهم من طريق ثانية


قوله: [ حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع ]. محمد بن حاتم بن بزيع ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا علي بن الحسن بن شقيق ]. علي بن الحسن بن شقيق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المبارك ]. هذا سقط، والصواب: ابن المبارك ، وقد مر ذكره. [ عن يونس ] هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. مر ذكره. والحديث مرسل؛ لأن الزهري من صغار التابعين، والمرسل هو الذي يذكر فيه التابعي شيئاً مضافاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو إلى عهد النبوة، فإنه يكون فيه انقطاع، ولكن فيما يتعلق بالصداق ومقدار الصداق قد جاء في الرواية السابقة المتصلة الصحيحة.
قلة المهر


شرح حديث إصداق عبد الرحمن بن عوف امرأته وزن نواه من ذهب

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب قلة المهر. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت البناني و حميد عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وعليه ردع زعفران، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (مهيم؟ فقال: يا رسول الله! تزوجت امرأة. قال: ما أصدقتها؟ قال: وزن نواة من ذهب. قال: أولم ولو بشاة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب قلة المهر ]. والمقصود من هذه الترجمة أن المهر سواءٌ أكان قليلاً أم كثيراً من أي شيء يتمول فإنه يكون معتبراً، ولا حد لأقله ولا حد لأكثره، والمغالاة في المهور غير سائغة؛ لما يترتب عليها من العراقيل التي تؤخر الزواج وتعرض الشباب والشابات للفتن بسبب عدم حصول الزواج. والتيسير في الزواج وتسهيل أموره، وعدم المغالاة، وتزويج الكفؤ إذا جاء ولو لم يكن عنده مهر كبير هو المطلوب وهو الذي ينبغي، ولا حد لأقل المهر ولا حد لأكثره، ولكن المغالاة والإتيان بالأشياء التي تكون سبباً في تأخير الزواج لا تنبغي ولا تصلح. وسبق أن مر بنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أصدق أحداً من نسائه ولا أُصدقت امرأة من بناته أكثر من خمسمائة درهم، وسبق -أيضاً- أن النجاشي أصدق أم حبيبة أربعة آلاف درهم، وعرفنا فيما مضى أن هذا إنما هو من النجاشي إكراماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وأورد أبو داود هنا حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف ردعاً من زعفران فقال: [ (مهيم؟) ] يعني: ما هذا؟ فقال: تزوجت امرأة. فقال: [ (ماذا أصدقتها؟) ] قال: وزن نواة من ذهب. قال عليه الصلاة والسلام: [ (أولم ولو بشاة) ]. ومحل الشاهد قوله: [ وزن نواة من ذهب ]. والمقصود بالنواة مقدار قليل من الذهب، قيل: إنه يعادل خمسة دراهم. فهذا فيه الإشارة إلى قلة المهر وأنه قليل وليس بكثير، وأن المهر يصح بكل ما يتمول ولو كان شيئاً يسيراً.

المراد بسؤال النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (مهيم)


وقوله: [ وعليه ردع من زعفران ] يعني: أثراً من زعفران. والسؤال من النبي صلى الله عليه وسلم يحتمل أن يكون المراد به السؤال عن حاله وعن الشيء الجديد الذي حصل له، حيث قال: (مهيم؟) يعني: ما هذا؟ ومعنى هذا أن شيئاً جديداً حصل، وهو الزواج. ومعلوم أن المهاجرين رضي الله عنهم وأرضاهم لما هاجروا إلى المدينة كانوا قد تركوا أموالهم وبلادهم، وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرين لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال الله عز وجل عن المهاجرين: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الحشر:8]، فهم خرجوا لنصرة النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا فهم مهاجرون وأنصار؛ لأنهم جمعوا بين الهجرة والنصرة، فكانوا أفضل من الأنصار؛ لأن الأنصار ليس عندهم إلا النصرة فقط، وأما المهاجرون فعندهم الهجرة والنصرة، فكانوا مقدمين على الأنصار في الفضل، والنبي صلى الله عليه وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار، وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه صاحب تجارة، وكان له معرفة بالتجارة فسأل عن السوق، فدل عليه فصار يبيع ويشتري حتى جمع مالاً وتزوج. وقيل: إن قوله: [ (مهيم؟) ] إنكار لكون الزعفران عليه؛ لأنه جاء النهي عن تزعفر الرجال. فالرسول صلى الله عليه وسلم قال له: [ (مهيم) ] إنكاراً عليه، فقال: إني تزوجت امرأة. يعني: وهذا من طيبها علق بي ولست الذي فعله، وإنما هو من طيب المرأة الذي تتطيب به وهو سائغ في حقها فعلق بالرجل، فكان هذا فيه بيان أنه لم يكن حصل منه التزعفر أو الوقوع في الشيء الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما حصل علق به ذلك من امرأته. وفي الحديث دليل على ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من تفقد أصحابه، ومعرفة أحوالهم، وسؤالهم عما يجد وعما يحصل لهم، وقوله عليه الصلاة والسلام: [ (أولم ولو بشاة) ] فيه دليل على مشروعية الوليمة، وهي الطعام الذي يصنع بمناسبة الزواج، ولا يصلح فيه التكلف والمغالاة كما يحصل في هذا الزمان من المغالاة في ذلك؛ ولأن هذا من الأمور التي تُعيق الزواج؛ لأن ذلك في الغالب على حساب الزوج، وعلى كاهل الزوج، وقد يكون لا يستطيع؛ لأن المهر يكون كثيراً، والوليمة أيضاً يغالى بها، فيكون ذلك من العراقيل. فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى الوليمة وقال: (أولم ولو بشاة)، وقوله: (ولو بشاة) المقصود: أن هذا هو الحد الأدنى، ولكن هذا لا يعني أن ذلك متعين، وأنه لا يجزئ إلا شاة، فإنه يمكن أن تكون الوليمة بدون ذلك وبأقل من ذلك كما حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زواجه من صفية ، فإنه أولم بخبز وطعام ليس فيه لحم، فدل ذلك على أن التخفيف والتسهيل في ذلك مطلوب، وأن ذبح بهيمة الأنعام ليس من الأمور المتعينة. وقوله: (أولم ولو بشاة) يعني: أن هذا هو المقدار الأدنى، فلو زاد الإنسان على ذلك شيئاً للحاجة من غير مغالاة ومن غير إضرار بالزوج وتحميله ما لا يتحمل فإنه لا بأس بذلك، ولكن المحذور هو المغالاة، والإكثار من الذبائح، وصنع الطعام ثم لا يؤكل، ثم بعض الناس قد يكون تصرفه فيه حسناً بأن يعطيه لمن هو محتاج إليه، ومن الناس من يلقيه في أماكن لا يستفيد منه فيها أحد، وقد يلقى في أماكن لا يصلح أن يلقى فيها، وفي ذلك عدم احترام النعمة، وعدم الاهتمام بها، وعدم الاكتراث لها. والذبح في الوليمة لاشك أنه من الأمور المطلوبة والأمور المستحبة، وأما قضية أن يكون واجباً، وأنه لو حصل زواج بدون وليمة أنه يأثم، فلا أدري.

تراجم رجال إسناد حديث إصداق عبد الرحمن بن عوف امرأته وزن نواه من ذهب


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ثابت البناني ]. ثابت بن أسلم البناني البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حميد ]. حميد بن أبي حميد الطويل البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد رجاله كلهم بصريون: موسى بن إسماعيل التبوذكي بصري و حماد بن زيد بصري و ثابت و حميد بصريان و أنس بن مالك بصري، فهو مسلسل بالرواة البصريين.
الفرق بين المهر والصداق

ولا فرق بين المهر والصداق، بل المهر هو الصداق.
وقت الوليمة

والوليمة تكون عند النكاح، وسواء تقدمت عليه بيوم أو تأخرت عليه فلا محذور في ذلك.

شرح حديث (من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقاً أو تمراً فقد استحل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسحاق بن جبرائيل البغدادي أخبرنا يزيد أخبرنا موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقاً أو تمراً فقد استحل) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه: [ (من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقاً أو تمراً فقد استحل) ] أي: استحل النكاح واستحل البضع بهذا الصداق. والمقصود منه تقليل الصداق؛ لأن الترجمة هي قلة الصداق. وقد عرفنا أن الصداق يكون بكل ما يتمول ولو كان قليلاً، وأنه لا حد لأقله، فليس أقله سبعة دراهم ولا عشرة ولا خمسة ولا أربعين ولا خمسين ولا أقل ولا أكثر؛ لأنه ليس هناك تحديد، وقد جاء ما يدل على أنه قد يكون قليلاً، مثل: (التمس ولو خاتماً من حديد)، وسؤاله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف عن صداق امرأته فأخبره بأنه وزن نواة من ذهب، فكل ذلك شيء قليل ويدل على القلة، لكن التحديد الذي لا يجزئ ما دونه ليس عليه دليل. وعلى هذا فالأمر في ذلك واسع، ولا تحديد ولا تقييد لأقله ولا لأكثره، مع أن المشروع هو عدم المغالاة وتيسير الزواج وتسهيله، وعدم وضع العراقيل التي تعوق وتحول دون حصوله. ثم إن المهر لابد منه، ولكنه ليس شرطاً في العقد، فيمكن أن يحصل الزواج بدونه، وحينئذ يتعين مهر المثل، والمهم أن المرأة لابد لها من شيء تعطاه في مقابل استحلال فرجها. وهنا يروي جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: [ (من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقاً أو تمراً فقد استحل) ]. والسويق هو الدقيق، وقوله: [ (فقد استحل) ] أي: استحل البضع وحصل المهر بذلك، وملء الكفين ربع الصاع تقريباً، أي: مد.

تراجم رجال إسناد حديث (من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقاً أو تمراً فقد استحل)


قوله: [ حدثنا إسحاق بن جبرائيل البغدادي ]. إسحاق بن جبرائيل البغدادي صدوق، أخرج له أبو داود . [ أخبرنا يزيد ]. هو يزيد بن هارون الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا موسى بن مسلم بن رومان ]. الصحيح: صالح بن مسلم بن رومان ، فقد قال الحافظ ابن حجر : صوابه: صالح بن مسلم بن رومان . فمعنى هذا أن قوله: [ موسى بن مسلم ] خطأ، والصواب أن اسمه صالح ، وهو ضعيف، أخرج له أبو داود . [ عن أبي الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث في إسناده الرجل الضعيف الذي هو صالح بن مسلم بن رومان ، فهو غير ثابت، ولكن من حيث مشروعية قلة الصداق فالأحاديث الأخرى دالة على ما دل عليه.

إيراد حديث (من أعطى في صداق امرأة) موقوفاً على جابر وتراجم رجاله


[ قال أبو داود : رواه عبد الرحمن بن مهدي عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه موقوفاً ]. أورد المصنف طريقاً أخرى معلقة، حيث قال: [ رواه عبد الرحمن بن مهدي عن صالح بن رومان ] وهنا ذكره على الصواب، وهو صالح بن مسلم بن رومان ، وهو الضعيف الذي مر. والذي روى عنه هو عبد الرحمن بن مهدي ، و عبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقوله: [ عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر موقوفاً ]. معناه: أنه ليس بمرفوع، بل هو موقوف على جابر رضي الله تعالى عنه.

شرح حديث (كنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نستمتع بالقبضة من الطعام)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ورواه أبو عاصم عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى وسلم نستمتع بالقبضة من الطعام على معنى المتعة) ]. أشار هنا إلى طريق أخرى عن جابر رضي الله عنه قال فيها: إنا كنا نستمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقبضة من الطعام. وهو مقدار قليل، أي: مثل الأكلة من الطعام. وقوله: [ على معنى المتعة ] يعني متعة النساء التي كانت مباحة ثم حرمت، وهي التي تكون لمدة مؤقتة؛ لأن زواج المتعة هو الزواج المؤقت المتفق على مقداره وضرب أجل له، كيومين أو ثلاثة أو أسبوع أو شهر، فإذا انتهى الأجل انتهى الزواج. وهذا كان مباحاً في الإسلام، ثم إنه حرم ومنع منه، والحديث هذا جاء في صحيح مسلم ، وفيه زيادة (وفي عهد أبي بكر ) وقوله: (في عهد أبي بكر ) يفهم منه أن بعض الصحابة ما كان يعلم التحريم، وأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى عرفوا التحريم جميعاً، وهو مثل ما جاء في حديث (كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات يحرمن، فنسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن) مع أنه لا يوجد في القرآن، ولكن بعض الناس الذين ما عرفوا نسخ هذه التلاوة توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهم يقرءون هذا حتى عرفوا بأنه قد نسخ. وكذلك الذين كانوا يستمتعون في عهد أبي بكر ما علموا الناسخ أو ما بلغهم الناسخ.

تراجم رجال إسناد حديث (كنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نستمتع بالقبضة من الطعام)


قوله: [ ورواه أبو عاصم ]. هو أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر ]. مر ذكرهم جميعاً. [ قال أبو داود : رواه ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر على معنى أبي عاصم ]. ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وقوله: [ على معنى أبي عاصم ]. أي: على معنى حديث أبي عاصم الذي تقدم، وهو [ كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نستمتع بالقبضة من الطعام على معنى المتعة ]. والحديث قد رواه صالح بن موسى مرة موقوفاً ومرة مرفوعاً، ولا يحكم على الحديث بالاضطراب لذلك؛ إذ إن صالح بن موسى ضعيف، فما أتى عن طريقه فهو ضعيف ولو لم يحصل منه اضطراب، إلا أن الحديث ثابت من الطريق الأخرى وهي طريق ابن جريج ، وهي في صحيح مسلم .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 0 والزوار 5)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 378.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 372.54 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.54%)]