شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 54 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 22 )           »          واتساب يستخدم وضع الإضاءة المنخفضة لمكالمات الفيديو.. كيف يعمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          هل يعانى هاتف أيفون 16 من مشكلات فى عمر البطارية؟ إليكم ما نعرفه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          استكشف مزايا أنظمة شبكة Wi-Fi مقارنة بأجهزة التوجيه التقليدية فى منزلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كوالكوم تلغي إنتاج نظام Windows المصغر على أجهزة الكمبيوتر بهذا المعالج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          تطبيق ChatGPT متوفر الآن لنظام Windows.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          ما تخافش لو اتسرق منك.. 3 مزايا جديدة من جوجل تساعدك على استعادة هاتفك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          Android 15 متاح الآن لهواتف Pixel.. كيفية التحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          علامات إدمان الأطفال للهواتف الذكية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          هل سقط الماء على اللاب توب؟ إليك كيفية إصلاحه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #531  
قديم 04-05-2025, 01:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث إجازته صلى الله عليه وسلم تبييت المشركين مع ذراريهم ونسائهم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله -يعني ابن عبد الله - عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة رضي الله عنهم أجمعين أنه سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (هم منهم) وكان عمرو -يعني ابن دينار - يقول: (هم من آبائهم). قال الزهري : ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان ]. أورد أبو داود حديث الصعب بن جثامة الليثي رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الدار -والدار المقصود بها القبيلة والجماعة من الكفار- يبيتون فيصاب النساء والصبيان، فقال عليه الصلاة والسلام: [ (هم منهم) ]. والمقصود من ذلك أنهم إذا كانوا غير مقصودين بالقتل ولكن كانوا مجتمعين وفيهم نساء وصبيان فأرسلت السهام فإنها تصيب من تصيب، وليس الصبيان والنساء مقصودين، وإنما يقصد المقاتلة. فقوله: [ (هم منهم) ] يعني أنهم تبع للرجال، وما مر من الأحاديث في النهي عن قتل النساء والصبيان المقصود به كونهم يقصدون بالقتل، كون المرأة يراد قتلها والصبي يراد قتله، فهذا هو الذي لا يجوز. وأما إذا كانوا مختلطين، أو كان الكفار متترسين بالنساء والصبيان أو بينهم نساء وصبيان وهم يرسلون السهام على الناس والمسلمون يرسلون السهام عليهم فتصيب نساءً أو صبياناً فهذا ليس فيه بأس، ولا مانع من ذلك. وذكر أن عمرو بن دينار كان يقول: [ (هم من آبائهم) ]. ومعناه أن الصبيان حكمهم حكم الآباء فهم تابعون لهم، وإذا حصل قتلهم فليسوا مقصودين. قوله: [ قال الزهري : ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والولدان ]. معناه أنه نهى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والصبيان على سبيل الاستقلال، وأما أن ترسل السهام فتصيب من تصيب من الرجال أو النساء والصبيان فهذا لا بأس به.

تراجم رجال إسناد حديث إجازته صلى الله عليه وسلم تبييت المشركين مع ذراريهم ونسائهم

قوله: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح المصري ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا سفيان ]. سفيان هو ابن عيينة المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله -يعني ابن عبد الله - ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن الصعب بن جثامة ]. الصعب بن جثامة رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. قوله: [ وكان عمرو - يعني ابن دينار - يقول ]. عمرو بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حكم حرق ذي الروح بالنار


شرح حديث أمره صلى الله عليه وسلم سرية بإحراق رجل ثم نهيه عن ذلك

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية حرق العدو بالنار. حدثنا سعيد بن منصور حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد حدثني محمد بن حمزة الأسلمي عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمره على سرية، قال: فخرجت فيها وقال: (إن وجدتم فلاناً فأحرقوه بالنار. فوليت فناداني، فرجعت إليه فقال: إن وجدتم فلاناً فاقتلوه ولا تحرقوه؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار) ]. أورد الإمام أبو داود باباً في كراهية حرق العدو بالنار. أي أنه لا يعذب أو يقتل أحد بإحراقه بالنار بأن تؤجج نار فيقذف فيها، أي أن ذلك لا يجوز، وإنما يقتل بالسيف أو بأي وسيلة من الوسائل التي يكون بها إزهاق روحه بدون هذه الطريقة التي هي التحريق بالنار. وقد أورد أبو داود رحمة الله تعالى عليه حديث حمزة الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله في سرية وأمره عليها وأنه قال: [ (إن وجدتم فلاناً فأحرقوه بالنار)] فلما ولى ناداه وقال له: [ (إن وجدتم فلاناً فاقتلوه ولا تحرقوه بالنار؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار) ] فدل هذا على أن التحريق بالنار لا يجوز، اللهم إلا إذا كان على سبيل القصاص، بأن يكون حرق غيره فيحرق هو. وقد سبق أن مر في المثلة أنه لا يمثل الإنسان، ولكنه إذا قتل بالتمثيل فإنه يجازى بمثل ما فعل ويعامل بمثل ما عامل غيره به. إذاً: التحريق بالنار لا يجوز، وإنما يجوز في حق من قتل بالتحريق فإنه يقتل بالتحريق جزاءً وفاقاً. وقوله: [ باب في كراهية حرق العدو ] الكراهة يراد بها هنا التحريم، وقد يحصل أنه في الحرب تقذف القنابل والصواريخ التي تشتعل ناراً، وهنا يقال: إذا لم يجد المجاهدون وسيلة إلا قذف مثل ذلك فإن اشتعالها ناراً بالعدو قد يحصل وقد لا يحصل، وليس هو مثل تأجيج النار ثم بعد ذلك قذفهم فيها.

تراجم رجال إسناد حديث أمره صلى الله عليه وسلم سرية بإحراق رجل ثم نهيه عن ذلك


قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ]. مغيرة بن عبد الرحمن الحزامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. هو عبد الله بن ذكوان المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني محمد بن حمزة الأسلمي ]. محمد بن حمزة الأسلمي مقبول، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. هو حمزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم و أبو داود و النسائي .

شرح حديث أمره صلى الله عليه وسلم سرية بإحراق رجل ثم نهيه عن ذلك من طريق أخرى وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد و قتيبة أن الليث بن سعد حدثهم عن بكير عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعث فقال: (إن وجدتم فلاناً وفلاناً) فذكر معناه ]. أورد المصنف حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثهم في بعث فقال: [ (إن وجدتم فلاناً وفلان) فذكر معناه ]. أي أنه يحرق بالنار، ثم بعد ذلك قال: (اقتلوه؛ فإنه لا يعذب بالنار إلا رب النار). وهذا يشهد للحديث السابق الذي فيه من هو مقبول، وهو محمد بن حمزة الأسلمي . قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد ]. هو يزيد بن خالد الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و قتيبة ]. هو قتيبة بن سعيد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن الليث بن سعد حدثهم ] هو الليث بن سعد المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بكير ]. هو بكير بن عبد الله بن الأشج المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان بن يسار ]. سليمان بن يسار ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث إنكاره صلى الله عليه وسلم إحراق قرية نمل وفجع حمرة بولدها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن أبي إسحاق الشيباني عن ابن سعد - قالغير أبي صالح : عن الحسن بن سعد - عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فانطلق لحاجته، فرأينا حمرة معها فرخان، فأخذنا فرخيها، فجاءت الحمرة فجعلت تفرش، فجاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها. ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال: من حرق هذه؟ قلنا: نحن. قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وأن النبي عليه الصلاة والسلام رأى حمرة -هي طائر- تفرش جناحها وترفرف في الأرض؛ لأنها قد فجعت بأخذ فرخيها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من فجع هذه بولدها؟ ردوا ولدها إليها)] ثم رأى قرية نمل قد أحرقت فقال: [ (من أحرق هذه؟ قلنا: نحن. قال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار) ]. وهذا محل الشاهد، فلا يعذب الإنسان ولا الحيوان بالنار، لا يعذب بالنار إلا رب النار. فمحل الشاهد من الترجمة الجملة الأخيرة، وأما الجملة الأولى المتعلقة بالحمرة فهي لا تتعلق بالترجمة، ولكنها تدل على أن الطائر والحيوان لا يفجع بولده، لاسيما إذا كان صغيراً، فيترك، وإن أخذ فإنه يرجع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإرجاع ولديها إليها، أي: ولدي الحمرة.

تراجم رجال إسناد إنكاره صلى الله عليه وسلم إحراق قرية نمل وفجع حمرة بولدها

قوله: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى ]. أبو صالح محبوب بن موسى صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي. [ أخبرنا أبو إسحاق الفزاري ]. هو إبراهيم بن محمد بن الحارث ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق الشيباني ]. هو سليمان بن أبي سليمان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن سعد ]. هو الحسن بن سعد ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال غير أبي صالح : عن الحسن بن سعد ]. يعني أن غير أبي صالح -وهم شيوخ لم يذكرهم -نسبوه فقالوا: الحسن بن سعد . وأما رواية أبي صالح التي أوردها فإنه ليس فيها إلا ابن سعد فأراد أبو داود أن يبين من هو ابن سعد هذا فقال: إن غير أبي صالح -أي: الذين يحدثون بهذا الحديث ولم يذكرهم- نسبوه، فالذين حصلت منهم التسمية هم غير أبي صالح الذي جاء في الإسناد. [ عن عبد الرحمن بن عبد الله ]. هو عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وبه كان يُكنَّى أبوه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
كراء الدابة على النصف أو السهم


شرح حديث طلب واثلة بن الأسقع حمله في غزوة تبوك مقابل سهمه فيها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يكري دابته على النصف أو السهم. حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدمشقي أبو النضر حدثنا محمد بن شعيب أخبرني أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني عن عمرو بن عبد الله أنه حدثه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أنه قال: (نادى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك، فخرجت إلى أهلي، فأقبلت وقد خرج أول صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فطفقت في المدينة أنادي: ألا من يحمل رجلاً له سهمه. فنادى شيخ من الأنصار فقال: لنا سهمه على أن نحمله عقبة وطعامه معنا؟ قلت: نعم. قال: فسر على بركة الله تعالى. قال: فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء الله علينا، فأصابني قلائص، فسقتهن حتى أتيته، فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله، ثم قال: سقهن مدبرات. ثم قال: سقهن مقبلات. فقال: ما أرى قلائصك إلا كراماً. قال: إنما هي غنيمتك التي شرطت لك. قال: خذ قلائصك -يا ابن أخي- فغير سهمك أردنا) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في الرجل يكري دابته على النصف أو السهم]أي: كراء الدابة على النصف مما يحصل باستعمالها، وذلك بأن يكريها على أن يحتطب عليها وله نصف الحطب، أو أن يستعملها للكراء ونقل الناس عليها وتأجيرها وله النصف مما يحصل من كرائها، ولا بأس بذلك ما دام أنها نسبة معينة ومعلومة؛ لأنه إن حصلت فائدة فهما مشتركان فيها، وهي مثل المضاربة التي أجمع المسلمون على جوازها بأن يدفع الإنسان مالاً لعامل والعامل يعمل، وإن حصل ربح فهو بينهما على النسبة التي يتفقان عليها، إما نصف ونصف، أو ثلث وثلثان، أو ربع وثلاثة أرباع، على حسب النسبة. وكذلك المزارعة والمساقاة -أيضاً- هي من هذا القبيل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر على النصف مما يخرج منها من ثمر أو زرع، فهذا مثله، وهو شبيه به ولا بأس به؛ لأنها مشاركة، فهذا منه المركوب وهذا منه العمل، وإذا حصل ربح وفائدة فإنها تقسم بينهما على النسبة التي يتفقان عليها، فيكون للعامل مقابل عمله، ويكون لصاحب الدابة مقابل استخدام دابته، وإذا حصلت خسارة فعلى العامل تعبه وعلى صاحب الدابة تعب دابته. وكذلك لو أن إنساناً أعطى سيارته لإنسان يشتغل عليها بالأجرة فما حصل من نقود في مقابل التأجير لهذه السيارة فإنه يكون لهذا النصف ولهذا النصف، أو لهذا الثلث ولهذا الثلثان، كل ذلك لا بأس به؛ لأن هذا من جنس المضاربة، ومن جنس المساقاة والمزارعة، فلا بأس بذلك، ولكن الذي لا يجوز هو أن يقول: إن لي من الناتج -مثلاً- ألف ريال أو مائة ريال. ويحدد بمقدار معين. فهذا لا يجوز اشتراطه؛ لأنه قد لا يحصل من العمل إلا هذا المقدار فيظفر به أحدهما، ويكون الآخر حينئذٍ ما حصل فائدة وما حصل شيئاً. ولكن إذا كان العمل على النسبة مما يحصل فإن هذا لا بأس به، فإن حصل شيء قليل قسم بينهما على النسبة، وإن حصل شيء كثير قسم بينهما على النسبة، ولا بأس بمثل هذه المعاملة، وفيها خلاف بين أهل العلم، ولكن القول الصحيح الجواز؛ لأنها شبيهة بالمضاربة وشبيهة بالمساقاة والمزارعة. وأورد أبو داود هنا حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى في غزوة تبوك للخروج إلى الجهاد في سبيل الله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام استنفر الناس، ولم يبق إلا من هو معذور أو منافق، أو من كان غير معذور ولكن مرت عليه الأيام دون أن يخرج، والسبب الأخير هو الذي حصل لكعب بن مالك وصاحبيه رضي الله تعالى عنهم، وهم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وليس لهم أعذار وليسوا بالمنافقين، وقد تاب الله عليهم وأنزل فيهم آية تتلى في كتاب الله: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118] أي: وقد تاب على الثلاثة الذين خلفوا. فلما نادى رسول الله بغزوة تبوك لم يكن مع واثلة رضي الله تعالى عنه مركوب، فكان يتردد على قومه ويقول: [ من يحمل رجلاً له سهمه؟ ]. يعني: ويكون له سهمه. فمثل هذه المعاملة لا بأس بها إذا كان السهم معلوم النسبة، كأن يكون الذي يحصله ثلاثة أسهم فسهم لشخص وسهمان لشخص، أو يقسم على النصف، فلا بأس بمثل هذه المعاملة. قوله: [ فنادى شيخ من الأنصار فقال: لنا سهمه على أن نحمله عقبة؟ ]. المراد بحمله عقبة أنه لا يركب دائماً، وإنما يركب بالتعاقب، فيركب مسافة ثم يأتي آخر ويركب مكانه، أي: يتعاقبون على البعير. قوله: [ وطعامه معنا ]. يعني: يأكل معنا. فلما حصل له قلائص -وهي سهمه الذي حصله- جاء ليعطيهن ذلك الأنصاري، فقال: [ سقهن مدبرات، ثم قال: سقهن مقبلات ] يريد أن يعرف جودتهن وحسنهن من ضدهما، فقال: [ ما أراهن إلا كريمات ] فقال واثلة : هن السهم الذي جرى بيني وبينك الاتفاق عليه، فقال: [ خذ قلائصك ] والقلائص: جمع قلوص، وهي الناقة الشابة، قال: [ خذ قلائصك - يا ابن أخي- فغير سهمك أردنا ] يعني: ما أردنا سهمك الذي تحصله، ولكن أردنا أن نشاركك في الأجر في كوننا حملناك وساعدناك، ولم يأخذ السهم الذي حصله من القلائص. والحديث ضعيف، ولكن ما ترجم به المصنف هو صحيح، وهو شبيه بالمضاربة والمزارعة والمساقاة، ولكن إذا اشترط أحدهما شيئاً يخصه من الثمرة والريع دون الآخر، بحيث يقول: لي كذا والباقي يكون بيننا. أو: الباقي لك فإن هذا ليس بصحيح؛ لأنه قد لا يحصل إلا هذا المقدار الذي اشترطه أحدهما، فيكون أحدهما لم يحصل شيئاً والآخر أخذ ما حصل. وقوله: [ فخرج فقعد على حقيبة من حقائب إبله ]. الحقيبة قيل: هي ما يكون وراء القتب والرحل، ومعناه أنها شيء متصل بالرحل، إما شيء محشو، أو بشيء يكون تحت الرحل، فالمهم أنه شيء مرتفع جعله على الأرض وجلس عليه.

تراجم رجال إسناد حديث طلب واثلة بن الأسقع حمله في غزوة مقابل سهمه فيها


قوله: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدمشقي أبو النضر ]. إسحاق بن إبراهيم الدمشقي أبو النضر صدوق أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي. [ حدثنا محمد بن شعيب ]. هو محمد بن شعيب بن شابور ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ أخبرني أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني ]. أبو زرعة يحيى بن أبي عمرو الشيباني ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي و ابن ماجة . [ عن عمرو بن عبد الله ]. عمرو بن عبد الله مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن واثلة بن الأسقع ]. واثلة بن الأسقع رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #532  
قديم 04-05-2025, 01:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الجهاد
شرح سنن أبي داود [317]
الحلقة (349)



شرح سنن أبي داود [317]

للأسير في الشريعة أحكام، ومن ذلك الإحسان إليه وترغيبة في الإسلام، ويجوز حبسه وضربه وتقريره لمعرفة ما عنده من أخبار العدو، ولا يجوز إكراهه على الإسلام إن أباه، ويجوز قتله إن رأى الإمام المصلحة في ذلك.

إيثاق الأسير الكافر


شرح حديث: ( عجب ربنا من قوم يدخلون الجنة في السلاسل )

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الأسير يوثق. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد -يعني ابن سلمة - أخبرنا محمد بن زياد سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (عجب ربنا عز وجل من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل!) ]. أورد أبو داود [ باب في الأسير يوثق ]. يعني: يوثق بالحبال والقيود حتى لا يفر وحتى يُطمأن إلى إمساكه وعدم إفلاته، فهو يوثق، والله عز وجل قال: فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا [محمد:4]. ووأرد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (عجب ربنا عز وجل من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل) ] والمقصود بهم الأسارى الذين يؤسرون وهم كفار، فإن ذلك الأسر من أسباب إسلامهم ودخولهم في الإسلام، فهم يقادون إلى الجنة في السلاسل، يعني أنهم يجرون إلى شيء لا يريدونه وهو خير لهم، فيئول بهم الأمر إلى أن يسلموا ويكونوا من أهل الجنة وقد كانوا كارهين في أول الأمر؛ لأن أسرهم مكروه لهم، ولكنه يترتب على أسرهم وبقائهم وعدم قتلهم أنهم يشاهدون أحوال المسلمين وأعمال المسلمين وأحكام الإسلام، فيدخلون في الإسلام، فيكونون من أهل الجنة، ويسلمون من أن يكونوا من أهل النار الذين هم الكفار الذين لا سبيل لهم إلى الجنة، ومآلهم إلى النار، ويبقون فيها أبد الآباد ولا يخرجون منها أبداً. هذا هو المقصود بالحديث، وفيه إثبات صفة العجب لله عز وجل، وهي ثابتة في السنة كما في هذا الحديث وغيره، وأيضاً ثابتة في القرآن على إحدى القراءتين في قول الله عز وجل: بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ [الصافات:12]. وقد قال المنذري : (عجب ربنا) قيل: عظم ذلك عنده. وقيل: عظم جزاؤه. فسمى الجزاء عجباً، وقال ابن فورك : والعجب المضاف إلى الله تعالى يرجع إلى معنى الرضا والتعظيم، وأن الله يعظم من أخبر عنه بأنه يعجب منه ويرضى عنه. وهذا من التأويل، والأصل في الصفات أنها لا تؤول، وإنما تثبت على الوجه الذي يليق بالله بكماله وجلاله، والصفات كلها من باب واحد يؤتى بها على نهج واحد وعلى طريقة واحدة بدون تأويل وبدون تحريف وبدون تكييف وبدون تشبيه أو تعطيل أو تمثيل، بل على حد قول الله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

تراجم رجال إسناد حديث عجب ربنا من قوم يدخلون الجنة في السلاسل )


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد -يعني ابن سلمة - ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا محمد بن زياد ]. محمد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سمعت أبا هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، وقد مر ذكره. والإسناد من أعلى الأسانيد عند أبي داود.

شرح حديث قصة إيثاق الحارث بن البرصاء الليثي


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن مسلم بن عبد الله عن جندب بن مكيث رضي الله عنه أنه قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله بن غالب الليثي رضي الله عنه في سرية، وكنت فيهم، وأمرهم أن يشنوا الغارة على بني الملوح بالكديد، فخرجنا حتى إذا كنا بالكديد لقينا الحارث بن البرصاء الليثي ، فأخذناه، فقال: إنما جئت أريد الإسلام، وإنما خرجت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! فقلنا: إن تكن مسلماًَ لم يضرك رباطنا يوماً وليلة، وإن تكن غير ذلك نستوثق منك. فشددناه وثاقاً) ]. أورد أبو داود حديث جندب بن مكيث رضي الله عنه. [ (نستوثق منه) ] يعني: نطمئن إلى أنا قد تمكنا منك وأقعدناك حتى لا تفر وأنت كافر. والمقصود من هذا بيان ما دلت عليه الترجمة من أن توثيق الأسير جائز، وقد جاء بذلك القرآن والسنة، فجاء في القرآن في قوله تعالى: فَشُدُّوا الْوَثَاقَ [محمد:4]، وجاء في السنة في أحاديث كثيرة، ومنها هذا الحديث.

تراجم رجال إسناد حديث قصة إيثاق الحارث بن البرصاء الليثي


قوله: [ حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر ]. عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الوارث ]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يعقوب بن عتبة ]. يعقوب بن عتبة ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن مسلم بن عبد الله ]. مسلم بن عبد الله مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن جندب بن مكيث ]. جندب بن مكيث رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج له أبو داود . والإسناد فيه ذلك المجهول، والحديث ضعيف من حيث الإسناد، لكن الوثاق وكون الأسير يوثق جاء في أحاديث منها الأحاديث المتقدمة.

شرح حديث قصة أسر ثمامة بن أثال وإسلامه رضي الله تعالى عنه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عيسى بن حماد المصري و قتيبة ، قال قتيبة : حدثنا الليث بن سعد عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول: (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيلاً قبل نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: ماذا عندك يا ثمامة ؟ قال: عندي -يا محمد- خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى إذا كان الغد، ثم قال له: ما عندك يا ثمامة ؟ فأعاد مثل هذا الكلام، فتركه حتى كان بعد الغد فذكر مثل هذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أطلقوا ثمامة . فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل فيه، ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسول) وساق الحديث. قال عيسى أخبرنا الليث وقال: ذا ذم ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل بعثاً قبل نجد فجاءوا بثمامة بن أثال وهو سيد أهل اليمامة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بربطه في سارية من سواري المسجد، ثم جاء إليه وقال: [ (ماذا عندك يا ثمامة ؟ فقال: عندي -يا محمد- خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت) ]. قوله: [ (عندي خير)] فسر هذا الخير الذي عنده بقوله: [ (إن تقتل تقتل ذا دم) ] يعني: يستحق القتل، وفي رواية أخرى: [ ذا ذم ] أي: ذا ذمة أو ذمام. [ (وإن تنعم تنعم على شاكر) ] يعني: شاكر لك عفوك وإحسانك. فتركه ثم أعاد عليه مرة ثانية ثم الثالثة وهو يجيب جواباً واحداً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ (أطلقوا ثمامة) ] ، فلما أطلقوه ذهب إلى نخل فيه ماء واغتسل وجاء وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأسلم. والمقصود من إيراد الحديث أنه ربط وأوثق، وفي الحديث دليل على اغتسال الكافر عند إسلامه، وذلك لأن الكفار لا يتطهرون، ويباشرون النجاسات، ولا يلتزمون بالأحكام الشرعية مثل الاغتسال من الجنابة وما إلى ذلك، فذهب واغتسل ثم جاء وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ثم إنه ذهب واعتمر، ولما رأه أهل مكة من الكفار قالوا: صبأت . فأخبرهم أنه أسلم وأنه هداه الله، وأن الميرة التي تأتيهم من نجد سيمنع مجيئها إليهم إلا إذا أذن محمد صلى الله عليه وسلم. فالحاصل أن هذا الرجل أسلم رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ومحل الشاهد من ذلك كونه ربط في سارية من سواري المسجد. والحديث فيه جواز دخول الكافر المسجد، ولكن ذلك ليس على إطلاقه، وإنما للحاجة. والكافر ليست ذاته نجسة، بمعنى أن من يلمسه عليه أن يغسل يده، وإنما نجاسة الكفار نجاسة حكمية، وهي نجاسة الكفر، وأما أبدانهم فمن لمسها أو صافح إنساناً منهم فلا يغسل يديه من أجل المصافحة أو لأنه لمس شيئاً نجساً؛ لأن النجاسة حكمية.

تراجم رجال إسناد حديث قصة أسر ثمامة بن أثال وإسلامه رضي الله تعالى عنه

قوله: [ حدثنا عيسى بن حماد المصري ]. عيسى بن حماد المصري الملقب بـ زغبة وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و قتيبة ]. قتيبة بن سعيد مر ذكره. [ قال قتيبة : حدثنا الليث ] الليث بن سعد مر ذكره. [ عن سعيد بن أبي سعيد ]. هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنه سمع أبا هريرة ] هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، وقد مر ذكره. وهذا الإسناد رباعي؛ لأن قتيبة و عيسى بن حماد في طبقة واحدة.

شرح حديث ربط يدي سهيل بن عمرو إلى عنقه بعد أسره يوم بدر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي حدثنا سلمة -يعني ابن الفضل - عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: (قدم بالأسارى حين قدم بهم وسودة بنت زمعة عند آل عفراء في مناخهم على عوف و معوذ ابني عفراء، قال: وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب، قال: تقول سودة : والله إني لعندهم إذ أتيت فقيل: هؤلاء الأسارى قد أتي بهم. فرجعت إلى بيتي ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه، وإذا أبو يزيد سهيل بن عمرو في ناحية الحجرة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل.)ثم ذكر الحديث ]. أورد أبو داود حديث: [ يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة قال: [ (قدم بالأسارى حين قدم بهم وسودة عند آل عفراء في مناخهم) ] فلما رجعت إلى بيتها وجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأت أبا يزيد سهيل بن عمرو مجموعة يداه إلى عنقه أي أنه قد أوثق. والشاهد منه إيثاق الأسارى، وأنهم يوثقون، لكون سهيل قد جمعت يداه إلى عنقه، أي: قد أوثق بالقيد. وقوله: [ ثم ذكر الحديث ] يشير إلى أن فيه اختصاراً. والحديث ضعيف لأن فيه انقطاعاً، وقد يكون -أيضاً- ضعفه من جهة سلمة بن الفضل ، وقد ضعف الحديث الشيخ الألباني .

تراجم رجال إسناد حديث ربط يدي سهيل بن عمرو إلى عنقه بعد أسره يوم بدر

قوله: [ حدثنا محمد بن عمرو الرازي ]. محمد بن عمرو الرازي ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و ابن ماجة. [ حدثنا سلمة -يعني ابن الفضل - ]. سلمة بن الفضل صدوق كثير الخطأ، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة في التفسير. [ عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر ]. ابن إسحاق مر ذكره، وعبد الله بن أبي بكر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ]. يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود .
الأسير ينال منه ويضرب ويقرر


شرح حديث ضرب الصحابة عبد بني الحجاج للاستعلام عن عير أبي سفيان


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الأسير ينال منه ويضرب ويقرر. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب أصحابه فانطلقوا إلى بدر فإذا هم بروايا قريش فيها عبد أسود لبني الحجاج فأخذه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجعلوا يسألونه: أين أبو سفيان ؟ فيقول: والله ما لي بشيء من أمره علم، ولكن هذه قريش قد جاءت فيهم أبو جهل و عتبة و شيبة ابنا ربيعة و أمية بن خلف ، فإذا قال لهم ذلك ضربوه، فيقول: دعوني دعوني أخبركم. فإذا تركوه قال: والله ما لي بأبي سفيان من علم، ولكن هذه قريش قد أقبلت فيهم أبو جهل و عتبة و شيبة ابنا ربيعة و أمية بن خلف قد أقبلوا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي وهو يسمع ذلك، فلما انصرف قال: والذي نفسي بيده! إنكم لتضربونه إذا صدقكم وتدعونه إذا كذبكم، هذه قريش قد أقبلت لتمنع أبا سفيان . قال أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هذا مصرع فلان غداً. ووضع يده على الأرض، وهذا مصرع فلان غداً. ووضع يده على الأرض، وهذا مصرع فلان غداً. ووضع يده على الأرض. فقال: والذي نفسي بيده! ما جاوز أحد منهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ بأرجلهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب في الأسير ينال منه ويضرب ويقرر ]. يعني أن ذلك سائغ عند الحاجة إلى ذلك، وهو كونه يضرب وينال منه ويقرر ويستجوب ويسأل عن أخبار العدو وعمّا وراءه، كل ذلك لا بأس به عند الحاجة. وأورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذهب هو وأصحابه إلى بدر لأجل أخذ العير التي جاء بها أبو سفيان من الشام إذا هم بروايا قريش فيها عبد أسود لبني الحجاج. والروايا: جمع راوية، وهي القِرَب التي تحمل على الإبل للسقي. فسألوا هذا العبد عن أبي سفيان ، و أبو سفيان هو الذي جاء من الشام، فأخبرهم بأن قريشاً قد جاءت فيها فلان وفيها فلان وفيها فلان، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي ويسمع كلامه وكلامهم، فضربوه، فكان إذا قال: دعوني أخبركم تركوا الضرب، فيقول لهم: مثل الكلام الذي قاله أولاً، وكان صادقاً في إخباره عن الجماعة الذين جاءوا ليدافعوا عن عير أبي سفيان وليقاتلوا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يسمعهم، فلما سلم قال: [ (إنكم لتضربونه إذا صدقكم وتدعونه إذا كذبكم) ]. يعني: إذا قال دعوني أخبركم تركوه، وهو ليس عنده خبر عن الشيء الذي يريدونه بالنسبة لعير أبي سفيان ، ولكن كان عنده الخبر عن قريش. فالمقصود من هذا أنهم كانوا يضربونه والرسول صلى الله عليه وسلم ما نهاهم عن الضرب، أي: أقرهم على ذلك، وما قال: لا تفعلوا. فدل هذا على جواز ضرب الأسير أو الشخص الذي يحتاج إلى ضربه من أجل استخراج شيء منه يفيد المسلمين ضد أعدائهم. وفيه دليل على أن الإنسان إذا كان يصلي فإنه يمكنه أن يسمع الكلام الذي يجري حوله بحيث لا يشغله عن صلاته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسمع الذي يقول لهم، وبعدما صلى أخبرهم بأن شأنه أنه إذا صدقكم ضربتموه وإذا كذبكم تركتموه ولم تضربوه. وقوله: [ قال رسول صلى الله عليه وسلم: (هذا مصرع فلان غداً) ]. معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار لهم في الأرض إلى مصارع هؤلاء الكفار الذين هم صناديد قريش وكفار قريش ومقدموهم. فلما جاءت الوقعة ما تجاوز كل واحد منهم المكان الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من علامة نبوته ودلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، حيث يخبر عن الشيء المستقبل فيقع طبقاً لما أخبر به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. ثم إنه أمر بهم فسحبوا وألقوا في قليب في بدر، والقليب هي البئر المحفورة غير المطوية، فسحبوا وألقوا في هذه القليب.

تراجم رجال إسناد حديث ضرب الصحابة عبد بني الحجاج للاستعلام عن عير أبي سفيان


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، و حماد مر ذكره، و ثابت هو ابن أسلم البناني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والإسناد من الأسانيد العالية عند أبي داود ، وهي الرباعيات.
إكراه الأسير على الإسلام


شرح حديث بيان سبب نزول قوله تعالى: ( لا إكراه في الدين )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الأسير يكره على الإسلام. حدثنا محمد بن عمرو بن علي المقدمي قال: حدثنا أشعث بن عبد الله -يعني السجستاني - ح وحدثنا ابن بشار قال: حدثنا ابن أبي عدي - وهذا لفظه -، ح وحدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (كانت المرأة تكون مقلاة فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا. فأنزل الله عزوجل: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ [البقرة:256]). قال أبو داود : المقلاة التي لا يعيش لها ولد ]. أورد أبو داود [ باب في الأسير يكره على الإسلام ] أي أنه لا يكره، فالأسير لا يكره فيقال له: إما أن تسلم وأما أن نقتلك، ليس هذا من حكم الإسلام، وإنما يوثق ويصير عبداً بين مسلمين يشاهد أحكام الإسلام وأعمال الإسلام، فيكون ذلك سبباً في إسلامه, فما دام أن المسلمين قد تمكنوا منه فإنه يصير تحت إمرتهم وتحت سلطتهم وتحت تصرفهم، فيكون رقيقاً مملوكاً يتصرفون فيه كيف يشاءون، ثم يكون وجوده بين المسلمين سبباً في إسلامه، فالمقصود هو الهداية وليس المقصود القتل. ولكن كون المسلمين يذهبون إلى بلاد الكفار ويغزونهم ويقاتلونهم على أن يدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية ويكونوا تحت حكم الإسلام هذا هو حكم الإسلام، ومعنى هذا أن فيه جهاداً وفيه انتقال المسلمين من بلادهم إلى بلاد الكفار يغزونهم، فيدعونهم إلى الإسلام، وإلى أن يدخلوا تحت لوائه أو يعطوا الجزية ويكونوا تابعين للمسلمين يعاملهم المسلمون المعاملة التي جاء بها الإسلام. وأما أن يكون عندهم كافر أسير فيخيرونه بين القتل أو الإسلام فليس الأمر الشرعي كذلك؛ لأنه ما حصل إلزام الأفراد الذين عاشوا تحت حكم الإسلام مأسورين، وكذلك الذين أعطوا الجزية عن يد وهو صاغرون، فهؤلاء ما أكرهوا على الإسلام بحيث يلزم الإنسان منهم بأن يسلم وإلا قتل، بل إن أسلم فالحمد لله، وإلا فإنه يعطي الجزية ويكون تحت حكم الإسلام، وإعطاؤه الجزية وبقاؤه تحت حكم الإسلام ومشاهدته أحكام الإسلام من أسباب دخوله في الإسلام. فإكراه الأسير على الإسلام لا يجوز. وهنا أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه في سبب نزول قوله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ [البقرة:256] أن الأنصار كانوا في المدينة ومعهم اليهود، وكانت المرأة تكون مقلاة لا يعيش لها ولد، فتنذر أنَّه إن جاءها ولد فإنها ستهوده، أي: تجعله يهودياً. والأنصار الذين كانوا في المدينة من الأوس والخزرج أصلهم من أزد اليمن من العرب. فكانت المرأة تنذر بأن تهود ابنها، فيكون يهودياً وينشأ على أنه يهودي، واليهود كانوا معهم في المدينة، فلما أجلي بنو النضير قال الأنصار: لا ندع أبناءنا الذين قد هودوا بسبب هذا النذر الذي يحصل من المرأة المقلاة. فأنزل الله: (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )) يعني أنه لا يكره الشخص على الإسلام وعلى أن يدخل في الإسلام. وأنزل الله عز وجل: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ [البقرة:256]، فهذا هو معنى الآية، وليس معناها أن الكفار لا يُجَاهدون ولا يُغزون في بلادهم، وعلى هذا فلا تنافي بين ما جاء في القرآن من الأمر بقتال الكفار، كقوله تعالى: فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [التوبة:5]، وقوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال:39]، لا تنافي بين ذلك وبين هذه الآية التي هي قوله تعالى: (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ))، وتكون الآية محمولة على مثل من نزلت فيهم، وهم الذين كانوا أبناء مشركين ولكنهم تهودوا، فلا يكرهوهم على الإسلام فيلزموهم بالإسلام أو القتل؛ لأنهم لو أكرهوهم فيمكن أن يظهروا الإسلام علناً وهم يبطنون الكفر، فلا يكون هناك فائدة من وراء هذا الإكراه. فتكون الآية محمولة على مثل من نزلت فيهم، وآيات الأمر بالقتال للمشركين على ما هي عليه، وهي أن المسلمين يذهبون إلى بلاد الكفار فيغزونهم ويقاتلونهم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيراً وقال: (اغزوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله). فتحمل الآيات والأحاديث التي في القتال على غزو الكفار والذهاب إليهم ليدخلوا في الإسلام أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ويحكم الإسلام بلادهم، ويكون الإسلام ظاهراً عالياً على الأديان، ويكونون تحت لوائه، فيشاهدون أحكام الإسلام وفضله، فيكون ذلك سبباً في إسلامهم، والآية (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )) تكون في مثل هؤلاء. وليس الأمر كما يفعله بعض الناس في هذا الزمان حين انهزموا في نفوسهم، فأرادوا أن يعتذروا للإسلام أمام الكفار بأنَّ الإسلام ليس فيه هجوم وليس فيه ذهاب إلى الكفار من أجل دعوتهم إلى الإسلام، وإنما الجهاد في الإسلام للدفاع! هكذا يقول بعض الناس في هذا الزمان، فكثير من الناس يقولون: الجهاد للدفاع. ونقول: كيف يكون الجهاد للدفاع والصحابة كانوا يذهبون إلى الكفار في بلادهم ويغزونهم في بلادهم، وكذلك من بعدهم، والرسول صلى الله عليه وسلم جهز الجيوش وقال: (اغزوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله)، والصحابة ذهبوا إلى الفرس والروم، مع أن الفرس والروم ما هاجموا المدينة وما جاءوا إلى المدينة حتى يدافع الصحابة عن أنفسهم، وإنما ذهبوا إليهم في بلادهم لإخراجهم من الظلمات إلى النور بأن يسلموا، أو يدخلوا تحت حكم الإسلام فيشاهدون أحكام الإسلام فيكون ذلك سبباً في إسلامهم؟! وهل يُظن أن الذين ذهبوا إلى إفريقيا حتى وصلوا إلى المحيط الأطلسي ذهبوا ليدافعوا عن الإسلام أو ليدافعوا عن المسلمين؟! إنما كانوا يذهبون إلى الكفار ويدعونهم إلى الإسلام، لكن لما ضعف المسلمون في هذا الزمان وصار الكفار متغلبين صار بعض المسلمين يزعم أن الجهاد إنما هو للدفاع فقط، وأن الكفار لا يغزون ولا يذهب إليهم في بلادهم، ولا إكراه في الدين، فصارت آية (لا إكراه في الدين) هي عندهم كل شيء، والآية إنما جاءت في مثل هذه الصورة التي ذكرت، وهي أن المرأة كانت تكون مقلاة، فتنذر إن عاش لها ولد فإنها ستهوده، ثم لما أجلي بنو النضير وكان أبناء الأنصار اليهود معهم كانوا يكرهونهم على الإسلام حتى يبقوا معهم، فنزلت الآية: (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ )). إذاً الآية لها معنىً يخصها، وتلك الآيات لها معانٍ، ولا تنافي بين ما في آيات قتال الكفار حتى يكون الدين كله لله وبين آية (( لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ))؛ لأنها في مثل من نزلت فيهم، فالمسلمون إذا كان تحت أيديهم كافر فإنه لا يجوز لهم أن يقولوا له: إما أن تسلم وإما أن نقتلك، فهذا إكراه ممنوع وغير جائز، وإنما يغزى الكفار في بلادهم ويقاتلون، فإن دخلوا في الإسلام فالحمد لله، وهذا هو المطلوب، وإن لم يدخلوا طلب منهم إعطاء الجزية ويتولى عليهم المسلمون، ويكون ذلك سبباً في إسلامهم بأن يشاهدوا أحكام الإسلام وتعاليم الإسلام.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #533  
قديم 04-05-2025, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث بيان سبب نزول قوله تعالى: ( لا إكراه في الدين )

قوله: [ حدثنا محمد بن عمرو بن علي المقدمي ]. محمد بن عمرو بن علي المقدمي صدوق أخرج له أصحاب السنن. [ حدثنا أشعث بن عبد الله ]. أشعث بن عبد الله ثقة، أخرج له أبو داود. [ ح وحدثنا ابن بشار ]. هو محمد بن بشار بندار ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن أبي عدي ]. هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا وهب بن جرير ]. هو وهب بن جرير بن حازم ، وهو ثقة، أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بشر ]. هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قتل الأسير دون عرض الإسلام عليه



شرح حديث عتابه عليه الصلاة والسلام أصحابه على تركهم قتل ابن أبي السرح


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب قتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام. حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط بن نصر قال: زعم السدي عن مصعب بن سعد عن سعد رضي الله عنه قال: (لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وسماهم، و ابن أبي سرح ... فذكر الحديث، قال: وأما ابن أبي سرح فإنه اختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا نبي الله! بايع عبد الله . فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى، فبايعه بعد ثلاث، ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله؟! فقالوا: ما ندري -يا رسول الله- ما في نفسك، ألا أومأت إلينا بعينك؟! قال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين). قال أبو داود : كان عبد الله أخا عثمان من الرضاعة، وكان الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه، وضربه عثمان الحد إذ شرب الخمر ]. أورد الإمام أبو داود رحمه الله تعالى [ باب في الأسير يقتل ولا يعرض عليه الإسلام ]. يعني أنه يقتل ولا يلزم أن يكون قتله بعد أن يعرض عليه الإسلام، وإنما الإمام مخير في الأسارى بين القتل أو الفداء أو المن والمسامحة. وقد أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة أمن الناس إلا أربعة نفر وامرأتين، وسماهم، وأن عبد الله بن أبي السرح اختبأ عند عثمان بن عفان وكان أخاه من الرضاعة، ثم إنه جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يبايعه والنبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه، ثم بعد ذلك بايعه، ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام قال:[ (أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟! فقالوا: ألا أومأت إلينا بعينك؟! فقال: إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين) ] أي: أن يظهر شيئاً ثم يشير بعينه أو ببصره إلى خلافه، فيكون الذي ظهر منه مخالفاً للذي أشار إليه، وهذا الفعل يظهر أنه ليس المنع منه خاصاً بالأنبياء بل هو ممنوع في حق الجميع، لكن في حق الأنبياء المنع منه أشد وأعظم، وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن مبايعته وقد حصل ذلك أكثر من مرة دليل على عدم رضاه وأنه يستحق القتل لو قتل، وهذا هو الدليل على الترجمة، وهو كون الرسول صلى الله عليه وسلم أذن أن يقتل الأسير ولا يعرض عليه الإسلام، وكذلك الذين لم يؤمنهم الرسول صلى الله عليه وسلم، فجاز أن يؤسروا ويقتلوا ولا يعرض عليهم الإسلام. وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل مع عبد الله بن أبي السرح لأنه كان من كتاب الوحي، كان يكتب الوحي للرسول صلى الله عليه وسلم، ثم إنه ارتد ثم عاد إلى الإسلام، فعامله النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاملة لكونه كان من كتاب الوحي ومع ذلك حصل منه ما حصل، إذ كان في الأصل أن كتابة الوحي وائتمان النبي صلى الله عليه وسلم له على الوحي داعيان لبعده من أن يقع في مثل هذا الذي وقع فيه، فمن أجل ذلك عامله النبي صلى الله عليه وسلم هذه المعاملة. قوله: [ (لما كان يوم فتح مكة أمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين -وسماهم- و ابن أبي سرح) ]. يعني أن هؤلاء يقتلون وغيرهم حصل له الأمان، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من دخل داره فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن)، ولكن هؤلاء الأربعة والقينتين لم يؤمنهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر بقتلهم أينما وجدوا. قوله: [ (فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الناس إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا نبي الله! بايع عبد الله) ]، يعني بيعة الذين أسلموا عام الفتح، فلما دعا إلى بيعتهم فجاءوا جاء عثمان ومعه عبد الله بن أبي السرح وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يبايعه، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه. قوله: [ (ثم أقبل على أصحابه فقال: أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي) ]. المقصود بالرشيد الفطن الذي عنده فطنة وعنده انتباه لكون النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دمه ومع ذلك لما أجاره عثمان وجاء به وكرر طلب المبايعة له جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ثم يعرض عنه، فهذا دليل على عدم رضاه وعلى عدم موافقته على بيعته، فالرشيد هنا المقصود به النبيه أوالفطن الذي عنده فطنة وعنده نباهة يعرف أن امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم إنما كان لأمر يستحقه ذلك الرجل الذي امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم من مبايعته وكان قد أهدر دمه.

تراجم رجال إسناد حديث عتابه عليه الصلاة والسلام أصحابه على تركهم قتل ابن أبي السرح

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا أحمد بن المفضل ]. أحمد بن المفضل صدوق في حفظه شيء، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا أسباط بن نصر ]. أسباط بن نصر صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ قال: زعم السدي ]. السدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري و مسلم وأصحاب السنن. وكلمة (زعم) المقصود بها هنا الخبر المحقق، يعني: أخبر خبراً محققاً. لأن الزعم يأتي في كلام العلماء وعلى ألسنة الصحابة بمعنى الخبر المحقق، وهذا منه. [ عن مصعب بن سعد ]. هو مصعب بن سعد بن أبي وقاص ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعد ]. هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، و سعد هذا هو أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه وأرضاه. والحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله وقال: إلا أن أسباط بن نصر و أحمد بن المفضل قد تكلم فيهما بعض الأئمة من جهة حفظهما، لكن الحديث له شاهد يتقوى به، فالحديث بهذا الشاهد صحيح. قوله: [ كان عبد الله أخا عثمان من الرضاعة، وكان الوليد بن عقبة أخا عثمان لأمه، وضربه عثمان الحد إذ شرب الخمر ]. هنا ذكر القرابة التي بين عثمان وبين عبد الله بن أبي السرح ، وهي أنه أخاه من الرضاعة، وذكر -أيضاً- أخاً له آخر، ولكنه أخوه من أمه، وهو الوليد بن عقبة بن أبي معيط وقد حده عثمان لشربه الخمر، والحديث في صحيح مسلم ، وفيه أنه أمر الحسن أن يجلده، ثم إنه حصل الجلد و علي يعد حتى بلغ أربعين، ثم قال: أمسك. ثم قال: جلد الرسول صلى الله عليه وسلم كذا وجلد عمر كذا. وقال: وكل سنة، وهذا أحب إلي. يعني أن الشيء الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه.

شرح حديث: ( أربعة لا أؤمنهم في حل ولا حرم )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا زيد بن حباب قال: أخبرنا عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي قال: حدثني جدي عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال يوم فتح مكة: (أربعة لا أؤمنهم في حل ولاحرم)فسماهم، قال: وقينتين كانا لمقيس ، فقتلت إحداهما وأفلتت الأخرى فأسلمت. قال أبو داود :لم أفهم إسناده من ابن العلاء كما أحب ]. أورد أبو داود هنا حديث سعيد بن يربوع المخزومي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة: [ (أربعة لا أؤمنهم لا في حل ولا في حرم) فسماهم، قال: وقينتين كانتا لمقيس ]. والقينتان هما الجاريتان اللتان تغنيان، وقيل: هما الجاريتان مطلقاً، ولكن المشهور أنهما متصفتان بالغناء. ثم إن إحداهما قتلت والثانية حصل لها الإفلات من القتل، ولكنها أسلمت ولم يحصل لها القتل، وهما لمقيس بن صبابة ، وهو أحد الذين لم يؤمنهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء الأربعة هم مقيس هذا و عبد الله بن خطل و عكرمة بن أبي جهل و عبد الله بن أبي السرح .

تراجم رجال إسناد حديث: ( أربعة لا أؤمنهم في حل ولا حرم )


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زيد بن حباب ]. زيد بن حباب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا عمرو بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع المخزومي ]. عمرو بن عثمان مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ حدثني جدي ]. هو عبد الرحمن بن سعيد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ عن أبيه ]. هو سعيد بن يربوع المخزومي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أبو داود . والحديث ضعفه الألباني ، ولكنه مثل الحديث الذي قبله فيه ذكر الأربعة والجاريتين. قوله: [ قال أبو داود : لم أفهم إسناده من ابن العلاء كما أحب ]. معناه أنه غير مطمئن وغير متوثق من إسناده.
شرح حديث أمره صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وقد تعلق بأستار الكعبة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر، فلما نزعه جاءه رجل فقال: ابن خطل متعلق بأستار الكعبة. فقال: اقتلوه) . قال أبو داود : ابن خطل اسمه عبد الله ، وكان أبو برزة الأسلمي قتله ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر) ] والمغفر هو غطاء يكون على الرأس يقي الرأس من أن تصل إليه السهام، وهو من الحديد، وهذا يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح من غير إحرام، وذلك لأنه كان على رأسه المغفر، والمحرم لا يغطي رأسه بل يكشفه. ثم إن فيه دليلاً على الأخذ بالأسباب، وأن ذلك من التوكل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هو سيد المتوكلين، وقد أخذ بالسبب الذي يمنع وصول السهام إليه صلى الله عليه وسلم. [ (فلما نزعه) ]. فلما نزعه بعد أن انتهى فتح مكة عنوة قيل له: [ ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ]. وكان ممن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم. ومعنى ذلك أنه قرب من الكعبة والتصق بها وتعلق بأستارها يريد الأمان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ (اقتلوه) ] يعني: ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة. وفي الحديث دليل على كسوة الكعبة، وأن هذا كان في الجاهلية وأقره الإسلام؛ لأن قوله: [متعلق بأستار الكعبة] يعني: بكسوتها، وهو يدل على كسوة الكعبة، فكسوة الكعبة جاء بها النص، وأما كسوة حجرة النبي صلى الله عليه وسلم التي فيها قبره فلم يأت بها دليل، فهي غير جائزة. وليس فيه دليل على جواز التعلق بأستار الكعبة، لأن هذا طالب أمان، وكون الناس يأتون فيتعلقون بأستارها ويقولون: إن ابن خطل تعلق بأستار الكعبة ليس بحجة، فتعلق ابن خطل لأنه كان يطلب الأمان، فلشدة رغبته في الأمان تعلق بأستار الكعبة، فلا يجوز التعلق بأستارها، كما أنه لا يسوغ أن يستلم منها إلا الحجر الأسود والركن اليماني، أما ما عداهما فإنه لا يستلم، لا الركنان الشاميان ولا الجدران اللذان بينهما، اللهم إلا الملتزم الذي ورد فيه بعض الأحاديث، ومن العلماء من صححها ومنهم من ضعفها.

تراجم رجال إسناد حديث أمره صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وقد تعلق بأستار الكعبة

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو القعنبي عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #534  
قديم 04-05-2025, 01:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الجهاد
شرح سنن أبي داود [318]
الحلقة (350)



شرح سنن أبي داود [318]

للأسير أحكام في الشريعة الإسلامية تنبئ عن حرصها على مصلحة العباد وتحقيق الخير لهم، فمن ذلك ما يتعلق بقتل الأسير إن رأى الإمام ذلك، ومنها ما يتعلق بإطلاق سراحه بفداء أو بغير فداء حسب ما يراه الإمام. ومن الأحكام المتعلقة بهذا الباب رد السبي بعد إسلام أهليهم، وما يعوض به صاحب الحظ من السبي إن بقي على طلب حقه، ونحو ذلك من الأحكام الشرعية الدالة على عظمة الإسلام وشريعته.

قتل الأسير صبراً


شرح حديث قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط بعد أسره في بدر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الأسير صبراً. حدثنا علي بن الحسين الرقي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: أخبرني عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن إبراهيم قال: أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقاً فقال له عمارة بن عقبة : أتستعمل رجلاً من بقايا قتلة عثمان ؟! فقال له مسروق : حدثنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه -وكان في أنفسنا موثوق الحديث- (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد قتل أبيك قال: من للصبية؟ قال: النار) فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله صلى الله عليه وسلم. ]. أورد أبو داود [باب في قتل الأسير صبراً]. وقتل الأسير صبراً هو أن يحبس أو يمسك ثم يقتل، فالقتل صبراً يكون بحبس من كان حياً وإمساكه حتى يقتل، سواء أكان إنساناً أم حيواناً، وكذلك حبس البهائم حتى تموت هو من القتل صبراً. قوله: [ (أراد الضحاك بن قيس أن يستعمل مسروقاً فقال له عمارة بن عقبة ..) ]. أي: أراد الضحاك بن قيس وكان أميراً أن يستعمل مسروقاً في عمل من الأعمال، فقدح فيه عمارة بن عقبة وقال: أتستعمل شخصاً من بقايا قتلة عثمان ؟! فمسروق قابله بأن قال فيه قولاً مقابل ما قاله فيه، فقال: [ حدثنا عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد قتل أبيك قال: (من للصبية -والصبية منهم عمارة هذا-؟ قال: النار) فقد رضيت لك ما رضي لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ] فكل منهما قدح في الآخر. وما أدري عن صحة قضية اتهام مسروق بما اتُهم به وما ذكره في حقه عمارة بن عقبة ، لكن قصة عقبة بن أبي معيط وقول النبي صلى الله عليه وسلم له جاء في هذا الإسناد وفي هذا الحديث عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فما قيل في حق عقبة ثابت بهذا الإسناد. قوله: [من للصبية] يعني: إذا قتلتني فمن يكون للصبية؟! أي: عمارة وإخوانه. فقال: [ (لهم النار) ]. واختلف في تفسير قوله: [ (لهم النار)] فمن العلماء من قال: معناه: لهم الضياع. أي: لهم الضياع بسبب ضياعه هو. ومنهم من قال غير ذلك، حيث قالوا: هذا من أسلوب الحكيم، أي: لك النار ودع أمر الصبية فإن الله تعالى كافلهم. ومعلوم أن أبناء المشركين حكمهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الله أعلم بما كانوا عاملين) يعني: إذا ماتوا وهم صغار فإنهم يمتحنون يوم القيامة والله أعلم بما كانوا عاملين، لكن من كبر منهم وأسلم يختلف حكمه. وعمارة مع كونه مسلماً قابله مسروق بأن قال فيه ما قال، ولكن الأمر يحتمل أن يكون المقصود أباهم وليس الذين أسلموا من أولاده.

تراجم رجال إسناد حديث قتل النبي صلى الله عليه وسلم عقبة بن أبي معيط بعد أسره في بدر


قوله: [ حدثنا علي بن الحسين الرقي ]. علي بن الحسين الرقي صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي ]. عبد الله بن جعفر الرقي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عبيد الله بن عمرو ]. هو عبيد الله بن عمرو الرقي ، ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن أبي أنيسة ]. زيد بن أبي أنيسة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن مرة ]. هو عمرو بن مرة الهمداني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم ]. هو إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ فقال له مسروق ]. هو مسروق بن الأجدع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عبد الله بن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قتل الأسير بالنبل


شرح حديث النهي عن القتل صبراً بالنَّبل


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قتل الأسير بالنبل. حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن ابن تعلي قال: غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتي بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبراً. قال أبو داود : قال لنا غير سعيد عن ابن وهب في هذا الحديث: قال: (بالنبل صبراً) فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن قتل الصبر) فوالذي نفسي بيده! لو كانت دجاجة ما صبرتها. فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعتق أربع رقاب ]. أورد أبو داود [ باب في قتل الأسير بالنبل ] يعني حكمه. وهو أنه يقتل بالنبل أو بأي وسيلة يحصل بها القتل. قوله عن ابن تعلي : [ غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتي بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبراً ]. الأعلاج قيل: هم الكفار من العجم -أي: من غير العرب- وقيل غير ذلك. قوله: [ فأمر بهم فقتلوا صبراً ] يعني أنهم أمسكوا حتى قتلوا. قوله: [ قال أبو داود : قال لنا غير سعيد عن ابن وهب في هذا الحديث: قال: (بالنبل صبراً) ]. هذا محل الشاهد، أي: كون القتل كان بالنبل. قوله: [ فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن قتل الصبر) ]. سبق أن مر في الترجمة السابقة ذكر القتل بالصبر، وأن ذلك سائغ، ولعل هذا الذي سمعه أبو أيوب كان قبل، أو أنه القتل الذي يكون فيه إيذاء للمقتول، ومعلوم أن هذا إذا لم يكن عن طريق المقابلة والقصاص، أما إذا كان قتله بالطريقة التي قتل بها فإن ذلك سائغ، وقد جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما عرفنا فيما مضى أن التمثيل لا يجوز ولكن من مثل يجوز أن يمثل به. فالمحذور هو أن يتخذ المقتول غرضاً ثم يرمى بالنبل، فيكون في ذلك تعذيب له، أما إمساكه وقتله فهو جائز كما فعل بعقبة بن أبي معيط ، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة) فيبدو أن النهي عن القتل صبراً إنما هو إذا كان فيه تعذيب. قوله: [ فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها ]. يعني كونها تمسك ثم ترمى، وإنما تقتل قتلاً بالسكين أو بأي شيء يزهقها في الحال، فقد يكون المقصود به تعذيبها بالقتل. قوله: [ فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعتق أربع رقاب ]. أي: أعتق أربع رقاب عن الذين قتلهم صبراً.

تراجم رجال إسناد حديث النهي عن القتل صبراً بالنبل


قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو بن الحارث ]. هو عمرو بن الحارث المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بكير بن عبد الله بن الأشج ]. بكير بن عبد الله بن الأشج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن تعلي ]. هو عبيد بن تعلي الطائي ، صدوق، أخرج له أبو داود . [ فبلغ ذلك أبا أيوب ]. هو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
المن على الأسير بغير فداء


شرح حديث عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن جماعة من المشركين أرادوا قتله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المن على الأسير بغير فداء. حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت عن أنس أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه من جبال التنعيم عند صلاة الفجر ليقتلوهم، فأخذهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سلماً، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأنزل الله عز وجل: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ.. [الفتح:24] إلى آخر الآية ]. أورد أبو داود باباً في المن على الأسير بغير فداء. وهذه إحدى التراجم المتعلقة بأحكام الأسرى، والأسرى وردت أحاديث بقتلهم، ووردت أحاديث باستعبادهم، ووردت أحاديث بالمن عليهم، وكل ذلك ثابت، والأمر يرجع إلى الإمام، فما رأى فيه المصلحة من هذه الأمور فإنه يفعله، وبذلك يكون التوفيق بين هذه الأحاديث، فما دام أنه قد ثبت جميعها فإنه يرجع الأمر إلى الإمام، فيفعل ما يرى فيه المصلحة من القتل أو الأسر أو المن بدون فداء أو المن مع فداء. وأورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه ثمانون رجلاً من جبال التنعيم عند صلاة الفجر يريدون قتله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فأخذهم النبي صلى الله عليه وسلم سلماً، أي: أسرهم، ثم إنه منَّ عليهم بدون أن يأخذ منهم شيئاً، فأنزل الله تعالى الآية: وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ [الفتح:24]، فالله تعالى كف أيديهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بحيث لم يتمكنوا مما أرادوه من قتله صلى الله عليه وسلم وقتل أصحابه، وأيضاً كف أيدي المؤمنين عنهم فلم يقتلوهم بعد أن ظفروا بهم. فالحديث فيه شاهد للترجمة، وهي المن على الأسير بغير فداء.

تراجم رجال إسناد حديث عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن جماعة من المشركين أرادوا قتله


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حماد ]. هو حماد بن سلمة ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. قد مر ذكره. وهذا الإسناد من الرباعيات عند أبي داود .

شرح حديث: (لو كان مطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأسارى بدر: (لو كان مطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له) ]. أورد أبو داود حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر: [ (لو كان مطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى -أي: الأسرى من الكفار فشفع فيهم- لأطلقتهم له) ]. يعني: أطلقت سراحهم من أجله ومن أجل شفاعته، وهذا يدل على المن من غير فداء، ويدل على ما ترجم به المصنف من المن بغير فداء؛ لأنه قال: [ (لو كان مطعم بن عدي حياً وكلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له) ] يعني: وقبلت شفاعته فيهم. وقوله: [ (لو كان مطعم بن عدي حياً) ] ليس فيه اعتراض على القدر، بل معناه: لو أنه حصل كذا وكذا لكان كذا وكذا. يعني أن هذا الشخص لو كان حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى لقبلت شفاعته. فليس فيه شيء يتعلق بالاعتراض على القدر أو ما إلى ذلك. وإنما الاعتراض على القدر هو كقول الكافرين كما حكى الله تعالى عنهم: لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا [آل عمران:156] فهذا هو الذي فيه اعتراض على القدر. وأما ما جاء في الحديث هنا فليس هو من هذا القبيل، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: (لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة). أي: لو كان الذي سبق مني كله أمامي لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة. وهذا ليس تمنياً، وإنما إخبار عن أنه لو كان حصل كذا لكان كذا وكذا. والمطعم بن عدي هو والد جبير بن مطعم ، وكان هو الذي أمن النبي صلى الله عليه وسلم وأجاره لما قدم من الطائف، وأنزله في جواره ومنع الكفار من إيذائه، فمن أجل ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه المقالة في حقه لأنه قد أحسن إليه، فهو سيقبل شفاعته لو شفع فيهم، وهذا فيه تنويه بالعمل الذي قام به المطعم بن عدي ، وهو الذي يقول فيه الشاعر: ولو أن مجداً أخلد الدهر واحداً من الناس أبقى مجده الدهر مطعماً أي: لو كان أحد يبقى بسبب العمل المجيد الذي حصل منه لبقي مطعم بن عدي الذي أمن الرسول صلى الله عليه وسلم وحماه من الكفار عند قدومه من الطائف. ويذكر هذا البيت النحويون في شواهد النحو في عود الضمير على متأخر لفظاً ورتبة، حيث لم يسبق للضمير مرجع، وإنما عاد على متأخر لفظاً ورتبة، والأصل أن الضمير يعود على متقدم. وهنا جاء الضمير عائداً على متأخر لفظاً ورتبة، حيث قال: أبقى مجده الدهر مطعماً أي: أبقى مجد مطعم مطعماً . فجاء الضمير متقدماً على مرجعه، بخلاف الأصل وهو أن الضمير يعود على متقدم، وهنا عاد على متأخر لفظاً ورتبة.

تراجم رجال إسناد حديث: (لو كان مطعم بن عدي حياً ثم كلمني في هؤلاء النتنى لأطلقتهم له)

قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم ]. الزهري قد مر ذكره، ومحمد بن جبير بن مطعم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه ]. أبوه هو جبير بن مطعم رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وكان من أسباب إسلامه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، قال: فكاد قلبي أن يطير عند ذكر قوله عز وجل: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بَل لا يُوقِنُونَ [الطور:35-36]، فأدخل الله عليه الإسلام ودخل في الإسلام رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وكان من أسباب دخوله سماعه القرآن.
فداء الأسير بالمال


شرح حديث أخذ النبي صلى الله عليه وسلم فداء أسرى بدر ونزول العتاب في ذلك


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في فداء الأسير بالمال. حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا أبو نوح قال: أخبرنا عكرمة بن عمار قال: حدثنا سماك الحنفي قال: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما قال: حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (لما كان يوم بدر فأخذ -يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم- الفداء أنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ [الأنفال:67] إلى قوله: لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ [الأنفال:68] من الفداء، ثم أحل لهم الله الغنائم) . قال أبو داود : سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن اسم أبي نوح فقال: أيش تصنع باسمه؟ اسمه شنيع. قال أبو داود : اسم أبي نوح : قراد ، والصحيح عبد الرحمن بن غزوان ]. أورد أبو داود [ باب في فداء الأسير بالمال ] . فمن الأحكام المتعلقة بالأسير أنه يقتل أو يؤسر ويستعبد أو يمن عليه بدون فداء أو يمن عليه بمال، فيطلق سراحه في مقابل الفدية أو بمفاداته بغيره، بأن يكون أسير من المسلمين عند الكفار فيطلق في مقابله أسير من الكفار عند المسلمين، فهذا عن طريق المفاداة، والمفاداة تكون بالمال وبغير المال، تكون بالمقابلة وتكون بالمال. وهنا ترجم بالمفاداة بالمال، وأنه يدفع مقداراً من المال فيطلق سراحه ويخلى سبيله في مقابل المال الذي دفعه، وقد عرفنا أن الأمر يرجع في ذلك إلى الإمام وما يرى فيه من المصلحة، فله أن يقتل، وله أن يأسر ويستعبد، وله أن يمن بفداء، وله أن يمن بغير فداء، والفداء إما أن يكون بالمال أو بالأسرى. قوله: [ (لما كان يوم بدر فأخذ -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- الفداء أنزل الله عز وجل: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ [الأنفال:67]) ] كان هذا خلاف ما أشار به عمر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أشار عليه بعض الصحابة بأخذ الفداء وأشار عليه عمر بعدم أخذ الفداء، فنزل القرآن موافقاً لما رآه عمر ولما أشار به رضي الله تعالى عنه وأرضاه. والحاصل أن الحديث يدل على أخذ الفداء والمن على الأسرى في مقابل مال يبذل منهم. قوله: [ (ثم أحل لهم الله الغنائم) ]. أي: سواء كانت من المال أم من النساء والذرية أم من الكفار الذين يأسرونهم وبعد ذلك يأخذون منهم الفداء، كما قال الله عز وجل: حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا [محمد:4] وهذا يكون من جملة الغنائم، أعني الفداء. كما أن الأسرى لو بقوا ولم يمن عليهم في مقابل مال يكونون عبيداً، وهم حنيئذٍ مال، فإذا اختير أن يخلى سبيلهم في مقابل مال يبذلونه فإن ذلك لا بأس به، ولكن المنع كان في أول الأمر، وبعد ذلك أحلت الغنائم، والله عز وجل قال: (( حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً )).

تراجم رجال إسناد حديث أخذ النبي صلى الله عليه وسلم فداء أسرى بدر ونزول العتاب في ذلك


قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو نوح ]. هو عبد الرحمن بن غزوان ، ولقبه قراد وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ أخبرنا عكرمة بن عمار ]. عكرمة بن عمار صدوق يغلط، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا سماك الحنفي ]. هو سماك بن الوليد الحنفي ، ليس به بأس، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ حدثني عمر بن الخطاب ]. هو عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يسأل عن اسم أبي نوح فقال: أيش تصنع باسمه؟ اسمه شنيع ]. أي: ما حاجتك باسمه؟ فاسمه شنيع، أي: موصوف بأنه شنيع، وليس المعنى أن اسمه هو شنيع، بل المقصود أنه موصوف بأنه شنيع، وذلك لأنه لقب بـ(قراد)، والقراد هو الذي يعلق بآذان البهائم ويمتص دمها فيؤذيها.

شرح حديث: (جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي قال: حدثنا سفيان بن حبيب قال: حدثنا شعبة عن أبي العنبس عن أبي الشعثاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة) ]. ومعناه أن فيه المفاداة بالمال، وأن الفداء كان أربعمائة للشخص الواحد. والألباني صحح الحديث، ولكنه ضعفه بالتحديد والتقدير، والثابت أنه فاداهم بمال، فضعفه من أجل التقدير، وإلا فإنه قد ثبت من أوجه مختلفة أنهم يفادون بمال، ولكن التضعيف من أجل التحديد والتقدير فقط.

تراجم رجال إسناد حديث: (جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة)


قوله: [ حدثنا عبد الرحمن بن المبارك العيشي ]. عبد الرحمن بن المبارك العيشي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي . [ حدثنا سفيان بن حبيب ]. سفيان بن حبيب ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي العنبس ]. أبو العنبس مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبي الشعثاء ]. هو جابر بن زيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس مر ذكره.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #535  
قديم 04-05-2025, 01:59 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح حديث قصة فداء أبي العاص بن الربيع

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب رضي الله عنها في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند خديجة رضي الله عنها أدخلتها بها على أبي العاص ، قالت: فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها. فقالوا: نعم. وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخذ عليه -أو وعده- أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زيد بن حارثة رضي الله عنه ورجلاً من الأنصار فقال: كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن كفار قريش لما أرسلوا بالفداء لأسراهم، وكان ممن أُسِروا أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسلت في فداء زوجها، وكان الذي أرسلته فيه قلادة كانت لها من أمها خديجة أعطتها إياها لما أدخلت على أبي العاص ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، حيث تذكر زواجها وكون تلك القلادة كانت لأمها خديجة ، وكونها حزنت حين أسر زوجها وأرادت خلاصه، فالنبي صلى الله عليه وسلم رق لها وقال: [ (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها) ]. أي: زوجها الذي هو أبو العاص . قال: [ (وتردوا عليها الذي لها) ]. أي: الذي دفعته من القلادة وغيرها. فأجاب إلى ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أي: أن يطلقوه من غير فداء، وكان النبي صلى الله عليه وسلم اشترط عليه بأن يفي بالذي طلب منه، وهو أن يرسل زينب إليه إلى المدينة. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار وقال: [ (كونا ببطن يأجج) ] وهو موضع قريب من مكة. قال: [ (حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها) ]. يعني: كونا معها صاحبين لها في الطريق. وهذا يدل على جواز سفر المرأة من غير محرم إذا كانت برفقة مأمونة إذا كان هناك ضرورة إلى ذلك، وهنا الضرورة موجودة، وذلك لأنها كانت في مكة مع الكفار، وزوجها كان كافراً، وطلب منه أن يرسلها وقد أرسلها، فدل على أنه إذا حصلت ضرورة فالمرأة يمكن أن تسافر مع رفقة أمينة، ولا يتوسع في ذلك فتسافر المرأة من غير محرم بحجة هذا الذي قد حصل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم). وعلى هذا فالذي حصل هو من قبيل أن الضرورات تبيح المحظورات، وسفر النساء بدون محرم هو من الأمور التي جاءت الشريعة بتحريمها والمنع منها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم)، وكل ذلك صيانة للمرأة من أن تتعرض لما لا تحمد عقباه عليها في عرضها وفي نفسها.

تراجم رجال إسناد حديث قصة فداء أبي العاص بن الربيع


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا محمد بن سلمة ]. هو محمد بن سلمة الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن يحيى بن عباد ]. هو يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه عباد ]. هو عباد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها. والحديث صحيح.

شرح حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم سبي هوازن إلى أهلهم بعد مجيئهم مسلمين


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن أبي مريم حدثنا عمي -يعني سعيد بن الحكم - قال: أخبرنا الليث بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب قال: وذكر عروة بن الزبير أن مروان والمسور بن مخرمة رضي الله عنه أخبراه (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: معي من ترون، وأحب الحديث إلي أصدقه، فاختاروا إما السبي وإما المال. فقالوا: نختار سبينا. فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأثنى على الله، ثم قال: أما بعد: فإن إخوانكم هؤلاء جاءوا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل. فقال الناس: قد طيبنا ذلك لهم يا رسول الله. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم. فرجع الناس وكلمهم عرفاؤهم فأخبروا أنهم قد طيبوا وأذنوا) ]. أورد أبو داود باباً في فداء الأسير بالمال، وأورد تحت هذه الترجمة عدة أحاديث. ثم أورد أبو داود حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه ومعه مروان بن الحكم -والعمدة على المسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنه- أن وفد هوازن جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلبوا منه أن يرد عليهم المال والسبي، أي: النساء والذرية والمال، فالنبي صلى الله عليه وسلم رأى أن يرد عليهم، ولكنه لم يرد عليهم كل شيء، وإنما خيرهم بين رد المال أو رد السبي، فاختاروا أن يرد عليهم السبي. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم أن هناك شيئاً يخصه وهناك شيئاً يخص غيره، وأن كلاً قد أخذ نصيبه، فقال عليه الصلاة والسلام: [ (معي من ترون) ] يعني: من السبي، والذي هو لي هو لكم. وتنازل عنه وتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما الذين عند غير النبي صلى الله عليه وسلم فقد قام في الناس وذكرهم وتكلم فيهم وقال: (إن إخوانكم جاءوا تائبين، وإني رأيت أن أرد عليهم سبيهم، فمن أراد منكم أن يتنازل بدون مقابل فليفعل، ومن لم تسمح نفسه بذلك وأراد أن يبقي على حقه ولا يتنازل عن حقه فنحن سنعوضه عنه في أول ما يفيء الله به علينا). ومعناه أن من سمحت نفسه انتهى أمره، ومن كان متمسكاً بحقه فإنه يؤخذ منه السبي ويرد ولكنه يعوض عنه أول ما يحصل الفيء بعد ذلك، فتعالت الأصوات بقولهم: (طيبنا)، والرسول صلى الله عليه وسلم لا يدري من طيب ومن لم يطيب؛ لأن الأصوات ظهرت من هنا ومن هنا، فلم يعرف من طيب ومن لم يطيب، فقال عليه الصلاة والسلام: [ (إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم) ] يعني الرؤساء، فكل رئيس ينفرد بالجماعة الذين يرأسهم ثم يأخذ رأيهم في ذلك ويعرف من سمح ومن لم يسمح ومن وافق ومن لم يوافق، فبعد ذلك جاء العرفاء بعد أن اجتمعوا بمرءوسيهم وأخبروا بأنهم طيبوا، وأنهم قد وافقوا وتنازلوا عن حقهم لما أراده رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم. قوله: [ ذكر عروة بن الزبير أن مروان و المسور بن مخرمة أخبراه (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوه أن يرد إليهم أموالهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: معي من ترون، وأحب الحديث إلي أصدقه، فاختاروا إما السبي وإما المال)]. معنى قوله: [ (معي من ترون) ] أي: الذي يخصني والذي هو نصيبي من السبي هو لكم. يعني أنه متنازل عنه، ولكن الذي عند غيره أراد أن يستأذن الناس فيه، فاستأذنهم وكانت النتيجة أن أذنوا، فرد إليهم سبيهم صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (وأحب الحديث إلي أصدقه) ] يعني أنه يقول ويصدق ويعد ويفي، أي: فأنا أقول لكم وأصدق فيما أقول وأعدكم وأفي بما أعد به. قوله: [ (فقالوا: نختار سبينا) ]. لأنهم خيروا بين المال والسبي، فاختاروا السبي، وهو أن يرجع إليهم نساؤهم وأولادهم فيكونون طلقاء ولا يكونون سبياً وأرقاء، فهذا هو الذي فضلوه، وتركوا المال في سبيل الحصول على السبي الذي هو النساء والذرية. قوله: [ (فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأثنى على الله ثم قال: أما بعد: فإن إخوانكم هؤلاء جاءوا تائبين، وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل) ]. معنى قوله: [ (من أحب أن يطيب ذلك فليفعل) ] أي: أن ينزل عن حقه بدون مقابل فليفعل. قوله: [ (ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل) ]. أي: من كان منكم يريد أن يبقى على حظه من السبي ولا يتنازل عنه فنحن سنرجع لهم السبي لأننا وعدناهم بذلك، ولكن هذا الذي لم يتنازل سنعطيه بدلاً عن حقه من أول ما يفيء الله علينا. قوله: [ (فقال الناس: قد طيبنا ذلك لهم يا رسول الله) ]. معناه أنه كان الاجتماع كبيراً، وخرجت الأصوات بقولهم: [ طيبنا ذلك لهم يا رسول الله ]، ولم يعرف من وافق ومن لم يوافق؛ لأنها قد تكون الأصوات ممن وافق، ومن لم يوافق قد يكون ساكتاً ما قال شيئاً، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يقف على الحقيقة بالنسبة لكل فرد فقال: [ (إنا لا ندري من أذن منكم ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفاؤكم أمركم) ]. وهذا فيه دليل على اتخاذ العرفاء والرؤساء على أفراد الجيش، بحيث يكون لكل جماعة مرجع يرجعون إليه، ثم هؤلاء المراجع يكون مرجعهم أمير الجيش، وهو المرجع للجميع، ولكن الواسطة بينه وبين سائر الناس هؤلاء الرؤساء الذين هم العرفاء، والذين يعرفون من تحتهم ومن تحت رياستهم، فيأتون بأخبارهم ويبلغونهم الأمور التي يحتاجون إلى تبليغها، فهؤلاء يقال لهم: العرفاء. وأما حديث: (لابد للناس من عريف والعريف في النار) فإنه لو ثبت محمول على ما يتعلق بالشر، وأما الحديث الذي بين أيدينا فقد ثبت فيه اتخاذ العرفاء من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو فيما يتعلق بالخير، وهو أمر تقتضيه الحاجة، لاسيما مع كثرة الناس. وكذلك يقال في حديث (لا تكن لهم شرطياً ولا جابياً ولا عريفاً) فهو محمول على كون ذلك في أمور الشر والظلم التي لا تجوز، وأما في الخير فقد دل على الجواز الحديث الذي معنا. ثم إن الشاهد من الحديث للترجمة بفداء الأسير بالمال قوله صلى الله عليه وسلم: [ (ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله علينا فليفعل) ] حيث جعل صلى الله عليه وسلم فكاك أولئك الأسرى بمقابل بدلهم من فيءٍ آخر يبذل لمن لم يرد أن يتنازل عن حقه بغير عوض. قوله: [ (فرجع الناس فكلمهم عرفاؤهم فأخبروا أنهم قد طيبوا وأذنوا) ]. معناه أنهم كلهم قد وافقوا، وتبين أن الجميع قد وافقوا على ما أراده منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم قد نزلوا عن حقهم بدون مقابل.
تراجم رجال إسناد حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم سبي هوازن إلى أهلهم بعد مجيئهم مسلمين

قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي مريم ]. هو أحمد بن سعد بن أبي مريم ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا عمي ]. هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا الليث بن سعد ]. الليث بن سعد ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عقيل ]. هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: وذكر عروة بن الزبير أن مروان و المسور بن مخرمة أخبراه ]. عروة هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. ومروان هو ابن الحكم ، وهو الخليفة، قال عنه الإمام أحمد : لا يتهم في الحديث. وقال الحافظ : لا تثبت له صحبة، وعليه فيكون الحديث من قبله مرسلاً، ولكن معه المسور بن مخرمة ، وهو صحابي، فيكون متصلاً من أجل المسور بن مخرمة، وقد قال عروة بن الزبير : مروان لا يتهم في الحديث. وعروة هو الراوي عن مروان هنا. وعلى كل حال فالعمدة ليست عليه، وإنما هي على المسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنه، فهو الصحابي الذي يروي ذلك، وأما رواية مروان فهي من قبيل المرسل؛ لأنه ليس بصحابي. ومروان بن الحكم أخرج له البخاري وأصحاب السنن. والمسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث أمره صلى الله عليه وسلم برد نساء هوازن وأبنائهم إلى أهلهم بعد إسلامهم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه في هذه القصة قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (ردوا عليهم نساءهم وأبناءهم، فمن مسك بشيء من هذا الفيء فإن له به علينا ست فرائض من أول شيء يفيئه الله علينا. ثم دنا -يعني النبي صلى الله عليه وسلم- من بعير فأخذ وبرة من سنامه ثم قال: يا أيها الناس! إنه ليس لي من هذا الفيء شيء ولا هذا -ورفع أصبعيه- إلا الخمس، والخمس مردود عليكم، فأدوا الخياط والمخيط. فقام رجل في يده كبة من شعر فقال: أخذت هذه لأصلح بها برذعة لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك. فقال: أما إذا بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها. ونبذها) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما في قصة وفد هوازن ورغبة النبي صلى الله عليه وسلم في أن يرد إليهم سبيهم، وأنه قال: [ (فمن مسك بشيءٍ من هذا الفي) ] يعني: من تمسك بحقه ولم يطب نفساً بالتنازل عنه [ (فإن له به علينا ست فرائض من أول شيءٍ يفيئه الله علينا) ] والفرائض هي الإبل، قيل: الفرائض في الأصل هي فرائض الصدقة، لأنها تؤخذ منها فريضة الصدقة، فأطلق على الإبل بأنها فرائض وإن كان بعضها ليس من قبيل الصدقة، وكأنه بهذا يريد أن يعوض بمال؛ لأن الذي سيرد هو السبي وليس المال؛ لأن المال لم يستأذن في إرجاعه، والرسول صلى الله عليه وسلم خيرهم بين المال وبين السبي فاختاروا السبي، فكان الحديث كله عن السبي، فكأنه سيعوض من تمسك بحقه بعوض، سواءٌ كان من السبي من فيءٍ قادم أم من الفرائض. قوله: [ (إنه ليس لي من هذا الفيء شيء ولا هذا -ورفع أصبعيه- إلا الخمس، والخمس مردود عليكم) ]. يعني: هذا هو الذي يحل لي من المغانم، وهو مردود عليكم، فهذا الخمس ينفق النبي صلى الله عليه وسلم على أهله منه، والباقي يجعله في مصالح المسلمين من عدة الجهاد وغير ذلك، وهذا هو معنى قوله: [ (مردود عليكم) ]. فالخمس ليس مختصاً به صلى الله عليه وسلم، وإنما يأخذ منه حاجته وحاجة أهله، وقد جاء في الحديث: [ (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) ] يعني قوته وقوت أهله يكون من ذلك، والباقي بعد حاجته وحاجة أهله مردود على المسلمين ومصروف في مصالح المسلمين. قوله: [ (فأدوا الخياط والمخيط) ]. قيل: الخياط هو الخيط، والمخيط هو الإبرة. يعني: أدوا كل شيء ولو كان شيئاً قليلاً، ولا يأخذ الإنسان شيئاً لا يستحقه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الوبرة ليس له منها إلا الخمس، ولا يستحق إلا الخمس، فيقال لغيره: أدوا الخياط والمخيط؛ لأن كل ذلك من الغنائم ومن الفيء، ويقسم على من شرع أن يقسم عليهم. قوله: [ (فقام رجل في يده كبة من شعر فقال: أخذت هذه لأصلح بها برذعة لي. فقال صلى الله عليه وسلم: أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك. فقال: أما إذا بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها. ونبذها) ]. معنى هذا أن رجلاً أخذ كبة من الغنيمة، وقال: إنه أراد أن يصلح بها برذعته. والبرذعة هي التي تجعل تحت الرحل؛ لأن الرحل يكون من الخشب، والبرذعة لينة، فتجعل بين جلد البعير وبين الخشب الذي هو الرحل الذي يكون عليه الراكب، فيلامس جلد البعير هذا الشيء اللين ثم يكون الرحل فوقه. فأراد الرجل أن يصلح هذه البرذعة التي هي تحت الرحل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ (أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك) ] فسامح النبي صلى الله عليه وسلم في حقه وحق بني عبد المطلب ولم يسامح في حق الناس، ولكن من أين لهذا الرجل أن يعرف مسامحة الناس له وهم كثيرون مستحقون لذلك؟! ولذلك قال: [ أما إذ بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها ] أي: ما دامت المسألة وصلت إلى هذا الحد، فكل له فيها نصيب وله أن يطالب بحقه، وحقه يجب أن يوصل إليه، وأن هذه الكبة من جملة الغنائم وتقسم كما يقسم غيرها فلا أرب لي فيها. ثم رماها. ومعنى قوله: [ فلا أرب لي فيها ] أي: لا حاجة لي فيها.
تراجم رجال إسناد حديث أمره صلى الله عليه وسلم برد نساء هوازن وأبنائهم إلى أهلهم بعد إسلامهم

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) وفي (الأدب المفرد) وأصحاب السنن. [ عن جده ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



حكم تخصيص ليلة النصف من شعبان ويومه بشيء من العبادات


السؤال: هل ورد دليل على تخصيص ليلة النصف من شعبان أو يومه بشيء من العبادات؟


الجواب: ليس هناك دليل يخص ليلة النصف من شعبان ولا يوم النصف من شعبان بشيءٍ من العبادة، ولم يثبت في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء. ولشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة في هذا الموضوع طبعت ضمن أربع رسائل تتعلق بليلة النصف من شعبان وليلة الإسراء والمعراج وبالمولد النبوي وبالرؤيا أو الوصية المنسوبة إلى أحمد خادم حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم التي هي مكذوبة كذباً واضحاً. وسمى هذه الرسائل الأربع (التحذير من البدع)، ومما ورد فيها أنه لم يثبت شيء فيما يتعلق بليلة النصف من شعبان ولا بيومه.

سبب اختيار النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة مع رجل من الأنصار لحمل بنته زينب
من مكة إلى المدينة


السؤال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلاً من الأنصار أن يذهبا إلى بطن يأجج لصحبة زينب إلى المدينة، فهل يحتمل أن يكون سفرها مع زيد قبل إبطال التبني فيكون محرماً لها؟



الجواب: المحرمية -كما هو معلوم- إنما هي بالأنساب وليست بالتبني، والاحتمال قائم، ولكن الضرورة -كما هو معلوم- تبيح المحظورات، فالمرأة إذا كانت مضطرة إلى سفر بدون محرم مع رفقة مأمونة كأن كانت بين الكفار فأفلتت منهم فمثل هذا لا بأس به، ويدخل تحت قاعدة (الضرورات تبيح المحظورات)، ولكن الأصل باق على ما هو عليه، وأن المرأة لا تسافر إلا مع ذي محرم.

حكم العادات الشعبية في ليلة النصف من شعبان

السؤال: لبعض الناس عادات شعبية في ليلة النصف من شعبان، فهل تدخل في مسألة البدعة؟


الشيخ: لا تخصص ليلة النصف من شعبان بعادات، لا فيما يتعلق بالكبار ولا فيما يتعلق بالصغار، فالسنن يؤخذ بها، والبدع يحذر منها، سواء أكانت من صغار أم من كبار، والصغار يؤدبون وينشئون على اتباع السنة.

حكم سفر الزوجة بدون محرم إلى زوجها حين لا يقدر على تكاليف سفرها


السؤال: إذا أراد طالب أن يأتي بزوجته إلى مقر دراسته خارج بلده، ولكن لم يستطع بسبب قلة المال، فهل يجوز للزوجة أن تسافر بدون محرم على اعتبار أن هذا من الضرورات؟



الجواب: ليس هذا من هذا القبيل، بل تبقى امرأته عند أهلها، وإذا تمكن من أن يأتي بها فذاك وإلا فليذهب لزيارتها ويجلس عندها فترة ويرجع. وأما أن يقال: إن مثل تلك حالة ضرورة فإنه عندئذ ستقول كل امرأة: إنها في حال ضرورة. ثم لا يبقى للحديث عمل.

حكم اصطياد السمك في سدود الحرم المائية


السؤال: هل يشمل تحريم الصيد في الحرم السمك؛ إذ إن في بعض سدود الحرم المائية أسماكاً؟


الجواب: لا بأس بذلك، فالمحذور هو صيد البر الذي يأكل من الشجرة، ولهذا منع من قطع الشجر ومن قطع الحشيش -وهو النبات الرطب-، ولعل من حكمة ذلك أن يكون للصيد الذي يدخل الحرم قوته ومرعاه الذي يرتعي فيه، حيث يكون آمناً عنده قوته وعنده رزقه."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #536  
قديم 04-05-2025, 02:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الجهاد
شرح سنن أبي داود [319]
الحلقة (351)





شرح سنن أبي داود [319]

للغنائم التي يصيبها المجاهدون أحكام كثيرة بينها أهل العلم، ومن ذلك التأني في قسمة الغنائم إذا رجي أن يرجع الكفار تائبين، فيرد عليهم الغنائم ترغيباً لهم في الإسلام، ومن ذلك حرمة التفريق بين المحارم من السبي إلا الكبار، ومن ذلك حكم من وجد في الغنيمة شيئاً كان ملكاً له، وإباحة الطعام في أرض العدو قبل القسمة.

إقامة الإمام بعرصة العدو بعد الظهور عليهم



شرح حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلب على قوم أقام بالعرصة ثلاثاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم. حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا معاذ بن معاذ . ح وحدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا روح ، قالا: حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا غلب على قوم أقام بالعرصة ثلاثاً) قال ابن المثنى : (إذا غلب قوماً أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثاً) ]. أورد أبو داود [ باب في الإمام يقيم عند الظهور على العدو بعرصتهم ]. يعني الإمام ومعه الجيش الذي انتصر على العدو، فإنه عند ظهوره عليهم يبقى وينزل في عرصتهم، والعرصة هي الأماكن الواسعة التي ليس فيها بنيان، وهي الأفنية التي حول البنيان. فكان عليه الصلاة والسلام إذا غلب على قوم أو انتصر عليهم بقي في عرصتهم ثلاثاً، وجلوسه ثلاثة أيام في العرصة من أجل أن يستريح الجيش، وأن يحصل له شيء من الراحة حين لا يكون هناك قتال، ثم بعد ذلك تكون المواصلة للسير، وإنما يبقون مدة ثلاثة أيام يستجموا وليجدوا الراحة بعد ذلك القتال الذي قد حصل. وأورد أبو داود حديث أبي طلحة -وهو زيد بن سهل رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتصر على قوم أو ظهر عليهم بقي في عرصتهم ثلاثاً، قال ابن المثنى أحد شيوخ أبي داود : [ (أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثاً) ].

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غلب على قوم أقام بالعرصة ثلاثاً)


قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى ]. هو محمد بن المثنى العنزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معاذ بن معاذ ]. هو معاذ بن معاذ العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ح وحدثنا هارون بن عبد الله ]. قوله: [ح] هي للتحول من إسناد إلى إسناد، وهارون بن عبد الله هو الحمال البغدادي، لقبه الحمال ونسبته إلى بغداد، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا روح ]. هو روح بن عبادة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد ]. هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن أبي طلحة ]. هو زيد بن سهل رضي الله تعالى عنه، وهو زوج أم أنس بن مالك أم سليم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

طعن القطان في الحديث ومدى صحته وأثره


قوله: [ قال أبو داود : كان يحيى بن سعيد يطعن في هذا الحديث؛ لأنه ليس من قديم حديث سعيد ؛ لأنه تغير سنة خمس وأربعين، ولم يخرج هذا الحديث إلا بآخرةٍ. قال أبو داود : يقال: إن وكيعاً حمل عنه في تغيره ]. ذكر أبو داود هنا كلاماً، وهو أن يحيى بن سعيد القطان كان يطعن في هذا الحديث ويقول: إن سعيد بن أبي عروبة تغير بآخره. وذكر أن وكيعاً قيل عنه: إنه حمل عنه في تغيره، ومع ذلك فالحديث صحيح وثابت، وقد أخرجه البخاري و مسلم ، ونقل ابن الصلاح أن ابن معين اعترض على وكيع في روايته عن سعيد بن أبي عروبة قائلاً: تحدث عن سعيد بن أبي عروبة ، وإنما سمعت منه في الاختلاط؟ فقال له وكيع : رأيتني حدثت عنه إلا بحديث مستوٍ؟! وعلى كل حالٍ فإن تعليل يحيى القطان فيه نظر، ولا يؤثر في هذا الحديث.
التفريق بين السبي


شرح حديث النهي عن التفريق بين الجارية وولدها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التفريق بين السبي. حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب عن علي رضي الله عنه (أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك ورد البيع). قال أبو داود : ميمون لم يدرك علياً ؛ قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثمانين. قال أبو داود : والحرة سنة ثلاث وستين، وقتل ابن الزبير سنة ثلاث وسبعين ]. أورد أبو داود [باب في التفريق بين السبي ] والتفريق بين السبي هو فيما إذا كانوا ذوي قرابة، فإذا كانوا كباراً فلا بأس بالتفريق بينهم، وأما إذا كان فيهم صغير وكبير، بأن تكون امرأة وابن لها صغير، أو أخت ولها أخ صغير بحاجة إلى حضانتها ورعايتها لكونه في الصغر يحتاج إلى رعاية؛ فإنه لا يفرق بينهم في هذه الحالة، وإنما التفريق يجوز فيما إذا كانوا كباراً. وعلى هذا فالتفريق بين السبي فيه تفصيل، كما أن التفريق بالبيع -أيضاً- فيه تفصيل، فإذا كان السبي أو الذين يباعون كباراً فإنه يجوز التفريق بينهم في البيع والسبي بأن يعطى هذا لواحد وهذا لواحد، فيكون كل واحد بجهة. وأما إذا كان أحدهما كبيراً وهو يرعى الصغير، والصغير بحاجة إليه وإلى حضانته وإلى رعايته ولا يقوم بنفسه فإنه لا يفرق بينهم، بل يكون بعضهم مع بعض في السبي وفي البيع. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه (أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك ورد البيع) ]. فهو باع الجارية لمشتر وباع ولدها لآخر، فنهاه الرسول صلى الله عليه وسلم ورد البيع، بمعنى أنه لابد من بقائهما جميعاً؛ لأن الصغير بحاجة إلى الكبير، والابن بحاجة إلى أمه. أما إذا كان الابن ليس بحاجة لأمه بأن يكون كبيراً وأمه كبيرة، وكل منهما قائم بنفسه، فلا مانع من التفريق بينهما. قال ابن القيم : [ وفي جامع الترمذي من حديث أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من فرق بين الجارية وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) قال الترمذي : حسن غريب. وأخرجه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه. وليس كما قال؛ فإن في إسناده حسين بن عبد الله ولم يخرج له في الصحيحين، وقال أحمد : في أحاديثه مناكير. وقال البخاري : فيه نظر. ولفظ الترمذي فيه: (من فرق بين والدة وولدها) ].

تراجم رجال إسناد حديث النهي عن التفريق بين الجارية وولدها


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في (عمل اليوم والليلة). [ حدثنا إسحاق بن منصور ]. هو إسحاق بن منصور السلولي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد السلام بن حرب ]. عبد السلام بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن عبد الرحمن ]. يزيد بن عبد الرحمن وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أصحاب السنن. [ عن الحكم ]. هو الحكم بن عتيبة الكندي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ميمون بن أبي شبيب ]. ميمون بن أبي شبيب صدوق كثير الإرسال، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن علي ]. هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة. والحديث فيه انقطاع بين ميمون بن أبي شبيب وعلي ، ولكن له شواهد، وهو صحيح بشواهده. قوله: [ قال أبو داود: ميمون لم يدرك علياً ، قتل بالجماجم، والجماجم سنة ثلاث وثمانين ]. ذكر أبو داود أن ميمون بن أبي شبيب قتل في الجماجم، وكانت سنة ثلاث وثمانين، وذكر أنه لم يدرك علياً ، ولعله أراد بذكر سنة وقعة الجماجم أن ميمون كان عمره قصيراً، ولذلك لم يدرك علياً . وأما ذكر سنة الحرة وسنة مقتل ابن الزبير فلا يظهر له ارتباط بالموضوع إلا من جهة الفائدة.

الرخصة في التفريق بين الكبار من السبي


شرح حديث سلمة بن الأكوع في افتداء النبي صلى الله عليه وسلم أسرى في مكة بجارية دون أمها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة في المدركين يفرق بينهم. حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا عكرمة قال: حدثني إياس بن سلمة قال: حدثني أبي رضي الله عنه قال: (خرجنا مع أبي بكر رضي الله عنه -وأمره علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم- فغزونا فزارة فشننا الغارة، ثم نظرت إلى عنق من الناس فيهم الذرية والنساء، فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل فقاموا، فجئت بهم إلى أبي بكر فيهم امرأة من فزارة وعليها قشع من أدم معها بنت لها من أحسن العرب، فنفلني أبو بكر ابنتها، فقدمت المدينة فلقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لي: يا سلمة ! هب لي المرأة. فقلت: والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوباً. فسكت حتى إذا كان من الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في السوق فقال لي: يا سلمة ! هب لي المرأة لله أبوك. فقلت: يا رسول الله! والله ما كشفت لها ثوباً، وهي لك. فبعث بها إلى أهل مكة وفي أيديهم أسرى ففداهم بتلك المرأة) ]. أورد أبو داود [باب المدركين يفرق بينهم ]. يعني البالغين، فيجوز في البالغين أن يفرق بين القريب وقريبه. وقد أورد أبو داود حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: خرجنا في غزاة مع أبي بكر ، وكان أبو بكر أميرهم، فذكر أنهم غزوا فزارة، وأنه جاء إلى عنق من الناس -وهم جماعة من الناس- فرمى بسهمه فوقع بينهم وبين الجبل فقاموا، فأتى بهم، وكانت فيهم امرأة ولها ابنة من أحسن العرب ومن أجملهم، فنفله أبو بكر إياها، والنفل هو إعطاء الشيء قبل قسمة الغنيمة من أجل جهد قام به ومن أجل عمل تميز به، فنفله إياها فصارت من نصيبه، فلما جاء إلى المدينة قال له النبي صلى الله عليه وسلم: [ (هب لي المرأة) ] فقال: إنها أعجبتني، وإنني ما كشفت لها ثوباً. يعني أنه ما جامعها ولا حصل منه استمتاع بها، ثم بعد ذلك لقيه فقال: [ (هب لي المرأة لله أبوك) ] وذلك يدل على رغبة شديدة فيها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يفادي بها الأسرى الذين كانوا عند الكفار، فأعطاه إياها وقال: إنني ما كشفت لها ثوباً، وهي لك يا رسول الله. فأرسلها في مقابل أسرى عند المشركين فخلصوا من الأسر في مقابل هذه الجارية. ومحل الشاهد من الترجمة هو أنه فرق بين المرأة وبين ابنتها لأنهما مدركتان كبيرتان، ومعنى هذا أن التفريق يجوز في البالغين وفي الكبار، وأما بين الكبير والصغير فإنه لا يفرق بينهما كما مر في الترجمة السابقة. قوله: [ (فشننا الغارة) ]. يعني أنهم شنوا عليهم الغارة وأحاطوا بهم من جميع الجهات. قوله: [ (ثم نظرت إلى عنق من الناس فيهم الذرية والنساء فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل فقاموا) ]. العنق من الناس هم الجماعة، وكانوا جماعة فيهم النساء والذرية، فقاموا فأتى بهم يسوقهم. وكأنه أراد بالرمي أن يفزعوا فيستسلموا، وما قصد قتل أحدٍ منهم. قوله: [ فيهم امرأة من فزارة وعليها قشع من أدم ]. الأدم هو الجلد، والقشع: الجلد، وفيه لغتان، يقال: قَشع وقِشع ومنه قولك: قشعت الشيء. أي: دخلت قشره، والقشاعة: ما أخذته من جلدة وجه الأرض. وقوله: [ (لله أبوك) ]. هو عبارة ترغيب، تستعمل في التحريض على الشيء، كقولهم: لله درُه.

تراجم رجال إسناد حديث سلمة بن الأكوع في افتداء النبي صلى الله عليه وسلم أسرى في مكة بجارية دون أمها


قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا هاشم بن القاسم ]. هارون بن عبد الله مر ذكره، وهاشم بن القاسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عكرمة ]. هو عكرمة بن عمار ، صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني إياس بن سلمة ]. هو إياس بن سلمة بن الأكوع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني أبي ]. هو سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة



شرح حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمر غلامه الآبق بعد ظهوره على العدو


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة. حدثنا صالح بن سهيل حدثنا يحيى -يعني ابن أبي زائدة - عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن غلاماً لابن عمر أبق إلى العدو، فظهر عليه المسلمون، فرده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى ابن عمر ولم يقسم). قال أبو داود : وقال غيره: ردَّه عليه خالد بن الوليد ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي [ باب في المال يصيبه العدو من المسلمين ثم يدركه صاحبه في الغنيمة ]. ومعنى هذا أن الكفار إذا أخذوا شيئاً لأحد المسلمين ثم بعد ذلك ظفر بهم المسلمون وأخذوا ما معهم من أموال وكان من بينها ذلك الذي أخذوه من ذلك المسلم؛ فإن ذلك لا يقسم ولا يكون من الغنيمة، وإنما يرجع على صاحبه الذي يملكه؛ لأن هذا ملك لأحد من المسلمين، وقد أخذه العدو ثم ظُفِرَ بالعدو وحيزت أموالهم ومن جملتها هذا الذي بأيديهم لأحد المسلمين، فإنه لا يكون من الغنيمة، وإنما يعطى لصاحبه الذي أخذ منه. وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان له عبد فأبق إلى المشركين، وأنهم لما ظفروا بهم أعيد إليه ذلك العبد، ولم يقسم، أي: ما جعل في الغنيمة، ولم يقسم كما تقسم الغنيمة، وإنما أرجع إلى صاحبه، فدل هذا على أن المال الذي يأخذه العدو من أحد المسلمين ثم يظفر بهم المسلمون يرجع إلى صاحبه ولا يكون من جملة الغنيمة. [ قال: أبو داود : وقال غيره: رده عليه خالد بن الوليد ]. يعني: قال غير يحيى بن أبي زائدة -وهو ابن نمير الذي سيأتي في الأحاديث التي بعد هذا-: رده عليه خالد بن الوليد . أي أن الذي رد العبد الآبق عليه هو خالد بن الوليد ، وكان أميراً على الجيش.

تراجم رجال إسناد حديث رد النبي صلى الله عليه وسلم على ابن عمر غلامه الآبق بعد ظهوره على العدو


قوله: [حدثنا صالح بن سهيل ]. صالح بن سهيل مقبول، أخرج له أبو داود . [حدثنا يحيى -يعني ابن أبي زائدة -]. يحيى بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث رد فرس وعبد ابن عمر إليه بعد الظهور على العدو الذي حازهما


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري و الحسن بن علي المعنى، قالا: حدثنا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ذهب فرس له فأخذها العدو، فظهر عليهم المسلمون، فرد عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبق عبد له فلحق بأرض الروم، فظهر عليهم المسلمون، فرده عليه خالد بن الوليد رضي الله عنه بعد النبي صلى الله عليه وسلم]. أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى، وفيه أن فرساً له أخذه العدو وأنه أعاده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون الذي أعيد إلى ابن عمر في زمنه صلى الله عليه وسلم فرس، وفي الحديث السابق أنه غلام أبق، وهذا الحديث الذي فيه أنه رد إليه فرس فيه أن عبداً له أبق ولحق بالروم، وأن المسلمين ظفروا به، وأن العبد الآبق رده إليه خالد بن الوليد . فالذي رده الرسول صلى الله عليه وسلم -أي: في هذا الطريق الثانية- هو الفرس، وفي الطريق الأولى الغلام الذي أبق، وفي الطريق الثانية أن الغلام الذي أبق إنما رده إليه خالد بن الوليد . وعلى كلٍ فمحل الشاهد للترجمة هو أن المال الذي يأخذه العدو لأحد المسلمين -سواءٌ أكان فرساً أم عبداً أم غير ذلك- ثم يظفر المسلمون بهم فإن ذلك الذي يختص بأحد المسلمين لا يكون من الغنيمة، وإنما يرجع إلى صاحبه.

تراجم رجال إسناد حديث رد فرس وعبد ابن عمر إليه بعد الظهور على العدو الذي حازهما


قوله: [حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود . [ و الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [قالا: حدثنا ابن نمير ]. هو عبد الله بن نمير ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ]. قد مر ذكرهم جميعاً.

عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون



شرح حديث: (خرج عِبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الصلح)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون. حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني حدثني محمد -يعني ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعي بن حراش عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (خرج عِبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم -يعني يوم الحديبية- قبل الصلح، فكتب إليه مواليهم فقالوا: يا محمد! والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك وإنما خرجوا هرباً من الرق. فقال ناس: صدقوا يا رسول الله، ردهم إليهم. فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: ما أراكم تنتهون -يا معشر قريش- حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا. وأبى أن يردهم، وقال: هم عتقاء الله عز وجل) ]. أورد أبو داود [باب في عبيد المشركين يلحقون بالمسلمين فيسلمون]. ومعناه أنهم ينفلتون وينطلقون من الكفار ويأتون إلى مسلمين ويسلمون، فإنهم يكونون بذلك مسلمين ولا يُسَلَّمون للكفار. وقد أورد أبو داود حديث علي رضي الله تعالى عنه قال: [ (خرج عِبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. والعبدان جمع عبد. فذكر أنهم خرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قبل الصلح، فقال مواليهم: إنهم لم يلحقوا بك رغبة في دينك وإنما تخلصاً من الرق. فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقوا. قالوا ذلك على حسب الظاهر، أي: ما دام أنهم أرقاء وأنهم هربوا من مواليهم فمعنى ذلك أنهم يريدون الخلاص من الرق. فغضب الرسول صلى الله عليه وسلم لكونهم قالوا هذه المقالة وصدقوا أولئك مع أن هؤلاء ظهر منهم الإسلام. ثم قال: [ (ما أراكم تنتهون -يا معشر قريش- حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا) ]. فأنكر عليهم قولهم الذي قالوه وأبى أن يردهم، فبقوا مع المسلمين وكانوا من جملة المسلمين. وعلى هذا فإن الذي يأتي من الكفار إلى المسلمين -سواءٌ أكان حراً أم عبداً- يقبل، ويكون من جملة المسلمين ولا يرد على الكفار، وهذا كان قبل الصلح، وأما بعد الصلح فكان مما اشترطه الكفار في الصلح مع الرسول صلى الله عليه وسلم أن من جاء من المسلمين إلى الكفار لا يرد عليهم، ومن ذهب من الكفار إلى المسلمين فإنه يرد عليهم، وكان لذلك أثر كبير على بعض الصحابة، وقالوا: كيف نعطي الدنية في ديننا؟! ثم بعد ذلك تبين لهم أن الخير فيما رغب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما وافق عليه الرسول صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (هم عتقاء الله عز وجل) ]. معناه أن الله عز وجل أعتقهم من رق أولئك، أعتقهم ومن عليهم بالسلامة من الرق الذي كانوا فيه عند الكفار.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #537  
قديم 04-05-2025, 02:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث: (خرج عِبْدانٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الصلح)

قوله: [حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني ]. عبد العزيز بن يحيى الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود و النسائي . [حدثني محمد -يعني: ابن سلمة -]. هو محمد بن سلمة الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق مر ذكره. [عن أبان بن صالح ]. أبان بن صالح وثقه الأئمة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [عن منصور بن المعتمر ]. منصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ربعي بن حراش ]. ربعي بن حراش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن علي بن أبي طالب ]. قد مرَّ ذكره رضي الله تعالى عنه.
إباحة الطعام في أرض العدو


شرح حديث ترك النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الخمس من جيش غنم طعاماً وعسلاً


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في إباحة الطعام في أرض العدو. حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري قال: حدثنا أنس بن عياض عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن جيشاً غنموا في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طعاماً وعسلاً فلم يأخذ منهم الخمس) ]. أورد أبو داود [باب في إباحة الطعام في ديار العدو] يعني أن الطعام في أرض العدو يأكله المجاهدون في سبيل الله. وأورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن جيشاً في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم غنموا طعاماً وعسلاً فلم يأخذ منهم الخمس، أي: ما خمسه، وإنما أذن لهم باستعماله وأكله، فدل هذا على أن الطعام يأكل في أرض العدو حيث يكون الجيش بحاجة إليه، أما إذا كان كثيراً يزيد عن حاجتهم فإنهم يأكلون حاجتهم والباقي يكون من الغنيمة كما سيأتي في الأحاديث بعد هذا.

تراجم رجال إسناد حديث ترك النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الخمس من جيش غنم طعاماً وعسلاً


قوله: [حدثنا إبراهيم بن حمزة الزبيري ]. إبراهيم بن حمزة الزبيري صدوق، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [حدثنا أنس بن عياض ]. أنس بن عياض ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ]. قد مر ذكرهم جميعاً.

شرح حديث عبد الله بن مغفل في أخذه جراب شحم يوم خيبر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل و القعنبي قالا: حدثنا سليمان عن حميد -يعني ابن هلال - عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه قال: (دلي جراب من شحم يوم خيبر، قال: فأتيته فالتزمته، قال: ثم قلت: لا أعطي من هذا أحداً اليوم شيئاً. قال: فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتبسم إلي)]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مغفل رضي الله عنه أنه دلي جراب للعدو فيه شحم فسقط فأخذه والتزمه وقال: لا أعطي أحداً منه شيئاً. أي أنه سيختص به، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ويتبسم، فدل هذا على أن مثل ذلك لا يخمس كما تخمس الغنيمة؛ لأنه طعام.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن مغفل في أخذه جراب شحم يوم خيبر

قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل و القعنبي ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، و القعنبي هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [قالا: حدثنا سليمان ]. هو سليمان بن المغيرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن حميد -يعني: ابن هلال -]. حميد بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن مغفل ]. عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث من رباعيات الإمام أبي داود رحمه الله تعالى.

النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو



شرح حديث عبد الرحمن بن سمرة في النهي عن النهبى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو. حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا جرير -يعني ابن حازم - عن يعلى بن حكيم عن أبي لبيد قال: كنا مع عبد الرحمن بن سمرة بكابل، فأصاب الناس غنيمة فانتهبوها، فقام خطيباً فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن النهبى. فردوا ما أخذوا فقسمه بينهم]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن النهبى إذا كان في الطعام قلة في أرض العدو]. وقد سبق أن عرفنا أن الطعام الذي يحتاج إليه لا يكون غنيمة ولا يقسم كما تقسم الغنائم، وإنما يأكل منه الناس لحاجتهم إليه، وإذا كان كثيراً فإنه يؤخذ منه ما يكفي لهم لحاجتهم وأكلهم والباقي يكون غنيمة، فيقسم كما تقسم الغنيمة. وقد أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وذكر تحتها حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه حين كانوا في كابل فانتهب الناس الطعام لكونه قليلاً، فخطبهم وقال: [سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن النهبى]. فرد كل منهم ما أخذ فقسمه بينهم، يعني: قسمه بينهم للاقتيات. والأخذ من الطعام على سبيل الانتهاب يجعل القوي يتمكن مما لا يتمكن منه الضعيف، فيأخذ القوي، والضعيف لا يُحصِّل شيئاً، أو يأخذ القوي شيئاً كثيراً والضعيف لا يجد إلا شيئاً قليلاً. وأما إذا كان الأخذ على قدر الحاجة أو يوزع عليهم بدون انتهاب فإن هذا تتحقق به المصلحة، ويحصل التساوي بين أفراد الجيش في الطعام الذي يأخذونه والذي حصل لهم في أرض العدو من العدو. فالذي أخذه أولئك المجاهدون كان طعاماً أخذوه لحاجتهم ولاقتياتهم، ولكن النهبى يترتب عليها أن القوي هو الذي يجد ويستفيد، والذي ليس كذلك لا يستفيد ولا يجد شيئاً، ولما خطبهم عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه وبين لهم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بادروا إلى أن يرد كل ما أخذ، ثم إنه قسمه بينهم بحيث تكون الفائدة للجميع لا لبعضهم دون بعض.

تراجم رجال إسناد حديث عبد الرحمن بن سمرة في النهي عن النهبى


قوله: [حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا جرير -يعني: ابن حازم -]. جرير بن حازم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يعلى بن حكيم ]. يعلى بن حكيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [عن أبي لبيد عن عبد الرحمن بن سمرة ]. هو لمازة بن زبار الجهصمي ، صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . وعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه هو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (أصبنا طعاماً يوم خيبر فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن أبي مجالد عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه قال: قلت: هل كنتم تخمسون -يعني الطعام في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم-؟ فقال: أصبنا طعاماً يوم خيبر، فكان الرجل يجيء فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أنه سئل: هل كانوا يخمسون الطعام؟ فأخبر أنهم غزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وأنهم حصلوا طعاماً، فكان الواحد منهم يأتي فيأخذ على قدر حاجته ثم ينصرف، وهذا ليس على سبيل الانتهاب، وإنما أذن لكل واحد أن يأخذ على قدر حاجته من الطعام الموجود بين أيديهم، وهذا يدلنا على أن الطعام لا يخمس، وإنما يأخذ منه الغزاة الغانمون على قدر حاجتهم، ولكنه إذا كان كثيراً فإنه يأخذ منه الغزاة حاجتهم والباقي يكون من جملة الغنيمة التي تخمس وتقسم.

تراجم رجال إسناد حديث: (أصبنا طعاماً يوم خيبر فكان الرجل يجيء فيأخذ منه ثم ينصرف)


قوله: [حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو إسحاق الشيباني ]. هو سليمان بن أبي سليمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محمد بن أبي مجالد ]. محمد بن أبي مجالد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [عن عبد الله بن أبي أوفى ]. هو عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إن النهبة ليست بأحل من الميتة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص عن عاصم -يعني ابن كليب - عن أبيه عن رجل من الأنصار قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سفر فأصاب الناس حاجة شديدة وجهد، وأصابوا غنماً فانتهبوها، فإن قدورنا لتغلي إذ جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمشي على قوس، فأكفأ قدورنا بقوسه، ثم جعل يرمل اللحم بالتراب، ثم قال: (إن النهبة ليست بأحل من الميتة) أو (إن الميتة ليست بأحل من النهبة) الشك من هناد ]. أورد أبو داود حديث رجل من الأنصار رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، وأنهم أصابتهم حاجة، وأنهم أصابوا غنماً فانتهبوها، أي: فتسابقوا إلى أخذها على سبيل الانتهاب، وذبحوها وجعلوها في القدور، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكفأ القدور وجعل يرمل اللحم بالتراب ويقول: [ (إن النهبة ليست بأحل من الميتة) ]، أو قال: [ (إن الميتة ليست بأحل من النهبة) ]. وذلك لتعظيم شأن الانتهاب وأنه خطير، وأن الإنسان حين يأخذ الشيء وهو لا يستحقه يكون بذلك قد أخذ أمراً لا يجوز له، فالرسول صلى الله عليه وسلم أكفأ هذه القدور، وجعل يرمل اللحم بالتراب، أي يجعل عليه التراب، ومعنى ذلك أنه لا يؤكل وأنه مثل الميتة، فدل هذا على تحريم مثل هذا العمل، وأن الإنسان ليس له أن يأخذ إلا ما أحل الله له وما أبيح له وما أذن له في أخذه.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن النهبة ليست بأحل من الميتة)


قوله: [حدثنا هناد بن السري ]. هو هناد بن السري أبو السري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (خلق أفعال العباد) و مسلم وأصحاب السنن. [حدثنا أبو الأحوص ]. هو سلام بن سليم الحنفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم -يعني: ابن كليب -]. هو عاصم بن كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [عن أبيه]. أبوه صدوق، أخرج له البخاري في جزء رفع اليدين وأصحاب السنن. [عن رجل من الأنصار]. هو صحابي غزا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو مبهم، والمعلوم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المبهم فيهم والمجهول في حكم المعلوم؛ لأنهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين بعد أن حصل لهم ذلك من رب العالمين ومن رسوله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وعبارة (عن رجل) إذا جاءت في موضع تابعي أو من دونه فإنها تؤثر في الإسناد، وتكون سبباً في تضعيف الحديث؛ لأن غير الصحابة يحتاج إلى معرفة حالهم، وأما الصحابة فإنهم لا يحتاجون إلى ذلك. وقول (من الأنصار) قد يحمل على رجل من أولاد الأنصار فيحتاج إلى معرفة حاله، ولكن عرفنا أن قوله هنا: [عن رجل من الأنصار] أنه صحابي؛ لكونه أخبر أنهم غزوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
حمل الطعام من أرض العدو


شرح حديث حمل الطعام من أرض العدو

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حمل الطعام من أرض العدو. حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن ابن حرشف الأزدي حدثه عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنا نأكل الجزور في الغزو ولا نقسمه، حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملاة]. أورد أبو داود [باب في حمل الطعام من أرض العدو]. يعني أن ذلك سائغ وأنه لا بأس به، وأنهم إذا أخذوا كفايتهم وهم في أرض العدو وزاد عليها شيء فإنهم يحملونه ولا بأس بذلك؛ لأن هذا رزق ساقه الله لهم، وغنيمة غنموها، فلهم ذلك ولا بأس به ولا مانع منه. وقد أورد أبو داود الحديث عن رجل من أصحاب رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [كنا نأكل الجزور في الغزو ولا نقسمه، حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملاة]. قوله: [كنا نأكل الجزور في الغزو ولا نقسمه]. يعني أنه لا يقسم كما تقسم الغنائم، وإنما كانوا يأخذون منه فيأكلون ويتزودون، فيرجعون ومعهم شيءٌ من الطعام الذي زاد على قدر حاجتهم وهم في أرض العدو فيأكلونه في سفرهم أو في بيوتهم. قوله: [حتى إن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملاة]. الأخرجة جمع خرج، وهو الذي يوضع فيه متاع الراكب ومتاع المسافر. وقوله: [مملاة] يعني: ممتلئة من بقية الطعام الذي بقي لهم. والحديث في إسناده ضعف، وهو غير ثابت، ولكن معناه صحيح من جهة أن الطعام في أرض العدو يستعمله الغزاة، وإذا زاد معهم شيء فيرجعون به ولا بأس بذلك، فالمعنى صحيح والحديث في إسناده ضعف.

تراجم رجال إسناد حديث حمل الطعام من أرض العدو


قوله: [حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عبد الله بن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرني عمرو بن الحارث ]. هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أن ابن حرشف الأزدي حدثه]. ابن حرشف مجهول، أخرج له أبو داود . [عن القاسم مولى عبد الرحمن ]. ذكر في ترجمته في تهذيب الكمال أنه القاسم بن أبي عبد الرحمن مولى عبد الملك، وهو صدوق يغرب كثيراً، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.

بيع الطعام إذا فضل عن الناس في أرض العدو



شرح حديث معاذ في تقسيم النبي صلى الله عليه وسلم على الجيش طائفة من غنم أصابوها ورد باقيها في المغنم


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في بيع الطعام إذا فضل عن الناس في أرض العدو. حدثنا محمد بن المصفى حدثنا محمد بن المبارك عن يحيى بن حمزة قال: حدثنا أبو عبد العزيز -شيخ من أهل الأردن- عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم قال: رابطنا مدينة قنسرين مع شرحبيل بن السمط ، فلما فتحها أصاب فيها غنماً وبقراً، فقسم فينا طائفة منها وجعل بقيتها في المغنم، فلقيت معاذ بن جبل رضي الله عنه فحدثته فقال معاذ : (غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيبر، فأصبنا فيها غنماً، فقسم فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم طائفة وجعل بقيتها في المغنم) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي [باب في بيع الطعام إذا فضل عن الناس في أرض العدو]. يعني أن ذلك سائغ وجائز ولا بأس به؛ لأنه إذا بيع فهو يرجع إلى الغانمين، أي: قيمته لهم، ولعل بيعه حيث يكون زائداً؛ لأنه يسرع إليه الفساد، فالأمر يقتضيه، وهذا يتعلق ببعض الأطعمة، ولكن بعضها لا يسري إليه الفساد. وقد أورد أبو داود حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر وأنهم أصابوا غنماً، فقسم بينهم بعضها وجعل بعضها في الغنيمة، أي أنه قسم بعضها بينهم قوتاً يقتاتونه، فهذا الذي قسمه بينهم، والذي جعله في الغنيمة يصير من جملة الغنائم التي تقسم على الغانمين وتخمس، فيؤخذ خمسها وأربعة أخماسها للغانمين. والحديث ليس فيه شيء يتعلق بالبيع، لكن البيع صحيح إذا اقتضى الأمر ذلك، لاسيما إذا كان الطعام يسرع إليه الفساد وهو زائد على قدر الحاجة. وذكر أبو داود عن عبد الرحمن بن غنم أنهم كانوا مع شرحبيل بن السمط في فتح قنسرين، وأنهم أصابوا غنماً وبقراً، فقسم بعضها بينهم وبعضها جعله في الغنائم، ثم ذكر حديث معاذ فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر حين أصابوا عنماً، فما أخبر به معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون مرفوعاً، وما فعله ابن السمط موافق لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقنسرين مدينة.
تراجم رجال إسناد حديث معاذ في تقسيم النبي صلى الله عليه وسلم على الجيش طائفة من غنم أصابوها ورد باقيها في المغنم

قوله: [حدثنا محمد بن المصفى ]. محمد بن المصفى صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا محمد بن المبارك ]. محمد بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن حمزة ]. يحيى بن حمزة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو عبد العزيز -شيخ من أهل الأردن-]. هو يحيى بن عبد العزيز ، مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود . [عن عبادة بن نسي ]. عبادة بن نسي ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [عن عبد الرحمن بن غنم ]. عبد الرحمن بن غنم قال عنه الحافظ : عبد الرحمن بن غنم -بفتح المعجمة وسكون النون- الأشعري، مختلف في صحبته، وذكره العجلي في كبار ثقات التابعين. اهـ وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [فقال معاذ ]. هو معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #538  
قديم 04-05-2025, 02:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الجهاد
شرح سنن أبي داود [320]
الحلقة (352)





شرح سنن أبي داود [320]

الغنائم في الجهاد حق لكل المجاهدين، ولذا لم يجز الانتفاع بشيءٍ منها قبل قسمتها، فليس لأحد أن ينتفع منها بمركوب حتى إذا أعجفه رده فيها، ولا بملبوس كذلك إلا لحاجة وبقدر ما يدفع الحاجة، ومن هذا الباب رخص في استعمال سلاح الكافر حال القتال. وقد ورد الوعيد الشديد لمن غل، وحُذِّر من فعله ومِنْ سَتْرِه، وما ذلك إلا لكون الغنائم حقاً عاماً للمجاهدين، فمن أخذ منها شيئاً فقد تعلق به حقهم جميعاً.

الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء


شرح حديث: (من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء. حدثنا سعيد بن منصور و عثمان بن أبي شيبة المعنى -قال أبو داود : وأنا لحديثه أتقن- قالا: حدثنا أبو معاوية عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق مولى تجيب عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه، ومن كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: [باب في الرجل ينتفع من الغنيمة بالشيء]. يعني: ينتفع بشيء من الغنيمة فيركب على دابة من الغنيمة، أو يلبس ثوباً من ثياب الغنيمة في بعض الأحوال حتى يجد ثوباً أو يصل إلى مكان له فيه ثياب، أو حتى يتمكن من تحصيل ثوب، فيجوز أن يستفيد من الغنيمة والفيء بالشيء بقدر الحاجة، ولا يستفيد منه ويستمر فيه حتى يبليه ويتلفه، أو يركب الدابة حتى يعجفها وينهكها، وإنما يستعمل ذلك للحاجة فقط، ومتى ما وجد السبيل إلى الاستغناء عن ذلك فإنه يرده. وأورد أبو داود حديث رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه) ]. معناه أنه يستعملها إلى أن ينهكها، ومفهوم هذا أنه إذا انتفع بشيءٍ لحاجة بحيث لا يؤدي الانتفاع إلى إتلافها أو إتعابها في الاستخدام والاستعمال فذلك لا بأس به؛ لأن المحذور هو أن يستعمل الفيء ويداوم على ذلك بحيث يحصل بسبب استعماله شيء من التأثر والتضرر للمستعمل الذي هو الدابة أو الثوب. قال صلى الله عليه وسلم: [ (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس ثوباً من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه) ]. قوله: [ (حتى إذا أخلقه رده فيه) ] معناه: حتى يكون خلقاً بالياً لا يستفاد منه. فإذا كان المرء محتاجاً إلى الركوب فإنه يركب، وإذا احتاج إلى أن يلبس ثوباً لمدة مؤقتة فإنه يلبس، ولا بأس بذلك، ولكن الممنوع هو كون انتفاعه يؤدي إلى إنهاك الدابة أو إتلافها وإخلاق الثوب أو إتلافه.
تراجم رجال إسناد حديث: (من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فلا يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه)

قوله: [حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور مر ذكره. [و عثمان بن أبي شيبة ]. هو عثمان بن أبي شيبة الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. قوله: [قال أبو داود : وأنا لحديثه أتقن ]. يعني بذلك شيخه الثاني الذي هو عثمان بن أبي شيبة . [قالا: حدثنا أبو معاوية ]. هو محمد بن خازم الضرير ، وقد مر ذكره. [ عن محمد بن إسحاق ]. هو محمد بن إسحاق المدني ، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد بن أبي حبيب ]. هو يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي مرزوق مولى تجيب ]. هو حبيب بن الشهيد ثقة، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [عن حنش الصنعاني ]. حنش الصنعاني ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [عن رويفع بن ثابت الأنصاري ]. هو رويفع بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي .

الرخصة في أخذ سلاح العدو للقتال به في المعركة


شرح حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه في أخذه سيف أبي جهل وقتله به

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة. حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا إبراهيم -يعني ابن يوسف ، قال أبو داود : هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي - عن أبيه عن أبي إسحاق السبيعي قال: حدثني أبو عبيدة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت: يا عدو الله يا أبا جهل ! قد أخذ الله الآخر. قال: ولا أهابه عند ذلك، فقال: أبعد من رجل قتله قومه؟! فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً حتى سقط سيفه من يده، فضربته به حتى برد]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب الرخصة في السلاح يقاتل به في المعركة]. والترجمة موهمة، ومعلوم أن السلاح يقاتل به في المعركة، وهذا هو الأصل فيه ولا يحتاج إلى ترخيص، ولكن المقصود من ذلك السلاح الذي يكون مع العدو فيأخذه المسلم من الكافر فيقاتل به، فالمقصود سلاح العدو وليس المقصود سلاحه هو؛ لأن الأصل أن كل مسلم يقاتل بسلاحه، والترخيص إنما هو في استعمال سلاح العدو بحيث يأخذ المسلم من عدوه سلاحاً فيقاتل به في المعركة، فالمقصود من السلاح هنا سلاح العدو. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه لما كان يوم بدر وجد أبا جهل وقد أصيبت رجله، وكذلك أصيب -أيضاً- في غير رجله، ولكن بقي فيه رمق، فجاء عبد الله وعرفه، وكان معه سيف غير حاد فكان يضربه به في غير طائل، أي: من غير فائدة، فضرب يده فسقط السيف وكان في يده وكان يذب به عن نفسه، أي: ما كان يستطيع الحركة ولكنه يذب عن نفسه بالسيف، فلما سقط سيفه أخذه عبد الله وأجهز عليه به حتى برد، أي: حتى مات وفارق الحياة. ومحل الشاهد منه كون عبد الله بن مسعود أخذ سيف أبي جهل وضربه به واستعمله في المعركة. قوله: [مررت فإذا أبو جهل صريع قد ضربت رجله، فقلت يا عدو الله يا أبا جهل قد أخذ الله الآخر]. يعني بالآخر الأبعد. قوله: [ولا أهابه عند ذلك]. يعني: ولا أهابه عند ذلك لأنه جريح واقع في الأرض. قوله: [فقال: أبعد من رجل قتله قومه؟!]. قال الخطابي : الصواب أنه (أعمد). وقوله: [ قتله قومه ]. معناه أن الذي قد حصل هو أن الرجل قتله قومه. يريد أن يهون على نفسه المصاب. قوله: [فضربته بسيف غير طائل فلم يغن شيئاً]. أي: ضربه ابن مسعود بسيف كان معه، وقوله: [غير طائل] يعني: غير مجدٍ وغير مفيد [فلم يغن شيئاً] يعني: ما حصل منه المقصود في كونه يجهز عليه ويجعله يفارق الحياة. قوله: [حتى سقط سيفه من يده فضربته به حتى برد]. يعني: سقط سيف أبي جهل من يد أبي جهل ، فضربه به حتى برد، أي: حتى مات وفارق الحياة. وقد جاء في بعض الأحاديث أن الذي قتل أبا جهل هما معاذ و معوذ ابني عفراء . وهنا ذكر أن الذي قتله ابن مسعود ، والتوفيق بينهما أن معاذاً و معوذاً أجهزا عليه فأردياه وبقي به رمق، فأجهز عليه ابن مسعود رضي الله عنه.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود في أخذه سيف أبي جهل وقتله به

قوله: [حدثنا محمد بن العلاء قال: أخبرنا إبراهيم -يعني ابن يوسف - ]. هو إبراهيم بن يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي ، وهو صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [عن أبيه]. هو يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق السبيعي ]. أبو إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني أبو عبيدة ]. هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي جليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والصحيح أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، والألباني صحح الحديث، وقال: إن بعضه له شاهد في البخاري، ومعنى ذلك أن الحديث ثابت بالشواهد.
تعظيم الغلول


شرح حديث امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على ميت غل يوم خيبر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في تعظيم الغلول. حدثنا مسدد أن يحيى بن سعيد و بشر بن المفضل حدثاهم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أبي عمرة عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه (أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: صلوا على صاحبكم. فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله. ففتشنا متاعه فوجدنا خرزاً من خرز يهود لا يساوي درهمين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة [باب في تعظيم الغلول] يعني تعظيم شأنه وأنه خطير، وأنه ليس بالأمر الهين. والغلول في الأصل يكون من غنيمة، ويؤخذ بغير حق، وهو من الخيانة، فأمر الغلول عظيم، وقد جاء في الحديث (لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر) ومعناه أنه أخذ ذلك من غير حق، فيكون خائناً بذلك، فشأن الغلول عظيم وخطير. وقد ترجم أبو داود بهذه الترجمة، قال: [ باب في تعظيم الغلول ] يعني تعظيم شأنه وبيان خطورته وأن فيه وعيداً شديداً، وأنه ليس بالأمر الهين، وإنما هو شيء عظيم عند الله عز وجل. وأورد حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه [ (أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم توفي يوم خيبر، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: صلوا على صاحبكم) ]. أي: لم يصل عليه. قال: [ (فتغيرت وجوه الناس لذلك، فقال: إن صاحبكم غل في سبيل الله) ]. قوله: [ (فتغيرت وجوه الناس) ] يعني: تأثروا لكون الرسول صلى الله عليه وسلم تأخر عن الصلاة عليه، ومعنى ذلك أن عنده جرماً وأنه أتى بشيء عظيم فتغيرت وجوه الناس لكونه لم يصل عليه صلى الله عليه وسلم، فقال: [ إن صاحبكم غلَّ في سبيل الله ] يعني أن السبب في عدم الصلاة عليه كونه غل، والغلول خيانة؛ لأنه أخذ حقاً مشاعاً للغانمين، فالذين ظلمهم وأساء إليهم كثير، ولو كانت الإساءة إلى واحد فإن الأمر عظيم أيضاً، ولكن حيث تكون الإساءة إلى عدد كبير حين يكون الأخذ من حق أناس كثيرين فإن الأمر يكون أخطر؛ لأن فيه تعميماً للظلم وتكثيراً له، فلو حصل الظلم لشخص واحد فإنه يكون خطيراً فكيف به حين يكون لأشخاص كثيرين؟! وأخبر زيد بن خالد رضي الله عنه أنهم فتشوا رحله ومتاعه فوجدوا فيه خرزاً من خرز اليهود لا يساوي درهمين. والحديث في إسناده أبو عمرة ، وهو مقبول.

تراجم رجال إسناد حديث امتناع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على ميت غل يوم خيبر

قوله: [حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ أن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [و بشر بن المفضل ]. بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثاهم]. أي: حدثا مسدداً وغيره. [ عن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن يحيى بن حبان ]. محمد بن يحيى بن حبان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عمرة ]. أبو عمرة مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن زيد بن خالد الجهني ]. هو زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن أبي الغيث مولى ابن مطيع عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عام خيبر فلم نغنم ذهباً ولا ورقاً إلا الثياب والمتاع والأموال، قال: فوجه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نحو وادي القرى -وقد أهدي لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عبد أسود يقال له: مدعم - حتى إذا كانوا بوادي القرى، فبينا مدعم يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم فقتله، فقال: الناس هنيئاً له الجنة! فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: كلا، والذي نفسي بيده! إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً. فلما سمعوا ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: شراك من نار. أو قال: شراكان من نار) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنهم لما كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر أنهم لم يغنموا ذهباً ولا فضة، وإنما غنموا الثياب والمتاع والأموال، يعني: ما غنموا ذهباً ولا فضة، وإنما غنموا أشياء من الثياب والمتاع ومن الأموال غير الذهب والفضة. قال: [ (فوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو وادي القرى) ] وذكر أنه أهدي لرسول صلى الله عليه وسلم عبد أسود يقال له: مدعم ، وأنه بينما يحط رحل الرسول صلى الله عليه وسلم إذ جاءه سهم فقتله، فقال الناس: هنيئاً له الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: [ (كلا، والذي نفسي بيده! إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً) ]. وهذا هو محل الشاهد للترجمة، وهو بيان تعظيم الغلول وأن الأمر خطير، وأن تلك الشملة مع أنها حقيرة تشتعل عليه ناراً، وأنه يعذب بها لأنه قد غلها وأخذها من غير حقها. فلما سمع الناس ذلك استعظموه، فجاء رجل ومعه شراك أو شراكان -شك من الراوي-، والشراك هو شسع النعل، فهو شيء يسير، وأخبر أنه أخذ ذلك من الغنيمة، فقال صلى الله عليه وسلم: [ (شراك من نار) ] أو قال: [ (شراكان من نار) ] ومعناه أنه يعذب بهما، فصاحب الشملة عذب بها، وكذلك الشراكان يكونان من نار يعذب بهما آخذهما غلولاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه ناراً)

قوله: [حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن ثور بن زيد الديلي ]. ثور بن زيد الديلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الغيث مولى ابن مطيع ]. أبو الغيث مولى ابن مطيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رحله


شرح حديث: (كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رحله. حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن عبد الله بن شوذب قال: حدثني عامر -يعني ابن عبد الواحد - عن ابن بريدة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالاً فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم، فيخمسه ويقسمه، فجاء رجل بعد ذلك بزمام من شعر فقال: يا رسول الله! هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة. فقال: أسمعت بلالاً ينادي ثلاثاً؟ قال: نعم. قال: فما منعك أن تجيء به؟! فاعتذر إليه، فقال: كن أنت تجيء به يوم القيامة، فلن أقبله عنك) ]. أورد أبو داود [باب في الغلول إذا كان يسيراً يتركه الإمام ولا يحرق رحله] أي: لا يحرق رحل الغال. وهذه الترجمة فيها أن الغلول اليسير الذي يكون مع الغال يترك معه، ولكنه متوعد في ذلك في الدار الآخرة؛ لأنه جاء به بعد القسمة، ولأنه لو كان أتى به قبل أن يقسم لقسم بين الغانمين. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالاً فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم، فيخمسه ويقسمه) ]. ومعلوم أن كل واحد يأخذ شيئاً من الغنيمة من العدو، فكان صلى الله عليه وسلم يأمر بلالاً فينادي بأن يأتي الناس بالغنائم التي معهم، فيجمعونها حتى تخمس وتقسم. وفي غزوة أصاب شخص زماماً من شعر، وهو زمام البعير الذي يقاد به، فلم يأت بعد أن سمع النداء إلا بعدما قسمت الغنائم وقال: هذا أخذته من الغنيمة. فقال له صلى الله عليه وسلم: [ (أسمعت بلالاً ينادي؟) ] قال: نعم. واعتذر عن عدم إتيانه به قبل تخميس الغنيمة وقسمتها بعذر لا نعلمه. فقال له صلى الله عليه وسلم: [ (كن أنت تجيء به يوم القيامة) ] يعني أنك تحاسب عليه يوم القيامة؛ لأنك أخذته من الغنيمة بغير حق، ولم تأت به ليقسم بين المستحقين. فيبقى معه وهو متوعد بهذا الوعيد، وهو دال على خطورة الغلول، وأنه من الأمور الخطيرة ولو كان ذلك الشيء يسيراً. ولقد سبق في حديث مضى أن رجلاً كان معه كبة من شعر أخذها من الغنائم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لك) أي: وما كان للناس فإنه لا يملكه، فقال: (أما إذا بلغت ما أرى فلا أرب لي فيها) ثم رماها وتركها ولم يأخذها. والترجمة فيها ذكر التحريق والإشارة إلى التحريق، أي: تحريق رحل الغال، وقد أورد أبو داود عدة أحاديث ستأتي فيما يتعلق بتحريق المتاع ولكنها كلها ضعيفة.

تراجم رجال إسناد حديث: (كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك)

قوله: [حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى ]. أبو صالح محبوب بن موسى صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [أخبرنا أبو إسحاق الفزاري ]. هو إبراهيم بن محمد بن الحارث ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن شوذب ]. عبد الله بن شوذب صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [حدثني عامر -يعني ابن عبد الواحد -]. عامر بن عبد الواحد صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن بريدة ]. هو عبد الله بن بريدة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #539  
قديم 04-05-2025, 02:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

عقوبة الغال


شرح حديث: (إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في عقوبة الغال. حدثنا النفيلي و سعيد بن منصور قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد -قال النفيلي : الدراوردي - عن صالح بن محمد بن زائدة -قال أبو داود : و صالح هذا أبو واقد - قال: دخلت مع مسلمة أرض الروم، فأتي برجل قد غل، فسأل سالماً عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه)، قال: فوجدنا في متاعه مصحفاً، فسأل سالماًعنه فقال: بعه وتصدق بثمنه ]. أورد أبو داود [باب في عقوبة الغال] ومعنى ذلك أنه يعاقب في الدنيا بتحريق متاعه، وفي الآخرة جاءت الأحاديث في الوعيد بحقه، مثلما مر في قوله صلى الله عليه وسلم: (شراك من نار) أو (شراكان من نار) وإخباره صلى الله عليه وسلم عن الشملة أنها تشتعل على صاحبها ناراً وأنه يعاقب على غلوله. وتحريق المتاع لا يدخل فيه الغنيمة التي معه؛ لأنها للغانمين وليست حقاً له، وإنما الذي يحرق هو متاعه الذي يخصه. وأورد أبو داود حديث عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه) ]. قوله: (أحرقوا متاعه واضربوه) يعني: متاعه الذي يخصه وليس الغنيمة، ومعناه أنه يضرب مع تأديبه بحرق متاعه. وقوله: [فوجدنا في متاعه مصحفاً، فسأل سالماً عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه]. أي: كان مما وجد في متاعه مصحف، فسأل مسلمة سالماً عنه فقال: بعه وتصدق بثمنه؛ فلا يحرق مع متاعه، بل يبقى للاستفادة منه ويباع. والحديث ضعيف لضعف رجل في إسناده.

تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه)


قوله: [حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ و سعيد بن منصور قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد ]. سعيد بن منصور مر ذكره، وعبد العزيز بن محمد هو الدراوردي وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح بن محمد بن زائدة ]. صالح بن محمد بن زائدة ضعيف، أخرج له أصحاب السنن. [فسأل سالماً عنه فقال: سمعت أبي يحدث عن عمر بن الخطاب ]. سالم هو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأبوه هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه هو أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث إحراق الوليد بن هشام متاع غالٍّ وضربه ومنعه سهمه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى الأنطاكي قال: أخبرنا أبو إسحاق عن صالح بن محمد قال: غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر و عمر بن عبد العزيز ، فغل رجل متاعاً فأمر الوليد بمتاعه فأحرق، وطيف به، ولم يعطه سهمه. قال أبو داود : وهذا أصح الحديثين، رواه غير واحد أن الوليد بن هشام أحرق رحل زياد بن سعد -وكان قد غل- وضربه ]. هذا إسناد آخر ينتهي إلى الوليد بن هشام ، وهو مثل الذي قبله، ومعناه أن الغال يحرق رحله ويضرب. وهو مقطوع، ومع ذلك في إسناده ذلك الرجل الضعيف الذي هو صالح بن محمد .
تراجم رجال إسناد حديث إحراق الوليد بن هشام متاع غالٍّ وضربه ومنعه سهمه

قوله: [حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى الأنطاكي قال: أخبرنا أبو إسحاق ]. أبو صالح مر ذكره، و أبو إسحاق هو الفزاري ، وقد مر ذكره. [ عن صالح بن محمد ]. صالح بن محمد مر ذكره. قوله: [ قال: غزونا مع الوليد بن هشام ]. في الحديث السابق قال: مع مسلمة : وهنا قال: مع الوليد بن هشام، وهناك ذكر الإسناد إلى عمر بن الخطاب ، وهنا وقف عند كون الوليد بن هشام أحرق المتاع، فيكون مقطوعاً، ومع كونه مقطوعاً هو ضعيف؛ لأن فيه صالح بن محمد وهو ضعيف أخرج له أصحاب السنن. والوليد بن هشام هو الأموي، ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. قوله: [ قال أبو داود : وهذا أصح الحديثين ]. يعني أن الموقوف هذا أصح من ذلك المتصل، وكل منهما فيه الرجل الضعيف الذي هو صالح بن محمد .

شرح حديث إحراق النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر متاع الغالِّ وضربه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عوف قال: حدثنا موسى بن أيوب قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبا بكر و عمر رضي الله عنهما حرقوا متاع الغال وضربوه]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر و عمر رضي الله تعالى عنهما حرقوا متاع الغال وضربوه، فهو مثل الذي قبله، وهو -أيضاً- ضعيف من أجل زهير بن محمد الذي في الإسناد.

تراجم رجال إسناد حديث إحراق النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر متاع الغال وضربه


قوله: [حدثنا محمد بن عوف ]. محمد بن عوف ثقة، أخرج له أبو داود ، و النسائي في مسند علي . [حدثنا موسى بن أيوب ]. موسى بن أيوب صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [حدثنا الوليد بن مسلم ]. الوليد بن مسلم ثقة، كثير التدليس، أخرج له أصحاب السنن. [حدثنا زهير بن محمد ]. زهير بن محمد رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة، فضعف بسببها، والحديث ثبت من رواية الوليد بن مسلم ، وهو من أهل الشام. [عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، و مسلم وأصحاب السنن. [عن أبيه]. أبوه صدوق أيضاً، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. [عن جده]. هو عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
زيادة (ومنعوه سهمه) في حديث إحراق النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر متاع الغال وترجمة من زادها

[قال أبو داود : وزاد فيه علي بن بحر عن الوليد -ولم أسمعه منه-: ومنعوه سهمه]. أي أن علي بن بحر زاد في الحديث: [ومنعوه سهمه] ولم يسمعها منه أبو داود ، بل سمعها من غيره، ومعنى: [ومنعوه سهمه] أي: من الغنيمة. وعلي بن بحر ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي .
طريق أخرى لحديث إحراق النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر متاع الغال وتراجم رجال الإسناد

[ قال أبو داود : وحدثنا به الوليد بن عتبة و عبد الوهاب بن نجدة قالا: حدثنا الوليد عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب قوله، ولم يذكر عبد الوهاب بن نجدة الحوطي (منع سهمه) ]. معناه أن الحديث مقطوع من قول عمرو بن شعيب . قوله: [وحدثنا به الوليد بن عتبة ]. الوليد بن عتبة ثقة، أخرج له أبو داود . [ وعبد الوهاب بن نجدة ]. عبد الوهاب بن نجدة ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [قالا: حدثنا الوليد عن زهير بن محمد عن عمرو بن شعيب ]. قد مر ذكرهم جميعاً. وهذه الروايات ضعفها جميعاً الإمام الألباني .
النهي عن الستر على من غل


شرح حديث: (من كتم غالاً فإنه مثله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن الستر على من غل. حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا يحيى بن حسان قال: حدثنا سليمان بن موسى أبو داود قال: حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أنه قال: أما بعد: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كتم غالاً فإنه مثله) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في النهي عن الستر على من غل] أي أن الغال إذا علم أمره وشأنه فإنه لا يُستَر عليه، والذي ينبغي في مثل هذا أن ينصح، وإذا لم يقبل النصح، فإنه يرفع أمره إلى الأمير حتى يخلصه من هذا الغلول الذي حصل؛ لأن بقاءه معه واستمراره في حوزته واستمرار خيانته يعود عليه بالمضرة في الدنيا والآخرة، فالعمل على تخليصه من هذه البلية ومن هذا العمل الخبيث من التعاون على البر والتقوى. وقد أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من كتم غالاً فإنه مثله) ]. يعني: من كتم أمره وأخفى أمره وهو يعلم ذلك فإنه يكون مثله. أي: في الإثم. لكن الحديث ضعيف لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن المعنى صحيح من حيث كون المسلم يكون عوناً لأخيه المسلم وناصحاً له، فالذي عليه أن ينصحه وأن ينبهه حتى يتخلص من الغلول، وإذا لم يقبل النصح فإنه يرفع أمره إلى أمير الجيش حتى يخلصه من هذا الغلول الذي يعود عليه بالمضرة في الدنيا والآخرة. والحديث -كما أشرت- ضعيف، وفيه خمسة متكلم فيهم، وهذا الإسناد هو إسناد حديث مر هو (يا خيل الله! اركبي)، فإن هذا الإسناد هو نفس ذاك الإسناد، فيه خمسة متكلم فيهم، فيهم من هو مقبول ومن هو مجهول ومن هو لين الحديث، ولم يسلم غير الصحابي إلا واحد هو يحيى بن حسان ، فهو ثقة، وأما الصحابة فلا كلام فيهم، والخمسة الباقون بين لين الحديث ومقبول الحديث ومن ليس بالقوي ومن هو مجهول. وهؤلاء الخمسة انفرد أبو داود بالإخراج لهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (من كتم غالاً فإنه مثله)


قوله: [حدثنا محمد بن داود بن سفيان ]. محمد بن داود بن سفيان مقبول، أخرج له أبو داود وحده. [حدثنا يحيى بن حسان ]. يحيى بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [حدثنا سليمان بن موسى أبو داود ]. سليمان بن موسى أبو داود فيه لين، أخرج حديثه أبو داود . [حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ]. جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ليس بالقوي، أخرج له أبو داود . [ حدثني خبيب بن سليمان ] خبيب بن سليمان مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن أبيه سليمان بن سمرة ]. سليمان بن سمرة مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن سمرة بن جندب ]. هو سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



حكم استخدام أموال الدولة في المصالح الخاصة


السؤال: ما حكم استخدام أموال الدولة في المصالح الخاصة؟



الجواب: لا يجوز ذلك، وإنما أموال الدولة تستعمل في الأمور التي خصصت لها، فكون الإنسان يكون موظفاً فيأخذ من أوراق الدولة ومن أقلامها ويستعملها، أو يستعمل التلفونات في أموره الخاصة وليس في أمور الدولة؛ هذا لا يجوز، ويعتبر خيانة لكونه أخذ شيئاً بغير حق، ولا يعد غلولاً؛ إذ الغلول خاص بالأخذ من الغنيمة قبل القسمة.

تفسير قوله تعالى: (وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة)


السؤال: ما تفسير قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:161]؟



الجواب: جاء في تفسيرها -كما في بعض الأحاديث- أنهم فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخذها. ولعل المقصود من ذلك أنه أخذها اصطفاءً لا غلولاً. وقد جاء في بعض الأحاديث في قوله تعالى: وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ [آل عمران:161] أن معناه: ما كان للنبي أن يتهمه قومه بالغلول. وقوله تعالى: (( وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ )) يفسره قوله صلى الله عليه وسلم: (لا ألفين أحدكم يأتي يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر، يقول: يا رسول الله! أغثني فأقول: قد أبلغتك).

معنى الشملة

السؤال: ما المراد بالشملة؟



الجواب: المراد بالشملة شيء من الثياب يتوشح به ويتلفع، أو كساء من صوف أو شعر يتغطى به ويتلفف به، وهي من المتاع الخفيف.

حكم بيع المصحف

السؤال: ما حكم بيع المصحف؟ الجواب: لا بأس ببيعه.


معنى قوله صلى الله عليه وسلم عن المطر: (حديث عهد بربه)


السؤال: جاء في صحيح مسلم عن أنس رضي الله عنه قال: (أصابنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر، قال: فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟! قال: لأنه حديث عهد بربه) فما المراد بقوله: (حديث عهد بربه)؟


الجواب: يعني أنه حديث عهد بإنزال ربه؛ لأنه -كما هو معلوم- نزل من بين السماء والأرض، وما نزل من العرش، وإنما نزل من بين السماء والأرض، كما قال الله عز وجل: وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [البقرة:164]، وقال تعالى: أَأَنْتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ [الواقعة:69] أي السحاب، فهو حديث عهد بإنزال ربه، وليس معنى ذلك أنه جاء من عند الله من فوق العرش.

حكم مقاطعة المنتجات الأمريكية واليهودية


السؤال: ما حكم مقاطعة المنتجات الأمريكية واليهودية؟



الجواب: المسلمون -كما هو معلوم- في هذا الزمان عندهم ضعف شديد، وسبب ضعفهم عدم قيامهم بأمر الله عز وجل وبما يجب عليهم، ومن أجل ذلك هانوا على أنفسهم وهانوا على أعدائهم فصاروا هائبين بدل أن يكونوا مهيبين، صاروا يهابون أعداءهم وأعداؤهم لا يهابونهم. أما المقاطعة ونحوها فهي ترجع إلى المصلحة وما يترتب على ذلك من الفائدة. ومعلوم أن اليهود -وهم من أرذل خلق الله ومن أحط خلق الله- ما تسلطوا على المسلمين إلا لضعف المسلمين وهوانهم وعدم قيامهم بأمر الله عز وجل، ولو أن المسلمين رجعوا إلى ربهم لصار لهم شأن ولهابهم أعداؤهم بدل أن صاروا هم الهائبين لأعدائهم، ومعلوم أن دول الكفر كلها ضد الإسلام، ولكن المسلمين أنفسهم هم الذين قصروا في إسلامهم وقصروا بما يجب عليهم نحو إسلامهم. والمهم أن يرجع المسلمون إلى الله عز وجل، وإذا رجعوا إلى الله عز وجل، وأصلحوا ما بينهم وبين الله، وعملوا بما هو مطلوب منهم؛ فإن هذا من أسباب نصرهم، والله تعالى يقول: إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7]، ويقول تعالى: وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41]."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #540  
قديم 04-05-2025, 02:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الجهاد
شرح سنن أبي داود [321]
الحلقة (353)





شرح سنن أبي داود [321]

للغنائم أحكامها الشرعية المتعلقة بها، ومن تلك الأحكام أنه لا يسهم فيها إلا لشاهد المعركة، ولا يسهم لمن لم يشهدها إلا إذا غاب بإذن الإمام، وقد يرى الإمام الإسهام لبعض من لم يشهدها، ومن أحكامها أن العبد والمرأة إذا شاركا في الجهاد كان لهما نصيبٌ منها رضخاً لا سهماً، ولما كانت الأسهم على قدر البلاء في الجهاد كان نصيب الفارس فيها أكبر من نصيب الراجل، فيعطى الفارس سهماً له وسهمين لفرسه لبلائه كراً وفراً.

السلب يعطى القاتل


شرح حديث: (من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في السلب يعطى القاتل. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال: فرأيت رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين، قال: فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه، فأقبل عليَّ فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت له: ما بال الناس؟ قال: أمر الله. ثم إن الناس رجعوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقال: من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه. قال: فقمت ثم قلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثانية: من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه. قال: فقمت ثم قلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ما لك يا أبا قتادة ؟! قال: فاقتصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم: صدق يا رسول الله، وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه منه. فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لاها الله إذاً! يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقت، فأعطه إياه. فقال أبو قتادة : فأعطانيه، فبعت الدرع فابتعت به مخرفاً في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام) ]. أورد أبو داود [باب في السلب يعطى للقاتل] أي: لقاتل الكافر الذي معه شيء من سلاح وثياب وغير ذلك، هذا هو السلب الذي يعطى للقاتل، وإعطاؤه القاتل فيه مكافأة له على نشاطه وعلى قوته وعلى جرأته وتمكنه من القضاء على الكافر ومن النكاية بالكفار، فلهذا شرع إعطاء القاتل السلب، ولقد جاء فيه أحاديث، وقد سبق أن مر بنا قريباً حديث سلمة بن الأكوع في قصة الرجل الذي جاء على جمل وأناخه ثم انسل، فقال صلى الله عليه وسلم: (اقتلوه) فلحقوه، وكان سلمة بن الأكوع رضي الله عنه عداءً، وكان سباقاً على رجليه، فلحق به حتى أدركه وقتله، فجاء بالبعير يقوده وما عليه، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم سلبه، فإعطاء السلب للقاتل -أي: ما كان بحوزة المقتول من الكفار- فيه مكافأة وفيه تحفيز للهمم ومكافأة لمن أبلى بلاءً حسناً وحصل منه ما فيه نكاية بالأعداء. وأورد أبو داود حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه أنهم كانوا في غزوة حنين فحصلت جولة، يعني: حصل إقدام ثم إحجام، وانكشف المسلمون، وقد قال بعضهم: لن نغلب اليوم من قلة؛ فعوقبوا على ذلك بأن حصلت لهم الهزيمة أولاً، وبقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر قليل، فثبت يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ثم إنه رجع الناس وصار النصر لهم على أعدائهم في آخر الأمر. فأخبر أبو قتادة أنه رأى رجلاً من المشركين قد علا رجلاً من المسلمين -يعني: ظهر عليه وغلبه- فاستدار وأتاه من خلفه فضربه على حبل رقبته، أي: ضربه في المكان الذي في أسفل الرقبة فقتله، ولكنه بقي فيه رمق فأقبل إليه وضمه ضمة شديدة، قال أبو قتادة : [وجدت منها ريح الموت] ثم إنه أطلقه لأنه أدركه الموت. ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك قال: [ (من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه) ] يعني: له من يشهد له على ذلك؛ لأن الدعاوى قد يعتريها ما يعتريها من النقص ومن الخلل، فقال: [ (من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه) ] فكان أبو قتادة يقوم ويقول: من يشهد لي. ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: [ (مالك يا أبا قتادة ؟) ] فقص عليه القصة، وكان في الحاضرين الرجل الذي أخذ سلب ذلك المقتول، فقال: يا رسول الله! سلبه عندي فأرضه. يعني: دع هذا السلب لي وأرض أبا قتادة من عندك. فعند ذلك بادر أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال: [لاها الله إذاً -أي: لا والله- يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه!] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ (صدق) ] يعني: صدق أبو بكر . فقام ذلك الرجل الذي عنده سلب ذلك المقتول فأعطاه لأبي قتادة ، فباعه واشترى به مخرفاً -أي: بستاناً-، قال: فهو أول مال تأثلته في الإسلام، يعني: تملكته وظفرت به، وكان بسبب ثمن ذلك السلب الذي حصل له من ذلك المقتول الذي قتله، وهو دال على إعطاء السلب لقاتله، وهذا إنما يكون من الإمام أو ممن يكون نائباً عنه.

تراجم رجال إسناد حديث: (من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه)


قوله: [حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [عن مالك ]. هو مالك بن أنس الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عمر بن كثير بن أفلح ]. عمر بن كثير بن أفلح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي فقد أخرج له في مسند مالك . [عن أبي محمد مولى أبي قتادة ]. أبو محمد مولى أبي قتادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي قتادة ]. هو الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

تابع شرح حديث: (من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه)

قوله: [فضربته بالسيف على حبل عاتقه]. المقصود بذلك أسفل عنقه الذي هو متصل بالعاتق. قوله: [فلحقت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقلت له: ما بال الناس؟ قال: أمر الله]. معنى قوله: [ما بال الناس] أي: الانكشاف الذي قد حصل. وقول عمر : [أمر الله] يعني أن هذا شيء بقضاء الله وقدره، ومصيبة حلت بالمسلمين، ولكن الله عز وجل أعاد الكرة لهم فرجعوا عن ذلك الانكشاف وذلك الانصراف الذي قد حصل وصار في النهاية النصر لهم. قوله: [فقال أبو بكر رضي الله عنه: لاها الله إذاً! يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه!]. يعني أن هذا أسد من أسد الله يقاتل في سبيل الله ويذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكون منه الجهد العظيم والجهد المشكور، فكيف تكون الغنيمة لغيره وهو لا يظفر بذلك الذي هو نتيجة لجهده؟! فمعناه أن هذا لا يكون، وهو اعتراض على ذلك الطلب الذي طلبه من كان بيده السلب، فالنبي صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك، وقال: [ (صدق) ] أي: صدق أبو بكر، فأمره أن يعطيه إياه، فقام وأعطاه أبا قتادة رضي الله عنه فباعه واشترى به مخرفاً أي بستاناً.
شرح حديث: (من قتل كافراً فله سلبه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومئذ -يعني يوم حنين-: من قتل كافراً فله سلبه. فقتل أبو طلحة رضي الله عنه يومئذ عشرين رجلاً وأخذ أسلابهم، ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر، فقال: يا أم سليم ! ما هذا معك؟ قالت: أردت -والله- إن دنا مني بعضهم أبعج به بطنه. فأخبر بذلك أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) قال أبو داود : هذا حديث حسن. قال أبو داود : أردنا بهذا الخنجر، وكان سلاح العجم يومئذ الخنجر]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه كان في غزوة حنين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ (من قتل كافراً فله سلبه) ] فقتل أبو طلحة رضي الله عنه عشرين شخصاً وأخذ أسلابهم، أي: أخذ الأشياء التي كانت معهم بناءً على هذا القول الذي قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن السلب يكون للقاتل ولو تعدد المقتولون ولو كثروا؛ لأن أبا طلحة رضي الله عنه قتل عشرين وأخذ أسلابهم. وهذا يدل على قوة بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ونشاطهم وبلائهم في الجهاد في سبيل الله، فإن أبا طلحة قتل هؤلاء العشرين من الكفار وأخذ أسلابهم. ثم رأى أم سليم -وهي زوجته، وهي أم أنس بن مالك - ومعها خنجر فقال لها: ما هذا يا أم سليم ؟ قالت: أردت إن دنا أحد مني أن أبعج بطنه. أي: أشق بطنه بهذا الخنجر. تعني أنه إذا دنا أحد من الكفار إليها فإنها تستعمله للدفاع عن نفسها وتشق بطنه بهذا الخنجر، فأخبر بذلك أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [قال أبو داود : أردنا بهذا الخنجر، وكان سلاح العجم يومئذ الخنجر]. يعني بذلك لفظ الخنجر، والخنجر هو السكين الغليظة الكبيرة الحادة، وكان سلاح العجم يومئذ الخنجر، أي: وهذا من سلاح العجم، وإلا فإن الذين كانوا يقاتلون هم هوازن، وهم من العرب.
تراجم رجال إسناد حديث: (من قتل كافراً فله سلبه)

قوله: [حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ]. إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك هو عم إسحاق بن عبد الله ؛ لأن عبد الله بن أبي طلحة هو أخو أنس بن مالك لأمه وهذا ابنه، فيكون عمه. و أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد رباعي من الأسانيد العالية عند أبي داود.
منع الإمام القاتل السلب واعتبار الفرس والسلاح من السلب


شرح حديث: (هل أنتم تاركون لي أمرائي)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى، والفرسُ والسلاحُ من السلب. حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثني صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: خرجت مع زيد بن حارثة رضي الله عنه في غزوة مؤتة، فرافقني مَدَدِي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزوراً فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه فاتخذه كهيئة الدرق، ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب، وسلاح مذهب، فجعل الرومي يفري بالمسلمين، فقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه، فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد رضي الله عنه فأخذ من السلب، قال عوف : فأتيته فقلت: يا خالد ! أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالسلب للقاتل؟! قال: بلى، ولكني استكثرته. قلت: لتردنه عليه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أن يرد عليه، قال عوف : فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (يا خالد ! ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله! لقد استكثرته. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا خالد ! رد عليه ما أخذت منه. قال عوف : فقلت له: دونك يا خالد ! ألم أفِ لك؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وما ذلك؟ فأخبرته، قال: فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: يا خالد ! لا ترد عليه، هل أنتم تاركون لي أمرائي؟ لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب الإمام يمنع القاتل السلب إن رأى، والفرسُ والسلاحُ من السلب]. يعني: إذا رأى ذلك فإن القاتل يكون له السلب، ولكن للإمام أن يمنعه إذا رأى ذلك، أي: يمنع القاتل السلب إذا رأى ذلك. وقوله: [والفرس والسلاح من السلب] يعني أنهما من جملة السلب، بحيث إذا كان للمقتول فرس ومعه سلاح فإنه يكون سلباً ويكون لقاتله فيملك الفرس ويملك السلاح. وأورد أبو داود حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه أنه قال: [خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة، فرافقني مددي من أهل اليمن ليس معه غير سيفه]. وغزوة مؤتة هي الغزوة التي كانت في أرض الروم، وكانت في السنة الثامنة، واستشهد فيها ثلاثة من الأمراء، وهم زيد بن حارثة و جعفر بن أبي طالب و عبد الله بن رواحة ، ويقال لها: غزوة الأمراء؛ لأنه استشهد فيها أمراء ثلاثة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخذ الراية خالد ونصر الله المسلمين على أعدائهم. قال عوف بن مالك : صحبني مددي من اليمن. والمددي هو الذي يأتي يمد الجيوش أو تمد به الجيوش، فيقال له: مددي. أي: جاء يمد الجيوش، كما أخبر صلى الله عليه وسلم عن أويس القرني فقال: (يأتيكم مع أمداد أهل اليمن) يعني الذين يأتون من اليمن ليمدوا الجيوش، فيقال للواحد: مددي، ويقال للجمع: أمداد. فكان أهل اليمن يأتون أمداداً للجيوش، وفي الحديث: (إني لأجد نفس الرحمن من جهة اليمن) والمقصود به ما يحصل للمسلمين من التنفيس عن طريق الجيوش والأمداد التي تأتي من جهة اليمن، هذا هو معنى الحديث، وليس المقصود بذلك أن الله تعالى يوصف بأن له نفساً، وإنما يعني الجند أو الجيش أو الرجال الذين يحصل بهم التنفيس على المسلمين بمجيئهم لقتال الكفار. قال عوف عن هذا المددي: [ليس معه غير سيفه، فنحر رجل من المسلمين جزوراً فسأله المددي طائفة من جلده فأعطاه إياه، فاتخذه كهيئة الدرق]. أي: أن هذا المددي لم يكن معه إلا سيفه، وأن رجلاً من المسلمين نحر جزوراً فطلب منه قطعة من الجلد ليتخذها كهيئة الدرق، أي: كالترس الذي يقي به السهام، وذلك بأن يجعله ييبس ليكون غليظاً قاسياً. قوله: [ومضينا فلقينا جموع الروم، وفيهم رجل على فرس له أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب، فجعل الرومي يفري بالمسلمين، فقعد له المددي خلف صخرة، فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر، وعلاه فقتله، وحاز فرسه وسلاحه]. يعني أنه لما حصل الالتقاء مع الروم كان فيهم -أي: الروم- رجل على فرس وعليه سرج مذهب ومعه سيف مذهب، فكان يفري بالمسلمين، ومعناه أنه يفتك بهم، فهذا المددي اختفى وراء صخرة، ولما مر به الرومي ضرب عراقيب فرسه فخر وقتله. قوله: [وحاز فرسه وسلاحه]. يعني: حاز ذلك المددي الفرس الذي عليه السرج المذهب والسلاح المذهب. وهذا محل الشاهد للترجمة، حيث قال فيها: [والفرس والسلاح من السلب]؛ لأنه حاز ذلك السلب الذي هو الفرس والسلاح. قوله: [فلما فتح الله عز وجل للمسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ من السلب، قال عوف : فأتيته فقلت: يا خالد ! أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟]. يعني: لما حصل النصر للمسلمين على أعدائهم الروم أخذ خالد من ذلك السلب الذي مع المددي لأنه استكثره، فعوف بن مالك الذي كان قد رافق هذا المددي قال: [أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟] فأخبره بأنه استكثر ذلك، فأراد أن يكون للمسلمين شيء من ذلك. قوله: [قلت: لتردنه عليه أو لأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأبى أن يرد عليه]. يعني بذلك أنه عندما يلتقي مع خالد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه سيخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما حصل وبما فعله خالد من أخذ ذلك السلب من القاتل. قوله: [قال عوف: فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا خالد ! ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله! لقد استكثرته. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا خالد ! رد عليه ما أخذت منه) ]. أي: أنهم لما التقوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عوف بإبلاغ الرسول عليه الصلاة والسلام، بما قد حصل، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بهذا الخبر، بل استوثق من خالد وقال: (ما حملك على ما صنعت؟ فقال: استكثرته يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد : رد عليه ذلك الذي أخذته منه). أي: السلب. قوله: [ فقال عوف : قلت له: دونك يا خالد ! ألم أف لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذلك؟]. أي: أنه لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برد السلب على القاتل المددي قال عوف لخالد يخاطبه عند النبي صلى الله عليه وسلم: [ألم أف لك؟] يعني: ألم أف بالكلام حين قلت لك بأنني سأعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ومعناه: إنني توعدتك، وقد وفيت بما توعدتك به، فقد أخبرت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رد السلب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ (وما ذلك؟) ]. وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، ولا يعلم الغيب على الإطلاق إلا الله سبحانه وتعالى، ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الغيب على الإطلاق لما خفي عليه الذي جرى بين خالد وبين عوف بن مالك ، وهذا من جملة الوقائع الكثيرة التي تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، وقد أطلعه الله على كثير من الغيوب، لكنه ما أطلعه على كل غيب، ولهذا فإن الذين يغلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم ويصفونه بأنه يعلم الغيب لم يحالفهم الصواب، بل أخطئوا، والله عز وجل أمر نبيه بأن يقول: لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ [الأنعام:50]، وقال: وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِي السُّوءُ [الأعراف:188] وقد حصلت وقائع كثيرة في الدنيا تدل على أنه لا يعلم الغيب، منها هذا الذي معنا، وكذلك مسألة العقد الذي كان لعائشة ، فقد مكثوا يبحثون عنه مع أنه كان تحت الجمل الذي تركب عليه عائشة ، ومع ذلك ما عرفوا أنه تحت الجمل إلا لما بحثوا عنه فلم يجدوه ثم أرادوا الرحيل فقام الجمل وإذا العقد تحته. وكذلك في مسألة الإفك حين رميت عائشة بما رميت به من الإفك، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها: (إن كنت ألممت بذنب فتوبي إلى الله واستغفري) ولو كان يعلم الغيب من أول وهلة لقال للذين اتهموها: أنا أعلم الغيب، وأعلم أنه ما حصل منها شيء، فهي بريئة، ولم يعلم براءتها إلا بعد ما نزل القرآن بتبرئتها في آيات تتلى في أول سورة النور. وأما بالنسبة للآخرة فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يذاد ناس عن الحوض، وأنه يقول: (أصحابي! فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك). فهذا يدل على أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب إلا ما أطلعه الله عليه، وقد أطلعه الله على كثير من الغيوب، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة، وهي من دلائل نبوته، ومنها ما مر بنا في كونه أطلع على الكتاب الذي ذهبت به المرأة من قبل حاطب بن أبي بلتعة إلى كفار

تراجم رجال إسناد حديث: (هل أنتم تاركون لي أمرائي)


قوله: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا الوليد بن مسلم ]. هو الوليد بن مسلم الدمشقي ، ثقة مدلس، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثني صفوان بن عمرو ]. صفوان بن عمرو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ]. عبد الرحمن بن جبير بن نفير ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [عن أبيه]. هو جبير بن نفير ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عوف بن مالك الأشجعي ]. هو عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

طريق أخرى لحديث: (هل أنتم تاركون لي أمرائي)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد قال: سألت ثوراً عن هذا الحديث فحدثني عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي نحوه]. كلمة [عن أبيه] هنا مقحمة؛ لأن الذي يروي عن أبيه هو عبد الرحمن بن جبير بن نفير في الإسناد الأول، وأما هذا الإسناد ففيه خالد بن معدان يروي عن جبير بن نفير ، فكلمة [عن أبيه] مقحمة، ومفهومها أن جبيراً يروي عن نفير ، و نفير ليس له رواية، وإنما الرواية لعبد الرحمن بن جبير عن أبيه الذي هو جبير بن نفير الذي مر في الإسناد السابق. وفي تحفة الأشراف لا وجود لهذه الزيادة؛ لأن هناك طريقاً فيها عبد الرحمن بن جبير عن أبيه، وهنا أخرى فيها خالد بن معدان عن جبير . فكلمة [عن أبيه] مقحمة. قوله: [عن عوف بن مالك الأشجعي نحوه]. أي: نحو الحديث المتقدم في الرواية السابقة التي هي من طريق عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه، فنحوها هذه الطريق التي جاءت عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك ، فالحديث نحو الحديث الأول في المعنى وليس مثله في الألفاظ.

تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث: (هل أنتم تاركون لي أمرائي)


قوله: [حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد قال: سألت ثوراً ]. ثور هو ثور بن يزيد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [عن خالد بن معدان ]. خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك الأشجعي ]. قد مر ذكرهما.
السلب لا يخمس


شرح حديث: (قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في السلب لا يخمس. حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي و خالد بن الوليد رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: [باب في السلب لا يخمس] يعني أنه لا يؤخذ منه خمس كما أن الغنيمة يؤخذ منها الخمس والباقي -وهو أربعة أخماس- للغانمين، فالسلب كله للقاتل ولا يؤخذ منه خمسه كما يؤخذ الخمس من الغنيمة، وإنما هو كله للقاتل. وأما الغنيمة فيؤخذ خمسها والأربعة الأخماس الأخرى الباقية تكون للغانمين؛ هذا هو المقصود من الترجمة. وقد أورد أبو داود حديث عوف بن مالك و خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنهما [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب) ]. أي: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب، أي: لا يؤخذ خمسه، وإنما يعطى بأكمله للقاتل دون تخميس. وليس المعنى أن كل قاتل يأخذ السلب، بل إذا قال الإمام ذلك، فإذا قاله تشجيعاً لهم فإن القاتل بعد ذلك يستحق السلب كاملاً.

تراجم رجال إسناد حديث: (قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب)


قوله: [حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا إسماعيل بن عياش ]. إسماعيل بن عياش صدوق، وفي روايته عن الشاميين تخليط، وروايته هنا عن طريق الشاميين، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن. [عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك ]. هؤلاء جميعاً مر ذكرهم. [و خالد بن الوليد ]. هو خالد بن الوليد رضي الله عنه، وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو سليمان ، وليس له ولد اسمه سليمان، ولكنه كان يكنى بأبي سليمان، كما كان أبو بكر يكنى بأبي بكر وليس له ولد اسمه بكر، و عمر كان يكنى بأبي حفص وليس له ولد اسمه حفص. وحديث خالد أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه


شرح حديث ابن مسعود: (نفلني رسول الله سيف أبي جهل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه. حدثنا هارون بن عباد الأزدي حدثنا وكيع عن أبيه عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: نفلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر سيف أبي جهل كان قتله]. أورد أبو داود [باب من أجاز على جريح مثخن ينفل من سلبه] يعني: يعطى شيئاً من سلبه ولا يعطى سلبه كله، بل يعطى شيئاً زائداً على حقه من الغنيمة تمييزاً له وزيادة له على نصيبه من الغنيمة. والنفل المقصود به الذي يعطى زيادة على نصيبه من الغنيمة، ولهذا قيل للصلاة التي هي غير الفرض نافلة لأنها زيادة على الفرض. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: [نفلني رسول الله صلى الله عليه وسلم سيف أبي جهل ] وكان هو الذي أجهز عليه كما سبق أن مر بنا في الحديث أنه وجده وبه رمق قد ضربت رجله وكان يذب بسيفه عن نفسه، فلما رآه كان معه سيف ليس بحاد، فضربه به فلم يغن شيئاً، فسقط سيفه من يده فأخذه منه فضربه به حتى برد، أي: حتى فارق الحياة وخرجت روحه. وهنا أخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم نفله سيفه، وسيفه من السلب، كما في الترجمة [ينفل من سلبه]، لكن الحديث غير صحيح، والتنفيل جاءت فيه أحاديث ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستأتي جملة منها، ولكن هذا الحديث غير صحيح.
تراجم رجال إسناد حديث ابن مسعود: (نفلني رسول الله سيف أبي جهل)

قوله: [حدثنا هارون بن عباد الأزدي ]. هارون بن عباد الأزدي مقبول، أخرج له أبو داود. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه]. هو الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي ، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [عن أبي إسحاق ]. هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي عبيدة ]. هو أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن مسعود ]. هو عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل، أخرج له أصحاب الكتب الستة. ورواية أبي عبيدة عن أبيه منقطعة، قال الحافظ ابن حجر: الصحيح أنه لم يسمع من أبيه، فالحديث فيه انقطاع، وفيه -أيضاً- المقبول الذي جاء في أول الإسناد.
الأسئلة



متى يكون السلب للقاتل؟

السؤال: هل السلب يكون للقاتل مطلقاً في كل معركة وكل غزوة أم أن له شروطاً معينة؟


الجواب: الظاهر أنه إذا قال الإمام: (من قتل قتيلاً فله سلبه) فإنه يكون له مطلقاً، سواء أكان قليلاً أم كثيراً، وسواء أكان واحداً أم عدداً كما في قصة أبي طلحة حيث قتل عشرين وأخذ أسلابهم، فإذا كان الإمام أو الأمير قال هذا فإنه يكون له السلب. وأما الغنائم فتكون في الأشياء التي لا يعرف أصحابها، وذلك إذا هربوا وتركوها.

الجمع بين السلب والسهم


السؤال: هل يجمع بين السلب والسهم من الغنيمة؟



الجواب: نعم يجمع بين السلب والسهم، فالسلب شيء والسهم شيء، فالأسهم للغانمين جميعاً وتقسم عليهم، وأما السلب فيختص به القاتل الذي حصلت منه النكاية بالعدو وحصل منه جهد عظيم تميز به، فيكافأ عليه بذلك السلب، حيث يقول الإمام: من فعل كذا فله كذا."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 9 ( الأعضاء 0 والزوار 9)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 327.74 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 321.90 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.78%)]