التفسير الميسر - الصفحة 60 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1113 - عددالزوار : 129615 )           »          الصلاة مع المنفرد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الاكتفاء بقراءة سورة الإخلاص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          أصول العقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الإسلام يبيح مؤاكلة أهل الكتاب ومصاهرتهم وحمايتهم من أي اعتداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تحريم الاعتماد على الأسباب وحدها مع أمر الشرع بفعلها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3097 - عددالزوار : 369939 )           »          وليس من الضروري كذلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          مساواة صحيح البخاري بالقرآن الكريم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          محرومون من خيرات الحرمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #591  
قديم 14-06-2020, 04:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (588)
-التفسير الميسر
سورة المعارج
(من الاية رقم 11 الى الاية 39)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة المعارج )

(يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (13) وَمَنْ فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ (14)
يرونهم ويعرفونهم, ولا يستطيع أحد أن ينفع أحدًا. يتمنى الكافر لو يفدي نفسه من عذاب يوم القيامة بأبنائه, وزوجه وأخيه، وعشيرته التي تضمه وينتمي إليها في القرابة, وبجميع مَن في الأرض مِنَ البشر وغيرهم, ثم ينجو من عذاب الله.
(كَلا إِنَّهَا لَظَى (15) نَزَّاعَةً لِلشَّوَى (16) تَدْعُو مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (17) وَجَمَعَ فَأَوْعَى (18)
ليس الأمر كما تتمناه- أيها الكافر- من الافتداء, إنها جهنم تتلظى نارها وتلتهب, تنزع بشدة حرها جلدة الرأس وسائر أطراف البدن, تنادي مَن أعرض عن الحق في الدنيا, وترك طاعة الله ورسوله, وجمع المال, فوضعه في خزائنه, ولم يؤدِّ حق الله فيه.
(إِنَّ الإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (24) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (26) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (27) إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (28) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (29) إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (30)
إن الإنسان جُبِلَ على الجزع وشدة الحرص, إذا أصابه المكروه والعسر فهو كثير الجزع والأسى، وإذا أصابه الخير واليسر فهو كثير المنع والإمساك، إلا المقيمين للصلاة الذين يحافظون على أدائها في جميع الأوقات، ولا يَشْغَلهم عنها شاغل، والذين في أموالهم نصيب معيَّن فرضه الله عليهم، وهو الزكاة لمن يسألهم المعونة, ولمن يتعفف عن سؤالها، والذين يؤمنون بيوم الحساب والجزاء فيستعدون له بالأعمال الصالحة, والذين هم خائفون من عذاب الله. إن عذاب ربهم لا ينبغي أن يأمنه أحد. والذين هم حافظون لفروجهم عن كل ما حرَّم الله عليهم, إلا على أزواجهم وإمائهم, فإنهم غير مؤاخذين.
(فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (31) وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (32) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (34) أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (35)
فمن طلب لقضاء شهوته غير الزوجات والمملوكات، فأولئك هم المتجاوزون الحلال إلى الحرام. والذين هم حافظون لأمانات الله, وأمانات العباد, وحافظون لعهودهم مع الله تعالى ومع العباد, والذين يؤدُّون شهاداتهم بالحق دون تغيير أو كتمان، والذين يحافظون على أداء الصلاة ولا يخلُّون بشيء من واجباتها. أولئك المتصفون بتلك الأوصاف الجليلة مستقرُّون في جنات النعيم، مكرمون فيها بكل أنواع التكريم.
(فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) كَلا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39)
فأيُّ دافع دفع هؤلاء الكفرة إلى أن يسيروا نحوك -أيها الرسول- مسرعين، وقد مدُّوا أعناقهم إليك مقبلين بأبصارهم عليك، يتجمعون عن يمينك وعن شمالك حلقًا متعددة وجماعات متفرقة يتحدثون ويتعجبون؟ أيطمع كل واحد من هؤلاء الكفار أن يدخله الله جنة النعيم الدائم؟ ليس الأمر كما يطمعون، فإنهم لا يدخلونها أبدًا. إنَّا خلقناهم مما يعلمون مِن ماء مهين كغيرهم، فلم يؤمنوا، فمن أين يتشرفون بدخول جنة النعيم؟


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #592  
قديم 14-06-2020, 04:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (589)
-التفسير الميسر
سورة المعارج
(من الاية رقم 40 الى الاية 44)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة المعارج )


(فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41)

فلا أقسم برب مشارق الشمس والكواكب ومغاربها, إنا لقادرون على أن نستبدل بهم قومًا أفضل منهم وأطوع لله، وما أحد يسبقنا ويفوتنا ويعجزنا إذا أردنا أن نعيده.
(فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (42) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44)
فاتركهم يخوضوا في باطلهم، ويلعبوا في دنياهم حتى يلاقوا يوم القيامة الذي يوعدون فيه بالعذاب، يوم يخرجون من القبور مسرعين, كما كانوا في الدنيا يذهبون إلى آلهتهم التي اختلقوها للعبادة مِن دون الله, يهرولون ويسرعون، ذليلة أبصارهم منكسرة إلى الأرض، تغشاهم الحقارة والمهانة, ذلك هو اليوم الذي وعدوا به في الدنيا, وكانوا به يهزؤون ويُكَذِّبون.
(سورة نوح )

(إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (1) قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ (3) يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4)
إنا بعثنا نوحا إلى قومه, وقلنا له: حذِّر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب موجع. قال نوح: يا قومي إني نذير لكم بيِّن الإنذار من عذاب الله إن عصيتموه, وإني رسول الله إليكم فاعبدوه وحده, وخافوا عقابه, وأطيعوني فيما آمركم به, وأنهاكم عنه, فإن أطعتموني واستجبتم لي يصفح الله عن ذنوبكم ويغفر لكم، ويُمدد في أعماركم إلى وقت مقدر في علم الله تعالى, إن الموت إذا جاء لا يؤخر أبدًا, لو كنتم تعلمون ذلك لسارعتم إلى الإيمان والطاعة.
(قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلا وَنَهَارًا (5) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلا فِرَارًا (6) وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا (7) ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)
قال نوح: رب إني دعوت قومي إلى الإيمان بك وطاعتك في الليل والنهار, فلم يزدهم دعائي لهم إلى الإيمان إلا هربًا وإعراضًا عنه, وإني كلما دعوتهم إلى الإيمان بك؛ ليكون سببًا في غفرانك ذنوبهم, وضعوا أصابعهم في آذانهم ; كي لا يسمعوا دعوة الحق, وتغطَّوا بثيابهم؛ كي لا يروني, وأقاموا على كفرهم, واستكبروا عن قَبول الإيمان استكبارًا شديدًا, ثم إني دعوتهم إلى الإيمان ظاهرًا علنًا في غير خفاء, ثم إني أعلنت لهم الدعوة بصوت مرتفع في حال, وأسررت بها بصوت خفيٍّ في حال أخرى, فقلت لقومي: سلوا ربكم غفران ذنوبكم, وتوبوا إليه من كفركم, إنه تعالى كان غفارًا لمن تاب من عباده ورجع إليه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #593  
قديم 14-06-2020, 04:07 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (590)
-التفسير الميسر
سورة نوح
(من الاية رقم 11 الى الاية 28)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة نوح )

(يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (13) وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (14) أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (16)
إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا, ويكثرْ أموالكم وأولادكم, ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها, ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم. مالكم -أيها القوم- لا تخافون عظمة الله وسلطانه, وقد خلقكم في أطوار متدرجة: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظامًا ولحمًا؟ ألم تنظروا كيف خلق الله سبع سموات متطابقة بعضها فوق بعض, وجعل القمر في هذه السموات نورًا, وجعل الشمس مصباحًا مضيئًا يستضيء به أهل الأرض؟
(وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (18) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا (19) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلا فِجَاجًا (20)
والله أنشأ أصلكم من الأرض إنشاء, ثم يعيدكم في الأرض بعد الموت, ويخرجكم يوم البعث إخراجًا محققًا. والله جعل لكم الأرض ممهدة كالبساط؛ لتسلكوا فيها طرقًا واسعة.
(قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا ضَلالا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25)
قال نوح: ربِّ إن قومي بالغوا في عصياني وتكذيبي, واتبع الضعفاء منهم الرؤساء الضالين الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم إلا ضلالا في الدنيا وعقابًا في الآخرة, ومكر رؤساء الضلال بتابعيهم من الضعفاء مكرًا عظيمًا, وقالوا لهم: لا تتركوا عبادة آلهتكم إلى عبادة الله وحده, التي يدعو إليها نوح, ولا تتركوا وَدًّا ولا سُواعًا ولا يغوث ويعوق ونَسْرا - وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله, وكانت أسماء رجال صالحين, لما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن يقيموا لهم التماثيل والصور; لينشطوا- بزعمهم- على الطاعة إذا رأوها, فلما ذهب هؤلاء القوم وطال الأمد, وخَلَفهم غيرهم, وسوس لهم الشيطان بأن أسلافهم كانوا يعبدون التماثيل والصور, ويتوسلون بها, وهذه هي الحكمة من تحريم التماثيل, وتحريم بناء القباب على القبور; لأنها تصير مع تطاول الزمن معبودة للجهال. وقد أضلَّ هؤلاء المتبوعون كثيرًا من الناس بما زيَّنوا لهم من طرق الغَواية والضلال. ثم قال نوح -عليه السلام-: ولا تزد- يا ربنا- هؤلاء الظالمين لأنفسهم بالكفر والعناد إلا بُعْدا عن الحق. فبسبب ذنوبهم وإصرارهم على الكفر والطغيان أُغرقوا بالطوفان, وأُدخلوا عقب الإغراق نارًا عظيمة اللهب والإحراق, فلم يجدوا من دون الله مَن ينصرهم, أو يدفع عنهم عذاب الله.
(وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا (28)
وقال نوح -عليه السلام- بعد يأسه من قومه: ربِّ لا تترك من الكافرين بك أحدًا حيًّا على الأرض يدور ويتحرك. إنك إن تتركهم دون إهلاك يُضلوا عبادك الذين قد آمنوا بك عن طريق الحق, ولا يأت من أصلابهم وأرحامهم إلا مائل عن الحق شديد الكفر بك والعصيان لك. ربِّ اغفر لي ولوالديَّ ولمن دخل بيتي مؤمنًا, وللمؤمنين والمؤمنات بك, ولا تزد الكافرين إلا هلاكًا وخسرانًا في الدنيا والآخرة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #594  
قديم 17-06-2020, 03:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (591)
-التفسير الميسر
سورة نوح
(من الاية رقم 1 الى الاية 13)

عبد الله بن عبد المحسن التركي


(سورة الجن )


(قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)
قل -أيها الرسول-: أوحى الله إليَّ أنَّ جماعة من الجن قد استمعوا لتلاوتي للقرآن، فلما سمعوه قالوا لقومهم: إنا سمعنا قرآنًا بديعًا في بلاغته وفصاحته وحكمه وأحكامه وأخباره, يدعو إلى الحق والهدى، فصدَّقنا بهذا القرآن وعملنا به, ولن نشرك بربنا الذي خلقنا أحدًا في عبادته.
(وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا (3)
وأنه تعالَتْ عظمة ربنا وجلاله, ما اتخذ زوجة ولا ولدًا.
(وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (4)
وأن سفيهنا- وهو إبليس- كان يقول على الله تعالى قولا بعيدًا عن الحق والصواب، مِن دعوى الصاحبة والولد.
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (5)
وأنَّا حَسِبْنا أن أحدًا لن يكذب على الله تعالى، لا من الإنس ولا من الجن في نسبة الصاحبة والولد إليه.
(وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)
وأنه كان رجال من الإنس يستجيرون برجال من الجن, فزاد رجالُ الجنِّ الإنسَ باستعاذتهم بهم خوفًا وإرهابًا ورعبًا. وهذه الاستعاذة بغير الله, التي نعاها الله على أهل الجاهلية, من الشرك الأكبر، الذي لا يغفره الله إلا بالتوبة النصوح منه. وفي الآية تحذير شديد من اللجوء إلى السحرة والمشعوذين وأشباههم.
(وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا (7)
وأن كفار الإنس حسبوا كما حسبتم- يا معشر الجن- أن الله تعالى لن يبعث أحدًا بعد الموت.
(وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8)
وأنَّا- معشر الجن- طلبنا بلوغ السماء؛ لاستماع كلام أهلها, فوجدناها مُلئت بالملائكة الكثيرين الذين يحرسونها, وبالشهب المحرقة التي يُرمى بها مَن يقترب منها.
(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9)
وأنا كنا قبل ذلك نتخذ من السماء مواضع; لنستمع إلى أخبارها, فمن يحاول الآن استراق السمع يجد له شهابًا بالمرصاد, يُحرقه ويهلكه. وفي هاتين الآيتين إبطال مزاعم السحرة والمشعوذين, الذين يدَّعون علم الغيب، ويغررون بضعفة العقول؛ بكذبهم وافترائهم.
(وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10)
وأننا معشر الجن- لا نعلم: أشرًّا أراد الله أن ينزله بأهل الأرض، أم أراد بهم خيرًا وهدى؟

(وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا (11)
وأنا منا الأبرار المتقون، ومنا قوم دون ذلك كفار وفساق, كنا فرقًا ومذاهب مختلفة.
(وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا (12)
وأنا أيقنا أن الله قادر علينا، وأننا في قبضته وسلطانه, فلن نفوته إذا أراد بنا أمرًا أينما كنا, ولن نستطيع أن نُفْلِت مِن عقابه هربًا إلى السماء، إن أراد بنا سوءًا.
(وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخَافُ بَخْسًا وَلا رَهَقًا (13)
وإنا لما سمعنا القرآن آمنَّا به, وأقررنا أنه حق مِن عند الله، فمن يؤمن بربه، فإنه لا يخشى نقصانًا من حسناته، ولا ظلمًا يلحقه بزيادة في سيئاته.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #595  
قديم 17-06-2020, 03:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (592)
-التفسير الميسر
سورة الجن
(من الاية رقم 14 الى الاية 28)
عبد الله بن عبد المحسن التركي


(سورة الجن )

(وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15)

وأنا منا الخاضعون لله بالطاعة, ومنا الجائرون الظالمون الذين حادوا عن طريق الحق، فمن أسلم وخضع لله بالطاعة, فأولئك الذين قصدوا طريق الحق والصواب, واجتهدوا في اختياره فهداهم الله إليه, وأما الجائرون عن طريق الإسلام فكانوا وَقودًا لجهنم.

(وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17)
وأنه لو سار الكفار من الإنس والجن على طريقة الإسلام، ولم يحيدوا عنها لأنزلنا عليهم ماءً كثيرًا، ولوسَّعنا عليهم الرزق في الدنيا؛ لنختبرهم: كيف يشكرون نعم الله عليهم؟ ومن يُعرض عن طاعة ربه واستماع القرآن وتدبره, والعمل به يدخله عذابًا شديدًا شاقًّا.
(وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18)
وأن المساجد لعبادة الله وحده, فلا تعبدوا فيها غيره، وأخلصوا له الدعاء والعبادة فيها؛ فإن المساجد لم تُبْنَ إلا ليُعبَدَ اللهُ وحده فيها, دون من سواه، وفي هذا وجوب تنزيه المساجد من كل ما يشوب الإخلاص لله, ومتابعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.
(وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19)
وأنه لما قام محمد صلى الله عليه وسلم, يعبد ربه، كاد الجن يكونون عليه جماعات متراكمة, بعضها فوق بعض ; مِن شدة ازدحامهم لسماع القرآن منه.
(قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء الكفار: إنما أعبد ربي وحده، ولا أشرك معه في العبادة أحدًا.
(قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلا بَلاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23)
قل- أيها الرسول- لهم: إني لا أقدر أن أدفع عنكم ضرًا، ولا أجلب لكم نفعًا، قل: إني لن ينقذني من عذاب الله أحد إن عصيته, ولن أجد من دونه ملجأ أفرُّ إليه مِن عذابه, لكن أملك أن أبلغكم عن الله ما أمرني بتبليغه لكم, ورسالتَه التي أرسلني بها إليكم. ومَن يعص الله ورسوله, ويُعرض عن دين الله, فإن جزاءه نار جهنم لا يخرج منها أبدًا.
(حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24)
حتى إذا أبصر المشركون ما يوعدون به من العذاب، فسيعلمون عند حلوله بهم: مَن أضعف ناصرًا ومعينًا وأقل جندًا؟
(قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)
قل -أيها الرسول- لهؤلاء المشركين: ما أدري أهذا العذاب الذي وُعدتم به قريب زمنه, أم يجعل له ربي مدة طويلة؟ وهو سبحانه عالم بما غاب عن الأبصار, فلا يظهر على غيبه أحدًا من خلقه، إلا من اختاره الله لرسالته وارتضاه، فإنه يُطلعهم على بعض الغيب، ويرسل من أمام الرسول ومن خلفه ملائكة يحفظونه من الجن; لئلا يسترقوه ويهمسوا به إلى الكهنة; ليعلم الرسول صلى الله عليه وسلم, أن الرسل قبله كانوا على مثل حاله من التبليغ بالحق والصدق، وأنه حُفظ كما حُفظوا من الجن, وأن الله سبحانه أحاط علمه بما عندهم ظاهرًا وباطنًا من الشرائع والأحكام وغيرها, لا يفوته منها شيء, وأنه تعالى أحصى كل شيء عددًا، فلم يَخْفَ عليه منه شيء.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #596  
قديم 17-06-2020, 03:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (593)
-التفسير الميسر
سورة المزمل
(من الاية رقم 1 الى الاية 19)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة المزمل )


(يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا (4)
يا أيها المتغطي بثيابه، قم للصلاة في الليل إلا يسيرًا منه. قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلا حتى تَصِلَ إلى الثلث، أو زد على النصف حتى تصل إلى الثلثين, واقرأ القرآن بتُؤَدَة وتمهُّلٍ مبيِّنًا الحروف والوقوف.
(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا (5)
إنا سننزل عليك -أيها النبي- قرآنًا عظيمًا مشتملا على الأوامر والنواهي والأحكام الشرعية.
(إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا (6)
إن العبادة التي تنشأ في جوف الليل هي أشد تأثيرًا في القلب, وأبين قولا لفراغ القلب مِن مشاغل الدنيا.
(إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلا (7)
إن لك في النهار تصرفًا وتقلبًا في مصالحك, واشتغالا واسعًا بأمور الرسالة, ففرِّغْ نفسك ليلا لعبادة ربك.
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا (8) رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلا (9)
واذكر -أيها النبي- اسم ربك, فادعه به, وانقطع إليه انقطاعًا تامًا في عبادتك, وتوكل عليه. هو مالك المشرق والمغرب لا معبود بحق إلا هو, فاعتمد عليه, وفوِّض أمورك إليه.
(وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا (10)
واصبر على ما يقوله المشركون فيك وفي دينك, وخالفهم في أفعالهم الباطلة, مع الإعراض عنهم, وترك الانتقام منهم.
(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلا (11)
دعني -أيها الرسول- وهؤلاء المكذبين بآياتي أصحاب النعيم والترف في الدنيا, ومهِّلهم زمنًا قليلا بتأخير العذاب عنهم حتى يبلغ الكتاب أجله بعذابهم.
(إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالا وَجَحِيمًا (12) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا (13)
إن لهم عندنا في الآخرة قيودًا ثقيلة ونارًا مستعرة يُحرقون بها, وطعامًا كريهًا ينشَب في الحلوق لا يستساغ, وعذابًا موجعًا.
(يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلا (14)
يوم تضطرب الأرض والجبال وتتزلزل حتى تصير الجبال تَلا من الرمل سائلا متناثرًا, بعد أن كانت صُلبة جامدة.
(إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولا (15) فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلا (16)
إنا أرسلنا إليكم- يا أهل "مكة"- محمدًا رسولا شاهدًا عليكم بما صدر منكم من الكفر والعصيان, كما أرسلنا موسى رسولا إلى الطاغية فرعون، فكذَّب فرعون بموسى, ولم يؤمن برسالته, وعصى أمره, فأهلكناه إهلاكًا شديدًا. وفي هذا تحذير من معصية الرسول محمد, صلى الله عليه وسلم؛ خشية أن يصيب العاصي مثل ما أصاب فرعون وقومه.
(فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17)
فكيف تَقُون أنفسكم- إن كفرتم- عذاب يوم القيامة الذي يشيب فيه الولدان الصغار; مِن شدة هوله وكربه؟
(السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا (18)
السماء متصدعة في ذلك اليوم; لشدة هوله, كان وعد الله تعالى بمجيء ذلك اليوم واقعًا لا محالة.
(إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا (19)
إن هذه الآيات المخوفة التي فيها القوارع والزواجر عظة وعبرة للناس, فمن أراد الاتعاظ والانتفاع بها اتخذ الطاعة والتقوى طريقًا توصله إلى رضوان ربه الذي خلقه وربَّاه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #597  
قديم 17-06-2020, 03:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (594)
-التفسير الميسر
سورة المزمل
(من الاية رقم 20 الى الاية /)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة المزمل )

(إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)
إن ربك -أيها النبي- يعلم أنك تقوم للتهجد من الليل أقل من ثلثيه حينًا, وتقوم نصفه حينًا, وتقوم ثلثه حينًا آخر, ويقوم معك طائفة من أصحابك. والله وحده هو الذي يقدِّر الليل والنهار, ويعلم مقاديرهما, وما يمضي ويبقى منهما, علم الله أنه لا يمكنكم قيام الليل كله, فخفَّف عليكم, فاقرؤوا في الصلاة بالليل ما تيسر لكم قراءته من القرآن, علم الله أنه سيوجد فيكم مَن يُعجزه المرض عن قيام الليل, ويوجد قوم آخرون يتنقَّلون في الأرض للتجارة والعمل يطلبون من رزق الله الحلال, وقوم آخرون يجاهدون في سبيل الله؛ لإعلاء كلمته ونشر دينه, فاقرؤوا في صلاتكم ما تيسَّر لكم من القرآن, وواظبوا على فرائض الصلاة, وأعطوا الزكاة الواجبة عليكم, وتصدَّقوا في وجوه البر والإحسان مِن أموالكم؛ ابتغاء وجه الله, وما تفعلوا مِن وجوه البر والخير وعمل الطاعات, تلقَوا أجره وثوابه عند الله يوم القيامة خيرًا مما قدَّمتم في الدنيا, وأعظم منه ثوابًا, واطلبوا مغفرة الله في جميع أحوالكم, إن الله غفور لكم رحيم بكم.
(سورة المدثر )

(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)
يا أيها المتغطي بثيابه, قم مِن مضجعك, فحذِّر الناس من عذاب الله, وخُصَّ ربك وحده بالتعظيم والتوحيد والعبادة, وَطَهِّر ثيابك من النجاسات؛ فإن طهارة الظاهر من تمام طهارة الباطن, ودُمْ على هَجْر الأصنام والأوثان وأعمال الشرك كلها, فلا تقربها, ولا تُعط العطيَّة؛ كي تلتمس أكثر منها, ولمرضاة ربك فاصبر على الأوامر والنواهي.
(فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10)
فإذا نُفخ في "القرن" نفخة البعث والنشور, فذلك الوقت يومئذ شديد على الكافرين, غير سهل أن يخلصوا مما هم فيه من مناقشة الحساب وغيره من الأهوال.
(ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا (11) وَجَعَلْتُ لَهُ مَالا مَمْدُودًا (12) وَبَنِينَ شُهُودًا (13) وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا (14) ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلا إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا (17)
دعني -أيها الرسول- أنا والذي خلقته في بطن أمه وحيدًا فريدًا لا مال له ولا ولد, وجعلت له مالا مبسوطًا واسعًا وأولادًا حضورًا معه في "مكة" لا يغيبون عنه، ويسَّرت له سبل العيش تيسيرًا, ثم يأمُل بعد هذا العطاء أن أزيد له في ماله وولده, وقد كفر بي. ليس الأمر كما يزعم هذا الفاجر الأثيم, لا أزيده على ذلك؛ إنه كان للقرآن وحجج الله على خلقه معاندًا مكذبًا, سأكلفه مشقة من العذاب والإرهاق لا راحة له منها . (والمراد به الوليد بن المغيرة المعاند للحق المبارز لله ولرسوله بالمحاربة، وهذا جزاء كلِّ من عاند الحق ونابذه).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #598  
قديم 17-06-2020, 03:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (595)
-التفسير الميسر
سورة المدثر
(من الاية رقم 18 الى الاية 47)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة المدثر )

(إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)

إنه فكَّر في نفسه, وهيَّأ ما يقوله من الطعن في محمد والقرآن, فَلُعِن، واستحق بذلك الهلاك, كيف أعدَّ في نفسه هذا الطعن؟ ثم لُعِن كذلك, ثم تأمَّل فيما قدَّر وهيَّأ من الطعن في القرآن, ثم قطَّب وجهه, واشتدَّ في العبوس والكُلُوح لـمَّا ضاقت عليه الحيل, ولم يجد مطعنًا يطعن به في القرآن, ثم رجع معرضًا عن الحق, وتعاظم أن يعترف به, فقال عن القرآن: ما هذا الذي يقوله محمد إلا سحر يُنْقل عن الأولين, ما هذا إلا كلام المخلوقين تعلَّمه محمد منهم, ثم ادَّعى أنه من عند الله.
(سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ (30)
سأدخله جهنم؛ كي يصلى حرَّها ويحترق بنارها وما أعلمك أيُّ شيء جهنم؟ لا تبقي لحمًا ولا تترك عظمًا إلا أحرقته, مغيِّرة للبشرة, مسوِّدة للجلود, محرقة لها, يلي أمرها ويتسلط على أهلها بالعذاب تسعة عشر ملكًا من الزبانية الأشداء.
(وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلا هُوَ وَمَا هِيَ إِلا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31)
وما جعلنا خزنة النار إلا من الملائكة الغلاظ, وما جعلنا ذلك العدد إلا اختبارًا للذين كفروا بالله؛ وليحصل اليقين للذين أُعطوا الكتاب من اليهود والنصارى بأنَّ ما جاء في القرآن عن خزنة جهنم إنما هو حق من الله تعالى, حيث وافق ذلك كتبهم, ويزداد المؤمنون تصديقًا بالله ورسوله وعملا بشرعه, ولا يشك في ذلك الذين أُعطوا الكتاب من اليهود والنصارى ولا المؤمنون بالله ورسوله؛ وليقول الذين في قلوبهم نفاق والكافرون: ما الذي أراده الله بهذا العدد المستغرب؟ بمثل ذلك الذي ذُكر يضلُّ الله من أراد إضلاله, ويهدي مَن أراد هدايته, وما يعلم عدد جنود ربك - ومنهم الملائكة- إلا الله وحده. وما النار إلا تذكرة وموعظة للناس.
(كَلا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37)
ليس الأمر كما ذكروا من التكذيب للرسول فيما جاء به, أقسم الله سبحانه بالقمر, وبالليل إذ ولى وذهب, وبالصبح إذا أضاء وانكشف. إن النار لإحدى العظائم؛ إنذارًا وتخويفًا للناس, لمن أراد منكم أن يتقرَّب إلى ربه بفعل الطاعات, أو يتأخر بفعل المعاصي.
(كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)

كل نفس بما كسبت من أعمال الشر والسوء محبوسة مرهونة بكسبها, لا تُفَكُّ حتى تؤدي ما عليها من الحقوق والعقوبات, إلا المسلمين المخلصين أصحاب اليمين الذين فكُّوا رقابهم بالطاعة, هم في جنات لا يُدْرَك وصفها, يسأل بعضهم بعضًا عن الكافرين الذين أجرموا في حق أنفسهم: ما الذي أدخلكم جهنم, وجعلكم تذوقون سعيرها؟ قال المجرمون: لم نكن من المصلِّين في الدنيا, ولم نكن نتصدق ونحسن للفقراء والمساكين, وكنا نتحدث بالباطل مع أهل الغَواية والضلالة, وكنا نكذب بيوم الحساب والجزاء, حتى جاءنا الموت, ونحن في تلك الضلالات والمنكرات.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #599  
قديم 17-06-2020, 03:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (596)
-التفسير الميسر
سورة المدثر
(من الاية رقم 48 الى الاية 56)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة المدثر )

(فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48)

فما تنفعهم شفاعة الشافعين جميعًا من الملائكة والنبيين وغيرهم; لأن الشفاعة إنما تكون لمن ارتضاه الله, وأذن لشفيعه.
(فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)
فما لهؤلاء المشركين عن القرآن وما فيه من المواعظ منصرفين؟ كأنهم حمر وحشية شديدة النِّفار, فرَّت من أسد كاسر.
(بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلا بَلْ لا يَخَافُونَ الآخِرَةَ (53)
بل يطمع كل واحد من هؤلاء المشركين أن يُنزل الله عليه كتابًا من السماء منشورًا, كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم. ليس الأمر كما زعموا, بل الحقيقة أنهم لا يخافون الآخرة, ولا يصدِّقون بالبعث والجزاء.
(كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)

حقًّا أنَّ القرآن موعظة بليغة كافية لاتِّعاظهم, فمن أراد الاتعاظ اتعظ بما فيه وانتفع بهداه, وما يتعظون به إلا أن يشاء الله لهم الهدى. هو سبحانه أهلٌ لأن يُتقى ويطاع, وأهلٌ لأن يغفر لمن آمن به وأطاعه.
(سورة القيامة )

(لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)
أقسم الله سبحانه بيوم الحساب والجزاء, وأقسم بالنفس المؤمنة التقية التي تلوم صاحبها على ترك الطاعات وفِعْل الموبقات، أن الناس يبعثون. أيظنُّ هذا الإنسان الكافر أن لن نقدر على جَمْع عظامه بعد تفرقها؟ بلى سنجمعها، قادرين على أن نجعل أصابعه أو أنامله -بعد جمعها وتأليفها- خَلْقًا سويًّا، كما كانت قبل الموت .
(بَلْ يُرِيدُ الإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6)
بل ينكر الإنسان البعث، يريد أن يبقى على الفجور فيما يستقبل من أيام عمره, يسأل هذا الكافر مستبعدًا قيام الساعة: متى يكون يوم القيامة؟
(فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10)
فإذا تحيَّر البصر ودُهش فزعًا مما رأى من أهوال يوم القيامة، وذهب نور القمر, وجُمِع بين الشمس والقمر في ذهاب الضوء، فلا ضوء لواحد منهما، يقول الإنسان وقتها: أين المهرب من العذاب؟
(كَلا لا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12)
ليس الأمر كما تتمناه- أيها الإنسان- مِن طلب الفرار، لا ملجأ لك ولا منجى. إلى الله وحده مصير الخلائق يوم القيامة ومستقرهم، فيجازي كلا بما يستحق.
(يُنَبَّأُ الإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13)

يُخَبَّر الإنسان في ذلك اليوم بجميع أعماله: من خير وشر، ما قدَّمه منها في حياته وما أخَّره.
(بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15)
بل الإنسان حجة واضحة على نفسه تلزمه بما فعل أو ترك، ولو جاء بكل معذرة يعتذر بها عن إجرامه، فإنه لا ينفعه ذلك.
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)
لا تحرك -أيها النبي- بالقرآن لسانك حين نزول الوحي؛ لأجل أن تتعجل بحفظه, مخافة أن يتفلَّت منك. إن علينا جَمْعه في صدرك، ثم أن تقرأه بلسانك متى شئت. فإذا قرأه عليك رسولنا جبريل فاستمِعْ لقراءته وأنصت له، ثم اقرأه كما أقرأك إياه, ثم إن علينا توضيح ما أشكل عليك فهمه من معانيه وأحكامه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #600  
قديم 17-06-2020, 03:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: التفسير الميسر

الحلقة (597)
-التفسير الميسر
سورة القيامة
(من الاية رقم 20 الى الاية 40)
عبد الله بن عبد المحسن التركي

(سورة القيامة )

(كَلا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ (21)

ليس الأمر كما زعمتم- يا معشر المشركين- أن لا بعث ولا جزاء، بل أنتم قوم تحبون الدنيا وزينتها، وتتركون الآخرة ونعيمها.
( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)
وجوه أهل السعادة يوم القيامة مشرقة حسنة ناعمة, ترى خالقها ومالك أمرها, فتتمتع بذلك.
( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25)
ووجوه الأشقياء يوم القيامة عابسة كالحة, تتوقع أن تنزل بها مصيبة عظيمة, تقصم فَقَار الظَّهْر.
(كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)
حقًّا إذا وصلت الروح إلى أعالي الصدر، وقال بعض الحاضرين لبعض: هل مِن راق يَرْقيه ويَشْفيه مما هو فيه؟ وأيقن المحتضر أنَّ الذي نزل به هو فراق الدنيا؛ لمعاينته ملائكة الموت، واتصلت شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة, إلى الله تعالى مساق العباد يوم القيامة: إما إلى الجنة وإما إلى النار.
( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35)
فلا آمن الكافر بالرسول والقرآن، ولا أدَّى لله تعالى فرائض الصلاة, ولكن كذَّب بالقرآن، وأعرض عن الإيمان، ثم مضى إلى أهله يتبختر مختالا في مشيته. هلاك لك فهلاك، ثم هلاك لك فهلاك.
(أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)
أيظنُّ هذا الإنسان المنكر للبعث أن يُترك هَمَلا لا يُؤمر ولا يُنْهى، ولا يحاسب ولا يعاقب؟ ألم يك هذا الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين يراق ويصب في الأرحام، ثم صار قطعة من دم جامد، فخلقه الله بقدرته وسوَّى صورته في أحسن تقويم؟ فجعل من هذا الإنسان الصنفين: الذكر والأنثى، أليس ذلك الإله الخالق لهذه الأشياء بقادر على إعادة الخلق بعد فنائهم؟ بلى إنه - سبحانه وتعالى- لقادر على ذلك.
(سورة الإنسان )

(هَلْ أَتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1)
قد مضى على الإنسان وقت طويل من الزمان قبل أن تُنفَخ فيه الروح, لم يكن شيئا يُذكر, ولا يُعرف له أثر.
(إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)
إنا خلقنا الإنسان من نطفة مختلطة من ماء الرجل وماء المرأة, نختبره بالتكاليف الشرعية فيما بعد, فجعلناه من أجل ذلك ذا سمع وذا بصر؛ ليسمع الآيات, ويرى الدلائل, إنا بينَّا له وعرَّفناه طريق الهدى والضلال والخير والشر; ليكون إما مؤمنًا شاكرًا, وإما كفورًا جاحدًا.
(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالا وَسَعِيرًا (4)
إنا أعتدنا للكافرين قيودًا من حديد تُشَدُّ بها أرجلهم, وأغلالا تُغلُّ بها أيديهم إلى أعناقهم, ونارًا يُحرقون بها.
( إِنَّ الأبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5)
إن أهل الطاعة والإخلاص الذين يؤدون حق الله, يشربون يوم القيامة مِن كأس فيها خمر ممزوجة بأحسن أنواع الطيب, وهو ماء الكافور.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 170.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 164.16 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (3.44%)]