|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#701
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (701) صــ 171 إلى صــ 180 القول في تأويل قوله: {النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (158) } قال أبو جعفر: أما قوله: "النبي الأمي" ، فإنه من نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. * * * وقد بينت معنى "النبي" فيما مضى بما أغنى عن إعادته= ومعنى قوله: "الأمي" . (1) * * * = "الذي يؤمن بالله" ، يقول: الذي يصدق بالله وكلماته. * * * ثم اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "وكلماته" . (2) فقال بعضهم: معناه: وآياته. * ذكر من قال ذلك: 15247- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: "الذي يؤمن بالله وكلماته" ، يقول: آياته. * * * وقال آخرون: بل عنى بذلك عيسى ابن مريم عليه السلام. * ذكر من قال ذلك: 15248- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد قوله: "الذي يؤمن بالله وكلماته" ، قال: عيسى ابن مريم. 15149- وحدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا (1) (1) انظر تفسير (( النبي )) فيما سلف 2: 140 - 142 / 6: 284، 380، وغيرها من المواضع. = وتفسير (( الأمي )) ، فيما سلف قريباً ص: 163، تعليق: 3، والمراجع هناك. (2) (2) انظر تفسير (( الكلمة )) فيما سلف من الفهارس اللغة (كلم) . أسباط، عن السدي: "الذي يؤمن بالله وكلماته" ، فهو عيسى ابن مريم. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندنا، أنَّ الله تعالى ذكره أمرَ عباده أن يصدِّقوا بنبوِّة النبيّ الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته، ولم يخصص الخبرَ جل ثناؤه عن إيمانه من "كلمات الله" ببعض دون بعضٍ، بل أخبرهم عن جميع "الكلمات" ، فالحق في ذلك أن يعمَّ القول، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤمن بكلمات الله كلِّها، على ما جاء به ظاهرُ كتابِ الله. * * * وأما قوله: "واتبعوه لعلكم تهتدون" ، فاهتدوا به أيها الناس، واعملوا بما أمركم أن تعملوا به من طاعة الله= "لعلكم تهتدون" ، يقول: لكي تهتدوا فترشدوا وتصيبوا الحقّ في اتّباعكم إيّاه. * * * القول في تأويل قوله: {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (159) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "ومن قوم موسى" ، يعني بني إسرائيل= "أمة" ، يقول: جماعة (1) = "يهدون بالحق" ، يقول: يهتدون بالحق، أي يستقيمون عليه ويعملون (2) "وبه يعدلون" ، أي: وبالحق يعطُون ويأخذون، ويُنصفون من أنفسهم فلا يجورون. (3) * * * وقد قال في صفة هذه الأمة التي ذكرها الله في الآية، جماعةٌ أقوالا نحن ذاكرو ما حضَرنا منها. (1) (1) انظر تفسير (( أمة )) فيما سلف 12: 415، تعليق: 3، والمراجع هناك. (2) (2) انظر تفسير (( الهدى )) فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) . (3) (3) انظر تفسير (( العدل )) فيما سلف 6: 51، وفهارس اللغة (عدل) . 15250- حدثني المثني قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينة، عن صدقة أبي الهذيل، عن السدي: "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون" ، قال: قوم بينكم وبينهم نهر من شُهْدِ. (1) 15251- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قوله: "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون" ، قال: بلغني أن بني إسرائيل لمّا قتلوا أنبياءَهم، كفروا. وكانوا اثني عشر سبطًا، تبرّأ سبطٌ منهم مما صنعوا، واعتذروا، وسألوا الله أن يفرِّق بينهم وبينهم، ففتح الله لهم نَفَقًا في الأرض، فساروا فيه حتى خرجُوا من وراء الصين، فهم هنالك، (1) (1) الأثر:: 15250 - (( صدقة أبي الهذيل )) ، ترجم له البخاري في الكبير 2/2/295، ولم يزد على أن قال: (( عن السدي، روى عنه ابن عيينة )) ، ولم يذكر فيه جرحاً. وذكره في التهذيب وقال: (( صدقة أبو الهذيل، تقدم ذكره في ترجمة: صدقة بن أبي عمران )) ، ولكن سقط من نسخة التهذيب ترجمة (( صدقة بن أبي عمران )) ، فلم يرد له ذكر في الكتاب. وأما ابن أبي حاتم، فلم يذكره في كتابه، لا في ترجمة خاصة، ولا في ترجمة (( صدقة بن أبي عمران )) ، ولكن كلام ابن حجر في التهذيب قد يوهم أنهما شخص واحد، ولكن الراجح أنهما رجلان، لأن البخاري ترجم له، ففرق بينهما. وقوله (( نهر من شهد )) يعنى: نهراً من عسل من أنهار الجنة التي قال الله تعالى في سورة محمد: 15 {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى} وبهذا اللفظ (شهد) ، ذكره ابن كثير في تفسيره 3: 573. وفي الدر المنثور 1: 136: (( وبينهم نهر من سهل - يعني من رمل - يجري )) ، ثم جاء الألوسى في تفسير الآية (9: 75) فنقل ذلك هكذا: (( وبينهم نهر من رمل يجري )) ثم قال: (( وضعف هذه الحكاية ابن الخازن، وأنا لا أراها شيئا، ولا أظنك تجد لها سنداً يعول عليه ولو ابتغيت نفقاً في الأرض أو سلماً إلى السماء )) . ونقل الألوسى نقل من المعنى الذي ذكره السيوطي (( سهل )) - يعني من رمل )) ، وهو فاسد جداً والصواب أن (( سهل )) ، محرف عن (( شهد )) ، وهو الصواب إن شاء الله. هذا تحرير نص الخبر وتأويله، وأما صحته أو ضعفه فهما بمعزل من تصحيح نصه، ومثل هذا الخبر والذي يليه، لا يؤخذ به إلا بحجة قاطعة يجب التسليم لها. ولا حجة في رواية موقوفة على السدي. حُنَفاء مسلمُون يستقبلون قبلتنا= قال ابن جريج: قال ابن عباس: فذلك قوله: (وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الأرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا) [سورة الإسراء: 104] . و "وعد الآخرة" ، عيسى ابن مريم، يخرجون معه= قال ابن جريج: قال ابن عباس: ساروا في السَّرَب سنة ونصفًا. (1) * * * (1) (1) الأثر: 15251 - هذا الخبر، لم يروه أبو جعفر في تفسير آية سورة الإسراء، وهذا ضرب من اختصاره لتفسيره، وربما دل ذلك على ضعف الخبر عنده، لأنه لو صح عنه لذكره في تفسير قوله تعالى: (( فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَة )) ، أنه عيسى ابن مريم عليه السلام. القول في تأويل قوله: {وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فرقناهم= يعني قوم موسى من بني إسرائيل، فرقهم الله فجعلهم قبائل شتى، اثنتي عشرة قبيلة. * * * وقد بينا معنى "الأسباط" ، فيما مضى، ومن هم. (1) * * * واختلف أهل العربية في وجه تأنيث "الاثنتي عشرة" ، و "الأسباط" جمع مذكر. فقال بعض نحويي البصرة: أراد اثنتي عشرة فرقة، ثم أخبر أن الفرق "أسباط" ، ولم يجعل العدد على "أسباط" . * * * وكان بعضهم يستخِلُّ هذا التأويل ويقول (2) لا يخرج العدد على غير (1) (2) انظر تفسير (( الأسباط )) فيما سلف 2: 121، الخبر رقم 1047 / 3: 109 - 113، 122 / 6: 569. (2) (3) في المخطوطة: (( يستحكى هذا التأويل )) ، وفي المطبوعة: (( يستحكى على هذا التأويل )) ، زاد (( على )) ، لأن وجد الكلام لا معنى له. والصواب عندي ما أثبت (( يستخل )) من (( الخلل )) وهو الوهن والفساد، وقالوا: (( أمر مختل )) أي فاسد واهن. فاستخرج أبو جعفر أو غيره قياساً من (( الخلل )) (( استخل الشيء )) ، أي استوهنه واستضعفه، ووجد فيه خللاً. وهو قياس جيد في العربية. وهو صواب المعنى فيه إن شاء الله. التالي، (1) ولكن "الفرق" قبل "الاثنتي عشرة" ، حتى تكون "الاثنتا عشرة" مؤنثة على ما قبلها، ويكون الكلام: وقطعناهم فرقًا اثنتي عشرة أسباطًا= فيصحّ التأنيث لما تقدَّم. * * * وقال بعض نحويي الكوفة: إنما قال "الاثنتي عشرة" بالتأنيث، و "السبط" مذكر، لأن الكلام ذهب إلى "الأمم" ، فغُلّب التأنيث، وإن كان "السبط" ذكرًا، وهو مثل قول الشاعر: (2) وَإِنَّ كِلابًا هَذِهِ عَشْرُ أَبْطُنٍ وَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ قَبَائِلِهَا الْعَشْرِ (3) ذهب ب "البطن" إلى القبيلة والفصيلة، فلذلك جمع "البطن" بالتأنيث. * * * وكان آخرون من نحويي الكوفة يقولون: إنما أنّثت "الاثنتا عشرة" ، و "السبط" ذكر، لذكر "الأمم" . (4) * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أنّ "الاثنتي عشرة" أنثت لتأنيث "القطعة" ، ومعنى الكلام: وقطعناهم قِطَعًا اثنتي عشرة ثم ترجم عن "القِطَع" ب "الأسباط" ، وغير جائز أن تكون "الأسباط" مفسرة (1) (1) في المخطوطة: (( على غير الثاني )) ، وغيرها في المطبوعة إلى: (( على عين الثاني )) ، وكلتاهما فاسدة المعنى، والصواب ما أثبت. يعنى: ما يتلو العدد، وهو (( أسباط )) ، وهو الظاهر في الكلام، وتقديره: (( اثنى عشرة فرقة أسباطاً )) ثم حذف (( فرقة )) وإضمارها، يوجب أن يجرى العدد على ما يتلوه، فصح بهذا ما أثبت من قراءة النص. (2) (2) النواح الكلابي، رجل من بنى كلاب. (3) (3) سيبويه 2: 174، معاني القرآن للفراء 1: 126، الإنصاف: 323، العينى (هامش الخزانة) 4: 484، واللسان (بطن) ، وغيرها. ولم أجد تتمة الشعر. (4) (4) هو الفراء في معاني القرآن 1: 397. عن "الاثنتي عشرة" وهي جمع، لأن التفسير فيما فوق "العشر" إلى "العشرين" بالتوحيد لا بالجمع، (1) و "الأسباط" جمع لا واحد، وذلك كقولهم: "عندي اثنتا عشرة امرأة" . ولا يقال: "عندي اثنتا عشرة نسوة" ، فبيَّن ذلك أن "الأسباط" ليست بتفسير للاثنتي عشرة، (2) وأن القول في ذلك على ما قلنا. * * * وأما "الأمم" ، فالجماعات= و "السبط" في بني إسرائيل نحو "القَرْن" . (3) * * * وقيل: إنما فرّقوا أسباطًا لاختلافهم في دينهم. * * * القول في تأويل قوله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (160) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "وأوحينا إلى موسى" ، إذ فرّقنا بني إسرائيل قومه اثنتي عشرة فرقة، وتيَّهناهم في التيه، فاستسقوا موسى من العَطش وغَوْر الماء= "أن اضرب بعصَاك الحجر" . * * * (1) (1) (( التفسير )) ، هو (( التمييز )) ، فقوله: (( مفسرة )) أي تمييزاً في الإعراب. (2) (2) في المطبوعة والمخطوطة: (( ففي ذلك أن الأسباط )) ، وهو تركيب واه ضعيف، ورجحت أن ما أثبت أشبه بالصواب. (3) (3) انظر تفسير (( الأمة) فيما سلف ص: 172، تعليق: 1 والمراجع هناك وتفسير السبط فيما سلف ص 174 تعليق 2 والمراجع هناك. وقد بينا السبب الذي كان قومه استسقوه وبينا معنى الوحي بشواهده. (1) * * * = "فانبجست" ، فانصّبت وانفجرت من الحجر اثنتَا عشرة عينًا من الماء، "قد علم كل أناس" ، يعني: كل أناس من الأسباط الاثنتي عشرة "مشربهم" ، لا يدخل سبط على غيره في شربه= "وظللنا عليهم الغمام" ، يكنُّهم من حرّ الشمس وأذاها. * * * وقد بينا معنى "الغمام" فيما مضى قبل، وكذلك: "المن والسلوى" . (2) * * * = "وأنزلنا عليهم المن والسلوى" ، طعامًا لهم= "كلوا من طيبات ما رزقناكم" ، يقول: وقلنا لهم: كلوا من حَلال ما رَزقْناكم، أيها الناس، وطيّبناه لكم= "وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" ، وفي الكلام محذوف، ترك ذكره استغناءً بما ظهَر عما ترك، وهو: "فأجِمُوا ذلك، (3) وقالوا: لن نصبر على طعام واحد، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير" = "وما ظلمونا" ، يقول: وما أدخلوا علينا نقصًا في ملكنا وسلطاننا بمسألتهم ما سألوا، وفعلهم ما فعلوا= "ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" ، أي: ينقصونها حظوظَها باستبدالهم الأدنى بالخير، والأرذل بالأفضل. * * * (1) (1) انظر ما سلف 2: 119 - 122. = وتفسير (( الوحي )) فيما سلف من فهارس اللغة (وحي) . (2) (2) انظر تفسير (( تظليل الغمام )) فيما سلف 2: 90، 91. = وتفسير (( المن )) و (( والسلوى )) فيما سلف 2: 91 - 101. = وتفسير سائر الآية، وهي نظيرتها فيما سلف 2: 101، 102. (3) (3) في المطبوعة: (( فأجمعوا ذلك )) ، ظن ما في المخطوطة خطأ، فأصلحه، يعنى فأفسده! ! يقال: (( أجم الطعام يأجمه أجما )) ، إذا كرهه ومله من طول المداومة عليه. القول في تأويل قوله: {وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (161) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر أيضًا، يا محمد، من خطأ فعل هؤلاء القوم، وخلافهِم على ربهم، وعصيانهم نبيَّهم موسى عليه السلام، وتبديلهم القولَ الذي أمروا أن يقولوه حين قال الله لهم: "اسكنوا هذه القرية" ، وهي قرية بيت المقدس (1) = "فكلوا منها" ، يقول: من ثمارها وحبوبها ونباتها= "حيث شئتم" ، منها، يقول: أنّى شئتم منها= "وقولوا حطة" ، يقول: وقولوا: هذه الفعلة "حِطّةٌ" ، تحطُّ ذنوبنا (2) = "نغفر لكم" ، يتغمد لكم ربكم= "ذنوبكم" ، التي سلفت منكم، فيعفو لكم عنها، فلا يؤاخذكم بها. (3) = "سنزيد المحسنين" ، منكم، وهم المطيعون لله، (4) على ما وعدتكم من غفران الخطايا. * * * وقد ذكرنا الروايات في كل ذلك باختلاف المختلفين، والصحيح من القول لدينا فيه فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (5) * * * (1) (1) انظر تفسير (( القرية )) فيما سلف 2: 102، 103. (2) (2) انظر تفسير (( الحطة )) فيما سلف 2: 105 - 109. (3) (3) انظر تفسير (( المغفرة )) فيما سلف من فهارس اللغة (غفر) . (4) (4) انظر تفسير (( الإحسان )) فيما سلف من فهارس اللغة (حسن) . (5) (5) انظر ما سلف في تفسير نظيرة هذه الآية 2: 102 - 112. القول في تأويل قوله: {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَظْلِمُونَ (162) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فغيَّر الذين كفروا بالله منهم ما أمرهم الله به من القول، فقالوا= وقد قيل لهم: قولوا: هذه حطة=: "حنطة في شعيرة" . وقولهم ذلك كذلك، هو غير القول الذي قيل لهم قولوه. يقول الله تعالى: "فأرسلنا عليهم رجزًا من السماءِ" ، بَعثنا عليهم عذابًا، أهلكناهم بما كانوا يغيِّرون ما يؤمرون به، فيفعلون خلاف ما أمرهم الله بفعله، ويقولون غير الذي أمرهم الله بفعله. (1) * * * وقد بينا معنى الرجز فيما مضى. (2) * * * القول في تأويل قوله: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: واسأل، يا محمد، هؤلاء اليهود، وهم مجاوروك، عن أمر "القرية التي كانت حاضرة البحر" ، يقول: كانت بحضرة البحر، أي بقرب البحر وعلى شاطئه. * * * واختلف أهل التأويل فيها. (1) (1) انظر تفسير نظيرة هذه الآية فيما سلف 2: 112 - 119. (2) (2) انظر تفسير (( الرجز )) فيما سلف 2: 117، 118 / 12: 521 / 13: 72. فقال بعضهم: هي "أيلة" . * ذكر من قال ذلك: 15252- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" ، قال: هي قرية يقال لها "أيلة" ، بين مَدْين والطور. 15253- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عبد الله بن كثير في قوله: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" قال: سمعنا أنها أيلة. 15254- حدثني سلام بن سالم الخزاعي قال، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال، حدثنا ابن جريج، عن عكرمة قال: دخلتُ على ابن عباس والمصحف في حجره وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك، جعلني الله فداك؟ فقال: ويلك، وتعرِف القرية التي كانت حاضرة البحر؟ فقلت: تلك أيلة! (1) 15255- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" ، قال: هي أيلة. 15256- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: هي قرية على شاطئ البحر، بين مصر والمدينة، يقال لها: "أيلة" . (1) (1) الأثر: 15254 - (( سلام بن سالم الخزاعى )) ، شيخ الطبري، مضى برقم: 252، 6529. و (( يحيى بن سليم الطائفي )) ، مضى برقم: 4894، 7831. وانظر هذا الخبر وتمامه فيما سيأتي رقم 15271. ![]()
__________________
|
#702
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (702) صــ 181 إلى صــ 190 15257- حدثنا موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: هم أهل أيلة، القرية التي كانت حاضرة البحر. 15258- حدثني الحارث قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد في قوله: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" ، قال: أيلة. * * * وقال آخرون: معناه: ساحلُ مدين. 15259- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" الآية، ذكر لنا أنها كانت قرية على ساحل البحر، يقال لها أيلة. * * * وقال آخرون: هي مَقْنا. * ذكر من قال ذلك: 15260- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" ، قال: هي قرية يقال لها "مقنا" ، بين مدين وعَيْنُوني. (1) * * * (1) (1) (( عينونى )) ، وتكتب أيضاً (عينونا ) ) ، و (( عينون )) ، ذكرها ياقوت في معجمه في الباب، وذكرها البكرى في معجم ما استعجم في (( حبرى )) ، ولم يفرد لها باباً. قال ياقوت: (( من قرى باب المقدس. وقيل: قرية من وراء البثنية من دون القلزم، في طرف الشام، ذكرها كثير: إِذْ هُنَّ فِي غَلَسِ الظَّلامِ قوارِبٌ ... أَعْدَادَ عَيْنٍ من عُيُونِ أُثَالِ يَجْتَزْنَ أَوْدِيَةَ البُضَيْعِ جَوَازِعًا ... أجْوَازَ عَيْنُونَا، فَنَعْفَ قِبَالِ وقال يعقوب: سمعت من يقول: عين أنا ... وقال البكرى: هي قرية يطؤها طريق المصريين إذا حجوا. وأنا، واد )) . وفي الخبر (ابن سعد 1/2/21، 22) : (( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كتب لنعيم ابن أوس، أخي تميم الدارى، أن له (( حيرى )) ، و (( عينون )) بالشام، قريتها كلها، سهلها وجبلها وماءها وأنباطها وبقرها، ولعقبة من بعده، لا يحاقه فيها أحد، ولا يلجه عليهم بظلم، ومن ظلمهم وأخذ منهم شيئاً فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، وكتب على )) . قال البكرى في معجم ما استعجم (420) : (( وكان سليمان بن عبد الملك إذا مر بها لم يعرج ويقول: أخاف أن تمسنى دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم )) . وقال آخرون: هي مدين. * ذكر من قال ذلك: 15261- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة قال، حدثني محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: هي قرية بين أيلة والطور، يقال لها "مَدْين" . * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: هي قرية حاضرة البحر= وجائز أن تكون أيلة= وجائز أن تكون مدين= وجائز أن تكون مقنا= لأن كل ذلك حاضرة البحر، ولا خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع العذر بأيِّ ذلك من أيٍّ، (1) والاختلاف فيه على ما وصفت. ولا يوصل إلى علم ما قد كان فمضى مما لم نعاينه، إلا بخبر يوجب العلم. ولا خبر كذلك في ذلك. * * * وقوله: "إذ يعدون في السبت" ، يعني به أهله، إذ يعتدون في السبت أمرَ الله، ويتجاوزونه إلى ما حرمه الله عليهم. * * * يقال منه: "عدا فلان أمري" و "اعتدى" ، إذا تجاوزه. (2) * * * (1) (1) في المطبوعة: (( بأن ذلك من أي )) ، ظن أنه يصحح ما في المخطوطة، فخلط خلطاً لا مخرج منه. وهذا تعبير مضى مرارًا، وأشرت إليه 1: 520 س: 16 / 2: 517 س: 15 / 3: 64 س: 7 / 6: 291 س: 6 / 8: 85، 86 تعليق: 1، فراجعه هناك ٍ، فقد غيره الناشر في كل هذه المواضع. (2) (2) انظر تفسير: (( عدا )) و (( اعتدى )) فيما سلف 12: 36، تعليق: 1، والمراجع هناك. وكان اعتداؤهم في السبت: أن الله كان حرَّم عليهم السبت، فكانوا يصطادون فيه السمك. (1) * * * = "إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعًا" ، يقول: إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم الذي نهوا فيه العمل= "شرَّعًا" ، يقول: شارعة ظاهرةً على الماء من كل طريق وناحية، كشوارع الطرق، كالذي: - 15262- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: "إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعًا" ، يقول: ظاهرة على الماء. (2) 15263- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "شرعًا" ، يقول: من كلّ مكان. * * * وقوله: "ويوم لا يسبتون" ، يقول: ويوم لا يعظمونه تعظيمهم السَّبت، وذلك سائر الأيام غير يوم السبت= "لا تأتيهم" ، الحيتان= "كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون" ، يقول: كما وصفنا لكم من الاختبار والابتلاء الذي ذكرنا، بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل صيده (3) = "كذلك نبلوهم" ، ونختبرهم (4) = "بما كانوا يفسقون" ، (1) (1) انظر معنى (( السبت )) واعتداؤهم فيه فيما سلف 2: 166 - 182 / 9: 361، 362. (2) (2) الأثر: 15262 - (( عثمان بن سعيد الزيات الأحول )) ، لا بأس به، مضى برقم: 137. وكان في المطبوعة والمخطوطة: (( عثمان بن سعد )) ، وهو خطأ محض. و (( بشر بن عمارة الخثعمي )) ، ضعيف، مضى أيضاً برقم: 137. وهذا الخبر جزء من خبر طويل مضى قديماً برقم: 1138 (2: 168) . (3) (3) في المطبوعة والمخطوطة: (( وإخفائها )) ، والسياق يقتضى ما أثبت. (4) (4) انظر تفسير (( الابتلاء )) فيما سلف من فهارس اللغة (بلا) . يقول: بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها. (1) * * * واختلفت القرأة في قراءة قوله: "ويوم لا يسبتون" . فقرئ بفتح "الياء" من (يَسْبِتُونَ) =من قول القائل: "سبت فلان يسبت سَبْتًا وسُبُوتًا" ، إذا عظَّم "السبت" . * * * وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤه: (وَيَوْمَ لا يُسْبَتُونَ) بضم الياء. =من "أسبت القوم يسبتون" ، إذا دخلوا في "السبت" ، كما يقال: "أجمعنا" ، مرّت بنا جمعة، و "أشهرنا" مرّ بنا شهر، و "أسبتنا" ، مرّ بنا سبت. * * * ونصب "يوم" من قوله: "ويوم لا يسبتون" ، بقوله: "لا تأتيهم" ، لأن معنى الكلام: لا تأتيهم يوم لا يسبتون. * * * (1) (1) انظر تفسير (( الفسق) فيما سلف من فهارس اللغة (فسق) . القول في تأويل قوله: {وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) } (1) قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر أيضًا، يا محمد= "إذ قالت أمة منهم" ، جماعة منهم لجماعة كانت تعظ المعتدين في السبت، وتنهاهم عن معصية الله فيه = (2) "لم تعظون قومًا الله" (1) (2) ضبطت الآية (( معذرة )) بالنصب على قراءتنا في مصحفنا، وتفسير أبي جعفر واختياره في القراءة، رفع (( معذرة )) ، فتنبه إليه. (2) (3) انظر تفسير (( أمة )) فيما سلف ص 176، تعليق: 3، والمراجع هناك. مهلكهم "، في الدنيا بمعصيتهم إياه، وخلافهم أمره، واستحلالهم ما حرم عليهم=" أو معذبهم عذابًا شديدًا "، في الآخرة، قال الذين كانوا ينهونهم عن معصية الله مجيبيهم عن قولهم: عظتنا إياهم معذرةٌ إلى ربكم، نؤدِّي فرضه علينا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر=" ولعلهم يتقون "، يقول: ولعلهم أن يتقوا الله فيخافوه، فينيبوا إلى طاعته، ويتوبوا من معصيتهم إياه، وتعدِّيهم على ما حرّم عليهم من اعتدائهم في السبت، كما: -" 15264- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: "قالوا معذرة إلى ربكم" ، لسخطنا أعمالهم. (1) * * * = "ولعلهم يتقون" ،: أي ينزعون عما هم عليه. (2) * * * 15265- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد، في قوله: "ولعلهم يتقون" قال: يتركون هذا العمل الذي هم عليه. * * * واختلفت القرأة في قراءة قوله: "قالوا معذرة" . (3) فقرأ دلك عامة قرأة الحجاز والكوفة والبصرة: (مَعْذِرَةٌ) بالرفع، على ما وصفتُ من معناها. * * * وقرأ ذلك بعض أهل الكوفة: (مَعْذِرَةً) نصبًا، بمعنى: إعذارًا وعظناهم وفعلنا ذلك. * * * (1) الأثر: 15264 مضى مطولا برقم: 1139 (2: 170) . (2) (2) انظر تفسير (( اتقى) فيما سلف من فهارس اللغة (وقى) . (3) (3) انظر ذكر هذه الآية وإعرابها فيما سلف 2: 107، 108. واختلف أهل العلم في هذه الفرقة التي قالت: "لم تعظون قوما الله مهلكهم" ، هل كانت من الناجية، أم من الهالكة! فقال بعضهم: كانت من الناجية، لأنها كانت هي الناهيةَ الفرقةَ الهالكةَ عن الاعتداء في السبت. (1) * ذكر من قال ذلك: 15266- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا" ، هي قرية على شاطئ البحر بين مكة والمدينة، يقال لها: "أيلة" ، فحرم الله عليهم الحيتان يوم سبتهم، فكانت الحيتان تأتيهم يوم سبتهم شرعًا في ساحل البحر. فإذا مضى يوم السبت، لم يقدروا عليها. فمكثوا بذلك ما شاء الله، ثم إن طائفة منهم أخذوا الحيتان يوم سبتهم، فنهتهم طائفة، وقالوا: تأخذونها، وقد حرمها الله عليكم يوم سبتكم! فلم يزدادوا إلا غيًّا وعتوًّا، وجعلت طائفة أخرى تنهاهم. فلما طال ذلك عليهم، قالت طائفة من النهاة: تعلَّموا أنّ هؤلاء قوم قد حق عليهم العذاب، (2) لم تعظون قومًا الله مهلكهم، وكانوا أشد غضَبًا لله من الطائفة الأخرى، فقالوا: "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" ، وكلّ قد كانوا ينهون، فلما وقع عليهم غضب الله، نجت الطائفتان اللتان قالوا: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم" ، والذين قالوا: "معذرة إلى ربكم" ، وأهلك الله أهل معصيته الذين أخذوا الحيتان، فجعلهم قردة وخنازير. 15267- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي، قال حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: "واسألهم عن القرية التي كانت" (1) (1) في المطبوعة والمخطوطة: (( لأنها كانت من الناهية )) ، ولا معنى لقوله: (( من )) ، هنا، والصواب ما أثبت. (2) (2) في المطبوعة والمخطوطة: (( تعلمون) ، والصواب ما أثبت: (( تعلموا )) فعل أمر، بتشديد اللام، بمعنى: اعلموا. حاضرة البحر، إلى قوله: "ويوم لا يسبتون لا تأتيهم" ، وذلك أن أهل قرية كانت حاضرة البحر، كانت تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم. يقول: إذا كانوا يوم يسبتون تأتيهم شرعًا= يعني: من كل مكان= ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، وأنهم قالوا: لو أنا أخذنا من هذه الحيتان يوم تجيء ما يكفينا فيما سوى ذلك من الأيام! فوعظهم قوم مؤمنون ونهوهم. وقالت طائفة من المؤمنين: إن هؤلاء قوم قد هموا بأمر ليسوا بمنتهين دونه، والله مخزيهم ومعذبهم عذابًا شديدًا. قال المؤمنون بعضهم لبعض: "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" ، إن كان هلاك، فلعلنا ننجو، وإما أن ينتهوا فيكون لنا أجرًا. وقد كان الله جعل على بني إسرائيل يومًا يعبدونه ويتفرغون له فيه، وهو يوم الاثنين. فتعدى الخبثاء من الاثنين إلى السبت، وقالوا: هو يوم السبت! فنهاهم موسى، فاختلفوا فيه، فجعل عليهم السبت، ونهاهم أن يعملوا فيه وأن يعتدوا فيه، وأنّ رجلا منهم ذهب ليحتطب، فأخذه موسى عليه السلام فسأله: هل أمرك بهذا أحد؟ فلم يجد أحدًا أمره، فرجمه أصحابه. 15268- حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: قال بعض الذين نهوهم لبعض: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا" ، يقول: لم تعظونهم، وقد وعظتموهم فلم يطيعوكم؟ فقال بعضهم: "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" . 15269- حدثنا محمد بن المثني قال، حدثنا معاذ بن هانئ قال، حدثنا حماد، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس: "وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا" ، قال: ما أدري أنجا الذين قالوا: "لم تعظون قوما الله مهلكهم" أم لا! قال: فلم أزل به حتى عرَّفته أنهم قد نجوا، فكساني حلة. (1) (1) الأثر: 15269 - (( معاذ بن هانئ القيسى )) ، ثقة، روى عن همام بن يحيى، ومحمد بن مسلم الطائفي، وحماد بن سلمة، وغيرهم 0 0مترجم في التهذيب، والكبير 4/1/367، وابن أبي حاتم 4/1/250. 15270- حدثني المثني قال، حدثنا حماد، عن داود، عن عكرمة قال: قرأ ابن عباس هذه الآية، فذكر نحوه= إلا أنه قال في حديثه: فما زلت أبصِّره حتى عرَف أنهم قد نجوا. 15271- حدثني سلام بن سالم الخزاعي قال، حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال، حدثنا ابن جريج، عن عكرمة قال: دخلت على ابن عباس والمصحف في حجره، وهو يبكي، فقلت: ما يبكيك، جعلني الله فداءك؟ قال: فقرأ: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" ، إلى قوله: (بما كانوا يفسقون ".) قال ابن عباس: لا أسمع الفرقة الثالثة ذكرت، نخاف أن نكون مثلهم! فقلت: أما تسمع الله يقول:" فلما عتوا عمّا نهوا عنه "؟ فسُرِّي عنه، وكساني حُلّة. (1) " 15272- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، حدثني رجل، عن عكرمة قال: جئت ابن عباس يومًا وهو يبكي، وإذا المصحف في حجره، فأعظمت أن أدنو، ثم لم أزل على ذلك حتى تقدَّمت فجلستُ، فقلت: ما يبكيك يا ابن عباس، جعلني الله فداءك؟ فقال: هؤلاء الورقات! قال: وإذا هو في "سورة الأعراف" ، قال: تعرف أيلة! قلت: نعم! قال: فإنه كان حيّ من يهود، سيقت الحيتان إليهم يوم السبت، ثم غاصت لا يقدرون عليها حتى يغُوصوا، بعد كدٍّ ومؤنة شديدة، كانت تأتيهم يوم السبت شرعًا بيضًا سمانًا كأنها الماخض، (2) تنبطحُ ظهورُها لبطونها بأفنيتهم وأبنيتهم. (3) فكانوا كذلك برهة من الدهر، ثم إن الشيطان أوحى إليهم فقال: (1) (1) الأثر: 15271 - مضى صدر هذا الخبر، وجزء آخر منه فيما سلف برقم: 15254. (2) (2) (( الماخض )) ، التي قد دنا ولادها من الشاء وغيرها. وفي حديث الزكاة: (( فاعمد إلى شاة قد امتلأت مخاضاً، وشحماً )) ، أي نتاجاً، يعنى بذلك سمنها وبضاضتها. (3) (3) في المطبوعة وابن كثير 3: 577: (( تنتطح )) ولامعنى لها هنا، وفي المخطوطة (( تلتطح )) ، كانها من قولهم (( لطح الرجل به الأرض )) ، و (( لطحه بالأرض )) ، إاذا ضربه بالأرض. وقاس منه (( التطح )) أي تتقلب ضاربة بظهورها وبطونها الأرض. وصوابها ما أثبت (( تنبطح )) أو (( تتبطح )) (بتشديد الطاء) ، أي تتمرغ في البطحاء. وانظر ما سيأتي في ص: 190، تعليق: 02 وقد حذف هذه الكلمة السيوطي في روايته للخبر في الدر المنثور 3: 137، كعادته إذا أشكل عليه الكلام. إنما نهيتم عن أكلها يوم السبت، فخذوها فيه، وكلوها في غيره من الأيام! فقالت ذلك طائفة منهم، وقالت طائفة منهم: بل نُهيتم عن أكلها وأخذِها وصيدها في يوم السبت. وكانوا كذلك، حتى جاءت الجمعة المقبلة، فعدت طائفة بأنفسها وأبنائها ونسائها، واعتزلت طائفة ذات اليمين، وتنحَّت، واعتزلت طائفة ذات اليسار وسكتت. وقال الأيمنون: ويلكم! اللهَ، اللهَ، ننهاكم أن تعترّضوا لعقوبة الله! (1) وقال الأيسرون: "لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا" ؟ قال الأيمنون: "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" ! أي: ينتهون، فهو أحب إلينا أن لا يصابوا ولا يهلكوا، وإن لم ينتهوا فمعذرة إلى ربكم. فمضوا على الخطيئة، فقال الأيمنون: قد فعلتم، يا أعداء الله! والله لا نُبَايتكم الليلة في مدينتكم، (2) والله ما نراكم تصبحون حتى يصيبكم الله بخسف أو قذف أو بعض ما عنده بالعذاب! (3) فلما أصبحوا ضربوا عليهم الباب ونادوا، فلم يجابوا، فوضعوا سلّمًا، وأعلوا سور المدينة رجلا فالتفت إليهم فقال: أي عبادَ الله، قردةٌ والله تعاوَى لها أذناب! قال: ففتحوا فدخلوا عليهم، فعرفت القردةُ أنسابها من الإنس، ولا تعرف الإنس أنسابها من القردة، فجعلت القرود تأتي نسيبها من الإنس فتشمّ ثيابه وتبكي، فتقولُ لهم: ألم ننهكم عن كذا؟ فتقول برأسها: نعم! ثم قرأ ابن عباس: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) . قال: فأرى اليهود الذين نَهَوْا قد نجوا، ولا أرى الآخرين ذُكروا، ونحن نرى أشياء ننكرها فلا نقول فيها! قال قلت: إنَّ جعلني الله فداك، (4) ألا ترى أنهم قد كَرِهوا ما هم عليه، وخالفوهم وقالوا: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم" ؟ قال: فأمرَ بي فكسيِت بُرْدَين غليظين. 15273- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" ، ذُكر لنا أنه إذا كان يوم السبت أقبلت الحيتان، حتى تتبطَّح على سواحلهم وأفنيتهم، (5) لما بلغها من أمر الله في الماء، فإذا كان في غير يوم السبت، بعدت في الماء حتى يطلبها طالبهم. فأتاهم الشيطان فقال: إنما حرم عليكم أكلها يوم السبت، فاصطادوها يوم السبت وكلوها فيما بعد! (6) قوله: "وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" ، صار القوم ثلاثة أصناف، (7) أما صنف فأمسكوا عن حرمة الله ونهوا عن معصية الله، وأما صنف فأمسك عن حرمة الله هيبةً لله، وأما صنف فانتهك الحرمة ووقع في الخطيئة. (1) (1) هذه الجملة: (( وقال الأيمنون.... )) ساقطة من المخطوطة، ثابتة في المطبوعة. وفي المطبوعة: (( الله ينهاكم عن أن تعترضوا لعقوبة الله )) ، ولا أدرى من أين جاء بها. وأثبت نص ابن كثير في تفسيره 3: 557، وفي الدر المنثور 3: 137: (( ويلكم، لا تتعرضوا لعقوبة الله )) . (2) (2) في المطبوعة: (( والله لا نبايتنكم )) وفي ابن كثير: 3: 577: (( لنأتينكم )) ، وفي الدر المنثور 3: 137: (( لنسبايتنكم )) ، ومثله في المخطوطة، وأرجح أن الصواب ما أثبت، يعنون أنهم لن يبيتوا معهم في مدينتهم. فهذا ظاهر السياق. (3) (3) في المخطوطة والمطبوعة، والدر المنثور: (( ما أراكم )) ، والصواب من ابن كثير. (4) (1) في المطبوعة، والدر المنثور: (( أي جعلني الله فداك )) ، ولا معنى لها، وحذفها ابن كثير في روايته الخبر. وأثبت ما في المخطوطة، وقوله: (( إن )) (مكسورة الألف مشددة النون) بمعنى: نعم، يعنى: إنه قد كان، وإنهم قد نجوا. قال أبو عبيد في مثله: (( وهذا اختصار من كلام العرب، يكتفي منه بالضمير، لأنه قد علم معناه )) . وقد قال مسعود بن عبد الله الأسدي: قَالُوا:غَدَرْتَ! فَقُلْتُ: إنّ! وَرُبّمَا ... نَالَ العُلَى وشَفَى الغَلِيلَ الغادِرُ (5) في المطبوعة: (( تنتطح )) ، وهي في المخطوطة واضحة كما أثبتها، وانظر التعليق السالف ص: 188، رقم: 3. (6) وضعت هذه النقط، لدلالة على خرم في الخبر لاشك فيه، فإنه غير متصل. ولكن كهذا هو في المخطوطة. وفي المخطوطة لم يسق الآية هكذا بل كتب: (قوله: (( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوماً )) ، فقرأ حتى بلغ (( ولعلهم يتقون )) ) ، فكان هذا دليلاً أيضاً على الخرم الذي وقع في نسخة التفسير. ولكن انظر بعض هذا الخبر بهذا الإسناد فيما سلف: 1140. (7) في المطبوعة: (( فصار )) ، وأثبت ما في المخطوطة بغير فاء، لأنى لا أعلم ما قبله من السقط الذي حدث، ما هو. 15274- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس في قول الله: "حاضرة البحر" ، قال: حرمت عليهم الحيتان يوم السبت، وكانت تأتيهم يوم السبت شُرّعًا، بلاء ابتلوا به، ولا تأتيهم في غيره إلا أن يطلبوها، بلاء أيضًا، بما كانوا يفسقون. فأخذوها يوم السبت استحلالا ومعصية، فقال الله لهم: "كونوا قردة خاسئين" ، إلا طائفة منهم لم يعتدوا ونهوهم، فقال بعضهم لبعض: "لم تعظون قومًا" . 15275- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم" حتى بلغ "ولعلهم يتقون" ، لعلّهم يتركون ما هم عليه. قال: كانوا قد بُلوا بكفّ الحيتان عنهم، وكانوا يسبتون في يوم السبت ولا يعملون فيه شيئًا، فإذا كان يوم السبت أتتهم الحيتانُ شُرّعًا، وإذا كان غير يوم السبت لم يأت حوتٌ واحد. قال: وكانوا قومًا قد قَرِموا بحب الحيتان ولقوا منه بلاءً، (1) فأخذ رجل منهم حوتًا فربط في ذنبه خيطًا، ثم ربطه إلى خَشَفَةٍ، (2) ثم تركه في الماء، حتى إذا غربت الشمس من يوم الأحد، اجتره بالخيط ثم شواه. فوجد جارٌ له ريح حوت، فقال: يا فلان، إني أجد في بيتك ريح نًونٍ! (3) فقال: لا! قال: فتطلع في تنُّوره فإذا هو فيه، فأخبره حينئذ الخبرَ، فقال: إني أرى الله سيعذِّبك. قال: فلما لم يره عجَّل عذابًا، فلما أتى السبت الآخر أخذ اثنين فربَطَهما، ثم اطلع جارٌ له عليه، فلما رآه لم يعجِّل عذابًا، جعلوا يصيدونه، (4) فاطلع أهل القرية عليهم، فنهاهم الذين ينهون عن ![]()
__________________
|
#703
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (703) صــ 191 إلى صــ 200 (1) (( قرم إلى اللحم )) (بكسر الراء) (( قرماً )) بفتحتين: اشتدت شهوته إليه. وقوله: (( لقوامنه )) ، الضمير في (( منة )) عائد إلى مصدر (( قرموا )) ، أي: القرم. (2) (2) في المطبوعة: (( خسفة )) ، ولا معنى لها، وهي في المخطوطة غير منقوطة، والصواب ما أثبت. و (( الخشفة )) بالخاء المعجمة و (( الحشفة )) بالحاء المهلة (وبفتح الخاء والشين) : هي حجارة تنبت في الأرض نباتاً، أو صخرة رخوة في سهل من الأرض. (3) (3) (( النون )) : الحوت والسمك. (4) (4) قوله: (( جعلوا يصيدونه )) ، فخالف السياق المفرد السابق، فأخشى أن يكون سقط من الكلام ما معناه أن بعض جيرانه اتبعوه وفشا فيهم، فجعلوا يصيدونه ... المنكر، فكانوا فرقتين: فرقة تنهاهم وتكفّ، وفرقة تنهاهم ولا تكف. فقال الذين نهوا وكفوا، للذين ينهون ولا يكفون: "لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا" ؟ فقال الآخرون: "معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" . فقال الله: (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) . إلى قوله: (بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) قَالَ اللَّهُ (فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) . وقال لهم أهل تلك القرية: عملتم بعمل سَوْء، من كان يريد يعتزل ويتطهَّر فليعتزل هؤلاء! قال: فاعتزل هؤلاء وهؤلاء في مدينتهم، وضربوا بينهم سورًا، فجعلوا في ذلك السور أبوابًا يخرج بعضُهم إلى بعض. قال: فلما كان الليل طرقهم الله بعذابٍ، (1) فأصبح أولئك المؤمنون لا يرون منهم أحدًا، فدخلوا عليهم فإذا هم قردة، الرجل وأزواجه وأولاده، فجعلوا يدخلون على الرجل يعرفونه فيقولون: يا فلان، ألم نحذرك سطوات الله؟ ألم نحذرك نقمات الله؟ ونحذرك ونحذرك؟ قال: فليس إلا بكاء! (2) قال: وأنما عذب الله الذين ظلموا، الذين أقاموا على ذلك. قال: وأما الذين نَهَوْا، فكلهم قد نهى، ولكن بعضهم أفضل من بعض. فقرأ: (أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ) . 15276- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا المحاربي، عن داود، عن عكرمة قال: قرأ ابن عباس هذه الآية: "لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا" ، قال: لا أدري أنجا القوم أو هلكوا؟ فما زلت أبصِّره حتى عرف أنهم نجوا، وكساني حُلَّة. (1) (1) في المطبوعة: (( بعذابه )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (2) (2) في المخطوطة: (( فليس إلا تكاكا )) ، ولا أدرى ما وجهها، وقد سلف في الخبر رقم 15272، في آخره: (( فتشم ثيابه فتبكي )) ، فتركت ما في المطبوعة على حاله، حتى يتبين لما في المخطوطة وجه مرضى من الصواب. 15277- حدثني يونس قال، أخبرني أشهب بن عبد العزيز، عن مالك قال: زعم ابن رُومان أن قوله: "تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم" ، قال: كانت تأتيهم يوم السبت، فإذا كان المساء ذهبتْ، فلا يرى منها شيء إلى السبت. فاتخذ لذلك رجل منهم خيطًا ووتدًا، فربط حوتًا منها في الماء يوم السبت، حتى إذا أمسوا ليلة الأحد أخذه فاشتواه، فوجد الناس ريحه، فأتوه فسألوه عن ذلك، فجحدهم، فلم يزالوا به حتى قال لهم: فإنه جلد حوتٍ وجدناه! فلما كان السبت الآخر فعل مثل ذلك= ولا أدري لعله قال: ربط حوتين= فلما أمسى من ليلة الأحد أخذه فاشتواه، فوجدوا ريحه، فجاءوا فسألوه، فقال لهم: لو شئتم صنعتم كما أصنع! فقالوا له: وما صنعت؟ فأخبرهم، ففعلوا مثل ما فعل، حتى كثر ذلك. وكانت لهم مدينة لها رَبض، (1) فغلَّقوها، فأصابهم من المسْخ ما أصابهم. فغدا إليهم جيرانهم ممن كان يكون حولهم، يطلبون منهم ما يطلب الناس، فوجدوا المدينة مغلقة عليهم، فنادوا فلم يجيبوهم، فتسوَّروا عليهم، فإذا هم قردة، فجعل القرد يدنو يتمسَّح بمن كان يعرف قبل ذلك، ويدنو منه ويتمسَّح به. * * * وقال آخرون: بل الفرقة التي قالت: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم" ، كانت من الفرقة الهالكة. * ذكر من قال ذلك: 15278- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا ابن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" إلى قوله: "شرعًا" ، قال: قال ابن عباس: ابتدعوا السبت فابتلُوا فيه، فحرِّمت عليهم فيه الحيتان، فكانوا إذا كان يوم (1) (1) (( الربض )) (بفتحتين) : هو الفضاء حول المدينة. السبت شَرَعت لهم الحيتان ينظرون إليها في البحر. فإذا انقضى السبتُ، ذهبتْ فلم تُرَ حتى السبت المقبل، فإذا جاء السبت جاءت شرَّعًا. فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا كذلك، ثم إنّ رجلا منهم أخذ حوتًا فخزمه بأنفه، (1) ثم ضرب له وَتِدًا في الساحل، وربطه وتركه في الماء. فلما كان الغد، أخذه فشواه فأكله. ففعل ذلك وهم ينظرُون ولا ينكرون، ولا ينهاه منهم أحد إلا عصبة منهم نَهوه، حتى ظهر ذلك في الأسواق وفُعِل علانيةً. قال: فقالت طائفة للذين يَنهون: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا قالوا معذرة إلى ربكم" ، في سخطنا أعمالهم، "ولعلهم يتقون* فلما نسوا ما ذُكِّروا به" ، إلى قوله: "قلنا لهم كونوا قردة خاسئين" ، قال ابن عباس: كانوا أثلاثًا: ثلث نَهوا، وثلث قالوا: "لم تعظون قوما الله مهلكهم" ، وثلث أصحاب الخطيئة، فما نجا إلا الذين نهوا، وهلك سائرهم. فأصبح الذين نهوا عن السوء ذات يوم في مجالسهم يتفقَّدون الناس لا يرونهم، فَعَلوْا على دورهم، (2) فجعلوا يقولون: إنّ للناس لشأنًا، فانظروا ما شأنهم! فاطلعوا في دورهم، فإذا القوم قد مسخوا في ديارهم قردة، يعرفون الرجل بعينه وإنه لقرد، ويعرفون المرأة بعينها وإنها لقردة، قال الله: (فَجَعَلْنَاهَا نَكَالا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة: 66] . 15279- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي بكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أنجينا الذين ينهون عن السوء" الآية، قال ابن عباس: نجا الناهون، وهلك الفاعلون، ولا أدري ما صنع بالساكتين! (1) (1) في المطبوعة: (( فخرم أنفه )) ، وأثبت ما في المخطوطة، وهذا صواب قراءته ونقطه. (( خزم الدابة )) ثقب في أنفها ثقباً، وجعل فيه خزامة من شعر أو غيره، و (( الخزامة )) (بكسر الخاء) الحلقة المعقودة. (2) (2) في المطبوعة: (( فعلقوا عليهم دورهم )) ، أراد أن يجتهد فأخطأ أشنع الخطأ، والصواب البين ما في المخطوطة، كما أثبته. 15280- حدثنا ابن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن ابن عباس: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم" ، قال: هم ثلاث فرق: الفرقة التي وَعَظت، والموعوظة التي وُعِظت، والله أعلم ما فعلت الفرقة الثالثة، وهم الذين قالوا: "لم تعظون قوما الله مهلكهم" . =وقال الكلبي: هما فرقتان: الفرقة التي وَعَظت، والتي قالت: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم" قال: هي الموعوظة. 15281- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لأن أكون علمتُ من هؤلاء الذين قالوا: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم أو معذبهم عذابًا شديدًا" ، أحبُّ إليّ مما عُدِل به! 15282- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عطاء قال، قال ابن عباس: "وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قومًا الله مهلكهم" ، قال: أسمع، الله يقول: "أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس" ، فليت شعري ما فُعِل بهؤلاء الذين قالوا: "لم تعظون قومًا الله مهلكهم" ؟ 15283- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن ماهان الحنفي أبي صالح في قوله: "تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم" ، قال: كانوا في المدينة التي على ساحل البحر، وكانت الأيام ستةٌ، الأحد إلى الجمعة. فوضعت اليهود يوم السبْت، وسبّتوه على أنفسهم، فسبَّته الله عليهم، ولم يكن السبت قبل ذلك، فوكّده الله عليهم، وابتلاهم فيه بالحيتَانِ، فجعلت تشرع يوم السبت، فيتقون أن يصيبُوا منها، حتى قال رجل منهم: والله ما السَّبت بيوم وَكّده الله علينا، ونحن وكّدناه على أنفسنا، فلو تناولت من هذا السمك! فتناول حوتًا من الحيتان، فسمع بذلك جارُه، فخاف العقوبة، فهرب من منزله. فلما مكث ما شاء الله ولم تصبه عقوبة، تناول غيرُه أيضًا في يوم السبت. فلما لم تصبهم العقوبة، كثر مَنْ تناول في يوم السبت، واتخذوا يوم السبت، وليلةَ السبت عيدًا يشربون فيه الخمورَ، ويلعبون فيه بالمعازف. فقال لهم خيارهم وصلحاؤهم: ويحكم، انتهوا عما تفعلون، إن الله مهلككم أو معذِّبكم عذابًا شديدًا، أفلا تعقلون؟ ولا تعدوا في السبت! فأبوا، فقال خِيارهم: نضرب بيننا وبينهم حائطًا. ففعلوا، وكان إذا كان ليلة السبت تأذَّوا بما يسمعون من أصواتهم وأصوات المعازف، حتى إذا كانت الليلة التي مُسِخوا فيها، سكنت أصواتهم أوّل الليل، فقال خيارهم: ما شأن قومكم قد سكنت أصواتهم الليلة؟ فقال بعضهم: لعل الخمر غلبَتهم فناموا! فلما أصبحوا، لم يسمعوا لهم حسًّا، فقال بعضهم لبعض: ما لنا لا نسمع من قومكم حسًّا؟ فقالوا لرجل: اصعد الحائط وانظر ما شأنهم. فصعد الحائط، فرآهم يموجُ بعضهم في بعض، قد مُسخوا قردةً، فقال لقومه: تعالوا فانظروا إلى قومكم ما لَقُوا! فصعدوا، فجعلوا ينظرون إلى الرجل فيتوسَّمُون فيه، فيقولون: أي فلان، أنت فلان؟ فيومئ بيده إلى صدره أن نعم، (1) بما كسبت يداي. (2) 15284- حدثني يعقوب وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية، عن أيوب قال، تلا الحسن ذات يوم: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرَّعًا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون" ، فقال: حوتٌ حرمه الله عليهم في يوم، (3) وأحله لهم فيما سوى ذلك، فكان يأتيهم في اليوم الذي حرَّمه الله عليهم كأنه المخاض، (4) (1) (1) في المخطوطة والمطبوعة: (( أي نعم )) ، والصواب الجيد ما أثبت. (2) (2) الأثر: 15283 - (ما هان أبو صالح الحنفي ) ) ، قال البخاري (( ما هان، أبو سالم الحنفي، ... وقال بعضهم: ما هان، أبو صالح، ولا يصح )) وقد مضى ذلك برقم 3226، 13291، وهو مترجم في التهذيب والكبير 4 / 2 / 67،، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 434. (3) (3) في المطبوعة: (( كان حوتاً حرمه الله )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (4) (4) في المخطوطة: (( كأنه المحاصر )) غير منقوطة، وكأن ما في المطبوعة هو الصواب، وقد سلف في ص: 188، وتعليق: 2،: (( كانت تأتيهم ... بيضاً سماناً كأنها بالمخاض )) ، وفسرته هناك بأنه أراد بالمخاض، الشاة أو الناقة التي دنا ولادها، وأنه عنى بذلك سمنها وترارتها. و (( الماخض )) : الإبل الحوامل، يريد التي امتلأت حملا وسمناً. لا يمتنع من أحد. وقلَّما رأيت أحدًا يكثر الاهتمامَ بالذنب إلا واقعه، (1) فجعلوا يَهتمُّون ويمْسِكون، حتى أخذوه، فأكلوا أوْخَم أكلة أكلها قوم قطُّ، (2) أبقاه خزيًا في الدنيا، وأشدُّه عقوبة في الآخرة! (3) وايم الله، [ما حوتُ أخذه قوم فأكلوه، أعظم عند الله من قتل رجل مؤمن] ! (4) وللمؤمن أعظم حرمة عند الله من حوت، ولكن الله جعل موعدَ قومٍ الساعة (وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) ، [سورة القمر: 46] . 15285- حدثني يونس قال، أخبرنا سفيان، عن أبي موسى، عن الحسن قال: جاءتهم الحيتان تشرع في حياضهم كأنها المخاض، (5) فأكلوا والله أوخم أكلة أكلها قوم قط، (6) أسوأه عقوبة في الدنيا، وأشدُّه عذابًا في الآخرة! وقال (1) (1) (( الاهتمام )) ، يريد: الهم به، لا من (( الاهتمام )) بمعنى الاغتمام والحزن. وهو صريح القياس: (( اهتم بالأمر )) ، بمعنى (( هم به )) ، ولم تذكرها معاجم اللغة. (2) (2) استعمال (( قط )) مع غير النفي، أعنى في المثبت، مما أنكروه، وقد جاء في الكلام كثيراً، ونبه إليه ابن مالك في مشكلات الجامع الصحيح: 193، قال: (( وفي قوله: ونحن أكثر ما كنا قط، استعمال قط غير مسبوقة بنفي، وهو مما خفي على كثير من النحويين. لأن المعهود استعمالها لاستغراق الزمان الماضي بعد نفي، نحو: ما فعلت ذلك قط وقد جاءت في هذا الحديث دون نفي. وله نظائر )) . وانظر الخبر الآتي رقم 15285. (3) (3) قوله: (( أبقاه خزياً )) ، أعاد الضمير مع (( أفعل )) التفضيل بالإفراد والتذكير، وهي عائدة إلى (( أكلة )) ، وهي مؤنثة، وذلك صريح العربية، وقد مضت الإشارة إلى ذلك فيما سلف 5: 488، تعليق: 1: 5: 557، تعليق 1 / 6: 395، 396، تعليق: 2 / 7: 87، تعليق: 4 والأثر رقم: 14813. وكان في المطبوعة: (( أثقله خزياً )) ، والصواب من الدر المنثور 3: 138، وفي المخطوطة: (( أبقى خزياً في الدنيا، وأشد عقوبة في الآخرة )) . (4) (4) هذه الجملة التي بين القوسين في المطبوعة، ولم ترد في المخطوطة، ولا في الدر المنثور 3: 138، ونصها في المخطوطة: (( وايم الله، للمؤمن أعظم حرمة )) ، فلا أدرى، أهي زيادة من ناسخ لنسخة أخرى، أم سقطت من ناسخ نسختنا. (5) (5) في المخطوطة: (( كأنها المحاصر )) ، كما سلف في الخبر السالف، انظر ص 196، تعليق: 4 (6) (6) انظر التعليق السالف رقم: 3. الحسن: وقتل المؤمن والله أعظم من أكل الحيتان! 15286- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن عطاء قال: كنت جالسًا في المسجد، فإذا شيخ قد جاء وجلس الناسُ إليه، فقالوا: هذا من أصحاب عبد الله بن مسعود! قال: قال ابن مسعود: "واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر" الآية، قال: لما حرم عليهم السبت، كانت الحيتان تأتي يوم السبت، وتأمن فتجيء، (1) فلا يستطيعون أن يمسوها. وكان إذا ذهب السبت ذهبت، فكانوا يتصيّدون كما يتصيد الناس. فلما أرادوا أن يعدوا في السبت، اصطادوا، فنهاهم قوم من صالحيهم، فأبوا، وكَثَرَهم الفجَّار، (2) فأراد الفجار قتالهم، فكان فيهم من لا يشتهون قتاله، أبو أحدهم وأخوه أو قريبه. فلما نهوهم وأبوا، قال الصالحون: إذًا نُتَّهم! وإنا نجعل بيننا وبينهم حائطًا! (3) ففعلوا، فلما فقدوا أصواتهم قالوا: لو نظرتم إلى إخوانكم ما فعلوا! فنظروا، فإذا هم قد مُسخوا قردةً، يعرفون الكبير بكبره، والصغير بصغره، فجعلوا يبكون إليهم. وكان هذا بعد موسى صلى الله عليه وسلم. * * * (1) (1) في المطبوعة: (( وتجئ )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (2) (2) (( كثرهم الفجار )) ، أي: غلبوهم بكثرتهم. (3) (3) في المخطوطة: (( أدانهم، وأنا نجعل بيننا وبينكم حائطاً )) ، هكذا، فرأيت قراءتها كما أثبتها. أما في المطبوعة، فقد غير الجملة وغير ضمائرها فكتب: (( إذًا نباينهم، وأنا نجعل بيننا وبينهم حائطاً )) . وقوله (( إذا نتهم )) ، يعنى: إذا نتهم بما فعلتم من العدوان في السبت، ويأخذنا الله بالعقاب، ونحن براء مما فعلتم. القول في تأويل قوله: {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما تركت الطائفة التي اعتدت في السبت ما أمرها الله به من ترك الاعتداء فيه، وضيَّعت ما وَعظتْها الطائفة الواعظة وذكَّرتها به، (1) من تحذيرها عقوبةَ الله على معصيتها، فتقدّمت على استحلال ما حرم الله عليها (2) أنجى الله الذين ينهون منهم عن "السوء" = يعني عن معصية الله، واسْتحلال حِرْمه (3) = "وأخذنا الذين ظلموا" ، يقول: وأخذ الله الذين اعتدوا في السبت، فاستحلوا فيه ما حرَّم الله من صيد السمك وأكله، فأحلَّ بهم بأسَه، وأهلكهم بعذاب شديدٍ بئيس بما كانوا يخالفون أمر الله، (4) فيخرجون من طاعته إلى معصيته، وذلك هو "الفسق" . (5) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15287- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج في قوله: "فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء" ، قال: فلما نسُوا موعظة المؤمنين إياهم، الذين قالوا: "لم تعظون قومًا" . (1) (1) في المطبوعة: (( وذكرتها ما ذكرتها به )) زاد في الكلام ما لا حاجة إليه به، وخالف المخطوطة. (2) (2) انظر تفسير (( النسيان )) فيما سلف من فهارس اللغة (نسى) . (3) (3) (( الحرم )) (بكسر فسكون) ، (( هو الحرام )) . (4) (4) في المطبوعة: (( بما كانوا يفسقون يخالفون )) ، وقوله (( يفسقون )) كانت في المخطوطة، ولكنه ضرب عليها، فكان حقاً على الناشر أن يحذفها كما فعلت. (5) (5) انظر تفسير (( الفسق )) فيما سلف من فهارس اللغة (فسق) . 15288- حدثني محمد بن المثني قال، حدثنا حرمي قال، حدثني شعبة قال، أخبرني عمارة، عن عكرمة، عن ابن عباس: "أنجينا الذين ينهون عن السوء" قال: يا ليت شعري، ما السُّوء الذي نهوا عنه؟ * * * وأما قوله: "بعذاب بَئيس" ، فإنّ القرأة اختلفت في قراءته. فقرأته عامة قرأة أهل المدينة: (بِعَذَابٍ بِيسٍ) بكسر الباء وتخفيف الياء، بغير همز، على مثال "فِعْل" . * * * وقرأ ذلك بعضُ قرأة الكوفة والبصرة: (بِعَذَابٍ بَئِيسٍ) على مثل "فعيل" ، من "البؤس" ، بنصب الباء وكسر الهمزة ومدِّها. * * * وقرأ ذلك كذلك بعض المكيين، غير أنه كسر باء: (بِئِيسٍ) على مثال "فِعِيل" . * * * وقرأه بعض الكوفيين: (بَيْئِسٍ) بفتح الباء وتسكين الياء، وهمزة بعدها مكسورة، على مثال "فَيْعِل" . * * * = وذلك شاذ عند أهل العربية، لأن "فَيْعِل" إذا لم يكن من ذوات الياء والواو، فالفتح في عينه الفصيحُ في كلام العرب، وذلك مثل قولهم في نظيره من السالم: "صَيْقَل، ونَيْرَب" ، وإنما تُكْسر العين من ذلك في ذوات الياء والواو كقولهم: "سَيِّد" و "ميِّت" ، وقد أنشد بعضهم قول امرئ القيس بن عابسٍ الكنديّ: كِلاهُمَا كَانَ رَئيسًا بَيْئِسَا يَضْرِبُ فِي يَوْمِ الهِيَاجِ القَوْنَسَا (1) (1) (1) تفسير أبي حيان 4: 413. ![]()
__________________
|
#704
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (704) صــ 201 إلى صــ 220 بكسر العين من "فيعِل" ، وهي الهمزة من "بيئس" ، فلعلَّ الذي قرأ ذلك كذلك قرأه على هذه. * * * وذكر عن آخر من الكوفيين أيضًا أنه قرأه: (بَيْئَسٍ) ، نحو القراءة التي ذكرناها قبل هذه، وذلك بفتح الباء وتسكين الياء وفتح الهمزة بعد الياء، على مثال "فَيْعَل" مثل "صَيْقَل" . * * * وروي عن بعض البصريين أنه قرأه: (بَئِسٍ) بفتح الباء وكسر الهمزة، على مثال "فَعِل" ، كما قال ابن قيس الرقيَّات: لَيْتَنِي أَلْقَي رُقَيَّةَ فِي خَلْوَةٍ مِنْ غَيْرِ مَا بَئِسِ (1) * * * وروي عن آخر منهم أنه قرأ: (بِئْسَ) بكسر الباء وفتح السين، على معنى: بِئْسَ العذاب. * * * قال أبو جعفر: وأولى هذه القراءات عندي بالصواب، قراءةُ من قرأه: (بَئِيسٍ) بفتح الباء، وكسر الهمزة ومدّها، على مثال "فَعِيل" ، كما قال ذو الإصبع العَدْوانيّ: حَنَقًا عَلَيَّ، وَمَا تَرَى لِي فِيهِمُ أَثَرًا بَئيسَا (2) (1) (1) ديوانه: 386، والخزانة 3: 587، والعينى (بهامش الخزانة) 4: 379، ورواية صاحب الخزانة (( من غير ما أنس )) ، وشرحها فقال: (( الأنس، بفتحتين، بمعنى الإنس، بكسر الهمزة وسكون النون، وما زائدة، وفيه مضاف محذوف، تقديره: في غير حضور إنس )) ، وهذا في ظني، اجتهاد من صاحب الخزانة، وأن البيت مصحف صوابه ما في الطبري. وأما العينى، فكتب (( من غير ما يبس )) (بالياء ثم الباء) ، وهو تصحيف لا شك فيه، ومثله في الديوان منقولاً عنه. والصواب ما شرحه أبو جعفر. (2) (2) الأغاني 3: 102، 103، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 231 من شعر جيد في ابن عم له كان يعاديه، فكان يتدسس إلى مكارهه، ويؤلب عليه، ويسعى بينه وبين عمه، ويبغيه شراً، فقال فيه:وَليَ ابْنُ عَمٍّ لا يَزَا ... لُ إِلَىَّ مُنْكَرُه دَسِيسَا دَبَّتْ لَهُ، فأحَسَّ بَعْ ... دَ البُرْءِ مِنْ سَقَمٍ رَسِيسَا إِمَّا عَلانِيَةً، وَإِمَّا ... مُخْمِرًا أَكْلا وَهِيسًا إِنِّي رَأَيتُ بَني أَبِيـ ... ـــكَ يحمِّجُون إِليَّ شُوسَا حَنَقًا عَليَّ، ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وقوله: (( دبت له )) ، يعني العداوة. و (( الرسيس )) : أول الحمى، وقوله: (( مخمرا )) أي يستر ما يريد، (( أخمر الشيء )) : ستره. (( الأكل الوهيس )) : الشديد، يعنى ما يغتابه به ويأكل به لحمه. و (( التحميج )) ، إدامة النظر، والقلب كاره أو محنق. و (( الشوس )) جمع (( أشوس )) ، وهو الذي ينظر بمؤخر عينه مغيظاً يتحرق. وكان في المطبوعة: (( ولن ترى )) ، وأثبت ما في المخطوطة، وإنما جاء بها من الأغاني. = لأن أهل التأويل أجمعوا على أن معناه: شديد، فدلّ ذلك على صحة ما اخترنا. (1) * ذكر من قال ذلك: 15289- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن جريج قال، أخبرني رجل عن عكرمة، عن ابن عباس في قوله: "وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس" ،: أليم وجيع. 15290- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "بعذاب بئيس" ، قال: شديد. 15291- حدثني المثني قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "بعذاب بئيس" ، أليم شديد. 15292- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "بعذاب بئيس" قال: موجع. 15293- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "بعذاب بئيس" ، قال: بعذاب شديد. (1) انظر تفسير "البائس" فيما سلف 12: 304، تعليق: 2، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله: {فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما تمرَّدوا، فيما نهوا عنه من اعتدائهم في السبت، واستحلالهم ما حرَّم الله عليهم من صيد السمك وأكله، وتمادوا فيه (1) "قلنا لهم كونوا قردة خاسئين" ، أي: بُعَداء من الخير. (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15294- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "فلما عتوا عما نهوا عنه" ، يقول: لما مَرَد القوم على المعصية= "قلنا لهم كونوا قردة خاسئين" ، فصارُوا قردةً لها أذناب، تعاوى، بعدما كانوا رجالا ونساءً. 15295- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: "فلما عتوا عما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين" ، فجعل الله منهم القردة والخنازير. فزعم أن شباب القوم صارُوا قردةً، وأن المشيخة صاروا خنازيرَ. 15296- حدثني المثني قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن السدي، عن أبي مالك أو سعيد بن جبير قال: رأى موسى عليه السلام رجلا يحمل قصَبًا يوم السبت، فضرب عنقه. * * * (1) (1) انظر تفسير (( عتا )) فيما سلف 12: 543. (2) (2) انظر تفسير (( خسأ )) فيما سلف 2: 174، 175. القول في تأويل قوله: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ} قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: "وإذ تأذن" ، واذكر، يا محمد، إذ آذن ربك، وأعلم. (1) * * * =وهو "تفعل" من "الإيذان" ، كما قال الأعشى، ميمون بن قيس: أَذِنَ اليَوْمَ جِيرَتِي بِخُفُوفِ صَرَمُوا حَبْلَ آلِفٍ مَأْلُوفِ (2) يعني بقوله: "أذِن" ، أعلم. وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع. (3) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15297- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: "وإذ تأذن ربك" ، قال: أمرَ ربك. 15298- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد: "وإذ تأذن ربك" ، قال: أمر ربك. * * * وقوله: "ليبعثن عليهم" ، يعني: أعلم ربك ليبعثن على اليهود من يسومهم سوء (1) (1) كان في المطبوعة: (( إذ أذن ربك فأعلم )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (2) (2) ديوانه: 211، مطلع قصيدة له طويلة. وفي الديوان المطبوع (( بحفوفي )) ، وهو خطأ صرف، صوابه في مصورة ديوانه. و (( الخفوف )) مصدر قولهم: (( خف القوم عن منزلهم خفوفاً )) ، ارتحلوا، أو أسرعوا في الارتحال، وفي خطبته صلى الله عليه وسلم في مرضه: (( أيها الناس، إنه قد دنا منى خفوف من بين أظهركم )) ، أي قرب ارتحال، منذراً صلى الله عليه وسلم بموته. (3) (3) انظر تفسير (( الإذن )) فيما سلف 11: 215، تعليق: 2، والمراجع هناك. العذاب. (1) قيل: إن ذلك، العربُ، بعثهم الله على اليهود، يقاتلون من لم يسلم منهم ولم يعط الجزية، ومن أعطى منهم الجزية كان ذلك له صغارًا وذلة. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15299- حدثني المثني بن إبراهيم وعلي بن داود قالا حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" ، قال: هي الجزية، والذين يسومونهم: محمد صلى الله عليه وسلم وأمّته، إلى يوم القيامة. 15300- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" ، فهي المسكنة، وأخذ الجزية منهم. 15301- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" ، قال: يهود، وما ضُرب عليهم من الذلة والمسكنة. 15302- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" ، قال: فبعث الله (1) (1) انظر تفسير (( البعث )) فيما سلف من فهارس اللغة (بعث) ، وأخشى أن يكون الصواب: (( يعنى: أعلم ربك ليرسلن على اليهود )) . عليهم هذا الحيَّ من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة. 15303- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم" ، قال: بعث عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة. = وقال عبد الكريم الجزريّ: يُستحبُّ أن تُبعث الأنباط في الجزية. (1) 15304- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم" ، قال: العرب= "سوء العذاب" ، قال: الخراج. وأوّلُ من وضع الخراج موسى عليه السلام، فجبى الخراجَ سبعَ سنين. 15305- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم" ، قال: العرب= "سوء العذاب" ؟ قال: الخراج. قال: وأول من وضع الخراج موسى، فجبى الخراج سبعَ سنين. 15306- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" ، قال: هم أهل الكتاب، بعث الله عليهم العرب يجبُونهم الخراجَ إلى يوم القيامة، فهو سوء العذاب. ولم يجب نبيٌّ الخراجَ قطُّ إلا مُوسى صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنةً، ثم أمسك، وإلا النبي صلى الله عليه وسلم. 15307- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" ، قال: يبعث عليهم هذا الحي من العرب، فهم في عذاب منهم إلى يوم القيامة. 15308- قال أخبرنا معمر قال، أخبرني عبد الكريم، عن (1) (1) القائل: (( قال عبد الكريم الجزرى ... )) ، إلى آخر الكلام، هو (( معمر )) ، وسيأتي بيان ذلك ومصداقه في ا "لأثر رقم: 15308، رواية معمر، عن عبد الكريم، عن ابن المسيب." ابن المسيب قال: يستحبُّ أن تبعث الأنباط في الجزية. (1) 15309- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط عن السدي: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب" ، يقول: إن ربك يبعث على بني إسرائيل العرب، فيسومونهم سوء العذاب، يأخذون منهم الجزية ويقتلونهم. 15310- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة" ، ليبعثن على يَهُود. * * * القول في تأويل قوله: {إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن ربك يا محمد، لسريعٌ عقابه إلى من استوجَب منه العقوبة على كفره به ومعصيته= "وإنه لغفور رحيم" ، يقول: وإنه لذو صفح عن ذنوب من تاب من ذنوبه، فأناب وراجع طاعته، يستر عليها بعفوه عنها= "رحيم" ، له، أن يعاقبه على جرمه بعد توبته منها، لأنه يقبل التوبة ويُقِيل العَثْرة. (2) * * * (1) (1) الأثر: 15308 - انظر ختام الأثر السالف رقم: 15303. (2) (2) انظر تفسير (( سريع العقاب )) ، و (( غفور )) ،و (( رحيم )) فيما سلف من فهارس اللغة (سرع) و (غفر) و (رحم) . القول في تأويل قوله: {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وفرّقنا بني إسرائيل في الأرض (1) = "أممًا يعني: جماعات شتى متفرِّقين، (2) كما: -" 15311- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: "وقطعناهم في الأرض أممًا" ، قال: في كل أرض يدخلها قومٌ من اليهود. (3) 15312- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "وقطعناهم في الأرض أممًا" ، قال: يهود. * * * وقوله: "منهم الصالحون" ، يقول: من هؤلاء القوم الذين وصفهم الله من بني إسرائيل= "الصالحون" ، يعني: من يؤمن بالله ورسله= "ومنهم دون ذلك" ، يعني: دون الصالح. وإنما وصفهم الله جل ثناؤه بأنهم كانوا كذلك قبل ارتدادِهم عن دينهم، وقبل كفرهم بربهم، وذلك قبل أن يبعث فيهم عيسى ابن مريم صلوات الله عليه. * * * وقوله: "وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون" ، يقول: واختبرناهم بالرخاء في العيش، (4) والخفض في الدنيا والدعة، والسعة في الرزق، وهي (1) (1) انظر تفسير (( قطع )) فيما سلف ص: 164. (2) (2) انظر تفسير (( أمة )) فيما سلف ص: 184، تعليق: 3، والمراجع هناك. (3) (3) الأثر: 15311 - (( إسحق بن إسماعيل )) ، هو (( أبو يزيد )) (( حبويه )) ، انظر ما سلف رقم: 15221، والتعليق عليه هناك. (4) (4) انظر تفسير (( الابتلاء )) فيما سلف من فهارس اللغة (بلا) . "الحسنات" التي ذكرها جل ثناؤه (1) ويعني ب "السيئات" ، الشدة في العيش، والشظف فيه، والمصائب والرزايا في الأموال (2) = "لعلهم يرجعون" ، يقول: ليرجعوا إلى طاعة ربهم وينيبوا إليها، ويتوبوا من معاصيه. * * * القول في تأويل قوله: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فخلف من بعد هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم (3) = "خلف" يعني: خَلف سوء. يقول: حدث بعدهم وخلافَهم، وتبدل منهم، بَدَلُ سَوْءٍ. * * * يقال منه: "هو خَلَف صِدْقٍ" ، "وخَلْفُ سَوْءٍ" ، وأكثر ما جاء في المدح بفتح "اللام" ، وفي الذم بتسكينها، وقد تحرَّك في الذم، وتسكّن في المدح، ومن ذلك في تسكينها في المدح قول حسان: لَنَا القَدَمُ الأُولَى إلَيْكَ، وَخَلْفُنَا لأَوَّلِنَا فِي طَاعَةِ اللهِ تَابِعُ (4) (1) (1) انظر تفسير (( الحسنات )) فيما سلف من فهارس اللغة (حسن) . (2) (2) انظر تفسير (( السيئات )) فيما سلف من فهارس اللغة (سوأ) . (3) (3) انظر تفسير (( خلف )) فيما سلف ص: 122، تعليق: 1، والمراجع هناك. (4) (4) ديوانه: 254، وسيرة ابن هشام 3: 283 واللسان (خلف) ، وسيأتي في التفسير 11: 59 بولاق، من قصيدة بكى فيها سعد بن معاذ، في يوم بنى قريظة ورجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشهداء. وقوله: (( القدم الأولى )) ، يعنى سابقة الأنصار في الإسلام.وروى السيرة: (( في ملة الله تابع )) . وأحسب أنّه إذا وُجّه إلى الفساد، مأخوذ من قولهم: "خَلَف اللبن" ، إذا حمض من طُول تَركه في السقاء حتى يفسد، فكأنَّ الرجل الفاسد مشبَّهٌ به. وقد يجوز أن يكون منه قولهم (1) "خَلَف فم الصائم" ، إذا تغيرت ريحه. وأما في تسكين "اللام" في الذمّ، فقول لبيد: ذَهَبَ الَّذِينَ يُعَاشُ فِي أَكْنَافِهِمْ وَبَقِيتُ فِي خَلْفٍ كَجِلْدِ الأَجْرَبِ (2) * * * وقيل: إن الخلف الذي ذكر الله في هذه الآية أنهم خَلَفوا من قبلهم، هم النصارى. * ذكر من قال ذلك: 15313- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: "فخلف من بعدهم خلف" ، قال: النصارى. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله تعالى (1) (1) في المطبوعة والمخطوطة: (( منه قولهم )) ، وهو خطأ. (2) (2) ديوانه، القصيدة: 8، واللسان (خلف) ، وغيرها كثير. يرثي بها أربد، صاحبه وابن عمه، قال:قَضِّ اللُّبَانَةَ لا أَبَالَكَ وَاذْهبِ ... وَالْحَقْ بأُسْرَتِكَ الكِرام الغُيَّبِ ذَهَبَ الَّذِين ... ذَهَبَ الَّذِين يَتَأَكَّلُونَ مَغَالَةً وَخِيَانَةً ... وَيُعَابُ قَائلُهُمْ وَإِنْ لَمْ يَشْغَبِ يَا أرْبَدَ الخَيْرِ الكريمُ جُدُودُهُ ... خَلَّيْتَني أَمْشِي بِقَرْنٍ أعْضَبِ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . إنَّ الرَّزِيَّةَ، لا رَزِيَّةَ مِثْلُهَا ... فِقْدَانُ كُلَّ أَخٍ كَضَوْءِ الكَوْكَبِ (( المغالة )) الفحش في العداوة والوشاية عن تعاديه، و (( القرن الأعْضب )) ، المكسور، يعنى أنه قد فتر حده بموت أربد. ![]()
__________________
|
#705
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (705) صــ 211 إلى صــ 220 ذكره، إنما وصف أنه خَلَف القومَ الذين قصّ قصصهم في الآيات التي مضت، خَلْف سوءِ رديء، ولم يذكر لنا أنهم نصارى في كتابه، وقصتهم بقصص اليهود أشبه منها بقصص النصارى. وبعدُ، فإن ما قبل ذلك خبرٌ عن بني إسرائيل، وما بعده كذلك، فما بينهما بأن يكون خبرًا عنهم أشبه، إذ لم يكن في الآية دليل على صرف الخبر عنهم إلى غيرهم، ولا جاء بذلك دليل يوجب صحة القول به. * * * فتأويل الكلام إذًا: فتبدَّل من بعدهم بَدَل سوء، ورثوا كتاب الله فَعُلِّموه، (1) وضيعوا العمل به، فخالفوا حكمه، يُرْشَون في حكم الله، فيأخذون الرشوة فيه من عَرَض هذا العاجل "الأدنى" ، (2) يعني ب "الأدنى" : الأقرب من الآجل الأبعد. (3) ويقولون إذا فعلوا ذلك: إن الله سيغفر لنا ذنوبنا، تمنِّيًا على الله الأباطيل، كما قال جل ثناؤه فيهم: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ) ، [سورة البقرة: 79] = "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" ، يقول: وإن شرع لهم ذنبٌ حرامٌ مثله من الرشوة بعد ذلك، (4) أخذوه واستحلوه ولم يرتدعوا عنه. يخبر جل ثناؤه عنهم أنهم أهل إصرار على ذنُوبهم، وليسوا بأهل إنابة ولا تَوْبة. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت عنه عباراتهم. (1) (1) في المطبوعة: (( تعلموه )) وصواب قراءة ما في المخطوطة، هو ما أثبت (2) (2) انظر تفسير (( عرض الدنيا )) فيما سلف 9: 71. (3) (3) انظر تفسير (( الأدنى )) فيما سلف 2: 131. (4) (4) في المخطوطة: (( وإن شرع لهم ذنباً )) ، سيئة الكتابة، والذي في المطبوعة ليس يبعد عن الصواب، وإن كنت غير راض عنه. * ذكر من قال ذلك: 15314- حدثنا أحمد بن المقدام قال، حدثنا فضيل بن عياض، عن منصور، عن سعيد بن جبير في قوله: "يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عَرَض مثله يأخذوه" ، قال: يعملون الذنب، ثم يستغفرون الله، فإن عرض ذلك الذنب أخذوه. 15315- حدثنا ابن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن منصور، عن سعيد بن جبير: "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" ، قال: من الذنوب. 153116- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير: "يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا" ، قال: يعملون بالذنوب = "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" ،: قال: ذنبٌ آخر، يعملون به. 15317- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن سعيد بن جبير: "يأخذون عرض هذا الأدنى" ، قال: الذنوب= "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" ، قال: الذنوب. 15318- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (يأخذون عرض هذا الأدنى) قال: ما أشرف لهم من شيء في اليوم من الدنيا حلالٌ أو حرام يشتهونه أخذوه، ويبتغون المغفرة، فإن يجدوا الغد مثلَه يأخذوه. 15319- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه= إلا أنه قال: يتمنَّون المغفرة. 15320- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد، عن مجاهد: "يأخذون عرض هذا الأدنى" ، قال: لا يشرف لهم شيء من الدنيا إلا أخذوه، حلالا كان أو حرامًا، ويتمنون المغفرة، ويقولون: "سيغفر لنا" ، وإن يجدوا عرضًا مثله يأخذوه. 15321- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "فخلف من بعدهم خلف" ، إي والله، لَخَلْفُ سَوْء ورِثوا الكتابَ بعد أنبيائهم ورسلهم، ورَّثهم الله وَعهِد إليهم، وقال الله في آية أخرى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) ، [سورة مريم: 59] ، قال: "يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا" ، تمنوا على الله أمانيّ، وغِرّةٌ يغتَرُّون بها. = "وإن يأتهم عرض مثله" ، لا يشغلهم شيء عن شيء ولا ينهاهم عن ذلك، (1) كلما أشرف لهم شيء من الدنيا أكلوه، لا يبالون حلالا كان أو حرامًا. 15322- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "يأخذون عرض هذا الأدنى" ، قال: يأخذونه إن كان حلالا وإن كان حرامًا= "وإن يأتهم عرض مثله" ، قال: إن جاءهم حلال أو حرامٌ أخذوه. 15323- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله: "فخلف من بعدهم خلف" إلى قوله: "ودرسوا ما فيه" ، قال: كانت بنو إسرائيل لا يستقضون قاضيًا إلا ارتشى في الحكم، وإن خيارهم اجتمعُوا، فأخذ بعضهم على بعض العهود أن لا يفعلوا ولا يرتشوا، (2) فجعل الرجل منهم إذا استُقْضِي ارتشى، فيقال له: ما شأنك ترتشي في الحكم؟ فيقول: سيغفر لي! فيطعن عليه البقية الآخرون من بني إسرائيل فيما صنع. فإذا مات، أو نزع، وجعل مكانه رجل ممن كان يطعن عليه، فيرتشي. يقول: وإن يأت الآخرين عرضُ الدنيا يأخذوه. وأما "عرض الأدنى" ، فعرض الدنيا من المال. 15324- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي (1) (1) في المخطوطة: (( لا يسلعهم شيء ... )) سيئة الكتابة، وكأن ما في المطبوعة صواب. (2) (2) في المخطوطة: (( ولا يرتشى )) ، والصواب ما في المطبوعة. قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا" ، يقول: يأخذون ما أصابوا ويتركون ما شاءوا من حلال أو حرام، ويقولون: "سيغفر لنا" . 15325- وحدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "يأخذون عرض هذا الأدنى" ، قال: الكتاب الذي كتبوه= "ويقولون سيغفر لنا" ، لا نشرك بالله شيئًا= "وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" ، يأتهم المحقّ برشوة فيخرجوا له كتاب الله، ثم يحكموا له بالرشوة. وكان الظالم إذا جاءهم برشوة أخرجوا له "المثنّاة" ، وهو الكتاب الذي كتبوه، فحكموا له بما في "المثنّاة" ، بالرشوة، فهو فيها محق، وهو في التوراة ظالم، فقال الله: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ) . 15326- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن منصور، عن سعيد بن جبير قوله: "فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى" ، قال: يعملون بالذنوب= "ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه" ، قال: الذنوب. * * * القول في تأويل قوله: {أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ (169) } وقال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "ألم يؤخذ" ، على هؤلاء المرتشين في أحكامهم، القائلين: "سيغفر الله لنا فعلنا هذا" ، إذا عوتبوا على ذلك= "ميثاقُ الكتاب" ، وهو أخذ الله العهود على بني إسرائيل، بإقامة التوراة، والعمل بما فيها. فقال جل ثناؤه لهؤلاء الذين قص قصتهم في هذه الآية، موبخًا على خلافهم أمرَه، ونقضهم عهده وميثاقه: ألم يأخذ الله عليهم ميثاق كتابه، (1) ألا يقولوا على الله إلا الحق، ولا يُضيفوا إليه إلا ما أنزله على رسوله موسى صلى الله عليه وسلم في التوراة، وأن لا يكذبوا عليه؟ كما: - 15327- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال ابن عباس: "ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب ألا يقولوا على الله إلا الحق" ، قال: فيما يوجبون على الله من غُفران ذنوبهم التي لا يَزَالون يعودون فيها ولا يَتُوبون منها. * * * وأما قوله: "ودرسوا ما فيه" ، فإنه معطوف على قوله: "ورثوا الكتاب" ، ومعناه: "فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب" ، "ودرسوا ما فيه" = ويعني بقوله: "ودرسوا ما فيه" ، قرأوا ما فيه، (2) يقول: ورثوا الكتاب فعلموا ما فيه ودرسوه، فضيعوه وتركوا العمل به، وخالفوا عهد الله إليهم في ذلك، كما: - 15328- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "ودرسوا ما فيه" ، قال: علّموه، علّموا ما في الكتاب الذي ذكر الله، وقرأ: (بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) ، [سورة آل عمران: 79] . * * * قال أبو جعفر: "والدار الآخرة خير للذين يتقون" ، يقول جل ثناؤه: وما في الدار الآخرة، وهو ما في المعادِ عند الله، (3) مما أعدّ لأوليائه، والعاملين بما أنزل في كتابه، المحافظين على حدوده= "خير للذين يتقون الله" ، (4) ويخافون (1) (1) انظر تفسير (( الميثاق )) فيما سلف 10: 110، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) (2) انظر تفسير (( درس )) فيما سلف 6: 546 / 12: 25 - 31 / 12: 241. (3) (3) انظر تفسير (( الدار الآخرة )) فيما سلف من فهارس اللغة (أخر) . (4) (4) انظر تفسير (( التقوى )) فيما سلف من فهارس اللغة (وقى) . عقابه، فيراقبونه في أمره ونهيه، ويطيعونه في ذلك كله في دنياهم= "أفلا يعقلون" ، (1) يقول: أفلا يعقل هؤلاء الذين يأخذون عرض هذا الأدنى على أحكامهم، ويقولون: "سيغفر لنا" ، أنَّ ما عند الله في الدار الآخرة للمتقين العادِلين بين الناس في أحكامهم، خير من هذا العرض القليل الذي يستعجلونه في الدنيا على خلافِ أمر الله، والقضاء بين الناس بالجور؟ * * * القول في تأويل قوله: {وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ (170) } قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأ بعضهم: (يُمْسِكُونَ) بتخفيف الميم وتسكينها، من "أمْسك يمسك" . * * * وقرأه آخرون: (يُمَسِّكُونَ) ، بفتح الميم وتشديد السين، من "مَسَّك يُمَسِّك" . * * * قال أبو جعفر: ويعني بذلك: والذين يعملون بما في كتاب الله= "وأقاموا الصلاة" ، بحدودها، ولم يضيعوا أوقاتها (2) = "إنا لا نضيع أجر المصلحين" . يقول تعالى ذكره: فمن فعل ذلك من خلقي، فإني لا أضيع أجر عمله الصالح، كما: - 15329- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد: "والذين يمسكون بالكتاب" ، قال: كتاب الله الذي جاء به موسى عليه السلام. (1) (1) قراءة أبي جعفر كما هو بين {أَفَلا يَعْقِلُونَ} بإلياء، وتفسيره جرى عليها، فلذلك تركتها هنا كما فسرها، وإن كنت قد وضعت الآية فيما سلف برسم مصحفنا وقراءتنا. ولم يشر أبو جعفر إلى هذه القراءة. (2) (2) انظر تفسير (( إقامة الصلاة )) في فهارس اللغة (قوم ) ) . 15330- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال، قال مجاهد قوله: "والذين يمسكون بالكتاب" ، من يهود أو نصارى= "إنا لا نضيع أجر المصلحين" . * * * القول في تأويل قوله: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (171) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر، يا محمد، إذ اقتلعنا الجبل فرفعناه فوق بني إسرائيل، كأنه ظلة غمام من الظلال= وقلنا لهم: "خذوا ما آتيناكم بقوة" ، من فرائضنا، وألزمناكم من أحكام كتابنا، فاقبلوه، اعملوا باجتهاد منكم في أدائه، من غير تقصير ولا توانٍ (1) = "واذكروا ما فيه" ، يقول ما في كتابنا من العهود والمواثيق التي أخذنا عليكم بالعمل بما فيه = "لعلكم تتقون" ، يقول: كي تتقوا ربكم، فتخافوا عقابه بترككم العمل به إذا ذكرتم ما أخذ عليكم فيه من المَواثيق. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15331- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة" ، فقال لهم موسى: خذوا ما آتيناكم بقوة "، يقول: من العمل بالكتاب، وإلا خَرَّ عليكم" (1) (1) انظر تفسير (( بقوة )) فيما سلف 1: 160، 161، 356، 357، وسائر فهارس اللغة (قوى) . الجبل فأهلككم! فقالوا: بل نأخذ ما آتانا الله بقوّة! ثم نكثُوا بعد ذلك. 15332- حدثني المثني قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي عن ابن عباس قوله: "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة" ، فهو قوله: (وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ) ، [سورة النساء: 154] ، فقال: "خذوا ما آتيناكم بقوة" ، وإلا أرسلته عليكم. 15333- حدثني إسحاق بن شاهين قال، حدثنا خالد بن عبد الله، عن داود، عن عامر، عن ابن عباس قال: إنّي لأعلم خَلْقِ الله لأيِّ شيء سجدت اليهود على حَرْفِ وُجوههم: لما رفع الجبل فوقهم سَجَدُوا، وجعلوا ينظرون إلى الجبل مخافةَ أن يقع عليهم. قال: فكانت سجدةً رضيها الله، فاتخذوها سُنَّة. (1) 15334- حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا داود، عن عامر، عن ابن عباس، مثله. 15335- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: "وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم خذوا ما آتيناكم بقوة" ، أي: بجدّ= "واذكروا ما فيه لعلكم تتقون" ، جبل نزعه الله من أصله ثم جعله فوق رؤوسهم، فقال: لتأخذُنّ أمري، أو لأرمينَّكم به! 15336- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال مجاهد: "وإذ نتقنا الجبل" ، قال: كما تنتق الزُّبْدَة (2) (1) (1) الأثر: 15333 - (( إسحق بن شاهين الواسطي )) ، شيخ أبي جعفر، لم أجد له ترجمة، ومضى برقم: 7211، 9788. و (( خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن المزني الواسطى )) ، مضى برقم: 7211. و (( داود )) هو (( داود بن أبي هند )) . و (( عامر )) هو الشعبى. (2) (2) في المطبوعة: (( كما تنتق الربذة )) ، وهي في المخطوطة غير منقوطة، فأساء إعجامها غاية الإساءة. ونتق الزبدة )) ، هو أن تنفض السقاء لكي تقتلع منه زبدته. = قال ابن جريج: كانوا أبوا التوراة أن يقبلوها أو يؤمنوا بها= "خذوا ما آتيناكم بقوّة" ، قال: يقول: لتؤمنن بالتوراة ولتقبلُنَّها، أو ليقعَنَّ عليكم. 15337- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله قال: هذا كتاب الله، أتقبلونه بما فيه، فإن فيه بيانُ ما أحلَّ لكم وما حرَّم عليكم، وما أمركم وما نهاكم! قالوا: انشُرْ علينا ما فيها، فإن كانت فرائضها يسيرةً وحدودها خفيفةً، قبلناها! قال: اقبلوها بما فيها! قالوا: لا حتى نعلم ما فيها، كيف حدودها وفرائضها! فراجعوا موسى مرارًا، فأوحى الله إلى الجبل فانقلع فارتفع في السماء، حتى إذا كان بين رؤوسهم وبين السماء قال لهم موسى: ألا ترون ما يقول ربِّي؟ "لئن لم تقبلوا التوراةَ بما فيها لأرمينَّكم بهذا الجبل" . قال: فحدثني الحسن البصريّ، قال: لما نظروا إلى الجبل خرَّ كلُّ رجل ساجدًا على حاجبه الأيسر، ونظر بعينه اليُمْنَى إلى الجبلِ، فَرَقًا من أن يسقط عليه، فلذلك ليس في الأرض يهوديُّ يسجدُ إلا على حاجبه الأيسر، يقولون: هذه السجدة التي رُفِعت عنا بها العقوبة= قال أبو بكر: فلما نشر الألواح فيها كتاب الله كتَبَه بيده، لم يبقَ على وجه الأرض جبلٌ ولا شجرٌ ولا حجرٌ إلا اهتزّ، فليس اليوم يهوديّ على وجه الأرضِ صغيرٌ ولا كبير تقرأ عليه التوراة إلا اهتزّ، ونَفضَ لها رأسَه. * * * قال أبو جعفر: واختلف أهل العلم بكلام العرب في معنى قوله: "نتقنا" . فقال بعض البصريين (1) معنى "نتقنا" ، رفعنا، واستشهد بقول العجاج: يَنْتُقُ أَقْتَادَ الشَّلِيلِ نَتْقَا (2) (1) (1) هو أبو عبيدة، كما يظهر لك من التخريج الآتي. (2) (2) ديوانه: 40، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 232، من آبيات يذكر فيها بعيره وسرعته وشدة سيره. و (( الشليل )) ، الحلس، أو مسح من شعر أو صوف يجعل على عجز البعير وراء الرحل. و (( الأقتاد )) جمع (( قتد )) (بفتحتين) . خشب الرحل. وكان في المطبوعة: (( السليل )) ، تابع المخطوطة، وهي غير منقوطة وقال: يعني بقوله: "ينتق" ، يرفعها عن ظهره، وبقول الآخر: (1) *وَنَتَقُوا أحْلامَنَا الأثَاقِلا* (2) وقد حكي عن قائل هذه المقالة قول آخر: (3) وهو أن أصل "النتق" و "النُّتُوق" ، كل شيء قلعته من موضعه فرميت به، يقال منه: "نَتَقْتُ نَتْقًا" . قال: ولهذا قيل للمرأة الكثيرة [الولد] : "ناتق" ، (4) لأنها ترمي بأولادها رَمْيًا، واستشهد ببيت النابغة: لم يحرموا حسن الغذاء وأمهم دحقت عليك بناتق مذكار (5) * * * (1) (1) هو رؤبه بن العجاج. (2) (2) ديوانه: 122، ومجاز القرآن 1: 232، واللسان (نتق) ، من أرجوزة تمدح فيها بقومه، ثم مدح سليمان بن علي، قال في ذكر قومه: فالنَّاسُ إنْ فَصَّلْتَهُمْ فَصَائِلا ... كُلُّ إلَيْنَا يَبْتَغِي الوَسَائِلا قَدْ جَرِّبُوا أَخْلاقَنَا الجَلائِلا ... وَنَتَقُوا أَحْلامَنَا الأثاقِلا فَلَمْ يَرَ النَّاسُ لَنَا مُعَادِلا ... أَكْثَرَ عِزًّا وَأَعَزَّ جَاهِلا و (( الأثاقل )) جمع (( الأثقل )) ، يعنى أثقل من سائر أحلام الناس، كما يقال (( الأكابر )) ، و (( الأصاغر )) ، و (( الأماثل )) (3) (3) يعني أبا عبيدة أيضا، ولم أجده في موضع آخر فيما طبع من مجاز القرآن. (4) (4) في المطبوعة والمخطوطة: (( للمرأة الكبيرة )) وهو لا يصح، وإنما أسقط الناسخ ما أثبته بين القوسين، والصواب ما أثبت. (5) (5) ديوانه: 50، واللسان (دحق) و (نتق) ، من قصيدتة التي قالها في زرعة بن عمرو بن خويلد، حين لقى النابغة بعكاظ، فأشار عليه أن يشير علي قومه بني ذبيان بترك حلف بني أسد، فأبي النابغة الغدر، فتهدده زرعة وتوعده، فلما بلغه تهدده، ذمه وهجاه، ومجد بني أسد، فقال في أول شعره: نُبِّئتُ زُرْعَةَ، وَالسَّفَاهَةُ كَاسْمِهَا ... يُهْدِي إلَيَّ غَرَائِبَ الأَشْعَارِ ثم يقول في ذكر الغاضريين من بني أسد حلفاء بني ذبيان:وَالغَاضِرِيًّونَ الَّذِينَ تَحَمَّلُوا ... بِلِوَائِهِمْ سَيْرًا لِدَارِ قَرار تَمْشِي بِهِمْ أُدْمٌ كَأنَّ رِحَالِهَا ... عَلَقُ هُرِيقَ عَلَى مُتُونِ صُوَارِ . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . جَمْعًا يَظَلُّ بِهِ الفَضَاءُ مُعَضِّلا ... يَدَعُ الإِكامَ كأنَّهنَّ صَحَارِي لَمْ يُحْرَمُوا ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . يصفهم في البيت الأخير بالنعمة، ولين العيش، وأن أمهاتهم عشن بخير معيشة، فكثر ولدهن. وقوله: (( دحقت )) ، وذلك أن المرأة إذا ولدت ولدها بعضهم في إثر بعض قيل: (( دحقت )) ، (( مذكار )) تلد الذكور. ورواية الديوان وغيره: (( طفحت عليك )) ، أي: أتسعت بولدها وغلبت، كما يطفح الماء فيغطي ما حوله ويغرقه. ![]()
__________________
|
#706
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (706) صــ 221 إلى صــ 230 وقال آخر: معناه في هذا الموضع: رفعناه. وقال: قالوا: "نَتَقَني السَّيرُ" : حرَّكني. وقال: قالوا: "ما نَتَق برجْلِه لا يركُض" ، و "النتق" : نتق الدابة صاحبها حين تعدُو به وتتعبه حتى يربو، فذلك "النَّتق" و "النتوق" ، و "نتقتني الدَّابة" ، و "نتقت المرأة تنْتُق نُتوقًا" : كثر ولدها. * * * وقال بعض الكوفيين: "نتقنا الجبل" ، عَلَّقنا الجبل فوقهم فرفعناه، ننتقه نتقًا، و "امرأة مِنْتاق" ، كثيرة الولد: قال: وسمعت "أخذ الجراب، فنتق ما فيه" ، (1) إذا نثر ما فيه. (2) * * * (1) في المطبوعة: (( ونتق )) بالواو، وأثبت. في المخطوطة. (2) لم يفسر أبو جعفر (( الظل )) ، فانظر تفسيرها فيما سلف 4: 261، 262. القول في تأويل قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: واذكر يا محمد ربَّك إذ استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم، فقرَّرهم بتوحيده، وأشهد بعضهم على بعض شهادَتَهم بذلك، وإقرارَهم به. (1) كما:- 15338 - حدثني أحمد بن محمد الطوسي قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا جرير بن حازم، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنَعْمَان =يعني عرفة= فأخرج من صلبه كل ذرّية ذرأها، فنثرهم بين يديه كالذرِّ، ثم كلمهم قَبَلا (2) فقال:" ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا ... "الآية، إلى (ما فعل المبطلون) ،" . (3) (1) مضى أثر في تفسير هذه الآية، برقم: 10855: لم يذكر هنا. وهو في اختصار أبي جعفر، مضى في الصفحة السابقة. (2) في المطبوعة: (( فتلا، فقال )) ، لم يحسن قراءة المخطوطة، فظنه من التلاوة، والصواب ما أثبته. يقال: (( كلمه الله قبلا )) أي عيانا ومقابلة لا من وراء حجاب، وقد مضى تفسير هذا الحرف فيما سلف من الأخبار 1: 514، تعليق: 1 / 4: 266، تعليق: 3 / 9: 231، تعليق: 3. (3) الأثر: 15338 - خبر ابن عباس هذا، من حديث كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، رواه أبو جعفر بخمسة أسانيد: هذا، ورقم: 15339 - 15341، ثم رقم 15350. وهذا الأول هو المرفوع وحده، وسائرها موقوف على ابن عباس. ورواه أبو جعفر بإسناده هذا مرفوعا في التاريخ 1: 67. ورواه مرفوعا أحمد في مسنده رقم: 2455، من طريق حسين بن محمد، وهو طريق أبي جعفر. ورواه مرفوعا أيضا، الحاكم في المستدرك 1: 27، من طريق إبراهيم بن مرزوق البصري، عن وهب بن جرير بن حازم، عن جرير بن حازم، بمثله، وقال: (( هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وقد احتج مسلم، بكلثوم بن جبر )) ، ووافقه الذهبي، ثم رواه في المستدرك 2: 544 من طريق الحسين بن محمد المروروذى، عن جرير بن حازم، وصححه، ووافقه الذهبي. وذكره مرفوعا "، الهيثمى في مجمع الزوائد 7: 5 2 / 7: 188، 189، وقال: (( رواه احمد، ورجاله رجال الصحيح )) ." وأما من رواه موقوفا "فابن جرير بالأسانيد التالية: 15339 - 15341، 15350، وابن سعد في الطبقات 1 / 1 / 8، من طريق ابن علية عن كلثوم، ومن طريق حماد بن زيد، عن كلثوم." وذكره ابن كثير في تفسيره 3 / 584، 585، وفي تاريخه 1: 90، وأطال الكلام في تعليله، وجعل كثرة رواة وقفه علة في رد رواية من رفعه، وقال في ص: 9 8 5، انه قد بين انه موقوف لا مرفوع، فقال أخي السيد احمد في شرح المسند: (( وكأن ابن كثير يريد تعليل المرفوع بالموقوف، وما هذه بعلة، والرفع زيادة من ثقة، فهي مقبولة صحيحة )) . وقال أيضاً: (( إسناده صحيح )) . ثم انظر تخريج الآثار التالية ورواة الخبر هم: (( احمد بن محمد الطوسى )) ، هو (( احمد بن محمد بن قيزك بن حبيب الطوسي )) ، شيخ الطبري، ثقة. مضى برقم: 3883، 5493، 8870. و (( حسين بن محمد بن بهرام التميمى )) ، ويقال له: (( حسين المعلم )) و (( حسين المؤدب )) . روى له الجماعة. مضى برقم: 2340. و (( كلثوم بن جبر بن مؤمل الديلي )) ، ثقه من صغار التابعين، مضى برقم: 2861، 2866، 6240. و (( نعمان )) ، هو واد لهذيل، من وراء عرفة، على ليلتين من عرفة، وهو (( نعمان الأراك )) ، يكثر وروده في شعرهم. 15339 - حدثنا عمران بن موسى قال: حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا كلثوم بن جبر قال: سألت سعيد بن جبير عن قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: سألت عنها ابن عباس، فقال: مسح ربُّك ظهر آدم، فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنَعْمَان هذه =وأشار بيده= فأخذ مواثيقهم، وأشهدهم على أنفسهم (ألست بربكم قالوا بلى) (1) (1) الأثر: 15339 - (( عمران بن موسى بن حيان الليثي القزاز، الصفار )) ، شيخ الطبري، ثقة. مضى برقم 2154، 6589، 6591، 8683. و (( عبد الوراث )) ، هو: (( عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان )) ، أحد الأئمة الأعلام. مضى برقم: 2154، 6589، 6591، 6819، وغيرها. رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 67، موقوقاً أيضا، وإسناده صحيح. وأشار إليه ابن كثير في تفسيره 3: 585. وكان في المطبوعة هنا: (( بنعمان هذا )) ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ، وهو صواب محضن. وانظر التعليق على رقم: 15338. * * * تنبيه: قوله تعالى (( ذريتهم )) ، هي إحدى القراءتين، وهي قراءتنا، وفي القراءة الأخرى: (( ذرياتهم )) بالجمع، ولم يذكر أبو جعفر هذه القراءة، وجاء في المخطوطة: (( ذريتهم )) كثيرا، وفي بعض الأخبار (( ذرياتهم )) بالجمع. ولكن الناشر، وضع في جميع الأخبار (( ذرياتهم )) فغيرت ذلك، وتبعت المخطوطة، فحيث كتب (( ذريتهم )) بالافراد، أتثبتها كذلك. وحيث كتب (( ذرياتهم )) بالجمع، أثبتها كذلك ولم أغيرها. 15340 - حدثنا ابن وكيع ويعقوب قالا حدثنا ابن علية قال: حدثنا كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريَّتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) قال: مسح ربُّك ظهر آدم، فخرجت كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة بنَعْمَان هذا الذي وراء عَرَفة، وأخذ ميثاقهم (ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) ، اللفظ لحديث يعقوب. (1) 15341 - وحدثني يعقوب قال: حدثنا ابن علية قال ربيعة بن كلثوم، عن أبيه في هذا الحديث: (قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) (2) 15342 - حدثنا عمرو قال: حدثنا عمران بن عيينة قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أول ما أهبط الله آدم، (1) الأثر: 15340 - (( ابن علية )) ، هو: (( إسماعيل بن إبراهيم الأسدى )) ، الإمام المشهور، سلف مرارًا كثيرة. وهذا هو ثاني الآثار الموقوفة على ابن عباس، ورواه بهذا الإسناد أبو جعفر في تاريخه 1: 67، ورواه من هذه الطريق نفسها، ابن سعد في الطبقات 1/ 1 / 8، بلفظه هذا. إسناد صحيح، وانظر التعليق علي رقم: 15338. (2) الأثر: 15341 - رواه ابن سعد في الطبقات 1 / 1 / 8، واقتصر فيه إلى قوله تعالى: (( يوم القيامة )) . انظر التعليقات السالفة. أهبطه بدَهْنَا، أرض بالهند، (1) فمسح الله ظهره، فأخرج منه كل نَسَمة هو بارئها إلى أن تقوم الساعة، ثم أخذ عليهم الميثاق: (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) . (2) 15343 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن عطاء، (1) في المطبوعة: (( بد جنى، أرض بالهند )) بالجيم. وأثبت ما في المخطوطة في هذا الموضع، وفي تاريخ الطبري 1: 60، وفي هذا الخبر نفسه: (( بدهناء أرض الهند )) ، بآخره همزة، كأنه من (( الدهناء )) ، وهي الفلاة كلها ومل. وليس صوابا كما سترى. وهذا الحرف سيأتي في الخبر رقم: 15347 في المطبوعة: (( بدجني )) أيضا، بالجيم، وهو تغيير من الناشر. أما المخطوطة، ففيها (( بدحنا )) . وقد روى ابن سعد هذا الخبر في الطبقات 1 /1 / 5، وفيه: (( خلق آدم من أرض يقال لها دحناء )) بالحاء، وبالهمز، ثم مثله في 1 /1 -8 وفيه: (( خلق اله آدم بدحناء )) . وقد وقع خلط شديد في اسم هذا الموضع ومكانه، يحسن تفصيله في هذا الموضع. 1- جاء في سيرة ابن هشام، عن ابن إسحق: (( ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انصرف عن الطائف على دحنا، حتي نزل الجعرانة، فيمن كان معه من الناس، ومعه من هوازن سبى كثير )) . ومثله في تاريخ الطبري 3: 134، عن ابن إسحق. فهذا موضع لا شك أنه في جزيرة العرب، ذكره البكري في معجم ما استعجم: 545، 546، ولم يخلطه بغيره، وضبطه بفتح الدال، وسكون الحاء المهملة، وفتح النون، علي وزن (( فعلى )) . وأما ياقوت في معجمه، فضبطها مثله ثم قال: (( ويروى فيها القصر والمد )) . وقال البكري في تحديدها: (( موضع بسيف البحر )) ، ثم عاد فذكر خبر ابن أسحق في سيرته. ثم قال: (( هكذا وقع في كتاب السير، بالنون، وكذلك ذكره الطبري وليس هناك سيف. وأنا أراه أراد: (( سلك علي دحي )) ، المتقدم ذكره ولولا أنه غير محدد عندنا، لارتفع الارتباب (بفتح الدال وسكون الحاء بعدها ياء) هكذا ذكره البكري في معجمه: 347 وقال: (( موضع، ذكره أبو بكر )) ، ولم يبين. وأما ياقوت فقال في (( دحنا )) : (( هي من مخاليف الطائف )) ، ولم يذكر ترجمة (دحى) التي ذكرها البكرى. وظني أن البكرى نقل قوله: (( موضع بسيف البحر )) ، من بعض شراح الشعر، فأنه أنشد شعر ربيعة بن جحدر الهذلى اللحيانى: َلَوْ رَجُلا خَادَعْتُه لَخَدَعْتُه ... ولكنَّما حوتًا بدحنا أقامس أقول له، كيما أخالف روغه: ... وراءك ملْ أروى شياه كوانس فكأن شارح الشعر جعله موضعاً لسيف البحر، لقوله: (( حوتا بد حنا أقامس )) ، وليس ذلك لزاماً، إلا أن تكون (( دحنا )) موضع آخر غير المذكور في السيرة. وأنشد أيضا عن الأصمعى: وصاحب لى بدحنى، أيما رجل ... أنى قتلت وأنت الفارس البطل! ومهما يكن من شيء، فهو موضع ببلاد العرب لاشك فيه، وهو بمعزل عن (( دحنا )) الأخرى كما سترى بعد. 2- وأما (( دحنا )) الأخرى، المذكورة في هذا الخبر، فهي موصوفة فيه أنها (( بأرض الهند )) وذكرها البكرى في مادة (واشم) : 1364، قال: (( قال ابن إسحق: يذكر أهل العلم أن مهبط آدم وحواء، علي جبل يقال له وأشم، من أرض الهند، وهو اليوم وسط بين قراها، بين الدهنج والمندل )) ، وذكره الطبري في تاريخه 1: 60، وفيه: (( وأما أهل التوراة فانهم قالوا: أهبط آدم بالهند، على جبل يقال له: واسم، عند واد يقال له: بهيل، بين الدهنج والمندل، بلدين بأرض الهند )) . وهو نص ابن إسحق كما رواه بإسناده فالأخبار التي ورد فيها ذكر هبوط آدم، أو خلقه، وفيها (( دحنا )) ، ولم يبين موضعها، تبينها هذه الأخبار التي ذكرت ذلك، وبينت أنه بأرض الهند. و (( دحنا )) بالحاء المهلة، هي (( دهنج )) في الأخبار التي ذكرتها قبل، معربة. وهكذا جاءت في المراجع (( دحنا )) بالحاء المهملة، ولكن رواة كتب اللغة رووا لنا في خبر ابن عباس: (( إن الله مسح ظهر آدم بدجناء، وهو اسم موضع، ويروى بالحاء المهملة )) ، هكذا ذكر صاحب لسان العرب في (دجن) ثم في "دحن" ، وقال: (( وهو بين الطائف ومكة )) فهذا أول الخلط وإنما هو موضع بالهند في هذا الخبر أما الذي "بين الطائف ومكة" ، فهو (( دحنا )) العربية التي ذكرناها أولا. وقال صاحب القاموس: (( ودجني، بالضم أو بالكسر، وقد يمد، أرض خلق منها آدم عليه السلام، أو هي بالحاء المهملة )) ثم ذكرها في (دحن) وقال: (( ودحنى في د ج ن )) ، يعنى أنه هو هو، وبضم الدال. وعلق الزبيدى في تاج العروس وقال: (( وقد جاء ذكرها في سيرة ابن إسحاق، في انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف على دجناء. وجاء في حديث ابن عباس: إن الله خلق آدم من دجناء، فمسح ظهره بنعمان الأراك. وكان مسح ظهره بعد خروجه من الجنة، بالأتفاق من الروايات )) ، كل ذلك ذكره بالجيم. فخلط أيضا بين الموضعين، الموضع الذي في السيرة، وموضع خلق آدم أو مهبطة. وإنما خلط اتباعاً للسهيلي في الروض الأنف 2: 305. وسبب هذا الخلط بلا ريب، هو ذكر (( نعمان الأراك )) في خبر خلق آدم، و (( نعمان الأراك )) بأرض العرب، فقال من لم يجمع أخبار الخلق أن (( دحنا )) بأرض العرب، ولم ينظر فيما جاء في رواية الخبر الأخرى أنها بأرض الهند. هذا، وظني أن (( دحنا )) ، و (( دجنا )) بالقصر والمد، هو تعريب في (( دهنج )) التي مضى ذكرها، وهي الأرض التي بالهند، أما التي ببلاد العرب، فهي (( دحنا )) بالحاء، لاغير. وهذا كافي إن شاء الله في تحقيق هذه الكلمة. (2) الأثر: 15342 - (( عمرو )) ، هو: (( عمرو بن على الفلاس )) ، مضى مرارًا كثيرة. و (( عمران بن عيينة )) ، هو أخو: (( سفيان بن عيينة )) الإمام المشهور. قال ابن معين وأبو زرعة: (( صالح الحديث )) . وأما ابن أبي حاتم، فقال: (( لا يحتج بحديثه، لأنه يأتي بالمناكير )) . وقال لعقيلى: (( في حديثه وهم )) . وقد مضى برقم: 4189، 10580. وهذا الخبر، رواه أبو جعفر مختصراً في تاريخه 1: 60، وابن سعد مختصراً 1 / 1 / 5، وسيأتي برقم: 15343، من رواية وكيع، عن عمران، عن عطاء، وليس فيه ذكر (( دحنا )) . بأسانيد أخر رقم: 15346، 15347، عن غير عمران، عن عطاء. عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: أهبط آدم حين أهبط، فمسح الله ظهره، فأخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ثم قال (ألست بربكم قالوا بلى) ،، ثم تلا (وإذ أخذ ربُّك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) ، فجفَّ القلمُ من يومئذ بما هو كائن إلى يوم القيامة. (1) 15344 - حدثنا أبو كريب قال: حدثنا يحيى بن عيسى، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: لما خلق الله آدم، أخذ ذريّته من ظهره مثل الذرِّ، فقبض قبضَتين، فقال لأصحاب اليمين: "ادخلوا الجنة بسلام" ، وقال للآخرين: "ادخلوا النارَ ولا أبالي" . (2) 15345 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن الأعمش، عن حبيب، (1) الأثر: 15343 - هو طريق أخرى للأثر السالف، ومن هذه الطريق، رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 67، وانظر التعليق السالف. (2) الأثر: 15344 - هذا الخبر والذي يليه، رواه من طريقين. رواه أولهما أبو جعفر في تاريخه 1: 67. (( يحيى بن عيسي بن عبد الرحمن التميمي النهشلي )) ، وثقه أحمد وغيره، وضعفه ابن معين وغيره. مضى برقم: 300، 6317، 9035، 14201. و (( حبيب بن أبي ثابت )) ، هو (( حبيب بن قيس بن نيار )) ، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: 9012، 9035، 10423، وغيرها. ومعنى هذا الخبر، مخرج في مسانيد جماعة من الصحابة، ولكني لم أجده بنصه عن ابن عباس في غير هذا الموضع، وفي تاريخ الطبري. وانظر التعليق التالي. عن ابن عباس قال: مسح الله ظهر آدم، فأخرج كلَّ طيبٍ في يمينه، وأخرج كل خبيثٍ في الأخرى. (1) 15246 - حدثنا أبو كريب قال: حدثنا ابن علية، عن شريك، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: مسح الله ظهر آدم، فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة. (2) 15347 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد، عن ابن عباس: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: لما خلق الله آدم مسح ظهره بدَحنا، (3) وأخرج من ظهره كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، فقال: (ألست بربكم قالوا بلى) قال: فيُرَوْن يومئذٍ جفَّ القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة. (4) 15348 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن المسعودي، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما خلق الله آدم عليه السلام أخذ ميثاقه، فمسح ظهره، فأخذ ذرّيته كهيئة الذرِّ، فكتب آجالهم (1) الأثر: 15345 - هذه طريق أخرى للخبر السالف، بغير لفظه، أخرجه الآجري في كتاب الشريعة: 211، 212، من طريق على بن مسهر عن الأعمش، بغير هذا اللفظ وفي المخطوطة: (( كل خبيث في الآخرة )) . (2) الأثر: 15346 - انظر ما سلف رقم 15342، 15343، حديث عطاء، عن سعيد بغير هذا اللفظ. وهذا خبر صحيح الإسناد، وسيأتي من طريق أخرى في الذي يليه. (3) في المطبوعة (( بد جنى )) بالجيم، وأثبت ما في المخطوطة، وانظر تحقيق ذلك في ص: 225، تعليق: 1. (4) الأثر: 15347 - طريق أخرى للخبر السالف. (( عمرو بن أبي قيس الرازي )) ، الأزرق، ثقة، وكان يهم في الحديث قليلا، مضى برقم: 6887، 9346، وغيرها. وهذا الخبر رواه أبو جعفر في التاريخ 1 / 68، ورواه ابن سعد في الطبقات 1 /1/ 8، من طريق منصور بن أبي الأسود، عن عطاء بن السائب، بنحو هذا اللفظ، وفي آخره: (( قال سعيد: فيرون أن الميثاق أخذ يومئذ )) . ونسبه في الدر المنثور 1: 141 لأبن المنذر وحده. وقوله: (( يرون )) (بضم إلياء وفتح الراء) بالبناء للمجهول، بمعنى: يظنون ذلك ويقدرونه. وأرزاقهم ومصائبهم، = (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) . (1) 15349 -.... قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن المسعودي، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: لما خلق الله آدم، أخذ ميثاقه أنه ربُّه، وكتب أجله ومصائبَه، واستخرج ذريّته كالذرِّ، وأخذ ميثاقهم، وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبَهم. (2) 15350 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن ربيعة بن كلثوم بن جبر، عن أبيه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم) قال: مسح الله ظهر آدم عليه السلام وهو ببطن نعمان، =واد إلى جنب عرفة=، وأخرج ذريته من ظهره كهيئة الذرّ، ثم أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى شهدنا. (3) 15351 -.... قال: حدثنا أبي، عن أبي هلال، عن أبي جَمْرَة الضُّبَعي، عن ابن عباس قال: أخرج الله ذريّة آدم عليه السلام من ظهره كهيئة الذر، وهو في آذيٍّ من الماء. (4) (1) الأثر: 15348 - هذا الخبر رواه أبو جعفر من طريقين، هذا والذي يليه. (( المسعودى )) هو (( عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود )) مضى برقم: 2156، 2729، 2937، 5563، وغيرها، وهو ثقة، اختلط بآخرة، وتغير حفظه، وما روى عنه الشيوخ القدماء، فهو مستقيم. وسماع وكيع من المسعودى قديم. (( على بن بذيمة الجزرى )) ، ثقة، متكلم فيه بما لا يفدح، مضى برقم: 629، وغيرها وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 141، ونسبه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ. (2) الأثر: 15349 - (( يزيد بن هارون السلمي )) ، أحد الأعلام الحفاظ المشاهير، مضى مرارًا كثيرة. وقد روى (( يزيد بن هارون )) عن المسعودى أحاديث مختلطة، بعد ما تغير حفظه، كما ذكرت في التعليق السالف. (3) الأثر: 15350 - هذه طريق أخرى للأخبار السالفة 15338 - 15341، ومضى تخريجها هناك. (4) الأثر: 15351 - (( أبو هلال )) ، هو (( محمد بن سليم الراسبي )) ، ثقة متكلم فيه، قال ابن أبي عدى، بعد أن ذكر له أحاديث كلها أو عامتها غير محفوظة: (( وله غير ما ذكرت، وفي بعض رواياته مالا يوافقه عليه الثقات، وهو ممن يكتب حديثه )) . مضى برقم: 2996، 4681، 13967. و (( أبو جمزة الضبعى )) هو: (( نصر بن عمران بن عصام الضبعى )) ، ثقة مأمون. مضى برقم 5995، 6228. وكان في المطبوعة والمخطوطة: (( عن أبي حمزة )) وهو خطأ صرف. (( آذى الماء )) ، الأطباق التي تراها ترفعها من متنه الريح، دون الموج. ويأتي أيضا بمعنى: الموج الشديد، وهو الأكثر. والمراد في هذا الخبر، هو المعنى الأول. وكان في المطبوعة: (( أذى )) بغير مد، وليس صواباً وفي المخطوطة (( أدنى )) وهو خطآ صرف. وهذا الخبر، نقله ابن كثير في تفسيره 3: 585، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 141، ونسبه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن منده في كتاب الرد على الجهمية، وأبي الشيخ. 15352 - حدثني علي بن سهل قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة قال: حدثنا أبو مسعود، عن جويبر قال: مات ابن للضحاك بن مزاحم، ابنَ ستة أيام قال: فقال: يا جابر إذا أنت وضعت ابني في لحده، فأبرزْ وجهه، وحُلّ عنه عقده، فإن ابني مُجْلَسٌ ومسئول! ففعلت به الذي أمرني، فلما فرغت، قلت: يرحمك الله، عمّ يُسألُ ابنك؟ مَنْ يسأله إيّاه؟ (1) قال: يُسْأَل عن الميثاق الذي أقرّ به في صلب آدم عليه السلام. قلت: يا أبا القاسم، وما هذا الميثاق الذي أقر به في صلب آدم؟ قال: ثني ابن عباس أن الله مسح صلب آدم، فاستخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، وأخذ منهم الميثاق أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، وتكفّل لهم بالأرزاق، فلن تقوم الساعة حتى يولد من أعطى الميثاق يومئذ، (2) فمن أدرك منهم الميثاق الآخر فوفَى به نفعه الميثاق الأوّل، ومن أدرك الميثاق الآخر فلم يفِ به لم ينفعه الميثاق الأوّل، ومن مات (1) في المطبوعة والدر المنثور، أسقط قوله: (( من يسأله إياه )) ، وهي ثابتة في المخطوطة، وفي ابن كثير، الناقل من هذا الموضع من التفسير. (2) في المخطوطة، أسقط من أول قوله (( ثم تكفل لهم )) إلى قوله: (( تقوم الساعة )) ، وهي ثابتة في تفسير ابن كثير، والدر المنثور. وأما المطبوعة، فأسقطت من (( وتكفل )) إلى قوله: (( تقوم الساعة )) ، وهي ثابتة في تفسير ابن كثير والدر المنثور. وأما المطبوعة، فأسقطت من (( وتكفل )) إلى قوله: (( في صلبه )) .![]()
__________________
|
#707
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (707) صــ 231 إلى صــ 240 صغيرًا قبل أن يدرك الميثاق الآخر مات على الميثاق الأول على الفطرة. (1) 15353 - حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني السريّ بن يحيى، أن الحسن بن أبي الحسن، حدّثهم عن الأسود بن سريع من بني سعد قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعَ غزوات قال: فتناول القوم الذرّيّة بعد ما قَتَلوا المقاتلة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاشتدّ عليه، ثم قال: "ما بال أقوام يتناولون الذرية؟" فقال رجل: يا رسول الله، أليسوا أبناءَ المشركين؟ فقال: "إن خيارَكم أولادُ المشركين! ألا إنها ليست نسمة تُولد إلا ولدت على الفطرة، فما تزال عليها حتى يبين عنها لِسَانها، فأبواها يهوِّدانها أو ينصرانها" =قال الحسن: والله لقد قال الله ذلك في كتابه، (2) قال: "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) (3) ." (1) الأثر: 15352 - (( على بن سهل الرملى )) ، شيخ الطبري، مضى مرارًا. و (( ضمرة بن ربيعة الفلسطينى )) . ثقة، مضى برقم: 7134، 12868، 13650. و (( أبو مسعود )) الروى عن (( جويبر )) ، أخشى أن يكون هو (( سعيد بن إياس الجريرى )) ، ولست أحققه. و (( جويبر )) ، لقب، ويقال اسمه (( جابر بن سعيد )) . مضى كثيراً، وجاء في هذا الخبر، التصريح باسمه (( جابر )) ، فإلا يكن (( جويبر )) لقباً، فهو تصغير (( جابر )) . وهذا الخبر، نقله ابن كثير في تفسيره 3: 585، والسيوطي في الدر المنثور 1: 143. (2) في المطبوعة: (( والله لقد قال الله )) ، لا أدرى من أين زاد ذلك (3) الأثر: 15353 - (( السرى بن يحيى بن إياس الشيباني )) ، (( أبو الهيثم )) ، ثقة. ثبت، روى عن الحسن البصري مترجم في التهذيب، والكبير 2 /2 176، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 283 و (( الأسود بن سريع بن حميرى بن عبادة التميمي )) ، صحابي، كان شاعراًً مشهوراً، وكان أول من قص في مسجد البصرة، وهو القائل في قصصه في الميت، (البيان والتبين 1: 467 / طبقات فحول الشعراء 151، تعليق: 6) : فإن تنج منها، تنج من ذي عظيمة ... وإلا فإني لا إخالك ناجيا مترجم في الإصابة، وأسد الغابة، وابن سعد 7 / 1 / 28، والاستيعاب: 44، والمعارف لابن قتيبة: 276، والكبير للبخاري 1 / 1 / 445، وابن أبي حاتم 1/1/129، وغيرها. وهذا الخبر، رواه من هذه الطريق، أحمد في مسنده 4: 24، مع خلاف يسير في لفظه، وابن سعد مختصرا "في الطبقات 7/1/28، والبخاري مختصرا" في التاريخ 1 / 1 / 445. وابن عبد البر في الاستيعاب بنحوه مطولا: 44، وذكره ابن حجر في الإصابة في ترجمته وقال: (وأخرجه ابن حبان وابن السكن، من طريق السرى ) ) . ورواه أحمد في مسنده 3: 435، من طريق يونس بن محمد المؤدب، عن أبان بن يزيد، عن قتادة، عن الحسن مختصراً، ثم رواه بعده من طريق يونس بن عبيد عن الحسن، بنحوه. ثم رواه في 4: 24 من طريق سعيد، عن قتادة، عن الحسن، وبين الخبر أن ذلك كان في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين. ورواه الحاكم في المستدرك 2: 123 من طريق يونس بن محمد المؤدب، ثم من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن، بنحو ما رواه أحمد، وقال: (( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه )) ووافقه الذهبي. ورواه البيهقي في السنن الكبرى 9: 77، من طريق يونس بن عبيد، عن الحسن. ثم رواه أيضا في السنن 9: 130، من طريق يونس بن محمد المؤدب، عن أبان بن يزيد، عن قتادة. وذكره الهيثمى في مجمع الزوائد 5: 316، ثم قال: (( رواه أحمد بأسانيد، والطبراني في الكبير والأوسط كذلك 0 0 0 وبعض أسانيد أحمد، رجاله رجال الصحيح )) . وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 584 وقال: (( وأخرجه النسائى في سننه، من حديث هشيم، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال حدثني الأسود بن سريع، فذكره، ولم يذكر قول الحسن البصري، واستخصاره الآية عند ذلك )) . 15354 - حدثنا عبد الرحمن بن الوليد قال: حدثنا أحمد بن أبي طَيبة، عن سفيان بن سعيد بن الأجلح، عن الضحاك =وعن منصور، عن مجاهد=، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: "أخذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم (ألست بربكم قالوا بلى) قالت الملائكة: شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين" . (1) (1) الأثر: 15354 - رواه أبو جعفر من طرق ثلاث، أولاهما مرفوعة، والأخريان موقوفتان على عبد الله بن عمرو. ولهذا الخبر، إسنادان: (( سفيان الثورى، عن الأجلح )) ، و (( سفيان، عن منصور )) . (( عبد الرحمن بن الوليد الجرجاني )) ، شيخ أبي جعفر، لم أجد له ترجمة، ولكنه روى عنه في التاريخ 3: 207، عن (( أحمد بن أبي طبية )) أيضا، ثم في المنتخب من ذيل المذيل (التاريخ: 13) ص: 48، 60. و (( أحمد بن أبي طبية )) هو: (( أحمد بن عيسى بن سليمان الجرجاني )) ، قاضى قومس. قال أبو حاتم: (( يكتب حديثه )) ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدى: (( حدث بأحاديث أكثرها غرائب )) . مترجم في التهذيب، والخلاصة: 7، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 64. وضبط (( طيبة )) في الخلاصة بالظاء المعجمة، ولكنه في غيره بالطاء المهملة. (( وسفيان بن سعيد )) هو الثوري، وكان في المطبوعة والمخطوطة: (( سفيان عن سعيد )) ، وهو خطا محض، وإنما يروى عن الأجلح (( سفيان بن سعيد الثورى )) بغير واسطة الكبير 1 / 2 / 68. و (( الأجلح )) هو (( الأجلح بن عبد الله بن حجية الكندي )) ، مضى برقم: 5384، 10857، وهو متكلم فيه، ووثقه ابن عدى. وهذا الخبر، خرجه السيوطي مرفوعاً في الدر المنثور 1: 142 وزاد نسبته لابن منده في كتاب الرد على الجهمية. وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 586، 589 وضعف رفعه، وبين أن وقفه أصح. وسيأتي قول الطبري فيه ص: 250: (( ولا أعلمه صحيحاً، لأن الثقات الذين يعتمد على حفظهم وإتقانهم حدثوا بهذا الحديث عن الثورى، فوقفوه على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه، ولم يذكروا في الحديث هذا الحرف الذي ذكره أحمد بن أبي طبية عنه )) . 15355 - حدثنا ابن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو، في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) قال: أخذهم كما يأخذ المشط من الرأس. (1) 15356 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمرو: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) قال: أخذهم كما يأخذ المشط عن الرأس. قال ابن حميد: كما يؤخذ بالمشط. (2) 15357 - حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا روح بن عبادة، وسعد بن عبد الحميد بن جعفر، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أبي أنيسة، (1) الأثر: 15355 - هذا الأثر والذي يليه، هما الأثران الموقوفان الصحيحان. راجع التعليق السالف. (2) (2) الأثر: 15356 - هو موقوف على عبد الله بن عمرو، صحيح الإسناد كالسالف. وكان في المخطوطة: (( كما يؤخذ المشط )) مرة أخرى، بغير باء، وكأن الصواب ما في المطبوعة، وبذلك ورد في الدر المنثور. وانظر التعليق السالف. وهذه الأخبار الثلاثة، ذكرها ابن كثير في تفسيره 3: 586، 589، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 141 موقوفاً، ونسبة إلى ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، واللالكائي في السنة، وقصر في نسبته إلى ابن جرير. عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار الجهني: أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم) ، فقال عمر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الله خلق آدم ثم مسح على ظهره بيمينه، (1) فاستخرج منه ذرية، فقال:" خلقت هؤلاء للجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون ". ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية، فقال:" خلقت هؤلاء للنار، وبعمل أهل النار يعملون ". فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال:" إن الله إذا خلق العبدَ للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من عمل أهل الجنة، فيدخله الجنة; وإذا خلق العبد للنار، استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من عمل أهل النار، فيدخله النار. (2) 15358 - حدثنا إبراهيم قال: حدثنا محمد بن المصفي، عن بقية، عن عمر بن جُعْثم القرشي قال: حدثني زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (3) (1) في المطبوعة: (( مسح ظهره )) ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ. (2) الأثر: 15357 - (( إبراهيم بن سعيد الجوهري الطبري )) ، شيخ الطبري، مضى مرارًا. و (( سعد بن عبد الحميد بن جعفر الأنصاري )) ، ثقة، وضعفوه، مضى برقم: 3959، 9225، ولكن ضعفه لا يضر في هذا الإسناد، فإن (( روح بن عبادة )) ، ثقة بلا شك وهو العمدة في رواية الخبر في سائر الكتب. و (( زيد بن أبي أنيسة الجزري )) ، ثقة، مضى برقم: 4964، 8396. و (( عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب )) ، ثقة مأمون، روى له الجماعة، مضى برقم: 14685. و (( مسلم بن يسار الجهني )) ، تابعي ثقة، قيل: لم يسمع من عمر، وبينه وبينه (( نعيم بن ربيعة الأزدي )) ، كما سيأتي في الأثر التالي. مترجم في التهذيب، والكبير 4 /1 / 276، ولا أدري لم أغفله ابن أبي حاتم في كتابة، أو هو سقط من تراجمه. وهذا الخبر رواه أبو جعفر بإسناده هذا في تاريخه 1: 67، مع خلاف يسير في لفظه. ورواه مالك في الموطأ: 898، ورواه أحمد في المسند رقم: 311، وأبو داود في سننه 4: 312 رقم: 4703، والحاكم في المستدرك 1: 27 وقال: (( هذا حديث صحيح على شرطهما ولم يخرجاه )) ، وتعقبه الذهبي فقال: (( فيه إرسال )) ، ثم عاد الحاكم فرواه في المستدرك 2: 324، 544 وقال: (( هذا حديث على شرط مسلم، ولم يخرجاه )) ، فخالف ما قاله أولا، ولكن أعجب منه أن الذهبي في هذين الموضعين وافقه، ولم يتعقبه بأنه فيه إرسال!! وهذا عجب! ورواه الآجري في كتاب الشريعة: 170، وابن عبد البر في التقصي: 54، وقال: (( في إسناد هذا الحديث علتان قد بينتهما في كتاب التمهيد )) . ورواه الترمذي في كتاب التفسير وقال: (( هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار، لم يسمع من عمر. وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر، رجلا )) . وبعد كتابة ما تقدم، وجدت الإمام بن القيم قد ذكر الخبر في شفاء العليل: 1029، ما قاله ابن عبد البر في التمهيد وقال: (( قال الحاكم: هذا الحديث على شرط مسلم، وليس كما قاله، بل هو حديث منقطع.قال أبو عمر (ابن عبد البر) : هو حديث منقطع، فإن مسلم بن يسار هذا، لم يلق عمر بن الخطاب، بينهما نعيم بن ربيعة. هذا إن صح أن الذي رواه عن زيد بن أبي أنيسة فذكر فيه نعيم بن ربيعة، إذ ليس هو بأحفظ من مالك، ولا ممن يحتج به إذا خالفه مالك. ومع ذلك فإن نعيم بن ربيعة، ومسلم بن يسار جميعا مجهولان غير معروفين بحمل العلم ونقل الحديث. وليس هو مسلم بن يسار العابد البصري، وإنما هو رجل مدنى مجهول. ثم ذكر من تاريخ ابن أبي خيثمة قال: قرأت على يحيى بن معين حديث مالك هذا، فكتب بيده على مسلم بن يسار لا يعرف. قال أبو عمر: هذا الحدبث وإن كان عليل الإسناد فإن معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم قد روى من وجوه كثيرة )) ثم ساق أسماء من روى عنهم من الصحابة. وخرجه ابن كثير في تفسيره 3: 586 وفي تاريخه 1: 89، 90، وقال بعد نقل كلام الترمذي: (( كذا قاله أبو حاتم، وأبو زرعة، زاد أبو حاتم بينهما نعيم بن ربيعة. وهذا الذي قاله أبو حاتم ثم رواه أبو داود في سننه عن محمد بن مصفي، عن بقية، عن عمر بن جعثم القرشي عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار الجهني، عن نعيم بن ربيعة قال: كنت عند عمر، ... وقال الحافظ الدارقطني: وقد تابع عمر بن جعثم، يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي، وقولهما أولى بالصواب من قول مالك. قال ابن كثير: الظاهر أن مالكاً إنما أسقط نعيم بن ربيعة عمداً، لما جهل حال نعيم ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث. وكذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيراً من الرفوعات، ويقطع كثيراً من الموصولات )) . وانظر التعليق على الخبر التالي. (3) 15358 - (( محمد بن المصفي بن بهلول القرشي )) ، حافظ صدوق، متكلم فيه، قيل إنه كان ممن يدلس تدليس التسوية. مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/246، وابن أبي حاتم 4/1/104. و (( بقية )) هو (( بقية بن الوليد )) ، مضى مرارًا. و (( عمر بن جعثم القرشي )) ، ذكره ابن حبان في الثقات، مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3/1/101، وكان في المخطوطة: (( عمر بن جعفر القرشي )) ، وهو خطأ، وكان في المطبوعة: (( عمر بن جعثم )) ، وهو خطأ أيضاً. و (( نعيم بن ربيعة الأزدي) ، لم يذكر البخاري فيه جرحاً، ولا ابن أبي حاتم. مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 96، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 460. وهذا الخبر رواه البخاري في الكبير 4 / 2 / 96، 97 عن محمد بن يحيى، عن محمد بن يزيد، سمع أباه، سمع زيداً، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن مسلم بن يسار الجهنى، عن نعيم بن ربيعة الأزدي )) ، بنحوه مختصراً. ورواه أبو داود في السنن 4: 313 رقم: 4704، من طريق محمد بن المصفي، عن بقية، ولم يذكر لفظه، وقال: (( وحديث مالك أتم )) . وانظر ذكر هذه الرواية الموصولة، في التعليق على الخبر السالف. 15359 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن عمارة، عن أبي محمد رجل من المدينة، (1) قال: سألت عمر بن الخطاب عن قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريّتهم) قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنه كما سألتني، فقال: "خلق الله آدم بيده، ونفخ فيه من روحه، ثم أجلسه فمسح ظهره بيده اليمنى، فأخرج ذَرْءًا، فقال:" ذَرْءٌ ذرأتهم للجنة "، ثم مسح ظهره بيده الأخرى، وكلتا يديه يمين، فقال:" ذَرْءٌ ذرأتهم للنار، يعملون فيما شئت من عمل، ثم أختم لهم بأسوإ أعمالهم فأدخلهم النار ". (2) " 15360 - حدثني المثني قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: إن الله خلق آدم عليه السلام، ثم أخرج ذريّته من صلبه مثل الذرِّ، فقال لهم: من ربكم؟ قالوا: الله ربُّنا، ثم أعادهم في صلبه، حتى يولد كل من أخذ ميثاقه لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم إلى أن تقوم الساعة. (3) (1) في المطبوعة: (( رجل من المدينة )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (2) الأثر: 15359 - (( عمارة )) ، هو (( عملرة بن عمير التيمى )) ، روى له أصحاب الكتب الستة، مضى برقم: 3294، 5789. و (( أبو محمد، رجل من أهل المدينة )) ، لم أجد بياناً عنه في شيء من الكتب. وهذا الخبر، رواه ابن عبد البر في التمهيد (ملحق بكتاب التقصى) : 302، بهذا الإسناد نفسه، بلفظه، إلا أن فيه: (( ثم أختم لهم بشر أعمالهم )) . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 142، ولم ينسبه لغير ابن جرير. (3) الأثر: 15360 - هذا إسناد دائر في التفسير، مضى بيانه في الخبر رقم 186، 187. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 141 ونسبه إلى ابن أبي حاتم، واللالكائى في السنة. 15361 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) ،.. إلى قوله: (قالوا بلى شهدنا) قال ابن عباس: إن الله لما خلق آدم مسح ظهره، وأخرج ذريته كلّهم كهيئة الذر، فأنطقهم فتكلموا، وأشهدهم على أنفسهم، وجعل مع بعضهم النّور، وإنه قال لآدم: هؤلاء ذرّيتك آخذ عليهم الميثاق: أنا ربهم، لئلا يشركوا بي شيئًا، وعليَّ رزقهم. قال آدم: فمن هذا الذي معه النُّور؟ قال: هو داود. قال: يا رب كم كتبت له من الأجل؟ قال: ستين سنة. قال: كم كتبت لي؟ قال: ألف سنة، وقد كتبت لكل إنسان منهم كم يعمَّر وكم يلبث. قال: يا رب زده. قال: هذا الكتاب موضوعٌ فأعطه إن شئت من عمرك! قال: نعم. وقد جفَّ القلم عن أجل سائر بني آدم، فكتب له من أجل آدم أربعين سنة، فصار أجله مائة سنة. فلما عمر تسع مائة سنة وستين سنة جاءه ملك الموت; فلما رآه آدم قال: ما لك؟ قال له: قد استوفيت أجلك. قال له آدم: إنما عمرت تسعمئة وستين سنة، وبقي أربعون سنة. قال: فلما قال ذلك للملك، قال الملك: قد أخبرني بها ربي. قال: فارجع إلى ربك فاسأله! فرجع الملك إلى ربه، فقال: ما لك؟ قال: يا رب رجعت إليك لما كنت أعلم من تكرمتك إياه. قال الله: ارجع فأخبره أنه قد أعطى ابنه داود أربعين سنة. (1) 15362 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن الزبير بن موسى، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إن الله تبارك وتعالى ضرب منكبه الأيمن، فخرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاءَ (1) الأثر: 15361 - هذا إسناد دائر في التفسير، مضى بيان ضعفه في التعليق على رقم: 305. نقية، فقال: هؤلاء أهل الجنة. ثم ضرب منكبه الأيسر، فخرجت كل نفس مخلوقة للنار سوداءَ، فقال: هؤلاء أهل النار. ثم أخذ عهودهم على الإيمان والمعرفة له ولأمره، والتصديق به وبأمره، بني آدم كلهم، فأشهدهم على أنفسهم، فأمنوا وصدَّقوا وعرَفوا وأقرُّوا. وبلغني أنه أخرجهم على كفه أمثال الخردل =قال ابن جريج عن مجاهد قال: إن الله لما أخرجهم قال: يا عباد الله أجيبوا الله - "والإجابة" : الطاعة - فقالوا: أطعنا، اللهم أطعنا، (1) اللهم لبيك! قال: فأعطاها إبراهيم عليه السلام في المناسك: "لبَّيك اللهم لبَّيك" . قال: ضرب مَتْنَ آدم حين خلقه. قال: وقال ابن عباس: خلق آدم، ثم أخرج ذريته من ظهره مثل الذر، فكلمهم، ثم أعادهم في صلبه، فليس أحدٌ إلا وقد تكلم فقال: "ربي الله" . فقال: وكل خَلْق خَلَق فهو كائن إلى يوم القيامة، وهي الفِطْرة التي فَطَر الناس عليها. =قال ابن جريج: قال سعيد بن حبير: أخذ الميثاق عليهم بنَعْمَان -ونعمان من وراء عرفة- "أن يقولوا يوم القيامة (إنا كنا عن هذا غافلين) ، عن الميثاق الذي أخذ عليهم. (2) " 15363 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبي بن كعب قال: جمعهم يومئذٍ جميعًا، ما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم استنطقهم، وأخذ عليهم الميثاق (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون) ، قال: فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرَضين السبع، (1) في المطبوعة، كرر هنا (( اللهم أطعنا )) مرة أخرى، فحذفتها مطابقاً للمخطوطة. (2) الأثر: 15362 - (( الزبير بن موسى بن ميناء المكي )) ثقة، مضى برقم: 8649. وهذا الخبر، رواه الآجري في كتاب الشريعة، مختصراً: 212، من طريق على ابن الحسن ابن شقيق، عن عبد الله بن المبارك، عن ابن جريج، عن الزبير موسى. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 144، ولم ينسبه إلى غير ابن جرير وأبي الشيخ. وأشهد عليكم أباكم آدم: أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا! اعلموا أنه لا إله غيري، ولا رب غيري، ولا تشركوا بي شيئًا، وأني سأرسل إليكم رسلا يذكرونكم عهدي وميثاقي، (1) وسأنزل عليكم كتبي! (2) قالوا: شهدنا أنك ربُّنا وإلهنا، لا رب لنا غيرك، ولا إله لنا غيرك. فأقرُّوا له يومئذٍ بالطاعة، ورفع عليهم أباهم آدم، فنظر إليهم، فرأى منهم الغنيّ والفقير، وحسن الصورة، ودون ذلك، فقال: رب لولا ساويت بينهم! قال: فإني أحب أن أشكر. قال: وفيهم الأنبياء عليهم السلام يومئذٍ مثلُ السُّرُج. وخص الأنبياء بميثاق آخر قال الله: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا) ، [سورة الأحزاب: 7] وهو الذي يقول تعالى ذكره: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ) ، [سورة الروم: 30] وفي ذلك قال: (هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الأولَى) ، [سورة النجم: 56] يقول: أخذنا ميثاقه مع النذر الأولى، ومن ذلك قوله: (وَمَا وَجَدْنَا لأكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ) ، [سورة الأعراف: 102] ، [وهو قوله تعالى] (3) (ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) ، [سورة يونس: 74] قال: كان في علمه يوم أقروا به، من يصدِّق ومن يكذِّب. (4) 15364 - حدثنا ابن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير في هذه الآية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهَدَهم على أنفسهم ألست بربكم) قال: أخرجهم من ظهر آدم، وجعل لآدم عمر ألف سنة. قال: فعرضوا على آدم، فرأى رجلا من ذرّيته له نور فأعجبه، فسأل عنه، فقال: هو داود، قد جُعِل عمره ستين سنة! فجعل له من عمره أربعين سنة; فلما احتُضِرَ آدمُ، جعل يخاصمهم في الأربعين سنة، فقيل له: إنك أعطيتها داود! قال: فجعل يخاصمهم. 15365 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) قال: أخرج ذريته من ظهره كهيئة الذرِّ، فعرضهم على آدم بأسمائهم وأسماء آبائهم وآجالهم! قال: فعرض عليه روح داود في نورٍ ساطع، فقال: من هذا؟ قال: هذا من ذرّيتك، نبيٌّ خليفة. قال: كم عمره؟ قال: ستون سنة قال: زيدوه من عمري أربعين سنة. قال: والأقلام رطبة تجري. فأثبت لداود الأربعون، وكان عمر آدم عليه السلام ألف سنة; فلما استكملها إلا الأربعين سنة، بُعث إليه ملك الموت، فقال: يا آدم أمرت أن أقبضك قال: ألم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: فرجع (1) في المطبوعة: (( وسأرسل )) ، وفي المخطوطة: (( وأنا سأرسل )) والصواب من مراجع الحديث المذكورة بعد. (2) ليس في المخطوطة: (( كتبي )) ، سقطت من الناسخ. (3) هذه الزيادة بين القوسين، من سائر المراجع، وليست في المخطوطة ولا المطبوعة. (4) الأثر: 15363 - إسناد صحيح، مضى مثله مرارًا. وهذا الخبر رواه عبد الله بن أحمد بن حنبل، في زياداته على مسند أبيه، (5: 135) عن شيخه محمد بن يعقوب الربالى، عن المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، مختصراً. ونقله الهيثمى في مجمع لزوائد 7: 25 وقال: (( رواه عبد الله بن أحمد، عن شيخه محمد بن يعقوب الربالي، وهو مستور، وبقية رجاله رجال الصحيح )) . ورواه الحاكم في المستدرك مطولاً 2: 323 من طريق عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر عيسى بن عبد الله بن ماهان، عن الربيع بن أنس، وقال (( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه )) ، ووافقه الذهبي. ورواه الاجري في كتاب الشريعة: 207، من طريق حكام بن مسلم الرازي، عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس. ورواه ابن عبد البر في التمهيد (ملحف كتاب التقصى) : 307، من طريق أحمد بن عبد الله بن صالح، عن عبيد الله بن موسى، عن أبي جعفر الرازي، وهو طريق الحاكم في المستدرك. وذكره ابن كثير في تفسيره 3: 588 وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم، وابن مردويه في تفسيريهما. وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 142، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وأبي الشيخ، وابن منده في كتاب الرد على الجهمية، واللالكائي، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وابن عساكر في تاريخه. ملك الموت إلى ربه، فقال: إن آدم يدَّعي من عمره أربعين سنة! قال: أخبر آدم أنه جعلها لابنه داودَ والأقلام رطبة! فأُثبتت لداود. 15366 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبو داود، عن يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، بنحوه. 15367 -.... قال: حدثنا ابن فضيل وابن نمير، عن عبد الملك، عن عطاء: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) قال: أخرجهم من ظهر آدم حتى أخذ عليهم الميثاق، ثم ردّهم في صلبه. 15368 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا ابن نمير، عن نضر بن عربي: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: أخرجهم من ظهر آدم حتى أخذ عليهم الميثاق، ثم ردَّهم في صلبه. 15369 -.... قال: حدثنا محمد بن عبيد، عن أبي بسطام، عن الضحاك قال: حيث ذرأ الله خلقه لآدم عليه السلام (1) قال: خلقهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا: بلى. (2) 15370 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال: سمعت أبا معاذ قال: حدثنا عبيد قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: قال ابن عباس: خلق الله آدم، ثم أخرج ذريته من ظهره، فكلمهم الله وأنطقهم، فقال: ألست بربكم؟ قالوا: بلى، ثم أعادهم في صلبه، فليس أحدٌ من الخلق إلا قد تكلم فقال: "ربي الله" ، وإن القيامة لن تقوم حتى يولد من كان يومئذ أشهد على نفسه. 15371 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عمر بن طلحة، عن أسباط، (1) (1) هذه عبارة غريبة، ولكن هكذا هي في المخطوطة والمطبوعة. (2) الأثر: 15369 - (( محمد بن عبيد )) ، هو فيما أرجح (( محمد بن عبيد بن أبي أمية الطنافسى )) ، مضى برقم: 405، 9155، 11418. و (( أبو بسطام )) ، هو (( مقاتل بن حيان البلخى )) ، مضى برقم: 3842. ![]()
__________________
|
#708
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (708) صــ 241 إلى صــ 250 عن السدي: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) ، وذلك حين يقول تعالى ذكره: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) ، [سورة آل عمران: 83] وذلك حين يقول: (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينََ.) ، [سورة الأنعام: 149] يعني: يوم أخذ منهم الميثاق، ثم عرضهم على آدم عليه السلام. (1) 15372 - قال: حدثنا عمر، عن أسباط، عن السدي قال: أخرج الله آدم من الجنة، ولم يهبط من السماء، ثم مسح صفحة ظهره اليمنى، فأخرج منه ذريته كهيئة الذرِّ، أبيض، مثل اللؤلؤ، (2) فقال لهم: ادخلوا الجنة برحمتي! ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه كهيئة الذر سودًا، (3) فقال: ادخلوا النار ولا أبالي! فذلك حين يقول: "أصحاب اليمين وأصحاب الشمال" ، ثم أخذ منهم الميثاق، فقال: (ألست بربكم قالوا بلى) ،، فأطاعه طائفة طائعين، وطائفة كارهين على وجه التقية. (4) (1) (1) الأثر: 15371 - (( عمرو بن طلحة )) ، هو (( عمرو بن حماد بن طلحة القناد )) ، من أكثر الرجال دوراناً في التفسير، مضى برقم: 168، وكان في المطبوعة هنا وفي الذي يليه (( عمر بن طلحة )) ، وهو خطأ صرف. وهذا الخبر، جزء من خبر طويل رواه ابن عبد البر في التمهيد (ملحق بكتاب التقصى) : 303، 304، بإسناده عن محمد بن عبد الله بن سنجر، عن عمرو بن حماد، عن نصر بن نصر الهمذانى، عن السدي، عن أصحابه = قال عمرو: وأصحابه: أبو مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة الهمذانى، عن ابن مسعود، وعن نا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم )) . وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 141، مطولاً، ولم ينسبه إلى غير ابن عبد البر في التمهيد. وانظر الأثر التالي رقم 13573. (2) في المطبوعة: (( فأخرج منه ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ، كهيئة الذر )) ، وهو موافق لما رواه ابن أبي عبد البر، ولكنى أثبت ما في المخطوطة. وأما ما رواه أبو جعفر في التاريخ فهو: (( فأخرج منه ذرية كهيئة الذر بيضاً مثل اللؤلؤ )) ، بالجمع (( بيضاً )) . (3) في المطبوعة: (( فأخرج منه ذرية سوداء كهيئة الذر )) ، وهو مطابق لما في التمهيد لابن عبد البر، ولكنى أثبت ما في المخطوطة، وهو مطابق لما رواه أبو جعفر في التاريخ. (4) الأثر: 15372 هذا الخبر السالف لدى ابن عبد البر في التمهيد (ملحق بكتاب التقصي: 303، 304، مطولا ورواه ابن جعفر في تاريخه مختصرا بلفظ هذا 1:68. 15373 - حدثني موسى بن هارون قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي بنحوه =وزاد فيه بعد قوله: "وطائفة على وجه التقية" = فقال هو والملائكة: "شهدنا أن يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين * أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم" . فلذلك ليس في الأرض أحد من ولد آدم إلا وهو يعرف أن ربه الله، ولا مشرك إلا وهو يقول لابنه: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ) ، والأمة: الدين (وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) ، [سورة الزخرف: 23] وذلك حين يقول الله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى) ، وذلك حين يقول: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا) ، [سورة آل عمران: 83] وذلك حين يقول: (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) ، [سورة الأنعام: 149] يعني يوم أخذ منهم الميثاق. (1) 15374 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الكلبي: (من ظهورهم ذرياتهم) قال: مسح الله على صلب آدم، فأخرج من صلبه من ذريته ما يكون إلى يوم القيامة، وأخذ ميثاقهم أنه ربهم، فأعطوه ذلك، ولا تسأل أحدًا كافرًا ولا غيره (2) من ربك؟ إلا قال: "الله" . وقال الحسن مثل ذلك أيضًا. (3) 15375 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا حفص بن غياث، عن جعفر، (1) الأثر: 13573 هذا الخبر جزء من الخبرين السالفين فيما أرجح 15371، 15372، وانظر تخريجهما فيما سلف ولكن صدر الخبر لم يرد في شيء من المراجع. (2) في المطبوعة: (( ولا يسأل أحد كافر ولا غيره )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (3) الأثر: 15374 - هذا الخبر حرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 141 من حديث ابن عباس، ونسبه إلى عبد الرزاق، وابن المنذر. وظاهر أنه من تفسير الكلبى، بإسناده عن ابن عباس. عن أبيه، عن علي بن حسين أنه كان يَعْزِلُ، (1) ويتأول هذه الآية: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرّيتهم) . (2) 15376 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن واضح قال: حدثنا موسى بن عبيدة، عن محمد بن كعب القرظي في قوله: (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم) قال: أقرَّت الأرواح قبلَ أن تُخْلق أجسادها. (3) 15377 - حدثنا أحمد بن الفرج الحمصي قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثني الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة النَّصْري، عن أبيه، عن هشام بن حكيم: أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ الله، أتبْدَأ الأعمال أم قد قُضِي القضاء؟ (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه، (5) ثم قال:" هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار "، فأهل الجنة ميسَّرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسَّرون لعمل أهل النار. (6) " (1) في المطبوعة: (( كان يقول ويتأول )) ، وهو كلام لا معنى له، صوابه ما كان في المخطوطة. و (( العزل )) هو أن يعزل الرجل ماءه عن المرأة، أي ينحيه عن رحمها إذا جامعها، لئلا تحمل. (2) الأثر: 15375 - خرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 144، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة. (3) الأثر: 15376- رواه ابن عبد البر في التمهيد (ملحق بكتاب التقصي: 301 من طريق قاسم بن أصبغ عن محمد بن الجهم، عن روح بن عبادة عن موسى بن عبيدة، وخرجه السيوطي في الدر المنثور 1: 140 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة. (4) في رواية أخرى (( أم قد مضى القضاء )) . (5) قوله: (( أفاض بهم في كفه )) : بسطهم متفرقين منبثين. وأصله، من: (( أفاض الضارب بالقداح )) ، إذا أجالها وضرب بها، فوقعت منبثة متفرقة. وقد جاء هذا اللفظ في خبر عباس: (( اخرج الله ذرية آدم من ظهره، فأفاضهم إفاضة القدح )) ، وهي الضرب به وإجالته عند القمار. وقد جاء في رواية الطبراني لهذا الخبر (مجمع الزوائد 7: 186) : (( ثم نثرهم في كفيه، أو كفه )) . (6) الأثر: 15377 - رواه أبو جعفر بأربعة أسانيد، هذا، والذي يليه إلى رقم، 15380. وهو خبر قد نصوا قديماً على أنه مضطرب الإسناد. واضطرابه من وجوه سأبينها بعد: إن شاء الله، في هذا الموضع. (( أحمد بن الفرج بن سليمان الكندي الحمصي )) ، (( أبو عتبة )) يعرف بالحجازي. ورد بغداد غير مرة، وحدث بها عن بقية بن الوليد، وغيره. روى عنه عبد الله بن أحمد ابن حنبل، وابن جرير، والحسين بن إسماعيل المحاملي، وغيرهم، وكتب عنه ابن أبي حاتم، وقال: (( محله عندنا الصدق )) . قال ابن عدي: (( كان محمد بن عوف الطائي، يضعفه، ومع ضعفه يكتب حديثه )) . قال محمد بن عوف الطائي: (( الحجازى كذاب ... وليس عنده في حديث بقية بن الوليد عن الزبيدي، أصل. هو فيها أكذب خلق الله. إنما هي أحاديث وقعت إليه في ظهر قرطاس كتاب صاحب حديث، في أولها مكتوب: حدثنا يزيد بن عبد ربه، قال حدثنا بقية )) ، ثم رماه بأشياء. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: (( يخطئ وهو مشهور بكنيته )) . ومع ذلك، فهذا الخبر الذي رواه عنه أبو جعفر، رواه بعده عن محمد بن عوف الطائي وغيره، فما قيل فيه لا يضر. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 67، وتاريخ بغداد 4: 339 - 341، وقد مضى برقم: 6899، بروايته عن بقية بن الوليد، ولم يترجم هناك. و (( بقية بن الوليد الحمصي )) ، ثقة، تكلموا فيه من أجل تدليسه، فإذا صرح بالسماع كانت روايته صحيحة، وقد صرح بها في هذا الأثر، ولم يصرح في الذي يليه. وقد مضى برقم: 153، 5563، 6521، 6899، 9224، وغيرها. و (( الزبيدي )) هو (( محمد بن الوليد بن عامر الزبيدي الحمصي )) ، ثقة، روى له الشيخان. مضى برقم: 6656، 6899. و (( راشد بن سعد المقرئي الحبراني الحمصي )) ، وثقه ابن سعد، وابن معين وغيرهما. وقال أحمد: (( لا بأس به )) ، وقال الدارقطني: (( يعتبر به إذا لم يحدث عن متروك )) . وشذ ابن حزم فضعفه. وذهبت عين راشد بن سعد في يوم صفين، وتوفي سنة 108. مترجم في التهذيب، وابن سعد7/2/162، والكبير 2/1/266، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 483، وميزان الاعتدال 1: 331، ومختصر تاريخ ابن عساكر 5: 289. ومن عند رواية راشد بن سعد يبدأ الاضطراب في إسناد الخبر، وفي نسبة بعض رجاله، والاختلاف في لفظه. وهذه هي أسانيده التي وقعت لي، جمعتها مع ذكر موضع كل إسناد: 1 - الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة النصري، عن أبيه، عن هشام بن حكيم = الطبري: 15377 - 15379 / الكبير للبخاري 4/2/191، 192 / إسحق بن راهويه، في (( شفاء العليل )) لابن القيم: 10 / ابن كثير 3: 588. 2 - الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة النصري، عن هشام بن حكيم = الآجري في الشريعة: 172. 3 - معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة، عن هشام بن حكيم = الطبري: 15380 4 - معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم = ابن سعد 1 / 1 / 9 ثم 7/2/135 = المسند 4: 186 / المستدرك 1: 31 / أسد الغابة 3: 319 / الإصابة 4: 179، في ترجمة عبد الرحمن بن قتادة. 5 - الزبيدي، ... عن عبد الرحمن بن قتادة، عن أبيه، وهشام بن حكيم = الإصابة 4: 179، غير مبين تمام إسناده، ولكنه عن راشد بن سعد بلا شك. فالأسانيد الثلاثة الأولى، والإسناد الخامس، رواية الخبر فيها عن هشام بن حكيم، أو عن قتادة النصري. واختلف الزبيدي على راشد بن سعد، فقال مرة: (( عبد الرحمن بن قتادة، عن أبيه، عن هشام )) وقال مرة أخرى: (( عبد الرحمن بن قتادة، عن هشام )) ، وأسقط ذكر (( عن أبيه )) . وأما معاوية بن صالح، فاختلف على راشد بن سعد، فقال مرة: (( عبد الرحمن بن قتادة عن هشام بن حكيم )) ، كإسناد الزبيدي الثاني، وقال مرة أخرى: (( عبد الرحمن بن قتادة السلمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله) . قال ابن حجر: (( وأعل البخاري الحديث: بأن عبد الرحمن إنما رواه عن هشام بن حكيم. هكذا رواه معاوية بن صالح وغيره عن راشد بن سعد. وقال معاوية مرة أن عبد الرحمن قال: سمعت، وهو خطأ. ورواه الزبيدي، عن عبد الرحمن بن قتادة، عن أبيه، وهشام بن حكيم. وقيل عن الزبيدي: عبد الرحمن، عن أبيه، عن هشام )) (الإصابة 4: 179) . أما الاختلاف الثاني في نسبة بعض رجاله، فإن الذي جاء في الإسناد الأول والثاني: (( عبد الرحمن بن قتادة النصري )) . ثم جاء في الإسناد الرابع (( عبد الرحمن بن قتادة السلمي )) ، ولم يذكر في ترجمة (( عبد الرحمن بن قتادة السلمي )) الصحابي أنه يقال له: (( النصري )) ، وسيتبين ذلك في الكلام بعد عن رجال الإسناد. أما الاختلاف الثالث، ففي لفظة. فهذا اللفظ الذي رواه أبو جعفر الطبري هنا برقم 15377، رواه بنحوه البخاري في الكبير 4/2/191، 192، والآجري في كتاب الشريعة: 172، وإسحق ابن راهويه (شفاء العليل:10) ، ومجمع الزوائد 7: 186، والدر المنثور 1: 143، وزاد نسبته إلى البزار والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وكل ذلك عن هشام بن حكيم. وقال الهيثمى في مجمع الزوائد، وذكر هذا الخبر بلفظه، عن هشام بن حكيم، ثم قال: (( رواه البزار، والطبراني. وفيه بقيه بن الوليد، وهو ضعيف، ويحسن حديثه بكثرة الشواهد. وإسناد الطبراني حسن )) . وأما اللفظ الثاني: فهو عبد الرحمن بن قتادة السلمي، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( أن الله عز وجل خلق آدم، ثم اخذ الخلق من ظهره. وقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي.فقال قائل: يا رسول الله، فعلى ماذا نعمل؟ قال: على مواقع القدر )) وبهذا اللفظ ونحوه عن عبد الرحمن بن قتاده السلمي الصحابي، رواه احمد في المسند 4: 186، وابن سعد في الطبقات 1 / 1/ 9 ثم 7 / 2 / 135 = ثم ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 2 /2 / 276 = ثم الحاكم في المستدرك 1: 31 / مجمع الزوائد 7: 186 / الإصابة 4: 179 / تعجيل المنفعة: 255، 256 / الدر المنشور 1: 144، 145، ونسبه إلى ابن سعد وأحمد. قال الحاكم في المستدرك: (( هذا حديث صحيح، قد اتفقا على الاحتجاج برواته عن آخرهم إلى الصحابة. وعبد الرحمن بن قتادة من بنى سلمة، من الصحابة. وقد احتجا جميعاً بزهير بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس له راو غير أبي عثمان النهدى، وكذلك احتج البخاري بحديث أبي سعيد بن المعلى، وليس له راو غير حفص بن عاصم )) . ووافقه الذهبي. وأما الهيثمى في مجمع الزوائد فقال: (( رواه أحمد، ورجاله ثقات )) ، يعنى الإسناد الرابع الذي ذكرناه، باللفظ الثاني. * * * ثم نقضي إلى القول في (( عبد الرحمن بن قتادة )) . فهو في الإسناد الأول والثاني (( عبد الرحمن بن قتادة النصري )) ، يروى عن أبيه، عن هشام، الحديث باللفظ الأول، ولا يظهر من إسناده أنه صحابي، فإن كان صحابياً، فهو صحابي، يروى عن صحابي، عن صحابي، وهو غريب نادر. فإذا صح ما قاله البخاري أن الراوي هو عبد الرحمن عن هشام، وان قوله: (( عن أبيه )) زيادة، فهو رواية صحابي عن صحابي. ويحتمل أن يكون (( عبد الرحمن بن قتادة النصري )) ، تابعياً. ولكن لم يبين أحد أن (( عبد الرحمن بن قتادة النصري )) ، غير (( عبد الرحمن بن قتادة السلمي )) ، و (( السلمي )) ، صحابي، كما جاء في نص الإسناد الرابع. وترجم للصحابي (( عبد الرحمن بن قتادة السلمي )) : ابن سعد 7 / 2 / 135 ثم ابن أبي حاتم 2 / 2 / 276 وقال بعد: (( روى عن هشام بن حكيم، روى عنه راشد بن سعد = ثم الاستيعاب: 398 / وأسد الغابة 3: 319 / وتعجيل المنفعة: 255 / والإصابة 45: 179. ولم يذكر أحد منهم أن هذا (( السلمي )) يقال له (( النصري )) . وهذا غريب أيضا. ثم إنهم ترجموا لأبيه (( قتادة النصري )) في الكبير 4 / 1 / 185، وقال: (( سمع هشام بن حكيم، روى عنه ابنه عبد الرحمن )) ، وابن أبي حاتم 3 / 2 / 135، وقال مثله. أما (( قتادة السلمي )) ، فلم يذكر الموضعين، بل جاء ذكره في ترجمة (( هشام بن حكيم )) في التهذيب، والإصابة. وهذا غريب أيضاً. (( ونسبة السلمي )) ، مضبوطة بالقلم في ابن سعد وغيره بضم السين وفتح اللام، نسبة إلى (( سليم ابن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس عيلان )) وأما الحاكم في المستدرك، فقد بين أنه من (( بني سلمة )) (بفتح السين وكسر اللام) والنسبة إليها (( السلمي )) (بفتحتين) ، وهم من الأنصار. وسواء أكان هذا أو ذاك، فلا أدري كيف يكون (( نصرياً )) من كان من هذه أو تلك. و (( النصري )) فيما أرجح، إنما هو نسبة إلى (( نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة )) ، وهم من أبناء عمومة (( سليم بن منصور )) فجائز أن يكون (( عبد الرحمن بن قتادة )) من بني (( سليم ابن منصور )) ، دخل في بني عمومته (( نصر بن معاوية )) فنسب إليهم أيضاً. ولا حجة لى في ذلك، كما لم أجد حجة لما قاله الحاكم في المستدرك. وقد أطلت في بيان هذا الاضطراب، لأضبطه بعض الضبط. وبعد ذلك كله، فمعنى الحديث صحيح، مروى عن جماعة من الصحابة بأسانيد ليس فيها هذا الاضطراب. وهو اضطراب قديم، كما نصوا على ذلك فيما نقلت آنفاً. 15378 - حدثني محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا حيوة ويزيد قالا حدثنا بقية، عن الزبيدي، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة النصْري، عن أبيه، عن هشام بن حكيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. (1) 15379 - حدثني [عبد الله بن] أحمد بن شبويه قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا عمرو بن الحرث قال: حدثنا عبد الله بن مسلم، عن الزبيدي قال: حدثنا راشد بن سعد: أن عبد الرحمن بن قتادة حدّثه: أن أباه حدّثه: أن هشام بن حكيم حدثه: أنه قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) الأثر: 15378: "محمد بن عوف بن سفيان الطائي" شيخ أبي جعفر، حافظ ثقة من الرواة عن أحمد، مضى برقم: 5445. و "حيوة" هو "حيوة بن شريح بن يزيد الحضرمي فقيه عالم ثقة مضى برقم: 2891، 3179، و" يزيد "هو" يزيد بن هارون "أحد الحفاظ مضى مرارا كثيرة وهذا إسنادا في الخبر السالف." رجلٌ، فذكر مثله. (1) 15380 - حدثنا محمد بن عوف قال: حدثني أبو صالح قال: حدثنا معاوية، عن راشد بن سعد، عن عبد الرحمن بن قتادة، عن هشام بن حكيم، عن النبي صلى الله عليه وسلم، بنحوه. (2) * * * قال أبو جعفر: واختلف في قوله: (شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) ، فقال السدي: هو خبرٌ من الله عن نفسه وملائكته، أنه جل ثناؤه قال هو وملائكته إذ أقرَّ بنو آدم بربوبيته حين قال لهم (3) ألست بربكم؟ فقالوا: (4) "بلى" . (1) الأثر: 15379 (( عبد الله بن أحمد بن شبوبه )) ، هو (( عبد الله بن أحمد بن محمد بن ثابت المروزى )) ، شيخ أبي جعفر، من أئمة الحديث، مضى مرارًا، منها: 1909، 4612، 4923. وكان في المطبوعة والمخطوطة: (( حدثني أحمد بن شبوبه )) وهو خطأ لا شك فيه، فلذلك زدت] عبد الله بن [بين القوسين، أولاً لأن (( عبد الله )) هو شيخ أبي جعفر الذي يروى عنه، وثانياً، لأن أباه (( أحمد بن شبوبه )) ، مات سنة 230، لم يدرك أبو جعفر لأن يروى عنه. و (( إسحق بن إبراهيم )) هو: (( إسحاق بن إبراهيم بن العلاء الحمصي الزبيدي )) ، ويقال له: (( إسحق بن زبريق )) أو (( ابن زبريق )) ، ثقة، متكلم فيه حسداً. مترجم في التهذيب، والكبير 1/1/380، وابن أبي حاتم 1/1/209. و (( عمرو بن الحارث بن الضحاك الزبيدي الحمصي )) ، ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي: (( لا تعرف عدالته )) . مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 3/1/226، وميزان الاعتدال 2: 284. و (( عبد الله بن سالم الأشعري الوحاظي )) ، وثقه ابن حبان والدارقطني. مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 76. وكان في المخطوطة والمطبوعة: (( عبد الله بن مسلم )) . وهو خطأ لا شك فيه. (2) الأثر: 15380 - (( أبو صالح )) هو (( عبد الله بن صالح المصري )) كاتب الليث ابن سعد. ثقة، تكلموا فيه. مضى مرارًا. انظر رقم 186. (( ومعاوية بن صالح الحمصي )) . ثقة، مضى مرارًا. انظر رقم 186 وانظر بعد هذا كله، التعليق على رقم: 15377. (3) في المخطوطة (( حين قيل لهم )) . (4) في المطبوعة (( قالوا بلى )) . ساقها مساق الآية. فتأويل الكلام على هذا التأويل: "وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى" . فقال الله وملائكته: شهدنا عليكم بإقراركم بأن الله ربكم، كيلا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. وقد ذكرت الرواية عنه بذلك فيما مضى، والخبرَ الآخرَ الذي روي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك. (1) * * * وقال آخرون: ذلك خبر من الله عن قيل بعض بني آدم لبعض، حين أشهد الله بعضهم على بعض. وقالوا: معنى قوله: (وأشهدهم على أنفسهم) ، وأشهد بعضهم على بعضٍ بإقرارهم بذلك، وقد ذكرت الرواية بذلك أيضًا عمن قاله قبلُ. * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين في ذلك بالصواب، ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان صحيحًا، ولا أعلمه صحيحًا; لأن الثقات الذين يعتمد على حفظهم وإتقانهم حدَّثوا بهذا الحديث عن الثوري، فوقفوه على عبد الله بن عمرو، ولم يرفعوه، ولم يذكروا في الحديث هذا الحرف الذي ذكره أحمد بن أبي طَيبة عنه. (2) وإن لم يكن ذلك عنه صحيحًا، فالظاهر يدلُّ على أنه خبر من الله عن قِيل بني آدم بعضهم لبعض، لأنه جل ثناؤه قال: (وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا) ، فكأنه قيل: فقال الذين شهدوا على المقرِّين حين أقروا، فقالوا: "بلى" =: شهدنا عليكم بما أقررتم به على أنفسكم، كيلا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين. * * * (1) انظر خبر السدي رقم: 15373، وخبر عبد الله بن عمرو: 15354. (2) انظر ما سلف في التعليق على رقم: 15354. ![]()
__________________
|
#709
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (709) صــ 251 إلى صــ 260 القول في تأويل قوله: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: شهدنا عليكم أيها المقرُّون بأن الله ربكم، كيلا تقولوا يوم القيامة: "إنا كنا عن هذا غافلين" ، إنا كنا لا نعلم ذلك، وكنا في غفلة منه = أو تقولوا: (إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم) ، اتبعنا منهاجهم = (أفتهلكنا) ، بإشراك من أشرك من أبائنا، واتباعنا منهاجَهم على جهل منا بالحق؟ ويعني بقوله: (بما فعل المبطلون) ، بما فعل الذين أبطلوا في دَعواهم إلهًا غير الله. * * * واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأ بعض المكيين والبصريين: "أَنْ يَقُولُوا" بالياء، بمعنى: شهدنا لئلا يقولوا، على وجه الخبر عن الغَيَب. * * * وقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة: (أَنْ تَقُولُوا) ، بالتاء على وجه الخطابِ من الشهود للمشهود عليهم. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك، أنهما قراءتان صحيحتا المعنى، متَّفقتَا التأويل، وإن اختلفت ألفاظهما، لأن العرب تفعل ذلك في الحكاية، كما قال الله: (لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ) و (لَيُبَيِّنُنَّهُ) [سورة آل عمران: 187] ، وقد بينا نظائر ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. (1) (1) انظر ما سلف في فهارس مباحث العربية والنحو وغيرهما. القول في تأويل قوله: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكما فصلنا يا محمد لقومك آيات هذه السورة، وبيّنا فيها ما فعلنا بالأمم السالفة قبلَ قومك، (1) وأحللنا بهم من المَثُلات بكفرهم وإشراكهم في عبادتي غيري، كذلك نفصل الآيات غيرِها ونبيّنها لقومك، لينزجروا ويرتدعوا، فينيبوا إلى طاعتي ويتوبوا من شركهم وكفرهم، فيرجعوا إلى الإيمان والإقرار بتوحيدي وإفراد الطاعة لي وترك عبادة ما سواي. القول في تأويل قوله: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: "واتل" ، يا محمد، على قومك = "نبأ الذي آتيناه آياتنا" ، يعني خبره وقصته. (2) * * * وكانت آيات الله للذي آتاه الله إياها فيما يقال: اسم الله الأعظم = وقيل: النبوّة. * * * واختلف أهل التأويل فيه. فقال بعضهم: هو رجل من بني إسرائيل. (3) (1) انظر تفسير (( التفصيل )) فيما سلف ص: 106، تعليق: 5، والمراجع هناك = وتفسير (( الآية )) فيما سلف من فهارس اللغة (أيي) . (2) انظر تفسير (( تلا )) فيما سلف: 12: 215، تعليق: 2، والمراجع هناك = وتفسير (( النبأ )) فيما سلف ص: 7 تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) انظر خبر (( بلعم بن باعور )) في تاريخ الطبري 1: 226 - 228. * ذكر من قال ذلك: 15381 - حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر بن المفضل قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله في هذه الآية: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو بَلْعَم. 15382 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله، مثله. 15383 -.... قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله قال: هو بلعم بن أَبَر. 15384 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود، في قوله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) قال: رجل من بني إسرائيل يقال له: بَلْعَم بن أَبَر. 15385 - حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر وابن مهدي وابن أبي عدي، قالوا: حدثنا شعبة، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عبد الله: أنه قال في هذه الآية، فذكر مثله =ولم يقل: "بن أبر" . 15386 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: رجل من بني إسرائيل يقال له: بلعم بن أَبَر. 15387 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن حصين، عن عمران بن الحارث، عن ابن عباس قال: هو بلعم بن باعر. 15388 - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود، في قوله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) إلى (فكان من الغاوين) ، هو بلعم بن أبَر. 15389 - حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري، عن الأعمش، عن منصور عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود، مثله =إلا أنه قال ابن أَبُر، بضم "الباء" . 15390 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو رجل من مدينة الجبارين يقال له: بلعم. 15391 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فانسلخ منها) قال: بلعام بن باعر، من بني إسرائيل. 15392 - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا أبو سعد قال: سمعت مجاهدًا يقول، فذكر مثله. 15393 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني عبد الله بن كثير، أنه سمع مجاهدًا يقول، فذكر مثله. 15394 - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن وابن أبي عدي، عن شعبة، عن حصين، عن عكرمة قال في الذي (آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو بلعام. 15395 - وحدثنا ابن وكيع قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن حصين، عن عكرمة قال: هو بلعم. 15396 -.... قال: حدثنا عمران بن عيينة، عن حصين، عن عكرمة قال: هو بلعم. 15397 - حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا بشر قال: حدثنا شعبة، عن حصين قال: سمعت عكرمة يقول: هو بلعام. 15398 - حدثنا الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن حصين، عن مجاهد قال: هو بلعم. 15399 - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا إسرائيل، عن مغيرة، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: هو بلعم. = وقالت ثقيف: هو أمية بن أبي الصلت. (1) * * * وقال آخرون: كان بلعم هذا من أهل اليمن. * ذكر من قال ذلك: 15400 - حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو رجل يدعى بلعم، من أهل اليمن. * * * وقال آخرون: كان من الكنعانيين. * ذكر من قال ذلك: 15401 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو رجل من مدينة الجبارين يقال له: بلعم. * * * وقال آخرون: هو أمية بن أبي الصلت. * ذكر من قال ذلك: 15402 - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سعيد بن السائب، عن غطيف بن أبي سفيان، عن يعقوب ونافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو قال في هذه الآية: (الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو أمية بن أبي الصلت. (2) (1) هذه الجملة، (( وقالت ثقيف ... )) ، حذفت من المطبوعة، وهي ثابتة في المخطوطة، ولا أدري أهي من كلام أبي جعفر، أم كلام ابن عباس، أو من كلام بعض رواة خبر ابن عباس. والأرجح أنها من قول بعض رواة الخبر. (2) (2) الأثر:: 15402 - (( سعيد بن السائب بن يسار الثقفي الطائفي )) ، (( سعيد بن أبي حفص )) ثقة، كان بعضهم يعده من الأبدال، وكانت لا تجف له دمعة. مترجم في التهذيب، والكبير 2 / 1 / 439، وابن أبي حاتم 2/1/30. و (( غطيف بن أبي سفيان الطائفي )) أو (( غضيف )) ، تابعى ثقة. مترجم في التهذيب 0 (غضيف) ، والكبير 4/1/106 (غطيف) ، وابن أبي حاتم 3/2/55، (غضيف) . وكان في المطبوعة: (( غضيف )) ، وأثبت ما في المخطوطة. و (( نافع بن عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي )) ، تابعي ثقة، مترجم في التهذيب، والكبير 4 / 2 / 84، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 454. 15403 - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا ابن أبي عدي قال: أنبأنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم قال: قال عبد الله بن عمرو: هو صاحبُكم أمية بن أبي الصلت. (1) 15404 - حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا عبد الرحمن ووهب بن جرير قالا حدثنا شعبة، عن يعلى بن عطاء، عن نافع بن عاصم، عن عبد الله بن عمرو، بمثله. 15405 - حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو: (ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه) قال: هو أمية بن أبي الصلت. 15406 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء قال: سمعت نافع بن عاصم بن عروة بن مسعود قال: سمعت عبد الله بن عمرو قال في هذه الآية: (الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو صاحبكم = يعني أمية بن أبي الصلت. 15407 -.... قال: حدثنا أبي، عن سفيان عن حبيب، عن رجل، عن عبد الله بن عمرو قال: هو أمية بن أبي الصلت. (1) الأثر: 15403 - (( يعلى بن عطاء العامري الطائفي )) ، مضى برقم: 2858، 11527، 11529. (( نافع بن عاصم الثقفي )) ، مضى في الأثر السالف، ولذلك قال له عبد الله بن عمرو: (( هو صاحبكم )) ، لأنه ثقفي مثله. 15408 -.... قال: حدثنا يزيد، عن شريك، عن عبد الملك، عن فضالة =أو ابن فضالة= عن عبد الله بن عمرو قال: هو أمية. 15409 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا حكام، عن عنبسة، عن عبد الملك بن عمير قال: تذاكروا في جامع دمشق هذه الآية: (فانسلخ منها) ، فقال بعضهم: نزلت في بلعم بن باعوراء، وقال بعضهم: نزلت في الراهب. (1) = فخرج عليهم عبد الله بن عمرو بن العاص، فقالوا: فيمن نزلت هذه؟ قال: نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي. 15410 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن الكلبي: (الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: هو أمية بن أبي الصلت، وقال قتادةُ: يشكّ فيه، يقول بعضهم: بلعم، ويقول بعضهم: أمية بن أبي الصلت. * * * قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في الآيات التي كان أوتيها، التي قال جل ثناؤه: (آتيناه آياتنا) . فقال بعضهم: كانت اسمَ الله الأعظم. * ذكر من قال ذلك: 15411 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي قال: إن الله لما انقضت الأربعون سنة = يعني التي قال الله فيها: (فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً) ، [سورة المائدة: 26] بعث يوشع بن نون نبيًّا، فدعا بني إسرائيل، فأخبرهم أنه نبيٌّ، وأن الله قد أمره أن يقاتل الجبَّارين، فبايعوه وصدَّقوه. وانطلق رجل من بني إسرائيل يقال له: "بلعم" وكان عالمًا يعلم الاسم (1) (( الراهب )) ، هو (( أبو عامر الراهب، عبد عمرو بن صيفي من مالك بن النعمان )) ، كان يسمى في الجاهلية (( الراهب )) ، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أبا عامر الفاسق )) ، وخبره مشهور في السير. الأعظم المكتوم، فكفر، وأتى الجبارين، فقال: لا ترهبوا بني إسرائيل، فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم دعوةً فيهلكون! وكان عندهم فيما شاء من الدنيا، غير أنه كان لا يستطيع أن يأتي النساءَ من عِظَمهنّ، (1) فكان ينكح أتانًا له، (2) وهو الذي يقول الله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) ،: أي تبصَّر، (3) فانسلخ منها، إلى قوله: (ولكنه أخلد إلى الأرض) . (4) 15412 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) قال: هو رجل يقال له: "بلعم" ، وكان يعلم اسم الله الأعظم. 15413 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) قال: كان لا يسأل الله شيئًا إلا أعطاه. * * * وقال آخرون: بل الآيات التي كان أوتيها كتابٌ من كتب الله. * ذكر من قال ذلك: 15414 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن مجاهد، وعكرمة، عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل بلعام بن باعر أوتي كتابًا. (5) (1) في المطبوعة: (( النساء يعظمهن )) ، غير ما في المخطوطة، فأفسد. وإنما عنى عظم نساء الجبارين، وقد وصفوا بأجسام لا يعرف قدرها إلا الله. (2) (( الأتان )) أنثى الحمار. (3) في المطبوعة: (( أي تنصل )) ، وأثبت ما في المخطوطة. أما في التاريخ: (( فبصر )) ، والصواب ما في المخطوطة. (4) الأثر: 15411 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 227، 228، وسيأتي بتمامه برقم: 15423. (5) الأثر: 15414 - سيأتي مطولا برقم: 15432. وقال آخرون: بل كان أوتي النبوّة. * ذكر من قال ذلك: 15415 - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثنا أبو سعد، عن غيره = قال: الحارث: قال عبد العزيز: يعني: عن غير نفسه=، عن مجاهد قال: هو نبي في بني إسرائيل، يعني بلعم، أوتي النبوّة، فرشاه قومه على أن يسكت، ففعل وتركهم على ما هُمْ عليه. 15416 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، أنه سُئل عن الآية: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) ، فحدّث عن سَيَّار أنه كان رجلا يقال له "بلعام" ، وكان قد أوتي النبوّة، وكان مجابَ الدعوة. (1) * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أمرَ نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتلو على قومه خبرَ رجلٍ كان الله آتاه حُجَجه وأدلته، وهي "الآيات" . وقد دللنا على أن معنى "الآيات" : الأدلة والأعلام، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته. (2) = وجائز أن يكونَ الذي كان الله آتاه ذلك "بلعم" =وجائز أن يكون أمية. وكذلك "الآيات" إن كانت بمعنى الحجة التي هي بعض كتب الله التي أنزلها على بعض أنبيائه، فتعلمها الذي ذكره الله في هذه الآية، وعناه بها; فجائز أن يكون الذي كان أوتيها "بلعم" =وجائز أن يكون "أمية" ، لأن "أمية" كان، فيما يقال، قد قرأ من كتب أهل الكتاب. (1) الأثر: 15416 - سيأتي بطوله برقم 15420. (2) انظر تفسير (( الآية )) فيما سلف من فهارس اللغة (أيى) . وإن كانت بمعنى كتاب أنزله الله على مَنْ أمر نبيَّ الله عليه الصلاة والسلام أن يتلوَ على قومه نبأه =أو بمعنى اسم الله الأعظم= أو بمعنى النبوّة =، فغير جائز أن يكون معنيًّا به "أمية" ; لأن "أمية" لا تختلف الأمة في أنه لم يكن أوتي شيئًا من ذلك، ولا خبرَ بأيِّ ذلك المراد، وأيّ الرجلين المعنيّ، يوجب الحجة، ولا في العقل دلالة على أيِّ ذلك المعنيُّ به من أيٍّ. (1) فالصواب أن يقال فيه ما قال الله، ونُقِرّ بظاهر التنزيل على ما جاء به الوحي من الله. * * * وأما قوله: (فانسلخ منها) ، فإنه يعني: خرج من الآيات التي كان الله آتاها إياه، فتبرَّأ منها. وبنحو ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 15417 - حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: لما نزل موسى عليه السلام.... (2) =يعني بالجبارين= ومن معه، أتاه =يعني بلعم= أتاه بنُو عمّه وقومُه، (3) فقالوا: إن موسى رجلٌ حديد، ومعه جنودٌ كثيرة، وإنه إنْ يظهر علينا يهلكنا. فادع الله أن يردَّ عنَّا موسى ومن معه. قال: إني إنْ دعوت الله أن يردَّ موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي! فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله مما كان عليه، فذلك قوله: (فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) . (1) (1) السياق: (( ولا خبر بأي ذلك المراد، وأي الرجلين المعنى ... ولا في العقل دلالة على أي ذلك المعنى به من أي )) . وانظر تفسير (( أي ذلك من أي )) فيما سلف ص: 182، تعليق: 1، والمراجع هناك. وكان في المطبوعة والمخطوطة: (( على أن ذلك المعنى به من أي )) ، والصواب ما أثبت. (2) في المخطوطة، بياض بعد (( عليه السلام )) ، وبالهامش حرف (ط) دلالة على الخطأ. (3) في المطبوعة، حذف (( أتاه )) الثانية. ![]()
__________________
|
#710
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثالث عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ الأعراف الحلقة (710) صــ 261 إلى صــ 270 15418 - حدثني محمد بن سعد قال: حدثني أبي قال: حدثني عمي قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال: كان الله آتاه آياته فتركها. 15419 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج قال: قال ابن جريج: قال ابن عباس: (فانسلخ منها) قال: نزع منه العلم. * * * وقوله: (فأتبعه الشيطان) ، يقول: فصيَّره لنفسه تابعًا ينتهي إلى أمره في معصية الله، ويخالف أمر ربِّه في معصية الشيطان وطاعةِ الرحمن. * * * وقوله: (فكان من الغاوين) ، يقول: فكان من الهالكين، لضلاله وخلافه أمر ربه، وطاعة الشيطان. (1) القول في تأويل قوله: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو شئنا لرفعنا هذا الذي آتيناه آياتنا بآياتنا التي آتيناه = (ولكنه أخلد إلى الآرض) ، يقول: سكن إلى الحياة الدنيا في الأرض، ومال إليها، وآثر لذتها وشهواتها على الآخرة= "واتبع هواه" ، ورفض طاعة الله وخالَف أمرَه. * * * وكانت قصة هذا الذي وصف الله خبرَه في هذه الآية، على اختلاف من أهل العلم في خبره وأمره، ما:- 15420 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه: (1) انظر تفسير (( غوى )) فيما سلف 5: 416 / 12: 333 / 13: 114. أنه سئل عن الآية: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) ، فحدّث عن سيار أنه كان رجلا يقال له بلعام، وكان قد أوتي النبوّة، وكان مجاب الدعوة (1) قال: وإن موسى أقبل في بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعام =أو قال الشأم= قال: فرُعب الناس منه رعْبًا شديدًا. قال: فأتوا بلعام، (2) فقالوا: ادع الله على هذا الرجل وجيشه! قال: حتى أُوَامر ربّي =أو حتى أؤامر (3) = قال: فوامر في الدعاء عليهم، (4) فقيل له: لا تدع عليهم، فإنهم عبادي، وفيهم نبيهم! قال: فقال لقومه: إني قد وَامَرْتُ ربي في الدعاء عليهم، (5) وإني قد نهيت. قال: فأهدوا إليه هدية فقبلها. ثم راجعوه، فقالوا: ادع عليهم! فقال: حتى أوامر! فوامر، فلم يَحُر إليه شيء. (6) قال: فقال: قد وامرت فلم يَحُرْ إليَّ شيء! (7) فقالوا: لو كره ربك أن تدعو عليهم، لنهاك كما نهاك المرةَ الأولى. (8) قال: فأخذ يدعو عليهم، فإذا دعا عليهم جَرَى على لسانه الدُّعاء على قومه; وإذا أراد أن يدعو أن يُفْتَح لقومه، دعا أن يفتَح لموسى وجيشه =أو نحوا من ذلك إن شاء الله. فقال: فقالوا ما نراك تدعو إلا علينا! قال: ما يجري على لساني إلا هكذا، ولو دعوت عليه ما استجيب لي، ولكن سأدلّكم على أمرٍ عَسَى أن يكون فيه هلاكهم: إن الله يُبْغِض الزنا، وإنهم إن وقعوا بالزنا هلكوا، ورجوت أن يهلكهم الله، فأخرجوا النساء فليستقبلنهم، (9) وإنهم قوم مسافرون، فعسى أن يزنُوا فيهلكوا. قال: ففعلوا، وأخرجوا النساء يستقبلنهم. (10) قال: وكان للملك ابنة، فذكر من عِظَمها ما الله أعلم به! قال: فقال أبوها، أو بلعام: لا تُمْكِني نفسك إلا من موسى! قال: ووقعوا في الزنا. قال: وأتاها رأس سبط من أسباط بني إسرائيل، فأرادها على نفسه قال: فقالت: ما أنا بممكنةِ نفسِي إلا من موسى! قال: فقال: إنّ من منزلتي كذا وكذا، وإن من حالي كذا وكذا! قال: فأرسلت إلى أبيها تستأمره، قال: فقال لها: فأمكنيه. (11) قال: ويأتيهما رجل من بني هارون ومعه الرمح فيطعنهما قال: وأيَّده الله بقوة فانتظمهما جميعًا، ورفعهما على رمحه. (12) قال: فرآهما الناس =أو كما حدَّث. قال: وسلط الله عليهم الطاعون. قال: فمات منهم سبعون ألفا. قال: فقال أبو المعتمر: فحدثني سَيّار أن بلعامًا ركب حمارةً له، حتى إذا أتى الفُلول =أو قال: طريقًا بين الفُلول (13) = جعل يضربها ولا تُقْدِم. (14) قال: وقامت عليه، فقالت: علامَ تضربني؟ أما ترى هذا الذي بين يديك! قال: فإذا الشيطان بين يديه. قال: فنزل فسجد له، قال الله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) إلى قوله: (لعلهم يتفكرون) = قال: فحدثني بهذا سيّار، ولا أدري لعله قد دخل فيه شيء من حديث غيره. (15) 15421 - حدثنا ابن عبد الأعلى قال: حدثنا المعتمر، عن أبيه قال: وبلغني حديث رجلٍ من أهل الكتاب يحدّث: (16) أن موسى سأل الله أن يطبَعه، وأن يجعله من أهل النار. قال: ففعل الله. قال: أنبئت أن موسى قَتَله بعدُ. 15422 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سالم أبي النضر، أنه حدَّث: أن موسى لما نزل في أرض بني كنعان من أرض الشأم = [وكان بلعم ببالعة، قرية من قرى البلقاء. فلمَّا نزل موسى ببني إسرائيل ذلك المنزل] (17) أتى قومَ بلعم إلى بلعم، فقالوا له: يا بلعم، إن هذا موسى بن عمران في بني إسرائيل، قد جاء يخرجنا من بلادنا ويقتلنا ويُحِلُّها بني إسرائيل ويُسْكنها، وإنّا قومك، وليس لنا منزلٌ، وأنت رجل مجاب الدعوة، فاخرج فادعُ الله عليهم! (18) فقال: ويلكم! نبيُّ الله معه الملائكة والمؤمنون، كيف أذْهبُ أدعو عليهم، وأنا أعلم من لله ما أعلم!! قالوا: ما لنا من منزل! فلم يزالوا به يرقِّقُونه، ويتضَرَّعون إليه، (19) حتى فتنوه فافتُتِن. فركب حمارةً له متوجِّهًا إلى الجبل الذي يطلعه على (1) انظر الأثر السالف رقم: 15416. (2) في المطبوعة: (( بلعاماً )) بصرف الاسم الأعجمى. (3) الثانية (( أؤامر )) بالهمز، وهي اللغة الفصحى. والأولى: (( أوامر )) بالواو، بطرح الهمز، وليست بفصيحة، ولكن جرى بها هذا الخبر. وانظر التعليق التالي. (4) في المطبوعة: (( فآمر عليهم )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (( وامر )) ، مثل (( آمر )) ، ولكنها لغة غير مستجادة. وانظر التعليق السالف. (5) في المطبوعة: (( إني آمرت )) ، حذف (( قد )) ، وجعل (( وامرت )) (( آمرت )) ، وتابعت المخطوطة، كما أسلفت في التعليقات السالفة وفي الآتية أيضاً. (6) عبث الناشر بهذه الجملة بالزيادة والتحريف والحذف، فجعلها هكذا: (( فقال: حتى أوامر ربى، فآمر، فلم يأمره بشيء )) . وأثبت الصواب من المخطوطة (( أوامر )) و (( وامر )) كل ذلك كما جرى عليه ما سلف، بالواو. وأما قوله: (( فلم يحر إليه شيء )) ، أي: لم يرجع إليه شيء. (( حار إليه يحور حوراً )) ، رجع إليه، ومنه حاوره محاورة حواراً )) في الكلام. وقولهم (( أحار عليه جوابه )) ، و (( أحرت له جواباً )) ، و (( ما أحار بكلمة )) . (7) جعلها في المطبوعة أيضاً: (( قد وامرت فلم يأمرني بشيء )) ، وانظر التعليق السالف. (8) في المطبوعة: (( في المرة الأولى )) ، زاد (( في )) ، والذي في المخطوطة أعلى. (9) في المطبوعة: (( لتستقبلهم )) ، حذف الفاء والنون. (10) في المطبوعة (( تستقبلهم )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (11) في المطبوعة: (( مكنيه )) ، غير ما في المخطوطة. (12) في المخطوطة، أسقط (( ورفعهما )) ، والصواب ما في المطبوعة، وابن كثير. (13) في المطبوعة، وتفسير ابن كثير: (( ... أتى المعلولى = أو قال: طريقاً من المعلولى )) ، وهو لا معنى له. وفي المخطوطة: (( العلول )) و (( بين العلول )) ، وصححت قراءتها كما أثبتها، لأن جيش موسى لما نزل به العذاب، فهلك منه سبعون ألفاً، صار من بقى منه فلولا. هذا ما رجحته. (14) في المطبوعة: (( ولا تتقدم )) ، كما في ابن كثير، وأثبت ما في المخطوطة. (15) الأثر: 15420 - (( المعتمر )) هو (( المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي )) ، الإمام المشهور، مضى مرارًا. وأبوه، هو (( سليمان بن طرخان التيمي )) ، ويعرف بالتيمي، وكنيته (( أبو المعتمر )) ، مضى مرارًا. و (( سيار )) الذي روى عنه هو: (( سيار بن سلامة )) ، أبو المنهال الرياحي، الثقة المعروف، مضى برقم: 5478. وهذا الخبر، رواه ابن كثير في تفسيره 3: 595، 596، والسيوطي في الدر المنثور 3: 147، مختصراً. (16) في المطبوعة: (( فبلغنى )) ، وأثبت ما في المخطوطة. (17) الزيادة بين القوسين من تاريخ الطبري. (18) في المطبوعة: (( وادع )) بالواو، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ. (19) في المطبوعة: (( يرفعونه )) ، وفي التاريخ: (( يرفقونه )) ، والصواب ما أثبت، من (( الرقة )) ، وهي الرحمة والشفقة، يعنى ما زالوا به لكى يرق لهم قلبه. عسكر بني إسرائيل. وهو جبل حُسْبَان. (1) فلما سار عليها غير كثير ربضت به، (2) فنزل عنها، فضربها، حتى إذا أذْلَقها قامت فركبها (3) فلم تسر به كثيرًا حتى ربضت به. ففعل بها مثل ذلك، فقامت فركبها فلم تسر به كثيرًا حتى ربضت به. فضربها حتى إذا أذلقها، أذن الله لها، فكلمته حُجَّةً عليه، فقالت: ويحك يا بلعم! أين تذهب؟ أما ترى الملائكة أمامي تردُّني عن وجهي هذا؟ (4) أتذهب إلى نبيّ الله والمؤمنين تدعو عليهم! فلم ينزع عنها يضربها، (5) فخلَّى الله سبيلها حين فعل بها ذلك. قال: فانطلقت حتى أشرفت به على رأس جبل حُسْبان (6) على عسكر موسى وبني إسرائيل، جعل يدعو عليهم، فلا يدعو عليهم بشيءٍ إلا صرف به لسانه إلى قومه، (7) ولا يدعو لقومه بخير إلا صُرِف لسانه إلى بني إسرائيل. قال: فقال له قومه: أتدري يا بلعم ما تصنع؟ إنما تدعو لهم، وتدعو علينا! قال: فهذا ما لا أملك، هذا شيءٌ قد غلب الله عليه. قال: واندلع لسانه فوقع على صدره، (8) فقال لهم: قد ذهبت الآنَ منّي الدنيا والآخرة، فلم يبق إلا المكر والحيلة، فسأمكر لكم وأحتالُ، جمِّلوا النساء وأعطوهنّ السِّلع، ثم أرسلوهن إلى العسكر يبعنَها فيه، ومُرُوهنَّ فلا تمنع امرأة نفسَها من رجل أرادها، فإنهم إن زنى منهم واحدٌ كُفِيتُمُوهم! ففعلوا; فلما دخل النساءُ العسكر مرّت امرأة من الكنعانيين اسمها "كسبَى ابنة صور" ، رأس أمته، برجل من عظماء بني إسرائيل، (9) وهو زمري بن شلوم، رأس سبط شمعون بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فقام إليها، فأخذ بيدها حين أعجبه جمالها، ثم أقبل بها حتى وقف بها على موسى عليه السلام، فقال: إني أظنك ستقولُ هذه حرام عليك؟ فقال: أجل هي حرام عليك لا تقربْها! قال: فوالله لا نُطِيعك في هذا، (10) فدخل بها قُبَّته فوقع عليها. وأرسل الله الطاعون في بني إسرائيل، وكان فنحاص بن العيزار بن هارون، صاحبَ أمر موسى، وكان رجلا قد أعطي بَسطَةً في الخلق وقوة في البطش، وكان غائبا حين صنع زمري بن شلوم ما صنع. فجاء والطَّاعون يحوس في بني إسرائيل، (11) فأخبر الخبرَ، فأخذ حَرْبته. وكانت من حديد كلها، ثم دخل عليه القبة وهما متضاجعان، (12) فانتظمهما بحربته، ثم خرج بهما رافعهما إلى السماء، والحربة قد أخذها بذراعه، واعتمد بمرفقه على خاصِرته، وأسند الحرية إلى لَحْيَيه، (13) =وكان بكر العيزار=، وجعل يقول: اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك! ورُفع الطاعون، فحُسِب من هلك من بني إسرائيل في الطاعون، فيما بين أنْ أصاب زِمري المرأة إلى أن قتله فنحاص، فوُجدوا قد هلك منهم سبعون ألفا، =والمقلّل يقول: عشرون ألفاً= في ساعة من النهار. فمن هنالك تُعطى بنو إسرائيل ولد فنحاص بن العيزار بن هارون من كلِّ ذبيحةٍ ذبحُوها القِبَةَ والذراع واللَّحْي، (14) لاعتماده بالحربة على خاصرته وأخذه إياها بذراعه وإسناده إيّاها إلى لحييه (15) =والبكرَ من كل أموالهم وأنفسُهم، لأنه كان بكر العيزار. ففي بلعم بن باعور، أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها) ، يعني بلعم، (فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) ،.. إلى قوله: (لعلهم يتفكرون) (16) 15423 - حدثني موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي قال: انطلق رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم، فأتى الجبارين فقال: لا ترهبوا من بني إسرائيل، فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم فيهلكون (17) فخرج يوشع يقاتل الجبارين في الناس. وخرج بلعم مع الجبّارين على أتانه وهو يريد أن يلعَنَ بني إسرائيل، فكلما أراد أن يدعو على بني إسرائيل، دعا على الجبارين، فقال الجبارون: إنك إنّما تدعو علينا! فيقول: إنما أردت بني إسرائيل. فلما بلغ باب المدينة، أخذ ملك بذنب الأتان، فأمسكها، فجعل يحرِّكها فلا تتحرك، فلما أكثر ضَرْبها، تكلمت فقالت: أنت تنكحني بالليل وتركبني بالنهار؟ ويلي منك! ولو أنِّي أطقتُ الخروج لخرجتُ، ولكن هذا المَلَك يحبسني. وفي بلعم يقول الله: (واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) (18) .. الآية. 15424 - حدثني الحارث قال: حدثنا عبد العزيز قال: حدثني رجل (1) في المطبوعة: (( جبل حسان )) ، وفي المخطوطة: (( حسان )) غير منقوطة، وأثبت ما وافق رسمها في التاريخ، يضبطه هناك، ولم أجد له ذكراً في معاجم البلدان. (2) في التاريخ: (( فما سار عليها غير قليل حتى ربضت به )) . (3) (( الإذلاق )) : أن يبلغ منه الجهد، حتى يقلق ويتضور، وفي حديث ماعز: (( أنه صلى الله عليه وسلم أمر برجمه، فلما أذلقته الحجارة جمز وفر )) ، أي بلغت منه الجهد حتى قلق. (4) في ى المطبوعة: (( أما ترى الملائكة تردني )) ، وفي المخطوطة: (( ألا ترى الملائكة ألا تردني عن وجهي )) ، وأثبت ما في التاريخ. (5) في المطبوعة (( فضربها )) ، والصواب من المخطوطة والتاريخ. (6) في المطبوعة: (( فأنطلقت به حتى إذا أشرفت على رأس ... )) ، وفي المخطوطة أسقط (به ) ) من الجملة كلها وأثبت ما في التاريخ، وإن كان هناك (( على جبل حسبان )) ، بغير (( رأس )) . وانظر (( حسبان )) في التعليق: 1، فقد كان في المطبوعة هنا، كمثله هناك. (7) في المطبوعة: (( ولا يدعو ... بشر )) ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ. (8) (( اندلع لسانه )) : خرج من الفم، واسترخى، وسقط على العنفقة كلسان الكلب. وفي أثر آخر عن بلعم: (( إن الله لعنه، فأدلع لسانه، فسقطت أسلته على صدره، فبقيت كذلك )) . (9) في التاريخ: (( رأس أمته وبنى أبيه، من كان منهم في مدين، هو كان كبيرهم، برجل ... )) . (10) في المطبوعة: (( لا أطيعك )) ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ. (11) في المخطوطة، والتاريخ: (( يحوس )) بالحاء المهملة. من قولهم: (( تركت فلاناً يحوس بنى فلان ويجوسهم )) (بالجيم أيضاً) يتخللهم، ويطلب فيهم، ويدوسهم. و (( الذئب يحوس الغنم )) ، يتخللها ويفرقها. وفي المطبوعة: (( يجوس )) بالجيم. (12) في التاريخ: (( عليهما القبة) 9. (13) في التاريخ والمخطوطة: (0 لحيته ) ) ، والصواب ما في المطبوعة، كما سيأتي دليل ذلك من إعطاء بنى إسرائيل (( اللحى )) بنى فنخاص. (14) في المطبوعة: (( الفشة )) ، وأثبت ما في المخطوطة والتاريخ و (( القبة )) (بكسر القاف وفتح الباء مخففة) وهي من الكرش، (( الحفث )) (بفتح فكسر) ذات الطرائق من الكرش، و (( القبة )) الأخرى إلى جنبه، وليس فيها طرائق. (15) قوله: (( والبكر )) معطوف على قوله: (( تعطى بنى إسرائيل ... القبة ... )) . (16) الأثر: 15422 - رواه ابن جرير في تاريخه 1: 226، 227. (17) (( فيهلكون )) ساقطة من المخطوطة والمطبوعة، وهي ثابتة في الأثر السالف 15411، وفي التاريخ. (18) الأثر: 15423 - مضى برقم: 15411، وهو في التاريخ 1: 227، 228. سمع عكرمة، يقول: قالت امرأة منهم: أروني موسى، فأنا أفتنه! قال: فتطيَّبت، فمرت على رجلٍ يشبه موسى، فواقعها، فأُتي ابنُ هارون فأُخبر، فأخذ سيفا، فطعن به في إحليله حتى أخرجه وأخرجه من قُبُلها (1) ثم رفعهما حتى رآهما الناس، فعلم أنه ليس موسى، ففضل آلُ هارون في الْقُرْبان على آل موسى بالكتد والعضُد والفَخِذ (2) قال: فهو الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها، يعني بلعم. * * * واختلف أهل التأويل في تأويل قوله: (ولو شئنا لرفعناه بها) . فقال بعضهم: معناه: لرفعناه بعلمه بها. *ذكر من قال ذلك. 15425 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: قال ابن عباس: (ولو شئنا لرفعنا بها) ، لرفعه الله تعالى بعلمه. * * * وقال آخرون: معناه لرفعنا عنه الحال التي صار إليها من الكفر بالله بآياتنا. * ذكر من قال ذلك: 15426 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (ولو شئنا لرفعنا بها) ،: لدفعناه عنه. (3) 15427 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: (ولو شئنا لرفعناه بها) ،: لدفعناه عنه. (4) * * * (1) في المطبوعة، أسقط (( وأخرجه )) من الكلام، وهي في المخطوطة.ومع ذلك فأنا في شك من العبارة كلها. ولو قال: (( من دبرها )) ، لاستقام الكلام بعض الشيء، ولظهرت الصورة بعض الظهور. (2) في المطبوعة (( باكتف والعضد )) ، وفي المخطوطة: (( بالكتاب )) ، ولعل صوابها ما قرأت (( الكتد )) ، هو مجتمع الكتفين. والله أعلم أي ذلك هو الصواب. (3) في المطبوعة: (( لرفعنا عنه بها )) ، لا أدرى من أين جاء بذلك، وأثبت ما في المخطوطة. و (( لدفعنا )) بالدال. (4) في المطبوعة: (( لرفعنا عنه )) ، وأثبت ما في المخطوطة. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في تأويل ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عمّ الخبر بقوله: (ولو شئنا لرفعناه بها) ، أنه لو شاء رفعه بآياته التي آتاه إياها. والرفع يَعمُّ معاني كثيرة، منها الرفع في المنزلة عنده، ومنها الرفع في شرف الدنيا ومكارمها. ومنها الرفع في الذكر الجميلِ والثّناء الرفيع. وجائزٌ أن يكون الله عنى كلَّ ذلك: أنه لو شاء لرفعه، فأعطاه كل ذلك، بتوفيقه للعمل بآياته التي كان آتاها إياه. وإذ كان ذلك جائزًا، فالصواب من القول فيه أن لا يخصَّ منه شيء، إذ كان لا دلالة على خصوصه من خبرٍ ولا عقلٍ. وأما قوله: (بها) ، فإن ابن زيد قال في ذلك كالذي قلنا. 15428 - حدثني يونس قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (ولو شئنا لرفعناه بها) ، بتلك الآيات. وأما قوله: (ولكنه أخلد إلى الأرض) ، فإن أهل التأويل قالوا فيه نحو قولنا فيه. * ذكر من قال ذلك: 15429 - حدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي الهيثم، عن سعيد بن جبير: (ولكنه أخلد إلى الأرض) ، يعني: ركن إلى الأرض. 15430 -.... قال: حدثنا يحيى بن آدم، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير: (ولكنه أخلد إلى الأرض) قال: نزع إلى الأرض. 15431 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: "أخلد" : سكن. 15432 - حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين قال: حدثنا أبو تميلة، عن أبي حمزة، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة، عن ابن عباس قال: كان في بني إسرائيل بلعام بن باعر أوتي كتابا، فأخلد إلى شهوات الأرض ولذتِها وأموالها، لم ينتفع بما جاء به الكتاب. (1) 15433 - حدثنا موسى قال: حدثنا عمرو قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه) ، أما (أخلد إلى الأرض) : فاتبع الدنيا، وركن إليها. قال أبو جعفر: وأصل "الإخلاد" في كلام العرب: الإبطاء والإقامة، يقال منه: "أخلد فلان بالمكان" ، إذا أقام به وأخلد نفسه إلى المكان "إذا أتاه من مكان آخر، (2) ومنه قول زهير:" لِمَنْ الدِّيَارُ غَشِيتُهَا بِالْفَدْفَدِ كَالْوَحْيِ فِي حَجَرِ الْمَسِيلِ المُخْلِدِ (3) يعني المقيم، ومنه قول مالك بن نويرة: بِأَبْنَاء حَيٍّ مِنْ قَبَائِلِ مَالِكٍ وَعْمْرِو بن يَرْبُوعٍ أَقَامُوا فَأَخْلَدُوا (4) (1) الأثر: 15432 - مضى مختصراً برقم: 15414. (2) هذا التفسير الأخير، لا تجده في شيء من معاجم اللغة، فقيده. (3) ديوانه: 268، واللسان (خلد) ، مطلع قصيدته في سنان بن أبي حارثة المرى، وكان في المطبوعة: (( غشيتها بالغرقد )) ، والصواب ما في المخطوطة والديوان، وإنما تابع ناشر المطبوعة، ما كان في اللسان، فأخطأ بخطئه. و (( الفدفد )) الموضع فيه غلظ وارتفاع، أو هي الأرض المستويه.، و (( الوحى )) الكتابة. وقوله: (( حجر المسيل )) ، لأنه أصلب الحجارة، فالكتابة فيه أبقى، ويضربه السيل لخلوده فيأخذ منه، فتخفي الكتابة. فشبه آثار الديار، بباقى الكتابة على صخرة ينتابها السيل، فيمحو جدة ما كتب فيها. (4) الأصمعيات: 323، من قصيدته قالها في يوم مخطط، وقبله، وهو أول الشعر: إلا أكُنْ لاقَيْتُ يومَ مخطط ... فقد خبر الرُّكْبَانُ ما أتَوَدَّدُ أتاني بنفر الخير ما قد لقيته ... رزين، وركب حوله متعضدُ يهلون عمارًا، إذا ما تغوروا ... ولاقوا قريشًا خبروها فأنجدُوا ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |