شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 77 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 591 - عددالزوار : 333992 )           »          اكتشف الأسباب الخفية وراء انتفاخ البطن! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الكافيين: فوائده، أضراره، والكمية الآمنة للاستهلاك يوميًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          التعايش مع اضطراب ثنائي القطب: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          7 أطعمة تقوي العظام! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          نصائح بعد خرم الأذن: دليلك الشامل للتعافي بسرعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ما هي فوائد التبرع بالدم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          متى يكون فقدان الوزن خطير؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          7أفكار لوجبات خفيفة للأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أضرار مشروبات الطاقة: حقائق صادمة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2025, 03:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [449]
الحلقة (481)




شرح سنن أبي داود [449]

اللبس نعمة من الله تعالى، ولكن نهى الإسلام عن التعري والتنكر لتلك النعمة، ووضحت السنة أحكاماً تخص الستر والنهي عن التعري وتوضح الحدود والضوابط المختصة بالعورات، ونبه المصطفى صلى الله عليه وسلم على المواطن التي مظنة التعري وعدم الستر، ومن ذلك الحمامات العامة التي فيها اختلاط بين الرجال والنساء، ويحصل فيها التعري والتكشف.

كتاب الحمام


شرح حديث ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول الحمامات )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الحمام. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن عبد الله بن شداد عن أبي عذرة عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن دخول الحمامات، ثم رخص للرجال أن يدخلوها في الميازر) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: كتاب الحمام. حمّام -مثقّل- معروف، وجمعه حمامات؛ ولأنها تكون عامة ومفتوحة، ويختلط الناس بعضهم ببعض كي يستحموا فيها عُقِد لها هذا الكتاب، وهذه الترجمة معقودة لها. وهذه الحمامات تحرم إذا كان فيها اختلاط بين الرجال والنساء ولا يجوز دخولها. أما إذا كان الرجال في مكان وحدهم وليس معهم نساء، وحصل منهم الاستتار بأن كان عليهم مآزر أو ثياب ساترة يستحمون بها فإنه لا بأس بذلك، وهكذا الحكم بالنسبة للسباحة في البحر أو في الأنهار وغيرها. وإذا كان بعضهم مع بعض حال الاستحمام وقبله وبعده فلابد من شيء يواري سوءاتهم، إما أُزُر وإما قُمُص أو سراويل أو أي شيء يستر العورات. وأما النساء فلا يجوز لهن الذهاب إلى مثل هذه الأماكن التي يكون فيها الاختلاط ويكون فيها التكشف. أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث عائشة رضي الله تعالى عنها. قولها: (نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن دخول الحمامات) أي: مطلقاً للرجال والنساء، ومعلوم أن النساء لا يجوز لهن دخول الحمام؛ لأن ذلك مظنة التعري وانكشاف العورات، وهذا عام في النساء حتى ولو كن وحدهن في مكان واحد متزرات، أما إذا حصل تعرٍّ فهذا -بلا شك- لا يجوز. وأما الرجال فقد رخص لهم الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد، وذلك شريطة أن تكون عليهم المآزر، أو شيء يسترهم. وأحاديث الحمامات ذكر الشيخ أبو بكر الحازمي رحمه الله أنه لم يصح فيها شيء، يعني: في دخول الحمامات. والراجح في المسألة هو ما أشرت إليه آنفاً، وهو الجواز في حق الرجال بشرط أن يكون فيه استتار، وليس هناك اختلاط بين الرجال والنساء، وهو من جنس السباحة في البحر أو في الأنهار وما من شك في جواز ذلك إذا كانوا متستّرين، بأن كان عليهم السراويل أو الأزر أو القمص أو أي شيء يستر عوراتهم بحيث لا يرى أحد عورة أحد. والحديث في إسناده رجل مجهول، وهو أبو عذرة؛ ولذا فالحديث غير صحيح.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول الحمامات…)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد هو: ابن سلمة بن دينار البصري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الله بن شداد ]. عبد الله بن شداد صدوق أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبي عذرة]. أبو عذرة مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن عائشة ]. أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة



حكم دخول الحمام إذا كانت الأحاديث فيه غير صحيحة حسب قول الحازمي


السؤال: قول الحازمي : إن أحاديث الحمام كلها معلولة وإنما يصح فيها عن الصحابة، ما معنى هذا وماذا ينبني عليه؟ الجواب: معناه: أنه صح عن الصحابة شيء في هذا الباب، ومعلوم أنه جائز للرجال بشرط الاستتار بإزار أو نحوه، وهو مثل السباحة في البحر كما تقدم.

حكم دخول النساء الحمام

السؤال: بناء على التفريق بين الرجال والنساء، هل تمنع المرأة أبداً من دخول الحمام؟! الجواب: ما دام أن شيئاً منها مكشوف ويحصل تعرٍّ فلا يجوز دخولها الحمام، حتى وإن كانت بين النساء؛ لأن رؤية النساء لعورة المرأة لا يجوز.

القول بنسخ حديث دخول الحمام في حق الرجال على اعتبار صحة الحديث


السؤال: إذا كان الحديث الذي ذكره أبو داود محفوظاً فهو صريح في النسخ؟ الجواب: معناه: أن النهي منسوخ في حق الرجال، والحديث لم يصح كما قاله الحافظ أبو بكر الحازمي رحمه الله، وهو إمام من الأئمة وله كتاب: (الاعتبار من الناسخ والمنسوخ من الآثار) وله: (شروط الأئمة الخمسة) وكتب أخرى، وهو من العلماء الذين ماتوا صغاراً، وقد برز في العلم واشتهر به، وتوفي وعمره خمس وثلاثون سنة، وقد قال فيه الذهبي -عندما ذكره فيمن يعتمد قوله في الجرح والتعديل-: وقد مات شاباً طرياً، عمره خمس وثلاثون سنة. فهو من المؤلفين ومن الحفاظ وممن يعول على قوله في الجرح والتعديل، وقد مات في سن مبكرة، ومثله من المعاصرين الشيخ حافظ الحكمي رحمة الله عليه، فإنه ملأ المكتبات بمؤلفاته النثرية والشعرية في العقيدة والحديث والمصطلح، وقد مات وعمره خمس وثلاثون سنة، سنه مثل سن الحازمي رحمهما الله تعالى.
تابع كتاب الحمام


شرح حديث عائشة (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن قدامة حدثنا جرير ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ؛ جميعاً عن منصور عن سالم بن أبي الجعد -قال ابن المثنى : عن أبي المليح - قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله عنها فقالت: ممن أنتن؟ قلن: من أهل الشام، قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم، قالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنه جاء إليها نسوة من الشام وقالت: (لعلكن من الكورة) أي: المدينة أو البلدة، (التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم) ثم ذكرت الحديث: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيت زوجها إلا هتكت ما بينها وبين الله عز وجل) أي: أن هذا حرام وأنه لا يسوغ، وهذا يطابق ما جاء من النهي عن دخول الحمامات للنساء. والحديث صحيح، ويستدل به في النهي عن دخول النساء الحمامات. قوله: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها) يشمل الحمامات وغيرها، حتى لو خلعتها في أماكن أخرى، لكن -كما هو معلوم- إذا كان الخلع في بيت سكنته مع أهلها أو كانوا في مكان وهم مسافرون واستأجروا شقة أو ما شابه ذلك؛ فهذا يعتبر بيتهم، وكذلك إذا كانت في بيت أهلها وخلعته للحاجة -كالاستحمام مثلاً- فلا بأس. والمنهي عنه هو خلعها ثيابها خلعاً يسبب فتنة، فهذا لا يجوز حتى أمام الأب أو الأم، ولا يجوز لها أن تظهر شيئاً من مفاتنها، لا بخلع الثياب ولا بخلع شيء من الثياب يؤدي إلى إظهار المفاتن والزينة؛ لأن هذا من خصائص الزوج، ولا يجوز إظهار المرأة مفاتنها إلا عند الزوج.
تراجم رجال إسناد حديث (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها...)


قوله: [ حدثنا محمد بن قدامة ] محمد بن قدامة المصيصي وهو ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن جرير ] جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا محمد بن المثنى ] (ح) هي للتحول من إسناد إلى إسناد. محمد بن المثنى هو أبو موسى العنزي الملقب بالزمن ، كنيته أبو موسى ، ولقبه الزمن ، وهو مشتهر بكنيته أبي موسى ، ولهذا عندما يأتي ذكره مع الرجال باختصار يذكرونه بكنيته، مثلاً يأتي ذكره في كتاب تهذيب التهذيب ضمن الرواة عن أحد المحدثين فيقال: روى عنه فلان وفلان وأبو موسى ، أي: أبو موسى محمد بن المثنى ؛ لأنه مشهور بكنيته، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ من شيوخ أصحاب الكتب الستة، فكلهم رووا عنه مباشرة وبدون واسطة. [ حدثنا محمد بن جعفر ] محمد بن جعفر هو الملقب بغندر البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ] شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ جميعاً عن منصور ] يعني أن الطريقين السابقتين عن منصور ، وهو منصور بن المعتمر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم بن أبي الجعد ] سالم بن أبي الجعد ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال ابن المثنى : عن أبي المليح ] أبو المليح هو عامر بن أسامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، يعني أن ذكر أبي المليح إنما هو في الطريق الثانية التي هي طريق محمد بن المثنى . [ عن عائشة ] مر ذكرها. [ قال أبو داود : هذا حديث جرير وهو أتم، ولم يذكر جرير أبا المليح، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..] هذه الطريق الذي ليس فيها ذكر أبي المليح، وإنما ذكره محمد بن المثنى في الطريق الثانية، وكلا الطريقين مرسلة، فقد سقط منهما التحديث عن عائشة رضي الله عنها، والطريق الأولى سقط منها -أيضاً- أبو المليح ، فالطريق الثانية أتم نسبياً، وإلا فكلاهما مرسلة.
شرح حديث عبد الله بن عمرو في النهي عن دخول الحمام


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس ثنا زهير ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنها ستفتح لكم أرض العجم، وستجدون فيها بيوتاً يقال لها الحمامات، فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر، وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء) ] أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما، وفيه إباحة دخول الحمامات للرجال ومنع النساء إلا مريضة أو نفساء. والحديث فيه رجلان ضعيفان وهما: عبد الرحمن بن زياد بن أنعم و عبد الرحمن بن رافع الأفريقيان، وكل منهما ضعيف وليس بحجة وليس بثابت.
تراجم رجال إسناد حديث عبد الله بن عمرو في النهي عن دخول الحمام


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ] أحمد بن يونس ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ثنا زهير ] زهير بن معاوية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ]. هو عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن رافع ]. وهو ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن عبد الله بن عمرو ] عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

النهي عن التعري


شرح حديث (إن الله حيي ستير ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن التعري. حدثنا عبد الله بن محمد بن نفيل ثنا زهير عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء عن يعلى : (أن رسول صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز بلا إزار، فصعد المنبر فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) ]. أورد أبو داود باباً في النهي عن التعري، يعني: التعري حيث يراه أحد غير من يجوز له أن يراه -كالزوجة والأمة: السرية التي يطؤها- فإنه ليس لأحد غيرهما أن يطلع على عورته، وإذا كان المرء في مكان مكشوف يراه الناس فلا يجوز له أن يغتسل عارياً، بل عليه أن يغتسل وعليه شيء يستر عورته، بخلاف ما إذا كان في مكان مستور لا يطلع عليه أحد، فإن تعريه حال الاغتسال عند ذلك مباح. وقد أورد أبو داود حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه أن النبي رأى رجلاً يغتسل في البراز؛ أي: المكان المكشوف، في الفضاء الواسع، وليس هناك شيء يستره لا من جدار ولا من أشجار، وإنما هو بارز للناس، ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك صعد المنبر وقال: (إن الله حيي ستير، يحب الحياء والستر) ومعنى ذلك أنه ليس للإنسان أن يفعل هذا الفعل، وإنما عليه أن يستتر عن الناس، وأن يكون من أهل الحياء، فلا يحصل منه ذلك، لأن هذا الفعل لا يسوغ ولا يجوز، ولا يجوز أن يرى أحد عورته إلا زوجته أو ملك يمينه -الأمة التي يطؤها-. قوله رحمه الله تعالى: [ (إن الله حيي ستير) ] هذا فيه دليل على إثبات هذين الاسمين لله عز وجل، فهو الحيي وهو الستير، لمجيئهما في هذا الحديث. ثم ذكر مقتضى هذين الاسمين حيث قال: (يحب الحياء، ويحب الستر) يعني هو حيي يحب الحياء، وهو ستير يحب الستر، وهكذا يأتي في بعض الأحاديث التي فيها ذكر بعض أسماء الله تعالى محبة الصفات التي تدل عليها هذه الأسماء، وهنا: (إن الله حيي ستير؛ يحب الحياء والستر) وفي حديث آخر: (إن الله جميل يحب الجمال)، وقوله صلى الله عليه وسلم أيضاً: (إن الله محسن فأحسنوا) وهكذا بعض الأحاديث التي تأتي يأتي فيه ذكر اسم من أسماء الله، ثم يذكر بعدها شيء يرشد إليه، وغالباً ما يكون مشتقاً من تلك الأسماء. أما ما يشتهر على ألسنة الكثير من عامة الناس من إطلاقهم اسم (الساتر) و(الستار) على الله تعالى وإدراجه ضمن أسماء المولى جل وعلا؛ فلا نعلم دليلاً يدل عليهما، ولكن لا شك أن الله تعالى هو الستَّار وهو الساتر من حيث المعنى، لكن الأسماء والصفات توقيفية، والذي ورد هو ما تقدم.
تراجم رجال إسناد حديث (إن الله حيي ستير ... )


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد بن نفيل ] عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ ثنا زهير عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ] زهير مر ذكره، أما عبد الملك بن أبي سليمان ، فصدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن عطاء ] هو عطاء بن أبي رباح ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يعلى ] يعلى بن أمية ، صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إن الله حيي ستير ... ) من طريق أخرى وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف حدثنا الأسود بن عامر حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث. قال أبو داود : الأول أتم ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن الصحابي يعلى بن أمية رضي الله عنه، وأشار إلى أن الطريق الأولى أتم، أي: التي ساقها بلفظها. قوله: [ حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف ]. محمد بن أحمد بن أبي خلف ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود . [ حدثنا الأسود بن عامر ] عن الأسود بن عامر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو بكر بن عياش ] أبو بكر بن عياش ، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم. في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن صفوان بن يعلى ] صفوان بن يعلى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ] قد مر ذكره.
شرح حديث ( أما علمت أن الفخذ عورة )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد، عن أبيه قال: كان جرهد هذا من أصحاب الصفة، أنه قال: (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفخذي منكشفة، فقال: أما علمت أن الفخذ عورة؟) ]. أورد أبو داود حديث جرهد رضي الله عنه أنه كان في الصفة -أي صفة المهاجرين- وهي مكان في المسجد كان يأوي إليه فقراء المهاجرين ممن ليس عندهم أهل، وليس عندهم بيوت، فيكونون في ذلك المكان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم. وفي ذات مرة زارهم صلى الله عليه وسلم -كما يروي جرهد رضي الله عنه- ورأى جرهداً قد بدت فخذه فقال عليه الصلاة والسلام: (أما علمت أن الفخذ عورة!) يعني أنه يجب أن تستر؛ لأنها عورة.
تراجم رجال إسناد حديث ( أما علمت أن الفخذ عورة )


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ] هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ] مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي النضر ] هو سالم ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد ]. زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد مجهول وقد وثقه النسائي وأخرج له أبو داود والنسائي في مسند مالك . [ عن أبيه ] أبوه هو عبد الرحمن بن جرهد، وهو مجهول الحال، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند مالك . [ عن جرهد ] وهو صحابي أخرج البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند مالك . والحديث في سنده مجهول الحال، ولكن له طرق أخرى يتقوى بها.
شرح حديث ( لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت) وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن سهل الرملي حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت). قال أبو داود : هذا الحديث فيه نكارة ] أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى عورة فخذ حي ولا ميت) وهو يدل على أن الفخذ عورة، لكن الحديث فيه ضعف من جهة أن ابن جريج قال: أخبرت، أي: أن فيه واسطة محذوفة، وأيضاً قالوا: إن فيه أيضاً رجلاً مجهولاً محذوفاً بين حبيب بن أبي ثابت و عاصم فهو منقطع؛ ولذا فهو ضعيف، وأما أن الإنسان لا يظهر فخذه ولا ينظر إلى فخذ حي ولا ميت فهذا معنى صحيح من أدلة أخرى تدل على أن الإنسان ليس له أن ينظر إلى العورات.
تراجم رجال إسناد حديث ( لا تكشف فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت )


قوله: [ حدثنا علي بن سهل الرملي ]. علي بن سهل الرملي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا حجاج ]. هو حجاج بن محمد المصيصي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت ]. ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن ضمرة ]. عاصم بن ضمرة صدوق أخرج له أصحاب السنن. [ عن علي ]. هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



الجمع بين حديث الفخذ عورة وكشف النبي فخذه في خيبر


السؤال: كيف يكون الجمع بين حديث: (الفخذ عورة) وأن النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر كانت فخذه مكشوفة.. الجواب: من العلماء من قال: إن الذي حصل في خيبر إنما هو انحسار، ومعلوم أن الانحسار قد يحصل من الإنسان من غير إرادته؛ لكونه راكباً ومسرعاً، فقد ينحسر الرداء أو الثوب في حال الإسراع، فرآه الراوي في هذه الحال. ومن العلماء من قال: إنه يجمع بينه وبين هذا: بأن ظهور الفخذ ثابت في بعض الأحاديث، والنهي عن إظهار الفخذ ثابت في بعض الأحاديث، وقالوا: إن العورة عورتان: عورة مغلظة، وعورة مخففة، ويحمل ما جاء في بعض الأحاديث على العورة المخففة، ولهذا لما ذكر البخاري حديث جرهد هذا وأشار إليه تعليقاً، قال: يروى جرهد، عن العباس ومحمد بن جحش وجرهد: (الفخذ عورة)، ثم قال: حديث أنس أسند وحديث جرهد أحوط.

حكم ستر الركبة والسرة

السؤال: هل تدخل الركبة في العورة؟ الجواب: الركبة هي الحد الفاصل بين الفخذ والساق، فإدخالها لا شك أنه الأولى، وإذا ظهرت فلا بأس إن شاء الله؛ لأنها هي الحد الفاصل، ولا يقال لها: فخذ، ولا يقال لها: ساق، وإنما هي فاصل بين الفخذ والساق، لكن كون الإنسان يسترها لا شك أنه أحوط، وكذلك السرة."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-07-2025, 04:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [450]
الحلقة (482)



شرح سنن أبي داود [450]

امتن الله على عبيده بنعمة اللباس والزينة، وحرم عليهم التعري وعدم الستر إلا لحاجة اقتضت ذلك، وأحكام الستر والتعري كثيرة ومفصلة في هذه المادة.

ما جاء في التعري


شرح حديث (خذ عليك ثيابك ولا تمشوا عراة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في التعري. حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما قال: (حملت حجراً ثقيلاً، فبينا أمشي فسقط عني ثوبي، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عليك ثوبك ولا تمشوا عراة) ]. أورد أبو داود باباً في التعري، والتعري -كما أسلفنا- لا يجوز إلا لمن يجوز التعري عنده، أو التعري للحاجة كالاغتسال إذا اغتسل خالياً وليس عنده أحد. وأورد أبو داود حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أنه كان يحمل حجراً ثقيلاً فسقط عنه ثوبه، وكان المكان الذي يريد أن يطرح حمله فيه قريب، ولأنه ثقيل مشى خطوات حتى وضعه وسارع فأخذ ثوبه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (خذ ثوبك، ولا تمشوا عراة) فالإنسان ليس له أن يتعرى، وإذا حصل التعري لطارئ خارج عن إرادته فليبادر إلى التستر.
تراجم رجال إسناد حديث ( خذ عليك ثيابك ولا تمشوا عراة )


قوله: [ حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ] إسماعيل بن إبراهيم ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا يحيى بن سعيد الأموي ] يحيى بن سعيد الأموي ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عثمان بن حكيم ] عثمان بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي أمامة بن سهل] أبو أمامة بن سهل له رؤية، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن المسور بن مخرمة ]. المسور بن مخرمة رضي الله عنه، وهو صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة حدثنا أبي قال. ح وحدثنا ابن بشار حدثنا يحيى نحوه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده رضي الله عنه، قال: (قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك، قال: قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها، قال: قلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس) ]. أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قلت: يا رسول الله! عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟) يعني: عمن نستر عوراتنا؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك) معنى هذا أن الإنسان ليس له أن يكشف عورته عند أحد من الناس إلا لزوجته وما ملكت يمينه، وملك اليمين ما يباح له وطؤه مما يملك من الإماء، أما إذا كان ملك اليمين هذا ليس فراشاً له وليس له أن يطأها بأن تكون أمة مزوجة ويطؤها غيره أو أمة مشتركة، فإنه ليس له أن يكشف عورته عندها. وغيره من الناس عليه أن يستر عورته منهم، فبين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن الذي تكشف عنده العورة هو الزوجة فلها ترى عورة زوجها وهو يرى عورتها، وهذا خاص بهما، وكذلك الأمة التي يطؤها سيدها. قوله: (قلت: يا رسول الله! إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها). إذا كان القوم بعضهم في بعض، يعني: في مكان واحد ليس فيه انفراد بحيث إن الإنسان ينفرد في مكان يغير ثيابه أو يلبس ثيابه -مثلاً- فليس عندهم إلا مكان واحد فقط، أو غرفة واحدة، أو خيمة، ولا يوجد لديهم أماكن أخرى سوى ذلك. فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يجتهد في ألا يطلع على عورته أحد، وإذا كان بين الناس فإنه يجتهد أن يلبس ما يستره عندما يخلع الثياب التي عليه ما دام أنه ليس في مكان يخلو به وينفرد به. قوله: (قلت: يا رسول الله! إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس). أي: إذا كان أحدنا خالياً فهل يتعرى؟ قال: (الله أحق أن يستحيا منه من الناس) يعني أن مثل هذه الهيئة لا تصلح، فالإنسان لا يتعرى حتى حال انفراده إلا للحاجة، مثل الاغتسال أو كونه مع أهله ويحتاج الأمر إلى أن يظهر عورته، فإن ذلك سائغ، وأما ما سوى ذلك فإنه لا يجوز.
تراجم رجال إسناد حديث (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن أبيه ] عبد الله بن مسلمة مر ذكره، وأبوه هو: مسلمة بن قعنب وهو ثقة أخرج له أبو داود . [ ح وحدثنا ابن بشار ] هو محمد بن بشار الملقب ببندار ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى ] هو يحيى بن سعيد القطان البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن بهز بن حكيم ] هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة ، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ] أبوه حكيم بن معاوية بن حيدة ، وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن جده ] جده هو معاوية بن حيدة رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.

الحكم على حديث ( لم أرَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرَ مني )

السؤال: هل صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لم أر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ير مني) ؟ الجواب: هذا من أحاديث الأدباء التي يذكرونها في كتب الأدب، (لم ير مني ولم أر منه)، أي السوأة، فهم يوردون هذا شاهداً للمفعول المحذوف، وهو هنا السوأة، وهذا لا نعلم له ثبوتاً، والحديث الثابت في هذه المسألة هو الذي مر وفيه: (احفظ عورتك إلا من زوجتك وما ملكت يمينك) هذا هو الصحيح في هذا الباب، وأما ذاك فمشهور في كتب الأدب عند الأدباء ولا يثبت.
شرح حديث (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل، ولا المرأة إلى عرية المرأة، ولا يفض الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفض المرأة إلى المرأة في ثوب) ] أورد أبو داود رحمه الله تعالى حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة) ورد الكلام هنا في شأن الرجال بعضهم مع بعض، والنساء بعضهن مع بعض، وغير ذلك لا شك أنه من باب أولى، أعني كون المرأة تنظر إلى عورة الرجل أو الرجل ينظر إلى عورة المرأة، فهذا يحرم من باب أولى. قوله: (ولا يفض الرجل إلى الرجل في ثوب واحد). يعني: حيث يكونان معاً في ثوب واحد وكلاهما غير مستتر، أو يكون هو وإياه في لحاف واحد متلاصقين. قوله: (ولا تفض المرأة إلى المرأة في ثوب). وهذا مثله في الحكم.
تراجم رجال إسناد حديث (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة ..)

قوله: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم ] عبد الرحمن بن إبراهيم هو الملقب دحيم ، وهو ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن ابن أبي فديك ] هو محمد بن مسلم بن إسماعيل ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الضحاك بن عثمان ] الضحاك بن عثمان صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن زيد بن أسلم ] زيد بن أسلم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ] عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ] أبوه هو أبو سعيد الخدري رضي الله عنه واسمه سعد بن مالك بن سنان أحد الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث ( لا يفضين رجل إلى رجل ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا ابن علية عن الجريري. ح وحدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي نضرة عن رجل من الطفاوة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفضين رجل إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة إلا ولداً أو والداً) قال: وذكر الثالثة فنسيتها ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يفضين الرجل إلى الرجل، ولا المرأة إلى المرأة إلا ولداً أو والداً) يعني فيما بينهما، والحديث غير صحيح؛ لأن فيه هذا الرجل المجهول، الذي هو رجل من طفاوة. والعورة كما عرفنا لا تكشف إلا بين الزوج وزوجته وأمته، والوالدان وغيرهما يجب التستر عنهما وتسترهما عن أبنائهما.
تراجم رجال إسناد حديث ( لا يفضين رجل إلى رجل .. )


قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ] إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا ابن علية ] هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الجريري] هو سعد بن إياس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح، وحدثنا مؤمل بن هشام ] ح هي للتحول من إسناد إلى إسناد. ومؤمل بن هشام ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا إسماعيل عن الجريري]. إسماعيل هو ابن علية، وهنا ذكره باسمه، وهناك ذكره بنسبته إلى أمه. [ عن الجريري عن أبي نضرة ]. أبو نضرة هو المنذر بن مالك بن قطعة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن رجل من الطفاوة عن أبي هريرة ] أبو هريرة هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
الأسئلة



حكم البقاء عرياناً في غرفة منفرداً أو في أثناء النوم


السؤال: هذا الباب هل يفيد أن الإنسان لا يغتسل وهو متعرٍ، ولابد أن يستر عورته المغلظة حتى إذا كان لوحده في الحمامات الموجودة الآن؟ الجواب: هذا جائز؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر في الحديث الصحيح قصة أيوب وموسى عليهما الصلاة والسلام، وأنهما كانا يغتسلان عريانين، فذلك سائغ، وستر العورة المغلظة يستحبه بعض العلماء عند الغسل؛ لأن الله أحق أن يستحيا منه، لكن كما هو معلوم فيما إذا كان الإنسان في غرفة وحده لا يتعرى من غير حاجة، وأما هذا فإنما هو للاغتسال، وقد جاء في الحديث أن نبيين كريمين اغتسلا وهما عاريان. ويدخل في النهي النوم عرياناً.

عورة المرأة مع المرأة


السؤال: لو شرحت لنا حد العورة التي لا يجوز رؤيتها بين المرأة والمرأة؟ الجواب: النساء يجب عليهن التستر فيما بينهن، وعليهن ألا يتساهلن، وإنما يظهرن الحشمة ولا يستهنّ بالأمر، فالمرأة لا تبدي زينتها للمرأة، ولا تظهر ثديها ولا بطنها وما إلى ذلك، وعليها أن تحتشم، وأن تبتعد عن مساوئ الأخلاق، وأن تأخذ الحشمة، ولو كان ما عندها إلا نساء؛ لأن مثل هذا الأمر فيه شيء محذور من ناحية الاطلاع على مفاتن المرأة وعلى زينتها، وأيضاً من ناحية التساهل والتهاون الذي يجري بين النساء بحيث ينتشر التحلل والميوعة، فالمرأة عليها أنها تكون مع النساء مستترة، أما مسألة الضرورة فهذا شيء آخر، فإذا كان هناك حاجة إلى الاطلاع على شيء للضرورة فهذا أمر آخر.

حكم لبس المرأة البنطال بين النساء حال السباحة معهن


السؤال: ما حكم استتار المرأة ببنطلون أو لباس ضيق، ثم تسبح مع نساء في مسبح واحد؟ الجواب: البنطلونات الضيقة التي تصف العورة وحجمها ليس للمرأة أن تستعملها، فلا تستعمل المرأة البنطلونات مطلقاً، لا مع النساء بل ولا حتى مع زوجها؛ لأن مثل هذا يسبب أن تتهاون في الأمر، ثم إنها مع الزوج لا تحتاج إلى البنطلون، فكل شيء يحق له أن يراه منها.

حكم نوم الرجل مع الرجل تحت لحاف واحد


السؤال: ما حكم نوم الرجل مع الرجل في لحاف واحد؟ الجواب: لا يصلح، ولا ينبغي أن يناما متجاورين، أما إذا كان بينهما فاصل، واللحاف طويل، كأن يكفي اللحاف لخمسة أشخاص، ونام واحد في طرف والآخر في طرف فلا بأس إن شاء الله.

حد عورة الصغير ذكراً كان أو أنثى


السؤال: ما حد عورة الصبي ذكراً أو أنثى؟ الجواب: الصغير لا يحرم أن يطلع المرء على عورته إذا كان صغيراً، وأما إذا بلغ حداً يشتهى فيه أو كبرت البنت شيئاً ما عن حد كونها صغيرة، فليس للإنسان أن يطلع على عورتها. فإذا كان الصغير كبر بعض الشيء بأن يكون مميزاً أو قريباً من المميز فلا ينبغي أن ينظر إلى عورته.

حرمة التصاق رجل برجل دون ثياب أو تحت لحاف واحد


السؤال: في الحديث: (لا يفض الرجل إلى الرجل بالثوب الواحد) لو قيدنا بما إذا كانا عريانين وهما في ثوب واحد، وتحت لحاف واحد؛ لأن أهل الصفة كفتهم الصفة مع أنهم كانوا كثيرين، وهذا يؤدي إلى اقتراب بعضهم من بعض؟ الجواب: ليس هناك دليل على أنهم كان يلتصق بعضهم ببعض، وإن حصل الاقتراب لكن ليس هناك تلاصق.

حكم خلع المرأة ثيابها في بيت محرم لها منفردة لأجل تغيير الملابس


السؤال: هل يجوز تغيير ملابس الزوجة في بيت أختها أو أخيها مع الأمن من الفتنة والاختلاط؟ الجواب: إذا احتيج إلى ذلك، بأن تكون مثلاً ماكثة عندهم مدة أسبوع أو قريباً من ذلك أو أقل واحتاجت إلى أن تغير ملابسها فلها أن تغير ما دام أنه لا أحد يراها، ولا مانع من ذلك.

حكم خلع المرأة ثيابها في بيت جارتها لقياس فستان مثلاً


السؤال: إذا خلعت المرأة ثيابها في بيت جارتها لقياس فستان ونحوه، فما الحكم؟ الجواب: الفستان يقاس بدون خلع، فتقيس وعليها ثيابها، وبقاؤها في ثيابها واجب ولا حاجة إلى التعري، فالناس الآن عندما يأتون إلى الخياط لا يتعرون من أجل أن يقيسوا! بل يقيسون وعليهم الثياب.

حكم خلع المرأة ثيابها في صالات وقصور الأفراح


السؤال: يوجد في بعض قصور الأفراح غرفة معدة للنساء حيث يقمن بتغيير ملابسهن، ولبس ثياب أخرى من أجل حفل الزواج، فهل يجوز ذلك، علماً بأن ذلك يتم في حشمة وتستر؟ الجواب: هذا لا يجوز، المرأة تخرج من بيتها بلباسها وترجع بلباسها، لا تأتي وتغير وتبدل في تلك الأماكن.

حكم ذهاب المرأة للحمامات العامة


السؤال: عندنا حمامات حارة يستفيد منها النسوة، فهل يجوز لهن دخولهن، علماً بأنها منعزلة عن الناس؟ الجواب: النساء لا يصلح أن يستعملن هذه الأمور، وإنما تقتصر على ما في بيتها ولا تخرج.

حكم ذهاب الرجل إلى الحمامات العامة


السؤال: إذا كان في الحمامات الخاصة بالرجال كشف للعورة من بعض الرجال، فهل يجوز لي الذهاب إلى الحمامات، وأتستر، لكن غيري ربما لا يتستر الستر المطلوب؟! الجواب: لا تذهب، ما دام أن هناك أناساً عراةً فلا تذهب، ولا تجلس معهم، ولا تشاركهم فيما هم فيه.

حكم الذهاب إلى الحمامات البخارية لغرض التداوي


السؤال: توجد حمامات طبيعية فيها غرف مستقلة تستعمل للتداوي، فهل يجوز للمرأة دخولها لغرض التداوي مع وجود محرم؟ الجواب: كيف هذا التداوي؟! ألا يوجد الماء الحار إلا في هذه الحمامات؟! الناس عندهم سخانات وعندهم مياه حارة. والحمامات الخاصة بالنساء في المشاعر وغير المشاعر التي هي خاصة بالنساء تذهب إليها النساء، لكن ما تكون مع رجال ونساء، وأما حمامات يختلط فيها رجال ونساء فلا يجوز ذلك، بل النساء تكون على حدة والرجال على حدة. والحمامات المعدنية التي فيها غرف خاصة للنساء لا أراه، والنساء عليهن أن يحذرن من الوقوع في أمور لا تنبغي.

حكم سباحة المرأة مع نساء


السؤال: هناك بعض المدارس الخاصة بالبنات في بلادنا فيها أحواض للسباحة، وليست مكشوفة، فهل يجوز للطالبة أن تدخل في هذه الأحواض؟ الجواب: سباحة نساء مع نساء وهن متسترات بثيابهن ليس فيه بأس.

دخول حمامات غير محتشمة من خوارم المروءة


السؤال: هل يعتبر دخول الحمامات من خوارم المروءة بالنسبة للرجال؟ الجواب: إن كان فيها تعر ورؤية عورات الآخرين فهذا من خوارم المروءة، بل لا يجوز شرعاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن النظر إلى عورة الآخرين كما عرفنا في الأحاديث، فلا ينظر هو إلى عورة أحد ولا غيره ينظر إلى عورته، فلا شك أن هذا من خوارم المروءة، ومن قلة الأدب، ومن قلة الحياء.

حكم سباحة الرجال بالسراويل دون إزار


السؤال: ما حكم السباحة بالسراويل؛ حيث إن بعض الإخوة يقول: إنه لا يجوز إلا مع الأزر فوق السراويل؟ الجواب: ليس بلازم أن يكون هناك إزار وسراويل مع بعض، فالواجب الستر، لكن السباحة بالإزار فقط لا تصلح؛ لأنه يرفعه الماء.

حكم مشاهدة المنافسات الرياضية مع رؤية أفخاذ اللاعبين


السؤال: لاعبو كرة القدم والمصارعون وغيرهم يكشفون أفخاذهم، فهل تدخل مشاهدة تلك الألعاب في التحريم؟ الجواب: نعم، لا يجوز لهم فعل هذا الشيء، ولا يجوز لأحد أن ينظر إليهم إذا كانوا كاشفي عوراتهم.

حكم السباحة في مكان -كالبحر- فيه رجال غير متسترين


السؤال: هل يجوز السباحة في البحر إذا وجد رجال يكشفون العورات؟ الجواب: لا يكون معهم، البحر طويل وعريض، فيكون في مكان بعيد عنهم، والمكان الذي هم فيه لا يكون معهم، وإنما يذهب إلى مكان بعيد ويسبح فيه.

حكم الاغتسال بشكل جماعي مع ظهور بعض العورة


السؤال: يقول: عندنا في الجيش يغتسلون بشكل جماعي عراة! الجواب: هؤلاء مثل الحيوانات.

حكم الصلاة في الملابس الرياضية


السؤال: ما حكم الصلاة في الملابس الرياضية؟ الجواب: تصح الصلاة، وجميع الألبسة الساترة التي تستر العورة تصح الصلاة بها.

حكم إلباس الصغيرة عباءة


السؤال: ابنتي في سن الأربع السنوات تحب أن تلبس العباءة تشبهاً بأمها، فأردت أن أخيط لها عباءة، فأنكر علي أحد الإخوة، فهل له ذلك؟ الجواب: ليس له ذلك، وهي قد تلبسها يوماً ثم تتركها؛ لأن هذا شأن الصغار، ولكن كونها تتعود على هذا ليس فيه بأس.

عدم صحة عبارة (النبي عندما ينزل عليه الوحي يكون خارجاً عن طور البشرية)


السؤال: هل تصح هذه العبارة: النبي صلى الله عليه وسلم عندما ينزل عليه الوحي يكون خارجاً من طور البشرية؟ الجواب: ما المقصود بكونه خارجاً عن طور البشرية؟ هل معناها أنه ليس ببشر في تلك اللحظة؟ لا يقال هذا، بل هو بشر صلى الله عليه وسلم في جميع الأوقات ولا يخرج عن طور البشرية، وأما إن كان المقصود من ذلك أنه يحصل له شدة ويحصل له تأثر بالغ فهذا صحيح، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يلاقي شدة عند نزول الوحي عليه، لكن كونه يخرج عن كونه بشراً فهذا لا يصح.

حكم الاجتماع لختم القرآن والذبح له


السؤال: ذكرتم جواز الاجتماع لختم القرآن والذبح له، فهل هذا العمل نظير العمل الذي أنكره ابن مسعود رضي الله عنه على الذين يجتمعون للذكر؟ الجواب: ليس من هذا القبيل، فكون الناس ختموا القرآن وبعد ذلك ذبحوا شاة شكراً لله عز وجل على هذه النعمة التي أنعم الله تعالى بها عليهم ليس من هذا القبيل، وأما أولئك فكانوا يسبحون بالحصى ويعدون بالحصى، ويكبرون مائة ويهللون مائة ويسبحون مائة، وهذا غير صحيح، وأما مثل هذا فهو عمل لا بأس به ويعتبر جائزاً من أجل أنه شكر لله عز وجل على هذه النعمة. والبدع لا تجوز، وهذا لا يعتبر من قبيل البدع؛ لأن فيه أن الإنسان يشكر، وأما أن يقال: إن هذا سنة فهذا لا يجوز؛ لأنه ليس هناك شيء يدل على أنه سنة، لكنه جائز وليس هناك شيء يدل على منعه.

بيان متى يكون الإنكار باليد


السؤال: نريد التوضيح لما يتعلق بتغيير المنكر باليد، ومتى يجوز للمسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية أن ينكروا المنكر باليد، علماً بأن المعاصي قد انتشرت وبعض الناس مستمرون في المجاهرة بالمعاصي، وليس هناك من ينكر عليهم من قبل الولاة؟ الجواب: الإنسان لا يمد يده إلا إذا كان صاحب يد، وعنده القدرة والتمكن، مثل كون الإنسان يمد يده على أولاده وعلى أهله، وهو راع في أهل بيته ومسئول عن رعيته، فله أن يضرب وله أن يؤدب بالضرب، لكن كونه يمشي في الشارع فإنه إذا ضرب ضربه الناس، أما إذا كان صاحب سلطة وصاحب ولاية فإنه يضرب ويؤدب، ولا أحد يقابله، وإذا قابله فإنه يعاقب بالعقوبة التي تناسبه.

المقصود بخوارم المروءة


السؤال: يقول العلماء: إن من تقبل روايته هو الثقة الضابط لما يرويه، وهو المسلم العاقل البالغ السالم من أسباب الفسق وخوارم المروءة، فما المراد بخوارم المروءة؟ الجواب: المروءة هي الأخلاق والآداب، وهناك أشياء يكون ارتكابها نقصاً في الأدب أو إخلالاً بالآداب، هذا هو المقصود بخوارم المروءة.

حكم الاحتجاج على جواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور بوجود قبر النبي في المسجد


السؤال: يحتج كثير من الناس بجواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور بوجود قبر رسول صلى الله عليه وسلم في مسجده، فهو داخل في التوسعة ولاسيما بعد وضع الأبواب والسور، فما الجواب عن هذه الشبهة؟ الجواب: لا يجوز الاحتجاج بهذا، وإنما يجب الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي يعول عليها، ومن ذلك حديث جندب بن عبد الله البجلي في صحيح مسلم قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً) ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) هذا الكلام الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فيه تأكيد النهي عن اتخاذ القبور مساجد من وجوه متعددة: الأول: قوله: (ألا وإن من كان قبلكم) هذا فيه تنبيه إلى أن هذا فُعل من قبل في الأمم السابقة، وأن على الأمة ألا تقلدها في ذلك ولا تتابعها في ذلك. الثاني: قوله: (ألا فلا تتخذوا القبور مساجد) وهذا نهي، ثم أكد ذلك بقوله: (فإني أنهاكم عن ذلك) تأكيد بعد تأكيد، وهذا من كمال بيانه عليه الصلاة والسلام وكمال نصحه لأمته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وكذلك الحديث الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في النزع، فقد جاء في الحديث الصحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مرض موته على وجهه خميصة، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك: (لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فهذه الأدلة هي التي يجب العمل بها. وأما قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن في المسجد، والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي بنى المسجد وليس فيه قبر، وبنى بيوته بجوار المسجد، وكان في بيوته يجامع أهله، وكانت نساؤه تحيض فيها، وهذا يدل على أنها ليست في المسجد، وأنها خارج المسجد، فالمسجد شيء والبيوت شيء آخر. ولما توفي رسول صلى الله عليه وسلم توفي في بيت عائشة ، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم تذاكروا فيما بينهم ماذا يصنعون برسول الله عليه الصلاة والسلام، أين يدفنونه، هل يدفنونه في البقيع أو في أي مكان يدفنونه؟ فروى بعضهم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الأنبياء يدفنون حيث يموتون) أي: أن المكان الذي يموت فيه النبي يدفن فيه، فمكان موته هو مكان دفنه. ولما كان عليه الصلاة والسلام قد قبضت روحه في بيت عائشة دفنوه في بيت عائشة ، وكان ذلك البيت خارج المسجد، وبقي خارج المسجد في عهد أبي بكر و عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم، وفي زمن معاوية رضي الله عنه عشرين سنة، وكانت مدة الخلفاء الراشدين ثلاثين سنة، ومعاوية كانت خلافته عشرين سنة، إلى سنة ستين، ثم بعد ذلك أيضاً ظل الأمر كذلك سنوات أخرى في عهد الذين جاءوا بعده، ولما جاء زمن الوليد بني المسجد من جديد ووسع فيه ودخلت فيه قبور الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وعلى هذا فلا يجوز أن يحتج بهذا العمل الذي حصل في زمن بني أمية حيث أدخل القبر في المسجد، بل يجب الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم. ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة فيه بألف صلاة، سواء أدخلوا القبر أو ما أدخلوه، لكن لا يجوز أن يحتج بدخوله والعمل الذي حصل من بني أمية لا يتخذ حجة لأجل أن تبنى المساجد على القبور، أو ليدفن الموتى في المساجد، فإن ذلك لا يجوز، بل الواجب هو العمل بما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والسنة جاءت بالتحذير من ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر منه قبل موته بخمس ليالٍ، وعند موته صلى الله عليه وسلم، وهذا من كمال بيانه وكمال نصحه وشفقته على أمته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. فالحاصل: أن الصلاة في هذا المسجد بألف صلاة دخل القبر أو ما دخل، ولا يجوز أن نحتج بدخوله في عهد بني أمية ووجوده فيما بعد ذلك على أن الناس يبنون المساجد على القبور أو يدفنون الموتى في المساجد، بل الواجب عليهم أن يمتثلوا ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يتقوا الله، وتقوى الله عز وجل تكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومن نواهيه التي نهى عنها في آخر أيامه بل أواخر لحظاته عليه الصلاة والسلام ألا يتخذ الناس القبور مساجد. والمسجد الذي دفن فيه ميت لا يجوز أن يصلى فيه، وأما إذا صلي فيه فهل تصح الصلاة أو لا تصح؟ هناك خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يصححها ومنهم من لا يصححها، ولكن الواجب هو الابتعاد.

المفاضلة بين صلاة المرأة في بيتها وصلاتها في المسجد


السؤال: أيهما أفضل للمرأة التي جاءت للحج: أن تصلي في الفندق الذي تسكن فيه أو في المسجد الحرام أو النبوي؟ الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن صلاة النساء في بيوتهن -وسواء كانت تلك البيوت مملوكة أو مستأجرة- خير لهن، ولكن إذا طلبت المرأة أن تذهب إلى المسجد فإنها لا تمنع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله).

حكم ذهاب المرأة إلى المسجد وحدها أو مع مجموعة من النساء


السؤال: هل أسمح لزوجتي أن تذهب مع مجموعة من النساء إلى المسجد أو لا بد أن تذهب معي من الفندق إلى المسجد؟ الجواب: إذا كان الفندق قريباً فلا بأس أن تذهب وحدها، وليس بلازم أن تذهب معها، فما دام أنه لا يخشى عليها الضياع، والفندق قريب ومعروف، فسواء ذهبت مع نساء أو معك، كل ذلك جائز؛ لأن المرأة لها أن تذهب وتمشي ولو لم تكن معها، ولكن هذا إذا لم يكن هناك خشية عليها.

حكم الطهارة بالماء المستعمل

السؤال: هل هناك من أقسام الماء: الماء الطاهر غير المطهر، وهو الماء المستعمل والمتغير بما خالطه من الطاهرات؟ الجواب: الماء المستعمل هو مثل الماء الذي توضئ به، وذلك بأن يتوضأ الإنسان -مثلاً- في طست، فيغسل وجهه والماء الذي في وجهه يتساقط في الطست، ويغسل ذارعيه في الطست، ويغسل رجليه في الطست، فهذا الماء الذي في الطست يقال له: طاهر، فبعض أهل العلم يقول: إنه لا يجوز أن يتطهر به؛ لأنه رفع به حدث، فلا يرفع به حدث آخر، ومن حيث الطهارة هو طاهر وليس بنجس؛ لأن أعضاء الإنسان طاهرة، فالماء الذي ماسها هو طاهر. فهذا الماء الذي استعمل في رفع الحدث فيه خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال: إنه يرفع الحدث مرة ثانية، ومنهم من قال: مادام أنه رفع به حدث فلا يرفع به حدث آخر. وأما إذا كان الماء قد تغير لونه بشيء من الطاهرات، مثل ماء وضع فيه تمر وتغير لونه وصار نبيذاً ولونه لون التمر، فهذا لا يقال له ماء، وإنما يقال له نبيذ، فخرج عن كونه ماءً فلا يتوضأ به لأنه لم يبق ماءً، وإنما جاءه اسم جديد غير الاسم الأول، فلا يجوز الوضوء به؛ لأنه تغير بطاهر وتغير اسمه فقيل له نبيذ، ولا يقال له ماء، والطهارة إنما تكون بالماء، والآن صار له اسم آخر غير الاسم الأول، فهو وإن كان طاهراً والذي خالطه طاهر لكنه لا يرفع به حدث ولا يتوضأ به؛ لأنه ليس بماء، وإنما يسمى نبيذاً ولا يسمى ماءً.

حكم المسح على الجوربين الرقيقين


السؤال: هل يصح المسح على الجوربين الرقيقين؟ الجواب: إذا كانا رقيقين جداً بحيث يكون وجودهما كعدمها فليس للإنسان أن يمسح عليهما.

موجب غسل الجنابة


السؤال: ما هو الضابط في موجب غسل الجنابة: هل هو الإيلاج أو المماسة بين الختانين؟ الجواب: الضابط هو التقاء الختانين، كما جاء في الحديث: (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) والمقصود بالتقاء الختانين دخول رأس الذكر بحيث يكون مكان الختان منه مكان الختان من المرأة، ومجرد المماسة من غير إيلاج ليس بشيء، وإنما يكون الغسل بالتقاء الختانين، ومعلوم أن ختان الرجل وراء رأس الذكر، فحصول الغسل يكون بحصول الإيلاج اليسير الذي يكون به التقاء الختان مع الختان.

تقديم بعض صفات الله عز وجل على بعض

السؤال: هل في الثناء على بعض الصفات التي تضمنتها أسماء الله تبارك وتعالى دليل على صحة ما يقال: تخلقوا بأخلاق الله؟ الجواب: معلوم أن بعض الصفات مقدم على بعض، وقد جاء في الحديث: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك) فهذه لا شك أنها صفات متميزة على الصفات الأخرى، ومن هذه الصفات المميزة ما جاء في قوله عليه الصلاة والسلام: (إن الله محسن فأحسنوا)، وقوله: (إن الله جميل يحب الجمال)، وقوله: (إن الله حيي ستير يحب الحياء ويحب الستر).

حكم التسمية بعبد الساتر وعبد الستار

السؤال: ما حكم التسمية بعبد الستار وعبد الساتر؟ الجواب: الذي ينبغي للإنسان أن يختار اسماً ورد به دليل، لكن إذا وجد شيء من ذلك فلا يغير الاسم؛ لأن الله تعالى هو الستار وهو الساتر، ولكن عند الاختيار الأولى أن يختار اسماً ثبتت تسمية الله تعالى به، وإذا وجد شيء معبد لله عز وجل باسم لم يرد ولكن المعنى صحيح قد ورد بلفظ آخر مثل الستير، فلا بأس به، ولا يغير.

حكم لعن المعين

السؤال: هل يجوز لعن المعين من المسلمين أو غيرهم؟ الجواب: لا يجوز لعن المعين إلا من عرفت نهايته أنه مات على الكفر والعياذ بالله، والكافر قد يوفقه الله عز وجل فتتغير حاله من الكفر إلى الإسلام ويختم له بخير، والمسلم قد تتغير حاله -والعياذ بالله- فيرتد، كما جاء في الحديث: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذارع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) والأعمال بالخواتيم، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلعن المعين لا يجوز، ولهذا كان بعض أهل العلم إذا أراد أن يلعن كافراً قيده، كما جاء عن ابن كثير رحمه الله فإنه ذكر في كتابه البداية والنهاية عن نصراني من النصارى أنه أنشأ قصيدة طويلة يذم فيها الإسلام ونبي الإسلام عليه الصلاة والسلام، وذكر أن ابن حزم أنشأ قصيدة أطول منها يرد عليه فيها، ولما فرغ من قصيدة النصراني التي فيها ذم الإسلام ونبي الإسلام عليه الصلاة والسلام قال بعدها: فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إن كان مات كافراً. أي: لأنه إذا تغيرت حاله واهتدى فليس بملعون وليس مطروداً من رحمة الله، بل قد يكون ممن شملته ووسعته رحمة الله، وكذلك جاء عنه مثل ذلك في ترجمة أبي نصر الفارابي . وبعض الناس ينتمون إلى الإسلام ولكن عندهم أمور مباينة للإسلام ومناقضة للإسلام، ومع ذلك يشيد بهم بعض الناس وكأنه لم يحصل منهم شيء يناقض الإسلام، مثل ابن سينا و أبي نصر الفارابي ، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه شفاء العليل في الباب الرابع الذي يتعلق بشرح حديث: (حج آدم موسى)، أن شيخ الملحدين هو ابن سينا، وذكر كلاماً خبيثاً له في ذلك، ووصفه أنه شيخ الملحدين، و أبو نصر الفارابي لما ذكر ابن كثير ترجمته في البداية والنهاية قال: إنه جاء عنه أنه كان يقول بمعاد الأرواح دون معاد الأجساد. يعني: بأن الأرواح تعاد والأجساد لا تعاد، فعلق على هذا فقال: فعليه -إن كان مات على ذلك- لعنة رب العالمين. ثم قال: إن الفارابي كان من أهل دمشق، و ابن عساكر له كتاب واسع في تاريخ دمشق، قال: ولم يذكره في تاريخه مع أنه من أهل دمشق، قال: ولعله إنما تركه لقبحه ونتانته. يعني: لكونه لا يقول بمعاد الأجساد. فالحاصل: أن بعض أهل العلم ذكروا أنه عندما يحصل من ذلك شيء يقيد بهذا القيد، كما حصل من ابن كثير بالنسبة لهذا النصراني وبالنسبة لأبي نصر الفارابي .

حكم إعطاء الولد والده مالاً ليعطيه لأحد الأولياء المزعومين


السؤال: والدي يأخذ من مالي ويعطيه لأحد الأولياء، ويجبرني على الذهاب معه وتقبيل يده لقصد البركة، فهل يجوز لي إعطاؤه المال والذهاب معه؟ الجواب: احرص على هداية أبيك، واحرص على دعوته إلى الخير وعلى أن يكون متبعاً للسنة، وإذا كان ذاك الذي يزعم أنه ولي عنده انحراف وعنده أمور منكرة فبينها له وحذره منه، وأحسن إليه، لكن لا تعطه مالاً من أجل هذا، وإنما يمكن أنك تعطيه شيئاً ينفعه، كأن تعطيه طعاماً أو تعطيه لباساً أو تعطيه أشياء أخرى نافعة، أما كونك تعطيه شيئاً من أجل أن يتقوى به على بدعة أو يستعمله في أمر محرم فلا، فاحرص على أنك تنفعه في شيء ينفعه ولا يضره.

عدم إسقاط العمرة النافلة العمرة الواجبة

السؤال: من كان لا يعلم بوجوب العمرة وأداها، فهل تسقط في حقه عمرة الإسلام؟ الجواب: إن كان فعلها على أنها نافلة لم تسقط، أما إذا كان لا يعرف هل هي فرض أو نفل، ولكنه حج واعتمر فذلك يكفيه، أما إذا كان يعلم أنها نافلة أو أنه ما فعلها إلا على أنها نفل ولم يفعلها على أنها فرض فلا تجزئ عن الفرض."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-07-2025, 04:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [451]
الحلقة (483)





شرح سنن أبي داود [451]

امتن الله على خلقه بنعم شتى، لا تعد ولا تحصى، ومنها نعمة اللبس، وجعل ذلك لحكمة فيها كرامة للإنسان، من ناحية ستر عورته، والتزين بين بني جنسه، واتقاء الحر والقر، ومن كمال نعمة المولى تعالى على عباده أن شرع لهم أحكاماً يتعبدون الله تعالى بها في هذه النعمة، وقد أوضح الرسول صلى الله عليه وسلم مباحات وواجبات وسنناً ومستحبات ومنهيات وآداباً تتعلق بهذه النعمة العظيمة. ومما ذكره صلى الله عليه وسلم الدعاء عند لبس ثوب جديد، وما يقول له من يراه، وذكر أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء في لبسه من أنواع الثياب، والنهي عن لبس ما يؤدي إلى الشهرة أو الكبر والتعالي على الخلق.

اللباس


شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب اللباس.. باب. حدثنا عمرو بن عون أخبرنا ابن المبارك عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه إما قميصاً أو عمامة ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له) . قال أبو نضرة : فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له: تبلي ويخلف الله تعالى ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ كتاب اللباس ]. ذكر أبو داود رحمه الله هذا الكتاب باسم اللباس، وكذلك كثير من المؤلفين مثل البخاري وغيره يذكرونه بهذا الاسم، وأما النسائي رحمه الله فإنه عبر عنه بالزينة، وجعل اللباس جزءاً من الزينة، بحيث أنه يشتمل على اللباس وعلى ما يتعلق بالتجمل وبما يتعلق بالشعر والترجيل وغير ذلك. أما الإمام أبو داود رحمه الله فقد عقد لما يلبسه الإنسان كتاباً خاصاً به هو اللباس، بين فيه ما يحل وما يحرم من ذلك، ما يسوغ وما لا يسوغ، وأتى بعد ذلك بكتاب الترجل الذي هو الزينة التي هي غير اللباس، وأما النسائي رحمه الله فقد جمع الاثنين في كتاب واحد فقال: كتاب الزينة، فجمع بين ما يتعلق باللباس وما يتعلق بالتجمل الذي يتعلق بالشعر ما يؤخذ وما يترك وما إلى ذلك، فجعل الكتاب عاماً شاملاً للباس وغيره، ومن المعلوم أن اللباس من الزينة. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استجد ثوباً..) يعني: لبس ثوباً جديداً سماه باسمه -ثوب أو قميص أو عمامة أو إزار أو سراويل- وقال: (اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه؛ أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له) يحتمل أنه كان يسميه، ويقول: هذا ثوب أو هذا قميص الحمد لله الذي ..، أو أنه يسميه في داخل الدعاء يعني بأن يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتني هذا الثوب -كسوتني هذا القميص، ويسميه في داخل الدعاء. وإذا ذكره في داخل الدعاء فيكون من جنس ما ورد في الاستخارة أن الإنسان يذكر حاجته في داخل الدعاء: (اللهم إن كنت تعلم أن هذه الحاجة المعينة التي هي كذا وكذا خير لي في ديني ودنياي) فيكون هذا من جنس ذاك أو هذا نظير ذاك. وعندما يلبس الإنسان الثوب الجديد فإنه يدعو بهذا الدعاء، أولاً: يحمد الله عز وجل على ما أنعم به عليه، وأن هذا من فضل الله عز وجل عليه، وهو الذي يكسو ويرزق عباده، وهو الذي يتفضل على عباده بكل خير وبكل نعمة كما قال الله عز وجل: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [النحل:18]، قال وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ [النحل:53]، وجاء في حديث أبي ذر الطويل الذي رواه مسلم في صحيحه وهو حديث قدسي: (يا عبادي! كلكم عارٍ إلا من كسوته، فاستكسوني أكسكم، يا عبادي! كلكم جائع إلا من أطعمته) وهو حديث طويل، وفيه ذكر الكسوة، وأن الله تعالى هو الذي بيده كل خير وبيده كل نعمة وهو المتفضل بالنعم والذي يجود على عباده بالنعم الظاهرة والباطنة، ومنها ما يتعلق باللباس. (أسألك من خيره وخير ما صنع له) يعني كونه يستفيد منه في ستر العورات، وفي حصول الزينة، ويستعمل في طاعة الله عز وجل وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم. (وأعوذ بك من شره) وهو أن يصير عند المرء كبر وترفع وتعاظم إذا لبس ثوباً جديداً أو نفيساً فإن هذا من شره الذي يحصل بسببه، وكذلك أن يستعمل هذه النعمة في المعصية بأن يكون كسا نفسه من أجل الوصول إلى مضرة الآخرين، مثل أن يظهر نفسه بالمظهر الجميل، حتى أن من يراه لا يظن فيه سوءاً من ناحية السرقة، ثم بعد ذلك يسعى إلى السرقة وإلى أخذ أموال الناس بالباطل، فكل هذا من الأمثلة التي هي داخلة في الشر الذي يكون في الثياب التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من شرها وشر ما صنعت له. [ قال أبو نضرة : فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له: تبلي ويخلف الله تعالى ]. أورد هذا الأثر عن الصحابة وهو بالإسناد المتقدم، أعني أنه بنفس الإسناد. [ فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له: تبلي ويخلف الله ]. يعني: أنك لبست هذا الثوب، والله تعالى يبقيك حتى يبلى، وإذا بلي يخلف الله عوضاً عنه، ويعوض عنه مثله وما هو أحسن منه. فقوله: [ تبلى ويخلف الله ]. هذا دعاء له بطول العمر وبالبقاء حتى يبلى الثوب من طول لبس صاحبه له، وبعد بلائه وذهابه يخلف الله عز وجل عنه خيراً منه، ويعوض عنه ما هو خير منه، فيكون في ذلك دعاء له بالبقاء وبحصول الخير وبحصول العوض الذي يكون بعد بلاء الثوب وطول مكث صاحبه. والنبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة بعدما كساها -أعطاها ثوباً-: (أبلي وأخلقي) أو (أبلي وأخلفي) فيكون المعنى على رواية (أخلفي) أنه إذا بلي الثوب يحصل الخلف والعوض عن الشيء الذي قد حصل، فهذا الذي جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم مطابق لما جاء في الحديث الذي سيأتي.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه...)


ٍقوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا عبد الله بن المبارك ]. عبد الله بن المبارك المروزي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الجريري ]. هو سعيد بن إياس الجريري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي نضرة ]. هو المنذر بن مالك بن قطعة ، ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد الخدري]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مشهور بكنيته ونسبته -بكنيته أبي سعيد ، ونسبته الخدري - وهو صاحبي مكثر من الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد طريق ثانية لحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس عن الجريري بإسناده نحوه ]. أورد الحديث من طريق أخرى، وأحال على السابقة.. وقال: نحوه. قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عيسى بن يونس ]. عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.

تراجم رجال إسناد طريق ثالثة لحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا محمد بن دينار عن الجريري بإسناده ومعناه ]. أورد الحديث من طريق أخرى وأحال على ما تقدم. قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن دينار ]. محمد بن دينار صدوق سيئ الحفظ ورمي بالقدر وتغير قبل موته، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن الجريري بإسناده ومعناه].
تراجم رجال إسناد طريق رابعة لحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه...)


[ قال أبو داود : عبد الوهاب الثقفي لم يذكر فيه أبا سعيد و حماد بن سلمة ، قال: عن الجريري عن أبي العلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال أبو داود : حماد بن سلمة و الثقفي سماعهما واحد ]. أورد أبو داود أن حماد بن سلمة و عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي رويا الحديث ولكنهما ما ذكرا أبا سعيد . ومعناه أن أبا نضرة أضافه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيكون مرسلاً. و حماد بن سلمة قال: عن الجريري عن أبي العلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.. وهذا كذلك مرسل ولكنه من غير طريق أبي نضرة ، وإنما من طريق أبي العلاء وهو يزيد بن عبد الله بن الشخير أخو مطرف بن عبد الله بن الشخير . قوله: [ قال أبو داود : عبد الوهاب الثقفي لم يذكر فيها أبا سعيد ]. عبد الوهاب الثقفي هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و حماد بن سلمة قال عن الجريري عن أبي العلاء ]. حماد بن سلمة دينار البصري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. و الجريري تقدم. و أبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : حماد بن سلمة و الثقفي سماعهما واحد ]. يعني من ناحية روايتهما عن الجريري.
شرح حديث (..ومن لبس ثوباً فقال الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال حدثنا نصير بن الفرج حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوب - عن أبي مرحوم عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أكل طعاماً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: ومن لبس ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) ]. أورد أبو داود حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أكل طعاماً وقال: الحمد لله الذي أطمعني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول لي ولا قوة؛ غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن لبس ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) وفي هذا أن الإنسان عندما يلبس اللباس يحمد الله عز وجل على هذه النعمة، وهو الذي كسا ورزق، وهو الذي أطعم ورزق، وكل ذلك من رزق الله، سواء كان ذلك طعاماً أو لباساً، وكل شيء يحصل الإنسان منه على فائدة سواء كان مالاً أو ولداً أو زوجة أو طعاماً أو لباساً؛ كل ذلك من رزق الله؛ فإذا حمد الله عز وجل على تلك النعمة التي يتفضل الله بها عليه، أثابه بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه. وفي هذه الرواية زيادة: (وما تأخر)، لكن هذه الزيادة غير صحيحة؛ لأن الأحاديث التي وردت ثبتت فيها مغفرة ما تقدم دون ما تأخر، ولكن هذا لا شك أنه فضل عظيم من الله عز وجل، وهو كون الإنسان تكفر له الذنوب بسبب حمد الله عز وجل وشكره على نعمه. ومن المعلوم أن هذه الذنوب التي تكفر إنما هي الصغائر، وتكفر بكون الإنسان يحمد الله ويثني عليه سبحانه وتعالى، أو كونه يأتي بعبادة مثل الصيام كيوم عاشوراء ويوم عرفة، فإن الله تعالى يكفر له ما تقدم بالنسبة للاثنين، وما تأخر بالنسبة إلى يوم عرفة، بالإضافة إلى ما تقدم. وهذا إنما هو في الصغائر دون الكبائر التي لا تكفر إلا بالتوبة. أما كونه يلبس اللباس ويحمد الله، وهو مصر على الكبائر، كالزنا وشرب الخمر، فلا يقال: إن هذا الكلام كفَّر كل ما مضى من جرائم وقعت منه مع أنه مقيم عليها، ويتحين الفرص ليقع فيها مرة أخرى والعياذ بالله؛ فإن هذا لا يكفر بمثل هذا الدعاء ولا يكفِّره الصيام يوم عرفة أو عاشوراء، ولكن تكفره التوبة. وأما الصغائر فإنها تكفر بالأعمال الصالحة، وتكفر بمثل هذا الذي جاء في الحديث من حمد الله عز وجل والثناء عليه سبحانه وتعالى على نعمه من لباس وطعام.
تراجم رجال إسناد حديث (.. ومن لبس ثوباً فقال الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة...)


قوله: [ حدثنا نصير بن الفرج]. نصير بن الفرج؛ ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا عبد الله بن يزيد ]. عبد الله بن يزيد المقري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوب - ]. سعيد بن أبي أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي مرحوم]. أبو مرحوم صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن سهل بن معاذ بن أنس ]. سهل بن معاذ بن أنس لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. وهو صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة .
تكرار الدعاء عند الطعام أو لبس الثوب


أما هل يكون الدعاء كلما لبس الثوب، وأكل الطعام أو هذا لأول مرة؟ فالذي يظهر فيما يتعلق بالطعام أنه كلما أكل طعاماً ذكر الدعاء، وأما فيما يتعلق باللباس فإذا قاله في كل مناسبة يلبس فيها ثوبه فحسن، وإن أتى به عندما يلبس الثوب لأول مرة؛ فالذي يبدو أن ذلك كافٍ، وإن أتى به في كل مناسبة أو في كل حالة فذلك خير وثناء على الله عز وجل لقوله: (من لبس ثوباً فقال: ...) إلخ.
الأسئلة



ذكر أبي داود لفظ (باب) دون ترجمة


السؤال: هذا ثالث كتاب يبدؤه الإمام أبو داود بلفظ: (باب) دون ترجمة؟! الجواب: معناه أنه يذكر أحاديث بدون ترجمة معينة بل يذكر (باب) فقط، ومعناه أن تلك الأحاديث التي أوردها لم يضع لها ترجمة معينة، ولكنها داخلة ضمن كتاب اللباس، وهي هنا فيما يتعلق بآداب اللباس.

حكم البدء بلبس الثوب الجديد يوم الجمعة


السؤال: هل يستحب لبس اللباس الجديد يوم الجمعة، وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استجد ثوباً لبسه يوم الجمعة؟! الجواب: لا أدري عن ثبوت الحديث المذكور؛ لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتجمل يوم الجمعة، وكان كما جاء في الحديث الذي فيه أن عمر رضي الله عنه اقترح عليه أن يشتري الجبة، وقال: تلبسها للوفود وللجمعة. ومعلوم أنه كان يتزين للجمعة، ويلبس أحسن الثياب، وكذلك يشرع للناس أن يلبسوا أحسن الثياب عند ذهابهم للجمعة، لكن كونه لا يفعله إلا يوم الجمعة لا أدري عن ثبوت مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن كونه من ناحية أنه يستعمل الجديد أو التجمل للجمعة صحيح فقد كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك. ومعلوم أن اللباس يكون للجمعة ولغير الجمعة كالتجمل للوفود إذا قدموا، لأنه قد يكون قدومهم في غير الجمعة، والجمعة لا شك أنها من المناسبات التي يتجمل لها، ويتجمل لغيرها.

حكم تخصيص ثوب ليوم الجمعة


السؤال: هل يجوز تخصيص ثوب أو شماغ معين ليوم الجمعة فقط؟ الجواب: ليس فيه محذور، لكن أن يلبس الإنسان شيئاً من الألبسة وإذا جاء يوم الجمعة يغير ويلبس ألبسة نظيفة أمر طيب، أما كونه يخصصه للجمعة فلا أعلم به بأساً، فإن يسير الإنسان على حالة حسنة في جميع الأوقات ويبدل ثيابه يوم الجمعة بحيث تكون جميلة سواء كانت جديدة، أو غير جديدة هذا هو الذي ينبغي.

وصف عمامة المصطفى صلى الله عليه وسلم


السؤال: ذكر في بعض الأحاديث العمامة، فكيف كانت عمامة النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: عمامة النبي صلى الله عليه وسلم كانت محنكة، وكانت مدورة على رأسه، وكان يمسح عليها -أي: على ذلك النوع من العمائم- فهي كانت على رأسه ومحيطة بجوانبه، وتكون لحيته بادية؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يصلون وراءه وجوانب وجهه بادية لا يسترها شيء من وراءه، وكانوا يستدلون على قراءته في الصلاة السرية باضطراب لحيته؛ لأن عوارضه من اليمين والشمال وهم يرونها تضطرب بسبب القراءة -تتحرك بسبب القراءة- ومعنى هذا أن العمامة فوق الرأس، وأنها ما نزلت من ورائه بحيث لا يرى عارضاه مثل ما هو موجود في العمائم التي علينا، حيث لا يرى الإنسان جوانب الوجه ولا يرى اللحية أو العوارض من اليمين ومن الشمال، لأنها تستر، أما الرسول فكان يضعها على رأسه، ولا تستر جانبي وجهه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه كما أسلفت؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يستدلون على قراءته في الصلاة السرية باضطراب لحيته، يعني كونها تتحرك بسبب القراءة.

تضمن الدعاء بطول العمر أن يكون على طاعة الله


السؤال: ألا ينبغي أن يقيد الدعاء (تبلي ويخلف الله تعالى) أي بطول عمره لكن على الطاعة؟ الجواب: ما ورد شيء يدل على هذا؛ لكن لا شك أن المقصود عندهم طول العمر في الطاعة، ولم يكن في أذهانهم رضي الله عنهم إلا الطاعة والاستقامة على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ما يدعى لمن لبس ثوباً جديداً


شرح حديث (.. أبلي وأخلفي..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما يدعى لمن لبس ثوباً جديداً. حدثنا إسحاق بن الجراح الأذني حدثنا أبو النضر حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بكسوة فيها خميصة صغيرة فقال: من ترون أحق بهذه؟ فسكت القوم فقال: ائتوني بأم خالد، فأتي بها فألبسها إياها، ثم قال: أبلي وأخلفي مرتين، وجعل ينظر إلى علم في الخميصة أحمر أو أصفر ويقول: سناه سناه يا أم خالد !) وسناه في كلام الحبشة: الحسن ]. أورد أبو داود باباً [ فيما يدعى لمن لبس ثوباً جديداً] يعني: كيف يدعى له؟ أورد رحمه الله حديث أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص رضي الله تعالى عنها، وكانت صغيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم أتي بكسوة فيها خميصة صغيرة، فقال: (من ترون أحق بهذه؟) يعني: من ترون أن نعطيه هذه الكسوة الصغيرة أو هذه الخميصة الصغيرة؛ لأنها لا تصلح إلا لصغير؟ فسكت القوم وما قالوا شيئاً ولا قالوا: أعط فلانة أو فلانة؛ لأنها لباس بنت صغيرة، فدعا أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص وكساها إياها وقال: (أبلي وأخلفي) أو (أبلي وأخلقي) روايتان. (أخلقي) بمعنى أنه يكون خَلِقاً أي: بالياً، وجمعه: الأخلاق، وخلق الثوب معناه ذهبت جدته وتغير وضعه وتغيرت حاله من حال الجدة والحسن إلى حال أخرى دون تلك. وجاء الحديث بلفظ: (أخلفي) وهي أولى لأنه يكون معناه شيئاً جديداً ويكون تأسيساً، وأما (أخلقي) فيكون تأكيداً لأبلي؛ لأن أخلقي معناها (أبلي)، فيكون (أخلقي) معطوف على (أبلي) ويكون من قبيل التأكيد إذ هما لفظان مترادفان، عطف أحدهما على الآخر من أجل تغايرهما في اللفظ واتفاقهما في المعنى، لكن (أخلفي) لها معنى آخر غير (أبلي)، وهو أنه يكون هناك خلف وعوض عن الذي يبلى، وأنه إذا بلي مع بقائها فالله تعالى يعوضها ويخلف عليها خيراً من ذلك. ثم أيضاً هذا مطابق لما تقدم من كون الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يقولون: (تبلي ويخلف الله)، ومعناه أن يطول عمرك وبقاؤك حتى يبلى الثوب الذي عليك ويعوضك الله خيراً، وهنا (أبلي وأخلفي) معناه أن يطول عمرها، وأن الله تعالى يعوضها خيراً عندما يبلى هذا الثوب الذي كساها إياه النبي صلى الله عليه وسلم. [ (وجعل ينظر إلى علم في الخميصة أحمر أو أصفر) ]. أي: خطوطاً يخالف لونها لون الخميصة. [ (سناه) ] يعني: أن هذا شيء جميل أو هذا شيء حسن، مداعبةً للصغير، وتأنيساً له، وقال لها: (سناه، سناه) قالوا: لأنها ولدت في أرض الحبشة، وهو بمعنى (حسن) بلغة الحبشة.
تراجم رجال إسناد حديث (أبلي وأخلفي..)


قوله: [ حدثنا إسحاق بن الجراح الأذني ]. إسحاق بن الجراح الأذني صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا أبو النضر ]. أبو النضر هاشم بن القاسم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسحاق بن سعيد ]. إسحاق بن سعيد ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبيه]. هو سعيد بن عمرو بن العاص ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن أم خالد بنت خالد ]. أم خالد بنت خالد رضي الله عنها، وهي صحابيه أخرج لها البخاري و أبو داود و النسائي .
الأسئلة



حكم الكنية للصغير


السؤال: هل يؤخذ من حديث أم خالد فائدة وهو جواز التكنية للصغير؟ الجواب: نعم يؤخذ منه جواز التكنية للصغير، ومثله الحديث الذي فيه (يا أبا عمير! ما فعل النغير؟!) مع أنه طفل صغير، وكان يكنى بأبي عمير ، فالصغير يكنى.

حكم التكلم بغير العربية


السؤال: ما حكم الكلام بغير اللغة العربية؟ الجواب: الكلمات التي تذكر على سبيل المداعبة لا بأس بها إذا كانت مفهومة عند الناس، وفيها مصلحة وفائدة. أما كونه يأتي بشيء لا يعرفونه ولا يفهمونه فهذا لا ينبغي ولا يستقيم. وبعض الناس يتكلم بغير العربية زهداً في اللغة العربية ومحبةً للغات الأخرى، وهذا لا يصلح. وكونه يقول الكلمة الطيبة العربية أحسن من كونه يأتي بكلام أعجمي.
ما جاء في القميص



شرح حديث (كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في القميص. حدثنا إبراهيم بن موسى حدثنا الفضل بن موسى عن عبد المؤمن بن خالد الحنفي عن عبد الله بن بريدة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص) ]. أورد أبو داود باب ما جاء في القميص أي: الأحاديث الدالة على استحباب لبسه والترغيب فيه. والقميص: هو ما يجعل على سائر الجسد، ويغطى به الجسد كله دون الرأس والرقبة، ويكون له جيب يظهر منه الرأس، وكمان تخرج منهما اليدان، وهو أحسن اللباس وخيره؛ لأنه أكمل في الستر من غيره، بخلاف الإزار فإنه قد ينحَلَّ وتنكشف العورة، وأما القميص فهو محمول على الكتفين، ولا مجال لسقوطه كما هو الحال بالنسبة للإزار، وقد جاء النهي في الحج عن لبس القمص والعمائم والسراويلات، أما في غير الحج فهو أحسن اللباس؛ لما فيه من تمام ستر الجسد، والبعد عن انكشاف العورة. أورد أبو داود حديث أم سلمة قالت: [ (كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص) ]، والسبب في ذلك ما أشرت إليه من أنه كامل الستر، وأنه لا يكون معه انحلال كما يحصل من الإزار.
تراجم رجال إسناد حديث (كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص)

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الفضل بن موسى. الفضل بن موسى السناني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد المؤمن بن خالد الحنفي]. عبد المؤمن بن خالد الحنفي لا بأس به -بمعنى: صدوق- أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن عبد الله بن بريدة ]. عبد الله بن بريدة بن الحصيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم سلمة ]. أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، واسمها: هند بنت أبي أمية ، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
بيان معنى القميص وأنه ساتر للبدن من العنق إلى الساق


المشهور الآن عند البعض أن القميص ما كان ساتراً لأعلى البدن ويلبس مع البنطال أو الإزار، وهذا اصطلاح جديد في القميص، ومعناه في حديث أم سلمة -بل وفي السنة عموماً- أنه القميص الذي ينزل عن الركبتين ولا يتجاوز الكعبين، سواء الذي يستعملونه للنوم أو يستعملونه في البيت، أو ما يقال له اليوم: ثوب، هذا كله قميص ما دام أنه يغطي من العنق إلى ما بين الكعبين والركبتين.
شرح حديث (كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص) من طريق أخرى وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زياد بن أيوب حدثنا أبو تميلة حدثني عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن أم سلمة ]. في تحفة الإشراف في ترجمة عبد الله بن بريدة : [ عن أمه عن أم سلمة ] وساق هذا الحديث [ (لم يكن ثوب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قميص) ]. وأمه لم نجد لها ترجمة، وسواء كانت صحابية أو غير صحابية، فما دام أن الحديث هو من الطريق السابقة فليس فيه مشكلة، ولا أدري هل هي أمه أو أبوه؟ مع أنه معروف بروايته عن أبيه. غير أن البخاري يرجح أنه عن أمه فقد نقل صاحب العون عن المنذري أنه قال: [ وروى بعضهم هذا الحديث عن أبي تميلة عن عبد المؤمن بن خالد بن عبد الله عن عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة .. وقال: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة أصح، هذا آخر كلامه، و عبد المؤمن هذا قاضي مرو لا بأس به ]. والحديث الأول من طريق عبد الله بن بريدة عن أم سلمة مباشرة. وعلى كلٍ فالحديث صحيح. وفي نسخة محمد عوامة تنبيه على أنه في نسخة لأبي داود جاءت (عن أبيه) وجاءت أخرى (عن أمه) قال: [(عن أبيه) من (ص) فقط، والذي في حاشية (ك) والتحفة و الترمذي رقم (1763) ونقله عن البخاري : عن أمه ]. قوله: [ حدثنا زياد بن أيوب ]. زياد بن أيوب هو ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو تميلة ]. وكان يقال له: شعبة الصغير يعني: لإتقانه وضبطه، وشعبة معروف بالضبط والإتقان، ويوصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، ومثل ذلك ما ذكر في ترجمة ابن أبي زيد القيرواني أنه كان يقال له: مالك الصغير. واسم أبي تميلة يحيى بن واضح ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (كانت يد كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي حدثنا معاذ بن هشام عن أبيه عن بديل بن ميسرة عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أنها قالت: (كانت يد كم قميص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الرصغ) ]. أورد أبو داود حديث أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها قالت: (كانت يد كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرصغ) والرصغ: هو الرسغ، وهو المفصل الذي بين الكف والساعد، وهو الذي تقطع منه اليد في السرقة، ويقال فيه: الرسغ والرصغ، بالسين والصاد.
تراجم رجال إسناد حديث (كانت يد كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ)

قوله: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي ]. إسحاق بن إبراهيم الحنظلي مشهور بابن راهويه ، وهو ثقة وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدث فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا معاذ بن هشام ]. صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بديل بن ميسرة]. بديل بن ميسرة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن شهر بن حوشب ]. شهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أسماء بنت يزيد]. أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها، حديثها أخرجه البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. والحديث فيه: شهر بن حوشب .

حكم إطالة الكم أكثر من الرسغ


السؤال: إذا طال الكم حتى جاوز الرسغ، فهل يعتبر من الإسبال؟ الجواب: إذا كانت اليدان في الثوب فلا شيء في ذلك ولا أعلم شيئاً يمنع ذلك، لكن من الواضح أنه ليس بجيد أن تصير اليدان داخل الثوب؛ لأنه يكون فيه مشقة عند التناول وعند الأخذ والإعطاء، وأما من ناحية كونه فيه إسبال أو ليس فيه إسبال فلا أعلم شيئاً في هذا، لكن الذي يبدو أن كونه إلى الرصغ هو الأجمل والأنسب وفيه سهولة وتمكن من الأخذ والإعطاء دون حاجة لحسر كمه عن يده.
ما جاء في الأقبية


شرح حديث (قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الأقبية. حدثنا قتيبة بن سعيد و يزيد بن خالد بن موهب المعنى أن الليث -يعني: ابن سعد - حدثهم عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أنه قال: (قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية ولم يعط مخرمة شيئاً، فقال مخرمة: يا بني! انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت معه، قال: ادخل فادعه لي، قال: فدعوته، فخرج إليه وعليه قباء منها، فقال: خبأت هذا لك، قال: فنظر إليه -زاد ابن موهب مخرمة ثم اتفقا- قال: رضي مخرمة ) قال: قال قتيبة : عن ابن أبي مليكة لم يسمه ]. والأقبية: لباس قيل إنه ضيق، من لباس العجم، وهذا هو القبا، بالمد بدون همز، وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: إنه لباس ضيق من لباس العجم. أورد أبو داود حديث المسور بن مخرمة رضي الله عنه أن أباه قال له: لنذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أجل أنه جاءه أقبية ولم يعطِ مخرمة شيئاً، أي: أنه لم يرسل إليه بشيء منها، وإلا فإنه قد ادخر له منها، وخبأ له قباءً، وهيأ له ذلك. قوله: (لم يعطِ)، يعني أنه لم يرسل إليه، ولكنه قد أبقى له شيئاً ليعطيه إياه، كما تبين ذلك من كلامه صلى الله عليه وسلم مع مخرمة بعد أن جاء إليه. فطلب مخرمة من ابنه المسور أن يذهب معه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فلما جاءا قال: (اذهب فادعه لي)، يعني: حتى يخرج إليه ويكلمه، فقد يكون عنده أحد، وهو لا يريد أن يتكلم عند الناس في مثل هذا الأمر، (فخرج إليه وعليه قباء منها، فقال: خبأت هذا لك). يعني: أبقيته وادخرته لك. [ قال: فنظر إليه، زاد ابن موهب مخرمة]. يعني: هو فاعل (نظر)، أي: أن ابن موهب قال: (فنظر إليه مخرمة)، فذكر الفاعل لـ(نظر) وأنه اسم ظاهر. وأما قتيبة الذي هو الشيخ الثاني فإنه لم يذكر الفاعل اسماً ظاهراً. [ ثم اتفقا قالا: رضي مخرمة]. [ رضي مخرمة ]. كلمة (رضي مخرمة) يحتمل أن يكون الذي قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون قالها مخرمة ، والأقرب أن الذي قالها مخرمة، يعني: قد رضيت. وذكر اسمه بالاسم الظاهر بدل الضمير. وبعض النسخ فيها استفهام (أرضي مخرمة؟). فإذا ثبت الاستفهام فيكون هذا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم. والاستفهام يقوي احتمال أن القائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرواية التي لم يرد فيها استفهام. [ قال قتيبة عن ابن أبي مليكة لم يسمه]. يعني: أن الذي سماه هو الشيخ الثاني، الذي هو ابن موهب، وأما قتيبة فإنه قال: (عن ابن أبي مليكة) ولم يسمه، وأما ابن موهب فسماه وسمى أباه، فقال: عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة.

تراجم رجال إسناد حديث (قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و يزيد بن خالد بن موهب ]. يزيد بن خالد بن موهب ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ المعنى أن الليث ]. (المعنى) أي: أن روايتيهما متفقتان في المعنى. (أن الليث ) وهو ابن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثهم عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ]. عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المسور بن مخرمة ]. المسور بن مخرمة رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود ."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 02-07-2025, 04:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [452]
الحلقة (484)





شرح سنن أبي داود [452]

لباس الشهرة يدعو الإنسان إلى الكبر والترفع عن الناس، وفيه إسراف ومخيلة وتميز على غيره من الناس، وهو محرم وصاحبه معرض للوعيد والنار. أما اللباس رفيع الثمن فهو يختلف من شخص إلى آخر، كما ينظر في دواعيه وأسبابه وتفاصيل أحكامه مبينة في هذه المادة.

ما جاء في لبس ثوب الشهرة


شرح حديث (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة مثله)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الشهرة. حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو عوانة ح. وحدثنا محمد -يعني: ابن عيسى - عن شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن المهاجر الشامي عن ابن عمر رضي الله عنهما -قال في حديث شريك: يرفعه- قال: (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله، زاد عن أبي عوانة: ثم تلهب فيه النار) ]. والمراد بالشهرة الشيء الذي يشتهر به الإنسان ويتميز به على غيره، وقد يدعو إلى الكبر بكونه غالياً وباهظ الثمن ونفيساً، فيكون مع ذلك تعاظم وتكبر وترفع على الناس، وقد يكون شيئاً يلفت الأنظار، في لباسه المتميز الذي يخالف لباس أهل بلده ويخالف لباس قومه. وأورد رحمه الله تعالى حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً: [ (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة مثله يعني: شيئاً يشتهر به، ولكنه في الذم وفي السوء. [ زاد عن أبي عوانة : (ثم تلهب فيه النار) ]. يعني: هذا الثوب الذي يشتهر به، تلهب فيه النار، أي: أنه يعذب بهذا الثوب أو بمثل هذا الثوب الذي لبسه وحصل منه التكبر، ولهذا جاء في بعض الروايات: (ثوب مذلة) ومعناه: أنه كما أنه حصل منه التكبر؛ فإنه يحصل له في الآخرة إذلال مقابل ذلك، وهو أنه يلبس ثوب مذلة، فيكون فيه إذلال له، وفيه أيضاً تعذيبه به، حيث جاء في هذه الرواية أنها: (تلهب فيه النار). وثوب الشهرة قد يكون بقصد وهو داخل في الوعيد، وقد يكون بغير قصد وهذا يخشى عليه أن يكون داخلاً في الوعيد أيضاً، علاوة على أنه قد يتهم في عقله بلبسته تلك.
تراجم رجال إسناد حديث (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة مثله)


قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. محمد بن عيسى الطباع ، ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبي عوانة ]. أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا محمد يعني ابن عيسى ]. الذي هو الشيخ الأول. [ عن شريك ].؟ شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه لأنه ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عثمان بن أبي زرعة ]. عثمان بن أبي زرعة ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن المهاجر الشامي ]. المهاجر الشامي وهو المهاجر بن عمرو مقبول أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال في حديث شريك : يرفعه ]. كأنه -على هذا- ليس فيه ذكر الرفع أنه من الطريق الأولى، وكأنه موقوف على ابن عمر ، وأما شريك في الطريقة الثانية فقال فيه: (يرفعه)، يعني: يرفعه ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلمة (يرفعه) تعادل (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أو (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم). [ زاد عن أبي عوانة : (ثم تلهب فيه النار) ]. يعني زاد في الطريق الأولى: (ثم تلهب في النار) وليست هذه الزيادة في طريق شريك ، وإنما هي في طريق أبي عوانة التي هي الطريق الأولى. والإسناد فيه مقال، و الألباني صححه. شريك مقرون وأبو عوانة ثقة، ولكن فيه المهاجر الشامي مقبول على عادة الحافظ، ومعناه أنه يقبل في المتابعات، وهذا الحديث من طريق واحدة.
تراجم رجال إسناد طريق أخرى لحديث (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة قال: (ثوب مذلة) ]. هذا شيخ ثالث لأبي داود في الحديث، وهو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو عوانة ]. مر ذكره في الطريق الأولى.
شرح حديث (من تشبه بقوم فهو منهم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو النضر حدثنا عبد الرحمن بن ثابت حدثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) وهذا ذم لمن يتشبه بالكفار؛ لأن التشبه في الظاهر قد يؤدي إلى ميل في الداخل وفي الباطن. والمقصود من ذلك التشبه في الشيء الذي هو من خصائصهم، والشيء الذي هو من ميزاتهم، وأما الأشياء التي هي مطلوبة في الإسلام مثل: إعداد العدة، والعناية بالأمور النافعة، فهذا شيء مطلوب، ولكن الشيء المحظور والممنوع هو الذي يكون في أمور اللباس أو الهيئة أو ما إلى ذلك. وقوله: (من تشبه بقوم فهو منهم) ذم شديد في حق من يكون كذلك. ووضع هذا الحديث تحت باب لبس الشهرة، يعني أن المصنف يرى أن لبس الكفار يعتبر لبس شهرة، وهذا ممكن، فالإنسان إذا كان أهل بلده يلبسون لباساً ما من ألبسة المسلمين، ثم يظهر عليهم بلباس آخر سواء كان للكفار أو لغير الكفار فهو لبس شهرة، لبسه لبسة يجمع بين أمرين سيئين: أحدهما: أنه لباس كفار. والآخر: كونه غريباً على الناس، وفيه الشهرة عند الناس، فجمع بذلك بين مصيبتين.
تراجم رجال إسناد حديث (من تشبه بقوم فهو منهم)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا أبو النضر عن عبد الرحمن بن ثابت ]. عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، صدوق يخطئ أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ عن حسان بن عطية ]. حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي منيب الجرشي]. أبو منيب الجرشي ثقة أخرج له أبو داود . [ عن ابن عمر ]. ابن عمر رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
الأسئلة



حكم لبس الثياب المشروعة كالعمامة والقميص في مجتمع لا يلبسها


السؤال: ما حكم من يلبس لبساً على السنة لكنه غير مشتهر، مثلاً: يلبس عمامة، والآن المشتهر عند الناس الغترة أو (الشماغ)، أو يقصر ثوبه إلى نصف الساقين، وهذا غير معروف في مجتمعه؟! الجواب: الشيء الذي ورد في السنة لا يقال: إنه لباس شهرة.

حكم لبس القميص (الثوب) في بلاد لا يلبس فيها


السؤال: ما حكم لبس القميص في بلد أوروبي، والمعهود عندهم لبس البنطال ونحوه؟ الجواب: لبس القميص (الثوب) شيء طيب، وهذا هو الذي ينبغي؛ لأن الأوروبيين إذا جاءوا إلينا يحتفظون بلباسهم، فلماذا نرى المسلمين إذا ذهبوا هناك يتجردون من لباسهم، ويلبسون لباس الكفار؟!

حكم من يلبس غير ثياب بلده مخالفة لهم


السؤال: ما حكم من يلبس غير لبس بلده ويتميز عنهم بلبس ما؟! الجواب: إذا كان أهل بلده يلبسون لباساً معيناً، ثم ظهر عليهم بلباس غريب، فقد يتهمونه في عقله، ويقولون: لعله حصل له شيء.

حكم لبس الوضيع من الثياب تزهداً أو طلباً للشهرة


السؤال: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ثوب الشهرة: هو المترفع الخارج عن العادة، أو المنخفض الخارج عن العادة؟! والسؤال: قد علمنا ما معنى قوله (المترفع)، فما معنى قوله (المنخفض)؟! الجواب: معناه أن الناس يدعون الزهد، ويأتون بألبسة وضيعة رديئة مقطعة من أجل إظهار الزهد، هذا هو المقصود.

حكم لبس البنطال

السؤال: هل لبس البنطلون في مثل هذه البلاد يقال له لبس شهرة؟ الجواب: البنطلون -كما هو معلوم- الأصل فيه أنه لباس الكفار، وأعني بذلك اللباس الذي يكون على قدر الأعضاء ويصف حجم ما تحته، وليس فيه سعة، هذا هو لباسهم، ومع كثرة من يلبسونه لا يقال إنه لباس شهرة، ولكن يقال: إنه ليس من لباس أهل الإسلام.

حكم المتشبه بأعداء الإسلام عن قصد أو عن غير قصد


السؤال: هل يشترط في التشبه القصد والنية؟ ولو فعل فعلاً من أفعال الكفار دون قصد فهل يقال: هذا تشبه، وإن لم يقصده؟ الجواب: إذا كان المتشبه جاهلاً فيبدو أنه يحتاج إلى تعليم، وقد يكون ممن إذا نبه تنبه، بخلاف الإنسان الذي يتعمد فأمره واضح، لكن الجاهل إذا نبه وبقي على ما هو عليه فحكمه -عند ذلك- حكم الذي كان عارفاً وتعمد التشبه.
لبس الصوف والشعر


شرح حديث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر أسود)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الصوف والشعر. حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي وحسين بن علي قالا: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر أسود) ]. أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باباً في لباس الصوف والشعر. والصوف: هو الذي يؤخذ من الضأن، والشعر يؤخذ من المعز، لأن الضأن يكون لها أشعار والمعز يكون لها صوف، والأوبار تكون في الإبل، قال تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ [النحل:80]؛ فعطف الشعر على الصوف هنا من عطف المغايرة، وليس من عطف المرادفة، والصوف يكون من الضأن، والشعر يكون من الماعز. والمقصود من ذلك لبسها مع ما فيها من خشونة، وأنها من الألبسة التي أنعم الله تعالى بها على عباده. وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وعليه مرط مرحل من شعر أسود). والمرط هو الكساء. والمرحل: معناه أن عليه صورة الرحل الذي يوضع على البعير. وهذا المرط مصنوع ومنسوج من شعر أسود؛ وهذا يدل على إباحة، لبس ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبسه.
تراجم رجال إسناد حديث (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر أسود)

قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي ]. ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و حسين بن علي ]. حسين بن علي محتمل أن يكون العجلي وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أبو داود و الترمذي، ويحتمل أن يكون الأحمر وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي. وكلاهما يروي عن ابن أبي زائدة وذُكر أن الذهبي يقول: إن الأحمر لم يدرك ابن أبي زائدة فيتعين أن يكون العجلي ونقله عنه الحافظ في تهذيب التهذيب، و المزي يرى أنه محتمل فكلاهما من شيوخ أبي داود . وأياً كان فهو مقرون بيزيد بن خالد، وتقدم أنه ثقة فيكون الاعتماد عليه في السند. [ حدثنا ابن أبي زائدة ]. ابن أبي زائدة هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه]. هو زكريا ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مصعب بن شيبة ]. مصعب بن شيبة لين الحديث، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن صفية بنت شيبة ]. صفية بنت شيبة لها رؤية حديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وقال حسين: حدثنا يحيى بن زكريا حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي حدثنا إسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك عن لقمان بن عامر عن عتبة بن عبد السلمي قال: (استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين، فلقد رأيتني وأنا أكسى أصحابي) ]. [ (وأنا أكسى أصحابي) ] أكسى: أفعل تفضيل، يعني: أحسنهم كسوة, وأغبطهم في الكسوة. (استكسيت) يعني: طلبت منه أن يعطني كسوة. [ (فكساني خيشتين) ] والخيشة معلوم أنها مصنوعة من شعر، وهذا محل الشاهد.
تراجم رجال إسناد حديث (استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين)


قوله: [ وقال حسين]. هو حسين بن علي المتقدم في حديث عائشة السابق، وفيه خلاف تقدم. [ حدثنا يحيى بن زكريا ]. هو ابن أبي زائدة تقدم في الحديث السابق. [ حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي]. إبراهيم بن العلاء مستقيم الحديث، أخرج له أبو داود . [ حدثنا إسماعيل بن عياش ]. إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده ومخلط في غيرهم. [ عن عقيل بن مدرك]. عقيل بن مدرك، مقبول أخرج له أبو داود . [ عن لقمان بن عامر]. عن لقمان بن عامر صدوق أخرج أبو داود و النسائي و ابن ماجة في التفسير. [ عن عتبة بن عبد السلمي]. عتبة بن عبد السلمي صحابي أخرج له أبو داود و ابن ماجة .
شرح حديث (.. لو رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء حسبت أن ريحنا ريح الضأن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي بردة قال: قال لي أبي: (يا بني! لو رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء؛ حسبت أن ريحنا ريح الضأن) ]. أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: (لو رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء يعني: المطر، وكان عليهم ثياب من شعر، فلما ابتلت صارت رائحتها رائحة الضأن، لأن لباسهم من صوف الضأن. [ حسبت أن ريحنا ريح الضأن ] لأن هذا الصوف الذي تبلل ظهرت رائحته، وهي رائحة الضأن، وهذا دال على لبس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوف والشعر، وهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام.
تراجم رجال إسناد حديث (.. لو رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء حسبت أن ريحنا ريح الضأن)

قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ]. عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو عوانة ]. أبو عوانة هو: الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة]. قتادة بن دعامة السدوسي البصريثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بردة ]. أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو أبو موسى الأشعري واسمه: عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
لبس الرفيع من الثياب


شرح حديث أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب لبس الرفيع من الثياب. حدثنا عمرو بن عون أخبرنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً -أو ثلاثة وثلاثين ناقة- فقبلها) ]. أورد أبو داود باب لبس الرفيع من الثياب. الرفيع من الثياب ما له شأن وقيمة، وهو غال ونفيس. قوله: [ أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً ]. معناه أنها غالية، وهي تعادل ثلث الدية، لأن الدية مائة بعير، وثلاثة وثلاثون تعتبر ثلثها. والحلة هي الإزار والرداء، وقد أهداها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها؛ لكن الحديث غير صحيح.
تراجم رجال إسناد أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً


قوله: [ حدثنا عمرو بن عون أخبرنا عمارة بن زاذان ]. عمارة بن زاذان صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن ثابت ]. ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
شرح حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضعة وعشرين قلوصاً فأهداها إلى ذي يزن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضعة وعشرين قلوصاً فأهداها إلى ملك ذي يزن) ]. أورد أبو داود حديثاً مرسلاً عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث (أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضعة وعشرين قلوصاً). هذه الرواية عكس السابقة، لأن السابقة كان المهدى إليه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا المهدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. والقلوص: اسم للناقة، والجمع: القلاص، والقلائص. [ فأهدها إلى ذي يزين]. يعني: هذه الرواية بعكس السابقة، وهذا الحديث أيضاً ضعيف، من جهة أن فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، ومن جهة أنه فيه إرسالاً.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضعة وعشرين قلوصاً فأهداها إلى ملك ذي يزن)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار البصري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن علي بن زيد ]. علي بن زيد بن جدعان ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ]. إسحاق بن عبد الله بن الحارث ثقة أخرج له أبو داود . والحديث مرسل كما تقدم.
الأسئلة



حكم شراء الملبوسات باهظة الثمن


السؤال: ما حكم اللبس المرتفع، وشراء الملابس الغالية الثمن؟ الجواب: شراء الأشياء الغالية ليس بجيد؛ لأن هذا ليس ببعيد عن لباس الشهرة الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا كان من الممكن أن يشتري بقيمته مجموعة مما يحصل به المقصود، ولا تقع به شهرة ولا يتسبب عنه كبر أو ترفع فهو أفضل.
لبس الغليظ من الثياب


شرح حديث الثياب التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب لباس الغليظ. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ح. وحدثنا موسى حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - المعنى عن حميد بن هلال عن أبي بردة قال: (دخلت على عائشة رضي الله عنها فأخرجت إلينا إزاراً غليظاً مما يصنع باليمن، وكساء من التي يسمونها الملبدة، فأقسمت بالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين) ]. أورد أبو داود باب لبس الغليظ من الثياب، والغليظ: هو السميك الذي فيه سماكة وكثافة، بحيث يعدل عدة أشياء إذا جمع بعضها إلى بعض، هذا هو الغليظ، وهذا الوصف من ناحية سماكته. أورد رحمه الله تعالى حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أبي بردة قال: (أخرجت لنا عائشة إزاراً غليظاً مما يصنع باليمن..). والإزار: هو الذي يوضع على نصف الجسد الأسفل. [ (وكساء من التي يسمونها الملبدة) ]. معناه أنه ملبد لسماكته، وقد يكون ذلك لكونه محشواً وكلمة (ملبدة) تشير إلى السماكة. [ (فأقسمت بالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين) ]. تعني: أن هذا من آخر لباس لبسه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث الثياب التي قبض فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ]. مر ذكرهما. [ ح وحدثنا موسى حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - ]. سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ المعنى عن حميد بن هلال ]. حميد بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بردة عن عائشة ]. أبو بردة و عائشة قد مر ذكرهما.
تكفين النبي صلى الله عليه وسلم في ثياب غير التي قبض فيها


قبض صلى الله عليه وسلم في ثوبين، ولم يجرد من ثيابه أي: أنه لما مات خرجت روحه وعليه تلك الثياب، وبعد ذلك غسل في ثيابه، ولم يجرد صلوات الله وسلامة وبركاته عليه، ثم كفن في ثياب غيرها.
شرح حديث (لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا أبو زميل حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (لما خرجت الحرورية أتيت علياً رضي الله عنه فقال: ائت هؤلاء القوم. فلبست أحسن ما يكون من حلل اليمن -قال أبو زميل : وكان ابن عباس رجلاً جميلاً جهيراً- قال ابن عباس : فأتيتهم، فقالوا: مرحباً بك يا ابن عباس ! ما هذه الحلة؟ قال: ما تعيبون علي؟ لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل). قال أبو داود : اسم أبي زميل : سماك بن الوليد الحنفي ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه لما خرجت الحرورية في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لابن عباس: اذهب إليهم، يعني: بين لهم خطأهم، فلبس أحسن حلل اليمن، وذهب إليهم، فقالوا: مرحباً يا ابن عباس! ما هذه الحلة؟! فقال: إني رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل). أي: أن هذا الذي علي من الألبسة هو اقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام، لأني رأيته وقد لبس أحسن ما يكون من الحلل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، يعني أحسن ما يكون في جودتها ونفاسته، وليس معنى ذلك غلاها وكونها باهظة الأثمان، ولكن من ناحية جمالها وحسنها. والحرورية الذين خرجوا على علي رضي الله عنه وقاتلهم، وجاءت الأحاديث الكثيرة في شأنهم وقتالهم. ولا أدري ما وجه إيراد هذا الحديث في باب لباس الغليظ، هل المقصود به أن هذا النوع من شأنه أن يكون غليظاً! فالحديث يدل على أنه شيء جميل نفيس، وأنه من أحسن ما يلبس، ومن أنفس ما يلبس. [ وكان ابن عباس رجلاً جميلاً جهيراً ]. جهيراً معناه حسن الهيئة، وليس المقصود به ما يتعلق بالصوت، فالذي يتعلق بالصوت هو جهوري الصوت. وقد ذهب رضي الله عنه لمناظرتهم وقد تعمد رضي الله عنه أن يلبس أحسن الثياب، مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل عندما يلتقي بالوفود، فقد كان يلبس أحسن ما يجد، ويتجمل للوفود، فلعل هذا هو الذي أراد.
تراجم رجال إسناد حديث (.. لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل)


قوله: [ حدثنا إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي]. إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي ثقة، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي ]. عمر بن يونس بن القاسم اليمامي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عكرمة بن عمار ]. عكرمة بن عمار صدوق يغلط أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو زميل ]. أبو زميل سماك بن الوليد الحنفي ليس به بأس بمعنى: صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الله بن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن عمر ، و عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن الزبير ، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة ، و ابن عمر ، و ابن عباس ، و أبو سعيد ، و أنس ، و جابر ، و عائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
إنكار الخوارج لبس ابن عباس ثياباً حسنة


قالت الحرورية لابن عباس قالوا: ما هذه الحلة؟ ويمكن أن سؤالهم هذا سؤال إنكار عليه، وأنهم لا يرون لبس أحسن الثياب، وهذا الذي يفهم من جواب ابن عباس وأنه فعل ذلك اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذا قال: (رأيته يلبس أحسن ما يكون من الحلل)."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 02-07-2025, 04:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [453]
الحلقة (485)




شرح سنن أبي داود [453]

اللباس من الزينة التي من الله بها على عباده، وقد ورد في السنة المطهرة ما يدل على تفاصيل مهمة ينبغي للمؤمن تحريها ومعرفة ما أباحه الله وما نهى عنه وما أوجبه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين لنا تفصيلات جمة حول هذا، سواء كانت عملية أو قولية أو تقريرية. ومن ذلك ما ورد أنه صلوات ربي وسلامه عليه حرم لبس الحرير على الرجال وكذلك الذهب، وأباح للنساء لبس الحرير والتحلي بالذهب، وأجاز للرجال من الحرير مقدار أربع أصابع، وقد وردت أحاديث مختلفة في الخز والسندس والإستبرق شرحها العلماء وبينوا معانيها.

ما جاء في الخز


شرح حديث (رأيت رجلاً ببخارى وعليه عمامة خز سوداء..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الخز. حدثنا عثمان بن محمد الأنماطي البصري حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الرازي قال: ح وحدثنا أحمد بن عبد الرحمن الرازي حدثنا أبي أخبرني أبي عبد الله بن سعد عن أبيه سعد أنه قال: (رأيت رجلاً ببخارى على بغلة بيضاء عليه عمامة خز سوداء فقال: كسانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا لفظ عثمان والإخبار في حديثه ]. أورد أبو داود باباً في الخز. وفسر الخز بأنه نوع من الحرير أو أنه مخلوط بحرير، وفسر بأنه ليس من الحرير، ولكنه شيء من صفات الحرير النعومة، وقد جاء عن بعض الصحابة أنهم لبسوه، فيحمل على ما كان من هذا القبيل الذي هو غير الحرير، وذكر صاحب عون المعبود أنه من الإبريسم. والحاصل أنه إن كان من الحرير فيحرم، وإن كان من غير الحرير فيجوز، وعليه يحمل ما ورد عن بعض الصحابة من لبسهم الخز. وقد أورد أبو داود حديث سعد الدشتكي يقول: (رأيت رجلاً ببخارى عليه عمامة سوداء فقال: كسانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم) والحديث ضعيف؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه.

تراجم رجال إسناد حديث (رأيت رجلاً ببخارى وعليه عمامة خز سوداء...)


قوله: [ حدثنا عثمان بن محمد الأنماطي البصري ]. عثمان بن محمد الأنماطي البصري مقبول أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله الرازي ]. ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ ح.. وحدثنا أحمد بن عبد الرحمن الرازي ]. أحمد بن عبد الرحمن الرازي صدوق، أخرج له أبو داود. [ حدثنا أبي ]. هو عبد الرحمن بن عبد الله الذي مضى. [ أخبرني أبي عبد الله بن سعد ]. عبد الله بن سعد جد أحمد بن عبد الرحمن وهو صدوق أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ قال: رأيت رجلاً ببخارى.. ]. هذا الرجل البخاري لم يسم، ومعلوم أن جهالة الصحابي لا تؤثر؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لكن الحديث في إسناده هذا المقبول الذي هو سعد جد عبد الرحمن بن عبد الله. وهذا الإسناد فيه أربعة متناسلون يروي بعضهم عن بعض؛ لأن أحمد يروي عن أبيه عبد الرحمن و عبد الرحمن يروي عن أبيه عبد الله بن سعد وهو يروي عن أبيه سعد ، فالأول هو: أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سعد هذا النسب وكل واحد يروي عن الذي فوقه، إلا الأخير الذي هو سعد فإنه يروي عن الرجل الذي رآه ببخارى وقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كساه هذه العمامة. قال الحافظ في المبهمات سعد بن عثمان الدشتكي عن رجل من الصحابة رآه ببخارى قيل: هو عبد الله بن خازم ، وهو صحابي أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . وكلام الحافظ فيه احتمال؛ لكن سواء عرف أو لم يعرف لم يؤثر؛ لأنه صحابي. [ هذا لفظ عثمان والإخبار في حديثه ]. جاءت لفظة الإخبار من طريق عثمان وما جاءت من طريق أحمد وما دام كل منهما قال: (حدثنا) فمعناه أن الإخبار صار بين عبد الله وأبيه في الإسناد الأول وليس في الإسناد الثاني.
شرح حديث (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا عطية بن قيس قال: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأشعري قال: حدثني أبو عامر أو أبو مالك رضي الله عنه -والله يمين أخرى ما كذبني- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير. وذكر كلاماً قال: يمسخ منهم آخرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة). قال أبو داود : وعشرون نفساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أكثر لبسوا الخز منهم أنس و البراء بن عازب ]. أورد أبو داود حديث أبي مالك أو أبي عامر الأشعريرضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليكونن من أمتي قوم يستحلون الخز والحرير)؟ قوله: [ الخز والحرير ] معناهما واحد؛ لأن الخز من الحرير فيكون من عطف العام على الخاص؛ ولكن في بعض الطرق وهي عند البخاري : (الحر والحرير) ومعنى (الحر) الفروج، فيكون المقصود به الزنا، والحرير يكون على بابه، أي أن هذا محرم مستقل وهذا محرم مستقل، وأنهم يستحلون هذا ويستحلون هذا، وأما على ما عند أبي داود : (الخز)، فيكون نوعاً من الحرير، ويكون عطف الحرير عليه من باب عطف العام على الخاص وما جاء في آخره من ذكر لبس الصحابة له يكون محمولاً على لباس ناعم يشبه الحرير في نعومته، لا أن المقصود بذلك أنهم يستحلون هذا المحرم الذي جاء فيه هذا الوعيد الشديد. قوله: [ (ويمسخ منهم آخرون قردة وخنازير إلى يوم القيامة) ] يعني: من هؤلاء الذين حصل منهم الاستحلال، وهذا دليل على أن المسخ يكون في هذه الأمة، وأنه ليس خاصاً بالأمم السابقة، وأنه قد يمسخ أحد من هذه الأمة قردة وخنازير. والذين يمسخون لا يتناسلون؛ لأنه قد ورد في الحديث: (أن الله لم يجعل للذين مسخوا نسلاً) أورده مسلم في كتاب القدر، وقد سبق أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في بعض الحيوانات كالفأر: (لا أدري، لعلها مما مسخ)، ولكنه بعد ذلك أوحي إليه أن الذين يمسخون لا يتناسلون. [ والله يمين أخرى ما كذبني ]. كأن قوله: (يمين أخرى) هذا فيه إشارة إلى تكرار اليمين. [ قال أبو داود : وعشرون نفساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أكثر لبسوا الخز منهم أنس و البراء ]. هذا كما أشرنا يحمل على أن المقصود به ما يشبه الحرير في نعومته، أو يكون المقصود به أنهم لبسوا الشيء الذي قد وردت به السنة وهو مقدار أربع أصابع، وسيأتي في باب ما جاء في لبس الحرير، أنهم استعملوا هذا الشيء الذي رخص فيه، فيحتمل إما هذا وإما هذا. والحديث فيه الوعيد وفيه التحريم، والرسول صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً وذهباً وقال: (هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها) فلا يسوغ أن يكون هذا حصل من الصحابة، ولكنهم فعلوا أمراً سائغاً إما أن يكون غير حرير، وإما أن يكون حريراً مرخصاً فيه؛ لكونه مقدار أربع أصابع، أو للعلاج والاستشفاء مثلما جاء في قصة الذين كان يلبسونها للاستشفاء مثل عبد الرحمن بن عوف. وهذا الحديث وارد عند البخاري وهو عن هذا الصحابي، وفيه: (الحر)، ولا يلزم أن يكون ما هنا تصحيفاً وقع لأبي داود؛ لأن الذين شرحوه تكلموا عن الخز.
تراجم رجال إسناد حديث (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الخز والحرير)


قوله: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ]. عبد الوهاب بن نجدة ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا بشر بن بكر ]. بشر بن بكر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ]. عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: حدثنا عطية بن قيس ]. عطية بن قيس ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ قال: سمعت عبد الرحمن بن غنم الأشعري ]. عبد الرحمن بن غنم الأشعري مختلف في صحبته، وقيل: هو من ثقات التابعين، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ حدثني أبو عامر أو أبو مالك ]. أبو مالك الأشعري صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . وهناك صحابي اسمه: أبو عامر الأشعري ففيه احتمال لكنه ما رمز له بأنه روى له أبو داود . فيحتمل أن يكون هو، وإن ثبتت الرواية فمعناه أنه يكون ذلك الصحابي، هذا أو هذا، وعلى كل الاختلاف في الصحابي لا يؤثر، سواء كان هذا أو هذا فالنتيجة واحدة؛ لأن الصحابة كلهم عدول.
ما جاء في لبس الحرير


شرح حديث (إنما يلبس هذه من لا خلاق له) في حلة سيراء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في لبس الحرير. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر (أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد تباع فقال: يا رسول الله! لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة. ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر : يا رسول الله! كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أكسكها لتلبسها. فكساها عمر بن الخطاب أخاً له مشركاً بمكة) ]. أورد أبو داود [ باب ما جاء في لبس الحرير ] يعني: في تحريمه وعدم جواز لبسه، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في تحريم الحرير على الرجال وإباحة لبسه للنساء، كما أن الذهب حرام على الرجال حلال للنساء، وكما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أخرج ذهباً وحريراً وقال: (هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها). أورد أبو داود حديث عمر رضي الله عنه أنه رأى حلة سيراء -يعني: من نوع الحرير- تباع عند باب المسجد، فاقترح عمر رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشتريها ليتجمل بها يوم الجمعة وللوفود. وهذا يدلنا على استحباب التجمل للجمعة، ولبس أحسن الثياب لها، وكذلك أيضاً عند استقبال الوفود يكون الإنسان على أحسن هيئة، فهو لما سأل أقره على السبب والشيء الذي اقترح من أجله؛ ولكنه بين أن هذا النوع لا يجوز لبسه وأن من يلبسه لا خلاق له يوم القيامة. يعني: الكفار، كما جاء في حديث الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة، قال: (هي لهم في الدنيا ولنا في الآخرة) يعني: أنهم يتعجلون طيباتهم في هذه الحياة الدنيا، وأن ما يحصل لهم من الشيء الجميل والشيء النفيس هو نصيبهم، وفي الآخرة ليس لهم إلا النار والعياذ بالله، وأما المسلمون الذين يتقيدون بأحكام الشرع ويتركون ما حرم الله فإنهم يحصل لهم هذا الذي تركوه من أجل الله في الدار الآخرة، فيلبسون الذهب والحلي في الدار الآخرة لأنهم تركوها في الدنيا، فعوضهم الله عنه بأن أكرمهم بالتمتع به في الآخرة، والكفار بعكس ذلك لأنهم تعجلوا طيباتهم في الحياة الدنيا وليس لهم في الآخرة إلا النار، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إنما يلبسه من لا خلاق له). ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بحلل من هذا القبيل فأعطى عمر حلة منها، فجاء عمر مستفسراً قال: (كسوتنيها) أي أنه أعطاه؛ لأن الإنسان إذا أعطى الكسوة فمعناه أنه كساه، وليس بلازم أن يلبسه إياها، كما جاء في الحديث: (كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم) يعني: أرزقكم وأعطكم وأتفضل عليكم بإعطاء الكسوة، فهنا الرسول صلى الله عليه وسلم أعطى عمر حلة من هذه الحلل فهو عندما أعطاه إياها رجع إلى الكلام السابق الذي جرى بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه قال: إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة. قال: يا رسول الله! كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد -يعني: الرجل الذي كان يبيع تلك الحلة- ما قلت ، أي أنه إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة. قال: (ما كسوتكها لتلبسها) يعني: ما أعطيتك إياها لتلبسها وإنما ملكتكها، والإنسان من الممكن أن يستعملها للنساء؛ لأنه يجوز لهن لبس الحرير، وهنا عمر رضي الله عنه أهداها أخاً له مشركاً بمكة، وقيل: إن هذا أخ له من الرضاعة، ولعل عمر رضي الله عنه أعطاها إياه لأنه كافر والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما يلبس هذا من خلاق له في الآخرة) والكفار هم الذين لا خلاق لهم في الآخرة، وهذا إذا مات وهو على الكفر، وأما من تمتع بما هو محرم في هذه الحياة الدنيا، ثم هداه الله عز وجل إلى الإسلام فالإسلام يجب ما قبله من الشرك وغيره، والعلماء اختلفوا في مخاطبة الكفار بفروع الشريعة على قولين: منهم من قال: إنهم مخاطبون، وهذا هو الأرجح، وفائدة كونهم مخاطبين أنهم يعاقبون على ترك الأصول وعلى ترك الفروع، فيعاقبون على الشرك وعلى غيره، ومعلوم أن الكفار يتفاوتون في الضرر وفي العقوبة، والنار دركات بعضها أسفل من بعض، كما أن الجنة درجات بعضها فوق بعض، والذي يكون كافراً ولا يصد عن سبيل الله أهون من الذي يأتي وهو كافر ويصد عن سبيل الله، والذي هو كافر شديد الإيذاء للمسلمين وأعظم عذاباً. والقول الآخر: أنهم غير مخاطبين بالفروع، بل هم مخاطبون بالأصول فإذا أسلموا خوطبوا بالفروع. لكن الذين يقولون إنهم مخاطبون يقولون: إنهم مخاطبون بالأصول والفروع، والفائدة في خطابهم إن كانت الفروع لا تقبل منهم أنهم يعاقبون على الأصول وعلى الفروع، ويكون الذي حصل منه شيء أكثر من الشرك كأن يكون عنده إيذاء وصد عن سبيل الله وفعل أمور منكرة وأمور محرمة يكون أشد من الكافر الذي بخلاف ذلك. ولعل عمر رضي الله عنه رأى أنهم غير مخاطبين. قوله: [ (أن عمر بن الخطاب رأى حلة سيراء عند باب المسجد تباع) ]. هذا دليل على جواز البيع أمام أبواب المساجد. [ (فقال: يا رسول الله! لو اشتريت هذه فلبستها يوم الجمعة وللوفد إذا قدموا عليك. فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يلبس هذه من لا خلاق له في الآخرة) ]. الخلاق هو: الحظ والنصيب. [ (ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل) ]. (منها) يعني: من هذا النوع. [ (فأعطى عمر بن الخطاب منها حلة فقال عمر : يا رسول الله! كسوتنيها وقد قلت في حلة عطارد ما قلت) ]. الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه، وعبر عن ذلك بـ(كسوتني) والمعنى: أعطى الكسوة، وليس المقصود أنه يلبسه. [ (حلة عطارد ) ]. الظاهر أنها التي كانت تباع عند باب المسجد، وصاحبها الذي يبيعها اسمه: عطارد . [ (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لم أكسكها لتلبسها. فكساها عمر بن الخطاب أخاً له مشركاً بمكة) ]. أعطاها إياه، وقد يلبسها وقد يبيعها ويستفيد من ثمنها. أما مسألة هل يجوز بيع ما هو حرام عندنا لهم؟ فالجواب: معلوم أنه إذا استعمل فيمن يسوغ له، بأن يكون حلالاً عندنا وعندهم، كما لو أعطاها هذا الكافر امرأته لما كان في ذلك شيء، كما أن عمر لو أعطاها أمرأته لحصل أنها صرفت فيمن هو أهل لها، وكونه أعطاها أخاه قد يلبسها وقد لا يلبسها، وقد يبيعها ويستفيد من ثمنها، والذي يشتريها قد يلبسها ويفعل أمراً محرماً سواء كان مسلماً أو كافراً، وقد يعطيها لمن هو أهل لأن يلبسها كالنساء. أما بالنسبة للتلفاز يباع لكافر. فالإنسان ليس له أن يستعمل مثل هذه السلعة التي فيها ضرر، وفيها خير وفيها شر، عندما يختار الإنسان ويريد أن يستعمل بضاعة ليستفيد منها فليختر شيئاً لا إشكال فيه ولا محذور.
تراجم رجال إسناد حديث (إنما يلبس هذه من لا خلاق له) في حلة سيراء

قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [ عن مالك ]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام. وهذا الإسناد رباعي، من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وهو أيضاً من أصح الأسانيد عند البخاري فإن هذه السلسلة التي فيها مالك عن نافع عن ابن عمر هي أصح الأسانيد عند البخاري . والحديث ليس من مسند عمر ، وإنما هو من مسند عبد الله بن عمر .
شرح حديث (..تبيعها وتصيب منها حاجتك) في جبة ديباج أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس و عمرو بن الحارث عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه بهذه القصة قال: (حلة إستبرق. وقال فيه: ثم أرسل إليه بجبة ديباج وقال: تبيعها وتصيب بها حاجتك) ]. قوله: [ (حلة إستبرق) ] يعني: أن ذلك في هذه القصة التي فيها بيع الحلة عند باب المسجد. (وأرسل إليه بحلة ديباج) يعني: إلى عمر، والديباج هو نوع من الحرير. [ (وقال: تبيعها وتصيب بها حاجتك) ]. يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما أخبره بأنه لا يلبسها، وإنما يبيعها ويستفيد من قيمتها. ويحتمل أن تكونا قصتين، أو يرجح بعضهما على بعض، وعلى أنها قصة واحدة كما ذكر المصنف فإنه يحمل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قال له عمر : (كسوتنيها وقد قلت ما قلت) قال: (ما أعطيتك لتلبسها وإنما أعطيتك لتبيعها وتستفيد من ثمنها) ويكون عمر رأى ألا يبيعها ولكن يهديها إلى قريبه المشرك في مكة. والإستبرق نوع من الحرير، وثمة أسماء كثيرة للحرير. وتحريم الحرير يشمل اللبس وعموم الاستعمال كاللحاف والفراش والغطاء لأنها كلها لبس، كما جاء في حديث أنس : (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حصير قد اسود من طول ما لبس) يعني: استعمل. ولا يدخل في الحرير ما يسمى اليوم بالحرير الصناعي؛ لأنه ليس بحرير وإنما هو من جنس الأشياء الناعمة التي تشبه الحرير وليست بحرير.
تراجم رجال إسناد حديث (.. تبيعها وتصيب منها حاجتك) في جبة ديباج أرسلها الرسول صلى الله عليه وسلم لعمر

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري، ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس ]. يونس بن يزيد الأيلي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عمرو بن الحارث ]. هو المصري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم بن عبد الله ]. سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وهو تابعي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم. [ عن ابن عمر ]. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.
شرح حديث (نهى عن الحرير إلا ما كان هكذا..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي قال: كتب عمر إلى عتبة بن فرقد رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا ما كان هكذا وهكذا. إصبعين وثلاثة وأربعة) ]. أورد أبو داود حديث عمر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا ما كان هكذا. إصبعين وثلاثة وأربعة) يعني: بأن يكون حاشية في ثوب، فما كان بهذا المقدار فإنه جائز وما زاد على ذلك فإنه لا يجوز.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن الحرير إلا ما كان هكذا..)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا عاصم الأحول ]. عاصم بن سليمان الأحول ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عثمان النهدي ]. أبو عثمان النهدي هو عبد الرحمن بن مل ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمر ]. عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل أحد الخلفاء الراشدين الهادين المهديين صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث علي (أهديت إلى رسول الله حلة سيراء فأرسل بها إليَّ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة عن أبي عون سمعت أبا صالح يحدث عن علي رضي الله عنه أنه قال: (أهديت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فأرسل بها إلي فلبستها فأتيته، فرأيت الغضب في وجهه وقال: إني لم أرسل بها إليك لتلبسها. وأمرني فأطرتها بين نسائي) ]. أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه حلة سيراء -أي: من الحرير- فلبسها، فجاء إليه وهي عليه، فغضب وتبين في وجهه الغضب وقال: (ما أعطيتكها لتلبسها) ثم أمره بأن يوزعها على نسائه. قوله: [ (أطرتها) ] يعني: وزعتها وشققتها بين نسائي، والمقصود بنسائه أهله كزوجته وأمه وأقاربه، وليس المقصود بالنساء هنا الزوجات؛ لأنه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتزوج على فاطمة، وليس عنده إذاك غيرها رضي الله تعالى عنهما، وإنما تزوج بعد وفاتها رضي الله عنه وعنها وعن الصحابة أجمعين.

تراجم رجال إسناد حديث علي (أهديت إلى رسول الله حلة سيراء فأرسل بها إليَّ...)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عون ]. أبو عون محمد بن عبيد الله الثقفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن أبي صالح ]. أبو صالح هو عبد الرحمن بن قيس الحنفي ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن علي ]. علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



حكم التداوي بالحرير

السؤال: ذكرتم أن الحرير يستثنى لمن به علة (حكة) لكن يشكل: (لم يجعل الله شفاء أمتي فيما حرم عليها)! الجواب: هذا مستثنى، لأنه أذن في استعماله في الحرب وليس دائماً وأبداً، فإذا عادوا إلى البلد فيمكن أن يتعاطوا العلاج ويمكن أن يأخذوا بالأسباب؛ ولكن أذن في الحرب في استعمال الحرير.

غُسِّل النبي صلى الله عليه وسلم في ثيابه وكفِّن في ثياب أخرى


السؤال: في الحديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض في إزار غليظ مما يصنع اليمن وكساء من التي يسمونها الملبدة) وذكرتم أنه كفن فيها، وفي الحديث أن الثياب التي توفي فيها بقيت عند عائشة ؟! الجواب: كفن في ثياب بيض سحولية، وغسل في ثيابه، فما جردوه عندما أرادوا أن يغسلوه، وإنما أدخلوا أيديهم من تحت الثياب يغسلونه، لكن بعد ذلك نزعت تلك الثياب، وأتي بثياب أخرى وهي الكفن، ثلاثة أثواب بيض كفن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لم يبق من ثياب النبي صلى الله عليه وسلم اليوم شيء


السؤال: ما صحة القول بأن ثياب الرسول صلى الله عليه وسلم موجودة إلى الآن؟ الجواب: لا يصح هذا أبداً، إذا وجد شيء من ذلك فهو دعاوى، كيف تبقى ثياب طيلة هذه القرون؟! وكذلك دعوى أنه يوجد شعر من شعر الرسول صلى الله عليه وسلم.

حكم قص المرأة شعرها

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تقصر شعرها حتى تكون كالوفرة أو أطول بشيء قليل؟ الجواب: جاء هذا عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن، ومعلوم أن أمهات المؤمنين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم محرمات لا سبيل إلى الزواج منهن والتزوج بهن، ومعلوم أن بقاء شعر المرأة زينة لها، وإذا كان الشعر كثيفاً يشق عليها صيانته فلا بأس أن تخفف منه، وأما ما يفعل من تقليد الكافرات اللاتي عرفن بهذا فهو من التشبه بالكافرات. وبعض أهل العلم قال: إن ذاك خاص بأمهات المؤمنين لأنهن لا سبيل لهن إلى التجمل للزواج؛ لأنهن لا يتزوجن بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة رضي الله عنهن وأرضاهن، وفي صحيح مسلم (أن أزواج الرسول قصصن رؤسهن حتى كان كالوفرة).

حكم شراء الثياب النفيسة

السؤال: إذا كان الرجل ميسور الحال واشترى ثوباً نفيساً ألا يكون هذا من قبيل: (إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده)؟ الجواب: إذا كان ميسور الحال وأراد شراء النفيس؛ فينبغي أن يشتري ما يناسبه ويستفيد من القيمة الزائدة في أموره الأخرى، وأما كونه يشتري شيئاً نفيساً وهو غير ميسور الحال، بأن يستدين أو يسأل أو ما إلى ذلك، فليس له ذلك.

حكم القول بأن اليهود أبناء القردة والخنازير مع أن الممسوخين لا يتناسلون


السؤال: هل من المناسب أن يقال لليهود إنهم أبناء القردة والخنازير، مع أنكم ذكرتم أن المسخ لا يتناسل؟ الجواب: معلوم أن الحديث جاء بأن الذين مسخوا ليس لهم نسل؛ ولكن هم أبناء جنس الذين مسخوا، لا أنهم أبناء الذين مسخوا، فإذا جاء من يعبر بهذه العبارة فيحمل على أن المقصود أن أعمامهم أو من يكون في درجة آبائهم مسخ، وأما كونهم هم جاءوا من نسلهم فهذا يخالف الحديث الذي جاء: (إن الله لم يجعل لأمة مسخت نسلاً) فلا يجوز أن يعتقد هذا الشيء؛ لكن كونهم من الجنس أو من الذين حصل فيهم المسخ، أو أنهم -مثلاً- أعمامهم إخوان آبائهم أو ما إلى ذلك؛ فهذا ممكن.

من كره الحرير


شرح حديث علي (نهى عن لبس القسي ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من كرهه. حدثنا القعنبي عن مالك عن نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس القسي، وعن لبس المعصفر، وعن تختم الذهب، وعن القراءة في الركوع) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب من كره ذلك، يعني: لبس الحرير، والمقصود بالكراهة كراهة التحريم، وقد أورد رحمه الله جملة من الأحاديث: أولها: حديث علي رضي الله تعالى عنه: (أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن عن لبس القسي). والقسي نوع من الحرير. [ (وعن لبس المعصفر) ]. أي: المصبوغ بالعصفر، وهو نبات معروف لونه أصفر. [ (وعن تختم الذهب) ]. يعني: للرجال، وأما النساء فإنها تلبس الذهب كيف شاءت، خواتم وأقراط وأسورة.. وما إلى ذلك. [ (وعن القراءة في الركوع) ]. يعني: فالركوع لا يقرأ فيه المصلي، والسجود كذلك لا يقرأ فيه، وذلك أن الصلاة جعلت أحوالها لها أمور معينة مطلوبة فيها، فالقراءة مطلوبة في القيام، والركوع مطلوب فيه تعظيم الرب والثناء عليه، والسجود مطلوب فيه الإكثار من الدعاء، فكل حال لها أعمال تخصها أو لها أقوال تخصها، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (وأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فَقَمِنٌ أن يستجاب لكم)، فكما أن الإنسان لا يأتي بالأدعية في حال قيامه وإنما يأتي بالقراءة، كذلك لا يأتي بالقراءة في حال ركوعه وسجوده، أي: أن كل هيئة لها عمل يخصها أو لها أقوال تخصها، فمن أجل ذلك منع رسول الله عليه الصلاة والسلام من القراءة في الركوع والسجود.
تراجم رجال إسناد حديث علي (نهى عن لبس القسي..)


قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ]. إبراهيم بن عبد الله بن حنين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه كذلك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن أبي طالب ]. علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
تراجم رجال إسناد حديث علي (نهى عن لبس القسي...) من طريق ثانية

قال رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن محمد يعني: المروزي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا قال: (عن القراءة في الركوع والسجود). قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد يعني: المروزي ]. أحمد بن محمد بن ثابت بن شبويه المروزي ، ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي ]. وقد مر ذكرهم.
شرح حديث علي (نهى عن لبس القسي..) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن إبراهيم بن عبد الله بهذا. زاد: (ولا أقول: نهاكم) ]. [ زاد: (ولا أقول: نهاكم) ] لأنه جاء في بعض الألفاظ: (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أقول: نهاكم) ولا يعني ذلك أن هذا الحكم يختص به، وإنما أخبر عن الشيء الذي حصل له، وأنه قال: لا تفعل كذا، ولا تفعل كذا، فهذا نهي موجه إليه، فهو أخبر عن الشيء الذي حصل له وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهاه. يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم ما عبر بعبارة موجهة للجمع، وإنما هي موجهة إليه؛ ولكن كما هو معلوم (خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لواحد هو خطاب للجميع)، وليس خاصاً بالمخاطب إلا إذا جاء شيء يدل على أنه يخصه، مثلما جاء في قصة الذي ذبح أضحيته قبل الصلاة ثم بعد ذلك قال: (إن عندي عناقاً فقال: هل تجزئ عني؟ قال: تجزئ عنك، ولن تجزئ عن أحد من بعدك) فهذا يدل على أن هذا خاص به. والأصل أن خطاب النبي عليه الصلاة والسلام لواحد هو خطاب للجميع، ولهذا جاء في الحديث الذي فيه بيان سبب نزول قول الله عز وجل: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفَاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114] أن الرجل قال بعد أن نزلت الآية: (ألي هذا وحدي يا رسول الله؟ قال: لأمتي كلهم) يعني: أن خطاب الشرع خطاب للجميع، وليس خاصاً بالمخاطب، وإنما يكون خاصاً به إذا وجد شيء يدل على أنه خاص به.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 02-07-2025, 04:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث علي (نهى عن لبس القسي..) من طريق ثالثة

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن عمرو ]. محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم بن عبد الله بهذا ]. أي: عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه عن علي، وقد مر ذكرهم.
شرح حديث أن ملك الروم أهدى إلى النبي مستقة من سندس فلبسها ...

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن ملك الروم أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مستقة من سندس فلبسها، فكأني أنظر إلى يديه تذبذبان، ثم بعث بها إلى جعفر فلبسها ثم جاءه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لم أعطكها لتلبسها. قال: فما أصنع بها؟ قال: أرسل بها إلى أخيك النجاشي) ]. قوله: [ (أن ملك الروم أهدى إلى النبي مستقة) ]. وهو لباس من الحرير. قوله: (فلبسها). أي: فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا محمول على أنه كان قبل أن يحرم لبس الحرير، وبعد ذلك حرم فأعطاها جعفراً ولبسها، فقال: (إني ما أعطيتكها لتلبسها وإنما لترسلها إلى أخيك النجاشي) أي: ليستفيد منها لا ليلبسها؛ لأن المحرم لا يجوز لبسه، وإنما يجوز التصرف فيه ببيعه أو استعماله ممن يمكن لهم استعماله كالنساء، وإذا أعطي الرجل فهو يستفيد منه بأن يعطيه نسائه، أو يبيعه ويتصرف بقيمته، أو يهديه إلى أحد من أجل أن يستفيد من قيمته أو يعطيه لنسائه. وعلى هذا فالذي جاء في الحديث محمول على أنه كان قبل تحريم لبس الحرير، وقد جاءت أحاديث تدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس الحرير، ولكنه تركه بعد ذلك وحرم لبسه على الرجال، وقد جاء في الصحيحين وفي غيرهما أحاديث بهذا المعنى. وهذا الحديث في إسناده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف؛ ولكن المعنى الذي جاء فيه من أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد لبس الحرير وأعطى غيره من أجل أن يستفيد، قد جاء في أحاديث، والإسناد فيه هذا الرجل الذي هو ضعيف، وهو علي بن زيد بن جدعان . قوله: [ (مستقة من سندس) ]. فراء: طوال الأكمام، أي: أن فيها سندس يعني: حرير في أطرافه، وأما الفرو فليس من الحرير، ولكنها موشاة بالحرير أو موضوع فيها شيء كثير من الحرير، وأما إذا كان في حدود أربع أصابع فهذا ثبتت به السنة بعد التحريم وأنه، فيكون الذي من سندس هو الذي أضيف إليها لا أن أصلها هي من سندس. [ مكفوفة ]. يعني: حواشيها من حرير. [ (فلبسها، كأني أنظر إلى يديه تذبذبان) ]. يعني: أنها طويلة كأنها تغطي اليدين. [ (ثم بعث بها إلى جعفر فلبسها ثم جاءه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لم أعطكها لتلبسها. قال: فما أصنع بها؟ قال: أرسل بها إلى أخيك النجاشي) ]. وخص النجاشي من أجل أنه كان عنده، وكان قد أحسن إلى جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وإلى الذين كانوا معه من المهاجرين إلى الحبشة، فهذا هو وجه إرشاده إلى أن يرسلها إلى النجاشي ليستفيد منها. وقوله: [ (إلى أخيك) ]. أي: في الإسلام. وإرساله إلى النجاشي ليس بلازم أن يلبسها النجاشي ، وإنما ليستفيد منها.
حكم إهداء الهدية

أما ما يقوله بعض الناس: (الهدية لا تهدى ولا تباع) فنقول: الهدية يتصرف فيها كيف شاء، فيهديها أو يستعملها أو يبيعها، أي: يتصرف بها جميع أنواع التصرفات. فالأصل هو الجواز حتى يأتي المنع، ولا نعلم شيئاً يدل على المنع.

تراجم رجال إسناد حديث أن ملك الروم أهدى إلى النبي مستقة من سندس فلبسها...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد ]. موسى بن إسماعيل و حماد بن سلمة قد مر ذكرهما، و علي بن زيد بن جدعان ضعيف أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أنس ]. عن أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والإسناد رباعي، من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
شرح حديث (لا أركب الأرجوان.. ولا ألبس القميص المكفف بالحرير...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد حدثنا روح حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا أركب الأرجوان، ولا ألبس المعصفر، ولا ألبس القميص المكفف بالحرير. قال: وأومأ الحسن إلى جيب قميصه قال: وقال: ألا وطيب الرجال ريح لا لون له، ألا وطيب النساء لون لا ريح له، قال سعيد : أراه قال: إنما حملوا قوله في طيب النساء على أنها إذا خرجت، فأما إذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت) ]. أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا أركب الأرجوان) والمقصود بالأرجوان مياثر كانت تتخذ من الحرير أو مخلوطة بالحرير وتوضع على سرج الفرس أو رحل البعير يقال: إن النساء كن يصنعنها لأزواجهن لتكون موطأة وسهلة ولينة، فلا يتأثر الجالس على الرحل أو على الفرس بكثرة الجلوس بسبب لين ذلك الشيء الذي وضع، وهو الأرجوان، قيل: إنها من لون أحمر. [ (ولا ألبس المعصفر) ]. المعصفر الذي صبغ بالعصفر كما مر قريباً. [ (ولا ألبس القميص المكفف بالحرير) ]. يحمل هذا على ما إذا كان أكثر من أربع أصابع، أما إذا كان في حدود أربع أصابع فقد جاءت السنة بجواز لبسه. [ (قال: وأومأ الحسن إلى جيب قميصه) ]. يعني: يشير إلى هذا المكفف الذي جعل في الحواشي والمقصود من ذلك -كما أشرت- الشيء الكثير، وأما الشيء القليل الذي حدد بأربع أصابع فلا بأس به. [ (قال: وقال: ألا وطيب الرجال ريح لا لون له) ]. طيب النساء يبدو لونه ولا يظهر ريحه، بمعنى أن ظهور الريح من الرجال في الأسواق وفي أي مكان لا مانع منه، وأما النساء فإنها عندما تخرج تستعمل طيباً لا يُشم ريحه، ولكنه يظهر لونه لها؛ لأن الريح تفتن الناس. ثم بعد ذلك علق على هذا الكلام عن سعيد بن أبي عروبة أنه قال: هذا محمول على ما إذا خرجت، أي: إذا خرجت فلا تستعمل إلا الطيب الذي لا رائحة له تظهر فيحصل بها فتنة، وأما إذا كانت عند زوجها فإنها تطيب بما شاءت أن تطيب به.
تراجم رجال إسناد حديث (لا أركب الأرجوان.. ولا ألبس القميص المكفف بالحرير)

[ حدثنا مخلد بن خالد ]. مخلد بن خالد الشعيري ثقة أخرج له مسلم و أبو داود . [ عن روح ]. روح بن عبادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي عروبة ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمران بن حصين ]. عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث في إسناده الحسن وهو يروي عن عمران بن حصين ؛ وهو لم يسمع منه؛ ولكن الذي فيه قد جاء في أحاديث أخرى غير هذا الحديث. وفيه سعيد بن أبي عروبة يدلس، بل وقتادة يدلس. لكن سعيد بن أبي عروبة من أثبت الناس في قتادة . ولكن قتادة عنعن عن الحسن وهو مدلس، وكما قلت: الحديث له شواهد، أعني أن الألفاظ التي فيه لها شواهد.
شرح حديث النهي عن أن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريراً مثل الأعاجم


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني أخبرنا المفضل يعني: ابن فضالة عن عياش بن عباس القتباني عن أبي الحصين يعني: الهيثم بن شفي قال: خرجت أنا وصاحب لي يكنى: أبا عامر رجل من المعافر نصلي بإيلياء، وكان قاصهم رجل من الأزد يقال له: أبو ريحانة رضي الله عنه من الصحابة قال أبو الحصين : فسبقني صاحبي إلى المسجد ثم ردفته فجلست إلى جنبه فسألني: هل أدركت قصص أبي ريحانة ؟ قلت: لا. قال: سمعته يقول: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشر: عن الوشر، والوشم، والنتف، وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار، وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار، وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريراً مثل الأعاجم، أو يجعل على منكبيه حريراً مثل الأعاجم، وعن النهبى، وركوب النمور، ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان). قال أبو داود : الذي تفرد به من هذا الحديث: ذكر الخاتم ]. أورد أبو داود حديث أبي ريحانة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن عشر: عن الوشر: وهو تحديد الأسنان، وهو أن تحدد المرأة الكبيرة أسنانها بحيث تشبه بالشابة، وذلك في أطراف الأسنان هذا يسمونه الوشر، والتفليج يكون بين الأسنان، وأما الوشر فهو لأطراف الأسنان. والوشم هو: أن يغرز في الجلد إبرة، ثم يوضع مكان الإبرة كحل أو شيء يشبهه فيحشى به ذلك المكان الذي غرز، فيصير اللون هو لون ذلك الذي حشي به ويستمر حتى أن اللحم ينبت عليه ويلتحم عليه ويصير بهذه الهيئة التي حصل فيها الوشم. والنتف: هو نتف الشيب أو نتف الحاجب. ومكامعة الرجل الرجل بغير شعار هي: مضاجعته بحيث يكونان متلاصقين. وكذلك مكامعة المرأة المرأة بغير شعار. وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريراً مثل الأعاجم. يعني: بأن يكون كثيراً. أو يجعل على منكبيه حريراً مثل الأعاجم. وعن النهبى. وهي الانتهاب، قيل: إنها السطو على أناس والأخذ من أملاكهم قهراً. وركوب النمور. يعني: جلود النمور. ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان. أي: يكون لبس الخاتم مقصوراً على السلطان، ولهذا قال أبو داود : [ الذي تفرد به هنا ذكر الخاتم ] وإلا فغيره جاء في أحاديث أخرى، وأما كون الخاتم لا يلبسه إلا ذو سلطان فهذا مما تفرد به. والحديث في إسناده أبو عامر هذا الذي هو من المعافر، وهو مقبول.
تراجم رجال إسناد حديث النهي عن أن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريراً مثل الأعاجم..

قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني ]. هو ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أخبرنا المفضل يعني: ابن فضالة ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عياش بن عباس القتباني ]. عياش بن عباس القتباني وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الحصين الهيثم بن شفي ]. أبو الحصين الهيثم بن شفي وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال: خرجت أنا وصاحب لي يكنى: أبا عامر ]. أبو عامر مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبي ريحانة ]. أبو ريحانة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه شمعون وهو صحابي، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ يقول الهيثم بن شفي : خرجت أنا وصاحب لي يكنى: أبا عامر رجل من المعافر لنصلي بإيلياء ]. إيلياء بيت المقدس؛ لأن بيت المقدس يقال لها: إيلياء. [ وكان قاصهم رجل من الأزد ]. أي: الذي يذكرهم ويعظهم. [ يقال له: أبو ريحانة من الصحابة، قال أبو الحصين : فسبقني صاحبي إلى المسجد، ثم ردفته فجلست إلى جنبه ]. يعني: أن أبا عامر تقدم وتأخر عنه أبو الحصين وهو الهيثم بن شفي وجاء إليه بعد أن انتهى من القص والتذكير والوعظ الذي يلقيه أبو ريحانة عليهم في المسجد. [ قال أبو داود : الذي تفرد به من هذا الحديث: ذكر الخاتم ]. ما أدري عن الشخص الذي تفرد؛ لكنه واحد من رجال الإسناد لا يدرى من هو، وإن كان يراد به أبو عامر فهو مقبول، وإن كان يراد به من قبله وهو الذي تفرد بالرواية عنه أو عمن فوقه فيصير الإسناد فيه من هو ضعيف، وبعد ذلك في الإسناد من هو مقبول فالنتيجة أن الإسناد فيه ضعف سواء كان المتفرد هو أو غيره. وبعض ألفاظ الحديث لها شواهد فيحتج بها.
شرح حديث (نهى عن مياثر الأرجوان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن حبيب حدثنا روح حدثنا هشام عن محمد عن عبيدة عن علي رضي الله عنه أنه قال: (نهي عن مياثر الأرجوان) ]. أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أنه قال: (نهي عن مياثر الأرجوان) وهذا هو الذي مر في حديث عمران بن الحصين : (لا أركب الأرجوان) وهي المياثر، وهي جمع ميثرة، وهي الوطاء الذي يتخذ على سرج الفرس ورحل البعير، ليكون الجلوس عليه فيه سهولة وفيه لين. قوله: (نهي عن مياثر). إذا قال الصحابي: (نهي) فالذي نهى عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن مياثر الإرجوان)

قوله: [ حدثنا يحيى بن حبيب ]. يحيى بن حبيب ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا روح حدثنا هشام ]. روح مر ذكره. و هشام بن حسان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد ]. محمد بن سيرين ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيدة ]. عبيدة بن عمرو السلماني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي ]. علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
شرح حديث علي (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب وعن لبس القسي والميثرة الحمراء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر و مسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن هبيرة عن علي رضي الله عنه أنه قال: (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب، وعن لبس القسي والميثرة الحمراء) ]. أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه قال: نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس القسي، وهو الذي مر في الرواية السابقة، وعن التختم بالذهب، والميثرة الحمراء، وهي الأرجوان الذي مر، وهي الذي توضع على السرج وعلى الرحل.
تراجم رجال إسناد حديث علي (نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب وعن لبس القسي والميثرة الحمراء)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ و مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق الهمداني وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هبيرة ]. هبيرة بن يريم الهمداني ، لا بأس به وهي بمعنى صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن علي ]. علي رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
شرح حديث (اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام فنظر إلى أعلامها فلما سلم قال: اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً في صلاتي، وائتوني بأنبجانيته).. قال أبو داود : أبو جهم بن حذيفة من بني عدي بن كعب بن غانم ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام، والخميصة: كساء معلَّم الطرفين من خز أو صوف، ومعنى (معلم): له أعلام خطوط أو حواش، ولعل هذا هو المقصود من إيراد أبي داود للحديث؛ أي: كونه قد يحشَّى من خز -وهو نوع من الحرير- أو يكون من غير الحرير؛ لأنه كما عرفنا فيما مضى يكون من الحرير ويكون من غير الحرير، ويقال له: خز أو صوف. (فنظر إلى أعلامها). يعني: الخطوط التي فيها. فقال: (اذهبوا بها إلى أبي جهم وائتوني بأنبجانية أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي) يعني: تلك الخميصة، والأنبجانية أيضاً كساء، وإنما أرسلها إلى أبي جهم لأنه هو الذي كان قد أهداها إليه، وطلب منه أن يعطيه بدلها الأنبجانية، وطلب هو الأنبجانية لئلا يتأثر بأن هديته ردت إليه، فهو رد عليه تلك التي ألهته عن صلاته وطلب أن يعطيه بدلها الأنبجانية التي ليس فيها تلك الأعلام التي في الخميصة، فإذاً: هذا هو وجه إرسالها إلى أبي جهم وطلب الأنبجانية منه.
تراجم رجال إسناد حديث (.. اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم فإنها ألهتني آنفاً عن صلاتي...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا إبراهيم بن سعد ]. إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير ]. ابن شهاب مر ذكره، و عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : أبو جهم بن حذيفة من بني عدي بن كعب بن غانم ]. هذا تعريف لأبي جهم .
شرح حديث (.. اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم...) من طريق ثانية وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة في آخرين قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها نحوه، والأول أشبع ]. أورد أبو داود طريقاً أخرى وقال: [ الأول أشبع ] يعني: أتم وأكمل، وهو الذي ساقه بلفظه، والذي لم يسقه بلفظه دونه، يعني: في التمام والكمال. قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة في آخرين ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة، وقد ذكر أن معه غيره في الرواية، ولهذا أشار إليهم بقوله: [ في آخرين ] وبقوله: [ قالوا: حدثنا ] يعني: ذكر واحداً منهم فقط. [ قالوا حدثنا سفيان عن الزهري ]. سفيان هو ابن عيينة المكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وإذا جاء سفيان يروي عن الزهري فهو ابن عيينة . [ عن عروة عن عائشة نحوه، والأول أشبع ].
الأسئلة



حكم الصلاة في الثياب المخططة


السؤال: ما حكم الصلاة بالأقمصة المخططة؟ الجواب: تصح الصلاة.

حكم لبس الملابس الملونة ذات النقوش


السؤال: هل يستحب عدم لبس الملون؟ الجواب: الذي يلهي ويشغل بالنظر إليه يستحب تجنبه.

حكم رد الهدية

السؤال: هل يجوز رد الهدية مطلقاً دون سبب أو عذر؟ الجواب: إذا كان هناك وجه لردها فإنه لا بأس بردها، مثل أن يكون الذي أهدى لا يُطمأن إلى ماله أي يخشى أن ماله من حرام، أو يترتب على الرد مصلحة من ناحية ما، من أجل التأديب والتأثر إذا كان ينكر عليه شيئاً وردها من أجل أنه نصحه ولم ينتصح وأن هذا فيه فائدة، فالرد يمكن. فالرد لمصلحة ممكن كحديث: (إنا لم نرده عليك إلا لأنا حرم). في قصة الصعب بن جثامة الليثي لما أهدى إليه صيداً وهو محرم.

حكم تختم المرأة بالفضة

السؤال: قول الخطابي : (وقد كره للنساء أن يتختمن بالفضة لأن ذلك من زي الرجال) هل عليه من دليل؟! الجواب: لا نعلم شيئاً يدل على هذا، فالنساء تتختم بالذهب والفضة وتستعمل الذهب والفضة، والرجال لا يستعملون إلا الفضة في حدود ما رخص لهم فيه.

المعصفر من الثياب غير المزعفر

السؤال: ورد النهي عن لبس المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر، فهل هو الزعفران؟ الجواب: المعصفر غير المزعفر، يوجد مزعفر ويوجد معصفر، والعصفر غير الزعفران. أما الثياب التي صبغت باللون الأصفر من غير الزعفران والعصفر؛ فليس من هذا القبيل ولا تدخل ضمن المزعفر والمعصفر.

حكم تقويم الأسنان

السؤال: ما حكم تقويم الأسنان؟ الجواب: تقويم الأسنان التي بعضها داخل والبعض الآخر خارج، حيث إن بعضها يميل عن بعض لا بأس به؛ فكونها تقوم وتعدل بحيث تكون مستقيمة لا بأس به، وهو من قبيل العلاج.


حكم نتف المرأة شعر الجسد من غير الوجه


السؤال: هل تحريم النمص (نتف الشعر) خاص بالوجه للمرأة أم هو عام لجميع جسدها؟ الجواب: الذي يبدو أنه لا يوجد شيء يدل على منعه في جميع الجسم.

حكم الخاتم لغير ذي سلطان


السؤال: ورد حديث يفهم منه أن الخاتم فقط لذي سلطان، ألا يجوز لغير ذي سلطان ويعتبر سنة لبس الخاتم؟ الجواب: ليس بصحيح أنه لا يكون إلا لذي سلطان؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم تختموا، وفيهم من ليس صاحب ولاية، وقد جاء عن أنس في قضية لبس الذهب (أن رسول الله ألقى الخاتم وألقى الناس خواتيمهم) فكانت عليهم خواتيم.

حكم اتخاذ الأحذية من جلود النمور والأفاعي

السؤال: في بلدنا يصنعون أحذية من جلود النمور ومن جلود الأفاعي، فهل يجوز لبسها؟ الجواب: الذي يبدو أن استعمال جلود السباع لا يجوز."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 02-07-2025, 04:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [454]
الحلقة (486)






شرح سنن أبي داود [454]

منع لبس الحرير للرجال مما جاءت به السنة الصحيحة، إلا ما أباحه الشرع، ومقدار أربعة أصابع في الثوب مجتمعة كانت أو مفرقة ولا يجوز الزيادة عليها، كما ورد الرخصة فيه في الحرب لمن به حكة وإلا فالأصل هو المنع والتحريم في حق الرجال دون النساء فهو مما أبيح لهن لبسه والتزين به.

الرخصة في العلم وخيط الحرير


شرح حديث أن جبة النبي صلى الله عليه وسلم طيالسية مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة في العلم وخيط الحرير. حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا المغيرة بن زياد حدثنا عبد الله أبو عمر مولى أسماء بنت أبي بكر قال: (رأيت ابن عمر رضي الله عنهما في السوق اشترى ثوباً شامياً فرأى فيه خيطاً أحمر فرده، فأتيت أسماء رضي الله عنها فذكرت ذلك لها فقالت: يا جارية! ناوليني جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجت جبة طيالسة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج) ]. أورد أبو داود [ باب الرخصة في العلم وخيط الحرير ]. وفي نسخة: [ باب الرخصة في العلم ]، وفي نسخة أخرى: [ الرخصة في المعلم ]، أي: الثوب الذي فيه علم، والعلم هو اسم للأعلام التي تكون في الثوب. المقصود من هذه الترجمة أن العلم وهو الخط أو الوشي الذي يكون في أطراف القميص أو على الأكمام مما جاء الترخيص فيه، وكذلك الخيط من الحرير؛ لكنه عبر به من أجل أنه جاء في حديث ابن عمر أنه رد ذلك الذي اشتراه من أجل خيط أحمر رآه فيه يعني أنه من الحرير، و ابن عمر رضي الله عنه، إما أن يكون ما بلغه ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم بالشيء اليسير أو أنه أراد أن يتركه تنزهاً؛ لأن الشيء الجائز يمكن للإنسان أن يتركه تنزهاً، وليس من الأمور المستحبة أن يلبس شيئاً فيه أربعة أصابع أو أقل؛ لأن هذا ترخيص، وكون الإنسان يتركه من باب التورع والاحتياط لا بأس به. فابن عمر رضي الله عنه، إما أن يكون ما بلغه الترخيص، أو يكون قد بلغه ولكنه تركه من باب الورع، فلما قيل لأسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما: إن ابن عمر رد ذلك قالت للجارية: (ناوليني جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجت جبة طيالسة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج) ] الذي هو الحرير، والمقصود أن ذلك في حدود ما هو سائغ، والمقصود من إيراد الحديث في هذا الباب ذكر الخيط الأحمر الذي هو من الحرير، ومن أجل هذا الذي كُفّت تلك الجبة به، وهي جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه يدل على الترجمة. [ (الفرجين) ] لا أدري ما المقصود بالفرجين، وقد بحثت عنهما فلم أهتدِ إليهما، وقد قال: إن لها جيباً، ومعنى ذلك أنها ليست مفتوحة من أسفلها إلى أعلاها؛ ولكن لها جيب يدخل فيه الرأس، فما أدري ما هو المقصود؟ هل فيها فتحات تكون مكفوفة بهذا؟ على كل لا أدري الفرق في هذا. وذكر أبو الحسن السندي في شرحه أن الفرجين هما الشقان من قدام وخلف، ولعله من جنس المعروف اليوم عند الناس، وهو أن يكون فيها شق من الأسفل ولا تكون الأطراف مصمتة، وإنما فيها شق بحيث يمشي الإنسان ويسرع فلا يتأثر بالثوب الذي أطرافه متساوية. [ (فرأى فيها خيطاً أحمر) ] يبدو أنه من حرير، وقد يكون ردها للحمرة، يعني: النهي عن الأحمر. والحديث أورده أبو داود في باب الحرير، أي من أجل الحرير وليس من أجل الحمرة.
تراجم رجال إسناد حديث أن جبة النبي صلى الله عليه وسلم طيالسة مكفوفة الجيب والكمين والفرجين بالديباج


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عيسى بن يونس ]. عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا المغيرة بن زياد ]. المغيرة بن زياد صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب السنن. [ حدثنا عبد الله أبو عمر مولى أسماء بنت أبي بكر ]. عبد الله أبو عمر وهو: عبد الله بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أسماء بنت أبي بكر ]. رضي الله تعالى عنهما، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وصف الجبة

أما عن كون الجبة عند أسماء فلعلها وصلت إليها من أختها عائشة ، أو أنها من أبيها. والجبة هي لباس يكون في الغالب غليظاً، ويكون لها جيب كما جاء في هذا الحديث، وتكون فوق اللباس. أما ما هو المعروف الآن ويسمى بـ(الكوت الطويل)، فإنه يكون مفتوحاً، أما الواردة في الحديث فإن لها جيباً مثل القميص.
حكم قول النووي بجواز التبرك بآثار الصالحين وثيابهم

يتكرر نقل صاحب العون عن الإمام النووي رحمه الله أن في الحديث دلالة على جواز التبرك بآثار الصالحين وثيابهم. وهذا من أخطاء النووي رحمه الله تعالى، والمعروف أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما كانوا يتبركون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، وخير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر و عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم، فما كان الصحابة يذهبون ويتبركون بهم كما كانوا يتبركون بالرسول صلى الله عليه وسلم، فدل هذا على أن التبرك من خصائصه، ولهذا حكى الشاطبي في الاعتصام إجماع الصحابة على ذلك، وأنهم تركوا التبرك بعده، وأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، ولهذا فإنه لا يتبرك بلباس أحد من الناس، ولا بالأمور التي كان يتبرك منها برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن ذلك من خصائصه عليه الصلاة والسلام.
شرح حديث (إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن نفيل حدثنا زهير حدثنا خصيف عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير، فأما العلم من الحرير وسدى الثوب فلا بأس به) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: (إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير) ]. يعني: الذي يكون خالصاً من الحرير، وأما العلم الذي في الحواشي والذي هو في حدود أربعة أصابع فلا بأس به، والسدى: هو جزء ما ينسج به أو أحد جزئي ما ينسج به؛ لأن الثوب يكون له سدى ولحمة، فالسدى: الخطوط التي تأتي بالطول، واللحمة: الخطوط التي تأتي بالعرض، فقيل: إذا كان سداه من حرير فلا بأس، وهذا فيه خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال إنه لا يجوز لبسه مطلقاً ما دام مخلوطاً بالحرير. ومنهم من قال: إنه يجوز فيما إذا كان هذا السدى في حدود أربع أصابع، يعني: لو جمع لصار في حدود أربع أصابع، فإنه يجوز، قياساً على جوازه في حدود أربع أصابع.
تراجم رجال إسناد حديث (إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت من الحرير)


قوله: [ حدثنا ابن نفيل ]. هو عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ، ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خصيف ]. خصيف بن عبد الرحمن سيئ الحفظ أخرج له أصحاب السنن. [ عن عكرمة ]. عكرمة مولى ابن عباس ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
لبس الحرير لعذر


شرح حديث الرخصة في الحرير للتداوي


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الحرير لعذر. حدثنا النفيلي حدثنا عيسى يعني: ابن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف و للزبير بن العوام رضي الله عنهما في قمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما) ]. أورد أبو داود [ باب لبس الحرير لعذر ] يعني: إذا كان لعذر كالتداوي. وأورد أبو داود حديث أنس بن مالك (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لعبد الرحمن بن عوف و للزبير بن العوام في لبس الحرير في السفر لحكة كانت بهما) يعني: من أجل هذه الحكة التي كانت فيهما، وذلك لأن الخشن يؤثر على الجلد، والحرير لنعومته ليس له تأثير، فيكون في لبسه فائدة، بحيث إنه لا يتأثر الجلد به. وهذا فيه تقييد أنه كان في السفر، وأنه كان في غزاة، فالذي ينبغي أن يقصر على ما ورد في الحديث وألا يتوسع فيه، والناس قد تساهلوا وصاروا يستعملون الحرير في الحضر في أية مناسبة كانت بمجرد حصول حكة، والذي ينبغي أنه إذا حصل حكة يتعالجون ويحصل المقصود بذلك؛ لكن في السفر قد يحصل لهم شيء من ذلك وما عندهم الشيء الذي يمكن أن يفيدهم ويتعالجوا به، فرخص الرسول صلى الله عليه وسلم لهذين الصحابيين الجليلين، وهما من العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنهما -عبد الرحمن بن عوف و الزبير - في لبس الحرير للحكة كانت بهما.
تراجم رجال إسناد حديث الرخصة في الحرير للتداوي

قوله: [ حدثنا النفيلي حدثنا عيسى يعني: ابن يونس ]. مر ذكرهما. [ عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس ]. كلهم مر ذكرهم.
الحرير للنساء


شرح حديث (إن هذين حرام على ذكور أمتي)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الحرير للنساء. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي أفلح الهمداني عن عبد الله بن زرير يعني: الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً فجعله في يمينه وأخذ ذهباً فجعله في شماله، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي) ]. قال أبو داود : [ باب في لبس الحرير للنساء ] ولبس الحرير للنساء سائغ، والمنع من لبس الحرير إنما هو للرجال، وأما النساء فيستعملنه ويتزينَّ به ويتجملن به ولا بأس بذلك، وقد جاءت السنة في جواز لبسه في حقهن ومنعه في حق الرجال. وقد أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً بيده وذهباً باليد الأخرى، وقال: هذان حرام على ذكور أمتي) وعند بعض الأئمة: (حل لإناثها) كما عند الترمذي وابن ماجة. فالحديث الذي أورده أبو داود ليس فيه ذكر الإناث؛ ولكن المفهوم يدل على حله للإناث؛ وقد جاء التصريح به عند غير أبي داود . والرسول صلى الله عليه وسلم أخذ الذهب والحرير بيده وأشار بهما وقال: (هذان) وهذا فيه التعليم بالقول والفعل، لأنه أخذ الحرير والذهب بيده وقال: (هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها) كما جاء في بعض الروايات، والمقصود بقوله: (هذان) الجنس لا العين، فليس معناه هذه القطعة وهذه القطعة، وإنما جنس هاتين القطعتين، من الذهب والحرير. والذهب يحل للمرأة التحلي به، أما استعماله في الآنية ونحوها فلا يجوز. والحرير في اللبس للمرأة يجوز؛ لكن عندما تستعمله افتراشاً أو غطاء أو ستارة في غير اللبس، فهذا فيه احتمال أن غيرها يشاركها فيه، كزوجها مثلاً، أو يصير لها فراش وحدها وهو له فراش، على كلٍ لا أدري؛ لكن الذي يبدو ويظهر أن تركه من ناحية الافتراش أولى؛ لأنه قد يترتب عليه أن زوجها يجلس عليه أو أنها تتميز عنه بفراش.
تراجم رجال إسناد حديث (إن هذين حرام على ذكور أمتي)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن أبي حبيب ]. يزيد بن أبي حبيب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي أفلح الهمداني ]. أبو أفلح الهمداني مقبول أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عبد الله بن زرير ]. عن عبد الله بن زرير ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن علي ]. علي رضي الله عنه وقد مر ذكره. والحديث جاء في إسناده هذا المقبول؛ ولكن الإسناد الذي عند الترمذي ليس فيه هذا الرجل.
شرح حديث أن أنساً رأى على أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم برداً سيراء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان و كثير بن عبيد الحمصيان قالا: حدثنا بقية عن الزبيدي عن الزهري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثه ( أنه رأى على أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم برداً سيراء قال: والسيراء المضلع بالقز) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه رأى على أم كلثوم بنت النبي عليه الصلاة والسلام برداً سيراء؟ وقال: السيراء المضلع بالقز، أي: بالحرير، والمضلع هو الذي به خطوط وأعلام، قيل: إنه مضلع لأنه على هيئة الأضلاع.
تراجم رجال إسناد حديث أن أنساً رأى على أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم برداً سيراء


قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان و كثير بن عبيد الحمصيان ]. عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار صدوق أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و كثير بن عبيد ]. و كثير بن عبيد ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن بقية ]. بقية بن الوليد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن الزبيدي ]. هو محمد بن الوليد الزبيدي الحمصي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الزهري عن أنس ]. الزهري و أنس قد مر ذكرهما.
شرح حديث جابر (كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن علي حدثنا أبو أحمد يعني: الزبيري حدثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن عمرو بن دينار عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري. قال: مسعر فسألت عمرو بن دينار عنه فلم يعرفه) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: كنا ننزعه -أي: الحرير- عن الغلمان ونتركه على الجواري، معناه: أن النساء يترك لهن استعماله، وهذا في حق الصغار، فالجواري حكمهن حكم النساء الكبار والصبيان حكمهم حكم الرجال الكبار، فكما أن الكبار من الرجال لا يلبسون الحرير فكذلك الصبيان لا يلبسون الحرير، وكما أن الكبار من النساء يلبسن الحرير فكذلك الصغيرات يلبسن الحرير، فيعطى الصغير حكم الكبير من الذكور والنساء. وهذا يدل على أنهم كانوا ينشئون أبناءهم وبناتهم على الشرع، فلا يلبسون الصبيان الحرير لأنه محرم على الذكور، ويتركونه على الجواري لأنه سائغ في حق النساء، ومن أجل ذلك أورده أبو داود هنا في لبس الحرير للنساء.
تراجم رجال إسناد حديث جابر (كنا ننزعه عن الغلمان ونتركه على الجواري...)


قوله: [ حدثنا نصر بن علي ]. نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو أحمد يعني: الزبيري ]. هو محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مسعر ]. مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الملك بن ميسرة ]. عبد الملك بن ميسرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن دينار ]. عمرو بن دينار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر رضي الله تعالى عنهما أحد الصحابة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ (قال: مسعر: فسألت عمرو بن دينار عنه فلم يعرفه) ]. لأنه رواه عنه بواسطة وأراد أن يحصله بعلو، بحيث يسقط عبد الملك بن ميسرة فيكون الإسناد عالياً فلم يعرفه، ولعل ذلك لأنه قد نسيه."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 02-07-2025, 04:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [455]
الحلقة (487)





شرح سنن أبي داود [455]

من ثيابه صلى الله عليه وسلم التي كان يلبسها الحبرة، وهي لباس يؤتى من اليمن وهو مصنوع من الكتان أو القطن كان يتزين بها في المناسبات، كما أن من لباس البياض وقد حث عليه، كما كان يصبغ ثيابه بالصفرة حتى العمامة، ويلبس الأخضر صلى الله عليه وسلم، وكل هذه الأنواع من الثياب مما جاءت الشريعة بجوازها أو الحث على لبسها.

لبس الحبرة


شرح حديث أنس أن أحب اللباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الحبرة. حدثنا هدبة بن خالد الأزدي حدثنا همام عن قتادة قال: قلنا لأنس -يعني: ابن مالك رضي الله عنه-: (أي اللباس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: الحبرة) ]. [ باب في لبس الحبرة ] والحبرة: لباس يؤتى به من اليمن، وكان أحب اللباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي: ثياب من كتان أو قطن محبرة، والتحبير التزيين، أي: مزخرفة أو مجمَّلة.
تراجم رجال إسناد حديث أنس أن أحب اللباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبرة


قوله: [ حدثنا هدبة بن خالد الأزدي ]. هدبة بن خالد ويقال له: هداب ، وقيل: إن هدبة اسم و هداب لقب مأخوذ من الاسم، و مسلم رحمه الله يذكره بلقبه ويذكره باسمه، وأما البخاري فإنه لا يذكره إلا باسمه، و أبو داود ذكره هنا باسمه هدبة ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود . [ حدثنا همام ]. همام بن يحيى العوذي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة قال: قلنا لأنس ]. مر ذكرهما، وهذا إسناد رباعي من أعلى الأسانيد عن أبي داود .
الأسئلة



بيان القدر المباح للرجل من الحرير


السؤال: وضحوا لنا بارك الله فيكم مقدار الحرير المباح شرعاً للرجل، وما معنى: أربعة أصابع؟ الجواب: الجائز أن يكون حاشية في جانب الجيب أو في جانب الكم مقدار أربعة أصابع بحيث تكون متوالية، ولو زادت على أربع أصابع لا يجوز، ومقدار الأصبع الواحدة والاثنتان والثلاث إلى الأربع كل ذلك سائغ، والمقصود به أنه موشى الجوانب بهذا الحرير الذي هو حاشية مخيطة مع الثوب.

حكم القتلى يوم أحد من جيش المسلمين

السؤال: رجل قتل يوم أحد يقال له: مخيريق ، هل هو صحابي؟ الجواب: الذي قتل يوم أحد صحابي؛ لأن أولئك الذين ذهبوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم هم أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم.

حكم من حج ولم يطف طواف الإفاضة حتى رجع إلى بلده ثم مات

السؤال: ما حكم الذي حج ثم مرض ولم يقدر على طواف الإفاضة حتى رجع إلى بلده ثم مات، هل يجب أن يحج عنه أم يطاف عنه ما بقي من حجه الأول وهو طواف الإفاضة؟ الجواب: قد أكمل الحج ولم يبق عليه إلا ركن -لا بد منه- ولكن التحلل الأول موجود، بمعنى أنه قد حل له كل شيء إلا النساء، فالذي يبدو أنه يمكن أن يطاف عنه.

حكم اشتراط من يهدي هدية لشخص ألا يهدي تلك الهدية لأحد


السؤال: هل يجوز لإنسان أن يهدي لشخص هدية ويشترط عليه: ألا تهديها لغيرك؟ الجواب: ليس له أن يحجر عليه، وإنما يتمم إحسانه بأن يطلق له التصرف فيها، ويمكن أن يكون هذا سبباً في ردها.

حكم لبس الحرير في الحرب


السؤال: ورد في بعض كتب الفقهاء أن الحرير يجوز أن يلبس في الحرب، فهل هذا عذر؟ الجواب: الرسول رخص فيه للحكة، وما رخص في الحرير أثناء الحرب والسفر مطلقاً.

حكم الحرير إذا كان مقدار أربع أصابع في وسط الثوب


السؤال: إذا كان الحرير مقدار أربع أصابع في أثناء الثوب ووسطه لا في حواشيه، فهل هذا جائز؟ الجواب: يبدو أنه جائز، سواء كان في الحاشية أو في جانبه أو في ظهره ما دام أنه في حدود أربع أصابع.
لبس البياض من الثياب


شرح حديث (البسوا من ثيابكم البياض)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في البياض. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر وينبت الشعر) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في البياض ] وذكر رحمه الله قبل هذا أبواباً تتعلق بأنواع اللباس، ككونه حريراً أو كونه صوفاً أو كون اللباس يكون قميصاً أو غيره، وهذه أبواب تتعلق بألوان اللباس، يعني: كونه أبيض أو أسود أو أحمر أو أصفر. وبدأ بالبياض، وأورد فيه حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم وكفنوا فيها موتاكم، وخير أكحالكم الإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر) هذا الحديث يدل على تمييز اللباس الأبيض على غيره وأنه أولى من غيره، ولهذا بيّن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير اللباس وأنه يكفن فيه الأموات، وهو يدل على تمييزه على غيره، وعلى الإرشاد إلى استعماله، وإن كان غيره جائزاً إلا أن هذا الذي جاء يدل على الترغيب فيه وعلى أنه أولى من غيره. قوله: [ (وإن خير أكحالكم الإثمد). وبين عليه الصلاة والسلام أنه يجلو البصر وينبت الشعر، يعني: يصفيه ويحسنه ويجعل الاستفادة منه حاصلة على ما ينبغي. (وينبت الشعر) أي: الشعر الذي يكون متصلاً بالعينين فإذا طبقت العينان التقت تلك الأطراف التي هي أشفار العينين، ويقال لها: أهداب، أي: الشعر الذي يكون على تلك الأطراف التي هي غطاء العينين من تحت ومن فوق الجفن، فإنه ينبت الشعر يعني: يقوي ذلك الشعر.
تراجم رجال إسناد حديث (البسوا من ثيابكم البياض)


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ]. عبد الله بن عثمان بن خثيم صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم الوصية بجعل ثياب الإحرام كفناً وحكم الكحل للرجال


ويحمل الأمر في قوله: (البسوا) على الاستحباب. ومن الناس من يوصي بأن يكفن في ثياب الإحرام فقط، وهذا لا أعرف له وجهاً؛ فهي أولاً إزار ورداء كما هو معلوم، والمشروع في الكفن ثلاثة تكون بيضاً، فما أعلم وجهاً بالوصية بهذا لأنه ليس هناك دليل يدل عليه. أما الإثمد فهناك من يعد التكحل بالإثمد أو التكحل عموماً تشبهاً بالنساء، وفي الواقع ليس فيه تشبه، إذا كان المقصود منه غير التجمل الذي يحصل من النساء، ويباح إذا كان المقصود منه العلاج أو هذا الدواء الذي يكون فيه جلاء البصر وإنبات الشعر.
غسل الثوب


شرح حديث (... أما كان هذا يجد ماءً يغسل به ثوبه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في غسل الثوب وفي الخلقان. حدثنا النفيلي حدثنا مسكين عن الأوزاعي قال: ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن الأوزاعي نحوه عن حسان بن عطية عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى رجلاً شعثاً قد تفرق شعره فقال: أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره؟! ورأي رجلاً آخر وعليه ثياب وسخة فقال: أما كان هذا يجد ماءً يغسل به ثوبه) ]. أورد أبو داود باباً في غسل الثوب وفي الخلقان. الخلقان: جمع خلق، وهو الثوب الوسخ، وقد سبق في بعض الأحاديث قوله: (أبلي وأخلقي) وفي بعض الروايات: (أبلي وأخلفي) يعني: من الخلف، أما (أخلقي) فأن يكون الثوب خلقاً، أي: بالياً من طول ما لبس ومن طول مدة استعماله، فالخلقان هو: جمع للثوب الخلق أي: الوسخ الذي بلي وتقادم عهده. وأورد أبو داود غسل الثياب والخلقان، يعني أن الثوب الذي فيه وسخ يغسل حتى يكون نظيفاً بدلاً من أن يتراكم الوسخ عليه ويصير منظره سيئاً. وقد أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليهم ورأى رجلاً شعثاً شعره، فقال: ألا يجد هذا ما يسكن شعره؟ يعني أنه يرجله بالمشط بحيث يكون متناسقاً. وكذلك أيضاً رأى رجلاً ثيابه وسخة فقال: ألا يجد هذا ما يغسل به ثوبه؟ فهذا يدل على استحباب النظافة، وأن الثوب إذا اتسخ فإنه يغسل ولا تتراكم عليه الأوساخ فيكون المنظر سيئاً، ويترتب عليه أضرار على الجسد نفسه من كون الوسخ فيه ويتصل بالجسد، وقد تترتب على ذلك مضرة على الإنسان، وقد جاء في الحديث: (إن الله جميل يحب الجمال) وهو حديث رواه مسلم في صحيحه، وجاء حديث آخر بمعناه: (إن الله نظيف يحب النظافة) ولكن هذا ضعيف أخرجه الترمذي في جامعه. وحديث: (النظافة نصف الإيمان) و (النظافة من الإيمان) هذا حديثان لا أعرف عنهما شيئاً. أما كيف نجمع بين حديث النظافة وحديث (البذاذة من الإيمان) فالبذاذة لا تتنافى مع النظافة؛ لأنه قد يكون في البذاذة شيء لا يصلح ولا يليق، وفيه تساهل شديد، ومعلوم أن اللباس يتفاوت ففيه ما يكون حسن المنظر والجودة وفيه ما يكون دون ذلك، فليس المقصود بالبذاذة أن يلبس الإنسان ثياباً وسخة، ولكن ثياب ليست ذات قيمة لكنها نظيفة.
تراجم رجال إسناد حديث (.. أما كان هذا يجد ماءً يغسل به ثوبه)

قوله: [ حدثنا النفيلي ]. النفيلي عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا مسكين ]. مسكين بن بكير ، صدوق يخطئ أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن الأوزاعي ]. هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال: ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. [ح ] هي للتحول من إسناد إلى إسناد. و عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ عن وكيع ]. وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأوزاعي نحوه عن حسان بن عطية ]. [ عن الأوزاعي نحوه ] يعني: نحو الطريق الأولى، يعني: كلها تنتهي للأوزاعي والسياق إنما هو للطريق الأولى، والطريق الثانية قال عنها: إنها نحوه. وحسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن المنكدر ]. محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما الصحابي الجليل، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (.. فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون فقال: ألك مال؟ قال: نعم. قال: من أي المال؟ قال: قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق. قال: فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته) ]. أورد أبو داود حديث والد أبي الأحوص وهو مالك بن نضلة رضي الله عنه أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب دون، يعني أنها رديئة، فقال له: ألك مال؟ فقلت: نعم. قال: من أي المال؟ قال: من كل أنواع المال من الإبل والغنم والخيل والرقيق، قال: فإذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته. (وكرامته) يعني: وإكرامه، وذلك بأن يلبس الإنسان لباساً طيباً، لكن لا يكون فيه مغالاة، ولا يكون فيه إسراف، وإنما يكون وسطاً وخياراً، لا يكون رديئاً ولا يكون غالياً بحيث قد يؤدي إلى الكبر والترفع والتعالي على الناس كما مر في ثوب الشهرة.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا آتاك الله مالاً فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته)


قوله: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير ]. النفيلي مر ذكره، و زهير مر ذكره. [ حدثنا أبو إسحاق ]. هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. وزهير بن معاوية يقول عنه الحافظ: [ ثقة إلا أن سماعه من أبي إسحاق بأخرة ] وهو الآن يروي عن أبي إسحاق . [ عن أبي الأحوص ]. أبو الأحوص هو عوف بن مالك بن نضلة ، ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو مالك بن نضلة صحابي أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد وأصحاب السنن.
المصبوغ بالصفرة


شرح حديث (كان يصبغ ثيابه بالصفرة حتى عمامته)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المصبوغ بالصفرة. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي حدثنا عبد العزيز يعني: ابن محمد عن زيد يعني: ابن أسلم : (أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة فقيل له: لم تصبغ بالصفرة؟ فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها ولم يكن شيء أحب إليه منها وقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة، يعني: بحيث يؤثر هذا الذي في لحيته على ثيابه فيكون فيها ذلك الصبغ الأصفر. وسئل عن ذلك فقال: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك وقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها، ولم يكن شيء أحب إليه منها. يعني: من هذا اللون، ولكن كما مر بنا أن البياض من أحب الثياب، وأنها من خير الثياب، فيكون هذا محموداً وهذا محموداً؛ ولكن البياض جاء ما يدل على الترغيب فيه من ناحية الأمر بلبسه والإرشاد إلى لبسه. [ (قيل له: لم تصبغ بالصفرة؟ قال: رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم يصبغ بها) ] ووردت أحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يغير الشيب. قيل: إن هذا شيء من الطيب، وإنه كان يحب الطيب، وكان من كثرته يغير لون شعراته، وشعراته التي فيها الشيب كانت قليلة، لكن الكلام الذي أشار إليه كأنه يتعلق باللباس حتى العمامة. وورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ؛ لأنه لما قيل له: (لم تصبغ؟ قال: إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بها ولم يكن شيء أحب إليه منها). أي: الصفرة. [ (وقد كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته) هل يعود على النبي صلى الله عليه وسلم أو يعود على ابن عمر ؟! محتمل هذا وهذا. قال المنذري : اختلف الناس في ذلك: فقال بعضهم: أراد الخضاب للحيته بالصفرة. وقال آخرون: أراد كان يصفر ثيابه ويلبس ثياباً صفراً. انتهى. قال الشوكاني في النيل: ويؤيد القول الثاني تلك الزيادة التي أخرجها أبو داود و النسائي . انتهى. والزيادة التي أشار إليها هي قوله: (وقد كان يصبغ بها ثيابه كلها حتى عمامته) وهذه الزيادة في رواية الشيخين. وقال في فتح الودود: الظاهر أن المراد يصبغ بها الشعر، وأما الثياب فذكر صبغها فيما بعد، ولعله كان يصبغ بالورس فقد جاء ذلك، وجاء (أنه لبس ملحفة ورسية) رواه ابن سعد فلا ينافي نهي التزعفر. أقول: محتمل، ولا يزال الاحتمال قائماً. قوله: ولم يكن شيء أحب إليه -أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم- منها -أي: من الصفرة- وقد كان) قال ملا علي القاري في المرقاة: أي: ابن عمر، فأرجع الضمير إلى ابن عمر والصواب: أن الضمير يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يصبغ ثيابه بالصفرة حتى عمامته


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا عبد العزيز يعني: ابن محمد ]. هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد يعني: ابن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأخضر من الثياب


شرح حديث أبي رمثة أنه رأى على النبي صلى الله عليه وسلم بردين أخضرين


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الخضرة. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا عبيد الله يعني: ابن إياد حدثنا إياد عن أبي رمثة رضي الله عنه أنه قال: (انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت عليه بردين أخضرين) ]. أورد أبو داود باباً في الخضرة، يعني: اللون الأخضر أو اللباس الذي لونه أخضر، وقد أورد حديث أبي رمثة رضي الله عنه قال: (انطلقت أنا وأبي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام فرأيت عليه ثويين أخضرين) فهذا يدل على لبسه للثياب الخضر، وجاء في القرآن وصف ثياب أهل الجنة بأنها خضر.
تراجم رجال إسناد حديث أبي رمثة أنه رأى على النبي صلى الله عليه وسلم بردين أخضرين


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس مر ذكره. [ حدثنا عبيد الله يعني: ابن إياد ]. عبيد الله بن إياد صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا إياد ]. إياد هو والد عبيد الله، ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي رمثة ]. أبو رمثة صحابي أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي ."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 02-07-2025, 04:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [456]
الحلقة (488)




شرح سنن أبي داود [456]

للثياب أحكام وأسرار، كما أن له ضوابط وموانع، سواء ما يختص بالمرأة أو الرجل، فالمرأة لها خصوصيات في الثياب تنفرد على الرجل ولا يجوز لها أن تنازعه أو تشابهه في ثيابه، كما أن الرجل له أنواع من الثياب يجوز له لبسها ولا يجوز له تناول ما لا يحل له، سواء ما كان فيه تشبه بالنساء أو قصد التشبه بالكفار أو جاء النص على تخصيص تحريم هذا النوع من الثياب في حقه.

الأحمر من الثياب


شرح حديث (... ألا كسوتها بعض أهلك فإنه لا بأس بها للنساء) في ريطة مضرجة بالعصفر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الحمرة. حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن الغاز عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أنه قال: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية فالتفت إلي وعلي ريطة مضرجة بالعصفر فقال: ما هذه الريطة عليك؟! فعرفت ما كره، فأتيت أهلي وهم يسجرون تنوراً لهم فقذفتها فيه ثم أتيته من الغد فقال: يا عبد الله ! ما فعلت الريطة؟ فأخبرته. فقال: ألا كسوتها بعض أهلك؟ فإنه لا بأس به للنساء) ]. أورد أبو داود باباً في الحمرة، أي: اللباس الذي لونه أحمر، وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فهبطنا في ثنية، والثنية طريق بين جبلين، فالتفت إلي ورأى علي ريطة مضرجة بالعصفر. يعني: ملطخة بالعصفر، أي: أنها معصفرة، وقد جاء في بعض الأحاديث النهي عن استعمال المعصفر، وهنا أورد هذا في باب الحمرة، والعصفر لونه أصفر، وفيه من الحمرة، ولعله يكون معه شيء آخر أو أن المحظور هو كونه معصفراً وإن لم يكن معه حمرة؛ لكن الإشكال في كونه أورده في باب الحمرة، فهو إما أن يكون على اعتبار أن فيه شيئاً من الحمرة أو أنه مع كونه معصفراً فيه شيء يعطيه لوناً أحمر، والمعصفر هو في حد ذاته قد جاءت الأحاديث بالنهي عنه، ومنها هذا الحديث. [ قال: (هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية فالتفت إلي وعلي ريطة مضرجة بالعصفر)]. الريطة: ملاءة ليست بلفقتين، وهي: مثل العباءة. وهذا الحديث يدل على أن المعصفر في حق النساء سائغ وأنه لا بأس به، وإنما المنع في حق الرجال، و عبد الله بن عمرو رضي الله عنه لما رأى من النبي صلى الله عليه وسلم الكراهية لذلك لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم ماذا يصنع بها، ولكنه عمد فوجد أهله يسجرون تنوراً -يعني: أنهم يوقدونه للخبز فيه- فرماها فيه، يعني: فأحرقها في هذا التنور، فسأله الرسول صلى الله عليه وسلم: ماذا فعلت الريطة؟ فقال إنه فعل بها كذا وكذا، قال: ألا أعطيتها بعض أهلك؛ فإنه لا بأس بها للنساء! فدل هذا على أن من اللباس ما يصلح للنساء ولا يصلح للرجال، وأن الإنسان إذا وصل إليه شيء لا يصلح له فإنه يعطيه لمن يصلح له كالنساء مثلاً، ومن ذلك الحرير والمعصفر كما جاء في هذا الحديث.
تراجم رجال إسناد حديث (ألا كسوتها بعض أهلك فإنه لا بأس بها للنساء) في ريطة مضرجة بالعصفر


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عيسى بن يونس ]. عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام بن الغاز ]. هشام بن الغاز ثقة أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو شعيب بن محمد ، وهو كذلك صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن جده ]. جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو جد شعيب وجد عمرو. وقد سمع شعيب من عبد الله بن عمرو بن العاص، وهو متصل، ومعروف عند العلماء أن الإسناد إذا كان مستقيماً إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فإنه يكون من قبيل الحسن؛ لأن عمراً صدوق، و شعيباً صدوق وحديثهما من قبيل الحسن، والحديث حسن إذا كان إسناده إليهما صحيحاً ومستقيماً. و عبد الله بن عمرو بن العاص أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الفرق بين المصبوغ بالعصفر والذي لونه أصفر

المعصفر هو المصبوغ بالعصفر، وهو نبات معروف، وهو أصفر؛ لكن فيه شيء من الحمرة. ولا يوجد تعارض بين النهي عن المعصفر وأن ابن عمر كان يحب الثياب المصبوغة بالأصفر؛ لأن الأصفر غير المعصفر؛ فالأصفر في حديث ابن عمر هو المصبوغ بغير العصفر وإن كان اللون مقارباً، لكن ليس الكلام في اللون، وإنما الذي يبدو أنه كان من فعل الأعاجم أو نحو ذلك، فليست القضية قضية صفرة. وليس اللون الأصفر ممنوعاً على الرجال، وإنما المنع من المصبوغ بالعصفر، وقالوا: سواء كان صبغها بعد نسجها أو وهي خيوط قبل أن تنسج ثم تحاك، إذ ذلك من فعل العجم.
شرح قول هشام بن الغاز في معنى كلمة (مضرجة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي حدثنا الوليد قال: قال هشام يعني: ابن الغاز : المضرجة: التي ليست بمشبعة ولا الموردة ]. هذا أثر مقطوع ينتهي إلى هشام بن الغاز في تفسير المضرجة. ومعنى مشبعة: وافرة، أي: ما يكون صبغه وافراً تاماً، والمورد: ما صبغ على لون الورد. والمعنى أن المضرجة هي التي ليس صبغها مشبعاً ولا مورداً، بل دون المشبع وفوق المورد.
تراجم رجال إسناد قول هشام بن الغاز في معنى كلمة (مضرجة)


قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان الحمصي ]. عمرو بن عثمان الحمصي صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الوليد ]. الوليد بن مسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: قال هشام بن الغاز ]. هشام بن الغاز مر ذكره.
شرح حديث (أفلا كسوته بعض أهلك؟!) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي حدثنا إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن شفعة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال: (رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال أبو علي اللؤلؤي : أراه وعلي ثوب مصبوغ بعصفر مورد. فقال: ما هذا؟ فانطلقت فأحرقته. فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: ما صنعت بثوبك؟ فقلت: أحرقته. قال: أفلا كسوته بعض أهلك؟) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وفيه أنه قال: (رآني الرسول صلى الله عليه وسلم. قال أبو علي اللؤلؤي : أراه وعلي ثوب مصبوغ بعصفر مورد) ]. مورد معناه أنه خفيف كما أشار في الشرح الذي قال: إنه دون المشبع وفوق المورد، يعني: كأنه خفيف. [ (فقال: ما هذا؟ فانطلقت فأحرقته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما صنعت بثوبك؟ فقلت: أحرقته. قال: أفلا كسوته بعض أهلك؟) ]. هذا مثل الذي قبله، وهذا الإسناد فيه ضعف؛ ولكن الذي قبله بمعناه. وهذا ليس لبس رجال، ما دام أنه محرم على الرجال، وليست القضية قضية اللون، وليس معناه أن النساء لابد أن يكون لهن الألوان الخاصة، والرجال لهم الألوان الخاصة، وإنما الشيء الذي يعرف أنه من خصائص النساء يكون للنساء من الألبسة بمختلف الألوان، والذي من خصائص الرجال فهو من خصائص الرجال بمختلف الألوان، وإلا فإن النساء تلبس الألوان المختلفة، والرجال يلبسون الألوان المختلفة، والصفرة يلبسها الرجال؛ ولكنها من غير المعصفر، والمعصفر يجوز للنساء ولا يجوز للرجال.
تراجم رجال إسناد حديث (أفلا كسوته بعض أهلك؟!) من طريق ثانية


قوله: [ حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي ]. محمد بن عثمان الدمشقي هو: أبو الجماهر ، ثقة أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ حدثنا إسماعيل بن عياش ]. إسماعيل بن عياش صدوق في الرواية عن الشاميين، مخلط في غيرهم، وحديثه أخرجه البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن. [ عن شرحبيل بن مسلم ]. شرحبيل بن مسلم وهو صدوق فيه لين، أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن شفعة ]. شفعة مقبول أخرج له أبو داود . [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو مر ذكره. [ قال أبو داود : رواه ثور عن خالد فقال: مورد. و طاوس قال: معصفر ]. جاء في المتن السابق بالطريق الأولى مصرحاً بأنه مصبوغ بالعصفر. وثور بن يزيد الحمصي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. وخالد هو ابن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وطاوس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (مر على النبي رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن حزابة حدثنا إسحاق يعني: ابن منصور حدثنا إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه قال: (مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل عليه ثوبان أحمران، فسلم عليه فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل عليه ثوبان أحمران فسلم على الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليه) لأنه كان لابساً للأحمر، ولبس الأحمر لا يجوز للرجال، وقد جاء في بعض الأحاديث ما يدل على لبسه. وقد جمع بينهما بأن المنع فيما إذا كان خالصاً، والجواز فيما إذا كان غير خالص بحيث يكون معه ألوان أخرى. والحديث يدل على عدم رد السلام على من يكون فاعلاً أمراً لا يسوغ؛ لكن الحديث غير صحيح؛ لأن في إسناده من هو متكلم فيه.
تراجم رجال إسناد حديث (مر على النبي رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه)

قوله: [ حدثنا محمد بن حزابة ]. محمد بن حزابة صدوق أخرج له أبو داود . [ حدثنا إسحاق يعني: ابن منصور ]. إسحاق بن منصور صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إسرائيل ]. إسرائيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي يحيى ]. أبو يحيى هو القتات لين الحديث، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن مجاهد ]. مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو مر ذكره.
حكم الأحمر من الثياب كالشماغ وغيره

كثرت الأسئلة عن الشماغ الأحمر -مع أن الشماغ فيه أحمر وأبيض- وكذلك الملبوسات الرياضية كالفانيلة الحمراء، والتساؤل هو عن حكمها وجوازها! وفي الحقيقة أن الأحمر الخالص قد جاء ما يدل على منعه، وفيما أبيح غنى عما منع منه. وهذا خاص بالرجال، أما النساء فالحكم مختلف بالنسبة لهن.
شرح حديث (ألا أرى هذه الحمرة قد علتكم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا أبو أسامة عن الوليد يعني: ابن كثير عن محمد بن عمرو بن عطاء عن رجل من بني حارثة عن رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال: (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رواحلنا وعلى إبلنا أكسية فيها خيوط عهن حمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أرى هذه الحمرة قد علتكم؟ فقمنا سراعاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفر بعض إبلنا، فأخذنا الأكسية فنزعناها عنها) ]. أورد أبو داود حديث رافع بن خديج رضي الله عنه أنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وعلى رواحلنا أكسية فيها خطوط حمر، فقال عليه السلام: ألا أرى الحمرة قد علتكم). فقاموا مسارعين لما سمعوا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفرت بعض الإبل من إسراعهم، يعني: حصل فيها جفال ونفور بسبب ما حصل منهم من السرعة، (فنزعوها)، أي: لم يستعملوها، ولكن الحديث فيه رجل مبهم، وهو الذي يروي عن رافع بن خديج رضي الله عنه، فالحديث غير ثابت.
تراجم رجال إسناد حديث (ألا أرى هذه الحمرة قد علتكم)


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب الهمداني أبو كريب الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو أسامة ]. أبو أسامة حماد بن أسامة الكوفي القرشي مولاهم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد يعني: ابن كثير ]. الوليد بن كثير صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عمرو بن عطاء ]. محمد بن عمرو بن عطاء ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل من بني حارثة عن رافع بن خديج ]. الرجل مبهم و رافع بن خديج صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حكم الملبوسات والمقتنيات ذات اللون الأحمر الخالص للرجال


إذا كان للشخص لباس رجالي أحمر اللون خالصاً فلا يتلفه، بل يعطيه للنساء، أقول: الذي لا يصلح للرجال وليس من لبس الرجال وهو من لبس النساء يصلح للنساء. وإذا كان تفصيله رجالياً؛ لكن اللون لون نسائي فيمكن أن يعدل التفصيل حتى لا يكون على هيئة لبس الرجال. ولا يدخل في النهي اقتناء الأشياء الحمراء كالسيارة مثلاً، والذي يظهر أنه مقصور على اللبس، وليس على السيارات.
شرح حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيت إحدى نسائه صبغاً أحمر فلم يدخل حتى وارته


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن عوف الطائي حدثنا محمد بن إسماعيل حدثني أبي قال ابن عوف الطائي : وقرأت في أصل إسماعيل حدثني ضمضم يعني: ابن زرعة عن شريح بن عبيد عن حبيب بن عبيد عن حريث بن الأبج السليحي أن امرأة من بني أسد قالت: (كنت يوماً عند زينب رضي الله عنها امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصبغ ثياباً لها بمغرة، فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى المغرة رجع، فلما رأت ذلك زينب علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كره ما فعلت، فأخذت فغسلت ثيابها ووارت كل حمرة، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع فاطلع فلما لم ير شيئاً فدخل) ]. أورد أبو داود حديث امرأة من بني أسد قالت: (كنت يوماً عند زينب ونحن نصبغ ثياباً لها بمغرة). بمغرة قيل: إنها طين أحمر أو مدر أحمر، يعني: لونه أحمر يغير لون الثياب. [ (فبينا نحن كذلك إذ طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأي المغرة رجع، فلما رأت ذلك زينب علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كره ما فعلت، فأخذت فغسلت ثيابها ووارت كل حمرة) ]. وهذا يدل على أن مثل ذلك للنساء غير سائغ؛ لكن الحديث ضعيف؛ لأن الذي يروي عن هذه المرأة واسمه حريث بن الأبج السليحي مجهول. [ (ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع فاطلع فلما لم ير شيئاً فدخل) ].
تراجم رجال إسناد حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيت إحدى نسائه صبغاً أحمر فلم يدخل حتى وارته

قوله: [ حدثنا ابن عوف الطائي ]. ابن عوف الطائي هو محمد بن عوف ، ثقة أخرج له أبو داود و النسائي في مسند علي . [ حدثنا محمد بن إسماعيل ]. محمد بن إسماعيل بن عياش عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع، أخرج له أبو داود . [ حدثني أبي ]. هو إسماعيل بن عياش مر ذكره. [ وقال ابن عوف الطائي : وقرأت في أصل إسماعيل ]. الذي هو والد محمد بن إسماعيل . [ حدثني ضمضم يعني: ابن زرعة ]. ضمضم بن زرعة صدوق يهم، أخرج له أبو داود و ابن ماجة في التفسير. [ عن شريح بن عبيد ]. شريح بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن حبيب بن عبيد]. ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن حريث بن الأبج]. وهو مجهول أخرج له أبو داود . [ عن امرأة من بني أسد ]. قال الحافظ : [ لم أعرف اسمها، وهي صحابية لها حديث، أخرج لها أبو داود ]. والصحابي جهالته -كما هو معلوم- لا تؤثر، وإنما التي تؤثر جهالة غير الصحابي.
الرخصة في الأحمر من الثياب


شرح حديث البراء أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرخصة في ذلك. حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يبلغ شحمة أذنيه ورأيته في حلة حمراء لم أر شيئاً قط أحسن منه) ]. أورد أبو داود [ باباً في الرخصة في ذلك، يعني: في لبس الأحمر. وقد أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما أنه قال: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يبلغ شحمة أذنيه لم أر شيئاً قط أحسن منه) ]. (لم أر شيئاً قط أحسن منه) صلى الله عليه وسلم في لباسه، وقد قيل في التوفيق بين هذا وبين ما تقدم: إن ما جاء من النهي عن الحمرة في حق الرجال المقصود به ما كان خالصاً، فالخالص هو الذي لا يسوغ وغير الخالص هو الذي يسوغ.
تراجم رجال حديث البراء أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في حلة حمراء


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ]. ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. أبو إسحاق السبيعي مر ذكره. [ عن البراء ]. البراء بن عازب رضي الله عنهما، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا من الأسانيد العالية عند أبي داود .
شرح حديث عامر بن عمرو المزني أنه رأى على النبي صلى الله عليه وسلم برداً أحمر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن هلال بن عامر عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يخطب على بغلة وعليه برد أحمر و علي رضي الله عنه أمامه يعبر عنه) ]. أورد أبو داود حديث عامر بن عمرو المزني: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رآه في منى وهو يخطب على بعير وعليه برد أحمر) وهذا مثل الذي قبله في أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس الأحمر، والتوفيق هو ما أشرت إليه آنفاً. [ وعلي رضي الله عنه أمامه يُعبّر عنه ]. أي: يبلغ عنه إذا كان الناس بعيدين، مثلما جاء في قصة وفد عبد القيس الذي فيه أن أبا جمرة قال: (كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس) أي: أنه كان يبلغ عنه في مجلس العلم والتحديث.
تراجم رجال إسناد حديث عامر بن عمرو المزني أنه رأى على النبي صلى الله عليه وسلم برداً أحمر


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا أبو معاوية ]. أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن عامر ]. هلال بن عامر ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. هو عامر بن عمرو المزني، صحابي أخرج له أبو داود. وهذا رباعي أيضاً، فهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
الحكم على أحاديث النهي عن لبس الأحمر


الأحاديث التي جاءت في النهي عن لبس الأحمر في بعضها ضعف، وقلنا بالتحريم استناداً على ما صح منها كحديث عبد الله بن عمرو الذي فيه أنه سجر التنور بريطته المضرجة بالعصفر. وقد ذكر صاحب عون المعبود جملة من الأحاديث في هذا.
حكم إطالة الشعر إلى شحمة الأذنين

نرى بعض الناس يطيل شعره إلى شحمة أذنيه اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يعتبر سائغاً لمن فعله؛ لكنه إذا فعله من فيه ريبة، أو من يكون فيه فتنة، فإنه لا ينبغي له ذلك. والأمر في قص الشعر وتوفيره واسع.
لبس الأسود من الثياب


شرح حديث عائشة (صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السواد. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن قتادة عن مطرف عن عائشة رضي الله عنها قالت: (صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء فلبسها فلما عرق فيها وجد ريح الصوف فقذفها. قال: وأحسبه قال: وكان تعجبه الريح الطيبة) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها صنعت بردة لرسول الله صلى الله عليه وسلم سوداء، فلبسها ولما عرق وجد فيها ريح الصوف فتركها، وكان عليه الصلاة والسلام تعجبه الريح الطيبة، ويكره الريح غير الطيبة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. والمقصود من ذلك أنه لبس الأسود؛ ولكنه تركه من أجل الريح التي ظهرت بسبب العرق، ولعله كان من شعر الضأن، وقد مر بنا قريباً الحديث الذي فيه (أنهم كانوا يلبسون الصوف، وأنه إذا جاء المطر وأصابها البلل كأن بنا رائحة الضأن) لأنه صوف الضأن.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة (صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بردة سوداء)


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن همام ]. همام بن يحيى العوذي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مطرف ]. مطرف بن عبد الله بن الشخير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أهداب الثوب



شرح حديث (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة وقد وقع هدبها على قدميه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الهدب. حدثنا عبيد الله بن محمد القرشي حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا يونس بن عبيد عن عبيدة أبي خداش عن أبي تميمة الهجيمي عن جابر يعني: ابن سليم رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة، وقد وقع هدبها على قدميه) ]. أورد أبو داود باباً في الهدب. والهدب هو ما يكون في بعض الألبسة حيث تكون أطرافه مهدبة بحيث تكون كل مجموعة من الخيوط التي نسجت منها مع بعضها، فهذا هو المقصود به، والأصل هو جوازه وعدم المنع منه، وقد ورد فيه هذا الحديث الذي أورده أبو داود وفيه ضعف، ولكن هذا معروف في اللباس وقد جاء في قصة المرأة التي كانت عند رفاعة القرظي، ثم كانت عند عبد الرحمن بن الزبير قالت: (إنما معه مثل هدبة الثوب) فالثياب يكون فيها المهدب وغير المهدب. والحديث هنا أورده أبو داود حديث جابر بن سليم من أجل أنه كان محتبياً وأن الهدب على قدميه صلى الله عليه وسلم، الذي هو في أسفل الثوب المهدب. [ (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة) ]. الاحتباء أن يجلس على مقعدته وينصب ساقيه، ثم يلف عليه تلك الشملة فيكون مثل المستند على شيء. والاحتباء الذي سبق أن مر وذُكر منعه هو الاحتباء في الثوب الواحد وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه؛ وذلك لأنه يكون فرجه ليس عليه ساتر من أعلى، ويمكن أن يرى من فوق، أما إذا كان عليه لباس آخر، ثم احتبى بشيء، فهذا لا مانع منه، وإنما المنع من الاحتباء الذي يكون فرجه بادياً من فوق.
تراجم رجال إسناد حديث (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب بشملة وقد وقع هدبها على قدميه)


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن محمد القرشي ]. عبيد الله بن محمد القرشي ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي. [ حدثنا حماد بن سلمة ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا يونس بن عبيد ]. يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيدة أبي خداش ]. عبيدة أبو خداش مجهول أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبي تميمة الهجيمي] أبو تميمة الهجيمي طريف بن مجالد ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن جابر يعني: ابن سليم]. جابر بن سليم رضي الله عنه صحابي أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي .
الأسئلة



حكم صبغ المرأة شعرها بغير الحناء

السؤال: ما حكم صبغ شعر النساء بغير الحناء، علماً بأنه توجد في الأسواق صبغة للشعر بجميع الألوان؟ الجواب: الشعر الأبيض للرجال والنساء يغير بغير السواد. أما لو كانت شابة وشعرها أسود؛ لكن تريد أن تغير لونه فهذا الصبغ إذا كان يغطي الشعر ويكون مغلفاً له فإنه لا يجوز؛ لأنه يمنع من أن تمسح على الشعر في الوضوء وإنما تمسح على ذلك الغطاء الذي غطاه. بمعنى آخر: إذا كان هذا الصبغ مثل (البويه) التي تكون مغطية للشعر أو مغطية للجسد فمثل ذلك لا يجوز بلا إشكال، وأما غير ذلك فإن الشعر الأسود كما هو معلوم هو أحسن الشعر وأجمل الشعر، والذين شعورهم بين الصفرة والحمرة فهذا شعر الأوروبيين، واللون الأسود هو الجميل في حق النساء، وتغييره إلى اللون الأشقر أو الذي هو قريب من الصفرة إن كان تشبهاً بالأوروبيات اللاتي هذا شكل شعورهن فلا شك أن هذا محرم، وإن كان لغير ذلك فهو خلاف الأولى بلا شك؛ لأن الشعر الأسود هو أحسن الشعور بالنسبة للنساء.

حكم لبس العدسات الملونة

السؤال: ما حكم العدسات الملونة تتخذها المرأة للزينة؟! الجواب: إذا لم تكن طبية وليست من أجل الاستفادة فإن ذلك لا ينبغي، لا سيما وأنه قد يترتب على إلصاق العدسات بالعيون شيء من التأثير على العين، أما إذا كان لحاجة كأن يكون النظر ضعيفاً وهي تقوم مقام النظارة، فهذا لا بأس به؛ لكن كونها تصير على أشكال أخرى إما أشكال أعين الكفار أو ما إلى ذلك؛ إذا كان هذا هو المقصود فإن ذلك لا يجوز، وإذا كان لغير ذلك فلا شك أنه خلاف الأولى. وإذا كانت تتزين بها، كل عدسة على حسب الفستان الذي تلبسه، فأقول: بئست الزينة!

حكم الاجتماع للعزاء ثلاثة أيام

السؤال: ما حكم الاجتماع عند أهل الميت وتحديد العزاء بثلاثة أيام وصنع الطعام وغير ذلك؟ الجواب: لا نعلم شيئاً يدل على تحديد التعزية بثلاثة أيام، وأنه لا يعزى إلا في حدود ثلاثة أيام، بل يعزى ما دام العهد قريباً، ولو زاد على ثلاثة أيام، ولو وصل إلى أسبوع أو زاد على ذلك ما دام أن السلوان ما حصل، وما دام أن المصيبة والتأثر موجود. أما عندما يحصل طول العهد والمصيبة قد خفت عن النفس فلا حاجة للتعزية، ولكن يدعى للميت ولا يقال: أحسن الله عزاءكم؛ لأن العزاء قد حصل، والسلوان قد وجد بطول المكث وبمضي المدة. وأما صنع الطعام من أهل الميت فهذا لا يجوز، وإنما أهل الميت جاءهم ما يشغلهم، فالأصل أن يصنع لهم طعام ليأكلوه لأنهم مشغولون عن الطبخ ومشغولون عن القيام بهذا، فهذا هو الذي جاءت به السنة كما جاء في قصة جعفر قال: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فإنهم جاءهم ما يشغلهم) أما كونهم يصنعون الطعام، ويتكلفون، ويتجمع الناس من أجل الطعام كما يحصل في بعض البلاد من عمل سرادقات يتجمع فيها الناس للأكل فتكون مناسبة لمن يريد الأكل وتحصيله في هذه المناسبات، فهذا غير سائغ.

حكم من يقبض راتب يوم غاب فيه لوفاة قريب له


السؤال: غبت عن عملي في يوم توفي فيه أحد أقاربي، فهل يجوز لي قبض راتب ذلك اليوم؟ الجواب: يبدو أنه جائز، وأنه لا بأس بذلك؛ لأن التأثر لمثل هذا الحاديث شيء جُبِلَ عليه الناس؛ ولكن إن حضر فلا بأس وإن غاب فهو معذور.

حكم من يطلب شراء كفن من مكة أو المدينة


السؤال: يوصي كثير من الناس لمن يقدم على مكة أو المدينة أن يشتري له كفناً، فما حكم ذلك؟ الجواب: لا أعلم لهذا أساساً.

حكم حلق اللحية تجملاً لحديث (إن الله جميل يحب الجمال)


السؤال: بعض الناس يستدلون بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله جميل يحب الجمال) على جواز حلق اللحية، ويقولون: إن حالق اللحية أجمل من الذي يعفيها؟ الجواب: الجمال النسوي للنساء، فإذا كان بهذا الاعتبار فنعم! والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال) وأجمل وجه وجه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وكان ذا لحية كثة، ذقن وعارضان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وكان أصحابه يصلون وراءه فيستدلون على قراءته في الصلاة السرية باضطراب لحيته، أي: بحركتها في القراءة من الجوانب، فهذا هو جمال الرجال، وأما عدم الشعر فهذا الجمال النسوي للنساء.

تحريك الإصبع في التشهد

السؤال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرك الإصبع عند لفظ الجلالة أو الدعاء؛ لكن رأيت الكثير من الناس يحركها من بداية التشهد إلى النهاية، فهل هناك رواية أخرى تدل على ذلك؟ الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على أن الإنسان يحركها باستمرار، وإنما يحركها ويدعو بها، أي: عندما يأتي الدعاء: اللهم.. اللهم.. يحركها.

حكم لبس الأخضر من الثياب والقول بأنها ثياب أهل الجنة


السؤال: هل هناك حديث في استحباب لبس الأخضر من الثياب، وأنه لباس أهل الجنة كما يفعله الصوفية؟ الجواب: مسألة الاستحباب لا نعلم شيئاً يدل على استحبابه؛ والأمر -للاستحباب- جاء في البياض. وقد اشتهر عن بعض أهل البدع في بعض البلاد لبس ثياب بلون معين كالأخضر مثلاً، فإذا كان هذا شعاراً لأهل البدع، فالمناسب عدم لبس هذا الشعار.

حكم لبس النساء للأبيض من الثياب


السؤال: هل يجوز لبس البياض للنساء أم هو خاص للرجال؟ الجواب: يجوز، ولكن يلبس الثياب التي تناسبهن.

حكم لبس البنطال

السؤال: جاء في صحيح مسلم: (أن عبد الله بن عمرو دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب معصفر فقال له صلى الله عليه وسلم: لا تلبسها فإنها من ثياب الكفار) قال: فهل لبس البنطلون على هذا يكون من ثياب الكفار، ويعتبر حراماً؟ الجواب: معلوم أن من لباس الكفار البنطلون، والإنسان لا ينبغي له أن يستعمله، ولكن إذا احتاج إلى استعماله فليجعله على وجه يخالف الكفار بأن يكون واسعاً، ولا يكون ضيقاً يصف الجسم.

قول محمد بن إسماعيل بن عياش حدثني أبي مع أنه عيب عليه التحديث عن أبيه من غير سماع


السؤال: كيف نجمع بين ما عيب على محمد بن إسماعيل بن عياش عدم سماعه من أبيه وبين تصريحه بالتحديث في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيت إحدى نسائه صبغاً أحمر فلم يدخل حتى وارته، قال: (حدثني أبي)؟ الجواب: لا أدري، هل كلمة (حدثني) المقصود بها أنه سمع منه. -وهذا هو الأصل فيها- أو تجوزاً؟ لكن قد تستعمل (حدثني) بمعنى: (أخبرني) وتطلق على العرض الذي هو السماع من الشيخ، ومعلوم أن هذا يعتبر مثل السماع.

حكم دعاء ختم القرآن

السؤال: هل يجوز أن أدعو بدعاء ختم القرآن كلما ختمت؟ الجواب: نعم. إذا ختم يجوز له أن يدعو.

الجمع بين أدلة الإباحة والتحريم في لبس الأحمر من الثياب


السؤال: لماذا نقول في أحاديث النهي عن الأحمر: متعارضة؟ لماذا لا نقول بأن النهي متقدم والجواز متأخر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب بمنى وعليه حلة حمراء، فيدل على أنه في أواخر حياته لبس الأحمر؟ الجواب: الجمع مقدم على النسخ؛ لأن الأحاديث المتعارضة إذا أمكن الجمع بينها فهو أولى من النسخ؛ لأن الجمع فيه إعمال الدليلين، فإذا لم يمكن الجمع انتقل إلى معرفة التاريخ أو غيره مما يصار به إلى تحديد الناسخ من المنسوخ."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 02-07-2025, 04:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,341
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [457]
الحلقة (489)






شرح سنن أبي داود [457]

الملبوسات الوارد ذكرها في السنة الشريفة والسيرة العطرة ينبغي الإلمام بها لأجل التأسي بخير خلق الله أجمعين صلى الله عليه وسلم. ومما ورد أنه كان يلبس عمامة محنكة تغطي الرأس ولها طرفان: طرف يدار من تحت الذقن والآخر يكون ذؤابة في مؤخرة العمامة. وقد نهى عن لبسة الصماء وعن الاحتباء في الثوب الواحد لما تؤدي إليه هاتان اللبستان من انكشاف العورة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يحل الأزرار ويربطها.

العمائم


شرح حديث دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعليه عمامة سوداء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في العمائم. حدثنا أبو الوليد الطيالسي و مسلم بن إبراهيم و موسى بن إسماعيل قالوا: حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح مكة وعليه عمامة سوداء) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في العمائم ] ذكر هنا ما يتعلق بغطاء الرأس، وهو العمائم، وأما عن استحبابها فالأمر في ذلك واسع. وقد أورد فيه حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه عمامة سوداء) وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وهو غير محرم، وكذلك أيضاً يدل على جواز لبس الأسود؛ لأنه قال: دخل وعليه عمامة سوداء، فهو دال على جواز لبس الأسود، وقد مر فيما مضى باب فيما يتعلق بالألوان من الثياب ومنها لبس السواد.
تراجم رجال إسناد حديث دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعليه عمامة سوداء

قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قالوا: حدثنا حماد ]. [ قالوا: حدثنا حماد ] وهو ابن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الزبير ]. أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما صحابي جليل أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
شرح حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا أبو أسامة عن مساور الوراق عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه) ]. أورد أبو داود حديث عمرو بن حريث رضي الله تعالى عنه أنه قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر -يعني: يخطب- وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه) فهذا فيه بيان أن الرسول صلى الله عليه وسلم لبس العمامة السوداء، وهو موافق لما تقدم، وأيضاً دال على أن العمامة لها طرف، وأنه قد أرخاه النبي صلى الله عليه وسلم بين كتفيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء)


[ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ عن أبي أسامة ]. أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مساور الوراق ]. مساور الوراق وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن جعفر بن عمرو بن حريث]. جعفر بن عمرو بن حريث وهو مقبول، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. هو عمرو بن حريث صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (.. فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي حدثنا محمد بن ربيعة حدثنا أبو الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن ركانة عن أبيه (أن ركانة رضي الله عنه صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم، قال ركانة : وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فرق ما بيننا وبين المشركين العمائم على القلانس) ]. أورد أبو داود حديث ركانة رضي الله عنه أنه صارع النبي صلى الله عليه وسلم وصرعه النبي عليه الصلاة والسلام وأنه قال: (فرق ما بيننا وبين الكفار لبس العمائم على القلانس) يعني: أن يجمع بين القلنسوة والعمامة، فيلبس القلنسوة ثم العمامة فوقها. والحديث في إسناده ضعفاء متكلم فيهم، فهو لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر ذلك الألباني في ضعيف سنن أبي داود ؛ ولكنه في إرواء الغليل حسن إسناده فيما يتعلق بالمصارعة؛ لكن الإسناد الذي معنا فيه عدة ضعفاء.
تراجم رجال إسناد حديث (فرق ما بيننا وبين الكفار العمائم على القلانس)

قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد الثقفي ]. قتيبة بن سعيد الثقفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن ربيعة ]. محمد بن ربيعة صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو الحسن العسقلاني ]. أبو الحسن العسقلاني مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن ركانة ]. أبو جعفر بن محمد بن علي بن ركانة مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن أبيه ]. وهو مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن ركانة ]. ركانة صحابي أخرج له أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . لكن الإشكال أنه لا يوجد في التقريب: محمد بن علي بن ركانة، في هذه الطبقة إنما هو محمد بن ركانة، فكلمة (علي) هذه جاءت في نسخة من سنن أبي داود، أشار لها المزي، لكن (علي) لا يكون أباه، إلا إذا كان روى عن جده، فيكون مثلاً أباه باعتبار الجد، وإذا لم يدركه صار فيه علة أخرى وهي الانقطاع. وفي التقريب: محمد بن ركانة بن عبد يزيد المطلبي مجهول من الثالثة ووهم من ذكره في الصحابة أخرج له أبو داود و الترمذي . كما أن كلمة (علي) ما جاءت في جميع نسخ سنن أبي داود . وعلى كلٍ: الحديث فيه ثلاثة أشخاص مجهولون، وواحد منهم يكفي لتضعيف الحديث. زد على ذلك أنه مرسل؛ لأن قوله: (أن ركانة ) حكاية عن شيء قد حصل وهو ما شاهده ولا عاينه، فتكون علة رابعة.
شرح حديث (عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدلها بين يدي ومن خلفي)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم حدثنا عثمان بن عثمان الغطفاني حدثنا سليمان بن خربوذ حدثني شيخ من أهل المدينة سمعت عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- يقول: (عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدلها بين يدي ومن خلفي) ]. أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن عوف قال: (عممني رسول الله) يعني: أنه ألبسه العمامة، وعمل ذلك بيده صلى الله عليه وسلم. (فسدلها من بين يدي ومن خلفي) يعني: جعلها طرفين مسدولين أحدهما من الأمام والثاني من الخلف. والحديث ضعيف أو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. الملقي: جعل لها طرفين طرف من الأمام وطرف ذؤابة، فهي تلف ويجعل طرفاً من قدام وطرفاً من وراء، الذي يبدأ به يصير من قدام والذي ينتهى به يصير من وراء.

تراجم رجال إسناد حديث (عممني رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدلها بين يدي ومن خلفي)

قوله: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم]. محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم يقول الحافظ : يحتمل أن يكون ابن أبي سمينة فهو ثقة أخرج له البخاري و أبو داود ، وإلا فهو مقبول أخرج له أبو داود. كلمة (وإلا فهو مقبول) غير واضحة؛ لأن المقبول معروف، وأما المجهول فهو الذي لا يعرف، فإذاً: لعلها (مجهول) وليس (مقبول)، ولهذا في ترجمتها قال عن أحدهما: إنه مجهول، والثاني قال عنه: إنه ابن أبي سمينة كما في تهذيب التهذيب، فالمقبول يكون صالحاً للاحتجاج إذا اعتضد، ويكون معروفاً، وأما هذا فغير معروف. وهذا هو الذي جرت عليه عادة الحافظ ابن حجر عندما يقول: كذا وإلا فهو مجهول، أي: أنه غير معروف، وليس في ترجمته تطويل وإنما فيها: فلان قال: مجهول، والثاني قال: إنه ابن أبي سمينة، وابن أبي سمينة هو الذي جاء في ترجمته أنه روى عنه أبو داود، وهو يروي عن عثمان بن عثمان، وقد ذكر أن مما يؤيد أنه هذا الذي هو ابن أبي سمينة أن أبا يعلى روى الحديث نفسه في مسنده وسماه: ابن أبي سمينة محمد بن إسماعيل، فيكون هو المتبادر إلى الذهن، وهو الثقة. [ حدثنا عثمان بن عثمان الغطفاني]. عثمان بن عثمان الغطفاني صدوق ربما وهم أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا سليمان بن خربوذ]. سليمان بن خربوذ مجهول، أخرج له أبو داود . [ حدثني شيخ من أهل المدينة ]. شيخ من أهل المدينة مبهم غير معروف. [سمعت عبد الرحمن بن عوف ]. عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه. وهذا الإسناد فيه ضعيفان: أحدهما مجهول العين، والآخر مبهم لا يعرف.
حكم لبس العمائم السوداء

حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس عمامة سوداء) يدل على الجواز، ولا يدل على الاستحباب؛ لأن الأبيض والأسود والأحمر غير الخالص جائزة، وكذلك باب اللباس واسع؛ لكن إذا كان أهل البلد اعتادوا لباساً معيناً فليكن مثلهم ولا يخالفهم. وإذا كان شعاراً معروفاً لبعض أهل البدع فالابتعاد عنه أولى، بالإضافة إلى كونه ليس من زي البلد، وليس مما يستعمل في البلد، وهذا يرجح عدم استعماله.
لبسة الصماء


شرح حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبسة الصماء. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين: أن يحتبي الرجل مفضياً بفرجه إلى السماء، ويلبس ثوبه وأحد جانبيه خارج ويلقي ثوبه على عاتقه) ]. أورد أبو داود : [ باب لبسة الصماء ] والصماء هي نوع من اللباس، وفسرت بتفسيرين: الأول: أن يلبس ثوباً واحداً، أي: قطعة واحدة من قماش وليست قميصاً فيلتحف بها ويحكمها على جسده ويداه من الداخل، فيكون كأنه صخرة صماء ليس لها منافذ. والمحظور في هذه الهيئة هو ما يخشى من انكشاف العورة عندما يأتي أمر يفزعه، أو أنه قد يحتاج إلى إخراج يديه لأمر يقتضيه فلا يتمكن من ذلك. والتفسير الثاني هو: أن يلبس ثوباً واحداً ويخرج جنبه، معناه: أن يكون أحد كتفيه مكشوفاً والآخر مغطى، فهذا فيه احتمال انكشاف العورة؛ لأن الثوب الواحد ليس مثل الإزار والرداء، فالإزار يحصل به ستر العورة والرداء يمكن أن يضطبع به كما يحصل في الحج ويجعل اليد اليمنى مكشوفة والطرف الثاني قد وضع على الكتف الأيسر، فلا يكون فيه محظور من ناحية العورة؛ ولكن إذا كان الثوب واحداً فهذا هو الذي فيه احتمال أن تنكشف العورة بسببه. فيكون النهي عن هاتين اللبستين لأن كلاً منهما فيها محظور. [ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين: أن يحتبي الرجل مفضياً بفرجه إلى السماء) ]. وهذه لبسة؛ لأن إحدى اللبستين هي اشتمال الصماء، واللبسة الثانية هي الاحتباء الذي هو على هذه الصورة المذكورة في الحديث، وهي أن الإنسان يجلس فيضع مقعدته على الأرض وينصب ساقيه ثم يلف على ساقيه مع ظهره ثوباً وليس عليه غيره، فيكون أعلاه مكشوفاً بحيث تبدو عورته من فوق، وقد نهي عن هذه الجلسة من هذه الناحية، وأما إذا كان على الإنسان قميص مثلاً وعمل هذا الاحتباء فإن ذلك لا بأس به، وقد مر بنا قريباً، وإنما الممنوع في حق الذي لا يكون عنده إلا ثوب واحد يحتبى به ويكون فرجه مكشوفاًً إلى الأعلى. [ (ويلبس ثوبه وأحد جانبيه خارج) ]. يعني: جانبي الإنسان، وليس جانبي الثوب، وهو الاضطباع، إلا أنه ليس عنده إلا ثوب واحد بدون إزار، أما إذا كان معه إزار واضطبع فهذا لا بأس به، وهو بالنسبة للحج في موضع واحد وهو عند الطواف، وإذا كان لباس الناس إزاراً ورداء فسواء اضطبع أو لم يضطبع، فذلك جائز ما دام أن العورة مستورة بالإزار. [ (ويلقي ثوبه على عاتقه) ]. يعني: طرف الثوب.
تراجم رجال إسناد حديث ( نهى رسول الله عن لبستين .... )

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. الأعمش سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. أبو صالح هو ذكوان السمان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق، رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصماء وعن الاحتباء في ثوب واحد) وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر -رضي الله عنه- قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصماء وعن الاحتباء في ثوب واحد) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه وهو مجمل فيه النهي عن اشتمال الصماء، وعن الاحتباء في ثوب واحد. قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر ]. وقد مر ذكرهم.
حل الأزرار


شرح حديث ( ... فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في حل الأزرار. حدثنا النفيلي و أحمد بن يونس قالا: حدثنا زهير حدثنا عروة بن عبد الله -قال ابن نفيل : ابن قشير أبو مهل الجعفي - حدثنا معاوية بن قرة حدثني أبي قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة، فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار، قال: فبايعته، ثم أدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم، قال عروة: فما رأيت معاوية ، ولا ابنه قط إلا مطلقي أزرارهما في شتاء ولا حر، ولا يزرران أزرارهما أبداً) ]. أورد أبو داود [ باب في حل الأزرار ] الأزرار جمع زر، والزر هو ما يزر به جيب القميص، وحله: عدم زره. أورد حديث قرة بن إياس رضي الله عنه أنه جاء مع نفر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد رآه لابساً قميصاً محلول الأزرار؛ فكان معاوية وابنه مطلقي الأزرار، ولا يزررانها لا في شتاء ولا حر، ولا يزرران أزرارهما أبداً. هذا الحديث دل على أنهم رأوه محلول الأزرار، ولا يعني هذا أنه محلول الأزرار دائماً وأبداً، وأن هذا شأنه، وإلا فلماذا تتخذ الأزرار إذا كان الإنسان سيكون جيبه مفتوحاً باستمرار، ولكن هذه هي الرؤية التي رآها قرة، فأراد أن يكون على هذه الهيئة التي رأى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعني هذا أن الأزرار وتشترى وتركب في الثياب ثم لا تزر أبداً، هذا لا يدل عليه الحديث. وقوله: (محلول الأزرار) يدل على أنه كان يحل ويزر، وفي هذه الحالة كان محلولاً؛ لأنه لو لم يكن يزر في بعض الأحيان ما كان لوضعه من الأصل حاجة؛ لكن كونه يشترى ويوضع في القميص إنما يوضع لحاجة، لا للزينة، وإنما يوضع لكونه يزر، والتعبير بكونه محلولاً يعني أنه مطلق الأزرار، ومفهوم ذلك أنه يكون مطلقاً وغير مطلق، وأنه يزره في بعض الأحيان ويطلقه في بعض الأحيان، فتكون هذه الهيئة التي رآه عليها دليلاً على جواز إطلاق الأزرار، ووضعها يدل على زرها والاستفادة من وضعها. يزر الثوب أبداً، ولعل هذا الصحابي رضي الله عنه رأى هذه الهيئة وأراد أن يفعل تلك الهيئة التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها؛ لكن ذلك لا يعني أن هذا شأنه، وهذا ديدنه أبداً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وقد كان السلف يستعملون الأزرار، وهي جمع زر، وفي القاموس: أزرار وزرور، وقد جاء في صحيح مسلم في حديث جابر الطويل في صفة الحج أنه جاء إليه جماعة وفيهم محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وقالوا: حدثنا عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قد كبر وعمي رضي الله عنه، فسألهم عن أسمائهم، فكل أخبره باسمه، ولما جاء عند محمد قال له: أنا محمد بن علي بن الحسين فاستثناه وقربه، قال: فوضع يده عليّ وفتح زري الأعلى ثم فتح زري الأسفل ثم أدخل يده ووضعها على صدري ثم حدث بالحديث الطويل. [ عن قرة رضي الله عنه قال: (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار قال: فبايعته ثم أدخلت يدي في جيب قميصه فمسست الخاتم) ]. الخاتم هو خاتم النبوة الذي كان في مؤخر كتفه عليه الصلاة والسلام. قوله: [ (قال عروة: فما رأيت معاوية ولا ابنه قط إلا مطلقي أزرارهما في شتاء ولا حر، ولا يزرران أزرارهما أبداً) ]. ابنه ليس معنا في السند، لأن عروة يروي عن معاوية بن قرة عن أبيه.
تراجم رجال إسناد حديث (فبايعناه وإن قميصه لمطلق الأزرار)


قوله: [ حدثنا النفيلي ]. عبد الله بن محمد بن نفيل النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ و أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عروة بن عبد الله -قال ابن نفيل : ابن قشير أبو مهل الجعفي- ]. أي: أن ابن نفيل -الذي هو أحد الشيخين لأبي داود وهو النفيلي زاد في نسبته بابن قشير أبو مهل الجعفي، وأما الشيخ الثاني فما ذكره إلا عروة بن عبد الله فقط. وهو ثقة أخرج له أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ عن معاوية بن قرة ]. معاوية بن قرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ] قرة وهو صحابي أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. يمكن أن يكون ابنه إياس بن معاوية بن قرة القاضي المشهور.

التقنع


شرح حديث (هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً متقنعاً ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التقنع. حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر قال: قال الزهري : قال عروة : قالت عائشة رضي الله عنها: (بينا نحن جلوس في بيتنا في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر رضي الله عنه: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً متقنعاً في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن، فأذن له فدخل) ]. أورد أبو داود: [ باب في التقنع ] والتقنع هو تغطية الرأس مع شيء من مقدم الوجه، وغالباً ما يكون لعدم الظهور والبروز أو لأمر من الأمور مثلما حصل في غزوة تبوك لما مر بديار ثمود أنه قنع رأسه وأسرع -عليه الصلاة والسلام-. قال في العون: هو تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو غيره، (متقنعاً) أي: مغطياً رأسه بالقناع أي: بطرف ردائه على ما هو عادة العرب لحر الظهيرة، ويمكن أنه أراد التستر لكي لا يعرفه كل أحد. يعني أنه كان عليه إزار ورداء، فوضع طرف الرداء على رأسه، وقد يجعل الرداء كله على الرأس، ويكون مثل وضع الغترة التي تستعمل الآن ومثلما يفعل بعض الحجاج قبل أن يحرم حيث يجعل الرداء على رأسه؛ كما في طريقه إلى أبيار علي قبل الإحرام من المدينة، فيضعه على رأسه لأنه لا يقال له محرم، وتغطية الرأس إنما ينهى عنها بعد الإحرام، وليس بعد لبس ثوب الإحرام، وكذلك بعدما يحلق الإنسان رأسه يضع الرداء على رأسه ويغطي رأسه؛ لكن قد يكون مثلما ذكر أنه يجعل طرف الرداء على رأسه.
تراجم رجال إسناد حديث (هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً متقنعاً...)

قوله: [ حدثنا محمد بن داود بن سفيان ]. محمد بن داود بن سفيان مقبول أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [قال الزهري: ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي من أكثر الرواة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي من أوعية السنة وحفظتها رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ولا سيما ما يتعلق بالأمور الخاصة بالبيت والأمور التي تجري بين الرجل وأهل بيته مما يمكن إفشاؤه وإظهاره، فقد حفظت الشيء الكثير رضي الله تعالى عنها وأرضاها. والحديث أخرجه البخاري في اللباس، باب التقنع في وصف هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
حكم التلثم في الصلاة

ليس للإنسان أن يتلثم في صلاته، وإنما يكشف وجهه، والتلثم أو التقنع الذي حصل من النبي صلى الله عليه وسلم كان في غير الصلاة وإن كان هناك برد."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 450.32 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 444.44 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.31%)]