شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 78 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         محرمات استهان بها الناس كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الهوية الإمبريالية للحرب الصليبية في الشرق الأوسط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          «ابن الجنرال» ونهاية الحُلم الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          التغيير في العلاقات الأمريكية الروسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          هل اقتربت نهاية المشروع الإيراني؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          الشيخ عثمان دي فودي: رائد حركات الإصلاح الديني في إفريقيا الغربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          دور العلماء الرّواة والكُتّاب في نشأة البلاغة العربية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          مرصد الأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وقفات مع قول الله تعالى: ﴿وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          أصحّ ما في الباب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #771  
قديم 02-07-2025, 04:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله





شرح سنن أبي داود [458]

إسبال الإزار من الأدواء الاجتماعية التي جاء الشرع الحكيم بمعالجتها، وفي السنة النبوية ما يؤكد أن هذا العمل محرم، بل ورد ما يدل على أنه من الكبائر، وأنه مظنة للعذاب يوم القيامة، وتضمنت النصوص النبوية آداب اللباس للمؤمن، ومنها: ألا ينزل ثوبه من إزار أو قميص أو غيرهما عن الكعبين بقصد الخيلاء أو بغير ذلك، غير أن إثم المسبل خيلاء أعظم جرماً عند الله تعالى.

تحريم الإسبال


شرح حديث (وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ... )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في إسبال الإزار. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن أبي غفار قال: حدثنا أبو تميمة الهجيمي -و أبو تميمة اسمه: طريف بن مجالد - عن أبي جري جابر بن سليم قال: (رأيت رجلاً يصدر الناس عن رأيه، لا يقول شيئاً إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. قلت: عليك السلام يا رسول الله! مرتين. قال: لا تقل: عليك السلام، فإن (عليك السلام) تحية الميت، قل: السلام عليك. قال: قلت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء -أو فلاة- فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك، قال: قلت: اعهد إلي. قال: لا تسبن أحداً. قال: فما سببت بعده حراً ولا عبداً ولا بعيراً ولا شاة. قال: ولا تحقرن شيئاً من المعروف، وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك؛ إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة، وإن الله لا يحب المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه) ]. أورد أبو داود حادثة جابر بن سليم رضي الله عنه، وهي أنه رأى رجلاً يصدر الناس عن رأيه، أي يقومون بما يأمرهم به وبما يرشدهم إليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فجاء إليه حتى وصل إليه وقال: (عليك السلام يا رسول الله! فقال عليه الصلاة والسلام: لا تقل: عليك السلام، فإن (عليك السلام) تحية الميت) والسلام يقدم على المدعو له، فيقال: السلام عليك، ولا يقال: عليك السلام. وقوله: (تحية الميت) يعني: أن هذا هو الذي اعتادوه في أشعارهم؛ فإنهم يقدمون (عليك) على الدعاء بالسلام، فيقولون مثلاً: عليك سلام الله، أو عليك مني السلام وليس المعنى أن هذا هو المشروع في السلام على الأموات، بل السلام على الأموات كالسلام على الأحياء، يقدم الدعاء أولاً، ولهذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (السلام عليكم أهل الديار)، عندما يذهب إلى البقيع، ولا يقول: عليكم السلام أهل الديار، فالسلام على الحي والميت فيه تقديم الدعاء على المُسَلَّم عليه. فمعنى قوله: (عليك السلام تحية الموتى) أن هذا هو الذي اعتادوه وكانوا يفعلونه لا أنه سنة، أو مشروع في حق الأموات بل لقد جاءت السنة بتقديم الدعاء على المُسَلَّم عليه: (السلام عليكم أهل الديار)، (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) عندما يسلم الإنسان على الأحياء، ويسلم على الأموات كما يسلم على الأحياء. فقوله: (إنها تحية الموتى) لا يدل على أن هذه سنة، وإنما هو إخبار بالذي قد حصل منهم وألفوه، في أشعارهم ومنها ما رثى به عبدة بن الطبيب قيس بن عاصم التميمي المنقري وهو من الصحابة المشهورين، وكان من عظماء الرجال، وقد قال فيه: عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحما ومنه قوله: وما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما وهذا البيت الثاني عظيم يعني: يدل على عظم شأن الذي فُقِد، وقد صار هذا البيت كالمثل يتمثل به عندما يفقد شخص له شأن وله منزلة، ويكون موته خسارة كبيرة فادحة، فإنه يقال: وما كان قيس هلكه هلك واحد ولكنه بنيان قوم تهدما مثل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه، ومثل الشيخ محمد بن عثيمين رحمة الله عليه، مثلها يصلح أن يقال فيه مثل هذا البيت؛ لأن موتهما مصيبة وخسارة كبيرة ونقص، وبه يتبين قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من قلوب الرجال، ولكن يقبض العلم بموت العلماء). قوله: [ (قلت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أنا رسول الله الذي إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك، وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفراء أو فلاة فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك) ]. لما سأله: (أنت رسول الله؟ قال: أنا رسول الله) الذي من شأنه كذا وكذا، وذكر شيئاً من صفات الله عز وجل، فذكر أنه (إذا أصابك ضر فدعوته كشفه عنك)؛ لأنه لا يكشف الضر إلا هو أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلَاً مَا تَذَكَّرُونَ [النمل:62]. قوله: [ (وإن أصابك عام سنة فدعوته أنبتها لك) ]. (عام سنة) يعني: جدب وقحط، فإذا كانت سنة مجدبة ودعي الله عز وجل فإنه هو الذي ينزل المطر وينبت النبات وهو الذي يستغاث به، وهو الذي يرجى، وهو الذي يدعى، وهو الذي بيده ملكوت كل شيء وبيده كل الخير سبحانه وتعالى. وإذا كنت بأرض فلاة أو قفراء يعني: مجدبة. (فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك) يعني: أن كل شيء بيد الله عز وجل، فهو الذي يدعى، وهو الذي يرجى، والدعاء عبادة، والعبادة من حق الله عز وجل قال الله عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدَاً [الجن:18]، وقال: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62]، وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] وغير ذلك من الآيات التي فيها أن الدعاء إنما يكون لله عز وجل، وقد جاء في الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (الدعاء هو العبادة). قوله: (اعهد إلي) يعني: أوصني بوصية أستفيد منها وأعتمد عليها. (قال: لا تسب أحداً) يعني: احفظ لسانك من السباب. قوله: [ (قال: فما سببت بعده حراً ولا عبداً ولا بعيراً ولا شاة) ]. أي أنه بعد هذا العهد وهذه الوصية ما سب إنساناً ولا حيواناً، وإنما حفظ لسانه، وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم وأرضاهم من الانصياع لما يأتي عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، والاستسلام والانقياد وتنفيذ الشيء الذي يؤمرون به، فهم أحرص الناس على كل خير وأسبق الناس إلى كل خير، وهم القدوة وهم الواسطة بين الناس وبين رسول الله عليه الصلاة والسلام، وما عرف الناس حقاً ولا هدى إلا عن طريق الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم. قوله: (ولا تحقرن شيئاً من المعروف) ]. يعني: ولو كان يسيراً، فإن الشيء اليسير في موضعه وفي الحاجة الداعية إليه يكون كبيراً وعظيماً، وهذا فيه إشارة وحث على بذل الإحسان وبذل المعروف وألا يتقالَّ الإنسان الشيء الذي يخرجه وينفقه، فإن الشيء القليل ممن لا يملك الكثير يقع موقعه في حق من هو بحاجة إلى ذلك الشيء القليل، فلا يتهاون الإنسان، ويستسهل النفقة أو الصدقة ولو كان بالشيء اليسير؛ لأن الشيء اليسير ينفع الفقير الذي ليس بيده شيء، وليس عنده شيء، فالإنسان لا يتهاون في ذلك ولا يستهين بالشيء القليل ويقول: إن هذا لا يكفي؛ فالشيء القليل خير من لا شيء. قوله: [ (وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك؛ إن ذلك من المعروف) ]. المعروف لا يكون خاصاً بإعطاء المال، وإنما يكون -أيضاً- بالمعاملة الطيبة؛ فكون الإنسان يكلم غيره وهو منطلق الوجه هذا من المعروف، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والكلمة الطيبة صدقة) يعني: صدقة من الإنسان على نفسه، وصدقة منه على غيره، فهي صدقة على نفسه؛ لأنه تكلم بكلام طيب، وصدقة منه على غيره؛ لأنه قابل غيره بكلام حسن طيب، ولهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة)، يعني: يعطي ما تيسر، وإن لم يجد يرد بكلام طيب وبكلام حسن. قوله: [ (وارفع إزارك إلى نصف الساق) ]. أي: أن الإزار لا يرفع مطلقاً، وإنما يكون حده الأعلى نصف الساق، ولا بأس بنزوله إلى ما فوق الكعبين، ولا يجوز نزوله عن الكعبين، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (ما أسفل من الكعبين فهو في النار). قوله: [ (فإن أبيت فإلى الكعبين) ]. يعني: إلى ما دونهما، فلا يغطيهما بحيث يصل إليهما، بل يكونان مكشوفين، وقد وردت الأحاديث في النهي عن الإسبال، وكذلك ورد ما يدل على الكيفية المشروعة التي ينبغي أن يكون عليها الإزار أكثر مما جاء في القمص، وذلك لأن الإزار قد يسترخي، فإذا جعل إلى نصف الساق فذلك يعني أنه إذا نزل ينزل إلى منطقة سائغة، ولو جعل قريباً جداً من الكعبين فيمكن أن ينزل إذا استرخى فيغطي الكعبين ويقع في المحذور، بخلاف القميص؛ فإن الأصل في القميص أنه لا يسترخي لكونه مشدوداً بالكتفين، وإنما الذي قد ينزل الإزار. وعلى هذا: فإن الإزار وكذلك القميص يكون في حدود هذه المسافة التي فوق الكعبين إلى نصف الساق. قوله: [ (وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة) ]. الإسبال هو نزول الثوب عن الكعبين، والمخيلة: هي الخيلاء، وكون الإسبال من الخيلاء ليس بلازم ألا يصدق عليه النهي إلا مع الخيلاء، ولكنه من أسبابه الخيلاء، أو قد يحصل بسببه الخيلاء، وإلا فإنه قد يقع من إنسان بأن يسترخي إزاره مثلما حصل لأبي بكر رضي الله عنه من غير قصد منه، ويتعاهده كلما نزل رفعه، ولكن لا يقال: إنه لا ينهى عنه إلا إذا كان القصد منه الخيلاء ويقول أحدهم: أنا ما أريد الخيلاء، إذاً: لا بأس أن أنزل عن الكعبين وأسبل في ثيابي! فإن النهي عام، وأما ذكر المخيلة فمعناه أن ذلك مظنة الخيلاء، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ما أسفل من الكعبين فهو في النار) وهذا يدلنا على أنه متى حصل الإسبال فسواء قصد الخيلاء أو لم يقصد ما دام أنه نازل عن الكعبين؛ فهو محرم وصاحبه آثم، لكنه يتفاوت فمن عنده هذا القصد السيئ أعظم جرماً ممن ليس عنده ذلك القص

تراجم رجال إسناد حديث ( وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ... )

قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي غفار ]. هو مثنى بن سعد ليس به بأس -يعني: صدوق-، أخرج له البخاري في الأدب المفرد أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا أبو تميمة الهجيمي -واسمه ]. الشيخ: عن أبي تميمة الهجيمي -واسمه طريف بن مجالد - ]. وهو ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن أبي جري جابر بن سليم ]. أبو جري جابر بن سليم رضي الله عنه صحابي أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي .

تحريم الإسبال في القميص والإزار


والقميص كالإزار لحديث ابن عمر موقوفاً: [ (ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص) ] ولكن الأحاديث وردت في الإزار أكثر؛ لأن فيه مجالاً للاسترخاء.

شرح حديث ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة .. )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة. فقال أبو بكر رضي الله عنه: إن أحد جانبي إزاري يسترخي، إني لأتعاهد ذلك منه. قال: لست ممن يفعله خيلاء) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة). قوله: (ثوبه) لفظ الثوب واسع، يشمل الإزار وغير الإزار، والإزار: هو القطعة الواحدة تشد على وسط الجسد وتستر من وسط الجسد حتى قرب الكعبين، ويقال لها -أيضاً- ثوب، وكذلك القميص يقال له ثوب، وكلها مجموعة يقال لها: ثياب، سواءً كانت قميصاً أو إزاراً أو قطعة واحدة ليست إزاراً ولا رداءً. وقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) يدل على أن إسبال الثياب من الكبائر، وأنه خطير، وأنه إذا كان موصوفاً بهذا الوصف الذي هو الخيلاء فهو في غاية الخطورة، وإذا لم يكن بوصف الخيلاء -أو قصد الخيلاء- فإن ذلك حرام. والأحاديث جاءت في النهي عن الإسبال على سبيل العموم؛ لكن جاء في بعضها بيان خطورة الإسبال مع الخيلاء، فدل ذلك على أن الإسبال بقصد الخيلاء فيه وعيد شديد، وأن الإسبال بدون قصد الخيلاء فيه وعيد، ولكنه دون الشيء الذي جاء فيه الخيلاء، وجاء في بعض الأحاديث العموم من غير تقييد، يعني: أن المسبل ذنبه كبير وجرمه عظيم، ولكن يشمل ما كان بخيلاء وما كان بغير خيلاء، وما كان فيه تقييد بالخيلاء يكون أخطر وأشد، وحديث ابن عمر فيه تقييد بالخيلاء. وقوله: (لم ينظر الله إليه يوم القيامة) المقصود به أنه لا ينظر إليه نظر رحمة وإحسان، بل نظر غضب وسخط، فهذا من جنس الكلام الذي يأتي مضافاً أو منفياً عن بعض الناس يوم القيامة ويكون مثبتاً لهم في بعض المواضع، والمثبت غير المنفي كما في قوله: (ثلاثة لا يكلمهم يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم) فإن قوله: (لا يكلمهم) هذا نفي للتكليم الذي فيه رحمة وإحسان إليهم، وأما التكليم الذي فيه توبيخ وتقريع فهو ثابت في حقهم كما في قوله عز وجل: قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108]، فإن هذا كلام ولكنه كلام توبيخ وتقريع، وعلى هذا فالمنفي هو الذي يعود عليهم بالخير وهو الذي فيه إحسان إليهم ورحمة بهم، والذي فيه الإثبات هو الذي فيه توبيخ وتقريع لهم، فيكون النظر من هذا القبيل، فالنظر الذي فيه إحسان ورحمة بهم هو المنفي، ولا ينفي وجود نظر مع سخط وغضب، وعلى هذا فالمنفي المراد به ما كان من جنس الكلام المنفي. قوله: (قال أبو بكر رضي الله عنه: إن أحد شقي إزاري يسترخي فأتعاهده) أبو بكر رضي الله عنه كان إزاره يسترخي من غير قصد منه، ومع ذلك فإنه يجذبه ويرفعه ويتعاهده بالرفع كلما نزل، وقد خشي أبو بكر أن يكون ممن يعنيهم هذا الكلام، فذكر ذلك للنبي عليه الصلاة والسلام فقال: (أنت لست ممن يفعله خيلاء) أي: أنه يحصل منه بغير قصد سيئ، وليست فيه تلك النية السيئة.

تراجم رجال إسناد حديث ( من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة )


قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا موسى بن عقبة ]. هو موسى بن عقبة المدني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سالم بن عبد الله ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

تفسير قوله ( لم ينظر الله إليه )

أما تفسير قوله صلى الله عليه وسلم: (لم ينظر الله إليه) بـ(لم يرحمه) كما قال الحافظ ابن حجر فلا يقال: إن النفي يراد به نفي الرحمة؛ ولكنه من نتائجه ومن لوازمه عدم الرحمة.

النهي عن الإسبال خاص بالرجال دون النساء


وقوله: (من جر ثوبه ..) الحديث؛ لا يشمل النساء، فقد ورد في حقهن أنهن يرخين ثيابهن ويطلنها وراءهن، فدل ذلك على أن هذا خاص بالرجال، وليس ذلك في حق النساء؛ لأن المطلوب في حقهن الستر والتستر، ولهذا جاء الإذن لهن بإرخاء ذيولهن.

حكم القول بجواز الإسبال إذا كان بدون خيلاء


هناك من يقول: إن المذاهب الأربعة على جواز الإسبال من غير خيلاء، ولا يجوز الخروج عن المذاهب الأربعة، فنقول: أولاً: لا نعلم أن هذا الكلام الذي قيل صحيح، وأن هذا في المذاهب الأربعة؛ ولكن المسلم عليه أن يعول على الدليل، ومعلوم أن الدليل واضح في تحريم الإسبال، والأئمة الأربعة يوصون باتباع الدليل، ويحثون على اتباع الأدلة والأخذ بالسنن الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي عليه الصلاة والسلام ما ذكر فرقاً بين أن يكون بقصد الخيلاء أو من غير قصد له، هناك فرق من ناحية شدة الجرم والذنب، لا أنه شيء سائغ بدون خيلاء غير سائغ معها. والنبي صلى الله عليه وسلم عندما أرشد رجلاً إلى رفع ثوبه ما قال له: أنت تفعله خيلاء أو ما تفعله خيلاء؟! وإنما أرشد إلى رفع الثوب، وفي قصة عمر رضي الله عنه مع قصة الشاب الذي جاء يعوده في مرض موته وقد امتدحه وأثنى عليه، أنه لما ذهب الشاب إذا ثوبه يمس الأرض، فقال: ردوا علي الغلام، ثم قال له: ارفع ثوبك، فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك، ما قال له: هل أنت تريد الإسبال خيلاء أو ما تريده خيلاء؟ إن كنت تريد خيلاء فهو حرام وعليك أن ترفعه، وإن كنت لا تريد خيلاء فما في ذلك بأس! ليس هناك إلا: ارفع ثوبك، ليس هناك سؤال واستفسار، وإنما هناك: ارفع ثوبك، وأرشده إلى فائدتين تعود مصلحتهما على المنصوح: إحداهما: دنيوية بحتة، وهي كون الإنسان يبقي على ثوبه، وأنه لا يتعرض للوسخ ولا يتعرض للبلى. والثانية: دنيوية وأخروية، وهي تقوى الله. وهذا من جنس ما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب) فائدة دنيوية بحتة، وهي طهارة الفم، وفائدة أخروية ودنيوية وهي: مرضاة الله عز وجل، ومعلوم أن مرضاة الله عز وجل تحصل فوائدها في الدنيا وفي الآخرة.

الإسبال دون قصد وتعمد الخيلاء من الكبائر

إسبال الإزار بغير قصد الخيلاء من الكبائر؛ لأن النهي عنه جاء مطلقاً يشمل ما كان بخيلاء وما كان بغير خيلاء، والكبائر تتفاوت، فليست على حد سواء؛ والأحاديث في تحريم الإسبال وردت على سبيل الإطلاق، فلا يقال: إنه يحمل على الخيلاء فقط، وإنه يجوز في غير الخيلاء، وإنما الراجح أن الإسبال يحرم وهو من الكبائر وإن انضاف إليه قصد الخيلاء فهو أعظم إثماً..

شرح حديث (لا يقبل الله صلاة رجل مسبل )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثنا يحيى عن أبي جعفر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: (بينما رجل يصلي مسبلاً إزاره فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ. فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال: اذهب فتوضأ. فقال له رجل: يا رسول الله! ما لك أمرته أن يتوضأ؟ ثم سكت عنه. قال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره، وإن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل) ]. هذا الحديث يدل على خطورة إسبال الإزار، وأن الله تعالى لا يقبل صلاة المسبل. ولكن الحديث ضعيف؛ لأن فيه رجلاً لا يحتج به، وأيضاً المتن فيه نكارة من ناحية كون صلاة الإنسان لا تصح ولا يصح وضوءه إن صلى مسبلاً، وأن عليه أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة؛ فقد جاءت نصوص أخرى تدل على أن الله لا يقبل صلاة بعض الناس بسبب المعاصي، ومع ذلك لا يقال إن عليهم أن يعيدوها، مثلما جاء في الذي يأتي ساحراً أو كاهناً أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً، وليس معنى ذلك أنه يعيد الصلاة؛ ولكنه يحرم ثوابها، ويحال بينه وبين ثوابها، وهذا الحديث الذي معنا فيه أن الوضوء يعاد، وبعض أهل العلم قال: إن هذه معصية، والمعصية فيها خطورة، والإنسان إذا توضأ وصلى يكون في ذلك جهاد للنفس، وإغاظة للشيطان، وقد جاء في بعض الأحاديث أن الإنسان يتوضأ عند الغضب ويصلي، لكن القول بأن صلاته تبطل فيه نظر. والراجح أن الصلاة صحيحة والإسبال حرام، فيعاقب على إساءته ويثاب على صلاته، مثلاً: لو أن إنساناً صلى في ثوب حرير، فإنه مطيع عاص، ولو صلى في أرض مغصوبة فهو مطيع عاص؛ فصلاته صحيحة وهو آثم لفعله المعصية، فكذلك الذي يصلي وهو مسبل إزاره، صلاته صحيحة وهو آثم في الإسبال، أما كون وضوئه ينتقض أو أنه يحتاج إلى إعادة الوضوء ثم إعادة الصلاة فهذا مشكل وفيه نكارة، ومع ذلك فالإسناد فيه أبو جعفر وهو لا يحتج به.

تراجم رجال إسناد حديث ( إن الله لا يقبل صلاة رجل مسبل )


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبان ]. هو أبان بن يزيد العطار ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي جعفر ]. أبو جعفر وهو المدني الأنصاري ، وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و النسائي في عمل اليوم والليلة و ابن ماجة . [ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

شرح حديث (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم.. وذكر منهم المسبل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن خرشة بن الحر عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. قلت: من هم يا رسول الله؟ قد خابوا وخسروا! فأعادها ثلاثاً قلت: من هم يا رسول الله؟ خابوا وخسروا! فقال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر) ]. أورد أبو داود حديث أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم. فقالوا: خابوا وخسروا يا رسول الله! من هم؟ قال: المسبل، والمنان، والمنفق سلعته بالحلف الكاذب أو الفاجر). قوله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) هذا يدل على أن تلك الأعمال من الكبائر، وهي الإسبال والمن بالعطية وكذلك الحلف كذباً في السلع لتنفيقها وترويجها وترغيب الناس في الشراء منها. وتقديم النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الثلاث بالعدد، ثم وصفها بهذه الأوصاف قبل أن يذكرها؛ من كمال بيانه عليه الصلاة والسلام، وذلك أن النفوس عندما تذكر لها هذه الصفات الثلاث فإنها تتشوق وتتشوف وتكون متهيئة لمعرفة هذه الثلاث التي وصفت بهذه الأوصاف الدالة على خطورتها؛ فهذا من كمال بيانه صلى الله عليه وسلم ونصحه لأمته عليه الصلاة والسلام. أيضاً ذكر العدد فيه فائدة وهي أن الإنسان يطالب نفسه بالعدد، وأن العدد اكتمل أو لم يكتمل، فإما أن يستوفي وإما أن يكون هناك نقص حصل فيبحث عنه، فهذه فائدة العدد وفائدة ذكر الأوصاف، فهذا التقديم لأجل الاهتمام وتحفيز النفوس على الاستعداد والتهيؤ لاستيعاب الشيء الذي سيذكر؛ لأن مثل ذلك دال على أهميته، وهذا من بيانه عليه الصلاة والسلام والطريقة التي يتبعها في بيان الأحكام، ومن كمال نصحه لأمته عليه الصلاة والسلام. ولذلك نظائر كثيرة منها ما يكون بالعدد الذي هو (ثلاثة) ومنها ما يكون أكثر، ومنها ما هو أقل من ذلك، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في آخر صحيحه من حديث أبي هريرة : (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم) فإنه بين صلى الله عليه وسلم أن الكلمتين الموصوفتين بهذه الصفات الثلاث شأنهما عظيم، ثم بينهما بقوله: (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم)، فعندما يسمع الإنسان قوله: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان) يتساءل: ما هما الكلمتان اللتان هذا شأنهما؟ فيتحفه بالإجابة (سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم). وقوله: [ (ولا ينظر الله إليهم) ] هذا من جنس الذي مر: (لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء) يعني: النظر الذي يترتب عليه فائدة للمنظور إليه، والنفي هنا هو لتلك الفائدة، وأما النظر الذي فيه مضرة فهو من جنس الكلام الذي فيه مضرة كقوله تعالى: اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] فهذا كلام، وهنا نفى الكلام (لا يكلمهم الله يوم القيامة) يعني: لا يكلمهم كلاماً فيه مصلحتهم، وكلاماً هو مفيد لهم، وكلاماً فيه إحسان إليهم. قوله: [ (المسبل) ] هذا هو محل الشاهد، وهو مطلق يدل على تحريم الإسبال مطلقاً، ولكن إذا كان بقصد خيلاء صار أشد وأعظم، وإذا كان بدون خيلاء فهو شديد وعظيم. قوله: [ (والمنان) ] والمنان: الذي يمن بما أعطى، أي: إذا أعطى شيئاً مَنَّ به على من أعطاه. قوله: [ (والمنفق سلعته بالحلف الكاذب) ] أي: يروجها، ويجعل الذي يريد الشراء يرغب في السلعة ويحرص عليها تصديقاً لبائعها الحالف كذباً ليوهمه. وكذلك يدخل في الإثم إذا كان يصف السلعة بأنها كذا ويقسم: والله إنها كذا والله إنها بكذا؛ من أجل أن يرغب فيها الناس، وهذا علاوة على أن الكذب في حد ذاته خطير، ولكنه إذا كان لأمر باطل يكون أشد وأشد.

تراجم رجال إسناد حديث: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم .. ) وتراجم رجال إسناده

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن مدرك ]. علي بن مدرك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ]. أبو زرعة بن عمرو بن جرير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خرشة بن الحر ]. مختلف في صحبته، أخرج له أصحاب الكتب الستة. الملقي: [ عن أبي ذر ]. أبو ذر الغفاري جندب بن جنادة رضي الله عنه وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أبي ذر (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ...) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان عن الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا.. والأول أتم. قال: (المنان الذي لا يعطي شيئاً إلا مِنَّة) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله. [ والأول أتم ] أي: الذي سبق وذكر متنه في الإسناد السابق، وذكر أن مما جاء في الطريق الثاني من الزيادة توضيح المنان بأنه الذي لا يعطي شيئاً إلا مِنَّة، يعني: مِنَّة على من أعطاه إياه. قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. سفيان هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. وهو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان بن مسهر ]. هو سليمان بن مسهر ، ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن خرشة بن الحر عن أبي ذر ]. وقد مر ذكرهما.

شرح حديث (نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو عامر -يعني: عبد الملك بن عمرو - حدثنا هشام بن سعد عن قيس بن بشر التغلبي أخبرني أبي -وكان جليساً لأبي الدرداء - قال: كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: ابن الحنظلية رضي الله عنه، وكان رجلاً متوحداً قلما يجالس الناس إنما هو في صلاة، فإذا فرغ فإنما هو تسبيح وتكبير حتى يأتي أهله، فمر بنا ونحن عند أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء : كلمة تنفعنا ولا تضرك! قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقدمت، فجاء رجل منهم فجلس في المجلس الذي يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لرجل إلى جنبه: لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو فحمل فلان فطعن فقال: خذها مني وأنا الغلام الغفاري كيف ترى في قوله؟ قال: ما أراه إلا قد بطل أجره، فسمع بذلك آخر فقال: ما أرى بذلك بأساً، فتنازعا حتى سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: سبحان الله! لا بأس أن يؤجر ويحمد، فرأيت أبا الدرداء سر بذلك، وجعل يرفع رأسه إليه ويقول: أنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم. فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول: ليبركن على ركبتيه. قال: فمر بنا يوماً آخر فقال له أبو الدرداء : كلمة تنفعنا ولا تضرك! قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها. ثم مر بنا يوماً آخر فقال له أبو الدرداء : كلمة تنفعنا ولا تضرك! قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره. فبلغ ذلك خريماً فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه. ثم مر بنا يوماً آخر فقال له أبو الدرداء : كلمة تنفعنا ولا تضرك! فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش. قال أبو داود : وكذلك قال أبو نعيم عن هشام قال: حتى تكونوا كالشامة في الناس) ]. أورد أبو داود حديث رجل من الصحابة، هو سهل بن الحنظلية رضي الله عنه وكان في الشام، وكان رجلاً معتزلاً للناس، وليس كثير المخالطة، وإنما هو مشتغل بالعبادة والذكر والتسبيح والتهليل، فمر يوماً على مجلس فيه أبو الدرداء ، فقال أبو الدرداء : (كلمة تنفعنا ولا تضرك) يعني: ذكّرنا بشيء أو حدثنا بشيء ينفعنا ولا يضرك، والكلمة يراد بها الكلام لا يقصد بها كلمة واحدة؛ لأن الكلمة يراد بها الكلمة الواحدة ويراد بها الكلام، كما يقال: فلان ألقى كلمة أو عنده كلمة، أي: كلام، وكذلك جاء في اللغة وفي الحديث، ومنه حديث: (كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان) وكلمة الإخلاص (لا إله إلا الله)، وهي عدة كلمات، فالكلمة تطلق على الكلمة الواحدة، وتطلق على الكلام، ولهذا يقول ابن مالك في أول الألفية عن الكلام: واحده كلمة والقول عم وكلمة بها كلام قد يؤم أي: الكلمة قد يقصد بها الكلام، وهنا قوله: (كلمة تنفعنا ولا تضرك) يعني: حدثنا بحديث وبكلام ينفعنا ولا يضرك، وليس المقصود منه الكلمة المفردة، وإنما المقصود منه الكلام؛ لأن الكلمة تطلق على الكلام. وقوله: (تنفعنا ولا تضرك) يعني: نحن نربح وأنت لا تخسر، وفي الحقيقة أن الكلمة منه تنفعهم وتنفعه وليست المسألة فقط مجرد ارتفاع الضرر عنه، بل النفع حاصل؛ لأن الإنسان إذا دل إلى خير وأرشد إلى خير وحدث بخير فإنه ينتفع، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من دعا إلى هدى كان له أجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه إثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً). والمخالطة مع النفع خير من العزلة، وإذا كانت المخالطة فيها ضرر ولا يترتب من ورائها نفع فالعزلة أفضل. فالعزلة تكون أفضل باعتبار والمخالطة تكون أفضل باعتبار آخر، فالذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم وينفعهم خير من الذي يعتزلهم ولا يفيدهم شيئاً؛ ولكن إذا لم يحصل منه نفع، لعلة لا تمكنه من النفع، أو كانت الخلطة تؤدي إلى ضرر؛ فعند ذلك تكون العزلة خيراً له. قوله: [ (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية) ]. السرية هي قطعة من الجيش تقتطع وترسل لمهمة ثم تعود، وقيل: إن غايتها إلى أربعمائة شخص، وقد تكون أقل من ذلك، فمن حين خروجها إلى رجوعها يقال لها سرية، فإذا دخلت في الجيش خرجت عن كونها سرية وصارت من ضمن الجيش، وفي جملة الجيش. فرجعت السرية، وجاء رجل منهم وجلس في المجلس الذي كان يجلس فيه النبي صلى الله عليه وسلم وجلسوا في انتظاره، وكانوا يتحدثون قبل أن يصل صلى الله عليه وسلم، فقال ذلك الرجل الذي جلس لرجل بجواره: (لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو فحمل فلان فطعن وقال: خذها مني وأنا الغلام الغفاري؛ كيف ترى في قوله؟ قال: ما أراه إلا قد بطل أجره) يعني: كونه قال هذا الكلام، لأن فيه سمعة وفيه ثناء على نفسه بالشيء الذي قد حصل منه. فقال الآخر: (ما أرى بذلك بأساً!) يعني: عكس كلام صاحبه الأول. فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (سبحان الله! لا بأس أن يؤجر وأن يحمد) يعني: يحصل له هذا وهذا، يحصل الأجر ويحصل الحمد. قوله: [ (فرأيت أبا الدرداء سر بذلك، وجعل يرفع رأسه إليه، ويقول: أنت سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول: نعم. فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول: ليبركن على ركبتيه) ]. وهذا الذي جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أيد كلام الثاني الذي قال: لا بأس به، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا بأس أن يؤجر ويحمد) أي: أنه يحصل له الأجر ويحصل له الحمد، فسرَّ بذلك أبو الدرداء وصار يردد عليه: (أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) حتى قال بشر : (حتى إني لأقول: ليبركن على ركبتيه) يعني: من شدة اهتمامه ومطالبة ذلك الشخص بتأكيد هذا الكلام، وأنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ (فمر بنا يوماً آخر فقال له أبو الدرداء : كلمة تنفعنا ولا تضرك! قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: المنفق على الخيل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها) ]. أي: أنه مر بهم مرة ثانية فقال له أبو الدرداء مثلما قال في اليوم الأول: (كلمة تنفعنا ولا تضرك! فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المنفق على الخيل كالباسط يده في الصدقة لا يقبضها). ومعناه: كأنه مستمر في الإنفاق، فالذي ينفق على الخيل أجره مستمر متتابع كثير؛ لأن شأن الخيل في الجهاد عظيم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، والإنفاق على الخيل هو في سبيل الله، وهو صدقة جارية مستمرة كشأن الذي يده مبسوطة منفقة ومستمرة بالإنفاق. قوله: [ (ثم مر بنا يوماً آخر فقال له أبو الدرداء : كلمة تنفعنا ولا تضرك! قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره. فبلغ ذلك خريماً فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه) ]. مر بهم الثالثة فقال أبو الدرداء الكلمة السابقة نفسها: (كلمة تنفعنا ولا تضرك). قوله: [ (فبلغ ذلك خريماً فعجل فأخذ شفرة فقطع بها جمته إلى أذنيه، ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه) يعني: القطع للشعر والرفع للإزار إلى أنصاف الساقين، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث الطويل في هذا الباب. قوله: [ (ثم مر بنا يوماً آخر فقال له أبو الدرداء : كلمة تنفعنا ولا تضرك! فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش) ]. أي أنه مر بهم في المرة الرابعة فقال له الكلمة نفسها: (كلمة تنفعنا ولا تضرك!) فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنكم قادمون على إخوانكم) أي: أنهم كانوا في سفر فقال لهم: (إنكم قادمون على إخوانكم، فأصلحوا رحالكم وأصلحوا ثيابكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس) والمقصود كالشيء الواضح الجلي في الناس. [ (فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش) ]. الفحش: يطلق على الفحش من القول، لكن سياق الكلام عن إصلاح الظاهر بالثياب الحسنة والترجل، وكأنه يطلق على الحالة السيئة والحالة القبيحة غير الجميلة.

تراجم رجال إسناد حديث (نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره)


قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو عامر -يعني: عبد الملك بن عمرو - ]. أبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام بن سعد ]. هشام بن سعد صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن قيس بن بشر التغلبي ]. قيس بن بشر التغلبي مقبول أخرج له أبو داود . [ عن أبيه ]. أبوه بشر التغلبي صدوق أخرج له أبو داود . أما ابن الحنظلية فهو سهل بن الحنظلية رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و النسائي ، والحديث في إسناده هذا الرجل المقبول، وقد ضعفه الألباني بسببه. [ قال أبو داود : وكذلك قال أبو نعيم عن هشام ]. أبو نعيم هو الفضل بن دكين الكوفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، و هشام هو ابن سعد الذي تقدم في الإسناد.

السنة في الشعر وحكم طوله

الحديث يدل على عدم تطويل الشعر حتى يصل إلى الأذنين لقوله: (لولا طول جمته)، وقد قصر خريم شعره حتى صار إلى شحمة الأذنين رضي الله عنه، مثلما كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل شحمة الأذنين لا ينزل عن ذلك، وهذا قد نزل فأعاده امتثالاً حتى كان كشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فضيلة العناية بالخيل في سبيل الله والإعداد للجهاد


المراد بقوله: [ (المنفق على الخيل) ] أي: في الجهاد وفي غير الجهاد، يعني: في تهيئة أهل الجهاد، ففي تهيئة أهل الجهاد وفي إعداد أهل الجهاد كذلك هو إنفاق عليها؛ لأن بقاءها والتمكن من الاستفادة منها إنما هو بصيانتها واقتنائها والإنفاق عليها والإحسان إليها حتى يستفاد منها عند الحاجة إليها، وليس بلازم أن يكون الإنفاق وقت الجهاد فقط، وأن الإنفاق عليها في غير الجهاد ليس فيه أجر. ويقاس عليه كذلك تعاهد ورعاية الأسلحة للمسلمين؟ فيؤجر فاعل ذلك قياساً على المنفق على الخيل، ولا شك أن في إعداد العدة وتهيئتها والمحافظة عليها أجراً عظيماً.

سرور أبي الدرداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم (سبحان الله لا بأس أن يؤجر ويحمد)


علة سرور أبي الدرداء بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله! لا بأس أن يؤجر ويحمد) لأن فيما أن عمله لا يحبط بقوله ذلك، يعني: كون الشخص يحصل منه شيء مثل هذا الذي جرى في هذا الحديث؛ لا يحبط عمله؛ لأن الذي شق عليه خشية أن يحبط عمله، فالرسول صلى الله عليه وسلم بين أنه لا يحبط عمله، وأنه لا بأس أن يؤجر ويحمد.

حكم ذكر الرجل بما يكره في غيبته لمصلحة تعود عليه


وفيه دلالة على جواز ذكر المسلم بما يكره وإن كان غائباً، لقوله عليه الصلاة والسلام: (نعم الرجل خريم الأسدي لولا طول جمته وإسبال إزاره) وهذا إذا كان في ذكره بعيبه مصلحة له، ومنها أن يتدارك النقص الحاصل، فهذه نصيحة بطريقة غير مباشرة، وتعتبر دواءً ناجحاً، وكأن هذا من جنس الحديث الآخر الذي قال: (نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل).

معنى قوله (كأنكم شامة)

أما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (كأنكم شامة) فليس المقصود لبس ثياب الشهرة، لكنه ظهور بالخير وبروز بالخير وإظهار لنعمة الله شكراً لله سبحانه."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #772  
قديم 02-07-2025, 04:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [459]
الحلقة (491)




شرح سنن أبي داود [459]

الكبر من كبائر الذنوب، وصاحبه متوعد بالعذاب والنار، لأن الكبير هو الله، وهو صاحب العظمة والكبرياء، فمن نازعه في ذلك عذبه، كما أن الكبر ينافي التواضع والاستكانة التي حض الشارع وأمر على لزومها وترك التعالي والترفع عن العباد.

تحريم الكبر


شرح حديث (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الكبر. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد . ح: وحدثنا هناد -يعني: ابن السري - عن أبي الأحوص المعنى: عن عطاء بن السائب -قال موسى : عن سلمان الأغر ، وقال هناد : عن الأغر أبي مسلم - عن أبي هريرة رضي الله عنه -قال هناد : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم-: (قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار) ]. قوله رحمه الله تعالى: [ باب في الكبر ] يعني: في تحريمه، وأن صاحبه مذموم ومتوعد، وأن الكبرياء والعظمة إنما هي لله عز وجل، وهو الكبير العظيم المتعالي سبحانه وتعالى، والتعالي والترفع والتكبر والتعاظم من الخلق مذموم؛ لأن المطلوب في حقهم أن يكونوا عبيداً لله مستضعفين، فعليهم أن يتواضعوا لله عز وجل، وألا يتعالوا ويتكبروا على غيرهم. فأورد أبو داود هذه الترجمة، وهي عن الكبر وبيان ما ورد فيه من الوعيد، ومن التخويف والزجر والردع لمتعاطيه. أورد حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً وهو حديث قدسي: (قال الله عز وجل: العظمة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني في شيء منهما قذفته في النار). قوله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) يعني: أن هذه من الخصائص التي يختص بها سبحانه وتعالى، وهي ملازمة لله، وليس لغيره أن يبحث عنها وأن يتطلبها؛ لأن هذه من خصائص الله عز وجل. وقوله: (إزاري وردائي) الشاهد من الحديث أن الله تعالى مختص بها وأنه لا ينازعه أحد فيها، كما أن من يكون له إزار ورداء من الخلق فإن ذلك الإزار والرداء مختص به ليس لأحد غيره مشاركته فيه. ومن صفات الله عز وجل (صفة العظمة) و(صفة الكبرياء)، وذكر الإزار والرداء إشارة إلى الاختصاص، وإلى عدم الأحقية في المنازعة فيها، فلا يقال: إن لله إزاراً. ويُسْكَت عن التفصيل، وإنما يقال: إن لله الكبرياء وله العظمة، وأن الله عز وجل بين أنه مختص بها كما أن من يكون من الناس عليه إزار ورداء فإن إزاره ورداءه مختصان به، فدل هذا على أن ذلك من خصائص الله سبحانه وتعالى، وأن ليس لأحد أن يتعاطى ذلك أو يتطلب ذلك أو يبحث عن ذلك أو يؤمل أن يحصل له ذلك؛ لأن هذا خصائص الله سبحانه وتعالى. وهذا اللفظ الذي جاء في هذا الحديث من جنس اللفظ الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأنصار في غزوة حنين لما وجدوا في أنفسهم أنهم لا يحصل لهم ما حصل للناس، فجمعهم في مكان وتحدث معهم، وقال: بلغني أنكم وجدتم في أنفسكم، إذ لم يحصل لكم ما حصل للناس، قالوا: نعم، يا رسول الله! قال: (أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ ثم قال: الأنصار شعار، والناس دثار) يعني: الأنصار بمنزلة الشعار، وهو ما يلي الجسد من الثياب، لقربهم منه ولاتصالهم به، (والناس دثار) يعني: مثل الثوب الذي بعد الشعار وليس ملاصقاً للجسد، فهذا بيان للقرب والاختصاص به، وأن لهم الصلة الوثيقة بالرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا الذي في الحديث فيه اختصاص الله عز وجل بالكبرياء، وأنه ليس لأحد أن ينازعه فيها سبحانه وتعالى، فهو الكبير المتعالي ذو الجلال والإكرام والعظمة والكبرياء، والعظمة لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى. أما الفرق بين الكبرياء والعظمة فالمعاني متقاربة، والعظمة تكون مثلاً صفة لله عز وجل, والكبرياء تتعلق بأنه ذو الكبرياء على غيره، وأن غيره مفتقر إليه، وأنه بحاجة إليه، يعني: فبعض الصفات وبعض الأسماء تتقارب في معانيها، ويكون بينها فروق دقيقة، وبعضها يكون مماثلاً، مثل: الرحمن والرحيم، كل منهما مشتق من الرحمة، ولكن (الرحمن) أعظم من (الرحيم) ولهذا يطلق على غير الله: رحيم، ولا يطلق على غير الله رحمان، فالرحمن من الأسماء الخاصة به التي لا تطلق على غيره، لا يقال: فلان رحمان، ويقال: فلان رحيم، وقد وصف الله نبيه بأنه بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، ولهذا لما قيل لمسيلمة الكذاب : رحمان اليمامة حصل له لقب ملازم لاسمه وهو الكذاب؛ بحيث لا يقال: مسيلمة فقط، بل يقال: مسيلمة الكذاب كأنه اسم مركب.
تراجم إسناد حديث (الكبرياء ردائي والعظمة إزاري..)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ]. موسى بن إسماعيل مرَّ ذكره. وحماد هو: ابن سلمة بن دينار ، ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ ح: وحدثنا هناد بن السري ]. (ح) معناها التحول من إسناد إلى إسناد. وهناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الأحوص ]. أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن السائب ]. عطاء بن السائب صدوق اختلط، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن، وهنا يروي عنه أبو الأحوص ، وحماد بن سلمة ، وليسا من الذين سمعوا منه قبل الاختلاط؛ لأن حماد بن سلمة مختلف فيه، ومعلوم أن المختلف فيه كأنه يعتبر غير سامع؛ لأنه لابد من تحقق السماع قبل الاختلاط حتى يقبل حديثه، و أبو الأحوص لم يسمع منه قبل الاختلاط؛ لكن الحديث ورد في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة وصحابي آخر بنفس المعنى إلا أن فيه لفظ (العزة) بدل (العظمة). وعطاء بن السائب ليس من رجال مسلم ولهذا قيل: إنه من رجال البخاري وأصحاب السنن. [ قال: موسى عن سلمان الأغر ، وقال هناد : عن الأغر أبي مسلم ]. (قال: موسى ) الذي هو الشيخ الأول: (عن سلمان الأغر)، وقال الشيخ الثاني -وهو هناد -: عن الأغر أبي مسلم ، وهما رجلان، ولكن كل منهما ثقة. سلمان أخرج له أصحاب الكتب الستة، و الأغر أبو مسلم أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة رضي الله عنه مر ذكره. [ قال هناد : قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل ]. أي: أن الذي قال: (قال رسول الله..) هو هناد الشيخ الثاني في السند.
حكم القول بأن لله إزاراً ورداء دون تفصيل

في ذكر الإزار والرداء لله سبحانه وتعالى فنقول كما قال الله عز وجل: (العظمة إزاري والكبرياء ردائي) لكن كنوننا نقول: (له إزار) أو (له رداء) ونطلق قد يقطع الكلام ولا يتصل بشيء فيكون شيئاً خطيراً غير لائق بالله سبحانه وتعالى.
وجه إيراد النهي عن الكبر في كتاب اللباس

وجه إيراد أبي داود [ باب الكبر ] في كتاب اللباس أنه لما ذكر الإسبال، والإسبال يكون للكبر ولغيره، وقد ذكر الحديث الذي فيه النهي عن الإسبال لأجل التعاظم والخيلاء، فذكر -بالمناسبة- الكبر الذي ذم الإسبال لأنه يؤدي إليه أو لأنه سبب للوصول إليه، وأنه يضاعف إثم الإسبال.
حكم لفظ (العظمة) من ناحية المتن


الحديث في صحيح مسلم فيه لفظ (العزة) بدلاً عن (العظمة) لكن لا يقال: لفظة (العظمة) شاذة أو منكرة؛ لأنها جاءت من حديث عطاء ؛ لأن وصف الله عز وجل بالعظمة لا يشاركه فيه أحد، والعزة لا يشاركه فيها أحد.
شرح حديث (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر -يعني: ابن عياش - عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر) هذا في ذم الكبر وبيان خطورته، وأنه من الكبائر، وأن صاحبه متطلب ما ليس له، وتارك للشيء الذي هو له، وهو التواضع الذي يقابله التكبر والترفع والتعاظم. قوله: (مثقال حبة من خردل من كبر) يعني: شيئاً يسيراً من الكبر؛ فإن ذلك سبب في عدم دخول الجنة، والمقصود من ذلك بيان الزجر والتحذير من الكبر، ولا يعني ذلك أن من يكون كذلك يكون من أهل النار الذين هم الكفار، فإن مرتكب الكبيرة أمره إلى الله عز وجل إن شاء تجاوز عنه وإن شاء عذبه، ولكنه إذا عذبه لا يخلده في النار خلود الكفار، بل لا بد أن يخرج منها ويدخل الجنة، فيكون فاته ما حصل لغيره ممن سلم من الكبر وكان فيمن يدخلون الجنة ولا يعذبون في النار، فإن أهل الجنة في الجنة ينعمون وهو في النار يعذب بسبب كبره. فهذا لا يعني أنه لا يدخل الجنة أصلاً، فإن الله عز وجل أخبر بأن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئته سبحانه وتعالى، وكل ذنب لم يغفره الله عز وجل لمن كان غير مشرك فإنه لا يخلد صاحبه في النار، وإنما يدخل النار إذا شاء الله أن يدخلها ويعذب فيها على مقدار جرمه، ثم يخرج من النار ويدخل الجنة، ولا يبقى في النار إلا الكفار الذين هم أهلها والذين لا سبيل لهم إلى الخروج منها فإن الجنة عليهم حرام. (ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان) يعني: أنه لا يدخلها دخولاً يكون له خلوداً، وأما كونه يدخلها جزاء على ما عنده من الكبائر التي لم يتجاوز الله عنها فذلك وارد، كما جاءت بذلك الأحاديث الدالة على أن أصحاب الكبائر يدخلون النار إذا لم يعف الله عنهم، ولكنه إذا دخل لا يدخل دخول خلود.
تراجم رجال إسناد حديث (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر)


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو بكر -يعني: ابن عياش - ]. أبو بكر بن عياش وهو ثقة أخرج له البخاري و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة ]. الأعمش مر ذكره. و إبراهيم هو: ابن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ، ثقة محدث فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. وعلقمة هو: النخعي الكوفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ]. هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، وهو أحد فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : رواه القسملي عن الأعمش مثله ]. القسملي عبد العزيز بن مسلم ، ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجة .
الكبر والإيمان لا يجتمعان

والإيمان يجتمع مع الكبائر مع المعاصي، والمؤمن يكون عنده إيمان وعنده معاص كبائر -إذا كان قد ارتكب كبائر- وصغائر، فيكون عنده إيمان وعنده نقص في الإيمان بسبب الكبائر، فلا يقال: إنهما لا يجتمعان بحيث لا يكون المؤمن موصوفاً بالإيمان إلا إذا كان خالياً من الكبر، يمكن أن يكون مؤمناً ناقص الإيمان لما عنده من الكبر فالجمع بين الإيمان وحصول الكبيرة هذا مذهب أهل السنة والجماعة، وهم وسط بين المرجئة وبين الخوارج والمعتزلة. المرجئة فرطوا وأهملوا وقالوا: مرتكب الكبيرة مؤمن كامل الإيمان، فلا فرق بين أتقى الناس وأفجر الناس في الإيمان، ولا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة. وهذا تغليب لجانب الوعد وإهمال لجانب الوعيد. في مقابل ذلك الإفراط والتشديد والغلو الذي حصل من الخوارج والمعتزلة، فاتفق الخوارج والمعتزلة على خروج مرتكب الكبيرة من الإيمان، لكن هل دخل في الكفر؟ الخوارج قالوا: دخل في الكفر. والمعتزلة قالوا: خرج من الإيمان ولم يدخل في الكفر، فهو في منزلة بين المنزلتين، وهم متفقون على أنه في الآخرة مخلد في النار، وفي الدنيا مختلف عليه بينهم، هؤلاء قالوا إنه كافر، وهؤلاء قالوا إنه في منزلة بين المنزلتين، وهم متفقون على أنه ليس بمؤمن، فقد خرج من الإيمان فكان كافراً على قول الخوارج، وفي منزلة بين المنزلتين على قول المعتزلة. وأهل السنة والجماعة قالوا: هو مؤمن ناقص الإيمان وهذا القول وسط، فأهل السنة وسط بين طرفين وهدىً بين ضلالتين هما غاية التفريط وغاية الإفراط، فقالوا: هو مؤمن عاصٍ وليس بكافر، ما خرج من الإيمان، وبذلك خالفوا الخوارج والمعتزلة الذين قالوا: ليس بمؤمن. أهل السنة والجماعة توسطوا بين الخوارج والمعتزلة من جهة وهم المفرطون الغالون، وبين المرجئة المفرطون المتساهلون المتسيبون الذين جعلوا الأمور كلها فوضى، وأنه لا فرق بين أتقى الناس وأفجر الناس. فأهل السنة قالوا في مرتكب الكبيرة: مؤمن ناقص الإيمان، فقولهم: (مؤمن) خالفوا به الخوارج والمعتزلة الذين قالوا: ما هو بمؤمن، وقولهم: (ناقص الإيمان) خالفوا به المرجئة الذين قالوا: كامل الإيمان. فالمرجئة غلبوا جانب الوعد وأهملوا جانب الوعيد، والخوارج والمعتزلة غلبوا جانب الوعيد وأهملوا جانب الوعد، وأهل السنة أخذوا بالوعد والوعيد فقالوا: (هو مؤمن) وهذا أخذٌ منهم بالوعد وقالوا: (إنه ناقص الإيمان) وهذا أخذ منهم بجانب الوعيد. فهم وسط بين أبواب العقيدة المتناقضة المختلفة، وسط في هذا الباب بين المرجئة وبين الخوارج والمعتزلة، ووسط في الصفات بين المشبهة والمعطلة، ووسط في أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم بين الروافض والنواصب فعندهم محبة الجميع وعدم الغلو في أحد ولا الجفاء لأحد، فلا جفاء عندهم ولا إفراط. فهم وسط في أبواب العقيدة المختلفة، وهذا الباب الذي معنا فيما يتعلق بمرتكب الكبيرة واضح، يعني: بأنهم قالوا عن مرتكب الكبيرة: مؤمن ناقص الإيمان، فيُحَبّ على ما عنده من الإيمان ويُبْغَض على ما عنده من الفسق والعصيان فيكون جامعاً بين كونه محبوباً وكونه مبغوضاً، والحب والبغض في الشيء الواحد يجتمعان، فالحب باعتبار والبغض باعتبار، ولا يكون محبوباً بإطلاق ولا مبغوضاً بإطلاق. أما عند المرجئة فهو محبوب بإطلاق، وعند الخوارج والمعتزلة مبغوض بإطلاق، وعند أهل السنة محبوب باعتبار ومبغوض باعتبار، ويجتمع في الإنسان محبة على ما عنده من الإيمان وبغض على ما عنده من الفسق والفجور والعصيان، وهناك مثال يتضح به الجمع بين الحب والبغض وهو الشيب، الشيب إذا نظر إلى ما قبله وهو الشباب صار غير مرغوب فيه، ولكن بالنسبة لما بعده وهو الموت يصير مرغوباً، فإذا نظر إلى ما بعده صار مرغوباً فيه؛ لأن من هو في المشيب لا يريد الموت، ولكنه بالنسبة للشباب غير مرغوب فيه؛ لأن الشباب هو المرغوب فيه، ولهذا يقول الشاعر: الشيب كره وكره أن يفارقني ف أعجب لشيء على البغضاء مودود وكذلك مرتكب الكبيرة محبوب باعتبار ما عنده من الإيمان ومبغوض على ما عنده من الفجور والعصيان.
شرح حديث (الكبر من بطر الحق وغمط الناس)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عبد الوهاب حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم -وكان رجلاً جميلاً- فقال: يا رسول الله! إني رجل حبب إليَّ الجمال وأعطيت منه ما ترى حتى ما أحب أن يفوقني أحد -إما قال: بشراك نعلي وإما قال: بشسع نعلي- أفمن الكبر ذلك؟ قال: لا. ولكن الكبر من بطر الحق وغمط الناس) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه في قصة الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان جميلاً ويحب الجمال فقال: إني كما ترى، ولا أحب أن يفوقني أحد بشراك نعلي أو بشسع نعلي -شك من الراوي- أفمن الكبر ذلك؟ قال عليه الصلاة والسلام: لا. ولكن الكبر من بطر الحق وغمط الناس. وبطر الحق رده وعدم قبوله، وغمط الناس احتقارهم وازدراؤهم، وأما إذا كان الإنسان يحب الجمال، وليس عنده الشهرة التي هي مذمومة، ولا التعالي والترفع على الناس الذي هو مذموم، فإن ذلك يكون محموداً.
تراجم رجال إسناد حديث (الكبر من بطر الحق وغمط الناس)

قوله: [ قال: حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى ]. أبو موسى محمد بن المثنى الزمن العنزي ،ثقة أخرج له أصحاب الكتب، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الوهاب ]. هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هو هشام بن حسان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد ]. هو محمد بن سيرين ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
الأسئلة



تفسير (ما أسفل من الكعبين في النار)


السؤال: بعض الناس يفسر الحديث: (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) بأن الذي في النار القطعة التي نزلت من الإزار لا الكعبان؟ الجواب: المقصود أن الشخص يعذب، ولكن بسبب هذا الذي حصل من النزول عن الأمر المشروع الذي هو النزول عن الكعبين يعني: كونه إن كان في النار يعذب به فيمكن، وهو من جنس قوله: (ويل للأعقاب من النار) والعقب: خلف الرجل، وهو موضع ينبو عنه الماء إذا لم يتعاهد، فيعذب صاحبه، لأجل الإخلال بما هو واجب وبما هو مطلوب في الوضوء، فليس المقصود أن ذلك يقذف في النار، ولكن يعذب به في النار بأن يكون ناراً تحرقه ويتلظى بها. ومعلوم أن العذاب يكون للإنسان كله، مثلما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أخف الناس عذاباً أبو طالب ، فهو في ضحضاح من نار عليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه) يعني: النار في أسفل شيء وأعلى شيء منه يغلي من شدة حرارة ذلك الذي يجد في رجليه.

حكم التوسل بالمصطفى صلى الله عليه وسلم


السؤال: هل يجوز التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: يجوز التوسل بمحبة الإنسان للرسول صلى الله عليه وسلم وباتباعه للرسول صلى الله عليه وسلم، أما التوسل بشخصه وبذاته فهذا لم يأت عنه صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، بل جاء عن الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم ما يدل على خلافه، وهو أنهم كانوا في حياته صلى الله عليه وسلم يأتون إليه ويطلبون منه الدعاء ويتوسلون إليه بدعائه صلى الله عليه وسلم، ولما توفي عليه الصلاة والسلام ما كانوا يأتون إلى قبره أو يتوسلون به، ويقولون: نتوسل إليك بنبيك، وإنما يطلبون من الشخص الذي يكون معهم أن يدعو ويتوسلون بدعاء ذلك الداعي الذي اختاروه لأن يدعو، وقد جاء ذلك في صحيح البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه لما كان عام قحط وجدب وخرج يستسقي بالناس طلب من العباس أن يدعو، وقال رضي الله عنه: (اللهم! إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا وتسقينا)، يعني: في حياته كنا نتوسل إليك به فنطلب منه الدعاء وأنك تسقينا وأنك تجيب دعاءه. (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قم يا عباس ! فادع الله). فلو كان التوسل به صلى الله عليه وسلم وبشخصه مشروعاً ما كان عمر رضي الله عنه يعدل إلى التوسل بأحد غير النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما كان حياً بين أظهرهم كانوا يأتون ويطلبون منه الدعاء ويتوسلون بدعائه، ولما مات صلى الله عليه وسلم ما كانوا يتوسلون به، وإنما طلبوا من عمه العباس في عهد عمر أن يدعو، واختار عمر رضي الله عنه العباس مع وجود من هو خير من العباس وأفضل من العباس، و عمر نفسه أفضل من العباس ؛ ولكنه اختاره لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال: (وإنا نتوسل إليك بعم نبينا)، ما قال: نتوسل إليك بالعباس ، لأن المقصود هو القرابة والصلة بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكونه أقرب قريب لرسول الله صلى الله عليه وسلم. علي رضي الله عنه أفضل من العباس ، وكلهم من أهل البيت، وكان علي موجوداً في ذلك الوقت؛ لأن علياً رضي الله عنه بعد عمر وبعد عثمان وولي الخلافة، و العباس هو الذي طلب منه الدعاء لأنه أقرب أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه عمه، ولو كان صلى الله عليه وسلم يورث لورثه العباس ولم يرثه علي ، ولو كان عليه الصلاة والسلام يورث عنه المال لكان لزوجاته من ميراثه الثمن ..
ما جاء في قدر موضع الإزار


شرح حديث (إزرة المؤمن إلى نصف الساق..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قدر موضع الإزار. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه قال: سألت أبا سعيد الخدري رضي الله عنه عن الإزار قال: على الخبير سقطت! قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إزرة المسلم إلى نصف الساق، ولا حرج -أو لا جناح- فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار، من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ قدر موضع الإزار ]. أي: موضع نهايته من الأسفل، وهو أن يكون إلى نصف الساق، ولا ينزل عن الكعبين، بل يكون بين الكعبين ونصف الساق، فهو المكان الذي يكون فيه منتهى الثوب سواء كان إزاراً أو قميصاً. وقد أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سأله رجل عن قدر موضع الإزار فقال: (على الخبير سقطت) يعني: أنك سألت من عنده علم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك. وهذا يقوله أبو سعيد رضي الله عنه من أجل طمأنة الشخص السائل إلى أن عنده علماً وأنه خبير بذلك، ففيه حث له على أن يتلقى عنه ذلك العلم الذي تلقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يبين ما كان عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرص على الخير وبذل العلم ونشره رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم. ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إزرة المسلم إلى نصف الساق) أي: أنها تنتهي إلى نصف الساق من الجهة العليا وتنتهي إلى الكعبين من الجهة السفلى، فيكون ما بين هذين المكانين هو الذي يجوز للإنسان أن يفعله، وليس له أن ينزل الثوب عن الكعبين؛ لأنه إذا نزل عن ذلك فإنه يكون قد وقع في الإسبال المحرم المنهي عنه المتوعد عليه بالوعيد الشديد الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (من جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه). (من جر إزاره) أي: أنزله عن الكعبين، فإنه بذلك يكون مسبلاً، وهذا محرم، وقد عرفنا فيما مضى أن من جر الإزار متعمداً وقاصداً به الخيلاء فإن إثمه يكون أكبر وأعظم، وإن كان متعمداً ولكنه لم يرد الخيلاء فإن ذلك حرام ومن كبائر الذنوب. قوله: [ (إزرة المسلم إلى نصف الساق ولا حرج -أو لا جناح- فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من الكعبين فهو في النار) ]. وما كان بين الكعبين إلى نصف الساق فهذا هو السائغ المشروع الذي لا بأس به. قوله: [ (فهو في النار) ] المقصود من ذلك أن صاحبه يكون معذباً على هذا الفعل، ويحتمل أن يكون المراد أنه يعذب بهذا الذي نزل في النار يوم القيامة؛ لأن ذلك هو سبب العذاب وهو نزوله عن الكعبين. قال الخطابي : (فهو في النار) يتأول على وجهين: أحدهما: أن ما دون الكعبين من قدم صاحبه في النار عقوبة له على فعله. والوجه الآخر: أن يكون معناه أن صنيعه ذلك وفعله الذي فعله في النار، على معنى أنه معدود ومحسوب من أفعال أهل النار. ولا شك أن هذا يؤدي إلى النار، وهو فعل يستحق عليه العقوبة بالنار، ويحتمل أن يعذب بنفس هذا الذي نزل من الكعبين بحيث يكون ناراً تتلظى يوم القيامة؛ لأنه فعل أمراً منكراً فيعذب به يوم القيامة، ومعلوم أنه قد جاءت أحاديث بأن من فعل أمراً محرماً فإنه يعذب به نفسه في الآخرة، مثل الذي تحسى سماً، وكذلك الذي تردى من شاهق، فنفس العمل الذي عمله يعذب به يوم القيامة. ولو قال قائل: ألا يحتمل أن يراد أن الجزء من الإزار أو الثوب النازل تحت الكعبين يكون في النار على حد قوله تعالى: إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ [الأنبياء:98] فيكون جزء الثوب من حصب جهنم مثل الناس والحجارة وما ورد فيه نص بذلك؟! فيقال: لا. هذا المقدار هو الذي يعذب به صاحبه مثلما يعذب الذي يتحسى السم في النار، ومن يقذف نفسه من شاهق فيعذب بنفس العمل، فهكذا القطعة من الثوب النازلة عن الكعب تلتهب عليه ناراً ويعذب بها، وكذلك جاءت أحاديث كثيرة في أن نفس الذنب يعذب صاحبه بمثله، والجزاء من جنس العمل. قوله: [ (ومن جر إزاره بطراً لم ينظر الله إليه) ]. أي: النظر الذي يكون فيه رحمة له وإحسان إليه، وأما النظر الذي هو عام أو يكون فيه غضب وتبكيت وتقريع فهذا لا ينفيه الحديث، مثل قوله: (لا يكلمهم الله يوم القيامة)؛ جمعاً بين ذلك وبين قوله: قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ [المؤمنون:108] ونحوه، فـ(( اخْسَئُوا )) كلام، ولكنه كلام تقريع وتبكيت، و(لا يكلمهم) أي: التكليم الذي فيه منفعة لهم وإحسان إليهم، فالمنفي غير المثبت، المنفي نوع من الكلام، والمثبت نوع من الكلام، وفي النظر أيضاً المنفي نوع والذي يثبت نوع آخر. أما حقيقة النظر فهو تقليب الحدقة، هذا بالنسبة للمخلوقين، أما الله عز وجل وصفاته فعلى خلاف عما يوصف به خلقه، والفرق بين صفات الخلق وصفات الله كالفرق بين الخالق والمخلوق.
تراجم رجال إسناد حديث (إزرة المؤمن إلى نصف الساق)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن العلاء بن عبد الرحمن ]. هو العلاء بن عبد الرحمن الحرقي ، صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. أبوه -كذلك- ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري حدثنا حسين الجعفي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة، من جر منها شيئاً خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر، وهو يدل على أن الإسبال يكون بكل لباس يلبسه الإنسان، سواء كان قميصاً أو إزاراً أو جبة أو مشلحاً أو أي شيء يلبسه الإنسان، وإنما ذكر الإزار في كثير من الأحاديث؛ لأن هذا هو الذي كان يلبس كثيراً، ولأن الإزار أيضاً يسترخي، فجاء التنصيص عليه حتى يُحذر نزوله عن الكعبين. أما العمامة وكيف يكون الإسبال فيها فالذي يبدو أنه مثلما ذكر بعض أهل العلم أنه الشيء الذي يكون خارجاً عن المعتاد أو عن المألوف بأن يطول طولاً فاحشاً كمن يسحب العمامة وراءه من فوق رأسه، فالإسبال في العمامة هو ما يكون فيه زيادة فاحشة كبيرة عن القدر المحتاج إليه.
تراجم رجال إسناد حديث (الإسبال في الإزار والقميص والعمامة)


قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا حسين الجعفي ]. حسين بن علي الجعفي صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد العزيز بن أبي رواد ]. عبد العزيز بن أبي رواد صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن سالم بن عبد الله ]. هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وهو تابعي ثقة أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ] عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهو الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح قول ابن عمر (ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد حدثنا ابن المبارك و عباد .. ]. (عباد) هذه زائدة. [ .. حدثنا ابن المبارك عن أبي الصباح عن يزيد بن أبي سمية قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: (ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص) ]. أورد أبو داود هذا الأثر عن ابن عمر رضي الله عنهما، وهو قوله: (ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص) يعني: أن وكل ما ذكر مما يتعلق بالإزار من ناحية الإسبال فإنه يقال في القميص، وكذلك في غير القميص من الألبسة الأخرى التي هي مثل المشلح والجبة.. وما إلى ذلك.
تراجم رجال إسناد قول ابن عمر (ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص)

قوله: [ حدثنا هناد عن ابن المبارك ]. ابن المبارك هو: عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الصباح ]. هو سعدان بن سالم ، صدوق أخرج له أبو داود . [ عن يزيد بن أبي سمية ]. يزيد بن أبي سمية مقبول، أخرج له أخرج له أبو داود . [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر ذكره.
شرح حديث ابن عباس أنه ائتزر فوضع حاشية إزاره على ظهر قدميه ورفعه من مؤخره

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن محمد بن أبي يحيى حدثني عكرمة أنه (رأي ابن عباس رضي الله عنهما يأتزر فيضع حاشية إزاره من مقدمه على ظهر قدميه، ويرفع من مؤخره، قلت: لم تأتزر هذه الإزرة؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتزرها) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس وفيه بيان كيفية الاتزار، وهي أنه كان يأتزر ويضع مقدم إزاره على ظهر قدميه ويرفعه من الخلف فقال عكرمة (لم تفعل ذلك؟ قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعلها) يعني: أن هذه من الهيئات التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام. وإذا أصابت الحاشية ظهر قدميه فيمكن أن تكون موازية للكعب؛ لأن الكعب نابٍ مرتفع.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عباس أنه ائتزر فوضع حاشية إزاره على ظهر قدميه ورفعه من مؤخره


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد هو ابن مسرهد البصري ، ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن أبي يحيى ]. محمد بن أبي يحيى صدوق أخرج له أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثني عكرمة ]. عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أنه رأى ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
الأسئلة



حكم من كان في ثوبه طول لكنه لا ينزل عن مستوى الكعبين


السؤال: تركت ثوبي عند الخياط من أجل أن يجعله إلى نصف الساق، فلما لبسته خرج إلى فوق الكعب، فهل يجوز لبسه؟ الجواب: البسه. وإذا كان الثوب ينزل عن الكعبين حال الركوع فلا يؤثر هذا النزول بسبب الركوع ما دام أنه في المعتاد ضمن المسافة المشروعة.

حكم رفع الإزار إلى عضلة الساق


السؤال: هل ورد ما يدل على رفع الإزار إلى تحت الركبة بأربع أصابع أو إلى عضلة الساق؟ الجواب: لا أعرف شيئاً يدل على أكثر من نصف الساق. وأما حديث كعب بن عجرة (أنه كان يرفع إزاره إلى تحت الركبة بأربعة أصابع) فما أدري عن ثبوته، ولا أعلم هل هو حديث أم أثر؟"


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #773  
قديم 02-07-2025, 04:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود [460]

من آداب اللباس ألا تتشبه النساء بالرجال ولا الرجال بالنساء، وذلك لأن لكل جنس لباس يخصه، وقد دل الشرع على وجوب تستر المرأة واحتجابها عن غير محارمها وما ملكت يمينها، وقد مدح المهاجرات ونساء الأنصار بمبادرتهن إلى استعمال الخمر والجلابيب فور أمر الشارع بذلك.

لباس النساء


شرح حديث (لعن المتشبهات من النساء بالرجال..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب لباس النساء. حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه لعن المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين من الرجال بالنساء) ]. أورد أبو داود باباً في لباس النساء، والنساء يلبسن اللباس السائغ في حقهن الذي لا يكون فيه مشابهة للرجال، وما وردت به السنة من لباسهن فلهن لبسه، لكن جاءت السنة بمنع النساء من التشبه بالرجال، ومنع الرجال من التشبه بالنساء، وأن ذلك من الكبائر. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام: لعن المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء، أي: أن المتشبه بغيره من رجال أو نساء ملعون، واللعن يدل على أن التشبه من أي الجنسين بالآخر من الكبائر. كل شيء يعتبر من خصائص النساء لا يحق للرجال التشبه بهن فيه وهو حرام، وكل شيء يعتبر من خصائص الرجال فتشبه النساء به يكون حراماً.
تراجم رجال إسناد حديث (لعن المتشبهات من النساء بالرجال..)


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري ثقة، أخرج حديثه البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. هو معاذ بن معاذ ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة مر ذكره. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة عن ابن عباس ]. عكرمة عن ابن عباس مر ذكرهما.
شرح حديث (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا أبو عامر عن سليمان بن بلال عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبسة المرأة، والمرأة تلبس لبسة الرجل) يعني: الهيئة والكيفية وطريقة اللبس، فإن ذلك من التشبه الذي ورد عليه اللعن من رسول الله عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل)


قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. زهير بن حرب أبو خيثمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا أبو عامر ]. هو أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سليمان بن بلال ]. سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل ]. هو سهيل بن أبي صالح ، صدوق أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، و البخاري إنما روى له مقروناً. [ عن أبيه ]. هو أبو صالح السمان ذكوان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر أصحابه حديثاً.
شرح حديث (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان لوين -وبعضه قراءة عليه- عن سفيان عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: إن امرأة تلبس النعل! فقالت: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء) ]. أورد أبو داود حديث عائشة أنها سئلت عن المرأة تلبس النعل، أي: النعل الذي يخص الرجال، وإلا فإن كون المرأة تلبس النعل الخاص بالنساء هو الأصل، ولابد منه، وإنما المقصود أنها تلبس لبسة الرجل أو النعال الخاصة بالرجال، فهذا هو الذي قالت فيه: (لعن الله الرجلة من النساء) يعني: التي تتشبه بالرجال أو تحاكي الرجال في لباسهم وهيئاتهم، فهذا هو المقصود بالرجلة، نسبة إلى الرجل، يعني: أنها تجعل نفسها كأنها رجل، أو أنها من الرجال، وهذا مثلما يقولون في المثل عندما يتشبه الرجل بالمرأة (استنوق الجمل) وفي المرأة: (استديكت الدجاجة)، (استنوق الجمل) يعني: بدلاً من أن يكون ذكراً صار من قبيل الإناث أو لحق بالإناث. و(استديكت الدجاجة): خرجت من كونها دجاجة إلى أن صارت من قبيل الديكة. ومعنى النعل هنا: ما كان خاصاً بالرجال، و(أل) هنا للعهد الذهني الذي يرجع إلى ما عُهد في الأذهان وهو الخاص بالرجال، وإلا فإن المرأة لها أن تلبس النعل الخاص بها.
تراجم رجال إسناد حديث (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجلة من النساء)


قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان لوين ]. لوين هذا لقب لمحمد بن سليمان وهو ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ وبعضه قراءة عليه ]. يعني: أن بعضه سماع وبعضه قراءة وتسمى العرض، والرواية به صحيحة، وغالباً ما يفرقون بين المسموع والمقروء عليه بأن يقال: (حدثنا) في المسموع و(أخبرنا) في المقروء، وكثيراً ما يسوون بينهما، ويطلقون التحديث والإخبار عليهما فيأتون بـ(حدثنا) في المقروء ويأتون بـ(أخبرنا) في المسموع. [ عن سفيان عن ابن جريج ]. سفيان هو ابن عيينة المكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. و ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي مليكة ]. هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، وهي من أوعية السنة وحفظتها.
الأسئلة



حكم لبس المرأة لبسة الرجل في البيت والعكس

السؤال: لو لبس الرجل لبسة المرأة أو المرأة لبسة الرجل لكن في البيت ومع الأهل؟ الجواب: لا يجوز ولو كان كذلك، فالنهي عن التشبه لا يخص البيت ولا الشارع، وإنما هو في الجميع.

حكم لبس المرأة (بجامة) رجالية اتقاءً للبرد


السؤال: ما حكم لبس المرأة لبجامة رجالية في البرد؟ الجواب: البجامة إذا كانت من خصائص الرجال فليس لها ذلك.

حكم لبس المرأة فروة أو غيرها من ملابس الرجال


السؤال: قد تحتاج المرأة إلى لبس فروة الرجال؟ الجواب: تبتعد المرأة عن لبس أي شيء يتعلق بالرجال أو من ألبسة الرجال.

حكم لبس ملبوسات مشتركة بين الجنسين

السؤال: في بعض البلاد يكون زي النساء مثل زي الرجال ويشبهه، ولا فرق بينهما إلا أن النساء عندهن الاحتجاب فقط؟ الجواب: إذا وجد هذا الشيء وكان هذا هو الواقع فيكون التشبه في الأمور الأخرى، يعني: من ناحية الثوب إذا كان اللون الفلاني من خصائص الرجال أو من خصائص النساء وتعارف عليه أهل البلد؛ فلا يقدم الرجل على أن يلبس شيئاً عرف بأنه من خصائص المرأة أو اشتهر بأنه من خصائص المرأة، وكذلك العكس.

حكم لبس شيء مشترك بين الجنسين للحاجة مثل نعل الحمام


السؤال: هناك نعال من خشب تستعمل للدخول في الحمامات يستعملها الرجال والنساء، فما الحكم؟ الجواب: هذا ما فيه بأس، لأنها ليست للرجال خاصة ولا للنساء خاصة، هي لمن يدخل الحمام.

حكم تغطية المرأة رأسها في الصلاة بما يخص الرجال من الملابس


السؤال: بعض النساء إذا أرادت أن تصلي وتكون على عجلة تأخذ الشماغ وتلفه على رأسها كوضع الخمار وتصلي به! الجواب: ليس لها ذلك، ما دام أن هذا من ألبسة الرجال فإنها تبحث عن شيء غيره، أما إذا لم تجد غيره فلها ذلك.

حكم تشبه المرأة بالرجل في الحزم والأمر والنهي في أسرتها


السؤال: بعض النساء متسلطات وتريد أن تكون الآمرة الناهية في البيت كالرجل، فهل هذا من التشبه بالرجال؟ الجواب: هذا من قبيل (استديكت الدجاجة).

حكم لبس الكعب العالي

السؤال: ما حكم لبس الكعب العالي للمرأة؟ الجواب: لا شك أن مثل ذلك فيه تشبه بالكافرات، وأيضاً هي تعرض نفسها للانزلاق وللسقوط وللحوق الضرر بها، وأيضاً قد يكون فيه تأثير على الجسم من ناحية أن الاعتماد حيث يكون على بعض أجزاء القدم فيكون بذلك مضرة، فهو لا يسوغ ولا يصلح من وجوه متعددة.

حلق اللحية تشبه بالنساء

السؤال: هل حلق اللحية يكون من التشبه؟ الجواب: حلق اللحية من الرجال تشبه بالنساء؛ لأن النساء لا شعر لهن، والرجال إذا فعلوا ذلك فإنهم يكونون بذلك متشبهين بالنساء.

حكم لبس البنطال للرجل والمرأة

السؤال: هل لبس المرأة للبنطلون تشبه بالرجال؟ الجواب: لا شك أنه تشبه، والرجال أيضاً ليس لهم أن يلبسوا البنطلون.
قوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن)


شرح حديث (لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجور فشققنهن فاتخذنه خُمُراً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قوله تعالى: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]. حدثنا أبو كامل حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن مهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنهما أنها ذكرت نساء الأنصار فأثنت عليهن، وقالت لهن معروفاً، وقالت: لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجور أو حجوز -شك أبو كامل - فشققنهن فاتخذنه خمراً ]. أورد أبو داود باب قول الله عز وجل: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59] أي: لما نزلت آية الحجاب بادرن إلى أخذ هذه الحجوز، وهي التي تأتزر بها المرأة، وتتخذها إزاراً [ فقطعنها وجعلنها خمراً ] يعني: يغطين بهن رءوسهن ووجوههن، وهذا فيه المبادرة إلى الامتثال للأوامر واتباع السنن التي تأتي عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. والجلباب قيل: إنه شيء يكون مثل العباءة التي تكون فوق اللباس الداخلي المعتاد الذي هو كالخمار يعني: فالجلباب واسع، وهو غير الخمار. [ عن عائشة رضي الله عنهما أنها ذكرت نساء الأنصار فأثنت عليهن، وقالت لهن معروفاً ]. يعني: قولاً معروفاً من ناحية الثناء عليهن. [ وقالت: لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجور أو حجوز -شك أبو كامل - ]. الأقرب أنها الحجوز؛ لأنها ما يشد على الحجزة، والحجزة هي موضع عقد الإزار. [ فشققنهن فاتخذنه خمراً ]. يعني: يغطين بهن رءوسهن ووجوههن.
تراجم رجال إسناد حديث (لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجور فشققنهن فاتخذنه خمراً)


قوله: [ حدثنا أبو كامل ]. هو أبو كامل الجحدري فضيل بن الحسين وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و الترمذي . [ حدثنا أبو عوانة ]. هو: أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم بن مهاجر ]. إبراهيم بن مهاجر صدوق لين الحفظ أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن صفية بنت شيبة ]. صفية بنت شيبة لها رؤية، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. وقد مر ذكرها.
شرح حديث (لما نزلت (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابن ثور عن معمر عن ابن خثيم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة رضي الله عنهما أنها قالت: [ لما نزلت يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59] خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية ] ]. أورد أبو داود حديث أم سلمة : [ لما نزل قول الله عز وجل: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59] خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية ] يعني: من ناحية الخمر، والمقصود من ذلك أنهن بادرن إلى تغطية رءوسهن ووجوههن حتى صرن: [ كأن على رءوسهن الغربان ]، يعني: من حيث اللون، ولون الغربان أسود ولون الخمر التي كانت عليهن كذلك. ولا يلزم أن يكون الحجاب أسود.
تراجم رجال إسناد حديث (لما نزلت (يدنين عليهن من جلابيبهن) خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد ]. محمد بن عبيد يحتمل أن يكون ابن حساب ، وأن يكون المحاربي ، وكل منهما روى عنه أبو داود وروى عن ابن ثور ؛ لأنهما في طبقة واحدة، وابن حساب ثقة و المحاربي صدوق، وكل منهما حجة ومعتد به. [ عن ابن ثور ]. هو محمد بن ثور ، ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن خثيم ]. هو عبد الله بن عثمان بن خثيم ، ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن صفية عن أم سلمة ]. صفية مر ذكرها، و أم سلمة هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله تعالى: (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)



شرح حديث (يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قوله: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31]. حدثنا أحمد بن صالح ح وحدثنا سليمان بن داود المهري و ابن السرح و أحمد بن سعيد الهمداني قالوا: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني قرة بن عبد الرحمن المعافري عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] شققن أكنَف -قال ابن صالح : أكثَف- مروطهن فاختمرن بها). حدثنا ابن السرح قال: رأيت في كتاب خالي عن عقيل عن ابن شهاب بإسناده ومعناه ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب قول الله عز وجل: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] ] وأورد حديث عائشة رضي الله عنها أنها أثنت على المهاجرات، وقالت: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما نزل قول الله عز وجل: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] شققن أكنف أو أكثف) ] يعني: بعض الرواة قال: أكنف، وبعضهم قال: أكثف. ومعنى (أكنف) الأستر والأصفق. و(الأكثف) من ناحية السماكة، مثل الأصفق. [ فاختمرن بها ]. هو مثل الرواية السابقة التي جاءت عن عائشة التي فيها أنهن أخذن حجزهن، وهنا: [ مرطهن ] والمرط هي مثل الحجز التي تلف على الجسد من الأسفل، فمعناهما واحد، و الألباني ضعف الأول وصحح هذا، والحقيقة أنه لا فرق بينهما، أعني: ما دام أن هذا صحيح فذاك يصح بسبب هذا؛ لأن المعنى واحد والمؤدى واحد ولا فرق بينهما، إلا أن ذاك فيه (حجوز) وهذا فيه: (مرطهن) وكل منهما صحيح. وهناك أثنت على نساء الأنصار، وهنا أثنت على نساء المهاجرات الأول، وكل منهما محل الثناء، فيصحح هذا مع هذا، ولا يقال: إن ذاك يكون ضعيفاً غير ثابت؛ لأنه بمعنى هذا، ذاك فيه إبراهيم بن مهاجر الذي هو صدوق لين الحفظ؛ ولكن هذا الحديث يدل على ما دل عليه.
تراجم رجال إسناد حديث (يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ ح. وحدثنا سليمان بن داود المهري ]. وهو مصري ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ و ابن السرح ]. هو أحمد بن عامر بن السرح ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ و أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني وهو صدوق أخرج له أبو داود . [ قالوا: أخبرنا ابن وهب ]. قالوا: (أخبرنا) والأول قال: (حدثنا). وفي النسخة الأولى ليس هو بواضح، لعدم وجود لفظ (حدثنا) قبل التحويل للسند؛ لكن النسخة الثانية أوضح؛ لأنها فيها: (حدثنا) .. والتحويل من أجل الفرق بين (حدثنا) و(أخبرنا). [ قالوا: أخبرنا ابن وهب ]. ابن وهب مر ذكره. [ عن قرة بن عبد الرحمن المعافري]. قرة بن عبد الرحمن المعافري صدوق له مناكير، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب . ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة بن الزبير ]. عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة قد مر ذكرها. [ حدثنا ابن السرح قال: رأيت في كتاب خالي عن عقيل عن ابن شهاب بإسناده ومعناه ]. أورد طريقاً أخرى عن ابن السرح وأحال على الطريق السابقة. وابن السرح مر ذكره، وخاله هو: عبد الرحمن بن عبد الحميد بن سالم وهو ثقة أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عقيل ]. هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. وقد مر ذكره.
الأسئلة



حكم وضع المرأة عباءتها على كتفيها


السؤال: ما حكم وضع المرأة العباءة على الكتفين كثوب الرجل؟ الجواب: لا يجوز؛ لأن هذا تشبه بالرجال، ومن خصائص الرجال الآن لبس العباءة على الكتفين على ما تعارف عليه الناس.

حكم كشف المرأة قدميها في الصلاة أو خارج بيتها


السؤال: هل يجوز للمرأة كشف قدميها، أم يجب عليها أن تغطي القدمين سواء في الصلاة أو في الشارع إذا خرجت؟ الجواب: عليها أن تغطيهما، وقد جاء الإرخاء في حديث: (يرخينه شبراً، فقالت إحداهن: إذاً تنكشف أقدامهن، فقال: يرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه)، وذلك حين سئل عليه الصلاة والسلام عن ذيول النساء، وهو ما زاد من الثوب.

حال النساء قبل نزول آية الحجاب

السؤال: هل يفهم من فعل الصحابيات من المبادرة إلى الخُمُر والاختمار بها أنهن لم يكن يختمرن ولا يغطين رءوسهن فيما سبق؟ الجواب: الذي يفهم أن الحجاب كان غير واجب، ثم أوجب فتغير الحال.
ما يجوز للمرأة إبداؤه من زينتها


شرح حديث (إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما تبدي المرأة من زينتها. حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي و مؤمل بن الفضل الحراني قالا: حدثنا الوليد عن سعيد بن بشير عن قتادة عن خالد -قال يعقوب : ابن دريك - عن عائشة رضي الله عنها (أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب، رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: يا أسماء ! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه) قال أبو داود : هذا مرسل، خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها ]. أورد أبو داود باباً فيما تبدي المرأة من زينتها. هذا الذي تبديه من زينتها هو ظاهر اللباس، الذي يبدو لكل أحد، وأما الوجه والكفان فإنما تبديهما لمن يجوز الإبداء له من المحارم غير الأجانب، وأما الذي يبدى للجميع ويظهر للجميع فهو اللباس الظاهر يعني: ما يظهر من لباسها، وأما وجهها والكفان فهذان لا يظهران إلا للمحارم. فأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن أسماء بنت أبي بكر -وهي أختها الكبرى-دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها، وقال: إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يكن لها أن تبدي إلا هذا وهذا، وأشار إلى الوجه والكفين. والحديث يدل على أن الوجه والكفين من الأمور التي تبدى وتكشف للرجال؛ ولكن الحديث غير صحيح لأن فيه انقطاعاً، وفيه أيضاً سعيد بن بشير ضعيف، وأيضاً فيه تدليس الوليد. وأيضاً: في متنه نكارة، وهو كون أسماء تأتي بثياب رقاق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي كبيرة، فهذا شيء مستبعد، فلم تكن صغيرة مراهقة أو قريبة من المراهقة؛ لأن عمرها في أول الهجرة سبع وعشرون سنة، وقد قيل: إنها عمّرت مائة سنة، وتوفيت سنة ثلاث وسبعين من الهجرة أو أربع وسبعين، فإذا طرحنا ثلاثاً وسبعين أو أربعاً وسبعين بقيت سبع وعشرون عند الهجرة، وهي أم عبد الله بن الزبير التي ولدته في قباء أول ما وصلوا مهاجرين إلى المدينة، وكان هو أول مولود بعد الهجرة. فمن المستبعد أن تأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهي بهذا السن في هذه الثياب الرقيقة المستنكرة التي أعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببها. والحاصل أن الحديث فيه ضعف من جهة الإسناد، وفيه نكارة من جهة المعنى. وعلى هذا فالزينة التي قال الله عز وجل: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] المقصود بها: ما هو ظاهر للجميع، وأما قوله: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ... [النور:31] الآية، فالمقصود بذلك الوجه والكفان، وما يمكن أن يطلع عليه المحارم.
تراجم رجال إسناد حديث (إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا)

قوله: [ حدثنا يعقوب بن كعب الأنطاكي ]. يعقوب بن كعب الأنطاكي ثقة أخرج له أبو داود . [ و مؤمل بن الفضل الحراني ]. مؤمل بن الفضل الحراني صدوق أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا الوليد ]. هو الوليد بن مسلم الدمشقي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن بشير ]. سعيد بن بشير ضعيف، أخرج له أصحاب السنن. [ عن قتادة ]. هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقد عنعن هنا، وهو مدلس. [ عن خالد -قال يعقوب : ابن دريك - ]. يعقوب الأنطاكي الشيخ الأول قال: خالد بن دريك، وأما مؤمل بن الفضل فقال: خالد فقط ولم يزد عليها، فهنا أشار أبو داود إلى الفرق بين ما عبر به شيخاه. وخالد بن دريك ثقة يرسل، أخرج له أصحاب السنن. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين مر ذكرها. ثم قال أبو داود : [ هذا مرسل؛ خالد بن دريك لم يدرك عائشة ]. أي: فيه انقطاع، وذكر الإرسال على المعنى العام الذي هو الانقطاع، وليس هو الإرسال المشهور في اصطلاح المحدثين وهو الانقطاع من الأعلى بحيث يقول التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، بل هذا انقطاع في أثناء الإسناد ويقال له: مرسل؛ لأن الراوي يضيف الحديث إلى من لم يدركه، فهذا يقال له مرسل بالمعنى العام. فالحديث غير صحيح. أما ما ورد عن بعض الصحابة والتابعين في تفسير قوله تعالى: (( إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )) أنه الوجه والكفان كما جاء عن ابن عباس، فإنه قد جاء عنه تفسيرها باللباس الظاهر أيضاً، ولكن يمكن أنه جاء عنه أنه الوجه والكفان وجاء عنه أنه اللباس الظاهر. أما هل يجوز للمرأة إظهار القدمين للمحارم؟ فنعم. يجوز، لأنه يجوز إظهار الوجه والوجه أهم من القدمين، وإنما الذي يحرم هو إظهارهما لغير المحارم.
العبد ينظر إلى شعر مولاته


شرح حديث أن أم سلمة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأمر أبا طيبة أن يحجمها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في العبد ينظر إلى شعر مولاته. حدثنا قتيبة بن سعيد و ابن موهب قالا: حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر (أن أم سلمة رضي الله عنهما استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة، فأمر أبا طيبة أن يحجمها. قال: حسبت أنه قال: كان أخاها من الرضاعة أو غلاماً لم يحتلم) ]. قوله: [ العبد ينظر إلى شعر مولاته ] أي: أن العبد هو من جملة المحارم الذين محرميتهم مؤقتة، بمعنى أنه ليس أجنبياً من المرأة، فله أن ينظر إليها، وبعد أن يعتق أو يباع تنتهي تلك العلاقة، وذلك الذي يكون بينهما كما يكون الحال بين الزوج وامرأته إذا طلقها، فإن العلاقة التي بينهما تنقطع وتكون من جملة الأجنبيات بالنسبة له، فيكون الأمر كذلك بالنسبة للعبيد في حال كون النساء تملكهم، فإنهم لهم أن يروا منهن ما يراه المحارم من نسائهم أو من أقاربهم، فإذا خرج من ملكها ببيع أو هبة أو عتق أو ما إلى ذلك فإنه يكون أجنبياً منها، وقد جاء في الحديث الذي سبق في باب الإرث أنه إذا كان العبد مكاتباً وصار عنده ما يوفي به ما بقي عليه فإنها تحتجب منه، أي: أن العلاقة التي كانت تسوِّغ له أن ينظر إليها انتهت بكونه نال الحرية بأدائه آخر قسط من نجوم الكتابة، فصار بذلك حراً فيكون أجنبياً منها. فأورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه: (أن أم سلمة استأذنت الرسول صلى الله عليه وسلم في الحجامة، فأمر أبا طيبة أن يحجمها. وقال: حسبته قال: كان أخاها من الرضاعة، أو غلاماً لم يحتلم)ويكون حكمه حكم الذي لم يحتلم فلا تحتجب عنه النساء، والذي جاء في القرآن استئذان الذين ملكت الأيمان، وكذلك الذين لم يبلغوا الحلم، وذلك في الأوقات الثلاثة التي يكون فيها نزع الثياب أو الحالة التي تختلف عن الحالات التي تكون عليها النساء في غيرها، وهي قبل صلاة الفجر، وحين وضع الثياب من الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء الذي وقت للنوم، فقالوا: إنه يحتمل أن يكون هذا وهذا. والمصنف هنا بوب بالنظر إلى الشعر؛ لأن الحجامة لعلها في الرأس، والذي سيحجم إنما ينظر إلى مكان الحجامة. قال: (حسبته قال: كان أخاها من الرضاع، أو غلاماً لم يحتلم) فيكون العبد مقيساً عليه؛ لكن جاءت أحاديث أخرى، وجاء القرآن يدل على استثناء ملك اليمين، كما في هذه الآية التي في سورة النور: (( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ .. )) إلى أن قال: .. أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ [النور:31]، وكذلك في سورة الأحزاب: (( لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ .. )) إلى أن قال: وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ [الأحزاب:55].
تراجم رجال إسناد حديث (أن أم سلمة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأمر أبا طيبة أن يحجمها)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و ابن موهب ]. ابن موهب هو يزيد بن خالد بن موهب وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (... إنه ليس عليكِ بأس إنما هو أبوك وغلامك..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو جميع سالم بن دينار عن ثابت عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة رضي الله عنها بعبد كان قد وهبه لها. قال: وعلى فاطمة رضي الله عنها ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال: إنه ليس عليك بأس؛ إنما هو أبوك وغلامك) ]. أورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء لفاطمة بعبد، وكان عليها ثوب لا يكفي لجميع بدنها، إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، أي: إن رفعته إلى رأسها بدت القدمان، وإن أنزلته إلى القدمين لتغطيهما بدا الرأس. فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ما عندها من الحياء في ذلك قال عليه الصلاة والسلام: (ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك) وهذا محل الشاهد، وهو قوله: (وغلامك) يعني: أن الغلام له أن ينظر إلى ما يراه منها محارمها.
تراجم رجال إسناد حديث (... إنه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك)


قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ]. محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا أبو جميع سالم بن دينار]. أبو جميع سالم بن دينار مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أنس]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
الأسئلة



حكم سفر المرأة مع عبدها

السؤال: هل للمرأة السفر مع عبدها؟ الجواب: هذا هو الذي يظهر؛ ما دام أنه له أن يخلو بها وله أن ينظر إلى زينتها التي يراها المحارم، وفيه خلاف من ناحية السفر؛ لكن الذي يظهر أن له ذلك.

حكم نظر الطبيب إلى المرأة بقدر الاحتياج


السؤال: ألا يقال: إن أبا طيبة كالطبيب يجوز له أن يرى للحاجة؟ الجواب: يمكن أن يقال هذا؛ لكن المصنف أورده للاستدلال على كون العبد يرى شعر سيدته. وإن كان أبو طيبة ليس عبداً لأم سلمة، لكن هو قياس، وأبو داود أورد الباب على أنه من ناحية القياس، وليس المقصود أن ذلك هو سبب جواز نظره إليها، والطبيب عند الحاجة يمكن أن يعالجها وينظر إلى ما لابد من النظر إليه؛ لكن إذا لم يكن طبيبة تقوم بذلك، والمرأة يرى منها ما يحتاج إليه للضرورة؛ ولكن الآن القضية هي قضية التبويب، وهي كون العبد يرى، والحديث ليس فيه ذكر العبد، وإنما فيه ذكر الصغير الذي لم يحتلم، وقد جاء قرنه مع ملك اليمين في الاستئذان في سورة الأحزاب: لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ [النور:58] فيصير مقيساً عليه. أما على الاحتمال الثاني أنه أخوها من الرضاعة فليس هناك إشكال. أما الخدم في هذا الزمن فلا يأخذون حكم العبد والأمة أبداً، لأنهم أجراء أجانب وليسوا ملك يمين.
قوله تعالى: (غير أولي الإربة)


شرح حديث (كان يدخل على أزواج النبي رجل مخنث...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قوله: غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ [النور:31] ]. حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري و هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو عند بعض نسائه، وهو ينعت امرأة فقال: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا! لا يدخلن عليكن هذا. فحجبوه) ]. أورد أبو داود باباً في قوله تعالى: غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ [النور:31]. وغير أولي الأربة هو من ليس له رغبة في النساء ولا يشتهي النساء، فهذا الاحتجاب عنه ليس بلازم، ويمكن أن يرى ما يرى غيره؛ لأنه مثل النساء، لا فرق بينه وبينهن، وإذا تبين أو ظُنَّ أنه ليس من أولي الإربة بأن ظهر منه شيء يدل على أنه تصنع مشابهة النساء من حيث التكسر والتثني ورقة الكلام وما إلى ذلك وليس عن طريق الخلقة، وإنما ذلك على سبيل الاحتيال والوصول إلى أن يرى النساء، وأن يكون معهن، فمثل هذا يبتعد عنه ويعاقب على ما حصل منه من كونه يظهر بمظهر غير أولي الإربة. وأورد أبو داود حديث عائشة أنها قالت: (كان يدخل على أزواج الرسول صلى الله عليه وسلم مخنث) أي: رجل يشبه المرأة في حركاته وكلامه وهيئته وأنه ليس ممن له حاجة بالنساء، أي: ليس لديه شهوة الجماع والرغبة في النساء، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، وأنه يمكن أن ينظر إلى ما يراه المحارم. (فدخل النبي وهو عند بعض نسائه ينعت امرأة) أي: يصفها بأوصاف دقيقة تدل على معرفة وخبرة بالنساء وميل إليهن. (فقال: إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان) والمراد بذلك العكن التي في بطنها فلأنها سمينة إذا نُظِرَ إليها من الأمام تُرى أربع عكن، وإذا نظر إليها من الوراء صارت ثمانياً؛ لأن كل واحدة لها طرفان، فتكون من الأمام أربعاً ومن الخلف ثمانياً، وهذا وصف دقيق لا يعرفه إلا صاحب خبرة. فأمر صلى الله عليه وسلم بإخراجه والاحتجاب منه، وأن يكون حكمه حكم الأجانب الذين يحتجب منهم، ولا يعتبر من غير أولي الإربة الذين يمكن أن يروا من النساء ما يراه منهن المحارم، ولذا قال: (ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا! لا يدخلن عليكن هذا. فحجبوه).
تراجم رجال إسناد حديث (كان يدخل على أزواج النبي رجل مخنث...)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبيد حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن الزهري و هشام بن عروة عن عروة عن عائشة ]. هشام بن عروة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، والباقون مر ذكرهم.
شرح حديث (كان يدخل على أزواج النبي مخنث) من طريق أخرى وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة بمعناه ]. قوله: [ حدثنا محمد بن داود بن سفيان ]. مقبول أخرج له أبو داود . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة ]. مر ذكرهم.
شرح حديث (كان يدخل على أزواج النبي مخنث) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها بهذا الحديث، زاد: (وأخرجه فكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم) ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وفيه زيادة أنه أخرجه إلى البيداء. يعني: عقوبة له على كونه كان يدخل بين النساء موهماً بأنه من غير أولي الإربة مع أنه في الحقيقة من أولي الإربة. (فكان بالبيداء) يعني: في مكان خالٍ. (يدخل كل جمعة يستطعم) يعني: يأخذ قوته وطعامه الذي يحتاج إليه.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يدخل على أزواج النبي مخنث) من طريق ثالثة

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب ]. يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والباقون مر ذكرهم.
شرح حديث (كان يدخل على أزواج النبي مخنث) من طريق رابعة وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا عمر عن الأوزاعي في هذه القصة (فقيل: يا رسول الله! إنه إذاً يموت من الجوع، فأذن له أن يدخل في كل جمعة مرتين فيسأل ثم يرجع) ]. قوله: [ حدثنا محمود بن خالد ]. هو محمود بن خالد الدمشقي ، ثقة أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عمر ]. هو عمر بن عبد الواحد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن الأوزاعي ]. هو: عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ في هذه القصة ]. يعني: في هذه القصة التي تقدمت والزيادة التي ذكرت.
الأسئلة



حال حديث (إنما هو أبوك وغلامك)

السؤال: حديث أنس الذي فيه أبو جميع سالم بن دينار في قصة فاطمة (إنما هو أبوك وغلامك) هل يصح إسناده؟ الجواب: الألباني صححه؛ لكن ما أدري هل له شواهد، لكن معناه جاء في القرآن، أما هذه الحادثة بعينها فلا أعرف حكمها، أما حكم إبداء الزينة لملك اليمين كما تبدى للمحارم فقد جاء في القرآن في موضعين، موضع في سورة الأحزاب وموضع في سورة النور.

حكم اعتبار العجوز من غير أولي الإربة

السؤال: هل الرجل العجوز الشائب يعتبر من غير أولي الإربة؟ الجواب: إذا بلغ الرجل سن التخريف فنعم، وأما إذا كان بكامل وعيه وعقله فليس من أولي الإربة، فقد يكون الرجل كبيراً جداً ومع ذلك يشتهي النساء، أو أنه يكون عنده خبرة بالنساء فيصفهن، ولو كان عنده العجز الفعلي؛ لكن عنده الخبرة والمعرفة، فيصف لغيره ما يراه.

حكم إلباس البنات الصغار البنطال

السؤال: ما حكم لبس البنات الصغار للبنطال؟ الجواب: لا يصلح؛ لأن الصغار ينشأن على ما يكون عليه الكبار، وقد يعتدنه إذا كبرن.

حكم العباءة للمرأة إذا كانت مفتوحة من الأمام

السؤال: العلماء هنا في هذه البلاد عند ذكر عباءة المرأة يقولون: يجب أن تكون مفتوحة من الأمام، ما هي العلة في ذلك، مع العلم أن فتح العباءة من الأمام يسبب أشياء مخالفة للتستر؟ الجواب: لا نعلم أحداً يقول بوجوب أن تكون مفتوحة من الأمام، لكن هذه طبيعة العباءة الموجودة التي تعارف عليها الناس، وأما القول بالوجوب فلا نعلم أحداً يقول إنه يجب أن تكون مكشوفة من الأمام، وكونها مكشوفة من الأمام يكون أسهل لخلعها ونزعها، بخلاف ما لو كانت غير مفتوحة فإنه يكون خلعها ونزعها بمشقة.

حكم وضع المرأة العباءة على الكتف

السؤال: قلتم في وضع العباءة على الكتف إنه تشبه بالرجال، لكن هذه الصفة منتشرة في كثير من بلدان العالم، أما وضع العباءة على الرأس فلا يوجد إلا في بعض دول الخليج، وإذا سلمنا بذلك فإن ما تلبسه النساء من قمصان تحتها تكون على الكتف؟! الجواب: ثياب النساء التي تلبسها تجعلها على الكتف، وإنما الكلام عن وضع العباءة الذي صار زياً للرجال يضعونها على أكتافهم، والنساء تضعها على رءوسها، فإذا فعلت الشيء الذي للرجال فمعناه أنها خالفت."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #774  
قديم 02-07-2025, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [461]
الحلقة (493)





شرح سنن أبي داود [461]

كما أن الله جعل اللباس ستراً للعورات وغيرها من الحكم الربانية العظيمة، فإن هذا لا يكون كافياً حتى يصحبه عفة وحياء، وبما أن الحجاب جعل لرد البصر وكذا الاستئذان شرع لأجل النظر، ناسب هذا أن يذكر في كتاب اللباس ما يحث على غض البصر استكمالاً للستر وإتماماً لمقاصد الشرع الحنيف، وجعل هذا الباب ضمن باقة من الأبواب والأحاديث في ستر المرأة ووصف ثيابها وما ينبغي أن يكون عليه حالها إذا خرجت من بيتها وفي مجتمعها؛ فكانت باقة رائعة تفوح بالطهر وتعبق بالفضيلة.

قول الله عز وجل: (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)


شرح حديث استثناء القواعد من آية (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قوله عز وجل: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ [النور:31]. حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثنا علي بن الحسين بن واقد عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ )) الآية فنسخ واستثنى من ذلك: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحَاً [النور:60] الآية ]. أورد أبو داود رحمه الله تعالى: [ باب قول الله عز وجل: (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ )) ] وأورد تحت ذلك حديث ابن عباس في قول الله عز وجل: (( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ )) قال: (فنسخ واستثنى من ذلك قوله: وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحَاً [النور:60] الآية). والمقصود من هذا أن العموم في قوله: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ قد استثني منه القواعد من النساء، وهن الكبيرات المتقدمات في السن اللائي لا يشتهين ولا يشتهين؛ أنه ليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن أي: الثياب التي تستر الوجه يعني: أن لهن أن يبدين وجوههن، وإن استعففن واختمرن وأبقين الغطاء على الوجه فهو خير وهو أولى؛ ولكن ذلك مباح في حقهن كما تدل عليه الآية الأخيرة. وكلا الآيتين في سورة النور إلا أنه استثني من الآية الأولى القواعد، والقواعد هن الكبيرات في السن اللاتي لا يرجون نكاحاً، يعني: لا يوجد لديهن رغبة في النكاح أو التفكير في النكاح؛ لأنهن تجاوزن السن التي تكون فيها الرغبة منهن والرغبة فيهن.
تراجم رجال إسناد حديث استثناء القواعد من آية (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن)


قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد المروزي ]. أحمد بن محمد المروزي هو ابن ثابت بن شبويه وهو ثقة أخرج له أبو داود . [ حدثنا علي بن الحسين بن واقد ]. علي بن الحسين بن واقد وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن يزيد النحوي ]. وهو يزيد بن أبي سعيد ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن عكرمة ]. هو عكرمة مولى ابن عباس ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري حدثني نبهان مولى أم سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة رضي الله عنها، فأقبل ابن أم مكتوم رضي الله عنه، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه, فقلنا: يا رسول الله! أليس أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟!). قال أبو داود : هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها: (اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده) ؟! ]. أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (كانت عند ميمونة وعندهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل ابن أم مكتوم ). وهو عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه. قولها: (وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب) أي: بعد أن نزلت آية الحجاب، وأمرنا بالاحتجاب عن الرجال. (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتجبا منه، فقلنا: أليس أعمى لا يبصرنا؟! قال: أفعمياوان أنتما، ألستما تبصرانه؟). هذا الحديث فيه الدلالة على أن النساء تحتجب عن الرجال، وحتى عمن كان أعمى، ولكن الحديث ليس بصحيح، لأن فيه رجلاً لا يحتج بحديثه. ولكن النساء لا تمتع بالنظر إلى الرجال سواء كانوا مبصرين أو غير مبصرين، وأما بالنسبة للرجل الأعمى فكونها تحتجب منه أو تستعمل الحجاب وتغطي وجهها غير متعين إذا تحققت أنه لا يبصر؛ لأنه ليس هناك شيء يدل عليه، وقد جاء ما يدل على خلاف هذا الحديث، وقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) يدل على أن الاحتجاب إنما هو من أجل الرؤية، أي: رؤية الرجل يرى المرأة، أما إذا كان لا يراها فلا بخلاف من يكون عنده شيء من البصر أو شيء من إمكان الرؤية فهذا يحتجب منه، ولا يجوز للمرأة كشف الوجه عنده. فالكلام فيمن يكون أعمى لا يرى أبداً، فهذا لا يلزم الاحتجاب منه، ولكن ليس للمرأة أن تحد النظر إليه، ولا فرق في ذلك بين المبصر وغير المبصر من حيث نظر النساء. والحديث الذي أشرت إليه، وهو حديث صحيح: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) يدلنا على أن الأعمى لا يلزم الاحتجاب منه، وإن احتجبت المرأة وتعودت على أنها تحتجب عن الرجال فإن ذلك لا بأس به، وأما من حيث اللزوم فليس بلازم. [ قال أبو داود : هذا لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، ألا ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم، قد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها: (اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده) ]. هذا مبني على اعتبار صحة الحديث الأول، ولكن الحديث غير صحيح، وحديث اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتوم صحيح، يعني: ليس هناك الاحتجاب أو لا يلزم احتجاب عن الرجل الأعمى الذي لا يبصر تماماً ولا يرى شيئاً أبداً؛ لأن المحظور غير موجود وهو كونه يرى؛ لأن المرأة تحتجب عن الرجال لئلا يروها، والرجل الأعمى ليس عنده ما تحصل به الرؤية، فإذاً المحظور قد زال؛ لكن إذا عودت المرأة نفسها الاحتجاب دائماً وأبداً حتى مع من يكون أعمى فقد احتاطت وابتعدت من أن تتعرض لأن يراها من يظن أنه فاقد البصر تماماً وليس هو كذلك، بل عنده شيء من البصر. وهذا الأمر قال أبو داود: إنه مختص بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا -كما هو معلوم- على اعتبار أن الحديث المذكور صحيح؛ ولكن الحديث غير ثابت فليس حكمه ثابتاً وليس ذلك خاصاً بزوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بغيرهن، وإنما الحكم عام في المسألة، وهو أ، المرأة لا يلزمها الاحتجاب عن الرجل الأعمى، وإن احتجبت لتلتزم العادة في الاحتجاب عن الرجال، وحتى لا يكون هناك من يظن أنه أعمى وعنده شيء من الرؤية فلا بأس بذلك.
تراجم رجال إسناد حديث (أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه)


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن المبارك ]. هو عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني نبهان مولى أم سلمة]. نبهان مولى أم سلمة مقبول، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أم سلمة ]. أم سلمة رضي الله عنها أم المؤمنين هند بنت أبي أمية ، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حكم نظر المرأة إلى الرجل لحاجة أو في التلفاز نظراً ليس فيه ريبة

بالنسبة لنظر المرأة إلى الرجل الأجنبي بغير شهوة لأجل التعامل، كأن تريد أن تشتري فتنظر؛ لا يصلح، لأنه يمكن التعامل معه بدون أن تحدد النظر إليه، فليس بلازم أن تنظر إليه. أما كيف نجمع بين هذا وبين أن عائشة رضي الله عنها كانت تنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد؟ فذاك كما هو معلوم نظر من بعد، وأيضاً كان في حال صغرها. والنظر عن بعد يختلف عن النظر عن قرب، فالنظر من قرب يكون فيه تحديد، بخلاف ما إذا رأت ناساً يقفزون ويقومون ويقعدون من بعيد فإنه يختلف الحكم وتختلف الرؤية. أما مشاهدة البرامج الدينية التي تعرض في التلفاز؛ فلا تنظر فيها المرأة إلى الرجال، ولو كان بالتلفاز، ولكن تسمع بدون أن ترى.
شرح حديث (إذا زوج أحدكم أمته فلا ينظر إلى عورتها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الله بن الميمون حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا زوج أحدكم عبده أمته فلا ينظر إلى عورتها) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا زوج أحدكم أمته فلا ينظر إلى عورتها) لأن الرجل عندما يملك الأمة فهي حلال له: خدمتها والاستمتاع بها، يملك بضعها ويملك شخصها وعينها والانتفاع بها من ناحية الخدمة ومن ناحية الاستمتاع؛ لكنه إذا زوجها بقيت له منفعة الخدمة والملك، أي: أنه يملكها، ولكن تخرج منه منفعة البضع وتصير للزوج خاصة. وقبل ذلك كان بإمكانه أن يستمتع بها، وأن ينظر إلى عورتها، ولكن بعدما تتزوج لا يجوز له ذلك؛ لأن هذا صار من خصائص الزوج بعد أن كان من خصائص السيد المالك.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا زوج أحدكم أمته فلا ينظر إلى عورتها)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الله بن الميمون ]. محمد بن عبد الله بن الميمون صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا الوليد ]. الوليد بن مسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأوزاعي ]. هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن شعيب ]. هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. هو شعيب بن محمد ، صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن جده ]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، وأبوه صحابي، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وهم: عبد الله بن عمرو ، و عبد الله بن عمر ، و عبد الله بن عباس ، و عبد الله بن الزبير ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والحديث صحيح.
شرح حديث (إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا وكيع حدثنا داود بن سوار المزني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو مثل الذي قبله (إذا زوج أحدكم خادمه) والمقصود به هنا المرأة الأمة، فإذا زوجها (عبده أو أجيره) أي: زوجها عبداً يملكه أو أجيراً يعمل عنده، (فلا ينظر إلى ما بين السرة والركبة) التي هي العورة؛ لأن وقال في الحديث الذي قبله: (فلا ينظر إلى عورتها).
تراجم رجال إسناد حديث (إذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة)


قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. زهير بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا وكيع ]. وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا داود بن سوار المزني]. داود بن سوار المزني وقيل: الصحيح أنه سوار بن داود وهو صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ]. قد مر ذكرهم. [ قال أبو داود : وصوابه سوار بن داود المزني الصيرفي وهم فيه وكيع ]. انقلب عليه فقدم (داود) على (سوار) فهذا وهم من وكيع الذي هو أحد رجال الإسناد، وإلا فالصحيح أنه سوار بن داود عكس ما هو موجود في رواية وكيع.
الأسئلة



حكم استبراء الأمة الموطوءة قبل تزويجها


السؤال: هل يجوز للسيد أن يزوج أمته بعد أن جامعها؟ الجواب: نعم. لكن لابد من استبرائها بحيضة.

هل السرة والركبة من العورة أم لا


السؤال: نقل في عون المعبود عن صاحب المرقاة الاتفاق على أن السرة ليست عورة، فهل يصح هذا النقل؟ الجواب: المقصود أن الغاية لم تدخل في المغيا، يعني: السرة هل هي داخلة أو غير داخلة؟ فكأن المقصود أنها خارجة عن المغيا، أما الركبة ففيها خلاف. ومعروف أن الغاية تدخل في المغيا مثل المرفقين داخلة في الغسل في قوله: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6] ولكنه إذا جاء شيء يدل على عدم دخولها فالمعول على الشيء الذي يدل على ذلك إن كان هذا الإجماع صحيحاً. والإجماع فيه قولان للعلماء، هل يكون مبنياً على دليل أو يكون مستقلاً دون أن يُبنى على دليل، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية : إن الإجماع إنما يكون مستنداً إلى دليل، وذكر هذا في كتابه :معارج الوصول إلى معرفة أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم"" وقال: إن ابن حزم قال في كتابه مراتب الإجماع: ما من مسألة أجمع عليها إلا وفيها نص، ثم قال: حاشا القراض، وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه المعاملة -وهي القراض- التي أشار إليها ابن حزم دل عليها الدليل وهو من المعاملات التي كانت في الجاهلية، وقد أقرها الإسلام، ومعلوم أن الإقرار طريق من طرق إثبات الأدلة، والسنة تتكون من قول وفعل وتقرير، ولهذا يعرفون الحديث فيقولون: هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير، أو وصف خلقي أو خلقي، كل هذا يقال له: حديث، فالمضاربة أو القراض من المعاملات التي كانت في الجاهلية وجاء الإسلام بإقرارها. نرجع إلى مسألة السرة فنقول: لا ندري هل هذا النقل للإجماع صحيح؛ لأنه أحياناً يُنقل الإجماع ثم لا يكون صحيحاً نقله. يقول في العون: (فلا ينظر إلى ما دون السرة والركبة) هذا تفسير العورة، وظاهر الحديث أن السرة والركبة كلتيهما ليستا بعورة، وكذا ما وقع في بعض الأحاديث: (ما بين السرة والركبة). قال في المرقاة: ذكر في كتاب الرحمة في اختلاف الأمة: اتفقوا على أن السرة من الرجل ليست بعورة، وأما الركبة فقال مالك و الشافعي و أحمد : ليست من العورة، وقال أبو حنيفة رحمه الله وبعض أصحاب الشافعي : إنها منها. وعلى هذا فالركبة فيها خلاف، والسرة ليس فيها خلاف؛ لكن الشأن في صحة حكاية الإجماع. وهنا تساؤل: المعلوم أن المرأة كلها عورة، فكيف يجوز له أن ينظر ما فوق السرة ودون الركبة في هذه الحالة؟ فجواب ذلك: أنه مالكها، وله أن ينظر إليها، ولكن ذكر أن هذه العورة، فلا ينظر إلى العورة، وقد مر في الحديث أنه لا ينظر إلى عورتها، فإذاً: هذه العورة التي لا يجوز النظر إليها، وأما ما سواها فله أن ينظر؛ لكن كما هو معلوم أن الاحتشام أمر مطلوب في جميع الأحوال.
الاختمار


شرح حديث أم سلمة في الخمار (لية لا ليتين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الاختمار. حدثنا زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن ح وحدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن وهب مولى أبي أحمد عن أم سلمة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي تختمر فقال: لية لا ليتين) قال أبو داود : معنى قوله: (لية لا ليتين) يقول: لا تعتم مثل الرجل، لا تكرره طاقاً أو طاقين ]. أورد أبو داود باب: الاختمار، والاختمار: هو استعمال الخمار، والخمار: هو الذي يغطى به الرأس والوجه، وقد قيل للخَمْر خمراً لأنها تغطي العقل، وكذلك الأحاديث التي وردت في تخمير الإناء، أي: تغطيته، وأنه لو لم يجد إلا عوداً يعرضه عليه. فالتخمير هو التغطية، والخمار هو الغطاء الذي يغطى به الوجه والرأس. وقد أورد أبو داود في هذه الترجمة حديث أم سلمة رضي الله عنها أن الرسول جاءها وهي تختمر، يعني: تضع الخمار على رأسها، فقال: (لية لا ليتين)؟ يعني: أنها لا تكرر وضعه على الرأس بعدة ليات، وإنما بلية واحدة، لأنه لو حصل ليه عدة مرات لصار شبيهاً بالعمامة التي يتخذها الرجل، والتي تكون عدة ليات على رأسه. والحديث ضعيف فيه رجل لا يحتج به، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في الخمار (لية لا ليتين)

قوله: [ حدثنا زهير بن حرب حدثنا عبد الرحمن ]. زهير بن حرب مر ذكره. وعبد الرحمن بن مهدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حبيب بن أبي ثابت ]. حبيب بن أبي ثابت ثقة كثير التدليس والإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن وهب مولى أبي أحمد ]. وهب مولى أبي أحمد مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن أم سلمة ]. أم سلمة قد مر ذكرها. في الحديث حبيب بن أبي ثابت وهو كثير التدليس والإرسال، وأيضاً فيه وهب مولى أبي أحمد ، قال المنذري : [ وهب هذا يشبه المجهول ] انتهى. وعلى كل هذا مدلس ويرسل، وذاك مجهول.
لبس القباطي للنساء


شرح حديث (وأمر أمرأتك أن تجعل تحته ثوباً لا يصفها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس القباطي للنساء. حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح و أحمد بن سعيد الهمداني قالا: أخبرنا ابن وهب أخبرنا ابن لهيعة عن موسى بن جبير أن عبيد الله بن عباس حدثه عن خالد بن يزيد بن معاوية عن دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه أنه قال: (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباطي فأعطاني منها قبطية، فقال: اصدعها صدعين فاقطع أحدهما قميصاً وأعط الآخر امرأتك تختمر به، فلما أدبر قال: وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوباً لا يصفها). قال أبو داود : رواه يحيى بن أيوب فقال: عباس بن عبيد الله بن عباس ]. أورد أبو داود [ باب القباطي للنساء ] والقباطي هي أكسية بيض رقيقة تأتي من مصر، ولهذا جاء في الحديث أنه قال: (وأعط الآخر امرأتك تختمر به) ثم قال: (وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوباً لا يصفها) يعني: أن هذا رقيق يصف فتحتاج إلى أن تضع معه شيئاً حتى لا ينكشف جسدها من وراء ذلك الرقيق. وقد أورد أبو داود حديث دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه (أن الرسول صلى الله عليه وسلم أتى بقباطي فأعطاه قبطية، وقال له: اصدعها) صدعين، أي: شقها قطعتين، (فاقطع أحدهما قميصاً وأعط الآخر امرأتك تختمر به، فلما أدبر قال: وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوباً لا يصفها) يعني: حتى لا يصفها؛ لأن هذه القباطي رقيقة تصف البشرة ويظهر ما تحتها وما يكون وراءها؛ ولكن الحديث ضعيف غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن الستر لابد منه وأنه لابد من وجود ما يستر، وأن الشيء الذي يصف البشرة لا يجوز للمرأة أن تستعمله، وإنما تستعمل شيئاً ساتراً لا يرى ما وراءه. فإذا كان الثوب رقيقاً فتجعل تحته شيئاً لا يصف البشرة، وإن كان كثيفاً فلا حاجة إلى ثوب تحته، مثلما جاء عن عائشة : (كنا مسافرين، وإذا حاذانا الركبان سدلت إحدانا خمارها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه).
تراجم رجال إسناد حديث (وأمر امرأتك أن تجعل تحته ثوباً لا يصفها)

قوله: [ حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح المصري ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ و أحمد بن سعيد الهمداني ]. أحمد بن سعيد الهمداني صدوق أخرج له أبو داود . [ أخبرنا ابن وهب ]. هوعبد الله بن وهب المصري ، ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن لهيعة ]. هو عبد الله بن لهيعة المصري ، صدوق اختلط بعدما احترقت كتبه، ورواية العبادلة الأربعة عنه معتبرة؛ لأنهم سمعوا منه قبل الاختلاط، وهم عبد الله بن وهب الذي جاء في الإسناد، و عبد الله بن يزيد المقري و عبد الله بن المبارك و عبد الله بن مسلمة القعنبي ، وهذا منها؛ ولكن الإشكال في أن في الإسناد من هو متكلم فيه، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن موسى بن جبير ]. موسى بن جبير مستور أخرج له أبو داود و ابن ماجة . ومستور أي: مجهول الحال. [ عن عبيد الله بن عباس ]. عبيد الله بن عباس وقال في الآخر: الصحيح أنه عباس بن عبيد الله بن عباس . أنه عباس بن عبيد الله بن عباس وهو مقبول أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن خالد بن يزيد بن معاوية ]. خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وهو صدوق أخرج له أبو داود . [ عن دحية بن خليفة الكلبي ]. دحية بن خليفة الكلبي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان من أجمل الصحابة، وكان جبريل يأتي بصورته في بعض الأحيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أبو داود . وعلى هذا ففيه مجهول الحال، وفيه مقبول. [ قال أبو داود : رواه يحيى بن أيوب فقال: عباس بن عبيد الله بن عباس ]. يعني: بدل عبيد الله بن عباس. [ يحيى بن أيوب ]. صدوق ربما أخطأ أخرج له، أصحاب الكتب الستة.
الأسئلة



معنى الخمار والفرق بينه وبين القميص


السؤال: ذكر في حديث دحية الاختمار، ثم أمره بأن تجعل المرأة تحته ثوباً لا يصفها، فهل معنى هذا أن الاختمار يكون للبدن وللرأس؟ الجواب: الاختمار هو للرأس وللوجه، وأما البدن فلا يقال لما يستر به خمار، بل يقال له ثوب، أو يقال له قميص، أو يقال له درع.
قدر الذيل لثوب المرأة


شرح حديث أم سلمة في الذيل (فذراعاً ولا تزيد عليه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قدر الذيل. حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد أنها أخبرته (أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر الإزار: فالمرأة يا رسول الله؟ قال: ترخي شبراً. قالت أم سلمة: إذاً: ينكشف عنها! قال: فذراعاً لا تزيد عليه) ]. قوله: [ في قدر الذيل ] أي: في بيان مقدار الذيل الذي ترخيه المرأة من ثوبها. أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها (لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الإزار) يعني: في حق الرجال، قال: (ومن جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه) قيل: إن هذا من نصف الساق، قالت: إذا ينكشف عنها! قال: ترخي ذراعاً، يعني: شبرين، فتكون بذلك قد غطت قدمها ومعنى ذلك أنها تجر هذا الشيء الذي رخص لها فيه مما يستر قدمها ويزيد على ذلك، فإنها تجر ذلك الذيل الزائد على ستر قدميها، لأنها قالت: (إذاً: تنكشف رجلها) ومعنى هذا أن المرأة لا يجوز لها كشف رجليها. وهذا الحديث من الأدلة الواضحة الجلية على وجوب ستر الوجه، لأنه إذا كانت الشريعة جاءت بتغطية الرجل فالوجه أولى منها بالتغطية؛ لأن الفتنة في الوجه أكثر منها في الرجل، بل لا نسبة بين الفتنة بالوجه والفتنة بالرجل، والناظر إلى المحاسن أول ما ينظر إلى الوجه، لا إلى الرجل. فهذا من أوضح الأدلة الدالة على أن الحجاب واجب وأنه متعين، لأن النساء إذا كن قد أمرن بأن يغطين أرجلهن وألا يكشفن أرجلهن للرجال الأجانب فمن باب أولى أن يغطين وجوههن، وهذا من جملة الأدلة العديدة الدالة على وجوب ستر الوجه وعدم كشفه للرجال الأجانب. قوله: [ (فذراعاً لا تزيد عليه) ]. لأنه إذا حصلت زيادة فمعناه أن فيه إضاعة للمال؛ لأنها ستسحب في الأرض شيئاً كثيراً فيكون في ذلك إتلاف للمال، وإتلاف لذلك الثوب الذي يستعمل. وهذا المقدار إنما هو لطرف الثوب من المؤخر فقط، وكما هو معلوم أن السحب سيكون من الوراء؛ لأنه لو كان من قدام لتعثرت به، ولكنه من الأمام يكون بحيث يغطي قدميها فلا ترى؛ لكن لا يطول أكثر بحيث تتعثر به، أما من الخلف فنعم.
تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في الذيل (فذراعاً ولا تزيد عليه) في ذيول النساء


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكر بن نافع ]. أبو بكر بن نافع صدوق أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و النسائي في مسند مالك . [ عن أبيه ]. هو نافع مولى ابن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صفية بنت أبي عبيد ]. صفية بنت أبي عبيد الثقفية وهي زوجة عبد الله بن عمر ، وهي أخت المختار بن أبي عبيد الثقفي الذي جاء في ذمه حديث: (يخرج من ثقيف كذاب ومبير) فهو الكذاب الذي خرج من ثقيف، وأخته صفية هذه زوجة عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما. قيل: لها إدراك، يعني: أدركت النبي صلى الله عليه وسلم، وقال العجلي : ثقة، أخرج حديثها البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ أن أم سلمة ]. عن أم سلمة رضي الله عنها مر ذكرها.
تراجم رجال إسناد طريق أخرى لحديث أم سلمة (فذراعاً ولا تزيد عليه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا عيسى عن عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ]. أورد الحديث من طريق أخرى وأحال على الطريق السابقة. قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]. إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عيسى ]. هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. عبيد الله بن عمر العمرى المصغر، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مر ذكره. [ عن سليمان بن يسار ]. سليمان بن يسار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين. [ عن أم سلمة ]. أم سلمة مر ذكرها. [ قال أبو داود : رواه ابن إسحاق و أيوب بن موسى عن نافع عن صفية ]. ابن إسحاق هو محمد بن إسحاق المدني ، صدوق أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. و أيوب بن موسى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن صفية ] نافع هو مولى ابن عمر ، و صفية يعني: بنت أبي عبيد .
شرح حديث (رخص النبي صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين في الذيل شبراً ثم استزدنه فزادهن شبراً..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان أخبرني زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين في الذيل شبراً ثم استزدنه فزادهن شبراً، فكن يرسلن إلينا فنذرع لهن ذراعاً) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لأمهات المؤمنين أن يرخين شبراً، ثم استزدنه فزاد شبراً، وهذا مثل الذي قبله؛ لأنه كان أولاً شبراً ثم صار ذراعاً، والشبران ذراع، فهو في الأول قال: (شبراً) ثم قال: (ذراعاً) أي: أنه داخل فيه الأول، وليس ذراعاً بعد الشبر الأول فيكون ثلاثة أشبار، وإنما هو شبران فقط، فهو مطابق لهذه الرواية أنه شبر وراء شبر. [ (فكن يرسلن إلينا فنذرع لهن ذراعاً) ]. يعني: نذرع لهن ذراعاً بالقصبة، أي: بالمقدار الذي يذرع به.
تراجم رجال إسناد حديث (رخص النبي صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين في الذيل شبراً، ثم استزدنه فزادهن شبراً..)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا يحيى بن سعيد ]. هو يحيى بن سعيد القطان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. عن سفيان هو الثوري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني زيد العمي ]. زيد العمي ضعيف أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبي الصديق الناجي ]. أبو الصديق الناجي هو بكر بن عمرو ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هوعبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث في إسناده زيد العمي وهو ضعيف؛ لكن الحديث الأول بمعناه، فهو صحيح بالذي قبله.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #775  
قديم 02-07-2025, 08:35 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

الأسئلة



مقدار الذراع

السؤال: ما حد الذارع؟ الجواب: الذراع مبدؤه من المرفق إلى أطراف الأصابع.

حكم من تكتفي بإرخاء ثوبها شبراً وقد تنكشف قدماها


السؤال: هل ينكر على من تكتفي بشبر في ذيل ثوبها مع أنها قد تنكشف قدماها؟ الجواب: ينكر عليها، فعليها أن تغطي رجليها.

حكم تغطية قدمي المرأة في الصلاة


السؤال: هل تجب على المرأة تغطية القدم في الصلاة؟ الجواب: نعم، في الصلاة تغطي المرأة القدمين واليدين إلا الوجه.

حكم النيابة في رمي الجمار

السؤال: هل تجوز النيابة في رمي الجمار عن امرأة ضعيفة البصر ورجل كبير في السن ويده مقطوعة؟ الجواب: الرجل الذي هو كبير في السن له أن ينيب، وأما من يكون ضعيف البصر مع قوته فيرمي في وقت لا يوجد فيه أي زحام، مثلاً: بعد المغرب وبعد العشاء.

كيفية الرمي عن شخص يعجز عن رمي الجمرات


السؤال: أرجو أن توضح لي كيفية الرمي عن العاجز؟ الجواب: الإنسان يرمي عن نفسه أولاً عند كل جمرة، فيرمي كل حصاة على حدة حتى يكمل سبعاً عن نفسه، ثم يرمي سبعاً عن موكله كل حصاة على حدة، هذا يكون عند الأولى، ثم يذهب إلى الثانية فيفعل كما فعل عند الأولى، ثم عند الثالثة كذلك.

حكم اكتفاء المرأة بالجوارب عن إرخاء الثوب

السؤال: قلتم إن الجورب يحل محل الذيل؛ ولكن الجورب يصف فيكون نصف الساق محجماً! الجواب: المرأة لا تجعل ثيابها إلى نصف الساق؛ ولكن المقصود بالجورب أنها لا يلزمها أن تجر ثيابها، ولكن يمكن ألا تجر ثيابها، وتأتي بثياب ساترة قد لا تغطي القدم وتكون مغطاة بالجورب، أما كون المرأة تلبس ثوباً قصيراً، ثم تجعل الجورب يسترها، فهذا لا يصلح، بل هو غلط. لكن إذا كان الجورب لستر القدم فقط فنعم.

حكم المرور بين المصلي والسترة

السؤال: بعض الناس يمرون بيني وبين سترتي وأنا أصلي صلاة النافلة، ما حكم صلاتي؟ الجواب: عليك أن تردهم، ولا تتركهم يمرون بينك وبين سترتك، وإن ذهب أحد ومضى فلا يضر صلاتك، أي أنها صحيحة.

حكم وصية الرجل بماله كله لزوجته


السؤال: مات رجل وله مال وأولاد فأخذت زوجته كل المال بحجة أنه أوصى لها به كله، فما الحكم؟ الجواب: الوصية غير صحيحة، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث) وهي ترث الثمن ما دام له أولاد، والباقي بعد الثمن للأولاد إلا أن يكون هناك أبوان أو جدة، فيأخذ أصحاب الفروض فروضهم، والباقي للأولاد إذا كانوا ذكوراً وإناثاً للذكر مثل حظ الأنثيين.

مشاهدة أهوال القيامة

السؤال: هل أهوال يوم القيامة لن يشهدها إلا من كان حياً وقت القيامة؟ الجواب: قيام الساعة التي هي النفخة الأولى معلوم أنها لا تقوم إلا على الذين يكونون موجودين في ذلك الوقت وهم شرار الخلق، (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء) فهم الموجودون في ذلك الزمان، وعندما تحصل الصعقة يموتون، لكنهم لا يرون تلك الأهوال، والأهوال يراها الناس بعد البعث والنشور، وكذلك يرونها في القبور، وأما في آخر الدنيا فتحصل النفخة فيموت من كان حياً.

معنى مقالة (يرخص للصغار ما لا يرخص للكبار)


السؤال: ما رأيكم في القاعدة التي ذكرها شيخ الإسلام : (يرخص للصغار ما لا يرخص للكبار)؟ الجواب: معلوم أن الصغار ينشئون على ما يكون عليه الكبار، فلا يلبس الذكور الحرير ولا الذهب، والإناث الصغيرات لا بأس أن يلبسن الحرير ويلبسن الذهب؛ لأن حكم الصغير حكم الكبير؛ لكن من ناحية اللعب واللهو فالصغار يرخص لهم ما لا يرخص للكبار.

حكم إرخاء المرأة ذيلها

السؤال: هل يمكن أن نقول: إن الحد الأقصى والواجب لستر قدمي المرأة من الثوب هو الشبر، والحد المستحب هو الذراع؟ الجواب: ستر القدمين مطلوب وهو لا يحصل بالشبر.

حكم ستر المرأة يديها وقدميها في بيتها

السؤال: قلتم بأن المرأة تحجب القدمين واليدين في الصلاة فهل هذا خاص بالصلاة؟ وهل عليها سترهما إن كانت داخل غرفتها؟ الجواب: لا تغطي قدميها ويديها في غير الصلاة إذا لم يكن عندها أحد يراها فلها أن تكشف ذلك، ولكن قد عرفنا أن الإنسان لا يتعرى، وكما جاء في الحديث (فإذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه).

حكم التبرك بماء زمزم في غير الشرب


السؤال: التبرك بماء زمزم هل هو مختص بالشرب أو عام في الشرب والرش على البدن والثوب؟ الجواب: يعم الشرب والرش على البدن.

حكم حلق المعتمر لنفسه


السؤال: رجل أتم مناسك العمرة ثم حلق رأسه بنفسه فهل عليه شيء؟ الجواب: ليس عليه شيء، يمكن للإنسان أن يحلق لنفسه أو يقصر لنفسه، فلا بأس بذلك ولا مانع منه؛ لأن هذا تحلل وليس ارتكاب محظور.

حكم الصلاة على الميت الغائب


السؤال: ما حكم الصلاة على الغائب الذي قد صلي عليه؟ الجواب: الأصل أن صلاة الغائب جاءت في حديث النجاشي، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى عليه، والأحاديث الصحيحة ثابتة في ذلك، وبعض أهل العلم لم يجز الصلاة على الغائب ولو لم يصل عليه؛ ولكن الصحيح هو ما دلت عليه الأحاديث المتفق عليها في قصة النجاشي وأنه يصلى عليه، فمن لم يصل عليه صلي عليه؛ ولكن إذا حصل أن رأى الإمام أنه يصلي على بعض الأشخاص الذين لهم شأن ولهم منزلة كالعلماء الكبار، فإن ذلك لا بأس به، وقد قال ذلك بعض أهل العلم.

حكم مصافحة الرجل للقواعد من النساء


السؤال: كثير من القواعد من النساء إذا سلم عليهن الرجل يصافحنه، فإذا أنكر عليهن غضبن، فما الحكم؟! الجواب: جاءت الأحاديث مطلقة في أنه لا يصافح الرجل النساء، والذي عنده جهل إذا بين له الحق وبين له أن هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم وعمله لا شك أنه يستسلم وينقاد لذلك. والغضب المذكور يكون في أول الأمر، وبعد ذلك يصير شيئاً عادياً، غير مستغرب، ولا يكون معه غضب ولا تأثر. وقد اعتاد بعض الناس في بعض البلاد أن المرأة تصافح الرجل وصار ذلك مألوفاً لا بأس به، مع أنه لا يجوز، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يصافح النساء، وعند البيعة للنساء كان يبايع الرجال بالمصافحة والكلام وأما النساء فكان يبايعهن بالكلام، فإذا جاءت المرأة وقالت: يا رسول الله! أبايعك على كذا وكذا يقول: عليه الصلاة والسلام: (قد بايعتك) يعني: كلاماً لا مصافحة. فإذاً: هذه هي السنة التي جاءت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والدرس يسمعه بعض الحجاج وبعضهم أو كثير منهم يعلم أن هذا شيء معروف في بلادهم؛ ولكن الإنسان إذا رجع إلى بلده وجاءت المرأة الأجنبية لتصافحه كالعادة يقول لها: نحن في هذه الرحلة استفدنا علماً واستفدنا فقهاً في الدين، وقد بلغنا أنه لا يجوز مصافحة النساء، فنحن لا نصافح النساء منذ علمنا أن السنة في عدم مصافحتهن. والمرأة قد تتأثر في أول الأمر، ولكن بعد ذلك يكون شيئاً عادياً، فلا تفكر أن تمد يدها إلى الرجل الذي سمعت منه هذا الكلام.

حكم من يصلي صلاة الغائب يومياً على من مات من المسلمين


السؤال: هناك رجل يصلي صلاة الغائب يومياً على من مات من أمة محمد صلى الله عليه وسلم؟! الجواب: هذا أمر منكر ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا فعله خيار هذه الأمة، وإنما المشروع أن يدعو لهم، والدعاء صلاة.


حكم مس المرأة الأجنبية

السؤال: هل مس المرأة من الكبائر؛ لأن الحديث: (لأن يغرز في رأس أحدكم بحديدة خير له من أن يمس امرأة لا تحل له)؟ الجواب: هذا يدل على أنه من الكبائر.

حكم التبرك مطلقاً بماء المطر


السؤال: هل التبرك بماء المطر مطلق بحيث يعلق المرء ثيابه على حبل لتمطر ويصيبها بلل الماء؟ الجواب: الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم أنه كان يخرج ويصيبه المطر، وأما كون الإنسان يخرج ثيابه وينشرها في المطر فلا أعلم شيئاً يدل عليه.

الاستئذان في حق الأعمى

السؤال: قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما جعل الاستئذان من أجل البصر) هل يعني هذا أن الأعمى لا يستأذن إذا أراد دخول البيوت؟ الجواب: لابد أن يستأذن من ناحية الدخول على الناس، لأن على الإنسان الذي يأتي البيت أن يستأذن ثلاثاً فإن أذن له دخل وإلا انصرف، وليس معناه غير المبصر يدخل متى شاء ويخرج متى شاء، وليست القضية قضية بصر؛ ولكن من ناحية الدخول على النساء، فالاستئذان الذي يترتب عليه دخول أو عدم دخول مشروع لكل أحد، وأما الدخول الذي يمكن أن يكون بين الأقارب -مع أن بعضهن يحتجبن عنه- فهذا يكون معه استئذان، حتى إذا وجدت أجنبية لا يراها ولا يبصرها، أي أن من يكون محرماً لبعض أهل البيت قد يدخل عليهم وعندهم امرأة أجنبية منه، فالاستئذان من أجل أن تتغطى الأجنبية، وأما بالنسبة للأعمى فلا يحتاج إلى هذا الذي يحتاج إليه غيره إذا كان من أهل البيت.


حكم كشف الرأس عند نزول المطر


السؤال: هل كشف الغطاء عن الرأس عند نزول المطر ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: يوجد حديث في صحيح مسلم في هذا، وأنه قال: (إنه حديث عهد بربه).

الضوابط الشرعية لمن يحاضر النساء من الرجال


السؤال: إذا كان النساء في محاضرة والمحاضر رجل، فهل يجب أن يكون بينهن وبينه ساتر، أم يجوز بشرط أن يغطين وجوههن؟ الجواب: إذا كان المحاضر رجلاً فلابد من وضع فاصل بينهن وبينه، وأما أن يكون الرجل مبصراً ويكون مع النساء فهذا لا يصلح. والأعمى يمكن أن يحاضرهن دون حجاب؛ لأنه لا ينظر إليهن، لكنهن قد ينظرن إليه، فينصحن بعدم النظر إليه، والأسلم أن يكون هناك ستار وحاجز، وهذا هو المطلوب والذي ينبغي؛ لأن بعض النساء قد تكون عندها قلة حياء وعدم مبالاة.

حكم نظر الخاطب إلى شعر مخطوبته

السؤال: هل يجوز النظر إلى شعر البنت التي أريد أن أتزوجها؟ الجواب: الخاطب ينظر إلى الوجه والكفين، وأما النظر إلى الشعر وغيرها فلا يجوز، وهذا يبين لنا أيضاً أن الوجه هو مكان الزينة، وأن الوجه يجب ستره عن الرجال الأجانب، وإنما رخص للخاطب أن ينظر إلى الوجه الذي هو مكان الزينة، ولم يشرع له أن ينظر إلى رجليها! وإنما ينظر إلى وجهها، وأهم شيء ينظر إليه الوجه، وهو مجمع الحسن والجمال.

حكم جلوس الإخوة وزوجاتهم في مجلس واحد مع لبسهن الحجاب


السؤال: إذا اجتمعت العائلة في بيت واحد ويكون من الجالسين الوالدان والإخوان وزوجاتهم، فكيف يكون ذلك بحيث لا ترى المرأة أخا زوجها، مع العلم أن النساء يلبسن الحجاب؛ لكنهم جالسون في مجلس واحد؟ الجواب: الذي ينبغي أن يحرص الناس على ابتعاد الرجال عن النساء الأجنبيات، فلا تجلس النساء الأجنبيات مع الرجال؛ لأن جلوسهن معهم يؤدي إلى التحدث وإلى الانبساط في الحديث وإلى تجاذب أطراف الحديث، وإذا ابتعدن عن ذلك صرن أبعد عن مظان الفتنة، وحتى في التليفون عندما يحصل الاتصال ينبغي ألا يكون هناك كلام وأخذ ورد، ولكن إخبار وسؤال عن الشيء الذي اتصل من أجله، وإعطاء الجواب باختصار ثم إقفال الاتصال.

القول في توثيق نبهان مولى أم سلمة في الكاشف مع أن الحافظ حكم عليه بأنه مقبول

السؤال: مر معنا نبهان وذكر أن الحافظ حكم عليه بأنه مقبول؛ لكن الذهبي قال عنه: ثقة، فلماذا لا يقدم قول الذهبي في الكاشف؟ الجواب: لعله قال: وثق، وما قال: ثقة، وكلمة (وثق) عند الذهبي غير كلمة ثقة؛ لأنه عند توثيق ابن حبان يقول: ولا يقول: (ثقة)؛ لكن هذا لا يعني التوثيق؛ لأن توثيق ابن حبان وحده لا يعتبر ولا يعول عليه، فلعل الذي عند الذهبي فيه أنه وثق، وكثيراً ما يستعمل هذه اللفظة في الكاشف، يشير بها إلى مثل توثيق ابن حبان . ولعله وثقه ابن حبان في الثقات، أو ذكره في الثقات؛ لكن لا أدري هل هناك أحد قال: إنه غير مقبول؟ أو أنزل من مقبول؟ أو مجهول؟


حكم تصوير مناسك الحج والعمرة في شريط فيديو


السؤال: ما حكم تصوير مناسك الحج والعمرة في شريط فيديو؟ الجواب: وجود الأشرطة ووجود الكتيبات التي توضح ذلك يغني ويكفي.

حكم من طهرت من حيضها وصامت أكثر من أسبوعين قبل أن تغتسل


السؤال: امرأة طهرت من حيضتها ولم تغتسل -جهلاً- وصامت من رمضان أكثر من أسبوعين بغير طهارة! الجواب: كيف كانت تصلي؟! الطهارة للصيام ليس فيها إشكال، فلو طلع الفجر عليها وقد طهرت فصامت ولم تغتسل إلا بعد الفجر صح صيامها، كما أن الإنسان لو أجنب قبل الفجر ثم أصبح ولم يغتسل من الجنابة إلا بعد الفجر فصيامه صحيح، وإنما الكلام الآن على الصلاة، كيف كانت تصلي هذه؟! أم أنها لا تصلي أصلاً؟! إذ كيف تمر عليها أيام دون طهارة وصلاة؟! وإن صلت كيف كانت صلاتها؟! المرأة التي لا تصلي والعياذ بالله شأنها أخطر من مسألة الصيام! فبعض الناس قد يصوم ولا يصلي، ويحرص على الصيام ولا يحرص على الصلاة، والصلاة أهم من الصيام. فإذا كانت جاهلة أو كانت هذه أول مرة يحصل لها الحيض وعندها جهل فإنها تصلي، وأما كون المرأة يأتيها الحيض ويتكرر عليها ولا يكون عندها علم بالصلاة فمعناه أنه قد يكون مضى عمرها، وهي على هذه الحالة السيئة من عدم الصلاة أو الصلاة دون طهارة. الحاصل أنها إذا كانت جاهلة وأن هذه أول حيضة حصلت لها وأنها مضى عليها أوقات ما صلت فإنها تصلي، وأما الصيام فإنه يصح بدون اغتسال من الحيض، وإنما الذي لا يصح هو الصلاة.

حكم نظر الرجل إلى البنات ونظرهن إليه حال تدريسه إياهن


السؤال: هل يجوز للشيخ المعلم أن ينظر إلى الطالبات اللاتي يدرسهن وينظرن إليه؟ وهل يجوز له التدريس في هذه المدرسة إذا كان لا يمكنه أن يجتنب النظر إليهن؟ الجواب: لا يدرس إذا كان سيكون مدرس نساء وينظر إليهن وينظرن إليه، فلا يشتغل في هذه المهنة، بل يبتعد عنها ويدرس رجالاً، أو ينظر له عملاً ليس من هذا القبيل الذي فيه الوقوع في أمر محرم باستمرار.

ضابط عورة الأمة المملوكة

السؤال: ما هي عورة الأمة؟ الجواب: عورة الأمة هي التي ذكرت في الحديث (ما بين السرة إلى الركبة) ولكن التستر فهذا واجب، فالمرأة لا تكشف جسدها للرجال؛ لأن هذا ينافي الحشمة؛ ولكن جاء في هذا الحديث أن الرجل لا ينظر إلى عورة أمته، ومعلوم أن الرجل ينظر إلى أمته وأنها لا تحتجب منه، وهو يختلف عن الأجانب.

احتمال النجاسة في طرف ثوب المرأة لملامسته للأرض


السؤال: هل صحيح أن المرأة إذا أطالت ثوبها تحت القدمين فربما يعلق بثوبها من النجاسة شيء فيعفى عنه، خاصة إذا تحققت أن في طرف الثوب نجاسة؟ الجواب: إذا لم تتحقق معرفة النجاسة فالأصل هو عدمها، والأصل هو الطهارة حتى تثبت النجاسة.

مرجع قول ابن عباس في تفسير (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها)


السؤال: لو تفضلتم وذكرتم لنا المصدر الذي ذكر فيه عن ابن عباس أن المراد بقوله: (( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا )) الزينة الظاهرة! الجواب: هو في كتب التفسير، وذكره الشيخ عبد العزيز بن باز في رسالته في الحجاب والسفور، أو ذكره الشيخ ابن عثيمين في رسالته؛ لكنه موجود في كتب التفسير، جاء عنه هذا وجاء عنه غيره، وهذا يؤخذ من كتب التفسير.

حكم بيع السيد أمته المزوجة

السؤال: ذكرتم أنه إذا زوج السيد أمته خرج البضع من ملكه، وبقي له ملك العين، فهل يعني هذا أنه متى شاء باعها؟ الجواب: نعم. له أن يبيعها، وإذا باعها تخرج من ملكه مسلوبة البضع، أي: فالذي اشتراها يملكها كما يملكها البائع، والبائع يملكها مسلوبة منفعة البضع، فالمشتري يشتريها مسلوبة منفعة البضع؛ لأن الزوجية قائمة، فهي تنتقل إلى المالك الجديد على نفس الهيئة التي كانت عند المالك الأول، والمالك الأول يملكها إلا بضعها، فإنه ملك للزوج وحق للزوج.

حكم من تجاوز الميقات من غير إحرام

السؤال: من جاء من بلده قاصداً الحج فجاوز الميقات ولم يحرم ثم أحرم من جدة، فما حكمه، علماً بأن ميقاته يلملم؟ الجواب: هذا قد تجاوز الميقات وأحرم بعده فعليه فدية، وهي شاة تذبح بمكة وتوزع على فقراء الحرم إن كان مستطيعاً، وإلا صام عشرة أيام.

حكم طواف الحائض بالبيت الحرام

السؤال: المرأة الحائض هل تطوف بالبيت؟ الجواب: الحائض لا تطوف بالبيت حتى تطهر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري).

الجوارب الساترة تجزئ عن الذيل لثوب المرأة

السؤال: هل يكفي الجورب وتستغني به المرأة عن الذيل؟ الجواب: نعم. إذا حصلت التغطية والستر."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #776  
قديم 02-07-2025, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [462]
الحلقة (494)




شرح سنن أبي داود [462]

جعل الله سبحانه وتعالى لبني آدم في حيواناتهم فوائد جمة ومنافع كثيرة، ومنها استخدام جلودها والانتفاع بها لبساً وافتراشاً ونحو ذلك، ولم يهمل الشرع الحنيف هذا الباب بل شرع فيه أحكاماً كي تكتمل المنافع ونهاهم عما ليس في صالحهم عاجلاً أو آجلاً، فالإهاب يتبع أصله حلاً وحرمة، فجلود ما يؤكل لحمه مباحة، وجلود ما لا يجوز أكله محرمة كالسباع، وقد نص الشرع على تحريم جلود السباع وبالأخص النمور.

أهب الميتة


شرح حديث (ألا دبغتم إهابها واستنفعتم به.. إنما حرم أكلها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أهب الميتة. حدثنا مسدد و وهب بن بيان و عثمان بن أبي شيبة و ابن أبي خلف قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما -قال مسدد و وهب : عن ميمونة رضي الله عنها أنها قالت-: (أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا دبغتم إهابها واستنفعتم به؟! قالوا: يا رسول الله! إنها ميتة! قال: إنما حرم أكلها) ]. قوله: [ باب في أهب الميتة ] الأهب: جمع إهاب، وهو الجلد، والمقصود من هذه الترجمة أن الأهب تستعمل في اللباس وتستعمل في الفراش، وأن الميتات يمكن أن يستفاد من جلودها، وإن كان قد حرم أكلها، وذلك بدبغها والاستفادة منها بعد الدبغ، فالترجمة فيها التنبيه إلى الانتفاع بأهب الميتة بعد دبغها، والأهب التي ينتفع بها فيما يتعلق بالميتات اختلف العلماء فيها: فمنهم من رأى أنه لا ينتفع بأهب الميتة، لا بدبغ ولا بغيره. ومنهم من رأى أنه ينتفع بأهب الميتات مطلقاً من جميع الحيوانات. ومنهم من قال: إنما ينتفع بأهب الميتات التي يؤكل لحمها كبهيمة الأنعام مثلاً، فإن هذه هي التي ينتفع بجلودها بعد دبغها، تدبغ وينتفع بجلودها، وأما غيرها فإنها لا تدبغ ولا ينتفع بجلودها، أي: مما لا يؤكل لحمه. ففي المسألة أقوال عديدة منها هذه الثلاثة، وأظهرها هو أن الإباحة مقصورة على ما هو مأكول اللحم، أي: الذي تطهره الذكاة، وأما الأشياء التي لا تطهرها الذكاة فهي ميتة سواء ذكيت أو لم تذك، فإنه لا ينتفع بجلودها، لا بدبغ ولا بغيره. وعلى هذا فإن السنة دلت على الانتفاع بجلود الميتة بعد الدبغ وذلك إنما هو فيما يؤكل لحمه أي: مما تنفع فيه الذكاة، أما من كانت لا تنفع فيها الذكاة من السباع والحمير والكلاب وغيرها فإن هذه لا ينتفع بجلودها لا بدبغ ولا بغيره؛ لأن المذكى منها والميت على حد سواء، وقد أورد أبو داود حديث ميمونة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن ميمونة قالت: (أهديت لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا دبغتم إهابها واستنفعتم به؟!). يعني: أرادوا أن يؤكدوا ويبينوا الشيء الذي منعهم من أن ينتفعوا بها وهو أنها ميتة، والله تعالى قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما حرم من الميتة أكلها) فدل هذا على أن الدباغ يطهر الجلد من الميتة التي هي مأكولة اللحم، وأن الانتفاع بها بعد الدبغ -أي: بالجلود- أن ذلك سائغ ومباح، ولا بأس به، وهذا -كما قلت- إنما هو في حق مأكول اللحم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك في حق شاة وهي من بهيمة الأنعام وهي مأكولة اللحم، وأُبيح الانتفاع بجلدها بعد الدبغ. وفي هذا دليل على أن السنة تفسر القرآن وتوضحه وتشرحه؛ وذلك أنه قد جاء في القرآن: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، فيدخل في ذلك كل ما يتعلق بها؛ لكن جاءت السنة ببيان أن الجلد يمكن أن يستفاد منه بعد الدبغ وأنه ينتفع به، ولكن هذا فيما هو مأكول اللحم؛ لأن ما لا يؤكل لحمه كله حرام مذكى أو غير مذكى. وقول ميمونة رضي الله عنها: (أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة)، يعني: يحتمل أن يكون قولها: (أهدي لمولاة لنا) أنها أُعطيت لمن يستحقها ومن استحقها أهداها، ومعلوم أن من يستحق الصدقة إذا ملكها يتصرف فيها كيف يشاء، فله أن يهديها وله أن يبيعها، وله أن يأكلها، وله أن ينتفع بها. ويحتمل أن يكون المراد: أنها أُعطيت شاة من الصدقة، على أنها من مصارفها. ومعلومٌ أن الرسول صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وذريته وزوجاته، لا تحل لهم الصدقة، بل تحرم عليهم الصدقة؛ لكن موالي زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم تحل لهم الصدقة، فزوجات رسول الله لا تحل لهن الصدقة؛ لأنهن تابعات له صلى الله عليه وسلم وهن محبوسات عليه، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة، والصدقة لا تحل لهن، وقد جاء تفسير الآل بأنهم الأزواج والذرية، فأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم هن من أهل بيته ولا تحل لهن الصدقة، لكن مواليهن تحل لهم الصدقة، بخلاف بني هاشم فإن مواليهم حكمهم كحكمهم لا تحل لهم الصدقة. قالوا: والفرق بين موالي زوجاته وموالي بني هاشم: أن موالي بني هاشم فرع عن أصل، وأما موالي زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم فهم فرع عن فرع؛ ولهذا تحل لهم الصدقة، هذا إذا كان المقصود أنها أعطيت من الصدقة. ومعلوم أن المُتَصَدَّق عليه سواء كان مولى أو غيره وهو فقير، إذا تصدق أو وهب أو أعطى أو باع ما وصل إليه عن طريق الصدقة، فإن ذلك يحل لمن وصل إليه ولو كان أصله صدقة، وإنما الذي لا يجوز أن يصل إلى من لا تحل له الصدقة وهو صدقة، أما أن يصل إليه على سبيل الهبة أو على سبيل البيع ممن حلت له الصدقة، فإن ذلك لا يؤثر؛ لأنها لم تصل وهي صدقة، وإنما وصلت وهي هدية، أو وصلت وهي مبيعة. قوله: [ قالت: أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا دبغتم إهابها واستمتعتم به؟ قالوا: يا رسول الله إنها ميتة قال: إنما حرم أكلها) ]. وهذا بيان من الرسول الكريم صلى الله عليه سلم أن التحريم الذي جاء في الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، لا يشمل الجلد بعد الدبغ، وإنما يشمل أكل الميتة، وأما الجلد بعد الدبغ فإنه يحل الانتفاع به، ويجوز الانتفاع به كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما قلت إن السنة مبينة للقرآن وشارحة له، ومفصلة له؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن في هذا الحديث أن الذي يحرم هو أكلها، أي الذي جاء في القرآن، وأن مما يدخل تحت أجزاء الميتة جلدها، وقد استثني في السنة في هذا الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث (ألا دبغتم إهابها واستنفعتم به.. إنما حرم أكلها)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ و وهب بن بيان ]. وهب بن بيان ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ و عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، والنسائي أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ و ابن أبي خلف ]. هو: محمد بن أحمد بن أبي خلف وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ قالوا: حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهنا سفيان مهمل غير منسوب، وشيخه الزهري ، وإذا جاء سفيان غير منسوب يروي عن الزهري ، فهو يحمل على سفيان بن عيينة ، ولا يحمل على الثوري . [ عن الزهري ]. هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ثقة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال مسدد و وهب : عن ميمونة ]. يعني عن ابن عباس عن ميمونة ، بزيادة ميمونة ، فتكون من رواية ابن عباس عن خالته ميمونة . وميمونة هي: أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية ، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة، وهي خالة ابن عباس ؛ لأن ابن عباس أمه لبابة بنت الحارث أم الفضل الهلالية.
تراجم رجال إسناد طريق أخرى لحديث (ألا انتفعتم بإهابها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد ، قال: حدثنا يزيد قال: حدثنا معمر عن الزهري بهذا الحديث لم يذكر ميمونة رضي الله عنها، قال: فقال: (ألا انتفعتم بإهابها)، ثم ذكر معناه لم يذكر الدباغ ]. ذكر الحديث عن ابن عباس ولم يذكر ميمونة يعني: أنه من حديث ابن عباس وفيه: (ألا انتفعتم بإهابها) ولم يذكر الدباغ، وهذا الذي جاء في بعض الروايات مطلقاً يحمل على المقيد الذي فيه ذكر الدباغ. قوله: [ حدثنا مسدد عن يزيد ]. يزيد بن زريع ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري بهذا الحديث، لم يذكر ميمونة ].
شرح قول الزهري (يستمتع به على كل حال) في جلود الميتة وأنه ينكر الدباغ


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا عبد الرزاق قال: قال معمر : وكان الزهري ينكر الدباغ ويقول: يستمتع به على كل حال ]. وهذا القول عن الزهري وعن غيره مقتضاه أن الجلد أو الإهاب ينتفع به على كل حال دُبغ أو لم يُدبغ، ولكن ما جاء في بعض الروايات من بيان الدبغ، وأنه يُطهر بالماء والقرظ يدل على أن الانتفاع بالجلد إنما يكون بعد دبغه، لا بدون الدبغ، وفيه خلاف بين أهل العلم، والزهري ممن يرى أنه ينتفع بالجلد مطلقاً دُبغ أو لم يدبغ.
تراجم رجال إسناد قول الزهري في جلود الميتة (يستمتع بها على كل حال)


قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معمر عن الزهري ]. عن معمر عن الزهري ، وهو أثر مقطوع، يعني: ينتهي إسناده إلى الزهري . والمتن الذي ينتهي إسناده إلى التابعي أو من دون التابعي يقال له: المقطوع. وأما الذي ينتهي إلى صحابي فيقال له: الموقوف. والذي ينتهي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقال له: المرفوع. غير المنقطع. فالمنقطع: من صفات الأسانيد، والمقطوع: من صفات المتون؛ وهنا متن انتهى سنده إلى من دون الصحابي فقيل له: مقطوع.
ذكر أصحاب الزهري الذين ذكروا الدباغ والذين لم يذكروه وتراجمهم


[ قال أبو داود : لم يذكر الأوزاعي و يونس و عقيل في حديث الزهري : الدباغ، وذكره الزبيدي ، و سعيد بن عبد العزيز ، و حفص بن الوليد، ذكروا الدباغ ]. ثم ذكر أن الذين رووا عن الزهري منهم من ذكر الدباغ، ومنهم من لم يذكر الدباغ، و الزهري لا يعتبر الدباغ كما مر في الأثر الذي قبل هذا ، فذكر بعض أصحاب الزهري الذين رووا عنه أنهم لم يذكروا الدباغ، وذكر أيضاً الذين ذكروا الدباغ. والمعتبر هو الدباغ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ. [ قال أبو داود : لم يذكر الأوزاعي ]. الأوزاعي : هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و يونس ]. يونس بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عقيل ]. عقيل بن خالد بن عقيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وذكره الزبيدي ]. الزبيدي : هو محمد بن الوليد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و سعيد بن عبد العزيز ]. سعيد بن عبد العزيز ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ و حفص بن الوليد ]. حفص بن الوليد صدوق، أخرج له النسائي . [ ذكروا الدباغ ]. ذكروا الدباغ، أي: أن هؤلاء ذكروا الدباغ في حديث الزهري .
شرح حديث (إذا دبغ الإهاب فقد طهر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس من طريق أخرى: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر)، وهذا يفيد أن تطهير الدباغ، يعني: تطهير الجلد يكون بالدباغ، وأن الإهاب يطهره الدباغ، ويدل على ما دلت عليه الأحاديث السابقة التي فيها ذكر الدباغ، واعتبار الدباغ يطهر جلد الميتة.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا دبغ الإهاب فقد طهر)


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد مسروق الثوري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن وعلة ]. عبد الرحمن بن وعلة صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قد مر، وهذا طريق غير طريق الزهري ، وفيه ذكر الدباغ، والذي مر عن الزهري أن من الرواة عنه من ذكر الدباغ، ومنهم من لم يذكره، وهذه الطريق التي ليست من طريق الزهري تقوي ما جاء في ذكر الدباغ واعتبار الدباغ.
شرح حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت) ، وهذا يدل على ما دل عليه ما تقدم من الانتفاع بجلود الميتات بعد دبغها. ومعنى الأمر هنا: الإذن، أي: أذن لهم أن يستعملوه ولهم ألا يستعملوه، وإذا استعملوه فهو سائغ، وإذا لم يستعملوه فهو سائغ.
تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ]. يزيد بن عبد الله بن قسيط ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ]. محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أمه ]. وهي مقبولة أخرج لها أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عُرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. و الألباني يضعف هذا الإسناد، ولعله من أجل هذه المرأة المقبولة؛ لكن الحديث مثل الأحاديث السابقة وأكثر ما فيه ذكر الأمر، والأمر لا يدل هنا على وجوب ولا استحباب، وغاية مدلوله أنه للإذن باستعمالها وإباحتها.
شرح حديث (.. دباغها طهورها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر و موسى بن إسماعيل قالا: حدثنا همام عن قتادة عن الحسن عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق رضي الله عنه : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك أتى على بيت فإذا قربة معلقة فسأل الماء، فقالوا: يا رسول الله! إنها ميتة، فقال: دباغها طهورها) ]. أورد أبو داود حديث سلمة بن المحبق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في غزوة تبوك قربة معلقة فيها ماء (فسأل الماء) يعني: طلب الشرب، فقيل: (إنها ميتة)، يعني: أن هذا جلد ميتة، فقال: (دباغها طهورها) يعني: الدباغ مطهر للميتة، ولجلد الميتة فهو مثل ما تقدم في الأحاديث السابقة الدالة على ذكر الدباغ، وأنه يطهر جلود الميتات.
تراجم رجال إسناد حديث (.. دباغها طهورها)


[ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ و موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن همام ]. همّام بن يحيى العوذي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. هو: الحسن بن أبي الحسن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جون بن قتادة]. جون بن قتادة مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن سلمة بن المحبق ]. سلمة بن المحبق رضي الله عنه، صحابي أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة .
شرح حديث (.. يطهرها الماء والقرظ)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو -يعني: ابن الحارث - عن كثير بن فرقد عن عبد الله بن مالك بن حذافة قال: حدثه عن أمه العالية بنت سبيع أنها قالت: كان لي غنم بأحد فوقع فيها الموت فدخلت على ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لها، فقالت لي ميمونة : لو أخذت جلودها فانتفعت بها! فقالت: أو يحل ذلك؟! قالت: نعم، مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أخذتم إهابها، قالوا: إنها ميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطهرها الماء والقرظ) ]. أورد أبو داود حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها أن امرأة جاءتها -وهي: العالية بنت سبيع ، وكانت لها غنم ترعاها في أحد- فحصل فيها الموت فقالت: (هلا انتفعت بأُهُبها؟ فقالت: أو يحل ذلك؟! فقال: مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة كالحمار)، يعني: إما أنهم يجرونها كجر الحمار لإبعادها والتخلص منها، أنها كالحمار في ضخامتها، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لو أخذتم إهابها، قالوا: إنها ميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطهرها الماء والقرظ) يعني: الدباغ، والقرظ: هو شجر تدبغ به الجلود. وقوله: (الماء والقرظ)، يدل على أن التطهير إنما يكون بالماء، وأنه لا يكون بغيره؛ لأنه قال: (الماء والقرظ). ويحتمل أن القرظ والماء يجمعان، ويحصل الدبغ بهما، أو أن المقصود أنه يدبغ بالقرظ ثم بعد ذلك يغسل بالماء لتذهب الآثار التي بقيت على الجلد بسبب دبغه فيكون نظيفاً صالحاً للاستعمال.
تراجم رجال إسناد حديث (يطهرها الماء والقرظ)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في شمائله. [ حدثنا ابن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني عمرو -يعني ابن الحارث - ]. عمرو بن الحارث المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن كثير بن فرقد ]. كثير بن فرقد وهو ثقة أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ عن عبد الله بن مالك بن حذافة] . عبد الله بن مالك بن حذافة مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أمه العالية بنت سبيع ]. وثقها العجلي ، وأخرج لها أبو داود و النسائي . [ عن ميمونة ]. هي ميمونة أم المؤمنين وقد مر ذكرها.
من روى ألا ينتفع بإهاب الميتة



شرح حديث (أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: (قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض جُهينة وأنا غلام شاب: أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) ]. أورد أبو داود : باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة. لما ذكر في الباب السابق الأحاديث التي فيها الانتفاع بإهاب الميتة؛ ذكر بعد ذلك الرواية التي فيها أنه لا ينتفع بإهاب الميتة، وتكون بذلك معارضة لما تقدم من الأحاديث، والحديث فيه كلام من حيث الثبوت؛ ولكن على فرض أنه ثابت فإنه يجمع بينه وبين ما تقدم من جهة أنه يحمل على ما كان بدون دبغ، وأن الأحاديث السابقة التي جاءت في طهارة جلود الميتة بالدبغ تحمل على ما إذا حصل الدبغ. فإذاً لا ينتفع بجلود الميتة إذا كانت غير مدبوغة، وأما إذا دُبغت فإنه يُنتفع بها، فبعض أهل العلم وفق وجمع بين الأحاديث، ومنهم من رجح، الأحاديث السابقة عن ابن عباس وعن ميمونة وغيرهما، وبعضها في الصحيحين، ومنها ما هو في غيرهما، وقد جاءت من طرق متعددة، وهي تدل على ثبوت الانتفاع بأُهب الميتات، فتكون مقدَّمة على غيرها؛ ولكن إذا ثبت هذا الحديث الذي فيه ذكر عدم الانتفاع، فإنه يجمع بينه وبين ما تقدم بأن يحمل على ما كان بغير دبغ، وما كان في غيره من الأحاديث السابقة تحمل على ما دبغ.
تراجم رجال إسناد حديث (أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر عن شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحكم ]. الحكم بن عتيبة الكندي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ]. عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عكيم]. عبد الله بن عكيم مخضرم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب من طريق ثانية)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم حدثنا الثقفي عن خالد عن الحكم بن عتيبة : (أنه انطلق هو وناس معه إلى عبد الله بن عكيم رجل من جهينة، قال الحكم : فدخلوا وقعدت على الباب، فخرجوا إلي فأخبروني أن عبد الله بن عكيم أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب). قال أبو داود : قال النضر بن شميل يسمى إهاباً ما لم يدبغ، فإذا دبغ لا يقال له: إهاب، إنما يسمى شناً وقربة ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عكيم من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه تفسير النضر بن شميل أنه يقال للجلد: إهاب ما لم يدبغ، وهذا فيه إشارة إلى الجمع؛ لأن معناه: أنه لا ينتفع بإهاب غير مدبوغ؛ لأنه إذا دبغ صار له اسم آخر هو شن أو قربة أو سقاء. ولكن من حيث الإطلاق يطلق الإهاب على الجلد مطلقاً؛ لكنه جاء أنه بعد الدبغ، وبعد دبغه أن له اسماً آخر، ويقال له: شن، والشن القربة القديمة، ويقال له: سقاء.
تراجم رجال إسناد حديث (أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم ]. محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم يحتمل أن يكون: هو محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة وهو ثقة أخرج له البخاري و أبو داود وإلا فهو مقبول أو مجهول؛ لأن المقبول: هو الذي يُعرف، وحديثه يحتاج إلى اعتضاد؛ ولكن ما أدري: هل هو مقبول أو مجهول. [ حدثنا الثقفي ]. هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خالد ]. خالد بن مهران الحذاء ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحكم بن عتيبة : أنه انطلق مع أناس إلى عبد الله بن عكيم]. الحكم بن عتيبة مرّ ذكره. [ قال أبو داود : قال النضر بن شميل ]. النضر بن شميل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث ظاهره الإرسال؛ لأنه ما ذكر الواسطة، أما الذين صححوه فقالوا: إن هذا إخبار عن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك الكتاب بلغ رجلاً مخضرماً من جهينة، وهو عبد الله بن عكيم؛ ولهذا فإن بعض الذين ضعفوا هذا الحديث قالوا: إنه غير متصل، ومنهم من جاء بعلل أخرى، ومنهم من قال: -كما ذكرت- من ناحية الإطلاق اللغوي، وأنه ما ذكر الدبغ فيكون الحمل على ما لم يدبغ."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #777  
قديم 02-07-2025, 08:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [463]
الحلقة (495)






شرح سنن أبي داود [463]

استعمال جلود النمور والسباع مما بينت الشريعة الإسلامية تحريمه، وذلك لما فيه من السرف والخيلاء، واستعمال الأعاجم له، إضافة إلى أن هذه الجلود الميتة مذكاها كميتتها، وأيضاً من أسباب ابتعاد الملائكة عن الرفقة الذي يصحبهم جلد النمور وغيرها من الأحكام التفصيلية.

جلود النمور والسباع


شرح حديث (لا تركبوا الخز ولا النمار)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في جلود النمور والسباع. حدثنا هناد بن السري عن وكيع عن أبي المعتمر عن ابن سيرين عن معاوية رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تركبوا الخزّ ولا النمار). قال: وكان معاوية رضي الله عنه لا يتهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال لنا أبو سعيد: قال لنا أبو داود : أبو المعتمر اسمه يزيد بن طهمانكان ينزل الحيرة ]. قوله: [ باب في جلود النمور والسباع ] يعني: هل تستعمل أو لا تستعمل؟ وقد أورد الحديث الدال على أنها لا تستعمل. والنمور: جمع نمر، وهو نوع من السباع، وعطف السباع على النمور من عطف العام على الخاص؛ لأن النمور من السباع، والسباع أعم من النمور، ولعله جاء ذكر النمور؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث التنصيص عليها، وإلا فإن الحكم شامل لها ولغيرها من السباع. وقد قيل: إن تحريم ذلك لأنه من فعل الأعاجم. ومنهم من قال: لأن فيه سرفاً وخيلاء وكبرياء. ومنهم من قال: لأن ميتة مذكاها كميتتها، وهو لا يحله الدباغ، فيكون استعماله غير جائز، ولا تحصل له الطهارة، فإذاً: لا يجوز استعماله. وقد أورد أبو داود حديث معاوية رضي الله عنه [ (لا تركبوا الخز) ]. الخزّ: نوع من الحرير، والمقصود بذلك: أنه لا يكون فراشاً فلا يركب عليه ولا يجلس عليه، ولا يكون على الرحل، أو على السرج وقد كان الناس في الجاهلية يفترشون الحرير ويركب الإنسان على البعير وهو عليه وطاء، وتسمى المياثر، وهي التي تتخذ على الرحل فوق البعير، أو على السرج فوق الفرس. [ (ولا النمار) ] يعني: جلود النمار، فلا يركب ولا يجلس على جلودها، ولا تتخذ وطاءً على السرج أو على الرحل، هذا هو المقصود بالنهي. [ قال: وكان معاوية لا يتهم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ]. المقصود من ذلك تأكيد صدقه، وليس معنى ذلك رفع احتمال اتهامه، وإنما المقصود بذلك تأكيد الصدق؛ لأن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتاجون إلى توثيق أحد، يكفيهم ثناء الله عز وجل وثناء رسوله صلى الله عليه وسلم عليهم، فهم لا يحتاجون إلى تعديل المعدلين وتوثيق الموثقين بعد أن حصل لهم الثناء من الله في كتابه ومن رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وهذا من جنس ما جاء عن ابن مسعود: (حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق) ومعنى ذلك: أنه تأكيد لصدقه لا أن ذلك رفع لاحتمال أو لتوهم أو ما إلى ذلك. أما قائل: (وكان معاوية لا يتم في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) فهو ابن سيرين وقوله هذا يحتمل أنه رد على من يطعن في معاوية رضي الله عنه، ويحتمل أنه إنما أراد بذلك تأكيد الأمر، كما ذكرنا. والنهي في الحديث: (لا تركبوا الخزّ ولا النمار)، يشمل النساء والرجال على حد سواء لبساً وافتراشاً. [ قال لنا أبو سعيد، قال لنا أبو داود : أبو المعتمر اسمه : يزيد بن طهمان: كان ينزل الحيرة ] . هذا توضيح لهذا الذي ذُكر بكنيته، فبُيّن اسمه: وأنه يزيد بن طهمان. والقائل هنا هو أبو سعيد أحد الرواة عن أبي داود .
تراجم رجال إسناد حديث (لا تركبوا الخز ولا النمار)

قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري أبو السري ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن وكيع ]. عن وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي المعتمر ]. هو يزيد بن طهمان، ثقة أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن ابن سيرين ]. هو محمد بن سيرين ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية ]. معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا عمران عن قتادة عن زرارة عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة قال عليه السلام: (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر) وهذا يدل على أنه لا يجوز استعمال جلود النمار كما دل عليه الحديث السابق، ومعنى قوله: (رفقة) أنه قد يستعمل على الرحل، وأنه يستعمل وطاء، فبين صلى الله عليه وسلم أن هذا من أسباب ابتعاد الملائكة عمن يكون كذلك، وهو دال على تحريمه، وأنه لا يجوز استعماله.
تراجم رجال إسناد حديث (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلد نمر)


قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. محمد بن بشار الملقب: بندار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو داود ]. هو سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عمران]. هو ابن داور صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن قتادة عن زرارة ]. قتادة بن دعامة مر ذكره. و زرارة هو: ابن أوفى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
شرح حديث المقدام بن معد يكرب أنه قال لمعاوية (.. فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي حدثنا بقية عن بحير عن خالد قال: وفد المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه و عمرو بن الأسود ورجل من بني أسد من أهل قنسرين إلى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، فقال معاوية للمقدام : أعلمت أن الحسن بن علي رضي الله عنهما توفي؟ فرجّع المقدام ، فقال له رجل: أتراها مصيبة؟ قال له: ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره فقال: (هذا مني وحسين من علي)، فقال الأسدي: جمرة أطفأها الله عز وجل، فقال المقدام : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره، ثم قال: يا معاوية ! إن أنا صدقت فصدقني وإن أنا كذبت فكذبني، قال: أفعل، قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب؟ قال: نعم، قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم، قال: فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها؟ قال: نعم، قال: فوالله! لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية ! فقال معاوية : قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام ! قال خالد : فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه، وفرض لابنه في المائتين، ففرقها المقدام في أصحابه قال: ولم يعط الأسدي أحداً شيئًا مما أخذ، فبلغ ذلك معاوية ، فقال: أما المقدام فرجل كريم بسط يده، وأما الأسدي فرجل حسن الإمساك لشيئه ]. أورد أبو داود حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه: أنه جاء إلى معاوية يعني في زمن خلافته وافداً عليه ومعه اثنان هما عمرو بن الأسود ورجل من بني أسد. فقال معاوية للمقدام : [ أعلمت أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قد توفي؟! فرجّع المقدام ] يعني أتى بالاسترجاع، وهو قول: (( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ )) عند المصيبة كما قال تعالى: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156]، هذا هو الترجيع الذي جاء في الحديث. قوله: [ قال له رجل: أتراها مصيبة؟ ] يعني: أنك استرجعت، والاسترجاع إنما هو للمصائب! قال: (وكيف لا أراها وقد وضعه النبي صلى الله عليه وسلم في حجره، وقال: هذا مني و حسين من علي) يعني: إنه شبيهٌ بي، و حسين شبيه بعلي. [ وقال الأسدي: جمرة أطفأها الله ]. يقصد هنا أن الحسن جمرة أطفأها الله. وهذا كلام سيئ في حق الحسن رضي الله تعالى عنه وأرضاه، بل هي مصيبة كبيرة وعظيمة، وهذا الذي قاله ذلك الأسدي كلام قبيح سيئ. [ فقال المقدام : أما أنا فلا أبرح اليوم حتى أغيظك وأسمعك ما تكره ]. يعني بعدما حصل في هذا المجلس ما حصل، قال: أنا لا أبرح حتى أغيظك وأسمعك ما تكره -يخاطب معاوية رضي الله عنه- ثم سأله قال: (أنشدك بالله! هل تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرم الذهب؟ قال: نعم، قال: أنشدك بالله! هل تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير؟ قال: نعم، قال: أنشدك بالله! هل تعلم أن الرسول نهى عن لبس جلود السباع، والركوب عليها؟ فقال: نعم، قال: فوالله لقد رأيت هذا كله في بيتك يا معاوية!). يعني: في بعض حاشيته وبعض من هو من أهل بيته، ومعلوم أن معاوية رضي الله عنه لا يقر هذا ولا يرضاه، وقد يكون غافلاً عنه، وقد يكون علمه ونهى عنه، ويحمل ما جاء عن الصحابة من قبيل هذا على أحسن المحامل من باب إحسان الظن بهم. [ فقال معاوية : قد علمت أني لن أنجو منك يا مقدام ! ]. يعني: من كلامك، ومن نيلك مني. [ قال خالد : فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه ]. خالد هو خالد بن معدان الذي روى عن المقدام ، وفي عون المعبود أنه خالد بن الوليد ، وهذا غير واضح؛ لأن الكلام يدل سياقه على أن خالداً هو الذي روى عن المقدام . [ فأمر له معاوية بما لم يأمر لصاحبيه ]. أي: اللذين معه الأسدي، و عمرو بن الأسود . [ وفرض لابنه في المائتين ]. أي: ابن المقدام في المائتين، أو في المئين يعني: من العطاء الكثير، الذي هو في المئين، أو مائتين، أو مقداراً يتجاوز المائة. [ ففرقها المقدام في أصحابه ]. أي: هذا العطاء الذي أعطيه، فرقه في أصحابه. [ ولم يعط الأسدي أحداً شيئاً مما أخذ ]. ذلك الذي قال: جمرة أطفأها الله، لم يعط أحداً شيئاً مما أعطاه معاوية . [ فبلغ ذلك معاوية ، فقال: أما المقدام فرجل كريم بسط يده ]. أي أنه بلغ معاوية الذي حصل من توزيع المقدام ما أعطي من مالٍ، فقال: أما المقدام فكريم بسط يده، يعني: في البذل والعطاء والإحسان، وأما الأسدي فرجل حسن الإمساك لشيئه، يعني: أنه أمسك ما أعطاه معاوية ولم يبذل ماله كله كما حصل من المقدام رضي الله عنه. محل الشاهد هو الجملة الثالثة من الجمل التي قالها. المقدام : (أنشدك الله! هل تعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب جلود السباع والجلوس عليها؟) وهذا فيه لفظ السباع، وهو أعم من النمر؛ لأنه يشمل النمور وغير النمور.
تراجم رجال إسناد حديث المقدام بن معد يكرب أنه قال لمعاوية
(.. فأنشدك بالله هل تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس جلود السباع والركوب عليها)

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي]. عمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي صدوق، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن بقية ]. بقية بن الوليد صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن بحير ]. بحير بن سعد ، ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن خالد ]. خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و[ المقدام بن معد يكرب ]. رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن. [ و معاوية ]. معاوية رضي الله عنه، أمير المؤمنين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. والإسناد فيه بقية ، وهو مدلس، لكن أظن أنه ذكر في عون المعبود أنه صرح بالتحديث كما في المسند، و الألباني صححه.
شرح حديث (نهى عن جلود السباع)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد أن يحيى بن سعيد و إسماعيل بن إبراهيم حدثاهم المعنى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه رضي الله عنه: (سأن رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن جلود السباع) ]. أورد حديث أسامة بن عمير والد أبي المليح : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع)، يعني: عن استعمالها لبساً وافتراشاً وركوباً. وهذا فيه التعبير بالسباع كالذي قبله، فهو أعم من جلود النمور.
تراجم رجال إسناد حديث نهى عن جلود السباع)


قوله: [ حدثنا مسدد بن مسرهد أن يحيى بن سعيد ]. يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و إسماعيل بن إبراهيم ]. إسماعيل بن إبراهيم ابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن أبي عروبة ]. سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة ، مر ذكره. [ عن أبي المليح بن أسامة ]. أبو المليح بن أسامة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. وهو صحابي أخرج له أصحاب السنن.
الأسئلة



وجه اقتصار طهارة جلود الميتة بدباغها على ما كان من مأكولات اللحم


السؤال: وردت ألفاظ متكاثرة في طهارة جلود الميتة بالدباغ، والملاحظ في الألفاظ أنها جاءت مطلقة: (ألا انتفعتم بإهابها)، (أيما إهاب دبغ فقد طهر)، (يطهرها الماء والقرظ)، دون تخصيص بمأكول اللحم أو دونه غيره، فما وجه تخصيصها بمأكولات اللحم؟! الجواب: أولاً: من جهة أنه جاء في بعض الأحاديث ذكر الشاة. ثانياً: أن الميتة هي خلاف المذكاة، وهذا إنما يكون في مأكول اللحم، وأما غير مأكول اللحم فسواء كان مذكىً أو غير مذكىً فهو ميتة؛ لأن الذكاة لا تحله، فمذكى غير مأكول اللحم كميتته. ثالثاً: إنما ذكر الانتفاع بجلد الميتة ونص عليه لأن حلية المذكاة كانت لديهم أمراً معلوماً ومسلماً به ولا إشكال فيه، وأن العموم الذي جاء في قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، يقصد به ما ليس بمذكى مما هو مأكول اللحم، أما الذي لا يؤكل لحمه، فهو محرمٌ مذكى أو غير مذكى، ولا يدخل تحت قوله: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]؛ لأن المقصود بالميتة -كما تقدم- مباحة الأكل، وحرمت من أجل الموت من غير ذكاة، وأما غير مأكول اللحم فهو محرم سواء ذبح أو لم يذبح، مات حتف نفسه أو مات بذبحه؛ لأن ذبحه لا يجعله مذكى. والسنة بينت أن جلد الميتة التي حرمت لأجل عدم الذكاة مستثنى من عموم النهي الوارد في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، فجاء بيان أن التحريم إنما هو للأكل، وأن التعميم الذي جاء في تحريم الميتة استثني منه -بالسنة- الجلد إذا دبغ. رابعاً: الأحاديث التي جاءت في تحريم استعمال جلود السباع، تدل على أن الذي لا يؤكل لحمه لا يطهره الدبغ، ولا يحل استعماله بدبغه.

حكم اتخاذ الأحذية من جلود الثعابين


السؤال: في بلادنا تُجعل جلود الثعابين أحذية؟ الجواب: هي من هذا الباب، أعني أن دباغتها لا تحلها؛ لأنها ليست من جلود ما يؤكل لحمه.

حكم أخذ الميراث من مال مورث مشعوذ


السؤال: مات عمي مصدوماً بسيارة في اليمن، وكان مشعوذاً، وأنا وأبي مقيمان في المملكة، وأخرجت له دية في المحكمة من القاتل، واتصلت بأهلي فأرادوا مني أن أخبر أبي بأن يوكل من يقوم باستلام نصيبه من الدية؛ لأنه أحد الورثة، فهل لي أن أخبر أبي بذلك، وهل له الحق بأن يأخذ نصيبه من الدية، حيث إننا لا ندري بماذا ختم لعمي الميت الذي كان يعمل بالشعوذة؟ الجواب: الشعوذة لابد أولاً من تحديدها وتفسيرها، وبيان المقصود منها، وهل هذا الادعاء ثابت صحيح أو غير صحيح؟ وعلى كلٍ: الذي يظهر أن له أن يأخذ هذا الميراث، وإن تنزه عنه فهو خير إن شاء الله.

حكم الاكتفاء بالشق عن اللحد عند دفن الميت


السؤال: قوله صلى الله عليه وسلم: (اللحد لنا والشق لغيرنا)، ما هو حكم الشق؟ الجواب: الشق جائز، ولكن اللحد أفضل منه، واللحد: هو الذي يحفر في جانب القبر من جهة القبلة، بحيث يميل عن فتحة القبر، فيدخل الميت فيه، ثم توضع عليه اللبن، فيكون فوق الميت جزء لم يحفر. وسمي اللحد لحداً لميله عن فتحة حفر القبر. وأما الشق: فهو يشق في وسط الحفرة التي حفرت، ويوضع الميت فيها وتوضع اللبن فوقه، وكل ذلك سائغ، وإن كان قوله: (الشق لغيرنا) إلا أن الشق أيضاً هو لنا، وهو جائز، ولكن اللحد أفضل منه وأولى منه.

حكم أكل بعض الحيوانات غير المنصوص عليها في الكتاب والسنة

السؤال: هل يجوز أكل لحم الفيل والزرافة والكنغر، وما هي القاعدة في أكل لحوم الحيوانات؟ الجواب: معلوم أن الشريعة جاءت بقواعد في هذا الباب: فكل ذي مخلب من الطير وناب من السباع حرام، كما جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وكذلك أيضاً فيما يتعلق بالاستخباث والمستخبث، وأما التفاصيل فيما يتعلق بأنواع من الحيوانات فهذا يرجع فيه إلى النصوص؛ ولكن الأصل الحل حتى يأتي شيء يدل على التحريم، أو يكون داخلاً في عمومات كالحيوان الذي يفترس بأنيابه أو مخالبه سواء من السباع أو الطيور أو يكون من المستخبثات.. ونحو هذا. وينسحب هذا الحكم على سائر الحيوانات.

حكم امتهان الشخاذة والسؤال وترك العمل


السؤال: وجدت بعض الناس في الحرم وداخل المسجد يسألون الناس بإلحاف، وسمعت أنهم يسألون للزيادة في المال واستكثاراً منه دون حاجة مبيحة للسؤال. فهل هذا العمل حرام أم مكروه؟ وهل لي أن أستدعي لهم الشرطة ليأخذوهم؟ الجواب: الناس منهم المحتاج ومنهم الكاذب المتزيد، ولا شك أن من يسأل الناس تزيداً وتكثراً مذموم، ومن سأل الناس وهو محتاج فهو معذور؛ ولكن الإلحاف في الأسئلة والشدة في السؤال غير سديدة، فكون الإنسان يتعرض ويسأل إذا كان محتاجاً ولم يجد ما يكفيه، وهو مضطر إلى ذلك، له هذا. وأما أن تستدعي الشرطة فلا تستدع الشرطة.

حكم الصلاة خلف ابن زنا وحكم تعييره بذلك


السؤال: زنت امرأة فحملت ثم ولدت، واليوم أصبح هذا الولد عالماً بالدين، هل يصح أن نصلي وراءه، وهل يصح أن نقول له: ابن زنا؟ الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يعير غيره، ولا أن يصفه بتلك الأوصاف، وابن الزنا إذا كان مستقيماً فذلك من فضل الله عز وجل عليه، وإن كان سيئاً وخبيثاً فهو كما جاء في الحديث: (شر الثلاثة)، يعني: إذا كان مثل أبويه فيكون شرهما؛ لأنه من ماء خبيث فيكون بهذا خبيثاً كأبويه، بل هو شر منهما لأنهما طيبان في الأصل إذا كانا من نكاح لا من سفاح؛ ولكنهما خبيثان من حيث فعلهما الزنا، وإذا كان ولد الزنا زانياً والعياذ بالله فهو شر الثلاثة؛ لأنه من أصل خبيث وفعله أيضاً خبيث، وأما إذا كان مستقيماً فليس له ذنب. ولا يجوز تعيير المسلم ولا التنبيش عن الأشياء التي تسيئ إليه ويلحقه بسببها ضرر، وما دام أنه على خير، فليحرص الجميع على التسابق في الخير. أما عن الصلاة وراءه فلا مانع، والصلاة صحيحة ولا يحق -بأي حال- التفتيش عن أصله.

حكم أرباح الأسهم في شركة (صافولا)


السؤال: لي أسهم بشركة صافولا ونشاطها -في الغالب- بالمواد الغذائية، والزيوت النباتية، توزع في آخر العام أرباحاً بواقع أحد عشر ريالاً سعودياً للسهم الواحد، فما حكم ذلك؟ الجواب: الشركات إذا كان عملها صحيحاً، والمهنة التي تقوم بها طيبة، وليس فيها محذور، وإن حصل منها أرباح استفاد منها الجميع، وإن حصل ضرر تضرر منها الجميع، فهي جائزة.

حكم طلاق الحامل

السؤال: هل طلاق الحامل يقع؟ الجواب: نعم يقع، لأنها إن طلقت المرأة حاملاً أو حائلاً يقع. (حائلاً) معناها: ليست حاملاً، ولهذا تعتد المرأة التي تحيض بثلاث حيضات حتى يتحقق براءة رحمها، وأيضاً من باب حق الزوج، وأما الحامل فهي تطلق؛ وعدتها وضع الحمل.

حكم سؤال الشخص غيره أن يناوله شيئاً


السؤال: ورد في الخبر أن الصحابة رضي الله عنهم بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسألوا الناس شيئاً، فهل يجوز أن أقول لأخ لي وأنا جالس: ناولني كذا، أو أعطني كذا، أو هات هذا الشيء؟ الجواب: الإنسان عندما يحتاج إلى غيره لا بأس أن يسأله؛ ولكن ما ورد عن الصحابة نابع من ورعهم ومن حرصهم على أن يستغنوا عن غيرهم.

حكم الحديث الوارد من طريقين في كل واحدة منهما مجهول


السؤال: إذا كان للحديث طريقان أو أكثر وكان في إسناد الأول مجهول، وفي الثاني مجهول فهل يرتقي إلى درجة الحسن لغيره؟ الجواب: إذا كانت الجهالة جهالة حال، فهذا يمكن أن يقوي بعضهما بعضاً، إذا كانا من طريقين مختلفين.

الحكم على حديث (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا) وبيان معناه


السؤال: ما صحة هذا الحديث وما معناه: (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا)؟ الجواب: لا أتذكر شيئاً عن صحته؛ لكن معناه: أنه من يأتي بنعرات الجاهلية وأشياء كان يتعزى بها في الجاهلية كالنعرات التي تكون بين القبائل، وانتصار بعضهم لبعض بحق وبباطل؛ فمثل هذا يشنع عليه ولو استدعى الأمر للتصريح وترك الكناية.

من صيغ الإباحة (أمر) في حالات مخصوصة


السؤال: هل من صيغ الإباحة (أمر) مثل: أمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: نعم، الأمر قد يأتي للإباحة، وللإنسان أن يأخذ به، وله أن لا يأخذ به، وهذا من جنس: وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا [المائدة:2] معناه: أنه كان محرماً عليهم الاصطياد، وبعد ذلك أبيح، وليس معناه: أن المحرم إذا أحل من إحرامه فإنه يجب عليه الاصطياد والبحث عن الصيد، وإنما معناه أنه مباح له أن يصطاد.

معنى (المقطوع) من أنواع الحديث حسب المتن


السؤال: هل المقطوع يشمل ما أضيف لغير التابعي ممن هو دونه؟ الجواب: المتن الذي انتهى سنده إلى التابعي أو من دون التابعي يقال له: مقطوع؛ مثل ما يروى عن الزهري وغيره من التابعين ومن بعدهم.

حكم من أناب شخصاً يرمي عنه الجمار مع أن الموكِّل ليس في منى

السؤال: ناب رجل عن امرأة مسنة في رمي الجمرات في اليوم الثاني عشر، وهي غادرت منى ضحى؛ لكنها طافت طواف الوداع في اليوم الثالث عشر، والنائب رمى الجمرات في اليوم الثاني عشر بعد الزوال؛ لكن المرأة ما كانت في ذلك الوقت في منى، فهل العمل صحيح؟ الجواب: الرمي صحيح.

حكم الاتجار بجلود الميتة

السؤال: هل يجوز بيع جلد الميتة؟ الجواب: ما دام أنه يجوز الانتفاع به فيجوز بيعه.

حكم دباغة الجلود باللبن بدون ماء


السؤال: الجلد عندنا يدبغ باللبن، فهل يجوز هذا؟ الجواب: دبغه بأي شيء طاهر جائز. أما هل يجوز استعماله دون غسل بالماء؟ معلوم أنه جاء في الحديث: (يطهره الماء والقرظ)، فقيل إن المقصود بأنه يقرظ بالماء، وقيل: إنه يغسل به بعد دبغه حتى يذهب ما علق به بسبب الدبغ. وعلى كلٍ يجوز الدبغ باللبن، ولكن لابد من إزالة آثار الدبغ، وذلك يكون بالماء.

حكم افتراش النساء للحرير

السؤال: هل يجوز على النساء الجلوس على الخزّ؟ الجواب: هذا هو الذي يظهر؛ لأن الذي أبيح لهن اللبس، مثل استعمال آنية الذهب والفضة، يباح لهن استعمال الذهب والفضة في اللبس، ولا يجوز لهن استعمالهما في الأواني للأكل والشرب.

حكم الصلاة على ما فيه صور

السؤال: ما حكم الجلوس والصلاة والنوم على المفارش التي يوجد عليها صورة عامة مثل النمور وغيرها؟ الجواب: كونه يجلس عليها وتمتهن وتفترش لا بأس به، هذا إذا ابتلي بها الإنسان، أعني فلا يحرقها ولا يتلفها إذا ابتلي بها بأن ورثها أو وصلت إليه، وأما إن كان عن طريق الشراء، فلا يشتري شيئاً فيه تلك المحاذير، وإنما يشتري شيئاً سليماً، لكن إذا وصلت إليه بميراث أو غيره فإنه يستعملها ولا يتلفها إذا كان يمتهنها. وأما الصلاة فلا يصح للإنسان أن يصلي عليها وفيها صور، كما أن الإنسان لا يصلي في ثوب فيه صور؛ فكذلك لا يصلي على فرش فيها صور.

حكم الخلافة الملكية


السؤال: جاء في الحديث: (ستكون بعدي الخلافة ثلاثون عاماً ثم يكون بعدها الملك)، فهل الملك من شريعتنا، وهل هو جائز؟ الجواب: هذا جاء في حديث سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء)، وأيضاً: جاء في بعض الأحاديث أن هؤلاء الذين وصفوا بأنهم ملوك أيضاً خلفاء، حيث جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم : (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر خليفة)، فإن ثمانية من هؤلاء الاثني عشر هم من الملوك، ومع ذلك وصفوا بأنهم خلفاء، والمعلوم أن المقصود في الشريعة حصول الولاية، وتكون باتفاق أهل الحل والعقد، وتكون بعهد الخليفة إلى خليفة بعده، وتكون بالتغلب والقهر والغلبة، ويلزم في كل ذلك السمع والطاعة."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #778  
قديم 02-07-2025, 08:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [464]
الحلقة (496)





شرح سنن أبي داود [464]

من عظمة هذا الدين أنه ما ترك أمراً إلا ذكر أحكامه الشرعية، ومن ذلك أحكام لبس النعلين وآدابه، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة ينبغي الإلمام بها والعمل بآدابها.

الانتعال


شرح حديث (أكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الانتعال. حدثنا محمد بن الصباح البزاز ، حدثنا ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فقال: (أكثروا من النعال، فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الانتعال ] أي: في لبس النعال. وأورد حديث جابر رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فقال: (أكثروا من النعال، فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل). فقوله صلى الله عليه وسلم: (أكثروا من النعال ) يستفاد منه أن الإنسان خاصة المسافر -كما جاء في الحديث أنه في السفر- يجعل معه نعالاً من باب الاحتياط، إذ إنه قال: (أكثروا من النعال )، ومعنى ذلك أن الإنسان يأخذ حاجته من النعال في سفره، سواء الذي يلبسه أو الذي يحمله معه على سبيل الاحتياط. وفي هذا الزمان مع سهولة المواصلات ووجود النعال في كل مكان يحل فيه الإنسان، فيمكن أن يحصل ذلك عن طريق الشراء، إذا لم يحمل معه زيادة على ما يستعمله؛ وذلك لأنه إذا حصل أن فسدت نعلاه أو انقطعتا، فإنه يكون عنده شيء يقوم مقام ذلك؛ لأن الإنسان إذا مشى بغير نعال، فإنه يعرض رجليه للضرر بأن يطأ على شوك، أو على زجاج، أو يطأ على شيء يلحق به ضرراً. ثم قال عليه الصلاة والسلام: (فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل)؛ لأن الانتعال مثل الركوب، ومعلوم أن الإنسان الراكب تسلم رجلاه من الضرر الذي يكون في الأرض؛ لأنه راكب ورجلاه لا تمسان الأرض؛ فكذلك إذا كان منتعلاً، فإنه بمثابة الراكب؛ لأن هناك شيئاً يحول بينه وبين الأرض وهو النعال، فيسلم مما فيها من ضرر. وفي هذا الإشارة إلى الأخذ بالأسباب، وأن فعل الأسباب مأمور به ومطلوب، والأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل كما هو معلوم، ومعلوم أيضاً أن اتخاذ النعال من أجل الوقاية مما يحصل في الأرض من ضرر إما من شوك أو من زجاج أو من حر رمضاء إذا كان في شدة الصيف أو غير ذلك من الأمور التي قد تحصل للإنسان ضرر بسببها، فيكون في ذلك وقاية لرجليه. والتقوى في اللغة -كما يقول العلماء- أن يجعل الإنسان بينه وبين الشيء الذي يخافه وقاية تقيه منه، وذلك مثل استعمال النعال للوقاية من الأشياء الضارة التي تكون على الأرض، فيتخذ النعال لتقيه ذلك، وتحول بينه وبين ذلك الشيء الذي يضره. فالحديث دليل على الأخذ بالأسباب وأن الأخذ بها لا ينافي التوكل، وفيه أن الإنسان يأخذ في سفره ما يحتاج إليه من نعال وغيرها احتياطاً، لأن السفر مظنة أن يضطر إليها خلال الطريق. وكذلك أيضاً فيه بيان فوائد النعال وأن المنتعل كالراكب، وأن الراكب يأمن من الأضرار التي تكون في الأرض كونه راكباً على الدابة؛ وكذلك الذي يكون منتعلاً قد اتخذ ما يقيه من الضرر الذي يكون في الأرض.
تراجم رجال إسناد حديث (أكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل)


قوله: [ حدثنا محمد بن الصباح البزاز ]. محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي الزناد ]. هو عبد الرحمن بن أبي الزناد ، صدوق أخرج له في البخاري تعليقاً و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن، و أبو الزناد أبوه، واسمه عبد الله بن ذكوان ، و أبو الزناد لقب وأما كنيته فهو أبو عبد الرحمن يكنى بابنه هذا ولقبه على صيغة الكنية. [ عن موسى بن عقبة ]. موسى بن عقبة المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (أن نعل النبي صلى الله عليه وسلم كان لها قبالان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه: (أن نعل النبي صلى الله عليه وسلم كان لها قبالان) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن نعل النبي صلى الله عليه وسلم كان له قبالان. وقيل في معنى القبالين: هما الخيوط التي تكون في مقدم النعل، والتي تكون بين الأصابع، يعني: متصلة بالشسع الذي يكون على جانبي وظهر القدم. وذكر بعضهم أن كل رجل لها قبال، وهو الذي يكون بين الوسطى والتي تليها يعني: أنه سير يكون بين الإصبعين الوسطى والتي تليها. وقيل: إنهما قبالان لكل رجل، فيكون بين الإبهام وبين التي تليها سير، وبين الوسطى والتي تليها سير آخر، فتكون كل رجل فيها قبالان، كما قاله بعض أهل اللغة. وهو غير الشراك، فالشراك: هو الشسع، الذي يكون معترضاً.
تراجم رجال إسناد حديث (أن نعل النبي صلى الله عليه وسلم كان لها قبالان)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا همام ]. همام بن يحيى العوذي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من أعلى الأسانيد عن أبي داود ، وهي رباعيات.
شرح حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائماً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى أخبرنا أبو أحمد الزبيري حدثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائما) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: نهى أن ينتعل الرجل قائماً. والمقصود كما هو واضح من لفظ الحديث: أن ينتعل الإنسان وهو جالس؛ وذلك لأنه يكون أسهل وأرفق به. والحديث فيه النهي عن الانتعال قائماً، وقيل: إن سبب ذلك أنه قد يؤدي إلى سقوطه إذا أراد أن يشد نعليه وهو قائم، ويحتاج إلى معالجتها بيده وقد يؤدي بذلك إلى سقوطه؛ ولكنه إذا كان جالساً يكون أريح؛ أما إذا كان الأمر لا يحتاج إلى عناء وإلى مشقة، ولا يشق عليه لبسه وهو قائم كما هو موجود في كثير من النعال التي لا تحتاج إلى أن تشد، وإنما يدخل الإنسان قدمه فيها، فإنه لا بأس بلبسه قائماً، ويكون النهي محمولاً على ما إذا كان يترتب عليه مضرة، أو يخشى أن يترتب عليه مضرة، أما إذا كان ما يخشى حصول مضرة فإنه لا بأس بذلك.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائماً)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى ]. محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى هو الملقب: صاعقة ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ أخبرنا أبو أحمد الزبيري ]. هو محمد بن عبد الله ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا إبراهيم بن طهمان ]. إبراهيم بن طهمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير عن جابر ]. أبو الزبير مر ذكره، و جابر قد مر ذكره.
الحكم على الحديث وبيان عموم معناه


والحديث فيه عنعنة أبي الزبير ، وهو مدلس. وعنعنة المدلسين في غير الصحيحين إذا لم يوجد ما يدل على الاتصال تكون مؤثرة، بخلاف ما إذا كانت في الصحيحين؛ لأن صاحب الصحيح اشترط الصحة فيما يذكره وفيما يأتي به، وإذا كان خارج الصحيحين لا يسلم من المقال. إذا كان الحديث ليس له إلا الإسناد الذي فيه عنعنة أبي الزبير فعنعنته في غير الصحيحين مؤثرة، وإن صح فهو محمول على ما ذكرت، و الألباني يصححه، ولكنه محمول على ما ذكرت من ناحية ما قد يحصل بسببه من الضرر، وأنه قد يحصل الوقوع. وذكر الرجل لا مفهوم له؛ وكذلك ذكره في الحديث الذي سبق: (فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل)، فهو أيضاً لا مفهوم له؛ لأن حكم الرجال والنساء واحد، ولا فرق بين الرجال والنساء في الأحكام إلا فيما يأتي نص خاص يميز الرجال عن النساء، أو يميز النساء عن الرجال، وإلا فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء فذكر الرجل في الحديثين اللذين وردا في هذا الباب لا مفهوم لهما؛ لأن الرجال والنساء في ذلك سواء، ولكن الغالب أن الخطاب مع الرجال، فمن أجل ذلك جاء ذكر الرجل، وهذا كثيراً ما يأتي في الأحاديث النبوية، مثل (نهى عن تقدم رمضان بيوم أو يومين.. إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه)، يعني: وكذلك المرأة، ومثل: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، ومثله المرأة فالأصل عموم التشريع إلا ما خصه الدليل. نُهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، للتنزيه، ومثل هذه الأمور في الآداب الغالب أنها للتنزيه.
شرح حديث (لا يمش أحدكم في النعل الواحدة..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يمش أحدكم في النعل الواحدة، لينتعلهما جميعاً أو ليخلعهما جميعاً) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (لا يمش أحدكم في النعل الواحدة، لينتعلهما جميعاً أو ليخلعهما جميعاً)، هذا يدل على أن من آداب الانتعال أن الإنسان عليه أن ينتعل في رجليه جميعاً، وهو إما أن يحفيهما جميعاً أو ينتعل فيهما جميعاً، أما أن يمشي برجل انتعلت ورجل حافية، فهذا هو الذي جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عنه؛ وذلك أنه يترتب على ذلك محاذير: منها: أن توازن الإنسان لا يحصل إذا كان لابس النعل في إحدى رجليه والأخرى حافية، وقد تكون مشيته كمشية الأعرج، لأن إحداهما عالية والأخرى منخفضة، وغير المنتعلة تتأثر فيكون ماشياً على حذر وعلى حرص على مراقبة تلك الرجل حتى لا يصيبها شيء؛ بخلاف ما إذا كان الإنسان قد نعلهما جميعاً أو أحفاهما جميعاً، فإن التوازن موجود، وقد سلم من تبعة الحفا لإحدهما والانتعال للأخرى. وقد ورد في بعض الأحاديث ما يشبه هذه المسألة، وهي النهي عن أن يكون الإنسان بعضه في الظل وبعضه في الشمس؛ لأن ذلك يكون له تأثير على الجسد؛ لأن بعضه قد يصيبه برودة لأنه في الظل، وبعضه يصيبه حرارة لأنه في الشمس، فهو إما أن يكون في الشمس كله أو يكون في الظل كله، وكذا من ينام أو يضطجع بعضه في الشمس وبعضه في الظل، ففيه ذلك المحذور الذي هو مثل محذور نعل أحد الرجلين وإحفاء أحدهما. ومثل ذلك أيضاً القزع الذي يكون فيه حلق بعض الرأس وترك بعض الرأس، فهذا أيضاً لا يجوز؛ ولهذا جاء في قصة لأحد أبناء جعفر لما حلقوا بعض رأسه قال: (احلقوه كله أو دعوه كله)، معناه: أن الرأس يعامل معاملة واحدة فإما أن يحلق كله أو يبقى كله، ولا يحلق بعضه ويترك بعضه.

تراجم رجال إسناد حديث (لا يمش أحدكم في النعل الواحدة..)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة. [ عن مالك ]. عن مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، المشهورة من مذاهب أهل السنة، والحديث أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزناد ]. عبد الله بن ذكوان المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعرج ]. هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
العلة في النهي عن الانتعال بنعل واحدة وترك الرجل الأخرى حافية

أورد الشيخ الألباني رحمه الله حديثاً صحيحاً عند الطحاوي ، فيه: أن العلة من النهي عن لبس نعل واحدة أنها مشية الشيطان، والحديث ذكره في السلسلة الصحيحة. وهذا تعليل بالنص، بالإضافة إلى هذه المعاني التي ذكرها العلماء.
شرح حديث (إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شسعه، ولا يمش في خف واحد، ولا يأكل بشماله) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه، وهو بمعنى الحديث الأول الذي قبله، وفيه ذكر هذه الهيئة في الانتعال، والإشارة إلى طروئها، وهي كون الإنسان لابساً نعليه ثم ينقطع الشسع، فلا يمش في الرجل الأخرى حتى يصلحه، وهذا يفيد أنه في جميع الأحوال لا تتخذ هذه الطريقة التي هي الانتعال بإحدى الرجلين دون الأخرى، ولو كان ذلك طارئاً، ومن باب أولى إذا لم يكن طارئاً. ثم أيضاً مما ذكروه في بيان العلة من ذلك: أنه إذا كان يمشي بنعل واحدة فهذا يستدل به على قلة الرأي، وعلى خلل في العقل، وأن من يفعل مثل هذا قد يتهم في عقله، لأن هذه هيئة قبيحة غير حسنة. فالحديث هنا يدل على أنه في جميع الأحوال حتى في حالة انقطاع شسع إحدى النعلين فإنه يحفي الرجل الثانية، بحيث يمشي حافي الرجلين، ولا يمشي بالنعل الثانية حتى يصلح الأولى فيمشي فيهما، سواء كان ذلك طارئاً أو كان ذلك من غير طروء، كأن يكون ذلك ابتداء، فكل ذلك لا يجوز، وإذا حصل النهي عنه فيما إذا كان طارئاً كانقطاع شسع إحدى النعلين، فمن باب أولى أن يبتدئ المشي منتعلاً لإحدى الرجلين دون الأخرى. [ (ولا يمش في خف واحد) ]. الخف مثل النعل، فلا يمشي الشخص في نعل ولا في خف واحد، لكن في الخفين جميعاً أو في النعلين جميعاً، والخف مثل النعل، إلا أن الخف كما هو معلوم يغطي الرجل ويمسح عليه بخلاف النعل. وكذلك لا يستعمل الجورب الواحد على رجل والأخرى بلا جورب؛ لأن الجورب مثل النعل والخف. [ (ولا يأكل بشماله)]. أيضاً: مما جاء الحديث بمنعه الأكل بالشمال، وورد في بعض الأحاديث: (فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)، وهو حديث صحيح ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة)


قوله: [ حدثنا أبو الوليد الطيالسي ]. هو: هشام بن عبد الملك الطيالسي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو الزبير عن جابر ]. وقد مر ذكرهما. وهذا من الرباعيات، عند أبي داود .
شرح حديث (من السنة إذا جلس الرجل أن يخلع نعليه فيضعهما بجنبه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا صفوان بن عيسى ، حدثنا عبد الله بن هارون عن زياد بن سعد عن أبي نهيك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (من السنة إذا جلس الرجل أن يخلع نعليه فيضعهما بجنبه) ]. أورد أبو داود حديث ابن عباس قال: (من السنة إذا خلع الإنسان نعليه أن يضعهما بجنبه) يعني: لا يضعهما أمامه ولا عن يمينه ولا من ورائه، وإنما يضعهما بجنبه. قيل: إنها لا توضع في اليمين؛ إكراماً لجهة اليمين، ولا يضعهما أمامه؛ لأنه يكون مستقبلاً لهما، ولا خلفه لئلا يذهب وينساهما، أو تسرقان فلا يشعر بهما؛ لكن الحديث في إسناده ضعف، وهو غير ثابت؛ لأن في سنده عبد الله بن هارون ، وهو مقبول، يعني: فهو غير ثابت. [ عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (من السنة) ]. الصحابي عندما يقول: (من السنة) فإنه له حكم الرفع، أي أنه مضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الحديث في إسناده ضعف.
تراجم رجال إسناد حديث (من السنة إذا جلس الرجل أن يخلع نعليه فيضعهما بجنيه)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا صفوان بن عيسى ]. صفوان بن عيسى ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الله بن هارون ]. عبد الله بن هارون مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ عن زياد بن سعد ]. زياد بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي نهيك ]. أبو نهيك هو عثمان بن نهيك ، ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين...) وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمين أولهما ينتعل وآخرهما ينزع) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين وإذا نزع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمنى أولهما تنتعل وآخرهما تنزع). هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يبدأ باليمين في جميع الأمور التي هي محل تكريم، وتستعمل الشمال في الأمور التي بخلاف ذلك، فيبدأ باليمين في اللبس -عندما يلبس النعلين أوالخفين أو الثوب- وكذلك عند دخول المسجد، وكذلك في جميع الأمور التي من شأنها التكريم، فإنه يبدأ باليمين، واليمنى هي التي تكرم، ولهذا كان نصيبها في التكريم أنه يبدأ بها عند اللبس، وعند النزع يبدأ باليسرى ثم تنزع اليمنى بعد ذلك، فيكون نصيبها من اللبس ومن التكريم أوفر من اليسرى؛ لأنه بدأ بها قبل اليسرى، وأيضاً ختم بها فصارت اليسرى أقل منها حظاً وأقل منها شأناً في ذلك؛ لأن تلك زادت عليها بالبداية وزادت عليها بالنهاية، وكذلك أيضاً في دخول المسجد والخروج منه، فإن اليمين تكرم بأن يبدأ دخول المسجد بها، ثم أيضاً تكرم بأن تكون اليسرى هي التي تخرج أولاً، وتبقى اليمنى فيكون نصيبها أكثر من المسجد والمكث فيه. [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ]. هؤلاء مر ذكرهم جميعاً.

شرح حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر ومسلم بن إبراهيم قالا: حدثنا شعبة عن الأشعث بن سليم عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله، في طهوره وترجله ونعله قال: مسلم : وسواكه، ولم يذكر: في شأنه كله). قال أبو داود : رواه عن شعبة معاذ ولم يذكر (سواكه) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله). أي: في الأمور التي تحتاج إلى تكريم، فيبدأ بالشق الأيمن إذا جاء للترجل، وكذلك عند لبس النعل، وكذلك لبس الثوب، وهكذا في شأنه كله، والمقصود ما هو محل تكريم، ومن ذلك الوضوء والسواك. [ قال مسلم : وسواكه ]. هو أحد شيخيه، وهو مسلم بن إبراهيم. (وسواكه) يعني: يحب التيمن أيضاً في سواكه، فيبدأ بالشق الأيمن من فمه. يعني: أن مسلماً ذكر سواكه. [ ولم يذكر: في شأنه كله ]. يعني: عنده تلك الزيادة وعنده نقص، والنقص هو أنه لم يذكر: [ وفي شأنه كله ]. وأما حفص فإنه لم يذكر السواك.

تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع في شأنه كله في طهوره وترجله وتنعله)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ و مسلم بن إبراهيم ]. هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأشعث بن سليم ]. الأشعث بن سليم وهو ابن أبي الشعثاء ، ثقة أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه هو سليم بن الأسود ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مسروق ]. مسروق بن الأجدع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ قال أبو داود : رواه عن شعبة معاذ ، ولم يذكر سواكه ]. يعني: كرواية حفص بن عمر شيخه الأول، فما ذكر السواك، والذي ذكره مسلم بن إبراهيم الشيخ الثاني. ومعاذ بن معاذ ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا زهير حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم). [ إذا لبستم ]. يعني: ثياباً أو نعالاً، فابدءوا بأيمانكم. [ وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم ]. يعني: أن يبدأ باليد اليمنى ثم اليد اليسرى، وكذلك الرجل اليمنى ثم الرجل اليسرى. والبدء باليمين ليس بواجب بل هو مستحب، وقد أجمع العلماء على أنه مستحب، وأنه لو حصل أن غسل الرجل اليسرى قبل اليمنى فإنه يصح، ولكنه ترك الأمر المستحب.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيمانكم)


قوله: [ حدثنا النفيلي ]. هو: عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. زهير مر ذكره. [ حدثنا الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. أبو صالح وهو ذكوان السمان ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة مر ذكره.
الأسئلة



كيفية التيمن في السواك

السؤال: ألا يحمل قوله في حديث التيمن: (وسواكه) على أنه يستاك بيمينه؟ الجواب: الذي يظهر أن المقصود به التيمن؛ لأنه قال: (يعجبه التيمن في كذا) ومعناه البداءة؛ لأن هذه الأمور التي ذكرت هي بداءة، يعني: يبدأ بالشق الأيمن في نعله وفي طهوره وفي كذا وفي سواكه، فيكون هذا هو معناه، والله أعلم.

حكم لبس الساعة في اليمين

السؤال: هل يدخل لبس الساعة في اليمين في (يعجبه التيمن في كل شيء)؟ الجواب: الذي يبدو أن الأمر في ذلك واسع، وإذا لبسها الإنسان في اليمين على اعتبار عموم هذا الحديث فله وجه، ويمكن أيضاً ألا تكون من هذا القبيل؛ لأن المقصود بالذي مر ما فيه بدء ونهاية، وأما لبس الساعة فليس ما فيه بدء ونهاية، وهي مثل الخاتم، فكما أن الإنسان يضع الخاتم في اليمين أو في الشمال، فكذلك الساعة يضعها في اليمين أو في الشمال.

استحباب الجهة اليمنى في الصف للصلاة

السؤال: هل يدل حديث التيمن على استحباب الجهة اليمنى في صفوف الصلاة؟ الجواب: نعم، يدل على ذلك.

الإكراه في الشرك والكفر


السؤال: هل الإكراه في الشرك كالإكراه على الكفر؟ الجواب: لا فرق بين هذا وهذا، فالإنسان قد يكره على أن يقول شيئاً ويتكلم بشيء، سواء كان شركاً أو كفراً، والكفر أوسع وأعم من الشرك؛ لأن الكفر يشمل الشرك وغيره، والشرك داخل في الكفر، فهو أخص.


حكم تكرار السورة في صلاة واحدة


السؤال: ما حكم تكرار السورة في صلاة واحدة؟ الجواب: لا بأس بتكرار السورة في صلاة واحدة، فقد سبق أن مر بنا في سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم كرر إذا زلزلت في الركعتين، ومما يدل على ذلك قصة الرجل الذي كان يقرأ بـ: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، ويكررها مع السورة التي يقرؤها؟!

حكم الصلاة في الصفوف المقطوعة

السؤال: ما حكم الصلاة في الصفوف المقطوعة؟ الجواب: الصلاة صحيحة، ولكن قطع الصفوف يحصل به الإثم؛ لأن التسوية مطلوبة وقطعها حرام، ومن كان سبباً في ذلك أو حصل منه ذلك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم من بعدكم، ولا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله).

حكم من طاف في الصحن وعند محاذاة الحجر اتجه خطوات إلى المسعى لشدة الزحام

السؤال: ما حكم من طاف من الصحن، وعند محاذاة الحجر نزل خطوات إلى المسعى لشدة الزحام؟ الجواب: لا بأس؛ لأن المسعى من المسجد، وسطح المسعى من المسجد.

حكم من طاف أشواطاً في الدور الثاني والبقية في صحن المسجد أو العكس

السؤال: ما حكم من طاف ثلاثة أشواط من الدور الثاني وأكمل في الصحن، أو العكس؟ الجواب: لا بأس بأن يطوف في الأسفل ويجد الزحام شديداً ثم ينتقل، لكنه يبدأ في كل شوط من محاذاة الحجر الأسود.

حكم الخطوط في المساجد لتسوية الصفوف


السؤال: هذا يذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم (سووا صفوفكم وحاذوا بين المناكب)، قال: ياحبذا لو يكلم المسئول عن المسجد النبوي أن تُعمل خطوط لتنظيم الصفوف، فما رأيكم؟! الجواب: لا يحتاج الأمر إلى خطوط، وإنما الناس يصفون بدون خطوط وكلٌ ينظر إلى من بجواره إلى جهة الإمام، فإذا كانوا على يسار الإمام فكل واحد ينظر إلى جهة اليمين، وإذا كانوا من جهة اليسار من الإمام ينظر إلى جاره من جهة اليسار، وتسوى الصفوف.

حكم من أتى أهله في دبرها في نهار رمضان


السؤال: من أتى امرأته في دبرها في نهار رمضان، فهل عليه القضاء والكفارة، كما لو أتاها في قبلها؟! الجواب: لا شك أن القضاء لازم له، حتى لو حصل منه قضاء الشهوة في غير جماع، فمن أفطر بإنزال المني باختياره وبتعمده وبتسببه، فعليه القضاء، وهو لازم له. وأما ما يتعلق بالكفارة، فالكفارة وقعت بالجماع، لكن لا أدري ما الحكم بالنسبة لهذا العمل المحرم فيما يتعلق بالكفارة، لكنه من ناحية القضاء لابد منه.


حكم من أوصى بتغسيل كفنه بماء زمزم


السؤال: من أمره والده أن يغسل له كفنه بماء زمزم، فهل يفعل؟ الجواب: لا بأس بذلك، لكن كون الناس يتخذون ذلك طريقة يلزمونها كأنه مستحب وأنه سنة، لا نعلم شيئاً يدل عليه، ولو أقنع والده وقال له: إن العبرة بالأعمال الصالحة فهو خير، فإن حصل أنه غسله بماء زمزم فلا بأس بذلك.

حكم بيع السلع بضعف ثمنها


السؤال: هل يمكنني أن أبيع السلع التي أشتريها بأن أزيد على ثمنها أكثر من نصف الثمن -بضعفي الثمن مثلاً- أم أن ذلك يعتبر ربا؟ الجواب: لا يقال له ربا، لكن كون الإنسان يزيد في الأسعار زيادة فاحشة، فذلك به غبن للناس وأما إذا باعها في بلد آخر، وكانت الأسعار في ذلك البلد مرتفعة، فلا بأس ولو كانت بأضعاف مضاعفة وأما في نفس البلد الذي فيه السعر فإنه يمكن أن يكون ذلك من باب الغبن.

حكم رفع الصوت بـ(لا إله إلا الله) حال اتباع الجنازة وتلقين الميت بدعاء رسول الله صلى الله
عليه وسلم


السؤال: عندنا في البلد إذا حملوا الجنازة فإنهم جميعاً يقولون بصوت واحد: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) إلى أن يصلوا إلى القبر، وإذا بدءوا بدفنها قالوا بصوت واحد: (إذا ضاق عليك الحال فناد يا رسول الله) إلى حين الفراغ من دفنها، فما الحكم؟! الجواب: أما ذكر التهليل فلا نعلم له أصلاً، والكلام الآخر كلام قبيح، وفيه دعوة إلى الشرك، وإلى الاستغاثة بغير الله، فهذا بالإضافة إلى كونه أمراً منكراً ليس له أساس؛ وهو في الحقيقة دعوة إلى الشرك، وإظهار للشرك.

حكم كف الثوب قبل الصلاة إذا كان دون الكعبين


السؤال: بعض المصلين إذا أراد الدخول في الصلاة، وكانت ثيابه أسفل من الكعبين، كفها حتى تكون فوق الكعبين، فهل هذا العمل صحيح؟ الجواب: الواجب هو أن يكفها دائماً برفعها أو قطعها، وأما رفع ثيابه وكف ثيابه فقد جاء ما يدل على منعه.


تضاعف الأجر والإثم في المكان الفاضل والوقت الفاضل


السؤال: هل تضاعف السيئات وتعظم الحسنات في الحرمين؟! الجواب: الذي ورد بالنسبة للصلاة أنها تضاعف في مكة والمدينة، أما غيرها فلا نعلم شيئاً يدل على التضعيف في العدد، ولكن لا شك أن الحسنة في المكان المقدس وفي الزمان المقدس لها شأنها، ولها فضلها، وكذلك السيئة في المكان المقدس، وفي الزمان المقدس، لها خطرها، لكن التضعيف بالعدد، لا نعلم شيئاً يدل عليه إلا فيما يتعلق بالصلاة، فإنه الذي ورد فيه التضعيف في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وفي المسجد الحرام. والسيئات لا تضاعف بأعدادها، ولكنها قد تضخم من ناحية الكيفية، بمعنى أن السيئة لا تكون سيئتين أو ثلاثاً، وإنما تضخم وتعظم، وذلك أن السيئة ومعصية الله في الحرم ليست كمعصيته في غير الحرم، من يعص الله عند الكعبة ليس كمن يعصيه في مكان بعيد عن الكعبة، وهذا نظير ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله: (لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار) لأن الصغيرة مع الإصرار تضخم، حتى تلحق بالكبائر، يعني: قلة الاهتمام والمبالاة يجعلها تضخم، وكذلك المعاصي في الحرم والأماكن المقدسة تضخم في كيفيتها، لا في كميتها، بمعنى أنها تكون كما هي من حيث الأعداد؛ لأن السيئة بالسيئة، فلا يعاقب بالسيئة سيئتين، وإنما يعاقب على سيئة واحدة، لكن السيئة الواحدة تختلف، فقد تكون في مكان أكبر منها في مكان آخر، السيئة في الحرم أضخم وأعظم من السيئة في مكان آخر. والحاصل أن التضعيف بالنسبة للحسنات جاء في الصلاة بالنسبة للعدد، وفي غير ذلك لا نعلم شيئاً؛ لكن لا شك أن الحسنة في الحرم لها شأنها ولها فضلها، والسيئة في الحرم لها خطرها.

حكم تعليق جلود السباع للزينة أو التداوي بها


السؤال: ما حكم تعليق جلود السباع مثل الذئب والثعلب في البيوت من أجل الزينة أو التداوي بها؟! الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم حرم ذلك، وقال: (لا تصحب الملائكة رفقة فيهم جلد نمر)، فهذا إذا كانت الملائكة تبتعد عن الرفقة لأن فيهم ذلك الإهاب الذي هو من جلود السباع فكذلك البيوت؛ لأن كون الملائكة تبتعد عنهم وهم مسافرون؛ لأن فيهم أو معهم ذلك الذي يتخذونه وطاءً يجلسون عليه ويستخدمونه، فكذلك إذا كان معهم في البيوت.

حكم الكتابة باليد اليسرى


السؤال: ما حكم الكتابة باليد اليسرى؟! الجواب: إذا كان الإنسان محتاجاً إلى ذلك أو كانت يده متعودة على ذلك فلا بأس به، أما إذا كان يستطيع أن يكتب باليمنى، فليس له أن يستعمل اليسرى مع قدرته على اليمنى.


حكم لبس الرجال للبنطال وحكم القول بأن لبس الثوب تشبه بالنساء


السؤال: بعض الطلاب عندما نصح بعدم لبس البنطال، قال: لبس الثوب فيه تشبه بالنساء، وبدأ يستهزئ بلبس الثوب؟! الجواب: الثياب هي لبس الرجال والنساء، ولكلٍ ثوب يخصه، فالنساء لها ثياب تخصها والرجال لهم ثياب تخصهم، وأما البنطال فإنما جاء من الكفار، فهو من أصله وافد على المسلمين من أعدائهم، وليس من لباس المسلمين، والإنسان إذا احتاج إلى أن يلبس هذا فليكن واسعاً إذا كان في بلد يحتاج أن يلبس مثل ذلك، ولا يكون بهيئة تضيق على الجسم وتصف الأعضاء والأحجام.

بنو هاشم وبنو المطلب الذين لا تجوز لهم الصدقة


السؤال: من هم بنو هاشم وبنو المطلب الذين لا تجوز لهم الصدقة؟! الجواب: بنو هاشم هم أولاد هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ، و هاشم نسله محصور في عبد المطلب ؛ لأنه ليس له نسل من غير عبد المطلب ، فإذاً الذين لا تحل لهم الصدقة هم نسل عبد المطلب بن هاشم ، والذين لا تحل لهم الصدقة هم زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وذريته وكل مسلم ومسلمة من نسل عبد المطلب ، هؤلاء هم الذين لا تحل له الصدقة، لأن نسل هاشم محصور في نسل عبد المطلب ؛ والرسول هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم.

الجمع بين الأدلة الحاثة على الانتعال واحتفاء النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً

السؤال: حديث: (استكثروا من النعال) يدل على أفضلية النعال، فكيف نوفق بينه وبين الحديث الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يمشي حافياً أحياناً؟! الجواب: كونه يمشي أحياناً حافياً لا ينافي الحث على الانتعال، ولكن كونه يستعمل النعال هذا هو الغالب، ولاسيما إذا كان في الأسفار، ولاسيما إذا كانت الأرض فيها أشياء مضرة كالشوك وكالزجاج وكالحصى وكالرمضاء وقت الصيف.. وغير ذلك من الأشياء. فالحاصل أن الاحتفاء أحياناً لا ينافي ما جاء من أن الإنسان يستكثر من النعال، ولهذا حث الرسول صلى الله عليه وسلم على الاستكثار من النعال وقال: (فإن أحدكم لا يزال راكباً ما انتعل) ومعلوم أن الناس في السفر يكونون راكبين، والذي يكون منتعلاً هو مثل الراكب.

حكم السير في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم حافياً


السؤال: هل من السنة المشي بدون نعل في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رأيت بعض الناس يفعل ذلك؟! الجواب: ليس من السنة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يمشي فيها بالنعل، والصحابة كانوا يمشون بالنعال، وهم خير الناس وأفضل الناس.

حكم من قتل ابنه


السؤال: ما هو حد من قتل ابنه غضباً؟! الجواب: لا يقتص من الوالد إذا قتل ولده، ولكن إذا رئي أن يقتل من باب التعزير أو ما إلى ذلك فهذا يرجع إلى القاضي أو الإمام الذي يتولى ذلك، وأما قضية القتل فإنه لا يقتل الوالد بولده.

حكم النظر إلى البنت الصغيرة دون البلوغ وتقبيل رأسها


السؤال: هل يجوز النظر للبنت الصغيرة التي لم تبلغ وتقبيل رأسها؟! الجواب: الصغيرة التي تشتهى لا يجوز النظر إليها، وأما التي لا تشتهى لكونها صغيرة جداً فلا بأس بالنظر إليها.

حكم استعمال كراسي المصاحف الموقوفة للمسجد في وضع الكتب


السؤال: ما حكم استعمال هذه الكراسي التي نراها في الحرم -كراسي القرآن- لنضع عليها كتبنا؟! وهل هي موقوفة للقرآن فقط، وكذلك جعلها وسائد عند النوم كما نراه من كثير من الناس؟ الجواب: هي إنما وضعت للمصاحف، واستعمالها للكتب هو مثل استعمالها للمصاحف؛ لأن الفائدة في هذا وفي هذا، وإن كان الأصل هو استعمالها للمصاحف، وإذا حصل شح فيها فإن المصاحف أولى ممن يستعملها في الكتب، وإذا لم يكن هناك شح واحتاج الإنسان إلى استعمالها للكتب ولا يترتب على ذلك تضييق على من يستعملون المصاحف فإنه لا بأس باستعمالها؛ لأن هذا من جنس هذا، وأما استعمالها وسائد أو للاعتماد عليها وراء الظهر؛ فهذا شيء ما وضعت له.

حكم حديث المدلس إذا توبع بمدلس


السؤال: إذا جاء الحديث من طريقين، وفي كلا الطريقين مدلس، فهل يتقوى الإسناد بالطريق الثانية؟ الجواب: نعم.

حكم حلق الرأس في غير الحج والعمرة


السؤال: هل هناك نهي عن حلق جميع الرأس في غير الحج أو العمرة؟! الجواب: ليس هناك نهي، بل هناك حديث يدل على جوازه في غير الحج والعمرة، وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (احلقه كله أو دعه كله)، وهناك حديث آخر ذكره النووي في رياض الصالحين.

حكم حلق جزء من الشعر وإبقاء جزء


السؤال: هل يشترط في القزع أن يكون المحلوق أقل من المتروك أو أكثر؟ الجواب: لا ينظر إلى الكثرة والقلة، وإنما العبرة في الحكم بكون شيء منه محلوقاً وشيء غير محلوق قل أو كثر. ويدخل في ذلك ما يفعله بعض الشباب في صوالين الحلاقة من حلق شعر القفا طلباً للزينة؛ لأن حلق بعض الرأس وترك بعضه يؤدي نفس النتيجة، سواء أريد به زينة أو أريد به غير زينة، اللهم إلا إذا كان الحلق من أجل علاج أو للحجامة، فهذا لا بأس به.

حكم المشي بنعلين مختلفتين


السؤال: ما حكم المشي في نعلين مختلفتين لا تشبه إحداهما الأخرى، أو إحداهما أعلى من الأخرى؟ الجواب: الأصل هو أن يكون هناك تماثل وتناسب بينهما؛ لأنه لو لبس واحدة أعلى من الأخرى يصير كما لو كانت رجل منتعلة ورجل غير منتعلة، والإنسان عند الحاجة له أن يستعمل ذلك، كما إذا لم يجد إلا نعلين مختلفتين، وأما إذا لم تكن هناك حاجة، فإن هذا ينسب صاحبه إلى النسيان وأنه ما درى كيف انتعل أو أن في عقله شيئاً."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #779  
قديم 02-07-2025, 08:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [465]
الحلقة (497)





شرح سنن أبي داود [465]

الافتراش لبس، وقد ذكر في ثنايا هذه المادة أحكام الفرش ووصف فراش خير الخلق إمام المتقين صلوات ربي وسلامه عليه، وما يتعلق بالاقتصاد والاقتصار على ما يحتاج إليه، والبعد عن السرف والتباهي، كذلك ذكر حكم وضع الستور على الجدران أو النوافذ، وما نهي عنه في ذلك من صلبان أو صور تكون في الثياب أو الستور ونحوها.

أحكام الفُرُش


شرح حديث (فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف والرابع للشيطان)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الفرش. حدثنا يزيد بن خالد الهمداني الرملي، حدثنا ابن وهب ، عن أبي هانئ عن أبي عبد الرحمن الحبلي ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الفرش، فقال: (فراش للرجل، وفراش للمرأة، وفراش للضيف، والرابع للشيطان) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة: باب في الفرش، يعني: ما يتخذ من الفرش. وكيف تتخذ الفرش. لما ذكر اللباس سواء كان يتعلق بالجسد، أو يتعلق بالرجلين، ذكر ما يتعلق بالافتراش، وهو ما يفترش ويتخذ فراشاً يجلس عليه. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الفرش فقال: (فراش للرجل، وفراشٌ للمرأة، وفراش للضيف، والرابع للشيطان) وهذا على حسب عادة الإنسان، فإذا كان من عادته أنه كثير الضيفان فهو يعدد الفرش من أجل الضيفان، وأما إذا كانوا قليلين أو أنه نادر أو قليل أن يأتيه الضيف، فإنه يضع على قدره، والمقصود من ذلك أنه لا يوضع شيء للمباهاة ولغير الحاجة إليه، وأما إذا كانت الحاجة إليه موجودة، فإن ذلك سائغ. ومعلوم أن الضيف يطلق على الواحد وعلى الأكثر، فإذاًَ: المقصود بالضيف، ما يحتاج إليه الضيف، سواء كان واحداً أو أكثر، وهذا على حسب عادة الإنسان، فإذا كان من عادته أنه يعدد الضيوف؛ فهو يعدد الفرش انتظاراً للضيوف، وإذا كان ليس كذلك فإنه يكون عنده زيادة واحد. وهذا فيما إذا كان مع أهله فقط، أما إذا كان البيت مكوناً من أفراد، فكلٌ له فراش، ولكن المقصود من ذلك هو ألا يتخذ شيئاً من أجل المباهاة ومع عدم الحاجة، فتبقى الفرش مدة طويلة لا يستفاد منها لعدم الحاجة إليها، أما مع الحاجة فإنه لا بأس في ذلك. وقوله: [ للشيطان ]. قيل: يحتمل أنه إذا كان للمباهاة فهو مما يريده الشيطان، ومما يحبه الشيطان، وقيل: إن الشيطان يتخذه فراشاً بمعنى أنه يفترشه ويستعمله؛ لكن كما عرفنا أنه قد جاء في الحديث أن الإنسان إذا دخل وذكر الله عز وجل فإن الشيطان يقول لأصحابه ولأتباعه فاتكم المبيت، وإذا لم يذكر الله عز وجل يقول: أدركتم المبيت، أدركتم المبيت، معناه أنهم يدخلون ويبيتون، وأما إذا حصل من الرجل التسمية فإنهم لا يدخلون.
تراجم رجال إسناد حديث (فراش للرجل وفراش للمرأة وفراش للضيف والرابع للشيطان)


قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد الهمداني الرملي]. يزيد بن خالد الهمداني الرملي ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هانئ ]. هو حميد بن هانئ ، وهو لا بأس به، بمعنى صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي عبد الرحمن الحبلي ]. هو عبد الله بن يزيد ، ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه قد مر ذكره.
حكم اتخاذ فراش واحد للرجل وزوجته


أما قول الخطابي : بأن فيه دليلاً على أن المستحب -وأنه من أدب السنة- أن يبيت الرجل على فراش وزوجته على فراش آخر، ولو كان المستحب لهما أن يبيتا معاً على فراش واحد لكان لا يرخص له في اتخاذه فراشين لنفسه ولزوجته. فالذي يبدو أنه لا بأس بأن يتخذ الفراش الواحد لهما جميعاً، ولكن كونه يصير لها فراش وله فراش، فذلك حتى يمكن أن ينفرد به كل واحد منهما إذا حصل مرض، أو أنها تستقل عنه لحاجة، وأما إذا جمع بينهما في فراش واحد وفي لحاف واحد؛ فإن ذلك لا بأس به.
شرح حديث جابر بن سمرة أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على وسادة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع ، ح وحدثنا عبد الله بن الجراح ، عن وكيع عن إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما أنه قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته، فرأيته متكئاً على وسادة -زاد ابن الجراح: على يساره -) ]. أورد أبو داود حديث جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما قال: (دخلت على الرسول صلى الله عليه وسلم فرأيته متكئاً على وسادة). الوسادة تطلق على الفراش الذي يفترشه الإنسان وينام عليه، وتطلق أيضاً على ما يجعله تحت رأسه. [ متكئاً ] يعني: مفترشاً معتمداً على وسادة، فالمقصود بذلك الفراش؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث أنه عندما يكون للإنسان إكرام يضع وسادة تحته، يعني فراشاً. [ زاد ابن الجراح: على يساره ]. يعني: أنه معتمد على يساره، من جهة أنه على جنبه الأيسر، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان من عادته أنه ينام على جنبه الأيمن، ولكن لعله رآه على تلك الحال، لحالة من الحالات.
تراجم رجال إسناد حديث جابر بن سمرة أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئاً على وسادة


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة، المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا وكيع ]. وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ ح. وحدثنا عبد الله بن الجراح ]. عبد الله بن الجراح صدوق يخطئ أخرج له أبو داود و النسائي في مسند مالك و ابن ماجة . [ عن وكيع ]. [ عن وكيع عن إسرائيل ]. إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ]. سماك بن حرب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن جابر بن سمرة ]. جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنهما صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : رواه إسحاق بن منصور عن إسرائيل أيضاً: على يساره ]. إسحاق بن منصور ، صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسرائيل أيضاً: على يساره ]. أي: كما قال ابن الجراح.
شرح حديث ابن عمر في الثناء على رفقة من أهل اليمن


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد بن السري عن وكيع عن إسحاق بن سعيد بن عمر القرشي، عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنه (أنه رأى رفقة من أهل اليمن، رحالهم الأدم، فقال: من أحب أن ينظر إلى أشبه رفقة كانوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هؤلاء) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، أنه رأى رفقة -أي: جماعة- من أهل اليمن، على دوابهم، وفي رحالهم الأدم. الأدم: جمع أديم، والمقصود به الوطاء الذي يكون من جلد على الرحل يرتفقون به. فقال: [ (من أحب أن ينظر إلى أشبه رفقة كانوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هؤلاء) ]. يعني: في قناعتهم وزهدهم وعدم توسعهم، وأنهم كانوا يتخذون الأديم أو الأدم وطاء على رحالهم، فهذه إشارة إلى زهدهم وقناعتهم وعدم توسعهم.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في الثناء على رفقة من أهل اليمن


قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري أبو السري ثقة أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن وكيع ]. وكيع مر ذكره. [ عن إسحاق بن سعيد بن عمرو القرشي]. ثقة أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. أبوه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن ابن عمر ]. عبد الله بن عمر بن الخطاب ، رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين، بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (أتخذتم أنماطاً؟)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن السرح ، حدثنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، عن جابر رضي الله عنه أنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتخذتم أنماطاً؟ قلت: وأنى لنا الأنماط، قال: أما إنها ستكون لكم أنماط) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله تعالى عنهما قال: قال لي رسول الله (أتخذتم أنماطاً؟!) والأنماط، قيل هي الفرش التي تكون عليها أغطية، أو أغطية تكون على الفرش يرتفق بها ويستفاد منها. قوله: (وأنى لنا الأنماط؟!) يعني من أين لنا؟ فقال: (إنها ستكون لكم)، يعني: أنه ستفتح عليهم الدنيا، وأنه سيحصل لهم التوسع، وأنه ستحصل لهم هذه الأنماط، وأنهم يضيفونها إلى فرشهم التي كانوا يستعملونها بغير ذلك. وقد وقع ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا من علامات نبوته، ومن دلائل نبوته، فإن الأمر وقع كما أخبر به الصادق المصدوق، فإن الجهاد في سبيل الله حصل بسببه الغنائم وفتحت الفتوحات وكثرت الخيرات، فصاروا يستعملون ذلك. والحديث لا يدل على منعه، بل يدل على جوازه وأنه سائغ، ولكنهم كانوا في قلة وفي حالة شديدة، وبعد ذلك أوسع الله عز وجل عليهم، فلا بأس أن يستعملوا ذلك، وأن يحصل لهم ذلك؛ لأن الحديث لا يدل على المنع.
تراجم رجال إسناد حديث (أتخذتم أنماطاً؟)

قوله: [ حدثنا ابن السرح ]. هو أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا سفيان ]. سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن المنكدر ]. وهو محمد المنكدر ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر رضي الله تعالى عنهما. وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي من أعلى الأسانيد عند أبي داود،والله تعالى أعلم.
شرح حديث (كانت وسادة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها ليف)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة و أحمد بن منيع قالا: حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كانت وسادة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم -قال ابن منيع: التي ينام عليها بالليل، ثم اتفقا:- من أدم حشوها ليف) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت: (كانت وسادة رسول صلى الله عليه وسلم التي ينام عليها بالليل من أدم حشوها ليف). وهذا يدل على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من القناعة والزهد في الدنيا، وكون فراشه الذي ينام عليه صلى الله عليه وسلم من أدم، يعني: من جلد. وحشوها ليف: والمراد بالليف ما يتخذ من النخل الذي يكون في أصول العشب، والذي تتخذ منه الحبال، ويتخذ حشواً للفرش. والمراد بالوسادة الفراش، وقيل: المقصود بها ما يتخذ للرأس، وكل منهما صحيح، ولكن الأقرب أن المقصود به الفراش؛ لأن الوسادة تطلق على الفراش، كما يأتي في بعض الأحاديث وفي بعض الآثار أنه جعل تحت الضيف وسادة إكراماً له ليجلس عليها. والمقصود من هذا أن فراش النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان ينام عليه كان من أدم، والأدم جمع أديم وهو الجلد، وحشوه من ليف النخل، وهذا من زهده وقناعته صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (كانت وسادة النبي صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها ليف)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ و أحمد بن منيع ]. أحمد بن منيع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قالا: حدثنا أبو معاوية ]. وهو محمد بن خازم الضرير الكوفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة بن الزبير بن العوام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهم: عروة بن الزبير، و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، و خارجة بن زيد بن ثابت ، و سعيد بن المسيب و القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وسليمان بن يسار والسابع مختلف فيه على ثلاث أقول: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف . [ عن عائشة ]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي من أوعية السنة وحفظتها، حفظت الكثير من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لاسيما ما يتعلق بما كان يجري في بيوت النبي صلى الله عليه وسلم، فقد حفظت ووعت الكثير من ذلك رضي الله عنها وأرضاها.
شرح حديث (كانت ضجعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها ليف)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو توبة حدثنا سليمان -يعني: ابن حيان - عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كانت ضجعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها ليف). أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها بلفظ: (كانت ضجعة أي: الشيء الذي يضطجع عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وينام عليه، وهو مثل الذي قبله، وهناك قالت: (وسادة)، وهنا قالت: (ضجعة)، أي: ما يضطجع عليه، وكانت من أدم حشوها ليف.
تراجم رجال إسناد حديث (كانت ضجعة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدم حشوها ليف)


قوله: [ حدثنا أبو توبة ]. أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا سليمان يعني : ابن حيان ]. سليمان بن حيان هو أبو خالد الأحمر ، صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام عن أبيه عن عائشة ]. قد مر ذكرهم.
شرح حديث أم سلمة أن فراشها كان حيال مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع حدثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (كان فراشها حيال مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم). أورد أبو داود حديث أم سلمة رضي الله عنها أن فراشها -أي: أم سلمة - كان حيال مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، أي: قبالة مصلاه الذي كان يصلي فيه في الحجرة، وهذا من جنس ما سبق أن جاء في حديث عائشة أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وهي معترضة في قبلته، ولم يكن في البيوت مصابيح، فكان إذا سجد غمزها، فكفت رجليها. فهنا لفظ: (مسجده) يعني: مصلاه، أي: المكان الذي يصلي فيه النوافل في الحجرة، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي النوافل من الرواتب وغير الرواتب في بيته عليه الصلاة والسلام، وقد قال: (صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في مسجدي إلا المكتوبة). والمسجد هو اسم يطلق على مكان السجود، وقيل للمساجد مساجد؛ لأن من هيئات المصلي السجود، وأيضاً التمكن على الأرض إنما يكون في حالة السجود؛ لأن الإنسان في صلاته له أحوال أربعة لا خامس لها، فهو إما قائم، والقيام قبل الركوع وبعده، وإما راكع، وإما ساجد، والسجود سجدتان في كل ركعة، وإما جالس والجلوس للتشهد والجلوس بين السجدتين. وقيل لأبنية الصلاة مساجد أخذاً من أماكن السجود، فلا يقال لها: مواقف، ولا مراكع، ولا مجالس، وإنما قيل لها: مساجد، أخذاً من حالة السجود؛ لأنها الهيئة التي يكون فيها تمكن المصلي من الأرض؛ لأنه إذا كان ساجداً تكون يداه وركبتاه ووجهه -جبهته وأنفه- على الأرض، بخلاف ما إذا كان قائماً فليس عليها إلا رجلاه، وكذلك إذا كان راكعاً، وإذا كان جالساً فرجلاه وركبتاه، ولكنه إذا كان ساجداً فكل هذه الأعضاء تلتصق بالأرض لاسيما الوجه الذي هو أشرف أعضاء الإنسان، فهو يعفره في التراب ويضعه على الأرض خضوعاً لله سبحانه وتعالى. فالمسجد هو اسم لمكان السجود، ولهذا يقال للركعة سجدة؛ لأن مما تشتمل عليه الركعة سجدتين.
تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة أن فراشها كان حيال مسجد النبي صلى الله عليه وسلم


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن يزيد بن زريع ]. يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خالد الحذاء ]. خالد بن مهران الحذاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ويقال له: الحذاء، وهو لقب، والمتبادر من لفظ الحذاء أنه كان يصنع الأحذية أو يبيع الأحذية، مثل البزاز والخباز للذي يقوم بهذه المهنة، ولكن هذه نسبة إلى غير المهنة، وإنما هي لأدنى مناسبة، وذلك أنه كان يجلس عند الحذائين ولم يكن حذاءً، وإنما كان يجلس عندهم فقيل له الحذاء. وقيل: إنه كان يقول للحذاء الذي يصنع الأحذية: احذُ على كذا، احذ على كذا، يعني: اقطع على كذا، فقيل له الحذاء؛ فهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن، مثل الرجل الذي يقال له: يزيد الفقير ، المتبادر إلى الذهن أنه نسبة إلى الفقر، ولكن الواقع أنه كان يشكو فقار ظهره، فقيل له الفقير. [ عن أبي قلابة ]. أبو قلابة هو عبد الله بن زيد الجرمي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زينب بنت أم سلمة ]. وهي ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن أم سلمة ]. أمها أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها، أم المؤمنين، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
اتخاذ الستور


شرح حديث (ما أنا والدنيا.. وما أنا والرقم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في اتخاذ الستور. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا فضيل بن غزان عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة رضي الله عنها فوجد على بابها ستراً، فلم يدخل، قال: وقل ما كان يدخل إلا بدأ بها، فجاء علي رضي الله عنه فرآها مهتمة، فقال: ما لك؟ قالت جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلي فلم يدخل، فأتاه علي رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله! إن فاطمة اشتد عليها أنك جئتها فلم تدخل عليها، قال: وما أنا والدنيا وما أنا والرقم؟ فذهب إلى فاطمة فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: قل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يأمرني به؟ قال: قل لها فلترسل به إلى بني فلان) ]. أورد أبو داود باباً في الستور، والستور هي ما يتخذ ستراً على شباك أو على باب، أو يكون على الجدران، فما كان لحاجة من أجل أن يدخل الهواء ويستر من رؤية المارة أو رؤية من كان في الجهة المقابلة، فإن ذلك لا بأس به، وقد كان بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيء من ذلك. وقد جاء الحديث في مرض موته أنه رفع الستر ووجدهم يصلون خلف أبي بكر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ثم خرج وجلس عن يسار أبي بكر ، وصار يصلي جالساً و أبو بكر على يمينه و أبو بكر يصلي بصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم، والناس يصلون بصلاة أبي بكر، أي أن أبا بكر هو الذي يبلغهم، ويسمعون صوته، وصوت الرسول صلى الله عليه وسلم كان منخفضاً لا يسمعونه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. فإذا كان الستر لحاجة كما لو كان على شباك وعلى باب تدعو الحاجة إليه؛ فإنه لا بأس به، وأما إذا كان لغير الحاجة أو كان فيه شيء من الزينة أو فيه شيء من التكلف أو فيه مغالاة وإسراف؛ فإن هذا لا يصلح ولا ينبغي أن يتخذ. وكذلك ما يكون كسوة الجدران التي لا حاجة إليها ولا فائدة من ورائها، بخلاف الستر التي يكون على الأبواب، وعلى الشبابيك للحاجة، وأما الجدران فلا حاجة إلى سترها بسجاد ولا بغيره؛ لأن ذلك من الترف؛ ولأن ذلك من استعمال الشيء فيما لا ينبغي أن يستعمل فيه، وهذا هو الذي لا ينبغي أن يفعل، ولا ينبغي أن يتخذ. وما دعت إليه الحاجة فيما يتعلق بالأبواب والشبابيك، فإن ذلك لا بأس به لكن من غير إسراف، ومن غير مغالاة، وإنما يكون بالشيء المناسب الذي ليس فيه إسراف ولا تكلف ولا مغالاة، فهذا هو التفصيل، فيما يتعلق بالستور، وستر الجدران في شيء مخصص لها كالورق الذي اتخذ في هذا الزمان مكان الدهان، فإن هذا لا بأس به؛ لأن هذا مثل الدهان، يعني: بدل أن يدهن يؤتى بهذا الورق ويلصق عليه، وهو خاص به، وإنما وضع من أجله، فهو من جنس الدهانات التي تدهن بها الجدران لتحفظها وتكون نظيفة، فإذا كان شيئاً من هذا القبيل فإنه لا بأس به؛ لأنه وضع له وهو قائم مقام تلك الدهانات. ثم أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إلى فاطمة فوجد على بابها ستراً فلم يدخل فرجع، وتأثرت فاطمة رضي الله عنها وأرضاها لهذا الذي حصل، وأخبرت علياً رضي الله عنه بذلك، فذهب علي رضي الله عنه إلى الرسول صلى الله عليه سلم وأخبره باهتمام فاطمة وتأثرها فأخبره الرسول بالسبب، وأمره بأن ترسل بذلك الستر إلى بني فلان، ليستفيدوا منه ويتخذوه أكسية وألبسة. وكأنه والله أعلم لم يكن هناك حاجة إلى اتخاذ هذا الستر، إما لأنه يوجد ما يغني عنه من وجود فاصل يحول دون مشاهدة من يكون في الداخل، أو لغير ذلك. وأما إذا كان للحاجة ولأمر يقتضيه، وكونه إذا فتح الباب يكون هناك شيء يمنع كما لو كان قبالة محل الجلوس أمام ممر الناس، أو في مقابل باب، فلو بقي الباب مفتوحاً لرأى المارة من يكون في الداخل فلا بأس، ولعل ذلك الستر كان فيه إسراف أو مغالاة، والرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى أن يستعمل في مصلحة أولى وفي شيء أفضل، وهو أن يعطى لأولئك الذين أرشد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أن يرسل إليهم ليستفيدوا منه أكسية وألبسة. [ (ما أنا والدنيا) ]. يعني: ما لي وللدنيا، ولا يشتغل في الدنيا ولا يتنافس في الدنيا ولا يستمتع بالدنيا مثل هذا الاستمتاع الذي هو اتخاذ الستور من غير حاجة. [ (وما لي والرقم) ]، قيل: إنه هو الصورة أو الشيء الذي يكتب على الستور زينة. وسيأتي في الحديث الذي بعده: (وكان ستراً موشياً) يعني: مزركشاً. فيحتمل أنه لكونه ستراً، ويحتمل أنه لما فيه من هذه الزخارف والزينة والمبالغة.
تراجم رجال إسناد حديث (ما أنا والدنيا.. وما أنا والرقم)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير ]. عثمان بن أبي شيبة مر ذكره. ابن نمير هو عبد الله بن نمير ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا فضيل بن غزان]. وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو مولى ابن عمر ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث ابن عمر (ما أنا والدنيا. ما أنا والرقم) من طريق ثانية وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا واصل بن عبد الأعلى الأسدي حدثنا ابن فضيل عن أبيه بهذا الحديث قال: (وكان ستراً موشياً). أورد الحديث من طريق أخرى، وفيه زيادة: (وكان ستراً موشياً) يعني: مزركشاً منقوشاً، وفيه وشي وهو الزينة. قوله: [ حدثنا واصل بن عبد الأعلى] هو ثقة، أخرج مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا ابن فضيل]. هو محمد بن فضيل بن غزوان، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه بهذا الحديث ]. أبوه قد مر ذكره.
تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر (ما أنا والدنيا.. ما أنا والرقم) بزيادة (وكان ستراً موشياً)

الصليب في الثوب


شرح حديث (كان لا يترك شيئاً فيه تصليب إلا قضبه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصليب في الثوب. حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبان حدثنا يحيى ، حدثنا عمران بن حطان، عن عائشة رضي الله عنها (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يترك شيئاً فيه تصليب إلا قضبه) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة [ باب في الصليب في الثوب ]. الصليب هو الذي يتخذه النصارى إشارة إلى أن عيسى عليه الصلاة والسلام صلب ويتخذون ذلك الرسم من أجل تذكر تلك الحال التي يزعمونها، وأن اليهود قتلوه وصلبوه، فهم يتذكرون تلك الحال التي كان عليها عيسى عليه الصلاة والسلام، والتي يزعمون أنها هي الواقع، وهي ليست الواقع؛ لأنه ما قتل وما صلب صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وإنما رفع إلى السماء وسينزل في آخر الزمان يحكم بشريعة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كما جاء ذلك في الكتاب والسنة. فالصليب هو ما يتخذ مشيراً إلى الصلب، وإلى الهيئة التي يزعمون أن عيسى كان عليها بعد أن قتله اليهود وصلبوه، وذلك كذب وغير صحيح، وقد جاء تكذيبه في القرآن وبيان أنه ما قتل وما صلب صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها. (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئاً فيه تصليب إلا قضبه). (فيه تصليب) هو صورة الصليب، (إلا قضبه) يعني: إلا قطعه ولم يبقه، إلا إذا كان مستخدماً ومستفاداً منه كالقماش وكالفراش فإنه يمتهن ويوطأ، وإذا كان في ورق أو في غيره فإنه يتلف ولا يبقى؛ لأنها قالت: (إلا قضية) أي: إلا أزاله بحيث لا يبقى له أثر. والصليب يذكر في هذا الزمان أن له أشكالاً متعددة، ولكن الأصل فيه أنه يكون خطين متقاطعين والذي يكون أسفل يكون أطول، بخلاف الذي يكون في الجوانب والذي يكون فوق؛ لأنه على هيئة الإنسان، ومعلوم أن الإنسان إذا مد يديه من اليمين والشمال فإن الذي يكون تحت وهو بقية جسمه أطول، بخلاف امتداد اليمين والشمال، وكذلك الذي يكون فوق اليدين يكون قصيراً، وهو محل الرأس، هذا هو الأصل فيه، لأنه يشير إلى هيئة الإنسان. وفي هذا الزمان يذكرون أن له أشكالاً عند النصارى، لكن في هذا الزمان صار بعض الناس كلما رأى خطين متقاطعين قال هذا هو الصليب، حتى الخشبتين المعترضتين اللتين للدلو. وكذلك علامة (+) وعلامة الضرب (×) في الحساب، كل ذلك يقول له صليب. وفي الحقيقة أن الشيء الذي يعرف ويظهر بأنه صليب هو الذي يجتنب، ولا يجتنب كل تقاطع يكون بين خطين مثل علامة الجمع، وعلامة الضرب في الحساب. وأما عن حكم الصلاة في الثوب الذي عليه الصليب فإنه لا يجوز، لا يجوز أن يصلى في ثوب فيه صورة ولا صلبان. لكن الصلاة صحيحة أو غير صحيحة؟ لا أدري، لكن كل منهما سيئ، وكل منهما محظور، والصليب لا شك أنه أشد من الصور. ومن اتخذ في بيته صليباً أو علقه على جسده فهذا لا يجوز، وإذا استحل الإنسان أن يفعل فعل النصارى أو صدق بما عليه النصارى من أن عيسى صلت وأن هذا رمز لذلك؛ فإنه هذا تكذيب لما جاء في القرآن، وهو كفر إذا كان بهذه الصورة. وبالنسبة لإخراج البخاري لعمران بن حطان مع أنه متصف برأي الخوارج، فقد قيل: إنه رجع عن ذلك. ولكن البخاري أخرج له في أحاديث قليلة حديثاً أو حديثين.. وقد ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في ترجمته في هدي الساري مقدمة فتح الباري، في الذين تكلم فيهم من رجال البخاري ، فقد ترجم لهم في الفتح وأجاب عما أضيف ونسب إليهم. وهنا يقول الحافظ ابن حجر في التقريب: قيل: إنه رجع عن رأي الخوارج، وكذلك أيضاً في مقدمة الفتح روى عنه -فيما أظن- حديثاً أو حديثين، أحدهما في لبس الحرير. ويذكر أن الشيخ مقبل الوادعي رحمه الله يقول: إن البخاري لم يخرج لعمران بن حطان إلا متابعة، ولم يخرج له في أصل الصحيح. وأنا لا أتذكر الآن، لكن الذي أذكر أنه ذكره وأنه أجاب عنه، وإنما خرج له حديثاً أو حديثين، ولا أدري هل فيه هذا الذي ذكره الشيخ مقبل، فأنا بعيد العهد بهذا، لكن يمكن أن يرجع إلى مقدمة الفتح. والحافظ ابن حجر أحياناً إذا كانت أحاديث الراوي قليلة يذكرها ويشير إليها، وممن يذكر أحاديث المقلين في الصحيحين ابن طاهر المقدسي في كتابه الجمع بين رجال الصحيحين؛ فإن الشخص إذا كان مقلاً ذكر أنه روى له البخاري في كذا وكذا، وروى له مسلم في كذا وكذا، ويشير إلى أماكن الأحاديث من الصحيحين.
تراجم رجال إسناد حديث (كان لا يترك شيئاً فيه تصليب إلا قضبه)

قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبان ]. أبان بن يزيد العطار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا يحيى ]. يحيى بن أبي كثير اليمامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عمران بن حطان]. عمران بن حطان هو صدوق، أخرج البخاري و أبو داود و النسائي . [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وقد مر ذكرها."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #780  
قديم 02-07-2025, 09:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,446
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [466]
الحلقة (498)




شرح سنن أبي داود [466]

التصوير نوعان: ما له روح كالإنسان والحيوان وما ليس له روح كالبنيان والنبات، أما الأول فمحرم بالأدلة الصريحة الثابتة، وأما الثاني فجائز، والأحكام المتعلقة بالتصوير في الشريعة الإسلامية كثيرة، وتجد غالبها مبثوثاً في ثنايا هذه المادة.

الصور


شرح حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الصور. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن علي بن مدرك عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب). أورد أبو داود باباً في الصور، والمقصود بالصور صور الآدميين والحيوانات وما فيه روح؛ فإن ذلك لا يجوز تصويره، وأما تصوير ما لا روح فيه كالبنيان والجدران والأشجار وما إلى ذلك فإنه لا بأس به، وإنما الذي فيه بأس هو تصوير ما له روح من الإنسان والحيوان، هذا هو المقصود بالصور التي يحرم تصويرها. وأورد أبو داود أحاديث علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ولا جنب) والكلب والصورة جاء ذكرها في بعض الأحاديث، وأما الجنب فقد جاء في هذا الحديث، وفيه رجل فيه ضعف وهو نجي بن سلمة الذي جاء ذكره في الإسناد وهو مقبول. وقال بعض أهل العلم: إن المقصود بالجنب هو الذي لا يتطهر من الجنابة، وأنه اعتاد ألا يغتسل من الجنابة بالوضوء -كما جاء في بعض الأحاديث-. والحديث فيما يتعلق بذكر الجنب ضعيف غير ثابت؛ لأن فيه ذلك الرجل الذي جاء من طريقه وهو نجي بن سلمة، فإذاً ما يتعلق بالصورة والكلب قد جاء في بعض الأحاديث، فله شواهد، وأما الجنب فهو إنما جاء في هذا الحديث وهو غير ثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، ومن العلماء أيضاً من تأوله على أن المقصود به من كان ليس من عادته أن يغتسل من الجنابة.
تراجم رجال إسناد حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه صورة ولا كلب ولا جنب)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن حجاج الواسطي البصري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي بن مدرك ]. علي بن مدرك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ]. أبو زرعة بن عمرو بن جرير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن نجي ]. عبد الله بن نجي صدوق أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبيه ]. واسمه نجي وهو مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن علي ]. علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن سهيل ، يعني: ابن أبي صالح ، عن سعيد بن يسار الأنصاري، عن زيد بن خالد الجهني عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال. قال: انطلق بنا إلى أم المؤمنين عائشة نسألها عن ذلك، فانطلقنا فقلنا: يا أم المؤمنين! إن أبا طلحة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا، فهل سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر ذلك، قالت: لا، ولكن سأحدثكم بما رأيته فعل: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه، وكنت أتحين قفوله، فأخذت نمطاً كان لنا فسترته على العرض، فلما جاء استقبلته، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته! الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط، فلم يرد علي شيئاً، ورأيت الكراهية في وجهه فأتى النمط حتى هتكه، ثم قال: (إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن. قالت: فقطعته وجعلته وسادتين وحشوتهما ليفاً فلم ينكر ذلك علي)]. أورد أبو داود حديث أبي طلحة وحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، وحديث أبي طلحة : (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال) ، وهذا الحديث ذكر فيه الكلب كما ذكر في الحديث الذي قبله وفيه ضعف وهنا ذكر (التمثال) وفي الذي قبله قال: (صورة) والتمثال هو صورة إلا أنها على هيئة مجسمة. فحدث أبو طلحة رضي الله عنه بهذا الحديث، فقالوا: نذهب إلى عائشة نسألها عما حدث به أبو طلحة فذهبوا إليها رضي الله عنها، وسألوها: هل سمعته يذكر شيئاً من ذلك فقالت: لا، ولكن أحدثكم بالذي حصل أنه كان الرسول صلى الله عليه وسلم قدم من سفر، وأنها عمدت إلى نمط فعلقته أو رفعته على عرض أو على عرص، فالرسول صلى الله عليه وسلم جاء تغير فهتك الستر وقطعه، ثم إنها اتخذت من ذلك وسادتين وحشتهما ليفاً فلم ينكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: (إن الله لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن)، والحجارة واللبن هي الجدران يعني: سواء كانت من حجارة أو من لبن، يعني: وهذا يتعلق بالكسوة فقد سبق أن مر في الستور، وهو يدل على أن كسوة الجدران بالسجاد وغيره لا ينبغي، وفي ذلك خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: بكراهته، وأنها كراهة تنزيه، ومنهم من قال: بتحريمه. وقد جاء في بعض هذا أن فيه صورة فيكون المنع من الجهتين، من جهة ما فيه من الصور، ومن جهة الكسوة للجدر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم علل بكسو الجدران والحجارة واللبن، فهو يدل على منع ذلك، والذي ينبغي هو أن لا يفعل؛ لأن فيه إسرافاً واستعمالاً للشيء فيما لا حاجة إليه ولا داعي له. قول عائشة : (فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي أعزك وأكرمك، فنظر إلى البيت فرأى النمط) ليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم رد عليها السلام، وليس فيه ما يدل على أنه ما رد عليها السلام؛ ويمكن أنه رد عليها السلام ولكنها لم تذكر ذلك، فالحديث لا يدل على أنه لم يرد عليها السلام؛ لأن أكثر ما فيه السكوت، وليس فيه أنه لم يرد عليها السلام، حتى يقال: إن رد السلام مثبت أو منفي، وإنما كان مسكوتاً عنه، فيحتمل أنه رد السلام ولكنه سُكِتَ عنه. قوله: [ (لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة واللبن) ]. باستثناء كسوة الكعبة فقد كانت كسوتها ثابتة، وكانت موجود قبل الإسلام، وجاء الإسلام وأقرها، وهي مما أُقر في الإسلام، وكون الكعبة خصصت بذلك؛ هناك دليل يدل على التخصيص، وهو أنها كانت مكسوة، والرسول صلى الله عليه وسلم أقر الكسوة، وقد جاء في حديث فتح مكة: (اقتلوا ابن خطل ولو وجدتموه متعلقاً بأستار الكعبة). وقول عائشة : [ (فلم يرد علي شيئاً) ]. كأنه ما تكلم عن الشيء الذي رآه والذي ساءه إذ نظر إليه، ومن فوره جاء وهتكه صلى الله عليه وسلم، لكن لا يدل على أنه ما رد عليها السلام.
تراجم رجال إسناد حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال)


قوله: [ حدثنا وهب بن بقية ]. وهب بن بقية الواسطي ثقة أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ أخبرنا خالد ]. خالد بن عبد الله الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل يعني: ابن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ورواية البخاري له مقروناً. [ عن سعيد بن يسار الأنصاري]. سعيد بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن خالد الجهني ]. زيد بن خالد الجهني ، صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي طلحة ]. أبو طلحة هو زيد بن سهل أبو طلحة ، مشهور بكنيته، وهو زوج أم سليم ، والدة أنس بن مالك ، وهو صحابي مشهور، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عائشة ]. عائشة أم المؤمنين، وقد مر ذكرها.
ذكر حديث (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تمثال) من طريق ثانية وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير عن سهيل بإسناده مثله، قال: فقلت: يا أمه! إن هذا حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: .. وقال فيه: سعيد بن يسار مولى بني النجار ]. قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سهيل بإسناده مثله ].
شرح حديث (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن بكير عن بسر بن سعيد عن زيد بن خالد عن أبي طلحة رضي الله عنهما أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، قال بسر : ثم اشتكى زيد ، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟! فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: إلا رقماً في ثوب). أورد أبو داود حديث أبي طلحة مرفوعاً قال: [ (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة) ]. وهذا جاء في أحاديث متعددة، أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة، والمقصود بذلك صورة ما فيه روح. [ قال بسر : ثم اشتكى زيد فعدناه ]. يعني: زيد بن خالد الجهني ، فعادوه في مرضه، من باب: عيادة مريض. [ (فإذا على بابه ستر فيه صورة) ]. هذا يحمل على أساس أنها ليست محرمة، وإنما هي من غير ذوات الأرواح، أو أنها من ذوات الأرواح ولكنها عمل فيها شيء أزال الهيئة التي كانت عليها والتي لا يجوز أن تقرّ. [ فقلت لعبد الله الخولاني ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟! فقال: ألم تسمعه حين قال: (إلا رقماً في ثوب). أي: كتابة في ثوب، ويكون محمولاً على أنها ليست صورة ممنوعة أو صورة باقية على تحريمها، فإما أنها ليست من ذوات الأرواح أو أنها من ذوات الأرواح ولكن قطع رأسها وأزيل شيء منها يرفع حكمها..
تراجم رجال إسناد حديث (إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة)


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بكي ]. بكير بن عبد الله الأشج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بسر بن سعيد ]. بسر بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن خالد عن أبي طلحة ]. هما صحابيان رضي الله عنهما، وقد مر ذكرهما.
شرح حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن الصباح ، أن إسماعيل بن عبد الكريم حدثهم قال: حدثني إبراهيم -يعني ابن عقيل - عن أبيه عن وهب بن منبه عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه زمن الفتح، وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، فلم يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم حتى محيت كل صورة فيها) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر رضي الله عنه أن يذهب إلى الكعبة ويمحو كل ما فيها من صور، فذهب ومحا جميع ما فيها من الصور، فلم يدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وقد طهرت من هذه الصور، طهرت من هذه الصور. وقد جاء أن في تلك الصور صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام وهما يستقسمان بالأزلام، وهذا من الافتراء والكذب، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنهما ما فعلا ذلك قط، وإنما ذلك من الكذب.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب زمن الفتح أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها)

قوله: [ حدثنا الحسن بن الصباح ]. الحسن بن الصباح صدوق يهم، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ أن إسماعيل بن عبد الكريم حدثهم ]. إسماعيل بن عبد الكريم ، صدوق، أخرج له أبو داود و ابن ماجة في التفسير. [ حدثني إبراهيم يعني ابن عقيل ]. ابراهيم بن عقيل صدوق، أخرج أبو داود . [ عن أبيه ]. أبوه صدوق، أخرج له أبو داود . [ عن وهب بن منبه ]. وهب بن منبه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجة فقد أخرج له في التفسير. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث أن جبريل قال (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب ، أخبرني يونس عن ابن شهاب عن ابن السباق، عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حدثتني ميمونة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (إن جبريل عليه السلام كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني، ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت بساط لنا، فأمر به فأخرج، ثم أخذ بيده ماء فنضح به مكانه، فلما لقيه جبريل عليه السلام قال: إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقتل الكلاب حتى إنه ليأمر بقتل كلب الحائط الصغير، ويترك كلب الحائط الكبير) ]. أورد أبو داود حديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله تعالى عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان وعده جبريل أن يلقاه، وتأخر فلم يأت، ووقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم أن في البيت كلباً، فوجد جرواً ، وهو ولد الكلب الصغير وجده تحت بساط، فأخرجه النبي صلى الله عليه وسلم، وأتى بماءٍ ونضح فيه مكانه، فجاءه جبريل، وقال: (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)، وهذا يدل على ابتعاد الملائكة عن البيوت والأماكن التي فيها الكلاب والصور، ولكن يستثنى من الكلاب ما جاء في السنة استثناؤها، مثل: كلب الصيد، وكلب الزرع، وكلب الماشية، فإن هذه مستثناة بالسنة، وما عداها فإن الكلاب لا تتخذ. والرسول صلى الله عليه وسلم، أمر بقتل الكلاب، يعني بعد تلك الحادثة، فكانوا يقتلون الكلاب حتى إنهم يقتلون الكلب يكون في الحائط الصغير، ويتركون كلب الحائط الكبير الذي يتخذ للحراسة، ولكنه جاء بعد ذلك ما يدل على نسخ قتل الكلاب وأنها لا تقتل، وإنما يقتل منها ما حصل منه أذى.
تراجم رجال إسناد حديث أن جبريل قال (إنا لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا صورة)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن وهب ]. عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس ]. يونس بن يزيد الأيلي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن مسلم بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن السباق]. هو عبيد بن السباق، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس وقد مر ذكره رضي الله عنه. [ عن ميمونة ]. أم المؤمنين وقد مر ذكرها.
شرح حديث (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد قال: حدثنا أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتاني جبريل عليه السلام، فقال لي: أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب؛ فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطأان، ومر بالكلب فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا الكلب لحسن أو حسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج). قال أبو داود : والنضد شيء توضع عليه الثياب شبه السرير ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة ، وهو مثل الذي قبله فيما يتعلق بامتناع الملائكة عن دخول البيوت التي فيها كلاب وصور. وقوله:[ (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي: أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي في البيت يقطع فيصير كهيئة الشجرة) ]. يعني التماثيل التي في الستور، أو في القماش، فأمر بها أن تقطع حتى تكون كهيئة الشجرة، ويقطع ذلك القماش حتى يكون فرشاً، ويخرج الكلب. قوله:[ (ومر بالستر فليقطع فليجعل منه وسادتين منبوذتين توطأان) ]. (منبوذتين) يعني: ممتهنتين.
تراجم رجال إسناد حديث (أتاني جبريل عليه السلام فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت إلا أنه كان على الباب تماثيل...)


قوله: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى ]. صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبو إسحاق الفزاري ]. أبو إسحاق الفزاري وهو إبراهيم بن محمد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يونس بن أبي إسحاق ]. يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن مجاهد ]. مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو هريرة ]. أبو هريرة هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
الأسئلة



حكم الاتجار بالفيز للعمل


السؤال: ما حكم التجارة بفيز الإقامة، حيث إن الدولة تمنحها بألفي ريال، وتباع بمبلغ يبدأ من ثمانية إلى عشرة آلاف أو أكثر؟ الجواب: هذا لا يجوز؛ لأن هذه التراخيص التي منحت لأناس من أجل حاجتهم، فكونهم يأخذونها وهم غير محتاجين، ثم يتاجرون بها؛ فهذا لا يجوز، لكن من كان محتاجاً ومضطراً استصدر فيزة لمن يعمل لديه، ومن كان غير محتاج فليترك.

حكم دخول الحمام بهاتف جوال مكتوب على شاشته ذكر الله تعالى

السؤال: هل يجوز الدخول بالجوال المكتوب على شاشته (لا إله إلا الله) أو أي ذكر آخر إلى الحمام؟ الجواب: لا ينبغي أن يكون في شيء من تلك الأدوات كتابة ذكر الله؛ لأن هذا يؤدي إلا امتهان ذكر الله سبحانه وتعالى، وامتهان اسم الله سبحانه وتعالى؛ فالواجب أن يمسح، وألا يبقى شيء في مثل هذه الآلات التي ينتفع بها الناس. ثم أيضاً مما ينبغي التنبيه عليه: أن الذي ينبغي أن تقفل تلك الجوالات، بحيث لا يحصل تشويش على الناس في الصلاة، أحياناً الجوال يرن لمدة وصاحبه يتركه، وأسوأ من ذلك بعض الجوالات التي يكون فيها موسيقى، وتكون في المسجد، وتشتغل هذه الموسيقى في الجوال، وهذا من أسوأ ما يكون.
حكم إرسال رسائل جوال تحث على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وتحث على إرسال الرسالة لعدة
أشخاص


السؤال: أصحاب الجوالات الآن عندهم رسائل فيها: صل على النبي صلى الله عليه وسلم عشر مرات وأرسلها إلى عشرة آخرين، أمانة عليك أن تفعل ذلك؟ الجواب: لا يفعل هذا، وإنما هو يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكثر من الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يشغل نفسه برسائل على الجوالات، افعلوا كذا؛ لا تفعلوا كذا.

من علامات الخوارج الإكثار من الحلق للرأس


السؤال: جاء في الخوارج أن سيماهم التحليق فهل هذا صحيح، وما معناه؟! الجواب: الخوارج علامتهم التحليق، وهذه سمة وعلامة لهم، ولكن قد جاء في السنة ما يدل على أن التحليق في غير الحج والعمرة سائغ وأنه لا بأس به، وإنما المحذور أن يتخذ اقتداءً بالخوارج وتشبهاً بهم.

حكم تكلم حارس الحرم أثناء خطبة الجمعة مع الحجاج الحاملين لبعض العفش

السؤال: بواب الحرم يضطر إلى أن يتكلم يوم الجمعة أثناء الخطبة مع الحجاج الذين معهم شيء من العفش، فهل تلغى جمعته؟ الجواب: الحراس الذين هم مكلفون بأعمال لهم أن يتكلموا في الشيء الذي فيه المصلحة، فهذا من جنس الحارس المؤتمن على شيء فإنه يؤدي الأمانة، فإذا حصل شيء لا يناسب أو نبه على خطأ، فهذا لا بأس به؛ لأن هذا قائم بالحراسة ويمنع من الشيء الذي لا ينبغي أن يدخل في المسجد.

حكم المسح على عضو من أعضاء الوضوء عليه رباط أو ضمادة على جرح


السؤال: المريض الذي يضع على ذراعه شيئاً لمرضه بحيث لا يتمكن من غسل هذا الموضع، هل يتوضأ أم يتيمم؟ الجواب: إذا كان الشيء ثابتاً على محل الوضوء مثل الجبيرة، أو كان في نزعه مضرة، فإنه يغسل البارز ويمسح على المكان المغطى، هذا إذا كان المسح ممكناً ولا يترتب عليه ضرر، وإذا كان الجرح مكشوفاً فله أن يتيمم عن هذا الموضع ويتوضأ عما بقي، وإذا كان مغطى والمسح ممكن فإنه يمسح على المغطى ولا يتيمم.

حكم الصلاة على من أسلم في آخر حياته ودفنه ذووه على طريقتهم الكتابية


السؤال: رجل مسلم له أخوان شقيقان على دين النصارى، أسلمت الأم في آخر حياتها دون أولادها النصارى، عرفوا إسلامها وتوفيت على الإسلام، ولكن ابنها المسلم لم يتول دفنها على طريقة الإسلام، بل دفنها أولادها النصارى، على الطريقة النصرانية بالذهاب بها إلى الكنيسة، وإلى الآن لم يصل عليها صلاة الجنازة، بل دفنت على طريقة النصارى فما الحكم؟ الجواب: إذا كان ابنها ما عرف إسلامها، وإسلامها بالنسبة له مجهول، فالأصل بقاؤها على ما كانت عليه، وأما إذا ثبت إسلامها، فالواجب على ابنها المسلم أن يتولى دفنها مع المسلمين، وعلى طريقة أهل الإسلام. وإذا كان الابن المسلم يعلم بإسلام أمه، ولكن يقول: إذا توليت دفنها على طريقة الإسلام فقد يحدث لي مشاكل مع إخواني النصارى، فلأجل ذلك تركهم؛ فلا ينبغي له ذلك؛ لأنه سيرثها، أما إخوانه النصارى فليس لهم دخل بها. على كل هذا العمل غير صحيح، وكان الواجب عليه أن يقوم بما يلزم؛ لأنه وليها، والكفار أولادها ليسوا أولياء لها. وإذا أمكن التدارك بأن يحملها من مقابر الكفار إلى مقابر المسلمين، فهذا هو الذي عليه أن يفعله. وإذا كانت لم تغسل ولم تكفن التكفين الصحيح، ولم يصل عليها، وإنما دفنت على طريقة النصارى؛ فليدع لها بدل الصلاة عليها، وأما التغسيل فقد يكون جسدها تغير فالتغسيل عندئذٍ يؤثر، ولذا فإنها تُيمم بدلاً عن التغسيل.

حكم التنكيس في قراءة القرآن

السؤال: هل التنكيس في القراءة في الصلاة يجوز؟ الجواب: إذا كان المقصود بالتنكيس تنكيس الآيات فهذا لا يجوز، بمعنى أنه تقرأ آية ثم تقرأ الآية التي قبلها. فهذا لا يجوز؛ لأن قراءة الآيات لابد أن تكون على ترتيبها، تقرأ الآية ثم التي تليها. إذاً: التنكيس فيما يتعلق بالآيات غير سائغ، ولا يجوز أن تقرأ آية ثم تقرأ الآية التي قبلها، وإنما يقرأ كل آية بعد التي قبلها. وأما تقديم السور بعضها على بعض فالأصل أن كل سورة تقرأ بعد التي قبلها، فلا يقدم سورة متأخرة على سورة متقدمة، هذا هو الأصل والذي ينبغي، لكن إذا حصل فإنه لا بأس به، وهو جائز، ولكن الأولى عدمه. والأصل أن يؤتى بالقراءة على ترتيب القرآن، ومما يدل على جوازه قصة الرجل الذي جاء في الحديث أنه كان يقرأ شيئاً من القرآن ويقرأ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] فإنه من المعلوم أن: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ليس بعدها في المصحف إلا سورتان، وهما: سورة الفلق وسورة الناس، ومعنى ذلك أنه سيحصل قراءة شيء متقدم مع قراءة تلك السورة المتأخرة، والأصل الترتيب في السور كما يكون الترتيب للآيات، لكن يختلف حكم ترتيب السور عن ترتيب الآيات.

حكم الانتعال قائماً


السؤال: هل النهي عن الانتعال قائماً للتحريم أو الكراهة؟! الجواب: حديث ابن عمر : (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائماً)، قال المناوي : والأمر في الحديث للإرشاد؛ لأن لبسهما قاعداً أسهل وأمكن، ومنه أخذ الطيبي وغيره تخصيص النهي بما في لبسه قائماً تعب، كالخف وغيره. وحديث: (نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائماً) رواه أبو داود من حديث جابر ، وقال النووي في رياض الصالحين: رواه أبو داود بإسناد جيد، مع أن فيه عنعنة، لكن الشيخ الألباني ذكره عن غير جابر . ورواه ابن ماجة في سننه: كتاب اللباس، باب الانتعال قائماً، فقال: حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى..الحديث. هذا حديث أبي هريرة ، قال الشيخ الألباني رحمه الله: صحيح. وقال ابن ماجة : حدثنا علي بن محمد حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن عمر قال: نهى..الحديث. قال الشيخ الألباني : صحيح. وقال الشيخ عبد العزيز السدحان في محاضرة له عن الشيخ الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله بالجامعة الإسلامية قال: قرئ على الشيخ ابن باز رحمه الله هذا الحديث من السلسلة الصحيحة، وبعد البحث أعل الشيخ ابن باز رحمه الله الحديث بعلة، وهي أن شيخ ابن ماجة في الحديث هو علي بن محمد وهو يرويه عن وكيع بن الجراح ، و وكيع إمام مشهور وطلابه كثر، فكيف يتفرد هذا الراوي علي بن محمد بهذه السنة عن وكيع دون بقية طلاب وكيع ففي النفس منه شيء هكذا قال الشيخ ويقال: هل هذه علة قادحة في الحديث مع وجود رواية أبي داود من طريق أخرى، وله شواهد من حديث أبي هريرة و عبد الله بن عمر و أنس ! الذي يظهر أنه لو كان ما فيه إلا هذا يمكن أن يقال ذلك، لكن ما دام له شواهد وجاء من طرق أخرى غير هذه الطريق، فالذي يظهر أنه صحيح.

حكم الدعاء في الركوع والجمع بين أذكار عدة في الركوع والسجود


السؤال: هل يجوز الجمع بين الأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في السجود أو الركوع مثل قول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) مع: سبوح قدوس رب الملائكة والروح؟ الجواب: معلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) في ركوعه وسجوده، وهذا يدل على أن السجود يمكن أن يثنى على الله فيه، وأن الركوع يمكن أن يدعى فيه؛ لأن قوله: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) مشتمل على ثناء ودعاء، والأصل أن يكون في الركوع التعظيم والثناء، والأصل في السجود أن يكون للدعاء، وإذا أثنى على الله عز وجل في السجود أو دعا الله في الركوع، فإن ذلك سائغ، وقد جاء في الحديث (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم). أما جمع أذكار عدة من الأذكار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الموطن فلا بأس بذلك، لكن الركوع يكثر فيه التعظيم، والسجود يكثر فيه الدعاء.

حكم دعاء الله بغير الأسماء الحسنى الواردة


السؤال: قوله تعالى: وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:180] هل معنى هذه الآية أنه لا يدعى الله عز وجل إلا بما ورد من أسمائه الحسنى، وهل يجوز قول الرجل: يا ستار أو يا فراج أو يا دايم؟ الجواب: أولاً: لا يضاف إلى الله عز وجل من الأسماء إلا ما جاء في كتاب الله أو ثبت في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الألفاظ الأخرى التي لم ترد، ولكن الله عز وجل هو المتصف بها، فهذا يقولون عنه إنه من باب الإخبار عن الله، وليس من باب الإثبات للصفات أو الأسماء لله عز وجل.

حكم الاستثناء في السلام


السؤال: عندنا أحد المدرسين في المدرسة إذا دخل الفصل يقول: السلام عليكم جميعاً إلا واحداً، فما حكم هذا القول؟! الجواب: هذا كلام باطل، كيف يحرم بعض الناس من السلام؟! فهذا كلام غير مستقيم.

حكم تعليق صور الحرمين وغيرها من المساجد على الجدران للزينة


السؤال: ما حكم إلصاق صور المساجد كصورة الحرمين -المسجد النبوي والمسجد الحرام- على الجدران؟ الجواب: لا بأس بذلك.

كيفية صلاة من يعجز عن السجود


السؤال: رجل حصل له كسر في إحدى رجليه، وهو لا يستطيع السجود، فكان يصلي قائماً حيث يقرأ قائماً ويركع قائماً وفي حال السجود يفعل كهيئة الركوع، ويتشهد وهو قائم، فما الحكم فيما يفعل؟! الجواب: إذا كان لا يشق عليه أن يقوم فيصلي قائماً ويركع قائماً، وفي حال سجوده يشير إذا كان لا يستطيع أن يصل إلى الأرض."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 0 والزوار 12)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 377.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 371.83 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.55%)]