الوصايا السلفية للمتعلم والمعلم والأسرة في ابتداء العام الدراسي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ماذا يأكل المسلمون حول العالم؟ استكشف سفرة عيد الأضحى من مصر إلى كينيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 106 )           »          طريقة عمل الفتة بخطوات سريعة.. الطبق الرسمى على سفرة عيد الأضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          مقاصد الحج (ليشهدوا منافع لهم) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          آللَّهِ ما أَجْلَسَكُمْ إلَّا ذَاكَ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 79 )           »          أحكام وفضائل يوم النحر وأيام التشريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 95 )           »          أحكام الأضحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 91 )           »          يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 108 )           »          الحوار آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 98 )           »          خطبة الأضحى 1445 هـ: الكلمة مغنم أو مغرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 96 )           »          خطبة عيد الأضحى: { ولا تتبعوا خطوات الشيطان } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 118 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأمومة والطفل
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأمومة والطفل يختص بكل ما يفيد الطفل وبتوعية الام وتثقيفها صحياً وتعليمياً ودينياً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17-06-2023, 07:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,519
الدولة : Egypt
افتراضي الوصايا السلفية للمتعلم والمعلم والأسرة في ابتداء العام الدراسي

الوصايا السلفية للمتعلم والمعلم والأسرة في ابتداء العام الدراسي
الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري


الحمدُ للهِ الذي وسعَ ﴿ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ، وحكَمَ بشرعهِ على المكلَّفين ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا ، ووفَّقَ مَن أرادَ بهم خيراً فأعطاهم إيماناً ويقيناً وعِلْماً وفِقْهاً وفَهْمَاً، وأشهدُ أن لا إلهَ إلاَّ اللهُ وحده لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ وسلَّم عليه الذي أَنزلَ عليه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا .


أما بعد:
أيها الناس اتقوا الله تعالى، واعلموا أن أحقَّ ما تُصرف فيه الأوقات، ويَتنافس فيه ذوو العُقولِ تعلُّمِ العِلْمِ النافع الذي به تحيى القلوبُ، وتستقيمُ به الأعمالُ، وتزكو به الخِلال، قال ابن القيم: (أفضلُ ما اكتسبته النفُوسُ وحصَّلتهُ الْقُلُوبُ ونالَ بهِ العَبْدُ الرِّفعةَ في الدُّنيا والآخرةِ هوَ العِلْمُ والإيمانُ، ولهذا قرنَ بينَهُما سبحانه في قوله: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ، وقوله: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ، وهؤلاء هُم خُلاصَةُ الوُجُودِ ولُبُّه والْمُؤهَّلُون للمراتب العالية) انتهى.


عبادَ الله: بعدَ غدٍ إن شاءُ الله سنستقبلُ عامَاً دراسياً جديداً، وهذه وصايا ثمينة لكَ أيها الطالبُ المتعلِّم، ولَكَ أيها المعلِّمُ، وللأسرة المسلمة.
الوصيةُ الأولى: اعلموا أن طلبَ العلمِ عبادة، وشرطُ قَبولِهِ الإخلاصُ للهِ والمتابعةُ لرسولهِ صلى الله عليه وسلم، فالعِلمُ لا يعدِلُهُ شيءٌ، (قال مُهَنَّى: قُلتُ لأحمدَ بنِ حنبلٍ: ما أفضلُ الأعمال؟ قالَ: طَلَبُ العِلْمِ، قال: لِمَنْ صَحَّت نيَّتُهُ) انتهى، وقال سفيان الثوريُّ: (ما نَعْلَمُ شيئاً أفضَلَ من طَلَبِ العِلْمِ بنيَّةٍ) انتهى.


وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في إجابته الجامعة: (مَنْ قاتَلَ لتكُونَ كلِمَةُ اللهِ هيَ العُلْيَا فهُوَ في سبيلِ اللهِ) متفقٌ عليه، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (إنَّ اللهَ لا يَقْبَلُ منَ العَمَلِ إلاَّ ما كانَ لَهُ خَالِصاً وابتُغِيَ بهِ وَجْهُهُ) رواه النسائي وجوَّد إسناده ابن حجر، وقال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: («مَنْ تعَلَّمَ عِلْماً مِمَّا يُبتَغَى بهِ وجْهُ اللهِ عزَّ وجَلَّ لا يَتَعَلَّمُهُ إلاَّ ليُصِيبَ بهِ عَرَضاً منَ الدُّنيا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجنَّةِ يومَ القيامةِ»، يَعني رِيحَهَا) رواه أبو داود وجوَّد إسناده البوصيري.


وأخبرَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أن أول مَن تُسعَّر بهم النار يوم القيامة: مَن جَمَعَ القرآنَ لكي يُقال: (فلانٌ قارئٌ) رواه الترمذي وأصله في صحيح مسلم.


فلا بُدَّ للطالبِ والْمُعلِّمِ والأُسرة من تعاهُدِ النيَّة ومُعالجتها، قال الثوريُّ: (ما عالَجْتُ شيئاً أَشدَّ علَيَّ مِن نِيَّتي، إنهَا تَقَلَّبُ علَيَّ) رواه الخطيب البغدادي.


وقال الفَضْلُ بنُ زِيادٍ: (سَأَلْتُ أبا عبدِاللهِ - يَعني أحْمَدَ - عنِ النِّيَّةِ في الْعَمَلِ، قُلْتُ كيفَ النِّيَّةُ؟ قالَ: يُعالِجُ نفْسَهُ إذا أرَادَ عَمَلاً لا يُرِيدُ بهِ الناسَ) انتهى.


الوصيَّةُ الثانية: اعلموا أن ثَمَرةَ العِلْمِ: العَمَلُ: فأعظمُ ما يُورثهُ العِلْمُ في قلب الْمُتعلِّم والْمُعلِّم: الخشيةُ من الله، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ، قال يحيى بنُ أبي كثير: (العالمُ مَن يَخشى اللهَ عزَّ وجلَّ) رواه أبو نُعيم في الحلية.
فالخشيةُ في قلب المتعلِّم تحملُه على الطاعة والعبادة، وإلا فليتهم نيَّته.


وإذا جَعلَ المتعلِّم غاية علمه العملَ به، كسره العلمُ وبلغ مُرادَه إن شاء الله، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا ، قال إبراهيم النخعي: (مَنِ ابْتَغَى شيئاً مِنَ الْعِلْمِ يَبْتَغي بهِ اللهِ آتَاهُ اللهُ مِنهُ ما يَكْفيهِ) رواه ابن أبي شيبة.


فالْمُتعلِّمُ الْمُخلصُ كلَّما ازداد علماً صَفَت نيَّتُه، قال مجاهد رحمه الله: (طَلَبْنا هذا العِلْمَ وما لَنا فيهِ كَبيرُ نِيَّةٍ، ثُمَّ رَزَقَ اللهُ بعدُ فيهِ النِّيَّةَ) رواه الدارمي، وقال معمر رحمه الله: (إنَّ الرَّجُلَ لَيَطْلُبُ العِلْمَ لغيرِ اللهِ فَيَأْبَى عليهِ العِلْمُ حتى يكونَ للهِ) رواه ابن عبد البر.


قال الذهبيُّ مُعلِّقاً: (نعَمْ، يَطلُبُهُ أولاً والحاملُ لهُ حُبُّ العِلْمِ، وحُبُّ إزالةِ الجَهْلِ عنهُ، وحُبُّ الوَظائفِ، ونحوِ ذلكَ، ولَمْ يكُن عَلِمَ وُجُوبَ الإخلاصِ فيهِ ولا صِدْقَ النِّيَّةِ، فإذا عَلِمَ حاسَبَ نفْسَهُ، وخافَ مِن وَبالِ قَصدِهِ، فتَجيئُه النِّيَّةُ الصالحةُ كُلُّها أو بعْضُها، وقد يَتُوبُ من نيَّتِهِ الفاسدَةِ ويَندَمُ) انتهى.


الوصيَّةُ الثالثة: ألاَّ يَنظرَ الْمُتعلِّمُ والْمُعلِّمُ والأُسرةُ لأنفسهم بعينِ الكَمال، فعن (عائشةَ زَوْجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالتْ: سَأَلْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عن هذهِ الآيةِ: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ، قالت عائشةُ: أَهُمُ الذينَ يَشربُونَ الخَمْرَ ويَسْرِقُونَ؟ قالَ: لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ، ولكنَّهُمُ الذينَ يَصُومُونَ ويُصلُّونَ ويَتَصدَّقُونَ، وهُمْ يَخافُونَ أنْ لا تُقْبَلَ منهُم، ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) رواه الترمذي وصحَّحه الألباني.


و(عن الوليد بن مسلم قال: سألتُ الأوزاعيَّ وسعيدَ بنَ عبدِ العزيزِ وابنَ جُرَيجٍ: لِمن طلبتُمُ العلمَ؟ قال: كُلُّهُم يقولُ: لنفسي، غيرَ ابنِ جُريج فإنه قال: طلبتُهُ للناسِ) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.


قال الذهبيُّ مُعلِّقاً: (ما أحسَنَ الصِّدْقَ، واليومَ تَسألُ الفَقيْهَ الغَبيَّ: لِمَنْ طَلبتَ العِلْمَ؟ فيُبادرُ ويقُولُ: طَلبتُهُ للهِ، ويَكْذِبُ، إنما طَلبَهُ للدُّنيا، ويا قِلَّةَ ما عَرَفَ مِنْهُ) انتهى.


(وقيل للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: تعلَّمتَ هذا العلمَ لله؟ فقال: أمَّا للهِ فعزيزٌ، ولكنْ شيءٌ حُبِّبَ إليَّ ففعلتُه) انتهى.


وقال هشامٌ الدُّستُوائيُّ: (واللهِ مَا أستطيعُ أن أقولَ إني ذهبتُ يوماً قطُّ أطلبُ الحديثَ أُريدُ بِهِ وجهَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ)، قال الذهبيُّ مُعلِّقاً: (واللهِ ولا أَنا، فقدْ كانَ السَّلَفُ يَطلُبُونَ العِلْمَ للهِ، فنَبُلُوا وصارُوا أئمَّةً يُقتَدَى بهِمْ)، وعلَّق أيضاً: (هذا يقولُه مَعَ شهادةِ شُعبةَ، وما أدراكَ مَا شعبةُ، لَهُ بإخلاصِ النيَّةِ، قالَ أحمدُ بنُ حنبلٍ: ما نروي عن أثبت من هشام الدستوائي، أمَّا مثلُه فعسى) انتهى.


الوصيَّةُ الرابعة: أن يَحذر المتعلِّمُ والمعلِّمُ والأُسرةُ من محبَّةِ الحظوةِ والْمَحْمَدةِ: قال إبراهيمُ بن أدهم: (مَا صَدَقَ اللهَ عبدٌ أَحَبَّ الشُّهرَةَ) رواه البخاري في التاريخ الكبير.
وقال أيوب السختياني: (واللهِ ما صَدَقَ عبدٌ إلاَّ سَرَّهُ أنْ لا يُشْعَرَ بمكانِهِ) رواه أبو نُعيم.


قال بريدةُ بنُ الحُصيب رضي الله عنه: (شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحَ خيبر، فكنتُ فيمن صَعِدَ الثُّلْمةَ، فقاتلتُ حتى رُئيَ مكاني، وأبليتُ وعليَّ ثوبٌ أحمَرُ، فلم أعلم أني ركبتُ في الإسلام ذنباً أعظمَ منه، للشُّهرةِ) رواه ابنُ عدي، قال الذهبي مُعلِّقاً: (بلَى، جُهَّالُ زَمانِنا يَعُدُّوْنَ اليومَ مِثلَ هذا الفِعْلِ مِن أعظَمِ الجِهادِ) انتهى.


و (عن خالدِ بنِ مَعْدانَ أنهُ كانَ إذا كَثُرَتْ حلَقَتُهُ قامَ مَخافَةَ الشُّهْرَةِ)، و(عن أبي العَالِيَةِ أنهُ كان إذا جَلَسَ إليهِ أكثرُ من ثلاثةٍ قامَ) رواهما ابن أبي الدنيا.


وقد كان السلف يُحبُّون انتشار الخير بين الناس ولو على لسان غيرهم، وإذا رأوا مَن هو أحسنُ منهم تعليماً وتعلُّماً فرِحُوا بذلك، قال الشافعي: (ما ناظرتُ أحَداً قَطُّ إلا أحبَبْتُ أنْ يُوفَّقَ ويُسَدَّدَ ويُعَانَ، ويكُونَ عليهِ رِعايةٌ منَ اللهِ وحِفْظٌ، وما ناظَرْتُ أحَداً إلاَّ ولَمْ أُبالِ بَيَّنَ اللهُ الحَقَّ على لساني أو لسانِهِ) رواه أبو نُعيم في الحِلية.


أسأل الله أن يُعلِّمْنا ووالدينا وأولادنا ما يَنفعُنا، وأن يزِيدَنا عِلْماً لا يُنسى، اللهُمَّ يا عالِمُ يا عليمُ يا علاَّمَ الغيوبِ علِّمنا كتابَكَ وارْزُقنا حَلالاً، آمين، آمين، إنك جوادٌ كريمٌ رؤوفٌ رحيمٌ.

الخطبة الثانية
أمَّا بعدُ: فأمَّا الوصيةُ الخامسة: أن يَهتمَّ المتعلِّمُ والمعلِّمُ والأسرة بما يَعنيهم، فمن حُسنِ إسلامكَ وكَمالِ إيمانكَ وتَمامِ إخلاصكَ أن تهتمَّ بما يُفيدُك، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: (مِن حُسْنِ إسلامِ الْمَرْءِ تَركُهُ ما لا يَعْنِيهِ) رواه الترمذيُّ وصحَّحهُ ابنُ القيِّم.


ومن قلَّةِ الدِّيانةِ: التوسُّع في الجِدال مع تركِ أولوياتِ العلم، قال الأوزاعيُّ: (إذا أرَادَ اللهُ بقومٍ شَرَّاً فَتْحَ عليهِمُ الجَدَلَ ومَنَعَهُمُ الْعَمَلَ) رواه الخطيب البغدادي.


ومن إخلاص المتعلِّم والمعلِّم: التهيُّب من الفتوى، قال ابنُ أبي ليلى: (لقدْ أدركْتُ في هذا المسجدِ عشرِينَ ومِائةً منَ الأنصارِ وما منهُمْ من أحَدٍ يُحدِّثُ بحديثٍ إلاَّ وَدَّ أنَّ أخاهُ كفَاهُ الحديثَ، ولا يُسأَلُ عن فُتْيَا إلا وَدَّ أنَّ أخاهُ كَفَاهُ الفُتْيا) رواه الدارمي.


الوصيةُ السادسة: المداومةُ على طلبِ العلمِ حتى الْمَمات، ولذا أمرَ الله تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم باستزادته من العلم، فقال سبحانه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ، مع أن الله قال له: ﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ، قال أنس بن مالكٍ: (إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ تَابَعَ الوَحْيَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قَبْلَ وَفاتهِ حتَّى تُوُفِّيَ، وأَكْثَرُ ما كانَ الوَحْيُ يومَ تُوُفِّيَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ) رواه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم.


وعن (صالح بن أحمد بن حنبل، قال: رأى رجل مع أَبي مِحْبَرَة - وهي القنيِّنة الصغيرة يُوضع بها الحِبر - فقال له: يا أبا عبد الله، أَنتَ قد بلغتَ هذا المبلغ، وأنتَ إمامُ المسلمين؟ فقال: مَعَ الْمِحبرةِ إلى الْمَقْبرةِ) رواه ابن الجوزي.


وقال القاضي النهراوني: (وَحكى لي بعض بني الفُرَات عن رجلٍ منهُم أو من غيرهم، أنه كانَ بحضْرَة أبي جعفر الطَّبرِي رحمه الله قبل مَوتهِ وتُوفِّي بعدَ ساعةٍ أو أقلَّ مِنهَا، فذكر لهُ هذا الدُّعاء عن جعفر بن محمد عليهِما السلام، فاستدعى محبرةً وصحيفةً فكتبها، فقيل لهُ أفي هذه الحال؟ فقالَ: يَنبغي للإنسان أن لا يدعَ اقتباسَ العلمِ حتى يَمُوت) انتهى.


الوصية السابعة: عدم الإسراف والمبالغة في المستلزمات المدرسيةِ، كشراءِ ما يُسمَّى بالعلامات التجارية والماركات العالمية بدعوى الجودة أحياناً، والموضة حيناً آخر، الأمر الذي يُرهقُ الكثيرَ من الأُسَرِ، معَ تزامن موسم العودةِ للمدارسِ مع موسم عيدي الفطرِ والأضحى، وسفرِ الكثير من الأُسَرِ في العُطلة الصيفية، فعلى المتعلِّم والمعلِّم والأسرة أن تعلو همَّتُهم للعلم، فهذا البخاريُّ إمام أهل الحديث قَصُرَت به النفقةُ حتى أكلَ العِشب، وهذا مالك بن أنس إمام دار الهجرة نقَضَ سقفَ بيته فباعَ خشَبَهُ من أجل العلم.


الوصيَّة الثامنة: القيام بحقوق المُعلِّمين الذين يُزيلون بتعليمهم في المساجد والمدارس والجامعات الجَهالات، ويُوضِّحون الهُدى من الضلالات، يُعلِّمون أولادنا الكتابةَ والقُرآن، والعلوم المتنوِّعة النافعة والحِكمةَ والبيان، كم صغيرٍ ألحقوه بالتعليم بالأكابر؟ وكم جاهلٍ نال بتفهيمهم درجةَ الأذكياءِ الأفاضل؟ وكم خيرٍ دينيٍّ ودُنيويٍّ تَمَّ بالتعليم، وكم ضلالٍ وجهلٍ وشرٍّ اضمحلَّ بالتوجيهِ إلى الخيرِ والتفهيم؟ فلهؤلاء المعلِّمين علينا حقوقٌ أربعةٌ:
حقُّ الله الذي أوجب علينا القيام بحقِّ المعلِّمين على الوجهِ الخاصِّ والعام.


وحقُّ الإسلام، وما للمسلمين من الحُرمة والاحترام، فالدِّين هو النصيحة لجميع المسلمين، وخصوصاً هؤلاء الفضلاء من المعلمين، علينا أن نشكرهم على ما أوْلَوا علينا من المنافع، ونذُبَّ عن أعراضهم لسانَ كلِّ مُحبٍّ للفَتِّ قاطعٍ.


والحقُّ الثالث: حقُّ ولاةِ الأُمور وفقهم الله، الذين اختاروا المعلِّمين النُّبلاءِ لتعليم شبابنا الْمُقبِلِ وناشئتنا، وأنفقوا عليهم وعلى المدارس والجامعات الأموال الطائلة، وجَعُلوا التعليم بالْمَجَّانِ فأراحونا بذلك من المغارم الفادحة، أفلا نشكرُ ولاةَ أُمورنا على هذا الإحسان الذي ليس له عديلٌ، ونُكرِمَ المعلِّمين الذين وظَّفُوهُم لنفعنا ونفع أولادنا بالتكريمِ لهم والتبجيل؟.


والحقُّ الرابع: الإغضاءُ عن زلاَّتِهم، وسَتْرُ عوراتهم، وإقالةُ عثراتهم، وأن على مَن شاهدَ في أحَدٍ منهم مُنتَقَداً: أن يُشافهه سِرَّاً بالنصيحة، ولا يُشيعَ ذلكَ عَلَناً فتعود النصيحةُ فضيحة، فإن ضَعُفَ عن المشافهة: ناصَحَه بالمُلاطفةِ والمُكاتبة، فإنْ ضَعُفَ عن ذلك كُلِّه: وسَّطَ في ذلك أهل الخيرِ من الناصحين، وحَرِصَ بجدِّه واجتهادِه على سَتْرِ عوراتِ المسلمين.
اللهمَّ صلِّ على محمدٍ، اللهُمَّ أنزِلْهُ الْمَقْعَدَ الْمُقرَّبَ عندكَ يومَ القيامَةِ، آمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 63.03 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.36 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.65%)]