|
ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الحرمان من الخير صوره وأسبابه
الحرمان من الخير صوره وأسبابه محمد عطية يشعر الإنسان بالحرمان من الخير عندما يرى غيره يتقلب في نعم الله تعالى وربما شعر بالغيرة أو الحقد تجاه من أنعم الله عليهم وقد يحسب أن إعطاء الله تعالى لبعض خلقه دليل على رضاه عنهم وان منعه سبحانه وتعالى بعض النعم عن بعض الخلق دليل على سخطه جل جلاله، وقد بين الله تعالى خطأ هذا الفهم حين قال {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا} [الفجر: 15 – 17] هل الحرمان من الإنجاب أو من المال هو الحرمان الأكبر؟ إن المال قد يتوافر وقد يرزق الله البنين والبنات، ويكون كل منهما سبباً في شقاء صاحبه {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ } [التوبة: 55]. وقد يحرم الإنسان من الأولاد لكن الله تعالى ينعم عليه بنعمة الرضا ويجعل في قلوب أطفال أقاربه حنينًا له، ربما أكثر من والديهم وبذلك يشعر أنه أب للأسرة كلها كبيرها وصغيرها. وقد يعوض الله تعالى من حرم من المال بحسن التدبير والقناعة والجد في السعي حتى يرزقه الله من فضله الواسع وينتقل من صفوف الفقراء إلى جوار الأغنياء. إن العطاء الإلهي مبني على الحكمة التي قد تبدو لنا وكثيرا ما تغيب عنا لكن ما هو الشيئ الذي إذا حرمنا منه كنا حقا محرومين؟ صور الحرمان من الخير نعود إلى الكتاب والسنة نبحث فيهما عن صور الحرمان وأسبابه، فنجد من صور الحرمان :
إن المحروم من الخير ذاك الذي فاتته تلك الليلة التي هي خير من ألف شهر فلم يوفق لإحيائها ولو بأداء صلاة العشاء والتراويح والفجر في جماعة. إنه العاجز عن أن يشغل لسانه وقلبه بهذا الدعاء (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، ومهما كانت ضغوط العمل يستطيع أن ينطق بهذه الكلمات المباركات، لقد حرم الثواب الكامل والغفران الشامل، حرم خيرا كثيرا لا يستطيع أحد أن يصفه.
أما عن سبب الحرمان من الخير في الدنيا والآخرة فمنها :
وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ؟ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلَائِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وقَالَ الْوَلِيدُ أَبُو عُثْمَانَ فَأَخْبَرَنِي عُقْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ شُفَيًّا هُوَ الَّذِي دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا قَالَ أَبُو عُثْمَانَ وَحَدَّثَنِي الْعَلَاءُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ أَنَّهُ كَانَ سَيَّافًا لِمُعَاوِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ بِهَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ قَدْ فُعِلَ بِهَؤُلَاءِ هَذَا فَكَيْفَ بِمَنْ بَقِيَ مِنْ النَّاسِ ثُمَّ بَكَى مُعَاوِيَةُ بُكَاءً شَدِيدًا حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ هَالِكٌ وَقُلْنَا قَدْ جَاءَنَا هَذَا الرَّجُلُ بِشَرٍّ ثُمَّ أَفَاقَ مُعَاوِيَةُ وَمَسَحَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَالَ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [الشورى 20]. الحرمان من النعيم والحرمان من النعيم في الآخرة أحد أقسى أنواع الحرمان وعندما نعلم أن هذا الحرمان سببه استعجال لذة محرمة في الدنيا، ويأتي هذا الحرمان كنذير لنا لكي نكف أنفسنا عن المحرمات قانعين بما آتانا الله من فضله منتظرين ما اعده الله لعباده الصالحين الذين استقاموا مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا، حُرِمَهَا فِي الْآخِرَةِ لَمْ يُسْقَهَا “ الحرمان بسبب الاستعجال وهناك قاعدة استقاها أهل الحكمة من مجموع النصوص الشرعية وهي:”من استعجل شيئا قبل أوانه عوقب بحرمانه”، وهذه القاعدة تهذب نفوسنا وتربينا على الحكمة التي تقتضي أن لكل شيء موعدا مناسبا فتناول الطعام قبل نضجه مؤلم للمعدة ويحرم من التللذ بطعمه والانتفاع بفوائده وكذلك كل شيء يستعجله الإنسان. أسباب أخرى للحرمان من الخير
ويقتضي الرحمة فإن الرفيق يراعي الضعف الإنساني، ويقتضي الصبر فإن المشاكل المعقدة لا تحل بين يوم وليلة، وقد أوصى الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بالرفق {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } [آل عمران: 159] فمع ما أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من معجزات وما ايده الله تعالى به من الآيات يوصيه الحق سبحانه بالرفق واللين. لم يجعل الله تعالى الدنيا دار جزاء بل جعلها دار ابتلاء، وأحد أوجه البلاء حرمان الإنسان مما يحب، وقد يكون فيما يحبه هلاكه وخسارته لدنياه وأخراه. أما المؤمنون حقا فهم يعلمون أن الله تعالى حرمهم من أشياء وأعطاهم ما لا يعد ولا يحصى من النعم، وأنه سبحانه ما حرمهم مما يحبون إلا لحكمة عليا فإذا رضوا بقسمة الخلاق العليم سعدوا وفازوا، وعوضهم الله تعالى خيرا مما يريدون في الدنيا والآخرة، وإذا اعترضوا لم ينالوا إلا ما قدر لهم وحرموا من رضوان الله تعالى عليهم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |