|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل
إن الله خلق دارين وخص كل دار بأهل الله سبحانه مع كونه خالق كل شيء فهو موصوف بالرضا والغضب والعطاء والمنع والخفض والرفع والرحمة والانتقام، فاقتضت حكمته سبحانه أن خلق داراً لطالبى رضاه العاملين بطاعته المؤثرين لأمره القائمين بمحابة وهى الجنة، وجعل فيها كل شيء مرضي وملأها من كل محبوب ومرغوب ومشتهى ولذيذ، وجعل الخير بحذافيره فيها، وجعلها محل كل طيب من الذوات والصفات والأقوال. وخلق داراً أخرى لطالبى أسباب غضبه وسخطه، المؤثرين لأغراضهم وحظوظهم على مرضاته، العاملين بأنواع مخالفته، القائمين بما يكره من الأعمال والأقوال، الواصفين له بما لا يليق به، الجاحدين لما أخبرت به رسله من صفات كماله ونعوت جلاله ، وهى جهنم، وأودعها كل شيء مكروه وسجنها مليء من كل شيء مؤذ ومؤلم، وجعل الشر بحذافيره فيها، وجعلها محل كل خبيث من الذوات والصفات والأقوال والأعمال. فهاتان الداران هما دارا القرار. وخلق داراً ثالثة هى كالميناء لهاتين الدارين، ومنها يتزود المسافرون إليهما، وهى دار الدنيا، ثم أخرج إليها من أثمار الدارين بعض ما اقتضته أعمال أربابهما وما يستدل به عليهما، حتى كأنهما رأى عين، ليصير للإيمان بالدارين- وإن كان غيباً- وجه شهادة تستأنس به النفوس وتسدل به، فأخرج سبحانه إلى هذه الدار من آثار رحمته من الثمار والفواكه والطيبات والملابس الفاخرة والصور الجميلة وسائر ملاذ النفوس ومشتهاها ما هو نفحة من نفحات الدار التى جعل ذلك كله فيها على وجه الكمال، فإذا رآه المؤمنون ذكرهم بما هناك من الخير والسرور والعيش الرخى كما قيل: فإذا رآك المسلمون تيقنوا حور الجنان لدى النعيم الخالد فشمروا إليها وقالوا: اللَّهم لا عيش إلا عيش الآخرة وأحدثت لهم رؤيته عزمات وهمماً وجداً وتشميراً، لأن النعيم يذكر بالنعيم، والشيء يذكر بجنسه، فإذا رأى أحدهم ما يعجبه ويروقه ولا سبيل له إليه قال: موعدك الجنة، وإنما هى عشية أو ضحاها. فوجود تلك المشتهيات والملذوذات فى هذه الدار رحمة من الله يسوق بها عباده المؤمنين إلى تلك الدار التى هى أكمل منها، وزاد لهم من هذه الدار إليها، فهى زاد وعبرة ودليل، وأثر من آثار رحمته التى أودعها تلك الدار، فالمؤمن يهتز برؤيتها إلى ما أمامه، ويثير ساكن عزماته إلى تلك، فنفسه ذواقة تواقة، إذا ذاقت شيئاً منها تاقت إلى ما هو أكمل منه حتى تتوق إلى النعيم المقيم فى جوار الرب الكريم. وأخرج سبحانه إلى هذه الدار أيضاً من آثار غضبه ونقمته من العقوبات والآلام والمحن والمكروهات من الأعيان والصفات ما يستدل بجنسه على ما فى دار الشقاء من ذلك، مع أن ذلك من آثار النفسين الشتاء والصيف اللذين أذن الله سبحانه بحكمته لجهنم أن تتنفس بهما، فاقتضى ذانك النفسان آثاراً ظهرت فى هذه الدار كانت دليلاً عليها وعبرة. وقد أشار تعالى إلى هذا المعنى ونبه عليه بقوله فى نار الدنيا: {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لّلْمُقْوِينَ}* [الواقعة: 73]، تذكرة تذكر بها الآخرة ومنفعة للنازلين بالقواءِ وهم المسافرون، يقال: أقوى الرجل إذا نزل بالقِى والقَوَى وهى الأرض الخالية، وخص المقوين بالذكر وإن كانت منفعتها عامة للمسافرين والمقيمين تنبيهاً لعباده- والله أعلم بمراده من كلامه- على أنهم كلهم مسافرون وأنهم فى هذه الدار على جناح سفر ليسوا هم مقيمين ولا مستوطنين وأنهم عابرو سبيل وأبناء سفر. والمقصود أنه سبحانه أشهد فى هذه [الدار] ما أعد لأوليائه وأعدائه فى دار القرار، وأخرج إلى هذه الدار من آثار رحمته وعقوبته ما هو عبرة ودلالة على ما هناك من خير وشر، وجعل هذه العقوبات والآلام والمحن والبلايا سياطاً يسوق بها عباده المؤمنين، فإذا رأوها حذروا كل الحذر واستدلوا بما رأوه منها وشاهدوه على ما فى تلك الدار من المكروهات والعقوبات، وكان وجودها فى هذه الدار وإشهادهم إياها وامتحانهم باليسير منها رحمة منه بهم وإحساناً إليهم وتذكرة وتنبيهاً. ولما كانت هذه الدار ممزوجاً خيرها بشرها وأذاها براحتها ونعيمها بعذابها اقتضت حكمة أحكم الحاكمين أن خلص خيرها من شرها وخصه بدار أخرى هى دار الخيرات المحضة ودار السرر المحضة، فكتب على هذه الدار حكم الامتزاج والاختلاط وخلط فيها بين الفريقين، وابتلى بعضهم ببعض، وجعل بعضهم لبعض فتنة، حكمة بالغة بهرت العقول وعزة قاهرة. فقام بهذا الاختلاط سوق العبودية كما يحبه ويرضاه، ولم تكن تقوم عبوديته التى يحبها ويرضاها إلا على هذا الوجه، بل العبد الواحد جمع فيه بين أسباب الخير والشر، وسلط بعضه على بعض ليستخرج منه ما يحبه من العبودية التى لا تحصل إلا بذلك. فلما حصلت الحكمة المطلوبة من هذا الامتزاج والاختلاط أعقبه بالتمييز والتخليص، فميز بينهما بدارين ومحلين، وجعل لكل دار ما يناسبها، وأسكن فيها من يناسبها، وخلق المؤمنين المتقين المخلصين لرحمته، وأعداءه الكافرين لنقمته، والمخلصين للأمرين: فهؤلاء أهل الرحمة وهؤلاء أهل النقمة، وهؤلاء أهل النقمة والرحمة. وقسم آخر لا يستحقون ثواباً ولا عقاباً. لأبن القيم الجوزية
__________________
اللهم ثبت قلبي على دينك
|
#2
|
||||
|
||||
رد: إن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل
نسأل الله أن نكون من أهل الآخرة بارك الله فيكِ أخيتي
__________________
تكويني شهقات الثكالى طعنات توالى دمعة الطفل الغرير |
#3
|
||||
|
||||
رد: إن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل
اقتباس:
اللهم آآآآآمين شكرا لمرورك الكريم أخي الفاضل
__________________
اللهم ثبت قلبي على دينك
|
#4
|
||||
|
||||
رد: إن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل
بارك الله فيكِ اختى الغالية على المشاركه الطيبة منك |
#5
|
||||
|
||||
رد: إن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل
اقتباس:
وبارك فيك وجزاك ربي الجنة أختي الغالية وشكرا لمرورك الغالي
__________________
اللهم ثبت قلبي على دينك
|
#6
|
||||
|
||||
رد: إن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل
جزاك الله كا خير اختي و جعلنا من اهل الاخرة .
__________________
لقدس الأبية منصورة بعون الله منصورة كــــــــــــــــــلــــــــــــــــــنا لفلــــــــــسطين |
#7
|
||||
|
||||
رد: إن الله خلق داريْن وخصَّ كل دار بأهل
وجزاك أختي شكرا لمرورك الغالي وطيب دعائك
__________________
اللهم ثبت قلبي على دينك
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |