السياسة الشرعية

[ابوالوليد المسلم]

السياسة الشرعية (41)


– حقيقة الوهابية؟!


إن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب هي دعوة التوحيد, دعوة للالتزام بكتاب الله عز وجل وبهدي نبيه صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام والسلف الصالح, دعوة ضد كل البدع والمحدثات في ديننا وشريعتنا, اتهمها أعداؤها بتهم عدة باطلة, منها أنهم ألصقوا بتلك الدعوة المباركة مسمى: «الوهابية»، وهذا مصطلح خطأ لسببين:
- الأول: خطأ تاريخي؛ لأن الوهابية التي حذر منها علماء المسلمين كانت في القرن الثاني الهجري, وهي فرقة تنسب لعبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم, وهي فرقة إباضية خارجة مناوئة لأهل السنة والجماعة ومخالفة لتعاليم الإسلام وكان انتشارها في شمال أفريقيا.
- الثاني: خطأ لغوي؛ لأن كلمة الوهابية نسبة لوالده وهو لم يقم بها، فضلاً عن ذلك أن دعوة الشيح محمد بن عبدالوهاب لا تتوافق مع الخوارج الإباضية في آرائهم, ولا غيرهم من الفرق التي ذمها علماء أهل السنة منذ نشأت في ديار المسلمين.
في زمن الشيخ محمد بن عبد الوهاب انتشر الشرك في أنحاء الجزيرة العربية حتى أصبح الناس مشركين كمشركي الجاهلية يتعلقون بغير الله تعالى فيتعلقون بالأولياء والصالحين وغيرهم من الأوثان والأصنام؛ لذلك تجد أن أول ما قامت عليه دعوة الشيخ هي الإنكار على ما رآه سائدًا في زمانه من مفاسد كالتبرك بالقبور والتعلق بالتمائم، وهي بالطبع أعمال تنافي التوحيد بالله, فكانوا يتعلقون بتلك الجمادات طلباً للنفع أو دفعاً للضر, ونسوا أن الله هو النافع الضار القادر على كل شيء, لقد شق على الشيخ الكريم ما رآه من أفعال شركية بائنة, أفعال فيها جرأة على الخالق المعبود بصرف القلب والعمل إلى غيره, مع أنه هو المنعم والمتفضل سبحانه بكل شيء. فعمل على التحذير من تلك الأمور, وقام بهدم تلك الأضرحة والمشاهد المبنية على القبور وهدم القباب على قبور آل البيت وقبور بعض الصحابة بالبقيع، فالشيخ الذي قام بدعوته للقضاء على الشوائب التي دخلت الإسلام في صفائه ونقاوته رغبة منه في تصحيح العقائد وتنقيتها من البدع والشرك, سار على هذا الدرب مثلما سار من قبله دعاة المسلمين مثل: أحمد بن حنبل في العراق, والعز بن عبد السلام في مصر, وشيخ الإسلام ابن تيمية في الشام, والشاطبي في المغرب والأندلس.
إن كل ما أراده الشيخ محمد بن عبد الوهاب في دعوته هو إزالة ما تعلق بالدين وتعاليمه القويمة من شوائب قد تُفسد المنهج، فأراد أن يصحح ما أُدخل على التوحيد ولاسيما توحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات من مشاركةٍ للمخلوق مع الخالق في صرف ما هو لله عز وجل.
تلك الدعوة السلفية الصحيحة التي نبعت من وسط الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر, في وقت كان المسلمون في كافة أنحاء المعمورة أحوج ما يكونون إليها؛ لإنقاذهم من الجهل الذي طبع على قلوبهم وصارت العادات عبادات, وانتشرت مفاهيم خاطئة حول العقيدة والعبادات, وظهر علماء يجهلون أمور دينهم، بل يأمرون الناس بالاقتداء بهم, كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يخشاه على أمته من العلماء المضلين, الذين يفتون بغير ما أنزل الله فيضلون ويُضلون في قوله صلى الله عليه وسلم : «إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعًا, ولكن ينتزعه مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال فَيُستفتون فيفتون برأيهم فيَضلون ويُضلون» رواه البخاري.
والله الموفق والمستعان.




اعداد: محمد الراشد

[ابوالوليد المسلم]

السياسة الشرعية (42)


-اتهامات باطلة



عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن رستم مؤسس الوهابية وذلك في القرن الثاني الهجري, وانتشرت في الشمال الإفريقي, وهي فرقة متشعبة من الوهبية الفرقة الإباضية الخارجة نسبة إلى مؤسسها عبد الله بن وهب الراسبي، الذي قاتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه في النهروان، وبعضهم يسميها الراسبية. إذاً هناك ما يسمى بالوهابية وما يسمى بالوهبية, وكلتاهما فرقتان مناوئتان لأهل السنة في المغرب؛ لأنهما تخالفهم في المعتقد, هذا وقد كفّرهما كثير من علماء المغرب العربي.
ولما ظهرت الدعوة السلفية المباركة في نجد غيرةً على دين الله على يد الإمام محمد بن عبد الوهاب, ولقيت استحسانًا من عوام الناس لما فيها من إصلاح وخير لدينهم ودنياهم, حاربها أعداؤها, فألقوا عليها مصطلح الوهابية, ولما كانت الوهابية أو الوهبية تتعلق بأذهان الناس أنها الفرقة الإباضية الخارجة عن الدين, إذاً دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب ما هي إلا فرقة إباضية متعصبة تريد أن تشتت المسلمين وتفرقهم.
هذا ما أرادوا نشره بين عوام الناس وخواصهم أيضا, وبالطبع هذا منافٍ للحقيقة؛ فإن إلصاق هذا الاصطلاح بالدعوة السلفية جاء من باب التنفير فقط, حيث حركت ذلك اللقب ودعت إليه بعض الطرق الصوفية؛ لأنهم رأوا صدق تلك الدعوة وخطورتها عليهم وعلم المسلمون تزييف ما يفعلونه تجاه تعظيم القبور والأضرحة وجمع الأموال والنذور مما يؤثر بشكل مباشر على مصالحهم ومكتسباتهم, بالإضافة إلى رغبة أعداء الإسلام في تفكيك المسلمين وإبعادهم عن دينهم الصحيح حسب منهج النبي صلى الله عليه وسلم ومنهج صحابته الكرام وسلفنا الصالح؛ لأن فترة قيام هذه الدعوة بمناصرة آل سعود في الجزيرة العربية واهتمام المسلمين بها وانتشارها بشكل واسع جاءت متزامنة مع مطامع المستعمر في بلاد المسلمين ورغبتهم الملحة في الاستيلاء على خيرات تلك البلاد, وكما نعلم جميعًا مبدأ المستعمر «فرق تسد».
واستكمالاً لحملة التشويه لدعوتنا السلفية التصحيحية، دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، انطلقت افتراءات عدة باطلة مناهضة لتلك الدعوة, كادعاء بعضهم أن ابن سعود -الأمير سعود بن عبد العزيز الحاكم الثالث للمملكة العربية السعودية- يمنع الناس من زيارة المدينة المنورة.
وأذاعوا هذا الهراء في زمن تنتشر فيه الأمية؛ فالناس لا يقرؤون ليتأكدوا من صحة ما يسمعونه, ولا يفهمون ما يلقى على مسامعهم من سموم تُبث في قلوبهم وعقولهم, ومن ثم لا يدركون صحيح الأمر وهو أنه لا يستطيع أحد أن يمنع المسلمين من زيارة الأماكن المقدسة سواء كانت في مكة المكرمة أو المدينة المنورة، بل ما فعله الأمير سعود أنه منع الناس من ارتكاب أعمال الشرك أمام الروضة الشريفة كما منع الناس من عبادة القبور, وهذا واجبه بوصفه ولياً لأمر المسلمين أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
هذه عادة أعداء الإسلام والراغبين في تفريق كلمة المسلمين, فقد وجدوا في الوهابية ثوباً جاهزاً ألبسوه على الدعوة السلفية التصحيحية؛ كي يُنفروا الناس منها خوفاً من اتحاد المسلمين على راية واحدة, حيث إنهم يريدوننا متشتتين متفرقين مبتعدين عن ديننا الصحيح حتى نظل تحت لوائهم متحكمين في ثرواتنا وممتلكاتنا.
والله الموفق والمستعان.


اعداد: محمد الراشد