الوقف الإسلامي ومجانية التعليم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أفضل الأنساك: التمتع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 665 )           »          أسئلة وأجوبة في الحج والعمرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حاجة الأمة للإعلام الهادف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عيد الفطر السعيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          سعد بن عبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          الدرة المصونة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          من أسرار اللغة في الكتاب والسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          دليل المعلم المجيد في علوم القرآن والتجويد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          رمضانيات المرأة التقية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-05-2024, 06:12 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,220
الدولة : Egypt
افتراضي الوقف الإسلامي ومجانية التعليم

الوقف الإسلامي ومجانية التعليم


كثرة الأوقاف على النواحي التعليمية من مدارس وكتاتيب وحلقات العلم في المساجد في عصور الازدهار المادي للحضارة الإسلامية أسهمت في تحقيق مجانية التعليم، حيث حرص واقفو المدارس ودور التعليم المختلفة في كثير من العواصم الإسلامية على توفير كافة احتياجات الطلبة الدارسين فيها ومدرسيهم، وبالأخص المسكن الملائم لهم، لتوفير المناخ المناسب للعلم والتعلم.
وكانت وثيقة الوقف – حجية الوقف - بمثابة اللائحة الأساسية للمؤسسة التعليمية حيث تضم الأسس التربوية للتعليم والشروط التي يجب أن تتوافر في القائمين بالتدريس ومواعيد الدراسة والحقوق والواجبات وما إلى ذلك من التنظيمات الإدارية والمالية. وحدد الواقفون عدد المدرسين والطلاب ومخصصاتهم ومكافآتهم، ومن له الحق في السكن الداخلي وكذلك الطعام من حيث كمّيته وطريقة تقديمه.
وكان نظام السكن الداخلي للطلبة في المدارس الإسلامية من مفاخر التعليم الإسلامي، حيث ساهم هذا النظام في التفرع للعلم وتوفير الجو المناسب للطلبة والمدرسين، كما أنه جعل التعليم حقاً للجميع، ولا سيما الفقراء والغرباء.فقد رعت الأموال الوقفية عملية التعليم وأسهمت في إصلاحها واستمرارها من مرحلة الطفولة حتى المراحل الدراسية العليا المتخصصة، وكان أغلب فقهاء المسلمين وعلماء دينهم ترعرعوا ونشؤوا على ما وضعته أموال الوقف تحت تصرّفهم، فالإمام النووي، وتقي الدين السبكي، وابن كثير، ممن درسوا في دار الحديث بدمشق(1).
ورغبة في العلم وانتشاره أغدق المسلمون الإنفاق على العلم والعلماء، يقول فيليب حتي: إن المؤرخ الجغرافي ياقوت الحموي بقي مدة ثلاث سنوات يعيش على أموال الوقف المرصدة على المكتبات في مدينتي (مرو وخوارزم)وحدهما منقباً وباحثاً لإكمال معجمه المعنون: «معجم البلدان» ولم يترك هذه المكتبات إلا عندما اضطر للهروب من جحافل جنكيزخان الذي أشعل النار في هذه المكتبات(2).
وتحدث ابن خلدون في مقدمته عن الفتيان الذين ولدوا وترعرعوا في القرى والأرياف البعيدة عن المدن والعمران، ولكن لم تتوافر لهم الفرصة للتعليم والارتقاء في مجتمعاتهم المتواضعة، فكان لزاماً عليهم الهجرة والسفر من أجل الحصول على تعليم يحقق لهم طموحهم العلمي والفني.. يقول ابن خلدون: «إن ما ساعد مثل هؤلاء الشباب هو ترف ما أُغدق على معاهد التعليم والتدريب في المدن من موقوفات جعلت الهجرة إلى مراكز الحضارة من أجل طلب العلم أمراً مشروعاً»، ثم يعطي أمثلة على ذلك في بغداد وقرطبة والكوفة والبصرة والقيروان، كل ذلك بما وفرته الأموال الموقوفة (3).
واندهش ابن جُبير – الرحالة الأندلسي – مما رأى في المشرق من كثرة المدارس والغلات الوافرة التي تغل أوقافها، فدعا المغاربة أن يرحلوا للمشرق لتلقي العلم، ومما قاله في هذا: وتكثر الأوقاف على طلاب العلم في البلاد المشرقية كلها، ولاسيما دمشق، فمن شاء الفَلاَح من أبناء مغربنا فليرحل إلى هذه البلاد، فيجد الأمور المعينة على طلب العلم كثيرة، وأولها فراغ البال من أمر المعيشة(4).
ومن ثم فقد ازدهرت تلك المدارس، التي كانت تبنى من مال الوقف ويرفق معها مرافق أساسية من سكن الطلبة وأساتذتهم، وتخصص منح للطلبة المنتسبين للمدرسة وهي كالأحياء الجامعية بكل متطلباتها.
وكان لنماء مال الوقف دور في الإنفاق الباهظ على تلك المدارس ومرافقها، فكانت أجور المدرسين مناسبة لمعيشتهم حتى لا يبحثوا عن عمل آخر ليكملوا حاجاتهم المعيشية، فقد كفتهم أحوال الوقف عن التفكير في أمر تدبير المعيشة لهم ولأسرهم.
وفي المغرب بلغ حرصهم في المحافظة على المدارس أنهم كانوا ينقشون الموقوفات على رخام كان يبنى في جدرانها حفاظاً على استمرار إنفاقه عليها(5).
وكانت المدارس في المغرب تستقبل الطلبة بعد حفظهم للقرآن الكريم في الكتاتيب دون أن يشترط تحديد السن، وهذا ما جعل إقبال الطلبة عليها من البوادي والحواضر.
ووقف الورَق والورِق الذي كان يرعى طلبة العلم في المكتبات ويهيئ لهم البيئة المرغبة في طلب العلم والتأليف والنسخ والتحقيق، وكان يعطيهم الورق للنسخ أو الكتابة، ويعطيهم الورِق وهو المال ليصرفوا على أنفسهم.
المدرسة المستنصرية نموذجاً لمجانية التعليم:
حظيت بغداد منذ أواسط القرن الخامس الهجري بإقامة العديد من المعاهد العلمية والمدارس التاريخية مستقلة عن بناء الجوامع(6)، وأشهرها المدرسة المستنصرية التي تُعد أعظم مدرسة علمية جامعة أقيمت في بغداد في أواخر الدولة العباسية، كما تعد أول جامعة إسلامية نظمت على غرار المدرسة النظامية؛ حيث جمعت فيها الدراسات الفقهية إلى جانب المذاهب الإسلامية الأربعة في بناية واحدة؛ كما درست فيها علوم القرآن والدين واللغة والطب والرياضيات، وجهزت بالأقسام الداخلية والمطابخ والحمامات، وألحقت بها دار كتب ضخمة ومستشفى للتطبيب والتدريس، وشاء الله أن تظل الأثر الوحيد الذي بقي قائما حتى يومنا هذا.
وكان الخليفة المستنصر بالله العباسي شرع في بنائها سنة(625هـ/1227م) على الجانب الشرقي لنهر دجلة، وحشد لها البنائين والفنيين، فدام العمل فيها قرابة ست سنوات، وأوقف للمدرسة أوقافاً عديدة، وجعل عليها نظاراً أكفاء، حتى بلغ مغلّ وقف المستنصرية مرة نيفا وسبعين ألف دينار في العام، وقد خصص لنظارها وشيوخها ومدرسيها ومعيديها وأطبائها وطلابها وكل العاملين بها ما يكفيهم من الطعام والشراب والنفقات، ورتّب لهم البيوت والمساكن. وبلغ ما أنفقه عليها 700 ألف دينار، وافتتحت للدراسة في (5 من رجب 631 هـ - 6 من أبريل 1233م) أي قبل إتمام مرافقها بسنتين.
وكان الطلاب يعيشون في المدرسة ويزودون بالملابس والطعام، وكانوا يفدون إليها من جميع أنحاء العالم الإسلامي، وكان الطالب هو الذي يختار المادة التي يدرسها، كل حسب ميله واختصاصه، والمدرس هو الذي يختار مادة الدرس، وهو الذي يمنح الطلبة الشهادة.
واختير للتدريس بالمستنصرية كبار الشيوخ وأئمة العلم في العراق والشام ومصر وغيرها ممن حصلوا على إسناد عال، أو انتهت إليهم رئاسة العلم أو عرفوا بالبحث والدرس العميق، ويعاون هؤلاء المدرسين معيدون نابغونو أما الطلاب فكان يدقق في اختيارهم من بين الطلاب النابهين، وكان لكل مذهب من المذاهب الفقهية مدرس يعاونه أربعة معيدين، وظلت المدرسة عامرة زاهرة بطلابها وأساتذتها مدة طويلة.
فالوقف الإسلامي له الدور الأكبر في الإنفاق على المدارس ومرافقها الأساسية من سكن الطلبة وأساتذتهم، وتخصص منح للطلبة المنتسبين للمدرسة وهي كالأحياء الجامعية بكل متطلباتها، ووفر الوقف أجور المدرسين المناسبة لمعيشتهم وكفتهم أموال الوقف عن التفكير في أمر تدبير المعيشة لهم ولأسرهم.
الهوامش
1 - الوقف الإسلامي في لبنان، ص66.
2 -تاريخ العرب، فيليب حتي، مطبعة مكملان، ص414.
3- انظر: الوقف الإسلامي في لبنان ص63، نقلاً عن مقدمة ابن خلدون 1/466.
4- رحلة ابن جبير، ص258.
5- الجوامع والمدارس والزوايا والخزانات التي ازدهرت بمال الوقف في المغرب، د.محمد الحجوي، مجلة أوقاف، العدد السابع، ص 102.
6 - عرفت بغداد بكثرة مدارسها عبر العصور الإسلامية، فقد قامت فيها مدرسة أبي حنيفة، والمدرسة النظامية، والمدرسة المستنصرية، وازدحمت فيها خزائن الكتب، وحوانيت الوراقين، ودكاكين الكتب والمكتبات. انظر :حضارة العراق، د.بشار عواد، جـ 8، ص7.


اعداد: عيسى القدومي




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 65.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 64.22 كيلو بايت... تم توفير 1.57 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]