كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (8) (فقه الأسماء الحسنى) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سألت زوجَها طلاقًا في غيرِ ما بأسٍ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          النبأ العظيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          هل قول الصحابي حجة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          من صلاة الفجر نبدأ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          بك نستعين يا الله.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الجهاد في سبيل الله وعوامل النصر على الأعداء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          أحب الناس إلى الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          شرح النووي لحديث: لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حديث من دلائل النبوة:يوشك رجل شبعان متكئا علي أريكته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أهمية الدعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-05-2024, 08:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 135,272
الدولة : Egypt
افتراضي كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (8) (فقه الأسماء الحسنى)

كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟(8)

(فقه الأسماء الحسنى)

إبراهيم الدميجي

الحمد لله المحمودِ على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل الضلال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكبير المتعالِ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُهُ ورسوله، جَبَلَهُ ربُّه على جميل الفِعال، وكريم الخِصال، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه خير صحب وآل، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أن من أعظم التوفيق للمؤمن أن يتفقَّهَ في معاني الأسماء الحسنى، ويدعو الله تعالى بها، ويقوم بما تقتضيه من مقامات العبودية والإجلال والإكرام.


عباد الرحمن: إن عِلْمَ أسماء الرحمن جل وعلا وصفاته هو أشرف العلوم بإطلاق؛ فهو متعلق بالمحبوب الأعظم، والخالق الأوحد، والملك الفرد، والإله الحق، فله سبحانه كل صفات الجمال، ونُعُوت الجلال، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.

ومتى ما تفكَّر المؤمن في معاني الأسماء والصفات لربِّ العالمين، قَرَعَتْ قلبه - ولا بد - أنوارُ الهيبة والمحبة، والإجلال والتعظيم، فخرج من ذلك بافتقار حقيقيٍّ، واضطرار لازب، ومَسْكَنَةٍ تامة، وخشية راسخة، مع حب تامٍّ، ورجاء لا ينقضي، وثناء سابغ، وفرح غير محدود، وسرور يكاد يظن معه أنه قد خُصَّ برقيقة من الجنة، ووقت من أوقات أهلها، نسأل الله الكريم الرحيم من واسع فضله، وجزيل عطائه وإحسانه.

ودعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى له شأن عظيم عند المرسلين، وهو صريح أمر رب العالمين؛ قال سبحانه وبحمده: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180].

قال الخطابي: "معنى الدعاء: استدعاء العبد ربَّه عز وجل العنايةَ، واستمداده منه المعونةَ، وحقيقته إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرؤ من الحول والقوة، وهو سِمَةُ العبودية، واستشعار الذلة البشرية، وفيه معنى الثناء على الله عز وجل، وإضافة الجود والكرم إليه"[1].

"ومن أسماء الله تعالى المتعلقة بافتقار عبده إليه: الرزاق، وهو مبالغة من رازِق للدلالة على الكثرة، والرزاق من أسمائه سبحانه؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ﴾ [الذاريات: 58]، ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو الْمُسَعِّرُ القابض الباسط الرازق))[2].

ورزقه لعباده نوعان: عام وخاص.

فالعام: إيصاله لجميع الخليقة جميعَ ما تحتاجه في معاشها وقيامها، فسهَّل لها الأرزاق، ودبَّرها في أجسامها، وساق إلى كل عضو صغير وكبير ما يحتاجه من القوت، وهذا عامٌّ للبَرِّ والفاجر، والمسلم والكافر، بل للآدميين والجن والملائكة والحيوانات كلها، وعام أيضًا من وجه آخر في حقِّ المكلَّفين، فإنه قد يكون من الحلال الذي لا تَبِعَةَ على العبد فيه، وقد يكون من الحرام ويسمى رزقًا ونعمة بهذا الاعتبار، ويُقال: رزقه الله، سواء ارتزق من حلال أو حرام، وهو مطلق الرزق.

وأما الرزق المطلق: فهو النوع الثاني، وهو الرزق الخاص، وهو الرزق النافع المستمر نفعه في الدنيا والآخرة، وهو الذي على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهو نوعان:
رزق القلوب بالعلم والإيمان وحقائق ذلك، فإن القلوب مفتقرة غاية الافتقار إلى أن تكون عالمة بالحق، مريدة له، متألِّهة لله متعبدة، وبذلك يحصل غِناها ويزول فقرها.

ورزق البدن بالرزق الحلال الذي لا تبعة فيه، فإن الرزق الذي خصَّ به المؤمنين والذي يسألونه منه شامل للأمرين، فينبغي للعبد إذا دعا ربه في حصول الرزق أن يستحضر بقلبه هذين الأمرين، فمعنى: (اللهم ارزقني) أي: ما يصلح به قلبي من العلم والهدى والمعرفة، ومن الإيمان الشامل لكل عمل صالح، وخلق حسن، وما به يصلح بدني من الرزق الحلال الْهَنِيِّ الذي لا صعوبة فيه ولا تبعة تعتريه.

ومن أسمائه سبحانه المتعلقة بافتقار عبده إليه: الحي، القيوم؛ قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [البقرة: 255]، وقال سبحانه: ﴿ الم * اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ﴾ [آل عمران: 1، 2]، وقال عز وجل: ﴿ وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ﴾ [طه: 111].

وهما من أسماء الله الحسنى، و(الحي القيوم) جَمْعُها في غاية المناسبة، كما جَمَعَها الله في عدة مواضع في كتابه، وذلك أنهما محتويان على جميع صفات الكمال؛ فالحي هو كامل الحياة، وذلك يتضمن جميع الصفات الذاتية لله كالعلم، والعزة، والقدرة، والإرادة، والعظمة، والكبرياء، وغيرها من صفات الذات المقدسة، والقيوم هو كامل القيومية، وله معنيان:
هو الذي قام بنفسه، وعظُمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات، فهو الذي أوجدها وأمدَّها وأعدَّها لكل ما فيه بقاؤها وصلاحها وقيامها، فهو الغنيُّ عنها من كل وجه، وهي التي افتقرت إليه من كل وجه.

فالحي والقيوم هو من له كل صفة كمال، وهو الفعَّال لما يريد"[3].

"وليعلم المؤمن المفتقر إلى ربِّه أنه لا حجاب بينه وبين ربه، فمتى أراد ربه دعاه وسأله، والله يحب أن يُسألَ ويُدعَى.

واعلم أن دعاء المسألة متضمِّن لدعاء العبادة، فالإنسان إذا سأل شيئًا فإنه يخضع ويذِلُّ ويستكين، وهذه هي العبادة، فيكون في ضمن السؤال عبادة.

ومن هنا حرُمت المسألة؛ أي: أن يسأل الإنسان أحدًا من الخلق؛ لأنه يذل له قلبه، ويستكين له، ويخضع له، وهذا لا يجوز أن يكون إلا لله جل وعلا؛ لأنه عبادة، فيكون تحريم المسألة صيانة للإنسان، وإكرامًا له من الله جل وعلا، أكرمه الله بأن لا يخضع لمخلوق مثله، ويكون خضوعه لله وحده، ويكون استغناؤه بالله وحده، ويكون افتقاره إلى الله وحده، والافتقار إلى الله عبادة، أما الافتقار إلى المخلوق فهو شِرْكٌ.

فهذا معنى كون دعاء المسألة يتضمن العبادة، أما دعاء العبادة فإنه يستلزم دعاء المسألة؛ وذلك أن المصلِّي والمزكِّي والمتصدِّق، والذاكر والتالي، يطلب بفعله هذا الثواب، فيطلب من الله أن يُثيبه على ذلك، وهذا هو دعاء المسألة؛ لكونه يطلب الثواب، أو يطلب الالتجاء والاستعاذة من العذاب.

ومن المعلوم أن المخلوق لا بد له من طلب النفع الذي ينفعه، ومن الهرب مما يضره، يضطر إلى هذا اضطرارًا، ولا بد له من ذلك، وكذلك الأسباب التي تجلب له النفع هو بحاجة إليها، وكذلك الأسباب التي بها يدفع الضر والعذاب والألم وغيرها، فالعبد مضطر إلى ما ينفعه، ومضطر إلى دفع ما يضره، ومضطر إلى تحصيل السبب الذي به جَلْبُ النافع، وإلى تحصيل السبب الذي به دَفْعُ الْمُضِرِّ، فهو بأمَسِّ الحاجة إلى هذه الأمور، وهذه كلها يجب أن تُطلَبَ من الله وحده، ولا تُطلَب من المخلوق.

فيتبين لنا أن الأمر كله بيد الله، وأن الإنسان يجب أن يكون خاضعًا لله، وأن يكون عبدًا لله من جميع الوجوه، والدعاء داخل في هذا، سواء كان دعاءَ مسألةٍ أو دعاءَ عبادةٍ.

قال الشارح[4]: "فتبيَّن بهذا قول شيخ الإسلام: إن دعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة، كما أن دعاء المسألة متضمن لدعاء العبادة؛ وقد قال الله تعالى عن خليله: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا * فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 48، 49].

يعني: أن هذه الآية بيَّنت أن الدعاء عبادةٌ بأنواعه؛ لأنه - أولًا - قال: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ ﴾ [مريم: 48]، ثم بعد ذلك قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ ﴾ [مريم: 49]، فبيَّن أن الدعاء عبادة، وأنهم إذا دعَوا شيئًا فقد عبدوه، وهذا كثير في القرآن"[5].

والدعاء الذي يلامس الشَّغاف هو الدعاء الحَقِيقُ بالإجابة، فهو متضمِّنٌ لتمام الافتقار؛ إذ هو عبد فقير قليل، ضعيف عاجز، يدعو ويسأل ربه وإلهه الغنيَّ القادر البَرَّ الرحيم.

"وأصل الشرك والكفر والجهل والجاهلية عند الناس هو شعورهم بأن لهم حَولًا أو طَولًا أو قوة ليست لله سبحانه وتعالى، وليست تابعة لمشيئة الله سبحانه وتعالى، فلو شعر الناس أو علِموا حقيقة حالهم، وأنهم فقراء إلى الله تبارك وتعالى في كل نفَسٍ يتنفَّسونه، وفي كل لحظة، وأنه لا يمكن في أية حال من الأحوال أن يستقِلُّوا بأنفسهم طرفة عين، لكانت عبوديتهم لله تبارك وتعالى غيرَ ما نشاهد وغير ما نرى، ولهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم استعاذته ألَّا يَكِلَه إلى نفسه طرفة عين، وهكذا المؤمنون، فلو وَكَلَنا الله سبحانه وتعالى إلى أنفسنا طرفة عين لَهَلَكْنا.

ولكنه سبحانه وتعالى هو الذي يدبِّرنا ويسيِّرنا بفضله، المؤمن والكافر، لكن المؤمن يستشعر فَقْرَه إلى الله تبارك وتعالى في كل شيء، فيكون مقتضى ذلك الشعور أن يعبدَ الله تبارك وتعالى وحدَه؛ ولهذا فالمؤمن رغم أنه يأخذ بالأسباب، لكن لا يجوز له أن يعلِّقَ قلبه بالأسباب، أو أن يخاف من بعض ما يُخيفه، وهو من الأسباب أيضًا، لكن لا يعلق خوفه بالأسباب، فمنتهى الرجاء ومنتهى الخوف يكون إلى الله، ولهذا نقول: ((أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك))[6].
بارك الله لي ولكم...

الخطبة الثانية
الحمد لله...
معشر الحنفاء: إن أصل معرفة العبودية أن تكون مَبْنِيَّةً على الافتقار إلى الله تبارك وتعالى، ومن الافتقار إلى الله أن القلوب لا تطمئن ولا تهدأ، ولا تسكُنُ ولا ترتاح إلا بأن تعرفه وأن تعبده عز وجل، فإن من لم يعرف الله عز وجل حقَّ المعرفة، ويعبده حق العبادة، كان فيه من الشقاء والألم، والنَّكَدِ والنَّغَص بقدر جهله بالله سبحانه وتعالى؛ ولهذا نجد عصاة المؤمنين أحسن حالًا من الكفار، والكفار شرًّا من ذلك.

فكلما نَقَصَت من القلب هذه المعرفةَ، نقصت السعادة والراحة والطمأنينة، وأكثر الناس سعادة وطمأنينةً في هذه الدنيا هم أكثرهم إيمانًا بالله، ومعرفةً به سبحانه وتعالى، ولو جاءتهم مصائب الدنيا جميعًا ما أقلقتهم لحظةً واحدة.

والمؤمن قد يحزن أو يغتمُّ، ولكن ذلك لا يُفقده سعادته وطمأنينته ورضاه بأن كل هذا من الله وإلى الله، وأن له في ذلك الأجرَ مهما عظُمت المصيبة أو الفتنة، فإنه يرى أن ذلك لم يخرج عن كونه دافعًا وجالبًا للطمأنينة، وللراحة التي يجدها.

وأما الكافر، فإن قلبه لا يحتمل ذرة من البلاء الذي يصيب المؤمن إلا ويقنُط ويجزَع، ويسخَط ويشكو ربَّه إلى الناس، ويكفُر بِنِعَمِ الله جميعًا من أجل بليَّة ابتُليَ بها، لا تعدِل ولا تَزِنُ شيئًا قليلًا من نِعَمِ الله سبحانه وتعالى التي أنعمها عليه، فيجب على الإنسان استشعار أنه فقير إلى الله، وأن يكون شعوره ومعرفته بأن قلبه لا يطمئن ولا يسكن ولا يرتاح إلا إذا عرف ربَّه وعَبَدَهُ، واتبع مرضاته، واجتنب مساخطه، هذا هو الذي به تتحقق العبودية الكاملة لله سبحانه وتعالى.

والمؤمن لا يستغني عن عصمة الله تعالى وحفظِه طرفةَ عين؛ فقد كان من دعائه صلى الله عليه وسلم: ((يا حي، يا قيوم، برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين))[7][8].

"فالأنبياء وأتباعهم قالوا هذا لعلمهم شدة فقرهم إلى الله وحاجتهم إليه، أما أولئك فقد استغنَوا عن الله تبارك وتعالى، فلا يذكرون الله إلا قليلًا، ولا يدعونه ولا يلجؤون إليه.

ولهذا كان السلف الصالح يدعون الله في كل وقت، ويحُثُّون أبناءهم وتلاميذهم والمسلمين على دعاء الله حتى قال قائلهم: «إني لأدعو الله ولو كان في شِراك نعلي» فلو انقطع شراك نعله، لدعا الله سبحانه وتعالى، فادعُ الله أيها العبد؛ فأنت فقير إليه في كل لحظة، وفي كل حين وفي كل وقت، لكن أولئك يظنون أنهم في غِنًى عن الله، ولهذا تَمُرُّ بهم الأيام ذوات العدد ولا يدعون الله سبحانه وتعالى فيها، حتى وإن عبدوه.

ومن الناس من يصلي ويصوم ويؤدي الفرائض، ولكنه لا يدعو الله؛ لأن الشيطان قد أغفل قلبه وأشعره بأنه في غِنًى عن دعاء الله تبارك وتعالى.

والمقصود أن العبد المؤمن إذا شهِد هذا الحال من الافتقار ومراقبة الله له، ارتفع إيمانه، وما من قلب يرقى في درجات الإيمان وقطعيات اليقين، إلا ويشهد ذلك بمقدار رُقِيِّه ورسوخ إيمانه ويقينه".

اللهم صلِّ على محمد...

[1] شأن الدعاء (4).

[2] أبو داود (3451)، والترمذي (1361)، وقال: حسن صحيح، فهو الرازِقُ والرَّزَّاق.

[3] شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسنة، سعيد القحطاني (1/ 79، 81).

[4] إذا أطلق الشارح، فالمراد أول من تصدى لشرح ذلك المتن المراد، والمراد بالشارح لكتاب التوحيد هو الشيخ سليمان آل الشيخ أول شارح لكتاب التوحيد، عبر سِفْرِه النفيس: "تيسير العزيز الحميد لشرح كتاب التوحيد".

[5] شرح فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، للغنيمان (3/ 46).

[6] مسلم (590).

[7] الترمذي (3524)، وحسَّنه الألباني في السلسلة (7/ 557).

[8] الفوائد الشهير بالغيلانيات لأبي بكر الشافعي (1/ 479) (590).





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 74.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 72.98 كيلو بايت... تم توفير 1.57 كيلو بايت...بمعدل (2.11%)]