|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
ريادة العرب المسلمين في علم الأصوات
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 31-12-2022 الساعة 06:18 AM. |
#2
|
||||
|
||||
رد: ريادة العرب المسلمين في علم الأصوات
ريادة العرب المسلمين في علم الأصوات د. محمد حسان الطيان قسم ابن سينا رسالته ستة فصول: - أولها: في سبب حدوث الصوت حيث ردَّ ذلك إلى القلع أو القرع اللذين يلزم عنهما تموّجٌ سريعٌ عنيفٌ في الهواء يُحدِث الصوتَ. - وثانيها: في سبب حدوث الحروف حيث يبيّن أن حال المتموِّج في نفسه من اتصال أجزائه أو تفرقها تفعل الحدة والثقل - وهما يمثلان شدة الصوت pitch - وأن حاله من جهة الهيئات التي يستفيدها من المخارج والمحابس في مسلكه تفعل الحرف، ثم يُعرِّفُ الحرفَ، ويقسم الحروف إلى مفردة ومركّبة موضحاً طبيعة كلٍّ منها. - وثالثها: في تشريح الحَنجرة واللسان: حيث تبدّت عبقريّة ابن سينا الطبيّة، فشرَّح الحنجرة مبيِّناً غضاريفَها الثلاثة (الدَّرَقي، والطِّرْجِهاري، وعديم الاسم) وكيفيَّةَ تركّبها وارتباطها بعضها ببعض عن طريق المفاصل والعضلات التي عدّدها وحدّدها تحديداً دقيقاً بعد أن قسمها إلى عضلاتٍ مضيقة للحنجرة وأخرى موسّعة، وأشار إلى ارتباط بعضها بأنواع معيّنة من العظام (كالعظم الشبيه باللام). ثم شرَّح اللسان مبيّناً عضلاتِه الثماني وارتباطاتها المختلفة. - ورابعها: في الأسباب الجزئية لحرف حرف من حروف العربية وهو بيت القصيد من الرسالة إذ تناول فيه حروف العربية حرفاً حرفاً مبيّناً سببَ حدوثِها وما يعتري كلاًّ منها من عمليّات عضوية تتبدّى في دفع الهواء، وحبسه، وكيفية هذا الحبس، والوسط الذي يتردّد فيه الهواء المدفوع من رطوبةٍ أو يُبُوسة أو ما إلى ذلك. ولعلّ من أهم ما في هذا الفصل تفريقَ ابنِ سينا بين الواو والياء الصامتتين، والواو والياء المصوتتين، ثم بيانه العلاقة بين المصوّتات الطويلة والمصوّتات القصيرة ومحاولته تحديد زمن حصول كلّ منها. - وخامسها: في الحروف الشبيهة بهذه الحروف وليست في لغة العرب، حيث عرض لحروف أعجمية (فارسية ويونانية وتركية) تشبه بعض حروف العربية مثل G وV وP والزاء الظائية في مثل (يصدر) واللام المطبقة في مثل (الصلاة) بتفخيم اللام. وتجدر الإشارة هنا إلى أن بعضَ هذه الحروف موجود في بعض اللهجات العربية القديمة، ومن ثمَّ فقد اشتملت عليه بعض القراءات القرآنية، كما جاء في قراءة حمزة والكسائي {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [سورة القصص، الآية 23] بإشمام الصاد صوت الزاي، وكما جاء في قراءة ورش {وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ} [سورة البقرة، الآية 3] بتفخيم اللام. - وسادسها: في أن هذه الحروف قد تسمع من حركات غير نطقية. وهو فصل طريف يربط فيه ابن سينا بين أصوات اللغة والأصوات الطبيعية الأخرى محاولاً أن يتلمَّس وجوه الشبه بينهما، فالخاء عن حك الجسم ليّن حكًّا كالقشر بجسم صلب، والشين عن نشيش الرطوبات وعن نفوذ الرطوبات في خلل أجسام يابسة نفوذاً بقوة، والطاء عن تصفيق اليدين بحيث لا تنطبق الراحتان بل ينحصر هناك هواء له دوي، والتاء عن قرع الكف بإصبع قرعاً بقوة... إلخ. ولا تخلو كتب ابن سينا الأخرى كالقانون والشفاء من إلماعات صوتية تدخل فيما نحن بسبيله. كما لا يعدم الباحث إسهامات مشابهة في هذا المجال عند خالفي ابن سينا (3) وأما الزمرة الثالثة - زمرة علماء القراءة والتجويد والرسم والضبط - فقد وُسِمَتْ مصنفاتها بأنها أكثر الكتب احتفاءً بالمادة الصوتية؛ وذلك لابتغائها الدقة في تأدية كلمات القرآن الكريم قراءةً وتدويناً إلى حدٍّ جعل بعض الباحثين يذهبون إلى أن هذه العلوم انفردت بالدرس الصوتي وأغنته، على أنها أفادت من علم النحو عامة ومن كتب سيبويه خاصة، يقول برغشتراسر: "كان علم الأصوات في بدايته جزءاً من النحو ثم استعاره أهل الأداء والمقرئون، وزادوا في تفصيلات كثيرة مأخوذة من القرآن الكريم". والحقُّ أن هذه العلوم تمثل الجانب التطبيقيَّ الوظيفي لكل ما سبق ذكره من دراسات صوتية، وقد ظهرت في مرحلة مبكرة من تاريخ حضارتنا العلمي صدعاً بالأمر الإلهي: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً}، وصولاً إلى الوجه الأمثل لهذه التلاوة، ووصفاً لأوجه الأداء المختلفة التي تبدّت في القراءات القرآنية وانطوى عليها . أما فنُّ التجويد فأول من صنّف فيه - على ما يبدو -موسى بن عبيد الله ابن خاقان (325هـ) صاحب القصيدة الخاقانية في التجويد، وهي تضم واحداً وخمسين بيتاً في حسن أداء القرآن الكريم، وقد شرحها الإمام الداني (444هـ) صاحب التصانيف العديدة في القراءات والتجويد، ولعل من أهمها في هذا الباب رسالته "التحديد في الإتقان والتجويد". التي ضمَّنها باباً في ذكر مخارج الحروف وآخر في أصنافها وصفاتها، ثم أتى على ذكر أحوال النون الساكنة والتنوين عند جميع حروف المعجم، وأفرد باباً لذكر الحروف التي يلزم استعمال تجويدها وتعمّل بيانها وتخليصها لتنفصل بذلك من مشبهها على مخارجها. ومن أقدم ما وصلنا بعد القصيدة الخاقانية رسالة "التنبيه على اللحن الجلي واللحن الخفي" لأبي الحسن علي بن جعفر السعيدي المقرئ (461هـ) وهي ذات موضوع طريف يتعلق بنطق الأصوات العربية، ويكشف عن الانحرافات النطقية الخفية التي يمكن أن يقع فيها المتكلم لاسيما قارئ القرآن الكريم حيث يتطلب الأمر عناية خاصّة بأداء الأصوات. ومما ينحو نحوَها كتابُ "بيان العيوب التي يجب أن يتجنبها القراء وإيضاح الأدوات التي بني عليها الإقراء" لابن البناء (471هـ) وهو لايقتصر على بيان الانحرافات النطقية في الأصوات والعجز عن أدائها وبيان كيفية علاجها، إنما يتجاوز ذلك إلى معالجة موضوعات أخرى تتعلق بكيفيات الأداء، وبيان العادات الذميمة المتعلقة بالهيئات والجوارح مع توضيح معايب النطق الخاصة ببعض الأصوات، مما يدخل في بابي أمراض الكلام والأصول الواجب مراعاتها عند القراءة. على أن أوسع ما وصلنا في علم التجويد كتاب الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق التلاوة للإمام المقرئ أبي محمد مكي بن أبي طالب القيسي (437هـ) صاحب التصانيف الجليلة في علوم القرآن والعربية وقد جمع فيه صاحبه فأوعى، ثم زاد فأربى على كل من تقدمه، وفي ذلك يقول: "وما علمت أن أحداً من المتقدمين سبقني إلى تأليف مثل هذا الكتاب ولا إلى جمع مثل ما جمعت فيه من صفات الحروف وألقابها ومعانيها، ولا إلى ما أتبعت فيه كل حرف منها من ألفاظ كتاب الله تعالى، والتنبيه على تجويد لفظه والتحفظ به عند تلاوته". وحسبنا أن نشير، تدليلاً على هذا، أنه ذكر لحروف العربية أربعة وأربعين لقباً، بيّنها وشرحها، "وكل واحدٍ من هذه الألقاب يدل على معنى وفائدة في الحرف ليسا في غيره مما ليس له ذلك اللقب". وتتابعت بعد ذلك رسائل التجويد تقفو أثر ما تقدم، ولا نكاد نجد فيها جديداً يذكر. ولعل أبرزها ما وضعه الإمام ابن الجزري (833هـ) المقرئ المشهور، وله في هذا الباب أكثر من أثر، من ذلك كتابه "التمهيد في علم التجويد" وقد تناول فيه كل مسائل التجويد وضم إليها باباً في الوقف والابتداء، وآخر في معرفة الظاء وتمييزها من الضاد. ومن ذلك أيضاً قصيدته المعروفة بالمقدمة الجزرية وهي أرجوزة في ثمانية ومئة بيت في التجويد والرسم والوقف والابتداء... وقد تداولها خالفوه بشروح عديدة، أذكر منها "الحواشي المفهمة في شرح المقدمة" لأحمد بن الجزري (827هـ) ابن الناظم، و"الدقائق المحكمة في شرح المقدمة الجزرية" لزكريا بن محمد الأنصاري (926هـ). إن من يقف على إسهامات العلماء العرب المسلمين في علم الأصوات يعلم علما لايداخله شك أنهم سبقوا إلى كثير من دقائقه وحقائقه, وأرسوا كثيرا من أحكامه وقوانينه, وكانوا بحق من رواده وأساطينه. ـــــــــــــــــــــــــــ * شارك الكاتب بهذا البحث في المؤتمر الثامن والعشرين لتاريخ العلوم عند العرب الذي انعقد في معهد التراث العلمي العربي بجامعة حلب (25-27 حزيران 2007).
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 31-12-2022 الساعة 06:19 AM. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |