|
الملتقى العام ملتقى عام يهتم بكافة المواضيع |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بين شبكة الاتصالات وشبكة العلاقات.. التشبيك بالتشريك نانسي خلف أعزائي القراء، إنها صورة عادية تحطُّ في أفكارنا وتَحوم في خواطرنا، فتبعَث النور في أبصارنا، صورة واحدة تُرفرِف منها آلاف الصور، بإلهامنا الشخصي وتفكُّرنا الذاتي، ومِن هذه الصور صورة شبكات الاتصال المُنتشِرة على صفحات الإنترنت وفي المؤتمرات الخاصة بالتواصل والاتصال، شبكات تَنقُلنا مِن عالَمنا الخارجي إلى عوالمنا الداخلية، ومن شبكات كبيرة إلى شبكات مصغَّرة، ومن قريةٍ اسمها العالم إلى بيتٍ اسمه أنا وعلاقاتي الشخصية. شبكات.. وشبكات.. وشبكات، ففي كلِّ مكان شبكات، شبكات غير مرئية لكنها في تصميمها قوية، قادرة على نقل ما نُريد بسرعة بديهية، ومِن هذه الشبكات شبكة العنكبوت، ومن هذه الصور نسيج الخيوط التي ذكَرَها الله في القرآن والتي قال عنها العلماء: "لو أردنا أن نسحب الفولاذ بقطر خيط العنكبوت، لكان أمتن من الفولاذ"، هذا يعني أن المتانة نسبيَّة، فهذا الخيط المستمر هو سائل، لكن ما إن يُلامس الهواء حتى يُصبح متينًا، ومع ذلك فشبكة العنكبوت عند الناس لا شيء. لكن ما علاقة شبكة العنكبوت النسيجيَّة بشبكة علاقاتنا الشخصية؟ وكيف تكون علاقاتنا بمتانة هذه الخيوط بالنسبة للآخَر قبل أن تكون كذلك بالنِّسبة لنا؟ ولكن بدايةً دعونا نُعرِّف عملية التشبيك كمصطلح علمي؛ إنها شبكات اتصال تبدأ من الشبكات المحلية، وتُسمَّى (لان)، وتربط مجموعة أجهزة في أماكن بعيدة مثل الشبكات بين المدن أو الدول أو حتى القارات، وصولًا إلى pan الشبكات الشخصية التي تربط مجموعة أجهزة قريبة من المُستخدِم وتُسمى (بان) Networking ويُطلق على اسم هذه العملية "التشبيك". وإن كان العامِلون في مجال الاتصالات على دراية بالخطوات التنفيذية لهذه العملية، فإنه لا يَخفى على عامة الناس أهمية استخداماتها وتطبيقاتها في حياتنا اليومية. فأهمية التشبيك كثيرة، وأهمها المشاركة بالموارد؛ حيث بإمكان محطات العمل أو قسم منها المشاركة والتبادل للمَصادر الأساسية والملفّات، وهذا يَعني أن الشبكات هي مجموعة أجهزة متصلة بعضها مع بعض للمُشاركة في نقل البيانات كالملفات والصور والفيديو. وأيضًا الشبكة العصبية التي تتكون من مجموعة من الوحدات التي يُسمى أحدها عصبون، والاتصال بين مختلف هذه العصبونات التي يُمكن تشبيهها بشبكات مترابطة تتكون من خلايا متشابكة تُتيح لها القدرة على تخزين المعلومات والصور والصوت وخلافه من الإشارات التي تصِلها عبر الحواس الخمسة. وإذا عُدنا إلى سنة 1989؛ حيث تمَّ إنشاء الشبكة العنكبوتية العالمية أو اختصارًا (الويب)، وهو نظام مستندات مُرتبطة بعضها ببعض تُمكِّن المستخدم من تصفُّحها والتنقُّل فيما بينها، فإذا التشبيك هو التشريك بنقل وتبادُل المعلومات. وعودة إلى سؤالنا: ما علاقة كل هذه الشبكات بما نَملكه من شبكات في العلاقات؟ قراءنا الأفاضل، التشابه ظاهر بين هذه الشبكات التي تُرجعنا إلى الشبكة الأولى، شبكة علاقاتنا الاجتماعية؛ حيث نتَشارك ونتبادل أفكارًا وخبرات، وننقل معلومات وصور ذهنية أو ما يُعرف (بالانطباع) عند أغلب الناس. فبين الشبكات اللاسلكية والشبكات المعلوماتية والشبكات العصبية تُولد شبكاتنا العلاقاتية (وهي مشتقَّة مِن كلمة علاقات) نتصل من خلالها مع الآخرين، فحياتنا تتمثَّل بمجموعة اتصالات مع الآخرين - لا تَقتصر فقط على الاتصالات الهاتفية - ولكن اتصالات في كل لقاء. وفي هذا اللقاء، قد تُهدي كلمةً طيبة وابتسامة مُشرقة، وهي بداية الخيوط في شبكة العلاقات، ولكن لِتَبني الامتداد وتشبك العلاقات عليك أن تُعطي من عِلمك ومعرفتك. نعم، هكذا نُشبك علاقاتنا بالآخرين، إنه إعطاء المعرفة ونقل المعلومات وما هو مفيد، وهذا ما سيبقى في ذاكرة كل شخص تتصل به بكلمة، بنظرة أو بتجربة قيمة، فالتشريك بالمعلومات هو "صمغ لزج" للتشبيك في العلاقات. فأنت حينما تؤمن بأهمية الآخر - والناس يَبحثون عمن يُقدرهم - تكون قد شاركت الآخر بأعز ما يملك. وإذا كان التشريك بالنية جائزًا عند البعض (في علوم الفقه) فالتشريك بالأهمية واجب لكسب الكل، أن تُشرِك الآخر بمعلوماتك دون أن تُنقِص من أهميته، إنه تشريك بقصد واحد ونية واحدة، هي نية التعاون على تسديد الأهداف، الأهداف من نشر المعلومات، وعندها يقع التشبيك بينك وبين الآخر، تشبيك في العلاقات بالتشريك بالمعلومات، فتكون معلوماتنا للمشاركة وليست للمبارزة. ولا يكون لنا ذلك إلا من خلال عرض أفكارنا وتوصيلِها عبر أفكار الآخرين، فالآخرون وإن كانوا أهدافًا تُصيبها برسالتك - فهم المكان والعنوان - فإنهم حقيقةً وسائل وأقنية تُمرِّر من خلالها أفكارك، فلا يُمكن لأفكارك أن تصلَ دون وجود هذه الأقنية، أقنية مِن فكر الآخر تغذِّي بها شبكتك، شبكة أفكارك فتساعد على تجليتها وتضمَن وصولها. فأنت لن تستطيع أن توصِّل كل أفكارك وحدَك، وكأنك تتحدَّث مع نفسك بينما أنت وسط حضور وزحام، ولن تستطيع أن تعارض كل قولٍ وترفض كل فكرة، لكن في المقابل فإنَّك تَستطيع أن تأخذ من كلام الآخر لتبنِيَ منه جسورًا من كلامك، تأخذ من كلام الآخر لتبني جسورًا من فكرك، جسورًا من كيانك وكيان كل إنسان متصلٍ بك بحوار أو لقاء أو حتى كلمة، وبهذا التشريك الرائع تَنطِق الصورة المتكاملة، متكاملة في شكلها، متعاونة في فكرها، مُهتمَّة بإنسانيتها، وراقية بتعامُلِها. ولكن السؤال: كيف تجعل هذه الأقنية قناةَ تغذية راجعة لك ولفكرتك ولقضيتِكَ؟ وإنه لمِن البديهي أن تُغذي هذه الأقنية لتعودَ وتَرجع إليك فتُغذي بها شبكتك، حسنًا، ولكن كيف تسلك هذه الأقنية فلا تَقطعها؟ كيف تمدُّها لتمدَّكَ؟ إنه تشريك الآخر بعرضك للمعلومات وتوصيلك للرسالات، إنه التشريك، إمدادات كهربائية، بينك وبين أخيك الإنسان بأسلاك علاقاتية تضخ الاهتمام، إنها إمدادات للاتصالات بينك وبين الآخرين، فتدعم دورهم وتُعزز وجودهم وتَمنحهم قوة حضورهم، وتكسب كل أجهزة الاتصال فيهم من: قلب وعقل ومادة وتُطوعها لخدمة ما يُريدون - ولم أقُل: ما تريد - فما تُريد هو ما يُريده الآخرون، أجل وبالطبع، فنحن باستطاعتنا الجمع بين ما نُريد وما يُريد الآخر في صورة تكاملية تنطِقُ بجمالية ولا تحتاج لخطوط اصطداميَّة. وختامًا بالبداية، بداية التشبيك ليَرتفع الرصيد، رصيد العلاقات، وإن كُنا نعاني من هبوط الرصيد المالي فعلينا أن نُحافظ على الرصيد البشَريِّ، فلا يُغفر لنا أن نَستهين به، فعلاقاتنا هي رصيدنا المعنوي.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |