|
|||||||
| فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
إجارة المشاع[1] عبدالرحمن بن يوسف اللحيدان المُشَاعُ: من شَاعَ الشَّيءُ يَشِيْعُ شُيُوْعًَا فهو شائِعٌ، يقال: سَهْمٌ شَائِعٌ ومُشَاعٌ في دارٍ أيْ: ليس بمَقْسُومٍ ولا مَعْزُولٍ، فاتَّصل كُلُّ جُزْءٍ منه بكلِّ جزءٍ منها[2]. فالمِلْك المُشَاعُ: هو الجُزْءُ الذي لا يَختَصُّ به أحدٌ وإنَّما يمْلِكُهُ أكثر من واحدٍ دون تحديدٍ لمِلْكِ كلِّ واحدٍ منهم. صورة المسألة: أن يؤجِّر الشريك نصيبَه المشاع غير المعيَّن[3]. مثالها: أن يكون لعُمَرَ نصيب مُشاعٌ في عقار قدره النِّصف مع صديقه غانمٍ، فيؤجِّر عُمُرُ نصيبَه لناصرٍ. اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين: القول الأول: أنَّ إجارة المُشاع لا تصحُّ إلا أن يكون المستأجِر شريكًا، وبهذا قال أبو حنيفة وزُفر[4]، وهو المذهب عند الحنابلة[5]. القول الثاني: أنَّ إجارة المشاع صحيحةٌ جائزةٌ سواءٌ في ذلك الشَّريك وغيره، وبهذا قال المالكيَّة[6]، والشافعيَّة[7]، وبه قال أبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة[8]، وهو رواية عن أحمد قال المرداويُّ: (وهو أظهر وعليه العمل)[9] ، وهو قول ابن حزمٍ من الظاهريَّة[10]. دليل أصحاب القول الأول: أنَّه لا يتصوَّر في إجارة المُشاع القدرة على التَّسليم، إذ أنَّ ما يملكه الشَّريك مُشاعٌ غير معيَّنٍ حتَّى يمكن تسليمه، ولا تصحُّ المعاوضة على ما لا يُقدَر على تسليمه[11]. ونوقش: بعدم التَّسليم بأنَّه لا يتصوَّر، بل يمكن تسليمه، ويكون ذلك بالتَّخلية والمهايأة والمقاسمة[12]. دليل أصحاب القول الثاني: الدليل الأول: أنَّ الأصل في المعاملات الحلُّ، وللمُشاع منفعةٌ يمكن وقوع العقد عليها، بدليل أنَّ الشريكين لو أجَّرا العين -محلّ الشَّراكة- على الغير فإن لكلِّ واحدٍ منهما نصيبه؛ فليصحَّ -كذلك- الإجارة على الغير في نصيب كلِّ شريكٍ منهم[13]، وكذا (أنَّ كلَّ عقدٍ مَلَكَ أن يعقده مع شريكه جاز أن يعقده مع غير شريكه كالبيع)[14]. نوقش: بأنَّ دليل المنع نهيُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر[15]، وما لا يقدر على تسليمه داخلٌ في حكم الغرر. وأجيب عنه: بعدم التَّسليم بأنَّه لا يمكن تسليمه، بل هو مُمكِنٌ بالتَّخلية والمهايأة والمقاسمة، فإن تعذَّرت المهايأة والمقاسمة أُجِّرت العين محلُّ الشراكة واشتركا في الأجرة[16]. الترجيح: الذي يظهر للباحث أنَّ القول الثاني هو الرَّاجح في هذه المسألة؛ لأنَّ الأصل في العقود الصحَّة، وما ذكره أصحاب القول الأول دليلًا على المنع معترَضٌ عليه، إذ يمكن القسمة -كما سبق- فلم يبق دليلٌ يصح الاستناد عليه لدى أصحاب القول الأول. [1] ما جاء في هذه الورقات مُستلٌّ من رسالتي في مرحلة الدكتوراه بعنوان: (أوصاف عقود المعاوضات المؤثرة في التكييف دراسة وتحليلًا). [2] ينظر: الزاهر في معاني كلمات الناس لأبي بكر الأنباري (1/ 507)، وتهذيب اللغة (3/ 40). [3] ينظر: العناية شرح الهداية (9/ 98)، وتبيين الحقائق (5/ 126)، والذخيرة للقرافي (5/ 412)، مواهب الجليل (5/ 422)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 297)، وأسنى المطالب (2/ 409)، والكافي في فقه الإمام أحمد (2/ 171)، وكشاف القناع (3/ 564)، والمحلى بالآثار (7/ 28). [4] ينظر: بدائع الصنائع (4/ 187)، وتبيين الحقائق (5/ 125). [5] ينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (14/ 334)، وكشاف القناع (3/ 564). [6] ينظر: الذخيرة للقرافي (5/ 412)، والتاج والإكليل (7/ 575). [7] ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 297)، وأسنى المطالب (2/ 409). [8] ينظر: الجوهرة النيرة (1/ 270)، وحاشية ابن عابدين (6/ 47). [9] التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع ص(275)، وينظر: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف (14/ 335) وقال: (وهو الصواب). [10] ينظر: المحلى بالآثار (7/ 28). [11] ينظر: العناية شرح الهداية (9/ 98-99)، والممتع شرح المقنع (2/ 759). [12] ينظر: العناية شرح الهداية (9/ 99)، والذخيرة للقرافي (5/ 412). [13] ينظر: العناية شرح الهداية (9/ 99)، ومواهب الجليل (5/ 422)، والبيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 297). [14] البيان في مذهب الإمام الشافعي (7/ 297). [15] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البيوع، باب بطلان بيع الحصاة والبيع الذي فيه غرر برقم (1513) (3/ 1153) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [16] ينظر: الذخيرة للقرافي (5/ 412)، ومواهب الجليل (5/ 422)، وأسنى المطالب (2/ 409).
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |