
12-12-2024, 09:31 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,090
الدولة :
|
|
رد: تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد
 تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن
الإمام محمد بن جرير الطبري
الجزء التاسع
تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ
الحلقة (512)
صــ 261 إلى صــ 275
وإنما قلنا ذلك أولى بالصواب ، لأن الصداق ليس مما كتب للنساء إلا بالنكاح ، فما لم تنكح فلا صداق لها قبل أحد . وإذا لم يكن ذلك لها قبل أحد ، لم يكن مما كتب لها . وإذا لم يكن مما كتب لها ، لم يكن لقول قائل : عنى بقوله : " وما يتلى عليكم في الكتاب " ، الإقساط في صدقات يتامى النساء - وجه . لأن الله قال في سياق الآية مبينا عن الفتيا التي وعدنا أن يفتيناها : " في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، فأخبر أن بعض الذي يفتينا فيه من أمر النساء ، أمر اليتيمة المحول بينها وبين ما كتب الله لها . والصداق قبل عقد النكاح ، ليس مما كتب الله لها على أحد . فكان معلوما بذلك أن التي عنيت بهذه الآية ، هي التي قد حيل بينها وبين الذي كتب لها مما يتلى علينا في كتاب الله . فإذا كان ذلك كذلك ، كان معلوما أن ذلك هو الميراث الذي يوجبه الله لهن في كتابه .
فأما الذي ذكر عن محمد بن أبي موسى ، فإنه مع خروجه من قول أهل التأويل ، بعيد مما يدل عليه ظاهر التنزيل . وذلك أنه زعم أن الذي عنى الله بقوله : " وما يتلى عليكم في الكتاب " ، هو : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " . وإذا وجه الكلام إلى المعنى الذي تأوله ، صار الكلام مبتدأ من قوله : " في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، ترجمة بذلك عن قوله : "فيهن" ، ويصير معنى الكلام : قل الله يفتيكم فيهن ، في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ، ولا دلالة [ ص: 262 ] في الآية على ما قاله ، ولا أثر عمن يعلم بقوله صحة ذلك ، وإذ كان ذلك كذلك ، كان وصل معاني الكلام بعضه ببعض أولى ، ما وجد إليه سبيل . فإذ كان الأمر على ما وصفنا ، فقوله : " في يتامى النساء " ، بأن يكون صلة لقوله : " وما يتلى عليكم " ، أولى من أن يكون ترجمة عن قوله : " قل الله يفتيكم فيهن " ، لقربه من قوله : " وما يتلى عليكم في الكتاب " ، وانقطاعه عن قوله : " يفتيكم فيهن " .
وإذ كان ذلك كذلك ، فتأويل الآية : ويستفتونك في النساء ، قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في كتاب الله الذي أنزله على نبيه في أمر يتامى النساء اللاتي لا تعطونهن ما كتب لهن ، يعني ما فرض الله لهن من الميراث عمن ورثنه ، كما : -
10557 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد : " لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، قال : لا تورثونهن .
10558 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : أخبرنا هشيم ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قوله : " لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، قال : من الميراث . قال : كانوا لا يورثون النساء . وترغبون أن تنكحوهن .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله : " وترغبون أن تنكحوهن " . فقال بعضهم : معنى ذلك : وترغبون عن نكاحهن . وقد مضى ذكر جماعة ممن قال ذلك ، وسنذكر قول آخرين لم نذكرهم .
10559 - حدثنا حميد بن مسعدة السامي قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا عبيد الله بن عون ، عن الحسن : وترغبون أن تنكحوهن قال : ترغبون عنهن . [ ص: 263 ]
10560 - حدثنا يعقوب وابن وكيع قالا : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن الحسن ، مثله .
10561 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، عن عروة قال : قالت عائشة في قول الله : " وترغبون أن تنكحوهن " ، رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط ، من أجل رغبتهم عنهن .
10562 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله يعني ابن صالح قال : حدثني الليث قال : حدثني يونس ، عن ابن شهاب قال : قال عروة ، قالت عائشة ، فذكر مثله .
وقال آخرون : معنى ذلك : وترغبون في نكاحهن . وقد مضى ذكر جماعة ممن قال ذلك قبل ، ونحن ذاكرو قول من لم نذكر منهم .
10563 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا ابن عون ، عن محمد ، عن عبيدة : " وترغبون أن تنكحوهن " ، قال : وترغبون فيهن . [ ص: 264 ]
10564 - حدثني يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع قالا : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد قال : قلت لعبيدة : وترغبون أن تنكحوهن قال : ترغبون فيهن .
10565 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس في قوله : " في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن ، فكان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة فيلقي عليها ثوبه ، فإذا فعل بها ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا . فإن كانت جميلة وهويها ، تزوجها وأكل مالها . وإن كانت دميمة منعها الرجل أبدا حتى تموت ، فإذا ماتت ورثها . فحرم الله ذلك ونهى عنه .
قال أبو جعفر : وأولى القولين بتأويل الآية ، قول من قال : معنى ذلك : "وترغبون عن أن تنكحوهن" . لأن حبسهم أموالهن عنهن مع عضلهم إياهن ، إنما كان ليرثوا أموالهن ، دون زوج إن تزوجن . ولو كان الذين حبسوا عنهن أموالهن ، إنما حبسوها عنهن رغبة في نكاحهن ، لم يكن للحبس عنهن وجه معروف ، لأنهم كانوا أولياءهن ، ولم يكن يمنعهم من نكاحهن مانع ، فيكون به حاجة إلى حبس مالها عنها ، ليتخذ حبسها عنها سببا إلى إنكاحها نفسها منه .
القول في تأويل قوله ( والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وفيما يتلى عليكم في الكتاب وفي المستضعفين من الولدان وفي أن تقوموا لليتامى بالقسط .
وقد ذكرنا الرواية بذلك عمن قاله من الصحابة والتابعين فيما مضى ، والذين [ ص: 265 ] أفتاهم في أمر المستضعفين من الولدان أن يؤتوهم حقوقهم من الميراث ، لأنهم كانوا لا يورثون الصغار من أولاد الميت ، وأمرهم أن يقسطوا فيهم ، فيعدلوا ويعطوهم فرائضهم على ما قسم الله لهم في كتابه ، كما : -
10566 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : " والمستضعفين من الولدان " ، كانوا لا يورثون جارية ولا غلاما صغيرا ، فأمرهم الله أن يقوموا لليتامى بالقسط . و "القسط" : أن يعطى كل ذي حق منهم حقه ، ذكرا كان أو أنثى ، الصغير منهم بمنزلة الكبير .
10567 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، قال : لا تورثوهن مالا" وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، قال : فدخل النساء والصغير والكبير في المواريث ، ونسخت المواريث ذلك الأول .
10568 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، أمروا لليتامى بالقسط ، بالعدل .
10569 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله .
10570 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عبد الله ، عن إسرائيل ، عن السدي ، عن أبي مالك : " والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، قال : كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر .
10571 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس قوله : " والمستضعفين من الولدان " ، فكانوا في الجاهلية [ ص: 266 ] لا يورثون الصغار ولا البنات ، فذلك قوله : " لا تؤتونهن ما كتب لهن " ، فنهى الله عن ذلك ، وبين لكل ذي سهم سهمه ، فقال : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) [ سورة النساء : 11 ، 176 ] ، صغيرا كان أو كبيرا .
10572 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : " والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط " ، وذلك أنهم كانوا لا يورثون الصغير والضعيف شيئا ، فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث .
10573 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم : أن عمر بن الخطاب كان إذا جاءه ولي اليتيمة ، فإن كانت حسنة غنية قال له عمر : زوجها غيرك ، والتمس لها من هو خير منك . وإذا كانت بها دمامة ولا مال لها ، قال : تزوجها فأنت أحق بها!
10574 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا يونس بن عبيد ، عن الحسين بن الفرج قال : جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أمير المؤمنين ، ما أمري وما أمر يتيمتي؟ قال : في أي بالكما؟ قال : ثم قال علي : أمتزوجها أنت غنية جميلة؟ قال : نعم ، والإله! قال : فتزوجها دميمة لا مال لها! ثم قال علي : خر لها ، فإن كان غيرك خيرا لها فألحقها بالخير . [ ص: 267 ]
قال أبو جعفر : فقيامهم لليتامى بالقسط ، كان العدل فيما أمر الله فيهم .
القول في تأويل قوله ( وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما ( 127 ) )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : ومهما يكن منكم ، أيها المؤمنون ، من عدل في أموال اليتامى ، التي أمركم الله أن تقوموا فيهم بالقسط ، والانتهاء إلى أمر الله في ذلك وفي غيره وإلى طاعته فإن الله كان به عليما لم يزل عالما بما هو كائن منكم ، وهو محص ذلك كله عليكم ، حافظ له ، حتى يجازيكم به جزاءكم يوم القيامة .
القول في تأويل قوله ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير )
قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه : وإن خافت امرأة من بعلها ، يقول : علمت من زوجها "نشوزا" ، يعني : استعلاء بنفسه عنها إلى غيرها ، [ ص: 268 ] أثرة عليها ، وارتفاعا بها عنها ، إما لبغضة ، وإما لكراهة منه بعض أسبابها إما دمامتها ، وإما سنها وكبرها ، أو غير ذلك من أمورها أو إعراضا يعني : انصرافا عنها بوجهه أو ببعض منافعه التي كانت لها منه " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا " ، يقول : فلا حرج عليهما ، يعني على المرأة الخائفة نشوز بعلها أو إعراضه عنها " أن يصلحا بينهما صلحا " ، وهو أن تترك له يومها ، أو تضع عنه بعض الواجب لها من حق عليه ، تستعطفه بذلك وتستديم المقام في حباله ، والتمسك بالعقد الذي بينها وبينه من النكاح يقول : " والصلح خير " ، يعني : والصلح بترك بعض الحق استدامة للحرمة ، وتماسكا بعقد النكاح ، خير من طلب الفرقة والطلاق .
وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
10575 - حدثنا هناد بن السري قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة : أن رجلا أتى عليا رضي الله عنه يستفتيه في امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا ، فقال : قد تكون المرأة عند الرجل فتنبو عيناه عنها من دمامتها أو كبرها أو سوء خلقها أو فقرها ، فتكره فراقه . فإن وضعت له من [ ص: 269 ] مهرها شيئا حل له ، وإن جعلت له من أيامها شيئا فلا حرج .
10576 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة قال : سئل علي رضي الله عنه : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا " ، قال : المرأة الكبيرة أو الدميمة أو لا يحبها زوجها ، فيصطلحان .
10577 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا شعبة وحماد بن سلمة وأبو الأحوص كلهم ، عن سماك بن حرب ، عن خالد بن عرعرة ، عن علي رضي الله عنه ، بنحوه .
10578 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن سماك ، عن خالد بن عرعرة : أن رجلا سأل عليا رضي الله عنه عن قوله : " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا " ، قال : تكون المرأة عند الرجل دميمة ، فتنبو عينه عنها من دمامتها أو كبرها ، فإن جعلت له من أيامها أو مالها شيئا فلا جناح عليه .
10579 - حدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا : حدثنا جرير ، عن أشعث ، عن ابن سيرين قال : جاء رجل إلى عمر فسأله عن آية ، فكره ذلك وضربه بالدرة ، فسأله آخر عن هذه الآية : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، فقال : عن مثل هذا فسلوا! ثم قال : هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها ، فيتزوج المرأة الشابة يلتمس ولدها ، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز .
10580 - حدثنا عمرو بن علي قال : حدثنا عمران بن عيينة قال : حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : [ ص: 270 ] " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قال : هي المرأة تكون عند الرجل حتى تكبر ، فيريد أن يتزوج عليها ، فيتصالحان بينهما صلحا ، على أن لها يوما ، ولهذه يومان أو ثلاثة .
10581 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عمران ، عن عطاء ، عن سعيد ، عن ابن عباس ، بنحوه إلا أنه قال : حتى تلد أو تكبر وقال أيضا : فلا جناح عليهما أن يصالحا على ليلة والأخرى ليلتين .
10582 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد قالا : حدثنا جرير ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير قال : هي المرأة تكون عند الرجل قد طالت صحبتها وكبرت ، فيريد أن يستبدل بها ، فتكره أن تفارقه ، ويتزوج عليها فيصالحها على أن يجعل لها أياما ، وللأخرى الأيام والشهر .
10583 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عطاء ، عن سعيد ، عن ابن عباس : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قال : هي المرأة تكون عند الرجل فيريد أن يفارقها ، فتكره أن يفارقها ، ويريد أن يتزوج فيقول : "إني لا أستطيع أن أقسم لك بمثل ما أقسم لها" ، فتصالحه على أن يكون لها في الأيام يوم ، فيتراضيان على ذلك ، فيكونان على ما اصطلحا عليه .
10584 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير " [ ص: 271 ] قالت : هذا في المرأة تكون عند الرجل ، فلعله أن يكون يستكبر منها ، ولا يكون لها ولد ويكون لها صحبة ، فتقول : لا تطلقني ، وأنت في حل من شأني .
10585 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج بن المنهال قال : حدثنا حماد بن سلمة ، عن هشام بن عروة ، عن عروة ، عن عائشة في قوله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قالت : هذا الرجل يكون له امرأتان : إحداهما قد عجزت ، أو هي دميمة وهو لا يستكثر منها ، فتقول : لا تطلقني ، وأنت في حل من شأني .
10586 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن [ ص: 272 ] المبارك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة بنحوه غير أنه قال : فتقول : أجعلك من شأني في حل! فنزلت هذه الآية في ذلك .
10587 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في قوله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، فتلك المرأة تكون عند الرجل ، لا يرى منها كبير ما يحب ، وله امرأة غيرها أحب إليه منها ، فيؤثرها عليها . فأمره الله إذا كان ذلك ، أن يقول لها : "يا هذه ، إن شئت أن تقيمي على ما ترين من الأثرة ، فأواسيك وأنفق عليك فأقيمي ، وإن كرهت خليت سبيلك!" ، فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخيرها فلا جناح عليه ، وهو قوله : والصلح خير وهو التخيير .
10588 - حدثنا الربيع بن سليمان وبحر بن نصر قالا : حدثنا ابن وهب قال : حدثني ابن أبي الزناد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : أنزل الله هذه الآية في المرأة إذا دخلت في السن ، فتجعل يومها لامرأة أخرى . قالت ففي ذلك أنزلت : " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا " .
10589 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة قال : سألته عن قول الله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قال : هي المرأة تكون مع زوجها ، فيريد أن يتزوج [ ص: 273 ] عليها ، فتصالحه من يومها على صلح . قال : فهما على ما اصطلحا عليه . فإن انتقضت به ، فعليه أن يعدل عليها ، أو يفارقها .
10590 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم : أنه كان يقول ذلك .
10591 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حجاج ، عن مجاهد : أنه كان يقول ذلك .
10592 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة في قوله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " إلى آخر الآية ، قال : يصالحها على ما رضيت دون حقها ، فله ذلك ما رضيت . فإذا أنكرت أو قالت : "غرت" ، فلها أن يعدل عليها ، أو يرضيها ، أو يطلقها .
10593 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن أيوب ، عن محمد قال : سألت عبيدة عن قول الله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قال : هو الرجل تكون له امرأة قد خلا من سنها ، فتصالحه عن حقها على شيء ، فهو له ما رضيت . فإذا كرهت ، فلها أن يعدل عليها ، أو يرضيها من حقها ، أو يطلقها .
10594 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن هشام ، عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن قوله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا " ، فذكر نحو ذلك إلا أنه قال : فإن سخطت ، فله أن يرضيها ، أو يوفيها حقها كله ، أو يطلقها . [ ص: 274 ]
10595 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة قال : قال إبراهيم : إذا شاءت كانت على حقها ، وإن شاءت أبت فردت الصلح ، فذاك بيدها . فإن شاء طلقها ، وإن شاء أمسكها على حقها .
10596 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما " ، قال قال علي : تكون المرأة عند الرجل الزمان الكثير ، فتخاف أن يطلقها ، فتصالحه على صلح ما شاء وشاءت ، يبيت عندها في كذا وكذا ليلة ، وعند أخرى ، ما تراضيا عليه ، وأن تكون نفقتها دون ما كانت . وما صالحته عليه من شيء فهو جائز .
10597 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا يحيى بن عبد الملك ، عن أبيه ، عن الحكم : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، قال : هي المرأة تكون عند الرجل ، فيريد أن يخلي سبيلها . فإذا خافت ذلك منه ، فلا جناح عليهما أن يصطلحا بينهما صلحا ، تدع من أيامها إذا تزوج .
10598 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، إلى قوله : " والصلح خير " ، وهو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة ، فينكح عليها المرأة الشابة ، فيكره أن يفارق أم ولده ، فيصالحها على عطية من ماله ونفسه ، فيطيب له ذلك الصلح .
10599 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن [ ص: 275 ] قتادة قوله : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا " ، فقرأ حتى بلغ " فإن الله كان بما تعملون خبيرا " ، وهذا في الرجل تكون عنده المرأة قد خلا من سنها ، وهان عليه بعض أمرها ، فيقول : "إن كنت راضية من نفسي ومالي بدون ما كنت ترضين به قبل اليوم!" فإن اصطلحا من ذلك على أمر ، فقد أحل الله لهما ذلك ، وإن أبت ، فإنه لا يصلح له أن يحبسها على الخسف .
10600 - حدثت عن الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار : أن رافع بن خديج كان تحته امرأة قد خلا من سنها ، فتزوج عليها شابة ، فآثر الشابة عليها . فأبت امرأته الأولى أن تقيم على ذلك ، فطلقها تطليقة . حتى إذا بقي من أجلها يسير قال : إن شئت راجعتك وصبرت على الأثرة ، وإن شئت تركتك حتى يخلو أجلك! قالت : بل راجعني وأصبر على الأثرة! فراجعها ، ثم آثر عليها ، فلم تصبر على الأثرة ، فطلقها أخرى وآثر عليها الشابة . قال : فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله أنزل فيه : " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا " .

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|