عرض مشاركة واحدة
  #43  
قديم 31-01-2025, 10:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,093
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – فعنكنَّ كُنْتُ أُناضِلُ


  • كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» استغث برحمة الله عزوجل وكلما وقعت في معصية من المعاصي اعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم : «وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا»
  • التوبة وظيفة العمر والحاجة إليها ماسة فإن العبد مخلوق ضعيف يكتنفه في هذه الحياة أعداء يتسلطون عليه من شياطين الجن والإنس
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنَّا عندَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - فضحِك فقال: «هل تدرونَ ممَّا أضحَكُ»؟ قُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: «مِن مُخاطَبةِ العبدِ ربَّه يقولُ: يا ربِّ ألَمْ تُجِرْني مِن الظُّلمِ؟ قال: يقولُ: بلى قال: فإنِّي لا أُجيزُ على نفسي إلَّا شاهدًا منِّي؛ فيقولُ: كفى بنفسِكَ اليومَ عليكَ شهيدًا وبالكرامِ الكاتبينَ عليكَ شهيدًا؛ فيُختَمُ على فيه ثمَّ يُقالُ لِأركانِه: انطِقي فتنطِقُ بأعمالِه، ثمَّ يُخلَّى بَيْنَه وبَيْنَ الكلامِ فيقولُ: بُعْدًا لكُنَّ وسُحْقًا فعنكنَّ كُنْتُ أُناضِلُ»، هذا عبدٌ يأتي يوم القيامة فيقرره الله -عزوجل- بذنوبه فينكرها، ويظن أن له مهربا من العليم الخبير.
فكل أحدٍ فينا يدري ماذا فعل؟ يدري ماذا قال؟ يدري ماذا أخطأ؟ يدري ماهي معاصيه؟ ويدري ماهي آثامه؟ يدري ما تجاوزاته حدود الله -عزوجل-؟ يدري كل شيء فعله سواء في ترك الأوامر أم فعل النواهي وأشياء كثيرة، نعم ليس على طريقة الإحصاء؛ لأن الله -عزوجل- فطرنا على النسيان، لكننا نعلم المواقف ونتذكر ذلك جيدًا.
ومع ذلك الله -عزوجل- من عدله ورحمته جعل لنا ملائكة وأمرها أن تكتب وتحصي ذلك كله لابن آدم: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}، يسجلون بأمر الله -عزوجل- سيئاتك وحسناتك، واحد عن يمينك والآخر عن شمالك، فضلا عن علم الله -عزوجل- الذي يعلم ذلك كله ولايحتاج الى هذا أبدًا، ومع ذلك فالله -عزوجل- جعل لك من يحفظ أعمالك.
ومع هذا كله فهذا العبد -عافانا الله- يطلب هذا الطلب من الله -عزوجل- هل سيرده؟ أبدًا بل سيلبي له طلبه، فيختم على فاه فلا يستطيع أن يتكلم، عند ذلك يقول الله -عزوجل- لأعضائه (انطِقِي) فتتكلم اليد وتنطق بما فعلت واجترحت، وتتكلم الرجل وتنطق بما اقترفت، وتتكلم الأذن وتنطق بما استمعت واجترحت، وتتكلم العين وتنطق بما فعلت بها، وتتكلم البطن وتنطق بماذا فعلت بها، ويتكلم الفرج وينطق بماذا سويت به، كل شيء سيتكلم وينطق! نسأل الله العافية، ثم الله -عزوجل- يتركه ويأمره ليتكلم بعدما سمع الشهود من نفسه بالتواريخ والأرقام والأيام والتفاصيل والمواقف وبالأماكن والأزمنة وبكل اللحظات، بأدق تفاصيلها، فيطلق العنان للسانه لينطق فيقول أول ما يقول: «سُحقًا لكُنَّ فعنكُن كنت أناضل!» كنت أدافع عنكم لأنجيكم من النار.
محض فضل ورحمة
هذا الانسان لم يقدر الله حق قدره، فقد نسي أنه يتعامل مع رب العالمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فالله -عزوجل- يعلم ما تفكر فيه، تخيل أنك الآن في دولة تراقب كل تحركاتك بتفاصيلها على مدار الساعة، هل تستطيع فعل شيء؟ لذا فتخيل أن هذا هو وضعك على مدار حياتك منذ أن خرجت من بطن أمك وإلى أن ينقضي أجلك؛ لذا قال الله -عزوجل- في هذا الأمر تلك الآيات: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} ثم ذكر الله -عزوجل- أنه يوم القيامة يختم على افواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يعلمون.
اجعل عليك رقيبا من نفسك
إذا هذه قضية مهمة وعظيمة، اجعل عليك رقيبا من نفسك، اجعل الأمر بينك وبين الله -تعالى-، فكلما سلمت عقيدتك وكلما سلم توحيدك لله -عزوجل- عندئذ ستنضبط أمورك كافة، قال -تعالى-: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} فالله -عزوجل- اذا وحدته واتبعت هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاهدت نفسك في رضاه استقامت لك الأمور.
ولابد أن يعلم الإنسان أنه ليس معصومًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كتب على ابنِ آدمَ حظُّه من الزنا فهو مدركٌ ذلك لا محالةَ، فالعينانِ تزنيانِ وزناهما النظرُ، والأذنانِ تزنيانِ وزناهما السمعُ، واليدان تزنيان وزناهُما البطشُ، والرِّجلانِ تزنيانِ وزناهُما المشيُ، والقلبُ يتمنى ويشتهي، والفرجُ يصدقُ ذلك أو يكذبُه»، فلذلك على الإنسان أن يجتهد دائمًا في المسارعة بالتوبة إلى الله -تعالى-، كلما وقع في الذنب، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ بَني آدَمَ خَطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائين التَّوابُون»، وقال الله -صلى الله عليه وسلم -: «سَدِّدُوا وقارِبُوا، وأَبْشِرُوا، فإنَّه لَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ أحَدًا عَمَلُهُ قالوا: ولا أنْتَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ منه برَحْمَةٍ، واعْلَمُوا أنَّ أحَبَّ العَمَلِ إلى اللهِ أدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ. وفي روايةٍ بهذا الإسْنادِ، ولَمْ يَذْكُرْ: وأَبْشِرُوا»، فتعلق بتلك الرحمة فرحمة الله -تعالى- قد وسعت كل شيء.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث»، استغث برحمة الله -عزوجل-، وكلما وقعت في معصية من المعاصي اعمل بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم -: « وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا» إذا فعلت معصية وقد غلبك الشيطان ونفسك الأمارة بالسوء عليها فغالبهم بالعودة والتوبة تب وارجع واستغفر، توضأ وصل ركعتين واستغفر الله -عزوجل- تجد الله غفورا رحيما.
التوبة وظيفة العمر
التوبة وظيفة العمر، والحاجة إليها ماسة والضرورة إليها ملحة؛ فإن العبد مخلوق ضعيف يكتنفه في هذه الحياة أعداء، يتسلطون عليه من شياطين الجن والإنس، يُحسِّنون له القبيح، ويقبحون في نظره الحسن، إضافة إلى نفس بين جنبيه أمارة بالسوء ودنيا مليئة بالفتن والمغريات.
ولما كان الإنسان من شأنه الخطأ وكلّ بني آدم خطاء كما أخبر بذلك الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- كانت التوبة وظيفة العمر التي ينبغي ألا تفوت، والطاعة العظيمة التي ينبغي البدار إليها والمسارعة إلى أدائها قبل فوات الأوان وحلول الندم.
التوبة طاعة عظيمة
التوبة طاعة عظيمة يحبها الله -تعالى-، فالله -جل وعلا- يحب التوابين ويحب المتطهرين والله -جل وعلا- مع كمال غناه عن عباده يفرح بتوبة التائبين فرحا عظيما! جاء في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لله أشد فرحا بتوبة عبده إذا تاب من أحدكم أضل راحلته بفلاة، أي في الصحراء وعليها طعامه وشرابه، حتى إذا أيس منها استظل تحت ظل شجرة، ينتظر الموت، فبين هو كذلك إذا بخطام ناقته عند رأسه فأمسك بخطامها، وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك!»، تأملوا فرح هذا بناقته فالله -جل وعلا- أشد فرحا منه بتوبة عبده إذا تاب إليه مع أنه -جل وعلا- غني عن توبة التائبين وإنابة المنيبين فهو -جل وعلا- لا تنفعه طاعة من أطاع، ولا تضره معصية من عصاه، وهو -جل وعلا- القائل في الحديث القدسي: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئا».
والواجب على المسلم إذا عرف شأن التوبة ومقامها، أن يبادر إليها، وأن يعلم أن ربَّه -سبحانه- دعاه إلى التّوبة ورغّبه فيها مهما كان الذنب ومهما بلغ الجرم فالله -جلّ وعلا- يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهو القائل -سبحانه-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (الزمر: 53).


اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 
[حجم الصفحة الأصلي: 20.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 20.12 كيلو بايت... تم توفير 0.63 كيلو بايت...بمعدل (3.03%)]