خواطر الكلمة الطيبة - الصفحة 5 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         القاضي المحدث ابن شبرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الدنيا والآخرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سنة حسنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          شهر شعبان نفحة ربانية وانطلاقة إيمانية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          إن عجائب القرآن أطرن نومي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          كيف تقضي إجازة صيفية سعيدة وهادفة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الشباب في الصيف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          خلق الحياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 18 )           »          مفتي مصر : محمد العباسي المهدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #41  
قديم 18-12-2024, 05:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – حقيقة محبة النبي صلى الله عليه وسلم



  • محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - تعني أن يميل قلب المسلم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ميلاً يتجلَّى فيه إيثاره - صلى الله عليه وسلم- على كل محبوب
  • حبُّ المسلم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- عمل قلبيّ من أجَلِّ أعمال القلوب، وأمر وجداني يجده المسلم في قلبه
الناس تحب القرب من الآخرين من أجل مواصفات معينه، فقد يكون السبب الأخلاق الكريمة للشخص، وأحيانا يكون السبب أنه صاحب كلمة مؤثرة عند البيان والكلام، وأحيانا يكون السبب أن هذا الشخص صاحب أفعال كبيرة وجليلة؛ فالناس تنقسم في قضية القرب والالتفاف حول شخص ما بحكم ما لديه صفات وأخلاق جاذبه.
فما بالكم إذا اجتمعت هذه الصفات كلها في شخصية واحدة؟ نعم لقد اجتمعت تلك الصفات وأكثر منها في نبينا محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم-؛ فقد جمع الله له الكمالات كلها، كمال في الخلقة وجماله، وكمال في الخلق وآدابه، والكمال في الأقوال؛ فقد أٌوتي - صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم، والكمال في الأفعال؛ فقد أوتي أحسن الأفعال وأطيبها. فتخيل الكمال في كل هذه الصفات كفيلة بألا تجذب أفرادا فحسب، بل تجذب العالم أجمع؛ فلذلك من يعرف النبي - صلى الله عليه وسلم- ينجذب إليه ويحب القرب منه، حتى قال - صلى الله عليه وسلم-: «من أَشَدِّ أُمَّتي حُبا لي ناسٌ يكونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحدُهُمْ لَوْ يُعْطِي أَهْلهُ ومالهُ بِأنْ يَرَانِيَ». وهذا السر الذي من أجله جعل الله -عزوجل- الأنبياء والمرسلين فيهم هذه الصفات، ولكن كمال هذه الصفات كانت في نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم-، فقال: «أنا سيدُ ولدِ آدمَ ولا فخرَ»، أي: لا أفتخر عليكم، ولكن الله جعل فيه هذه الكمالات فيقولها من باب {وأما بنعمة ربك فحدث}، وليس من باب الافتخار، بل كان هو سيد المتواضعين - صلى الله عليه وسلم-، فكلما زاده الله بالفضائل زاد النبي - صلى الله عليه وسلم- بالتواضع أكثر؛ ولذلك ما عرفت الدنيا تواضعا مثل تواضعه - صلى الله عليه وسلم-.
ترجمة الحب للنبي - صلى الله عليه وسلم-
وهذه الصفات هي التي جعلت الصحابة -رضوان الله عليهم- يترجمون هذا الحب له وهذا الانجذاب له بأن كانوا يجهدون في سبيل الله -عزوجل- لإعلاء كلمة الله، وأيضًا لحمايته - صلى الله عليه وسلم- وحماية دينه وسنته. نحن لم يشرفنا الله -عزوجل- لأن نكون معهم في هذا الوقت حتى نكون سدًا منيعًا له - صلى الله عليه وسلم- وأن نكون دروعا بشرية له كما فعل الصحابة -رضي الله عنهم-، ولا أن نظهر ما في قلوبنا عمليا تجاه محبته والانجذاب له - صلى الله عليه وسلم-، والصحابه -رضوان الله عليهم- كل واحد عبر بطريقته عن هذا الانجذاب، وأكثر شيء يدل على محبتنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- هو: أن نعمل بسنته، وندعو لها، أن ندافعها، وأن نقرأ في سيرته ونتعرف على صفاته - صلى الله عليه وسلم-، فحقيقة المحبة هي الحرص على تطبيق سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- والعمل بها، والدفاع عنها، ولهذا نرى أن الله -عزوجل- ما أظهر لنا كمالات محمد - صلى الله عليه وسلم- إلا من أجل ذلك، فالنبي - صلى الله عليه وسلم- لا يتخلى يوم القيامة عمن أحبه وانجذب إليه.
أمتي أمتي
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَومَ القِيامَةِ فَيَهْتَمُّونَ لذلكَ، وقالَ ابنُ عُبَيْدٍ: فيُلْهَمُونَ لذلكَ، فيَقولونَ: لَوِ اسْتَشْفَعْنا علَى رَبِّنا حتَّى يُرِيحَنا مِن مَكانِنا هذا، قالَ: فَيَأْتُونَ آدَمَ - صلى الله عليه وسلم-، فيَقولونَ: أنْتَ آدَمُ، أبو الخَلْقِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بيَدِهِ، ونَفَخَ فِيكَ مِن رُوحِهِ، وأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، اشْفَعْ لنا عِنْدَ رَبِّكَ حتَّى يُرِيحَنا مِن مَكانِنا هذا، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا نُوحًا أوَّلَ رَسولٍ بَعَثَهُ اللَّهُ، قالَ: فَيَأْتُونَ نُوحًا - صلى الله عليه وسلم-، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، فَيَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا إبْراهِيمَ - صلى الله عليه وسلم- الذي اتَّخَذَهُ اللَّهُ خَلِيلًا، فَيَأْتُونَ إبْراهِيمَ - صلى الله عليه وسلم-، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا مُوسَى - صلى الله عليه وسلم-، الذي كَلَّمَهُ اللَّهُ وأَعْطاهُ التَّوْراةَ، قالَ: فَيَأْتُونَ مُوسَى عليه السَّلامُ، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ويَذْكُرُ خَطِيئَتَهُ الَّتي أصابَ، فَيَسْتَحْيِي رَبَّهُ مِنْها، ولَكِنِ ائْتُوا عِيسَى رُوحَ اللهِ وكَلِمَتَهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى رُوحَ اللهِ وكَلِمَتَهُ، فيَقولُ: لَسْتُ هُناكُمْ، ولَكِنِ ائْتُوا مُحَمَّدًا - صلى الله عليه وسلم- عَبْدًا قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم-: فَيَأْتُونِي فأسْتَأْذِنُ علَى رَبِّي، فيُؤْذَنُ لِي، فإذا أنا رَأَيْتُهُ وقَعْتُ ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ، فيُقالُ: يا مُحَمَّدُ، ارْفَعْ رَأْسَكَ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفَعُ رَأْسِي، فأحْمَدُ رَبِّي بتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ رَبِّي، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ، وأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، ثُمَّ أعُودُ فأقَعُ ساجِدًا، فَيَدَعُنِي ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقالُ: ارْفَعْ يا مُحَمَّدُ، قُلْ تُسْمَعْ، سَلْ تُعْطَهْ، اشْفَعْ تُشَفَّعْ، فأرْفَعُ رَأْسِي، فأحْمَدُ رَبِّي بتَحْمِيدٍ يُعَلِّمُنِيهِ، ثُمَّ أشْفَعُ فَيَحُدُّ لي حَدًّا، فَأُخْرِجَهُمْ مِنَ النَّارِ وأُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ، قالَ: فلا أدْرِي في الثَّالِثَةِ، أوْ في الرَّابِعَةِ، قالَ فأقُولُ: يا رَبِّ، ما بَقِيَ في النَّارِ إلَّا مَن حَبَسَهُ القُرْآنُ، أيْ وجَبَ عليه الخُلُودُ. قالَ ابنُ عُبَيْدٍ في رِوايَتِهِ: قالَ قَتادَةُ: أيْ وجَبَ عليه الخُلُودُ».
مفهوم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
محبة النبي - صلى الله عليه وسلم- تعني أن يميل قلب المسلم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ميلاً يتجلَّى فيه إيثاره - صلى الله عليه وسلم- على كل محبوب من نفس ووالد وولدٍ، والناس أجمعين؛ وذلك لما خصه الله من كريم الخصال وعظيم الشمائل، وما أجراه على يديه من صنوف الخير والبركات لأُمته، وما امتنَّ الله على العباد ببعثته ورسالته.
أصل المحبة
وبالجملة، فأصل المحبة الميل إلى ما يوافق المُحب، ثم الميل قد يكون لما يستلذه الإنسان ويستحسنه، كحب الصورة والصوت، والطعام ونحوها، وقد يستلذه بعقله للمعاني الباطنة، كحب الصالحين والعلماء، وأهل الفضل مطلقًا، وهذه المعاني كلها موجودة في النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لما جمع من جمال الظاهر والباطن، وكمال خصال الجلال، وأنواع الفضائل، وإحسانه إلى جميع المسلمين بهدايته إيَّاهم إلى الصراط المستقيم، ودوَام النِّعم والإبعاد من الجحيم.
جوانب شتى
فنحن نتعلق ونرتبط برسول الله - صلى الله عليه وسلم- من جوانب شتى، في جانب العقل معرفةً وعلمًا، نقرأ ونحفظ سيرته وحديثه، وهديه وسنته، والواجب منها والمندوب منها، ونحو ذلك، ومحبة بالقلب، وهي عاطفة مشبوبة، ومشاعر جيَّاشة، ومحبة متدفقة، وميلٌ عاصف تتعلق به النفس والقلب - صلى الله عليه وسلم-؛ لما فيه من المعاني الحسية والمعنوية.
محبة الجوارح
ثم محبة بالجوارح تترجم فيها المحبة إلى الاتِّباع لسنته قولا وفعلا وتقريرا - صلى الله عليه وسلم - فلا يمكن أن نقول: إن المحبة اتِّباعٌ فحسب، فأين مشاعر القلب؟ ولا يصلح أن نقول: إنها الحب والعاطفة الجياشة، فأين صدق الاتِّباع؟ ولا ينفع هذا وهذا! فأين المعرفة والعلم التي يؤسس بها من فقه سيرته وهدْيه وأحواله - صلى الله عليه وسلم؟، لذا فنحن نرتبط في هذه المحبة بالقلب والنفس، وبالعقل والفكر، وبسائر الجوارح والأحوال والأعمال، فتكمُل حينئذٍ المحبة؛ لتكون هي المحبة الصادقة الخالصة الحقيقية العملية الباطنية، فتكتمل من كل جوانبها؛ لنؤدي بعض حقِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- علينا.
عمل قلبي
وحبُّ المسلم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- عمل قلبيّ من أجَلِّ أعمال القلوب، وأمر وجداني يجده المسلم في قلبه، وعاطفة طيبة تجيش بها نفسه، وإن تفاوَتت درجة الشعور بهذا الحب؛ تبعًا لقوة الإيمان، أو ضَعفه.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #42  
قديم 26-01-2025, 08:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة {فَـلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَـا}


  • الحياة الدنيا لا تدوم على حال ولا تصفو لأحد تمام الصفاء وقد رُكبت على التقلب والتغير ما بين قبض وبسط وسعة وضيق وفرح وحزن
قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ}، قال العلامة السعدي -رحمه الله- في تفسير هذه الآية: يقول -تعالى-: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ} بالبعث والجزاء على الأعمال، {حَقٌّ} أي: لا شك فيه، ولا مرية، ولا تردد، وقد دلت على ذلك الأدلة السمعية والبراهين العقلية، فإذا كان وعده حقا، فتهيئوا له، وبادروا أوقاتكم الشريفة بالأعمال الصالحة، ولا يقطعكم عن ذلك قاطع، {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} بلذاتها وشهواتها ومطالبها النفسية، فتلهيكم عما خلقتم له، {وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}.
وكما أنَّ الله -عزوجل- وعد وعودًا دنيوية تحققت، فهناك أيضًا وعود أخروية ستتحقق، وهي ما جاءت به الإخبار عن الغيب الذي لا يعلمه إلا الله -تعالى-، ولقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم - الدنيا فقال: «الدُّنيا حُلوةٌ خضِرةٌ، وإنَّ اللهَ مُستخلِفَكم فيها؛ فناظرٌ كيف تعملون»، فالدنيا تأخذ القلب بزينتها وشهواتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا، فكل هذه النعم قد يتعلق بها الإنسان تعلقا يفوق تعلقه بالآخرة؛ لذا يقول الله -عزوجل- {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}.
الحياة لا تدوم لأحد
إنَّ طبيعة الحياة الدنيا أنها لا تدوم على حال، ولا تصفو لأحد تمام الصفاء، وقد ركبت على التقلب والتغير، ما بين قبض وبسط، ولقاء وفراق، وسعة وضيق، وفرح وحزن، وضحك وبكاء، وعافية وبلاء؛ لذلك قال الله -تعالى-: {فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}، ثم قال الله -عزوجل- {لا يغرنكم بالله الغرور} أي لايمنيك أصحاب الأماني فيصدونك عن حقيقة هذه الحياة «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون».
{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ}
ثم قال الله -تعالى-: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (فاطر: 6)، قال الشيخ السعدي -رحمه الله-: الشيطان الذي هو عدوكم في الحقيقة لتكن منكم عداوته على بال، ولا تهملوا محاربته كل وقت؛ فإنه يراكم وأنتم لا ترونه، وهو دائمًا لكم بالمرصاد.
{إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ}، هذا غايته ومقصوده ممن تبعه، أن يهان غاية الإهانة بالعذاب الشديد، إن شئت فانظر الى السابقين من الأمم السابقة بل من أجدادنا وأهلينا أين ذهبوا؟ بل كل يوم نحن نودع من يرحلون عنا إلى أين يذهبون؟ وكثير من الناس الذين يرحلون عنا؟! لذا فالوعد حق، والموت حق، والرحيل للدار الآخرة حق، فلا ننسى ذلك الوعد، كن مغتربا؛ لذلك يعجبني حال كثير من المغتربين، تراهم يتبسطون في أمورهم؛ لأنهم يوقنون بالعودة إلى بلادهم، فكذلك نحتاج أن نكون مع الآخرة أن نوقن بعودتنا لها وأن نعمل لذلك.
{ولا تنس نصيبك من الدنيا}
نحن لا ندعو إلى ترك الدنيا بالكلية فليس هذا أمر الله ، قال -سبحانه-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ}، قال الشيخ السعدي -رحمه الله- : أي قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال، فابتغ بها ما عند اللّه، وتصدق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات، وتحصيل اللذات، {وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا}، أي: لا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك وتبقى ضائعًا، بل أنفق لآخرتك، واستمتع بدنياك استمتاعًا لا يثلم دينك، ولا يضر بآخرتك، {وَأَحْسَنُ} إلى عباد اللّه {كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} بهذه الأموال.
كن في الدنيا كأنك غريب
عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: أخذ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بمنكِبي، فقال: «كُنْ في الدُّنيا كأنَّك غريبٌ أو كعابرِ سبيلٍ»، وكان ابنُ عمرَ - رضي الله عنه - يقولُ: إذا أصبحتَ فلا تنتظِرِ المساءَ، وإذا أمسيْتَ فلا تنتظِرِ الصَّباحَ، وخُذْ من صِحَّتِك لمرضِك، وفي حياتِك لموتِك.
وكان عبدالله ابن مسعود - رضي الله عنه - يقول: «اللَّهُمّ إِنِّي أَسْأَلُكَ إِيمَانًا لاَ يَرْتَدُّ، وَنَعِيمًا لاَ يَنْفَدُ، وَمُرَافَقَةَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم - فِي أَعْلَى جَنَّةِ الْخُلْدِ»، هذا الدعاء من الأدعية. العظيمة؛ لاشتماله على أعظم المقاصد، وأرجى المطالب، وأعلى الأماني في الدنيا والآخرة، في مرافقة سيد الأولين والآخرين في أعلى جنات النعيم، ولا شك أن هذا أعظم وأعلى المنازل؛ ولهذا كان - صلى الله عليه وسلم - يلازم هذا الدعاء في خير الأعمال، وأفضلها، ألا وهي الصلاة، فقد كان -صلى الله عليه وسلم - يقول: «قد صليت منذ كذا وكذا، ما صليت فريضة ولا تطوعًا إلا دعوت اللَّه به في دبر كل صلاة»، ويقول -صلى الله عليه وسلم -: «إنه من دعائي الذي لا أكاد أن أدع»، أي هذا الدعاء، وهذا يدل على كمال همّته، وشدّة حرصه لمطلوبه، وسبب هذا الدعاء، أن رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلم - دخل المسجد وهو مع أبي بكر وعمر، وإذا ابن مسعود يصلي، وإذا هو يقرأ (النساء)، فانتهى إلى رأس المائة، فجعل ابن مسعود يدعو وهو قائم يصلي، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم - «اسأل تعطه، اسأل تعطه».
حقيقة الحياة الدنيا
قال الله -تعالى-: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} (الأنعام: 32)، قال ابن كثير: «أي إنما غالبها كذلك»، وقال -تعالى-: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (العنكبوت: 64)، قال ابن كثير: «يقول -تعالى- مخبراً عن حقارة الدنيا وزوالها وانقضائها، وأنها لا دوام لها، وغاية ما فيها لهو ولعب {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان} أي الحياة الدائمة الحق التي لا زوال لها ولا انقضاء بل هي مستمرة أبد الآباد»، وقال -تعالى-: {اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ} (الرعد: 26)، وقال -تعالى-: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} (طه:131)، قال ابن كثير: «يقول -تعالى- لنبيه محمد -[-: لا تنظر إلى ما هؤلاء المترفون وأشباههم ونظراؤهم فيه من النعيم، فإنما هو زهرة زائلة، ونعمة حائلة لنختبرهم بذلك وقليل من عبادي الشكور، وقال مجاهد (أزواجاً منهم) يعني الأغنياء، فقد آتاك خيراً مما آتاهم، وعن جابر - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرّ بالسوق داخلاً من بعض العالية والناس كنفته فمرَّ بجدي أسكَّ ميِّتٍ، فتناوله بأذنه ثم قال: «أيّكم يحب أن هذا له بدرهم؟»، فقالوا: ما نحب أنه لنا بشيء، وما نصنع به؟ قال: «أتحبون أنه لكم؟»، قالوا: والله لو كان حيَّاً لكان عيباً فيه، لأنه أسكَّ، فكيف وهو ميِّتٍ؟! فقال: «والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم».


اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #43  
قديم 31-01-2025, 10:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – فعنكنَّ كُنْتُ أُناضِلُ


  • كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث» استغث برحمة الله عزوجل وكلما وقعت في معصية من المعاصي اعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم : «وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا»
  • التوبة وظيفة العمر والحاجة إليها ماسة فإن العبد مخلوق ضعيف يكتنفه في هذه الحياة أعداء يتسلطون عليه من شياطين الجن والإنس
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: كنَّا عندَ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم - فضحِك فقال: «هل تدرونَ ممَّا أضحَكُ»؟ قُلْنا: اللهُ ورسولُه أعلَمُ قال: «مِن مُخاطَبةِ العبدِ ربَّه يقولُ: يا ربِّ ألَمْ تُجِرْني مِن الظُّلمِ؟ قال: يقولُ: بلى قال: فإنِّي لا أُجيزُ على نفسي إلَّا شاهدًا منِّي؛ فيقولُ: كفى بنفسِكَ اليومَ عليكَ شهيدًا وبالكرامِ الكاتبينَ عليكَ شهيدًا؛ فيُختَمُ على فيه ثمَّ يُقالُ لِأركانِه: انطِقي فتنطِقُ بأعمالِه، ثمَّ يُخلَّى بَيْنَه وبَيْنَ الكلامِ فيقولُ: بُعْدًا لكُنَّ وسُحْقًا فعنكنَّ كُنْتُ أُناضِلُ»، هذا عبدٌ يأتي يوم القيامة فيقرره الله -عزوجل- بذنوبه فينكرها، ويظن أن له مهربا من العليم الخبير.
فكل أحدٍ فينا يدري ماذا فعل؟ يدري ماذا قال؟ يدري ماذا أخطأ؟ يدري ماهي معاصيه؟ ويدري ماهي آثامه؟ يدري ما تجاوزاته حدود الله -عزوجل-؟ يدري كل شيء فعله سواء في ترك الأوامر أم فعل النواهي وأشياء كثيرة، نعم ليس على طريقة الإحصاء؛ لأن الله -عزوجل- فطرنا على النسيان، لكننا نعلم المواقف ونتذكر ذلك جيدًا.
ومع ذلك الله -عزوجل- من عدله ورحمته جعل لنا ملائكة وأمرها أن تكتب وتحصي ذلك كله لابن آدم: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ}، يسجلون بأمر الله -عزوجل- سيئاتك وحسناتك، واحد عن يمينك والآخر عن شمالك، فضلا عن علم الله -عزوجل- الذي يعلم ذلك كله ولايحتاج الى هذا أبدًا، ومع ذلك فالله -عزوجل- جعل لك من يحفظ أعمالك.
ومع هذا كله فهذا العبد -عافانا الله- يطلب هذا الطلب من الله -عزوجل- هل سيرده؟ أبدًا بل سيلبي له طلبه، فيختم على فاه فلا يستطيع أن يتكلم، عند ذلك يقول الله -عزوجل- لأعضائه (انطِقِي) فتتكلم اليد وتنطق بما فعلت واجترحت، وتتكلم الرجل وتنطق بما اقترفت، وتتكلم الأذن وتنطق بما استمعت واجترحت، وتتكلم العين وتنطق بما فعلت بها، وتتكلم البطن وتنطق بماذا فعلت بها، ويتكلم الفرج وينطق بماذا سويت به، كل شيء سيتكلم وينطق! نسأل الله العافية، ثم الله -عزوجل- يتركه ويأمره ليتكلم بعدما سمع الشهود من نفسه بالتواريخ والأرقام والأيام والتفاصيل والمواقف وبالأماكن والأزمنة وبكل اللحظات، بأدق تفاصيلها، فيطلق العنان للسانه لينطق فيقول أول ما يقول: «سُحقًا لكُنَّ فعنكُن كنت أناضل!» كنت أدافع عنكم لأنجيكم من النار.
محض فضل ورحمة
هذا الانسان لم يقدر الله حق قدره، فقد نسي أنه يتعامل مع رب العالمين الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فالله -عزوجل- يعلم ما تفكر فيه، تخيل أنك الآن في دولة تراقب كل تحركاتك بتفاصيلها على مدار الساعة، هل تستطيع فعل شيء؟ لذا فتخيل أن هذا هو وضعك على مدار حياتك منذ أن خرجت من بطن أمك وإلى أن ينقضي أجلك؛ لذا قال الله -عزوجل- في هذا الأمر تلك الآيات: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} ثم ذكر الله -عزوجل- أنه يوم القيامة يختم على افواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يعلمون.
اجعل عليك رقيبا من نفسك
إذا هذه قضية مهمة وعظيمة، اجعل عليك رقيبا من نفسك، اجعل الأمر بينك وبين الله -تعالى-، فكلما سلمت عقيدتك وكلما سلم توحيدك لله -عزوجل- عندئذ ستنضبط أمورك كافة، قال -تعالى-: {وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} فالله -عزوجل- اذا وحدته واتبعت هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وجاهدت نفسك في رضاه استقامت لك الأمور.
ولابد أن يعلم الإنسان أنه ليس معصومًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كتب على ابنِ آدمَ حظُّه من الزنا فهو مدركٌ ذلك لا محالةَ، فالعينانِ تزنيانِ وزناهما النظرُ، والأذنانِ تزنيانِ وزناهما السمعُ، واليدان تزنيان وزناهُما البطشُ، والرِّجلانِ تزنيانِ وزناهُما المشيُ، والقلبُ يتمنى ويشتهي، والفرجُ يصدقُ ذلك أو يكذبُه»، فلذلك على الإنسان أن يجتهد دائمًا في المسارعة بالتوبة إلى الله -تعالى-، كلما وقع في الذنب، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ بَني آدَمَ خَطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائين التَّوابُون»، وقال الله -صلى الله عليه وسلم -: «سَدِّدُوا وقارِبُوا، وأَبْشِرُوا، فإنَّه لَنْ يُدْخِلَ الجَنَّةَ أحَدًا عَمَلُهُ قالوا: ولا أنْتَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: ولا أنا، إلَّا أنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ منه برَحْمَةٍ، واعْلَمُوا أنَّ أحَبَّ العَمَلِ إلى اللهِ أدْوَمُهُ وإنْ قَلَّ. وفي روايةٍ بهذا الإسْنادِ، ولَمْ يَذْكُرْ: وأَبْشِرُوا»، فتعلق بتلك الرحمة فرحمة الله -تعالى- قد وسعت كل شيء.
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم - يقول: «يا حي يا قيوم، برحمتك أستغيث»، استغث برحمة الله -عزوجل-، وكلما وقعت في معصية من المعاصي اعمل بوصية النبي - صلى الله عليه وسلم -: « وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا» إذا فعلت معصية وقد غلبك الشيطان ونفسك الأمارة بالسوء عليها فغالبهم بالعودة والتوبة تب وارجع واستغفر، توضأ وصل ركعتين واستغفر الله -عزوجل- تجد الله غفورا رحيما.
التوبة وظيفة العمر
التوبة وظيفة العمر، والحاجة إليها ماسة والضرورة إليها ملحة؛ فإن العبد مخلوق ضعيف يكتنفه في هذه الحياة أعداء، يتسلطون عليه من شياطين الجن والإنس، يُحسِّنون له القبيح، ويقبحون في نظره الحسن، إضافة إلى نفس بين جنبيه أمارة بالسوء ودنيا مليئة بالفتن والمغريات.
ولما كان الإنسان من شأنه الخطأ وكلّ بني آدم خطاء كما أخبر بذلك الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- كانت التوبة وظيفة العمر التي ينبغي ألا تفوت، والطاعة العظيمة التي ينبغي البدار إليها والمسارعة إلى أدائها قبل فوات الأوان وحلول الندم.
التوبة طاعة عظيمة
التوبة طاعة عظيمة يحبها الله -تعالى-، فالله -جل وعلا- يحب التوابين ويحب المتطهرين والله -جل وعلا- مع كمال غناه عن عباده يفرح بتوبة التائبين فرحا عظيما! جاء في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «لله أشد فرحا بتوبة عبده إذا تاب من أحدكم أضل راحلته بفلاة، أي في الصحراء وعليها طعامه وشرابه، حتى إذا أيس منها استظل تحت ظل شجرة، ينتظر الموت، فبين هو كذلك إذا بخطام ناقته عند رأسه فأمسك بخطامها، وقال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك!»، تأملوا فرح هذا بناقته فالله -جل وعلا- أشد فرحا منه بتوبة عبده إذا تاب إليه مع أنه -جل وعلا- غني عن توبة التائبين وإنابة المنيبين فهو -جل وعلا- لا تنفعه طاعة من أطاع، ولا تضره معصية من عصاه، وهو -جل وعلا- القائل في الحديث القدسي: «يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم، ما زاد ذلك في ملكي شيئا، ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئا».
والواجب على المسلم إذا عرف شأن التوبة ومقامها، أن يبادر إليها، وأن يعلم أن ربَّه -سبحانه- دعاه إلى التّوبة ورغّبه فيها مهما كان الذنب ومهما بلغ الجرم فالله -جلّ وعلا- يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات وهو القائل -سبحانه-: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} (الزمر: 53).


اعداد: د. خالد سلطان السلطان




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #44  
قديم 10-02-2025, 08:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – فضل المساجد


  • كلما غدوت أو رحت إلى المسجد أعد الله لك نزلاً في الجنة بعدد ذهابك إليه وإيابك ومعنى النزل هو ما أُعد للضيف من مكان وطعام ونحوه
  • عظَّم الله عزوجل شأن بيوته في الأرض وأمر برفعها وبنائها وعمارتها بذكره وجعلها خير بقاع الأرض
  • من تعلق قلبه بالمسجد جعله الله مع السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم القيامة وهذه منزلة عالية لا ينالها أي أحد
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أتاني اللَّيلةَ ربِّي -تبارَكَ وتعالى- في أحسَنِ صورةٍ، قالَ أحسبُهُ قال في المَنامِ فقالَ: يا محمَّدُ هل تدري فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلى؟ قالَ: قلتُ: لا، قالَ: فوَضعَ يدَهُ بينَ كتفيَّ حتَّى وجَدتُ بَردَها بينَ ثدييَّ أو قالَ: في نحري، فعَلِمْتُ ما في السَّماواتِ وما في الأرضِ، قالَ: يا مُحمَّدُ، هل تدري فيمَ يختصمُ الملأُ الأعلى؟ قلتُ: نعَم، في الكفَّاراتِ، والكفَّاراتُ المُكْثُ في المسجدِ بعدَ الصَّلاةِ، والمَشيُ على الأقدامِ إلى الجماعاتِ، وإسباغُ الوضوءِ في المَكارِهِ، ومن فَعلَ ذلِكَ عاشَ بخيرٍ وماتَ بخيرٍ، وَكانَ مِن خطيئتِهِ كيومِ ولدتهُ أمُّهُ، وقالَ: يا محمَّدُ، إذا صلَّيتَ فقل: اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ فِعلَ الخيراتِ، وتركَ المنكراتِ، وحُبَّ المساكينِ، وإذا أردتَ بعبادِكَ فتنةً فاقبِضني إليكَ غيرَ مَفتونٍ».
فضل المساجد
لقد عظَّم الله -عزوجل- شأن بيوته في الأرض، وأمر برفعها وبنائها وعمارتها بذكره، وجعلها خير بقاع الأرض، وإن حياة المسلم ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمسجد؛ لأنه يدخله في اليوم خمس مرات، فدعونا نأخذ جولة سريعة عن فضائل المساجد، وكيف رغَّب الله -عزوجل- عباده في الذهاب إلى المساجد؟ وما الأجور التي لا نجد ثوابها إلا في المسجد؟
تجلس في خير بقاع الأرض
من فضائل المساجد أنك تجلس في خير بقاع الأرض؛ فالمساجد أفضل البقاع التي يحبها الله -عز وجل-؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها» (رواه مسلم).
تكفير السيئات ورفع الدرجات
إنك لا تخطو خطوة إلى بيت الله -عزوجل- إلا جعل الله لك بكل خطوة تخطوها درجة وتمسح عنك سيئة، ويزداد ثواب هذه الخطوة إلى عشر حسنات إذا ذهبت إلى المسجد مبكرًا لانتظار صلاة، فقد قال: - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تطهَّر الرجل ثم مر إلى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشرا» (رواه ابن خزيمة)، ويزداد هذا الأجر لو مشيت إلى صلاة الجمعة فيكتب الله لك بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها؛ حيث روى أوس بن أوس الثقفي - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع، ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها» (رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه).
سبع وعشرون درجة
إنك إذا صليت الفريضة في جماعة في أيّ مكان كتب لك ثواب سبع وعشرين درجة، أما إذا صليتها جماعة في المسجد، فإنك ستكسب ثوابًا إضافيًّا يعدل ثواب حجة كاملة، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم» (أبو داود).
صلاة الضحى في المسجد
إنك لو صليت ركعتي الضحى في أيّ مكان فلك ثواب من تصدق بعدد سلامى جسمه والبالغ عددها ثلاثمائة وستين سُلامى، أما لو صليت الضحى في المسجد، فسيرتفع ثوابها إلى ثواب أداء عمرة، وهذه سُنة يغفل عنها كثير من الناس، وقد قال: - صلى الله عليه وسلم -: «من خرج من بيته متطهرًا إلى صلاة مكتوبة فأجره كأجر الحاج المحرم، ومن خرج إلى تسبيح الضحى لا ينصبه إلا إياه فأجره كأجر المعتمر» (رواه أبو داود).
يكتب لك أجر الصلاة
إنه يكتب لك أجر الصلاة وأنك من المصلين منذ خروجك من بيتك إلى المسجد حتى رجوعك إليه؛ حيث روى عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «... والقاعد يرعى الصلاة كالقانت، ويُكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه» (رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم).
الملائكة تستغفر لك
إنك إذا جلست في المسجد تنتظر الصلاة وكَّل الله لك ملائكة تستغفر لك ما دمت تنتظر الصلاة؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه يقولون: اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم تب عليه، ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث» (رواه مسلم).
يجعل الله لك نزلا في الجنة
إنك كلما غدوت أو رحت إلى المسجد أعد الله لك نزلاً في الجنة بعدد ذهابك إليه وإيابك، ومعنى النزل هو ما أعد للضيف من مكان وطعام ونحوه، قال - صلى الله عليه وسلم -: «من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا أو راح» متفق عليه.
يشهد الله لك بالإيمان
إن مَن عَمَرَ المسجد بذكر الله -عزوجل-، شهد الله له بالإيمان، قال -تعالى-: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَـئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (التوبة: 18).
يجعلك الله مع السبعة الذين يظلهم في ظله
إن من تعلق قلبه بالمسجد، جعله الله مع السبعة الذين يظلهم الله -عز وجل- في ظل عرشه يوم القيامة، وهذه منزلة عالية الكل يرجوها، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله يوم القيامة في ظله، يوم لا ظل إلا ظله، -وذكر منهم-: ورجل قلبه معلق في المسجد» (رواه البخاري ومسلم).
يكتب لك ثواب الجماعة
فقد بلغ من كرم الله -عز وجل- وترغيبه لبيوت الله، أن من قصد المسجد يريد صلاة الجماعة، كتب الله له ثواب الجماعة، ولو رأى الناس قد صلوا عنه، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه الله مثل أجر من صلاها وحضرها، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا» (رواه أبو داود والنسائي والحاكم)؛ فلذلك إذا فاتتك الصلاة فلا تكسل وتصلي في بيتك، وإنما اقصد بيت الله لتنال كل الأجور سابقة الذكر.
ثواب حجة وعمرة
إن من جلس في المسجد بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس، كتب الله له ثواب حجة وعمرة، وهذا لا يحصل إلا في المسجد، روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من صلى الغداة في جماعة، ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة « (رواه الترمذي).
يبني الله لك بيتًا في الجنة
إن من بنى مسجدًا أو ساهم في بنائه ولو كان صغيرًا، بنى الله له بيتًا في الجنة، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من بنى لله مسجدًا ولو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتًا في الجنة» (رواه الإمام أحمد)، ولنعلم أن قصور الجنة تتفاضل، وأن من أفضل هذه القصور وأشرفها ما بُني ثوابا لمن بنى مسجدا، كما قال النووي -رحمه الله تعالى- استنادًا لما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من بنى مسجدا لله بنى الله له في الجنة مثله»، أي مثله في الشرف، فكما أن المساجد أشرف البيوت في الأرض، فكذلك فإن أشرف القصور في الجنة تلك التي بنيت ثوابًا لمن بنى مسجدًا، ولا غرابة في ذلك، فكل الأجور التي سيحصل عليها المصلون إذا ذهبوا للمسجد ستكون في صحيفة من بنى المسجد.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #45  
قديم 26-03-2025, 12:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – احذر هؤلاء الثلاثة!


  • المخلص هو الذي يقصد بعمله وجه الله وحده، والتقرب إليه سبحانه بصلاته وصومه وصدقاته وحجه وغير ذلك من العبادات لا رياء ولا سمعة ولا لقصد الدنيا
  • الرياء منكر ومن الشرك ويجب الحذر منه كون الإنسان يصلي أو يتصدق أو يقرأ القرآن حتى يمدح فهذا الرياء لا يجوز ويجب الحذر منه
احذر ثلاثة أشياء تفسد أعمالك! وهذه الثلاثة هي من جملة أشياء كثيرة قد تُفسد الأعمال، نسأل الله العفو والعافية، ولكن هؤلاء الثلاثة نبه عليها ابن رجب -رحمة الله عليه- بأنها من مفسدات الأعمال وأن الإنسان يجب عليه أن يحذرها.
وأخذ ذلك من حديث رواه الإمام الترمذي -رحمة الله تعالى عليه- برواية أم سلمه زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الله -عزوجل-: {وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}، فمن الأعمال التي كانت ملقاة على كاهل أمهات المؤمنين -رضي الله عنهن- أنهن يبلغن ما سمعوه من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ليس اختيارا وإنما يبلغن وجوبًا كل ما رأوه وسمعوه من النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وهي مهمة عظيمة، في حين أن بعض الناس يظن أنهن كن زوجات للنبي - صلى الله عليه وسلم - وانتهى الأمر، وما يدري بأن عليهن واجب التبليغ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أقواله وأفعاله وأوامره ونواهيه التي هي بالأساس وحي من الله -تبارك وتعالى-. تقول أم سلمة -رضي الله عنها وأرضاها-: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم من الصبح يقول: «اللَّهمَّ إنِّي أسأَلُكَ عِلمًا نافعًا، ورِزْقًا طيِّبًا، وعمَلًا مُتقَبَّلًا»، كان - صلى الله عليه وسلم - يقول ذلك الدعاء كل صباح بعدما يصلى الصبح، وبعدما يختم أذكار الصلاة ويشرع في أذكار الصباح، قال ابن رجب -رحمة الله عليه-: العلم النافع هو الذي قد خلا من ثلاثة أمور وكلها أمور دنيوية:
ألا يبتغي بهذا العلم رئاستها
قال: (ألا يبتغي بهذا العلم رئاستها) فلا تتعلم هذا العلم لكي تتصدر المجالس تقول لنفسك تلك مجالس الأكابر وهؤلاء التجار وهؤلاء وهؤلاء أما المجالس التي فيها فقراء مثلنا هؤلاء لا أجالسهم أو أمر عليهم، فسخر هذا العلم وهو العلم الشرعي؛ لأن العلم النافع هو الذي يوصل الإنسان إلى العمل الصالح وهذا ليس بعمل صالح.
وألا يبتغي بهذا العلم الشهرة
الأمر الثاني قال: (وألا يبتغي بهذا العلم الشهرة) بعض الناس ماذا يريدون من العلم؟ أن يشتهر بأنه قارئ، أو يشتهر بأنه حافظ، أن يشتهر بأنه متقن، أن يشتهر بأنه إنسان ما شاء الله في العلم بحر، هذا مبتغاه، وهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطانا فيه مثالا حقيقيا وواقعيا، وهو حديث أبي هريرة، الذي كان إذا ذكر هذا الحديث يشهق ويغمى عليه من شدة الخوف أن يكون داخلا في هذا الحديث وهو ناج منه -رضي الله عنه وأرضاه- بشهادة الله وشهادة رسوله - صلى الله عليه وسلم - لهم بالمغفرة والرحمة والتجاوز ودخول الجنة يقول: «حدَّثني رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ اللَّهَ -تبارَكَ وتعالى- إذا كانَ يومُ القيامةِ نزلَ إلى العبادِ ليَقضيَ بينَهم، وَكلُّ أمَّةٍ جاثيةٌ، فأوَّلُ من يدعو بهِ رجلٌ جمعَ القرآنَ، ورجلٌ يُقتلُ في سبيلِ اللَّهِ، ورجلٌ كثيرُ المالِ، فيقولُ للقارئِ: ألم أعلِّمْكَ ما أنزلتُ علَى رسولِي؟ قالَ: بلى يا ربِّ قالَ: فماذا عمِلتَ فيما عُلِّمتَ؟ قالَ: كنتُ أقومُ بهِ أثناءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ، فيقولُ اللَّهُ لهُ: كذبتَ، وتقولُ الملائِكةُ: كذبتَ، ويقولُ اللَّهُ: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ قارئٌ، فقَد قيلَ، ويؤتى بصاحبِ المالِ فيقولُ اللَّهُ: ألم أوسِّع عليْكَ حتَّى لم أدعْكَ تحتاجُ إلى أحدٍ؟ قالَ: بلَى قالَ: فماذا عملتَ فيما آتيتُكَ؟ قالَ: كنتُ أصلُ الرَّحمَ، وأتصدَّقُ؟ فيقولُ اللَّهُ: كذبتَ، وتقولُ الملائِكةُ: كذبتَ، فيقولُ اللَّهُ: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جوَّادٌ، فقد قيلَ ذاكَ، ويؤتى بالَّذي قتلَ في سبيلِ اللَّهِ، فيقالُ لهُ: فيمَ قُتلتَ؟ فيقولُ: أُمِرتُ بالجِهادِ في سبيلِكَ، فقاتلتُ حتَّى قُتلتُ، فيقولُ اللَّهُ: كذبتَ، وتقولُ الملائِكةُ: كذبتَ، ويقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ لهُ: بل أردتَ أن يقالَ: فلانٌ جَريءٌ: فقد قيلَ ذلِكَ، ثمَّ ضربَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - علَى رُكبتيَّ، فقال: يا أبا هُريرةَ، أولئِكَ الثَّلاثةُ أوَّلُ خَلقِ اللَّهِ تُسعَّرُ بِهمُ النَّارُ يومَ القيامَةِ» فهذه الشهرة مصيبه.
وألا يبتغي بها المدح
الثالثة: أن يبتغي بها المدح، يعني يريد دائمًا الناس يثنون عليه وعلى علمه، فالذي يريد مدح الناس أخذ أجره من الناس، فالله -عز وجل- لا يقبل من الأعمال إلا ما كان له خالصًا وابتغي به وجهه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، أما غير ذلك فهو مردود على صاحبه، لذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما جاءه رجل وقال له: يا محمد إن مدحي زين وذمي شين، قال: ذاك رب العالمين». ومدح الناس لا ينافي الإخلاص، ولكن طلب هذا المدح هو الإشكال، فإن سمعت مثلاً من الناس مدح فهذا فضل الله عليك لأن مدح الناس يعتبر من شهادة وتزكية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما امتدح الناس رجل في جنازته وأثنوا عليها خيرا فقال: وجبت وجبت وجبت، فقالوا: ما وجبت يا رسول الله؟ فقال: وجبت لها الجنة، ثم قال: أنتم شهداء الله في خلقه، ولذلك العلم النافع الذي كان يدعو به النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقصد به الرئاسة، ولا يقصد بها الشهرة، ولا يقصد به المدح، أعاذنا الله وإياكم من سائر الآفات التي تقطع الأعمال.
حقيقة الإخلاص
قال الشيخ ابن باز -رحمه الله-: الإخلاص هو قصد الرب -جل وعلا- بالعمل، أن يقصد المسلم بعمله وجه الله، والدار الآخرة، قال الله -جل وعلا-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (البينة:5) وقال سبحانه: فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (غافر:14)، فالمخلص هو الذي يقصد بعمله وجه الله، بصلاته، بصومه، بصدقاته، بحجه، بغير ذلك من العبادات، يقصد التقرب إلى الله لا لغيره، لا رياء ولا سمعة، ولا لقصد الدنيا، وإنما يفعل ما يفعل يرجو ثواب الله، ويرجو إحسانه -سبحانه وتعالى-، وأما الرياء كونه يفعل لأجل يرائي الناس لأجل يمدحه الناس هذا منكر، ومن الشرك، قال الله -جل وعلا-: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (النساء:142)، فالرياء منكر ومن الشرك يجب الحذر منه، كون الإنسان يصلي حتى يمدح، أو يتصدق حتى يمدح، أو يقرأ حتى يمدح هذا الرياء لا يجوز هذا، يجب الحذر من ذلك.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #46  
قديم 16-04-2025, 08:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – محبة الله للعبد


  • من علامات حب الله تعالى لعبده المؤمن شعوره بأنه يحب الله ورسوله وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما
  • من علامات محبة الله عز وجل لعبده المؤمن أن يوفق إلى الرفق واللين وحسن الخلق وترك العنف
  • إذا أردت أن يحبك الله عز وجل فعليك باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومجالسة الصالحين وزيارتهم
هناك محاضرة للشيخ أبو بكر الجزائري عنوانها: (هل الشأن أن تُحِبّ أو أن تُحَبّ؟)، فالشأن أن تُحِبّ الله -عز وجل-؛ لأنك أنت المحتاج له -سبحانه-، فالله هو الغني عن العالمين، ولكن أن تُحَبّ ويذكر ذلك في الملأ الأعلى أنَّ الله يحبك، فهذا والله من الرحمة العظيمة؛ لأن مثل هذا يعين العبد على الثبات على الأمر والاستمرار في الطاعة والتسابق إليها والسير في الطريق الموصل إلى رحمة الله -تعالى-.
ولذلك جاء في بعض الآثار أنَّ عبدالله بن الحسن قال: كانت لي جارية رومية وضيئة، فالتمستها في إحدى الليالي فلم أجدها، فقمت أطلبها فإذا هي ساجدة، وهي تقول: «بحبك لي إلا غفرت لي ذنوبي»، فقلت لها: لا تقولي: «بحبك لي»، ولكن قولي: «بحبي لك». فقالت: لا يا مولاي، بحبه لي أخرجني من الشرك إلى الإسلام، وبحبه لي أيقظ عيني وكثير من خلقه نيام.
كيف يعرف العبد أن الله يحبه؟
والسؤال المهم هو كيف يعرف العبد أن الله يحبه بعد ما يفعل الأسباب التي تنال بها محبة الله؟ فلا شك أن من علامات حب الله -تعالى- لعبده المؤمن شعوره بأنه يحب الله ورسوله، وأن يكونا أحب إليه مما سواهما، ومن نفسه التي بين جنبيه، وأن يكون مستقيمًا على فعل الطاعات واجتناب المنهيات، مواليا للمؤمنين ومحبًا لهم ومتواضعا معهم، مبغضًا للمعصية والكفر والبدعة وأهلها، فمن توفرت فيه هذه الصفات فهو من أولياء الله وأحبائه. فقد كانت هذه صفات أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال -تعالى-: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُود} (الفتح:29)، وقال -تعالى-: (فسَوْف يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (المائدة:54)، ومن صفات أحباب الله ورسوله ما رواه أحمد عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي».
الحماية من فتن الدنيا وشهواتها
ومن علامات حب الله -عز وجل- للعبد المؤمن أن يحميه من فتن الدنيا وشهواتها، فالسعيد من جُنّب الفتن، فقد روى محمود بن لَبِيدٍ - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ اللَّهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَحْمِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ فِي الدُّنْيَا وَهُوَ يُحِبُّهُ كَمَا تَحْمُونَ مَرِيضَكُمْ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ تَخَافُونَ عَلَيْهِ»، وفي رواية الترمذي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِي سَقِيمَهُ الْمَاءَ»، وهذا لا يعني أن من أحبه الله أفقره ومن أبغضه أغناه؛ لكن المقصود أن الله يعصمه من التعلق بشهوات الدنيا ويصرف قلبه عن حبها والانشغال بها؛ لئلا يركن إليها وينسى همَّ الآخرة.
التوفيق إلى الرفق واللين
ومن علامات محبة الله -عز وجل- لعبده المؤمن، أن يوفق إلى الرفق واللين وترك العنف، فقد روى جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق» رواه ابن أبي الدنيا، وفي حديث آخر قال - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ» رواه البخاري، فإذا رأيت الرجل ليناً لطيفاً رفيقاً مع الناس عامة، ومع زوجته وأهل بيته خاصة، فهذا من علامات حب الله له، وكم نسمع عن أناس يكثرون من إهانة زوجاتهم أمام أولادهم وأقاربهم! بل إن منهم من يتعمد إذلال زوجته ورفع صوته عليها أمام أهلها تحقيراً لها وتكديراً لخاطر أهلها الذين أكرموه وائتمنوه على فلذة كبدهم، وما هذا من أخلاق الرجال ولا من سنة سيد الأنام - صلى الله عليه وسلم -، بل قد تكون علامة على عدم حب الله -تعالى- له.
الابتلاء في الدين أو الدنيا
ومن علامات محبة الله -عز وجل- لعبده المؤمن أن يبتليه في دينه أو دنياه، فقد روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ»، فالله -عز وجل- يبتليك ليمتحنك، فقد يبتليك بالغنى أو الفقر، بالصحة أو المرض، بالفراغ أو الشغل، في المال أو النفس، فمن رضي وصبر محص الله ذنبه، ومن لم يرض خسر عظيم الثواب، ولن يستعيد ما فقده بعدم الرضا، قال -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}، وقال -تعالى-: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ}.
إعانة الناس وتفريج كربهم
من علامات محبة الله للعبد أن يوفق لخدمة الناس وإعانتهم وتفريج كربهم؛ حيث روى عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-، أن رجلا جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أي الناس أحب إلى الله؟ فقال: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -عز وجل- سرور تدخله على مسلم، تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهرا - يعني مسجد المدينة - ومن كظم غيظه ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا، ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يقضيها له ثبت الله قدميه يوم تزول الأقدام» رواه الأصبهاني وابن أبي الدنيا.
التوفيق إلى حسن الخلق
ومن علامات حب الله للعبد أن يوفق إلى حسن الخلق، فعن أسامة بن شريك - رضي الله عنه - قال: كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - كأنما على رؤوسنا الطير، ما يتكلم منا متكلم؛ إذ جاءه أناس فقالوا: من أحب عباد الله إلى الله -تعالى-؟ قال: «أحسنهم خلقا».
ماذا أفعل ليرضى الله عني؟
إذا أردت أن يحبك الله -عز وجل- فعليك باتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد قال الله -عز وجل- {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}، وإذا أردت أن يحبك الله -عز وجل- فعليك بمجالسة الصالحين وزيارتهم، فقد قال معاذ بن جبل - رضي الله عنه - سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: قَالَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: «وَجَبَتْ مَحَبَّتِي لِلْمُتَحَابِّينَ فِيَّ وَالْمُتَجَالِسِينَ فِيَّ وَالْمُتَزَاوِرِينَ فِيَّ وَالْمُتَبَاذِلِينَ فِيَّ»، وروى أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - «أَنَّ رَجُلاً زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى؛ فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ، قَالَ هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ لا غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ» رواه مسلم، وإذا أردت أن يحبك الله -عز وجل-، فالزم فرائض الله -تعالى- ولا تضيعها وبادر إلى الإكثار من النوافل بشتى أنواعها، من صلاة وصيام وصدقة وقراءة قرآن ونحو ذلك، فقد روى أبو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : قال الله -عز وجل-: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ: كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ..».


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #47  
قديم 23-04-2025, 04:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,101
الدولة : Egypt
افتراضي رد: خواطر الكلمة الطيبة

خواطر الكلمة الطيبة – سمات الداعية الصادق


  • الداعية صورة «متجسدة» لأعمال الإسلام وشرائعه في نفسه ونموذج صادق، وتطبيق واقعي، للأفكار والمبادئ السامية
لو سألك سائل كم عدد الناس الذين دعوتهم إلى الإسلام؟ كثير منا يجيب عن هذا السؤال ويقول: ما دعوت أحدا؛ لأنه ينصرف ذهنه لقضية واحدة وهي الخطابة والدروس، وكم عدد الأشخاص الذين أثرت فيهم فتحولوا من الكفر إلى الإسلام، أو تحولوا من المعصية إلى الطاعة، أو من الفسوق إلى الاستقامة والالتزام؟
وإذا كان هذا هو الظن فكثير من الأنبياء والمرسلين لن نجعلهم في صف الدعاة إلى الله -تعالى-؛ لأن هذا مفهوم خطأ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فَرَأَيْتُ النبيَّ ومعهُ الرُّهَيْطُ، والنبيَّ ومعهُ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ، والنبيَّ ليسَ معهُ أحَدٌ»، والمدة الزمنية التي عاشها هذا النبي في أمته متفاوتة، قد تكون مئة سنة أو مئتين أو ثلاثمئة ولم يسلم معه إلا واحد، فهل هذا النبي الذي ليسه معه أحد لم يكن يحسن الدعوة إلى الله أو قصر في تلك الدعوة؟ والجواب حاشاه ذلك.
المعنى الحقيقي للدعوة
إذا فالدعوة إلى الله -عز وجل- ليست بالمفهوم الضيق الذي يفهمه كثير من الناس، لكن المعنى الحقيقي للدعوة هو أن يكون الداعي إلى الله صورة متجسدة لأعمال الإسلام وشرائعه في نفسه؛ حيث يكون الداعية صورة حية، ونموذجا صادقا، وتطبيقا واقعيا، للأفكار والمبادئ السامية، فإنه مهما عمل الداعية على توضيح منهج الإسلام المتكامل، أو رسم صورة مثالية للمسلم، فإن ذلك لن يحقق النتائج ذاتها ، ولن يغني عن وجود واقع حقيقي يمثله إنسان صادق، يحقق بعمله وسلوكه هذه الصورة. وعلى هذا يكون الإنسان داعية إلى الله بمجرد استقامته والتزامه بشرع الله -عزوجل-، فلو رأوه ملتحيا أو مقصرا إزاره فذلك تطبيق لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكم من الناس أثروا في غيرهم دون الدخول معهم في نقاش. والسؤال: هل لك أجر في ذلك؟ والجواب: نعم؛ لأن التزامك وتدينك الصادق يعد انعكاسًا لهذا الدين، فلابد أن تضع نصب عينيك أنك تمثل دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك إذا قصرت إزارك فوق الكعب بهذا تكون داعية إلى الله -عزوجل- بهذا السلوك وموجه من خلاله للآخرين، فالقدوة المؤثرة أن يكون الداعية صورة صحيحة وصادقة لكل ما يدعو إليه، ويريد غرسه في المدعو، وأن يكون فعله وسلوكه صادقاً قبل كلامه، ولا ريب أن الدعوة بالفعل والعمل، أقوى وأوقع في النفس، وأعون على الحفظ والفهم، وأدعى إلى الاقتداء والتأسي، من الدعوة بالقول والبيان، فالدعوة بأسلوب القدوة هو الأسلوب الملائم للفطرة، وقد كان ذلك من أعظم أساليب النبي - صلى الله عليه وسلم -.


اعداد: د. خالد سلطان السلطان





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 128.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 124.18 كيلو بايت... تم توفير 4.47 كيلو بايت...بمعدل (3.47%)]