
07-03-2025, 04:10 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,138
الدولة :
|
|
رد: سلسلة شرح الأربعين النووية
سلسلة شرح الأربعين النووية
عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
سِلْسِلَةُ شَرح الأَربَعِينَ النَّوَويَّةِ
الحديث 23: الطُّهُورُ شَطْرُ الْإِيمَانِ
عناصر الخطبة:
• رواية الحديث.
• المعنى الإجمالي للحديث.
• المستفادات من الحديث والربط بالواقع.
الخطبةالأولى إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل، فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فإن أصدقَ الحديث كتابُ الله، وأحسنَ الهَدْيِ هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم، وشرَّ الأمور مُحْدَثاتُها، وكلَّ مُحْدَثَةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أعاذني الله وإياكم من النار.
عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الطُّهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بين السماوات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حُجَّة لك أو عليك، كل الناس يغدو، فبائعٌ نفسه؛ فمعتقها أو موبقها))[1].
عباد الله: هذا الحديث له أهمية عظيمة؛ لأنه من جوامع كلِمه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه اشتمل على أبواب عظيمة؛ حيث رغَّب في الطهارة، والذكر، والصدقة، والصلاة، والصبر، والاهتمام بالقرآن وإنقاذ النفس.
فما هي الفوائد التي نستفيدها من هذا الحديث؟
نستفيد من الحديث لواقعنا ما يلي:
1- الاهتمام بالطهارة: والمقصود بها الطهارة الحسية من الحدَث؛ كالوضوء والاغتسال، أو من الخبث؛ كالحرص على طهارة البدن والثوب والمكان، وهذه الطهارة شرط في صحة الصلاة؛ ولذلك فالمقصود بـ(الإيمان) هنا: الصلاة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ﴾ [البقرة: 143]؛ أي: صلاتكم، وهذه الطهارة الحسية مع الصلاة تؤدي إلى حصول الطهارة المعنوية؛ أي: طهارة القلب؛ قال تعالى: ﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45].
2- الإكثار من الذكر وقراءة القرآن: قال تعالى: ﴿ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35]، وقال صلى الله عليه وسلم هنا في بيان فائدة الذكر: ((والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن - أو تملأ - ما بين السماوات والأرض))، وقال تعالى في بيان فائدته أيضًا: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((والقرآن حجة لك أو عليك، كلُّ الناس يغدو، فبائعٌ نفسه؛ فمعتقها أو موبقها))؛ أي: شفيع لمن يقرؤه ويعمل به، فيُعتقه من النار، ومن هجر تلاوته والعمل به، فهو حجة عليه وسبب في هلاكه في النار، وعلى سبيل المثال قال النبي صلى الله عليه وسلم عن سورة البقرة وآل عمران: ((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوَين؛ البقرة، وسورة آل عمران؛ فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غَمَامتان - أو كأنهما غَيَايتان - أو كأنهما فِرْقان من طير صوافَّ، تحاجَّان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البَطَلَةُ، قال معاوية: بلغني أن البطلة: السَّحَرة))[2].
3- الصلاة نور للمؤمن في الدنيا والآخرة: قال تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ﴾ [النور: 40]، فمن عاش بدون صلاة فهو يعيش في ظلام، وأنتم تعلمون نتيجة من يسير في الظلام، وقد نبَّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا بقوله: ((من حافظ عليها، كانت له نورًا، وبرهانًا، ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها، لم يكن له نور، ولا برهان، ولا نجاة، وكان يوم القيامة مع قارون، وفرعون، وهامان، وأُبَيِّ بن خلف))[3]؛ أي: إن الصلاة نفسها تضيء لصاحبها في ظلمات الموقف بين يديه، وبسببها يعلو النور وجه المؤمن، وقيل: النور معنوي؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب، فتصد عن المهالك، وتوصل إلى طريق السلامة، كما يُستضاء بالنور، فتصوروا معي - عباد الله - حينما تستيقظ وتصلي صلاة الفجر، كأنك تزودت بالطاقة والنور، كما نزود السيارة بالوقود، ثم تنطلق في أعمالك، ويبدأ إيمانك ونورك يضعف قليلًا بسبب المخالطة للناس، وتربُّص الشيطان بك، فتأتي صلاة الظهر فتتزود بالنور من جديد، وهكذا مع بقية الصلوات في يومك، وهكذا مع عمرك - ما حافظت على الصلاة إلى الممات - وتنير قبرك فتفرح بها، وحينما تُبعث بين يدي ربك فتُسر بصلاتك؛ لأنها حبل الصلة بينك وبينه، ولهذا كانت آخر وصية النبي صلى الله عليه وسلم وهو على فراش الموت، قال: ((الصلاةَ الصلاةَ، وما ملكت أيمانكم))[4].
فاللهم اجعلنا من المصلِّين والصائمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، وصلى الله وسلم على عبده المصطفى وآله وصحبه، ومن لآثارهم اقتفى؛ أما بعد عباد الله:
فنستفيد كذلك:
4- الصدقة برهان على صدق الإيمان: الصدقة سواء كانت واجبةً كالزكاة، أو مستحبةً كأن تُحسن إلى شخص في طريقك بمال أو لِباس، والمراد بكلمة (برهان)؛ أي: إن الصدقة دليل واضح على صحة إيمانه وصدقه، ونبذ الشح والبخل؛ لأن النفس مجبولة على حب المال، فإذا أنفق الإنسان ما هو محبوب إلى قلبه، فهذا دليل على قوة يقينه بربه، وأنه سيُخلف له ما أنفقه، بخلاف البخيل الذي يخشى الفقر؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملَكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ مُمسكًا تلفًا))[5].
5- الصبر نور وانشراح للصدر: حينما يتعرض المؤمن لأقدار الله المؤلمة؛ كالمرض أو موت قريب، أو تعرض لأذى الناس، أو يجتهد في أداء ما افترض الله عليه من العبادات، أو ترك ما نهى عنه من المحرمات، ثم لا يتضجر ولا يتسخط، ولا ينتصر لنفسه؛ فهذا من علامات الصبر الذي يورث الضياء، ومعنى الضياء: هداية للإنسان وانشراح صدره، ونور في قلبه، يُورثه الله عز وجل إياه؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾ [فصلت: 35].
فاللهم اجعلنا من الصابرين والصابرات، والمتصدقين والمتصدقات، آمين.
(تتمة الدعاء).
[1] رواه مسلم، رقم: 38.
[2] رواه مسلم، رقم: 804.
[3] رواه أحمد في مسنده، رقم: 6576.
[4] رواه أحمد في مسنده، رقم: 26483.
[5] رواه البخاري، رقم: 1442.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|