أصحاب الجنة
و
أصحاب النار
إن الجنة دار النعيم المقيم ،تجارة رابحة ، وصفقة غالية ، لا تنال إلا بالإيمان و صالح العمل ، لا بالأمانى البا طلة مع التفريط و الكسل .
زعم اليهود أنهم مهما كذبوا و أساءوا لا تمسهم النار إلا أربعين يوماً ، مدة ما عبد آباؤهم العجل .
أنزل الله تكذيباً لأمانيهم : ( و قالوا لن تمسنا النار إلا أياماً معدودة ، قل أتخذتم عند الله عهداً فلن يخلف الله عهده ، أم تقولون على الله ما لا تعلمون ؟ ! ، بلى من كسب سيئة و أحاطت به خطيئته ، فأولئك أصحاب النار ، هم فيها خالدون ، و الذين آمنوا و عملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة ، هم فيها خالدون ) .
فالنار لمن كذب و تولى و لو كان حراًقرشياً .
والجنة لمن آمن و اتقى و لو كان عبداً حبشياً .
و اعتبر ببلال و أبى لهب ،إذ ليس بين الله وبين أحد من خلقه نسب ، و لا
يجزى والد و لو نبياً ، عن و لده الكافر شيئاً .
( يا نوح إنه ليس من أهلك ، إنه عمل غير صالح ) .
و النار أعدت للكافرين خالدين فيها ، كما يدخلها من أساء ن المؤمنين و لم يك من التائبين ، ثم يخرج منها بعد ما يطيب و يطهر .
وقد يشمله العفو الإلهى أو الشفاعة ، فلا يدخلها أصلاًً (إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً ) .
و كما أن الأمراض منها ما يبرأ بالعلاج ، و منها عضال لا يبرأ كالسرطان ، فكذلك الذنوب منها ما تمحوه النار ، أو عفو الغفار ، و منها ما لا يقبل العفو ، بل جزاؤه السجن المؤبد فى النار ، ألا و هو الكفر ، فهو ظلم عظيم ، و إجرام كبير ، إن الملوك قد تتسامح ببعض المخالفات من بعض رعايا ها ، فتعفو أو تخفف العقوبة .
إن من يدعى لله شريكاًأو ولد ، أو يجحد وجوده أصلاً ، فهو يسب الله و يزعم عجزه حتى شارك سبحانه ، أو يظن خوفه من الموت حتى أنجب و لداً يخلفه من بعده (سبحانه و تعالى عما يصفون ) .
إن الأعمال تقدر بنياتها ، لا بزمانها و أوقاتها ’ و الكافر زين له سوء عمله ، و من نيته أن يبقى على كفره و حرب ربه ، ولو عاش عمر الدنيا ، لهذا خلد فى النار فى الأخرى ، و عوامل بالعدل (و لا يظلم ربك أحداً) .
أما المؤمن فمن نيته أيضاً أن يستمر على طاعة ربه و الإيمان به مهما عاش ، لذلك جوزى بالخلود فى الجنة ، و عوامل بالفضل (ليزيهم الله أحسن ما عملوا ، و يزيدهم من فضله ، و الله يرزق من يشاء بغير حساب ) .
* * *