محبة العرب من الدين وذمهم من الضلال المبين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         5 زيوت طبيعية تساعدك في إزالة رائحة اللحوم من اليدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          حلول وخطوات فعالة للتخلص من رائحة الأضحية فى المنزل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أفضل طريقة لتنظيف الممبار فى منزلك بخطوات سريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          5 تريكات عشان تستمتع بمكسرات العيد طازة ولذيذة.. من الشراء للتخزين والتقديم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          خطبة عيد الأضحى: العيد وثمار الأمة الواحدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          خطبة العيد فرح وعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كتاب مداخل إعجاز القرآن للأستاذ محمود محمد شاكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 1465 )           »          الآلئ والدرر السعدية من كلام فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          المرأة والأسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 9896 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 68 - عددالزوار : 11664 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25-05-2024, 06:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 136,535
الدولة : Egypt
افتراضي محبة العرب من الدين وذمهم من الضلال المبين

محبة العرب من الدين وذمهم من الضلال المبين

د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا، والصلاة والسلام على محمد بن عبدالله الهاشمي القرشي المضري، وعلى صحابته وتابعيهم أجمعين، أما بعد:
فإن مما ابتُلينا به مؤخرًا ظهور مذهب الشعوبية القائم على تنقُّص عرب الجزيرة العربية المقيمين فيها ومن أصله منها، واحتقار العرب، وبث النكات السخيفة، والاتهامات المبنية على الكذب.

وقد تصدَّى أسلافنا للشعوبية لما ظهرت في عصر بني العباس، وكتب كثير من العلماء كتبًا خاصة في هذا الموضوع؛ كالإمام ابن قتيبة في كتابه "فضل العرب والتنبيه على علومها"، والإمام العراقي في "محجة القرب في فضل العرب"، ونحوه للإمام الهيثمي، ومن المتأخرين العلامة مرعي الكرمي في رسالته: "مسبوك الذهب في فضل العرب وشرف العلم على شرف النسب"، والشيخ بكر أبو زيد في "خصائص جزيرة العرب"، كلها تقرر الحقيقة السابقة.

وتفضيل العرب على غيرهم ثابت متفق عليه عند أهل السنة والجماعة.

والله سبحانه اختار نبيَّه الخاتم من أفضل الناس نسبًا، ونزل عليه القرآن بأفصح لغة، وقد قال تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ﴾ [القصص: 68]، وقوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ * أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [الزخرف: 31 – 32]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَتْهُمْ آَيَةٌ قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، وقوله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 53].

وقد روى مسلم في "صحيحه" (12/ 17) عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".

قال حرب بن إسماعيل الكرماني - صاحب الإمام أحمد - في وصفه للسنة التي قال فيها: هذا مذهب أئمة العلم وأصحاب الأثر، وأهل السنة المعروفين بها، المقتدَى بهم فيها، وأدركت من أدركتُ من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلَها، فهو مبتدع خارج من الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبدالله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا، وأخذنا عنهم العلم، وكان من قولهم: إن الإيمان قول وعمل ونية... وساق كلامًا طويلًا...إلى أن قال: ونعرف للعرب حقَّها وفضلها وسابقتها، ونُحبُّهم؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حب العرب إيمان، وبُغضهم نفاق))؛ (حديث ضعيف)، ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يُحبون العرب، ولا يقرون بفضلهم، فإن قولهم بدعة وخلاف، ويُروَى هذا الكلام عن أحمد نفسه في رسالة أحمد بن سعيد الإصطخري عنه - إن صحت - وهو قوله، وقول عامة أهل العلم. اقتضاء الصراط المستقيم (1/ 375 – 376).

وقال الطاهر بن عاشور - كلامًا رصينًا - قال: اختار الله تعالى للإرسال بهذه الشريعة رسولًا من الأمة العربية... ولله تعالى حِكَمٌ جمَّة في أن اختار لهذه الرسالة رجلًا عربيًّا... وقد قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]... فالعرب هم حمَلَة شريعة الإسلام إلى سائر المخاطبين بها، وهم من جملتهم، واختارهم الله لهذه الأمانة؛ لأنهم يومئذٍ قد امتازوا من بين سائر الأمم باجتماع صفات أربعٍ لم تجتمع في التاريخ لأمة من الأمم؛ وتلك هي:
جودة الأذهان.

وقوة الحوافظ.

وبساطة الحضارة والتشريع.

والبعد عن الاختلاط ببقية أمم العالم.

فهم بالوصف الأول أهلٌ لفهم الدين وتلقِّيه، وبالوصف الثاني أهلٌ لحفظه وعدم الاضطراب في تلقيه، وبالوصف الثالث أهلٌ لسرعة التخلُّقِ به؛ إذ هم أقرب إلى الفطرة السليمة ولم يكونوا على شريعة معتَدٍّ بها متماثلة حتى يصمِّمُوا على نصرها، وبالوصف الرابع أهلٌ لمعاشرة الأمم؛ إذ لا حزازات بينهم وبين الأمم الأخرى؛ مقاصد الشريعة ص 318 - 319.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" الذي عليه أهل السنة والجماعة اعتقاد أن جنس العرب أفضل من جنس العجم: عبرانيهم، وسريانيهم، رومهم، وفُرْسهم، وغيرهم.

وأن قريشًا أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم، فهو أفضل الخلق نفسًا، وأفضلهم نسبًا.

وليس فضل العرب، ثم قريش، ثم بني هاشم، بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم - وإن كان هذا من الفضل - بل هم في أنفسهم أفضل، وبذلك ثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسًا ونسبًا، وإلا لزم الدور.

ولهذا ذكر أبو محمد حرب بن إسماعيل بن خلف الكرماني، صاحب الإمام أحمد، في وصفه للسنة التي قال فيها: هذا مذهب أئمة العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها، وأدركت مَن أدركت مِن علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مبتدع خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم بن مخلد، وعبدالله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا وأخذنا عنهم العلم.

فكان من قولهم: أن الإيمان قول وعمل ونية، وساق كلامًا طويلًا إلى أن قال: ونعرف للعرب حقَّها، وفضلها، وسابقتها، ونحبهم؛ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((حب العرب إيمان، وبغضهم نفاق)) –رواه الحاكم في "المستدرك" (4/97) وقال الذهبي: الهيثم بن حماد متروك، وانظر "السلسلة الضعيفة" (1190) - ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب، ولا يقرون بفضلهم، فإن قولهم بدعة وخلاف.

ويروون هذا الكلام عن أحمد نفسه في رسالة أحمد بن سعيد الإصطخري عنه إن صحت، وهو قوله وقول عامة أهل العلم.

وذهبت فرقة من الناس إلى أن لا فضل لجنس العرب على جنس العجم، وهؤلاء يسمون الشعوبية، لانتصارهم للشعوب التي هي مغايرة للقبائل، كما قيل القبائل للعرب، والشعوب للعجم.

ومن الناس من قد يفضل بعض أنواع العجم على العرب.

والغالب أن مثل هذا الكلام لا يصدر إلا عن نوع نفاق: إما في الاعتقاد، وإما في العمل المنبعث عن هوى النفس، مع شبهات اقتضت ذلك؛ ولهذا جاء في الحديث: ((حُبُّ العرب إيمانٌ، وبغضُهم نفاقٌ)).

مع أن الكلام في هذه المسائل لا يكاد يخلو عن هوى للنفس، ونصيب للشيطان من الطرفين، وهذا محرم في جميع المسائل.

فإن الله قد أمر المؤمنين بالاعتصام بحبل الله جميعًا، ونهاهم عن التفرُّق والاختلاف، وأمر بإصلاح ذات البَيْن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسهر))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تقاطعوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، ولا تحاسدوا، وكونوا عباد الله إخوانًا كما أمركم الله)).

وهذان حديثان صحيحان، وفي الباب من نصوص الكتاب والسنة ما لا يُحصى.

والدليل على فضل جنس العرب، ثم جنس قريش، ثم جنس بني هاشم:
ما رواه الترمذي من حديث إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالله بن الحارث، عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، إن قريشًا جلسوا فتذاكروا أحسابهم بينهم، فجعلوا مثلك كمثل نخلة في كبوة من الأرض.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله خلق الخلق فجعلني من خير فرقهم، ثم خير القبائل، فجعلني في خير قبيلة، ثم خير البيوت، فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا، وخيرهم بيتًا)) قال الترمذي: هذا حديث حسن، وعبدالله بن الحارث هو ابن نوفل؛) الحديث رواه الترمذي (3607)، وأحمد (17063)، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع.


والمعنى أن النخلة طيبة في نفسها وإن كان أصلها ليس بذاك، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه خير الناس نفسًا ونسبًا.


وروى الترمذي أيضًا من حديث الثوري، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالله بن الحارث، عن المطلب بن أبي وداعة قال: "جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأنه سمع شيئًا، فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: من أنا؟ فقالوا: أنت رسول الله صلى الله عليك وسلم؟ قال: ((أنا محمد بن عبدالله بن عبد المطلب، ثم قال: إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خير فرقة، ثم جعلهم قبائل، فجعلني في خيرهم قبيلة، ثم جعلهم بيوتًا، فجعلني في خيرهم بيتًا، وخيرهم نفسًا))؛ رواه الترمذي (3532)، وأحمد بنحوه (1791)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وحسنه محققو المسند.

وقوله في الحديث: ((خلق الخلق فجعلني في خيرهم، ثم خيرهم فجعلهم فرقتين، فجعلني في خير فرقة)) يحتمل شيئين:
أحدهما: أن الخلق هم الثقلان، أو هم جميع ما خلق في الأرض، وبنو آدم خيرهم، وإن قيل بعموم الخلق حتى يدخل فيه الملائكة، فكان فيه تفضيل جنس بني آدم على جنس الملائكة وله وجه صحيح.

ثم جعل بني آدم فرقتين، والفرقتان: العرب والعجم. ثم جعل العرب قبائل، فكانت قريش أفضل قبائل العرب، ثم جعل قريشًا بيوتًا، فكانت بنو هاشم أفضل البيوت.

ويحتمل أنه أراد بالخلق بني آدم، فكان في خيرهم؛ أي ولد إبراهيم، أو في العرب، ثم جعل بني إبراهيم فرقتين: بني إسماعيل، وبني إسحاق، أو جعل العرب عدنان وقحطان، فجعلني في بني إسماعيل، أو بني عدنان، ثم جعل بني إسماعيل أو بني عدنان قبائل، فجعلني في خيرهم قبيلة وهم قريش.

وعلى كل تقدير فالحديث صريح في تفضيل العرب على غيرهم.

ومثله أيضًا في المسألة ما رواه أحمد ومسلم والترمذي من حديث الأوزاعي عن شداد بن عمار عن واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول((إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم)).


وهذا يقتضي أن إسماعيل وذريته صفوة ولد إبراهيم، فيقتضي أنهم أفضل من ولد إسحق، ومعلوم أن ولد إسحق الذين هم بنو إسرائيل أفضل العجم؛ لما فيهم من النبوة والكتاب، فمتى ثبت الفضل على هؤلاء فعلى غيرهم بطريق الأولى، وهذا جيد.

واعلم أن الأحاديث في فضل قريش ثم في فضل بني هاشم فيها كثرة، وليس هذا موضعها، وهي تدل أيضًا على ذلك؛ إذ نسبة قريش إلى العرب كنسبة العرب إلى الناس، وهكذا جاءت الشريعة.

فإن الله تعالى خص العرب ولسانهم بأحكام تميَّزوا بها، ثم خصَّ قريشًا على سائر العرب بما جعل فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة واستحقاق قسط من الفيء إلى غير ذلك من الخصائص، فأعطى الله سبحانه كل درجة من الفضل بحسبها، والله عليم حكيم.

﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 75] و﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ﴾ [الأنعام: 124]، وقد قال الناس في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ﴾ [الزخرف: 44]، وفي قوله: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ﴾ [التوبة: 128] أشياء ليس هذا موضعها.

وفي المسألة آثار غير ما ذكرته، في بعضها نظر، وبعضها موضوع.

وأيضًا فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما وضع ديوان العطاء كتب الناس على قدر أنسابهم، فبدأ بأقربهم نسبًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما انقضت العرب ذكر العجم، هكذا كان الديوان على عهد الخلفاء الراشدين وسائر الخلفاء من بني أمية وولد العباس إلى أن تغيَّر الأمر بعد ذلك.

وسبب هذا الفضل - والله أعلم - ما اختصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم، وذلك أن الفضل إما بالعلم النافع، وإما بالعمل الصالح، والعلم له مبدأ، وهو قوة العقل الذي هو الحفظ والفهم، وتمام؛ وهو قوة المنطق الذي هو البيان والعبارة، والعرب هم أفهم من غيرهم، وأحفظ وأقدر على البيان والعبارة، ولسانهم أتم الألسنة بيانًا وتمييزًا للمعاني جمعًا وفرقًا، يجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل.

وأما العمل فإن مبناه على الأخلاق، وهي الغرائز المخلوقة في النفس، وغرائزهم أطوع للخير من غيرهم، فهم أقرب للسخاء والحلم والشجاعة والوفاء وغير ذلك من الأخلاق المحمودة"؛ انتهى، "اقتضاء الصراط المستقيم" (148-162)، وانظر: "منهاج السنة النبوية" (4/ 364).

والتفاضل بالمجموع على المجموع لا بالأفراد، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" تفضيل الجملة على الجملة لا يستلزم أن يكون كل فرد أفضل من كل فرد، فإن في غير العرب خلقًا كثيرًا خير من أكثر العرب، وفي غير قريش من المهاجرين والأنصار من هو خير من أكثر قريش، وفي غير بني هاشم من قريش وغير قريش من هو خير من أكثر بني هاشم"؛ انتهى، "مجموع الفتاوى" (19/ 29-30).

ومن المعلوم أن تفاضل الأفراد في الدنيا والآخرة إنما هو بالعمل، قال سبحانه وتعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13].

وقد روى الترمذي (3270) عَنْ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَقَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ وَتَعَاظُمَهَا بِآبَائِهَا، فَالنَّاسُ رَجُلَانِ: بَرٌّ تَقِيٌّ كَرِيمٌ عَلَى اللَّهِ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ، وَالنَّاسُ بَنُو آدَمَ، وَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ تُرَابٍ، قَالَ اللَّهُ: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]))؛ صححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وروى أحمد (22978) عَنْ أَبِي نَضْرَةَ: حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ خُطْبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَقَالَ: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ، وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ، أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ، وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ، وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ، وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى، أَبَلَّغْتُ؟)) قَالُوا: بَلَّغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ))؛ صححه الألباني في "الصحيحة" (6/ 199).

وروى البخاري (4898) ومسلم (2546) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: "كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ: ﴿ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ﴾ [الجمعة: 3]، قَالَ: قُلْتُ مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلَاثًا وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ ثُمَّ قَالَ: ((لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ أَوْ رَجُلٌ مِنْ هَؤُلَاءِ))".

وقد روى الحاكم (8194) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رأيت غنمًا كثيرة سوداء دخلت فيها غنم كثيرة بيض))، قالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: العجم يشركونكم في دينكم وأنسابكم قالوا: العجم يا رسول الله؟ قال: ((لو كان الإيمان معلقًا بالثُّريَّا لناله رجال من العجم وأسعدهم به الناس))؛ صححه الألباني في "الصحيحة" (1018).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومصداق ذلك ما وجد في التابعين ومن بعدهم من أبناء فارس الأحرار والموالي، مثل الحسن وابن سيرين وعكرمة مولى ابن عباس وغيرهم، إلى من وجد بعد ذلك فيهم من المبرزين في الإيمان والدين والعلم حتى صار هؤلاء المبرزون أفضل من أكثر العرب. وكذلك في سائر أصناف العجم من الحبشة والروم والترك وغيرهم سابقون في الإيمان والدين، لا يحصون كثرة، على ما هو معروف عند العلماء؛ إذ الفضل الحقيقي هو اتباع ما بعث الله به محمدًا صلى الله عليه وسلم من الإيمان والعلم باطنًا وظاهرًا، فكل من كان فيه أمكن، كان أفضل، والفضل إنما هو بالأسماء المحمودة في الكتاب والسنة، مثل الإسلام والإيمان والبر والتقوى والعلم والعمل الصالح والإحسان ونحو ذلك، لا بمجرد كون الإنسان عربيًّا أو عجميًّا أو أسود أو أبيض، ولا بكونه قرويًّا أو بدويًّا"؛ انتهى من "اقتضاء الصراط" (ص 145).

أسأل الله أن يهدي من ضل عن الحق. وأن يصلح أحوال المسلمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 0 والزوار 8)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 61.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.62 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.73%)]