|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#101
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1254 الفرقان وشَابٌّ نَشَأَ في عِبَادَةِ رَبِّهِ جاء في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله: «وشاب نشأ في عبادة الله -عز وجل-»، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله» أي: في ظل عرشه، وقيل المراد بظله: كرامته وحمايته، كما يقال: فلان في ظل الملك، وقيل: إضافة تشريف، والأول أولى للنص عليه. وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «وشابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَة اللّه» فمعنى نَشَأ: نبت وابتدأ حياته في عبادة الله منذ صغره، وخصَّ الله -تعالى- الشاب دون الصغير أو الكبير في السن؛ لأن الشاب مظنة غلبة الشهوة، وقوة الهوى، وحب اللهو واللعب، فملازمة العبادة مع ذلك يدل على قوة الإيمان والتقوى في نفسه، ولا يعني هذا خلوه من الذنب مطلقًا، فإنه لا عصمة إلا للأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-، فلا يوجد مسلم بلا ذنوب أبدًا، شابا كان أو غير ذلك؛ لأن بني آدم خطاؤون لا محالة، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، وهذا الشاب الذي نشأ في عبادة الله، وفَّقَهُ الله للأعمال الصالحة، وحبَّبها إليه، وكَرَّه إليه الأعمال السيئة، وأعانه على تركها: إما بسبب تربية صالحة، أو رِفْقة طيبة، أو غير ذلك، وقد حفظه الله ممَّا نشأ عليه كثيرٌ من الشباب من اللهو واللَّعب، وإضاعة الصلوات، والانهماك في الشهوات والملذَّات، وقد أثنى الله على هذا النشء المبارك بقوله: {إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} (الكهف: 13). نصائح للشباب عليك أيها الشاب أن تعمل في أيامك ولياليك على تحصين نفسك بذكر الله -جل وعلا-، وأن تكون مواظبًا على الأذكار الموظفة في الصباح والمساء وأدبار الصلوات والدخول والخروج والركوب ونحو ذلك؛ فإن ذكر الله -عز وجل- عصمةٌ من الشيطان وأمَنَةٌ لصاحبه من الضر والبلاء، وينبغي أن يكون لك وردٌ يومي مع كتاب الله ليطمئن قلبك؛ فإن كتاب الله -عزوجل- طمأنينة للقلوب وسعادةٌ لها في الدنيا والآخرة {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(الرعد:28)، وعليك أن تكثر من دعاء الله -عز وجل- أن يثبِّتك على الحق والهدى وأن يعيذك من الشر والردى؛ فإن الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة. الشباب ولزوم طاعة الله من أعجب الأمور ذلك الشاب الذي يُلزِم نفسَه بالطاعة والاجتهاد فيها؛ فيستحق أن يكون من السبعة الذين يُظلُّهم الله في ظلِّه؛ فلقد علم أنه مسؤولٌ عن شبابه فيما أبلاه، فعمل بوصية نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها؛ حيث قال: «اغْتَنِم خمسًا قبل خَمْسٍ: شبابَك قبل هَرَمِكَ، وفراغَك قبل شغلك، وحياتَك قبل موتك، وصحتَك قبل سقمك، وغِنَاك قبل فَقْرك». شباب تحتاجهم الأمة إن الأمة تحتاج إلى شباب عالمين عاملين، في كل شؤون حياتهم: في المنزل، والمكتب، والشارع، والمصنع، الأمة تحتاج شبابا، هذا بالمكتبة ينهل من غزير المعرفة، وهذا في حلقة ذكر، وذا يشغل وقته في شيء مفيد، وذا ينمي موهبته، وذاك يشاهد برنامجًا نافعًا، وهذا يخطط لمستقبله، وذاك يحاول أن يكتشف حلا لمشكلته، وذا يحضر دورة تدريبية، وذا مع والده يتناقش معه ويتحاور، وذا وذاك وهذا، إنَّ الأمة في حاجة إلى الشباب الطموح الواعي المُتديِّن، صاحب الأخلاق السامية، والقيم المتنامية، والثقافة العالية، المنشغل بمعالي الأمور. أخطاء شائعة لا يقع فيها الناجحون لا شك أن الجميع يريد النجاح في الحياة، إلا أن الكثيرين لا يستطيعون تحقيق ذلك، لوقوعهم في عدد من الأخطاء الشائعة ومن هذه الأخطاء: 1- التسويف: فالأشخاص غير الناجحين يضيعون وقتهم الثمين بالتسويف بدلاً من العمل على تحقيق أهدافهم، مما يبقيهم وراء الآخرين. 2- سوء تحديد الأهداف: يفشل الأشخاص غير الناجحين في الحياة في وضع أهداف واضحة وقابلة للتحقيق، وتؤدي تلك العادة السيئة إلى تشتيت الجهود وضياع الوقت وعدم تحقيق الأحلام في حياة أفضل. 3- غياب عقلية الحل: بعض الشباب بدلاً من امتلاك عقلية إيجابية وإيجاد حلول للمشكلات، تجدهم يركزون أكثر على المشكلات في حياتهم، وهو ما يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء عدم نموهم أفرادا. 4- الخوف من النقد: لا يجازف الأشخاص غير الناجحين في الحياة بسبب خوفهم من الفشل والانتقادات، ونتيجة لذلك، فإن ذلك يعيق أي خطوات تساعد على تحقيق النجاح المنشود. 5- عدم التعلم من الأخطاء: بعض الأشخاص بدلاً من أن يتعلموا من أخطائهم السابقة ويجعلوها تجربة إيجابية، يمتنعون عن ذلك؛ مما يجعلهم يقعون في الأخطاء نفسها مرة أخرى؛ فيعيقهم عن تحقيق النجاح. الشباب العمود الفقري للأمة ![]() هؤلاء قدوتي إن أهم ما يحتاجه الشباب في الوقت الراهن أن يعرفوا سيرة السلف الصالح، وأن ينهلوا من مناهلهم العذبة، وأن يتعلموا من حياتهم وتجاربهم، عندها سيدركون كيف استغلوا شبابهم بالطاعة والعبادة؟ وكيف اهتموا بأعمارهم حين جعلوها وقفًا لخالقها -سبحانه وتعالى-؟ وكيف اعتنوا بأوقاتهم حين اغتنموها في قراءة القرآن، وتعلم الحديث، وحضور مجالس الذكر ومجالسة الصالحين؟ فها هو ذا علي - رضي الله عنه - يشهد المعارك كلها ما عدا تبوك، وهو أول من أسلم من الصبيان، وهذا معاذ بن جبل - رضي الله عنه - أعلم الأمة بالحلال والحرام، ويسبق العلماء يوم القيامة، وسفير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، مات وعمره 32 عامًا، وذاك الشافعي يحفظ القرآن وهو ابن سبع سنين، ويفتي الناس وهو دون العشرين عامًا، وابن حجر يؤلف الفتح وعمره 32 عامًا، فأين أنتم من هؤلاء الشباب الأفذاذ، الذين رسموا عز أمتهم بين أمم الدنيا؟! من روائع الحكمة يا بني.. اركب سفينة السُنَّة، واتبع هدي خير المرسلين ولو كنت وحدك، ولا تنظر لأخلاق المفرطين، ولا حجج اللاهين، فما هي إلا ساعة ونقف جميعًا بين يدي الله -عزوجل-، {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} (عبس:34-37).
__________________
|
#102
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1255 الفرقان لماذا رمضان فرصة؟ رمضان فرصة حقيقية، لو تفكَّر كل واحد منَّا في طبيعة حياته ومسيرة أوقاته فسيدرك أنَّنا نعيش كل ثانية وكل دقيقة بفرصٍ وأنفاسٍ لن تعود، وأنَّ هذه الأيام التي نقطعها ونفرح بها لبلوغ غاية أو لنيل مقصدٍ محبَّبٍ للنفس، ستؤول في النهاية إلى النقصان من العمر، سواء شعرنا أم لم نشعر، وحينها لا مناص ولا فرار من الله إلا إليه. لاغتنام هذه الأوقات بالنافع المفيد، وترك اللهو واللعب والأوقات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل قد تجلب الحسرة والمرارة التي تعتصر قلب المرء، يوم أن يقول لربه: {رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ}، إنَّ رمضان فرصة لتحقيق العبوديَّة لله والقيام بحقِّه، والتوجه والافتقار إليه، والانطراح بين يديه، والمؤمن السبَّاق لعمل الصالحات، والمدرك تمام الإدراك بأن رمضان فرصة لا تعوض، يستقبله بالمسارعة إلى عمل الخيرات، وتجنُّب المنكرات، متمثِّلا قول الله -تبارك وتعالى-: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 133)، وفي سياق اعتبار رمضان فرصة ويجب اغتنامها، فإن المسابق لعمل الخيرات واقتناص الفرص شيمته التطلُّع والترقب لكل فرص الخير وغنائم البر ومعارج القبول ليتقرب بها إلى ربِّ العالمين؛ ابتغاءَ مرضاة الله -تعالى-، وخوفا من أليم عقابه. الفرح بشهر رمضان ![]()
رمضان فرصة للتغيير فاغتنمها يعد شهر رمضان فرصة حقيقية لزيادة معدلات التغيير والتصحيح في حياة كل فرد ولا سيما الشباب، بل في حياة الأمة جمعاء؛ حيث يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: «إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب النار وسلسلت الشياطين»، فلهذا الشهر الكريم من الخصائص التي ميزه الله بها دون غيره من الشهور ما يساعد على أن يكون فرصة تنتظر من يغتنمها. التوبة والموعد الموهوم كثير من الشباب يقتنع من خطأ طريقه، ويتمنى التغيير، ولكنه ينتظر المناسبة ألا وهي أن يموت قريب له، أو يصاب هو بحادث فيتعظ، ويهزه الموقف فيدعوه للتوبة، ولكن ماذا لو كان هو الميت فاتعظ به غيره؟ وكان هذا الحادث الذي ينتظره فعلاً لكن صارت فيه نهايته؟ ليس -أخي الشاب- للإنسان في الدنيا إلا فرصة واحدة فالأمر لا يحتمل المخاطرة، فهلا قررنا التوبة اللحظة وسلوك طريق الاستقامة الآن؟ إن القرار قد يكون صعباً على النفس وثقيلاً، ويتطلب تبعات وتضحيات لكن العقبى حميدة والثمرة يانعة بمشيئة الله. مقترحات عمليَّة لا غتنام الفرص في رمضان لأن رمضان فرصة تنتظر من يفوز بها، وبما أنَّ الفرص كثيرة والمغانم في هذا الشهر غزيرة، فحريٌّ بالشاب المؤمن أن يسعى لاكتسابها ويحاول تطبيقها؛ ليخرج من العيش في ظلاله بنتيجة ترضيه حين يراها في صحائف أعماله، {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (النور: 24)، وإنَّ من هذه الفرص الجليلة:
كُن سابع السبعة أخبر - صلى الله عليه وسلم - أنه في يوم القيامة: «يوم تدنو الشمس من الخلائق فتكون قدر ميل، ويبلغ منهم الجهد والعرق كل مبلغ»، أنه في هذا اليوم هناك من ينعم بظل الله وتكريمه، ومنهم «شاب نشأ في طا![]() مدرسة شهر الصِّيام قال الشيخ عبد الرزاق عبدالمحسن البدر: الصِّيام مدرسةٌ تربويَّةٌ عظيمةٌ مباركَةٌ، يتخرَّج فيها المؤمنون المتَّقون، ويتزوَّد فيها المؤمنون بأعظم زادٍ يمضي معَهم في حياتهم كلِّها، وفي أيَّامهم جميعِها، على أنَّ هذه المدرسةَ ـ مدرسةَ شهر الصِّيام ـ لا يستفيد منها كثيرٌ من النَّاس؛ إذ تمضي عليهم هذه المدَّة الشَّريفة وهُم يتعايشون معها تعايشَ الطَّالب البليد في مدرسته يتخرَّج ولا يستفيد، بينما المؤمن المجدُّ الحريص يدخل هذه المدرسة المباركة فيأخُذ منها دروسًا تربويَّةً إيمانيَّةً علميَّةً تمضي معَه في حياته كلِّها. أخطاء يقع فيها الشباب في رمضان من الأخطاء التي يقع فيها الشباب في شهر رمضان اتخاذ هذا الشهر فرصة للنوم والكسل في النهار وما يترتب عليه من إضاعة الصلوات أو تأخيرها عن وقتها، والسّهر في الليل على ما يسخط الله ويغضبه من لهو ولعب ومشاهدة القنوات، فتضيع بذلك على الإنسان أشرف الأوقات فيما لا فائدة فيه بل فيما يعود عليه بالضرر في العاجل والآجل.
__________________
|
#103
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1256 الفرقان أثر القرآن في تزكية نفس المسلم من أهم ما يجب أن يستفيد منه الشباب في رمضان ولا سيما فيما يتعلق بالقرآن الكريم، هو التخلق بأخلاقه، والعمل بآدابه؛ فالقرآن الكريم يدعو الناس إلى مكارم الأخلاق، وجميل الصفات والعادات. ويحثّ على التحلي بها، والابتعاد عن سيّئها، وقد تضمّن في كثير من سوره كسورة النور، والحجرات، والإسراء على الحِكم، والأخلاق، والوصايا الجامعة العظيمة التي تؤدّي بالبشرية جمعاء إلى سبل الخير والسعادة، وقد بيّن الإمام ابن الجوزي -رحمه الله- أنّ التمسك بكتاب الله -تعالى-، وسنة نبيّه محمد - صلى الله عليه وسلم - يكون بالوقوف على ألفاظ القرآن الكريم، والسنّة النبويّة، وفهم المراد منهما، ثم العمل بما فيهما من أحكام، واتّباع ما يصلح النفس الإنسانيّة، ويطهّرها من الدنس ويزكّيها، ويسمو بها إلى مكارم الأخلاق؛ وذلك لما في القرآن والسنّة من أثر بالغ في إصلاح القلوب والنفوس، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر الناس تأثّراً بالقرآن الكريم، وأكثرهم امتثالاً بهديه القويم، وقد سُئلت عائشة -رضي الله عنها- عن خلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: «كان خُلُقُه القُرآنَ»، أي أنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ممتثلاً لما أمره الله -تعالى- به في القرآن الكريم، أمّا السلف الصالح فقد دلّهم الفهم الصحيح للقرآن الكريم على أهميّة إصلاح الباطن، وتنقيته من الآفات التي تصيب النفس، وتبعدها عن طريق الله -تعالى-. مدرسة شهر الصِّيام الصِّيام مدرسةٌ تربويَّةٌ عظيمةٌ مباركَةٌ، يتخرَّج فيها المؤمنون المتَّقون، ويتزوَّدون فيها بأعظم زادٍ يمضي معَهم في حياتهم كلِّها، على أنَّ هذه المدرسةَ قد لا يستفيد منها بعض النَّاس؛ إذ تمضي عليهم هذه المدَّة المباركة وهُم يتعايشون ويخرجون منها غير مستفيدين، بينما المؤمن المجدُّ الحريص يدخل هذه المدرسة المباركة فيأخُذ منها دروسًا تربويَّةً إيمانيَّةً علميَّةً تمضي معَه في حياته كلِّها. الحلم وكظم الغيظ إن من أهم ما يجب أن يتعلمه الشاب من مدرسة الصيام هو الحلم وكظم الغيظ والعفو والصفح؛ فينبغي للصائم إن سابه أحد أو شاتمه أو قاتله أن يقول جهرًا: إني صائم، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب؛ فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائم». ثمرة الصيام الأساسية إنَّ ثمرة الصيام الأساسية، هي أن يكون حافزًا للصائم على تقوى الله -تعالى-، بفعل أوامره، واجتناب نواهيه، كما قال -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة: 183). فالصيام مدرسةٌ عظيمة، فيها يكتسب الصائمون أخلاقًا جليلة، ويتخلَّصون من صفاتٍ ذميمة، يتعودون على اجتناب المحرمات، ويقلعون عن مقارفة المنكرات. آداب تلاوة القرآن تلاوة القرآن العظيم من أفضل الطاعات وأعظم القربات، فينبغي للمسلم إذا أراد تلاوة القرآن أن يهيئ نفسه لها، ويحصل الآداب المطلوبة لها لينال الثواب الذي قال عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من قرأ حرفًا من كتاب الله تعالى- فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول: ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». - ومن أهم الآداب التي ينبغي لقارئ القرآن أن يتحلى بها: أن يقصد بقراءته وجه الله -تعالى- والتقرب إليه، ومنها: الطهارة الظاهرة والباطنة، فيطهر ظاهره من الحدث والخبث، وباطنه من الذنوب والمعاصي. - ومنها: القراءة بتدبر لمعانيه وخشوع بقلبه وخضوع بجوارحه فلا يعبث بشيء منها، أو يشغل سمعه أو بصره، بما يتنافى مع التلاوة. - ومنها: أن يكون نظيف الثياب حسن الهيئة مستقبل القبلة إن أمكن، والسواك قبل القراءة. - ومنها: أنه لا ينبغي له أن يقطع التلاوة لشيء من أمور الدنيا إلا إذا كان ذلك ضروريا. رمضان وسلامة الصدور والألسن ![]() أهمية علوّ الهمة الهمة العالية لا تزال بصاحبها تزجره عن مواقف الذل، واكتساب الرذائل، وحرمان الفضائل حتى ترفعه من الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد، قال ابن القيم -رحمه الله-: «فمن علت همته، وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل»، وقال- رحمه الله-: فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، وأفضلها، وأحمدها عاقبة، والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات، وتقع عليها كما يقع الذباب على الأقذار؛ فالنفوس العليّة لا ترضى بالظلم، ولا بالفواحش، ولا بالسرقة، ولا بالخيانة؛ لأنها أكبر من ذلك وأجَلّ. من فوائد الصوم ![]() احذر هذه السموم الثلاثة!
__________________
|
#104
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1257 الفرقان الشباب وطلب العلم على الشباب أن يستغلوا ما أنعم الله عليهم من صحة وفراغ في طلب العلم وتربية النفس وتهذيبها وتعويدها على الطاعة، وقد نبَّه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - إلـى غفلة الكثير من الناس عن هذه النعم؛ فقال: «نعمتان من نعم الله مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». قال ابن بطال: (كثير من الناس) أي أن الذي يوفق لذلك قليل، ويقول بعض الصالحين: فراغ الوقت من الأشغال نعمة عظيمة، وكان السلف الصالح يكرهون من الرجل أن يكون فارغًا لا هو في أمر دينه ولا هو في أمر دنياه، والنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، كما قال الشافعي، فمن أطلق لنفسه العنان تهوي به ذات اليمين وذات الشمال، قال عمر بن عبدالعزيز - رضي الله عنه -: إن الليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، فالنفوس الفارغة لا تعرف الجد، فتلهو في أخطر المواقف وتهزل في مواطن الجد، فلا إيمان ولا دين ولا عمل، همها اللعب واللهو في الدنيا ويتبعه حسرة وندامة يوم القيامة، يقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي، ويقول الحسن البصري -رحمه الله-: أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم. وكثير من الشباب يتوفر لديهم أوقات كبيرة؛ إذ لا مسؤولية عليهم ولا أعباء أسرية تلاحقهم، وهم في مرحلة توقُّدِ الذهن وحضور البديهة وفي قمة النشاط العقلي، فما أجمل أن يتوجه هؤلاء الشبيبة إلى طلب العلم الشرعي والنهل من كنوز الكتاب ومعين السنة المطهرة وميراث سلف الأمة وتاريخه! فضل طلب العلم إن طلب العلم لا غنى عنه لأي شاب يريد عبادة ربه -تبارك وتعالى- على بصيرة، والاستقامة على دينه، فضلاً عمن يريد الدعوة إلى دينه، عن قيس بن كثير قال: كنت مع أبي الدرداء - رضي الله عنه - في مسجد دمشق، فجاء رجل فقال: يا أبا الدرداء إني جئتك من مدينة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حديث بلغني أنك تحدِّث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: ما كانت لك حاجة غيره؟ قال: لا، قال: ولا جئت لتجارة؟، قال: لا، قال ولا جئت إلا فيه؟، قال نعم، قال: فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:» من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتانُ في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر». احذروا البطالة! عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: «إِنِّي لأَمْقُتُ أَنْ أَرَى الرَّجُلَ فَارِغًا لا فِي عَمِلِ دُنْيَا، وَلا آخِرَةٍ»، هذه هي البطالة، ومن آثر البطالة والكسل وترك العمل أضر بنفسه مضرة عظيمة وخسر بسببها دنياه وأخراه. الجهل داء خطير الجهل داء دَوِي ومرض مستحكم قوي، ذمَّه الله صراحة في كتابه فقال: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}(الأعراف: 138- 139)، فما وقع مَنْ وقع في الشرك والكفر بالله إلا بسبب الجهل، وما وقع من وقع في القتل والاعتداء على النفوس المعصومة وتخريب الممتلكات المحترمة والخروج على الجماعة وإشاعة الفوضى إلا بسبب الجهل، الجهل بعلم الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح -رضي الله عنهم ورحمهم-. شباب الصحابة وطلب العلم لقد كان شباب الصحابة -رضي الله عنهم- يدركون أهمية العلم وفضلَه؛ ولذا حفظت لنا سيرهم المواقف العديدة من حرصهم على العلم وعنايتهم به، فها هو ذا عمرو بن سلمة - رضي الله عنه - وهو من صغار الصحابة- كان حريصًا على تلقي العلم؛ فكان يتلقى الركبان ويستفتيهم ويسألهم ويستقرئهم؛ حتى فاق قومه كلهم وتأهَّل لإمامتهم، يقول - رضي الله عنه - عن نفسه-: كنا على حاضر، وكان الركبان يمرون بنا راجعين من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأدنو منهم فأسمع حتى حفظت قرآناً، وكان الناس ينتظرون بإسلامهم فتح مكة، فلما فُتحت، جعل الرجل يأتيه فيقول: يا رسول الله، أنا وافد بني فلان وجئتك بإسلامهم، فانطلق أبي بإسلام قومه فرجع إليهم وقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «قدِّموا أكثركم قرآناً»، قال فنظروا وإني لعلى حِواءٍ عظيم، فما وجدوا فيهم أحداً أكثر قرآناً مني، فقدموني وأنا غلام». الجد والاجتهاد في طلب العلم ![]() مدرسة شهر الصِّيام ![]() ما أشد حاجتنا لشباب يطلب العلم! ما أشد حاجة المسلمين إلى شباب يطلب العلم ويستنير بنور الوحيين، ويقيم حجة الله على العباد، ويبين لهم السبيل، وينير أمامهم الطريق، وينفض عنهم عمى الجهل! يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: «جعل الله -سبحانه- أهل الجهل بمنزلة العميان الذين لا يبصرون فقال {أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}(الرعد: 19). الشباب وتعلم أسماء الأنبياء عن الضحاك -رحمه الله- قال: «عَلِّمُوا أَوْلاَدَكُمْ وَأَهَالِيَكُمْ وَخَدَمَكُمْ أَسْمَاءَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ حَتَّى يُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَيُصَدِّقُوا بِمَا جَاؤوا بِهِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، هذه لفتة تربوية مهمة لينشأ الأبناء على معرفة الأنبياء وحبهم والاقتداء بهم؛ فإن الله لما ذكر عبده وخليله إبراهيم -عليه السلام- في سورة الأنعام، وذكر بعده سبعة عشر نبيا أتبع ذلك -سبحانه- بقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} أي: اتبع طريقتهم في الإيمان بالله وتوحيده، والأخلاق الحميدة، والنهج القويم، والأفعال المرضية، والصفات الرفيعة، وهم الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية لسبيلهم في قوله: { اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } فهو يحب لنا ويأمرنا أن نتبع صراط هؤلاء وهو سبيل من أناب إليه، وذلك أنهم لما قاموا بحقيقة الإيمان علما وعملا ودعوة وجهادا جعلهم الله أئمة للخلائق، وجعل الخلائق تبعا لهم يأتمون بأمرهم ويهتدون بهداهم، وخص بالسعادة والفلاح والهدى أتباعهم، وبالشقاء والضلال مخالفيهم.
__________________
|
#105
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1258 الفرقان قصة أصحاب الجنة.. دروس وعبر تدور أحداث قصة أصحاب الجنة حول مجموعة من الإخوة، ورثوا بستانًا جميلًا عن والدهم الصالح، كان هذا الوالد يخرج حصة من محصوله للفقراء والمحتاجين، وبعد وفاته، اجتمع أبناؤه واتفقوا على عدم إعطاء الفقراء شيئًا، وخططوا لذلك، لكن الله -تعالى- أحبط خططهم؛ إذ أرسل عليهم بلاءً في الليل فاحترق البستان بالكامل، فشعروا بالندم على طمعهم، واعترفوا بذنوبهم وقرروا العودة إلى طريق والدهم، وفيما يلي بعض الدروس والعبر من تلك القصة: (1) خطورة الجشع وحب النفس كان الجشع هو السبب الأساسي في دمار جنة هؤلاء الإخوة، فقد أرادوا الاحتفاظ بكل المحصول لأنفسهم، متجاهلين حق الفقراء، ولا شك أنَّ حب المال والجشع من الأمور التي تجرُّ الإنسانَ إلى الهاوية، وللطمعِ عواقِب وخيمة لمن لم يُسيطر عليه، ويكبح جماحه، ويربّي نفسهُ على القناعة. (2) أهمية إخراج الصدقة من أهم دروس القصة ضرورة الإنفاق على الفقراء؛ فالله هو من يرزق الإنسان ويبارك في ماله، ولما قرر هؤلاء الإخوة منع الفقراء من حقهم، أنزل الله عليهم عقوبة شديدة، مما يظهر لنا أن الخير يزيد عند العطاء، وأن الأنانية قد تودي بالنعمة، قال -تعالى-: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (إبراهيم: 7). (3) التعاون على البر والتقوى عندما خطط هؤلاء الإخوة لمنع الفقراء من حقهم، تعاونوا على فعل غير محمود، والأصل أن يتعاونوا على الخير، قال -تعالى-: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة: 2). (4) الندم والتوبة إلى الله بعد أن رأى الإخوة خرابا بجنتهم، اعترفوا بذنبهم وندموا على فعلهم السيئ، وأدركوا أن الله هو مالك الرزق، وهذا يعلمنا أن التوبة الصادقة هي طريق الإنسان للعودة إلى رحمة الله ومغفرته، مهما ارتكب من أخطاء، قال -تعالى- في سورة القلم عنهم: {قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}. تعظيم المناهي والسلامة منها مما يعين الشاب على تعظيم المناهي والسلامة منها كما قال ابن القيم -رحمه الله- خمسة أمور: 1- الحرص على التباعد من مظانها، وأسبابها وكلِّ ما يدعو إليها. 2- مجانبة كلِّ وسيلة تقرب منها كاجتناب الأماكن التي فيها الفتنة خشية الافتتان بها. 3- ترك ما لا بأس به حذرًا مما به بأس. 4- مجانبة الفضول من المباحات خشية الوقوع في المكروهات. 5- مجانبة من يجاهر بارتكابها ويحسنها ويدعو إليها ويتهاون بها ولا يبالي ما ركب منها. رسالة عميقة لكل مسلم الجشع والطمع له آثارٌ مدمرةٌ على الفردِ والمجتمع، فتقديسُ المال، والحرصُ الزائدُ عليه، ولو على حساب الآخرين، والتحايل عليهم، وخداعهم، والكذب عليهم، وغشهم، مهلك للإنسان، ومهلك للمجتمعات، فيصبح الإنسان لا يفكر إلا في نفسه، وقد قص الله علينا قصة شعيبٍ -عليه السلام- وكيف أن الله أهلك قومه، بسبب شركهم وجشعهم وطمعهم، وكذلك قصة أصحاب الجنة. ![]() خير الناس أنفعهم للناس قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خيرُ الناس أنفعهم للناس»، هذا الحديث يحث على تقديم النَّفع للناسِ من خلال الإحسان إليهم، وتقديم المساعدة والنَّفع لهم، وإبعاد الضَّرر عنهم سواء في دينهم أم دنياهم، لكنَّ الأمور التي تُفيدهم في دينهم أبقى أثراً وأدوم نفعاً وأعظم أجراً، وهذه الصفات من صفات المؤمن، فالمؤمن يُقدِّم النفع لغيره على الدوام مهما كان هذا النفع بسيطًا، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «السَّاعِي علَى الأرْمَلَةِ والمِسْكِينِ، كالْمُجاهِدِ في سَبيلِ اللَّهِ، أوِ القائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهارَ»، ويُعدُّ ذلك مما يزيد من المحبَّة بين الناس، ويُقوّي أواصر الأُلفة والمودَّة بينهم، كما يُعزّز مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام، ويُساعد على تكوين مجتمع يتخلّق بالأخلاق الحميدة. الإنسان مسؤول عن قوله وفعله ![]() تفكَّر في كلامك ![]() الصحابة قدوتي - حمزة بن عبدالمطلب - رضي الله عنه - لم يجد نورُ الإسلام صعوبة في دخول قلب حمزة الرّحيم - رضي الله عنه -، الممتلئ بالشهامة والحنان، حمزة بن عبدالمطّلب عُرف بالشّجاعة والفروسيّة، واشتهر بالرحمة ومساعدة المحتاجين، ونُصرة المظلومين؛ فلو سأل طفلٌ صغيرٌ حمزةَ عن حاجة لفزعَ له ملبّياً حاجته، كان يَصِلُ الرّحم، ويُكثرُ من فعل الخير ويدلّ عليه، خفقَ قلبه بالرحمة والمحبّة عندما سمع بإيذاء أبي جهل لابن أخيه محمد - صلى الله عليه وسلم -، سرعان ما انتقمَ للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ورفعَ قوسه، فضرب به أبا جهل وشجّ رأسه. أعلنَ إسلامه في السنة الثانية من بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكان إسلامه درعاً واقية وحصناً منيعاً للإسلام والمسلمين، كان قويّ الشخصية، ضخم البنية، راجح العقل، قويّ الإرادة، ومع هذا كلّه كان رحيماً، شَفوقًا، كان أمير أول سريّة خرج فيها المسلمون للقاء العدو، وكما أنّ أول راية عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت له، وأبلى بلاءً حسناً في غزوة بدر، وقاتلَ ببسالة؛ إذ قاتلَ بسيفين، وبارزَ شيبة بن ربيعة فأرداه قتيلاً، فسمّاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسد الله، وأسد رسوله. أصابته حربة وحشيّ الغادرة فصار شهيداً يعطّر ثرى أُحُد الظامئ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنه: «سيّد الشهداء عند الله -تعالى- يوم القيامة حمزة».
__________________
|
#106
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1259 الفرقان الشباب وخُلُق التواضع التواضع من الأخلاق المهمة التي يجب على الشباب أن يتخلقوا بها، وهو يعني خفض الجناح للآخرين والتعامل معهم دون تعالٍ أو تكبر، وينبع التواضع من إدراك الإنسان لحقيقة وجوده في هذه الحياة، وأنه عبدّ لله كغيره من العباد، وأن كل ما يملكه من مال أو جاه أو علم هو من عند الله. ومن ثم لا يحق له أن يتكبر أو يستعلي على الناس، قال -تعالى-: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ} (لقمان: 18)، وقال -سبحانه-: {وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}( الإسراء: 37)، وهذه الآيات تأمر الإنسان بشكل واضح وصريح بالتواضع وعدم التفاخر بما لديه، وتذكر حقيقته كعبد لله لا يملك من أمره شيء. قال -سبحانه-: {قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (الجن: 21 - 23)، ويعكس التواضع في القرآن مدى احترام الإنسان لحقوق الآخرين وتقديرهم، بصرف النظر عن مكانتهم أو قدراتهم؛ فالتواضع يعزز من سمو الأخلاق ويؤكد مكانة الإنسان بوصفه خليفة في الأرض، فهو الخليفة الذي يعمل على تحقيق العدل والمساواة بين البشر، وهذه المهمة لا تتحقق دون التخلي عن الكبر والغرور والتحلي بخلق التواضع لله ولعباده المؤمنين. خطورة الاندفاع والثقة المفرطة يعاني الشباب في أغلب الأحيان من ميل إلى الاندفاع والثقة المفرطة، ولا سيما عندما يحققون إنجازا ما؛ لذلك تأتي قيمة التواضع قيمة جوهرية تساهم في الحفاظ على العلاقات المهنية وتطويرها، ووفقا لإحدى الدراسات فإن الشباب الذين يظهرون التواضع وقبول النقد البنّاء، ويكونون أكثر استعدادا للتعلم من الآخرين، يجعلهم ذلك أكثر قدرة على تحسين أدائهم والتقدم في حياتهم الشخصية والمهنية، ويشير الباحثون إلى أن التأني يتيح للشباب فرصة للتفكير العميق في الخطوات التي يتخذونها، مما يقلل من احتمالات الفشل ويزيد من فرص النجاح. التواضع من القيم الأخلاقية العليا التواضع من القيم الأخلاقية العليا التي حضّ عليها القرآن الكريم، ويُمثل قاعدة مهمة للرفعة الحقيقية؛ حيث يجمع بين تقوى النفس وعظمة الأخلاق، وهو ما يؤدي إلى تحقيق السمو والرفعة في الدنيا والآخرة، ويعد أحد السلوكيات المحمودة التي يدعو إليها الإسلام. التعلم من إخفاقات الآخرين وكما ينبغي لنا أن نتعلّم من نجاحات الآخرين، فعلينا أيضًا أن نتعلّم من إخفاقاتهم، فنحن بإمكاننا أن نتعلّم من أخطاء الآخرين، بدلًا من أن نتورّط في إخفاق ما، تكون نتائجه كارثية، فإذا لم نتعلّم من أخطاء غيرنا، فلابدّ وأن نخطئ ونتعلّم من أخطائنا، ووقتها ندفع ثمن التعلّم غاليًا، فالعديد من النجاحات العظيمة التي حدثت عبر التاريخ، كانت نتيجة للدراسات العميقة للإخفاقات التي وقع بها الآخرون، في المواقف الشبيهة والتعلّم منها، وتخطيها بأقل وقت وجهد ممكن. التواضع .. صفة عباد الرحمن التواضع صفة لصيقة بعباد الرحمن، كما وصفهم القرآن الكريم في قوله -تعالى-: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (الفرقان: 63)، ولأهمية هذا الخلق في بناء شخصية المسلم وتهذيب أخلاقه فقد أمر -سبحانه وتعالى- المؤمنين بالتحلي بصفة التواضع، وعدم التكبر والتعالي، وخصوصًا أمام إخوانهم في الدين والعقيدة، قال الله -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} (المائدة: 54)، بل إن الله -تعالى- وجه هذا الأمر إلى سيد الخلق وخاتم الأنبياء - صلى الله عليه وسلم -، وهو من شهد الله -تعالى- له بحسن الخلق في قوله -سبحانه-: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم: 4)، ورغم ذلك فقد شدد الله -تعالى- على التحلي بخلق التواضع في خطابه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في موضعين من القرآن الكريم، وذلك في رسالة لعموم المسلمين بأهمية هذا الخلق وضرورة الالتزام به، قال -سبحانه-: {لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} (الحجر: 88)، وقال -عزوجل-: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (الشعراء: 215). التواضع وخفض الجناح للمؤمنين ![]() الإيمان باليوم الآخر من أصول الإيمان الثابتة ![]() أهمية التعلم من خلال خبرات الآخرين هناك اعتقاد عام لدى كثير من الشباب بأن التجربة هي أفضل معلم، على الرغم من أن هذا قد يبدو صحيحًا، إلا أن التعلم من خلال خبرات الآخرين قد يوفر كثيرا من الإخفاقات، ويقلل المشكلات والتبعات، ويختصر الخطوات والمشقات، وحتى تتعلم من الآخرين، لابد أن تتوفر فيك عدد من الصفات، أهمها، وجود شغف وحب مستمرين نحو التعلم، الشغف في التعلم وحب العلوم، والشغف صفة لازمت علماء الأجيال الماضية، وحين تطالع تاريخ العرب والمسلمين أو تقرأ سيرة أي عالم منهم، تجد أنه لم يقصر شغفه بالعلم والتعلم على جانب واحد فقط، بل تعداه الى طرق المزيد من الأبواب والاكتشافات في شتى صنوف العلم. التواضع مفتاح بناء علاقات إنسانية يعد التواضع مفتاحًا لبناء علاقات إنسانية متينة ومتوازنة، كما أنه يقوي أواصر المحبة ويذيب أسباب الكراهية بين الناس، فمن يتصف بالتواضع ينجح في كسب قلوب من حوله؛ لأنهم يرون فيه شخصًا ينظر إليهم بعين الاحترام والتقدير، دون أن يُشعرهم بأنهم أقل قيمة، فيسمعون منه وينتصحون بقوله، وذلك نهج الأنبياء في دعوتهم للناس إلى الحق والتوحيد.
__________________
|
#107
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1260 الفرقان من وصايا القرآن الكريم للشباب للشباب نصيب وافر من الوصايا في القرآن الكريم والسنة النبوية، ومن ذلك ما قصه الله علينا من وصايا لقمان لابنه، التي مدحه الله عليها وذكرها في كتابه لتكون قدوة لنا، ومن أهم تلك الوصايا التي أوصى بها لقمان ابنه: الوصية الأولى بتوحيد الله - تعالى -، والحذر من الشرك، قال الله -تعالى-: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، إنه لظلم عظيم أن يشرك الإنسان مع الله من لا ينفعه ولا يضره، فالإله الحق هو الله الذي لا إله إلا هو الخالق الرازق العليم القدير، الذي يعلم حاجات عباده، ويستجيب دعاءهم؛ فهو المستحق للتعظيم والخشية وحده لا شريك له، إليه المرجع والمصير. والوصية الثانية، بر الوالدين، لقد خلق الله الإنسان من ضعف، حملته أمه، وأرضعته، وهو لا يملك من أمره شيئاً، وقام والداه على تربيته، والإحسان إليه في صغره، فوجب عليه الإحسان إليهما وشكر معروفهما وبرهما، فكان من الوصية ببرهما قول الله -تعالى-: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}. وفي الوصية الثالثة، ذكّر لقمان ابنه بـمراقبة الله وخشيته، يقول الله -تعالى- عنه: {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}، فالله لا تخفى عليه خافية من أعمال العباد ولو كانت مثقال حبة من خردل فإنه - تعالى -مطلع على نياتهم وأفعالهم؛ فليراقبوا علم الله وليحسنوا العمل، فإنه يراهم -تعالى- ويعلم ما يسرون وما يعلنون. لا اعتزاز إلا بالإسلام ![]() إياك أن يستحوذ عليك الشيطان! أيها الشاب: إياك أن يستحوذ عليك الشيطان بغروره وخداعه! فإنك إن فعلت فإنه سيضلك ويرديك، واحذر أن يجرفك تيار الشهوات، أو تقلد من لا يؤمن بالله واليوم الآخر! واحذر قرناء السوء! وتذكر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المرءُ مع من أحبَّ» وأنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «المرءُ على دينِ خليلِه فلينظرْ أحدُكم مَن يُخاللُ». الأنبياء ومرحلة الشباب إنَّ المتأمِّل في كتاب الله -جل وعلا- وما جاء في سِيَر الأنبياء والمرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، يجد أنَّ الله قد خصَّهم بالنبوَّة وهم في مرحلة الشباب؛ لما في هذه المرحلة من وجود ما يمكنهم من تبليغ رسالات ربِّهم، روي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: ما بعث اللهُ نبيًّا إلا شابًّا، ولا أُوتي العِلْم عالِم إلَّا شابًّا، ثم تلا هذه الآية في حق إبراهيم -عليه السلام-، يقول -جل وعلا: {قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ} (الأنبياء: 60)، وقال الله في حق يحيى -عليه السلام-: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} (مريم: 12)، وقال عن موسى -عليه السلام-: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (القصص: 14)، وقال عن يوسف -عليه السلام-، {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} (يوسف: 22). السعادة قرينة الهداية ![]() أخطاء شائعة يرتكبها الشباب
وقفات مع الشباب
__________________
|
#108
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1261 الفرقان وصايا وواجبات في حق الشباب على الشاب المسلم أن يعرف دينه، ويتفقه فيه ويمثل الإسلام في سلوكه وعمله، وأن يسخر ما أودعه الله فيه من قوة ونشاط في خدمة هذا الدين.
حتى تستقيم لك نفسك اعلم أيها الشاب أن نفسك لن تستقيم لك حتى تصبر على مشقة فعل الطاعة وترك المعصية، وأن تملأ فراغك بالمفيد النافع، وأن تتجنب الحرام؛ فإن في الحلال غنية عن غيره، وعاقبة الحرام وخيمة، وأن تكون حريصًا على اختيار الصحبة الصالحة فـــ «الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِلْ» كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد قيل: الصاحب ساحب، والصاحب الفاسد يدل على الشر، ويمنع من الخير ويزين المعصية ويقود إليها. أيها الشباب احذروا التدخين! التدخين آفة قاتلة ومدمرة للشباب، فالله -تعالى- قد أحل لنا كل طيب وحرم علينا كل مضر وخبيث قال -تعالى-: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخبائث} (الأعراف:157)؛ فالتدخين من الخبائث التي لها تأثيرها السيئ على صحة الإنسان وعلى حياته؛ فهو يؤدي إلى أمراض فتاكة ومدمرة، كما أنه مدخل لما هو أسوأ منه من الإدمان وغيره، والمبتلى به يفقد توازنه ويختل تفكيره، ولا يمكنه من إقامة علاقات طيبة مع الآخرين، ولا حتى مع نفسه، مما يتسبب في سيطرة الفوضى على حياته، وعدم التكيف وسوء التوافق والتواؤم الاجتماعي على سلوكياته، وكل مجريات حياته، كما أن له أضرارا دينية ونفسية واجتماعية لا حصر لها. الشباب عماد الأمة وأملها النابض الشباب هم عماد الأمة وأملها النابض، ومستقبلها الزاهر المشرق، وهم عصب الحياة وطاقاتها الفتية، ولقد اهتم الإسلام بالشباب اهتماما كبيرًا، وحث على تربيتهم تربية سليمة، وحذر من الأخطاء التي من الممكن أن يقع فيها الشباب، بسبب الغفلة وقلة الوعي، والبعد عن العقيدة الصحيحة؛ بسبب كثرة الفتن والشهوات والشبهات. عشرون خصلة: عشر مذمومة، وعشر محمودة ![]() الخوف من سلب التوحيد قال الشيخ عبدالرزاق عبدالمحسن البدر: التوحيد أغلى شيء وأنفسه في هذه الدنيا، ولئن كان أرباب كنوز الدنيا يخافون عليها الضياع والسلب، فإنَّ خوف أهل التوحيد على توحيدهم أعظم من ذلك وأشد، ولئن كان خوف أرباب الدنيا يعظم عندما يكثر السلب والنهب، فإنَّ خوف أهل التوحيد يزداد عندما تكثر الفتن والصوارف والصواد وما أكثرها في هذا الزمان! ![]() جماع الخلق الحسن قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «جماع الخلق الحسن مع الناس أن تصل من قطعك بالسلام والإكرام والدعاء له والاستغفار والثناء عليه والزيارة له، وتعطي من حرمك من التعليم والمنفعة والمال، وتعفو عمن ظلمك في دم أو مال أو عرض، وبعض هذا واجب وبعضه مستحب». بر الوالدين وظيفة العمر للشاب المسلم بر الوالدين فرض عين وقربة وعبادة، والإحسان إليهما هو وظيفة الشاب المسلم: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}، وصلة الرحم بركة في الرزق ومنسأة في الأثر قال - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ». أيها الشباب احذروا الفراغ! من أخطر المشكلات التي تواجه الشباب مشكلة الفراغ، فكثير من الشباب لا يدرك قيمة الوقت ولا أهميته، ولا يعرف أنه سوف يحاسب يوم القيامة وسوف يسأل عن كل دقيقة من عمره، فالوقت هو الحياة، والعاقل هو من يتعامل مع وقت فراغه كما يتعامل مع عدو ألد يتربص به في كل حين، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ». من جواهر الكلام عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: «لَا يَرْجُو عَبْدٌ إِلَّا رَبَّهُ، وَلَا يَخَافَنَّ إِلَّا ذنبه» قال ابن تيمية -رحمه الله-: هذه الكلمة من جواهر الكلام ومن أحسنه وأبلغه وأتمه؛ فالعبد إنما يصيبه الشر بسبب ذنوبه، ولا يجتمع هذان الوصفان إلا لعبد موفق لنيل ما يرجو والأمنةِ مما يحذر؛ عن أنس - رضي الله عنه - «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟، قَالَ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ».
__________________
|
#109
|
||||
|
||||
![]() تحت العشرين -1262 الفرقان الرسول - صلى الله عليه وسلم - الأسوة الحسنة للمؤمنين القدوة الحسنة هو الذي يتمثل الإسلام في واقعه، ويطبق أحكامه في حياته اليومية، وقدوة المسلمين الأول هو أشرف الخلق نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال -تعالى-: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ}. حيث نقتدي به في أقواله وأفعاله وصفاته، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم - سيِّد المرسلين، وأشرف النبيِّين، وخيرُ الهُداة والمرشدين، وأعظمُ الدعاة والمصلحين، وهو الأُسوة الحسنة للمؤمنين بالله واليوم الآخر، ولابُدَّ لِمَن يريد التأسِّيَ واتِّباعَ الرسول وطاعتَه، لابُدَّ له من أن يَعرِف تلك السيرةَ العَطِرة التي تناقلتْها الأجيالُ معجبةً بحياة صاحبها -صلى الله عليه وسلم -، وأن يُلِمَّ بجوانبِ هذه السيرةِ المُطهَّرة، التي جمعتْ أقوالَه وأفعالَه وتقريراتِه، وممَّا يحِقُّ لنا أن نفخر به، أنَّ هذه السِّيرة قد دُوِّنَت كاملةً، ووصلت إلينا شاملةً لم تدَعْ جانبًا من جوانب حياته -صلى الله عليه وسلم - دون أن تسجِّلها، كما نقل أصحابُ محمد -صلى الله عليه وسلم - وزوجاتُه -رضي الله عنهنَّ- تلك الأخبارَ الكريمة، نقلوها فدوَّنها العلماءُ في كتب السُّنة والسيرة، وأذاعوها بين الناس، وإن التأسِّي بالرسول واتِّباعه وطاعته أمرٌ واجب، يجب على المسلم أن يقوم به، وإنَّه لشرفٌ عظيمٌ لهذه الأمَّة المسلمة ولا سيما الشباب أن يكون سيِّدُ الخلق وأكمل البشر -صلى الله عليه وسلم - قدوتَها وإمامَها. صفات القُدوات قال ابن القيم -رحمه الله في الكلام على قوله تعالى-: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الكهف: 28)، «فإذا أراد العبد أن يقتدي برجل فلينظر: هل هو من أهل الذكر أو هو من الغافلين؟ وهل الحاكم عليه الهوى أو الوحي؟ فإن كان الحاكم عليه هو الهوى، وهو من أهل الغفلة، وأمره فرط لم يقتد به ولم يتبعه، فإنه يقوده إلى الهلاك، ومعنى الفرط قد فسّر بالتضييع، أي: أمره الذي يجب أن يلزمه ويقوم به، وبه رشده وفلاحه ضائع قد فرط فيه. من أخطاء الشباب التسرع في اتخاذ القرارات الوصف: كثيرًا ما يتسرع الشباب في اتخاذ قرارات مهمة دون التفكير بعمق في العواقب. الحل: من المهم تعلم التفكير النقدي والتحليل الجيد قبل اتخاذ أي قرار مصيري. اختيار القدوة من أهم القرارات دين الإسلام دين القدوات العظام، وأعظم قدوة في الإسلام هم الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وفي مقدمتهم نبينا وقدوتنا وأسوتنا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضوان الله عليهم- ثم من تبعهم بإحسان، ولا شك أن اختيار القدوة من أهم القرارات التي تؤثر على حياة الشباب؛ فالقدوة هي مرآة للقيم التي نسعى لتجسيدها في حياتنا، ودليل عملي لتحقيق الطموحات، إنها نموذج مُلهم يدفع الآخرين للسير على خطاها. مقومات القدوة الصالحة وجود القدوة الصالحة في المجتمع يُعد ركيزة أساسية للتقدم؛ فالقدوة تُعلّم القيم الإيجابية، وتساعد على تقوية العلاقات الاجتماعية؛ لذلك فإن القدوة الصالحة لابد أن تتميز بعدد من الصفات أهمها ما يلي: - الأخلاق العالية والالتزام بالقيم: تعد الأخلاق السامية أساس أي قدوة؛ فالشخص الذي يتسم بالنزاهة والصدق والإحسان في تعامله مع الآخرين يترك تأثيرًا عميقًا في نفوسهم. - العمل الجاد والاجتهاد: القدوة الحقيقية هو من يعمل بجد لتحقيق أهدافه وطموحاته دون أن يتخلى عن مبادئه. - التواضع واحترام الآخرين: الشخص القدوة يتحلى بالتواضع، ولا يتعالى على الآخرين مهما بلغ من المكانة أو النجاح. - العلم والمعرفة: يجب أن يكون القدوة على دراية واسعة في مجالاته؛ فامتلاك العلم والمعرفة يمكنه من إلهام الآخرين ويشجعهم على طلب العلم والتطور. - القدرة على التأثير الإيجابي في المجتمع: تمتلك القدوة الحقيقية القدرة على تحفيز الآخرين وإلهامهم لتبني سلوكيات إيجابية، مثل: التعاون، والتسامح، والكرم، وهذا التأثير ليس بالضرورة بالكلمات فقط، بل بالأفعال التي تُظهر هذه القيم بوضوح. - الثبات أمام التحديات: الحياة مليئة بالصعاب، والقدوة هو من يواجه التحديات بشجاعة وثبات، وقدرته على التعامل مع المواقف الصعبة تعطي الآخرين درسًا في القوة والإصرار، وتجعلهم يدركون أن النجاح يتطلب التحلي بالصبر والروح ذات الهمة العالية. من مظاهر زكاة النفس ![]() لا تخاطر بدينك! ![]() لماذا يحتاج الشباب إلى القدوة؟ إن القدوة الحسنة هي الشخصية التي يستلهم منها الشباب قيمهم، وأخلاقهم، وأفكارهم، وحاجتهم إلى القدوة أصبحت شديدة ولا سيما في هذا الزمان الذي طغت فيه وسائل التواصل؛ حيث ظهر للناس قدوات سيئة تأثر بها الشباب من البنين والبنات؛ حيث اهتمت بسفاسف الأمور، وتعدت إلى رذائل الأخلاق، وتجاوزت حدود الأدب والشرع فيما هو معلوم ومشاهد، وواجب الشباب اليوم الحذر الشديد من هذه القدوات السيئة، وأن يفرقوا بين القدوة الحسنة والسيئة، ليكونوا -بإذن الله- بناة خير لدينهم، وينفع الله بهم أسرتهم ومجتمعهم ووطنهم. العناية بالدنيا مثل الآخرة لم يأمر الإسلام أتباعه بالتنسك أو الرهبنة وترك السّعي أو العمل والإصلاح وتعمير الدنيا، أو ترك ما أحله الله للإنسان من متع في هذه الدنيا، بل جاءت توجيهات قرآنية تحض المسلم على الأخذ بنصيبه من الدنيا مع إخلاص النية لله؛ حتى تتحول العادات إلى عبادات؛ فينال عليها المسلم الأجر والثواب، قال -تعالى-: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ} (القصص:77)، وهو ما يجب أن يدركه كل شاب مسلم، فمع حرصه على تعلّم العلوم الشرعية يحرص على تعلّم باقي العلوم التي تَعُود عليه وعلى أمته بالنفع والتقدم ومنافسة باقي الأمم حتى لا تظل الأمة الإسلامية في ذيل الأمم، وكما يحرص على القيام لله والخشوع والتهجد والاجتهاد في العبادة يحرص على العمل وإعمار الأرض والتمتع بما وهبه الله من نعم في الحلال، ونشر البهجة والسعادة على قلوب الناس.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 6 ( الأعضاء 0 والزوار 6) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |