شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي - الصفحة 62 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4975 - عددالزوار : 2093109 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4554 - عددالزوار : 1368058 )           »          لا يصح جمع قضاء رمضان مع ست شوال بنية واحدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          What is the ruling on one who discloses secrets ما حكم من يفشي الأسرار ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ما حكم من يفشي الأسرار ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          " استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان " معناه وصحته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          متى يبدأ المسلم صيام ستة من شوال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          $ هل يحصل الفضل لمن صام ثلاث من الست من شوال مع البيض بنية واحدة ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ماعلاج البقع الحمراء مع انتفاخ على الرقبة والأكتاف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          أعاني من ثقل بالساقين وألم مبرح يمتد إلى قدمي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #611  
قديم 14-08-2025, 11:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,948
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي





الذب عن أعراض المسلمين وحرمة الطعن فيهم
والوصية الأخيرة التي ينبغي أن يوصى بها وهي عبرة تنبني على هذه المسألة: أن الوعيد الشديد ثابت في كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم باللعنات والدركات والعذاب الشديد في الحياة وبعد الممات لمن تكلم في أعراض المسلمين، وإذا كان هذا في العرض فقط، فما بالك بمن يتكلم في عقيدة الإنسان أو يتكلم في فكر الإنسان؟ الأمر أشد، والعرض أهون من الاعتقاد، وهذا لا يعني أن يتساهل الإنسان مع أهل الزيغ والضلال إنما المراد أن يتأكد وأن يتحفظ فيما يقوله.
ولنعلم أن الله عز وجل لم يحل للمسلم أن يستطيل على عرض أخيه المسلم، وأن الله لا يرضى الباطل ولا يرضى الزور ولا يرضى البهتان، وأن ينزل نفسه منزلة من يتكلم فيه، وألا يقبل لنفسه ولا لمتكلم ولا سامع أن ينقل إليه عن أحد -خاصة إذا كان من الدعاة أو الأخيار أو الصالحين- تهمة أو لمزة أو شيء من هذا، بل عليه أن ينصحه بأن يتقي الله عز وجل، ولذلك ضرب الصحابة رضوان الله عليهم أروع الأمثلة في الذب عن أعراض المسلمين، حتى أن الله سبحانه وتعالى أشاد بهذا، فـ أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه وأرضاه له موقف مع أم أيوب حينما وقعت حادثة الإفك، قال الله: {ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا} [النور:12] ، وهذه الآية نزلت في أبي أيوب وأم أيوب لما بلغهم خبر اتهام عائشة رضي الله عنها، فبرءاها واستبعدا ذلك منها ورفعاها رضي الله عنهما، وهي أهل لذلك، وبعيدة عن تلك التهمة، فيقول الله عز وجل: (ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم) ، فقال: ظن المؤمنون، فوصفهم بأنهم أهل إيمان؛ فلا تجد شخصا يبرئ سمعه ويبرئ لسانه عن أعراض المسلمين وعن الطعن في الناس إلا وفيه إيمان يردعه ويزجره، وفيه خوف من الله سبحانه وتعالى، ولا يصلح سلوك الإنسان وتصرفاته شيء مثل: الخوف من الله عز وجل ومراقبة الله سبحانه وتعالى والإنصاف والعدل؛ لأن الشخص الذي كما لا يحب أن يظلم فلا يظلم الناس، فتجد الشخص الذي يخاف أن يرتكب حدا من حدود الله عز وجل لا يقع في إخوانه المسلمين، فلا يأذن لسمعه ولا يأذن للسانه أن يستبيح أعراض المسلمين، قال الله تعالى: (ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم) ، وما قال: بإخوانهم، وإنما قال: بأنفسهم، فنزل أخاك المسلم منزلة نفسك التي بين جنبيك، ومعنى: بأنفسهم في قول جماهير المفسرين: بإخوانهم، كما قال تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} [النساء:29] ، أي: لا تقتلوا إخوانكم، وانظر إلى جمال القرآن وعلو هذا الأسلوب الرباني المنزل من لدن حكيم خبير: {الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير} [هود:1] ، قال الله: {ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين} [النور:12] ، فنزهوها رضي الله عنها وقالوا: سبحانك؛ وهذا شيء من الخوف من الله سبحانه وتعالى والمراقبة لله عز وجل.
فالواجب على كل مؤمن فضلا عن طالب علم، فضلا عن قدوة، أن ينزه نفسه عن الوقيعة في إخوانه المسلمين، ولا يشعر المرء أن الناس مراتب فيحتقر بعضهم؛ فقد يكون الشخص الذي تراه أشعث أغبر ذي طمرين ليس معروفا في نسبه وليس عنده وظيفة ويكون ضعيفا فقيرا لكنه عند الله أمة: (رب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره) ، وقد يتكلم الشخص بعدل في عقيدة مبتدع أو فكره أو منهجه، ولا نقول: لا تتكلم فيمن يستحق، لكن الشريعة وضعت لذلك موازين صحيحة ثابتة قال تعالى: {وإذا قلتم فاعدلوا} [الأنعام:152] ، العدل أمر الله عز وجل به، وكان أئمة السلف يضربون فيه أروع الأمثلة، وكان بعض أئمة الجرح والتعديل يتكلم في الرجال فمر أحد العلماء رحمهم الله عليه، وهو يتكلم في تراجم الرجال، فقال له: اتق الله فلربما تكلمت في أقوام قد حطوا رحالهم في الجنة، فأجهش هذا الإمام الحافظ الذي يتكلم في الرجال بالبكاء من هول هذه الكلمة! وما قال له: أنت عدو للسنة، بل كانت قلوبهم ترجف من الخوف؛ ولذلك يقولون: لا يقبل الجرح والتعديل إلا من العدل الذي يعرف بالعدالة والاستقامة، الأمين الذي عنده أمانة فلا يخون الأمة، ومع ذلك يكون خائفا من الله عز وجل ويتمنى أنه لو كفي هذا الأمر، ولولا أنه مضطر لما تكلم فيه، فلا يتكلم تشهيا ولا شهرة، ولا يتكلم عن غرض، ولا يتكلم عن حقد، ولا عن حسد، فهذه موازين عامة ينبغي مراعاتها في كل عصر وزمان ومكان؛ لأن واجبنا كطلاب علم وأهل علم أن نبين للناس هذا خاصة في هذا الزمان الذي تساهل فيه عامتهم وخاصتهم، وهذا إذا كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم فمن باب أولى في غيره.
فعلى كل حال: على الناس أن يتقوا الله عز وجل، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال له معاذ: (أو إنا مؤاخذون يا رسول الله! بما نقول؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) ؟! حتى العيب إذا رأيته من أخيك المسلم مندوب لك أن تستره، فأول ما ترى العورة من أخيك المسلم فاعلم أنك ممتحن وأنك مبتلى من الله عز وجل، فالله عز وجل يبتليك بهذا الشيء، جيء بـ حاطب بن أبي بلتعة عندما ارتكب خيانة عظمى، حيث كتب إلى قريش بأن محمدا يريد غزوكم، حتى تستعد قريش قبل أن يأتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا يسمى: الخيانة العظمى، حيث يفشو سر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويكتب لأعداء الله عز وجل من المشركين، أي ذنب بالنسبة للمسلم حينما يوالي أعداء الله إلى هذه الدرجة؟ فلما كتب ما كتب وبعث بالكتاب، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه، فلحق بالمرأة ووجد معها الكتاب، قال: ما هذا يا حاطب؟ فقال: يا رسول الله! إن لي ولدا وأهلا فأحببت أن تكون لي يدا عليهم أحميهم بها، يعني: ما فعلت هذا حقدا على الإسلام والمسلمين، انظروا كيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل عن عذره، مع أن الذنب واضح، والخطيئة واضحة، والجريمة عظيمة، والله ينزل فيها قرآنا من فوق سبع سماوات، مع أن القوم مشركون كافرون بالله عز وجل وبرسوله صلى الله عليه وسلم، فكاتب قريشا، وهي ستتخذ الحيطة وستقتل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أمر ليس سهلا حتى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (يا رسول الله! دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال: دعه يا عمر! ما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) ! وأنت ما يدريك أن هذا العالم والإمام الذي تتكلم فيه كانت بينه وبين الله مواقف صدق، وقد يكون الله غفر له ذنوبه.
ونزله منازل ما تخطر له على بال! على الإنسان أن يتقي الله وأن يتورع، وأن يحرص كل الحرص على أن يزم نفسه بزمام التقوى، وليعلم كل إنسان أن أي ناصح وعالم وخطيب ومذكر إذا ذكر الناس وقال لهم: اتقوا الله فيما تقولون في إخوانكم المسلمين، فإنه ما قال شيئا من عنده، بل كلها من نصوص الكتاب والسنة، وكل أمر بالتقوى يتضمن أن يتقي المسلم أول ما يتقي ما بينه وبين الله ثم يتقي ما بينه وبين الناس؛ ولذلك قيل: (يا رسول الله! من المسلم؟ قال: من سلم المسلمون من يده ولسانه) ، فهذه نصوص الكتاب والسنة تحذر من هذا البلاء العظيم، وحينما نذكر قضية القذف والخيانة الزوجية؛ نذكر بما هو أعظم منها وأولى بالتأكيد عليه، وجماع الخير كله تقوى الله عز وجل، وأن يعلم كل مسلم أن الله رضي له العبودية والإيمان والنصيحة والبر والإحسان، وكره إلى قلبه الكفر وعبادة الأوثان، وكره إلى قلبه الفواحش ما ظهر منها وما بطن، سواء كان في اللسان أو الجنان أو الجوارح والأركان حتى يكون من أولياء الله السعداء، وليعلم كل إنسان أن هذه الدنيا بساعاتها ولحظاتها سيقضي منها ما كتب الله له أن يقضي، فإما أن يعيش عفيفا عن أعراض المسلمين فيعيش حميدا، ويموت سعيدا، ويبعث يوم القيامة وهو لا يحمل تبعة مسلم، ولا يحاسب بين يدي الله عن مسلم تكلم فيه، وإما أن يطلق لنفسه العنان فتكون منه زلات الجوارح واللسان والأركان، وعندها سيقف بين يدي العظيم الديان، حين لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وتنشر له كلماته، ويرى أمام عينيه عباراته، ويقال له: {اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا} [الإسراء:14] ، ويندم حين لا ينفع الندم، فيؤخذ من حسناته، فإذا فنيت منه الحسنات أخذ من سيئات صاحبه ثم طرحت عليه فيكون مصيره إلى النار، قال صلى الله عليه وسلم: (أتدرون من المفلس؟ المفلس من يأتي يوم القيامة وقد شتم هذا، وأكل مال هذا، فيؤخذ من حسناته على قدر مظلمته، حتى إذا فنيت حسناته أمر بسيئات صاحبه فطرحت عليه ثم أمر به فطرح في النار) ، فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعصمنا من الزلل، وأن يوفقنا في القول والعمل! وأختم هذه الوصية: بأن الأمر لا يختص بنا، وأرى أنه من الواجب أن نربي أبناءنا منذ الصغر على العفة، فينبغي أن نحافظ على أولادنا وذرياتنا، فإن الخير في المجتمع والمحافظة على الحقوق لا يمكن أن ينتشر إلا بإصلاح الذريات، والعناية بالنشأة الصالحة، وعلى كل والد في بيته أن يعود أولاده ألا يتكلموا في أعراض الناس، وأن يرسموا المنهج السديد في حفظ عورات المسلمين، وألا يرضى لابنه يوما من الأيام أن يأتيه بكلمة فيها لمزة لجاره أو لأخيه أو لقريبه حتى الأولاد بعضهم مع بعض يعودهم ألا يتكلم بعضهم في بعض، ولا يعودهم الوشاية ونقل الحديث، حتى ينشأ الطفل على سلامة وبراءة وطهر وعفة، وكذلك يرسم له المنهج في النصيحة والتذكير، بأن يكون لهم خير قدوة،
الأسئلة




اللعان يوجب الفراق المؤبد بين الزوجين
السؤال هل يفتقر اللعان إلى طلاق أم أنه طلاق بائن؟
الجواب باسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على خير خلق الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد: فإذا لاعن الرجل امرأته وحلفت المرأة الأيمان فيفرق بين المتلاعنين فراقا أبديا لا يجتمعان بعده أبدا، قال سهل رضي الله عنه كما في الصحيحين: (مضت السنة عن رسول صلى الله عليه وسلم أن يفرق بين المتلاعنين فلا يجتمعان أبدا) ، ولما لاعن عويمر، ولذلك عويمر امرأته، وحلفت المرأة قال: (يا رسول الله! كذبت عليها إن أمسكتها، هي طالق ثلاثا) ، فطلقها بالثلاث في كلمة واحدة في مجلس واحد، وهذا الذي جعل الشافعي رحمه الله يقول: إن طلاق الثلاث بلفظ واحد سنة؛ لأنه ثبت كما في الصحيح أنه طلقها ثلاثا بلفظ واحد، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم، والصحيح أنه بدعة كما تقدم معنا في مسائل الطلاق؛ فالطلاق وقع من عويمر، لكن بدون إذن من النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلقها، فوقع الطلاق منه رضي الله عنه حمية وتأكيدا على أنه صادق، ولا يريد أن تبقى معه هذه المرأة، لكن السنة أن يفرق بينهما، فليس هناك طلاق، بل يفرق بينهما فراقا أبديا، والله تعالى أعلم.
الطريقة المثلى لمن رأى في بيت جاره ما يريبه
السؤال أحيانا يرى الجار ما يريبه في بيت جاره، فهل له أن يخبر جاره أم الأفضل أن يسكت؟
الجواب لابد أن يؤخذ في الاعتبار فقه الفتوى فليس كل سؤال يجاب عنه، فما هي هذه الأمور المريبة؟ وما هي الضوابط المحددة التي يمكن أن يعرف فيها أن التهمة قوية أو ضعيفة؟ فصعب جدا أن تضع ضابطا من الشريعة، فالشريعة لم تضع ضابطا معينا للمتردد على البيت أو أحوال البيوت بحيث يحكم أن هناك تهما قوية أو ضعيفة؛ لكن المنبغي على أهل العلم وأهل الفتوى أن يجيبوا في مثل هذا على كل سؤال بعينه، فالشخص الذي يرى شيئا من ذلك عليه أن يتصل بعالم، فينبغي عليه أول شيء أن يرجع إلى العلماء، وإذا سئل العالم ودرس الموضوع فيستطيع أن يحكم على هذا الأمر، فقد تقع أمور مريبة منها ما يمكن التحقق فيه، ومنها ما لا يمكن التحقق فيه، فما يمكن التحقق فيه مثل أن تكون المرأة من الأقرباء بحيث يستطيع أن يتصل عليها ويسألها: من هذا الذي يدخل البيت؟ فقالت: هذا عامل يأتي ويفعل كذا وكذا، ويعلم سبب الدخول على المرأة، ويجد أن الأمر ليس فيه أي ريبة، ولا يمكنه قطع الشك باليقين، وفي بعض الأحيان يستطيع أن يتأكد هو بنفسه، مثل أن يرى الشيء ويسهل الاطلاع عليه دون أن يسألها ودون أن يتحرى من الغير، فهذه الأمور ينبغي على العالم حينما يأتيه السائل أن يسأله: ما الذي رآه؟ وما حدود التهمة فيما رآه؟ ثم النساء يختلفن؛ فمن النساء من يعرف لهن قدم سابقة في الخير والصلاح والبر والبراءة والغفلة والبعد عن الحرام، وبعض الأحيان لا يخشى من المرأة لكن يخشى من الرجل نفسه، فالفساد في الرجل أكثر من المرأة، وفي بعض الأحيان العكس، فتكون المرأة فاسدة والرجل دين صالح، يدعى لعمل أو أمر ما والزوجة متساهلة، فهناك أمور تحتاج إلى دراسة، فمن فقه الفتوى أن الأمور التي تحتاج إلى نظر لا يفتى فيها بالقواعد العامة؛ لأن الناس حتى طلاب العلم تختلف أفهامهم، فلو أعطيت فيها قواعد عامة لفسرها كل شخص على حدود فهمه، وهذا يسمى بفقه الفتوى، فعلى العلماء وطلاب العلم والخطباء أن يوجهوا الناس، ولا يضعوا في مثل هذه الأمور قواعد عامة، فالذي نعرفه عن أئمتنا ومشايخنا رحمة الله عليهم أنها تبحث كل مسألة على حدة، فإذا نظر فيها العالم أو الشيخ واستطاع أن يستبين وأن يتأكد من الأمر، فإن كان الأفضل الستر أمر به، وإذا رأى أن مثله لا يسكت عليه بل ينبغي عليه أن يطلع الزوج أمره فليخبر زوجها، وبعض الأحيان يكون الأسلم أن يخبر قرابتها ولا يخبر الزوج، حيث يكون في قرابتها من هو أعقل ومن هو أتقى لله عز وجل وأكثر محافظة من الزوج، وبعض الأحيان يكون ولدها أكثر صيانة لها وأكثر محافظة فيطلعه على الأمر، فكل هذه مسائل ينبغي أن ينظر فيها على حدة، ويعطى فيها الجواب بحسب أحوالها، والله تعالى أعلم.
حكم قضاء الصلاة لمن تركها متعمدا
السؤال من ترك الصلاة متعمدا هل عليه القضاء؟

الجواب هذه المسألة فيها خلاف مشهور، جمهور العلماء على أن ترك الصلاة متعمدا لا يوجب الكفر، وإذا كان لا يوجب الكفر فيجب عليه القضاء، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية رحمة الله عليهم، وذهب الحنابلة رحمة الله عليهم إلى أنه كافر، فعلى القول بكفره لا يقضي، وهذا الخلاف مشهور بين العلماء رحمهم الله، والصحيح الجمع بين النصوص فإذا ترك تركا كليا لا يقضي، وإذا صلى أحيانا وترك أحيانا فحديث عبادة يقوي أنه ليس بكافر، خاصة وأن قوله: (فمن تركها) ، يحمل على الترك الكلي، وحينئذ يجمع بين النصوص، والله تعالى أعلم.
كيفية زكاة من نسي إخراج زكاة ماله
السؤال من نسي أن يخرج زكاة ماله في وقت الحول ومضى على ذلك فترة، فكيف يخرج زكاة ماله؟
الجواب يجب عليه أن يخرج عن السنوات التي لم يخرج الزكاة فيها، واختلف العلماء في كيفية ذلك على قولين: منهم من يقول: يحسب السنة الأولى ويخرج منها الزكاة ثم يحسب زكاة السنة الثانية ويسقط قدر الزكاة التي أخرجها، ثم يحسب زكاة السنة الثالثة ويسقط قدر الزكاة من السنة الأولى والثانية، وهكذا، بمعنى: أنه يعفى عن المال الواجب في الزكاة فلا يزكه، ومن أهل العلم من قال: إنه يجب عليه أن يحسب المال تاما كاملا، ولا يسقط منه قدر الزكاة في السنوات السابقة، وهذا هو الصحيح فيما يظهر، والله تعالى أعلم.
المراد بفتنة المحيا والممات
السؤال ما معنى فتنة المحيا والممات؟
الجواب الفتنة تطلق بمعان عديدة، تطلق الفتنة بمعنى: العذاب، ومنه قوله تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا} [البروج:10] ، يعني: عذبوهم واضطهدوهم؛ لأن الآية في سياق أصحاب الأخدود الذين عذبوا أهل الأخدود من المؤمنين، وتطلق الفتنة بمعنى: الشرك، لقوله تعالى: {والفتنة أشد من القتل} [البقرة:191] ، يعني: الكفر والشرك بالله عز وجل، وتطلق الفتنة بمعنى: الصد عن سبيل الله عز وجل، وفتنة الناس عن دينهم وصدهم عن دينهم وإغوائهم بالضلالات أو الشهوات.
وفتنة المحيا هي: الأمور التي يبتلى بها الإنسان في دينه حال حياته، فما من مسلم ولا مؤمن يؤمن بالله واليوم الآخر إلا وابتلاه الله على قدر إيمانه، كما قال صلى الله عليه وسلم: (أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل) ، فدل على أنه لابد وأن يفتن المؤمن، ولذلك قال تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} [العنكبوت:2] ، أي: لا يختبرون ولا يمتحنون ولا يبتلون من الله عز وجل، قال تعالى: {وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين} [آل عمران:141] ، وقال: {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة} [الأنفال:42] ، وفتن الحياة التي تتعلق بالدين تنقسم إلى قسمين: القسم الأول: فتنة الشهوات، والقسم الثاني: فتنة الشبهات.
ففتنة الشهوات هي: الفتن التي يبتلى بها العبد في شهوته، فبعض العلماء يجعل الشهوة قاصرة على شهوة الفرج والبطن، وبعضهم يجعل الشهوة عامة حتى جعل من الشهوة: شهوة الحديث والكلام، ففتنة الشهوة دركات وبعضها أشد من بعض، فهناك مقاصد، وهناك وسائل، فعلى سبيل المثال: الزنا فتنة شهوة لكن هناك ما هو دون الزنا مما يفضي إلى الزنا، كالنظرة المحرمة، واللمس المحرم، والخلوة بالأجنبية، ومحادثة النساء، وإغرائهن، فقد تصير هذه الوسائل -في بعض الأحيان- بتكرارها وتعاطيها أعظم من الزنا نفسه، فمثلا شخص -والعياذ بالله- اعتاد أن يحادث النساء ويغريهن ويفسدهن، فلربما أغرى المرأة الواحدة فتصبح عاهرة حياتها كلها بسبب كلامه وإغرائه، فيحمل بين يدي الله وزرها ووزر إغرائها بالحرام، مع أنه ربما لو زنى -والعياذ بالله- لا يصل في الإثم إلى هذا الذي وصله بسبب تكرار هذه الوسائل، فالفتن إذا كانت في الشهوات فهي دركات تختلف بحسب اختلاف آثارها، وما تفضي إليه من غضب الله عز وجل وسخطه، وفتنة الشهوات تشمل فتنة محبة العلو على الناس والمناصب، فتجد الشخص -مثلا- في وظيفته مبتلى بحب الظهور والبروز، فيظلم من تحت يديه، ويظلم عماله، ويظلم المستخدمين، وبعض الأحيان تكون عنده فتنة شهوة المدح والثناء والإطراء، فيحب أن يجله الناس ويمجدوه وإن كذبوا في وصفه وتمجيده، فهذه كلها من فتنة الشهوات، وهذه من فتنة الحياة التي قد تفضي بالإنسان -والعياذ بالله- إلى سخط الله وغضبه، والذنب قد يكون بريدا إلى الكفر، وقد يكون صغيرا ويكون بريدا إلى الكفر، فلا يستهين الإنسان بالمعاصي، فإن الجبال تكون من دقائق الحصى، نسأل الله السلامة والعافية! ولذلك قال عبد الله بن عباس: (لا تنظر إلى المعصية، ولكن انظر إلى من عصيت) .
أما فتنة الشبهة فتكون في مسائل الدين نسأل الله السلامة والعافية! وأعظمها ما يكون في الاعتقاد من الشكوك في الله عز وجل، فيفتن الإنسان في توحيده وإخلاص العبادة لله عز وجل، ومن ذلك الرياء في الطاعات فتجد الإنسان -والعياذ بالله- يصلي ولا حظ له في صلاته ولا أجر ولا مثوبة؛ لأنه صلى للناس، ويطلب العلم وهو يريد أمرا من الدنيا فيذهب أجره، وهذا من فتنته في دينه، فالفتنة أنواع ودركات مهلكات، نسأل الله السلامة والعافية! ولذلك كان من سنته عليه الصلاة والسلام الاستعاذة بالله عز وجل من فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المحيا -كما يقولون-: طول العمر حتى يرى الإنسان ما لا يسره ويسمع ما يسوءه، قال الشاعر: يا رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه فكم من إنسان رأى شهوات ورأى معاصي ورأى منكرات فمد له في عمره إلى زمان بكى على الذي قبله، وقد قال صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح مسلم-: (ما من زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تقوم الساعة) ، فمن فتنة المحيا أن يزاد في عمر الإنسان ولا يزال يتهاوى في المعاصي والمحرمات، فيزيده طول العمر معصية لله، وبعدا عن الله عز وجل، وهذا هو الذي عناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (شركم من طال عمره وساء عمله) .
وأما فتنة الممات فإن الإنسان يفتن عند موته حتى أن الشيطان ربما استزله عند موته فختم له بخاتمة سيئة، ولذلك خاف العلماء والصالحون والأتقياء من سوء الخواتم، نسأل الله حسن الخاتمة! نسأل الله الثبات عند الممات! استعيذوا بالله من الفتن خاصة في سكرات الموت عندما يوقن الفاجر، ويؤمن الكافر، ويزلزل العبد فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، ويرزقهم الله عز وجل القوة واليقين، وليس هناك فيصل في هذه الدنيا أصدق من فصل الخاتمة، فهي التي تفصل بين الناس، فالسعيد يرى خاتمة السعداء: {يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبدا} [التوبة:21 - 22] ، فولي الله المؤمن أسعد لحظة له وأعز ساعة عنده؛ إذا دنت سكرته وحانت قيامته وأوذن بالرحيل من هذه الدنيا، فليس هناك ساعة أسعد عنده من تلك الساعة، حتى أنه لو خير بين الرجوع إلى أهله وبين الإقبال على ربه لاختار ما عند الله عز وجل على أهله وولده؛ من عظيم ما يجد عند الله سبحانه وتعالى من البشائر الطيبة؛ لأن الله يثبت بها المؤمنين؛ ولذلك تجد القصص العجيبة للأخيار عند الموت، فتجد الشخص منهم يتهلل وجهه ويشرق جبينه ويصبح كأنه صفحة من قمر أو كالشمس! ولقد رأينا ذلك في الرجال والنساء، وتجد منهم الأمر العجيب جدا من الثبات والسلوى والبشائر الطيبة حتى أنك ربما جلست جواره وهو ميت وأنت لا تحس أنك بجوار ميت! ليس فيه وحشة الأموات، والسبب حسن الخاتمة التي من الله عز وجل عليه بها.
وقد يزلزل الإنسان عند الموت -والعياذ بالله- ولذلك تجد عبدة المال يزلزلون عند الموت، وتجد الشخص منهم قدمه في الآخرة وروحه في الدنيا حاملا هم المال وهم التجارة وكيف يخرج من هذه الدنيا! وكيف يخرج من شهواتها! لأنه عمر الدنيا وخرب الآخرة، فلا يحب أن ينتقل من عمار إلى خراب، فتجده مزلزلا مشتتا فإذا حانت قيامته ودنت سكرته فإذا به لا يعرف ما الذي يقول وما الذي يفعل! وإذا بكلامه يتغير، وإذا بصفحات وجهه تبدي ما في مكنون قلبه نسأل الله السلامة والعافية! وأشد الناس فتنة عند الموت الذين في قلوبهم مرض وهم أهل الزيغ في العقائد، وهؤلاء الذين يستهزئون بالدين، ويستهزئون بالصالحين ويغضبون الله سبحانه وتعالى بالكلام في حرماته العظيمة، ولذلك فإن الذي يسب الدين ويسب الله عز وجل لا يؤمن عليه من سوء الخاتمة، ومن يتهكم ويسخر من القرآن أو يسخر من النبي صلى الله عليه وسلم فينتظر لهم الخاتمة السيئة وحينها سيعلم هؤلاء جزاؤهم؛ لأن الله يقول: {وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} [الشعراء:227] ، وسيعلمون عاقبة الكلام في الصالحين، وقد ذكرنا قصة الكاتب المشهور أبي رية الذي كان ينتقص أبا هريرة رضي الله عنه، ويتكلم فيه، قال بعض العلماء: لما سافرت نزلت إلى بلده، فشاء الله أني عزمت على زيارته في عصر ذلك اليوم لأجل أن أناقشه، فدخلت عليه وهو، في سكرات الموت، قال: وكان الرجل أبيض الوجه فإذا به قد اسود وجهه! وإذا هو في أشد الأحوال، وروحه ضيقة، ويلتقط أنفاسه بصعوبة شديدة، وهو يصيح ويقول: آه أبو هريرة، آه أبو هريرة، آه أبو هريرة، حتى فاضت روحه! فالكلام في الصالحين والعلماء والأخيار والاستهزاء بأهل الطاعة، وكذلك سب الدين والسخرية من الدين؛ عواقبه وخيمة ذكر والدي رحمه الله أنه جاء مسافرون وأقبلوا على المدينة، وكانوا بحذاء وادي العقيق، فقال رجل: وصلنا المدينة، فقال رجل من الصالحين للمتكلم: قل: إن شاء الله، فقال ذلك الشقي: وإن لم يشأ! جرأة على الله عز وجل، قال: فما جاوزوا العقيق حتى انعطفت بهم السيارة فكان أول من دقت رقبته هذا الكافر، الذي رد على ربه المشيئة وقال: وإن لم يشأ سنصلها، فمثل ذلك عواقبه وخيمة، ولذلك لا يبتلى الإنسان بفتنة في الموت أشد من سوء المعتقد والمرض في القلب، قال بعض العلماء رحمهم الله: لا تعرف سوء الخاتمة لمن صلحت عقيدته، فمن كان صالح المعتقد يعيش في هذه الحياة قوي الإيمان بالله مخلصا لله عز وجل.
ودائما على الإنسان أن يعود نفسه أن يكون مع الله عز وجل، فيخلص له العمل كله، فيتكلم لله ويعمل لله ويعطي لله ويفعل كل شيء لله، فإذا صارت أموره كلها لله عز وجل ثبت الله قلبه عند الموت.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعل أسعد اللحظات وأعزها عند المصير إليه، وأن يرحمنا برحمته، وأن يعمنا بواسع مغفرته، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.70 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.99 كيلو بايت... تم توفير 1.70 كيلو بايت...بمعدل (2.44%)]