مشكلات التربية في مرحلة الطفولة - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4888 - عددالزوار : 1902110 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4457 - عددالزوار : 1225139 )           »          الفرح بالعيد مشاعر تتجدد وأمل يتجلى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          صفة النحر والذبح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          كل الأحاديث الصحيحة في دعاء يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          الذكر والدعاء في يوم عرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          عيد الأضحى آداب وأحكام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 206 )           »          وقفاتٌ إيمانية وتربوية مع العيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          مفهوم تعدد النيات في العمل الواحد: كيف تضاعف أجرك وثوابك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          طريقة عمل فتة العيد فى وقت قصير.. لو عندك عزومة ومفيش وقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > روضة أطفال الشفاء
التسجيل التعليمـــات التقويم

روضة أطفال الشفاء كل ما يختص ببراءة الأطفال من صور ومسابقات وقصص والعاب ترفيهية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 04-12-2024, 03:42 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,388
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة



مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (11) مشكلة العناد (6)









كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

العناد المرضي:

تكلمنا في المقال السابق عن مشكلة العناد، وبيَّنا أن منه المحمود، وهذا ينبغي أن يُربى عليه الطفل، ومنه المذموم، وهو نوعان: مشكِل ومرضي، وهذا ما سنعالجه في هذا المقال -إن شاء الله-.

علاج العناد المشكل:

- المقصود بالعناد المشكل: الذي إن تُرك بدون علاج سيمثِّل مشكلة فيما بعد للأسرة، وللمدرسين، بل وقد تمتد إلى عمله وحياته الزوجية فيما بعد، فتُطبع حياته بالعناد المستمر، وعدم المبالاة والاستهتار، والانصراف عن التعلُّم وعما ينفعه، وقد لا يتواءم مع حياته الاجتماعية فيما بعد، وقد تصل إلى مرضٍ نفسي وعقلي.

وعلاجه يكون بالخطوات التالية:

- الوقاية خير من العلاج؛ فعلى الأبوين الكريمين تربية ولدهما على الإيمان بالله -تعالى-، ومحبته، ومحبة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومحبة الصحابة -رضي الله عنهم-، وحب الصلاة، وحب القرآن، وأهمية حفظه، وتشجيعه على ذلك.

- لا بد من تربيته على الأخلاق الطيبة والآداب الحسنة، وأهمية الطاعة للأبوين في المعروف، وأنه بذلك ينال محبة والديه، ومِن ثَمَّ محبة الله -تعالى-؛ لأن رضا الوالدين من رضا الله -تعالى-؛ ذلك لأن الإيمان لازمه السكينة والطمأنينة، وانشراح الصدر وراحة البال.

- وأن يُبغض إليه خُلُق العناد، وأنه إن شبَّ به كرهه الناس ونفروا منه؛ بل لا بد من الطاعة في المعروف والصواب.

- ويُعلَّم أن كلَّ إنسان له خطأ وصواب؛ والممدوح مَن رجع إلى الصواب إذا تبيَّن له، والمذموم هو مَن يُصرّ على خطئه، ولا يرجع عنه.

- القدوة من الأبوين في ذلك: فلا يمكن أبدًا أن نربي الطفل علي الطاعة وعدم المعصية، والأم مثلًا تُظهر عصيانًا لزوجها، أو الأب يصر على الخطأ مع ظهور الصواب؛ فمتى يستقيم الظل والعود أعوج!

فما أعظم خلق الاعتذار إذا أخطأ الإنسان، ولو رأى الطفل هذه الصفة في أبويه كانت تربية عملية له، تنسف إن شاء الله خُلُق العناد المذموم.

- أهمية القصص الهادف الذي يحكيه الأبوان لطفلهما عن بر الوالدين، ومظاهر هذا البر، ومنه الطاعة لهما في المعروف، والتحذير من العقوق، ولا بأس بقصص الحيوانات التي عُقدتها: ذم العناد، وهذا أسلوب ناجح جدًّا، ويحبه الطفل، وهو من أحسن المداخل في التربية: التربية بالقصة الهادفة.

نحو ما في هذه الروابط:

- https://youtu.be/p5oIgN6OPf4

- https://www.tiflisaghir.com/2017/02/blog-post_17.html

- أهمية الحوار الهادف بين الأبوين وطفلهما، وأن تُترك الفرصة للطفل ليعبِّر عن رأيه، وأن يُساعَد على ذلك، حتى يتعوَّد إذا عبَّر عن رأيه أن يقويه بالحجج والبراهين، وأن يتصلَّب في الحق الذي يدعمه الدليل، ومِن خلال الحوار يتعرف على أسباب عناده، وبمعرفة السبب يسهل العلاج إن شاء الله.

- أهمية أن نمنحه فرصة الاستقلالية في قيامه بعمل مفيد، ونشجعه على ذلك؛ حتى يشعر بأهمية شخصيته، ولعل ذلك يسوقه نحو الانصياع والطاعة.

- ماذا نفعل إذا كان الطفل في عنادٍ وانفعالٍ شديدٍ؟

أولًا: لا بد وأن نُهدئ من روعه، ونذهب عنه غضبه مع الصبر والتأني، والحديث معه بحب ودفء؛ فالطفل يرفض اللهجة الجافة، ويتقبل الرجاء.

وقد أثبتت التجارب العملية أن الطفل بمثل هذا التعامل يميل إلى السكون والطاعة، ثم ينبغي أن يُكافئ عندما يترك أسلوبه السلبي.

ثانيًا: إذا فشلت الجهود السلمية؛ فلا بد من أسلوب الإنذار، والتلويح بالعقاب، ولا بد من تنفيذه هذا الأمر الذي غضب من أجله إذا كان صوابًا ونافعًا له، ولا تحملن العاطفة أو الخوف من غضبه ثانية إلى تركه؛ فهذا سيزيد في عناده؛ لأنه قد عَلِم أن غضبه كان سببًا في انصياع والديه لمطالبه، ومِن ثَمَّ عندما يذهب إلى المدرسة، وأراد التخلص من التكاليف؛ فإنه سيلجأ إلى أسلوب العناد، بل يصير ذلك طبعًا له عندما يشب ويتعامل مع الآخرين؛ فأي إصلاح يُرجَى لهذا الطفل بعد هذا؟!

- لا يصح الجمود على أسلوب لم يُفلح علاجًا مع الطفل؛ لأن الهدفَ هو صلاح الطفل واستقامته، لا كسره واعوجاجه.

ومن أساليب المعالجة: تجاهل الطفل وتركه؛ فإذا لجأ إلى الصراخ يُترك حتى ينتهي من صراخه، ولا يتدخل أحد لتهدئته، عندئذٍ يراجع نفسه، ويرجع إلى صوابه، ويعلم أن صراخه ليس طريقًا صحيحًا للوصول إلى ما يريد؛ فقد بيَّنت الدراسات والتجارب أن هذا التجاهل يفيد كثيرًا في تقويم سلوك العناد عند بعض الأطفال.

- بعض الدراسات تقول: إن العقاب الفوري مع بعض الأطفال يُفيد؛ لا سيما إذا جُرِّب معه من قبل: كالعقاب بالحرمان من نزهةٍ معينةٍ محببةٍ لنفسه، أو طعامٍ محبب، ونحو ذلك مما يحبه، وينبغي هنا ألا يتدخل أحد -خاصة الجَدين- في إشباع ما حُرِم منه الطفل عقابًا.


ولا ينبغي أن ينتهي الموقف دون حلٍّ، أو يؤجل إلى وقتٍ لاحقٍ؛ فإن الفائدة المرجوة منه ستنقطع؛ لأن الطفلَ سيشعر أنه قد رَبَح المعركة؛ مما يدفعه إلى تكراره، ويزيد في معصيته وعناده.

وللحديث بقية إن شاء الله.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 27-12-2024, 10:15 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,388
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (12)

مشكلة العناد (7)







كتبه/ عصام حسنين

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

- هناك قاعدة وضعها العلماء في معالجة العناد: "عناد الطفل لا يقاوم بعناد الكبار، بل بحوار دافئ عاجل".

- الحذر مِن تفضيل الوالدين بعض الأولاد على بعض؛ فهذا يُشعر الطفل بأنه مهمل ومنبوذ، وقد يُعبِّر عن ذلك بالعناد والعصيان لوالديه؛ جزاءً لهما على إهماله، أو جذب انتباههما نحوه.

- الخلافات الأسرية تساعد على الاضطراب النفسي للطفل، ويظهر ذلك في عناده في كل شيء.

- الإفراط في المحبة والحنان، والتساهل الزائد، وتلبية جميع رغباته تجعله يتصور والديه خادمين له، فإذا أُمر بأمر يرى فيه تقييدًا له؛ فإنه يسعى لمواجهته، حتى تتحقق رغباته وما يريده.

- التدليل الزائد يؤدي إلى العناد الزائد عند بعض الأطفال الذين لديهم شخصية قوية تحب الاعتماد على نفسها، وفي هذه الحالة يكون العناد صحيًّا لا مرضيًّا، وإنما على الأبوين أن يُغيِّرا من سلوكهما هذا إلى اعتدال وتوسط (رفق وحنان - توفير الفرص للاعتماد على النفس - إثبات الشخصية).

- وأحيانًا يبدأ عناد الطفل عندما يُولد طفل جديد للأسرة؛ خاصة إذا بدأت الأم تتوجه باهتمام نحو الوليد، وتُهمل طفلها هذا، فيلجأ للفت الانتباه في صورة عناد ونحوه.

- قد تكون للطفل إعاقة بدنية تحمله على العناد لشعوره بالعجز، والعلاج الأمثل هنا: هو الحديث الإيجابي عن جوانبه المحمودة، وإعانته على استخدام بقية أعضائه السليمة، وأن يعيش حياته كالمعافي من هذه الإعاقة؛ بذلك نُعينه على تقبل حاله، واستغلال إمكانياته في التفوق، وأن يكون راضيًا بقدره، شاكرًا لربه -تعالى-.

- تجنيبه مشاهد العنف التي يراها في الفيلم الكرتوني، فإنها تدفعه إلى المحاكاة تأثرًا بما رآه.

- لا بد من التغاضي عن بعض الأمور البسيطة من العناد ما دام أن تحقيق رغبته هذه في حدود المعقول، ولن تأتي بضرر عليه.

- إن استمر عناد الطفل، حتى مرحلة الدراسة، وعاند في عدم الذهاب إلى المدرسة، أو كتابة الواجبات، ونحو ذلك.

فيكون علاجه:

- بالاحتواء، والتقدير، وحسن المعاملة.

- أسلوب التخيير، كأن يقال له: هل تحب أن تبدأ المذاكرة بمادة كذا أو كذا؟ فيشعر حينئذٍ أن المذاكرة ليست مفروضة عليه، كما يستحب هنا مساعدته على المذاكرة.

- التوجيه غير المباشر.

- لا مانع من أخذ إجازة من المدرسة؛ ليُعالج فيها الطفل المعالجة الصحيحة.

- التعاون مع المدرسة، ومحاولة الوصول إلى العلاج المناسب.

العناد المرضي:

قد يأخذ الأبوان الكريمان بهذه الإصلاحات، ويستمر عناد الطفل، وتظهر عليه أعراضًا معينة يسميها علماء النفس: "اضطراب العناد الشارد (ODD)"؛ فعندئذٍ تكون حالة مرضية تحتاج إلى علاج نفسي توجيهي، قالوا: تبدأ علامات المرض عامةً خلال السنوات السابقة على الالتحاق بالمدرسة، وقد يحدث في مرحلة لاحقة، ولكن غالبًا ما يكون قبل سنوات المراهقة المبكرة.

أعراض المرض:

كثرة الغضب العارم وسهولة الإثارة - مجادلة البالغين والأفراد في موقع السلطة - ممارسة العناد بحماس - رفض الانصياع لطلبات وقواعد الكبار - إزعاج الآخرين ومضايقتهم عمدًا - لوم الآخرين على أخطائه أو سوء سلوكه - وممارسة السلوكيات الحاقدة أو الانتقامية.

أنواعه:

- ضعيف: إذا حدثت الأعراض في مكانٍ واحدٍ، مثل: المنزل أو المدرسة، أو العمل أو مع الأقران.

- متوسط: إذا حدثت الأعراض في مكانين على الأقل.

- حاد: إذا حدثت الأعراض في ثلاثة أماكن أو أكثر.

بالنسبة لبعض الأطفال، يمكن رؤية الأعراض للمرة الأولى في المنزل فقط، ولكن مع الوقت تمتد إلى أماكن أخرى، مثل المدرسة والأصدقاء.

الأسباب:

لا يوجد سبب واضح وراء اضطراب العناد الشارد، قد تكون خليطًا من العوامل الوراثية والبيئية، بما في ذلك الأسباب الجينية، وسجية الطفل أو مزاجه الطبيعيان، والاختلافات العصبية المحتملة في أسلوب عمل الأعصاب والدماغ.

الأسباب البيئية: مشكلات متعلقة بالتربية، والتي قد تتضمن نقص الإشراف، أو عدم التناسق، أو الانضباط الصارم، أو الإساءة، أو الإهمال.

عوامل الخطر:

اضطراب العناد الشارد مشكلة معقدة، تتضمن الحالة المزاجية حيث يجد الطفل صعوبة في السيطرة على عواطفه، مثل أن يكون شديد التفاعل عاطفيًا مع المواقف أو يواجه صعوبة في تحمل الإحباط، ومشكلات التربية من سوء معاملة أو إهمال، أو وجود نظام تأديب متقلب أو قاسٍ، أو عدم وجود رقابة أبوية، أو خلافات أسرية، أو يكون أحد والديه مصابًا باضطراب الصحة العقلية أو اضطراب إساءة استخدام العقاقير.

الوقاية:

لا توجد طريقة مضمونة لمنع اضطراب التحدي المعارض، ومع ذلك يمكن أن تساعد تصرفات الأبوين الإيجابية، والعلاج النفسي المبكر في تحسين السلوك، ومنع الوضع من التدهور.

وكلما كان الوقت مبكرًا في السيطرة على ODD كان ذلك أفضل، حيث يساعد العلاج في استعادة تقدير الطفل لذاته، وإعادة بناء علاقة إيجابية بينه وبين والديه من جانب، وبينه وبين مجتمعه من جانب آخر" (موقع: Mayo Clinic).


يعني العلاج النفسي هنا علاج توجيهي، ومن هنا نقول للأبوين: الوقاية خير من العلاج، وقد قالوا: "درهم وقاية خير مِن قنطار علاج"، وهي ما قدَّمناه من وسائل تربوية مبناها على الشرع والواقع، فيستعينون بالله -تعالى- في تربية أولادهم بها، وإن كان من توجيه نفسي طبي فلا بأس، فالمقصود هو سلامة الطفل.

نسأل الله -تعالى- أن يصلح لنا أولادنا أجمعين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 15-03-2025, 04:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,388
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (13) مشكلة الكذب (1)



كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
فمِن أخطر المشكلات التربوية التي تواجه الوالدين في مرحلة التأديب والتهذيب: "مشكلة الكذب"؛ ذلك لأنه سلوك شائع في مرحلة الطفولة يلجأ إليه الطفل ليحصل على شيء محبب لديه، أو هروبًا مِن عقاب، أو استرضاءً لوالديه.
وإن لم يُتدارَك كانت ثماره مُرة وعواقبه وخيمة؛ فمِن ذلك:
- أنه يستمرئ الكذب، ويتحرَّاه، حتى يصير مرضًا مزمنًا، يستعصي على العلاج.
- ينشأ معدوم الشخصية، متهربًا من تحمُّل أعباء الحياة مِن: وظيفة وزواج، وتربية أولاد، ونحو ذلك، فيهرب مِن تحمل هذه المسئوليات متسترًا بالكذب، واختلاق الحكايات، والتمارض وغيره ليهرب من الواقع.
ومِن ثَمَّ يُصبح عضوًا فاسدًا في المجتمع، وقدوة سيئة لمن يقتدي به مِن زوجة وولد وغيره.
- وفوق ذلك، يكون طريقه إلى النار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصِّدق يهدي إلى البرِّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق، ويتحرَّى الصِّدق حتى يُكْتَب عند الله صدِّيقًا. وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يهدي إلى الفُجُور، وإنَّ الفُجُور يهدي إلى النَّار، وما يزال الرَّجل يكذب، ويتحرَّى الكذب حتى يُكْتَب عند الله كذَّابًا".
فالكذب يهدي إلى الفجور -وهو الميل والانحراف عن الصراط السوي- ثم يهديه إلى النار، ولا يزال هذا الكاذب في كذبه لا يرعوي، بل يتحرّاه، ويفضِّله على الصدق حتى يُكتب عند الله كذابًا، وبئس هذا الوصف لمَن اتصف به.
فظُن شرًّا بمَن يصير فاجرًا مائلًا عن صراط الله المستقيم، وكُتب عند الله كذابًا من شهادة زور، وأكل حقوق الناس، والكذب عليهم، وقد يكذب على الله تعالى إن كان في منصب ديني؛ باختلاق بدع، أو فتاوى باطلة، أو وضع أحاديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- كما أن وصف الكذاب يلازمه في حياته؛ فلا يُوثق به في خبر أو معاملة، وبعد مماته؛ فلا يُذكر إلا بالوصف السيئ، ويقال: مستراح منه!
هذا، وغيره يجعل الكذب من المشكلات التربوية الخطيرة في مرحلة الطفولة التي تضاعف من مسئولية الوالدين، ويوجب عليهم أن يأخذوا بأسباب نجاة طفلهما منها.
لذلك نقول -والاستعانة بالله-:
- تعريف الكذب لغة: الإخبار بخلاف الواقع؛ كذب الشّخص: إذا أخبر عن الشّيء بخلاف ما هو عليه في الواقع، عكسه صدَق، وكذَبَ عليه: أَخبر عنه بما لم يكن فيه (المعجم الوسيط).
وقالوا: حبل الكذب قصير: أي: لا يدوم، وسرعان ما ينكشف (معجم اللغة العربية المعاصرة).
والكاذب أيضًا: المختلق لأقوال غير صحيحة.
- تعريف الكذب اصطلاحًا: قال النووي رحمه الله: (الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو عليه، عمدًا كان أو سهوًا؛ سواء كان الإخبار عن ماضٍ أو مستقبلٍ).
وكذا عرَّفه علماء علم النفس؛ قالوا: "مخالفة قول الحقيقة أو إخفاؤها لغرضٍ ما".
- أشكال الكذب:
يأخذ الكذب أشكالاً عِدَّة، فمِن ذلك:
1- قلب الحقيقة: يدَّعي -مثلًا- أنه قد صلّى، وهو في الحقيقة لم يصلِّ إلا صلاتين مثلًا.
2- المبالغة في الحديث: وهذه غالبًا يأخذها من أحد والديه أو أقاربه.
3- التورية والتعريض: وهذه غالبًا يأخذها أيضًا مِن أحد والديه عندما يبرر كذبه بأنه تعريض جائز، وليس كذبًا؛ فيأخذ هذه الصفة، ويصبح هروبه مِن المواقف كلها بالتعريض، وإن قيل له: إن هذا كذب. قال: هذا تعريض.
4- الاختلاق: يختلق قصة لم تحدث أصلًا.
وللحديث بقية إن شاء الله.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 24-05-2025, 10:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,388
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مشكلات التربية في مرحلة الطفولة

مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (14) مشكلة الكذب (2)




كتبه/ عصام حسنين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛
أنواع الكذب:
مِن المهم جدًّا معرفة أنواع الكذب كما ذكرها علماء النفس؛ حتى نستطيع التعامل الصحيح مع كلِّ نوعٍ دون التباس.
1- الكذب الخيالي:
وهذا يمارسه الطفل عندما يعيش في عالم الأحلام والكرتون، فيتخيل عالمًا خاصًّا به، ويظل يحكي عنه، وهذا كذب، وإن ادَّعى بعض علماء النفس أنه كذب محمود، ودليل على قدرته الإبداعية، وأنه ينبغي أن يُفسح له المجال في التأليف المسرحي والتمثيل، ونحو ذلك، وهذا في الحقيقة نوعٌ مِن الكذب المحرَّم الذي ينبغي أن يُعالج عند الطفل؛ فإن التأليف القصصي مشروط بأن تكون القصة واقعية، ومنها فائدة.
أما أن يُترك للطفل أن يعيش في عالم الخيال فسيكبر بخياله هذا المخالف الواقع، ويظل ينسج قصصًا وأكاذيب من خياله؛ ليتهرب مِن واقعه ومسئولياته.
2- الكذب الالتباسي:
عندما يلتبس عليه الخيال بالواقع، يختلق قصة خيالية، وعلاج ذلك من الوالدين بأن يُفرِّقا له بين الحقيقة والخيال.
3- الكذب الادعائي:
وهو ادّعاء ما ليس فيه -مبالغة-، وينشأ غالبًا من شعور الطفل بنقص فيه، وهذا يحدث عندما يُوجد الطفل في بيئة مخالفة لبيئته، أو يكون بين أطفال؛ كلٌ يتحدَّث عن حاجياته وأهله بتفاخر، ونحو ذلك.
وعلاج ذلك: تجنيبه مخالطة مَن ليس مِن طبقته الاجتماعية، وتربيته على الرضا والقناعة التي هي الغِنَى الحقيقي، وكثرة حمد الله تعالى على نعمه، وأن ينظر في أمر الدنيا دائمًا إلى مَن هو أقل منه، حتى يشكر نعمة الله تعالى ولا يحتقرها.
وأن يعزَّز الوالدان الجوانب الطيبة عنده، وأن كل إنسان عنده جوانب إيجابية، وجوانب سلبية، فينبغي له أن يعزز الجوانب الإيجابية فيه، وأن يعالج الجوانب السلبية عنده.
4- الكذب الأناني:
وهو كذب غرضه تحقيق رغبة شخصية لديه، ولعل سبب ذلك يرجع إلى الحرمان؛ فيلجأ إلى هذا النوع من الكذب ليتحصّل على ما يريده.
مثلًا يقول: المدرسة تحتاج إلى كذا من المال لتزيين الفصل أو لإجراء حفلة ونحو ذلك؛ ليتحصل على المال لنفسه، وهذا غالبًا يكون سببه الحرمان، والوقاية دائمًا خيرٌ من العلاج، وهو عدم تعريضه للشعور بالحرمان.
5- الكذب الانتقامي:
يكذب ويدَّعي لينتقم من طفل بعينه، والدافع لذلك هو الغيرة أو أنه مميَّز عليه.
وعلاج هذا: عدم لجوء الأبوين إلى تفضيل ولد على الآخر، فالعدل أساس المحبة بين الأولاد، ومع ذلك قد يُوجد هذا الشعور؛ فيحتاج إلى مزيد عناية لعلاج الغيرة عنده، وهذه مشكلة سنتناولها فيما بعد بالتفصيل.
6- الكذب الدفاعي:
يكذب ليدفع عن نفسه العقوبة أو اللوم، وهذا يلجأ إليه الطفل عندما يمارس الأبوان دور المحقّق، والأفضل هنا هو: جمع الحقائق بعيدًا عن المواجهة المباشرة مع عرض المساعدة، فمثلًا: علم الأب أن ابنه راسب في امتحان الشهر، فيقول: إن الأستاذ قد هاتفني وأخبرني أنك قد رسبت في امتحان الشهر، وهذا أقلقني للغاية، وحزنت لحزنك؛ لأني أعلم أنك تحب التفوق؛ فكيف نعوّض هذه الخسارة في الشهر القادم إن شاء الله؟ هل تحتاج إلى تقوية من مدرس؟ ونحو ذلك مما يجنبه الكذب، ويحبب عنده شعور التفوق، والحزن على نفسه أنه قد قصَّر حتى تنال هذه الدرجة غير المرضية.
7- الكذب العنادي:
وهو شكل مِن أشكال التحدي للسلطة، وهذا يُعالج برفق وهدوء كما سبق وأن بيَّنا تفصيلًا في علاج مشكلة العناد.
الأسباب:
- قد يلجأ الطفل للكذب لسدِّ فراغ نفسي عنده مِن ادِّعاء تفوّق أو عمل بطولي ونحوه؛ خاصة إذا كان قرناؤه بهذه الصفة، أو يتفاخرون بمفاخر ليست عنده.
- أو لإضحاك أقرانه وأهله بما يُعرف بالنكت، أو تمثيل الأدوار؛ لينال المنزلة عندهم، وليسمع مدحه منهم.
- وقد يلجأ للادعاء باتهام بعض إخوانه أو أقرانه بما ليس فيهم؛ ليرى عقابهم؛ إما غيرة أو عدوانية في نفسه.
- عدم ثقة الوالدين في كلامه.
- وعمومًا، فسبب الكذب إما مهانة الشخص في نفسه، أو عادة سوء تعود عليها، أو قِلَّة أدب وتهذيب من الوالدين.
قال الشاعر:
لا يكذب المرءُ إلَّا مِن مهانتِه أو عادةِ السوءِ أو من قِلّةِ الأدبِ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.32 كيلو بايت... تم توفير 3.09 كيلو بايت...بمعدل (3.66%)]