|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() سوانح تدبرية أيمن الشعبان - سورة الفاتحة |1| الاستعاذة من أعظم الحِكم والغايات من إنزال الآيات، التدبر والتفكر واستخراج الدرر والمكنونات، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن من أعظم الحِكم والغايات من إنزال الآيات، التدبر والتفكر واستخراج الدرر والمكنونات، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]. يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (1/450): فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ. قال سفيان بن عيينة رحمه الله (زاد المسير في علم التفسير، 2/370): قال سفيان بن عيينة: إِنما آيات القرآن خزائن، فإذا دخلتَ خزانةً فاجتهد أن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها. فهذه فوائد ووقفات وهدايات وتأملات في الاستعاذة قبل التلاوة: 1- جمهور العلماء على أن الاستعاذة مستحبة عند القراءة. 2- الاستعاذة من الأذكار المهمة والأدعية الجليلة التي يحتاج إليها العبد في يومه وليلته، أكثر من حاجته للطعام والشراب والهواء. 3- أشهر صيغة للاستعاذة: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). 4- هنالك أربع صيغ أخرى للاستعاذة: الأولى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه. الثانية: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. الثالثة: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، لكن مع زيادة: "من همزه، ونفخه، ونفثه. الرابعة: اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بكَ منَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ وهَمزِهِ ونفخِهِ ونفثِهِ. 5- "أعوذ" أي: ألتجأ وأستجير وأحتمي وأتحصن وأتحرز. 6- معنى الاستعاذة: الالتجاء إلى الله، والالتصاق بجانبه من كل ذي شر. 7- الاستعاذة: التجاءٌ إلى اللهِ القوي، واتقاءٌ لشرور الشيطانِ الغويّ. 8- أركانُ الاستعاذة أربعة: الأول: مستعيذ: وهو مَن صدرت منه الاستعاذة، والتجأ إلى الله عز وجل. الثاني: مُستعاذ منه: وهو الشيطان. الثالث: مستعاذ به: وهو الله جل جلاله. الرابع: صيغة الاستعاذة: كأن تقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. 9- المسلم باستعاذته بالله من الشيطان الرجيم، قبل قراءة القرآن الكريم، يعترف بعجزه وضعفه أمام حيل شياطين الإنس والجن ووساوسهم، وأنه لا يقوى على مقاومتهم وحده، فيستعين بالله من أجل ذلك تسليمًا بقدرته سُبحانه. 10- العبد باستعاذته بربه يعترف بأنه ضعيف وأن الله هو القوي، وأنه فقير وأن الله هو الغني، وأنه ذليل وأن الله هو العزيز. 11- "أعوذ" بالمضارع دون الماضي؛ لأن معنى الاستعاذة لا يتعلق إلا بالمستقبل؛ لأنها كالدعاء. 12- الاسم الكريم "الله" ذكره في الاستعاذة في غاية المناسبة، لأن هذا الاسم يتضمن أو يستلزم سائر الأسماء الحسنى، وهي تعود إليه لفظاً ومعنى. كما أنه أيضا يستلزم إثبات جميع صفات الكمال، لأن الإله لا بد أن يكون كاملاً من كل وجه، ولا يُتصور إله وهو ناقص وعاجز أو فقير أو جاهل، فالاسم الجامع لجميع الصفات الكمالية إنما هو الله فكأن العبد قال أعوذ بالقادر العالم الحكيم الذي لا يرضى بشيء من المنكرات من الشيطان الرجيم 13- الاستعاذة كالتخلية، والبسملة كالتحلية. 14- الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع أن الذي يأتي بعدها هو التلاوة، فهي عنوان وإعلام بأن المأتي به بعدها هو القرآن، ولهذا لم تشرع الاستعاذة بين يدي كلام غيره. 15- الحكمة في الاستعاذة عند القراءة الاستئذان وقرع الباب، لأن من أتى باب ملك من الملوك لا يدخل إلا بإذنه، كذلك من أراد قراءة القرآن، إنما يريد الدخول في المناجاة مع الحبيب، فيحتاج إلى طهارة اللسان، لأنه قد تنجس بفضول الكلام والبهتان، فيطهِّره بالتعوذ. 16- العبدُ وهو مقبلٌ على تلاوة القرآن بأمس الحاجة لأن يستعيذ بالله تعالى؛ من جميع الأهواء والأكدار التي قد تعيق الانتفاع الحقيقي من هذه القراءة، وهذا لا يتحقق إلا بالالتجاء والاستنجاد بالله جل في علاه. 17- استعمالُ القرآن الكريم لفظ "الشيطان" بدلَ "إبليس" في الاستعاذة؛ لضمان شمولها له ولذريته وجنوده. 18- الشيطان عدوٌ خطير وبين للإنسان، وهو لعين ومطرود من رحمة الله، فأنسب وصف جاء في هذا المقام "الرجيم" حتى نتخيل المشهد وكأنه يُرجم مذعوراً منشغلاً بنفسه. 19- الشيطانُ يحرصُ على منعك من قراءة القرآن، فإذا استعذت منه وشرعت بالقراءة يحاول صرفك وقطع قراءتك، وهكذا إذا بقيت في القراءة يحاول التشويش عليك حتى تقرأ بلا تأمل ولا تفكر ولا تدبر ولا فهم. 20- إن الشيطان رجيم وإن الله رحمن رحيم فأحذر من الشيطان الرجيم لتصل إلى الرحمن الرحيم. 21- إن من ضم إلى الاستعاذة قوله: {{إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}} [الدخان: 6] إقتداء بما ورد في القرآن الكريم كأنه يقول يا من يسمع كل مسموع ويعلم كل سر خفي أنت تسمع وسوسة الشيطان وتعلم غرضه فيها وأنت القادر على دفعها عنى فادفعها عنى بفضلك. 22- الاستعاذة بداية حماية لا بداية قراءة فقط، كأن الله سبحانه وتعالى يقول لك: لا تفتح مصحفك إلا وقد احتميت بي، فلا علم بدون أمان، ولا فهم مع وسوسة. 23- الاستعاذة فيها درس عظيم في التوحيد، فلا ملجأ من الشيطان إلا إلى الله، ولا كافي سواه. 24- من استعاذ بلسانه وقلبه غافلٌ كمن يستغيث وهو لا يصدق أن هناك من ينقذه. 25- من تدبر الاستعاذة علم أن العدو حاضر، وإن لم يُرَ، فالشيطان لا ينام ولا يغيب، ولا يُهزم إلا حين تحتمي بالله. 26- الاستعاذة تذكير دائم بوجود معركة خفية وصراعٍ دائم مع عدو لا يكلّ، تحتاج فيها باستمرار لسلاح رباني. 27- فيها معنى استحضار الإيمان بالغيب، وثقة القلب بمن بيده كل شيء، فأنت تستعيذ ممن لا تراه، إلى من لا يُغلب. 28- الاستعاذة لحظة إصلاح قبل السير، كما تُصلح المركبة قبل السفر، تُصلح النفس قبل التلاوة، فلا تمضي في رحلتك مع القرآن وأنت مثقل بالوساوس.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() سوانح تدبرية أيمن الشعبان - سورة الفاتحة |2| البسملة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن من أعظم الحِكم والغايات من إنزال الآيات، التدبر والتفكر واستخراج الدرر والمكنونات، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29]. يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (1/450): فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ. قال سفيان بن عيينة رحمه الله (زاد المسير في علم التفسير، 2/370): قال سفيان بن عيينة: إِنما آيات القرآن خزائن، فإذا دخلتَ خزانةً فاجتهد أن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها. فهذه فوائد ووقفات وهدايات وتأملات في البسملة قبل التلاوة: 1- البسملةُ هي أن تقولَ "بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم". 2- من الأذكارِ المهمةِ العظيمة التي يحتاج إليها العبدُ في يومه وليلته، بل تبقى معه حتى دخولَه القبر؛ البسملة. 3- إن أول ما نزل من الوحي على نبينا عليه الصلاة والسلام تضمّن الأمرَ بالبسملة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}. 4- البسملة نعمة عظيمة، لأن ملكَ الملوك أذن لك أن تستعين به! فكم من البشر عندما يترأس يتأفف ممن يطلب العون منه! 5- فيها إشارةٌ إلى أن الأمورَ العظيمةَ تبدأ بالبسملةِ، لذلك كان عليه الصلاة والسلام يقرؤها في أول كلِّ سورةٍ إلا سورةَ التوبة. 6- لما أرسلَ سليمانُ عليه الصلاة والسلامُ رسالةً إلى ملكةِ سبأ قال فيها: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. 7- يُستحب للمسلم في الأمور المهمة أن يبدأ بالبسملة، في بداية الكتاب والرسائل المهمة والدرس والاجتماع، فقد كان صلى الله عليه وسلم يكتب البسملة كاملة في بداية رسائله إلى الملوك. 8- البسملة أدب أدّب الله به نبيه صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديم ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، وبين يدي كل مهماته. 9- البسملة جاءت بعد الاستعاذة، من باب التخلية قبل التحلية، فتهيئة المكان وتخليته من العدو، ثم طلب العون والمدد من الله. 10- إذا فارق المسلمُ الدنيا؛ صَحِبته "بسم الله" في قبره؛ فتُشرَع التسمية عند وضْعِ الميتِ في قبره. 11- تلاوة القرآن طاعة عظيمة، والطاعات تبدأ بالبسملة، والقرآن دستور ومرسوم إلهي، لذلك يصدر باسم الله. 12- البسملة عند الفقهاء: تكون شرطا عند الذبح، وواجبة عند الوضوء لمن تذكر، وسنة عند دخول المنزل، وتكون مكروهة إذا كان في الخلاء. 13- البسملة عند المفسرين: أجمعوا أنها بعض آية من سورة النمل: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[النمل:30]، وذكر جمع أنها آية من سورة الفاتحة، وذكر آخرون أنها للفصل بين السور وليست آية. 14- حين نقول "بسم الله"، فإن المعنى يكون: "أبدأ باسم الله"، أو "أقرأ باسم الله"، أو "ابتدائي باسم الله"، أو "قراءتي باسم الله". ويجوز أيضًا أن يُقال: "باسم الله أبدأ"، أو "باسم الله أقرأ"، أو "باسم الله تكون قراءتي"، أو "باسم الله يكون ابتدائي". 15- البداءة بالبسملة تَجلب التبرك والتيمن، وتُعلن الاستعانة بالله تعالى وحده، ومن أعرض عنها، فقد يُحرَم بركة ما يُقدِم عليه. 16- ليست البسملة دلالةً على مجرد البداءة بالفعل، بل هي استـعانةٌ بالله على أداء الفعل على الوجه الذي يُرضيه. 17- البسملة أدبٌ من آدابِ الدين، وشعارٌ للمسلمين، وشعيرةٌ عظيمة، وقُربةٌ وطاعةٌ جليلة. وهي إقرارٌ بالعبودية، واعترافٌ بالنعمة، وقد اشتملت على تعليم عظيم، يُرشد إلى استفتاح الأمور بالتبرك بالله، وتعظيمه بذكر اسمه. 18- في البسملة إثباتٌ لأنواع التوحيد الثلاثة: توحيد الألوهية، في لفظ الجلالة "الله"، إذ فيه إفراد الله بالعبادة، وتوحيد الربوبية، إذ إن من أقر بألوهيته استلزم ذلك إقراره بربوبيته، وتوحيد الأسماء والصفات، في اسميه الكريمين "الرحمن الرحيم". 19- في البسملة يتبرأ العبدُ من حوله وقوّته، ويلجأ إلى حول الله وقوّته؛ فإذا قلتَ "بسم الله"، فأنت تُظهر ضعفك وعجزك وذلّك، وتُعلن افتقارك، لتستمد القوة والعون من القوي العزيز الغني. 20- تجمع البسملة بين معاني الترغيب والترهيب، وهو دليلٌ على كمال عظمة الله سبحانه؛ ففي لفظ الجلالة "الله" ما يدلّ على القهر والغلبة والعظمة، وفي "الرحمن الرحيم" إشعارٌ بلطفه بعباده ورحمته الواسعة بهم. وهذا الجمع البديع يُورث في قلب العبد خوفًا من عظمة الله وهيبته، ورجاءً في رحمته وفضله، فيسير إلى ربّه بين جناحي الخوف والرجاء. 21- قال بعض العلماء: إن قوله تعالى: "بسم الله الرحمن الرحيم" قد اشتمل على جميع معاني الشرع؛ لأنها دلت على الذات الإلهية، ودلت على الصفات العظيمة، وهذا قولٌ صحيحٌ معتبر. 22- فمعنى أن أبتدئ عملي بقول: "بسم الله الرحمن الرحيم"، أنني أؤديه امتثالًا لأمر الله، وطلبًا لرضاه، لا تحقيقًا لحظوظ النفس وشهواتها. 23- معنى البسملة التي جاءت في أول الكتاب الكريم، أن جميع ما في القرآن من أحكام، وشرائع، وأخلاق، وآداب، ومواعظ، إنما هو من الله، ولله، لا يشاركُه فيه أحد. 24- في البسملة مخالفةٌ للمشركين الذين كانوا يبدؤون أعمالهم بالاستعانة بأسماء أصنامهم وأوثانهم، أما العبدُ الموحدُ فيبدأ عمله مستعينًا بالله وحده، صادقًا في توكّله وتفويضه. 25- ذكر اسم الله في البسملة له تأثير عظيم في طرد شر الشيطان، وذلك إذا كان الذاكر يذكره بصدقٍ وإخلاص، حيث إن البسملة تُعد حصنًا للعبد من وساوس الشيطان وسعيه للإضلال. 26- فيها تنبيهٌ على أن العونَ التامَّ والبركةَ لا يأتيان إلا من الله تعالى، فلا يجوز طلبُهما من غيره. 27- الاستعانة بالله هي مفتاح النجاح والفلاح، وحتى وإن لم يظفر العبد بما هو أعظم، فإنه يكون قد غنم بأجر الاستعانة نفسها، فهي عبادة جليلة. 28- البدء باسم الله هو رادعٌ للعبد عن معصيته فيما يقبل عليه، فمَن عرف الله تعالى استحى أن يبدأ فعل المعصية باسمه، لأنه لا يجوز للعبد أن يستعين باسم الله في أمرٍ يخالف مرضاته. 29- البدء بالبسملة يدفع العبدَ لأن تكونَ أعماله وأقواله طيبة، لتجانسها مع هذا الذكر الطيب، فيصبح عمله وكلامه متوافقًا مع ما يبدأ به من ذكر لله تعالى. 30- البدء بالبسملة يدفع العبدَ للفأل والأمل، ويجعل قلبه بعيدًا عن اليأس والقنوط، فكل من استقرت في قلبه سعة رحمة الله لا يمكن أن يدبَّ اليأس في نفسه. 31- افتتاح القراءة بالاسمين "الرحمن الرحيم" يحمل في طياته طمأنينة للقلب، ففيهما جمال ورحمة تهدئ النفس وتمنحها السكينة.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() سوانح تدبرية أيمن الشعبان سورة الفاتحة |3| الحمد لله رب العالمين أيمن الشعبان الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن من أعظم الحِكم والغايات من إنزال الآيات، التدبر والتفكر واستخراج الدرر والمكنونات، قال تعالى: {{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}} [ص:29]. يقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين (1/450): فَلَيْسَ شَيْءٌ أَنْفَعَ لِلْعَبْدِ فِي مَعَاشِهِ وَمَعَادِهِ، وَأَقْرَبَ إِلَى نَجَاتِهِ مِنْ تَدَبُّرِ الْقُرْآنِ، وَإِطَالَةِ التَّأَمُّلِ فِيهِ، وَجَمْعِ الْفِكْرِ عَلَى مَعَانِي آيَاتِهِ. قال سفيان بن عيينة رحمه الله (زاد المسير في علم التفسير، 2/370): إِنما آيات القرآن خزائن، فإذا دخلتَ خزانةً فاجتهد أن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها. قال تعالى في سورة الفاتحة: {{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1)}} الثناء على الله بصفاته التي كلُّها أوصاف كمال، وبنعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده أن يحمدوه، فهو المستحق له وحده، وهو سبحانه المنشئ للخلق، القائم بأمورهم، المربي لجميع خلقه بنعمه، ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح. / التفسير الميسر. فوائد ووقفات وهدايات وتأملات: 1- في هذه الآية الجليلة افتتاحٌ للثناء المطلق على الله تعالى، بما يليق بجلاله، ويُظهر كمال أسمائه، وجلال صفاته، وعظيم أفعاله. 2- "الحمد" ثناء يليق بمن له الصفات الكاملة، و"الله" اسم الجلالة الجامع لمعاني الألوهية، و"رب العالمين" يدل على سعة تدبيره وربوبيته لكل ما خلق. 3- {{الحمد لله رب العالمين} } حسن افتتاح للقرآن ولسورة الفاتحة، وبراعة استهلال. 4- افتُتح القرآن بالحمد لأن أعظم النعم هي القرآن، وبالحمد تُستجلب النعم وتُدفع النقم. 5- افتُتح القرآن بالحمد لأنه من أحبّ العبادات إلى الله وأعظمها ثناءً عليه. 6- {{الحمد لله}} : أي: ما من حمد وثناء في الكون إلا والله المستحق له. 7- الحمد: هو وصف المحمود بصفات بالكمال، مع المحبة والتعظيم والإجلال. 8- {{الحمد لله}} : فالله يُحمدُ على كماله من كل وجه؛ ويحمد على ذاته وصفاته وأفعاله، وعلى نعمه الظاهرة والباطنة، الدينية والدنيوية. 9- رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ كُلِّ شَاكِرٍ. 10- {{الحمد لله}} : هي أعظم صيغة في الحمد، لأنها تحمل أسمى معاني الثناء والتعظيم لله سبحانه وتعالى. ولذا، اختار الله عز وجل هذه الصيغة لتكون في مفتتح كتابه. 11- من تمام رحمة الله وفضله أن علّمنا كيف نحمده، إذ لا أحد أعلم بكماله منه، وأعظم الثناء ما أثنى به الله على نفسه. 12- {{الحمد لله رب العالمين}} : اعترافٌ منا بنعمِ الله علينا فنحمده ونشكره. 13- كم نعمةٍ أسبغها عليك تستدعي حمدك إيَّاه في كل لمحة، وكم منّةٍ أسداها إليك تستوجبُ شكرك له في كل لحظة! فلا يزال لسانك رطبا بالثناء عليه في كل خَطرة. 14- لم يقل "قل الحمد لله"، لأنه لا يمكن لأحد أن يستحضر كمال استحقاق الله للحمد كما يفعل هو سبحانه. 15- {{الحمد لله}} {} : جملة خبرية بمعنى الأمر، فهو يخبر سبحانه عن اتصافه بالحمد، ويأمر عباده أن يحمدوه. 16- كل حمد لأحد من العالمين فالله أولى به، أوَليس قد خلق لك لساناً حامداً ويسَّر لك أسباب حمده؟ 17- إنّ حمدك إياه نعمة تستوجبُ منك مزيد الحمد. 18- لماذا قال "الحمد" ولم يقل "الشكر"؟ لأن الشكر يكون مقابلاً لنعمة معينة، فهو يعبر عن الامتنان لفضل الله ونعمه، أما الحمد فيشمل الثناء على الله بجميع صفاته وأفعاله، سواء كان هناك نعمة معينة أم لا. 19- جاء بالجملة الاسمية: {{الحمد لله}} : ولم يقل "احمدوا الله"، "يحمد الله" أو "أحمدُ الله"؛ لأن الجملة الاسمية تفيد الدوام والثبات والاستقرار والاستحقاق والاختصاص والاهتمام، وهي أقوى من الجملة الفعلية، فالحمد ثابت ومستقر لله. 20- لماذا لم يقل "أحمد الله" أو "نحمد الله" أو "حمداً لله" أو "لله الحمد"؟ لأن "الحمد لله" صيغة مطلقة تشمل حمد جميع الخلق دون تحديد فاعل أو زمان، فهي دائمة وغير محدودة، مما يعبر عن الثناء الكامل المستمر لله تعالى. 21- اسم الجلالة "الله" دال على استحقاق جميع المحامد، بدلاً من أسماء أخرى مثل "الخالق" أو "السميع"، حتى لا نقتصر على ثناء محدد، فـ"لله الحمد" يشمل كل الثناء دائمًا. 22- فائدة دقيقة: في لفظ رب خصوصية لا توجد في غيره من أسمائه تعالى، وهي: أنك إذا قرأته طردا كان من أسمائه تعالى، وإن قلبته كان من أسمائه تعالى، "رب" و "بَر". 23- اللام في قوله {لله} تفيد التخصيص والاستحقاق، فالحمد بجميع أنواعه وأكمله حقٌ خالصٌ لله وحده، إذ لا يُحمد سواه إلا مع وجود نقص أو قصور، أما هو سبحانه فحمده مطلق وكامل من كل وجه. 24- في الآية أدبٌ رفيع في الخطاب مع الله؛ إذ يُعلَّم العبد أن يبدأ حديثه ودعاءه بالثناء على الله، فهو من تمام الأدب والتمهيد بين يدي المسألة. 25- تقدّم اسم "الله" على "الرب" إشارة إلى أن المقصود الأسمى من التوحيد هو توحيد الإلهية، أي توحيد العبادة، إذ ما خُلق الخلق إلا ليعبدوا الله، وفيه تقديم للغاية على السبب. 26- كمالُ الثقة بالله يظهر في قوله "الرب"، إذ يستحضر المؤمن سعة ملكه وخزائنه، وأنه المعطي المانع، يؤتي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء. 27- هو رب العالمين، وإليه مردّ الأولين والآخرين، فيا خيبة مَن صرف شيئا من العبادة والتعظيم، لمربوب ضعيف مثله وترك الجليل العظيم. 28- من الأسماء التي اختصّ الله بها نفسه ولا يُسمّى بها غيره: اسم "الله" و"الرحمن"، فهما علمان دالّان على الذات الإلهية، ولا يشاركه أحدٌ فيهما. 29- فإن قيل: لماذا جاء "العالمين" جمع قلة مع أن المقام يستدعي جمع الكثرة؟ يُجاب بأن ذلك ينبه إلى أن رغم كثرة المخلوقات، إلا أنهم في جنب عظمة الله وكبريائه لا يعدون شيئًا. 30- "الرب" هو من اتصف بالخَلق والملك والتدبير؛ فهو الخالق لكل شيء، والمالك له، والمدبر لأمره. 31- {{رب العالمين}} : تعددت العوالم وتنوعت، وربها واحد، يدبر أمرها جميعًا بحكمة وربوبية مطلقة. 32- قوله: {{ربِّ العالمين}} يدل على أن الله تولّى شؤون خلقه، ومن ذلك رزقهم، فهو المدبر لأمورهم، الكفيل بأقواتهم، لا يكلهم إلى غيره. 33- {{الحمد لله رب العالمين}} : يجري على ألسنة الجميع: الكبير والصغير، العالم والجاهل، الطائع والعاصي، في السراء والضراء، فسبحان من استحق الحمد في كل حال. 34- حين تقول: {الحمد لله رب العالمين}، فإنك تُعلن رضاك بقضاء الله، وقناعتك بما قسمه لك، إذ لا يقدّر الله لعبده إلا ما فيه صلاحه وخيره، وإن خفي عليه وجه الحكمة. 35- تشير الآية {{الحمد لله رب العالمين}} إلى أن الله وحده هو المتفرّد بالخلق والتدبير، والمنعِم على عباده، وهي دلالة على كمال غناه المطلق، وافتقار جميع الخلق إليه في كل حال وعلى كل وجه. 36- أفضل عباد الله الحمادون، ففي الحديث الصحيح: «"إنَّ أفضلَ عبادِ اللهِ يومَ القيامةِ الحمَّادون"» . 37- الحمد أفضلُ الدعاء، قال عليه الصلاة والسلام: " أفضلُ الذكرِ: لا إلَه إلَّا اللهُ، وأفضلُ الدعاءِ: الحمدُ للهِ". 38- العالَم مشتق من العلامة، لأنه دليل على خالقه، ففي كل مخلوق آية تشهد بربوبية الله، كما قال الأعرابي: سماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج، تدل على الواحد القهار.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |