مفهوم الإسراف والتبذير وصورهما ومظاهرهما وآثارهما وأسبابهما وعلاجهما - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الصحبة الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 104 )           »          فوائد من قصة يونس عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 83 )           »          ثمرات الابتلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 68 )           »          نهي العقلاء عن السخرية والاستهزاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 56 )           »          فتنة المسيح الدجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          معجزة الإسراء والمعراج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          كيف أتعامل مع ابني المدخن؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          حقوق الأخوة في الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          الأقصى: فضائل وأحداث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الشباب أمل وألم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم اليوم, 12:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,210
الدولة : Egypt
افتراضي مفهوم الإسراف والتبذير وصورهما ومظاهرهما وآثارهما وأسبابهما وعلاجهما

مفهوم الإسراف والتبذير وصُورهما ومظاهرهما

وآثارهما وأسبابهما وعلاجهما

الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري

إنَّ الحمدَ للهِ، نَحمَدُه ونستعينُه، مَن يَهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأنَّ مُحمَّدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.

أما بعد: فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى، ودَعُوا مُجاوزةَ الْحَدِّ في كُلِّ الأُمورِ، واسْلُكُوا طَرِيقَ الاقتصادِ في الْمَيْسُورِ والْمَعْسُورِ، ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].


عباد الله: لقد تزايدت نسبةُ الفقرِ وارتفعت مُعدَّلاتُ العَوَزِ والفاقةِ في المجتمعاتِ الإسلامية حتى بلغت عام 1437 إلى (322 مليون مسلم يعيشون تحت خطِّ الفقر)، ويَرْجِعُ هذا التَّزايد إلى أسبابٍ عديدةٍ منها: التبذيرُ والإسرافُ ومنهُ الْهَدْرُ في الغذاء في الوَلائمِ والأعراسِ والْمُناسباتِ، وكشفت وزارة البيئة في المملكة عبر موقعها عام 1442 أن كمية الهدر الغذائي سنويًا في المملكةِ بلَغَ حوالَي أربعة ملايين وستة وستون ألفَ طُن، وأوضحت الوزارة أن القيمة الإجمالية للهدر في بند الاستهلاك الإنفاقي في المملكة تُقارب الأربعين مليارًا، نسأل الله العافية.


فما هو مَفهومُ الإسرافِ والتبذيرِ في القرآنِ والسُّنةِ وأَقوالِ السَّلَفِ، وما صُوَرُه ومَظَاهِرُه وآثارُهُ وأَسبابُه وعِلاجُه؟
أيها المسلمون: قال الْجَرْجانيُّ: (الإسرافُ: ‌صرفُ ‌الشيءِ ‌فيما ‌ينبغي زائدًا على ما ينبغي؛ بخلاف التبذير؛ فإنه صرفُ الشيءِ فيما لا ينبغي) انتهى.

ولقد نهى اللهُ ورسولُه صلى الله عليه وسلم عن الإسرافِ والتبذيرِ، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِين، قال ابنُ جرير: (قال بعضُهم.. السَّرَفُ الذي نَهَى اللهُ عنهُ في هذهِ الآيةِ: ‌مُجَاوَزَةُ ‌القَدْرِ ‌في ‌العَطِيَّةِ إلى ما يُجْحِفُ برَبِّ الْمَالِ) انتهى.

وقال عزَّ وجلَّ: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، قال السُّدِّيُّ: (لا ‌تُعْطُوا ‌أموالَكُم فتَغْدُوا فُقَرَاءَ) رواهُ ابنُ جرير.


وقال سبحانه وبحمده: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا ﴾ [الإسراء: 26، 27]، قال ابنُ كثير: (أيْ: ‌في ‌التبذيرِ ‌والسَّفَهِ وتَرْكِ طاعةِ اللهِ وارتكابِ مَعْصِيَتِهِ) انتهى.

وقال تعالى وتقدَّس: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67]، قال ابنُ كثير: (أيْ: ‌ليسُوا بِمبذِّرِينَ في إنفاقِهِم، فيصرِفُونَ فوقَ الحاجةِ، ولا بُخَلاءَ على أهليهِم فيُقَصِّرُونَ في حقِّهِم فلا يَكْفُونَهُم، بلْ عَدْلًا خِيارًا، وخيرُ الأُمُورِ أوْسَطُها) انتهى.

وقال تباركَ وتقدَّسَ عن فِرْعَوْنَ: ﴿ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الدخان: 31].


ونَهَى اللهُ عن طاعةِ الْمُسرِفينَ، فقالَ عزَّ ذِكْرُه: ﴿ وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ ﴾ [الشعراء: 151، 152]، وبيَّن اللهُ مآلَهُم فقالَ: ﴿ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأنبياء: 9]، وقالَ: ﴿ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ ﴾ [غافر: 43].


والْمُجاهرةُ بالمعاصي وبالإسرافِ في بعضِ الْمُناسَبَاتِ والأعراسِ كما يُنشر في بعضِ وسائلِ التواصلِ هو مِن المجاهرةِ بالذنوبِ الْمُؤْذِنةِ بزَوَالِ النِّعَمِ وحُلُولِ النِّقَمِ، قال تعالَى وتقدَّس: ﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112]، ولذا (كانَ مِنْ دُعَاءِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وجَميعِ سَخَطِكَ») رواه مسلم.


و(قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «كُلُوا واشْرَبُوا وتَصَدَّقُوا والْبَسُوا ما لم يُخَالِطْهُ إسرافٌ ‌أو ‌مَخِيلَةٌ») رواهُ ابنُ ماجه وحسَّنه ابن حجر، قالَ عبدُ اللطيفِ البغدادِيُّ: (هذا الحديثُ ‌جامعٌ ‌لفَضَائِلِ ‌تَدْبيرِ الإنسانِ نَفْسَهُ) انتهى.

وأخبرَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أنَّ اللهَ يَكْرَهُ: (إضاعةَ الْمَالِ) رواه مسلمٌ، قال العَيْنيُّ: (هوَ ‌صَرْفُهُ ‌في ‌غيرِ ‌ما ‌يَنبغي) انتهى.

عبادَ اللهِ: مِن أسبابِ الإسرافِ والتبذيرِ: أولًا: الإسرافُ على النفسِ بالمعاصي والآثامِ، قال تعالى:﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].


ثانيًا: الْجَهْلُ بأحكامِ الشريعةِ.

ثالثًا: حُبُّ الظُّهورِ والتباهي وتصويرُ الوَلائمِ ونشرِها بوسائلِ الإعلامِ.

رابعًا: الإسرافُ في الأكلِ والشَّبَعِ الْمُفرِط، والإسرافُ في الغُسْلِ والوُضوءِ، وفي الْمَاءِ والكهرباء، وفي اللباسِ وفي البناءِ، قال قيسُ بنُ أبي حازمٍ: (ثُمَّ أَتَيْنَاهُ -أي خبَّاب- مَرَّةً أُخْرَى وَهوَ يَبْنِي حَائِطًا لَهُ، فَقَالَ: إِنَّ الْمُسْلِمَ ليُؤْجَرُ في كُلِّ شَيْءٍ يُنْفِقُهُ إِلاَّ في شَيْءٍ ‌يَجْعَلُهُ ‌فِي ‌هَذَا ‌التُّرَابِ) رواه البخاري وله حُكْمُ الرَّفْعِ.

خامسًا: التأثُّرِ بالبيئةِ.

سادسًا: الغِنى بعْدَ الفقرِ إلاَّ مَن رَحِمَ اللهُ.

سابعًا: الغفلةُ عن الآخرةِ.

ثامنًا: مُصاحبةِ المسرفينَ والْمُبذِّرين، وغيرِ ذلكَ من الأسباب.

عباد الله: وللإسرافِ والتبذير آثارٌ في الدَّارَيْنِ: فمنها:
أولًا: عدمُ مَحبَّةِ اللهِ لهم، قال سبحانه وبحمده: ﴿ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].


ثانيًا: أنه يُفضي إلى طَلَبِ المالِ بالكسبِ الحرامِ لِتَعَوُّدِهِ على الإسرافِ.

ثالثًا: الإضرارُ بالبَدَن.

رابعًا: مشاركةُ الشيطانِ لهُ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (فِرَاشٌ للرَّجُلِ، وفِراشٌ لامْرأَتِهِ، والثالثُ للضَّيْفِ، ‌والرَّابعُ ‌للشيطانِ) رواه مسلمٌ.

خامسًا: أنه صارَ مِن إخوانِ الشياطينِ، ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الإسراء: 27].


سادسًا: كثرة حالات الطلاقِ بسبب تراكم الدُّيون على الزوجِ الْمُبذِّر.


سابعًا: ارتفاعُ أسعارِ الأطعمةِ والذبائحِ والاستراحاتِ وقُصورِ الأفراح.


ثامنًا: الْحَسْرةُ والنَّدَم، قال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا ﴾ [الإسراء: 29]، أي: مغمومًا بسبب إضاعتك لِمالكَ واحتياجِكَ لِغيرِك.


تاسعًا: التعرُّضُ للحسابِ يومَ القيامةِ، قال صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (لا ‌تَزُولُ ‌قَدَما ‌عبْدٍ يومَ القيامةِ حتى يُسْأَلَ: عنْ عُمُرِهِ فيما أَفْنَاهُ، وعنْ عِلْمِهِ فيمَ فَعَلَ، وعن مالِهِ مِنْ أينَ اكْتَسَبَهُ وفيمَ أَنْفَقَهُ، وعنْ جِسْمِهِ فيمَ أَبْلاهُ) رواهُ الترمذيُّ وصحَّحه، وغيرِ ذلكَ مِن الآثارِ السيِّئةِ للإسرافِ والتبذيرِ في الدُّنيا والآخرةِ.

رَزَقَنَا اللهُ القَصْدَ في الفقرِ والغِني وهو خيرُ الرازقين، آمين.

الخطبة الثانية
أمَّا بعدُ: فلقد أَرشَدَنا اللهُ ورسولُه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إلى الوسائلِ الْمُعينةِ على تركِ الإسرافِ والتبذيرِ، فمنها:
أولًا: الاعتدالُ في النفقةِ، قال تعالَى وتقَدَّس: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].


ثانيًا: عدمُ الإكثارِ مِن الأكلِ والشُّربِ، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تُسْرِفُواْ ﴾، قال القرطبيُّ: (‌أَيْ ‌في ‌كَثْرَةِ ‌الأَكْلِ) انتهى، وقال صلى الله عليه وسلم: (الْمُؤْمِنُ يَشْرَبُ في مِعىً واحِدٍ، ‌والكَافِرُ ‌يَشْرَبُ ‌في سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ) رواه مسلم، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًَا في الدُّنيا ‌أَطْوَلُهُمْ ‌جُوعًَا ‌يَوْمَ ‌القِيَامَةِ) رواه الترمذيُّ وحسَّنه الألباني.

ثالثًا: عدمُ الأكلِ لغير حاجةٍ أو بعْدَ الشِّبَع، قال الشوكاني: (ومِنَ الإِسْرَافِ ‌الأَكْلُ ‌لا ‌لِحَاجَةٍ وفي وَقْتِ شَبَعٍ) انتهى.

رابعًا: الإيمانُ بقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: (‌طَعَامُ ‌الْوَاحِدِ يَكْفِي الاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفِي الأَرْبَعَةَ) رواه مسلم.


خامسًا: البُعْدُ عن مَجالسةِ الْمُسرفينَ والْمُبذِّرين.


سادسًا: قِراءَةُ سيرةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم والسلفِ الصالح، قال أنسٌ عن وليمةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في زواجهِ بصفية رضي الله عنها: (ثُمَّ صَنَعَ حَيْسًَا في نِطَعٍ صَغِيرٍ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: آذِنْ مَنْ حَوْلَكَ، فَكَانَتْ تِلْكَ ‌وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى صَفِيَّةَ) رواه البخاري، والْحَيْس: تَمْرٌ يُخلَطُ بسَمْنٍ وأَقِطٍ.


سابعًا: تذكُّر الموتِ والحِسابِ يومَ القيامةِ، قال تعالى: ﴿ ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ﴾ [الحجر: 3].


ثامنًا: النَّظَرُ إلى مَنْ هُو أسفلَ مِنك، قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: (إذا نَظَرَ أَحَدُكُم إلى مَنْ فُضِّلَ عليهِ في الْمَالِ والْخَلْقِ، ‌فلْيَنْظُرْ ‌إلى ‌مَنْ ‌هُوَ ‌أَسْفَلَ مِنهُ) رواه البخاري ومسلم، قال الطَّبَريُّ: (هذا الحديثُ ‌جامعٌ ‌لِمَعَانِي ‌الْخَيْرِ)، وقال ابنُ حَجَر: (في هذا الحديثِ دَوَاءُ الدَّاءِ) انتهى.


تاسعًا: الْحَجْرُ على الْمُسرفين والْمُبذِّرين: قال عزَّ وجلَّ: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا ﴾ [النساء: 5]، قال ابنُ الْمُنْذِرِ: (قالَ أكْثَرُ عُلمَاءِ الأمْصارِ مِن أهْلِ الْحِجَازِ والعِرَاقِ والشَّامِ ومِصْرَ: يَجبُ ‌الْحَجْرُ ‌على ‌كُلِّ ‌مُضَيِّعٍ لِمَالِه صَغِيرًا كانَ أو كَبِيرًا) انتهى.


عاشرًا: تركُ زراعةِ ما ليسَ منه فائدة حفاظًا على الْمَاءِ، قال ابنُ خلدون في مُقدّمته: (إنَّ مِن بعض أسبابِ المجاعاتِ زراعةُ الأرضِ بما لا يُغذِّي) انتهى.


الحادي عَشَر: حُسْنُ التدبير، قال الأصمعيُّ: (سمعتُ بعض الأعرابِ يقولُ: مَنِ اقتصَدَ في الغِنَى والفَقْرِ فقد ‌استعدَّ ‌لنوائبِ ‌الدَّهْر)، وقال أيضًا: (لامَت أعرابيةٌ أبًَا لَها على إتلافِ مالهِ، فقالت: يا أبتِ حَبْسُ الْمَالِ يَمنعُ العِيَالَ مِن بذلِ الوَجْهِ للسُّؤالِ) انتهى.


وقال الثعالبي: (مَن أصلحَ مالَهُ فقد صانَ الأكرَمَيْنِ: الدِّينُ والعِرْضُ، ما عَالَ مُقتصدٌ).


قال الراغبُ: (وقيل: حُسْنُ التدبيرِ نصفُ الكسبِ، وسُوءُ التدبيرِ داعيةُ البُؤْسِ، الإفلاسُ سُوءِ التدبيرِ) انتهى.


و(عنْ جابرٍ قالَ: سَمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: «‌الرِّفْقُ ‌في ‌الْمَعِيشَةِ خَيْرٌ مِنْ بعضِ التجارةِ») رواهُ الطبرانيُّ في الأوسطِ، وحسَّنه الْمُناوي.


و(عن كثيرِ بن عُبيد قالَ: دخَلْتُ على عائشةَ أُمِّ المؤمنينَ رضيَ اللهُ عنها فقالتْ: «أَمْسِكْ حتى أَخِيطَ نَقْبَتِي -النَّقْبة: السراويل الذي لا يكون فيه موضعٌ لشدِّ الْحَبْل- فأَمْسَكْتُ، فقُلْتُ: يا أُمَّ المؤمنينَ لوْ خَرَجْتُ فأَخْبَرْتُهُمْ لَعَدُّوهُ مِنْكِ بُخْلًا! قالتْ: أَبْصِرْ شَأْنَكَ؛ إنهُ لا جَدِيدَ لِمَنْ لا يَلْبَسُ الْخَلَقَ) رواه البخاريُّ في الأدبِ المفردِ وحسَّنهُ الألبانيُّ.


و(عنِ الحَسَنِ قالَ: دَخَلَ عُمَرُ على ابْنِهِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ وإذا عِنْدَهُمْ لَحْمٌ فقالَ: ما هذا اللَّحْمُ؟ فقالَ: اشْتَهَيْتُهُ، قالَ: أَوَ كُلَّمَا اشْتَهَيْتَ شَيْئًا أَكَلْتَهُ؟ ‌كَفَى ‌بالْمَرْءِ ‌سَرَفًَا أنْ يَأْكُلَ كُلَّمَا اشْتَهَاهُ) رواه الإمامُ أحمد في الزُّهدِ.


و(عن سالمِ بنِ أبي الْجَعْدِ أنَّ رَجُلًا صَعِدَ إلى أبي الدَّرْدَاءِ -وهوَ في غُرْفَةٍ لَهُ- وهوَ يَلْتَقِطُ حَبًَّا مَنْثُورًا، فقالَ أبو الدَّرْدَاءِ: إنَّ ‌مِنْ ‌فِقْهِ ‌الرَّجُلِ ‌رِفْقَهُ في مَعِيشَتِهِ) رواهُ وكيعٌ في الزُّهدِ، وقال الألبانيُّ: (رجالُه كُلُّهم ثِقاتٌ لولا أنهُ مُرْسَلٌ).


(وقال أبو أُمامةَ: إني لأُبغضُ أهلَ البيتِ أن يكونوا لَحْمِيِيِنَ، قيلَ: وما اللَّحْمِيُّون؟ قال: يكونُ لَهُم قوتُ شَهْرٍ فيأكُلُونه في اللَّحْمِ في أيَّامٍ، وقد قالَ يَزيدُ بنُ أبي حبيبٍ: القِطْنِيَّةُ طعامُ الأنبياءِ)، قال ابنُ الأثيرِ: (هيَ بالكَسْرِ والتشديدِ: ‌واحدةُ ‌القَطَانِي، كالعَدَس والْحمَّص واللُّوبياء ونحوِها) انتهى.


(وقال ابنُ عَوْنٍ: ما رأيتُ على خَوَانِ محمد بن سيرين لَحْمًا يَشتريه إلاَّ أنْ يُهْدَى لَهُ.. ويقولُ: «سأصبرُ على هذا حتى يأذنَ اللهُ بالفَرَجِ»، قال الطَّبريُّ: هذهِ أخبارٌ صِحاحٌ).


قال ابنُ الْمُلَقِّن: (فعُمَرُ خافَ على ابنهِ الإجحافَ بمالهِ؛ لكثرةِ شِرائهِ له إذ كان قليلًا عندهم، وأبو أُمامة خشيَ عليهِم التبذير والتدْمير، وأمَّا ابنُ سيرين فإنما تركَ شِراءَ اللحم لأنه لَزِمَهُ الدَّين فاقتصَرَ في عيشهِ وتركَ التوسُّع في مطعمهِ؛ حتى يُؤدِّي ما عليهِ لغُرَمَائهِ) انتهى.


اللَّهُمَّ أعذنا مِن زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وجَميعِ سَخَطِكَ، آمين.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.85 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.18 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.66%)]