|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() حقوق الأخوّة الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وبعد؛ فإن الأُخوَّة نبض حياة الأمة، وبها تقاس الرحمة في المجتمع، وهي من المقاصد التي أكدت النصوص الشرعية على العناية بها، وامتن الله على الصحابة بهذه النعمة فقال :{فأصبحتم بنعمته إخوانا}، وجاءت النصوص تترى تحثُّ على الألفة والمحبة بين المسلمين الذين تجمعهم كلمة التوحيد. وفي الأزمنة الأخيرة فشت الأحقاد والضغائن، وطغت المادية، فأحببت أن أذكِّر نفسي وإخواني ببعض حقوق الأخوَّة. أولاً: ينبغي أن يعلم أن الحقوق نوعان: عامة؛ كرد السلام، وتشميت العاطس، واتباع الجنائز...وحقوق خاصة: وهي أعظم وأجل؛ لأنها تكون للخُلَّص وللصفوة المختارة. ثانيا: هذه الحقوق كثيرة وتنتظم إجمالا في أربعة حقوق (المال، والبدن= الجوارح، واللسان، والقلب): الحق الأول: حق أخيك في مالك: وهو على مراتب: أعلاها: أن تؤثره بمالك، كما قال تعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9]. وأوسطها: أن تنزله منزلة نفسك وترضى بمشاركته إياك؛ قال الحسن: "كان أحدهم يشق إزاره بينه وبين أخيه" [1] . وأدناها: أن تقوم بحاجته من فضل مالك، فإذا سنحت له حاجة وكانت عندك فضلة عن حاجتك أعطيته ابتداء، ولم تحوِجه إلى السؤال حفظا لماء وجهه. وتأمل هذين الأثرين: ١- جاء رجل إلى أبي هريرة فقال: إني أريد أنْ أؤاخيك في الله عز وجل، فقال: أتدري ما حق الإخاء قال: عرِّفني، قال: لا تكون بدرهمك ودينارك أحقّ مني، قال: لم أبلغ هذه المنزلة بعد، قال: فاذهب عني. ٢- وقال عليّ بن الحسين: الرجل هل يدخل أحدكم يده في كم أخيه أو كيسه، فيأخد منه ما يريد من غير إذن؟ قال: لا، قال: فلستم بإخوان. [2]. فأين نحن من هؤلاء. الحق الثاني: حق أخيك في نفسك. وهو قضاء الحاجات والقيام بها قبل السؤال وتكون حسب القدرة، وهي على نفس مراتب المواساة بالمال. وروي أنّ ابن أبي شبرمة قضى لبعض إخوانه حاجة كبيرة، فجاءه الرجل بهدية جليلة، فقال: ما هذا، فقال: ما أسديت إلي، فقال: خذ مالك -عافاك الله- إذا سألت أخاك حاجة فلم يجهد نفسه في قضائها؛ فتوضأ للصلاة، وكبّر عليه أربع تكبيرات وعده في الموتى. وعلى ذلك قال بعضهم: إذا استقضيت أخاك الحاجة فلم يقضها لله فذكّره ثانية، فلعله يكون قد نسي، فإن لم يقضها فعاوده ثالثة، فقد يكون شغل عنها بعذر، فإن لم يقضها فكبره عليه واقرأ عليه هذه الآية: {والموتْىَ يَبْعَثُهُمْ اللهُ}. [3]. الحق الثالث: حق أخيك في لسانك وهو أن تصمت عن كل ما يكره فلا تسخر منه، ولا تلمزه، ولا تكذبه الحديث، ولا تشتمه، ولا تلقبه بما يكره، وأن تتكلم بما يسرع ويفرحه. ومن ذلك أن تديم الدعاء له وتخبره بذلك ليفرح. قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن رحمه الله: واعلم أن من حقوق الأخوَّة في الله: إدامة الدعاء لإخوانك في أوقات الإجابة. [4]. الحق الرابع: حق أخيك في قلبك. ويشمل إحسان الظن، والعفو عن الزلات والهفوات، والوفاء له إلى الموت، والوفاء بعد الموت لأولاده وأصدقائه. وقال ابن القيم عن ابن تيمية: "جئتُ يومًا مبشِّرًا له بموتِ أكبرِ أعدائه وأشدِّهم عداوةً وأذًى له، فنهَرَني وتنكَّر لي واسترجع، ثمّ قام من فورِه إلى بيت أهله فعزّاهم، وقال: أنا لكم مكانه، ولا يكون لكم أمرٌ تحتاجون فيه إلى مساعدةٍ إلّا وساعدتُكم فيه. ونحو هذا الكلام. فَسُرُّوا به، ودَعَوا له، وعظّموا هذه الحالَ منه. فرحمه الله ورضي عنه". [5]. هذا حال الموفقين مع أعدائهم فكيف مع إخوانهم؟! تأمل ما سبق وانظر لحالنا، حيث صارت المحبة والأخوَّة على الدرهم والدينار والجاه وعدد المتابِعين، وهكذا الغربة. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. __________________________________________________ __________ [1] أورده الغزالي في الإحياء (2/ 173). [2] أوردهما أبو طالب مكي في قوت القلوب (2/ 374). [3] أورده أبو طالب مكي في قوت القلوب (2/ 374). [4] الدرر السنية (٣٩٩/٨). [5] مدارج السالكين (3/ 95). _____________________________________ الكاتب: أحسن موسي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |