|
ملتقى حراس الفضيلة قسم يهتم ببناء القيم والفضيلة بمجتمعنا الاسلامي بين الشباب المسلم , معاً لإزالة الصدأ عن القلوب ولننعم بعيشة هنية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#6
|
||||
|
||||
![]() مكارم الأخلاق (6) الوفاء بالعهد - ثالث صفة للمنافقين في الحديث: «إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (متفق عليه)، إخلاف الوعد، عن قصد وسبق نية! - ولماذا يعد، إذا كان ينوي ألاّ يفي؟ - لأنه منافق!، هذا الصنف من البشر الذي توعّده الله بالدرك الأسفل من النار: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} (النساء:145). وبالطبع هم المنافقون نفاقا اعتقاديا، آمنوا بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم! هم أحقر خلق الله، وأشدهم على دين الله؛ لذا يحرص المؤمن الصادق ألا تكون فيه أي صفة من صفاتهم فضلا عن أخلاقهم وأعمالهم. صاحبي حساس جدا، عاطفي، يتأثر بسرعة، سلبًا وإيجابًا. هاتفني على غير العادة قبل المغرب بساعة تقريبا، استأذن أن يزورني في مكاننا المعتاد (مكتبتي)، وافقت دون تردد فهو من خاصّة الإخوان. وجدته مهموما، مكتئبا، حزينا. رحّبت به، كان يريد أن يتحدث وأسمع له. - تعرف فلان، لقد وعدني بكذا وكذا، منذ أكثر من عام، وهو يماطل واليوم صدمني بأنه لن يفي بما وعد! تركت صاحبي يقول كل ما عنده، فلما سكت اقتربت منه، وضعت يدي على منكبه. وقلت: - يا أبا أحمد، لا تهتم كثيرا، الهمّ والحزن يُذهبان العافية، وكثير من الناس -أيامنا هذه- يُكثر الوعد ولا يفي بها، مع أن إخلاف الوعد من صفات المنافقين، والوفاء بالعهد من مكارم الأخلاق، هوّن عليك، ولا تتوقع من الناس كل ما تأمل فيهم. رفع رأسه وقال: - ألم يوصِنا الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (المائدة:1)، ألم يقل -سبحانه-: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (الإسراء:34)، ألم يقل -سبحانه-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} (الصف). - بلى، كل ذلك معلوم والأحاديث في ذلك كثيرة، ولكن قليلاً من الناس من يعمل بها، فلا تجعل الهمّ يثقل كاهلك. دعني أقرأ لك شيئا عن الوفاء بالعهد، في صحيح أبي داود عن سليم بن عامر (رجل من حِمْيَر) قال: كان بين معاوية وبين الروم عهد، وكان يسير نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم؛ فجاء رجل على فرس أو بِرْذَوْن وهو يقول: الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر؛ فنظروا فإذا هو عمرو بن عبسة؛ فأرسل إليه معاوية فسأله: فقال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «من كان بينه وبين قوم عهد، فلا يشدّ عقدة ولا يحلّها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء»، بمعنى ألا ينقضي العهد ويفي به، أو يخبرهم بانتهاء العهد والاتفاق بينهما، وهل تعرف قصة (مواعيد عُرقوب)؟ ابتسم صاحبي، وقال: أخبرني ما قصتها؟ - كان عُرقوب رجلاً من العماليق، فأتاه أخ له يسأل شيئا فقال له عرقوب: إذا أَطْلَعَ نخلي، فلما أطلع أتاه، فقال إذا أبلح، فلما أبلح أتاه، فقال: إذا أرطب، فلما أرطب أتاه، فقال: إذا أتمر، فلما أتمر جَدّه ولم يعطه شيئا، فضرب به العرب المثل في خلف الوعد، وقيل: عرقوب جبل مكلل دائما بالسحاب ولا يمطر شيئا.. أراحتني ابتسامة صاحبي، تابعت الحديث: - وفي كتاب (الكبائر) ذكر (الكبيرة الثالثة والخمسون): عدم الوفاء بالعهد ولا شك أن المرء قد يعد بشيء ثم «يعجز» عن الوفاء به فهذا له عذر، فقد جاء في حديث زيد بن أرقم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف ولم يجئ للميعاد فلا إثم عليه» (رواه أبو داود والترمذي وضعفه الألباني). الشاهد أن صفة المنافق تبييت النية بإخلاف الوعد فهذا خلقه وديدنه، وهؤلاء تجنب التعامل معهم. - وماذا عن حديث: «ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة»؟ - أحسنت يا أبا أحمد، هذا الحديث عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لكل غادرٍ لواء يوم القيامة يعرف به» (متفق عليه)، وفي رواية الإمام أحمد: «لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به عند استه» وفي زيادة «بقدر غدرته»؛ فهذا يفتضح يوم القيامة أشنع فضيحة، ويعرف الناس جميعا أن كان يغدر العهد، وينقض المواثيق، ويخون المواعيد، وما أشدها من ذلك على رؤوس الأشهاد يوم القيامة! ولما أسرت قريش حذيفة بن اليمان وأباه -رضي الله عنهما- أطلقوهما وعاهدوهم ألا يقاتلاهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانوا خارجين إلى بدر فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم» ( الصحيحة )، وثبت عنه أنه قال لأبي رافع وقد أرسلته إليه قريش فأراد المقام عنده وأنه لا يرجع إليهم فقال: إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد، ولكن ارجع إلى قومك فإن كان في نفسك الذي فيها الآن فارجع. وثبت عنه أنه ردّ إليهم أبا جندل للعهد الذي كان بينه وبينهم أن يرد إليهم من جاءه منهم مسلما، ولم يرد النساء، وجاءت سبيعة الأسلمية مسلمة فخرج زوجها في طلبها فأنزل الله -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (الممتحنة:11)، فاستحلفها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يخرجها إلا الرغبة في الإسلام، وأنها لم تخرج لحدث أحدثته في قومها، ولا بغضا لزوجها؛ فحلفت فأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زوجها مهرها ولم يردها عليه فهذا حكمه الموافق لحكم الله. اعداد: د. أمير الحداد
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 12 ( الأعضاء 0 والزوار 12) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |