خطبة عيد الأضحى 1446 هـ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قصة أصحاب الأخدود: الصبر على أقدار الله ودروس إيمانية من سورة البروج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مشروع “المروية العربية”: هل نحن من نروي تاريخنا أم يُروى لنا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          هل يوجد صحابة منافقون مندسون رووا أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          أقسام المشهود عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الشهادتان - شهادة: أن لا إله إلا الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تخريج حديث: أن ابن مسعود جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بحجرين وروثة يستجمر بها.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تفسير قوله تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل...} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          { فلا اقتحم العقبة } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          خطبة العيد بين التكبير والتحميد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 5 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3090 - عددالزوار : 345476 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-06-2025, 11:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,547
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عيد الأضحى 1446 هـ



خطبة عيد الأضحى 1446هـ
عبدالعزيز أبو يوسف



الخطبة الأولى
الحمد لله مُعيد الجُمَع والأعياد، رافع السماء عاليةً بغير عماد، وباسط الأرض ومرسيها بالأوتاد، جامع الناس ليومٍ لا ريب فيه، إن الله لا يُخلف الميعاد، وأحمَده على نِعَمٍ لا يُحصى لها تعداد، وأشكره فبالشكر تدوم النعم وتزداد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً أرجو بها النجاة يوم التنادِ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أفضل العباد، صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم المعاد.

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر عدد ما ذكره الذاكرون، وهلَّل المهللون، الله أكبر، عددَ من أحرم بالحج ولبَّى، وعدد من طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة، الله أكبر، عدد ما رُمِيَ من الجمار، وعدد من وقف بعرفة وبات بمِنًى ليالي التشريق، وعدد ما حلق وقصر من رؤوس نُسُكًا، وعدد ما ذُبح من الهدي والأضاحي، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا؛ أما بعد:
فاتقوا الله أيها المسلمون والمسلمات وأطيعوه، تفوزوا وتفلحوا بالثواب العظيم، والغفران الكبير، والرحمة الواسعة، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 28].

أيها المؤمنون والمؤمنات: عيدكم مبارك، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال، يومكم هذا من خير أيام الله تعالى؛ يوم عيد الأضحى؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى يوم النحر، ثم يوم القَرِّ))؛ [رواه أحمد وأبو داود]، ويوم القر هو اليوم الحادي عشر لقرار الحجاج فيه بمِنًى.

وهذا اليوم يوم مليء بالعِبر والعِظات والخيرات؛ فهو يوم الحج الأكبر، يؤدي الحُجَّاج فيه معظم مناسك الحج؛ فيرمون الجمرة الكبرى، ويذبحون الهدي، ويحلقون رؤوسهم أو يقصرون، ويطوفون بالبيت طواف الإفاضة، ويسعَون بين الصفا والمروة؛ ففي صحيح البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ((وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجَّة التي حجَّ، وقال: هذا يوم الحج الأكبر)).

وهو عيد الأضحى والنحر؛ فالمسلمون من حُجَّاج وأهل الأمصار، يُضحُّون فيه، وينحرون هداياهم تقربًا إلى الله تعالى، فما عمِل ابن آدم يوم النحر عملًا أحب إلى الله عز وجل من ذبح الأضحِيَة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما عمِل آدميٌّ من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم؛ إنها لَتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وإن الدم لَيقع من الله بمكانٍ قبل أن يقع من الأرض، فطِيبوا بها نفسًا))؛ [رواه الترمذي وابن ماجه].

فالأضاحيُّ سُنة إبراهيم الخليل عليه السلام المهاجر من أرضه وأهله إلى مكة، بعدما أُلقي في النار، فجعلها الله تعالى عليه بردًا وسلامًا، وقد رُزق على كِبر سنه بغلامٍ شهِد له رب العالمين بالحِلم والبر، وقد أثنى إبراهيم عليه السلام على ربه سبحانه وحمده على هذه النعمة؛ فقال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴾ [إبراهيم: 39]، ومع ذلك لم يتردد في إجابة ربه عز وجل بذبحه، والتضحية بهذه المِنَّةِ والعطية الإلهية التي رزقها على كِبَرٍ؛ قال سبحانه عن هذا الامتحان: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102]، فاستسلم لأمر الله سبحانه من غير جزَعٍ ولا اضطراب، وواجه ابنه الصالح الحليم البارَّ بهذا الأمر، فما كان من هذا الابن على صغر سنه إلا أن قال: ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102].

تلقَّى الأمر بطاعة واستسلام، ورضًا ويقين، وقال له: ﴿ يَا أَبَتِ ﴾ في مودة وأدب: ﴿ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ﴾، استجابة لأمر الله سبحانه، مع العزم على الصبر على هذا الابتلاء بعون الله وتوفيقه؛ بقوله: ﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾، ثم بادرا بالامتثال والاستجابة لله عز وجل، ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103]، ألقى إبراهيم ابنه إسماعيل عليهما السلام على وجهه ليذبحه من قفاه، ولا يشاهد وجهه عند ذبحه؛ ليكون أهون عليه من أن يرِقَّ قلبه له فيتوقف.

فمن أيهما نعجب؟! من هذا الأب العظيم الذي أتاه هذا الابن البار الصالح على كِبَرٍ، ومع ذلك استسلم وانقاد لأمر الله جل وعلا، أم نعجب من هذا الابن الصغير الممتثل لأمر ربه عز وجل، والمُعين لوالده في هذه الشدة والكرب بحسن القول والعمل؟

فلما أهوى بالسكين؛ جاءه النداء من الله جل وعلا: ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 104 - 106]، وأي بلاء أعظم من هذا البلاء؟!

﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107]؛ أي: بكبش عظيم؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "فداه الله بكبش قد رعى في الجنة أربعين خريفًا، فكانت سُنة الأضاحي من بعده".

فما أجمل عند تقربنا لربنا سبحانه في هذا اليوم المبارك بذبح الأضاحي، استحضارَ هذا الحدث العظيم، والاعتبار منه بالاستجابة لأمر الله تعالى ورسوله دون تردد أو تأخر، ولو كان ذلك خلافَ ما نشتهي ونرغب! وهذه الأضاحي من سُنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ جاء في الصحيحين: ((أنه عليه الصلاة والسلام: ضحَّى بكبشَين أملحين أقرنين))، والأملح: هو الذي فيه بياض وسواد، والبياض أكثر من السواد، والأقرن: أي: ذو قرن.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
الأُضحِيَة - حفظكم الله - شعيرة عظيمة من شعائر الله تعالى؛ القائل: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]؛ قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "أجَلُّ العبادات البدنية: الصلاة، وأجل العبادات المالية: النحر؛ ولهذا جمع الله بينهما فقال: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر: 2]".

ويشترط لصحة الأضحية: أن تبلغ السن المعتبرة شرعًا؛ وهو في الإبل: ما تم له خمس سنين، وفي البقر: سنتان، وفي المعز: سنة، وفي الضأن: ستة أشهر.

ويجوز أن يشترك في الواحدة من الإبل والبقر سبعة مُضحِّين، وأما الغنم فلا يصح الاشتراك في الواحدة منها، لكن للمضحي بها أن يشرك في ثوابها من شاء من الأحياء والأموات.

ويشترط لصحة الأضحية كذلك: أن تكون سليمةً من العيوب؛ التي بيَّنها النبي صلى الله عليه وسلم، بقوله: ((أربع لا تجوز في الأضاحي: العوراء البيِّن عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظَلعها، والعجفاء - أي: الهزيلة - التي لا تُنقي))؛ أي: التي لا مخ فيها؛ [رواه أبو داود وابن ماجه]، وأحسنوا في الذبح، ولا تُحدوا السكين أمام البهيمة وهي تنظر؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحدَّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته))؛ [رواه مسلم]، وكلوا من ضحاياكم وأهدُوا وتصدقوا؛ قال جل وعلا: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28]، ولا تعطوا الجزار أجرته من لحمها.

الفرح بالعيد - أسعدكم الله - تعبير صادق للانتماء لهذا الدين العظيم، وولاء للمسلمين، ومشاركة لهم بما منَّ الله تعالى به عليهم من يُسر وسماحة؛ قال عليه الصلاة والسلام: ((إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا))؛ [متفق عليه]، قال أنس بن مالك رضي الله عنه: ((قدِم النبي صلى الله عليه وسلم المدينةَ، ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال: قد أبدلكم الله بهما خيرًا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر))؛ [رواه أبو داود والنسائي، بإسناد صحيح].

العيد تقارب ووئام، وتهنئات ودعاء، وتوسعة على الزوجة والأولاد بشراء الجديد لهم، والإهداء وإدخال السرور عليه بهذه النعمة والمِنَّة الإلهية، وتزاور بين الأقارب، والأهل، والجيران، والأصدقاء، وتهادٍ، فهو بهجة وسرور لكل ذَكَر وأنثى، كبيرٍ وصغير، وأيام التشريق أيام أكلٍ وشرب لا يجوز صيامها، فيها ذكر لله عز وجل وتكبير؛ مطلق، ومقيَّد بأدبار الصلوات المكتوبة.

أيها الإخوة والأخوات: العيد فرصة عظيمة لوصل رحِم قُطعت، وقربى هُجرت، وغنيمة لتصفية النفوس من الضغائن والأحقاد بين المسلمين عامة، وبين الأرحام خاصة؛ ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، ((وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عزًّا))؛ [رواه مسلم]، فهنيئًا لمن كان لرحمه واصلًا، ولو قطعوا أو جفَوا، فليس الواصل بالمكافئ، وهنيئًا لمن صبر على ما يلقى من رحِمه من مكدِّرات أو زلَّات، وغض الطرف عنها وتجاوزها؛ لتبقى القلوب متراحمةً، والنفوس متصافية، فتكون الأجور مضاعفة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحبَّ أن يُبسط عليه في رزقه، ويُنسأ له في أثَرِهِ، فلْيَصِلْ رَحِمَه))؛ [رواه البخاري]، فهنيئًا لمن تجاوز وعفا عن كل من ظلمه، أو أخطأ في حقه، قريبًا كان أم بعيدًا، يبتغي بذلك وجه الله تعالى ورضاه، ولو فاته ذلك قبل العيد، فلا يدَع هذا العيد يمرُّ دون إرغام الشيطان فيه، والعفو والصفح والتسامح؛ ليفوز بالعِوض الأكبر من الكريم سبحانه الذي حثَّ على العفو، وأجزل لصاحبه العطاءَ والمنَّ والإكرام؛ فإن سلامة الصدر للمسلمين عامة، وللأقارب خاصة، فيها أجر عظيم، وعيش رضيٌّ هانئٌ.

حافظوا على الصلاة، فإنه لا حظَّ في الإسلام لمن ضيَّعها، العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر، أدُّوا زكاة أموالكم طيبةً بها نفوسكم، تحرَّوا في دفعها لمستحقيها دون مجاملة أو رياء، تحروا في مكاسبكم الحلالَ، واجتنبوا المكاسب الخبيثة أو المشتبهة، فإنه ما من جسدٍ نبت من سُحت إلا كانت النار أولى به؛ كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.

واحفظوا سمعكم وبصركم وألسنتكم عن كل ما حرم الله تعالى؛ فإنهم مسؤولون مستنطقون، وعنهم ستُسألون: ﴿ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36].

داوموا على الذكر والتلاوة للكتاب العزيز بتدبُّر؛ فإن ذلك سبيل الفلاح والطمأنينة.

بَرُّوا والديكم، وأحسنوا إليهم أحياءً وأمواتًا؛ فذا خيرُ سبيلٍ لنَيل رضا الرحمن وتوفيقه، قوموا بحق أولادكم بتربية صالحة، نصحًا وتوجيهًا، رعايةً للأمانة التي كُلفتم بها، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ [التحريم: 6].

عاشروا زوجاتكم بالمعروف استجابةً لأمر ربكم جل وعلا، واستوصوا بهن خيرًا؛ عملًا بوصية نبيكم صلى الله عليه وسلم.

أحسنوا إلى خدَمكم وعمَّالكم ومن ولَّاكم الله أمرهم، أدخِلوا عليهم السرور والفرح بإشراكهم فرحتَكم بالعيد، ولا تكلِّفوهم ما لا يطيقون، أو تمنعوهم أو تؤخروا عليهم حقوقهم؛ فإن هذا من الظلم المتوعَّد صاحبه بالخزي والعقاب الأليم.

انشروا الابتسامة وبشاشة الوجه، وطِيب الحديث، وطلاقة الوجه مع القريب والبعيد، وأحسنوا الظن بربكم، وأحسنوا الظن بالناس، وقولوا للناس حسنًا، تهنؤوا بنفوس مطمئنة، وعيش رضيٍّ سعيد.

اللهم اجعل هذا العيد فرحًا وخيرًا على أمة الإسلام في كل مكان.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.


الخطبة الثانية
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.


أيها المسلمات: احمَدنَ الله تعالى على نعمة الهداية للإسلام الذي صان به جل وعلا حقوقكن، وأعلى به من شأنكن، وميزكن به بالستر والعفاف، ونهاكن عن التشبه بالكافرات والفاسقات؛ عزةً بدينكن، وترفعًا عن التبعية المقيتة، وحرَّم النظر إليكن من الرجال غير المحارم، أو أذيتكن قولًا أو عملًا، وحرَّم عليكن الخضوع بالقول حمايةً لكي لا يطمع فيكن الذي في قلبه مرض، وأوجب على أولادكن بركن والإحسان إليكن، وعلى أزواجكن عشرتكن بالمعروف، وجعل قراركن في بيوتكن عبادةً، وارتداءكن الحجابَ طاعةً، والإحسان إلى أزواجكن وطاعتهم بالمعروف قُربة، وتربيتكن الأولاد التربيةَ الصالحة حسناتٍ تُدَّخر لكنَّ في صحائف أعمالكن، فالزمْنَ ما اختاره الله لكُنَّ من خيرٍ، تَفُزْنَ وتفلحن في الدارين.

وهنيئًا لمن قنعت نفسه بما قسمه الله تعالى لها من رزق، وحياة زوجية، وحافظت على ذلك واعتزت بدينها وأخلاقها، ولم تلتفت أو تتأثر أو تتابع ما يُعرض من قِبل ما يسمى بالمشاهير في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، والتطبيقات المتنوعة، من مظاهر ومتاع مدلس لا حقيقة له، زهَّد عدد من النساء في أزواجهن وبيوتهن، ووقع بسبب ذلك الفراق، والله المستعان.

اللهم أعِد علينا مواسمَ القرب والطاعة أعوامًا عديدة ونحن في صحة وعافية، ووفِّقنا فيها لصالح القول والعمل، اللهم اجعل عيدنا فرحًا بأعمال قُبلت، وسيئات مُحيت، ورقابًا من النار أُعتِقت، اللهم أسبِغ علينا ووالدينا والمسلمين والمسلمات نعمك ظاهرةً وباطنةً، اللهم سلِّم الحُجاج، وتقبل حجهم، ورُدَّهم إلى أهليهم سالمين مقبولين، وتقبل ربنا من المُضحِّين أضاحيَّهم، واغفر لنا ولوالدينا والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات.

ربنا أوزعنا أن نشكر نعمك التي أنعمت علينا وعلى والدينا، وأن نعمل صالحًا ترضاه، وأصلح لنا في ذرياتنا، إنا تُبنا إليك وإنا من المسلمين.

اللهم وفِّق وليَّ أمرنا ووليَّ عهده لما تحبه وترضاه، وأيدهما برعايتك وحفظك، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل سوء ومكروه وكيد.

ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذاب النار.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد بكرةً وأصيلًا.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.71 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]