|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ﴿ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ﴾ [البقرة: 83] ساير بن هليل المسباح إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. أيها المسلمون، يقول الله عز وجل في كتابه الكريم: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [البقرة: 83]. يأمر الله تعالى عباده المؤمنين إذا تكلموا بكلام أن يختاروا أحسن القول وأجمله، وأن يختاروا من الكلمات ألطفها عبارة، وأحسنها وقعًا في النفوس، وأبعدها عن الأذى، وعن جرح مشاعر المستمعين، والتقليل من شأنهم، أو التهوين من آرائهم، والحطّ من قدرهم. وهذا كله يدور في حسن الأخلاق التي أُمِر بها المسلمون، فإن المسلم مأمور بحسن الخُلُق فيما يقول، وفيما يفعل. مأمور بحسن الخُلُق مع نفسه، ومع أهله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قوله عليه الصلاة والسلام: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". والمؤمن كما هو مأمور بالإحسان إلى الناس فإنه مأمور بالإحسان إلى البهائم؛ كما جاء في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، ولْيُحِدَّ أحدكم شَفْرَته، ولْيُرِحْ ذبيحته". والإحسان في القول كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقد فعله عليه الصلاة والسلام لتقتدي به الأمة من بعده. فقد ذكر أهل السير أن قريشًا أرسلت عتبة بن ربيعة يكلم النبي صلى الله عليه وسلم في أن يترك دعوة الإسلام، ويدع قريشًا وعبادتها للأصنام، وكان مما قاله عتبة للنبي صلى الله عليه وسلم: "فرَّقْت جماعتنا، وشتَّت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى طار فيهم أن في قريش ساحرًا، أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أغنى قريش رجلًا، وإن كان إنما بك الرغبة في الزواج فاختر أي نساء قريش فنزوِّجك عشرًا". فقال له النبي صلى الله عليه بعد كل هذا الكلام: " أفرغت يا أبا الوليد" قال: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "﴿ حم * تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ [فصلت: 1، 2]". فهذا النبي صلى الله عليه وسلم يُخاطبُ خَصْمه بالأدب ويكنيه بابنه الوليد "أفرغت يا أبا الوليد" وهو العدوُّ الذي يسعى في صدِّ الناس عنه، وكل هذا إنما هو من لطفه عليه الصلاة والسلام بكل الناس، العدو منهم والقريب. ويوم دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضاء كما روى البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب- رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعني: من مكة - فتبِعتهم ابنة حمزة تنادي: يا عم، يا عم، فتناولها علي- رضي الله عنه- فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك، فاحتملتها، فاختصم فيها علي وجعفر وزيد، فقال علي: أنا أحق بها وهي ابنة عمي، وقال جعفر: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد: بنت أخي، فقضى بها رسول الله- صلى الله عليه وسلم - لخالتها وقال: "الخالة بمنزلة الأم"، وقال لعلي: "أنت مني وأنا منك"، وقال لجعفر: "أشبهت خَلْقِي وخُلُقِي"، وقال لزيد: "أنت أخونا ومولانا". فزيد بن حارثة لا علاقة له بابنة حمزة من جهة النسب، كما هو الحال بالنسبة لعلي وجعفر. لكنه ظن ظنًّا أن له حقًّا برعايتها، فلم يخطئه النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكسر نفسه، بل أجابه بما يرضيه ولا يحزنه. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم وما فيه من الآيات والذكر الحكيم. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمسلمين من كل ذنب وإثم وخطيئة فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الهادي الأمين، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن سار على نهجه واقتفى أثره واتَّبَع سُنَّته إلى يوم الدين.أيها المسلمون، وحين فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة أمر المنادي أن ينادي فيها: "من دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل داره فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن". وهذا من القول الحسن الذي يكسب به قلوب الناس، فإن أبا سفيان كان إلى عهد قريب سيد مكة المطاع، والرجل النافذ فيها أمره، المسموع فيها قوله. وبعد مجيء النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة، فلا أمر لأحد مع أمره، ولا قول لأحد بعد قوله، فاسترضاه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة: "ومَنْ دخل دار أبي سفيان فهو آمن". أيها المسلمون، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]. والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون في كل شيء حتى في طريقته في الكلام، وانتقاء الألفاظ الحسنة واختيارها. وفي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والكلمة الطيبة صدقة". وحين أرسل الله عز وجل نبيَّه موسى وأخاه هارون عليهما السلام إلى فرعون خاطبهما سبحانه وتعالى بقوله: ﴿ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 44]، وهو فرعون رأس الكفر ومدعي الألوهية. وجاء عن المزني وهو أحد تلاميذ الإمام الشافعي قال: سمعني الشافعي يومًا وأنا أقول: "فلان كذَّاب"، فقال الشافعي: "يا أبا إبراهيم، اكسُ ألفاظك أحسنها، لا تقل: فلان كذَّاب، ولكن قل: حديثه ليس بشيء". والإمام البخاري رحمه الله تعالى كانت أشد كلمة يصف بها من لا يُقبل حديثه: "سكتوا عنه". أيها المسلمون، إن الناس يمرون في حياتهم بأوقات صعبة، وتجري عليهم أحداثٌ شديدةٌ، وتقع عليهم ضغوطات في أعمالهم ووظائفهم، فيحتاجون إلى كلمة حسنة يسمعونها، لا إلى كلمة تزيد من أوجاعهم وآلامهم وأحزانهم. وإن في الناس اليوم أمراضًا تؤثر في نفسيَّاتهم وأمزجتهم؛ كأمراض الضغط والسكر، التي تجعل المرء إلى الغضب أقرب منه إلى الرضا، فهو ليس بحاجة لسبب آخر يزيد من هذه الآثار. فليجعل المؤمن هذه الاحتمالات أنها موجودة فيمن يقابلهم أو يتحدَّث إليهم. اللهم اهدنا إلى أحسن الأقوال لا يهدي إلى أحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت. اللهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وانصر عبادك المجاهدين، اللهم إنَّا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغِنى، اللهُمَّ إنا نسألك حُبَّك وحُبَّ عَمَلٍ يُقرِّبنا إلى حُبِّك، اللهُمَّ حبِّب إلينا الإيمان وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين، اللهم احفظنا بحفظك، ووفِّقْنا إلى طاعتك، وارحمنا برحمتك، وارزُقْنا من رزقك الواسع، وتفضَّل علينا من فضلك العظيم، اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خير مَن زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها. اللهُمَّ أصلِح أئمتنا وولاة أمورنا، واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين وفجور الفاجرين واعتداء المعتدين، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |