|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فقه السير إلى الله تعالى د. عبدالرزاق السيد الحمد لله الذي لا يُدرك كنهه، ولا يحاط بعلمه، دلَّهم على السير إليه بحكمته وحلمه، وبرهن لهم على علمه بآياته، فأنزل أفضل كتبه، وبعث خير رسله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخاتم رسله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين. أهمية الحديث عن السير إلى الله: أيها المسلمون،إن العبد المؤمن جادٌّ في سيره إلى الله، مثابِر في طريقه للوصول إلى مرماه، لا يُوقِفُه عن هدفه عارض، ولا يُعِيقه عن الوصول إلى مبتغاه عائق، ويبذل الجهد طوال حياته لتحقيق مبتغاه وهو السير إلى الله جل جلاله، والسير إلى الله يعني الانتقال من نفس غير مزكاة إلى نفس مزكاة، ومن قلب مريض أو قاسٍ إلى قلب مطمئن سليم، ومن روح شاردة عن باب الله إلى روح عارفة بالله قائمة بحقوق العبودية له، ومن إنسان غير منضبط بضوابط الشرع إلى منضبط انضباطًا كاملًا بشريعة الله عز وجل، ومن ذات أقل كمالًا إلى ذات أكثر كمالًا في صلاحها وفي اقتدائها برسول الله صلى الله عليه وسلم قولًا وفعلًا وحالًا، حتى نسير إلى الله ونلقاه وهو راضٍ عنا سبحانه وتعالى. القرآن والسنة يحدثانا عن السير إلى الله: أيها المسلمون، إن القرآن والسنة النبوية تذكرنا بالسير إلى الله والإنابة إليه، فقال الله تعالى: ﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [الزمر: 54]، فهو سبحانه الملاذ والملجأ، ولا ملجأ منه تعالى إلا إليه، وهو سبحانه الْمُغيث لعباده، ولا مغيث سواه: ﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [النمل: 62]، وتأملوا جيدًا قول ربكم: ﴿ فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ﴾ [الذاريات: 50]، ولِمَ لا نفر إلى الله، والخطر عظيم، والخطب جَلَلٌ؟! ﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [الحج: 1، 2] ﴿ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [النحل: 111]، ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [عبس: 34 - 37]، ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89] ﴿ يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ ﴾ [الانفطار: 19]، وقال الله تعالى: ﴿ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ﴾ [يونس: 4]، وقال الله تعالى: ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [المائدة: 48]، وفي السُّنَّة النبوية عن أبي وائل، عن شريح، قال: سمعت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قال اللهُ تعالَى: يا بنَ آدمَ، قم إليَّ أمشي إليكَ، وامشِ إليَّ أُهَرْوِلُ إليكَ))؛ مسند الإمام أحمد والسلسلة الصحيحة. السير إلى الله سعادة الدنيا وفلاح الآخرة: أيها المسلمون، من عرف السير إلى الله تعالى حق المعرفة أحبَّ الله حبًّا لا يعدله حب، وذل له ذلًّا لا يدانيه ذل، وصرف الرجاء والخوف له وحده لا شريك له، وسارع في مرضاته؛ لعلمه بعظمته في صفاته، وكبريائه في عليائه، ولمعرفته بإحسانه، وقدرته عليه، فلا مفر منه إلا إليه، ولا نجاة إلا في السير إليه سبحانه؛ لأن الإنسان ينظر فيرى صغره وضعفه بالنسبة لغيره من المخلوقات، ويعلم أنه مخلوق واحد من أعداد لا تُحصى من خلق الله تعالى، فيدرك صغر نفسه وضعفها وعجزها، وفقرها وذلها، ويعلم عظمة الله تعالى وقوته، وقدرته وغناه وعِزَّته، فيزيده ذلك إيمانًا ويقينًا، ومحبة لله تعالى، ورجاء فيه، وخوفًا منه، واستسلامًا له، وذلًّا في طاعته، وتفانيًا في مرضاته، استسلمت السموات السبع، والأرضون السبع، ولم تتمرد على الله تعالى، وهي أكبر من الإنسان ﴿ لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [غافر: 57]، وقال سبحانه للسموات والأرض: ﴿ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]. والسير إلى الله يحتاج لمحركات ومعينات، ومحركات القلوب إلى الله تتمثل في العلم والذكر ويستحيل سير بدونهما فلا سير إلى الله بدون علم، ولا سير إلى الله بدون ذكر، فالعلم هو الذي يوضح الطريق، والذكر هو زاد الطريق وأداة الترقي؛ فعن أبي هريرة وابن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الدُّنيا ملعونةٌ، ملعونٌ ما فيها، إلا ذكرَ اللهِ وما والاه، وعالِمًا أو متعلمًا))؛ ابن ماجه صحيح الجامع. ونحن بحاجة إلى العلم لنعرف الأوامر الإلهية، ولنعرف حكمتها فننفذ الأوامر ونحقق الحكمة، قال الله تعالى: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، ونحن بحاجة إلى الذكر ليكون الله معنا في سيرنا إليه، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي: ((وأنا معه إذا ذكرني))؛ (متفق عليه)؛ لأن كثرة ذكره تعلق القلب به، قال الله سبحانه: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وكذلك المحبة والخوف والرجاء، وأقواها المحبة، فإن لم يكن عنده محبة تبعثه على طلب محبوبه فعليه أن يسعى في طلب ما يحبه الله وما يحبه الله كثير؛ فهو سبحانه يحب: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222] ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146] ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134] ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾ [آل عمران: 159] ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4]، ثم مطالعة آلائه ونعمائه، قال الله تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا * وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا * لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا ﴾ [نوح: 15 - 20]، وكذلك الخوف يحركه لمطالعة آيات الوعيد، ومعرفة عظمة الله، وهيبة جلاله وكبريائه، قال الله عن حال الإنسان: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [المؤمنون: 99، 100]. وكذلك الرجاء يحركه لمطالعة حلم الله وعفوه وكرمه، قال الله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الشورى: 25]، والسير إلى الله -سبحانه- يحتاج الى كدح، فلقد قال سبحانه: ﴿ يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ ﴾ [الانشقاق: 6]،والكدح هو السير زحفًا، وقال إبراهيم- عليه السلام- لما اعتزل قومه وسار إلى ربه- سبحانه-: ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99]، وقال في وصف الصالحين من عباده وأن منهم السابقين ومنهم من حازوا الرضا والقرب من ربهم، فقال: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [الواقعة: 10، 11]، ألا وإن الطُّرق الموصلة في السير إلى الله، فهي بعدد أنفاس الخلائق، فكلُّ إنسان له تركيبته الخاصَّة من الاستعدادات والصفات التي ورثها، وتختلف بيئته المحيطة به والتحديات والأحداث التي يواجهها عن أي إنسان آخر. والسير لا يصلح فيه التباطؤ والتماوت والكسل بل الواجب فيه المسارعة للخيرات واغتنام الأوقات والمنافسة في الطاعات؛ لأن لكل عبد سائر في هذه الحياة أمدًا لا يتعَدَّاه ووقتًا لا يتجاوزه؛ فإذا جاء الأجل لا يتقدم عنه العبد ساعة ولا يتأخَّر، ويهيئ نفسه بالطاعة والعبودية لله تبارك وتعالى، قال الله تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [الأعراف: 34]. الحذر من العقبات في السير إلى الله: أيها المسلمون، كثيرة هي العقبات التي تعترض طريق سير الإنسان إلى الله؛ منها: الشرك والمشرك حابط عمله؛ كما قال تعالى: ﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الزمر: 65]، وقال: ﴿ وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 88]، والكفر قال سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [البقرة: 161]، والمعاصي قال جل شأنه: ﴿ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [النساء: 14]، والشهوات قال الله تعالى: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ ﴾ [آل عمران: 14]، والشيطان قال الله تعالى عنه أنه قال: ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [الأعراف: 16، 17]،وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: خَطَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا ثُمَّ قَالَ: ((هَذَا سَبِيلُ اللَّهِ))، ثُمَّ خَطَّ خُطُوطًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: ((هَذِهِ سُبُلٌ- قَالَ يَزِيدُ مُتَفَرِّقَة- عَلَى كُلِّ سَبِيلٍ مِنْهَا شَيْطَانٌ يَدْعُو إِلَيْهِ))، ثُمَّ قَرَأَ: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ﴾ [الأنعام: 153] الآية؛ مسند الإمام أحمد وحسَّنه الشيخ شعيب الأرناؤوط. أيها الأحبة، إن السائر إلى الله صاحب مبدأ ثابت، لا يزحزحه عن منهجه شيء، وينأى بنفسه عن الوقوع في سخط الله، فتبقى صفحتُه بيضاء نقية، ويخلَّد اسمُه في سِجِلٍّ ويكون ممن قال الله فيهم: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 57]. الزاد الذي نحمله في السير إلى الله: أيها المسلمون، ومن أراد السير إلى الله تعالى سيرًا صحيحًا مأمونًا، فعليه بالزاد وأول زاد القرآن، فهو النور الذي يُبَدِّد للسالك ظلمات الشك، ويُنير له طريق الهدى، فهو شفاء للصدور ورحمة للمؤمنين، قال تعالى: ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 15]. وعَنِ النَّوَاسِ بْنِ سَمْعَانَ الأَنْصَارِىِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((ضربَ اللهُ تعالى مثلًا صراطًا مستقيمًا، وعلى جنْبَتَيِ الصراطِ سورانِ، فيهما أبوابٌ مُفَتَّحَةٌ، وعلَى الأبوابِ ستورٌ مُرْخَاةٌ، وعلى بابِ الصراطِ داعٍ يقولُ: يا أيُّها الناسُ، ادخلوا الصراطَ جميعًا ولَا تَتَعَوَّجوا، وداعٍ يدعُو مِنْ فَوْقِ الصراطِ، فإذا أرادَ الإِنسانُ أنْ يفتحَ شيئًا مِنْ تِلْكَ الأبْوابِ قال: وَيْحَكَ لا تَفْتَحْهُ، فإِنَّكَ إِنْ تَفْتَحْهُ تَلِجْهُ، فالصراطُ الإسلامُ، والسُّورانِ حدودُ اللهِ، والأبوابُ الْمُفَتَّحَةُ محارِمُ اللهِ تعالى، وذلِكَ الدَّاعِي على رأسِ الصراطِ كتابُ اللهِ، والداعي مِنْ فوقٍ واعظُ اللهِ في قلْبِ كُلِّ مسلِمٍ))؛ صحيح الجامع. ثانيًا: بصدق الاتِّباع للنبي المصطفى صلى الله عليه وسلم المقرون بالمحبة؛ إذ الاتباع من لوازم المحبة، وليس كل اتباع عنوانًا عليها. قال عز من قائل: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31]، وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((والَّذي نفسي بيدهِ، لتدخلُنَّ الجنَّةَ كلُّكم إلَّا من أبى أو شردَ على اللَّهِ شرادَ البعيرِ. قيلَ: يا رسولَ اللَّهِ، ومن يأبى أن يدخلَ الجنَّةَ؟ فقالَ: من أطاعني دخلَ الجنَّةَ، ومن عصاني دخلَ النَّارَ))؛ أخرجه ابن حبان. قال الشوكاني: رجاله رجال الصحيح. ثالثًا: السير مع جماعة ترافقهم في سيرك إلى الله تعالى مع الصبر على الطريق، وقد أوصى الرب العليم الحكيم حبيبه صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، قال الله تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28]، وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه ((أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَتَى السَّاعَةُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ما أعْدَدْتَ لَهَا؟ قالَ: ما أعْدَدْتُ لَهَا مِن كَثِيرِ صَلَاةٍ ولَا صَوْمٍ ولَا صَدَقَةٍ، ولَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ))؛ البخاري ومسلم.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |