|
فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة ) |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() لهذا ضُرِبت الدوحة! فيصل بن علي البعداني ضربُ الدوحة -كما هو معلن - بطائرات صهيونية عسكرية، وطائرات تجسس أمريكية وبريطانية، لم يكن مجرد حادث عابر في سماء الخليج، بل هو وجه من وجوه الصَّلَف الصليبي–الصهيوني في منطقتنا، وصورة أخرى من مشهد الذل والهوان الذي بلغته أمتنا. ومؤشر بارز على المستقبل الكالح الذي ينتظرنا إن تُركت إسرائيل لتتفرّد بدور شرطيّ المنطقة، تحكم وتتحكم، من غير رقيبٍ أو حسيب. وما كان لهذا العدوان أن يقع لولا الفراغ الكبير في واقع الأمة: بعدُها عن كتاب ربها وسنة نبيها ﷺ، تشتتها وتنازعها، انشغالها باختلافاتها الصغيرة عن عدوها الكبير، فشلها في إدارة خلافاتها، إعراضها عن أسباب القوة المعنوية والمادية، غرقها في بحور الشهوات والمصالح الضيقة، انصرافها إلى لهوٍ واستهلاكٍ لا يليق بأمة رسالة. ركونها إلى الظالمين ركونا تركها عاريةً من مقومات الممانعة وأسباب الصمود. وفي مثل هذا المعنى يقول النبي ﷺ: «إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم بأذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلّط الله عليكم ذلًا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم». ولعل الأخطر من العدوان ذاته أن العدو لم يعد يخفي مشروعه: مشروع استئصال الهوية، وتغيير العقيدة، والسيطرة على مقدرات الأمة ونهب مواردها، وتحويلها إلى خشب مسندة؛ وأمةً تابعة بلا روح ولا رؤية، تسير طواعية في ركاب من يقودها إلى ساعة الإعدام وحبال المشنقة. ومع هذا السواد شبه المطبق، فأمتنا بحمد الله لا تهلك بسنة بعامة، فلا يجوز أن يغيب عنا أنا من أمة –وإن مرضت– لا تموت. فهي وريثةُ الرسالة الخاتمة، والدين الذي تكفّل الله بحفظه وإظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون. وقد بشّرنا النبي ﷺ بذلك فقال: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز أو بذل ذليل، عزا يعز الله به الإسلام، وذلا يذل الله به الكفر». وعليه: فالضعف والهوان ليس قدراً محتوماً على هذه الأمة، فقد نهضت من قبل من محن أشد وأنكى. ليأتي عندها السؤال الجوهري: ما طريق النهوض؟ وبلا شك فالمتأمل يدرك بجلاء، بأن أصل بلاء أمتنا داخلي قبل أن يكون خارجياً، ولهذا فإن النهوض يبدأ من النفس. يبدأ بإحياء الإيمان وتجديد الصلة بالله تعالى، وتعلم دينه، والعودة إلى كتابه، وتحكيم شرعته، وبناء إنسانٍ مؤمن بوعد ربه، مدرك لسنة التدافع، واثق بأن العاقبة للمتقين. ولا يستقيم مشروع نهضة بلا إيمان، كما لا يقوم بلا وحدة صفٍّ وأخوّةٍ صادقة. فالأمم لا تُكسر من خارجها ما لم تنهزم من داخلها، ولا تقوم لها قائمة إذا تفرّقت كلمتها. والمطلوب ليس إلغاء الخلافات، بل حسن إدارتها وضبطها بقواعد حاكمة لها، واستجماع الطاقات لمواجهة العدو الذي يسعى لاجتثاث شجرة الأمة من جذورها. ومفتاح ذلك هو بناء الوعي ومناعة الهوية. فإن من أخطر ما تصاب به أمة أن تُهزم ذاكرتها، وأن تتحول ثوابتها إلى قضايا تنازع بين أبنائها، وأن يُعاد تشكيل وعيها ليستعذب أفرادها التبعية ويغيب عن أبصارهم رؤية فجر العزة. ولذا يصبح التعليم والإعلام والفكر والثقافة ساحات مقاومة موازية لشرف ميادين القتال. كما أن أي نهضة تحتاج إلى إرادة حرّة؛ إذ لا ينهض عبدٌ مُستأسر، ولا تُبنى أمةٌ وقرارها مصادَر. ولذا كان الاستقلال السياسي والاقتصادي والعلمي ركيزة كبرى من ركائز النهوض. ولا استقلال بلا إنتاج، ولا كرامة مع استهلاكٍ كثيف يتجاوز القدرة. والأمة التي لا تصمم مناهجها، ولا تصنع سلاحها، ولا تُقيم اقتصادها على المعرفة والاكتفاء، ستظل تابعة تفتقر إلى المكانة والوزن والاعتبار. ثم إن التربية على المجاهدة والصبر ضرورة لا غنى عنها، فطريق النهضة طويل، يحتاج إلى صبر ومصابرة، وإلى إصرار على بلوغ الغايات. والجهاد بمفهومه الواسع هو: سيف يذود، وعقل يفكر، وشيخ يعلّم، وقلم يكتب، ومال يُنفق، وموقف يُسطَّر، ودعاء يُرفع. وهو جميعاً روح تصنع المقاومة وترسم صورة المستقبل المجيد. واليأسُ عدوٌّ آخر لا يقل خطورة عن السلاح الموجَّه إلى صدورنا؛ إذ لا ينهض اليائسون بشيء. ولذلك فلا بد من توسيع دوائر التفاؤل وربط الحاضر بالماضي المشرق والمستقبل الموعود. وختاما: فإن طريق النهوض ليس مشروعًا لجماعة بعينها ولا مبادرةً لفئة محدودة، بل هو مسار أمة بأكملها، تتكامل فيه جهود علمائها ومفكريها ودعاتها وقادتها وعامتها، كلٌّ من الثغرٍ أقامه الله فيه، فليحذر كل واحد أن يُؤتى الإسلام من قبَله. فاللهم ألِّف بين قلوبنا، ووحّد صفوفنا، وردّنا إلى دينك ردًّا جميلًا، وأعذنا من الفُرقة والضعف والوهن، واملأ قلوبنا يقينًا بوعدك، وانهض بأمتنا نهضةً تعز بها دينك، وتُذل بها أعداءك، وتُقيم بها حجتك، وتُظهر بها نورك على العالمين. والله الهادي
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |